المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فائدة في سبب تسمية من قتل قبل في حرب الكفار شهيدا] - الغرر البهية في شرح البهجة الوردية - جـ ٢

[زكريا الأنصاري]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ الْجُمُعَةِ)

- ‌[شُرُوطُ صِحَّةِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[ضَابِطُ النَّاسِ فِي الْجُمُعَةِ سِتَّةُ أَقْسَامٍ]

- ‌[شُرُوطِ لُزُومِ الْجُمُعَةَ]

- ‌[آدَابُ الْجُمُعَةَ]

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ)

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْعِيدِ)

- ‌[خَاتِمَةٌ لُبْسُ الثِّيَابِ الْخَشِنَةِ لِغَيْرِ غَرَضٍ شَرْعِيٍّ]

- ‌[فَرْعٌ الْخُطَبُ الْمَشْرُوعَةُ عَشْرُ خُطَبٍ]

- ‌(تَنْبِيهٌ) إذَا رَأَى شَيْئًا مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْخُسُوفِ)

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ حُكْمِ (تَارِكِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بَابُ الْجَنَائِزِ)

- ‌[فَرْعٌ لَوْ مَاتَ أَقَارِبُهُ دُفْعَةً قُدِّمَ فِي التَّكْفِينِ وَغَيْرِهِ مِنْ يُسْرِعُ فَسَادُهُ]

- ‌[فَائِدَةٌ فِي سَبَبِ تَسْمِيَةِ مَنْ قُتِلَ قَبْلُ فِي حَرْبِ الْكُفَّارِ شَهِيدًا]

- ‌[فَرَعٌ حَضَرَ مَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَى الْمَيِّتِ]

- ‌(بَابُ الزَّكَاةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ زَكَاةِ (الْفِطْرَةِ)

- ‌(بَابُ الصِّيَامِ)

- ‌(بَابُ الِاعْتِكَافِ)

- ‌[أَرْكَانُهُ الِاعْتِكَافُ]

- ‌(بَابُ الْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ)

- ‌(بَابُ الْبَيْعِ)

- ‌(بَابُ الرِّبَا)

- ‌(فَصْلٌ فِي الْخِيَارِ)

- ‌[أَسْبَابُ الْخِيَارِ]

الفصل: ‌[فائدة في سبب تسمية من قتل قبل في حرب الكفار شهيدا]

جُرْحٍ، أَوْ كَلْمٍ، أَوْ دَمٍ يَفُوحُ مِسْكًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ» وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ إبْقَاءُ أَثَرِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِمْ وَالتَّعْظِيمُ لَهُمْ بِاسْتِغْنَائِهِمْ عَنْ دُعَاءِ الْقَوْمِ مَعَ التَّخْفِيفِ عَلَيْهِمْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَأَمَّا خَبَرُ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ فَصَلَّى عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ» وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ «بَعْدَ ثَمَانِ سِنِينَ» فَالْمُرَادُ دَعَا لَهُمْ كَدُعَائِهِ لِلْمَيِّتِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 103] وَالْإِجْمَاعُ يَدُلُّ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الْمُخَالِفِ لَا يُصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَإِنْ قِيلَ: خَبَرُ جَابِرٍ لَا يُحْتَجُّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ نَفْيٌ وَشَهَادَةُ النَّفْيِ مَرْدُودَةٌ مَعَ مَا عَارَضَهَا فِي خَبَرِ الْإِثْبَاتِ فَأَجَابَ أَصْحَابُنَا بِأَنَّ شَهَادَةَ النَّفْيِ إنَّمَا تُرَدُّ إذَا لَمْ يُحِطْ بِهَا عِلْمُ الشَّاهِدِ وَلَمْ تَكُنْ مَحْصُورَةً، وَإِلَّا فَتُقْبَلُ بِالِاتِّفَاقِ.

وَهَذِهِ قَضِيَّةٌ مُعَيَّنَةٌ أَحَاطَ بِهَا جَابِرٌ وَغَيْرُهُ عِلْمًا وَأَمَّا خَبَرُ الْإِثْبَاتِ فَقَدْ أَجَبْنَا عَنْهُ وَإِنَّمَا سَقَطَ غُسْلُ الْجُنُبِ وَنَحْوِهِ بِالشَّهَادَةِ لِأَنَّ «حَنْظَلَةَ بْنَ الرَّاهِبِ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ وَهُوَ جُنُبٌ وَلَمْ يُغَسِّلْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: رَأَيْتُ الْمَلَائِكَةَ تُغَسِّلُهُ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ فَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَمْ يَسْقُطْ إلَّا بِفِعْلِنَا؛ وَلِأَنَّهُ طَهُرَ عَنْ حَدَثِ فَسَقَطَ بِالشَّهَادَةِ كَغُسْلِ الْمَوْتِ وَفِي مَعْنَى مَوْتِهِ فِي الْقِتَالِ مَوْتُهُ بَعْدَهُ إذَا انْقَضَى وَلَمْ يَبْقَ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ بِخِلَافِ مِنْ بَقِيَتْ فِيهِ وَإِنْ قُطِعَ بِمَوْتِهِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عَاشَ بَعْدَهُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ مَاتَ بِغَيْرِهِ وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَنْ قَتَلَهُ كَافِرٌ فِي غَيْرِ الْقِتَالِ وَلَوْ فِي أَسْرِهِ وَبِالْحَلَالِ - الْمَزِيدِ عَلَى الْحَاوِي - الْحَرَامُ كَقِتَالِ الْمُسْلِمِ ذِمِّيًّا - وَبِالْكَافِرِ - غَيْرُهُ كَالْبَاغِي وَالْمُحَارِبِ وَبِقَوْلِهِ: بِهِ مَنْ مَاتَ فِي الْقِتَالِ لَا بِهِ كَأَنْ مَاتَ فَجْأَةً، أَوْ بِمَرَضٍ، أَوْ بَطْنٍ، أَوْ غَرَقٍ، أَوْ طَاعُونٍ، أَوْ نَحْوِهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ وُجُوبُ الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّمَا خَالَفْنَاهُ فِي الْمَيِّتِ بِسَبَبِ الْقِتَالِ تَعْظِيمًا لِأَمْرِهِ وَتَرْغِيبًا فِيهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الشُّهَدَاءَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: شَهِيدٌ فِي حُكْمِ الدُّنْيَا بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَفِي حُكْمِ الْآخِرَةِ بِمَعْنَى أَنَّ لَهُ ثَوَابًا خَاصًّا وَهَذَا مَنْ قُتِلَ فِي حَرْبِ الْكُفَّارِ، وَقَدْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَشَهِيدٌ فِي الْآخِرَةِ دُونَ الدُّنْيَا وَهُوَ الْمَبْطُونُ وَالْغَرِيقُ وَنَحْوُهُمَا وَشَهِيدٌ فِي الدُّنْيَا دُونَ الْآخِرَةِ وَهُوَ مَنْ قُتِلَ فِي حَرْبِ الْكُفَّارِ، وَقَدْ غَلَّ مِنْ الْغَنِيمَةِ أَوْ قُتِلَ مُدْبِرًا، أَوْ قَاتَلَ رِيَاءً وَنَحْوَهُ.

(وَلْيُزَلْ خَبَثْ لَا مَا بِأَسْبَابِ شَهَادَةٍ حَدَثْ) أَيْ وَيُزَالُ عَنْهُ وُجُوبًا خَبَثٌ حَصَلَ بِغَيْرِ سَبَبِ الشَّهَادَةِ وَإِنْ أَدَّى إلَى إزَالَةِ أَثَرِهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَثَرِ الْعِبَادَةِ بِخِلَافِ مَا كَانَ بِسَبَبِهَا مِنْ الدَّمِ فَيَحْرُمُ إزَالَتُهُ لِإِطْلَاقِ النَّهْيِ عَنْ غُسْلِ الشَّهِيدِ؛ وَلِأَنَّهُ أَثَرُ عِبَادَةٍ.

(وَكُفِّنَ الشَّهِيدُ فِي ثِيَابِهِ) الْمُعْتَادُ لُبْسُهَا غَالِبًا (مُلَطَّخَاتٍ) بِالدَّمِ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «رُمِيَ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فِي صَدْرِهِ، أَوْ حَلْقِهِ فَمَاتَ فَأُدْرِجَ فِي ثِيَابِهِ كَمَا هُوَ وَنَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم» (قُلْتُ ذَا) أَيْ: تَكْفِينُهُ بِثِيَابِهِ الْمُلَطَّخَةِ بِالدَّمِ (أَوْلَى بِهِ) لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد الْآتِي وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ فَلِلْوَارِثِ إبْدَالُهَا كَسَائِرِ الْمَوْتَى، وَفَارَقَ الْغُسْلَ بِإِبْقَاءِ أَثَرِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْبَدَنِ، وَالصَّلَاةَ عَلَيْهِ بِإِكْرَامِهِ وَالْإِشْعَارِ بِاسْتِغْنَائِهِ عَنْ الدُّعَاءِ (وَالْوَجْهُ فِي ثَوْبِ الْقِتَالِ النَّزْعُ) لَهُ نَدْبًا وَهُوَ (خُفٌّ وَجِلْدٌ وَفِرًا) جَمْعُ فَرْوَةٍ (وَدِرْعُ) وَنَحْوُهَا مِمَّا لَا يُعْتَادُ لُبْسُهُ غَالِبًا كَالْبَيْضَةِ وَالْجُبَّةِ الْمَحْشُوَّةِ كَسَائِرِ الْمَوْتَى وَفِي أَبِي دَاوُد «فِي قَتْلَى أُحُدٍ الْأَمْرُ بِنَزْعِ الْحَدِيدِ وَالْجُلُودِ وَدَفْنِهِمْ بِدِمَائِهِمْ وَثِيَابِهِمْ» .

[فَائِدَةٌ فِي سَبَبِ تَسْمِيَةِ مَنْ قُتِلَ قَبْلُ فِي حَرْبِ الْكُفَّارِ شَهِيدًا]

(فَائِدَةٌ) مِنْ الْمَجْمُوعِ اُخْتُلِفَ فِي سَبَبِ تَسْمِيَةِ مَنْ قُتِلَ قَبْلُ فِي حَرْبِ الْكُفَّارِ شَهِيدًا فَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: لِأَنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ شَهِدَا لَهُ بِالْجَنَّةِ وَقَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: الشَّهِيدُ الْحَيُّ فَسُمِّيَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ حَيٌّ عِنْدَ رَبِّهِ وَقِيلَ: لِأَنَّ مَلَائِكَةَ الرَّحْمَةِ يَشْهَدُونَهُ فَيَقْبِضُونَ رُوحَهُ وَقِيلَ: لِأَنَّهُ مِمَّنْ يَشْهَدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى الْأُمَمِ وَقِيلَ: لِأَنَّهُ شُهِدَ لَهُ بِالْإِيمَانِ وَخَاتِمَةُ الْخَيْرِ بِظَاهِرِ حَالِهِ وَقِيلَ: لِأَنَّ لَهُ شَاهِدًا بِقَتْلِهِ وَهُوَ دَمُهُ؛ لِأَنَّهُ يُبْعَثُ وَجُرْحُهُ يَنْفَجِرُ دَمًا وَقِيلَ: لِأَنَّ رُوحَهُ تَشْهَدُ دَارَ السَّلَامِ وَرُوحَ غَيْرِهِ لَا تَشْهَدُهَا إلَّا يَوْمَ

ــ

[حاشية العبادي]

وَأَهْلَ الذِّمَّةِ إذَا حَارَبُوا فِي دَارِنَا وَقَصَدُوا قَطْعَ الطَّرِيقِ عَلَيْنَا وَنَحْوَ ذَلِكَ وَلَمْ أَرَهُ نَصًّا نَاشِرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: التَّخْفِيفِ عَلَيْهِمْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ عَلَى الْقَوْمِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْمُجَهِّزَ لَهُمْ الْمُقَاتِلُونَ وَقَدْ نَالَهُمْ تَعَبُ الْقِتَالِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ عِنْدَنَا) أَيْ: عَلَى الشَّهِيدِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَسْقُطْ إلَخْ) قَدْ تَمْنَعُ هَذِهِ الْمُلَازَمَةُ. (قَوْلُهُ: كَالْبَاغِي) هَذَا لَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ فِي الْهَامِشِ عَنْ النَّاشِرِيِّ فِيمَا لَوْ اسْتَعَانَ الْحَرْبِيُّونَ بِبُغَاتِنَا كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْقِتَالَ لِلْبَاغِي وَمَا تَقَدَّمَ الْقِتَالُ لِلْكَافِرِ. (قَوْلُهُ: كَالْبَاغِي) ، نَعَمْ إنْ قَتَلَهُ كَافِرٌ اسْتَعَانَ بِهِ الْبُغَاةُ كَانَ شَهِيدًا كَمَا فِي الْقُوتِ وَالْخَادِمِ عَنْ الْقَفَّالِ.

(قَوْلُهُ: فَتَحْرُمُ إزَالَتُهُ بِالْغُسْلِ) لَا بِنَحْوِ عُودٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُزِيلُهُ بِالْكُلِّيَّةِ بَلْ يُزِيلُ عَيْنَهُ دُونَ أَثَرِهِ م ر. (قَوْلُهُ: مِنْ الدَّمِ) أَخْرَجَ غَيْرَهُ، وَإِنْ حَصَلَ بِسَبَبِ الشَّهَادَةُ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ حَيٌّ عِنْدَ رَبِّهِ) أَيْ: وَلَا يَرُدُّ الْأَنْبِيَاءَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ اطِّرَادُ التَّسْمِيَةِ. (قَوْلُهُ: وَرُوحَ غَيْرِهِ إلَخْ) يُرَاجَعُ إطْلَاقُ الْغَيْرِ فَفِيهِ نَظَرٌ.

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: أَوْ كَلْمٍ) اُنْظُرْ عَطْفُ الْكَلْمِ عَلَى الْجُرْحِ هَلْ هُوَ تَفْسِيرِيٌّ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ وَعَلَيْهِ فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ عَطْفِ التَّفْسِيرِ بِأَوْ؟ . اهـ. مِنْ هَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ وَفِي ع ش عَلَى م ر الظَّاهِرُ أَنَّهُ شَكٌّ مِنْ الرَّاوِي. اهـ. (قَوْلُهُ: بِاسْتِغْنَائِهِمْ) أَيْ: بِإِفَادَةِ ذَلِكَ بِعَدَمِ الصَّلَاةِ، أَمَّا الْأَنْبِيَاءُ وَالْمُرْسَلُونَ فَمَعْلُومٌ ذَلِكَ فِيهِمْ لَا حَاجَةَ إلَى التَّنْبِيهِ عَلَيْهِ وَالتَّعْظِيمِ بِهِ. (قَوْلُهُ: مَعَ مَا عَارَضَهَا) لَعَلَّهُ تَرَقٍّ إذْ لَا يَصِحُّ كَوْنُهُ قَيْدًا، تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَكُنْ) تَفْسِيرٌ لِعَدَمِ الْإِحَاطَةِ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَمْ يَسْقُطْ) ؛ لِأَنَّا تَعَبَّدْنَا بِفِعْلِهِ وَلَمْ يُوجَدْ بِخِلَافِ الْكَفَنِ فَإِنَّ مَقْصُودَهُ السَّتْرُ وَقَدْ حَصَلَ. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: فَسَقَطَ بِالشَّهَادَةِ إلَخْ) يُفِيدُ وُجُوبَهُ فِي غَيْرِ الشَّهِيدِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: ذِمِّيًّا) أَيْ: لَمْ يَبْتَدِئْنَا بِالْقِتَالِ، وَإِلَّا فَمَقْتُولُهُ شَهِيدٌ كَذَا بِهَامِشِ الْمَنْهَجِ

(قَوْلُهُ

ص: 101

الْقِيَامَةِ.

(وَعُضْوُ مَيْتٍ مُسْلِمٍ) غَيْرِ شَهِيدٍ (أَوْ قَدْ جُهِلَ إسْلَامُهُ وَهُوَ بِدَارِنَا غُسِلْ) وَكُفِّنَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ وَدُفِنَ وُجُوبًا، كَمَا سَيَأْتِي كَالْمَيِّتِ وَلَا يَقْدَحُ غَيْبَةُ بَاقِيهِ فَقَدْ صَلَّى الصَّحَابَةُ عَلَى يَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَتَّابِ بْنِ أَسِيد، وَقَدْ أَلْقَاهَا طَائِرُ نَسْرٍ بِمَكَّةَ فِي وَقْعَةِ الْجَمَلِ وَعَرَفُوهَا بِخَاتَمِهِ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ بَلَاغًا وَكَانَتْ وَقْعَةٌ الْجَمَلِ فِي جُمَادَى سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ. وَيُشْتَرَطُ انْفِصَالُهُ مِنْ مَيِّتٍ لِيَخْرُجَ الْمُنْفَصِلُ مِنْ حَيٍّ كَالْأُذُنِ الْمُلْتَصِقَةِ إذَا وُجِدَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَأَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ، ثُمَّ قَالَ: فَلَوْ أُبِينَ عُضْوٌ مِنْ إنْسَانٍ فَمَاتَ فِي الْحَالِ فَحُكْمُ الْكُلِّ وَاحِدٌ يَجِبُ غُسْلُهُ وَتَكْفِينُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَدَفْنُهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَ بَعْدَ مُدَّةٍ سَوَاءٌ انْدَمَلَتْ جِرَاحَتُهُ أَمْ لَا، وَخَرَجَ بِعُضْوِهِ شَعْرُهُ وَظُفْرُهُ وَنَحْوُهُمَا وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَغَيْرُهُ وَالْأَصَحُّ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ قَالَ: وَبِهِ قَالَ الْأَكْثَرُونَ وَقَالَ الرَّافِعِيُّ: إنَّهُ الْأَقْرَبُ إلَى إطْلَاقِ الْأَكْثَرِينَ قَالَ: لَكِنْ قَالَ صَاحِبُ الْعُدَّةِ إنْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا شَعْرَةٌ وَاحِدَةٌ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهَا فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ إذْ لَا حُرْمَةَ لَهَا وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَلَى ذَلِكَ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الشَّعْرَةَ كَغَيْرِهَا لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ فِي الْحَقِيقَةِ صَلَاةٌ عَلَى غَائِبٍ وَوَقَعَ لِلشَّارِحِ كَابْنِ الْمُلَقِّنِ نَقْلُ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ عَلَى غَيْرِ وَجْهِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ نَشَأَ لَهُمَا مِنْ سَقْطِ شَيْءٍ مِنْ كَلَامِهِ بِدَلِيلِ أَنَّهُمَا لَمْ يَذْكُرَا تَصْحِيحَهُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَهُوَ بِدَارِنَا إلَخْ) لَوْ كَانَ فِي مَوَاتٍ لَا يُنْسَبُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَلَا دَارِ الْكُفْرِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَفِيهِ نَظَرٌ، كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا. (قَوْلُهُ: لِمَا سَيَأْتِي إلَخْ)

ــ

[حاشية الشربيني]

أَوْ قَدْ جُهِلَ) أَيْ: لَمْ يُعْلَمْ لَهُ حَالٌ فَخَرَجَ مِنْ تَقَدُّمِ كُفْرِهِ وَلَوْ حُكْمًا كَالْمَمَالِيكِ الصِّغَارُ حَيْثُ شَكَّ فِي أَنَّ السَّابِيَ لَهُمْ مُسْلِمٌ فَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِمْ تَبَعًا أَوْ كَافِرٌ فَيُحْكَمُ بِكُفْرِهِمْ قَالَ حَجَرٌ: الْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِمْ وَقَالَ ع ش: الْأَقْرَبُ أَنْ يُصَلِّيَ وَيُعَلِّقَ النِّيَّةَ كَمَا لَوْ اخْتَلَطَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ فِي مَسْأَلَةِ الِاخْتِلَاطِ تَحَقَّقْنَا وُجُوبَ الصَّلَاةِ وَشَكَكْنَا فِي عَيْنِ مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّا شَكَكْنَا فِي وُجُوبِ الصَّلَاةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: غُسِّلَ إلَخْ) إذْ الْغَالِبُ فِي دَارِنَا الْإِسْلَامُ فَلَا يَضُرُّ كَوْنُهُ مَجْهُولَ الْإِسْلَامِ اهـ م ر. (قَوْلُهُ: غُسِّلَ) لَوْ لَمْ يُوجَدْ مَاءٌ فَإِنْ كَانَ الْعُضْوُ مَحَلَّ التَّيَمُّمِ كَالْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ يَمَّمَهُ، وَإِلَّا فَلَا صَلَاةَ لِفَقْدِ شَرْطِهَا مِنْ الطُّهْرِ كَذَا ظَهَرَ وَوَافَقَ عَلَيْهِ م ر اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ.

