الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جَامَعْتُ، أَوْ إنْ اتَّفَقَ لِي جِمَاعٌ جَامَعْتُ، أَوْ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي لَمْ يَنْعَقِدْ لِمُنَافَاتِهِ النَّذْرَ
(وَالشُّغْلُ إنْ يَسْتَثْنِهِ) الْمُعْتَكِفُ كَقَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ شَهْرًا مُتَوَالِيًا لَا أَخْرُجُ إلَّا لِشُغْلٍ (عِبَارَهْ
عَمَّا سِوَى النُّزْهَةِ وَالنَّظَّارَهْ)
مِنْ الْأَشْغَالِ الْمُبَاحَةِ دِينِيَّةً كَانَتْ كَعِيَادَةِ الْمَرْضَى، أَوْ دُنْيَوِيَّةً كَلِقَاءِ الْأَمِيرِ بِخِلَافِ النُّزْهَةِ وَالنَّظَارَةِ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُعَدَّانِ مِنْ الْأَشْغَالِ فَالْخُرُوجُ لَهُمَا يَقْطَعُ الْوِلَاءَ فَلِلشُّغْلِ الْمُحَرَّمِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى قَالَ: النَّوَوِيُّ، وَالنَّظَارَةُ بِفَتْحِ النُّونِ وَتَخْفِيفِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ يَسْتَعْمِلُهَا الْعَجَمُ يَعْنُونَ بِهَا النَّظَرَ إلَى مَا يُقْصَدُ النَّظَرُ إلَيْهِ وَلَيْسَتْ بِمَعْرُوفَةٍ فِي اللُّغَةِ بِهَذَا الْمَعْنَى. اهـ. وَالنُّزْهَةُ التَّنَزُّهُ وَهُوَ أَنْ يَخْرُجَ إلَى مَوْضِعٍ نَزْهٍ يُقَالُ خَرَجْنَا نَتَنَزَّهُ فِي الرِّيَاضِ وَأَصْلُهُ مِنْ الْبُعْدِ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: وَمِمَّا يَضَعُهُ النَّاسُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ قَوْلُهُمْ خَرَجْنَا نَتَنَزَّهُ إذَا خَرَجُوا إلَى الْبَسَاتِينِ قَالَ: وَإِنَّمَا التَّنَزُّهُ التَّبَاعُدُ عَنْ الْمِيَاهِ، وَالْأَرْيَافِ وَمِنْهُ قِيلَ فُلَانٌ يَتَنَزَّهُ عَنْ الْأَقْذَارِ وَيُنَزِّهُ نَفْسَهُ عَنْهَا أَيْ: يُبَاعِدُهَا عَنْهَا ذَكَرَ ذَلِكَ الْجَوْهَرِيُّ وَجَمْعُ النَّاظِمِ كَأَصْلِهِ بَيْنَ النَّظَّارَةِ، وَالنُّزْهَةِ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ أَحَدُهُمَا يُغْنِي عَنْ الْآخَرِ، وَالِاقْتِصَارُ عَلَى النُّزْهَةِ أَوْلَى
(بَابُ الْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ)
الْحَجُّ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا لُغَةً الْقَصْدُ وَشَرْعًا قَصْدُ الْكَعْبَةِ لِلنُّسُكِ الْآتِي بَيَانُهُ، وَالْعُمْرَةُ لُغَةً الزِّيَارَةُ وَقِيلَ الْقَصْدُ إلَى مَكَان عَامِرٍ وَشَرْعًا قَصْدُ الْكَعْبَةِ لِلنُّسُكِ الْآتِي بَيَانُهُ مَعَ بَيَانِ أَرْكَانِ كُلٍّ مِنْهُمَا
(الْحَجُّ فَرْضٌ) عَلَى الْمُسْتَطِيعِ لِلْإِجْمَاعِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} [آل عمران: 97] وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] أَيْ: ائْتُوا بِهِمَا تَامَّيْنِ وَلِخَبَرِ «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ» وَخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه «خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ الْحَجَّ فَحُجُّوا فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَكُلَّ عَامٍ فَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ»
وَالْحَجُّ مُطْلَقًا إمَّا فَرْضُ عَيْنٍ وَهُوَ مَا هُنَا، أَوْ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَسَيَأْتِي فِي السِّيَرِ، أَوْ تَطَوُّعٌ وَاسْتُشْكِلَ تَصْوِيرُهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يُتَصَوَّرُ
ــ
[حاشية العبادي]
(قَوْلُهُ: أَوْ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي إلَخْ) قَالَ فِي الْمَنْهَجِ: وَلَوْ شَرَطَ مَعَ تَتَابُعٍ خُرُوجًا لِعَارِضٍ مُبَاحٍ مَقْصُودٍ غَيْرِ مُنَافٍ صَحَّ قَالَ فِي شَرْحِهِ: بِخِلَافِ غَيْرِ الْعَارِضِ كَأَنْ قَالَ: إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي وَبِخِلَافِ الْعَارِضِ الْمُحَرَّمِ كَسَرِقَةٍ وَغَيْرِ الْمَقْصُودِ كَتَنَزُّهٍ، وَالْمُنَافِي لِلِاعْتِكَافِ كَجِمَاعٍ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ الشَّرْطُ بَلْ لَا يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ. اهـ.
(بَابُ الْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ)(قَوْلُهُ: وَشَرْعًا قَصْدُ الْكَعْبَةِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْأَوْفَقَ بِمَعَانِي بَقِيَّةِ الْعِبَادَاتِ وَبِمَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَرْكَانِهِمَا وَسُنَنِهِمَا كَوْنُهُمَا نَفْسَ النُّسُكِ الْمَذْكُورِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مَعْنًى آخَرَ لَكِنَّهُ يُحْوِجُ إلَى تَكَلُّفٍ فِيمَا ذَكَرُوهُ مِنْ الْأَرْكَانِ، وَالسُّنَنِ وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذَا الَّذِي ذَكَرُوهُ إنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ لِإِطْلَاقِهِمَا عَلَى نَفْسِ النُّسُكِ سم (قَوْلُهُ:«قَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ الْحَجَّ» ) أَيْ: عَلَى كُلٍّ مِنْكُمْ بِشَرْطِ الِاسْتِطَاعَةِ لِأَنَّ الْحَجَّ فَرْضُ عَيْنٍ بِشَرْطِ الِاسْتِطَاعَةِ وَقَوْلُهُ أَكُلَّ عَامٍ أَيْ: أَيَجِبُ عَلَى كُلٍّ مِنَّا كُلَّ عَامٍ فَيَكُونُ فَرْضَ عَيْنٍ كُلَّ عَامٍ بِشَرْطِهِ وَوُجِّهَ أَنَّ الْمُرَادَ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا السُّؤَالَ مُرَتَّبٌ عَلَى الْإِيجَابِ عَلَى الْأَعْيَان بِقَوْلِهِ «قَدْ فُرِضَ عَلَيْكُمْ الْحَجُّ» فَلَا يَكُونُ السُّؤَالُ بِقَوْلِهِ «أَكَلَّ عَامٍ» حِينَئِذٍ إلَّا سُؤَالًا عَنْ أَنَّهُ هَلْ يَجِبُ عَلَى كُلٍّ مِنَّا كُلَّ عَامٍ فَيَكُون فَرْضَ عَيْنٍ كُلَّ عَامٍ وَقَوْلُهُ «لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ» أَيْ: هَذِهِ الْكَلِمَةُ أَيْ: مُقْتَضَاهَا وَهُوَ الْوُجُوبُ عَلَى كُلٍّ كُلَّ عَامٍ وَلَعَلَّهُ كَانَ الْوُجُوبُ عَلَى كُلٍّ كُلَّ عَامٍ مُعَلَّقًا عَلَى قَوْلِهِ نَعَمْ وَهَذَا كُلُّهُ ظَاهِرٌ مِنْ الْحَدِيثِ وَسِيَاقُهُ فَمَا يُقَالُ مِنْ أَنَّهُ وَاجِبٌ كُلَّ عَامٍ عَلَى الْكِفَايَةِ فَكَيْفَ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ وُجُوبِهِ كُلَّ عَامٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: نَعَمْ لَوَجَبَتْ لَا مَنْشَأَ لَهُ إلَّا الْوَهْمُ فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: حَتَّى قَالَهَا) أَيْ: هَذِهِ الْمَقَالَةَ (قَوْلُهُ: «لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ» ) لَعَلَّ الْمَعْنَى لَوَجَبَ مُقْتَضَاهَا وَهُوَ الْوُجُوبُ كُلَّ عَامٍ وَلَعَلَّهُ -
ــ
[حاشية الشربيني]
الْخُرُوجُ، أَوْ لِعَارِضٍ مُحَرَّمٍ كَالسَّرِقَةِ أَوْ غَيْرِ مَقْصُودٍ كَالتَّنَزُّهِ أَوْ مُنَافٍ قَاطِعٍ لِلتَّتَابُعِ كَالْجِمَاعِ الْمُفْطِرِ، وَالْحَيْضِ الَّذِي يَخْلُو عَنْهُ الْمُدَّةُ لُغِيَ الشَّرْطُ، وَالنَّذْرُ، وَالنِّيَّةُ وَقِيلَ يَلْغُو الشَّرْطُ فَقَطْ (قَوْله إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي) أَيْ: عَدَمُ الِاعْتِكَافِ. اهـ. (قَوْلُهُ: لِمُنَافَاتِهِ النَّذْرَ) أَيْ: وَالِاعْتِكَاف أَيْضًا فِيمَا عَدَا الْأَخِيرَ وَفِي سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ أَنَّ الْأَصَحَّ فِيمَا إذَا قَالَ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي إلْغَاءُ الشَّرْطِ فَقَطْ وَفِي شَرْحِ م ر خِلَافُهُ
(قَوْلُهُ: وَتَخْفِيفُ الظَّاءِ) فِي النَّاشِرِيِّ أَنَّهُ يُقْرَأُ بِالضَّادِ قَالَ: وَهُوَ الْمَسْمُوعُ وَمَعْنَاهُ الْخُرُوجُ لِلتَّحَسُّنِ الَّذِي يَكَادُ أَنْ يَكُونَ تَشَبُّهًا بِالنِّسَاءِ (قَوْلُهُ: وَمِمَّا يَضَعُهُ النَّاسُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَصْلُهُ التَّبَاعُدُ كَمَا قَالَ: ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِي ضِدِّ ذَلِكَ وَهُوَ الْخُرُوجُ إلَى مَوْضِعٍ نَزِهٍ وَكَانَ سَبَبُ النَّقْلِ أَنَّ فِي الْخُرُوجِ إلَى نَحْوِ الْغِيَاضِ، وَالرِّيَاضِ إزَالَةَ كُدُورَاتِ النَّفْسِ، وَالتَّبَاعُدَ عَنْ ضَرَرِهَا فَسُمِّيَ الْخُرُوجَ لَهَا تَنَزُّهًا؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِلتَّبَاعُدِ مِنْ ذَلِكَ. اهـ. وَفِي النَّاشِرِيِّ أَنَّ التَّنَزُّهَ مِنْ أَسْمَاءِ الْأَضْدَادِ
[بَابُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ]
(قَوْلُهُ: أَوْ فَرْضُ كِفَايَةٍ) وَيَكْفِي وُجُودُهُ مِنْ بَعْضِ الْمُكَلَّفِينَ وَلَوْ وَاحِدًا فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً. اهـ. شَرْقَاوِيٌّ
فِي الْعَبِيدِ، وَالصِّبْيَانِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَيْنِ لَا يَتَوَجَّهَانِ إلَيْهِمْ وَبِأَنَّ فِي حَجِّ مَنْ لَيْسَ عَلَيْهِ فَرْضُ عَيْنٍ جِهَتَيْنِ جِهَةَ تَطَوُّعٍ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ فَرْضُ عَيْنٍ وَجِهَةُ فَرْضِ كِفَايَةٍ مِنْ حَيْثُ إحْيَاءُ الْكَعْبَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَفِيهِ الْتِزَامُ السُّؤَالِ إذْ لَمْ يَخْلُصْ لَنَا حَجُّ تَطَوُّعٍ عَلَى حِدَتِهِ وَفِي الْأَوَّلِ الْتِزَامُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُكَلَّفِينَ ثُمَّ إنَّهُ لَا يَبْعُدُ وُقُوعُهُ مِنْ غَيْرِهِمْ فَرْضًا وَيَسْقُطُ بِهِ فَرْضُ الْكِفَايَةِ عَنْ الْمُكَلَّفِينَ كَمَا فِي الْجِهَادِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ. اهـ.
(وَكَذَاكَ الْعُمْرَةُ) فَرْضٌ عَلَى الْمُسْتَطِيعِ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] وَلِمَا رَوَى ابْنُ مَاجَهْ، وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمَا بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ عَنْ «عَائِشَةَ قَالَتْ: قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ عَلَى النِّسَاءِ جِهَادٌ قَالَ: نَعَمْ جِهَادٌ لَا قِتَالَ فِيهِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ» وَلِمَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ «أَنَّ أَبَا رَزِينٍ لَقِيطَ بْنَ عَامِرٍ الْعُقَيْلِيَّ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَسْتَطِيعُ الْحَجَّ وَلَا الْعُمْرَةَ وَلَا الظَّعْنَ قَالَ: حُجَّ عَنْ أَبِيك وَاعْتَمِرْ» وَلَا يُغْنِي عَنْهَا الْحَجُّ وَإِنْ اشْتَمَلَ عَلَيْهَا وَيُفَارِقُ الْغُسْلَ حَيْثُ يُغْنِي عَنْ الْوُضُوءِ بِأَنَّ الْغُسْلَ أَصْلٌ فَأَغْنَى عَنْ بَدَلِهِ وَالْحَجُّ، وَالْعُمْرَةُ أَصْلَانِ
وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ الْمَزِيدُ عَلَى الْحَاوِي أَنَّهَا لَيْسَتْ فَرْضًا لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ الْعُمْرَةِ أَوَاجِبَةٌ هِيَ قَالَ: لَا وَأَنْ تَعْتَمِرْ فَهُوَ أَفْضَلُ» وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِضَعْفِ الْخَبَرِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: اتَّفَقَ الْحُفَّاظُ عَلَى ضَعْفِهِ وَلَا يُغْتَرَّ بِقَوْلِ التِّرْمِذِيِّ فِيهِ حَسَنٌ صَحِيحٌ
(بِالتَّرَاخِي) أَيْ: كُلٌّ مِنْهُمَا فَرْضٌ مَعَ التَّرَاخِي؛ لِأَنَّ الْحَجَّ فُرِضَ سَنَةَ خَمْسٍ كَمَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ هُنَا، أَوْ سَنَةَ سِتٍّ كَمَا صَحَّحَهُ فِي السِّيَرِ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَأَخَّرَهُ صلى الله عليه وسلم إلَى سَنَةِ عَشْرٍ بِلَا مَانِعٍ وَقِيسَ بِهِ الْعُمْرَةُ وَتَضْيِيقُهُمَا بِنَذْرٍ، أَوْ بِخَوْفِ عَضْبٍ، أَوْ بِقَضَاءٍ لَزِمَهُ كَمَا سَيَأْتِي عَارِضٌ ثُمَّ التَّأْخِيرُ إنَّمَا يَجُوزُ بِشَرْطِ الْعَزْمِ عَلَى الْفِعْلِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي الصَّلَاةِ (مَرَّةً) لِخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ السَّابِقِ وَلِخَبَرِ الدَّارَقُطْنِيّ «عَنْ سُرَاقَةَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ عُمْرَتُنَا هَذِهِ لِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِلْأَبَدِ فَقَالَ: لَا بَلْ لِلْأَبَدِ» وَوُجُوبُهُمَا أَكْثَرُ مِنْ مَرَّةٍ بِنَذْرٍ، أَوْ قَضَاءٍ عَارِضٍ
ثُمَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَرْبَعُ مَرَاتِبَ الصِّحَّةُ الْمُطْلَقَةُ وَصِحَّةُ الْمُبَاشَرَةِ، وَالْوُقُوعُ عَنْ فَرْضِ الْإِسْلَامِ، وَالْوُجُوبِ وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِهَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ فَقَالَ (، وَالشَّرْطُ) لِلصِّحَّةِ الْمُطْلَقَةِ (فِي كِلَيْهِمَا الْإِسْلَامُ) فَقَطْ فَلَا يَصِحَّانِ مِنْ كَافِرٍ وَلَا عَنْهُ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلْعِبَادَةِ وَلَا يَجِبَانِ عَلَيْهِ وُجُوبَ أَدَاءً بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ كَالصَّلَاةِ (فَعَنْ سِوَى الْمُكَلَّفِ الْإِحْرَامُ جَازَ لِمَنْ فِي الْمَالِ ذُو تَصَرُّفٍ كَالْأَبِ) أَيْ: وَإِذَا لَمْ يَشْتَرِطْ لِلصِّحَّةِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ فَيَجُوزُ لِلْوَلِيِّ الَّذِي هُوَ ذُو تَصَرُّفٍ فِي مَالِ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَلَوْ مُمَيِّزًا الْإِحْرَامُ عَنْهُ بِنَفْسِهِ، أَوْ مَأْذُونِهِ؛ لِأَنَّ «السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ قَالَ حَجَّ بِي أَبِي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
ــ
[حاشية العبادي]
كَانَ مُعَلَّقًا بِقَوْلِهِ نَعَمْ سم
(قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَيْسَ إلَخْ) لَوْ قَالَ: مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يَجِبُ الْإِقْدَامُ، وَجِهَةُ فَرْضِ كِفَايَةٍ مِنْ حَيْثُ الْوُقُوعُ
(قَوْلُهُ: وَفِي الْأَوَّلِ الْتِزَامُهُ) لَيْسَ السُّؤَالُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُكَلَّفِينَ حَتَّى يَرِدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنَّهُ لَا يَبْعُدُ وُقُوعُهُ مِنْ غَيْرِهِمْ فَرْضًا) قَدْ يُقَالُ إنْ أَرَادَ أَنَّهُ مِنْ غَيْرِهِمْ يُوصَفُ بِأَنَّهُ مَطْلُوبٌ طَلَبًا جَازِمًا فَهُوَ مَمْنُوعٌ إذْ فِعْلُ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ لَا يُمْكِنُ وَصْفُهُ بِذَلِكَ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ تَطَوُّعٌ لَكِنَّهُ سَدَّ عَنْ فَرْضِ الْمُكَلَّفِينَ فَهَذَا تَطَوُّعٌ عَلَى حِدَتِهِ، وَالسَّدُّ الْمَذْكُورُ لَا يُنَافِي ذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ سم وَكَتَبَ أَيْضًا أَيْ: فَلَمْ يَخْلُصْ لَنَا تَطَوُّعٌ عَلَى حِدَتِهِ هُنَا أَيْضًا وَفِيهِ مَا فِي الْحَاشِيَةِ الْأُخْرَى (قَوْلُهُ: أَوْ بِقَضَاءٍ لَزِمَهُ) لَوْ فَسَدَ الْحَجُّ فِي الصَّغِيرِ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ فَإِذَا بَلَغَ وَتَعَلَّقَتْ بِهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ كَانَتْ فَوْرِيَّةً لِأَنَّ الْقَضَاءَ فَوْرِيٌّ وَهُوَ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهَا بِرّ حَجّ وَفَوْرِيَّةُ قَضَاءِ مَا أَفْسَدَهُ حَالَ الصِّغَرِ سَيَأْتِي فِي هَامِشِ مَسَائِلِ السَّفِيهِ خِلَافُهُ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ بَلْ لِلْأَبَدِ) هَذَا مِنْ الْأَدِلَّةِ الْوَاضِحَةِ عَلَى وُجُوبِهَا إذْ لَوْ كَانَتْ سُنَّةً لَمْ تَكُنْ لِلْأَبَدِ مَعَ كَثْرَةِ النُّصُوص الطَّالِبَةِ لِتَكْرِيرِهَا كَمَا لَا يَخْفَى
(قَوْلُهُ: ثُمَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَرْبَعٌ) بَلْ خَمْسٌ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ كَغَيْرِهِ، وَالْخَامِسَةُ الْوُقُوعُ عَنْ النَّذْرِ وَشَرْطُهُ الْإِسْلَامُ، وَالتَّمْيِيز، وَالتَّكْلِيفُ فَيَدْخُلُ الرَّقِيقُ (قَوْلُهُ فَلَا يَصِحَّانِ مِنْ كَافِرٍ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: أَصْلِيًّا كَانَ، أَوْ مُرْتَدًّا قَوْلُهُ (بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِالْكَافِرِ الْكَافِرَ الْأَصْلِيَّ
ــ
[حاشية الشربيني]
عَلَى التَّحْرِيرِ (قَوْلُهُ: وَيَسْقُطُ بِهِ فَرْضُ الْكِفَايَةِ) ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ سُقُوطِهِ هُنَا كَرَدِّ السَّلَامِ وَصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ بِغَيْرِ الْمُكَلَّفِ. اهـ. شَرْقَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ: أَصْلٌ) فَإِنَّهُ كَانَ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ هُوَ الْوَاجِبَ عَلَى الْمُحْدِثِ، ثُمَّ نُسِخَ بِغَسْلِ الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ تَخْفِيفًا. اهـ. م ر (قَوْلُهُ: بِلَا مَانِعٍ) أَيْ: فِي بَعْضِ تِلْكَ السِّنِينَ وَهُوَ سَنَةُ ثَمَانٍ وَتِسْعٍ وَأَمَّا سَنَةُ سِتٍّ وَسَبْعٍ فَلَمْ تَكُنْ مَكَّةُ فُتِحَتْ فِيهِمَا وَإِنَّمَا فُتِحَتْ سَنَةَ ثَمَانٍ كَمَا فِي ع ش
(قَوْلُهُ: أَرْبَعُ مَرَاتِبَ) حَاصِلُ مَا فِي الرَّوْضِ، وَالْإِرْشَادِ أَنْ يُقَالَ يُشْتَرَطُ إسْلَامٌ لِلصِّحَّةِ مَعَ تَمْيِيزٍ لِلْمُبَاشَرَةِ مَعَ التَّكْلِيفِ لِلنَّذْرِ لِيَدْخُلَ الْعَبْدُ مَعَ الْحُرِّيَّةِ لِلْوُقُوعِ عَنْ فَرْضِ الْإِسْلَامِ مَعَ الِاسْتِطَاعَةِ لِلْوُجُوبِ. اهـ. عَمِيرَةُ سم وَأَمَّا مَعْرِفَةُ الْأَعْمَالِ فَلَيْسَتْ شَرْطًا لِإِمْكَانِ مَعْرِفَتِهَا بَعْدَهُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ
(قَوْلُهُ: لِمَنْ فِي الْمَالِ إلَخْ) مِثْلُهُ السَّيِّدُ فِي عَبْدِهِ غَيْرِ الْبَالِغِ وَفِي الْمُبَعَّضِ يُشْتَرَطُ إحْرَامُ الْوَلِيِّ، وَالسَّيِّدِ عَنْهُ جَمِيعًا مَعًا بِأَنْ تَقَعَ صِيغَةُ الْإِحْرَامِ مِنْهُمَا عَنْهُ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ. اهـ. ق ل وَغَيْرُهُ أَيْ: وَلَا مَدْخَلَ لِلْمُهَايَأَةِ هُنَا كَمَا فِي ق ل أَيْضًا. اهـ. وَقَوْلُنَا مَعًا أَيْ: لِئَلَّا يَلْزَمَ إحْرَامُ بَعْضِ الشَّيْخَيْنِ دُونَ بَعْضٍ وَهُوَ لَا يُتَصَوَّرُ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ مُمَيَّزًا) تَوَقَّفَ فِيهِ الشَّوْبَرِيُّ لِقَوْلِهِمْ مَا أَمْكَنَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ لَا يَقُومُ فِيهِ غَيْرُهُ مَقَامَهُ لَكِنْ فِي الْمَحَلِّيِّ الْأَصَحُّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُحْرِمَ عَنْهُ (قَوْلُهُ: الْإِحْرَامُ عَنْهُ) ، ثُمَّ إنْ جَعَلَهُ قَارِنًا أَوْ مُتَمَتِّعًا فَالدَّمُ عَلَى الْوَلِيِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الصَّبِيُّ مُمَيِّزًا وَإِنْ ارْتَكَبَ
وَأَنَا ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَفِي مَعْنَى الصَّبِيِّ الْمَجْنُونُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُتَصَرِّفُ أَبًا كَمَا مَثَّلَ بِهِ النَّاظِمُ مِنْ زِيَادَتِهِ أَمْ جَدًّا أَمْ وَصِيًّا أَمْ حَاكِمًا أَمْ قَيِّمَهُ حَلَالًا أَمْ مُحْرِمًا مَا أَتَى بِنُسُكِهِ، أَوْ لَمْ يَأْتِ بِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ وَكَيْفِيَّةُ إحْرَامِهِ عَنْهُ أَنْ يَنْوِيَ جَعْلَهُ مُحْرِمًا فَيَصِيرُ مُحْرِمًا بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ.
وَخَرَجَ بِالْمُتَصَرِّفِ فِي مَالِهِ غَيْرَهُ حَيْثُ لَا إذْنَ فَلَا تُحْرِمُ عَنْهُ أَنَّهُ وَلَيْسَ فِيمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ أَنَّ «امْرَأَةً رَفَعَتْ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم صَبِيًّا فَقَالَتْ أَلِهَذَا حَجٌّ قَالَ نَعَمْ وَلَك أَجْرٌ» إنْ أَحْرَمْتِ عَنْهُ وَبِتَقْدِيرِهِ يُحْتَمَلُ كَوْنُهَا وَصِيَّتَهُ وَلِأَجِدَهُ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ حَيْثُ لَا مَانِعَ وَفَارَقَ التَّبَعِيَّةَ فِي الْإِسْلَامِ بِأَنَّهُ عَقْدُ الْإِسْلَامِ لِنَفْسِهِ فَتَتْبَعُهُ فَرْعُهُ بِحُكْمِ الْبَعْضِيَّةِ، وَالْإِحْرَامُ عَقَدَهُ لِغَيْرِهِ وَلَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ فِي حَيَاةِ الْأَبِ وَلَا يَحْرُمُ عَنْ الْبَالِغِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ أَحَدٌ كَمَرِيضٍ يُرْجَى بُرْؤُهُ وَلِأَنَّهُ إنْ كَانَ غَيْرَ مُكَلَّفٍ لَيْسَ لِأَحَدٍ التَّصَرُّفُ فِي مَالِهِ بِسَبَبِ الْإِغْمَاءِ قَالَ الْإِمَامُ وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُحْرِمَ عَنْ عَبْدِهِ الْبَالِغِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَمَفْهُومُ كَلَامِهِ يَقْتَضِي الْجَوَازَ فِي الصَّغِيرِ لَكِنْ رَأَيْت فِي الْأُمِّ الْجَزْمَ بِالصِّحَّةِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِالصَّغِيرِ فَقَالَ: وَإِذَا أَذِنَ لِلْمَمْلُوكِ بِالْحَجِّ، أَوْ أَحَجَّهُ سَيِّدُهُ كَانَ حَجُّهُ تَطَوُّعًا، أَوْ أَحَجَّهُ بِالْهَمْزِ مَعْنَاهُ صَيَّرَهُ حَاجًّا. اهـ.
وَالْأَوْجَهُ لِيَتَّفِقَ الْكَلَامَانِ حَمْلُ قَوْلِ الْأُمِّ، أَوْ أَحَجَّهُ عَلَى غَيْرِ الْمُكَلَّفِ بِجَعْلِ، أَوْ لِلتَّنْوِيعِ (وَلْيُحْضِرْهُ) وَلِيُّهُ (كُلَّ مَوْقِفٍ) وُجُوبًا فِي الْوَاجِبِ وَنَدْبًا فِي الْمَنْدُوبِ كَعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ، وَالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَلَا يُغْنِي حُضُورُهُ عَنْهُ (وَكُلُّ مَا يُطِيقُ) مِنْ الْأَذْكَارِ وَغَيْرِهَا (كَانَ) وَلِيُّهُ (آمِرَهْ بِهِ) وَمَا لَا يُطِيقُهُ يَفْعَلُهُ عَنْهُ فَإِنْ أَطْلَقَ الطَّوَافَ عَلِمَهُ لَهُ وَإِلَّا طَافَ بِهِ وَيُصَلِّي عَنْهُ رَكْعَتَيْ الْإِحْرَامِ، وَالطَّوَافِ إنْ لَمْ يَكُنْ مُمَيِّزًا وَإِلَّا صَلَّاهُمَا بِنَفْسِهِ وَيُنَاوِلُهُ الْأَحْجَارَ فَيَرْمِيهَا إنْ أَطْلَقَ وَإِلَّا رَمَى عَنْهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ رَمْيٌ وَيُسَنُّ أَنْ يَضَعَهَا فِي يَدِهِ ثُمَّ يَأْخُذَ بِيَدِهِ وَيَرْمِيَ بِهَا وَإِلَّا فَيَأْخُذْهَا مِنْ يَدِهِ ثُمَّ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: أَنْ يَنْوِيَ جَعْلَهُ مُحْرِمًا) عِبَارَةُ الرَّوْضِ بِأَنْ يَقُولَ أَحْرَمْتُ عَنْهُ، أَوْ جَعَلْته مُحْرِمًا. اهـ. وَقَوْلُهُ بِأَنْ يَقُولَ أَيْ: بِقَلْبِهِ وُجُوبًا وَبِلِسَانِهِ أَيْضًا نَدْبًا وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ أَحْرَمْت عَنْهُ بِمَعْنَى جَعَلْتُهُ مُحْرِمًا (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا إذْنَ) أَيْ: مِنْ الْمُتَصَرِّفِ
(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِيمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ أَنَّ امْرَأَةً إلَخْ) لَا يُقَالُ مُقْتَضَى قَاعِدَةِ أَنَّ تَرْكَ الِاسْتِفْصَالِ فِي وَقَائِعِ الْأَحْوَالِ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْعُمُومِ فِي الْمَقَالِ جَوَازُ إحْرَامِهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَصِيَّةً «لِتَرْكِهِ عليه الصلاة والسلام اسْتِفْصَالَهَا» لِأَنَّا نَقُولُ إنَّمَا يَصِحُّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهَا أَحْرَمَتْ عَنْهُ فَيُقَالُ إحْرَامُهَا مَعَ تَرْكِ اسْتِفْصَالِهَا يَقْتَضِي الْجَوَازَ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا تَقَرَّرَ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَا جَدُّهُ) ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُمِّهِ وَفَارَقَ التَّبَعِيَّةَ فِي الْإِسْلَامِ حَيْثُ تَبِعَ فِيهِ جَدَّهُ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ (قَوْلُهُ: عَلِمَهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ طَوَافُهُ بِهِ بَلْ يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ وَإِلَّا إلَخْ
ــ
[حاشية الشربيني]
مَحْظُورًا بِنَفْسِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى الْوَلِيِّ إنْ لَمْ يَكُنْ مُمَيِّزًا وَإِلَّا فَعَلَى الْوَلِيِّ وَلَوْ إتْلَافًا أَوْ بِغَيْرِهِ فَعَلَى ذَلِكَ الْغَيْرِ وَلَوْ أَجْنَبِيًّا وَيَفْسُدُ حَجُّهُ بِالْجِمَاعِ بِشَرْطِ كَوْنِهِ عَالِمًا بِكَوْنِهِ مُحَرَّمًا عَلَى الْمُكَلَّفِ مُخْتَارًا وَيَقْضِيهِ وَلَوْ حَالَ الصِّبَا وَمُؤْنَةُ حَجِّ الْقَضَاءِ أَيْضًا فِي مَالِ الْوَلِيِّ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَشَيْخِنَا ذ
(قَوْلُهُ: وَفَارَقَ التَّبَعِيَّةَ إلَخْ) أَيْ: حَيْثُ قَدَرَ عَلَى تَحْصِيلِ الْإِسْلَامِ لِفَرْعِهِ بِحُكْمِ التَّبَعِيَّةِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَحْصِيلِ الْحَجِّ لَهُ بِأَنْ يَعْقِدَهُ لَهُ مَعَ وُجُودِ الْمُتَصَرِّفِ فِي مَالِهِ (قَوْلُهُ: الْمُغْمَى عَلَيْهِ) قَالَ ع ش: يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَنْ يُرْجَى زَوَالُ إغْمَائِهِ عَنْ قُرْبٍ، وَالْأَصَحُّ إحْرَامُهُ عَنْهُ كَالْمَجْنُونِ. اهـ. فَلْيُحَرَّرْ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ وَلِأَنَّهُ إنْ كَانَ إلَخْ فَإِنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ رُجِيَ زَوَالُهُ عَنْ قُرْبٍ كَمَا قَالَهُ ع ش أَيْضًا
(قَوْلُهُ: فِي الصَّغِيرِ) وَفَرَّقَ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَنْعِ تَزْوِيجِهِ بِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى تَحْصِيلِ الثَّوَابِ فَسُومِحَ فِيهِ وَوَلِيُّ الصَّبِيِّ يَأْذَنُ لِقِنِّهِ أَوْ يُحْرِمُ عَنْهُ حَيْثُ جَازَ إحْجَاجُهُ. اهـ. م ر وَقَالَ ع ش قَوْلُهُ: يَأْذَنُ لِقِنِّهِ أَيْ: الصَّبِيِّ وَقَوْلُهُ حَيْثُ جَازَ إلَخْ بِأَنْ لَمْ يُفَوِّتْ مَصْلَحَةً عَلَى الصَّبِيِّ وَلَا لَزِمَ غُرْمُ زِيَادَةٍ عَلَى نَفَقَةِ الْحَضَرِ (قَوْلُهُ: عَلَى غَيْرِ الْمُكَلَّفِ) يَدْخُلُ فِيهِ الْمَجْنُونُ وَنَصَّ عَلَيْهِ ح ل عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: وَلِيَحْضُرَهُ وَلِيُّهُ) فَلَوْ أَحْضَرَهُ غَيْرُهُ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ. اهـ. حَجَرٌ
(قَوْلُهُ: وَكُلُّ مَا يُطِيقُ إلَخْ) بِأَنْ كَانَ مُمَيِّزًا (قَوْلُهُ: وَمَا لَا يُطِيقُهُ يَفْعَلُهُ عَنْهُ) أَيْ: وَلَوْ كَانَ مُمَيِّزًا كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ
(قَوْلُهُ: فَإِنْ أَطْلَقَ الطَّوَافَ عَلَّمَهُ لَهُ) هَذَا خَاصٌّ بِالْمُمَيِّزِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الْمُبَاشَرَةِ التَّمْيِيزُ
(قَوْلُهُ: فَيَرْمِيهَا إنْ أَطْلَقَ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ اسْتَقَلَّ بِالرَّمْيِ بِنَفْسِهِ لَا يَكْفِي وَهُوَ قِيَاسُ الطَّوَافِ، وَالسَّعْيِ ع ش عَلَى م ر وَلَا يَرِدُ هَذَا عَلَى قَوْلِهِمْ شَرْطُ مُبَاشَرَتِهِ التَّمْيِيزُ؛ لِأَنَّ مُنَاوَلَةَ الْوَلِيِّ كَرَمْيِهِ عَنْهُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: أَيْضًا فَيَرْمِيهَا إنْ أَطَاقَ) ظَاهِرُهُ أَنَّ هَذَا فِي غَيْرِ الْمُمَيِّزِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ع ش وق ل السَّابِقُ وَهَلْ رَمْيُهُ بِنَفْسِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ وَاجِبٌ ظَاهِرُ قَوْلِ الرَّوْضِ وَشَرْحِ بَافَضْلٍ يَفْعَلُ عَنْهُ أَيْ: الصَّبِيِّ مُمَيِّزًا أَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ وَلِيُّهُ مَا عَجَزَ عَنْهُ، ثُمَّ قَوْلُهُمَا وَإِنْ قَدَرَ الصَّبِيُّ عَلَى الرَّمْيِ رَمَى وُجُوبًا فَإِنْ عَجَزَ عَنْ تَنَاوُلِ الْأَحْجَارِ نَاوَلَهَا لَهُ وَلِيُّهُ إنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ فَلْيُحَرَّرْ، ثُمَّ رَأَيْت ق ل كَتَبَ عَلَى قَوْلِ الْجَلَالِ وَيُنَاوِلُهُ الْأَحْجَارَ مَا نَصُّهُ أَيْ: يُنَاوِلُ الْوَلِيُّ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ نَدْبًا بِالْأَحْجَارِ لِيَرْمِيَهَا إنْ قَدَرَ فَمُنَاوَلَتُهُ كَرَمْيِهِ عَنْهُ فَلَيْسَ مُسْتَثْنًى أَيْ: مِنْ قَوْلِهِمْ شَرْطُ صِحَّةِ الْمُبَاشَرَةِ التَّمْيِيزُ وَقِيَاسُ مَا هُنَا أَنَّ بَاقِيَ الْأَفْعَالِ كَذَلِكَ يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ فِعْلُهَا عَنْهُ وَإِنْ أَمْكَنَهُ مَعَ عَدَمِ التَّمْيِيزِ. اهـ.
وَفِي ق ل أَيْضًا عَلَى قَوْلِ الْمَحَلِّيِّ وَيَطُوفُ الْوَلِيُّ بِهِ أَيْ: بِغَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَلَا يَكْفِي فِعْلُ أَحَدِهِمَا نَعَمْ لَا يُشْتَرَطُ جَعْلُ الْبَيْتِ عَنْ يَسَارِ الْوَلَدِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ) وَإِلَّا وَقَعَ لِلرَّامِي وَإِنْ نَوَى بِهِ الصَّبِيُّ. اهـ. م ر قَالَ بَعْضُهُمْ: وَمُنَاوَلَتُهُ الْأَحْجَارَ إنْ كَانَ غَيْرَ مُمَيِّزٍ كَالرَّمْيِ
يَرْمِي بِهَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَوْ أَرْكَبَهُ فِي طَوَافِهِ وَهُوَ غَيْرُ مُمَيِّزٍ دَابَّةً اُشْتُرِطَ كَوْنُهُ سَائِقًا، أَوْ قَائِدًا لَهَا وَيَمْنَعُهُ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ.
(مَعَ التَّمْيِيزِ لِلْمُبَاشَرَهْ) أَيْ:، وَالشَّرْطُ فِي كِلَيْهِمَا لِصِحَّةِ الْمُبَاشَرَةِ الْإِسْلَامُ مَعَ التَّمْيِيزِ دُونَ الْحُرِّيَّةِ، وَالتَّكْلِيفِ كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ (فَيُحْرِمَنْ مُمَيِّزٌ) عَنْ نَفْسِهِ لِصِحَّةِ مُبَاشَرَتِهِ (بِإِذْنِ ذَا) أَيْ: وَلِيِّهِ لِافْتِقَارِهِ إلَى الْمَالِ وَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فِيهِ وَبِهِ فَارَقَ الصَّوْمَ وَنَحْوَهُ وَخَرَجَ بِالْمُمَيِّزِ غَيْرُهُ فَلَا تَصِحُّ مُبَاشَرَتُهُ كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ (وَزَائِدُ الْإِنْفَاقِ) بِسَبَبِ السَّفَرِ لِلنُّسُكِ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ (مِنْ ذَا) أَيْ: مِنْ وَلِيِّهِ لَا مِنْهُ (أَخَذَا كَلَازِمِ الْحَرَامِ) وَغَيْرُهُ كَدَمِ الْحَلْقِ، وَالْقِرَانِ؛ لِأَنَّهُ الْمُوَرِّطُ لَهُ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا قَبِلَ لِلْمُمَيَّزِ نِكَاحًا إذْ الْمَنْكُوحَةُ قَدْ تَفُوتُ، وَالنُّسُكُ يُمْكِنُ تَأْخِيرُهُ إلَى الْبُلُوغِ وَلَوْ عَبَّرَ كَالْحَاوِي فِي بَعْضِ نُسَخِهِ بِالْإِحْرَامِ بَدَلَ الْحَرَامِ شَمِلَ لَازِمٌ غَيْرَ الْحَرَامِ
(وَالْحُرِّيَّهْ مَعَ ذَيْنِ، وَالتَّكْلِيفُ لِلْفَرْضِيَّهْ) أَيْ: وَالشَّرْطُ فِي كِلَيْهِمَا لِوُقُوعِهِمَا فَرْضَيْنِ مَعَ الْإِسْلَامِ، وَالتَّمْيِيزِ الْحُرِّيَّةُ، وَالْبُلُوغُ لِخَبَرِ «أَيُّمَا صَبِيٍّ حَجَّ ثُمَّ بَلَغَ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى وَأَيُّمَا عَبْدٍ حَجَّ ثُمَّ عَتَقَ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ وَلِأَنَّ النُّسُكَ عِبَادَةُ عُمْرٍ فَاعْتُبِرَ وُقُوعُهُ حَالَ الْكَمَالِ فَلَوْ تَكَلَّفَهُ الْفَقِيرُ وَقَعَ عَنْ فَرْضِهِ لِكَمَالِ حَالِهِ بِخِلَافِ نُسُكِ الْعَبْدِ وَغَيْرِ الْمُكَلَّفِ وَفِي ذِكْرِ التَّكْلِيفِ الْمُتَضَمِّنِ لِلتَّمْيِيزِ بَعْدَ التَّمْيِيزِ نَوْعُ تَكْرَارٍ فَلَوْ أَبْدَلَهُ بِالْبُلُوغِ لَسَلِمَ مِنْهُ وَكَانَ أَخْصَرَ
(وَلَوْ لِمَنْ إحْرَامُهُ تَقَدَّمَا)
ــ
[حاشية العبادي]
وَإِلَّا طَافَ بِهِ شَامِلٌ لِلْمَجْنُونِ
(قَوْلُهُ: وَهُوَ غَيْرُ مُمَيِّزٍ) خَرَجَ الْمُمَيِّزُ قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَالْمُمَيِّزُ فِي مَقْدُورِهِ كَالْبَالِغِ. اهـ. فَيُشْتَرَطُ فِعْلُهُ لِمَقْدُورِهِ بِنَفْسِهِ وَلَا يَجُوزُ فِعْلُ الْوَلِيِّ وَلَهُ أَنْ يَسْتَقْبِلَ بِفِعْلِهِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْوَلِيِّ فِيهِ إذْ لَا يَحْتَاجُ لِإِذْنِهِ إلَّا فِي ابْتِدَاءِ الْإِحْرَامِ دُونَ مَا بَعْدَهُ لِصِحَّةِ قَصْدِهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ حَجَرٌ وَكَتَبَ أَيْضًا وَيُشْتَرَطُ لِلطَّوَافِ طَهَارَتُهُ مِنْ الْخَبَثِ وَسَتْرُ عَوْرَتِهِ وَكَذَا وُضُوءُهُ وَلَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ عَلَى الْأَوْجَهِ وَيُغْتَفَرُ صِحَّةُ وُضُوئِهِ هُنَا لِلضَّرُورَةِ كَمَا اُغْتُفِرَ صِحَّةُ طُهْرِ مَجْنُونَةٍ انْقَطَعَ حَيْضُهَا لِتَحِلَّ لِحَلِيلِهَا الْمُسْلِمِ وَلَا بُدَّ مِنْ طُهْرِ الْوَلِيِّ وَسَتْرِ عَوْرَتِهِ أَيْضًا كَذَا قَالَ حَجّ وَشَرْحُ الرَّوْضِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ مَعَ حِكَايَةِ خِلَافٍ فِي الْبَعْضِ.
وَكَتَبَ أَيْضًا يُشْتَرَطُ فِي الطَّوَافِ طُهْرُ الْوَلِيِّ وَكَذَا الصَّبِيُّ عَلَى الْأَوْجَهِ فَيُوَضِّئُهُ الْوَلِيُّ وَيَنْوِي عَنْهُ حَجّ وَهَلْ يُشْتَرَطُ نِيَّةُ الْوَلِيِّ لِلطَّوَافِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُحْرِمٍ، أَوْ لَا لِأَنَّ إحْرَامَهُ عَنْهُ شَمِلَ الطَّوَافَ بِهِ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الثَّانِي وَلَوْ بَلَغَ، أَوْ مَيَّزَ قَبْلَ وُجُودِ نَاقِضٍ لِطَهَارَتِهِ فَهَلْ يُصَلِّي بِهَا، أَوْ لَا لِأَنَّهَا لِلضَّرُورَةِ وَقَدْ زَالَتْ كَمَا لَوْ غَسَّلَ الْمُمْتَنِعَةَ، ثُمَّ زَالَ الِامْتِنَاعُ لَا بُدَّ مِنْ اغْتِسَالِهَا فِيهِ نَظَرٌ وَقَوْلُهُ فَهَلْ يُصَلِّي بِهَا كَتَبَ عَلَيْهِ م ر وَكَتَبَ أَيْضًا وَفِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فِي بَابِ حَجِّ الصَّبِيِّ وَإِذَا جَامَعَ الصَّبِيُّ فِي حَجِّهِ فَسَدَ حَجُّهُ وَقَضَى وَلَوْ فِي الصِّبَا كَالْبَالِغِ الْمُتَطَوِّعِ بِجَامِعِ صِحَّةِ إحْرَامِ كُلٍّ مِنْهُمَا فَيُعْتَبَرُ فِيهِ لِفَسَادِ حَجِّهِ مَا يُعْتَبَرُ فِي الْبَالِغِ مِنْ كَوْنِهِ عَامِدًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ مُجَامِعًا قَبْلَ التَّحَلُّلَيْنِ وَإِذَا قَضَى فَإِنْ كَانَ قَدْ بَلَغَ فِي الْفَاسِدِ قَبْلَ فَوَاتِ الْوُقُوفِ أَجْزَأَهُ قَضَاؤُهُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، أَوْ بَعْدَهُ انْصَرَفَ الْقَضَاءُ إلَيْهَا أَيْضًا وَبَقِيَ الْقَضَاءُ فِي هَذِهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي فَصْلِ الْعَبْدِ الْمُفْسِدِ لِلْحَجِّ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ. اهـ. (قَوْلُهُ: مَعَ التَّمْيِيزِ لِلْمُبَاشَرَةِ) قَدْ يُشْكِلُ اعْتِبَارُ التَّمْيِيزِ بِأَنَّ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ لَا بُدَّ مِنْ حُضُورِهِ الْمَرَافِقَ وَلَا يَكْفِي حُضُورُ الْوَلِيِّ عَنْهُ وَلَا بُدَّ مِنْ طَوَافِهِ مَعَ الْوَلِيِّ وَلَا يَكْفِي طَوَافُ الْوَلِيِّ وَحْدَهُ فَقَدْ صَحَّتْ مُبَاشَرَةُ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ اشْتِرَاطَ التَّمْيِيزِ إنَّمَا هُوَ لِلْمُبَاشَرَةِ اسْتِقْلَالًا، أَوْ لِمُبَاشَرَةِ جَمِيع الْأَعْمَالِ الَّتِي مِنْهَا النِّيَّةُ وَلَا تَصِحُّ مِنْ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ (قَوْله فَيُحْرِمَنْ مُمَيِّزٌ) أَيْ: وَإِنْ شَاءَ الْوَلِيُّ أَحْرَمَ عَنْهُ كَمَا سَلَفَ وَلَا يُشْكِلُ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ وَكُلُّ مَا يُطِيقُ كَانَ أَمْرُهُ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ الدُّخُولِ فِي النُّسُكِ وَأَمَّا أَصْلُ الدُّخُولِ فَلَمَّا كَانَ مُتَوَقِّفًا عَلَى نَظَرِ الْوَلِيِّ وَإِذْنِهِ سَاغَ أَنْ يَتَوَلَّاهُ الْوَلِيُّ بِنَفْسِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِرّ (قَوْلُهُ: فَلَا تَصِحُّ مُبَاشَرَتُهُ) اسْتِقْلَالًا (قَوْلُهُ: وَالْبُلُوغُ، وَالْعَقْلُ) مُسْتَفَادٌ مِنْ ذِكْرِ التَّمْيِيزِ
(قَوْلُهُ: بَعْدَ التَّمْيِيزِ) الْمُخْرِجِ لِلْمَجْنُونِ (قَوْلُهُ:
وَلَوْ لِمَنْ إحْرَامُهُ تَقْدَمَا)
عَلَى الْحُرِّيَّةِ، وَالتَّكْلِيفِ يَشْمَلُ الْمَجْنُونَ إذَا أَحْرَمَ عَنْهُ الْوَلِيُّ، ثُمَّ أَفَاقَ وَأَتَى بِالْأَرْكَانِ مُفِيقًا وَهُوَ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ لَكِنْ نُوزِعَ فِيهِ بِكَلَامِ الْمَجْمُوعِ قَالَ فِي الرَّوْضِ فِي بَابِ حَجِّ الصَّبِيِّ وَنَحْوِهِ: وَإِنْ خَرَجَ بِمَجْنُونٍ اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْفَرْضُ
ــ
[حاشية الشربيني]
عَنْهُ فِي اشْتِرَاطِ رَمْيَهُ عَنْ نَفْسِهِ. اهـ. وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ إذَا رَمَى بِهَا الصَّبِيُّ لَا يَقَعُ الْمَوْقِعَ وَأَمَّا وُقُوعُ رَمْيِهَا عَنْ الْوَلِيِّ فَبَعِيدٌ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: فَلَا تَصِحُّ مُبَاشَرَتُهُ) أَيْ: وَحْدَهُ (قَوْلُهُ:
وَلَوْ لِمَنْ إحْرَامُهُ تَقَدَّمَا)
إلَى قَوْلِ الشَّارِحِ أَوْ بِوَاسِطَةِ الْوَلِيِّ عَلَى الْحُرِّيَّةِ، وَالتَّكْلِيفِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَقَع عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَلَوْ كَانَ الَّذِي أَحْرَمَ عَنْهُ الْوَلِيُّ وَهُوَ مَجْنُونٌ وَهُوَ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ أَحْرَمَ عَنْهُ الْوَلِيُّ فَأَفَاقَ وَأَتَى بِبَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ مُفِيقًا وَقَعَ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ كَنَظِيرِهِ فِي الصَّبِيِّ. اهـ. وَهُوَ غَفْلَةٌ عَنْ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ الْمُصَرِّحِ بِخِلَافِهِ حَيْثُ قَالَ: يُشْتَرَطُ إفَاقَتُهُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ وَسَائِرِ الْأَرْكَانِ فَإِنَّ مَعْنَاهُ إنَّهُ يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِي وُقُوعِهِ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ إذْ وُقُوعُهُ تَطَوُّعًا لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ كَمَا قَالُوا فِي صَبِيٍّ لَا يُمَيِّزُ فَجَزْمُ الْإِسْنَوِيُّ وَاعْتِمَادُ الزَّرْكَشِيّ وَغَيْرِهِ مَا جَرَى عَلَيْهِ شَيْخُنَا غَفْلَةٌ عَنْ ذَلِكَ فَإِنْ قُلْت مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْبُلُوغِ قُلْت يُفَرَّقُ بِأَنَّ الصَّبِيَّ لَمْ يَسْبِقْ لَهُ حَالَةٌ يَتَأَتَّى إحْرَامُهُ فِيهَا بِدُونِ إذْنِ
أَيْ: يَقَعُ النُّسُكُ فَرْضًا وَلَوْ كَانَ النُّسُكُ لِمَنْ تَقَدَّمَ إحْرَامُهُ بِهِ اسْتِقْلَالًا، أَوْ بِوَاسِطَةِ الْوَلِيِّ عَلَى الْحُرِّيَّةِ، وَالتَّكْلِيفِ لِوُقُوعِ مُعْظَمِهِ حَالَ الْكَمَالِ (لَكِنْ يُعِيدُ سَعْيَهُ) إنْ سَعَى بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ قَبْلَ الْكَمَالِ لِيُوقِعَهُ حَالَ الْكَمَالِ بِخِلَافِ الْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَدَامٌ بَعْدَ الْكَمَالِ.
وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ يَقَعُ فَرْضًا أَيْضًا إذَا تَقَدَّمَ غَيْرُ السَّعْيِ وَأَعَادَهُ فِي وَقْتِهِ (وَلَا دَمَا) عَلَيْهِ بِإِتْيَانِهِ بِالْإِحْرَامِ قَبْلَ الْكَمَالِ وَإِنْ لَمْ يَعُدْ إلَى الْمِيقَاتِ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا فِي وُسْعِهِ وَلَا إسَاءَةَ بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ إذَا أَسْلَمَ بَعْدَ أَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ مُرِيدًا لِلنُّسُكِ وَأَدْرَكَ بَقِيَّةَ الْأَرْكَانِ مُحْرِمًا بِلَا عَوْدٍ إلَى الْمِيقَاتِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى إزَالَةِ نَقْصِهِ
(وَأَخْرَجَتْ فَرِيضَةُ الْإِسْلَامِ)
مِنْ حَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ صَاحِبَهَا (عَنْ) عُهْدَةِ (نَذْرِ حَجِّ) عَامَهُ (وَاعْتِمَارِ الْعَامِ) أَيْ: عَامَهُ إذْ لَيْسَ فِيهِ إلَّا تَعْجِيلُ مَا كَانَ لَهُ تَأْخِيرُهُ فَيَقَعُ أَصْلُ الْفِعْلِ عَنْ فَرِيضَتِهِ وَتَعْجِيلُهُ عَنْ نَذْرِهِ وَذِكْرُ الِاعْتِمَارِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ وَعُطِفَ عَلَى لِلْفَرِيضَةِ قَوْلُهُ (فَلِلْقَضَا) بِإِعَادَةِ الْعَامِلِ وَعَطْفُهُ مَعَ مَا بَعْدَهُ بِالْفَاءِ لِيُفِيدَ تَرْتِيبَ مَا بَعْدَهَا عَلَى مَا قَبْلَهَا وَلَيْسَ التَّعْقِيبُ مُرَادًا وَلِهَذَا عَطَفَ الْحَاوِي بِثُمَّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ التَّرَاخِي مُرَادًا أَيْضًا فَإِذَا لَزِمَهُ الْقَضَاءُ بِأَنْ
ــ
[حاشية العبادي]
نَظَرْت فَإِنْ أَفَاقَ وَأَحْرَمَ وَأَتَى بِالْأَرْكَانِ مُفِيقًا أَجْزَأَهُ وَسَقَطَ عَنْ الْوَلِيِّ زِيَادَةُ النَّفَقَةِ وَإِلَّا فَلَا أَيْ: فَلَا يُجْزِئُهُ ذَلِكَ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَلَا يَسْقُطُ عَنْ الْوَلِيِّ زِيَادَةُ النَّفَقَةِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ نَقْلًا عَنْ الْمُتَوَلِّي: إذْ لَيْسَ لَهُ الْمُبَاشَرَةُ بِهِ كَذَا فِي شَرْحِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَاشْتِرَاطُ الْإِفَاقَةِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ مِنْ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ شَرْطٌ لِسُقُوطِ زِيَادَةِ النَّفَقَةِ عَنْ الْوَلِيِّ لَا لِوُقُوعِ الْمَأْتِيِّ بِهِ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ فَلَوْ أَحْرَمَ عَنْهُ الْوَلِيُّ فَأَفَاقَ وَأَتَى بِبَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ مُفِيقًا وَقَعَ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ كَنَظِيرِهِ فِي الصَّبِيِّ وَقَوْلُهُ فَلَوْ أَحْرَمَ عَنْهُ الْوَلِيُّ فَأَفَاقَ إلَخْ تَبِعَ فِيهِ ابْنَ الرِّفْعَةِ وَغَيْرَهُ وَاعْتَرَضَ حَجَرٌ عَلَيْهِ بِقَوْلِ الْمَجْمُوعِ وَقَوْلُهُمْ يُشْتَرَطُ إفَاقَتُهُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ وَسَائِرِ الْأَرْكَانِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِي وُقُوعِهِ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَادَّعَى الْمُعْتَرِضُ صَرَاحَةً هَذَا فِي أَنَّ الْمَجْنُونَ إذَا أَفَاقَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ عَنْهُ وَلَوْ قَبْلَ الْوُقُوفِ لَا يُجْزِئُهُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَإِنَّ ابْنَ الرِّفْعَةِ وَغَيْرَهُ غَفَلُوا عَنْ ذَلِكَ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ فَإِنَّ هَذَا الْكَلَامَ لَا يُنَافِي أَنْ تُلْحَقَ بِهِ الْإِفَاقَةُ مَا عَدَا الْإِحْرَامَ مَعَ أَنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ ذَكَرَ أَنَّهُ رَأَى مَا قَالُوهُ عَنْ الْبَحْرِ عَنْ النَّصِّ وَقَوْلُهُ لَهُ الْمُسَافَرُ بِهِ كَانَ الْمُرَادُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بِحَيْثُ تَكُونُ الزِّيَادَةُ فِي مَالِهِ أَعْنِي الْمَجْنُونَ لَا مُطْلَقًا وَإِلَّا فَلَا مَانِعَ حَيْثُ لَا ضَرَرَ وَتَبَرَّعَ الْوَلِيُّ بِهَا فَإِنْ قُلْت قَوْلُهُ اسْتِقْلَالًا يُنَافِي اعْتِبَارَ إذْنِ الْوَلِيِّ فِي صِحَّةِ إحْرَامِهِ كَمَا تَقَدَّمَ قُلْت الْمُرَادُ بِالِاسْتِقْلَالِ مُبَاشَرَةُ الْإِحْرَامِ وَإِنْ تَوَقَّفَتْ صِحَّتُهُ عَلَى الْإِذْنِ؛ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ قَوْلِهِ، أَوْ بِوَاسِطَةِ الْوَلِيِّ بِأَنْ يُبَاشِرَ وَلِيُّهُ الْإِحْرَامَ عَنْهُ فَلْيُتَأَمَّلْ سم
(قَوْلُهُ: وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ يَقَعُ فَرْضًا) عِبَارَةُ الرَّوْضِ فَصْلٌ وَإِنْ بَلَغَ أَيْ: وَلَوْ بَعْدَ وُقُوفِهِ وَإِدْرَاكِ الْوُقُوفِ أَجْزَأَهُ عَنْ فَرْضِهِ إلَى أَنْ قَالَ: وَالطَّوَافُ فِي الْعُمْرَةِ كَالْوُقُوفِ فِي الْحَجِّ قَالَ فِي شَرْحِهِ: قَالَ فِي الْأَصْلِ فَإِنْ بَلَغَ قَبْلَهُ أَجْزَأَهُ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ زَادَ فِي الْمَجْمُوعِ وَكَذَا لَوْ تَبِعَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ فَلَا. اهـ.، ثُمَّ رَدَّ مَا وَقَعَ لِلْبُلْقِينِيِّ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: وَفِيهِ أَيْ: فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الدَّارِمِيِّ لَوْ فَاتَ الصَّبِيَّ الْحَجُّ وَبَلَغَ فَإِنْ بَلَغَ قَبْلَ الْفَوَاتِ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ وَاحِدَةٌ تُجْزِئُهُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَالْقَضَاءِ، أَوْ بَعْدَهُ فَعَلَيْهِ حَجَّتَانِ حَجَّةٌ لِلْفَوَاتِ وَحَجَّةٌ لِلْإِسْلَامِ وَيَبْدَأُ بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَلَوْ أَفْسَدَ الْحُرُّ الْبَالِغُ حَجَّهُ قَبْلَ الْوُقُوفِ، ثُمَّ فَاتَهُ أَجْزَأَهُ حَجَّةٌ وَاحِدَةٌ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَالْفَوَاتِ، وَالْقَضَاءِ وَعَلَيْهِ فِدْيَتَانِ إحْدَاهُمَا لِلْإِفْسَادِ، وَالْأُخْرَى لِلْفَوَاتِ. اهـ. (تَنْبِيهٌ)
قَوْلُهُمْ السَّابِقُ وَإِنْ بَلَغَ وَلَوْ بَعْدَ وُقُوفِهِ وَأَدْرَكَ الْوُقُوفَ أَجْزَأَهُ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مَنْ بَلَغَ بَعْدَ الْوُقُوفِ إعَادَتُهُ وَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَا مُوجِبَ لِفَوْرِيَّةِ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ فِي هَذَا الْعَامِ
(قَوْلُهُ: حَجَّ عَامَهُ) اُحْتُرِزَ عَمَّا لَوْ نَذَرَ الْحَجَّ وَلَمْ يُعَيِّنْ فَإِنَّ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ زِيَادَةً عَلَى حَجَّةِ الْإِسْلَامِ بِرّ (قَوْلُهُ: إذْ لَيْسَ فِيهِ) أَيْ: نَذْرِ حَجِّ عَامِهِ (قَوْلُهُ: وَعُطِفَ عَلَى الْفَرِيضَةِ قَوْلُهُ فَلِلْقَضَاءِ إلَخْ) وَيَرِدُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ أَنَّ قَضِيَّتَهُ اشْتِرَاطُ الْحُرِّيَّةِ، وَالتَّكْلِيفِ لِلْقَضَاءِ وَلَيْسَ
ــ
[حاشية الشربيني]
الْوَلِيِّ فَكَانَ إحْرَامُهُ عَنْهُ بِمَنْزِلَةِ إحْرَامِهِ هُوَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَأَجْزَأَ ذَلِكَ فِيهِ بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ فَإِنَّهُ سَبَقَ لَهُ حَالَةُ اسْتِقْلَالٍ فَلَمْ يُلْحَقْ إحْرَامُ الْوَلِيِّ بِإِحْرَامِهِ إلَّا بِالنِّسْبَةِ لِلتَّطَوُّعِ دُونَ الْفَرْضِ؛ لِأَنَّهُ يُتَسَامَحُ فِيهِ مَا لَا يُتَسَامَحُ فِي الْفَرْضِ. اهـ. شَرْحُ عب كَحَجَرٍ لَكِنَّ الَّذِي جَرَى عَلَيْهِ م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ مُوَافَقَةُ الشَّيْخِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَحُمِلَ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِي سُقُوطِ زِيَادَةِ النَّفَقَةِ مِنْ حِينِ الْإِحْرَامِ فَرَاجِعْهُ
(قَوْلُهُ: أَيْ: يَقَعُ إلَخْ) يَعْنِي إنْ أَدْرَكَ الْوُقُوفَ بَعْدَ الْبُلُوغِ، وَالْحُرِّيَّةِ (قَوْلُهُ: إذَا تَقَدَّمَ غَيْرُ السَّعْيِ إلَخْ) أَيْ: وَلَوْ لِطَوَافِ الْعُمْرَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: غَيْرُ السَّعْيِ) وَلَوْ مَا يَحْصُلُ بِهِ التَّحَلُّلَانِ كَأَنْ طَافَ وَسَعَى وَرَمَى وَحَلَقَ، ثُمَّ أَعَادَ ذَلِكَ وَلَا يَحْتَاجُ لِإِعَادَةِ إحْرَامٍ لِبَقَاءِ آثَارِ الْأَوَّلِ كَمَا نُقِلَ عَنْ شَيْخِ شَيْخِنَا الدَّمْهُوجِيِّ قَالَ حَجَرٌ: وَيُجْزِئُهُ عَوْدُهُ وَإِنْ كَانَ جَامَعَ بَعْدَ التَّحَلُّلَيْنِ. اهـ. وَفِي الرَّوْضَة وَلَوْ بَلَغَ بَعْدَ الْوُقُوفِ وَقَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِهِ وَلَمْ يَعُدْ إلَى الْمَوْقِفِ لَمْ يُجْزِئْهُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ عَلَى الصَّحِيحِ. اهـ. فَلْيُنْظَرْ هَلْ تَرْكُ الْعَوْدِ حِينَئِذٍ جَائِزٌ وَإِنْ لَزِمَ تَفْوِيتُ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ مَعَ الْقُدْرَةِ لِكَوْنِهِ شَرَعَ قَبْلَ التَّكْلِيفِ بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَهَلْ تَسْتَقِرُّ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ إذَا لَمْ يَعُدْ لِكَوْنِهِ تَمَكَّنَ لَا يَبْعُدُ إنَّ لَمْ يُوجَدْ نَقْلٌ بِخِلَافِهِ
(قَوْلُهُ: فَلِلْقَضَا
أَفْسَدَ نُسُكَهُ قَبْلَ الْحُرِّيَّةِ، أَوْ الْبُلُوغِ ثُمَّ أَتَى بِهِ بَعْدَهُمَا وَقَعَ لِلْفَرِيضَةِ لِأَصَالَتِهَا وَلِأَهَمِّيَّتِهَا الْمَفْهُومَةِ مِنْ خَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِرَجُلٍ لَبَّى عَنْ شُبْرُمَةَ أَخٌ، أَوْ قَرِيبٌ لَهُ حُجَّ عَنْ نَفْسِك ثُمَّ عَنْ شُبْرُمَةَ» ثُمَّ الْمَأْتِيُّ بِهِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ يَقَعُ لِلْقَضَاءِ لِوُجُوبِهِ بِأَصْلِ الشَّرْعِ وَلَا يُجْزِئُ الْقَضَاءُ عَنْ فَرِيضَةِ الْإِسْلَامِ لِكَوْنِهِ تَدَارُكًا لِمَا فَسَدَ (فَالنَّذْرِ) أَيْ: ثُمَّ الْمَأْتِيُّ بِهِ بَعْدَ الْقَضَاءِ يَقَعُ لِلنَّذْرِ؛ لِأَنَّهُ أَهَمُّ مِنْ النَّفْلِ (فَالنَّفْلِ هُوَ، أَوْ لِلَّذِي اكْتَرَى) أَيْ: ثُمَّ بَعْدَ النَّذْرِ يَقَعُ (لِلنَّفْلِ) ، أَوْ لِنُسُكِ الْمُكْتَرِي فَلَا تَرْتِيبَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَ الْمُكْتَرَى لَهُ وَاجِبًا فَلَوْ تَطَوَّعَ الْأَجِيرُ بِحَجَّةٍ لَمْ تَنْصَرِفْ إلَى حَجَّةِ الْإِجَارَةِ وَإِنْ اُسْتُحِقَّتْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْعَامِ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهَا لَا يَرْجِعُ إلَى نَفْسِ الْحَجِّ وَلَفْظَةُ هُوَ تَكْمِلَةٌ
(تَنْبِيهٌ) يَجُوزُ لِمَنْ حَجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ وَلَمْ يَعْتَمِرْ أَنْ يُقَدِّمَ حَجَّةَ التَّطَوُّعِ عَلَى الْعُمْرَةِ وَلِمَنْ اعْتَمَرَ عُمْرَةَ الْإِسْلَامِ وَلَمْ يَحُجَّ أَنْ يُقَدِّمَ عُمْرَةَ التَّطَوُّعِ عَلَى الْحَجِّ (وَإِنْ غَيْرًا نَوَى) أَيْ: يَقَعُ الْمَأْتِيُّ بِهِ عَلَى التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ وَإِنْ نَوَى غَيْرَهُ فَلَوْ نَوَى قَضَاءً وَعَلَيْهِ فَرِيضَةُ الْإِسْلَامِ وَقَعَ عَنْهَا كَمَا لَوْ نَوَى بِطَوَافِ الْحَجِّ، أَوْ الْعُمْرَةِ طَوَافًا آخَرَ فَرْضًا، أَوْ نَفْلًا هَذَا إنْ اتَّحَدَ الْفَاعِلُ فَإِنْ تَعَدَّدَ جَازَتْ الْمَعِيَّةُ كَمَا قَالَ
(لَوْ حَجَّ ذَا) أَيْ: شَخْصٌ (عَنْ فَرْضِ مَنْ فِي قَبْرِهِ) أَيْ: عَنْ فَرْضِ مَيِّتٍ (أَوْ فَرْضِ مَعْضُوبٍ) وَهُوَ الْعَاجِزُ عَنْ مُبَاشَرَتِهِ لِزَمَانَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا مِمَّا لَا يُرْجَى زَوَالُهُ (وَذَا) أَيْ: وَآخَرُ (عَنْ نَذْرِهِ، أَوْ الْقَضَا) لَهُ (فِي سَنَةٍ) وَاحِدَةٍ (لَمْ يُمْنَعْ) ؛ لِأَنَّ الْمَرْعِيَّ أَنَّ غَيْرَ فَرِيضَةِ الْإِسْلَامِ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهَا لَا أَنَّهَا تَتَقَدَّمُ وَعَلَيْهِ لَوْ حَجَّ وَاحِدٌ عَنْ فَرْضِ مَيِّتٍ وَآخَرُ عَنْ قَضَائِهِ وَآخَرُ عَنْ نَذْرِهِ وَآخَرُ عَنْ نَفْلِهِ فِي سَنَةٍ جَاوَزَ الْمَعْضُوبُ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ سُمِّيَ بِهِ مَنْ ذُكِرَ لِقَطْعِ الزَّمَانَةِ حَرَكَتَهُ وَأَصْلُ الْعَضْبِ
ــ
[حاشية العبادي]
كَذَلِكَ فَإِنَّ الصَّبِيَّ، وَالْعَبْدَ يَصِحُّ قَضَاؤُهُمَا لَمَا أَفْسَدَاهُ وَكَذَا يَرِدُ عَلَيْهِ اشْتِرَاطُ الْحُرِّيَّةِ لِلنَّذْرِ فَإِنَّ النَّذْرَ يَصِحُّ مِنْ الْعَبْدِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَوَّلَ بَابِ النَّذْرِ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَأَقَرَّهُ، وَالْأَصَحُّ انْعِقَادُ نَذْرِهِ أَيْ: الرَّقِيقِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فِي الْحَجِّ وَيُشْبِهُ أَنَّ غَيْرَ الْحَجِّ كَذَلِكَ. اهـ. أَيْ: وَلَكِنْ لَا بُدَّ فِي صِحَّةِ مَا يَأْتِي بِهِ عَنْ نَذْرِ الْحَجِّ مِنْ إذْنِ سَيِّدِهِ حَجّ (قَوْلُهُ قَبْلَ الْحُرِّيَّةِ) بِخِلَافِ مَا لَوْ أَفْسَدَهُ بَعْدَهَا فَإِنَّهُ يَكْفِيهِ حَجَّةٌ وَاحِدَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ وَتَقَعُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ
(قَوْلُهُ: ثُمَّ عَنْ شُبْرُمَةَ) فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى انْصِرَافِ إحْرَامِهِ عَنْ شُبْرُمَةَ إلَى نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: لِوُجُوبِهِ بِأَصْلِ الشَّرْعِ) أَيْ: بِخِلَافِ النَّذْرِ الْآتِي (قَوْلُهُ: وَلَا يُجْزِئُ الْقَضَاءُ عَنْ فَرِيضَةِ الْإِسْلَامِ إلَخْ) هَذَا جَوَابُ سُؤَالٍ نَشَأَ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ، ثُمَّ أَتَى بِهِ بَعْدَهُمَا وَقَعَ لِلْفَرِيضَةِ مَعَ قَوْلِهِ هُنَا، ثُمَّ الْمَأْتِيُّ بِهِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ يَقَعُ لِلْقَضَاءِ حَاصِلُ السُّؤَالِ هَلَّا وَقَعَ مَا أَتَى بِهِ بَعْدَهُمَا عَنْ الْقَضَاءِ وَأَجْزَأَ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ كَمَا لَوْ أَفْسَدَ نُسُكَهُ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ، وَالْبُلُوغِ فَإِنَّهُ يَكْفِيهِ حَجَّةٌ وَاحِدَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ وَتَقَعُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ الْقَضَاءُ هُنَا عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ لِكَوْنِهِ نَذْرًا كَمَا لَوْ أَفْسَدَهُ وَهَذَا كَلَامٌ صَحِيحٌ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا الشِّهَابِ مِنْ اعْتِرَاضِ قَوْلِهِ وَلَا يُجْزِئُ الْقَضَاءُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ بِأَنَّ صَوَابَهُ وَلَا يُجْزِئُ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ عَنْ الْقَضَاءِ. اهـ. فَتَأَمَّلْهُ سم
(قَوْلُهُ: وَلَفْظَةُ هُوَ تَكْمِلَةٌ) لَعَلَّهُ تَأْكِيدٌ لِلنَّفْلِ (قَوْلُهُ: تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: فَإِنْ أَحْرَمَ بِغَيْرِهَا أَيْ: بِغَيْرِ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ مَنْ هِيَ عَلَيْهِ، أَوْ عَلَى مَنْ اسْتَنَابَهُ فِيهَا انْصَرَفَ إلَيْهَا. اهـ. وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِغَيْرِهَا فِي الثَّانِيَةِ غَيْرُهَا لِلْمُكْتَرِي لَا لِنَفْسِهِ وَإِلَّا لَمْ يَنْصَرِفْ إلَيْهَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ هُنَا فَلَوْ تَطَوَّعَ الْأَجِيرُ إلَخْ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ وَإِنْ نَوَى غَيْرُهُ) مِثَالُهُ فِي الْحَجِّ عَنْ الْغَيْرِ مَعَ الْمُقَدَّمِ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ فِي الذِّمَّةِ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ صَحِيحَةٌ وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ، أَوْ قَضَاءٌ، أَوْ نَذْرٌ بِخِلَافِ إجَارَةِ الْعَيْنِ بِرّ
(قَوْلُهُ عَنْ نَذْرِهِ) ضَبَّبَ بَيْنَ ضَمِيرِهِ وَبَيْنَ مِنْ وَمَعْضُوبٍ وَكَذَا ضَبَّبَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ ضَمِيرِ لَهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَمْنَعْ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَأَيُّهُمْ سَبَقَ بِالْإِحْرَامِ انْصَرَفَ لِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَعِبَارَةُ الْخَادِمِ الظَّاهِرُ أَنَّ السَّبْقَ يُعْتَبَرُ بِالْإِحْرَامِ كَمَا فِي الْجُمُعَتَيْنِ انْتَهَى وَفِي الْمُهِمَّاتِ قَدْ تَقَرَّرَ مِنْ كَلَامِهِ يَعْنِي الرَّافِعِيِّ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْإِحْرَامِ مَعَ أَنَّ الَّذِي أَحْرَمَ أَوَّلًا قَدْ يَتَأَخَّرُ تَحَلُّلُهُ وَأَدَاؤُهُ الْأَرْكَانَ عَنْ الْمُتَأَخِّرِ فَيُؤَدِّي إلَى الْمَحْذُورِ بَلْ التَّقَدُّمُ حَقِيقَةً إنَّمَا وُجِدَ هُنَا فِي الْحَجَّةِ الَّتِي يَتَأَخَّرُ إحْرَامُهَا لِأَنَّ الْحَجَّةَ عِبَارَةٌ عَنْ مَجْمُوعِ الْأَفْعَالِ، وَالْمَجْمُوعُ قَدْ تَأَخَّرَ عَنْ تِلْكَ وَلَوْ قِيلَ بِالتَّعَارُضِ وَوُقُوعُهُمَا عَنْ الْأَجِيرِ لَمْ يَبْعُدْ. اهـ. كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا فَانْظُرْ وَلَوْ سُبِقَ إحْرَامُ
ــ
[حاشية الشربيني]
فَالنَّذْرُ) لَوْ نَذَرَ الْحَجَّ فِي عَامٍ مُعَيَّنٍ فَتَرَكَ الْحَجَّ فِيهِ، ثُمَّ نَذَرَ حَجًّا آخَرَ وَجَبَ عَلَيْهِ تَقْدِيمُ النَّذْرِ الْأَوَّلِ خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ سَوَاءٌ تَرَكَهُ بِعُذْرٍ أَوْ لَا وَلَوْ نَذَرَهُ فِي عَامَيْنِ مُتَوَالِيَيْنِ فَتَرَكَ الْحَجَّ فِي أَوَّلِهِمَا أَوْ تَطَوَّعَ بِهِ فِي الْعَامِ الَّذِي يَلِيهِ عَامُ النَّذْرِ، ثُمَّ أَفْسَدَهُ فَهَلْ يَجِبُ تَقْدِيمُ النَّذْرِ الْأَوَّلِ فِي الْأُولَى، وَالْقَضَاءُ فِي الثَّانِيَةِ فِيهِ نَظَرٌ وَيُؤَيِّدُ الْوُجُوبَ فِي الثَّانِيَةِ إطْلَاقُهُمْ وُجُوبَ تَقْدِيمِ الْقَضَاءِ عَلَى النَّذْرِ لَكِنْ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: إنَّهُ لَوْ أَفْسَدَ التَّطَوُّعَ وَعَلَيْهِ نَذْرٌ قَدَّمَ النَّذْرَ لِسَبْقِ وُجُوبِهِ وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي الْمَنْذُورِ إذَا تَعَيَّنَ لُزُومُهُ فَلَوْ قَالَ: إنْ كَلَّمْتُ زَيْدًا فَلِلَّهِ عَلَيَّ الْحَجُّ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْحَجِّ، وَالْكَفَّارَةِ فَإِنْ اخْتَارَ أَحَدَهُمَا فَذَاكَ وَإِلَّا فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ الْحَجُّ عَنْ غَيْرِهِ الْمُتَّجِهُ الْجَوَازُ؛ لِأَنَّ ذِمَّتَهُ لَمْ تَشْتَغِلْ بَعْدُ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ حَتَّى لَوْ حَجَّ الْآنَ لَمْ يَقَعْ عَنْ نَذْرِهِ. اهـ. سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ
(قَوْلُهُ: قَبْلَ الْحُرِّيَّةِ، وَالْبُلُوغِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: وَلَا تَجْتَمِعُ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ، وَالْقَضَاءِ إلَّا فِي صَبِيٍّ أَوْ قِنٍّ أَفْسَدَ نُسُكَهُ أَوْ فَوَّتَهُ، ثُمَّ كَمَّلَ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْحُرِّيَّةِ أَوْ الْبُلُوغِ) بِخِلَافِ مَا لَوْ أَفْسَدَهُ حَالَ كَمَالِهِ لَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَنْ فَرْضِهِ وَقَضَائِهِ وَنَذْرِهِ إنْ كَانَ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ الصَّغِيرِ
(قَوْلُهُ: وَلَا يُجْزِئُ الْقَضَاءُ عَنْ فَرِيضَةِ الْإِسْلَامِ إلَخْ) أَيْ: وَلَا عَنْ النَّذْرِ لِمَا ذَكَرَهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ تَدَارُكًا لِمَا أَفْسَدَ) أَيْ: وَكَانَ غَيْرَ وَاجِبٍ لِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ فَلَا يَقَعُ عَنْهَا
الْقَطْعُ وَقِيلَ بِالْمُهْمَلَةِ كَأَنَّهُ ضَرَبَ عَلَى عَصَبِهِ فَبَطَلَ عَمَلُ أَعْضَائِهِ.