(قَوْلُهُ: وَصُلِّيَ عَلَيْهِ وُجُوبًا) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَهَا حُكْمُ الصَّلَاةِ عَلَى الْحَاضِرِ حَتَّى لَا يَجُوزَ التَّقَدُّمُ عَلَى الْعُضْوِ وَلَا الْبُعْدُ عَنْهُ وَلَوْ تَرَكَ تَغْسِيلَهُ مَعَ إمْكَانِهِ وَأَرَادَ الصَّلَاةَ عَلَى الْبَاقِي الْغَائِبِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ أَوْ يَمْتَنِعُ؟ إلَّا بَعْدَ تَغْسِيلِهِ مَعَ إمْكَانِهِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ وَمِنْ نِيَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى الْجُمْلَةِ فِيهِ نَظَرٌ يَجْرِي فِيمَا لَوْ أُبِينَ بَعْضُ أَجْزَاءِ الْحَاضِرِ وَأُرِيدَ تَغْسِيلُ مَا عَدَا الْمُبَانَ وَتَخْصِيصُهُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَمَال م ر إلَى الثَّانِي. فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم عَلَى التُّحْفَةِ. (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَصُلِّيَ عَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ: إنْ لَمْ يُصَلَّ عَلَى ذَلِكَ الْمَيِّتِ الَّذِي هُوَ جُزْؤُهُ أَوْ صُلِّيَ عَلَيْهِ قَبْلَ غُسْلِ الْعُضْوِ لِزَوَالِ الضَّرُورَةِ الْمُجَوِّزَةِ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ بِدُونِ غَسْلِ الْعُضْوِ بِوُجْدَانِنَا أَمَّا إنْ صُلِّيَ عَلَيْهِ بَعْدَ غَسْلِ الْعُضْوِ فَلَا تَجِبُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ، وَلَوْ شَكَكْنَا فِي ذَلِكَ فَالظَّاهِرُ الْوُجُوبُ احْتِيَاطًا. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ.

(قَوْلُهُ: وُجُوبًا) أَيْ: حَيْثُ لَمْ يُصَلَّ عَلَى الْمَيِّتِ، وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ السُّبْكِيّ اهـ شَرْحُ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ. (قَوْلُهُ: فَقَدْ صَلَّى إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُمْ كَانُوا عَرَفُوا مَوْتَهُ بِنَحْوِ اسْتِفَاضَةٍ م ر. (قَوْلُهُ: انْفِصَالُهُ مِنْ مَيِّتٍ) أَيْ: يَقِينًا فَلَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ لَمْ تَجُزْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يُعَلِّقْ النِّيَّةَ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: كَالْأُذُنِ الْمُلْتَصِقَةِ إلَخْ) أَيْ: حَيْثُ انْفَصَلَتْ فِي الْحَيَاةِ ثُمَّ الْتَصَقَتْ بِحَرَارَةِ الدَّمِ وَلَمْ تَحُلُّهَا الْحَيَاةُ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: فَمَاتَ فِي الْحَالِ) فَإِنْ لَمْ يَمُتْ كَذَلِكَ أَوْ شَكَّ فِي مَوْتِهِ سُنَّ دَفْنُ مَا انْفَصَلَ مِنْهُ كَيَدِ سَارِقٍ وَظُفْرٍ وَشَعْرٍ وَقُلْفَةٍ وَدَمٍ نَحْوِ فَصْدٍ إكْرَامًا لِصَاحِبِهِ. اهـ. م ر. (قَوْلُهُ: فَمَاتَ فِي الْحَالِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَرَكَتُهُ وَقْتَ الْإِبَانَةِ حَرَكَةَ مَذْبُوحٍ لَكِنْ قَيَّدَ ابْنُ حَجَرٍ بِذَلِكَ. (قَوْلَهُ: لَكِنْ قَالَ صَاحِبُ الْعِدَّةِ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر. (قَوْلُهُ: إلَّا شَعْرَةً وَاحِدَةً إلَخْ) بِخِلَافِ الظُّفْرِ الْوَاحِدِ اهـ م ر وَأَمَّا بَعْضُ الظُّفْرِ فَكَالشَّعْرَةِ نَقَلَهُ سم عَنْ الْمَنْهَجِ عَنْ م ر اهـ. (قَوْلُهُ: لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهَا) وَمِثْلُ الصَّلَاةِ غَيْرُهَا فَلَا يَجِبُ غُسْلُهَا؛ لِأَنَّهُ لَا حُرْمَةَ لَهَا كَمَا نَقَلَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ صَاحِبِ الْعُدَّةِ وَأَقَرَّهُ. اهـ. خ ط اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: لِمَا سَيَأْتِي إلَخْ) لَكِنْ حَيْثُ كَانَ الْبَعْضُ حَاضِرًا فَالْغَائِبُ تَابِعٌ لَهُ فَلَا بُدَّ أَنْ يَصْلُحَ لِلِاسْتِتْبَاعِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: نُقِلَ كَلَامَ الْمَجْمُوعِ إلَخْ) عِبَارَةُ الشَّارِحِ وَيَنْوِي الصَّلَاةَ عَلَى جُمْلَةِ الْمَيِّتِ لَا عَلَى ذَلِكَ الْعُضْوِ وَحْدَهُ فَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ صَلَاةٌ عَلَى غَائِبٍ وَالشَّعْرُ وَالظُّفْرُ كَذَلِكَ عَلَى الْأَقْرَبِ إلَى إطْلَاقِ الْأَكْثَرِينَ فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الْأَكْثَرُونَ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِمَا وَفِي الرَّافِعِيِّ عَنْ صَاحِبِ

ص: 102

وَخَرَجَ بِذَلِكَ أَيْضًا عُضْوُ الْحَيِّ أَيْ: الَّذِي لَمْ يَمُتْ فِي الْحَالِ، كَمَا مَرَّ آنِفًا لِأَنَّهُ كَجُمْلَتِهِ إلَّا أَنَّهُ يُدْفَنُ نَدْبًا، وَكَذَا كُلُّ مُنْفَصِلٍ مِنْ الْحَيِّ كَالشَّعْرِ وَالظُّفْرِ وَدَمِ الْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ وَالْعَلَقَةِ وَالْمُضْغَةِ، كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَوَجَّهَ مَا زَادَهُ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ، أَوْ قَدْ جُهِلْ إلَى آخِرِهِ أَنَّ الْغَالِبَ فِي دَارِنَا الْإِسْلَامُ بِخِلَافِ مَنْ عُلِمَ كُفْرُهُ، أَوْ لَمْ يَكُنْ بِدَارِنَا أَيْ: وَلَا مُسْلِمَ ثَمَّ، وَإِلَّا فَعَلَى الْخِلَافِ فِي اللَّقِيطِ.

(وَ) غُسِّلَ وُجُوبًا (السِّقْطُ) بِتَثْلِيثِ حَرَكَةِ السِّينِ (مَعَ بُلُوغِهِ إلَى مَدَا أَرْبَعَةٍ مِنْ أَشْهُرٍ) أَيْ: مِائَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا حَدُّ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ وَقَوْلُهُ (فَصَاعِدَا) مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلْيُسْتَرَا) أَيْ: الْعُضْوُ وَالسِّقْطُ الْمَذْكُورَانِ وُجُوبًا (بِخِرْقَةٍ) ، أَوْ نَحْوِهَا، بَلْ إنْ كَانَ السِّقْطُ مِمَّنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ فَيُكَفَّنُ عَلَى هَيْئَةِ الْكَبِيرِ وَالْعُضْوُ إنَّمَا يَجِبُ سَتْرُهُ إذَا كَانَ مِنْ الْعَوْرَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ سَتْرُهَا فَقَطْ، كَمَا مَرَّ (وَلْيُدْفَنَا) وُجُوبًا وَزَادَ النَّاظِمُ مَا هُوَ مَفْهُومٌ مِنْ إطْلَاقِ الْحَاوِي بِقَوْلِهِ (قُلْتُ: وَلَيْسَ النَّفْخُ) لِلرَّوْحِ فِي السِّقْطِ (مَشْرُوطًا هُنَا) أَيْ: فِي غُسْلِهِ وَسَتْرِهِ وَدَفْنِهِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّهَا أَوْسَعُ بَابًا مِنْ الصَّلَاةِ بِدَلِيلِ أَنَّ الذِّمِّيِّ يُغَسَّلُ وَيُكَفَّنُ وَيُدْفَنُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ أَمَّا إذَا لَمْ يَبْلُغْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَلَا يَجِبُ غُسْلُهُ وَلَا سَتْرُهُ وَلَا دَفْنُهُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ أَحْكَامِ مَنْ كَانَ حَيًّا، أَوْ تُوُقِّعَ فِيهِ حَيَاةٌ وَمَا قِيلَ: إنَّهُ يُلَفُّ بِخِرْقَةٍ وَيُدْفَنُ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُنْدَبُ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ وُجُوبَهُ وَتَقْيِيدُهُمْ وُجُوبَ مَا تَقَدَّمَ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَعَدَمَ وُجُوبِهِ بِدُونِهَا جَرَى عَلَى الْغَالِبِ مِنْ ظُهُورِ خَلْقِ الْآدَمِيِّ عِنْدَهَا وَإِلَّا فَالْعِبْرَةُ إنَّمَا هُوَ بِظُهُورِ خَلْقِ الْآدَمِيِّ وَعَدَمِ ظُهُورِهِ، كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ.

(وَفِي صَلَاةِ الْعُضْوِ يَنْوِي الْكُلَّا) أَيْ: كُلَّ الْمَيِّتِ لَا الْعُضْوَ وَحْدَهُ فَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ صَلَاةٌ عَلَى غَائِبٍ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَهُوَ الْحَقُّ وَإِنَّمَا ازْدَدْنَا هُنَا شَرْطِيَّةَ حُضُورِ الْعُضْوِ وَغَسْلِهِ. وَبَقِيَّةُ مَا يُشْتَرَطُ فِي صَلَاةِ الْمَيِّتِ الْحَاضِرِ وَيَكُونُ الْجُزْءُ الْغَائِبُ تَبَعًا لِلْحَاضِرِ قَالَ: وَكَلَامُهُمْ كَالصَّرِيحِ فِي وُجُوبِ هَذِهِ الصَّلَاةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يُصَلِّ عَلَى الْمَيِّتِ وَإِلَّا فَهَلْ نَقُولُ: تَجِبُ حُرْمَةً لَهُ كَالْجُمْلَةِ أَوْ لَا، فِيهِ احْتِمَالٌ

ــ

[حاشية العبادي]

فِيهِ أَنَّهُ قَدْ تَكُونُ الصَّلَاةُ عَلَى الْعُضْوِ وَحْدَهُ كَمَا سَيَأْتِي أَسْفَلَ الْهَامِشِ

(قَوْلُهُ: عَلَى هَيْئَةِ الْكَبِيرِ إلَخْ) تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ مِمَّنْ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ لَا يَلْزَمُ فِيهِ مِنْ التَّكْفِينِ مَا يَلْزَمُ فِي التَّكْفِينِ لِلْكَبِيرِ. (قَوْلُهُ: إنَّمَا يَجِبُ سَتْرُهُ إلَخْ) حَيْثُ قُلْنَا بِوُجُوبِ سَتْرِهِ هَلْ يَجِبُ تَثْلِيثُ سَتْرِهِ إذَا وُجِدَتْ تَرِكَةٌ وَلَا إيصَاءٌ وَلَا مَنْعٌ مِنْ غَرِيمٍ كَمَا فِي الْجُمْلَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ: يُغَسَّلُ) أَيْ: اسْتِحْبَابًا كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ فَلْيُرَاجَعْ الِاسْتِحْبَابُ. (قَوْلُهُ: وَيُكَفَّنُ) أَيْ: وُجُوبًا بِرّ. (قَوْلُهُ: إنَّمَا هُوَ بِظُهُورِ إلَخْ) أَيْ: فَإِنْ ظَهَرَ وَجَبَ مَا عَدَا الصَّلَاةَ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ وَإِنْ بَلَغَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ، وَإِلَّا أَيْ: وَإِنْ لَمْ تُعْلَمْ حَيَاتُهُ وَلَمْ تَظْهَرْ أَمَارَتُهَا وَجَبَ تَجْهِيزُهُ بِلَا صَلَاةٍ إنْ ظَهَرَ خَلْقُهُ وَالْأَسَنُّ سَتَرَهُ بِخِرْقَةٍ وَدَفَنَهُ. اهـ. .

(قَوْلُهُ: لَا الْعُضْوُ وَحْدَهُ) هَذَا إنْ كَانَ قَدْ غُسِّلَ بَاقِيهِ، وَإِلَّا نَوَى الصَّلَاةَ عَلَى الْعُضْوِ وَحْدَهُ، كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ أَيْضًا إنْ لَمْ يَكُنْ صَلَّى عَلَى بَاقِيهِ وَإِلَّا جَازَ أَنْ يَنْوِيَ الصَّلَاةَ عَلَى الْعُضْوِ وَحْدَهُ. (قَوْلُهُ: قَالَ السُّبْكِيُّ وَهُوَ الْحَقُّ) قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَهَذَا أَيْ: كَوْنُهَا صَلَاةً عَلَى غَائِبٍ يَرُدُّ قَوْلَ صَاحِبِ الْعِدَّةِ أَنَّهُ لَوْ وُجِدَتْ شَعْرَةٌ وَاحِدَةً لَمْ يُصَلَّ وَقَوْلُ الْخُوَارِزْمِيَّ إنَّ مَنْ نُقِلَ رَأْسُهُ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ صَلَّى عَلَيْهِ كُلٌّ فِي مَوْضِعِهِ وَلَا يَكْفِي عَلَى أَحَدِهِمَا. اهـ. وَقَدْ يُحْمَلُ كَلَامُ الْخُوَارِزْمِيَّ عَلَى مَا إذَا صَلَّى عَلَى أَحَدِهِمَا وَلَمْ يَكُنْ غُسِّلَ الْآخَرُ، وَعَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِالصَّلَاةِ عَلَى أَحَدِهِمَا حِينَئِذٍ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: حُضُورُ الْعُضْوِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ اعْتِبَارُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ عَلَى الْحَاضِرِ فَيَضُرُّ التَّقَدُّمُ عَلَى الْعُضْوِ وَالْبَعْدُ عَنْهُ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: تَبَعًا لِلْحَاضِرِ) قَدْ تُشْكِلُ التَّبَعِيَّةُ مَعَ كَوْنِ النِّيَّةِ لِلْجُمْلَةِ، وَصِحَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى الْغَائِبِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا حَضَرَ بَعْضُ الْجُمْلَةِ الْمَنْوِيَّةِ وَاعْتُبِرَ مُرَاعَاتُهُ حَتَّى امْتَنَعَ نَحْوُ التَّقَدُّمِ عَلَيْهِ غَلَبَ فِي التَّبَعِيَّةِ وَصَارَتْ هَذِهِ الصَّلَاةُ حُكْمَ الصَّلَاةِ عَلَى الْحَاضِرِ لَا الْغَائِبِ. (قَوْلُهُ: تَبَعًا لِلْحَاضِرِ) قَضِيَّةُ هَذَا أَنْ يُثْبِتَ لِهَذِهِ الصَّلَاةِ أَحْكَامَ الصَّلَاةِ عَلَى الْحَاضِرِ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْعُدَّةِ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لَا يُصَلِّي عَلَى الشَّعْرَةِ الْوَاحِدَةِ فَإِنْ عَلِمَ حَيَاةَ صَاحِبِهِ أَوْ جَهِلَ لَمْ يَفْعَلْ شَيْءٌ، إلَّا أَنَّهُ يُدْفَنُ. اهـ. وَقَوْلُهُ: يُدْفَنُ أَيْ: نَدْبًا كَمَا عُلِمَ. (قَوْلُهُ: فَعَلَى الْخِلَافِ فِي اللَّقِيطِ) الْمُعْتَمَدُ مِنْهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ فِيهَا مُسْلِمٌ فَمُسْلِمٌ، وَإِلَّا فَكَافِرٌ.

(قَوْلُهُ: فَصَاعِدًا) قَالَ م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ: هَذَا لَا يَشْمَلُ الْوَلَدَ النَّازِلَ بَعْدَ تَمَامِ أَشْهُرِهِ وَهُوَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ فِيهِ مَا يَجِبُ فِي الْكَبِيرِ مِنْ صَلَاةٍ وَغَيْرِهَا، وَإِنْ نَزَلَ مَيِّتًا وَلَمْ يُعْلَمْ لَهُ سَبْقُ حَيَاةٍ، إذْ هُوَ خَارِجٌ مِنْ كَلَامِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى سِقْطًا خِلَافًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي فَتَاوِيهِ لَكِنْ اعْتَمَدَ الزِّيَادِيُّ مَا قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَمِثْلُهُ حَجَرٌ قَالَ ق ل: وَهُوَ الَّذِي لَا يُتَّجَهُ غَيْرُهُ. اهـ.

(قَوْلُهُ: يَنْوِي الْكُلَّ) أَيْ: وُجُوبًا إنْ كَانَتْ بَقِيَّتُهُ غُسِّلَتْ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهَا، وَنَدْبًا إنْ كَانَ قَدْ صَلَّى عَلَيْهَا فَإِنْ لَمْ تُغْسَلْ الْبَقِيَّةُ وَجَبَتْ الصَّلَاةُ عَلَى الْعُضْوِ بِنِيَّتِهِ فَقَطْ فَإِنْ نَوَى الْجُمْلَةَ لَمْ تَصِحَّ فَإِنْ شَكَّ فِي غُسْلِ الْبَقِيَّةِ لَمْ تَجُزْ نِيَّتُهَا إلَّا إنْ عَلَّقَ قَالَهُ حَجَرٌ، اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَقَوْلُهُ: وَنَدْبًا إنْ كَانَ قَدْ صَلَّى خَالَفَ

ص: 103

يُعْرَفُ مِنْ كَلَامِهِمْ فِي النِّيَّةِ. اهـ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهَا لَا تَجِبُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ قَدْ صَلَّى عَلَيْهِ بَعْدَ غَسْلِ الْعُضْوِ، وَإِلَّا فَتَجِبُ؛ لِزَوَالِ الضَّرُورَةِ الْمُجَوِّزَةِ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ بِدُونِ غَسْلِ الْعُضْوِ بِوِجْدَانِنَا لَهُ.

(وَبِاخْتِلَاجِ سِقْطِنَا يُصَلَّى) عَلَيْهِ وُجُوبًا لِظُهُورِ أَمَارَةِ الْحَيَاةِ فَبِالْعِلْمِ بِهَا بِاسْتِهْلَالٍ أَوْ بُكَاءٍ، أَوْ نَحْوِهِ أَوْلَى؛ لِتَيَقُّنِ حَيَاتِهِ وَمَوْتِهِ بَعْدَهَا وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ خَبَرَ «الطِّفْلِ يُصَلَّى عَلَيْهِ» وَقَالَ: إنَّهُ حَسَنٌ وَرَوَى الْحَاكِمُ خَبَرَ «إذَا اسْتَهَلَّ الصَّبِيُّ وُرِّثَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ» وَقَالَ: إنَّهُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ لَكِنْ ضَعَّفَهُ النَّوَوِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ أَمَّا إذَا لَمْ يَظْهَرْ فِيهِ أَمَارَةُ الْحَيَاةِ فَلَا تَجِبُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ، بَلْ وَلَا تَجُوزُ وَإِنْ بَلَغَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَخَرَجَ بِسِقْطِنَا سِقْطُ الْكُفَّارِ وَالتَّقْيِيدُ بِذَلِكَ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ مَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ.

(وَكُفِّنَ الذِّمِّيُّ وَلْيُدْفَنْ) وُجُوبًا وَفَاءً بِذِمَّتِهِ، كَمَا يَجِبُ إطْعَامُهُ وَكِسْوَتُهُ حَيًّا وَلَا يَجِبُ غَيْرُهُمَا، كَمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ (فَقَطْ) بَلْ تَحْرُمُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَيَجُوزُ غُسْلُهُ، كَمَا مَرَّ وَفِي مَعْنَاهُ الْمُعَاهِدُ وَالْمُؤْمَنُ بِخِلَافِ الْحَرْبِيِّ وَالْمُرْتَدِّ وَالزِّنْدِيقِ، فَلَا يَجِبُ تَكْفِينُهُمْ وَلَا دَفْنُهُمْ بَلْ يَجُوزُ إغْرَاءُ الْكِلَابِ عَلَيْهِمْ إذْ لَا حُرْمَةَ لَهُمْ وَقَدْ ثَبَتَ الْأَمْرُ بِإِلْقَاءِ قَتْلَى بَدْرٍ فِي الْقَلِيبِ بِهَيْئَتِهِمْ.

(وَحَيْثُ مَيْتُنَا بِغَيْرٍ) أَيْ: بِمَيِّتِ غَيْرِنَا مِنْ الْكُفَّارِ (اخْتَلَطْ) وَلَمْ يَتَمَيَّزُوا (فَاغْسِلْ وَكَفِّنْ كُلَّهُمْ، ثُمَّ) صَلِّ عَلَيْهِمْ إذْ لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِذَلِكَ وَ (اقْصِدْ فِي الصَّلَوَاتِ) عَلَيْهِمْ إنْ صَلَّيْت عَلَى كُلٍّ وَحْدَهُ (وَ) فِي (الصَّلَاةِ) عَلَيْهِمْ إنْ صَلَّيْتَ عَلَيْهِمْ دُفْعَةً وَهُوَ الْأَوْلَى (الْمُهْتَدِي) أَيْ: الْمُسْلِمُ فَيَنْوِي فِي الْأَوَّلِ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ إنْ كَانَ مُسْلِمًا، وَيُعْذَرُ فِي تَرَدُّدِ النِّيَّةِ لِلضَّرُورَةِ وَيَنْوِي فِي الثَّانِي الصَّلَاةَ عَلَى الْمُسْلِمِ مِنْهُمْ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِ مِنْهُمْ وَيُدْفَنُونَ بَيْنَ مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ كَكَافِرَةٍ بِبَطْنِهَا مُسْلِمٌ فَإِنَّهَا تُدْفَنُ هُنَاكَ وَيَكُونُ ظَهْرُهَا إلَى الْقِبْلَةِ لِيَتَوَجَّهَهَا الْجَنِينُ وَاخْتِلَاطُ الشَّهِيدِ بِغَيْرِهِ وَالسِّقْطُ الَّذِي لَمْ تَظْهَرْ فِيهِ أَمَارَاتُ الْحَيَاةِ بِغَيْرِهِ كَاخْتِلَاطِ الْمُسْلِمِ بِالْكَافِرِ إلَّا أَنَّهُمْ يُدْفَنُونَ فِي مَقَابِرِنَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ.