(وَمُحْرِمٌ بِحَجَّةِ التَّطَوُّعِ)
عَنْ نَفْسِهِ (أَوْ) بِحَجَّةٍ (عَمَّنْ اكْتَرَى) أَيْ: اكْتَرَاهُ لَهَا (فَقِيلَ إنْ وَقَفَ) بِعَرَفَةَ (لَوْ نَذَرَ الْحَجَّ إلَى النَّذْرِ انْصَرَفَ) أَيْ: انْصَرَفَ الْمَنْوِيُّ إلَى النَّذْرِ لِمَا مَرَّ بِخِلَافِ نَذْرِهِ لَهُ بَعْدَ الْوُقُوفِ لِإِتْيَانِهِ بِمُعْظَمِ أَرْكَانِ مَا نَوَاهُ نَعَمْ إنْ أَمْكَنَهُ الْعَوْدُ إلَيْهِ وَعَادَ فَالظَّاهِرُ انْصِرَافُهُ إلَى النَّذْر كَمَا يَنْصَرِفُ إلَى الْفَرِيضَةِ فِيمَا لَوْ كَمَّلَ الْمُحْرِمُ بَعْد الْوُقُوفِ، وَالْوَقْتُ بَاقٍ فَعَادَ إلَيْهِ
(وَإِنْ نَوَى الْقَارِنُ لِلْمُسْتَأْجِرِ) لِأَحَدِ النُّسُكَيْنِ (نُسْكًا) مِنْهُمَا بِإِسْكَانِ السِّينِ مُخَفَّفًا مِنْ ضَمِّهَا
ــ
[حاشية العبادي]
الْمُحْرِمِ بِالْقَضَاءِ، أَوْ النَّذْرِ فَيَنْبَغِي الْوُقُوعُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ إنْ كَانَ مُتَبَرِّعًا وَيَقَعُ الْإِحْرَامُ الْأَخِيرُ عَنْ الْقَضَاءِ فَالنَّذْرُ إنْ كَانَ كَذَلِكَ فَإِنْ كَانَا أَجِيرَيْنِ فَيَنْبَغِي الْوُقُوعُ لَهُمَا لِمُخَالَفَتِهِمَا فَلْيُرَاجَعْ وَلَوْ فَسَدَ نُسُكُ مَنْ سَبَقَ بِالْإِحْرَامِ بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ فَيَنْبَغِي وُقُوعُ إحْرَامِ الْمُتَأَخِّرِ عَنْهُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ إنْ كَانَ مُتَبَرِّعًا وَإِلَّا وَقَعَ عَنْ نَفْسِهِ إذْ لَا يُمْكِنُ وُقُوعُهُ عَنْهُ عَنْ الْقَضَاءِ، أَوْ النَّذْرِ لِسَبْقِ ذَلِكَ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ وَلَا عَنْهُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ لِلُزُومِ وُقُوعِهِ عَنْ غَيْرِ مَا اُسْتُؤْجِرَ لَهُ فَيَقَعُ عَنْ نَفْسِهِ فَلْيُرَاجَعْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي الْعُبَابِ مَا نَصُّهُ وَلَوْ اُسْتُؤْجِرَ رَجُلٌ لِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ عَنْ مَعْضُوبٍ، أَوْ مَيِّتٍ وَآخَرَ لِنَذْرِهِ فِي سَنَةٍ جَازَ، ثُمَّ إنْ تَرَتَّبَ إحْرَامُهُمَا وَقَعَ الْأَوَّلُ لِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ قَالَ فِي شَرْحِهِ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: هَذَا وَاضِحٌ إنْ سَبَقَ أَجِيرٌ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إحْرَامُهُ لِنَفْسِهِ. اهـ. وَيُجَابُ بِأَنَّ ذِمَّتَهُ لَمَّا كَانَتْ مَشْغُولَةً بِحَجَّةِ النَّذْرِ نُزِّلَ فِعْلُ أَجِيرِهِ مَنْزِلَةَ فِعْلِهِ وَهُوَ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ حَجَّةٌ فَقَطْ فَنَوَى غَيْرَهَا وَقَعَ لَهَا فَكَذَا أَجِيرُهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: فَقُبِلَ إنْ وَقَفَ) يَنْبَغِي، أَوْ فِي أَثْنَائِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا نَظِيرَ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ أَنْ يَقَعَ النَّذْرُ فِي الْعُمْرَةِ قَبْلَ الطَّوَافِ بِرّ وَحَجَرٌ
(قَوْلُهُ: إلَى النَّذْرِ انْصَرَفَ) نَعَمْ الْأَوْجَهُ أَنَّ السَّعْيَ هُنَا لَا تَجِبُ إعَادَتُهُ لِوُقُوعِهِ فِي حَالِ الْكَمَالِ بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ حَجَرٌ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ نَوَى الْقَارِنُ إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ نَوَى النُّسُكَيْنِ لِمُسْتَأْجِرِهِ لِأَحَدِهِمَا وَسَيَأْتِي آنِفًا وَقَدْ ذَكَرَهُ الرَّوْضُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ اُسْتُؤْجِرَ لِلْحَجِّ مَنْ عَلَيْهِ الْعُمْرَةُ، أَوْ بِالْعَكْسِ جَازَ وَإِنْ قَرَنَ هَذَا لِلْمُسْتَأْجِرِ وَقَعَ عَنْ الْأَجِيرِ قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَقَيَّدَهُ فِي الْمَجْمُوعِ بِمَا قَيَّدَ بِهِ مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْإِفْرَادِ فَقَرَنَ، أَوْ تَمَتَّعَ. اهـ. أَيْ: وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَحْجُوجُ عَنْهُ حَيًّا فَإِنْ كَانَ مَيِّتًا وَقَعَا لَهُ بِلَا خِلَافٍ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ، وَالْأَصْحَابُ قَالُوا؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ الْأَجْنَبِيُّ وَيَعْتَمِرَ مِنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ وَلَا
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: انْصَرَفَ إلَى النَّذْرِ) رُبَّمَا يَرِدُ عَلَيْهِ قَوْلُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ
فَرْعٌ إذَا صَرَفَ الْأَجِيرُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ الْحَجَّ إلَى نَفْسِهِ وَظَنَّ انْصِرَافَهُ إلَيْهِ لَمْ يَنْصَرِفْ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ مِنْ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ فَإِذَا انْعَقَدَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَجُوزُ صَرْفُهُ إلَى غَيْرِهِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ ذَلِكَ كَمَا فِي هَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ عَلَى مَا إذَا صَرَفَهُ بِغَيْرِ النَّذْرِ كَأَنْ صَرَفَهُ لِحَجِّ تَطَوُّعٍ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْفَرْضَ شَدِيدُ التَّعَلُّقِ بِدَلِيلِ أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ فَرْضُ الْحَجِّ مِنْ نَذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَحُجَّ عَنْ غَيْرِهِ فَلِذَا قُدِّمَ عَلَى غَيْرِهِ لِقُوَّةِ مَرْتَبَتِهِ كَمَا قُدِّمَ الْحَجُّ عَلَى الْعُمْرَةِ لِقُوَّتِهِ بِخِلَافِ النَّفْلِ. اهـ. لَكِنْ فِي قَوْلِهِ كَمَا قُدِّمَ الْحَجُّ عَلَى الْعُمْرَةِ نَظَرٌ إنْ كَانَ صُورَتُهُ أَنَّهُ اعْتَمَرَ وَلَمْ يَحُجَّ فَيَنْعَقِدُ حَجًّا لِمُنَافَاتِهِ قَوْلَ الشَّارِحِ وَلِمَنْ اعْتَمَرَ عُمْرَةَ الْإِسْلَامِ وَلَمْ يَحُجَّ
(قَوْلُهُ:
(وَخَصَّ نَفْسَهُ بِالْآخَرِ فَلِيَقَعَا لِنَفْسِهِ) ؛ لِأَنَّ نِسْكَيْ الْقِرَانِ لَا يَفْتَرِقَانِ وَلَا يُمْكِنُ صَرْفُ مَا لَمْ يَأْمُرْ بِهِ الْمُسْتَأْجَرُ إلَيْهِ فَوَقَعَا لِلْفَاعِلِ وَكَذَا لَوْ نَوَاهُمَا مَعًا لِلْمُسْتَأْجِرِ
(وَكَيْ تَجِبْ إنَابَةُ) مَعْطُوفٌ عَلَى لِلْفَرِيضَةِ بِإِعَادَةِ الْعَامِلِ إلَّا أَنَّهُ أَبْدَلَ اللَّامَ بِكَيْ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لِلتَّعْلِيلِ مَعَ سَلَامَةِ عَرُوضِهِ مَعَهَا مِنْ الْخَبْلِ أَيْ: وَالشَّرْطُ فِي كِلَيْهِمَا لِلْفَرِيضَةِ مَا مَرَّ وَلِوُجُوبِ الْإِنَابَةِ مَا مَرَّ مَعَ الِاسْتِطَاعَةِ الْآتِي بَيَانُهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} [آل عمران: 97] وَهِيَ نَوْعَانِ اسْتِطَاعَةُ مُبَاشِرَةٍ وَسَتَأْتِي وَاسْتِطَاعَةُ إنَابَةٍ وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِهَا فَقَالَ (بِأُجْرَةٍ) أَيْ: وَتَجِبُ الْإِنَابَةُ بِمَا مَرَّ مَعَ وِجْدَانِ أُجْرَةِ أَجِيرٍ وَلَوْ مَاشِيًا إذْ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِ مَشْيُ أَجِيرِهِ بِخِلَافِ مَشْيِهِ وَفِي مَعْنَى مَشْيِهِ مَشْيُ بَعْضِهِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي وَيُعْتَبَرُ كَوْنُهَا أُجْرَةَ الْمِثْلِ لَا أَكْثَرَ وَكَوْنُهَا فَاضِلَةً عَنْ حَاجَاتِ النَّوْعِ الْآخَرِ لَكِنَّ الْعِبْرَةَ هُنَا فِي مُؤْنَتِهِ وَمُؤْنَةِ أَهْلِهِ بِيَوْمِ الِاسْتِئْجَارِ لَا بِفَرَاغِ الْأَجِيرِ لِإِمْكَانِ تَحْصِيلِهَا إذْ لَمْ يُفَارِقْهُمْ كَمَا لَا يُعْتَبَرُ فِي الْفِطْرَةِ، وَالْكَفَّارَةِ إلَّا مُؤْنَةُ الْيَوْمِ (أَوْ) مَعَ وِجْدَانِ (مُحْتَسِبْ) أَيْ: مُتَبَرِّعٍ عَنْهُ (بِطَاعَةٍ) بِأَنْ يَحُجَّ، أَوْ يَعْتَمِرَ
ــ
[حاشية العبادي]
إذْنِ وَارِثٍ كَمَا يَقْضِي دَيْنَهُ. اهـ. وَقَوْلُهُ وَقَعَا لَهُ بِلَا خِلَافٍ هَذَا وَاضِحٌ إذَا كَانَ عَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ مَا اُسْتُؤْجِرَ لَهُ فَقَطْ فَهَلْ يَنْصَرِفَانِ لِلْأَجِيرِ لِأَنَّ الْأَجِيرَ تَطَوَّعَ، وَالتَّطَوُّعُ لَا يَصِحُّ عَنْ الْمَيِّتِ بِغَيْرِ إذْنٍ، أَوْ إيصَاءٍ، أَوْ يَقَعُ الْمُسْتَأْجَرُ لَهُ عَنْ الْمَيِّتِ وَيَلْغُو الْآخَرُ النَّفَلَ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ فِي حَقِّ الْمَيِّتِ مَا لَا يَجُوزُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ وَلَا يَقَعُ الْآخَرُ لِلْأَجِيرِ لِأَنَّ النُّسُكَيْنِ لَا يَفْتَرِقَانِ فِيهِ نَظَرٌ
(قَوْلُهُ: لَا يَفْتَرِقَانِ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ نَوَى أَحَدَهُمَا عَنْ مَيِّتٍ، وَالْآخَرَ عَنْ مَيِّتٍ آخَرَ انْصَرَفَا جَمِيعًا لَهُ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَفْتَرِقَانِ وُقُوعُهُمَا لِأَحَدِهِمَا تَرْجِيحٌ بِلَا مُرَجِّحٍ (قَوْله مَعًا لِلْمُسْتَأْجِرِ) وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ اسْتَأْجَرَ شَخْصَانِ شَخْصًا لِيَحُجَّ عَنْ وَاحِدٍ وَيَعْتَمِرَ عَنْ الْآخَرِ فَقَرَنَ قَاصِدًا عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَقَعُ لِلْأَجِيرِ بِرّ وَكَذَا لَوْ أَحْرَمَ بِمَا اُسْتُؤْجِرَ لَهُ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَعَنْ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَقَعُ لِلْأَجِيرِ
(قَوْلُهُ مَعَ الِاسْتِطَاعَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ وَلِوُجُوبِ الْإِنَابَةِ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَهِيَ نَوْعَانِ) أَيْ: الِاسْتِطَاعَةُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ أَيْ: وَتَجِبُ الْإِنَابَةُ بِمَا مَرَّ) مَعَ وِجْدَانِ أُجْرَةٍ، أَوْ مَعَ وِجْدَانِ مُحْتَسِبٍ أَيْ: عَلَى الْفَوْرِ إنْ حَصَلَ الْعَضْبُ بَعْدَ الْوُجُوبِ لِتَقْصِيرِهِ وَإِلَّا فَعَلَى التَّرَاخِي كَمَا سَيَأْتِي بَعْدَ ذَلِكَ فَقَوْلُهُ الْآتِي آنِفًا فَيَجِبُ سُؤَالُهُ إذَا تَوَسَّمَ فِيهِ الطَّاعَةَ يَنْبَغِي أَنَّ مَعْنَاهُ الْوُجُوبُ حَقِيقَةً فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَبِمَعْنَى الِاسْتِقْرَارِ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: مَشَى بَعْضُهُ) اُنْظُرْ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ
(قَوْلُهُ: فِي الْفِطْرَةِ، وَالْكَفَّارَةِ)
ــ
[حاشية الشربيني]
وَلَا يُمْكِنُ إلَخْ) أَيْ: لَوْ قُلْنَا إنَّهُمَا لَا يَفْتَرِقَانِ بَلْ يَقَعَانِ لِلْمُسْتَأْجِرِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَأْمُرْ بِهِ إلَخْ) أَيْ: وَلَمْ يَنْوِ عَنْهُ أَيْضًا
(قَوْلُهُ: وَلِوُجُوبِ الْإِنَابَةِ مَا مَرَّ إلَخْ) لَكِنَّ هَذَا الْكَلَامَ عَامٌّ لِلْمَعْضُوبِ، وَالْمَيِّتِ كَمَا يَأْتِي مَعَ أَنَّ وُجُوبَ قَبُولِ الْمُطِيعِ خَاصٌّ بِالْعُضُوبِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْحَاوِي فَلَوْ تَطَوَّعَ آخَرُ عَنْ مَيِّتٍ بِفِعْلِ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ لَمْ يَجِبْ عَلَى الْوَارِثِ قَبُولُهُ؛ لِأَنَّ لَهُ الِاسْتِقْلَالَ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ كَمَا مَرَّ. اهـ. شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ: وَتَجِبُ الْإِنَابَةُ) أَيْ: فَوْرًا إنْ طَرَأَ الْعَجْزُ عَلَى الِاسْتِطَاعَةِ الْمُعْتَبَرَةِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُقَصِّرٌ، وَإِلَّا كَمَنْ بَلَغَ غَيْرَ مُسْتَطِيعٍ فَعَلَى التَّرَاخِي. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ مَعَ زِيَادَةٍ عَنْ شَيْخِ شَيْخِنَا الدَّمْهُوجِيِّ وَبِهَذَا مَعَ مَا كَتَبْنَاهُ عَلَى قَوْلِهِ بِطَاعَةٍ يُعْلَمُ الْفَرْقُ بَيْنَ مَسْأَلَتَيْ الِاسْتِئْجَارِ، وَالِاسْتِنَابَةِ فِي الْفَوْرِيَّةِ وَأَنَّهَا تَجِبُ مُطْلَقًا فِي الْإِنَابَةِ وَفِي الِاسْتِئْجَارِ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ كَمَا فِي سم عَلَى التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَتَجِبُ الْإِنَابَةُ) قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ: وَيُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الْعَاقِدَيْنِ أَعْمَالَ الْحَجِّ فَرْضًا وَنَفْلًا حَتَّى لَوْ تَرَكَ مَنْدُوبًا سَقَطَ مِنْ الْأُجْرَةِ مَا يُقَابِلُهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَاشِيًا) أَيْ: بِأَنْ كَانَ مَا يَجِدُهُ أُجْرَةً تَكْفِي الْمَاشِيَ دُونَ الرَّاكِبِ
(قَوْلُهُ: وَفِي مَعْنَى مَشْيِهِ مَشْيُ بَعْضِهِ) وَلَوْ مُسْتَأْجَرًا وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَوْ لَمْ يَجِدْ إلَّا أُجْرَةَ مَاشٍ، وَالسَّفَرُ طَوِيلٌ لَزِمَهُ اسْتِئْجَارُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكَلَّفًا بِالْمَشْيِ لَوْ فَعَلَهُ بِنَفْسِهِ إذْ لَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ فِي مَشْيٍ مَا لَمْ يَكُنْ أَصْلًا أَوْ فَرْعًا فَلَا يَلْزَمُهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: بِطَاعَةٍ) وَلَوْ كَانَ مَاشِيًا إنْ كَانَ غَيْرَ بَعْضٍ خِلَافًا لِمَا فِي ق ل وَعَزْوُهُ لِشَرْحِ م ر غَيْرُ صَحِيحٍ نَعَمْ إنْ كَانَ الْأَجْنَبِيُّ يَرْتَكِبُ التَّغْرِيرَ بِنَفْسِهِ لَمْ يَجِبْ الْإِذْنُ لَهُ كَمَا فِي شَرْحِ م ر، ثُمَّ إنَّ الْإِذْنَ لِلْمُطِيعِ وَاجِبٌ عَلَى الْفَوْرِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْتَطِيعِ بِنَفْسِهِ أَنَّ وُجُوبَ الْمُبَاشَرَةِ عَلَى الشَّخْصِ يَحْمِلُهُ عَلَى الْفِعْلِ فَوُكِلَ إلَى دَاعِيَتِهِ وَذَلِكَ مُنْتَفٍ فِي حَقِّ الْغَيْرِ فَوَجَبَتْ الْمُبَادَرَةُ. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ
وَقَوْلُنَا أَوْ لَا إنْ كَانَ غَيْرَ بَعْضٍ مِثْلَ الْبَعْضِ الْمَرْأَةُ كَمَا فِي التُّحْفَةِ لَكِنَّ الَّذِي فِي شَرْحِ الرَّوْضِ التَّقْيِيدُ بِمُوَلِّيَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْأَبْعَاضِ
عَنْهُ مُتَبَرِّعًا قَرِيبًا كَانَ، أَوْ أَجْنَبِيًّا بَدَأَهُ بِذَلِكَ أَمْ لَا فَيَجِبُ سُؤَالُهُ إذَا تَوَسَّمْ فِيهِ الطَّاعَةَ لِلِاسْتِطَاعَةِ فَإِنَّهَا كَمَا تَكُونُ بِالْمُبَاشَرَةِ تَكُونُ بِالْأَعْوَانِ إذْ مَنْ لَا يُحْسِنُ الْبِنَاءَ يَصْدُقُ أَنْ يُقَالَ أَنَّهُ مُسْتَطِيعٌ لِلْبِنَاءِ إذَا تَمَكَّنَ مِنْهُ بِالْأَعْوَانِ
وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُطِيعُ مِمَّنْ يَصِحُّ مِنْهُ فَرْضُ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَأَنْ يَكُونَ قَوِيًّا مَوْثُوقًا بِوَفَائِهِ لَا نُسُكَ عَلَيْهِ وَلَوْ بَذَلَ الْمُطِيعُ الطَّاعَةَ ثُمَّ أَرَادَ الرُّجُوعَ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ إحْرَامِهِ لَمْ يَجُزْ وَقَبْلَهُ جَازَ فِي الْأَصَحِّ وَإِذَا رَجَعَ قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ أَهْلُ بَلَدِهِ تَبَيَّنَّا أَنَّهُ لَمْ يَجِبْ عَلَى الْمُطَاعِ وَلَوْ امْتَنَعَ الْمُطَاعُ مِنْ الْإِجَابَةِ أَلْزَمهُ الْحَاكِمُ بِهَا عَلَى مَا فِي الْمَجْمُوعِ هُنَا فَإِنْ أَصَرَّ لَمْ يُنِبْ عَنْهُ الْحَاكِمُ فِيهَا؛ لِأَنَّ مَبْنَى النُّسُكِ عَلَى التَّرَاخِي وَإِذَا أَجَابَ فَلَا رُجُوعَ لَهُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ
وَلَوْ مَاتَ الْمُطِيعُ قَبْلَ الْإِجَابَةِ فَإِنْ مَضَى وَقْتُ إمْكَانِ النُّسُكِ اسْتَقَرَّ وُجُوبُهُ وَإِلَّا فَلَا، أَوْ بَعْدَهَا وَقَبْلَ أَدَاءِ
ــ
[حاشية العبادي]
هَذَا فِي الْكَفَّارَةِ قَوْلٌ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْبُوَيْطِيُّ، وَالصَّحِيحُ كِفَايَةُ الْعُمُرِ الْغَالِبِ م ر (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ إلَخْ) أَيْ: لِوُجُوبِ الْإِنَابَةِ
(قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ قَوِيًّا) خَرَجَ الْمَعْضُوبُ (قَوْلُهُ: مَوْثُوقًا) بِأَنْ يَكُونَ عَدْلًا وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ اسْتِنَابَتُهُ وَلَوْ مَعَ الْمُشَاهَدَةِ لِأَنَّ نِيَّتَهُ لَا يُطَّلَعُ عَلَيْهَا وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ هَذَا شَرْطٌ فِي كُلِّ مَنْ يَحُجُّ عَنْ غَيْرِهِ بِإِجَارَةٍ، أَوْ جِعَالَةٍ حَجّ حش
(قَوْلُهُ: وَإِذَا رَجَعَ قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ أَهْلُ بَلَدِهِ) اُنْظُرْ الْمُرَادُ بِحَجِّ أَهْلِ بَلَدِهِ وَهَلْ هُوَ كَمَا فِي قَوْلِهِ الْآتِي مِنْ بَعْدِ مَا حَجَّ الْأَنَامُ وَلَعَلَّ اعْتِبَارَ أَهْلِ بَلَدِهِ فِيمَا إذَا اُحْتِيجَ إلَى الرُّفْقَةِ وَإِلَّا فَالْمُعْتَبَرُ الرُّجُوعُ قَبْلَ إمْكَانِ الْحَجِّ عَنْهُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا فِي الْمَجْمُوعِ) اعْتَرَضَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَاَلَّذِي فِي الرَّوْضِ كَأَصْلِهِ لَمْ يُلْزِمْهُ الْحَاكِمُ بِهَا. اهـ. وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ م ر (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَبْنَى النُّسُكِ عَلَى التَّرَاخِي) لَا يَشْمَلُ مَا لَوْ وَجَبَتْ الِاسْتِنَابَةُ عَلَى الْفَوْرِ بِأَنْ تَمَكَّنَ سِنِينَ فَلَمْ يَحُجَّ حَتَّى عَضَبَ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِكَوْنِ مَبْنَاهُ عَلَى التَّرَاخِي أَنَّ أَصْلَهُ ذَلِكَ
(قَوْلُهُ: فَإِنْ مَضَى) أَيْ: بَعْدَ الْإِطَاعَةِ وَقَبْلَ الْمُؤَنِ (قَوْلُهُ: وَقْتَ إمْكَانِ النُّسُكِ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَإِنْ مَاتَ الْمُطِيعُ، أَوْ الْمُطَاعُ، أَوْ رَجَعَ الْمُطِيعُ عَنْ الطَّاعَةِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ إمْكَانِ الْحَجِّ سَوَاءٌ أَذِنَ لَهُ الْمُطَاعُ أَمْ لَا كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ اسْتَقَرَّ الْوُجُوبُ فِي ذِمَّةِ الْمُطَاعِ وَإِلَّا فَلَا فَتَقْيِيدُ الْأَصْلِ الِاسْتِقْرَارُ بِقَبْلِ الْإِذْنِ لَيْسَ بِجَيِّدٍ وَوَجْهُ الِاسْتِقْرَارِ أَنَّ الْمَوْتَ، وَالرُّجُوعَ بَعْدَ التَّمَكُّنِ كَتَلَفِ الْمَالِ بَعْدَهُ وَفِي كَلَامِ الْمَجْمُوعِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ الِاسْتِقْرَارَ إنَّمَا هُوَ فِي ذِمَّةِ الْمُطِيعِ وَلَيْسَ مُرَادًا إذْ كَيْفَ يَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّتِهِ مَعَ جَوَازِ الرُّجُوعِ كَمَا مَرَّ. اهـ. فَقَوْلُهُ، أَوْ رَجَعَ الْمُطِيعُ هُوَ الْمَذْكُورُ بِقَوْلِ الشَّارِحِ هُنَا وَلَوْ بَذَلَ الْمُطِيعُ الطَّاعَةَ، ثُمَّ أَرَادَ الرُّجُوعَ إلَخْ وَقَوْلُهُ سَوَاءٌ أَذِنَ لَهُ الْمُطَاعُ هُوَ الْمَذْكُورُ هُنَا بِقَوْلِهِ، أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ أَدَاءِ النُّسُكِ قَالَ الدَّارِمِيُّ إلَخْ وَقَوْلُهُ: أَمْ لَا هُوَ الْمَذْكُورُ هُنَا بِقَوْلِهِ وَلَوْ مَاتَ الْمُطِيعُ قَبْلَ الْإِجَابَةِ وَقَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ إمْكَانِ الْحَجِّ أَيْ: بَعْدَ الْإِطَاعَةِ قَبْلَ الْإِجَابَةِ، أَوْ بَعْدَهَا كَمَا هُوَ صَرِيحُ هَذَا السِّيَاقِ وَقَوْلُهُ وَفِي كَلَامِ الْمَجْمُوعِ إشَارَةٌ إلَى تَنْظِيرِهِ الْآتِي هُنَا فِي كَلَامِ الدَّارِمِيِّ وَفِيهِ مَا سُطِّرَ فِي أَعْلَى الْهَامِشِ الْآتِي (قَوْلُهُ: اسْتَقَرَّ وُجُوبُهُ)
ــ
[حاشية الشربيني]
وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَنَّ مُوَلِّيَةَ غَيْرِهِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ لِوَلِيِّهَا مَنْعَهَا مِنْ الْمَشْيِ فِيمَا لَا يَلْزَمُهَا فَلَا أَثَرَ لِطَاعَتِهِ وَقَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ وَاجِبٌ عَلَى الْفَوْرِ لَعَلَّهُ إذَا اسْتَأْذَنَهُ النَّائِبُ وَإِلَّا فَعَلَى التَّرَاخِي وَبِهِ يَلْتَئِمُ مَعَ الْحَاشِيَةِ فَانْظُرْهَا
(قَوْلُهُ: إذَا تَوَسَّمَ إلَخْ) أَيْ: غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ بِقَرِينَةِ الْحَالِ إجَابَتُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا شَكَّ فِيهَا فَلَا يَلْزَمُهُ أَمْرُهُ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ. اهـ. شَرْحُ عب ح ج (قَوْلُهُ: مِمَّنْ يَصِحُّ مِنْهُ فَرْضُ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ) وَهُوَ الْمُسْلِمُ الْمُكَلَّفُ الْحُرُّ قَالَ حَجَرٌ فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَإِنْ كَانَ قِنًّا فِي الظَّاهِرِ وَهَذَا فِي حَجَّةِ الْإِسْلَامِ أَمَّا التَّطَوُّعُ فَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْأَجِيرُ فِيهِ صَبِيًّا مُمَيِّزًا أَوْ عَبْدًا أَوْ أَمَةً وَفِي شَرْحِ الْإِيضَاحِ لِابْنِ عَلَّانَ تُجْزِئُ إنَابَةُ الرَّقِيقِ فِي حَجِّ نَذْرٍ أهـ مَدَنِيٌّ لَكِنْ فِي الرَّوْضِ الْمَنْعُ فِي النَّذْرِ
(قَوْلُهُ: مَوْثُوقًا) هَذَا خَاصٌّ بِالْمُطِيعِ فَلَوْ كَانَ الْمَعْضُوبُ مُسْتَأْجِرًا لَهُ صَحَّ اسْتِئْجَارُهُ فَاسِقًا يَحُجُّ عَنْهُ وَقُبِلَ قَوْلُهُ حَجَجْتُ كَمَا فِي فَتَاوَى حَجَرٍ. اهـ. مَدَنِيٌّ (قَوْلُهُ: مَوْثُوقًا بِوَفَائِهِ) بِأَنْ يَكُونَ عَدْلًا وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ إنَابَتُهُ وَلَوْ مَعَ الْمُشَاهَدَةِ؛ لِأَنَّ نِيَّتَهُ لَا يُطَّلَعُ عَلَيْهَا وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ هَذَا شَرْطٌ فِي كُلِّ مَنْ يَحُجُّ عَنْ غَيْرِهِ بِإِجَارَةٍ أَوْ جَعَالَةٍ كَذَا فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ لِحَجَرٍ. اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ وَقَوْلُهُ بِأَنْ يَكُونَ عَدْلًا أَيْ: وَلَوْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ حَتَّى لَوْ ظَنَّهُ فَاسِقًا وَكَانَ فِي بَاطِنِ الْأَمْرِ عَدْلًا تَبَيَّنَ صِحَّةُ ذَلِكَ. اهـ. ح ف. اهـ. مَرْصِفِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: فَإِذَا رَجَعَ قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ أَهْلُ بَلَدِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ، وَالرُّجُوعُ جَائِزٌ قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَبِهِ يَتَبَيَّنُ عَدَمُ الْوُجُوبِ عَلَى الْمَعْضُوبِ إذَا كَانَ قَبْلَ إمْكَانِ الْحَجِّ عَنْهُ وَإِلَّا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ لَا عَلَى الْمُطِيعِ وَإِنْ أَوْهَمَهُ الْمَجْمُوعُ. اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ الْمُحَشِّي قَوْلُهُ: وَبِهِ يَتَبَيَّنُ عَدَمُ الْوُجُوبِ إلَخْ مِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّ الْوُجُوبَ، وَالِاسْتِقْرَارَ قَدْ يَحْصُلَانِ حَالَ الْعَضَبِ دُونَ مَا قَبْلَهُ وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَإِنْ مَاتَ الْمُطِيعُ أَوْ رَجَعَ عَنْ الطَّاعَةِ بَعْدَ إمْكَانِ الْحَجِّ اسْتِقْرَارُ الْوُجُوبِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: أَلْزَمَهُ الْحَاكِمُ بِهَا)
النُّسُكِ قَالَ الدَّارِمِيُّ: إنْ كَانَ قَدْ تَمَكَّنَ مِنْ أَدَائِهِ قَضَى مِنْ مَالِهِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ نَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْمَجْمُوعِ ثُمَّ قَالَ: وَفِي وُجُوبِ الْقَضَاءِ مِنْ مَالِهِ نَظَرٌ وَلَوْ كَانَ لَهُ مَنْ يُطِيعُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِطَاعَتِهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ مَوْرُوثٌ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ النُّسُكُ عَلَى الصَّحِيحِ قَالَ: الرَّافِعِيُّ: وَلَك أَنْ تَقُولَ لَا يَجِبُ بِحَالٍ فَإِنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالِاسْتِطَاعَةِ وَلَا اسْتِطَاعَةَ مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ بِالْمَالِ، وَالطَّاعَةِ
(لَا الْمَالِ) أَيْ: لَا مُحْتَسَبٌ بِالْمَالِ وَإِنْ كَانَ وَلَدُهُ فَإِنَّهُ لَا تَجِبُ الْإِنَابَةُ بِهِ لِعِظَمِ الْمِنَّةِ فِيهِ لَكِنْ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ وَجَمَاعَةٍ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْوَلَدُ الْبَاذِلُ لِلطَّاعَةِ عَاجِزًا عَنْ الْحَجِّ أَيْضًا وَقَدَرَ عَلَى أَنْ يَسْتَأْجِرَ لَهُ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ وَبَذَلَ لَهُ ذَلِكَ وَجَبَ الْحَجُّ عَلَى الْمَبْذُولِ لَهُ وَجْهًا وَاحِدًا وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُتَوَلِّي لَوْ اسْتَأْجَرَ الْمُطِيعُ إنْسَانًا لِيَحُجَّ عَنْ الْمَعْضُوبِ فَالْمَذْهَبُ لُزُومُهُ إنْ كَانَ وَلَدًا لِتَمَكُّنِهِ فَإِنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا فَوَجْهَانِ اهـ. وَمُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ لُزُومُهُ وَكَلَامُ الْبَغَوِيّ عَدَمُ لُزُومِهِ وَاعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَكَالْوَلَدِ فِي هَذَا الْوَالِدُ
(فَرْعٌ) مِنْ الْمَجْمُوعِ إذَا طَلَبَ الْوَالِدُ مِنْ وَلَدِهِ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ اُسْتُحِبَّ لَهُ إجَابَتُهُ وَلَا تَلْزَمُهُ بِخِلَافِ إعْفَافِهِ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَا ضَرَرَ هُنَا عَلَى الْوَالِدِ بِامْتِنَاعِ وَلَدِهِ مِنْ الْحَجِّ بِخِلَافِهِ هُنَاكَ فَإِنَّ عَلَيْهِ ضَرَرًا بِامْتِنَاعِ وَلَدِهِ مِنْ إعْفَافِهِ (وَاسْتُثْنِيَ) مِنْ الْمُحْتَسِبِ بِالطَّاعَةِ (وَلَدْ) لِلْمُطَاعِ (يَمْشِي) فَلَا تَجِبُ إنَابَتُهُ؛ لِأَنَّهُ يَشُقُّ عَلَيْهِ مَشْيُهُ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ
ــ
[حاشية العبادي]
مِنْ هُنَا تَعْلَمُ أَنَّ الْوُجُوبَ، وَالِاسْتِقْرَارَ قَدْ يَحْصُلَانِ حَالَ الْعَضْبِ دُونَ مَا قَبْلَهُ
(قَوْلُهُ: تَمَكَّنَ مِنْ أَدَائِهِ) أَيْ: قَبْلَ مَوْتِهِ (قَوْلُهُ: قَضَى مِنْ مَالِهِ) أَيْ: مِنْ مَالِ الْمُطَاعِ م ر (قَوْلُهُ: مِنْ مَالِهِ) أَيْ: مَالِ الْمُطِيعِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ التَّنْظِيرِ الْمَذْكُورِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا هُوَ مَنْشَأُ قَوْلِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَفِي كَلَامِ الْمَجْمُوعِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ الِاسْتِقْرَارَ إنَّمَا هُوَ فِي ذِمَّةِ الْمُطِيعِ إلَخْ مَا فِي أَسْفَلِ الْهَامِشِ السَّابِقِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْ مَالِ الْمُطَاعِ فَيَنْدَفِعُ التَّنْظِيرُ وَلَا يَرِدُ أَنَّهُ لَمْ يُفْرَضْ مَوْتُ الْمُطَاعِ لِإِمْكَانِ الْحَمْلِ عَلَيْهِ، وَالْمَعْنَى قُضِيَ مِنْ مَالِهِ إنْ مَاتَ قَبْلَ الْإِتْيَانِ بِهِ وَلَهُ مَالٌ وَلَا أَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ قَضَى مِنْهُ مُطْلَقًا فَيُنَافِي قَوْلَهُ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ فِيمَا إذَا لَمْ يَجِدْ مُطِيعًا وَلَا أَجِيرًا إلَى أَنْ مَاتَ فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: نَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْمَجْمُوعِ) وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ مِنْ أَنَّ الِاسْتِقْرَارَ إنَّمَا هُوَ فِي ذِمَّةِ الْمُطِيعِ غَيْرُ مُرَادٍ إذْ كَيْفَ يَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّتِهِ مَعَ جَوَازِ رُجُوعِهِ كَمَا مَرَّ كَذَا قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ صَحِيحٌ فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ: قَالَ الدَّارِمِيُّ: وَلَوْ بَذَلَ الِابْنُ الطَّاعَةَ فَقَبِلَهَا الْأَبُ، ثُمَّ مَاتَ الْبَاذِلُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدَرَ عَلَى الْحَجِّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَدَرَ وَلَمْ يَحُجَّ قَضَى مِنْ مَالِهِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ لِلْبَاذِلِ الرُّجُوعَ لِلْوَارِثِ الرُّجُوعُ وَفِيمَا ذَكَرَهُ مِنْ وُجُوبِ قَضَائِهِ مِنْ تَرِكَتِهِ نَظَرٌ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ. اهـ. فَتَنْظِيره فِيهِ إنَّمَا هُوَ عَلَى فَرْضِ اعْتِمَادِهِ وَإِلَّا فَكَلَامُ الدَّارِمِيِّ هَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ إذَا قَبِلَ الْبَاذِلُ لَزِمَهُ وَامْتَنَعَ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ وَحِينَئِذٍ يُحْتَمَلُ أَنْ يَجِبَ فِي تَرِكَتِهِ نَظَرًا لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ وَهُوَ مَا نَظَرَ إلَيْهِ الدَّارِمِيُّ وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ وُجُوبِهِ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ إنَّمَا كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ بِنَفْسِهِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَرِكَتِهِ وَهُوَ مَا نَظَرَ إلَيْهِ النَّوَوِيُّ فَعُلِمَ أَنَّ كَلَامَ الْمَجْمُوع لَا يَقْتَضِي مَا مَرَّ إلَّا بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ لَا مُطْلَقًا ح ج عب (قَوْلُهُ: لَكِنْ فِي الْكِفَايَةِ إلَخْ) يَتَحَصَّلُ مِنْهُ مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا الْمَالُ إنْ بَذَلَ الْمَالَ لَا يَجِبُ قَبُولُهُ وَبَذْلُ الِاسْتِئْجَارِ بِالْمَالِ يَجِبُ قَبُولُهُ إمَّا بِشَرْطِ عَجْزِ الْبَاذِل كَمَا فِي عِبَارَةِ الْكِفَايَةِ، أَوْ مُطْلَقًا كَمَا فِي عِبَارَةِ الْمَجْمُوعِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ نَفْسِ الْمَالِ، وَالِاسْتِئْجَارِ بِهِ لَائِحٌ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ وَلَدًا لِتَمَكُّنِهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَاجِزًا فَيَكُونُ أَعَمَّ مِمَّا تَقَدَّمَ عَنْ الْكِفَايَةِ
(قَوْلُهُ: وَلَدٌ يَمْشِي) وَلَوْ كَانَ الْمُحْتَسِبُ مُقْتَدِرًا بِنَفْسِهِ لَمْ تَجِبْ إجَابَتُهُ مُطْلَقًا بَعْضًا كَانَ، أَوْ أَجْنَبِيًّا م ر
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ) فَتَجِبُ إنَابَته وَلَوْ مَاشِيًا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ حَجَرٌ عب م ر
ــ
[حاشية الشربيني]
أَيْ: مِنْ بَابِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ فَقَطْ. اهـ. حَجَرٌ فِي تُحْفَتِهِ أَيْ: لَا مِنْ بَابِ إلْزَامِهِ بِذَلِكَ بِالْحُكْمِ عَلَيْهِ حَتَّى يُبَاعَ مَالُهُ فِيهِ وَنَحْوُهُ فَلَا يُنَافِي مَا فِي الْمَجْمُوعِ بَعْدُ مِنْ تَصْحِيحِ أَنَّ الْحَاكِمَ لَا يُجْبِرُهُ عَلَى الِاسْتِنَابَةِ وَلَا يَسْتَأْجِرُ عَنْهُ. اهـ. شَرْحُ عُبَابٍ لِحَجَرٍ قَالَ: وَإِنَّمَا لَمْ يَجْبُرْهُ عَلَى الِاسْتِئْجَارِ لِمَا أَشَارَ لَهُ فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ أَنَّهُ لَا غَرَضَ لَهُ فِي تَأْخِيرِ الْإِذْنِ لِلْمُطِيعِ وَلَهُ غَرَضٌ فِي تَأْخِيرِ الِاسْتِئْجَارِ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِمَالِهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: قَالَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) مِثْلُهُ النَّوَوِيُّ وَأَجَابَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ بِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مُسْتَطِيعًا بِالنِّسْبَةِ لِعَدَمِ الْعِصْيَانِ لَكِنَّهُ مُسْتَطِيعٌ بِالنِّسْبَةِ لِوُجُوبٍ الْحَجِّ عَنْهُ مِنْ تَرِكَتِهِ قَالَ: وَبِمَا ذَكَرُوهُ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِقَوْلِهِمْ يَجِبُ عَلَى الْمَعْضُوبِ الْحَجُّ بِبَذْلِ الطَّاعَةِ هُوَ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَنْ يَثِقُ بِطَاعَتِهِ إذَا أَمَرَهُ فَيَجِبُ بِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَبْذُلْ الْمُطِيعُ (قَوْلُهُ: عَاجِزًا عَنْ الْحَجِّ) قَيَّدَ بِهِ لِيَكُونَ وُجُوبُ الْحَجِّ عَنْ الْمَبْذُولِ لَهُ وَجْهًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّ عُذْرَهُ بِعَجْزِهِ يُسَوِّغُ لَهُ الِاسْتِئْجَارَ وَجْهًا وَاحِدًا بِخِلَافِ الْقَادِرِ فَإِنَّ فِيهِ خِلَافًا لِقُدْرَتِهِ عَلَى فِعْلِ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ، وَالْأَصَحُّ الْجَوَازُ أَيْضًا كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْمَجْمُوعِ فَإِنَّهُ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِعَجْزٍ فَافْهَمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ. اهـ. حَجَرٌ شَرْحُ عُبَابٍ وَقَوْلُهُ، وَالْأَصَحُّ الْجَوَازُ أَيْ: جَوَازُ الِاسْتِئْجَارِ فَيَجِبُ الْحَجُّ عَلَى الْمُطَاعِ وَلْيَحْذَرْ مَا فِي ع ش هُنَا كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الرَّشِيدِيُّ
(قَوْلُهُ: وَبَذَلَ لَهُ ذَلِكَ) أَيْ: بَذَلَ لَهُ الْمَالَ يَسْتَأْجِرُ هُوَ بِهِ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: لَكِنْ إلَخْ) لَكِنْ فِي الرَّشِيدِيِّ أَنَّ ضَمِيرَ لَهُ عَائِدٌ لِلْأَجِيرِ فَيُقَيَّدُ أَنَّهُ لَوْ بَذَلَ الْمَالَ لِلْمُطَاعِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْقَبُولُ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى عُمُومِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا الْمَالِ (قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ لُزُومُهُ إلَخْ) فِيمَا إذَا كَانَ أَجْنَبِيًّا، وَالْأَصَحُّ عَدَمُ اللُّزُومِ. اهـ. م ر فِي الشَّارِحِ
(قَوْلُهُ: وَلَدٌ لِلْمُطَاعِ بِمَشْيٍ) نَعَمْ لَوْ كَانَ بَيْنَهُ
وَكَذَا يُسْتَثْنَى مُوَلِّيَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَعْضًا كَمَا اقْتَضَاهُ نَصُّ الْأُمِّ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ الْقَادِرَةَ عَلَى الْمَشْيِ لَوْ أَرَادَتْ الْحَجَّ مَاشِيَةً كَانَ لِوَلِيِّهَا مَنْعُهَا مِنْ الْمَشْيِ فِيمَا لَا يَلْزَمُهَا (أَوْ السُّؤَالَ، وَالْكَسْبَ اعْتَمَدْ) أَيْ: وَاسْتُثْنِيَ أَيْضًا وَلَدٌ يَعْتَمِدُ السُّؤَالَ أَوْ الْكَسْبَ فَلَا تَجِبُ إنَابَتُهُ إذْ السَّائِلُ قَدْ يُرَدُّ، وَالْكَاسِبُ قَدْ يَنْقَطِعُ عَنْ كَسْبِهِ
وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّ اعْتِمَادَ ذَلِكَ مَانِعٌ مِنْ وُجُوبِ الْقَبُولِ وَإِنْ لَمْ يَنْضَمَّ إلَيْهِ الْمَشْيُ وَهُوَ ظَاهِرٌ لَكِنَّ الشَّيْخَانِ إنَّمَا ذَكَرَاهُ فِي انْضِمَامِ الْمَشْيِ إلَيْهِ وَسَيَأْتِي أَنَّ الْقَادِرَ عَلَى الْمَشْيِ، وَالْكَسْبِ فِي يَوْمٍ كِفَايَةَ أَيَّامٍ لَا يُعْذَرُ فِي السَّفَرِ الْقَصِيرِ فَيَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ الْمَكِّيِّ وَنَحْوِهِ مِمَّا ذُكِرَ كَمَا يُلَوِّحُ بِهِ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَتَعْبِيرُهُ بِالْوَلَدِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالِابْنِ وَلَوْ عَبَّرَ بِالْبَعْضِ كَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ الْوَالِدَ وَإِنْ عَلَا، وَالْوَلَدَ وَإِنْ نَزَلَ
وَإِنَّمَا تَجِبُ الْإِنَانَةُ (لِمَيِّتٍ لَزِمَهُ) النُّسُكُ قَبْلَ مَوْتِهِ (وَمَنْ عُضِبْ) أَيْ: وَلِمَعْضُوبٍ وَإِنْ لَزِمَهُ النُّسُكُ بَعْدَ عَضْبِهِ وَلِهَذَا أَطْلَقَهُ وَقَيَّدَ الْمَيِّتَ بِقَوْلِهِ لَزِمَهُ مَعَ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى هَذَا الْقَيْدِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إنَّمَا تَجِبُ الْإِنَابَةُ عَنْهُ إذَا لَزِمَهُ النُّسُكُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَيِّتَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بَعْدَ مَوْتِهِ وَذِكْرُ الْمَعْضُوبِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ وَحُكْمُهُ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ (وَزَمِنٍ) بَلْ لَا حَاجَةَ لِذِكْرِ ذَلِكَ كُلِّهِ فَإِنَّهُ مَذْكُورٌ بَعْدُ مَعَ أَنَّهُ مَتْرُوكٌ هُنَا فِي كَثِيرٍ مِنْ نُسَخِ الْحَاوِي وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ (لَا يُرْتَجَى) أَيْ: زَوَالُ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: أَوْ السُّؤَالُ إلَخْ) وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَتَخْصِيصُ حُكْمِ التَّعْوِيلِ أَيْ: عَلَى الْكَسْبِ، أَوْ السُّؤَالِ بِالِابْنِ، أَوْ الْأَبِ مِنْ تَصَرُّفِهِ، وَالْمُتَّجِهُ خِلَافُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَصْلِهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَدٌ يُعْتَمَدُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي أَنَّ الْقَادِرَ عَلَى الْمَشْيِ إلَخْ) اُنْظُرْهُ مَعَ مَا سَيَأْتِي قَرِيبًا مِنْ قَوْلِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُتَوَلِّي: وَمَحَلُّ إنَابَةِ الْمَعْضُوبِ إذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مَسَافَةُ الْقَصْرِ وَيُجَابُ بِأَنْ يَكُونَ الْمَعْضُوبُ بَعِيدًا وَالنَّائِبُ قَرِيبًا مِنْ مَكَّةَ وَأَرْسَلَ إلَيْهِ بِرّ
(قَوْلُهُ: وَمَنْ عَضَبَ إلَخْ)(فَرْعٌ)
أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِأَنَّ مَنْ بَقِيَ عَلَيْهِ بَعْضُ أَعْمَالِ الْحَجِّ كَالطَّوَافِ وَقَدْ رَجَعَ وَعَضَبَ جَازَ لَهُ الِاسْتِنَابَةُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَازَتْ فِي تَمَامِ النُّسُكِ فَفِي بَعْضِهِ، أَوْلَى وَلِأَنَّهُمْ جَوَّزُوا الِاسْتِنَابَةَ فِي الرَّمْيِ لِلْعُذْرِ فَكَذَا هُنَا بِخِلَافِ مَنْ مَاتَ وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَالطَّوَافِ لَا تَجُوزُ الِاسْتِنَابَةُ فِيهِ وَلَا يُنَافِي جَوَازَ الِاسْتِنَابَةِ فِي الْأَوَّلِ مَنْعُهُمْ الْبِنَاءَ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ فِي الْحَجِّ لِأَنَّ مَحَلَّهُ فِي الْمَيِّتِ، وَالْحَيِّ الْقَادِرِ هَذَا حَاصِلُ مَا نَقَلَهُ م ر وَفِيهِ أَمْرَانِ الْأَوَّلُ أَنَّهُ قَدْ يُشْكِلُ الْفَرْقُ بِجَوَازِ الِاسْتِنَابَةِ عَنْ الْمَيِّتِ فِي كَامِلِ النُّسُكِ كَمَا قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: فَإِنْ لَمْ يُخَلِّفْ تَرِكَةً اُسْتُحِبَّ لِلْوَارِثِ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ فَإِنْ حَجَّ هُوَ، أَوْ أَجْنَبِيٌّ بِنَفْسِهِ، أَوْ بِاسْتِئْجَارٍ سَقَطَ الْحَجُّ عَنْهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ. اهـ. وَالثَّانِي أَنَّهُ هَلْ يَحْتَاجُ النَّائِبُ إلَى نِيَّةِ نَحْوِ الطَّوَافِ عَنْ الْمَعْضُوبِ، أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَيَتَّجِهُ وُجُوبُهَا لِأَنَّ نِيَّةَ الْحَجِّ إنَّمَا شَمِلَتْ الْأَعْمَالَ مِنْ النَّاوِي فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا أَطْلَقَهُ) قَدْ يُقَالُ لَكِنَّ إطْلَاقَهُ يُوهِمُ وُجُوبَ
ــ
[حاشية الشربيني]
وَبَيْنَ مَكَّةَ دُونَ مُرَحِّلَتَيْنِ وَجَبَتْ إنَابَتُهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَنِيبَ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَزِمَهُ الْحَجُّ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ الصَّغِيرِ لِحَجَرٍ وَسَيَأْتِي قَرِيبًا (قَوْلُهُ: مُوَلِّيَتُهُ) مِثْلهَا مُوَلِّيَةُ غَيْرِهِ كَمَا مَرَّ عَنْ شَرْحِ عب لِحَجَرٍ
(قَوْلُهُ: أَوْ السُّؤَالُ، وَالْكَسْبُ) نَقَلَ سم عَنْ م ر اعْتِمَادَ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ إنْ اعْتَمَدَ ذَلِكَ لَا تَجِبُ إنَابَتُهُ أَيْضًا. اهـ.
(قَوْلُهُ: لِمَيِّتٍ)
(فَرْعٌ)
إذَا مَاتَ الْحَاجُّ عَنْ نَفْسِهِ فِي أَثْنَائِهِ فَهَلْ يَجُوزُ الْبِنَاءُ عَلَى حَجِّهِ قَوْلَانِ الْأَظْهَرُ الْجَدِيدُ لَا يَجُوزُ كَالصَّوْمِ، وَالصَّلَاةِ، وَالْقَدِيمُ يَجُوزُ فَعَلَى الْجَدِيدِ يَبْطُلُ الْمَأْتِيُّ بِهِ إلَّا فِي الثَّوَابِ وَيَجِبُ الْإِحْجَاجُ عَنْهُ مِنْ تَرِكَتِهِ إنْ كَانَ اسْتَقَرَّ فِي ذِمَّتِهِ وَعَلَى الْقَدِيمِ تَارَةً يَمُوتُ وَقَدْ بَقِيَ وَقْتُ الْإِحْرَامِ وَتَارَةَ لَا يَبْقَى فَإِنْ بَقِيَ أَحْرَمَ النَّائِبُ بِالْحَجِّ وَيَقِفُ بِعَرَفَةَ إنَّ لَمْ يَقِفْ الْمَيِّتُ وَلَا يَقِفُ إنْ كَانَ وَقَفَ وَيَأْتِي بِبَاقِي الْأَعْمَالِ وَلَا بَأْسَ بِوُقُوعِ إحْرَامِ النَّائِبِ دَاخِلَ الْمِيقَاتِ فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى إحْرَامٍ أُنْشِئَ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ فِيمَا يُحْرِمُ بِهِ النَّائِبُ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ يَطُوفُ وَيَسْعَى فَيُجْزِيَانِهِ عَنْ طَوَافِ الْحَجِّ وَسَعْيِهِ وَلَا يَبِيتُ وَلَا يَرْمِي فَإِنَّهُمَا لَيْسَ مِنْ أَعْمَالِ الْعُمْرَةِ وَلَكِنْ يُجْبَرَانِ بِالدَّمِ وَأَصَحُّهُمَا يُحْرِمُ بِالْحَجِّ وَيَأْتِي بِبَقِيَّةِ الْأَعْمَالِ وَإِنَّمَا يَمْتَنِعُ إنْشَاءُ الْإِحْرَامِ بَعْدَ أَشْهُرِ الْحَجِّ إذَا ابْتَدَأَهُ وَهَذَا يُبْنَى عَلَى مَا سَبَقَ وَعَلَى هَذَا لَوْ مَاتَ بَيْنَ التَّحَلُّلَيْنِ أَحْرَمَ النَّائِبُ إحْرَامًا لَا يُحَرِّمُ اللُّبْسَ، وَالْقَلَمُ وَإِنَّمَا يُحَرِّمُ النِّسَاءُ هَذَا كُلُّهُ إذَا مَا مَاتَ قَبْلَ التَّحَلُّلَيْنِ فَإِنْ مَاتَ بَعْدَهُمَا فَلَا خِلَافَ إنَّهُ لَا يَجُوزُ الْبِنَاءُ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ جَبْرُ مَا بَقِيَ الدَّمُ (فَرْعٌ)
إذَا مَاتَ الْأَجِيرُ فِي أَثْنَاءِ الْحَجِّ فَلَهُ أَحْوَالٌ أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْأَرْكَانِ وَقَبْلَ الْفَرَاغِ فَيَسْتَحِقُّ قِسْطَ الْأُجْرَةِ عَلَى الْأَظْهَرِ سَوَاءٌ مَاتَ قَبْلَ الْوُقُوفِ أَوْ بَعْدَهُ وَهَلْ يَبْنِي عَلَى مَا فَعَلَ يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ إجَارَةَ عَيْنٍ انْفَسَخَتْ وَلَا بِنَاءَ لِوَرَثَةِ الْأَجِيرِ كَمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَسْتَنِيبَ وَهَلْ لِلْمُسْتَأْجَرِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مَنْ يَبْنِي فِيهِ الْقَوْلَانِ فِي جَوَازِ الْبِنَاءِ وَإِنْ كَانَتْ إجَارَةَ ذِمَّةٍ فَإِنْ قُلْنَا لَا يَجُوزُ الْبِنَاءُ فَلِوَرَثَةِ الْأَجِيرِ أَنْ يَسْتَأْجِرُوا مَنْ يَسْتَأْنِفُ الْحَجَّ عَنْ الْمُسْتَأْجَرِ لَهُ فَإِنْ أَمْكَنَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ فَذَاكَ وَإِلَّا ثَبَتَ الْخِيَارُ وَإِنْ جَوَّزْنَا الْبِنَاءَ فَلِوَرَثَةِ الْأَجِيرِ أَنْ يَبْنُوا فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ فَرَاغِ الْأَرْكَانِ وَقَبْلَ فَرَاغِ بَاقِي الْأَعْمَالِ فَيَنْظُرُ إنْ فَاتَ وَقْتُهَا أَوْ لَمْ يَفُتْ وَلَمْ نُجَوِّزْ الْبِنَاءَ جُبِرَ بِالدَّمِ مِنْ مَالِ الْأَجِيرِ وَإِنْ جَوَّزْنَا الْبِنَاءَ فَإِنْ كَانَتْ إجَارَةَ عَيْنٍ انْفَسَخَتْ فِي الْأَعْمَالِ الْبَاقِيَةِ وَوَجَبَ رَدُّ قِسْطِهَا مِنْ الْأُجْرَةِ وَيَسْتَأْجِرُ الْمُسْتَأْجَرُ مَنْ يَرْمِي وَيَبِيتُ وَلَا دَمَ عَلَى الْأَجِيرِ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى الذِّمَّةِ اسْتَأْجَرَ وَارِثُ الْأَجِيرِ مَنْ يَرْمِي وَيَبِيتُ وَلَا حَاجَةَ إلَى الْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّهُمَا عَمَلَانِ يُؤْتَى بِهِمَا بَعْدَ التَّحَلُّلَيْنِ وَلَا يَلْزَمُ الدَّمُ وَلَا رَدُّ شَيْءٍ مِنْ الْأُجْرَةِ ذَكَرَهُ فِي التَّتِمَّةِ. اهـ. مِنْ الرَّوْضَةِ وَقَوْلُهُ وَهَلْ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّ مَنْ عَمِلَ بَعْضَ الْأَعْمَالِ وَقَدْ رَجَعَ وَعَضَبَ لَا يَسْتَأْجِرُ مَنْ يَبْنِي خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ الْمُحَشِّي عَنْ إفْتَاءِ الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ فَلْيُرَاجَعْ -
زَمَانَتِهِ صِفَةٌ كَاشِفَةٌ فِي مَعْنَى التَّفْسِيرِ لِلزَّمِنِ، وَالْمُعْتَبَرُ شِدَّةُ مَشَقَّةِ الثُّبُوتِ عَلَى الرَّاحِلَةِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: عَنْ الْمُتَوَلِّي وَمَحَلُّ إنَابَةِ الْمَعْضُوبِ إذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مَسَافَةُ الْقَصْرِ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ الْإِنَابَةُ لِقِلَّةِ الْمَشَقَّةِ فِي الْمُبَاشَرَةِ حِينَئِذٍ
وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْمَيِّتِ الْمُرْتَدُّ فَإِنَّهُ لَا يُنَابُ عَنْهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَذَكَرَ فِيهِ فِي الْبَحْرِ احْتِمَالَيْنِ أَحَدُهُمَا يُنَابُ عَنْهُ مِنْ تَرِكَتِهِ كَمَا يُخْرَجُ مِنْهَا الزَّكَاةُ، وَالْكَفَّارَةُ، وَالثَّانِي لَا؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ لَوْ صَحَّتْ لَوَقَعَتْ عَنْ الْمَنُوبِ عَنْهُ وَهُوَ مُسْتَحِيلٌ هُنَا
وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِ الْإِنَابَةِ خَبَرُ أَبِي رَزِينٍ السَّابِقُ وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ امْرَأَةً مِنْ خَثْعَمَ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ فِي الْحَجِّ عَلَى عِبَادِهِ أَدْرَكْتُ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ أَفَأَحُجُّ عَنْهُ قَالَ نَعَمْ» وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَخَبَرُ مُسْلِمٍ «أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَلَمْ تَحُجَّ قَالَ: حُجِّي عَنْ أُمِّك»
ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ النَّوْعِ الثَّانِي فَقَالَ (وَكَيْ يَجِبْ أَنْ يَتَوَلَّى هُوَ بِالْإِنْفَاقِ لَهُ وَلِلَّذِي يَمُونُهُ) أَيْ: وَالشَّرْطُ فِي كِلَيْهِمَا لِوُجُوبِ تَوْلِيَتِهِ أَيْ: مُبَاشَرَتِهِ بِنَفْسِهِ مَا مَرَّ مَعَ وِجْدَانِ نَفَقَتِهِ مِنْ الزَّادِ وَأَوْعِيَتِهِ وَمَا يَحْتَاجُهُ فِي السَّفَرِ وَنَفَقَةُ مُمَوَّنِهِ (وَ) مَعَ وِجْدَانِ (الرَّاحِلَهْ) الصَّالِحَةِ لِمِثْلِهِ وَثُبُوتِهِ عَلَيْهَا
أَمَّا الزَّادُ، وَالرَّاحِلَةُ فَلِتَفْسِيرِ السَّبِيلِ فِي الْآيَةِ بِهِمَا فِي خَبَرِ الْحَاكِمِ وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَأَمَّا الْأَوْعِيَةُ وَنَحْوُهَا فَلِلضَّرُورَةِ إلَيْهَا وَصَرَّحَ الدَّارِمِيُّ بِمَنْعِهِ مِنْ الْحَجِّ حَتَّى يَتْرُكَ لِمُمَوَّنِهِ نَفَقَةُ الذَّهَابِ، وَالْإِيَابِ وَيُعْتَبَرُ وِجْدَانُهُ مَا ذُكِرَ (إلَى الرُّجُوعِ) إلَى وَطَنِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بِهِ عَشِيرَةٌ لَمَا فِي الْغُرْبَةِ مِنْ الْوَحْشَةِ وَلِنَزْعِ النُّفُوسِ لِلْأَوْطَانِ (لَا بِدَيْنِهِ) الَّذِي (عَلَى) مَا (سِوَاهُ فِي وَقْتِ الْخُرُوجِ أُجِّلَا) أَيْ: لَا إنْ كَانَ وِجْدَانُهُ مِمَّا ذُكِرَ بِدَيْنِهِ الَّذِي عَلَى غَيْرِهِ مُؤَجَّلًا وَقْتَ خُرُوجِهِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ النُّسُكُ إذْ هَذَا كَالْمَعْدُومِ وَقَدْ يُجْعَلُ هَذَا وَسِيلَةً إلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ فَيَبِيعُ مَالَهُ نَسِيئَةً قَبْلَ وَقْتِ الْخُرُوجِ إذَا الْمَالُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ حِينَئِذٍ وَمِثْلُهُ الْحَالُ إنْ كَانَ عَلَى مُنْكِرٍ بِلَا بَيِّنَةٍ، أَوْ مُعْسِرٍ بِخِلَافِهِ إذَا كَانَ عَلَى مَلِيءٍ مُقِرٍّ، أَوْ مُنْكِرٍ وَعَلَيْهِ بَيِّنَةٌ؛ لِأَنَّهُ كَالْحَاصِلِ بِيَدِهِ
ــ
[حاشية العبادي]
الْإِنَابَةِ وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهُ النُّسُكُ (قَوْلُهُ: فِي الْمُبَاشَرَةِ حِينَئِذٍ) نَعَمْ الْأَوْجَهُ أَنَّ مَنْ لَا يُمْكِنُهُ الثُّبُوتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ بِوَجْهٍ تَصِحُّ إنَابَتُهُ وَإِنْ كَانَ مَكِّيًّا حَجَرٌ
(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ بَيِّنَةٌ)، أَوْ يُعَلِّمُهُ الْحَاكِمُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: أَوْ أَمْكَنَهُ الظَّفْرُ مِنْ مَالِهِ بِقَدْرِهِ وَوُجِدَتْ شُرُوطُ الظَّفْرِ حَجَرٌ
ــ
[حاشية الشربيني]
وَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: شِدَّةُ مَشَقَّةِ الثُّبُوتِ) بِأَنْ كَانَتْ مَشَقَّةُ الثُّبُوتِ عَلَى الرَّاحِلَةِ كَمَشَقَّةِ الْمَشْيِ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنْ يَخْشَى مِنْهُ مُبِيحَ التَّيَمُّمِ أَوْ يَحْصُلَ لَهُ مَشَقَّةٌ لَا يُطَاقُ الصَّبْرُ عَلَيْهَا عَادَةً كَذَا فِي الْعُبَابِ وَالشَّارِحِ لِحَجَرٍ
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ الْإِنَابَةُ) هُوَ ظَاهِرٌ إنْ أَمْكَنَهُ ذَلِكَ وَلَوْ بِمَشَقَّةٍ وَإِلَّا فَيُحْتَمَلُ جَوَازُ الِاسْتِنَابَةِ لِلضَّرُورَةِ وَيُحْتَمَلُ مَنْعُهَا مَا دَامَ حَيًّا فَإِذَا مَاتَ حَجَّ عَنْهُ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ مَنْ لَا يُمْكِنُهُ الثُّبُوتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ بِوَجْهٍ تَصِحُّ إنَابَتُهُ وَإِنْ كَانَ مَكِّيًّا. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ الصَّغِيرِ لِحَجَرٍ
(قَوْلُهُ: لِقِلَّةِ الْمَشَقَّةِ حِينَئِذٍ) وَإِنْ كَانَتْ تُبِيحُ التَّيَمُّمَ كَمَا نَقَلَهُ الْمَدَنِيُّ عَنْ حَجَرٍ وَشَيْخِ الْإِسْلَامِ وم ر وخ ط وَغَيْرُهُمْ قَالَ خ ط فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ: يُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ عَدَمُ اللُّزُومِ عِنْدَ كَثْرَتِهَا وَيَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ وَاعْتَمَدَهُ فِي الْمُغْنِي أَيْضًا وَحَجَرٌ فِي شَرْحَيْ الْإِرْشَادِ وم ر فِي النِّهَايَةِ وَاعْتَمَدَ حَجَرٌ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى مَتْنِ الْعُبَابِ عَدَمُ الصِّحَّةِ لِلْمَكِّيِّ مُطْلَقًا، وَالصِّحَّةَ عَلَى مَنْ هُوَ عَلَى دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ وَلَوْ عَلَى سَرِيرٍ يَحْمِلُهُ رِجَالٌ. اهـ. وَفِيهِ مُخَالَفَةٌ لِمَا يَأْتِي فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لِقِلَّةِ الْمَشَقَّةِ) فِيهِ خُرُوجٌ عَنْ مَسْأَلَةِ الْمَعْضُوبِ إذْ هُوَ مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ الرُّكُوبَ أَصْلًا أَوْ إلَّا بِمَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْقِلَّةَ، وَالشِّدَّةَ مِنْ الْأُمُورِ النِّسْبِيَّةِ، وَالشَّدِيدَةُ فِي التَّعْرِيفِ هِيَ الَّتِي تُوَازِي مَشَقَّةَ الْمَشْيِ، وَالْقَلِيلَةُ فِي كَلَامِ الْمُتَوَلِّي هِيَ الَّتِي لَا يَعْظُمُ تَحَمُّلُهَا بِالنِّسْبَةِ لِلْقَرِيبِ إلَى مَكَّةَ وَإِنْ زَادَتْ عَلَى مَشَقَّةِ الْمَشْيِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُغْتَفَرُ عَادَةً فِي جَنْبِ مُبَاشَرَتِهِ الْحَجَّ بِنَفْسِهِ وَعَدِّ أَهْلِ الْعُرْفِ لَهُ مُسْتَطِيعًا لِذَلِكَ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ
(قَوْلُهُ: وَمَعَ وِجْدَانِ الرَّاحِلَةِ) أَيْ: الْمُوصِلَةِ جَمِيعَ الْمَسَافَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا وَجَدَ رَاحِلَةً تُوَصِّلُهُ إلَى مَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَقَدَرَ عَلَى مَشْيِ مَا بَقِيَ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْحَجُّ؛ لِأَنَّ تَحْصِيلَ مُقَدَّمَةِ الْوَاجِبِ لَا يَجِبُ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ قَوْلُهُ: لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: الرَّاحِلَةُ) النَّاقَةُ الصَّالِحَةُ لِلْحَمْلِ وَأَلْحَقَ الطَّبَرِيُّ بِهَا كُلَّ دَابَّةٍ اُعْتِيدَ الْحَمْلُ عَلَيْهَا مِنْ نَحْوِ بَغْلٍ أَوْ حِمَارٍ م ر أَيْ: وَكَانَتْ تَلِيقُ بِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ تَلِيقُ بِمِثْلِهِ ع ش وَقَالَ ز ي وَحَجَرٌ: وَإِنْ لَمْ تَلِقْ بِهِ وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ بِنَظِيرِهِ فِي الْجُمُعَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْحَجُّ لَا بَدَلَ لَهُ بِخِلَافِهَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُعَادِلِ الْآتِي بِأَنَّهُ يَتَضَرَّرُ بِمُجَالَسَتِهِ بِخِلَافِ الدَّابَّةِ ع ش أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بِهِ إلَخْ) أَيْ: إذَا كَانَ لَهُ وَطَنٌ وَنَوَى الرُّجُوعَ إلَيْهِ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَإِلَّا فَمَنْ لَا وَطَنَ لَهُ وَلَهُ بِالْحِجَازِ مَا يُغْنِيهِ لَا يُعْتَبَرُ فِي حَقِّهِ مُؤْنَةُ الْإِيَابِ لِاسْتِوَاءِ سَائِرِ الْبِلَادِ إلَيْهِ وَكَذَا مَنْ نَوَى الْإِقَامَةَ بِمَكَّةَ أَوْ قُرْبَهَا وَإِنْ كَانَ لَهُ أَهْلٌ وَوَطَنٌ. اهـ. حَجَرٌ