(مُقَدِّمًا فِيهَا) أَيْ: الصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ امْرَأَةً (وَ) فِي (غُسْلِ الرَّجُلِ الْأَبَ) وَإِنْ عَلَا (ثُمَّ الِابْنَ) وَإِنْ نَزَلَ كَمَا زَادَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (وَاعْلُ) أَيْ: فِي جَانِبِ الْأَبِ (وَانْزِلْ) أَيْ: فِي جَانِبِ الِابْنِ وَخَالَفَ ذَلِكَ تَرْتِيبَ الْإِرْثِ بِأَنَّ مُعْظَمَ الْفَرْضِ هُنَا الدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ وَتَنْظِيفُهُ فَقُدِّمَ الْأَشْفَقُ؛ لِأَنَّ دُعَاءَهُ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ وَغُسْلُهُ أَكْمَلُ (ثُمَّ) بَعْدَ الِابْنِ (بَقَايَا الْعَصَبَاتِ قَدِّمْ مُرَتِّبًا بِالْإِرْثِ) أَيْ: بِتَرْتِيبِهِ فَيُقَدَّمُ الْأَخُ الشَّقِيقُ، ثُمَّ الْأَخُ لِلْأَبِ، ثُمَّ ابْنُ الشَّقِيقِ ثُمَّ ابْنُ الْأَخِ لِلْأَبِ وَهَكَذَا ثُمَّ الْمُعْتَقُ، ثُمَّ عَصَبَتُهُ ثُمَّ مُعْتَقُ الْمُعْتَقِ، ثُمَّ عَصَبَتُهُ وَهَكَذَا وَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَبْنَاءُ عَمِّ أَحَدِهِمَا أَخٌ لِأُمٍّ فَإِنَّهُمَا يَسْتَوِيَانِ فِي الْإِرْثِ بِالْعُصُوبَةِ مَعَ تَقَدُّمِ الثَّانِي هُنَا، وَقَدْ سَلِمَ مِنْهُ قَوْلُ الْحَاوِي

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: بَعْدَ غُسْلِ الْعُضْوِ) عَلَى هَذَا لَوْ شَكَكْنَا فِي ذَلِكَ فَالظَّاهِرُ الْوُجُوبُ احْتِيَاطًا بِرّ. (قَوْلُهُ: لِزَوَالِ الضَّرُورَةِ) هَذَا التَّعْلِيلُ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الصَّلَاةِ حِينَئِذٍ عَلَى الْجُمْلَةِ وَأَنَّهَا لَا تَكْفِي عَلَى الْعُضْوِ وَحْدَهُ وَلَا يَبْعُدُ أَنَّهَا تَكْفِي عَلَى الْعُضْوِ وَحْدَهُ.

(قَوْلُهُ: وَبِاخْتِلَاجٍ سِقْطِنَا يُصَلَّى) ظَاهِرُهُ وَلَوْ قَبْلَ تَمَامِ انْفِصَالِهِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ وِفَاقًا لِجَمْعٍ وَخِلَافًا لِآخَرِينَ وَلَوْ عَلِمْنَا حَيَاتَهُ قَبْلَ انْفِصَالِ شَيْءٍ مِنْهُ ثُمَّ انْفَصَلَ مَيِّتًا فَهَلْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ؟ وَقَدْ يُتَّجَهُ أَنَّهُ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يَصُدَّ عَنْهُ نَقْلٌ فَلْيُرَاجَعْ.

(قَوْلُهُ: وَكُفِّنَ الذِّمِّيُّ) هَلْ يُرَاعَى فِي تَكْفِينِهِ مَا يُرَاعَى فِي تَكْفِينِ الْمُسْلِمِ حَتَّى تَجِبَ اللَّفَائِفُ الثَّلَاثُ إذَا وُجِدَتْ تَرِكَةٌ وَلَا إيصَاءَ وَلَا مَنْعَ غَرِيمٍ؟ . (قَوْلُهُ: وُجُوبًا) أَيْ: فِيهِمَا.

(قَوْلُهُ: فَاغْسِلْ إلَخْ) يُنْظَرُ كَيْفَ يُؤْخَذُ مُؤْنَةُ تَجْهِيزِهِمْ مِنْ تَرِكَاتِهِمْ أَوْ مِمَّنْ عَلَيْهِ تَجْهِيزُهُمْ مَعَ اخْتِلَافِهِمْ وَتَفَاوُتِ الْمُؤْنَةِ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مُسْلِمًا) رَاجِعٌ لِلنِّيَّةِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ) وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ هُنَا إلَى تَقْيِيدِ الدُّعَاءِ بِقَوْلِهِ: وَإِنْ كَانَ غَيْرَ شَهِيدٍ مَثَلًا

(قَوْلُهُ: تَرْتِيبَ الْإِرْثِ) أَيْ: بِاعْتِبَارِ التَّعْصِيبِ فَإِنَّ الِابْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَبِ فِيهِ هُنَاكَ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْمُعْتَقُ) يُفِيدُ تَقْدِيمَ الْمُعْتَقِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَرْأَةِ عَلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ وَتَقَدَّمَ فِي غُسْلِهَا تَقْدِيمُ ذَوَاتِ الْأَرْحَامِ عَلَى مُولَاتِهَا وَالْفَرْقُ لَائِحٌ

ــ

[حاشية الشربيني]

فِيهِ م ر فَقَالَ: لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ إلَّا إنْ نَوَى الْجُمْلَةَ اهـ. (قَوْلُهُ: لِزَوَالِ الضَّرُورَةِ إلَخْ) لِأَنَّ الصَّلَاةَ إنَّمَا شُرِعَتْ عَلَى الْمَيِّتِ كُلِّهِ فَالصَّلَاةُ عَلَى بَعْضِهِ لِلضَّرُورَةِ تَدَبَّرْ

(قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ غُسْلُهُ) يَحْتَمِلُ الْكَرَاهَةَ وَخِلَافَ الْأَوْلَى ع ش

(قَوْلُهُ: وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ إنْ كَانَ مُسْلِمًا) ظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَنَّ الرَّاجِحَ جَوَازُ الدُّعَاءِ لِلْكَافِرِ بِأُخْرَوِيٍّ وَبِالْمَغْفِرَةِ خِلَافًا لِمَا فِي الْأَذْكَارِ اهـ.

(قَوْلُهُ: مُقَدَّمًا فِيهَا) وَلَوْ أَوْصَى بِتَقْدِيمِ غَيْرِهِ إلَّا إنْ رَضِيَ ذُو الْحَقِّ اهـ وَلَوْ تَقَدَّمَ غَيْرُ الْأَحَقِّ كُرِهَ إلَّا أَنْ يَخَافَ فِتْنَةً فَيَحْرُمُ شَوْبَرِيٌّ وَحَجَرٌ وَظَاهِرُهُ الْكَرَاهَةُ وَلَوْ مَعَ عَدَمِ رِضَا الْأَحَقِّ قَالَ سم: وَلَا يَبْعُدُ الْحُرْمَةُ حِينَئِذٍ لَكِنْ ظَاهِرُ النَّدْبِ الْجَوَازُ؛ لِأَنَّ الْجَمِيعَ مُخَاطَبُونَ بِهَذَا الْفَرْضِ حَتَّى الْأَجْنَبِيَّ اهـ م ر. (قَوْلُهُ: مُرَتَّبًا بِالْإِرْثِ) فَيُقَدَّمُ ابْنُ الْأَخِ لِأَبٍ عَلَى ابْنِ ابْنِ الْأَخِ لِأَبَوَيْنِ. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ: ابْنَا عَمٍّ إلَخْ) بِأَنْ يَأْتِيَ شَخْصٌ بِابْنٍ مِنْ امْرَأَةٍ ثُمَّ يَأْتِي أَخُوهُ مِنْهَا بِابْنِ وَلِأَحَدِهِمَا ابْنٌ مِنْ امْرَأَةٍ أُخْرَى فَابْنَاهُ ابْنَا عَمٍّ ابْنِ الْآخَرِ وَأَحَدُهُمَا أَخُوهُ لِأُمِّهِ، فَالْأَخُ لِلْأُمِّ لَا يُقَدَّمُ عَلَى الْآخَرِ

ص: 104

بِتَرْتِيبِ الْوِلَايَةِ فَإِنْ أُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ مَا قَالَهُ حَيْثُ لَا مُرَجِّحَ مِنْ خَارِجٍ فَهُوَ عِنَايَةٌ (ثُمَّ) بَعْدَ الْعَصَبَاتِ قُدِّمَ سَائِرُ الْأَقَارِبِ بِتَرْتِيبِ ذِي (الرَّحِمْ) فِي الْقُرْبِ فَيُقَدَّمُ أَبُو الْأُمِّ ثُمَّ الْأَخُ لِلْأُمِّ، ثُمَّ الْخَالُ ثُمَّ الْعَمُّ لِلْأُمِّ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ الْأَخَ لِلْأُمِّ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ هُنَا بِخِلَافٍ فِي الْإِرْثِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ تَأْخِيرُ بَنِي الْبَنَاتِ عَنْ هَؤُلَاءِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ بَقِيَّةَ ذَوَى الْأَرْحَامِ يُرَتَّبُونَ بِالْقُرْبِ إلَى الْمَيِّتِ، ثُمَّ بَعْدَهُمْ الرِّجَالُ الْأَجَانِبُ، ثُمَّ فِي الْغُسْلِ الزَّوْجَةُ، ثُمَّ النِّسَاءُ الْمَحَارِمُ وَأَمَّا فِي الصَّلَاةِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ فِيهَا بِذَلِكَ وَأَنْ يُقَالَ: تُقَدَّمُ النِّسَاءُ الْمَحَارِمُ عَلَى الزَّوْجَةِ وَيُرَتَّبْنَ كَالرِّجَالِ فَتُقَدَّمُ الْأُمُّ وَإِنْ عَلَتْ، ثُمَّ الْبِنْتُ وَإِنْ سَفَلَتْ، ثُمَّ الْأُخْتُ الشَّقِيقَةُ، ثُمَّ الْأُخْتُ لِلْأَبِ وَهَكَذَا وَعُلِمَ مِنْ تَعْبِيرِهِمْ بِتَرْتِيبِ الْإِرْثِ أَنَّهُ يُقَدَّمُ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ عِنْدَ انْتِظَامِ بَيْتِ الْمَالِ عَلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَعِبَارَةُ الْبُوَيْطِيِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا عَصَبَةٌ فَذَاكَ لِلْإِمَامِ يَأْمُرُ مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهَا وَخَرَجَ بِقَوْلِ النَّظْمِ: غُسْلِ الرَّجُلِ غُسْلَ الْمَرْأَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ.

(ثُمَّ) إنْ اسْتَوَى اثْنَانِ دَرَجَةً وَإِدْلَاءً

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: بِتَرْتِيبِ الْوِلَايَةِ) أَيْ: وِلَايَةِ النِّكَاحِ بِرّ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْعَصَبَاتِ) وَمِنْهُمْ عَصَبَاتُ الْوَلَاءِ مِمَّا أَفَادَتْهُ عِبَارَتُهُ. (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ إلَخْ) وَقَدَّمَ فِي الذَّخَائِرِ بَنِي الْبَنَاتِ عَلَى الْإِخْرَاجِ لِلْأُمِّ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: ثُمَّ فِي الْغُسْلِ الزَّوْجَةُ) هَلَّا قُدِّمَتْ عَلَى الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ؛ لِأَنَّ مَنْظَرَهَا أَكْثَرُ. (قَوْلُهُ: فَيَحْتَمِلُ إلَخْ) أَظْهَرُ مِنْ هَذَيْنِ الِاحْتِمَالَيْنِ أَنْ يُقَالَ: لَا حَقَّ لَهُنَّ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ لَا تُطْلَبُ مِنْهُنَّ فِيهَا كَمَا سَيَأْتِي بِرّ أَقُولُ: النَّوَوِيُّ قَالَ بِاسْتِحْبَابِ الْجَمَاعَةِ لَهُنَّ وَلَوْ سَلِمَ فَإِذَا أَرَدْنَهَا وَإِنْ لَمْ تُطْلَبْ يَنْبَغِي التَّرْتِيبُ. (قَوْلُهُ: إنَّهُ يُقَدَّمُ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ عَلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ) جَزَمَ بِذَلِكَ فِي الرَّوْضِ مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَبِهِ صَرَّحَ الصَّيْمَرِيُّ وَالْمُتَوَلِّي. اهـ. وَجَزَمَ بِذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ أَيْضًا لَكِنْ ذَكَرَ الْأَذْرَعِيُّ فِي الْقُوتِ أَنَّ تَقْدِيمَ ذَوِي الْأَرْحَامِ عَلَى السُّلْطَانِ طَرِيقَةُ الْمَرَاوِزَةِ وَتَبِعَهُمْ الشَّيْخَانِ وَأَنَّ طَرِيقَةَ الْعِرَاقِيِّينَ عَكْسُهُ وَذَكَرَ مِنْهُمْ الصَّيْمَرِيَّ وَالْمُتَوَلِّي وَاخْتَارَهَا أَعَنَى الْأَذْرَعِيَّ. (قَوْلُهُ: لَهَا عَصَبَةٌ) أَخْرَجَ ذَوِي الْأَرْحَامِ.

(قَوْلُهُ: يَأْمُرُ مَنْ يُصَلِّي) أَيْ: أَوْ يُصَلِّي بِنَفْسِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ اسْتَوَى اثْنَانِ دَرَجَةً وَإِدْلَاءً إلَخْ) هُوَ يُفِيدُ أَنَّ الْعَدْلَيْنِ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا أَقْرَبَ وَالْآخَرُ أَسَنَّ قُدِّمَ الْأَقْرَبُ وَهُوَ كَذَلِكَ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الرَّقِيقِ الْآتِيَةِ بِرّ

ــ

[حاشية الشربيني]

فِي الْإِرْثِ بَلْ يَأْخُذُ السُّدُسَ بِأُخُوَّةِ الْأُمِّ وَالْبَاقِي يَكُونُ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ اهـ مَدَنِيٌّ.

(قَوْلُهُ: بِتَرْتِيبِ الْوِلَايَةِ) أَيْ: وِلَايَةِ النِّكَاحِ اهـ شَرْحُ الْحَاوِي. (قَوْلُهُ: ثُمَّ الرَّحِمُ) قَالَ الرَّاغِبُ فِي مُفْرَدَاتِهِ الرَّحِمُ رَحِمُ الْمَرْأَةِ وَامْرَأَةٌ رَحُومٌ تَشْتَكِي رَحِمَهَا وَمِنْهُ اُسْتُعِيرَ الرَّحِمُ لِلْقَرَابَةِ لِكَوْنِهِمْ خَارِجِينَ مِنْ رَحِمٍ وَاحِدَةٍ. اهـ. فَإِطْلَاقُ الرَّحِمِ عَلَى الْقَرَابَةِ مَجَازٌ لُغَوِيٌّ لَكِنَّهُ صَارَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً. اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَفِيهِ تَنْبِيهٌ إلَخْ) بِخِلَافِهِ فِي الْإِرْثِ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِذِي الرَّحِمِ هُنَاكَ مَنْ لَيْسَ لَهُ فَرْضٌ مُقَدَّرٌ فَيَخْرُجُ الْأَخُ لِلْأُمِّ هُنَاكَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ ذَوِي الْفُرُوضِ. اهـ. (قَوْلُهُ: مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ هُنَا) قَالَ حَجَرٌ فِي التُّحْفَةِ: يُوَجَّهُ بِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ وَارِثًا لَكِنَّهُ يُدْلِي بِالْأُمِّ فَقَطْ فَقُدِّمَ عَلَيْهِ مَنْ هُوَ أَقْوَى فِي الْإِدْلَاءِ بِهَا وَهُوَ أَبُ الْأُمِّ وَقَدَّمَ فِي الذَّخَائِرِ بَنِي الْبَنَاتِ عَلَى الْأَخِ لِلْأُمِّ قَالَ م ر: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَالَ حَجَرٌ: وَلَهُ وَجْهٌ لِأَنَّ الْإِدْلَاءَ بِالْبُنُوَّةِ أَقْوَى مِنْهُ بِالْإِخْوَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: إنَّ بَقِيَّةَ ذَوِي الْأَرْحَامِ إلَخْ) دَخَلَ فِي بَقِيَّةِ ذَوِي الْأَرْحَامِ أَوْلَادُ الْأَخَوَاتِ وَأَوْلَادُ بَنَاتِ الْعَمِّ وَأَوْلَادُ الْخَالِ وَالْخَالَةِ فَلْيَنْظُرْ مَنْ يَتَقَدَّمُ مِنْهُمْ عَلَى غَيْرِهِ. وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ: تُقَدَّمَ أَوْلَادُ الْأَخَوَاتِ ثُمَّ أَوْلَادُ بَنَاتِ الْعَمِّ ثُمَّ أَوْلَادُ الْخَالِ ثُمَّ أَوْلَادُ الْخَالَةِ؛ لِأَنَّ بَنَاتَ الْعَمِّ بِفَرْضِهِنَّ ذُكُورًا يَكُونُونَ فِي مَحَلِّ الْعُصُوبَةِ وَبَنَاتَ الْأَخَوَاتِ لَوْ فُرِضَتْ أُصُولُهُنَّ ذُكُورًا قَدِّمُوا عَلَى غَيْرِهِمْ فَتَنْزِلُ بَنَاتُهُنَّ مَنْزِلَتَهُنَّ بِتَقْدِيرِ الذُّكُورَةِ وَبَنَاتُ الْخَالِ لِذُكُورَةٍ مَنْ أُدْلِينَ بِهِ الْمُقْتَضِي لِتَقْدِيمِهِ عَلَى أُخْتِهِ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا مَا وَجَّهَ بِهِ حَجَرٌ تَقْدِيمَ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ. اهـ. ع ش وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يُوَافِقُ الشَّارِحَ لِأَنَّ التَّقْدِيمَ فِيهِ لَيْسَ بِالْقُرْبِ بَلْ بِالْقُوَّةِ فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ فِي الْغُسْلِ الزَّوْجَةُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهَا مُؤَخَّرَةٌ عَنْ الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ مَعَ أَنَّ مَنْظُورَهَا أَكْثَرُ لَكِنْ عَلَّلَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِأَنَّ الرِّجَالَ بِالْغُسْلِ أَلْيَقُ. (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَمَّا كَانَ هُوَ الْقَابِضَ لِلتَّرِكَةِ حِينَئِذٍ نِيَابَةً عَنْ الْمُسْلِمِينَ كَانَ كَأَنَّهُ الْوَارِثُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) مَالَ م ر إلَى خِلَافِهِ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْمَرَاوِزَةِ. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ اسْتَوَى اثْنَانِ دَرَجَةً وَإِدْلَاءً إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ عِنْدَ اخْتِلَافِ الدَّرَجَةِ لَا يُقَدَّمُ مَنْ ذُكِرَ وَكَذَا عِنْدَ اتِّحَادِهَا وَاخْتِلَافِ الْإِدْلَاءِ لِمَا سَيَأْتِي فِي الدَّفْنِ أَنَّهُ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْأَفْقَهِ، وَالْقَرِيبُ غَيْرُ الْفَقِيهِ عَرْفًا عَلَى الْبَعِيدِ الْفَقِيهِ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ اسْتَوَى اثْنَانِ دَرَجَةً وَإِدْلَاءً قُدِّمَ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ الِاسْتِوَاءِ دَرَجَةً أَوْ إدْلَاءً لَا يُقَدَّمُ الْأَسَنُّ الْمُتَأَخِّرُ فِي الدَّرَجَةِ أَوْ الْإِدْلَاءِ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي عَدَمِ الِاسْتِوَاءِ دَرَجَةً كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ شَيْخُنَا الْإِمَامُ الذَّهَبِيُّ رحمه الله الظَّاهِرُ أَنَّهُ كَذَلِكَ فِي عَدَمِ الِاسْتِوَاءِ إدْلَاءً كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ اسْتَوَى اثْنَانِ دَرَجَةً وَإِدْلَاءً إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: كَابْنَيْنِ أَوْ أَخَوَيْنِ وَمِثْلُهُ فِي الرَّوْضُ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ رِجَالَ الْعُصُوبَةِ دَرَجَةٌ، وَرِجَالَ الْوَلَاءِ دَرَجَةٌ وَهَكَذَا بَلْ الْمُرَادُ أَنَّ الْبُنُوَّةَ دَرَجَةٌ وَالْأُخُوَّةَ دَرَجَةٌ وَالْعُمُومَةَ دَرَجَةٌ وَهَكَذَا إذْ هُوَ مُقْتَضَى الِاسْتِوَاءِ فِي الْإِدْلَاءِ.