(قَوْلُهُ: وَقَدْ يُجْعَلُ إلَخْ) وَهُوَ
(إلَّا لِمَنْ يَكْسِبُ يَوْمًا) أَيْ: فِي يَوْمٍ (مَا هُوَ كَافٍ) لَهُ وَلِمُمَوِّنِهِ (لِأَيَّامٍ) أَيْ: فِي أَيَّامٍ فَلَا يُشْتَرَطُ وِجْدَانُ النَّفَقَةِ لِاغْتِنَائِهِ بِكَسْبِهِ بِخِلَافِ مَنْ يَكْسِبُ كِفَايَةَ يَوْمٍ بِيَوْمٍ لِانْقِطَاعِهِ عَنْ الْكَسْبِ أَيَّامَ الْحَجِّ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَهِيَ سَبْعَةٌ أَوَّلُهَا بَعْدَ زَوَالِ سَابِعِ ذِي الْحِجَّةِ وَآخِرُهَا بَعْدَ زَوَالِ الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْهُ وَقَضِيَّةُ تَجْدِيدِهَا بِالزَّوَالَيْنِ أَنَّهَا سِتَّةٌ، لَكِنَّهُ اعْتَبَرَ فِيهَا تَمَامَ الطَّرَفَيْنِ تَغْلِيبًا فَعَدَّهَا سَبْعَةً وَاسْتَنْبَطَ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ التَّعْلِيلِ السَّابِقِ أَنَّ الْأَيَّامَ سِتَّةٌ قَالَ: وَهِيَ أَيَّامُ الْحَجِّ مِنْ خُرُوجِ النَّاسِ غَالِبًا وَهُوَ مِنْ أَوَّلِ الثَّامِنِ إلَى آخِرِ الثَّالِثَ عَشَرَ (وَإِلَّا ذَا قُوَى) جَمْعُ قُوَّةٍ
(فِي سَيْرِهِ دُونَ رُكُوبٍ فِي سَفَرْ
مَا طَالَ) أَيْ: قَصِيرٌ فَلَا يُشْتَرَطُ لَهُ وِجْدَانُ رَاحِلَةٍ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الضَّعِيفِ وَفِي كَلَامِهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ إذْ الِاسْتِثْنَاءُ الْأَوَّلُ رَاجِعٌ لِلنَّفَقَةِ، وَالثَّانِي لِلرَّاحِلَةِ كَمَا تَقَرَّرَ وَمُرَادُهُ بِدُونِ الرُّكُوبِ الْمَشْيُ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْحَاوِي فَخَرَجَ بِهِ الْحَبْوُ، وَالزَّحْفُ فَلَا يُؤْمَرُ بِهِمَا بِحَالٍ
قَالُوا، وَالْمَسَافَةُ تُعْتَبَرُ مِنْ مَبْدَأِ سَفَرِهِ إلَى مَكَّةَ لَا إلَى الْحَرَمِ وَفِي عَدَمِ اعْتِبَارِ الرَّاحِلَةِ فِيمَا إذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ عَرَفَاتٍ أَكْثَرُ نُظِرَ، وَالسَّفَرُ الْقَصِيرُ مُعْتَبَرٌ (فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) أَيْ: مَسْأَلَتَيْ الْكَاسِبِ، وَالْقَوِيِّ عَلَى الْمَشْيِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ عَدَمَ اشْتِرَاطِ وِجْدَانِ الْكَاسِبِ النَّفَقَةِ، وَالْقَوِيِّ عَلَى الْمَشْيِ الرَّاحِلَةُ مَحَلُّهُ فِي السَّفَرِ الْقَصِيرِ بِخِلَافِ الطَّوِيلِ وَهُوَ مَسَافَةُ الْقَصْرِ وَإِنْ كَسَبَ الْأَوَّلُ كِفَايَةَ أَيَّامٍ وَقَدَرَ الثَّانِي عَلَى الْمَشْيِ لِعِظَمِ الْمَشَقَّةِ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَعْرِضُ مَا يَمْنَعُ مِنْ الْكَسْبِ، وَالْمَشْيِ نَعَمْ يُسْتَحَبُّ لَهُمَا ذَلِكَ، وَالرُّكُوبُ لِوَاحِدٍ الرَّاحِلَةُ أَفْضَلُ مِنْ الْمَشْيِ اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلِأَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى مُهِمَّاتِ الْعِبَادَةِ مَعَهُ أَيْسَرُ وَمَا ذُكِرَ مِنْ الْأُجْرَةِ، وَالْمُؤْنَةِ، وَالرَّاحِلَةِ (يُعْتَبَرْ مِنْ بَعْدِ) وِجْدَانِ (مَا) أَيْ: أَشْيَاءَ (فِي فِطْرَةٍ قَدْ بُيِّنَتْ) مِنْ دَيْنٍ عَلَيْهِ وَلَوْ مُؤَجَّلًا
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: مَا هُوَ كَافٍ لِأَيَّامِ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُعْتَبَرُ فِي الْعُمْرَةِ مَا يَكْفِي لِزَمَنِ فِعْلِهَا كَالْيَوْمِ وَأَقَلَّ مِنْهُ بِرّ (قَوْلُهُ قَالُوا، وَالْمَسَافَةُ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى النَّظَرِ الْآتِي (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُسْتَحَبُّ إلَخْ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَقَضِيَّةُ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي اسْتِحْبَابِ الْمَشْيِ بَيْنَ الرَّجُلِ، وَالْمَرْأَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا اقْتَضَاهُ نَصُّ الْأُمِّ وَصَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ سُلَيْمٌ فِي الْمُجَرَّدِ وَقَالَ: إلَّا إنَّهُ لِلرِّجَالِ آكَدُ نَعَمْ فِي التَّقْرِيبِ أَنَّ لِلْوَلِيِّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مَنْعَهَا وَهُوَ مُتَّجِهٌ لَا يُنَافِي مَا مَرَّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْوَلِيَّ هُنَا الْعَصَبَةُ وَيَتَّجِهُ إلْحَاقُ الْوَصِيِّ، وَالْحَاكِمِ بِهِ أَيْضًا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: وَلَعَلَّ هَذَا فِي حَجِّ التَّطَوُّعِ عِنْدَ التُّهْمَةِ وَإِلَّا فَلَا مَنْعَ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ فِيمَا إذَا كَانَتْ التُّهْمَةُ فِي الْفَرْضِ شَرْحُ الرَّوْضِ
(قَوْلُهُ: مِنْ دَيْنٍ عَلَيْهِ) وَلَوْ مُؤَجَّلًا كَذَا فِي الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ وَظَاهِرُهُ اعْتِبَارُ الْفَضْلِ هُنَا وَإِنْ لَمْ نَعْتَبِرْهُ فِي الْفِطْرَةِ فَإِنَّهُمْ أَطْلَقُوا وَجَزَمُوا هُنَا مَعَ حِكَايَتِهِمْ ثَمَّ خِلَافًا وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْفِطْرَةِ حَقَارَتَهَا بِالنِّسْبَةِ لِلدِّينِ فَسُومِحَ بِوُجُوبِهَا مَعَهُ عَلَى أَحَدِ الرَّأْيَيْنِ وَلَا كَذَلِكَ مُؤَنُ الْحَجِّ فَلْيُتَأَمَّلْ سم
ــ
[حاشية الشربيني]
مَكْرُوهٌ وَقِيلَ حَرَامٌ. اهـ. شَرْحُ عب (قَوْلُهُ: أَيْ: فِي يَوْمٍ) الْمُرَادُ بِهِ أَوَّلُ أَيَّامِ سَفَرِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ فِي الْحَضَرِ دُونَ أَوَّلِ أَيَّامِ خُرُوجِهِ؛ لِأَنَّ تَحْصِيلَ سَبَبِ الْوُجُوبِ لَا يَجِبُ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ يُعَدُّ مُسْتَطِيعًا فِي السَّفَرِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهِ وَلَوْ قَبْلَ تَحْصِيلِ الْكَسْبِ وَلَا بُدَّ مِنْ قُدْرَتِهِ عَلَى الْكَسْبِ فِيهِ بِالْفِعْلِ فَلَوْ كَانَ يَقْدِرُ لَكِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ، وَالْمُرَادُ الْكَسْبُ اللَّائِقُ بِهِ وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ أَيْضًا. اهـ. م ر وع ش وَعِبَارَةُ سم عَلَى التُّحْفَةِ كَانَ وَجْهُ الْفَرْقِ وَعَدُّهُ مُسْتَطِيعًا فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي إمْكَانُ شُرُوعِهِ حَالًا فِي السَّفَرِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي لِتَوَقُّفِ الشُّرُوعِ عَلَى الِاكْتِسَابِ وَتَحْصِيلِ الْمُؤْنَةِ قَبْلَهُ نَعَمْ قَدْ يُقَالُ هَذَا التَّوَقُّفُ لَا يَمْنَعُ الِاسْتِطَاعَةَ كَمَا لَمْ يَمْنَعْهَا تَوَقُّفُ شُرُوعِ ذِي الْمَالِ عَلَى شِرَاءِ الْمُؤَنِ فِي أَيَّامِ الْحَجِّ. اهـ.، وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا ذَكَرَهُ لَائِحٌ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: أَوَّلُهَا بَعْدَ زَوَالِ سَابِعِ ذِي الْحِجَّةِ) أَيْ: نَظَرًا إلَى أَنَّ خُطْبَةَ التَّرْوِيَةِ بَعْدَ زَوَالِ السَّابِعِ أَوَّلُ الْمَنَاسِكِ وَآخِرُهَا النَّفْرُ الثَّانِي بَعْدَ زَوَالِ الثَّالِثَ عَشَرَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مِنْ أَوَّلِ الثَّانِي إلَخْ) أَيْ: نَظَرًا إلَى أَنَّ أَوَّلَ الثَّانِي هُوَ أَوَّلُ خُرُوجِ النَّاسِ غَالِبًا، وَالثَّالِثَ عَشَرَ يَحْتَاجُ إلَى صَرْفِهِ كُلِّهِ فِي رَمْيِهِ وَنَفْرِهِ وَطَوَافِهِ لِلْوَدَاعِ وَخُرُوجِهِ إلَى مَحَلِّهِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ
(قَوْلُهُ: مِنْ التَّعْلِيلِ السَّابِقِ) وَهُوَ قَوْلُهُ: لِانْقِطَاعِهِ عَنْ الْكَسْبِ أَيَّامَ الْحَجِّ م ر (قَوْلُهُ: أَنَّ الْأَيَّامَ سِتَّةٌ) عِبَارَةُ م ر أَنَّهَا مِنْ خُرُوجِ النَّاسِ غَالِبًا وَهُوَ مِنْ أَوَّلِ الثَّامِنِ إلَى آخِرِ الثَّالِثَ عَشَرَ وَهَذَا فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَنْفِرْ النَّفْرَ الْأَوَّلَ أَيْ: وَإِلَّا كَانَتْ خَمْسَةً. اهـ. وَهِيَ أَحْسَنُ تَرْتِيبًا كَمَا لَا يَخْفَى لَكِنَّ عِبَارَةَ الشَّارِحِ أَقْعَدُ مِنْ جِهَةِ النَّصِّ عَلَى الْمُسْتَنْبَطِ إذْ هُوَ الْمَقْصُودُ تَدَبَّرْ
(قَوْلُهُ: فَلَا يُؤْمَرُ بِهِمَا) وَلَوْ كَانَ بِمَكَّةَ أَوْ عَرَفَةَ عَلَى الْأَوْجَهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ الْعَظِيمَةِ نَعَمْ يَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ طَرَأَ لَهُ ذَلِكَ بَعْدَ إحْرَامِهِ وَأَمْكَنَهُ مِنْ غَيْرِ كَبِيرِ مَشَقَّةٍ لَزِمَهُ الْمُضِيُّ فِيهِ وَإِلَّا جَازَ لَهُ التَّحَلُّلُ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ
(قَوْلُهُ: أَفْضَلُ مِنْ الْمَشْيِ إلَخْ) وَإِنْ وَرَدَ «مَنْ حَجَّ مِنْ مَكَّةَ مَاشِيًا حَتَّى يَرْجِعَ إلَيْهَا كُتِبَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ سَبْعُمِائَةِ حَسَنَةٍ مِنْ حَسَنَاتِ الْحَرَمِ الْحَسَنَةُ بِمِائَةِ أَلْفٍ» صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ؛ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ فَائِدَةِ الرُّكُوبِ تُعَادِلُ ذَلِكَ أَوْ تَزِيدُ عَلَيْهِ عَلَى أَنَّ الْبَيْهَقِيَّ ضَعَّفَ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ وَلَمْ يَنْظُرْ لِتَصْحِيحِ شَيْخِهِ الْحَاكِمِ لَهُ لِمَا عُرِفَ مِنْ تَسَاهُلِهِ فِي التَّصْحِيحِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ
وَدُسْتُ ثَوْبٍ لَائِقٍ بِحَالِهِ وَمَسْكَنٍ وَخَادِمٍ يَحْتَاجُهُمَا إلَّا أَنْ يَكُونَا نَفِيسَيْنِ فَيَأْتِي فِيهِمَا مَا مَرَّ ثَمَّةَ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَالْجَارِيَةُ النَّفِيسَةُ الْمَأْلُوفَةُ كَالْعَبْدِ إنْ كَانَتْ لِلْخِدْمَةِ فَإِنْ كَانَتْ لِلتَّمَتُّعِ لَمْ يُكَلَّفْ بَيْعَهَا قَالَ وَهَذَا التَّفْصِيلُ لَمْ أَرَهُ وَلَا بُدَّ مِنْهُ قَالَ: وَكَلَامُهُمْ يَشْمَلُ الْمَرْأَةَ الْمَكْفِيَّةَ بِإِسْكَانِ الزَّوْجِ وَإِخْدَامِهِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ؛ لِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ قَدْ تَنْقَطِعُ فَتَحْتَاجُ إلَيْهِمَا وَكَذَا الْمَسْكَنُ لِلْمُتَفَقِّهَةِ السَّاكِنِينَ بُيُوتَ الْمَدَارِسِ، وَالصُّوفِيَّةُ بِالرُّبُطِ وَنَحْوِهَا. اهـ.
وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ بَلْ الْمُتَّجِهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ مُسْتَطِيعُونَ لِاسْتِغْنَائِهِمْ فِي الْحَالِ فَإِنَّهُ الْمُعْتَبَرُ وَلِهَذَا تَجِبُ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَلَى مَنْ كَانَ غَنِيًّا لَيْلَةَ الْعِيدِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَا يَكْفِيهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَمَا قَالَهُ حَسَنٌ وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ فِي غَيْرِ الزَّوْجَةِ
(وَ) بَعْدَ وِجْدَانِ (مُؤَنِ النِّكَاحِ إنْ خَافَ الْعَنَتَ) أَيْ: الزِّنَا؛ لِأَنَّ حَاجَةَ النِّكَاحِ نَاجِزَةٌ، وَالنُّسُكُ عَلَى التَّرَاخِي وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ عَدَمُ وُجُوبِ النُّسُكِ حِينَئِذٍ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِ الْجُمْهُورِ، لَكِنْ كَثِيرٌ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ قَالُوا بِوُجُوبِهِ، لَكِنَّ تَقْدِيمَ النِّكَاحِ أَوْلَى قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهُوَ الْأَصَحُّ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُونَ وَعَلَّلَهُ صَاحِبُ الشَّامِلِ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ النِّكَاحَ مِنْ الْمَلَاذِ فَلَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الْحَجِّ وَيُعْتَبَرُ أَيْضًا كَوْنُ ذَلِكَ بَعْدَ وِجْدَانِ الْكُتُبِ الشَّرْعِيَّةِ لِلْفَقِيهِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ مِنْ كِتَابٍ نُسْخَتَانِ فَيَكْتَفِي بِوَاحِدَةٍ
وَبَعْدَ وِجْدَانِ خَيْلِ الْجُنْدِيِّ وَسِلَاحِهِ (وَأَجْرِ تَخْفِيرٍ) مَنْ خَفَّرْته مُثَقَّلًا مِنْ خَفَرْته مُخَفَّفًا إذَا أَجَرْتُهُ وَكُنْتُ لَهُ خَفِيرًا أَيْ مُجِيرًا تَمْنَعُهُ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ أَيْ وَبَعْدَ وِجْدَانِ أُجْرَةِ الْخِفَارَةِ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهَا فَتَلْزَمُهُ أُجْرَتُهَا؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ مِنْ أُهْبَةِ الطَّرِيقِ فَهِيَ كَالرَّاحِلَةِ وَهَذَا مَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ تَصْحِيحِ الْإِمَامِ وَصَحَّحَاهُ وَمُقَابَلَةٌ لَا تَلْزَمُهُ أُجْرَتُهَا؛ لِأَنَّهَا خُسْرَانٌ لِدَفْعِ الظُّلْمِ كَالدَّفْعِ إلَى ظَالِمٍ؛ وَلِأَنَّ مَا يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَا زَادَ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ وَأُجْرَتِهِ فِي الزَّادِ، وَالرَّاحِلَةِ فَلَا يَجِبُ الْحَجُّ مَعَ طَلَبِهَا وَنَقَلَ هَذَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ جَمَاهِيرِ الْعِرَاقِيِّينَ، والْخُراسانِيِينَ ثُمَّ قَالَ: فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ أَرَادُوا بِالْخِفَارَةِ مَا يَأْخُذُهُ الرَّصَدِيُّ فِي الْمَرَاصِدِ وَهَذَا لَا يَجِبُ الْحَجُّ مَعَهُ بِلَا خِلَافٍ فَلَا يَكُونُونَ مُتَعَرِّضِينَ لِمَسْأَلَةِ الْإِمَامِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ أَرَادُوا الصُّورَتَيْنِ فَيَكُونُ خِلَافَ مَا قَالَهُ لَكِنَّ الِاحْتِمَالَ الْأَوَّلَ أَصَحُّ وَأَظْهَرُ فِي الدَّلِيلِ فَيَكُونُ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ لِلتَّمَتُّعِ لَمْ يُكَلَّفْ بَيْعَهَا) قُلْت يَنْبَغِي أَنْ لَا تَكُونَ مَانِعَةً لِلْوُجُوبِ كَنَظِيرِهِ مِنْ الْقُدْرَةِ عَلَى النِّكَاحِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمَلَاذِّ فَلَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الْحَجِّ بِرّ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ لِلْخِدْمَةِ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: وَالْمُتَّجِهُ أَنَّهَا كَالْعَبْدِ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْعُلْقَةَ فِيهَا كَالْعُلْقَةِ فِيهِ قُلْت وَقَدْ يُؤَيِّدُ مَا يَأْتِي قَرِيبًا فِي حَاجَةِ النِّكَاحِ شَرْحُ الرَّوْضِ
(قَوْلُهُ: الْمُتَّجِهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ مُسْتَطِيعُونَ) شَامِلٌ لِلزَّوْجَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي غَيْرِ الزَّوْجَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ) أَيْ: الْحَالَ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ تَقْدِيمَهُ النِّكَاحَ، أَوْلَى) وَعِبَارَة الرَّوْضُ أَفْضَلُ وَقَدْ يُسْتَشْكَلُ ذَلِكَ بِأَنَّ أَفْضَلِيَّةَ النِّكَاحِ مَعَ وُجُوبِ الْحَجِّ الْمُقْتَضِيَ أَنَّهُ يَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّتِهِ وَإِنَّهُ لَوْ مَاتَ قَبْلَ فِعْلِهِ تَبَيَّنَ عِصْيَانُهُ تُؤَدِّي إلَى أَنْ يُؤْمَرَ الْإِنْسَانُ بِمَا يُؤَدِّي لِعِصْيَانِهِ لِأَنَّ قَضِيَّةَ الْأَفْضَلِيَّةِ طَلَبُ تَأْخِيرِهِ الْمُؤَدِّي لِذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْأَفْضَلِيَّةُ مَشْرُوطَةٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ كَالْجَوَازِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَفِيهِ مَا فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَصَحُّ) وَعَلَى هَذَا يَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّتِهِ فَيُقْضَى مِنْ تَرِكَتِهِ إنْ مَاتَ قَبْلَ الْإِتْيَانِ بِهِ
(قَوْلُهُ: وَعَلَّلَهُ صَاحِبُ إلَخْ) قَدْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ إعْفَافَ الْأَبِ مَانِعٌ مِنْ الْوُجُوبِ
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إلَخْ) جَزَمَ م ر فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ بِمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَذْكُرَ مَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ لَكِنَّ شَرْحَهُ لِلْمِنْهَاجِ كَهَذَا الشَّرْحِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ بِزِيَادَةٍ
(قَوْلُهُ: وَمَا قَالَهُ حَسَنٌ) مُعْتَمَدُ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: لَكِنَّ تَقْدِيمَ النِّكَاحِ أَوْلَى) ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً وَدَرْءَ مَفْسَدَةٍ وَفِي الْحَجِّ مَصْلَحَةٌ فَقَطْ فَكَانَ الْأَوَّلُ أَوْلَى فَلَا يُقَالُ إنَّ النِّكَاحَ لَا يَجِبُ وَإِنْ خَافَ الْعَنَتَ، وَالْحَجُّ وَاجِبٌ فَكَيْفَ قُدِّمَ غَيْرُ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ نَعَمْ لَوْ يَضِيقُ بِإِفْسَادٍ أَوْ خَوْفِ عَضْبِهِ اتَّجَهَ أَوْلَوِيَّةُ تَقْدِيمِهِ بَلْ وُجُوبُهُ وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْحَجِّ فَهَلْ يَتَبَيَّنُ عِصْيَانُهُ مِنْ آخِرِ سِنِي الْإِمْكَانِ؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَهُ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ أَوَّلًا لِعُذْرِهِ قَضِيَّةُ كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ أَخْذًا مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَخَّرَ الزَّكَاةَ بَعْدَ التَّمَكُّنِ لِانْتِظَارِ نَحْوِ قَرِيبٍ فَتَلِفَتْ ضَمِنَهَا وَقَدْ يُقَالُ قِيَاسُ الزَّكَاةِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الثَّانِي فَإِنَّهُ كَمَا لَا يَتَبَيَّنُ ثَمَّ عِصْيَانُهُ بِالتَّلَفِ فَكَذَا هُنَا وَأَمَّا الضَّمَانُ ثَمَّ فَهُوَ نَظِيرُ الْإِحْجَاجِ هُنَا مِنْ تَرِكَتِهِ عَنْهُ لَا نَظِيرُ الْإِثْمِ وَهُنَا يَجِبُ الْإِحْجَاجُ عَنْهُ كَمَا يَجِبُ ثَمَّ عَلَيْهِ الضَّمَانُ فَاسْتَوَيَا فِيمَا قُلْنَاهُ لَا فِيمَا قَالَهُ فَتَأَمَّلْهُ
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَمْ أَرَ لِلنَّاسِ كَلَامًا فِيمَنْ لَا يَصْبِرُ عَنْ الْجِمَاعِ لِعِلْمِهِ هَلْ شَرْطُ وُجُوبِ الْحَجِّ عَلَيْهِ قُدْرَتُهُ عَلَى اسْتِصْحَابِ زَوْجَةٍ أَوْ سُرِّيَّةٍ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْقَوْلُ بِهِ مُسْتَبْعَدٌ مَعَ الْحَاجَةِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ رحمه الله وَفِي التُّحْفَةِ مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَرْكِ الْجِمَاعِ لَا يُشْتَرَطُ قُدْرَتُهُ عَلَى زَوْجَةٍ أَوْ سُرِّيَّةٍ يَسْتَصْحِبُهَا فَيَسْتَقِرُّ الْحَجُّ فِي ذِمَّتِهِ قَالَ ابْنُ الْجَمَّالِ فِي شَرْحِ الْإِيضَاحِ: ظَاهِرُهُ وَإِنْ ظَنَّ لُحُوقَ ضَرَرٍ يُبِيحُ التَّيَمُّمَ لَوْ تَرَكَ الْجِمَاعَ بِالتَّجْرِبَةِ أَوْ إخْبَارَ عَدْلَيْ رِوَايَةٍ عَارِفَيْنِ وَهُوَ غَيْرُ وَاضِحٍ وَمِنْ ثَمَّةَ اسْتَظْهَرَ فِي الْمَنْهَجِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِلْوُجُوبِ اشْتِرَاطَ قُدْرَتِهِ عَلَى حَلِيلَةٍ يَسْتَصْحِبُهَا وَجَزَمَ بِهِ تِلْمِيذُهُ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ وَمَالَ إلَيْهِ مَوْلَانَا السَّيِّدُ عُمَرُ الْبَصْرِيُّ قَالَ: وَعَلَيْهِ فَيَظْهَرُ أَنَّ مِثْلَ مُبِيحِ التَّيَمُّمِ حُصُولُ الْمَشَقَّةِ الظَّاهِرَةِ الَّتِي لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً. اهـ. مَدَنِيٌّ وَفِي عِدَّةِ الْوُضُوحِ نَظَرٌ إذَا كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَأْثَمُ بِتَرْكِ الْحَجِّ وَيَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّتِهِ فَيُقْضَى مِنْ تَرِكَتِهِ
(قَوْلُهُ: بِمَنْزِلَةِ مَا زَادَ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْل وَأُجْرَتِهِ) وَذَلِكَ يَمْنَعُ الْوُجُوبَ كَمَا فِي التَّيَمُّمِ وَكَوْنُ الْحَجِّ لَا يَدُلُّ لَهُ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ يُعَارِضُهُ أَنَّ
الْأَصَحُّ عَلَى الْجُمْلَةِ وُجُوبَ الْحَجِّ وَقَدْ صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَابْنُ الصَّلَاحِ مَعَ اطِّلَاعِهِمَا عَلَى عِبَارَةِ الْأَصْحَابِ الَّتِي ذَكَرْتهَا وَقَالَ السُّبْكِيُّ: إنَّهُ ظَاهِرٌ فِي الدَّلِيلِ وَإِنْ أَشْعَرَتْ عِبَارَةُ الْأَكْثَرِينَ بِخِلَافِهِ وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ الْفَتْوَى عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ فَقَدْ أَجَابَ بِهِ الْعِرَاقِيُّونَ وَالْقَاضِي حُسَيْنٌ وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّنْبِيهِ وَأَقَرَّهُ النَّوَوِيُّ فِي التَّصْحِيحِ وَنَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ النَّصِّ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَنْبَغِي أَنْ تَتَقَيَّدَ الْأُجْرَةُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فَلَوْ طَلَبَ أَكْثَرَ مِنْهَا لَمْ تَجِبْ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ قَالَهُ السُّبْكِيُّ (وَ) بَعْدَ وِجْدَانِ (شِقِّ مَحْمِلٍ) وَهُوَ بِفَتْحِ الْمِيمِ الْأُولَى وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ وَبِالْعَكْسِ خَشَبَةٌ يَكُونُ الرَّاكِبُ فِيهَا (مَعَ) وِجْدَانِ (الشَّرِيكِ) الَّذِي يَجْلِسُ فِي الشِّقِّ الْآخَرِ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى مُؤْنَةِ الْمَحْمِلِ بِتَمَامِهِ قَالَ فِي الْوَسِيطِ؛ لِأَنَّ بَذْلَ الزَّائِدِ خُسْرَانٌ لَا مُقَابِلَ لَهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ مَا يَحْتَاجُهُ مِنْ زَادٍ وَغَيْرِهِ إذَا أَمْكَنَتْ الْمُعَادَلَةُ بِهِ يَقُومُ مَقَامَ الشَّرِيكِ وَكَلَامُ غَيْرِهِ يَقْتَضِي تَعَيُّنَ الشَّرِيكِ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَهُوَ الْمُتَّجِهُ؛ لِأَنَّ الْمُعَادَلَةَ بِغَيْرِهِ لَا تَقُومُ فِي السُّهُولَةِ مَقَامَهُ عِنْدَ النُّزُولِ
وَالرُّكُوبِ وَنَحْوِهِمَا وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيمَا قَالَهُ بِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ يَسْتَسْهِلُ ذَلِكَ عَلَى الْمُعَادَلَةِ بِالشَّرِيكِ وَقَدْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: اعْتِبَارُ وِجْدَانِ الشَّرِيكِ ذَكَرَهُ الْإِمَامُ وَظَاهِرُ النَّصِّ وَكَلَامُ الْجُمْهُورِ خِلَافُهُ بَلْ إذَا أَمْكَنَهُ مُعَادَلَةً زَادَهُ وَثَقَّلَهُ فَالْوَجْهُ الِاكْتِفَاءُ بِهَا وَلَا حَاجَةَ إلَى وِجْدَانِ شَرِيكٍ (لَوْ بِحَاجَةٍ بُلِي) أَيْ: وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ وِجْدَانُهُ شِقَّ الْمَحْمِلِ، وَالشَّرِيكَ إذَا اُبْتُلِيَ بِالْحَاجَةِ إلَيْهِمَا بِأَنْ يَلْحَقَهُ بِرُكُوبِهِ عَلَى الرَّاحِلَةِ بِدُونِهِمَا مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ قَالَ فِي الشَّامِلِ: فَلَوْ لَحِقَهُ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ بِرُكُوبِ الْمَحْمِلِ اُعْتُبِرَ لَهُ كَنِيسَةٌ وَهِيَ أَعْوَادٌ مُرْتَفِعَةٌ بِجَوَانِبِ الْمَحْمِلِ عَلَيْهَا سِتْرٌ يَدْفَعُ الْحَرَّ، وَالْبَرْدَ وَيُسَمَّى فِي الْعُرْفِ مَجْمُوعُ ذَلِكَ مَحَارَةً وَأَطْلَقَ الْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُ اعْتِبَارَ الْمَحْمِلِ لِلْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّهُ أَسْتَرُ لَهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَنْ لَا يَلِيقُ بِهَا رُكُوبُهَا بِدُونِهِ، أَوْ يَشُقُّ عَلَيْهَا أَمَّا غَيْرُهَا فَالْأَشْبَهُ أَنَّهَا كَالرَّجُلِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالْقِيَاسُ أَنَّ الْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ وَحَيْثُ اُعْتُبِرَ الْمَحْمِلُ، وَالرَّاحِلَةُ فَالْمُرَادُ أَنْ يَتَمَكَّنَ مِنْهُمَا بِمِلْكٍ، أَوْ إجَارَةٍ بِثَمَنِ الْمِثْلِ، أَوْ أُجْرَتِهِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالْقِيَاسُ أَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَى هَذِهِ الْجِهَةِ، وَالْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ لَهَا يُوجِبَانِ الْحَجَّ بِخِلَافِ الْمَوْهُوبِ وَلَوْ وَقَفَ عَلَيْهِ ذَلِكَ بِخُصُوصِهِ وَقَبِلَهُ، أَوْ لَمْ يَقْبَلْهُ وَصَحَّحْنَاهُ فَلَا شَكَّ فِي الْوُجُوبِ نَعَمْ لَوْ حَمَلَهُ الْإِمَامُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَأَهْلِ وَظَائِفِ الرَّكْبِ مِنْ الْقَضَاءِ وَغَيْرِهِمْ فَفِي الْوُجُوبِ نَظَرٌ انْتَهَى
وَالْأَوْجَهُ الْوُجُوبُ مَعَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ لِمَعْنًى آخَرَ وَهُوَ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا نَدَبَ أَحَدًا لِمُهِمٍّ يَتَعَلَّقُ
بِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ
لَزِمَهُ الْقَبُولُ
(وَ) مَعَ (أَمْنِ طُرْقٍ مِنْ مَرِيدِي خُسْرِ) أَيْ: نَقْصٍ فِي الْبَدَنِ، أَوْ الْبُضْعِ، أَوْ الْمَالِ كَقَاطِعِ طَرِيقٍ وَعَدُوٍّ وَرَصَدِيٍّ وَهُوَ مَنْ يَأْخُذُ مَالًا عَلَى الْمَرَاصِدِ وَلَوْ يَسِيرًا نَعَمْ
ــ
[حاشية العبادي]