(قَوْلُهُ: دَرَجَةً وَإِدْلَاءً) أَيْ: وَكُلٌّ مِنْهُمَا أَهْلٌ لِلْإِمَامَةِ شَرْحُ الرَّوْضِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ ذَا فِقْهٍ يَصِحُّ مَعَهُ الْعَمَلُ. (قَوْلُهُ: دَرَجَةً) أَيْ: رِجَالُ الْعُصُوبَةِ فَرِجَالُ الْوَلَاءِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَإِدْلَاءً) كَالْإِدْلَاءِ بِالْأَبَوَيْنِ فِي

ص: 105

قُدِّمَ (الْأَسَنُّ) فِي الْإِسْلَامِ (الْعَدْلُ) عَلَى الْأَفْقَهِ مِنْهُ عَكْسُ بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ، وَالدَّفْنُ لِغَرَضِ الدُّعَاءِ هُنَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ فَاسِقًا، أَوْ مُبْتَدِعًا (وَ) قُدِّمَ (الْحُرُّ) الْعَدْلُ عَلَى الرَّقِيقِ بِأَنْوَاعِهِ وَإِنْ فَضَلَهُ بِالْفِقْهِ، كَمَا لَوْ فَضَلَهُ بِالْقُرْبِ؛ وَلِأَنَّهُ أَلْيَقُ بِالْإِمَامَةِ؛ لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ فَقَوْلُهُ (عَلَى أَفْقَهَ مِنْهُ وَالرَّقِيقُ) مَعَ مَا قَبْلَهُ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ، كَمَا تَقَرَّرَ وَقَوْلُهُ (فَضَلَا) مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْ: يُقَدَّمُ الْحُرُّ عَلَى الرَّقِيقِ وَإِنْ فَضَلَهُ، كَمَا تَقَرَّرَ نَعَمْ يُقَدَّمُ الرَّقِيقُ الْقَرِيبُ عَلَى الْحُرِّ الْأَجْنَبِيِّ، وَالرَّقِيقُ الْبَالِغُ عَلَى الْحُرِّ الصَّبِيِّ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَفِيهِ وَيُقَدَّمُ مَفْضُولُ الدَّرَجَةِ عَلَى نَائِبِ فَاضِلِهَا فِي الْأَقْيَسِ

ــ

[حاشية العبادي]

وَقَوْلُهُ: قُدِّمَ الْأَقْرَبُ بَلْ ظَاهِرُ عِبَارَاتِهِمْ تَقْدِيمُ الْأَقْرَبِ وَلَوْ غَيْرَ فَقِيهٍ عَلَى الْأَبْعَدِ فَقِيهًا. (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَفْقَهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ تَقْدِيمُ الْفَقِيهِ عَلَى الْأَسَنِّ غَيْرِ الْفَقِيهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ اقْتَضَتْ الْعِلَّةُ خِلَافَهُ. اهـ. ثُمَّ رَأَيْت الشَّارِحَ ذَكَرَهُ آنِفًا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ فَضَلَهُ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَلَوْ أَفْقَهَ أَوْ أَسَنَّ أَوْ فَقِيهًا. اهـ. (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ فَضَلَهُ بِالْقُرْبِ) مِنْ ثَمَّ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ السَّابِقَ: ثُمَّ إنْ اسْتَوَى اثْنَانِ دَرَجَةً إلَخْ خَاصٌّ بِمَسْأَلَةِ الْأَسَنِّ بِرّ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْحُرِّ الصَّبِيِّ) هَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَا قَرِيبَيْنِ أَوْ أَجْنَبِيَّيْنِ، أَمَّا لَوْ كَانَ الرَّقِيقُ الْبَالِغُ أَجْنَبِيًّا وَالْحُرُّ الصَّبِيُّ قَرِيبًا يَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْحُرِّ الصَّبِيِّ وَفِي الْعُبَابِ ثُمَّ عَصَبَاتُ النَّسَبِ بِتَرْتِيبِهِمْ فِي إرْثِهِ حَتَّى مُمَيِّزُهُمْ وَرَقِيقُهُمْ عَلَى بَالِغٍ أَوْ حُرٍّ أَجْنَبِيٍّ. اهـ. (قَوْلُهُ: مَفْضُولُ الدَّرَجَةِ) أَيْ: كَالْأَفْقَهِ. (قَوْلُهُ: نَائِبُ فَاضِلِهَا) أَيْ: كَالْأَسَنِّ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْإِخْوَةِ لَهُمَا وَبِالْأَبِ فَقَطْ فِي الْإِخْوَةِ لَهُ وَهَكَذَا. (قَوْلُهُ: قُدِّمَ الْأَسَنُّ) أَيْ: مَا لَمْ يَكُنْ الْآخَرُ زَوْجًا وَالْأَقْدَمُ عَلَى الْأَسَنِّ كَمَا اقْتَضَاهُ نَصُّ الْبُوَيْطِيِّ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: عَكْسُ بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ) يُفِيدُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي خُصُوصِ الصَّلَاةِ دُونَ الْغُسْلِ وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ الْأَفْقَهُ هُنَاكَ أَوْلَى مِنْ الْأَسَنِّ وَالْأَقْرَبُ وَالْبَعِيدُ الْفَقِيهُ أَوْلَى مِنْ الْأَقْرَبِ غَيْرِ الْفَقِيهِ عَكْسُ مَا فِي الصَّلَاةِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ. لَكِنَّ التَّقْدِيمَ فِي الْبَابَيْنِ بِالصِّفَاتِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ اتِّحَادِ الدَّرَجَةِ، وَإِلَّا فَمَا دَامَ فِي الدَّرَجَةِ مَنْ يَصِحُّ مِنْهُ الْعَمَلُ لَا يَنْتَقِلُ لِمَا بَعْدَهَا وَإِنْ امْتَازَتْ بِالصِّفَاتِ خِلَافًا لِحَجَرٍ حَيْثُ قَدَّمَ فِي بَابِ الْغُسْلِ الدَّرَجَةَ السَّافِلَةَ إذَا امْتَازَتْ بِالْفِقْهِ وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ اخْتِلَافُ الْبَابَيْنِ فِي الدَّرَجَةِ وَهُوَ خِلَافُ مَا عَلَيْهِ الشَّيْخُ فِي كُتُبِهِ.

وَقَوْلُهُ: إذْ الْأَفْقَهُ أَيْ: فِي بَابِ الْغُسْلِ أَوْلَى مِنْ الْأَسَنِّ وَالْأَقْرَبُ أَيْ: مُنْفَرِدَيْنِ أَوْ مُجْتَمِعَيْنِ وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ الْأَسَنَّ الْأَقْرَبَ بِحَذْفِ الْوَاوِ مَعَ أَنَّهُ أَخَصْرُ وَنَصَّ فِي الِاجْتِمَاعِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: عَكْسُ مَا فِي الصَّلَاةِ أَنَّ الْمُقَدَّمَ فِيهَا الْأَسَنُّ الْأَقْرَبُ لَا أَحَدُهُمَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ: وَالْبَعِيدُ إلَخْ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ الْأَجْنَبِيَّ كَمَا قِيلَ بِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ مُخَالَفَةِ مَا عَلَيْهِ الشَّيْخُ مِنْ أَنَّ الْبَابَيْنِ لَا يَخْتَلِفَانِ فِي الدَّرَجَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْسُنُ مُقَابَلَتُهُ بِالْأَقْرَبِ بَلْ الْمُرَادُ الْبَعِيدُ فِي دَرَجَتِهِ وَهَذَا كَمَا يُقَابِلُ بِالْقَرِيبِ يُقَابِلُ بِالْأَقْرَبِ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَظْهَرَ وَإِنَّمَا لَمْ يُعَبِّرْ بِهِ فِي أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ خُصُوصُ قَرَابَةِ النَّسَبِ مِنْ الْمَيِّتِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْحُكْمُ عَامٌّ فِي جَمِيعِ الدَّرَجَاتِ وَإِنَّمَا لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى التَّقْدِيمِ بِالْأَفْقَهِيَّةِ وَيُعْلَمُ مِنْهُ التَّقْدِيمُ بِالْفِقْهِيَّةِ بِالْأَوْلَى لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: عَكْسُ مَا فِي الصَّلَاةِ أَنَّ الْأَسَنَّ مُقَدَّمٌ فِيهَا وَلَوْ غَيْرَ فَقِيهٍ أَيْ: الْفِقْهُ الْعُرْفِيُّ الَّذِي هُوَ زِيَادَةٌ عَمَّا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْعَمَلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحُ الرَّوْضِ بَلْ الْمُقَدَّمُ فِي الْبَابَيْنِ الْفَقِيهُ وَلَوْ غَيْرَ أَسَنَّ. اهـ. شَيْخُنَا الْإِمَامُ الذَّهَبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَوْلُهُ: الْبَعِيدُ فِي دَرَجَتِهِ أَيْ: إنَّ الْبَعِيدَ مَنْظُورٌ فِيهِ لِلدَّرَجَةِ لَا لِلْمَيِّتِ بِالنَّسَبِ خُصُوصًا كَمَا قَالَ بَعْدُ: كَمُعْتَقِ الْمُعْتِقِ مَعَ الْمُعْتِق وَقَوْلُهُ: أَيْ: الْفِقْهُ الْعُرْفِيُّ أَيْ: فَاَلَّذِي مَعَهُ فِقْهٌ يَحْسُنُ مَعَهُ الْعَمَلُ لَكِنْ لَا يُقَالُ لَهُ: فَقِيهٌ عُرْفًا لَا يُقَدَّمُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ كَمَا قَالَ. اهـ. مِنْ تَقْرِيرِهِ رحمه الله.

(قَوْلُهُ: عَكْسُ بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ) يُفِيدُ اخْتِصَاصَ ذَلِكَ بِالصَّلَاةِ دُونَ الْغُسْلِ فَذِكْرُهُ فِي مَسَاقِ الْكَلَامِ فِيهِمَا غَيْرُ جَيِّدٍ. (قَوْلُهُ: وَقُدِّمَ الْحُرُّ) أَيْ: الْبَالِغُ الْفَقِيهُ الَّذِي فِيهِ أَصْلُ الْقَرَابَةِ. (قَوْلُهُ: عَلَى الرَّقِيقِ بِأَنْوَاعِهِ إلَخْ) فَلَيْسَ الْحُرُّ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّقِيقِ أَوْلَى بِالصَّلَاةِ دَرَجَةً فَيَكُونُ خَارِجًا مِنْ قَوْلِ الْمَنْهَجِ وَالْأَوْلَى بِهِ الْأَوْلَى بِالصَّلَاةِ دَرَجَةً، تَدَبَّرْ وَحَرِّرْ. (قَوْلُهُ: بِأَنْوَاعِهِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِأَنْوَاعِهِ الْمُبَعَّضُ وَالْمُدَبَّرُ وَالْمُكَاتَبُ وَالْخَالِي عَمَّا ذُكِرَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ فَضَلَهُ بِالْفِقْهِ) بِأَنْ كَانَ الرَّقِيقُ أَفْقَهَ مِنْ الْحُرِّ أَوْ فَقِيهًا عُرْفِيًّا وَالْحُرُّ لَا يَعْرِفُ إلَّا مُصَحِّحَ الصَّلَاةِ فَيُقَدَّمُ الْحُرُّ فَقَوْلُهُمْ: مَنْ عِنْدَهُ مُصَحِّحُ الْعَمَلَ فَقَطْ لَا يُقَدَّمُ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ هَذَا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شَرْحِ الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ فَضَلَهُ) فَيُقَدَّمُ الْعَمُّ الْحُرُّ عَلَى الْأَبِ الرَّقِيقِ. اهـ. رَوْضٌ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُقَدَّمُ الرَّقِيقُ الْقَرِيبُ إلَخْ) إلَّا إذَا كَانَ صَبِيًّا وَالْحُرُّ الْأَجْنَبِيُّ بَالِغٌ فَيُقَدَّمُ الْحُرُّ الْأَجْنَبِيُّ قَالَهُ شَيْخُنَا قُوَيْسَنِيٌّ. اهـ. مَرْصَفِيٌّ، أَمَّا لَوْ كَانَ الرَّقِيقُ الْبَالِغُ أَجْنَبِيًّا وَالْحُرُّ الصَّبِيُّ قَرِيبًا فَيُقَدَّمُ الصَّبِيُّ كَمَا فِي الْعُبَابِ. اهـ. مِنْ الْحَاشِيَةِ.

(قَوْلُهُ: عَلَى الْحُرِّ الْأَجْنَبِيِّ) وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُ أَنَّ التَّقْدِيمَ فِي الْأَجَانِبِ

ص: 106

وَنَائِبُ الْأَقْرَبِ الْغَائِبِ عَلَى الْبَعِيدِ الْحَاضِرِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ تَقْدِيمُ الْفَقِيهِ عَلَى الْأَسَنِّ غَيْرِ الْفَقِيهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ اقْتَضَتْ الْعِلَّةُ خِلَافَهُ وَبِمَا قَرَّرْت بِهِ كَلَامَ النَّاظِمِ عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: ثُمَّ الْأَسَنُّ وَالْحُرُّ الْعَدْلَانِ كَانَ أَوْلَى.

(ثُمَّ) بَعْدَ الِاسْتِوَاءِ فِيمَا ذُكِرَ هُنَا، بَلْ وَفِي بَابِ الْجَمَاعَةِ مِنْ النَّظَافَةِ وَحُسْنِ الْوَجْهِ وَطِيبِ الصَّنْعَةِ وَالصَّوْتِ يَجِبُ (اقْتِرَاعٌ) بَيْنَ الْمُتَنَازِعَيْنِ (أَوْ تَرَاضِي نَاسِهِ) أَيْ: أَهْلِ الْمَيِّتِ بِتَقْدِيمِ وَاحِدٍ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا حَقَّ فِي الصَّلَاةِ لِلزَّوْجِ، وَلَا الْمَرْأَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ وُجِدَ مَعَ الزَّوْجِ غَيْرُ الْأَجَانِبِ وَمَعَ الْمَرْأَةِ رَجُلٌ، وَإِلَّا فَظَاهِرٌ أَنَّ الزَّوْجَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَجَانِبِ وَأَنَّ الْمَرْأَةَ تُقَدَّمُ بِتَرْتِيبِ الرَّجُلِ عَلَى مَا قَدَّمْته وَعُلِمَ أَيْضًا أَنَّهُ يُقَدَّمُ فِيهَا الْقَرِيبُ وَالْمَوْلَى عَلَى الْوَالِي وَإِمَامِ الْمَسْجِدِ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ قَضَاءِ حَقِّ الْمَيِّتِ كَالدَّفْنِ وَالتَّكْفِينِ؛ وَلِأَنَّ مُعْظَمَ الْغَرَضِ مِنْهَا الدُّعَاءُ، كَمَا مَرَّ وَالْقَرِيبُ وَالْمَوْلَى أَشْفَقُ وَأَنَّهُمَا يُقَدَّمَانِ فِيهَا عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِهَا؛ لِأَنَّهَا حَقُّهُمَا فَلَا تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ فِيهِ بِإِسْقَاطِهَا كَالْإِرْثِ وَغَيْرِهِ وَمَا وَرَدَ مِنْ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَصَّى أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ عُمَرُ فَصَلَّى وَأَنَّ عُمَرَ وَصَّى أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ صُهَيْبٌ فَصَلَّى وَأَنَّ عَائِشَةَ وَصَّتْ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهَا أَبُو هُرَيْرَةَ فَصَلَّى مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ أَوْلِيَاءَهُمْ أَجَازُوا الْوَصِيَّةَ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَالتَّقْدِيمُ فِي الْأَجَانِب بِمَا تَقَدَّمَ بِهِ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ.

(وَمَوْقِفُ الْإِمَامِ) وَالْمُنْفَرِدِ كَائِنٌ (عِنْدَ رَاسِهِ) أَيْ: الْمَيِّتِ الذَّكَرِ (وَ) عِنْدَ (عَجُزِ الْأُنْثَى) نَدْبًا؛ لِلِاتِّبَاعِ رَوَى الْأَوَّلَ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالثَّانِيَ الشَّيْخَانِ وَالْمَعْنَى فِيهِ مُحَاوَلَةُ سَتْرِ الْأُنْثَى قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى.

(وَغَيْرُ جَائِزِ) لِلْمُصَلِّي (تَقَدُّمٌ) عَلَى الْجِنَازَةِ الْحَاضِرَةِ وَالْقَبْرِ كَمَا لَا يَجُوزُ تَقَدُّمُ الْمَأْمُومِ عَلَى إمَامِهِ أَمَّا تَقَدُّمُهُ عَلَى الْغَائِبَةِ فَجَائِزٌ لِلْحَاجَةِ.

(وَجَازَ لِلْجَنَائِزِ صَلَاتُهُ) عَلَيْهَا صَلَاةً (وَاحِدَةً) لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ صَلَّى عَلَى تِسْعِ جَنَائِزَ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ، فَجَعَلَ الرِّجَالَ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ وَالنِّسَاءَ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ وَلِخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ صَلَّى عَلَى زَيْدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَأُمِّهِ أُمِّ كُلْثُومِ بِنْتِ عَلِيٍّ رضي الله عنهم فَجَعَلَهُ مِمَّا يَلِيهِ وَجَعَلَهَا مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ وَفِي الْقَوْمِ نَحْوُ ثَمَانِينَ مِنْ الصَّحَابَةِ فَقَالُوا: هَذِهِ السُّنَّةُ وَلِأَنَّ مَقْصُودَهَا الدُّعَاءُ وَيُمْكِنُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَنَائِبُ الْأَقْرَبِ الْغَائِبِ) بِخِلَافِ نَائِبِ الْأَقْرَبِ الْحَاضِرِ فَلَا يُقَدَّمُ وَهَذَا مَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ لَكِنَّ الَّذِي فِي الْقُوتِ وَكَتَبَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِهَامِشِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ وَأَنَّهُ لَا اعْتِمَادَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّ الْحَقَّ لِنَائِبِ الْأَقْرَبِ غَائِبًا كَانَ أَوْ حَاضِرًا. (قَوْلُهُ: وَنَائِبُ الْأَقْرَبِ) كَالْأَخِ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْبَعِيدِ) كَابْنِ الْأَخِ. (قَوْلُهُ: كَانَ أَوْلَى) لِاعْتِبَارِ الْعَدَالَةِ فِي تَقْدِيمِ الْحُرِّ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ: وَالصُّوَرُ) أَيْ: وَغَيْرُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: يَجِبُ اقْتِرَاعٌ) قَدْ يُفْهَمُ مِنْ وُجُوبِ الِاقْتِرَاعِ حُرْمَةُ تَقْدِيمِ الْمُتَأَخِّرِ عَلَى الْمُتَقَدِّمِ مَعَ رَغْبَتِهِ فِي التَّقَدُّمِ، وَعَدَمِ رِضَاهُ بِتَقَدُّمِ غَيْرِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ فِيهِ مَنْعَهُ حَقَّهُ مَعَ رَغْبَتِهِ فِيهِ وَعَدَمُ رِضَاهُ بِتَرْكِهِ لَكِنْ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ الذَّخَائِرِ أَنَّهُ لَوْ تَقَدَّمَ غَيْرُ مَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ جَازَ هُنَا قَطْعًا وَفِي نَظِيرِهِ فِي النِّكَاحِ خِلَافٌ وَالْفَرْقُ صِحَّةُ صَلَاةِ الْأَجْنَبِيِّ هُنَا بِحَضْرَةِ الْوَلِيِّ بِخِلَافِهِ ثَمَّ. اهـ. بِمَعْنَاهُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْجَوَازِ الصِّحَّةَ لَا عَدَمَ الْحُرْمَةِ مُطْلَقًا لَكِنْ رَأَيْت هُنَاكَ أَنَّهُ لَوْ زَوَّجَ غَيْرَ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ كُرِهَ، وَأَنَّهُ لَوْ بَادَرَ قَبْلَ الْقُرْعَةِ لَا كَرَاهَةَ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ الْحُرْمَةِ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: وَالْمَوْلَى عَلَى الْوَالِي) وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْإِمَامَ وَنَائِبَهُ يُقَدَّمَانِ عَلَى ذُوِيّ الْأَرْحَامِ عِنْدَ الِانْتِظَامِ. (قَوْلُهُ: فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ) لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَدَّمَ هُنَا الْأَسَنُّ عَلَى الْأَفْقَهِ بِرّ.