مَعَ أَنَّهُ مِنْ الْمَلَاذِّ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّهُ يُتَسَامَحُ فِي حُقُوقِ النَّفْسِ مَا لَا يُتَسَامَحُ فِي حُقُوقِ الْغَيْرِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مَعَ وِجْدَانِ الشَّرِيكِ) أَيْ: مَعَ وِجْدَانِ شَرِيكٍ عَدْلٍ تَلِيقُ بِهِ مُجَالَسَتُهُ وَلَيْسَ بِهِ نَحْوُ بَرَصٍ وَلَا جُذَامٍ وَيُوَافِقُهُ عَلَى الرِّضَا بِالرُّكُوبِ بَيْنَ الْمَحْمِلَيْنِ عِنْدَ نُزُولِهِ لِنَحْوِ قَضَاءِ حَاجَتِهِ فِيمَا يَظْهَرُ فِي الْكُلِّ حَجَرٌ (قَوْلُهُ بَلْ إذَا أَمْكَنَهُ مُعَادَلَةُ زَادِهِ وَثِقَلِهِ) بِحَيْثُ لَمْ يَخْشَ مَيْلًا وَوَجَدَ وَلَوْ بِأُجْرَةِ مِثْلٍ فَاضِلَةٍ عَمَّا مَرَّ مَنْ يُمْسِكُهُ لَهُ لَوْ مَالَ عِنْدَ نُزُولِهِ لِنَحْوِ قَضَاءِ حَاجَةٍ لَمْ يَحْتَجْ لِلشَّرِيكِ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: كَنِيسَةٌ) فَإِنْ لَحِقَهُ بِهَا مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ اُعْتُبِرَ مِحَفَّةٌ فَسَرِيرٌ يَحْمِلُهُ رِجَالٌ وَإِنْ بَعُدَ مَحَلُّهُ فِيمَا يَظْهَرُ إذْ الْغَرَضُ أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى مُؤَنِ ذَلِكَ فَاضِلَةً عَمَّا مَرَّ حَجَرٌ
(قَوْلُهُ: وَأَطْلَقَ الْمَحَامِلِيُّ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: أَوْ إجَارَةٌ) ظَاهِرُهُ عَدَمُ اعْتِبَارِ الْعَارِيَّةُ (قَوْلُهُ، أَوْ إجَارَةٌ) أَمَّا وُجُودُ ذَلِكَ بِاسْتِقْرَاضٍ، أَوْ إعَارَةٍ وَنَحْوِهِمَا فَلَا يَلْزَمُهُ وَإِنْ تَضَيَّقَ عَلَيْهِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ حِينَئِذٍ ع (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَرَاصِدِ) أَيْ: الْمَوَاضِعِ الَّذِي يَرْصُدُ النَّاسَ أَيْ: يَرْقُبُهُمْ فِيهَا
ــ
[حاشية الشربيني]
الْحَجَّ عَلَى التَّرَاخِي أَيْ: لَوْ وَجَبَ مَعَ تِلْكَ الزِّيَادَةِ لَكَانَ عَلَى التَّرَاخِي فَلَا يُقَالُ إنَّ الْكَلَامَ فِي الْوُجُوبِ، وَالتَّرَاخِي وَصْفُ الْأَدَاءِ بَعْدَ الْوُجُوبِ فَتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: عَلَى الْجُمْلَةِ) أَيْ: مُرَاعَاةً لِلِاحْتِمَالِ الثَّانِي أَمَّا عَلَى الْأَوَّلِ فَمَقْطُوعٌ بِهِ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: الَّتِي ذَكَرْتهَا) إلَى هُنَا عِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إلَخْ) ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ
(قَوْلُهُ: مَحْمِلٌ) هُوَ شَيْءٌ مِنْ خَشَبٍ أَوْ نَحْوِهِ يُجْعَلُ فِي جَانِبِ الْبَعِيرِ لِلرُّكُوبِ فِيهِ بِلَا شَيْءٍ يَسْتُرُ الرَّاكِبَ فَإِنْ كَانَ مَعَ شَيْءٍ يَسْتُرُهُ يُسَمَّى كَنِيسَةً مِنْ الْكَنْسِ أَيْ: السَّتْرِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {الْجَوَارِ الْكُنَّسِ} [التكوير: 16] . اهـ. مَدَنِيٌّ وَفِيهِ مُخَالَفَةٌ لِلشَّارِحِ الْآتِي (قَوْلُهُ: بَلْ إذَا أَمْكَنَهُ إلَخْ) أَيْ: وَكَانَتْ الْعَادَةُ جَارِيَةً بِذَلِكَ فِي مِثْلِهِ شَرْحُ الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ) هِيَ الَّتِي تُبِيحُ التَّيَمُّمَ. اهـ. حَجَرٌ شَرْحُ بَافَضْلٍ زَادَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ أَوْ لَا يَخْشَى مَحْذُورَ تَيَمُّمٍ وَلَكِنَّهُ لَا يُطَاقُ الصَّبْرُ عَلَيْهِ عَادَةً. اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْمُوصِي بِمَنْفَعَتِهِ لَهَا) يُفِيدُ أَنَّ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ لَهُ لَا يَلْزَمُهُ فِيهِ الْقَبُولُ وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ حَجَرٌ فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ قَالَ: لَا يَلْزَمُهُ فِيهِ الْقَبُولُ لِلْمِنَّةِ لَكِنْ فِي شَرْحِ الرَّمْلِيِّ وَابْنِ عَلَّانَ لِلْإِيضَاحِ أَوْ أَوْصَى لَهُ بِمَنْفَعَتِهِ وَفِي شَرْحِ عَبْدِ الرَّءُوفِ لِلْمُخْتَصَرِ أَوْ وَصِيَّةٌ لَهُ أَوْ لِجِهَةِ الْحَمْلِ وَظَاهِرُ الْأَوَّلِ وَصَرِيحُ الثَّانِي خِلَافُ ذَلِكَ فَلْيُحَرَّرْ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ أَوْ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى الْحَمْلِ لِمَكَّةَ أَوْ مُوصٍ بِمَنْفَعَتِهِ لِذَلِكَ
(قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ حَمَلَهُ الْإِمَامُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إلَخْ) بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مِنْ مَالِهِ. اهـ. تُحْفَةٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ يَسِيرًا) كَذَا فِي جَمِيعِ كُتُبِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَالْخَطِيبِ وَالرَّمْلِيِّ وَحَجَرٍ إلَّا الْإِيعَابَ، وَالْمِنَحَ لَهُ فَجَرَى فِيهِمَا عَلَى أَنَّ الْقَلِيلَ الَّذِي لَا يَزِيدُ عَلَى قَدْرِ الْخَفَارَةِ لَا أَثَرَ لَهُ. اهـ. مَدَنِيٌّ وَيَظْهَرُ أَنَّ مِنْ ذَلِكَ مَا يُؤْخَذُ
إنْ كَانَ الْعَدُوُّ كَافِرًا وَأَطْلَقَ مُقَاوَمَتَهُ اُسْتُحِبَّ لَهُ الْخُرُوجُ لِلْحَجِّ وَيُقَاتِلُهُ لِيَنَالَ ثَوَابَ الْحَجِّ، وَالْجِهَادِ وَيُكْرَهُ بَذْلُ الْمَالِ لِلرَّصَدِيِّ إذْ فِيهِ تَحْرِيضٌ عَلَى الطَّلَبِ نَعَمْ إنْ كَانَ الْبَاذِلُ لَهُ هُوَ الْإِمَامَ، أَوْ نَائِبَهُ وَجَبَ الْحَجُّ كَمَا نَقَلَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ عَنْ الْإِمَامِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ إلَّا مَنْ قَطَعَا بَلْ الظَّنُّ كَافٍ وَلَا الْأَمْنُ الْمَعْهُودُ حَضَرَا فَأَمْنُ كُلِّ مَكَان بِحَسْبِهِ فَالْخَوْفُ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ يَمْنَعُ الْوُجُوبَ، وَالْمُرَادُ الْخَوْفُ الْعَامُّ حَتَّى لَوْ كَانَ الْخَوْفُ فِي حَقِّهِ وَحْدَهُ قُضِيَ مِنْ تَرِكَتِهِ كَالزَّمِنِ بِخِلَافِ مَنْ حَجَّ أَوَّلَ مَا تَمَكَّنَ فَأُحْصِرَ مَعَ الْقَوْمِ ثُمَّ تَحَلَّلَ وَمَاتَ قَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْحَجِّ إذْ لَا يَجِدُ إلَيْهِ سَبِيلًا بِنَفْسِهِ، أَوْ غَيْرِهِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ غَيْرَهُ مِثْلُهُ فِي خَوْفِ الْعَدُوِّ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ فِي الْأُمِّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْمَالِ الَّذِي يُخَافُ عَلَيْهِ بِالْمَالِ الَّذِي لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ لِلْمُؤَنِ أَمَّا لَوْ أَرَادَ اسْتِصْحَابَ مَالٍ خَطِيرٍ لِلتِّجَارَةِ وَكَانَ الْخَوْفُ لِأَجْلِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِعُذْرٍ
(وَغَلَبَتْ سَلَامَةٌ فِي الْبَحْرِ) أَيْ: وَمَعَ غَلَبَةِ السَّلَامَةِ فِي الْبَحْرِ الَّذِي تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِيَجِبَ رُكُوبُهُ فَإِنْ غَلَبَ هَلَاكُهُ، أَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ لَمْ يَجِبْ بَلْ يَحْرُمُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَطَرِ وَلَيْسَ النَّهْرُ الْعَظِيمُ كَجَيْحُونَ فِي مَعْنَى الْبَحْرِ؛ لِأَنَّ الْمَقَامَ فِيهِ لَا يَطُولُ وَخَطَرُهُ لَا يَعْظُمُ
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ الشُّرُوطِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي حَقِّ عَامَّةِ الْمُبَاشِرِينَ أَخَذَ فِي بَيَانِ مَا يَخْتَصُّ بِبَعْضِهِمْ فَقَالَ (وَمَعَ خُرُوجِ مَحْرَمٍ) بِنَسَبٍ، أَوْ غَيْرِهِ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ -
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ اُسْتُحِبَّ لَهُ الْخُرُوجُ) ظَاهِرُهُ عَدَمُ وُجُوبِ الْخُرُوجِ لِلْجِهَادِ وَإِنْ دَخَلَ الْكُفَّارُ بِلَادَنَا وَفِيهِ كَلَامٌ يُرَاجَعُ
(قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ بَذْلُ الْمَالِ لِلرَّصَدِيِّ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ كَرَاهَةُ الْإِعْطَاءِ لِلرَّصَدِيِّ الْكَافِرِ، وَالْمُسْلِمِ وَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي فِي بَابِ مَوَانِعِ إتْمَامِ الْحَجِّ مِنْ تَخْصِيصِهَا بِالْكَافِرِ لِأَنَّ ذَاكَ مَحَلُّهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ فَإِعْطَاءُ الْمَالِ أَسْهَلُ مِنْ قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ وَهَذَا قَبْلَهُ فَلَمْ تَكُنْ حَاجَةٌ لِارْتِكَابِ الذُّلِّ. اهـ. (قَوْلُهُ: لِلرَّصَدِيِّ) بِخِلَافِهِ لِلْمُسْلِمِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ ح ج (قَوْلُهُ: هُوَ الْإِمَامُ، أَوْ نَائِبُهُ) وَكَذَا أَجْنَبِيٌّ عَلَى الْأَوْجَهِ حَيْثُ لَا يُتَصَوَّرُ خَوْفٌ مِنْهُ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ بِوَجْهٍ ح ج
(قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ الْخَوْفُ الْعَامُّ) بِخِلَافِ الْخَاصِّ عَلَى مَا نَصَّ عَلَيْهِ وَجَزَمَ بِهِ السُّبْكِيُّ كَابْنِ الرِّفْعَةِ وَصَوَّبَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَبَيَّنْتُ مَا فِيهِ فِي الْحَاشِيَةِ وَأَنَّ الْمُعْتَمَدَ الَّذِي فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ خِلَافُهُ ح ع (قَوْلُهُ: النَّهْرُ الْعَظِيمُ) أَيْ: وَإِنْ سَارَ فِيهِ طُولًا
(قَوْلُهُ: مَعَ خُرُوجِ مُحْرِمٍ) قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَهَلْ وُجُودُ نَحْو الْمُحْرِمِ شَرْطٌ لِلْوُجُوبِ
ــ
[حاشية الشربيني]
الْيَوْمَ مِنْ الْحُجَّاجِ فِي جَدَّةَ (قَوْلُهُ: اُسْتُحِبَّ إلَخْ) هَذَا إذَا لَمْ يَعْبُرُوا بِلَادَنَا، وَإِلَّا وَجَبَ قِتَالُهُمْ مُطْلَقًا. اهـ. رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر
(قَوْلُهُ: أَيْضًا اُسْتُحِبَّ إلَخْ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ قِتَالُهُمْ وَإِنْ لَمْ يَزِيدُوا عَلَى الضِّعْفِ وَإِلَيْهِ يَمِيلُ كَلَامُ الْإِمَامِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى الْحَجِيجِ الْجُبْنُ وَعَدَمُ اتِّفَاقِ الْكَلِمَةِ وَجَمْعُ الْأَخْلَاطِ مِمَّنْ لَا يُوثَقُ مِنْهُمْ بِقِتَالٍ فَكَانَتْ تِلْكَ أَعْذَارًا فِي عَدَمِ مُقَاتَلَتِهِمْ وَمَعَ ذَلِكَ فِيهِ مَا فِيهِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ لَكِنَّ قَوْلَ م ر وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ قِتَالُ الْكُفَّارِ عِنْدَ عَدَمِ زِيَادَتِهِمْ عَلَى مِثْلَيْنَا؛ لِأَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ عِنْدَ الْتِقَاءِ الصَّفَّيْنِ وَهَذَا بِخِلَافِهِ يُقَيِّدُ الْوُجُوبَ هُنَا عِنْدَ عَدَمِ الْتِقَاءِ الصَّفَّيْنِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ الْبَاذِلُ إلَخْ) هَلْ يَجِبُ الْبَذْلُ عَلَى الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ
مِنْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ
(قَوْلُهُ: الْإِمَامَ أَوْ نَائِبَهُ) وَكَذَا أَحَدُ الرَّعِيَّةِ إنْ بَذَلَهُ عَنْ الْجَمِيعِ كَمَا اعْتَمَدَهُ م ر سم عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ الْخَوْفُ الْعَامُّ) الْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ. اهـ. ق ل وَغَيْرُهُ قَالَ سم فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ: وَاخْتَارَ شَيْخُنَا طب التَّفْصِيلَ فَإِنْ خَصَّهُ الْخَوْفُ لِأَجْلِ نَحْوِ تِجَارَةٍ يَصْحَبُهَا لَزِمَهُ وَإِنْ خَصَّهُ لِغَيْرِ ذَلِكَ كَأَنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَتَعَرَّضُ لَهُ وَلَا بُدَّ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ صَدَرَ مِنْهُ يُمْكِنُهُ دَفْعُهُ لَمْ يَلْزَمْهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ تَحَلَّلَ) أَيْ: ثُمَّ زَالَ الْإِحْصَارُ عَنْ الْقَوْمِ لِيَكُونَ شَبِيهًا بِالْخَوْفِ الْخَاصِّ مِنْ جِهَةٍ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: وَغَلَبَتْ سَلَامَةٌ فِي الْبَحْرِ) مِثْلُهُ الْبِرُّ كَمَا فِي شَرْحِ م ر لِلْمِنْهَاجِ وَسَمِّ وَفِي شَرْحِ م ر الْمَذْكُورِ وَلَوْ جُهِلَ مَانِعُ الْوُجُوبِ مِنْ نَحْوِ وُجُودِ عَدُوٍّ أَوْ عَدَمِ زَادٍ اُسْتُصْحِبَ الْأَصْلُ وَعُمِلَ بِهِ إنْ وُجِدَ وَإِلَّا وَجَبَ الْخُرُوجُ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ الْمَانِعِ وَيَتَبَيَّنُ وُجُوبُ الْخُرُوجِ بِتَبَيُّنِ عَدَمِ الْمَانِعِ لَوْ ظَنَّهُ فَتَرَكَ الْخُرُوجَ (قَوْلُهُ: بَلْ يَحْرُمُ) حَتَّى فِي الِاسْتِوَاءِ عَلَى الْأَصَحِّ مَحَلِّيٌّ
(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ النَّهْرُ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ إنَّهُ فِي وَقْتِ هَيَجَانِهِ كَالْبَحْرِ. اهـ. ق ل وَغَيْرُهُ
(قَوْلُهُ: وَمَعَ خُرُوجِ إلَخْ) فَخُرُوجُ مَنْ ذُكِرَ شَرْطٌ لِلْوُجُوبِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَلَا يَقْضِي مِنْ تَرِكَتِهَا لَوْ مَاتَتْ وَقِيلَ شَرْطٌ لِلتَّمَكُّنِ فَيَقْضِي مِنْ تَرِكَتِهَا لَوْ مَاتَتْ وَلَمْ تَحُجَّ وَمِثْلُ خُرُوجِ مَنْ ذُكِرَ إذْنُ الزَّوْجِ فَهُوَ شَرْطٌ فِي اسْتِطَاعَتِهَا بِنَاءً عَلَى الْمَذْهَبِ أَنَّ لَهُ مَنْعَهَا مِنْهُ وَأَنَّهَا مَمْنُوعَةُ مِنْهُ إلَّا بَعْدَ إذْنِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي مَيْدَانِهِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ وَاعْتُرِضَ تَرَتُّبُ الْقَضَاءِ عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ لِلتَّمَكُّنِ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْوُجُوبِ مِنْ التَّمَكُّنِ مِنْ الْأَدَاءِ نَظِيرُهُ قَوْلُهُمْ إنَّ الْحَوْلَ شَرْطٌ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ، وَالتَّمَكُّنَ مِنْ الْإِخْرَاجِ شَرْطٌ لِوُجُوبِ الْأَدَاءِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّمَكُّنِ إمْكَانُ الْأَدَاءِ وَقَدْ ثَبَتَ الْوُجُوبُ وَلَا يَجِبُ الْأَدَاءُ حَالًا لِتَوَقُّفِهِ عَلَى شَرْطٍ كَمَا تَجِبُ زَكَاةُ الْحَبِّ بِالِاسْتِعْدَادِ وَيَتَوَقَّفُ الْإِخْرَاجُ عَلَى التَّصْفِيَةِ وَقَدْ صَرَّحَ الشَّيْخَانِ بِأَنَّ إمْكَانَ الْأَدَاءِ لَيْسَ شَرْطًا لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ قَالَا كَالصَّلَاةِ، وَالصَّوْمِ، وَالْحَجِّ وَهُوَ قِيَاسُ مَا فِي الزَّكَاةِ أَنَّ التَّمَكُّنَ مِنْ نَحْوِ النِّسْوَةِ هُنَا شَرْطٌ لِوُجُوبِ الْأَدَاءِ فَلَوْ لَمْ تَجِدْهُنَّ وَجَبَ الْحَجُّ وَلَا يَجِبُ الْأَدَاءُ إلَّا عِنْدَ التَّمَكُّنِ فَلَوْ مَاتَتْ قَبْلَهُ لَمْ يُقْضَ مِنْ تَرِكَتِهَا كَمَا لَوْ أَفْطَرَتْ فِي رَمَضَانَ لِمَرَضٍ وَلَمْ تَتَمَكَّنْ مِنْ الْأَدَاءِ حَتَّى مَاتَتْ لَمْ يَقْضِ عَنْهَا وَلَا فِدْيَةَ. اهـ. شَرْحُ عب (قَوْلُهُ: فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ) قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ: وَيَكْفِي فِي الْجَوَازِ لِلْوَاجِبِ أَيْ: الَّذِي يُوصَفُ بِالْوُجُوبِ مِنْ حَيْثُ هُوَ وَإِلَّا فَهُوَ الْآنَ جَائِزٌ امْرَأَةٌ
(أَوْ بَعْلِ) أَيْ: زَوْجٍ لَهَا لِتَأْمَنَ عَلَى نَفْسِهَا وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ يَوْمَيْنِ إلَّا وَمَعَهَا زَوْجُهَا، أَوْ ذُو مَحْرَمٍ» وَفِي رِوَايَةٍ فِيهِمَا «لَا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ» وَفِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ فِي أَبِي دَاوُد بَدَلَ الْيَوْمَيْنِ بَرِيدًا وَلَمْ يَشْتَرِطُوا فِي الزَّوْجِ، وَالْمَحْرَمِ كَوْنَهُمَا ثِقَتَيْنِ وَهُوَ فِي الزَّوْجِ وَاضِحٌ وَأَمَّا فِي الْمَحْرَمِ فَسَبَبُهُ كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّ الْوَازِعَ الطَّبْعِيَّ أَقْوَى مِنْ الشَّرْعِيِّ وَكَالْمَحْرَمِ عَبْدُهَا الْأَمِينُ وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الشَّارِحُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِالصَّبِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ مَعَهُ الْأَمْنُ عَلَى نَفْسِهَا إلَّا فِي مُرَاهِقٍ ذِي وَجَاهَةٍ بِحَيْثُ يَحْصُلُ مَعَهُ الْأَمْنُ لِاحْتِرَامِهِ
(وَلَوْ) كَانَ خُرُوجُ الْمَحْرَمِ، أَوْ الْبَعْلِ (بِأَجْرٍ) فَإِنَّهُ يَلْزَمُهَا بَذْلُهُ لَهُ إذَا قَدَرَتْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أُهْبَةِ الطَّرِيقِ (أَوْ) مَعَ خُرُوجِ نِسْوَةٍ (ذَوَاتِ عَقْلِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُنَّ زَوْجٌ، أَوْ مَحْرَمٌ لِإِحْدَاهُنَّ لِانْقِطَاعِ الْأَطْمَاعِ بِاجْتِمَاعِهِنَّ وَعِبَارَةُ الْحَاوِي وَغَيْرِهِ، أَوْ نِسْوَةٌ ثِقَاتٍ وَقَضِيَّتُهَا أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى بِغَيْرِ الثِّقَاتِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي غَيْرِ الْمَحَارِمِ الْأَمْنُ وَأَنَّهُ يُعْتَبَرُ بُلُوغُهُنَّ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِخَطَرِ السَّفَرِ إلَّا أَنْ يَكُنَّ مُرَاهِقَاتٍ بِحَيْثُ يَحْصُلُ مَعَهُنَّ الْأَمْنُ فَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِهِنَّ
وَقَضِيَّةُ تَعْبِيرِهِمْ بِنِسْوَةٍ اعْتِبَارُ ثَلَاثٍ غَيْرِهَا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَلَا مَعْنَى لَهُ وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ بَلْ الْمُتَّجِهُ الِاكْتِفَاءُ بِاجْتِمَاعِ أَقَلِّ الْجَمْعِ وَهُوَ ثَلَاثٌ بِهَا. اهـ.
ثُمَّ اعْتِبَارُ الْعَدَدِ إنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ إلَى الْوُجُوبِ وَإِلَّا فَلَهَا أَنْ تَخْرُجَ مَعَ الْوَاحِدَةِ لِفَرْضِ الْحَجِّ عَلَى الصَّحِيحِ فِي شَرْحَيْ الْمُهَذَّبِ وَمُسْلِمٍ
قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا: وَهَلْ لَهَا الْخُرُوجُ إلَى سَائِرِ الْأَسْفَارِ مَعَ النِّسَاءِ الْخُلَّصِ فِيهِ وَجْهَانِ الْأَصَحُّ لَا. اهـ.
وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْأَسْفَارِ غَيْرِ الْوَاجِبَةِ كَمَا حَمَلَ عَلِيّهَا الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ الْأَخْبَارَ السَّابِقَةَ قَالَ: لِأَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا كَانَتْ بِبَلَدٍ لَا قَاضِيَ بِهِ وَادَّعَى عَلَيْهَا مِنْ مَسِيرَةِ أَيَّامٍ لَزِمَهَا الْحُضُورُ مَعَ غَيْرِ مَحْرَمٍ إذَا كَانَ مَعَهَا امْرَأَةٌ وَيَلْزَمُهَا أَيْضًا الْهِجْرَةُ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَإِنْ كَانَتْ وَحْدَهَا؛ لِأَنَّ
ــ
[حاشية العبادي]
أَوْ لِلتَّمَكُّنِ فِيهِ تَرَدُّدٌ أَيْ: لِلْأَصْحَابِ كَمَا ذَكَرَهُ الْجُرْجَانِيُّ فَلَوْ لَمْ تَجِدْهُ الْمُسْتَطِيعَةُ حَتَّى مَاتَتْ قُضِيَ مِنْ تَرِكَتِهَا عَلَى الثَّانِي لَا الْأَوَّلِ. اهـ.، وَالْمُرَجَّحُ الْأَوَّلُ كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ مِنْهُمْ ابْنُ يُونُسَ وَالسُّبْكِيُّ
(قَوْلُهُ: إلَّا فِي مُرَاهِقٍ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَشَرَطَ الْعَبَّادِيُّ فِي الْمُحْرِمِ أَنْ يَكُونَ بَصِيرًا وَيُقَاسُ بِهِ غَيْرُهُ. اهـ. قُلْت وَيَتَّجِهُ الِاكْتِفَاءُ بِأَعْمَى لَهُ مَزِيدُ إحْسَاسٍ وَحِذْقٍ بِحَيْثُ يَحْصُلُ الْأَمْنُ مَعَهُ بَلْ مِثْلُهُ أَنْفَعُ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ الْبُصَرَاءِ، ثُمَّ رَأَيْتُ مَنْ بَحَثَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: نِسْوَةٌ) شَامِلٌ لِلْإِمَاءِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَهَا أَنْ تَخْرُجَ مَعَ الْوَاحِدَةِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَكَذَا وَحْدَهَا إذَا أَمِنَتْ وَعَلَيْهِ حُمِلَ مَا دَلَّ مِنْ الْأَخْبَارِ عَلَى جَوَازِ السَّفَرِ وَحْدَهَا. اهـ. وَهَلْ مَا عَدَا سَفَرَ النُّسُكِ مِنْ الْأَسْفَارِ الْوَاجِبَةِ كَذَلِكَ فَيَجُوزُ لَهَا وَحْدَهَا إذَا أَمِنَتْ، أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَأَمَّا قَوْلُ الْأُمِّ الْمَذْكُورُ إذَا كَانَ مَعَهَا امْرَأَةٌ فَهُوَ فِي اللُّزُومِ وَقَدْ يُقَالُ الِاكْتِفَاءُ فِي اللُّزُومِ بِالْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ فِي غَيْرِ الْحَجِّ لَا فِي الْحَجِّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُحْتَاطُ لِغَيْرِ الْحَجِّ أَكْثَرَ فَإِذَا جَازَ الْخُرُوجُ لَهَا وَحْدَهَا لِلْحَجِّ فَلِغَيْرِهِ أَوْلَى
(قَوْلُهُ: مَعَ الْوَاحِدَةِ) وَكَذَا وَحْدَهَا إذَا تَيَقَّنَتْ الْأَمْنَ عَلَى نَفْسِهَا حَجَرٌ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْأَسْفَارِ غَيْرِ الْوَاجِبَةِ) مِنْهُ يُعْلَمُ تَحْرِيمُ خُرُوجِ الْمَرْأَةِ مِنْ مَكَّةَ مَعَ النِّسْوَةِ الْخُلَّصِ لِلْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ مِنْ التَّنْعِيمِ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ عَمَّتْ الْبَلْوَى بِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ: كَمَا حَمَلَ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ إلَخْ) أَيْ: فَاشْتُرِطَ الزَّوْجُ، أَوْ الْمَحْرَمُ فِي جَوَازِ الْأَسْفَارِ غَيْرِ الْوَاجِبَةِ أَمَّا الْوَاجِبَةُ فَيَكْفِي فِيهَا الْمَرْأَةُ الْأَجْنَبِيَّةُ بِرّ (قَوْلُهُ: لَزِمَهَا الْحُضُورُ) أَقُولُ الَّذِي فِي الْمِنْهَاجِ كَالْمُحَرَّرِ فِي الْقَضَاءِ إنَّ مَنْ دَعَا مِنْ فَوْقِ مَسَافَةِ الْعَدْوَى لَا يَلْزَمُهُ الْحُضُورُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ قَاضٍ، أَوْ مُصْلِحٌ وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ قَطْعِ الْعِرَاقِيِّينَ خِلَافُهُ وَحِينَئِذٍ فَلُزُومُ الْحُضُورِ مِنْ مَسِيرَةِ أَيَّامٍ فِي هَذَا النَّصِّ يُوَافِقُ الثَّانِيَ وَيُؤَيِّدُهُ سم
(قَوْلُهُ: إذَا كَانَ مَعَهَا امْرَأَةٌ) رُبَّمَا يُشْكِلُ هَذَا النَّصُّ عَلَى اعْتِبَارِ الْعَدَدِ فِي لُزُومِ الْخُرُوجِ لِلْحَجِّ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا قُلْت قَدْ يُفَرَّقُ بِالتَّسَامُحِ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى
ــ
[حاشية الشربيني]
تَأْمَنُ مَعَهَا عَلَى نَفْسِهَا وَيَجُوزُ لَهَا النَّفَلُ مَعَ زَوْجٍ أَوْ مَحْرَمٍ لَا مَعَ نِسْوَةٍ وَإِنْ كَثُرْنَ. اهـ. كَسَفَرِهَا وَإِنْ قَصُرَ لِغَيْرِ وَاجِبٍ
وَمِنْهُ زِيَارَةُ الْقُبُورِ خَارِجَ السُّورِ وَلَوْ بِإِذْنِ الزَّوْجِ. اهـ. مَعَ زِيَادَةٍ، ثُمَّ رَأَيْت الشَّارِحَ الْآتِيَ
(قَوْلُهُ: الْمَرْأَةُ) مِثْلُهَا الْأَمْرَدُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: الْوَازِعُ إلَخْ) أَيْ: الْكَافُّ الطَّبِيعِيُّ أَقْوَى مِنْ الْكَافِّ الشَّرْعِيِّ إذْ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ لَا يُبَالُونَ بِارْتِكَابِ مَا نَهَى الشَّارِعُ عَنْهُ بِخِلَافِ مَا كَفَّ السُّلْطَانُ عَنْهُ، وَالْمَعْنَى هُنَا أَنَّ الزَّوْجَ، وَالْمَحْرَمَ مَعَ فِسْقِهِمَا يَغَارَانِ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ مَوَاضِعِ الرِّيبَةِ وَيَكُفَّانِ بِطَبْعِهِمَا عَنْ ذَلِكَ قَالَ فِي التُّحْفَةِ: وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ مَنْ عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا غَيْرَةَ لَهُ لَا يُكْتَفَى بِهِ. اهـ. مَدَنِيٌّ (قَوْلُهُ: نِسْوَةٌ) أَقَلُّهُنَّ ثِنْتَانِ وَلَوْ إمَاءً عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَوْ غَيْرَ بَالِغَاتٍ حَيْثُ كَانَ لَهُنَّ حِذْقٌ ق ل وَسَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ
(قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي غَيْرِ الْمَحَارِمِ) وَفِيهِنَّ أَيْضًا إنْ كَانَ فِسْقُهُنَّ بِالْبِغَاءِ وَغَلَبَ عَلَى الظَّنِّ حَمْلُهُنَّ لَهَا عَلَيْهِ. اهـ. م ر فِي شَرْح الْكِتَابِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ تَعْبِيرِهِمْ بِنِسْوَةٍ اعْتِبَارُ ثَلَاثٍ غَيْرِهَا) مُعْتَمَدُ م ر وخ ط وَخَالَفَا حَجَرًا فَقَالَا لَا بُدَّ مِنْ ثَلَاثٍ سِوَاهَا. اهـ. مَدَنِيٌّ (قَوْلُهُ بَلْ الْمُتَّجِهُ إلَخْ) قَالَ الْمَدَنِيُّ: ظَهَرَ مَا لَمْ أَقِفْ عَلَى مَنْ نَبَّهَ عَلَيْهِ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ لَا تُفَارِقُهَا وَاحِدَةٌ مِنْ اللَّاتِي مَعَهَا إنْ حُبِسَتْ بِمَوْضِعِهَا أَوْ ذَهَبَتْ لِحَاجَتِهَا فَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِاثْنَيْنِ مَعَهَا فَيَلْزَمُهَا الْحَجُّ وَمَنْ كَانَتْ قَدْ يُفَارِقُهَا صَوَاحِبُهَا لَا يَلْزَمُهَا فَالْقَائِلُ بِاشْتِرَاطِ ثَلَاثٍ غَيْرِهَا لَاحَظَ الْوُجُوبَ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ، وَالْقَائِلُ بِالِاكْتِفَاءِ بِاثْنَيْنِ غَيْرِهَا لَاحَظَ الْوُجُوبَ عَلَيْهَا فَقَطْ فَتَأَمَّلْهُ
(قَوْلُهُ: إذَا كَانَ مَعَهَا امْرَأَةٌ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عِنْدَ فَقْدِهَا لَكِنَّهُ يَجُوزُ فَحَرِّرْ
خَوْفَهَا ثَمَّ أَكْثَرُ مِنْ خَوْفِ الطَّرِيقِ وَقَضِيَّةُ تَقْدِيمِ النَّاظِمِ كَأَصْلِهِ ذِكْرَ الْأُجْرَةِ عَلَى ذِكْرِ النِّسْوَةِ عَدَمُ لُزُومِ أُجْرَتِهِنَّ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ صُورَةَ مَسْأَلَتِهِنَّ أَنْ يَتَّفِقَ خُرُوجُهُنَّ لِأَنْفُسِهِنَّ فَيَلْزَمُهَا الْخُرُوجُ مَعَهُنَّ لَا أَنْ يَكُونَ خُرُوجُهُنَّ لِأَجْلِهَا حَتَّى لَوْ كَانَ خُرُوجُهُنَّ لِأَجْلِهَا لَزِمَهَا أُجْرَتُهُنَّ كَمَا جَزَمَ بِهِ النَّسَائِيّ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّهُ الْمُتَّجِهُ وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ: الْأَقْرَبُ مَنْعُ لُزُومِهَا لِعِظَمِ الْمَشَقَّةِ بِخِلَافِ أُجْرَةِ الْمَحْرَمِ بَعِيدٌ (لِامْرَأَةٍ) أَيْ: اعْتِبَارُ خُرُوجِ مَنْ ذُكِرَ ثَابِتٌ لِلْمَرْأَةِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلِ يُشْتَرَطُ فِي حَقِّهِ مِنْ الْمَحْرَمِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الْمَرْأَةِ فَإِنْ كَانَ مَعَهُ نِسْوَةٌ مِنْ مَحَارِمِهِ كَإِخْوَانِهِ وَعَمَّاتِهِ جَازَ وَإِنْ كُنَّ أَجْنَبِيَّاتٍ فَلَا؛ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْخَلْوَةُ بِهِنَّ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَغَيْرُهُ. اهـ.
وَقَالَ قَبْلَ هَذَا بِيَسِيرٍ: الْمَشْهُورُ جَوَازُ خَلْوَةِ رَجُلٍ بِنِسْوَةٍ لَا مَحْرَمَ لَهُ فِيهِنَّ مُعْتَرِضًا بِهِ قَوْلَ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ بِحُرْمَةِ ذَلِكَ فَاسْتُغْنِيَ بِهَذَا الِاعْتِرَاضِ عَنْ مِثْلِهِ فِي الْخُنْثَى الْمُلْحَقِ بِالرَّجُلِ احْتِيَاطًا (وَ) مَعَ خُرُوجِ (قَائِدِ الضَّرِيرِ) وَلَوْ بِأُجْرَةٍ يَبْذُلُهَا لَهُ
وَبَقِيَ مِنْ شُرُوطِ الْوُجُوبِ إمْكَانُ السَّيْرِ
ــ
[حاشية العبادي]
(قَوْلُهُ، وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلُ إلَخْ) وَفِي الْأَمْرَدِ أَيْ: الْحَسَنِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي نَظِيرِهِ أَنْ يَخْرُجَ مَعَهُ سَيِّدٌ، أَوْ مَحْرَمٌ يَأْمَنُ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ عَلَى الْأَوْجَهِ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِأُجْرَةٍ) يَنْبَغِي، أَوْ بِالْعَارِيَّةِ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ قَبُولُ عَارِيَّةِ نَحْوِ الرَّاحِلَةِ، وَالْمَحْمِلِ لِأَنَّ هَذَا مِنْ قَبِيلِ الِاسْتِعَانَةِ بِالْبَدَنِ فَلَا يُنْظَرُ إلَى الْمِنَّةِ فِيهِ كَمَا لَوْ بَذَلَ إنْسَانٌ الطَّاعَةَ لِلْمَعْضُوبِ بِالْحَجِّ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ قَبُولُهُ فَإِذَا وَجَبَ قَبُولُ حَجِّ الْغَيْرِ فَلْيَجِبْ قَبُولُ قَوَدِهِ بَلْ أَوْلَى فَلْيُتَأَمَّلْ سم
ــ
[حاشية الشربيني]
(قَوْلُهُ: انْتَهَى) أَيْ: كَلَامُ الْمَجْمُوعِ وَقَوْلُهُ وَقَالَ أَيْ: صَاحِبُ الْمَجْمُوعِ: وَقَوْلُهُ فَاسْتَغْنَى إلَخْ أَيْ: اسْتَغْنَى بِاعْتِرَاضِهِ عَلَى الْإِمَامِ عَنْ اعْتِرَاضِهِ لِمَا نَقَلَهُ عَنْ الْبَيَانِ فَانْدَفَعَ مَا فِي الْإِسْعَادِ مِنْ الِاعْتِرَاضِ عَلَى صَاحِبِ الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: فَاسْتَغْنَى إلَخْ) خَالَفَ بَعْضُهُمْ فِي هَذَا وَقَالَ: إنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ تَحْرُمُ عَلَيْهِ الْخَلْوَةُ بِهِنَّ أَيْ: بِكُلٍّ مِنْهُنَّ، وَالسَّفَرُ مَظِنَّةُ ذَلِكَ فَلَا يُنَافِي مَا سَلَفَ لَهُ مِنْ جَوَازِ خَلْوَةِ الرَّجُلِ بِنِسْوَةٍ فِي غَيْرِ السَّفَرِ. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ قَالَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ بَعْدَ نَقْلِ هَذَا إنَّ كَوْنَ السَّفَرِ مَظِنَّةَ هَذَا مَمْنُوعٌ فَالْوَجْهُ مَا قَدَّمْته. اهـ. وَمَا قَدَّمَهُ هُوَ مَا فِي الشَّارِحِ
(قَوْلُهُ: وَقَائِدُ الضَّرِيرِ) وَلَوْ أَحْسَنَ الْمَشْيَ بِالْعَصَا شَرْحُ عب لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَبَقِيَ مِنْ شُرُوطِ الْوُجُوبِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ حَاصِلُ عِبَارَةِ الْمَجْمُوعِ إنْ وُجِدَ جَمِيعُ مَا مَرَّ وَقَدْ بَقِيَ زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ الْحَجُّ وَجَبَ وَلَهُ تَأْخِيرُهُ عَنْ تِلْكَ السَّنَةِ لَكِنَّهُ يَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّتِهِ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ زَمَنٌ لِذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ الْحَجُّ وَلَا يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ هَكَذَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ وَلَمْ يَذْكُرْ الْغَزَالِيُّ هَذَا الشَّرْطَ وَأَنْكَرَ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ وَقَالَ: هَذَا الْإِمْكَانُ شَرَطَهُ الْأَئِمَّةُ لِوُجُوبِ الْحَجِّ وَرَدَّ عَلَيْهِ ابْنُ الصَّلَاحِ انْتِصَارًا لِلْغَزَالِيِّ بِأَنَّ هَذَا الْإِمْكَانَ إنَّمَا هُوَ شَرْطُ الِاسْتِقْرَارِ فَيَجِبُ قَضَاؤُهُ مِنْ تَرِكَتِهِ لَوْ مَاتَ قَبْلَ الْحَجِّ وَلَيْسَ شَرْطًا لِأَصْلِ وُجُوبِ الْحَجِّ حَالًا بَلْ مَتَى وُجِدَتْ الِاسْتِطَاعَةُ مِنْ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ حُرٍّ لَزِمَهُ الْحَجُّ فِي الْحَالِ كَالصَّلَاةِ تَجِبُ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ قَبْلَ مُضِيِّ زَمَنٍ يَسَعُهَا، ثُمَّ اسْتِقْرَارُهَا فِي الذِّمَّةِ يَتَوَقَّفُ عَلَى مُضِيِّ زَمَنِ التَّمَكُّنِ مِنْ فِعْلِهَا، وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ، وَالْأَصْحَابُ وَإِنْكَارُ ابْنِ الصَّلَاحِ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ هَذَا غَيْرُ مُسْتَطِيعٍ وَكَيْفَ وَهُوَ عَاجِزٌ حِسًّا وَأَمَّا الصَّلَاةُ فَإِنَّمَا تَجِبُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ لِإِمْكَانِ تَتْمِيمِهَا أَيْ: بَعْدَهُ بِخِلَافِ مَا هُنَا. اهـ.
قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَعِنْدِي أَنَّهُ إذَا كَانَ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ السَّيْرِ وَلَكِنْ مَضَى وَقْتُ الْحَجِّ وَهُوَ مُوسِرٌ كَمَا إذَا مَلَكَ الْمِصْرِيُّ مَثَلًا الْمَالَ فِي الْقِعْدَةِ، ثُمَّ مَاتَ فِي الْمُحَرَّمِ لَمْ يَبْعُدْ قَضَاؤُهُ مِنْ تَرِكَتِهِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَطِيعٌ بِمَالِهِ وَمِثْلُهُ إذَا وَجَبَتْ الصَّلَاةُ بِإِدْرَاكِ تَكْبِيرَةِ آخِرِ الْوَقْتِ غَيْرَ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تُفْعَلُ عَنْهُ، وَالْحَجُّ يُفْعَلُ عَنْهُ وَلَا يَخْلُو ذَلِكَ مِنْ نِزَاعٍ. اهـ. وَالنِّزَاعُ ظَاهِرٌ جَلِيٌّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ ابْنِ الصَّلَاحِ أَنَّ مَنْ اسْتَطَاعَ الْحَجَّ قَبْلَ عَرَفَةَ بِيَوْمٍ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَهَا شَهْرٌ وَمَاتَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ أَنَّ الْحَجَّ وَجَبَ عَلَيْهِ، ثُمَّ سَقَطَ وَهَذَا لَا يَقُولُ بِهِ أَحَدٌ قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَهُوَ مُعْتَرَضٌ؛ لِأَنَّهُ قَالَ بِهِ كَثِيرُونَ كَالسِّنْجِيِّ وَالسَّرْخَسِيِّ وَالْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَاعْتُرِضَ فَرْقُ النَّوَوِيِّ السَّابِقُ بَيْنَ الصَّلَاةِ، وَالْحَجِّ بِأَنَّ حُكْمَهُمَا وَاحِدٌ إذْ لَوْ مَاتَ أَوْ جُنَّ أَوْ حَاضَتْ قَبْلَ أَنْ يَمْضِيَ مِنْ وَقْتِهَا مَا يَسَعُهَا بَانَ أَنَّهَا لَمْ تَجِبْ فَهِيَ كَمَا هُنَا وَقَوْلُهُمْ إنَّهَا تَجِبُ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ أَيْ: ظَاهِرًا وَكَذَا الصَّوْمُ بَلْ، وَالزَّكَاةُ فَإِنَّهَا تَجِبُ بِحَوَلَانِ الْحَوْلِ وَتَسْتَقِرُّ بِإِمْكَانِ الْأَدَاءِ وَيُجَابُ بِأَنَّ النَّوَوِيَّ إنَّمَا فَرَّقَ رَدًّا لِمَا فَهِمَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ مِنْ أَنَّ تَعْبِيرَهُمْ فِي الصَّلَاةِ بِمَا ذُكِرَ يَقْتَضِي أَنَّ الْحَجَّ مِثْلُهَا حَتَّى يُوصَفَ بِالْوُجُوبِ حَقِيقَةً قَبْلَ التَّمَكُّنِ وَيَعْصِي قَطْعًا كَمَا مَرَّ فَأَشَارَ النَّوَوِيُّ أَنَّهُ لَا شَاهِدَ لَهُ فِي تَعْبِيرِهِمْ فِيهَا بِالْوُجُوبِ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ، وَالِاسْتِقْرَارُ بِمُضِيِّ وَقْتِ إمْكَانِ الْفِعْلِ؛ لِأَنَّهُ بِغَرَضِ إرَادَتِهِمْ هُنَا بِالْوُجُوبِ حَقِيقَةً لَهُ مَعْنًى يُمْكِنُ انْضِبَاطُهُ بِهِ وَهُوَ إمْكَانُ تَتْمِيمِهَا بَعْدَ الْوَقْتِ وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يُمْكِنُ إتْيَانُهُ فِي الْحَجِّ فَلَا شَاهِدَ لَهُ فِي الْقِيَاسِ عَلَى الصَّلَاةِ عَلَى أَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ مُرَادَهُمْ بِالْوُجُوبِ فِيهَا بِاعْتِبَارِ الظَّاهِرِ وَهَذَا الْمَعْنَى يُمْكِنُ إرَادَتُهُ هُنَا فِي الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ لَا فِي الْمَعْنَى الَّذِي أَرَادَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ فَفَرْقُ النَّوَوِيِّ إنَّمَا هُوَ عَلَى سَبِيلِ الْفَرْضِ، وَالتَّسْلِيمِ فَلَا يَرِدُ
بِأَنْ يَبْقَى زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ السَّيْرُ إلَى الْحَجِّ السَّيْرَ الْمَعْهُودَ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأَئِمَّةِ وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: إنَّمَا هُوَ شَرْطُ اسْتِقْرَارِهِ فِي ذِمَّتِهِ لِيَجِبَ قَضَاؤُهُ مِنْ تَرِكَتِهِ لَوْ مَاتَ قَبْلَ الْحَجِّ وَلَيْسَ شَرْطًا لِأَصْلِ الْوُجُوبِ فَيَجِبُ عَلَى الْمُسْتَطِيعِ فِي الْحَالِ كَالصَّلَاةِ تَجِبُ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ قَبْلَ مُضِيِّ زَمَنٍ يَسَعُهَا وَتَسْتَقِرُّ فِي الذِّمَّةِ بِمُضِيِّ زَمَنِ التَّمَكُّنِ مِنْ فِعْلِهَا وَصَوَّبَ فِي الرَّوْضَةِ الْأَوَّلَ لِعَدَمِ الِاسْتِطَاعَةِ وَأَجَابَ عَنْ الصَّلَاةِ بِأَنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ لِإِمْكَانِ تَتْمِيمِهَا
(وَيَنْصِبُ الْوَلِيُّ) وُجُوبًا (لِلْمَحْجُورِ) عَلَيْهِ (بِالسَّفَهِ) إنْ لَمْ يَخْرُجْ مَعَهُ (الْقَيِّمَ) أَيْ: قَيِّمًا وَلَوْ بِأُجْرَةٍ يُنْفِقُ عَلَيْهِ فِي طَرِيقِهِ بِالْمَعْرُوفِ صَوْنًا لِمَالِهِ
(ثُمَّ لِيُمْنَع) الْوَلِيُّ، أَوْ الْقَيِّمُ (زِيَادَةَ الْإِنْفَاقِ) فِي السَّفَرِ عَلَى الْإِنْفَاقِ فِي الْحَضَرِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأَئِمَّةِ وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ أَنَّهُ يُوصَفُ عَلَى الثَّانِي بِالْوُجُوبِ فَيَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ اتِّفَاقًا بِخِلَافِهِ عَلَى الْأَوَّلِ يَعْنِي فَإِنَّهُ يَجْرِي فِي صِحَّةِ الِاسْتِئْجَارِ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ الْخِلَافُ فِي صِحَّةِ الِاسْتِئْجَارِ عَمَّنْ مَاتَ وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الِاسْتِطَاعَةِ وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْمَيِّتُ حَجَّ وَلَا وَجَبَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الِاسْتِطَاعَةِ فَفِي جَوَازِ الْإِحْجَاجِ عَنْهُ طَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ، وَالثَّانِي الْقَطْعُ بِالْجَوَازِ لِوُقُوعِهِ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ. اهـ. وَقَوْلُهُ طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ إشَارَةٌ إلَى الْقَوْلَيْنِ فِي قَوْلِهِ قَبْلُ إنَّ فِي اسْتِنَابَةِ الْوَارِثِ عَنْ الْمَيِّتِ قَوْلَيْنِ أَظْهَرُهُمَا الْجَوَازُ
(قَوْلُهُ: لِإِمْكَانِ تَتْمِيمِهَا) بِحَسَبِ الظَّاهِرِ مِنْ الْبَقَاءِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْحَجِّ بِرّ
ــ
[حاشية الشربيني]
عَلَيْهِ مَا تَقَرَّرَ وَقَدْ سَبَقَهُ فِي هَذَا الْفَرْقِ مُجَلِّي فِي ذَخَائِرِهِ انْتَهَتْ وَبِهَا تَنْدَفِعُ جَمِيعُ التَّوَقُّفَاتِ السَّابِقَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: بِأَنْ يَبْقَى زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ إلَخْ) مُقْتَضَى قَوْلِهِمْ أَنْ يَبْقَى إلَخْ أَيْ: أَنْ يَبْقَى مِنْ حِينِ اسْتِطَاعَتِهِ زَمَنٌ إلَخْ إنْ تَصَوَّرَ بِأَنْ يَخْرُجَ أَهْلُ بَلَدِهِ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَطِيعٍ، ثُمَّ تَطْرَأَ لَهُ الِاسْتِطَاعَةُ، وَالْبَاقِي لَا يُمْكِنُهُ فِيهِ السَّيْرُ الْمُعْتَادُ فَعِنْدَ ابْنِ الصَّلَاحِ وَجَبَ وَلَمْ يَسْتَقِرَّ وَعِنْدَ غَيْرِهِ لَمْ يَجِبْ وَبِهِ صَدَّرَ ح ل تَبَعًا لِلرَّمْلِيِّ وَلَا عِبْرَةَ بِمَا يُوهِمُهُ آخِرُ عِبَارَةِ الشَّرْحِ. اهـ. شَيْخُنَا ذ عَلَى الْمَحَلِّيِّ فَيُفِيدُ أَنَّ الْمُنَظَّرَ بِهِ فِي الصَّلَاةِ إنَّمَا هُوَ الْوُجُوبُ آخِرَ الْوَقْتِ لَا أَوَّلَهُ لَكِنَّ التَّعْبِيرَ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ الَّذِي هُوَ فِي هَذَا الشَّرْحِ وَالْمَحَلِّيِّ، وَالرَّوْضَةِ يُوهَمُ خِلَافَ ذَلِكَ كَمَا قَالَ وَمَا صَوَّرَ بِهِ شَيْخُنَا رحمه الله هُوَ صَرِيحُ فَرْقِ الشَّرْحِ بِإِمْكَانِ تَتْمِيمِهَا أَيْ: بَعْدَ الْوَقْتِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَحَجَرٌ
(قَوْلُهُ: نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأَئِمَّةِ) فَإِمْكَانُ السَّيْرِ بِالْمَعْنَى الَّذِي ذُكِرَ عَلَى كَلَامِ الْأَئِمَّةِ شَرْطٌ لِلْوُجُوبِ، وَالِاسْتِقْرَارِ وَعَلَى كَلَامِ ابْنِ الصَّلَاحِ شَرْطٌ لِلِاسْتِقْرَارِ فَقَطْ وَأَمَّا الْوُجُوبُ فَيَكْفِي فِيهِ الِاسْتِطَاعَةُ حَالًا مِنْ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ حُرٍّ وَأَمَّا قَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ لَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ السَّيْرِ وَلَكِنْ مَضَى وَقْتُ الْحَجِّ وَهُوَ مُوسِرٌ كَمَا إذَا مَلَكَ مِصْرِيٌّ مَالًا فِي الْقِعْدَةِ وَمَاتَ فِي الْمُحَرَّمِ قَضَى مِنْ تَرِكَتِهِ فَهُوَ لَا يُوَافِقُ طَرِيقَةَ الْأَصْحَابِ وَلَا طَرِيقَةَ ابْنِ الصَّلَاحِ. اهـ. حَجَرٌ فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الْإِرْشَادِ الصَّغِيرِ وَقَوْلُهُ كَمَا إذَا مَلَكَ مِصْرِيٌّ إلَخْ أَيْ: وَتَعَذَّرَ السَّفَرُ بَرًّا وَبَحْرًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَقَوْلُهُ لَا يُوَافِقُ إلَخْ لَعَلَّ مُرَادَ الْبُلْقِينِيِّ جَوَازُ الِاسْتِطَاعَةِ عَنْهُ كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ
(قَوْلُهُ: وَأَجَابَ عَنْ الصَّلَاةِ إلَخْ) هَذَا الْفَرْقُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ فَإِنَّ الْحُكْمَ فِيهِمَا وَاحِدٌ إذَا مَاتَ فِي أَثْنَاءِ وَقْتِ الصَّلَاةِ قَبْلَ إمْكَانِ فِعْلِهَا تَبَيَّنَّا عَدَمَ الْوُجُوبِ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَلَا يُنَافِي الْوُجُوبَ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّهُ بِاعْتِبَارِ الظَّاهِرِ وَهَكَذَا الْحَجُّ إذَا اسْتَطَاعَ، وَالْوَقْتُ مُتَّسِعٌ حَكَمْنَا بِالْوُجُوبِ ظَاهِرًا فَإِذَا مَاتَ قَبْلَ الْإِمْكَانِ تَبَيَّنَّا عَدَمَ الْوُجُوبِ. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَنْهَجِ نَاقِلًا لَهُ عَنْ السُّبْكِيّ. اهـ.
وَهَذَا يُنَافِي التَّصْوِيرَ الَّذِي صَوَّرَ بِهِ شَيْخُنَا ذ رحمه الله وَهُوَ صَرِيحُ الْفَرْقِ بِإِمْكَانِ التَّتْمِيمِ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: لِإِمْكَانِ تَتْمِيمِهَا) أَيْ: فِي الْوَقْتِ ظَاهِرًا بِخِلَافِ الْحَجِّ حَيْثُ كَانَتْ صُورَةُ النِّزَاعِ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ فِعْلَهُ فَيَكُونُ ابْنُ الصَّلَاحِ قَاسَ الْحَجَّ إذَا لَمْ يَبْقَ مِنْ وَقْتِهِ مَا يَسَعُهُ عَلَى الصَّلَاةِ أَوَّلَ وَقْتِهَا وَلَا يَخْفَى بُعْدُهُ فَتَأَمَّلْ وَقَوْلُنَا حَيْثُ كَانَتْ إلَخْ أَمَّا لَوْ كَانَتْ صُورَتُهُ مَا إذَا اسْتَطَاعَ، ثُمَّ عَجَزَ أَوْ مَاتَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ، وَالْحَجِّ فِي إمْكَانِ الْفِعْلِ ظَاهِرًا لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ إرَادَةَ نَحْوِ هَذِهِ الصُّورَةِ بَعِيدَةٌ إذْ لَا خُصُوصِيَّةَ لِلْحَجِّ بِاشْتِرَاطِهَا بَلْ غَيْرُهُ مِثْلُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: لِإِمْكَانِ تَتْمِيمِهَا) فِي الْكَنْزِ لِشَيْخِنَا الْبَكْرِيِّ وَلَا يُخَالِفُ ذَلِكَ أَنَّ الصَّلَاةَ تَجِبُ بِتَكْبِيرَةٍ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ ثَمَّ امْتِدَادُ السَّلَامَةِ مَعَ ذَلِكَ وَتَصْوِيرُ ذَلِكَ هُنَا لَا يَأْتِي فَتَأَمَّلْهُ. اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَجِّ، وَالصَّلَاةِ فَإِنَّهُ إذَا مَاتَ أَوْ حَاضَتْ قَبْلَ أَنْ يَمْضِيَ مِنْ وَقْتِهَا مَا يَسَعُهَا تَبَيَّنَ أَنَّهَا لَمْ تَجِبْ وَكَذَا هَذَا إذَا اسْتَطَاعَ وَقَدْ بَقِيَ وَقْتٌ يَسَعُهُ حَكَمْنَا بِالْوُجُوبِ فَإِذَا مَاتَ قَبْلَ تَمَكُّنِهِ تَبَيَّنَ أَنْ لَا وُجُوبَ وَلَيْسَ كَالزَّكَاةِ الْوَاجِبَةِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ، ثُمَّ تَسْقُطُ بِفَوَاتِ التَّمَكُّنِ. اهـ. وَحَاصِلُ مَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِمْ هُنَا أَنَّ الْوَقْتَ فِي الصَّلَاةِ، وَالزَّكَاةِ سَبَبٌ لِلْوُجُوبِ، وَالتَّمَكُّنُ شَرْطٌ لِوُجُوبِ الْأَدَاءِ وَخَالَفَ السُّبْكِيُّ فِي الصَّلَاةِ فَجَعَلَهَا كَالْحَجِّ فِي أَنَّ التَّمَكُّنَ فِيهِمَا سَبَبٌ لِلْوُجُوبِ، وَالْجُمْهُورُ مَعَهُ فِي الْحَجِّ دُونَهَا وَكُلُّ ذَا يَحْتَاجُ لِفَرْقٍ بَيِّنٍ فَلْيُحَرَّرْ وَعَلَى مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ شَيْخِنَا ذ رحمه الله لَا إشْكَالَ فَتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: بِالسَّفَهِ) خَرَجَ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ فَيُمْنَعُ مِنْهُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِأَمْوَالِهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْحَجُّ فَوْرِيًّا بِأَنْ أَفْسَدَ الْحَجَّ قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ فَلْيُرَاجَعْ. اهـ. ع ش عَلَى م ر
(فِي) نُسُكِ (التَّطَوُّعِ) لِذَلِكَ بِخِلَافِ الْفَرْضِ وَلَوْ قَضَاءً، أَوْ نَذْرًا وَلَوْ بَعْدَ الْحَجْرِ نَعَمْ فِي الْقَضَاءِ الْوَاجِبِ فِي السَّفَهِ وَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ وَإِذَا مَنَعَهُ الزِّيَادَةَ (فَلْيَتَحَلَّلْ) مِنْ نُسُكِهِ جَوَازًا (مِثْلَ مَنْ قَدْ أُحْصِرَا) فَيَتَحَلَّلُ بِالصَّوْمِ؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ الْمَالِ (قُلْت وَهَذَا) أَيْ: مَا ذُكِرَ مِنْ مَنْعِ الزِّيَادَةِ، وَالتَّحَلُّلِ (فِي الَّذِي قَدْ حُجِرَا) عَلَيْهِ (قَبْلَ شُرُوعِ حَجِّهِ) أَيْ: شُرُوعِهِ فِي حَجِّهِ (تَطَوُّعَا وَكَانَ مَا احْتَاجَ إلَيْهِ) فِي السَّفَرِ (أَرْفَعَا) أَيْ: أَزْيَدَ (مِنْ مُؤَنِ الْحَاضِرِ دُونَ مَكْسَبِ لِزَائِدٍ) أَيْ: دُونَ كَسْبٍ لَهُ يَفِي بِالزَّائِدِ عَلَى مُؤَنِ الْحَضَرِ أَمَّا الَّذِي حُجِرَ عَلَيْهِ بَعْدَ الشُّرُوعِ، أَوْ قَبْلَهُ وَلَمْ يَزِدْ مَا يَحْتَاجُهُ سَفَرًا عَلَى مُؤَنِ الْحَضَرِ، أَوْ زَادَ وَلَهُ كَسْبٌ يَفِي بِالزَّائِدِ فَلَا مَنْعَ وَلَا تَحَلُّلَ وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَكَانَ مَا احْتَاجَ إلَيْهِ أَرْفَعَا مِنْ مُؤَنِ الْحَاضِرِ مَعْلُومٌ مِنْ كَلَامِ الْحَاوِي وَاقْتَضَى كَلَامُهُ هُنَا وَفِي أَوَّلِ الْبَابِ صِحَّةَ إحْرَامِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ
(وَإِنْ يَمُتْ) مَنْ لَزِمَهُ الْحَجُّ (أَوْ يُعْضَبْ مِنْ بَعْدِ مَا حَجَّ الْأَنَامُ) أَيْ: الْخَلْقُ، وَالْمُرَادُ النَّاسُ (أَثِمَا) وَلَوْ شَابًّا وَإِنْ لَمْ يَرْجِعُوا بِأَنْ يَمُوتَ، أَوْ يَعْضِبَ بَعْدَ نِصْفِ لَيْلَةِ النَّحْرِ وَمَضَى إمْكَانُ السَّيْرِ إلَى مِنَى، وَالرَّمْيِ بِهَا وَإِلَى مَكَّة، وَالطَّوَافِ بِهَا، وَالسَّعْي إنْ دَخَلَ الْحَاجُّ بَعْدَ الْوُقُوفِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا جُوِّزَ لَهُ التَّأْخِيرُ لَا التَّفْوِيتُ وَيُخَالِفُ الصَّلَاةَ فَإِنْ آخِرَ وَقْتِهَا مَعْلُومٌ فَلَا تَقْصِيرَ مَا لَمْ يُؤَخِّرْ عَنْهُ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ الْحَجْرِ) هُوَ فِي مَسْأَلَةِ النَّذْرِ الْوَاقِعِ بَعْدَ الْحَجْرِ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَلِيِّ سَهْوٌ قَطْعًا فَاَلَّذِي فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ حُكْمَهُ كَالتَّطَوُّعِ الَّذِي شَرَعَ فِيهِ بَعْدَ الْحَجْرِ وَكَذَا فِي مَتْنِ الْإِرْشَادِ وَغَيْرِهِ وَعِبَارَةُ الْإِرْشَادِ وَمَنَعَهُ فِي تَطَوُّعٍ وَنَذْرٍ بَعْدَ حَجْرِ زِيَادَةِ نَفَقَةٍ. اهـ. وَقَضِيَّتُهَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ إذْنِ الْوَلِيِّ وَعَدَمِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا قُلْت وَعَدَمُ الْفَرْقِ الْمَذْكُورُ قَضِيَّةُ عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ أَيْضًا وَظَاهِرُ مَا ذُكِرَ الْمَنْعُ فِي النَّذْرِ بَعْدَ الْحَجْرِ وَلَوْ فِي عَامٍ مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ الْقَضَاءُ الْوَاجِبُ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ فَإِنْ أَفْسَدَ فَرْضَهُ فَهَلْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ الْوَلِيُّ فِي الْقَضَاءِ قَوْلَانِ. اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ: فِي بَابِ الْحَجْرِ وَجْهَانِ وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ الْقَضَاءَ فَرْضٌ وَوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ فِيهِ إفْسَادُهُ. اهـ. وَقَضِيَّةُ التَّقْيِيدِ بِإِفْسَادِ الْفَرْضِ إخْرَاجُ إفْسَادِ التَّطَوُّعِ وَقَضِيَّةُ تَوْجِيهِ الْأَوَّلِ خِلَافُهُ إذْ يَجِبُ قَضَاءُ التَّطَوُّعِ الَّذِي أَفْسَدَهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَجْهَانِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: رحج الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ الْأَوَّلَ أَيْ: إنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهِ فِيهِ وَلَا يَمْنَعُهُ زِيَادَةً لِمَا مَرَّ مَعَ كَوْنِ الْقَضَاءِ عَلَى الْفَوْرِ. اهـ. وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْعُبَابِ قِيلَ فَإِنْ لَمْ يَجِبْ أَيْ: الْقَضَاءُ فَوْرًا لِكَوْنِهِ قَضَاءً عَمَّا أَفْسَدَهُ فِي صِبَاهُ اُحْتُمِلَ أَنَّهُ كَالْوَاجِبِ فَوْرًا وَهُوَ الْأَوْجَهُ إذْ حَجُّ الْأَدَاءِ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ مَا عَلَى الْفَوْرِ وَغَيْرِهِ فَكَذَا الْقَضَاءُ وَاحْتُمِلَ أَنَّهُ كَالتَّطَوُّعِ وَاقْتَضَى كَلَامُ الْأَذْرَعِيِّ تَرْجِيحَهُ وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا. اهـ. وَقَوْلُهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ إذَا جَرَى هَذَا الْأَوْجَهُ فِيمَا أَفْسَدَهُ فِي صِبَاهُ مَعَ أَنَّهُ تَطَوُّعٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ جَرَى فِي إفْسَادِ تَطَوُّعِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ حَالَ السَّفَهِ بَلْ، أَوْلَى فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ يَمُتْ، أَوْ يَعْضِبْ مِنْ بَعْدِ مَا حَجَّ الْأَنَامُ أَثِمَ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ صَادِقٌ بِمَوْتِهِ بَعْدَ انْتِصَافِ لَيْلَةِ النَّحْرِ وَمُضِيِّ قَدْرِ الْأَعْمَالِ الَّتِي فَصَّلَهَا الشَّارِحُ فَقَطْ وَبِمَوْتِهِ بَعْدَ الِانْتِصَافِ وَمُضِيِّ قَدْرِ تِلْكَ الْأَعْمَالِ وَرُجُوعِ النَّاسِ بِالْفِعْلِ، أَوْ بِالْقُوَّةِ وَصَادِقٌ بِكَوْنِ الْمَوْتِ بَعْدَ مُضِيِّ سِنِينَ اسْتَطَاعَ فِي كُلٍّ مِنْهَا فَلِهَذَا قَالَ الشَّارِحُ فِيمَا سَيَأْتِي: ثُمَّ إثْمُهُ مِنْ آخِرِ سِنِي الْإِمْكَانِ أَيْ: إنْ تَعَدَّدَتْ سَنَةُ الْإِمْكَانِ وَآخِرُ سِنِي الْإِمْكَانِ هِيَ آخِرُ سَنَةٍ كَانَ مَوْجُودًا مُسْتَطِيعًا فِيهَا إلَى انْتِصَافِ لَيْلَةِ النَّحْرِ وَمُضِيِّ قَدْرِ الْأَعْمَالِ الْمَذْكُورَةِ بِخِلَافِ مَا لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا مُسْتَطِيعًا فِيهَا إلَى ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنْ سِنِي الْإِمْكَانِ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهَا آخِرَهَا سم (قَوْلُهُ مَنْ لَزِمَهُ الْحَجُّ) لِوُجُودِ شَرْطِ اللُّزُومِ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ النَّاسُ) وَإِلَّا فَالْخَلْقُ أَعَمُّ مِنْ النَّاسِ (قَوْلُهُ: إنْ دَخَلَ الْحَاجُّ) كَأَنَّهُ رَاجِعٌ لِلسَّعْيِ وَحْدَهُ احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ دَخَلُوا
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: أَوْ نَذْرًا وَلَوْ بَعْدَ الْحَجْرِ) بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا قَبْلَ الْحَجْرِ وَمَا بَعْدَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُسْلَكُ بِالنَّذْرِ مَسْلَكُ وَاجِبِ الشَّرْعِ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْوَلِيَّ يَمْنَعُهُ مِنْ إتْمَامِهِ إنْ كَانَ النَّذْرُ بَعْدَ الْحَجْرِ وَيُجَابُ عَمَّا سَبَقَ بِأَنَّهُ عَارَضَ ذَلِكَ تَفْوِيتُهُ لِمَالِهِ بِهَذَا الطَّرِيقِ فَكَانَ عَدَمُ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ مِنْ مَصَالِحِهِ فَلِذَا تَخَلَّفَ عَنْ الْغَالِبِ مِنْ أَنَّهُ يُسْلَكُ بِالنَّذْرِ مَسْلَكُ وَاجِبِ الشَّرْعِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ وَظَاهِرُ مَا ذُكِرَ انْعِقَادُ نَذْرِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَيْسَ كَالنَّذْرِ الْمَالِيِّ؛ لِأَنَّهُ مَحْضُ مَالٍ بِخِلَافِ هَذَا فَإِنَّ مَا فِيهِ شَوْبُ مَالٍ وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ أَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ إنْفَاقَ مَالِهِ فِيهِ رُدَّ بِأَنَّا وَإِنْ صَحَحْنَا نَذْرَهُ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ لَا تُمْكِنُهُ مِنْ وَفَائِهِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ
(قَوْلُهُ: إثْمًا) وَوَجَبَتْ الْإِنَابَةُ فِي صُورَةِ الْعَضْبِ عَلَى الْفَوْرِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَضَبَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ فَتَجِبُ عَلَى التَّرَاخِي كَمَا فِي التُّحْفَةِ. اهـ. وَمِثْلُهُ مَا إذَا عَضَبَ قَبْلَ الْبُلُوغِ كَمَا فِي سم ع ش
(قَوْلُهُ: إثْمًا) وَلَا نَظَرَ إلَى إمْكَانِ الِاسْتِنَابَةِ؛ لِأَنَّ تَفْوِيتَ الْأَصْلِ اسْتِغْنَاءً عَنْهُ بِالْفَرْعِ لَا يَجُوزُ (قَوْلُهُ: وَإِلَى مَكَّةَ، وَالطَّوَافِ بِهَا) عِبَارَةُ شَرْحِ
وَالْإِبَاحَةُ فِي الْحَجِّ بِشَرْطِ الْمُبَادَرَةِ قَبْلَ الْمَوْتِ فَإِذَا مَاتَ قَبْلَهُ أَشْعَرَ الْحَالُ بِالتَّقْصِيرِ
وَاعْتِبَارُ إمْكَانِ السَّيْرِ إلَى مِنًى، وَالرَّمْيِ بِهَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ التَّهْذِيبِ وَأَقَرَّاهُ وَرَدَّهُ فِي الْمُهِمَّاتِ بِأَنَّهُ لَيْسَ رُكْنًا وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ وَاجِبًا وَلَهُ دَخْلٌ فِي التَّخَلُّلِ اُعْتُبِرَ إمْكَانُ فِعْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رُكْنًا لِبُعْدِ التَّأْثِيمِ بِدُونِهِ قَالَ: وَلَا بُدَّ مِنْ زَمَنٍ يَسَعُ الْحَلْقَ، أَوْ التَّقْصِيرَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ رُكْنٌ، وَالْمَبِيتُ بِمُزْدَلِفَةِ لَا يَجِبُ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ فَيَكْفِي فِي زَمَنِ الْمَذْكُورَاتِ إمْكَانُ إيقَاعِهَا عَقِبَ نِصْفِ اللَّيْلِ لِإِمْكَانِ السَّيْرِ إلَيْهَا قَبْلَهُ وَيُعْتَبَرُ الْأَمْنُ فِي السَّيْرِ إلَى مَكَّةَ لَيْلًا. اهـ.