(قَوْلُهُ: وَالْقَبْرِ) أَيْ: الْحَاضِرِ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْغَائِبَةِ) وَالْقَبْرِ الْغَائِبِ

ــ

[حاشية الشربيني]

بِمَ يَكُونُ وَفِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِمَرِّ أَنَّ التَّقْدِيمَ فِيهِمْ مُعْتَبَرٌ كَمَا فِي الْقَرِيبِ بِمَا يُقَدَّمُ بِهِ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ. اهـ. قَالَ ع ش: يَقْتَضِي أَنَّهُ فِي الْأَجَانِبِ يُقَدَّمُ الْأَفْقَهُ عَلَى الْأَسَنِّ وَقِيَاسُ مَا فِي الْقَرِيبِ خِلَافُهُ. اهـ. وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا حَقَّ فِي الصَّلَاةِ لِلزَّوْجِ وَلَا لِلْمَرْأَةِ لَكِنَّ مَحَلَّهُ إذَا وُجِدَ مَعَ الزَّوْجِ غَيْرُ الْأَجَانِبِ وَمَعَ الْمَرْأَةِ ذَكَرٌ، وَإِلَّا فَالزَّوْجُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَجَانِبِ، وَالْمَرْأَةُ تُصَلِّي وَتُقَدَّمُ بِتَرْتِيبِ الذَّكَرِ. اهـ. ثُمَّ رَأَيْت مَا يَأْتِي فِي الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: تَقْدِيمُ الْفَقِيهُ) أَيْ: الْفِقْهَ الزَّائِدَ عَلَى مَا يُصَحِّحُ الصَّلَاةَ عَلَى غَيْرِ الْفَقِيهِ ذَلِكَ الْفِقْهُ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ اقْتَضَتْ الْعِلَّةُ إلَخْ) قَالَ م ر: وَالْعِلَّةُ لَا تُخَالِفُهُ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ فِي مُتَشَارِكَيْنِ فِي الْفِقْهِ فَكَانَ دُعَاءُ الْأَسَنِّ أَقْرَبَ بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّ الْأَسَنَّ لَيْسَ دُعَاؤُهُ أَقْرَبَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُشَارِكْ الْفَقِيهَ فِي شَيْءٍ. اهـ. وَانْظُرْهُ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ مِنْ الْفِقْهِ مَا يُصَحِّحُ الصَّلَاةَ فَلَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ لَمْ يُشَارِكْ الْفَقِيهَ عُرْفًا فِي شَيْءٍ مِمَّا امْتَازَ بِهِ وَتَأَمَّلْهُ. وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَدَخَلَ فِي الْأَهْلِ مَنْ لَا يَعْرِفُ غَيْرَ مُصَحِّحِ الصَّلَاةِ فَيُقَدَّمُ إلَّا مَعَ الِاسْتِوَاءِ فِي الدَّرَجَةِ فَالْأَوْجَهُ تَقْدِيمُ الْفَقِيهِ عَلَى نَحْوِ الْأَسَنِّ غَيْرِ الْفَقِيهِ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا كَانَ أَهْلًا وَاخْتَلَفَا دَرَجَةً كَأَبٍ وَابْنٍ قُدِّمَ الْأَبُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَعْرِفُ غَيْرَ مُصَحِّحِ الصَّلَاةِ وَكَانَ الِابْنُ فَقِيهًا عُرْفًا فَإِنْ اسْتَوَيَا دَرَجَةً كَابْنَيْنِ أَحَدُهُمَا لَا يَعْرِفُ غَيْرَ مُصَحِّحِ الصَّلَاةِ وَالْآخَرُ يَزِيدُ عَلَيْهِ وَيَكُونُ فَقِيهًا عُرْفًا قُدِّمَ الْفَقِيهُ عُرْفًا وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ أَسَنَّ إذْ لَمْ يُقَدَّمُوا عَلَى الْأَسَنِّ إلَّا الْأَفْقَهَ تَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: وَلَا لِلْمَرْأَةِ) سَوَاءٌ الزَّوْجَةُ وَالْأَجْنَبِيَّةُ. (قَوْلُهُ: إنَّ الزَّوْجَ إلَخْ) وَكَذَا الزَّوْجَةُ عِنْدَ فَقْدِ الذُّكُورِ تُقَدَّمُ عَلَى الْأَجْنَبِيَّيْنِ. اهـ. ق ل وَغَيْرُهُ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّ الْمَرْأَةَ تُقَدَّمُ بِتَرْتِيبِ الرَّجُلِ)، وَأَمَّا الْأَجَانِبُ فَظَاهِرُ مُرَاعَاةِ مَا بِهِ التَّقْدِيمُ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ إلَّا أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَسَنُّ مُقَدَّمًا كَمَا فِي الْأَقَارِبِ. اهـ. عَمِيرَةُ. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ فَيُقَيَّدُ بِهِ مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ م ر. (قَوْلُهُ: إنَّهُ يُقَدَّمُ فِيهَا الْقَرِيبُ وَالْمَوْلَى عَلَى الْوَالِي إلَخْ) وَالْقَدِيمِ وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ: إنَّ الْأَوْلَى الْوَالِي فَإِمَامُ الْمَسْجِدِ فَالْوَلِيُّ. اهـ. مَدَنِيٌّ وَقَيَّدَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ تَقْدِيمَ الْوَالِي عَلَى إمَامِ الْمَسْجِدِ عَلَى الْقَدِيمِ بِمَا إذَا كَانَ الْوَالِي هُوَ الَّذِي وَلَّى إمَامَ الْمَسْجِدِ أَوْ أَعْلَى مِمَّنْ

ص: 107

جَمْعُهَا فِيهِ وَانْفِرَادُ كُلٍّ بِصَلَاةٍ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ عَمَلًا وَأَرْجَى لِلْقَبُولِ وَلَيْسَ هُوَ تَأْخِيرًا كَثِيرًا وَعَكَسَ الْمُتَوَلِّي تَعْجِيلًا لِلدَّفْنِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ خِيفَ تَغَيُّرُهُ بِالتَّأْخِيرِ قَالَ: وَهُوَ مَا تَضَمَّنَهُ كَلَامُ ابْنِ كَجٍّ.

(وَقَرِّبْ) أَنْتَ إنْ حَضَرَتْ الْجَنَائِزُ دَفْعَةً وَلَمْ تَتَّحِدْ نَوْعًا (مِنْ الْإِمَامِ رَجُلًا، ثُمَّ الصَّبِيّ وَرَاءُ) أَيْ: وَرَاءَ الرَّجُلِ، وَفَائِدَةُ ذِكْرِ وَرَاءَ دَفْعُ إرَادَةِ الْقَوْلِ بِأَنَّهُمْ يُوضَعُونَ كَوَضْعِ الْخَنَاثَى الْآتِي بَيَانُهُ (فَالْمَرْأَةُ بَعْدَ الْخُنْثَى) وَذَلِكَ لِمَا مَرَّ مِنْ الْآثَارِ؛ وَلِئَلَّا يَتَقَدَّمَ نَاقِصٌ عَلَى كَامِلٍ وَمِنْ ثَمَّ تُوضَعُ الْخَنَاثَى عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ صَفًّا رَأْسُ كُلِّ وَاحِدٍ عِنْدَ رِجْلِ الْآخَرِ وَفَارَقَ ذَلِكَ الدَّفْنَ حَيْثُ يُقَدَّمُ فِيهِ الرَّجُلُ إلَى الْقِبْلَةِ، ثُمَّ مَنْ بَعْدَهُ بِأَنَّ قُرْبَ الْإِمَامِ مَطْلُوبٌ، وَهُوَ مُمْكِنٌ فِي الصَّلَاةِ فَفَعَلَ فَإِنْ اتَّحَدَتْ نَوْعًا فَحُكْمُهُ مَا بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (وَحَيْثُ كُلٌّ) مِنْهَا (ذَكَرًا) رَجُلٌ، أَوْ صَبِيٌّ (وَأُنْثَى)، أَوْ خُنْثَى (فَقُرْعَةٌ) أَيْ: فَقَرَّبَ بِقُرْعَةٍ بَيْنَ الْمُتَنَازِعِينَ مِنْ أَوْلِيَائِهِمْ (وَبِالتَّرَاضِي) مِنْهُمْ بِتَقْرِيبِ وَاحِدٍ (وَالتُّقَى) أَيْ: الْوَرَعُ، كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْحَاوِي (وَنَحْوِهِ) مِمَّا يُرَغِّبُ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ لَا بِالْحُرِّيَّةِ لِزَوَالِ الرِّقِّ بِالْمَوْتِ، كَمَا مَرَّ وَلَوْ عَطَفَ هَذَا بِالْفَاءِ وَقَدَّمَهُ عَلَى الْقُرْعَةُ فَقَالَ: فَالتُّقَى وَنَحْوُهُ فَقُرْعَةٌ كَانَ أَوْلَى، فَإِنْ صَلُّوا عَلَى كُلٍّ وَحْدَهُ، وَالْإِمَامُ وَاحِدٌ قُدِّمَ مَنْ يَخَافُ فَسَادَهُ ثُمَّ الْأَفْضَلُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: هَذَا إنْ تَرَاضَوْا وَإِلَّا أَقْرَعَ بَيْنَ الْفَاضِلِ وَغَيْرِهِ، وَاسْتَشْكَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ بِالتَّقْرِيبِ لِلْإِمَامِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ أَخَفُّ مِنْ التَّقْدِيمِ فِي الصَّلَاةِ

(وَ) إنْ حَضَرَتْ الْجَنَائِزُ مُرَتَّبَةً (لَا يُنَحِّي) أَحَدٌ (الْأَسْبَقَا) مِنْهَا وَإِنْ كَانَ مَفْضُولًا (سِوَى النَّسَا فَنُحِّيَتْ لِلرَّجُلِ قُلْتُ وَلِلصَّبِيِّ، أَوْ لِلْمُشْكِلِ) وَنُحِّيَ الْمُشْكِلُ لِلذَّكَرِ وَذَلِكَ لِئَلَّا تَتَقَدَّمَ أُنْثَى عَلَى ذَكَرٍ وَلَوْ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَقَرِّبْ أَنْتَ) أَيْ: وَالشَّرْطُ أَنْ لَا يَزِيدَ مَا بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَثِمِائَةِ ذِرَاعٍ وَلَوْ تَرَاضَتْ شَيْئًا فَشَيْئًا، فَيُحْتَمَلُ أَيْضًا اشْتِرَاطُ أَنْ لَا يَبْعُدَ الْأَخِيرُ أَزْيَدَ مِنْ الْمَسَافَةِ الْمَذْكُورَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ كَمَا فِي الصَّلَاةِ. (فَائِدَةٌ) قَالَ الْعِرَاقِيُّ وَيَكُونُونَ عَلَى يَمِينِهِ. اهـ. أَقُولُ: وَهُوَ خِلَافُ مَا عَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ فَلْيُتَفَطَّنْ لَهُ بِرّ. (قَوْلُهُ: فَالْمَرْأَةُ بَعْدَ الْخُنْثَى) قَالَ الشَّارِحُ: وَيَقِفُ فِي مُحَاذَاةِ الْجَمِيعِ وَالْأَوْلَى جَعْلُهَا عَنْ يَمِينِهِ. اهـ. وَقَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى إلَخْ مَمْنُوعٌ م ر. (قَوْلُهُ: نَاقِصٌ عَلَى كَامِلٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَيُحَاذِي بِرَأْسِ الرَّجُلِ عَجِيزَةَ الْمَرْأَةِ. (قَوْلُهُ: فِي الْكِفَايَةِ بِالتَّقْرِيبِ) حَيْثُ قَرَّبَ لَهُ الْفَاضِلُ بِلَا قُرْعَةٍ.

ــ

[حاشية الشربيني]

وَلَّاهُ، وَإِلَّا قُدِّمَ إمَامُ الْمَسْجِدِ قَالَ: وَكَذَا يُقَالُ عَلَى الْجَدِيدِ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ: وَانْفِرَادٌ إلَخْ) هَذَا عُلِمَ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْجَوَازِ. (قَوْلُهُ: إنْ خِيفَ إلَخْ) فَإِنْ ظُنَّ وَجَبَ. اهـ. م ر وع ش

(قَوْلُهُ: فَالْمَرْأَةُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَيُحَاذَى بِرَأْسِ الرَّجُلِ عَجِيزَةُ الْمَرْأَةِ. اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى. (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ إلَخْ) هَذَا كَلَامُ الْأَصْحَابِ وَعُلِّلَ بِأَنَّ جِهَةَ الْيَمِينِ أَشْرَفُ وَقَضِيَّةُ هَذِهِ الْعِلَّةِ أَنْ يَكُونَ الْأَفْضَلُ فِي الرَّجُلِ الذَّكَرِ جَعْلَهُ عَلَى يَمِينِ الْمُصَلِّي فَيَقِفُ عِنْدَ رَأْسِهِ وَيَكُونُ غَالِبُهُ عَلَى يَمِينِهِ فِي جِهَةِ الْغَرْبِ وَهُوَ خِلَافُ عَمَلِ النَّاسِ نَعَمْ الْمَرْأَةُ وَكَذَا الْخُنْثَى، السُّنَّةُ أَنْ يَقِفَ عِنْدَ عَجِيزَتِهِمَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ رَأْسُهُمَا فِي جِهَةِ الْيَمِينِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِعَمَلِ النَّاسِ وَحِينَئِذٍ يُنْتَجُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى جَعْلِ الْخَنَاثَى صَفًّا عَنْ الْيَمِينِ أَنْ يَكُونَ رِجْلَا الثَّانِي عِنْدَ رَأْسِ الْأَوَّلِ وَهَكَذَا فَيُتَأَمَّلُ. اهـ. عَمِيرَةُ. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَبِهَامِشِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ عَلَى قَوْلِهِ: رَأْسُ كُلٍّ مِنْهُمَا عِنْدَ رِجْلِ الْآخَرِ فَيَكُونَانِ صَفًّا طَوِيلًا عَلَى يَمِينِ الْإِمَامِ. اهـ.

قَالَ النَّاشِرِيُّ: وَلَوْ لَمْ يُحَاذِ الْمُصَلِّي الْمَيِّتَ بِجُزْءٍ مِنْ بَدَنِهِ بِأَنْ وَقَفَ فِي الْعُلُوِّ وَالْمَيِّتُ فِي السُّفْلِ أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ وُضِعَ الْمَيِّتُ فِي تَابُوتٍ وَعَلَيْهِ خَشَبَةٌ مُعْتَرِضَةٌ فَوَقَفَ الْمُصَلِّي عَلَيْهَا بِحَيْثُ صَارَ مُرْتَفِعًا عَنْ الْمَيِّتِ فَهَلْ تَصِحُّ الصَّلَاةُ كَمَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِي الْقَبْرِ مَعَ انْتِفَاءِ الْمُحَاذَاةِ أَمْ لَا تَصِحُّ لِكَوْنِهِ لَمْ يُحَاذِ جُزْءًا مِنْ الْمَيِّتِ وَتُخَالِفُ الْقَبْرَ لِأَنَّهُ مَحَلُّ ضَرُورَةٍ؟ أَتَمُّ الرِّوَايَتَيْنِ الْبُطْلَانُ. اهـ. لَكِنَّ الظَّاهِرَ ضَعْفُ هَذَا كَمَا مَرَّ فِي الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ. اهـ. وَفِي حَاشِيَةِ الْجَمَلِ عَلَى الْمَنْهَجِ مَا نَصُّهُ: التَّقْدِيمُ فِي غَيْرِ الْخَنَاثَى أَنْ يَكُونَ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ إلَى جِهَةِ الْقِبْلَةِ، وَأَمَّا فِي الْخَنَاثَى فَبِأَنْ نَجْعَلَهُمْ صَفًّا طَوِيلًا وَنُقَدِّمَ إلَى يَمِينِ الْإِمَامِ أَسْبَقَهُمْ. اهـ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ الصَّفَّ يَكُونُ عَنْ يَمِينِهِ لَا إلَى جِهَةِ الْقِبْلَةِ فَتَأَمَّلْ، فَاسْتَفَدْنَا مِنْ هَذَا كُلِّهِ أَنَّ الْمَدَارَ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ أَنْ يَكُونَ الْمُصَلِّي مُحَاذِيًا لَهُ وَلَوْ بِجِهَةِ يَمِينِهِ لَا أَنْ يَكُونَ مُسْتَقْبِلًا لَهُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْلُ سم فِي شَرْحِ أَبِي شُجَاعٍ: وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُحَاذِيًا لَهَا كَالْمَأْمُومِ مَعَ الْإِمَامِ، فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ اتَّحَدَتْ نَوْعًا إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ فَإِنْ كَانُوا نَوْعًا وَاحِدًا فَفِي كَيْفِيَّةِ وَضْعِهِمْ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا تُوضَعُ بَيْنَ يَدَيْ الْإِمَامِ فِي جِهَةِ الْقِلَّةِ بَعْضُهَا خَلْفَ بَعْضٍ لِيُحَاذِيَ الْإِمَامُ الْجَمِيعَ، وَالثَّانِي تُوضَعُ صَفًّا وَاحِدًا رَأْسُ كُلِّ إنْسَانٍ عِنْدَ رِجْلِ الْآخَرِ وَيَجْعَلُ الْإِمَامُ جَمِيعَهُمْ عَنْ يَمِينِهِ وَيَقِفُ فِي مُحَاذَاةِ الْآخَرِ. اهـ. وَالثَّانِي هُوَ كَيْفِيَّةُ وَضْعِ الْخَنَاثَى. (قَوْلُهُ: فَقُرِّبَ بِقُرْعَةٍ) أَيْ: مِنْ جِهَةِ الْقِبْلَةِ أَوْ مِنْ جِهَةِ الْيَمِينِ فَشَمِلَ صُورَةَ الْخَنَاثَى وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ عِنْدَ اخْتِلَافِ النَّوْعِ يُقَدَّمُ الرِّجَالُ ثُمَّ الصِّبْيَانُ، ثُمَّ الْخَنَاثَى ثُمَّ النِّسَاءُ مُطْلَقًا فِي الْمَعِيَّةِ وَغَيْرِهَا، وَفِي اتِّحَادِهِ يُقَدَّمُ فِي الْمَعِيَّةِ بِالْفَضْلِ وَغَيْرِهَا بِالسَّبْقِ. اهـ. جَمَلٌ عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا أَقْرَعَ) قَالَ سم فِي حَاشِيَةِ التُّحْفَةِ: هَلَّا قَدَّمَ بِالسَّبْقِ قَبْلَ الْإِقْرَاعِ. اهـ.

الظَّاهِرُ أَنَّهُ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا لَمْ

ص: 108

احْتِمَالًا بِخِلَافِ الصَّبِيِّ لَا يُنَحَّى لِلرَّجُلِ، كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَقِفُ مَعَهُ فِي الصَّفِّ بِخِلَافِ الْأُنْثَى، وَالْمُشْكِلِ، وَالْأَوْلَى بِالْإِمَامَةِ وَلِيُّ السَّابِقَةِ وَإِنْ كَانَتْ أُنْثَى، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَبَقَ أَقْرَعَ، وَلَكَ أَنْ تَقُولَ: لِمَ لَمْ يُقَدِّمُوا بِالصِّفَاتِ قَبْلَ الْإِقْرَاعِ، كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ وَمَنْ لَمْ يَرْضَ بِصَلَاةِ غَيْرِهِ صَلَّى عَلَى مَيِّتِهِ.

(وَرُكْنُهَا) أَيْ: الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ سَبْعَةٌ أَحَدُهَا (النِّيَّةُ) كَغَيْرِهَا، وَالْخَبَرُ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا، وَيُغْنِي مُطْلَقُ الْفَرْضِ عَنْ فَرْضِ الْكِفَايَةِ وَلَا يَجِبُ تَعْيِينُ الْمَيِّتِ وَلَا مَعْرِفَتُهُ، بَلْ لَوْ نَوَى مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ الْإِمَامُ جَازَ وَلَوْ عَيَّنَهُ وَأَخْطَأَ لَمْ يَصِحَّ إلَّا مَعَ الْإِشَارَةِ كَمَا مَرَّ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَلَوْ نَوَى أَحَدُهُمَا غَائِبًا، وَالْآخَرُ حَاضِرًا صَحَّ؛ إذْ تَوَافُقُ النِّيَّاتِ لَيْسَ بِشَرْطٍ، كَمَا مَرَّ ثَمَّةَ.

(وَ) ثَانِيهَا (التَّكْبِيرُ) الْمُتَّصِفُ (بِأَرْبَعٍ) مِنْهَا تَكْبِيرَةُ التَّحَرُّمِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَالْخَمْسُ) مِنْهَا (لَا تَضِيرُ) أَيْ: لَا تَضُرُّ الصَّلَاةَ لِثُبُوتِهَا فِي مُسْلِمٍ؛ وَلِأَنَّهَا لَا تُخِلُّ بِالصَّلَاةِ وَقَضِيَّةُ الْعِلَّةِ، وَكَلَامُ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ الرُّويَانِيُّ أَنَّ الزَّائِدَ عَلَى الْخَمْسِ لَا يَضُرُّ أَيْضًا وَهُوَ كَذَلِكَ لَكِنَّ الْأَرْبَعَ أَوْلَى؛ لِتَقَرُّرِ الْأَمْرِ عَلَيْهَا لَا يُقَالُ: قَضِيَّةُ تَشْبِيهِ التَّكْبِيرَةِ بِرَكْعَةٍ، كَمَا سَيَأْتِي أَنَّ الزَّائِدَ مُطْلَقًا يَضُرُّ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: التَّشْبِيهُ مَحَلُّهُ بِقَرِينَةِ الْمَقَامِ فِي الْمُتَابَعَةِ حِفْظًا لَهَا لِتَأَكُّدِهَا (قُلْتُ وَلَا يُتَابِعُ) الْمَأْمُومُ أَيْ: لَا يُسَنُّ لَهُ أَنْ يُتَابِعَ (الْإِمَامَا فِي زَائِدٍ) عَلَى الْأَرْبَعِ لِعَدَمِ سَنِّهِ لِلْإِمَامِ (وَانْتَظَرَ السَّلَامَا فِيهِ) أَيْ: الزَّائِدِ لِيُسَلِّمَ مَعَهُ لِتَأَكُّدِ الْمُتَابَعَةِ (عَلَى الْأَصَحِّ) فِي عَدَمِ الْمُتَابَعَةِ وَفِي الِانْتِظَارِ وَمُقَابِلُهُ فِي الْأَوَّلِ أَنَّهُ يُتَابِعُهُ؛ لِتَأَكُّدِ الْمُتَابَعَةِ وَفِي الثَّانِي أَنَّهُ لَا يَنْتَظِرُهُ بَلْ يُسَلِّمُ فِي الْحَالِ قَالَ فِي

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: لَمْ لَمْ يُقَدِّمُوا بِالصِّفَاتِ) هَلْ الْمُرَادُ صِفَاتُ الْمَيِّتِ.

(قَوْلُهُ: وَيُغْنِي مُطْلَقُ الْفَرْضِ إلَخْ) يَنْبَغِي كِفَايَةُ نِيَّةِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ وَإِنْ عَرَضَ تَعَيُّنَهَا؛ لِأَنَّهُ عَارِضٌ م ر.

(قَوْلُهُ: بِأَرْبَعٍ) يُمْكِنُ أَنَّ الْمَعْنَى الْمُتَّصِفَ بِأَنَّهُ أَرْبَعٌ. (قَوْلُهُ: وَكَأَنَّهَا لَا تُخِلُّ بِالصَّلَاةِ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ غَايَتَهَا أَنْ تَكُونَ رُكْنًا قَوْلِيًّا وَتَكْرِيرُهُ لَا يَضُرُّ فِي الصَّلَاةِ بِرّ. (قَوْلُهُ: لِتَأَكُّدِهَا)، نَعَمْ لَوْ زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِ عَمْدًا مُعْتَقِدًا لِلْبُطْلَانِ بَطَلَتْ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ شَرْحُ الرَّوْضِ م ر. (قَوْلُهُ: وَلَا يُتَابِعُ الْمَأْمُومَ) شَامِلٌ لِلْمَسْبُوقِ. (قَوْلُهُ: فِيهِ) اُنْظُرْ بِمَ يَتَعَلَّقُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ مُتَعَلِّقٌ بِانْتَظَرَ أَيْ: انْتَظَرَ فِي وَقْتِ فِعْلِ الزَّائِدِ

ــ

[حاشية الشربيني]

يَذْكُرْهُ الشَّارِحُ هُنَا؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِيمَا إذَا حَضَرَتْ دُفْعَةً

(قَوْلُهُ: بِالصِّفَاتِ) فَرَّقَ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا مَرَّ بِأَنَّ التَّقْدِيمَ هُنَا وِلَايَةٌ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ إلَّا الْإِقْرَاعُ بِخِلَافِهِ فِي نَظِيرِهِ الْمَذْكُورِ أَيْ: الْقُرْبِ إلَى الْإِمَامِ فَإِنَّهُ مُجَرَّدُ فَضِيلَةِ الْقُرْبِ إلَى الْإِمَامِ، فَأَثَّرَتْ فِيهِ الصِّفَاتُ الْفَاضِلَةُ وَقَدْ يُشْكِلُ بِتَقْدِيمِ بَعْضِ الْأَوْلِيَاءِ عَلَى بَعْضٍ بِالصِّفَاتِ مَعَ أَنَّهُ وِلَايَةٌ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ مَا هُنَا فِيهِ وِلَايَةٌ عَلَى مَيِّتِ الْغَيْرِ سم عَلَى التُّحْفَةِ وَفَرَّقَ أَيْضًا بِأَنَّ التَّقْدِيمَ هُنَا يُفَوِّتُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ حَقَّهُ مِنْ الْإِمَامَةِ بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِهِ ثُمَّ فَإِنَّهُ لَا يُفَوِّتُ حَقَّ الْبَاقِينَ مِنْ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهَا عَلَى الْكُلِّ وَإِنَّمَا فَوَّتَ عَلَيْهِ الْقُرْبَ مِنْ الْإِمَامِ فَقَطْ فَسُومِحَ بِهِ هُنَا الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ صِفَاتُ الْمَيِّتِ بِدَلِيلِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي طُلِبَ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَهَا تَدَبَّرْ، وَحَرِّرْ

(قَوْلُهُ: النِّيَّةُ) أَيْ: نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ وَلَوْ مِنْ صَبِيٍّ وَلَوْ جَرَيْنَا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ فِي الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُ هُنَا تُسْقِطُ الْفَرْضَ عَنْ الْمُكَلَّفِينَ وَفِي ق ل وَلَوْ كَانَ الْمُصَلِّي صَبِيًّا مَعَ الرِّجَالِ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُ تُسْقِطُ الْفَرْضَ عَنْ الْمُكَلَّفِينَ فِي الْجُمْلَةِ. اهـ. وَفِي الشَّرْقَاوِيِّ عَلَى التَّحْرِيرِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الصَّبِيِّ هُنَا أَيْضًا نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ، فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: وَيُغْنِي إلَخْ) كَمَا لَا تَجِبُ نِيَّةُ فَرْضِ الْعَيْنِ فِي الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ تَعْيِينُ الْمَيِّتِ) أَيْ: الْحَاضِرِ، أَمَّا الْغَائِبُ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهِ اتِّفَاقًا؛ لِعَدَمِ قَرِينَةِ الْحُضُورِ فِيهِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَفِي شَرْحِ م ر وَالرَّشِيدِيُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْغَائِبَ فِيهِ تَفْصِيلٌ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ مَخْصُوصًا بِأَنْ صَلَّى عَلَى غَائِبٍ بِخُصُوصِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهِ بِقَلْبِهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَخْصُوصٍ بِأَنْ صَلَّى عَلَى مَنْ مَاتَ وَغُسِّلَ وَكُفِّنَ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ فَتَصِحُّ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ. اهـ.

وَاعْتَمَدَ فِي التُّحْفَةِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْغَائِبِ وَالْحَاضِرِ فِي عَدَمِ وُجُوبِ التَّعْيِينِ وَذَكَرَ فِي الْإِمْدَادِ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْخُلْفَ لَفْظِيٌّ؛ لِأَنَّهُ إنْ نَوَى الصَّلَاةَ عَلَى مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ الْإِمَامُ كَفَى عَنْ التَّعْيِينِ عِنْدَهُمَا وَإِنْ صَلَّى عَلَى بَعْضٍ جَمْعٌ لَا يَصِحُّ إلَّا بِالتَّعْيِينِ عِنْدَهُمَا وَإِنْ صَلَّى عَلَى مَنْ مَاتَ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ جَازَ عِنْدَهُمَا فَآلَ الْأَمْرُ إلَى أَنَّهُ لَا خُلْفَ بَيْنَهُمَا. اهـ. وَفِيهِ أَنَّهُ بَقِيَ مَا إذَا صَلَّى عَلَى غَائِبٍ بِخُصُوصِهِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهِ بِقَلْبِهِ بِأَنْ يَحْضُرَ الشَّخْصُ فِي ذِهْنِهِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ م ر وَالرَّشِيدِيِّ بِخِلَافِ مَا إذَا صَلَّى عَلَى حَاضِرٍ بِخُصُوصِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَيَّنَهُ إلَخْ) أَيْ: عَيَّنَهُ بِاسْمِهِ وَلَمْ يُشِرْ إلَيْهِ أَيْ: إشَارَةً قَلْبِيَّةً قَالَ سم: وَانْظُرْ كَيْفَ يُعْقَلُ تَعْيِينُ الْمَيِّتِ بِاسْمِهِ وَقَصْدَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ بَعْدَ حُضُورِهِ مِنْ غَيْرِ مُلَاحَظَةِ الشَّخْصِ الْحَاضِرِ الَّذِي هُوَ مَعْنَى الْإِشَارَةِ الْقَلْبِيَّةِ. اهـ. أَقُولُ: لَا اسْتِحَالَةَ فِي ذَلِكَ فَإِنْ قَصَدَ الصَّلَاةَ عَلَى الْمُسَمَّى بِزَيْدٍ مَثَلًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُلَاحِظَ بِقَلْبِهِ الشَّخْصَ الْحَاضِرَ قَرِيبٌ. اهـ. جَمَلٌ عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: إلَّا مَعَ الْإِشَارَةِ إلَيْهِ) أَيْ: بِقَلْبِهِ بِأَنْ يُلَاحِظَ بِقَلْبِهِ خُصُوصَ الشَّخْصِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ اسْمِهِ وَنَسَبِهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ إشَارَةٌ حِسِّيَّةٌ. اهـ. شَوْبَرِيُّ عَلَى التَّحْرِيرِ

ص: 109

الْمَجْمُوعِ: كَمَا لَوْ قَامَ إلَى خَامِسَةٍ قَالَ، وَالْفَرْقُ عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهُ يَجِبُ مُتَابَعَتُهُ فِي الْأَفْعَالِ وَلَا يُمْكِنُ فِي الْخَامِسَةِ، وَالْأَذْكَارُ الَّتِي لَا تُحْسَبُ لِلْمَأْمُومِ لَا يَلْزَمُهُ الْمُتَابَعَةُ فِيهَا وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ انْتِظَارُهُ إذَا قَامَ إلَى خَامِسَةٍ تَقَدَّمَ عَنْهُ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ خِلَافُهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ الْمُفْتَى بِهِ، ثُمَّ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ إنَّمَا هُوَ فِي الْأَوْلَوِيَّةِ لَا فِي الْجَوَازِ، كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْوَسِيطِ وَغَيْرِهِ وَلِهَذَا خُيِّرَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ فَقَالَ: وَلَوْ خَمَّسَ إمَامُهُ لَمْ يُتَابِعُهُ فِي الْأَصَحِّ، بَلْ يُسَلِّمُ أَوْ يَنْتَظِرُهُ لِيُسَلِّمَ مَعَهُ.

(وَ) ثَالِثُهَا (السَّلَامُ عَلَيْكُمْ) كَغَيْرِهَا وَزَادَ قَوْلُهُ (بِمِيمِهِ التَّمَامُ) أَيْ: تَمَامُ السَّلَامِ دَفْعًا لِإِرَادَةِ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يُجْزِئُ هُنَا السَّلَامُ عَلَيْكَ.

(وَ) رَابِعُهَا (سُورَةُ الْحَمْدِ) لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَرَأَ بِهَا فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَقَالَ: لِتَعْلَمُوا أَنَّهَا سُنَّةٌ وَلِعُمُومِ خَبَرِ «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» (عَقِيبَ) التَّكْبِيرَةِ (الْأَوَّلَهْ) لِخَبَرِ النَّسَائِيّ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: «السُّنَّةُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ أَنْ يَقْرَأَ فِي التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى بِأُمِّ الْقُرْآنِ مُخَافَتَةً، ثُمَّ يُكَبِّرُ ثَلَاثًا وَالتَّسْلِيمُ عِنْدَ الْآخِرَةِ» (قُلْتُ وَلَيْسَتْ) سُورَةُ الْحَمْدِ (بَعْدَ غَيْرٍ) أَيْ: غَيْرِ الْأُولَى (مُبْطِلَهْ) لِلصَّلَاةِ أَيْ: فَتُجْزِئُ فِي غَيْرِ الْأُولَى كَذَا فِي الْمِنْهَاجِ، وَالْمَجْمُوعِ وَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ فِي التِّبْيَانِ أَنَّهَا تَجِبُ فِي الْأُولَى وَبِهِ صَرَّحَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَالْقَاضِي وَالْإِمَامُ وَالْفُورَانِيُّ وَالرُّويَانِيُّ فِي الْحِلْيَةِ وَالْمُتَوَلِّي وَالْخُوَارِزْمِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَهُوَ ظَاهِرُ نَصَّيْنِ فِي الْأُمِّ نَقَلَهُمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَقَوْلُهُ: فِيهِ تَبَعًا لِجَمَاعَةٍ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمَا الْأَوْلَوِيَّةُ؛ لِيَجْمَعَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ فِي الْأُمِّ: وَأُحِبُّ إذَا كَبَّرَ عَلَى الْجِنَازَةِ أَنْ يَقْرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى إنَّمَا يَلْزَمُ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي قَوْلِهِ فِي الْأُمِّ: وَأُحِبُّ إلَى آخِرِهِ سُنَّةٌ وَهُوَ مَمْنُوعٌ إذْ تَتِمَّتُهُ ثُمَّ يُكَبِّرُ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَيَسْتَغْفِرُ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ يَخْلُصُ الدُّعَاءَ لِلْمَيِّتِ " فَأُحِبُّ " مُتَعَلِّقٌ بِمَجْمُوعِ ذَلِكَ الَّذِي مِنْهُ الِاسْتِغْفَارُ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَالْمُؤْمِنَاتِ وَهُوَ مَسْنُونٌ وَمِنْ هَذَا فِيمَا أَظُنُّ نَقَلَ

ــ

[حاشية العبادي]

السَّلَامَ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ إنَّمَا هُوَ فِي الْأَوْلَوِيَّةِ) أَقُولُ: هَذَا لَا يَلْتَئِمُ مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ إلَخْ إذْ كَيْفَ يَكُونُ الْخِلَافُ فِي الْأَوْلَوِيَّةِ، ثُمَّ يَجْعَلُ قَضِيَّةَ كَلَامِ النَّوَوِيِّ عَدَمَ جَوَازِ الِانْتِظَارِ إذَا قَامَ إلَى خَامِسَةٍ بِرّ.

(قَوْلُهُ: وَلِهَذَا خُيِّرَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: تَخْيِيرُ الْمِنْهَاجِ بَيْنَ السَّلَامِ وَالِانْتِظَارِ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْخِلَافَ الِانْتِظَارُ فِي الْأَوْلَوِيَّةِ، أَمَّا خِلَافُ الْمُتَابَعَةِ فَلَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ فِيهَا أَيْضًا إذْ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ امْتِنَاعِ الْمُتَابَعَةِ وَالتَّخْيِيرِ بَيْنَ السَّلَامِ وَالِانْتِظَارِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ قِيَامِ الْإِمَامِ لِرَكْعَةٍ خَامِسَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ فَإِنَّهُ تَمْتَنِعُ الْمُتَابَعَةُ وَيَجُوزُ السَّلَامُ وَالِانْتِظَارُ سم. (قَوْلُهُ: بَلْ يُسَلِّمُ) أَيْ: بِنِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ، وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ سَلَامٌ فِي أَثْنَاءِ الْقُدْوَةِ فَيَبْطُلُ كَالسَّلَامِ قَبْلَ تَمَامُ الصَّلَاةِ م ر

(قَوْلُهُ: وَثَالِثُهَا السَّلَامُ) قَدَّمَهُ عَلَى مَا بَعْدَهُ لِقِلَّةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ: وَسُورَةُ الْحَمْدِ) . (فَرْعٌ) لَوْ فَرَغَ الْمَأْمُومُ مِنْ الْفَاتِحَةِ بَعْدَ الْأُولَى قَبْلَ تَكْبِيرِ الْإِمَامِ مَا بَعْدَهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَشْتَغِلَ بِالدُّعَاءِ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَلَا يَنْبَغِي تَكْرِيرُ الْفَاتِحَةِ وَلَا قِرَاءَةُ غَيْرِهَا مِنْ الْقُرْآنِ وَلَوْ فَرَغَ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ قَبْلَ تَكْبِيرِ الْإِمَامِ مَا بَعْدَهَا يَنْبَغِي اشْتِغَالُهُ بِالدُّعَاءِ، وَكَذَا تَكْرِيرُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ؛ لِأَنَّهَا وَسِيلَةٌ لِقَبُولِ الدُّعَاءِ الَّذِي هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وِفَاقًا لمر. (قَوْلُهُ: قُلْتُ: وَلَيْسَتْ إلَخْ) إذَا قَرَأَ الْفَاتِحَةَ بَعْدَ غَيْرِ الْأُولَى يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَفْضَلُ تَقْدِيمَهَا عَلَى ذِكْرِ تِلْكَ التَّكْبِيرَةِ؛ لِأَنَّهَا فِي الْأَصْلِ مَطْلُوبَةُ التَّقْدِيمِ وَلَا يُقَالُ: إنَّ غَيْرَ الْأُولَى لَيْسَ مَحَلًّا لَهَا؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ بَلْ هُوَ مَحَلٌّ لَهَا أَيْضًا، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ فِيهِ لَكِنَّهُ لَيْسَ مَحَلًّا أَصْلِيًّا وَلَوْ أَرَادَ تَأْخِيرَ الْفَاتِحَةِ لِلثَّانِيَةِ مَثَلًا لَمْ يَجِبْ الْفَصْلُ بَيْنَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ لَا بِذِكْرٍ وَلَا سُكُوتٍ بَلْ لَهُ مُوَالَاتُهُمَا كَمَا هُوَ كَالصَّرِيحِ مِنْ كَلَامِهِمْ خِلَافًا لِمَا تَوَهَّمَ. (فَرْعٌ) لَوْ أَخَّرَ الْفَاتِحَةَ عَنْ الْأُولَى وَلَمْ يَأْتِ بِهَا إلَّا بَعْدَ زِيَادَتِهِ عَلَى الْأَرْبَعِ فَالْوَجْهُ الْإِجْزَاءُ م ر؛ لِأَنَّ غَايَةَ الْأَمْرِ أَنَّهُ فَصَلَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ التَّكْبِيرَاتِ الْأَرْكَانِ بِذِكْرٍ آخَرَ وَذَلِكَ لَا يَضُرُّ وَلَا يَمْنَعُ كَوْنَهَا وَاقِعَةً بَعْدَ بَعْضِ التَّكْبِيرَاتِ الْأَرْكَانِ فَتَأَمَّلْ.

ــ

[حاشية الشربيني]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 110

الرُّويَانِيُّ عَنْ النَّصِّ أَنَّهَا تُجْزِئُ بَعْدَ الثَّانِيَةِ وَلَمْ يَنْقُلُهُ عَنْ نَصٍّ صَرِيحٍ، كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ فَالْفَتْوَى عَلَى مَا فِي التِّبْيَانِ وِفَاقًا لِلنَّصَّيْنِ، وَالْجُمْهُورِ وَلِخَبَرِ أَبِي أُمَامَةَ السَّابِقِ، وَالْمُدْرَكُ هُنَا الِاتِّبَاعُ وَلَا خَفَاءَ أَنَّ تَعَيُّنَهَا فِي الْأُولَى أَوْلَى مِنْ تَعَيُّنِ الدُّعَاءِ فِي الثَّالِثَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَظَاهِرُ نُصُوصِ الشَّافِعِيِّ، وَالْأَكْثَرِينَ تَعَيُّنُهَا فِي الْأُولَى وَهُوَ الْمُخْتَارُ، نَعَمْ لَوْ نَسِيَهَا فِيهَا فَهَلْ يَكْفِي تَدَارُكُهَا فِي الثَّانِيَةِ، أَوْ تَلْغُو الثَّانِيَةُ فَيَقْرَؤُهَا، ثُمَّ يُكَبِّرُ عَنْ الثَّانِيَةِ فِيهِ نَظَرٌ اهـ، وَالْقِيَاسُ الثَّانِي.

(وَ) خَامِسُهَا (أَنْ يُصَلِّيَ فِي عَقِيبِ) التَّكْبِيرَةِ (الثَّانِيَهْ عَلَى الرَّسُولِ) صلى الله عليه وسلم لِخَبَرِ «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً إلَّا بِطُهُورٍ وَالصَّلَاةِ عَلَيَّ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ وَضَعَّفُوهُ، لَكِنْ لَهُ مَا يُعَضِّدُهُ وَأَقَلُّهَا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَقَدَّمْت فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ أَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يُقَالُ: الرَّسُولِ، بَلْ يُقَالُ: رَسُولُ اللَّهِ، أَوْ نَبِيُّ اللَّهِ

(وَ) سَادِسُهَا (عَقِيبَ التَّالِيَهْ) لِلثَّانِيَةِ أَيْ: عَقِبَ الثَّالِثَةِ (دُعَاؤُهُ لِلْمَيْتِ) بِالْخُصُوصِ بِمَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الدُّعَاءِ نَحْوُ: اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ أَوْ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد، وَالْبَيْهَقِيِّ وَابْنِ حِبَّانَ «إذَا صَلَّيْتُمْ عَلَى الْمَيِّتِ فَأَخْلِصُوا لَهُ الدُّعَاءَ» فَلَا يَكْفِي الدُّعَاءُ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَالْمُؤْمِنَاتِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَالدُّعَاءُ وَاجِبٌ فِي الثَّالِثَةِ بِلَا خِلَافٍ وَلَيْسَ لِتَخْصِيصِهِ بِهَا دَلِيلٌ وَاضِحٌ وَلَا يَجِبُ عَقِبَ الرَّابِعَةِ ذِكْرٌ

(وَ) سَابِعُهَا وَهُوَ (الْخِتَامُ) أَيْ: خَاتِمَةُ أَرْكَانِهَا (فِي حَقِّ غَيْرِ الْعَاجِزِ) عَنْ الْقِيَامِ (الْقِيَامُ) فِيهَا كَغَيْرِهَا أَمَّا الْعَاجِزُ عَنْهُ فَيَأْتِي بِبَدَلِهِ، كَمَا مَرَّ فِي غَيْرِهَا

(وَيُسْتَحَبُّ رَفْعُهُ الْيَدَيْنِ فِي تَكْبِيرَةٍ كُلًّا) أَيْ: فِي التَّكْبِيرَاتِ كُلِّهَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَفْعَلُهُ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ وَيَضَعُهُمَا بَيْنَ التَّكْبِيرَاتِ تَحْتَ صَدْرِهِ، كَمَا فِي غَيْرِهَا (وَ) يُسْتَحَبُّ (أَنْ يَقْرَأْ) بِالْجَزْمِ بِأَنْ فِي لُغَةٍ (خَفِيْ) بِالْوَقْفِ بِلُغَةِ رَبِيعَةَ أَيْ: سِرًّا (وَلَوْ بِلَيْلٍ) لِخَبَرِ أَبِي أُمَامَةَ السَّابِقِ وَكَثَالِثَةِ الْمَغْرِبِ بِجَامِعِ عَدَمِ مَشْرُوعِيَّةِ السُّورَةِ وَيُسِرُّ بِالدُّعَاءِ بِلَا خِلَافٍ وَأَمَّا التَّكْبِيرَاتُ وَالسَّلَامُ فَيَجْهَرُ بِهَا (وَمِنْ الشَّيْطَانِ عَاذَ) أَيْ: اسْتَعَاذَ بِاَللَّهِ نَدْبًا قَبْلَ الْقِرَاءَةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ سُنَنِهَا كَالتَّأْمِينِ وَلَا تَطْوِيلَ فِيهِ بِخِلَافِ الِافْتِتَاحِ.

(وَيَدْعُو) نَدْبًا (لِأُولِي الْإِيمَانِ) بَعْدَ الثَّالِثَةِ مَعَ الدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ وَبَعْدَ الثَّانِيَةِ عَقِبَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَيَحْمَدُ اللَّهَ قَبْلَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ لِيَكُونَ أَقْرَبَ إلَى الْإِجَابَةِ، كَمَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ، ثُمَّ قَالَ: وَلَا يُشْتَرَطُ تَرْتِيبُ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ لَكِنَّهُ أَوْلَى وَيُنْدَبُ إكْثَارُ الدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ فِي الثَّالِثَةِ فَيَقُولُ: «اللَّهُمَّ هَذَا عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدَيْكَ خَرَجَ مِنْ رَوْحِ الدُّنْيَا وَسَعَتِهَا وَمَحْبُوبِهِ وَأَحِبَّائِهِ فِيهَا إلَى ظُلْمَةِ الْقَبْرِ وَمَا هُوَ لَاقِيهِ كَانَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ اللَّهُمَّ إنَّهُ نَزَلَ بِك وَأَنْتَ خَيْرُ مَنْزُولٍ بِهِ، وَأَصْبَحَ فَقِيرًا إلَى رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ غَنِيٌّ عَنْ عَذَابِهِ، وَقَدْ جِئْنَاكَ رَاغِبِينَ إلَيْك شُفَعَاءَ لَهُ، اللَّهُمَّ إنْ كَانَ مُحْسِنًا فَزِدْ فِي إحْسَانِهِ وَإِنْ كَانَ مُسِيئًا فَتَجَاوَزْ عَنْهُ وَلَقِّهِ بِرَحْمَتِكَ رِضَاكَ وَقِه فِتْنَةَ الْقَبْرِ وَعَذَابَهُ وَافْسَحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ وَجَافِ الْأَرْضَ عَنْ جَنْبَيْهِ وَلَقِّهِ بِرَحْمَتِك الْأَمْنَ مِنْ عَذَابِكَ حَتَّى تَبْعَثَهُ إلَى جَنَّتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ» وَهَذَا الدُّعَاءُ الْتَقَطَهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ مَجْمُوعِ أَحَادِيثَ وَفِي الْمَرْأَةِ يَقُولُ: هَذِهِ أَمَتُكَ وَبِنْتُ عَبْدَيْكَ وَيُؤَنِّثُ الضَّمَائِرَ وَيَجُوزُ تَذْكِيرُهَا بِقَصْدِ الشَّخْصِ وَفِي مُسْلِمٍ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى جِنَازَةٍ فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ وَاغْسِلْهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّهِ مِنْ الْخَطَايَا، كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الْأَبْيَضَ مِنْ الدَّنَسِ وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ وَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ وَأَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَفِتْنَتِهِ وَمِنْ عَذَابِ النَّارِ» وَهَذَا أَصَحُّ دُعَاءِ الْجِنَازَةِ، كَمَا فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْحُفَّاظِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى أَوْلَى) لِتَعَرُّضِ الْأَدِلَّةِ لِكَوْنِهَا فِي الْأُولَى وَعَدَمِ تَعَرُّضِهَا لِمَحَلِّ الدُّعَاءِ

(قَوْلُهُ: وَأَنْ يُصَلِّي فِي عَقِبِ الثَّانِيَةِ عَلَى الرَّسُولِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَقْتَصِرُ عَلَى الصَّلَاةِ فَلَا يَضُمُّ إلَيْهَا السَّلَامَ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ الْوَارِدُ وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ بِنَاؤُهَا عَلَى التَّخْفِيفِ بَلْ قَدْ يَقْضِي ذَلِكَ أَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى الصَّلَاةُ أَفْضَلُ م ر. (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ " لَا يَقْبَلُ اللَّهُ إلَخْ) حُجَّةٌ لِأَصْلِ الصَّلَاةِ دُونَ مَحَلِّهَا، وَأَمَّا حُجَّةُ الْمَحَلِّ فَفِعْلُ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ

(قَوْلُهُ: دَلِيلٌ وَاضِحٌ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ لَهُ دَلِيلٌ وَاضِحٌ كَمَا بَيَّنَّا بِهَامِشِ شَرْحِ الْمِنْهَاجِ

(قَوْلُهُ: كَانَ يَفْعَلُهُ) وَمِثْلُهُ لَا يَكُونُ إلَّا عَنْ تَوْقِيفٍ. (قَوْلُهُ: فَيَجْهَرُ بِهَا) أَيْ: الْإِمَامُ أَوْ الْمُبَلِّغُ لَا غَيْرُهُمَا نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الصَّلَاةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ حَجَرٌ.

. (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ تَذْكِيرُهَا إلَخْ) وَيَنْبَغِي جَوَازُ التَّأْنِيثِ إذَا كَانَ الْمَيِّتُ ذَكَرًا بِقَصْدِ نَحْوِ التَّسْمِيَةِ. (قَوْلُهُ: وَزَوْجًا إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ أُنْثَى بِرّ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ طِفْلًا قَالَ: اللَّهُمَّ إلَخْ) هَذَا صَرِيحٌ فِي

ــ

[حاشية الشربيني]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 111

وَفِي التِّرْمِذِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى جِنَازَةٍ فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِيمَانِ» وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحَيْنِ وَفِي الْبَابِ أَخْبَارٌ أُخَرُ وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ طِفْلًا قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا إلَى آخِرِهِ، ثُمَّ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ فَرَطًا لِأَبَوَيْهِ وَسَلَفًا وَذُخْرًا وَعِظَةً وَاعْتِبَارًا وَشَفِيعًا وَثَقِّلْ بِهِ مَوَازِينَهُمَا وَأَفْرِغْ الصَّبْرَ عَلَى قُلُوبِهِمَا، وَلَا تَفْتِنْهُمَا بَعْدَهُ وَلَا تَحْرِمْهُمَا أَجْرَهُ وَيَقُولُ فِي الرَّابِعَةِ: اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَيُسَنُّ تَطْوِيلُ الدُّعَاءِ فِي الرَّابِعَةِ لِثُبُوتِهِ فِي الْخَبَرِ.

(وَكَبَّرَ الْمَسْبُوقُ حَيْثُ أَدْرَكَا) أَيْ: وَلَا يَنْتَظِرُ التَّكْبِيرَةَ الْمُسْتَقْبَلَةَ لِخَبَرِ «مَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا» وَكَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ، ثُمَّ يَشْتَغِلُ بِالْقِرَاءَةِ وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ فِي غَيْرِ الْأُولَى، فَإِنْ كَبَّرَ الْإِمَامُ عَقِبَ تَكْبِيرَةٍ كَبَّرَ مَعَهُ وَسَقَطَتْ عَنْهُ الْقِرَاءَةُ، كَمَا لَوْ رَكَعَ، أَوْ فِي أَثْنَاءِ قِرَاءَتِهِ قَطَعَهَا وَتَابَعَ، كَمَا قَالَ (وَلَا يُتِمُّ الْحَمْدَ لَكِنْ تَرَكَا) أَيْ: بَلْ يَتْرُكُ إتْمَامَهَا (إنْ كَبَّرَ الْإِمَامُ) قَبْلَ إتْمَامِهَا، كَمَا لَوْ رَكَعَ فِي أَثْنَائِهَا (وَلْيَتْبَعْهُ فِي ذَاكَ) أَيْ: فِي تَكْبِيرِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ

ــ

[حاشية العبادي]

الِاكْتِفَاءِ بِذَلِكَ وَأَنَّهُ دُعَاءٌ لَهُ بِخُصُوصِهِ، وَإِلَّا لَمْ يَكْفِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْأَوَّلَ لَا يَخُصُّهُ فَتَعَيَّنَ أَنَّ الَّذِي يَخُصُّهُ هُوَ الثَّانِي وَحِينَئِذٍ فَقَضِيَّةُ ذَلِكَ الِاكْتِفَاءُ فِي الْكَبِيرِ بِنَظِيرِ الثَّانِي نَحْوُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ شَفِيعًا لِأَهْلِهِ أَوْ فَرَطًا لَهُمْ وَلَا يَخْلُو عَنْ بَعْدٍ، وَقَدْ يَخُصُّ الِاكْتِفَاءَ بِذَلِكَ وَنَحْوَهُ بِالصَّغِيرِ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ أَمْرَهُ أَخَفُّ؛ لِأَنَّهُ مَغْفُورٌ لَهُ فَسُومِحَ فِيهِ فَلْيُرَاجَعْ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ إنْ كَانَ الْمَيِّتُ صَغِيرًا اقْتَصَرَ عَلَى هَذَا أَيْ: قَوْلُهُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا إلَخْ وَزَادَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ فَرَطًا لِأَبَوَيْهِ إلَخْ وَقَوْلُهُ: وَزَادَ قَالَ فِي شَرْحِهِ: نَدْبًا. اهـ. وَهُوَ يَقْتَضِي جَوَازَ الِاقْتِصَارِ فِيهِ عَلَى قَوْلِهِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا إلَخْ وَهُوَ مَحَلُّ نَظَرٍ إذْ لَا دُعَاءَ فِيهِ لِلْمَيِّتِ بِالْخُصُوصِ وَلَا هُوَ فِي مَعْنَى الدُّعَاءِ لَهُ بِالْخُصُوصِ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ تَطْوِيلُ إلَخْ) وَحَدُّ هَذَا التَّطْوِيلِ أَنْ يَكُونَ كَمَا بَيْنَ التَّكْبِيرَاتِ ش م ر.

(قَوْلُهُ: وَسَقَطَتْ عَنْهُ الْقِرَاءَةُ) وَعَلَى عَدَمِ التَّعَيُّنِ أَيْضًا لَوْ تَرَكَهَا الْإِمَامُ فَهَلْ نَقُولُ: إذَا كَبَّرَ الْإِمَامُ سَقَطَتْ قِرَاءَتُهَا عَنْ الْمَأْمُومِ أَوْ لَا لِبَقَاءِ مَحَلِّهَا قَالَ الْجَوْجَرِيُّ: أَيْضًا يَتَعَيَّنُ أَنْ يَفْصِلَ فِي الْمَأْمُومِ فَإِنْ كَانَ يَرَاهَا بَعْدَ الْأُولَى أَوْ قَصَدَ أَنْ يَقْرَأَهَا بَعْدَهَا فَكَبَّرَ الْإِمَامُ سَقَطَتْ، وَإِلَّا قَرَأَهَا، كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَأَقُولُ: قَوْلُهُ: أَوْ قَصَدَ إلَخْ يَنْبَغِي وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ صَرْفَهَا عَنْ الْأُولَى هَذَا كُلُّهُ ظَاهِرٌ فِيمَنْ لَمْ يُحْرِمْ عَقِبَ إحْرَامِ الْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ فَاصِلٍ، أَمَّا هُوَ فَفِي سُقُوطِهَا عَنْهُ إذَا تَرَكَهَا الْإِمَامُ عَقِبَ الْأُولَى وَكَبَّرَ الثَّانِيَةَ فَوْرًا نَظَرٌ؛ لِأَنَّ هَذَا مُوَافِقٌ فَكَيْفَ تَسْقُطُ عَنْهُ فَلْيُتَأَمَّلْ. سم. (قَوْلُهُ: إنْ كَبَّرَ الْإِمَامُ) . (فَرْعٌ) لَوْ تَرَكَ الْإِمَامُ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ بَعْدَ الْأُولَى قَاصِدًا قِرَاءَتَهَا بَعْدَ غَيْرِهَا، وَكَبَّرَ الثَّانِيَةَ قَبْلَ تَمَكُّنِ الْمَأْمُومِ مِنْ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ أَوْ شَيْءٍ مِنْهَا فَهَلْ تَسْقُطُ الْفَاتِحَةُ أَوْ بَقِيَّتُهَا عَنْ الْمَأْمُومِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ مِنْ مَحَلِّهَا الْأَصْلِيِّ زَمَنًا يَسَعُهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ السُّقُوطُ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمَسْبُوقِ سم.

(قَوْلُهُ: فَلْيَتْبَعْهُ) فَلَوْ لَمْ يَتْبَعْهُ كَانَ مُتَخَلِّفًا بِغَيْرِ عُذْرٍ فَإِنْ اسْتَمَرَّ حَتَّى كَبَّرَ الْإِمَامُ الثَّانِيَةَ بَطَلَتْ ذَكَرَهُ الْجَوْجَرِيُّ عَنْ حِكَايَتِهِ لَهُ فِي الْقُوتِ عَنْ بَعْضِ مُعَاصِرِيهِ بِرّ. (قَوْلُهُ: فِي ذَاكَ) فَلَوْ اقْتَدَى بِهِ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الرَّابِعَةِ فَسَلَّمَ قَبْلَ إتْمَامِهِ الْفَاتِحَةِ، فَهَلْ يَلْزَمُهُ إتْمَامُهَا لِانْتِهَاءِ الْمُتَابَعَةِ وَبَقَاءِ الْوَقْتِ أَوْ يَسْقُطُ عَنْهُ بَاقِيهَا كَمَا لَوْ كَبَّرَ الْإِمَامُ أُخْرَى قَبْلَ إتْمَامِهَا، فِيهِ نَظَرٌ وَالْمُتَّجَهُ الْأَوَّلُ وَنَظِيرُهُ مَا لَوْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ فِي بَاقِي الصَّلَوَاتِ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ الْمَسْبُوقُ الْفَاتِحَةَ وَمِنْ أَبْعَدِ الْبَعِيدِ أَنْ يُقَالَ: يَرْكَعُ وَيَسْقُطُ عَنْهُ بَاقِيهَا ثُمَّ رَأَيْت فِي الْفَوَاتِ فِي شَرْحٍ وَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ تَدَارَكَ الْمَسْبُوقُ إلَخْ مَا نَصُّهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ كَبَّرَ الْمَسْبُوقُ فَسَلَّمَ الْإِمَامُ أَنَّهُ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ

ــ

[حاشية الشربيني]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 112

أَنْ يُتِمَّ الْفَاتِحَةَ فِيمَا تَبِعَهُ فِيهِ، بَلْ يَسْقُطُ عَنْهُ بَاقِيهَا، كَمَا فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَيُمْكِنُ تَضْمِينُ " يُتِمُّ الْحَمْدَ " مَعْنَى يَشْتَغِلُ بِهَا فَيَعُمُّ مَا إذَا قَرَأَ بَعْضَهَا وَمَا إذَا لَمْ يَقْرَأْ مِنْهَا شَيْئًا (نَعَمْ تَبْطُلُ بِالتَّخَلُّفِ إنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ بِتَكْبِيرٍ) أَيْ: تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِتَخَلُّفِهِ عَنْ إمَامِهِ بِتَكْبِيرَةٍ بِلَا عُذْرٍ بِأَنْ لَمْ يُكَبِّرْ حَتَّى كَبَّرَ الْإِمَامُ الْمُسْتَقْبَلَةَ إذْ الِاقْتِدَاءُ هُنَا إنَّمَا يَظْهَرُ فِي التَّكْبِيرَاتِ وَهُوَ تَخَلُّفٌ فَاحِشٌ يُشْبِهُ التَّخَلُّفَ بِرَكْعَةٍ وَفِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ احْتِمَالُ أَنَّهُ كَالتَّخَلُّفِ بِرُكْنٍ حَتَّى لَا تَبْطُلَ إلَّا بِتَخَلُّفِهِ بِتَكْبِيرَتَيْنِ فَقَوْلُ النَّظْمِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَقَطْ) دَفْعٌ لِإِرَادَةِ هَذَا وَتُكَمِّلُهُ فَلَوْ لَمْ يُكَبِّرْ الرَّابِعَةَ حَتَّى سَلَّمَ الْإِمَامُ فَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ الْبُطْلَانُ لَكِنْ تَقْيِيدُ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا بِأَنْ لَمْ يُكَبِّرْ حَتَّى كَبَّرَ إمَامُهُ يُشْعِرُ - كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ - بِعَدَمِهِ قَالَ: وَيَتَأَيَّدُ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ فِيهَا ذِكْرٌ. فَلَيْسَتْ كَالرَّكْعَةِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهَا وَخَرَجَ بِقَوْلِ النَّظْمِ مِنْ زِيَادَتِهِ " إنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ " مَنْ عُذِرَ بِبُطْءِ قِرَاءَةٍ، أَوْ نِسْيَانٍ، أَوْ عَدَمِ سَمَاعِ تَكْبِيرٍ فَلَا تَبْطُلُ بِتَخَلُّفِهِ بِتَكْبِيرَةٍ فَقَطْ، بَلْ بِتَكْبِيرَتَيْنِ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ تَدَارَكَ الْمَسْبُوقُ مَا فَاتَهُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَطْعًا. اهـ. وَهُوَ صَرِيحٌ فِي وُجُوبِ الْإِتْمَامِ فِي صُورَتِنَا كَمَا لَا يَخْفَى.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُتِمَّ إلَخْ) لَوْ شَرَعَ الْمَسْبُوقُ فِي الْقِرَاءَةِ فَهَلْ لَهُ الْإِعْرَاضُ وَالتَّأْخِيرُ؟ فِيهِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ: بَلْ يَسْقُطُ عَنْهُ بَاقِيهَا إلَخْ) قِيلَ: هَذَا إنَّمَا يَأْتِي عَلَى تَعَيُّنِ الْفَاتِحَةِ عَقِبَ الْأُولَى وَقَدْ يُقَالُ: بَلْ يَأْتِي عَلَى أَجْزَائِهَا بَعْدَ غَيْرِ الْأُولَى أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْأُولَى مَحَلُّهَا الْأَصْلِيُّ وَهِيَ مُنْصَرِفَةٌ إلَيْهِ مَا لَمْ يَقْصِدْ تَأْخِيرَهَا عَنْهَا لَسَقَطَتْ عَنْهُ فِيمَا ذُكِرَ نَظَرًا لِذَلِكَ وَلَوْ كَبَّرَ الْإِمَامُ الثَّانِيَةَ عَقِبَ إحْرَامِ الْمَسْبُوقِ بِحَيْثُ لَا يُدْرَكُ قَبْلَ تَكْبِيرِ الْإِمَامِ الثَّانِيَةَ زَمَنًا يَسَعُ شَيْئًا مِنْ الْفَاتِحَةِ سَقَطَتْ عَنْهُ وَإِنْ قَصَدَ عِنْدَ إحْرَامِهِ تَأْخِيرَهَا وَلَا عِبْرَةَ بِهَذَا الْقَصْدِ إذْ لَمْ يُدْرِكْهَا فِي مَحَلِّهَا الْأَصْلِيِّ وَلَوْ أَدْرَكَ الْمَسْبُوقُ زَمَنًا يَسَعُ نِصْفَ الْفَاتِحَةِ فَقَصَدَ تَأْخِيرَهَا إلَى الثَّانِيَةِ مَثَلًا فَهَلْ يَكْفِيهِ قِرَاءَةُ نِصْفِهَا بَعْدَ الثَّانِيَةِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ جَمِيعِهَا لِتَمَكُّنِهِ مِنْهُ، فِيهِ نَظَرٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكْفِيَهُ نِصْفُهَا؛ لِأَنَّهُ الَّذِي أَدْرَكَهُ فِي مَحَلِّهَا الْأَصْلِيِّ فَهُوَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم وَقَوْلُهُ: وَإِنْ قَصَدَ إلَخْ هَذَا قَدْ يُخَالِفُ مَا فِي الْحَاشِيَةِ الْعُلْيَا عَنْ الْجَوْجَرِيِّ وَلَعَلَّ هَذَا أَوْجُهُ.

(قَوْلُهُ: بِالتَّخَلُّفِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ بِتَكْبِيرَةٍ لَمْ تَبْطُلْ وَإِنْ نَزَّلُوهَا مَنْزِلَةَ الرَّكْعَةِ وَلِهَذَا لَا تَبْطُلُ بِزِيَادَةِ خَامِسَةٍ وَأَكْثَرَ كَمَا مَرَّ. اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْبُطْلَانُ بِالتَّقَدُّمِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَفْحَشُ كَمَا قَرَّرُوهُ فِي بَابِ الْجَمَاعَةِ سم. (قَوْلُهُ: كَبَّرَ الْإِمَامُ الْمُسْتَقْبَلَةَ) لَوْ كَانَتْ خَامِسَةً، فَلَا أَثَرَ لَهَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ بِرّ. (قَوْلُهُ: بِعَدَمِهِ) لَكِنْ قَالَ الْبَارِزِيُّ: تَبْطُلُ أَيْضًا وَأَقَرَّهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ نِسْيَانٍ) مَا ذَكَرَهُ فِي النِّسْيَانِ مِنْ الْبُطْلَانِ بِالتَّخَلُّفِ بِتَكْبِيرَتَيْنِ فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ وَالْوَجْهُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ مُطْلَقًا مَا دَامَ نَاسِيًا كَمَا فِي بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ، بَلْ قَدْ يَتَوَقَّفُ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ: أَوْ عَدَمُ سَمَاعِ تَكْبِيرٍ إذَا اسْتَمَرَّ ظَانًّا عَدَمَ تَكْبِيرِ الْإِمَامِ.

(قَوْلُهُ: بَلْ تَكْبِيرَتَيْنِ إلَخْ) اقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ لَوْ اسْتَمَرَّ فِي الْفَاتِحَةِ بِبُطْءِ الْقِرَاءَةِ مَثَلًا حَتَّى شَرَعَ الْإِمَامُ فِي الثَّالِثَةِ بَطَلَتْ. فَالْوَاجِبُ حِينَئِذٍ عَلَيْهِ أَنْ يَقْطَعَ الْفَاتِحَةَ وَيُتَابِعَهُ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الثَّالِثَةِ هَذَا قَضِيَّةُ كَلَامِهِ رحمه الله لَكِنْ وَرَاءَهُ شَيْءٌ آخَرُ يَحْتَاجُ لِلتَّنْبِيهِ عَلَيْهِ، وَهُوَ أَنَّ الْفَاتِحَةَ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ نَقُولَ بِتَعَيُّنِهَا فِي الْأُولَى أَمْ لَا، وَعَلَى كُلٍّ هَلْ نَقُولُ يُتَابِعُهُ وَلَا تُحْسَبُ التَّكْبِيرَةُ ثُمَّ يَسْتَأْنِفُ الْفَاتِحَةَ؛ لِأَنَّ التَّكْبِيرَةَ تَقْطَعُ الْوَلَاءَ أَوْ نَقُولُ: يَبْنِي عَلَى قِرَاءَتِهِ بَعْدَ الثَّالِثَةِ وَلَا تَكُونُ التَّكْبِيرَةُ قَاطِعَةً؟ يُتَأَمَّلُ ذَلِكَ، كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَأَقُولُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْبُطْلَانِ بِالشُّرُوعِ فِي الثَّالِثَةِ وَإِنْ كَانَ هُوَ ظَاهِرَ كَلَامِ الشَّارِحِ فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: الْمُتَّجَهُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ الْبُطْلَانَ بِمُجَرَّدِ شُرُوعِ الْإِمَامِ فِي الثَّالِثَةِ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ إذَا شَرَعَ فِيهَا قَبْلَ إتْمَامِ بَطِيءِ الْقِرَاءَةِ - مَثَلًا - الْفَاتِحَةَ فَإِنْ قَطَعَ مَا هُوَ فِيهِ وَوَافَقَهُ فَذَاكَ وَإِنْ مَشَى عَلَى نَظْمِ صَلَاتِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّخَلُّفَ هُنَا بِتَكْبِيرَتَيْنِ نَظِيرُ التَّخَلُّفِ فِي بَاقِي الصَّلَوَاتِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ مَقْصُودَةٍ، وَمُجَرَّدُ التَّخَلُّفِ بِالْأَكْثَرِ هُنَاكَ لَا يُبْطِلُ وَإِنَّمَا يَحْصُلُ الْبُطْلَانُ هُنَاكَ إذَا مَشَى عَلَى نَظْمِ صَلَاتِهِ بَعْدَ تَحَقُّقِ التَّخَلُّفِ بِالْأَكْثَرِ، فَكَذَا هُنَا يَنْبَغِي عَدَمُ الْبُطْلَانِ بِمُجَرَّدِ التَّخَلُّفِ بِالتَّكْبِيرَتَيْنِ بَلْ لَا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ مِنْ الْمَشْيِ عَلَى نَظْمِ صَلَاتِهِ، فَلْيُتَأَمَّلْ.

بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: قِيَاسُ كَوْنِ الْمُتَخَلِّفِ بِتَكْبِيرَةٍ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ إذَا شَرَعَ الْإِمَامُ فِيمَا بَعْدَهَا أَنَّ التَّخَلُّفَ بِالثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ يَتَوَقَّفُ عَلَى شُرُوعِ الْإِمَامِ فِي الرَّابِعَةِ فَفِي قَوْلِ شَيْخِنَا اقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ لَوْ اسْتَمَرَّ فِي الْفَاتِحَةِ لِبُطْءِ الْقِرَاءَةِ مَثَلًا حَتَّى شَرَعَ الْإِمَامُ فِي الثَّالِثَةِ فِيهِ نَظَرٌ وَقِيَاسُ مَا ذَكَرْنَا أَنْ يَقُولَ: حَتَّى شَرَعَ الْإِمَامُ فِي الرَّابِعَةِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مُرَادَهُ الثَّالِثَةُ بِالنِّسْبَةِ

ــ

[حاشية الشربيني]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 113

وَيُسَنُّ أَنْ لَا تُرْفَعَ الْجِنَازَةُ حَتَّى يُتِمَّ الْمَسْبُوقُونَ مَا عَلَيْهِمْ فَلَوْ رُفِعَتْ لَمْ يَضُرَّ، وَإِنْ حُوِّلَتْ عَنْ الْقِبْلَةِ بِخِلَافِ ابْتِدَاءِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ فِيهِ ذَلِكَ، وَالْجِنَازَةُ حَاضِرَةٌ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يَحْتَمِلُ فِي الِابْتِدَاءِ، ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَيَحْتَمِلُ أَنَّ هَذَا فِي الْمَسْبُوقِ فَقَطْ وَيَحْتَمِلُ عَدَمَ الْفَرْقِ اهـ وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي هُوَ الظَّاهِرُ الَّذِي اقْتَضَاهُ الْفَرْقُ السَّابِقُ.

(وَالْفَرْضُ فِيهَا) أَيْ: صَلَاةِ الْجِنَازَةِ (بِمُمَيِّزٍ سَقَطْ) فَيَكْفِي صَلَاةُ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ مَعَ وُجُودِ الرِّجَالِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِهِمْ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْجَمَاعَةُ كَغَيْرِهَا لَكِنَّهَا تُسَنُّ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ لِمَا مَرَّ فِيهَا وَلِخَبَرِ «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيُصَلِّي عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ صُفُوفٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إلَّا أَوْجَبَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَمَعْنَى " أَوْجَبَ " غَفَرَ لَهُ، كَمَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ كَذَلِكَ أَيْضًا وَإِنَّمَا صَلَّتْ الصَّحَابَةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَفْرَادًا، كَمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: لِعِظَمِ أَمْرِهِ وَتَنَافُسِهِمْ فِي أَنْ لَا يَتَوَلَّى الْإِمَامَةَ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ أَحَدٌ وَقَالَ غَيْرُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَدْ تَعَيَّنَ إمَامٌ يَؤُمُّ الْقَوْمَ فَلَوْ تَقَدَّمَ وَاحِدٌ فِي الصَّلَاةِ لَصَارَ مُقَدَّمًا فِي كُلِّ شَيْءٍ وَتَعَيَّنَ لِلْخِلَافَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ الْعَدَدُ أَيْضًا؛ لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِصَلَاةِ الْوَاحِدِ وَلِأَنَّ الْجَمَاعَةَ

ــ

[حاشية العبادي]

لِلتَّكْبِيرَتَيْنِ الْمُتَخَلِّفُ بِهِمَا وَهِيَ الرَّابِعَةُ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّكْبِيرَةِ الَّتِي قَرَأَ بَعْدَهَا فَلْيُتَأَمَّلْ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: لَكِنْ وَرَاءَهُ شَيْءٌ آخَرُ فَلَا يَخْفَى أَنَّ قِيَاسَ مَا تَقَرَّرَ فِي الصَّلَاةِ مِنْ أَنَّهُ إذَا سُبِقَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ مَقْصُودَةٍ، وَافَقَهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ وَلَغَا مَا تَقَدَّمَ وَتَدَارَكَ بَعْدَ سَلَامٍ أَنَّهُ هُنَا إذَا سُبِقَ بِالتَّكْبِيرَتَيْنِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ وَافَقَ الْإِمَامَ فِيمَا هُوَ فِيهِ، وَلَغَا مَا تَقَدَّمَ وَتَدَارَكَ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ لَكِنْ إذَا وَافَقَهُ فِي الثَّالِثَةُ أَوْ الرَّابِعَةِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ هَلْ يَسْتَأْنِفُ الْفَاتِحَةَ بِنَاءً عَلَى انْقِطَاعِ قِرَاءَتِهِ بِمُوَافَقَةِ الْإِمَامِ فِي التَّكْبِيرِ أَوْ يَبْنِي، فِيهِ نَظَرٌ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَقَدْ يُقَالُ: يَنْبَغِي الْبِنَاءُ لِأَنَّ مُوَافَقَةَ الْإِمَامِ فِي التَّكْبِيرِ كَمُوَافَقَتِهِ فِي التَّأْمِينِ وَكَفَتْحِهِ عَلَيْهِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مَطْلُوبٌ مِنْهُ لِلصَّلَاةِ وَذَلِكَ لَا يَقْطَعُ الْقِرَاءَةَ فَكَذَا هَذَا فَلْيُتَأَمَّلْ،.

وَقَدْ يُقَالُ: هَذَا نَظِيرُ مَا لَوْ قَامَ الْإِمَامُ لِلرَّكْعَةِ الثَّانِيَةُ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ بَطِيء الْقِرَاءَةُ الْمُتَخَلِّفُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى الْفَاتِحَةَ فَإِنْ قُلْنَا: يَبْنِي هُنَاكَ بَعْدَ قِيَامِ الْإِمَامِ فَكَذَا هُنَا إنْ لَمْ يَجْعَلْ التَّكْبِيرَ قَاطِعًا فَلْيُتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَرْفَعَ إلَخْ) وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَوْ أَحْرَمَ عَلَى جِنَازَةٍ يُمْشَى بِهَا وَصَلَّى عَلَيْهَا جَازَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَهُمَا أَكْثَرُ مِنْ ثَلَثِمِائَةِ ذِرَاعٍ كَمَا سَيَأْتِي وَأَنْ يَكُونَ مُحَاذِيًا لَهَا كَالْمَأْمُومِ مَعَ الْإِمَامِ وَلَا يَضُرُّ الْمَشْيُ بِهَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَيُحْتَمَلُ أَنَّ هَذَا إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُشَارَ إلَيْهِ قَوْلُهُ: لَمْ يَضُرَّ وَإِنْ حُوِّلَتْ عَنْ الْقِبْلَةِ. (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ الْفَرْقِ) أَيْ: بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُوَافِقِ.

(قَوْلُهُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: يُشْكِلُ عَلَى الْجَوَابَيْنِ مَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْوَلِيَّ أَوْلَى بِإِمَامَتِهَا وَقَدْ كَانَ الْوَلِيُّ مَوْجُودًا كَعَمِّهِ الْعَبَّاسِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَقَدْ يُجَابُ عَنْ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلْجَوَابِ الثَّانِي بِأَنَّ عَادَةَ السَّلَفِ جَرَتْ بِتَقْدِيمِ الْإِمَامِ عَلَى الْوَلِيِّ، فَجَرَوْا عَلَى هَذِهِ الْعَادَةِ بِالنِّسْبَةِ لَهُ صلى الله عليه وسلم فَاحْتَاجُوا إلَى التَّأْخِيرِ إلَى تَعَيُّنِ الْإِمَامِ، وَفِيهِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ: قَدْ تَعَيَّنَ) وَلَعَلَّ وَلِيَّهُ كَعَمِّهِ الْعَبَّاسِ إنَّمَا لَمْ يَؤُمَّ بِهِمْ مَعَ أَنَّ الْحَقَّ لَهُ خَوْفًا أَنْ يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ إمَامٌ فَرُبَّمَا تَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ فِتْنَةٌ.

ــ

[حاشية الشربيني]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 114

لَا تُشْتَرَطُ فَكَذَا الْعَدَدُ كَغَيْرِهَا وَفَارَقَ سُقُوطُ الْفَرْضِ هُنَا بِالصَّبِيِّ عَدَمَ سُقُوطِهِ بِهِ فِي رَدِّ السَّلَامِ بِأَنَّ السَّلَامَ شُرِعَ فِي الْأَصْلِ لِلْإِعْلَامِ بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا سَالِمٌ مِنْ الْآخَرِ وَآمِنٌ مِنْهُ وَأَمَانُ الصَّبِيِّ لَا يَصِحُّ بِخِلَافِ صَلَاتِهِ

(وَبِالنِّسَا) أَيْ: بِصَلَاتِهِنَّ (مَعْ) وُجُودِ (رَجُلٍ) وَلَوْ صَبِيًّا (مَا اُكْتُفِيَا) ؛ لِأَنَّهُ أَكْمَلُ مِنْهُنَّ وَدُعَاؤُهُ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ؛ وَلِأَنَّ فِي ذَلِكَ اسْتِهَانَةً بِالْمَيِّتِ أَمَّا مَعَ فَقْدِهِ فَتَكْفِي صَلَاتُهُنَّ لِلضَّرُورَةِ وَلَوْ حَضَرَ الرَّجُلُ بَعْدُ لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِعَادَةُ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُصَلِّينَ مُنْفَرِدَاتٍ وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ أُنْثَى، فَإِنْ صَلَّتْ بِهِنَّ إحْدَاهُنَّ كَانَ خِلَافَ الْأَفْضَلِ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الشَّافِعِيِّ، وَالْأَصْحَابِ، ثُمَّ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُسَنَّ لَهُنَّ الْجَمَاعَةُ، كَمَا فِي غَيْرِهَا وَعَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ السَّلَفِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَصَلَاتُهُنَّ وَصَلَاةُ الصِّبْيَانِ مَعَ الرِّجَالِ، أَوْ بَعْدَهُمْ تَقَعُ نَفْلًا؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ لَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِمْ وَمَا قَالَهُ فِي النِّسَاءِ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَمَا قَالَهُ فِي الصِّبْيَانِ قَدْ يُسْتَشْكَلُ بِالِاكْتِفَاءِ بِصَلَاتِهِمْ مَعَ وُجُودِ الرِّجَالِ، كَمَا مَرَّ وَيُجَابُ بِأَنَّ صَلَاتَهُمْ تَقَعُ نَفْلًا وَتَكْفِي عَنْ الْفَرْضِ كَمَا لَوْ صَلُّوا صَلَاةً مِنْ الْخَمْسِ، ثُمَّ بَلَغُوا فِي الْوَقْتِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْخُنْثَى فِيمَا ذُكِرَ كَالْمَرْأَةِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ وُجِدَ مَعَ النِّسَاءِ سَقَطَ الْفَرْضُ عَنْ الْجَمِيعِ بِصَلَاتِهِ، أَوْ بِصَلَاةِ امْرَأَةٍ وَقِيَاسُ الْمَذْهَبُ يَأْبَى سُقُوطُهُ عَنْهُ بِصَلَاةِ الْمَرْأَةِ وَإِنْ سَقَطَ عَنْ النِّسَاءِ نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي.

(وَمَنْ يَغِيبُ) عَنْ الْبَلَدِ وَلَوْ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَفِي غَيْرِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ، وَالْمُصَلِّي مُسْتَقْبِلُهَا (وَالدَّفِينُ) أَيْ: الْمَدْفُونُ وَإِنْ عُلِمَ بَلَاؤُهُ (صُلِّيَا عَلَيْهِ) أَيْ: صُلِّيَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «صَلَّى عَلَى النَّجَاشِيِّ بِالْمَدِينَةِ يَوْمَ مَوْتِهِ بِالْحَبَشَةِ وَعَلَى قَبْرِ امْرَأَةٍ أَوْ رَجُلٍ كَانَ يَقُمُّ الْمَسْجِدَ وَعَلَى قَبْرِ مِسْكِينَةٍ يُقَالُ لَهَا أُمُّ مِحْجَنٍ دُفِنَتْ بِالْحَبَشَةِ لَيْلًا» رَوَى الْأَوَّلَيْنِ الشَّيْخَانِ وَالثَّالِثَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحِ سَوَاءٌ صَلَّى عَلَيْهِمَا أَمْ لَا قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي فُرُوعِهِ: إلَّا أَنَّهَا لَا تُسْقِطُ الْفَرْضَ فِي الْغَائِبِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِيمَا إذَا كَانَ بِمَوْضِعٍ يَتَوَجَّهُ الْفَرْضُ عَلَى أَهْلِهِ لَا كَدَارِ الْحَرْبِ، وَالْبَادِيَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُخَاطَبُ بِهِ أَقْرَبُ الْمُسْلِمِينَ إلَيْهِ دُونَ مَنْ بَعُدَ. اهـ.

وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَهْلُ مَوْضِعِهِ بِصَلَاةِ الْغَيْبَةِ، فَإِنْ عَلِمُوا بِهَا سَقَطَ الْفَرْضُ عَنْهُمْ؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ إذَا قَامَ بِهِ بَعْضُ الْأُمَّةِ سَقَطَ عَنْ الْبَاقِينَ ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ رَجَّحَهُ فَقَالَ: وَالْأَقْرَبُ سُقُوطُ الْفَرْضِ عَنْهُمْ بِهَا؛ لِحُصُولِ الْغَرَضِ (لَا) عَلَى (ذِي غَيْبَةٍ) عَنْ الْمَجْلِسِ مَعَ وُجُودِهِ (فِي الْبَلَدِ) ؛ لِلِاتِّبَاعِ؛ وَلِتَيَسُّرِ الْحُضُورِ وَشَبَّهُوهُ بِالْقَضَاءِ عَلَى مَنْ بِالْبَلَدِ مَعَ إمْكَانِ إحْضَارِهِ وَالتَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: مَعَ وُجُودِ رَجُلٍ) يَنْبَغِي أَنَّ وُجُودَ مَنْ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ كَالْعَدَمِ وَقَوْلُهُ: وَلَوْ صَبِيًّا أَيْ: فَيَجِبُ عَلَى النِّسَاءُ أَمْرُهُ بِهَا، بَلْ وَضَرْبُهُ عَلَيْهَا وَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِنَّ أَمْرُهُ بِنِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ وَإِنْ لَمْ تُشْتَرَطْ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ فِي الْمَكْتُوبَاتِ الْخَمْسِ م ر وَالْمُتَّجَهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِوُجُودِ الصَّبِيِّ أَنْ يُمْكِنَ أَمْرُهُ بِالصَّلَاةِ وَإِحْضَارُهُ لَهَا بِلَا مَشَقَّةٍ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً، وَإِنْ كَانَ عِنْدَ الْمَوْتِ فِي مَحَلٍّ غَيْرِ مَحَلِّ الْمَيِّتِ م ر. (قَوْلُهُ: أَمَّا مَعَ فَقْدِهِ) مَا ضَابِطُ الْفَقْدِ يُحْتَمَلُ أَنَّ ضَابِطَ الْفَقْدِ أَنْ لَا يَتَأَتَّى إحْضَارُهُ إلَّا بَعْدَ تَغَيُّرِهِ أَوْ تَأَخُّرٍ يَكُونُ إزْرَاءً. (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهُمْ) قَدْ يَدُلُّ عَلَى امْتِنَاعِ صَلَاتِهِنَّ وَصَلَاةِ الصِّبْيَانِ قَبْلَ الرِّجَالِ فَلْيُرَاجَعْ فَإِنَّهُ لَا يَبْعُدُ عَدَمُ الِامْتِنَاعِ. (قَوْلُهُ: تَقَعُ نَفْلًا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُمْ لَا يَنْوُونَ الْفَرْضِيَّةَ، وَأَمَّا إذَا تَوَجَّهَ الْفَرْضُ عَلَى النِّسَاءُ كَعَدَمِ الرِّجَالِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَنْوِينَ الْفَرْضِيَّةَ، فَلْيُتَأَمَّلْ. إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ: قَضِيَّتُهُ أَنَّهُمْ لَا يَنْوُونَ إلَخْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَجْرِيَ فِي نِيَّتِهِمْ إيَّاهَا مَا قِيلَ: فِي صَلَاةِ الصَّبِيِّ الْخَمْسِ بِجَامِعِ عَدَمِ الْوُجُوبِ فِيهِمَا. (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ يَأْبَى إلَخْ) أَيْ: لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ رَجُلًا وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ تَعَدَّدَ الْخَنَاثَى لَمْ تَسْقُطُ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ بِصَلَاةِ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ كُلًّا يَحْتَمِلُ كَوْنَهُ رَجُلًا وَغَيْرُهُ امْرَأَةً فَتَجِبُ الصَّلَاةُ عَلَى الْجَمِيعِ فَلْيُتَأَمَّلْ. سم.

(قَوْلُهُ: وَمَنْ يَغِيبُ) هَلْ يَشْمَلُ الْأَنْبِيَاءَ فَتَجُوزُ صَلَاةُ الْغَيْبَةِ عَلَيْهِمْ كَمَا تَجُوزُ صَلَاةُ الْحُضُورِ عَلَيْهِمْ؟ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ. فِيهِ نَظَرٌ. وَالْقَلْبُ لِلْجَوَازِ أَمْيَلُ وَإِنْ قَالَ م ر بِالْمَنْعِ. (فَرْعٌ) لَوْ بَعُدَ الْمَيِّتُ عَنْ الْمُصَلَّى بِأَنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَأَكْثَرَ مَثَلًا لَكِنْ كَانَ الْمُصَلِّي يُشَاهِدُهُ كَالْحَاضِرِ عِنْدَهُ كَرَامَةً لَهُ فَهَلْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ عَلَيْهِ مَعَ الْبُعْدِ لِأَنَّهُ غَائِبٌ - وَالْمُرَادُ بِالْغَائِبِ الْبَعِيدُ - أَوْ لَا تَصِحُّ مَعَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ حَاضِرٌ أَوْ فِي حُكْمِ الْحَاضِرِ لِمُشَاهَدَتِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْمُتَّجَهُ عِنْدِي الْأَوَّلُ وَإِنْ أَجَابَ م ر فَوْرًا بِالثَّانِي. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر وَهَذَا الْحَمْلُ بَعِيدٌ إذْ لَا يَتَخَيَّلُ أَحَدٌ السُّقُوطَ عَنْ أَهْلِ مَوْضِعِهِ مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ حَتَّى بَيَّنَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ عَلَى عَدَمِ السُّقُوطِ. (قَوْلُهُ: وَلِتَيَسُّرِ الْحُضُورِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ شَقَّ لِسَعَةِ الْبَلَدِ

ــ

[حاشية الشربيني]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 115