ثُمَّ إثْمُهُ مِنْ آخِرِ سِنِي الْإِمْكَانِ لِجَوَازِ التَّأْخِيرِ إلَيْهَا وَقِيلَ مِنْ أَوَّلِهَا لِاسْتِقْرَارِ الْفَرْضِ فِيهَا وَأَثَرُ ذَلِكَ يَظْهَرُ فِي شَهَادَتِهِ إذَا لَمْ يَحْكُمْ بِهَا الْقَاضِي حَتَّى مَاتَ فَلَا يُحْكَمُ بِهَا لِبَيَانِ فِسْقِهِ وَفِي نَقْضِ مَا حُكِمَ فِيهِ بِهَا أَمَّا إذَا مَاتَ، أَوْ عَضَبَ قَبْلَ حَجِّ النَّاسِ فَلَا إثْمَ لِتَبَيُّنِ عَدَمِ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّهُ بَانَ أَنْ لَا إمْكَانَ (لَا مَعَ هَلَاكِ مَالِهِ قَبْلَهُمَا) أَيْ: قَبْلَ الْمَوْتِ، وَالْعَضْبِ (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَرْجِعَ أَهْلُ الْوَطَنِ) إلَى وَطَنِهِمْ فَلَا يَأْثَمُ؛ لِأَنَّ مُؤْنَةَ الرُّجُوعِ لَا بُدَّ مِنْهَا وَيَأْثَمُ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ كَمَا عُلِمَ إلَّا إذَا هَلَكَ مَالُهُ بَعْدَ عَضْبِهِ بَيْنَ حَجِّهِمْ وَرُجُوعِهِمْ لِتَبَيُّنِ عَدَمِ اسْتِطَاعَتِهِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْمَيِّتِ لِتَبَيُّنِ اسْتِغْنَائِهِ عَنْ مُؤْنَةِ الرُّجُوعِ فَافْتَرَقَ حَكَمَا الْمَوْتِ وَالْعَضْبِ فِي هَذَا وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمَا مُطْلَقًا وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ يَمُتْ إلَى هُنَا سِتُّونَ صُورَةً غَيْرَ صُوَرِ السَّلَامَةِ مِنْ الْمَوْتِ، وَالْعَضْبِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ التَّقْيِيدِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَبْلَ الْوُقُوفِ لِإِمْكَانِ السَّعْيِ بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ
(قَوْلُهُ: آخِرُ سِنِي الْإِمْكَانِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَلَوْ تَمَكَّنَ سِنِينَ، ثُمَّ مَاتَ، أَوْ عَضَبَ فَعِصْيَانُهُ مِنْ السَّنَةِ الْأَخِيرَةِ فَيَتَبَيَّنُ بَعْدَ مَوْتِهِ، أَوْ عَضْبِهِ فِسْقُهُ فِيهَا قَالَ فِي شَرْحِهِ أَيْ: فِي السَّنَةِ الْأَخِيرَةِ بَلْ وَفِيمَا بَعْدَهَا فِي الْمَعْضُوبِ إلَى أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ. اهـ. فَلْيُتَأَمَّلْ إذَا نَدِمَ الْمَعْضُوبُ وَعَزَمَ عَلَى الْحَجِّ، أَوْ الِاسْتِنَابَةِ مَتَى قَدَرَ، ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ فَلَا يُحْكَمُ بِشَهَادَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ: وَيَنْقُضُ مَا شَهِدَ بِهِ فِي السَّنَةِ الْأَخِيرَةِ قَالَ فِي شَرْحِهِ: بَلْ وَفِيمَا بَعْدَهَا فِي الْمَعْضُوبِ إلَى مَا ذُكِرَ. اهـ. ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَعَلَيْهِ أَيْ: كُلٍّ مِنْ الْمَيِّتِ، أَوْ وَارِثِهِ، وَالْمَعْضُوبِ أَنْ يَسْتَنِيبَ فَوْرًا. اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَيَخْرُجُ بِقَوْلِهِ، أَوْ عَضَبَ مَا لَوْ بَلَغَ مَعْضُوبًا فَإِنَّ لَهُ تَأْخِيرَ الِاسْتِنَابَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْمَيِّتِ) وَبِالْأَوْلَى فِيهِ إذَا كَانَ الْهَلَاكُ بَعْدَ رُجُوعِهِمْ أَيْضًا (قَوْلُهُ قَبْلَ مَوْتِهِ) أَيْ: وَمِنْ لَازِمِهِ أَنَّهُ قَبْلَ الْحَجِّ، وَالرُّجُوعِ لِأَنَّ مَوْتَهُ قَبْلَهُمَا فَقَوْلُهُ: قَبْلَ حَجِّهِمْ إلَخْ خَاصٌّ بِقَوْلِهِ، أَوْ بَعْدَهُ
ــ
[حاشية الشربيني]
الْعُبَابِ لِحَجَرٍ مَعَ الْمَتْنِ وَيَكْفِي فِي حُصُولِ الْإِمْكَانِ فِي الْمَوْتِ إمْكَانُ فِعْلِ الْأَرْكَانِ بَعْدَ نِصْفِ لَيْلَةِ النَّحْرِ فَإِذَا مَاتَ بَعْدَ انْتِصَافِهَا وَمَضَى إمْكَانُ الطَّوَافِ لَا السَّيْرِ إلَيْهِ لِإِمْكَانِ تَقْدِيمِهِ عَلَى نِصْفِ اللَّيْلِ وَإِنْ قُلْنَا بِوُجُوبِ مَبِيتِ مُزْدَلِفَةَ؛ لِأَنَّ الذَّهَابَ إلَيْهِ عُذْرٌ فِي مَبِيتِهَا كَمَا يَأْتِي وَكَذَا السَّعْيُ إنْ دَخَلَ الْحَاجُّ مَكَّةَ بَعْدَ الْوُقُوفِ أَوْ قَبْلَهُ بِزَمَنٍ لَا يَسَعُهُ مَعَ طَوَافِ الْقُدُومِ مَاتَ عَاصِيًا وَلَوْ شَابًّا وَإِنْ لَمْ تَرْجِعْ الْقَافِلَةُ لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْ الرُّجُوعِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَلِفَ مَالُ الْحَيِّ قَبْلَ إمْكَانِ الرُّجُوعِ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَقِرُّ الْوُجُوبُ؛ لِأَنَّ مُؤْنَةَ الرُّجُوعِ لَا بُدَّ مِنْهَا، وَالْمُرَادُ إمْكَانُ الرُّجُوعِ إلَى مَحَلِّهِ عَلَى الْعَادَةِ الْغَالِبَةِ سَوَاءٌ رَجَعَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْقَافِلَةِ أَمْ لَا. اهـ. بِاخْتِصَارٍ وَقَوْلُهُ وَإِنْ قُلْنَا بِوُجُوبِ مَبِيتِ مُزْدَلِفَةَ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ لَهُ زَمَنٌ لِحُصُولِهِ بِالْمُرُورِ فِيهَا بَعْدَ النِّصْفِ كَمَا أَنَّ الْأَوْجَهَ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ لِلتَّقْصِيرِ لِحُصُولِهِ بِإِزَالَةِ ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ وَهُوَ مَاشٍ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ وَلَعَلَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الذَّهَابَ لِلطَّوَافِ لَيْسَ بِعُذْرٍ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: مِنْ آخِرِ سِنِي الْإِمْكَانِ) هَلْ الْمُرَادُ بِهِ مِنْ أَوَّلِهَا أَوْ آخِرِهَا أَوْ قَبْلَ فَجْرِ النَّحْرِ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ وَاَلَّذِي يَنْقَدِحُ أَنْ يُقَالَ يَتَبَيَّنُ فِسْقُهُ مِنْ وَقْتِ خُرُوجِ قَافِلَةِ بَلَدِهِ لِتَبَيُّنِ أَنَّ هَذَا الْوَقْتَ هُوَ الَّذِي كَانَ يَلْزَمُهُ الْمُضِيُّ مَعَهُمْ فِيهِ كَذَا فِي حَاشِيَتِي لِلْإِيضَاحِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي كَلَامِ شَيْخِنَا فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ مَا يُؤَدِّي ذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ عَيَّنَهُ حَيْثُ قَالَ مِنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ الَّذِي لَوْ أَخَّرَهُ عَنْهُ لَمْ يَسَعْهُ، انْتَهَتْ. اهـ. حَجَرٌ فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الْإِرْشَادِ الصَّغِيرِ (قَوْلُهُ: أَيْ: قَبْلَ الْمَوْتِ، وَالْعَضْبِ) ، وَالنُّسُكُ بَاقٍ فِي حَقِّهِ قَبْلَ ذَلِكَ عَلَى التَّرَاخِي خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ فِي الْإِحْيَاءِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَمِّ ر
(قَوْلُهُ: سِتُّونَ صُورَةً) عِبَارَةُ شَرْحِ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ حَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ لَزِمَهُ الْحَجُّ إنْ مَاتَ قَبْلَ حَجِّهِمْ فَلَا عِصْيَانَ سَوَاءٌ تَلِفَ مَالُهُ قَبْلَ مَوْتِهِ أَمْ بَعْدَ حَجِّهِمْ وَإِيَابِهِمْ أَمْ بَيْنَهُمَا أَمْ بَعْدَهَا أَمْ لَمْ يَتْلَفْ أَصْلًا وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ حَجِّهِمْ وَقَبْلَ إيَابِهِمْ فَإِنْ تَلِفَ مَالُهُ قَبْلَ حَجِّهِمْ أَوْ بَعْدَهُ لَمْ يَعْصِ؛ لِأَنَّ نَفَقَةَ الْإِيَابِ لَا بُدَّ مِنْهَا أَوْ تَلِفَ بَعْدَ مَوْتِهِ بَعْدَ إيَابِهِمْ أَوْ قَبْلَهُ عَصَى كَمَا لَوْ لَمْ يَتْلَفْ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ بِالْمَوْتِ اسْتَغْنَى عَنْ الرُّجُوعِ وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ حَجِّهِمْ وَإِيَابِهِمْ فَإِنْ لَمْ يَتْلَفْ مَالُهُ أَوْ تَلِفَ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ قَبْلَهُ بَعْدَ حَجِّهِمْ وَإِيَابِهِمْ عَصَى أَوْ قَبْلَ مَوْتِهِ وَبَيْنَ الْحَجِّ، وَالْإِيَابِ أَوْ قَبْلَهُمَا لَمْ يَعْصِ فَهَذِهِ خَمْسَ عَشْرَةَ صُورَةً فِي الْمَوْتِ وَيَأْتِي مِثْلُهَا فِي الْعَضْبِ لَكِنْ لَوْ لَمْ يَتْلَفْ مَالُهُ وَلَكِنَّهُ عَضَبَ قَبْلَ حَجِّهِمْ أَوْ بَيْنَ حَجِّهِمْ وَإِيَابِهِمْ لَمْ يَعْصِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ مُدَّةَ الرُّجُوعِ لَا بُدَّ مِنْهَا كَمَا مَرَّ وَيَأْتِي مِثْلُ هَذِهِ الثَّلَاثِينَ صُورَةً فِي الْعُمْرَةِ لَكِنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهَا بَعْدَ زَمَنِ إمْكَانِ الْوُصُولِ إلَى مَكَّةَ مُضِيُّ زَمَنٍ يَسَعُ أَعْمَالَهَا كُلَّهَا. اهـ.
وَقَالَ فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الْإِرْشَادِ: وَبَعْضُهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ مَا نَصُّهُ أَفْهَمَ كَلَامُ جَمَاعَةٍ أَنَّهُ إذَا عَضَبَ بَعْدَ حَجِّ النَّاسِ، ثُمَّ تَلِفَ مَالُهُ قَبْلَ إيَابِهِمْ عَصَى كَالْمَوْتِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَوْ عَضَبَ قَبْلَ إيَابِهِمْ مَعَ بَقَاءِ مَالِهِ لَمْ يَعْصِ؛ لِأَنَّ دَوَامَ الِاسْتِطَاعَةِ إلَى الْعَوْدِ شَرْطٌ وَمِنْهَا الثُّبُوتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ بِأَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّ تَلَفَ مَالِ الْحَيِّ قَبْلَ إيَابِهِمْ يُسْقِطُ الْوُجُوبَ لِتَبَيُّنِ عَدَمِ الْوُجُوبِ فَالْعَضْبُ أَوْلَى لِتَعَذُّرِ الْإِيَابِ مَعَهُ بِخِلَافِ فَقْدِ الْمَالِ فَإِنَّهُ قَدْ يَسْتَعِينُ عَلَى الْعَوْدِ بِالْكَسْبِ أَوْ السُّؤَالِ وَبِأَنَّ كَلَامَ الشَّيْخَيْنِ
بِهِمَا؛ لِأَنَّ مَنْ لَزِمَهُ الْحَجُّ إنْ مَاتَ قَبْلَ حَجِّ النَّاسِ وَرُجُوعِهِمْ فَلَا إثْم لِعَدَمِ الْإِمْكَان سَوَاءٌ هَلَكَ مَالهُ قَبْلَ مَوْتِهِ، أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ حَجِّهِمْ وَرُجُوعِهِمْ، أَوْ بَيْنَهُمَا، أَوْ بَعْدَهُمَا، أَوْ لَمْ يَهْلِكْ فَهَذِهِ خَمْسٌ تُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَمَا حَجَّ الْأَنَامُ وَإِنْ مَاتَ بَيْن حَجّهمْ وَرُجُوعهمْ
فَإِنْ هَلَكَ مَالُهُ قَبْل مَوْته لَمْ يَأْثَمْ سَوَاءٌ هَلَكَ قَبْلَ حَجِّهِمْ، أَوْ بَعْدَهُ وَهُمَا دَاخِلَتَانِ فِي قَوْلِهِ
لَا مَعَ هَلَاكِ مَالِهِ قَبْلَهُمَا
وَوَجْهُ عَدَمِ الْإِثْمِ فِي الثَّانِيَةِ أَنَّ مُؤْنَةَ الرُّجُوعِ لَا بُدَّ مِنْهَا فَسَقَطَ الْوُجُوبُ عَنْهُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِهَلَاكِ الْمَالِ قَبْلَهُ وَإِنْ هَلَكَ بَعْدَ مَوْتِهِ قَبْلَ رُجُوعِهِمْ، أَوْ بَعْدَهُ، أَوْ لَمْ يَهْلِكْ أَثِمَ، وَالثَّلَاثَةُ مَفْهُومَةٌ مِنْ التَّقْيِيدِ بِقَوْلِهِ قَبْلَهُمَا وَدَاخِلَةٌ أَيْضًا فِي إطْلَاقِ قَوْلِهِ
وَإِنْ يَمُتْ مِنْ بَعْدِ مَا حَجَّ الْأَنَامُ أَثِمْ
وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ حَجِّهِمْ وَرُجُوعِهِمْ فَإِنْ هَلَكَ مَالُهُ بَعْدَهُمَا قَبْلَ مَوْتِهِ، أَوْ بَعْدَهُ، أَوْ لَمْ يَهْلِكْ أَثِمَ، وَالثَّلَاثَةُ دَاخِلَةٌ فِي ذَلِكَ أَيْضًا وَإِنْ هَلَكَ قَبْلَ مَوْتِهِ وَبَيْنَ حَجِّهِمْ وَرُجُوعِهِمْ، أَوْ قَبْلَهُمَا لَمْ يَأْثَمْ وَهِمَا دَاخِلَتَانِ فِي قَوْلِهِ لَا مَعَ هَلَاكِ مَالِهِ إلَى آخِرِهِ فَهَذِهِ خَمْسَ عَشْرَةَ مَعَ الْمَوْتِ وَمِثْلُهُمَا مَعَ الْعَضْبِ وَإِنْ افْتَرَقَا فِيمَا مَرَّ فَيَجْتَمِعُ ثَلَاثُونَ وَمِثْلُهَا مَعَ الْعُمْرَةِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ الْحَجِّ فَالْجُمْلَةُ سِتُّونَ
(وَإِنَّمَا يُنِيبُ) لِلنُّسُكِ (أَهْلَ الزَّمَنِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ أَيْ: الزَّمَانَةِ (أَوْ) أَهْلَ (مَرَضٍ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: قَبْلَ حَجِّهِمْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ بَعْدَهُ
(قَوْلُهُ: قَدْ أَيِسَا) هَذِهِ الْجُمْلَةُ يَنْبَغِي أَنَّهَا حَالٌ مِنْ الْمَعْطُوفِ، وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ وَيُمْكِنُ الصِّفَةُ بِجَعْلِ أَلْ فِي الرِّفْقِ لِلْجِنْسِ
ــ
[حاشية الشربيني]
لَا يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ بِالْعَضْبِ إلَّا عِنْدَ الْإِمْكَانِ وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ فِي حَقِّهِ إلَّا بِالْعَوْدِ بِخِلَافِ الْمَيِّتِ لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْهُ بِالْمَوْتِ وَيُوَافِقُهُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ حَيْثُ قَالَ إلَّا إذَا هَلَكَ وَعِبَارَةُ سم بَعْدَ كَلَامٍ ذَكَرَهُ وَمِنْ ذَلِكَ يُؤْخَذُ أَنَّ الْعَضْبَ قَبْلَ إمْكَانِ الرُّجُوعِ لَا يَسْتَقِرُّ بِهِ الْوُجُوبُ كَتَلَفِ الْمَالِ قَبْلَهُ وَهُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الْوَجْهُ لِتَبَيُّنِ عَدَمِ اسْتِطَاعَتِهِ لِكَوْنِهِ وَقْتَ إمْكَانِ الْحَجِّ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْمُبَاشَرَةِ لِعَجْزِهِ عَنْ الرُّجُوعِ بِنَفْسِهِ وَلَا مِنْ أَهْلِ الِاسْتِنَابَةِ لِعَدَمِ الْعَجْزِ حِينَئِذٍ لَكِنَّ قَضِيَّةِ كَلَام الْحَاوِي الصَّغِيرِ الْعِصْيَانُ.
وَبِهِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْجَوْهَرِيُّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ حَيْثُ بَحَثَ الْعِصْيَانَ فِيمَا لَوْ عَضَبَ قَبْلَ حَجِّ أَهْلِ بَلَدِهِ، ثُمَّ هَلَكَ مَالُهُ قَبْلَ حَجِّهِمْ وَإِيَابِهِمْ أَوْ بَعْدَهُمَا أَوْ لَمْ يَهْلِكْ وَأَمْكَنَهُ الِاسْتِنَابَةُ وَفِيمَا لَوْ عَضَبَ بَيْنَ حَجِّهِمْ وَرُجُوعِهِمْ سَوَاءٌ هَلَكَ مَالُهُ قَبْلَ عَضْبِهِ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ رُجُوعِهِمْ أَوْ بَعْدَهُمَا أَوْ لَمْ يَهْلِكْ وَفِيمَا لَوْ عَضَبَ بَعْدَ حَجِّهِمْ وَرُجُوعِهِمْ وَتَلِفَ مَالُهُ قَبْلَ عَضْبِهِ بَعْدَ حَجِّهِمْ قَبْلَ إيَابِهِمْ وَمَا بَحَثَهُ مَمْنُوعٌ لِمَا تَقَدَّمَ إلَّا فِيمَا إذَا عَضَبَ قَبْلَ حَجِّهِمْ وَهَلَكَ مَالُهُ بَعْدَ حَجِّهِمْ وَرُجُوعِهِمْ أَوْ لَمْ يَهْلِكْ لِتَبَيُّنِ اسْتِطَاعَتِهِ بِكَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الِاسْتِنَابَةِ وَقْتَ حَجِّهِمْ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهَا بِسَلَامَةِ مَالِهِ حِينَئِذٍ وَكَالْعَضْبِ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ الْجُنُونُ (قَوْلُهُ: فَلَا إثْمَ) وَإِنْ أَمْكَنَهُ الِاسْتِنَابَةُ فِيمَا إذَا هَلَكَ مَالُهُ بَيْنَهُمَا أَوْ بَعْدَهُمَا أَوْ لَمْ يَهْلِكْ؛ لِأَنَّ شَرْطَ لُزُومِهِ لَهُ الْمُقْتَضِي فَوْرِيَّةَ الْإِنَابَةِ بَقَاؤُهُ إلَى الْعَوْدِ مَعَ الْقُدْرَةِ وَلِهَذَا لَمْ يُقَيِّدْ الشَّرْحُ عَدَمَ الْعِصْيَانِ بِعَدَمِ إمْكَانِ الِاسْتِنَابَةِ فَمِثْلُ هَذِهِ الصُّورَةِ غَيْرُهَا فِي ذَلِكَ كَمَا ارْتَضَاهُ حَجَرٌ آخِرًا فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ.
لَكِنْ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِالِاسْتِنَابَةِ بِالْأُجْرَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ بِخِلَافِ الِاسْتِنَابَةِ بِالْمُطِيعِ فَإِنَّهَا عَلَى الْفَوْرِ كَمَا نَقَلْنَاهُ سَابِقًا عَنْ سم فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: مَفْهُومُهُ وَإِنْ خَرَجَ بِقَوْلِهِ مِنْ قَبْلِ إلَخْ) صُورَتَانِ لَكِنْ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ فِي الشَّرْحِ
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُنِيبُ أَهْلَ الزَّمَنِ) فِي الْعُبَابِ، ثُمَّ إنْ بَلَغَ عَاجِزًا فَالْإِنَابَةُ مُوَسَّعَةٌ وَإِنْ طَرَأَ الْعَجْزُ بَعْدَ إمْكَانِ الْحَجِّ بِنَفْسِهِ فَمُضَيَّقَةٌ قَالَ حَجَرٌ فِي شَرْحِهِ: هَذَا إذَا كَانَتْ الْقُدْرَةُ بِاسْتِئْجَارٍ فَإِنْ كَانَتْ بِبَذْلِ طَاعَةٍ وَجَبَ الْإِذْنُ فَوْرًا مُطْلَقًا وَفَارَقَ الْمُسْتَطِيعَ بِنَفْسِهِ بِأَنَّ وُجُوبَ الْمُبَاشَرَةِ عَلَيْهِ يَدْعُوهُ إلَى الْإِتْيَانِ بِهَا فَوُكِّلَ إلَى دَاعِيَتِهِ وَهَذَا مُنْتَفٍ فِي حَقِّ الْغَيْرِ فَلِذَلِكَ لَزِمَ الْمَعْضُوبَ الْمُبَادَرَةُ إلَى الْإِذْنِ بِالْغَيْرِ اغْتِنَامًا لِلْخَاطِرِ الَّذِي عَنَّ لَهُ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُنِيبُ إلَخْ) فِي الْعُبَابِ وَشَرْحِهِ وَلَا تَصِحُّ النِّيَابَةُ عَنْ مَرْجُوِّ الْبُرْءِ وَإِنْ اتَّصَلَ بِهِ الْيَأْسُ أَوْ الْمَوْتُ فَيَصِحُّ لِلْمُبَاشَرَةِ نَعَمْ إنْ أَتَى بِالْحَجِّ بَعْدَ مَوْتِهِ أَجْزَأَ لِوُقُوعِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ فِي زَمَنٍ تَصِحُّ فِيهِ النِّيَابَةُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْإِسْنَوِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَحِقَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ لَا الْمُسَمَّى وَلَا تَصِحُّ النِّيَابَةُ فِي تَطَوُّعٍ إلَّا عَنْ مَيِّتٍ أَوْصَى بِهِ وَلَا عَنْ مَعْضُوبٍ أَنَابَ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ مَرَّةً أَوْ أَكْثَرَ. اهـ. وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ أَمَّا حَجُّ التَّطَوُّعِ فَلَا تَجُوزُ الِاسْتِنَابَةُ فِيهِ عَنْ الْقَادِرِ قَطْعًا وَفِي اسْتِنَابَةِ الْمَعْضُوبِ عَنْ نَفْسِهِ، وَالْوَارِثِ عَنْ الْمَيِّتِ قَوْلَانِ أَظْهَرُهُمَا الْجَوَازُ وَفِي الْمَنْذُورِ الْخِلَافُ فِي أَنَّهُ يُسْلَكُ بِهِ مَسْلَكُ وَاجِبِ الشَّرْعِ أَوْ لَا. اهـ. وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ حِكَايَةُ صِحَّةِ إنَابَةِ الْوَارِثِ عَنْ الْمَيِّتِ فِي التَّطَوُّعِ وَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهِ يُقْبَلُ، ثُمَّ قَالَ نَقَلَهُ الْأَصْلُ فِي الْوَصِيَّةِ عَنْ السَّرَخْسِيِّ بَعْدَ نَقْلِهِ الْمَنْعَ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ. اهـ. وَأَمَّا صَاحِبُ الرَّوْضِ فَأَسْقَطَهُ هُنَا كَصَاحِبِ الْعُبَابِ
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُنِيبُ إلَخْ) فِي الْعُبَابِ وَشَرْحِهِ لِحَجَرٍ، ثُمَّ إنْ اسْتَأْجَرَ مَعْضُوبٌ
قَدْ أُيِسَا) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ: الزَّمَانَةُ، وَالْمَرَضُ أَيْ: أَيِسَ زَوَالُهُمَا فَحُذِفَ الْمُضَافُ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مُقَامَهُ فَانْقَلَبَ الضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ مَرْفُوعًا وَتَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى التَّأْوِيلِ أَيْ: وَإِنَّمَا يُنِيبُ زَمِنٌ، أَوْ مَرِيضٌ أَيِسَا مِنْ بُرْئِهِمَا (أَوْ هَرِمُ) لِعَجْزِهِمْ بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ مِنْ الْأَصِحَّاءِ وَمَرْجُوِّي الْبُرْءِ وَتَقَدَّمَ أَدِلَّةُ ذَلِكَ مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَلَمْ يُقَيِّدْ الْهَرِمَ بِالْيَأْسِ لِإِجْرَاءِ عَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِأَنَّهُ لَا يُعِيدُ قُوَّتَهُ وَمِنْ ثَمَّ عَدَلَ النَّاظِمُ إلَى التَّعْبِيرِ بِهِ عَنْ تَعْبِيرِ الْحَاوِي بِالْكَبِيرِ (فَإِنْ شُفُوا) مِنْ عِلَّتِهِمْ بَعْدَ إتْيَانِ نُوَّابِهِمْ بِالنُّسُكِ (فَلَا وُقُوعَ) لَهُ (عَنْهُمْ) لَا فَرْضًا لِتَبَيُّنِ عَدَمِ عَجْزِهِمْ وَلَا تَطَوُّعًا لِامْتِنَاعِ تَقَدُّمِ التَّطَوُّعِ عَلَى الْفَرْضِ وَكَذَا لَوْ أَنَابَ مَرْجُوُّ الْبُرْءِ فَمَاتَ بِتِلْكَ الْعِلَّةِ، أَوْ عُضِبَ لِامْتِنَاعِ إنَابَتِهِ (وَلَيْسَ) لِلنَّائِبِ (أَجْرٌ) فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ لِوُقُوعِهِ عَنْ نَفْسِهِ فَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ الْمُنِيبُ
(وَ) يُنِيبُ (لِمَيْتٍ) بِالتَّخْفِيفِ (مَنْ أَحَبْ) أَيْ: مَنْ شَاءَ مِنْ وَارِثٍ وَأَجْنَبِيٍّ (وَلَوْ بِلَا إيصَائِهِ) بِالْإِنَابَةِ كَقَضَاءِ دَيْنِهِ وَلِظَاهِرِ خَبَرَيْ «حُجَّ عَنْ أَبِيك» «وَحُجِّي عَنْ أُمِّك» السَّابِقَيْنِ، أَمَّا الزَّمِنُ وَنَحْوُهُ فَيُعْتَبَرُ إذْنُهُمْ كَمَا عُلِمَ مِنْ إسْنَادِ الْإِنَابَةِ إلَيْهِمْ لِافْتِقَارِ النُّسُكِ إلَى النِّيَّةِ وَهُمْ أَهْلٌ لَهَا وَلِلْإِذْنِ بِخِلَافِ الْمَيِّتِ فَإِنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لَهُمَا وَبِخِلَافِ قَضَاءِ دَيْنِ غَيْرِهِ لِعَدَمِ افْتِقَارِهِ إلَى نِيَّةٍ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ النَّظْمِ جَوَازُ مُبَاشَرَةِ مَنْ أَحَبَّ عَنْ الْمَيِّتِ وَمَحَلُّ عَدَمِ اعْتِبَارِ إيصَائِهِ إذَا كَانَ النُّسُكُ وَاجِبًا وَإِلَّا اُعْتُبِرَ بِهِ الْإِيصَاءُ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ وَإِنَّمَا يُنِيبُ كُلٌّ مِمَّنْ ذُكِرَ (فِيمَا وَجَبْ) مِنْ النُّسُكِ (مُكَلَّفًا حُرًّا) لِعَدَمِ أَهْلِيَّةِ غَيْرِهِ لِلْوَاجِبِ (وَإِنْ لَمْ يَجِبْ) بِأَنْ كَانَ نَفْلًا (أَنَابَ هَذَيْنِ) أَيْ: الْمُكَلَّفَ، وَالْحَرَّ يَعْنِي مُكَلَّفًا حُرًّا (وَعَبْدٌ، أَوْ صَبِيّ) بِالْوَقْفِ بِلُغَةِ رَبِيعَةَ وَإِنَّمَا قَبِلَ النَّفَلُ النِّيَابَةَ مَعَ أَنَّهُ ضَرُورَةٌ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ النُّسُكَ عِبَادَةٌ يَقْبَلُ فَرْضُهَا النِّيَابَةَ فَيَقْبَلُهَا نَفْلُهَا كَأَدَاءِ الصَّدَقَاتِ وَنَقَضَهُ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْله فَإِنْ شُفُوا) يَنْبَغِي فَرْضًا يَتَأَتَّى إيقَاعُ النُّسُكِ فِيهِ أَمَّا لَوْ شُفُوا فِي غَيْرِ وَقْتِ الْحَجِّ وَلَوْ زَمَنًا يَسَعُ الْحَجَّ، أَوْ فِي وَقْتِهِ زَمَنًا لَا يَسَعُهُ، ثُمَّ عَادَ الْعَارِضُ الَّذِي لَا يُرْجَى فَيَنْبَغِي عَدَمُ الْوُجُوبِ عَلَيْهِمْ وَدَوَامُ الْوُقُوعِ عَنْهُمْ نَعَمْ لَوْ شُفُوا فِي وَقْتِ الْحَجِّ زَمَنًا لَا يَسَعُ، ثُمَّ مَاتُوا عَقِبَهُ فَلَا يَبْعُدُ عَدَمُ الْوُقُوعِ عَنْهُمْ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْعَجْزِ بِالْعَارِضِ، وَالظَّاهِرُ السَّلَامَةُ مِنْ الْعَارِضِ لَوْ عَاشُوا فَلْيُرَاجَعْ م ر (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِلنَّائِبِ أَجْرُ) فَإِنْ كَانَ دَفَعَ إلَيْهِ الْأَجْرَ قَبْلَ الشِّفَاءِ فَيَنْبَغِي أَنَّ لَهُ اسْتِرْدَادَهُ
(قَوْلُهُ: وَيُنِيبُ لِمَبِيتٍ) لَوْ جُنَّ وَقَالَ الْأَطِبَّاءُ: لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ لَمْ يَلْتَحِقْ بِالْمَيِّتِ فِي ذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ لَكِنْ هَلْ يُحْرِمُ عَنْهُ الْوَلِيُّ كَمَا سَلَفَ أَوَّلَ الْبَابِ وَيُجْزِئُهُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ هُوَ مُحْتَمَلٌ وَسَيَأْتِي فِي الْكَلَامِ عَلَى الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ مَا قَدْ يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ وَعُلِمَ إلَخْ) كَأَنَّ وَجْهَهُ أَنَّ جَوَازَ الْإِنَابَةِ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْمُبَاشَرَةِ (قَوْلُهُ مَحَلُّ عَدَمِ اعْتِبَارِ إيصَائِهِ إلَخْ) لَا يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِهَذَا التَّقْيِيدِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْوَاجِبِ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا وَجَبَ لِأَنَّا: نَقُولُ بَلْ الْكَلَامُ فِي الْأَعَمِّ بِدَلِيلِ وَإِنْ لَمْ يُحِبَّ إلَخْ فَقَوْله فِيمَا وَجَبَ لِتَفْصِيلِ مَنْ تَصِحُّ اسْتِنَابَتُهُ فِي الْوَاجِبِ وَفِي غَيْرِهِ لَا لِتَقْيِيدِ الِاسْتِنَابَةِ بِالْوَاجِبِ حَتَّى يَسْتَغْنِيَ عَنْ تَقْيِيدِ الشَّرْحِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْله يَعْنِي مُكَلَّفًا حُرًّا) أَيْ: الْمُرَادُ اجْتِمَاعُ الْوَصْفَيْنِ لَا كُلٌّ وَحْدَهُ بِدَلِيلِ وَعَبْدٌ، أَوْ صَبِيّ
ــ
[حاشية الشربيني]
لِنَفْسِهِ أَوْ مُتَطَوِّعٌ عَنْ مَيِّتٍ تَخَيَّرَ عَلَى التَّرَاخِي لِتَأَخُّرِ الْمَقْصُودِ فَلَهُ الْفَسْخُ، وَالتَّأْخِيرُ لِيَحُجَّ الْأَجِيرُ فِي الْعَامِ الثَّانِي أَوْ غَيْرِهِ فَإِنْ مَاتَ الْمَعْضُوبُ قَبْلَ الْفَسْخِ لَمْ يَفْسَخْ وَارِثُهُ؛ لِأَنَّهُ مِيرَاثٌ لَهُ فِي الْأُجْرَةِ وَبِهِ فَارَقَ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ وَإِنْ اسْتَأْجَرَ وَلِيُّ مَيِّتٍ بِمَالِهِ فَسَخَ بِالْمَصْلَحَةِ إلَّا إذَا أَوْصَى الْمَيِّتُ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ مُعَيَّنٌ. اهـ. وَلَعَلَّهُ فِي الْمَعْضُوبِ إنْ لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِنَابَةُ فَوْرًا حَرِّرْ
(قَوْلُهُ: قَدْ أَيِسَا إلَخْ) أَيْ: بِإِخْبَارِ طَبِيبَيْنِ عَدْلَيْنِ كَمَا فِي الْعُبَابِ ع ش عَلَى م ر وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَنَّهُ لَهُ الْعَمَلُ بِمَعْرِفَةِ نَفْسِهِ إنْ كَانَ طَبِيبًا وَلَوْ لَمْ يَجِدْ عَارِفًا يُخْبِرُهُ بِهِ بِشَرْطِهِ لَمْ تَجُزْ لَهُ الِاسْتِنَابَةُ وَإِنْ جَوَّزْنَا لَهُ التَّيَمُّمُ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ لِسَهْوٍ لَهُ أَمْرُهُ (قَوْلُهُ: فَمَاتَ بِتِلْكَ الْعِلَّةِ) نَعَمْ إنْ أَتَى بِالْحَجِّ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ أَجْزَأَ لِوُقُوعِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ فِي زَمَنٍ تَصِحُّ فِيهِ النِّيَابَةُ كَذَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ
وَلَمْ يَذْكُرْ مَا إذَا وَقَعَ بَعْدَ عَضْبِهِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَيِّتَ يَصِحُّ التَّبَرُّعُ عَنْهُ بِمَا عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْحَيِّ تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِلنَّائِبِ أَجْرٌ) بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ لِحَجِّ التَّطَوُّعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ لَهُ مِنْ الْقَادِرِ أَوْ مِنْ الْمَعْضُوبِ عَلَى مُقَابِلِ الْأَظْهَرِ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَنْ الْأَجِيرِ وَلَا يَسْتَحِقُّ الْمُسَمَّى بَلْ أَجْرُهُ الْمِثْلُ؛ لِأَنَّ الْفَسَادَ فِي الثَّانِي مَوْجُودٌ حَالَ الْعَقْدِ وَإِنْ جَهِلَهُ الْمُسْتَأْجِرُ، وَالْإِجَارَةُ الْفَاسِدَةُ فِيهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ فَهُوَ جَازِمٌ بِحُصُولِهَا وَأَمَّا الْأُولَى فَالصِّحَّةُ، وَالْفَسَادُ فِيهَا مَجْهُولُ الْعَاقِبَةِ عِنْدَ الْعَقْدِ إذْ لَا يَدْرِي حِينَئِذٍ أَيَبْرَأُ أَوْ يَسْتَمِرُّ فَالْعَامِلُ مُتَرَدِّدٌ فِي اسْتِحْقَاقِهِ الْأُجْرَةَ وَعَدَمِهِ، وَالْعَمَلُ مَعَ التَّرَدُّدِ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ فَإِذَا لَمْ تُسَلِّمْ بَانَ أَنْ لَا اسْتِحْقَاقَ. اهـ. وَأَجَابَ هُوَ بِغَيْرِ هَذَا فَانْظُرْهُ
ثُمَّ اسْتِحْقَاقُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فِيمَا مَرَّ مَشْرُوطٌ بِجَهْلِ الْأَجِيرِ الْفَسَادَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ قَطْعًا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا
(قَوْلُهُ: وَعَبْدًا أَوْ صَبِيًّا) بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ إذَا كَانَ الِاسْتِئْجَارُ عَنْ مَيِّتٍ لَمْ يُجِزْ الِاسْتِئْجَارَ مُكَلَّفٌ ثِقَةٌ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ عَنْ الْغَيْرِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ
فِي الْمَجْمُوعِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّ نَفْلَهُ لَا يَقْبَلُهَا قَطْعًا مَعَ أَنَّ فَرْضَهُ يَقْبَلُهَا عَلَى الْمُخْتَارِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْكَلَامَ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْجَدِيدِ وَبِأَنَّ الصَّوْمَ أَضْيَقُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ فِي الْحَيَاةِ بِخِلَافِ النُّسُكِ
(وَضُيِّقَتْ إنَابَةٌ) فِي الْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ، أَوْ أَحَدِهِمَا (إنْ وَجَبَا) عَلَيْهِ (كِلَاهُمَا، أَوْ وَاحِدٌ) مِنْهُمَا وَأَمْكَنَهُ الْأَدَاءُ (فَعُضِبَا) بَعْدَ الْوُجُوبِ، أَوْ خَافَ الْعَضْبَ كَمَا يَتَضَيَّقُ عَلَيْهِ قَضَاءُ الصَّوْمِ، وَالصَّلَاةِ بِتَفْوِيتِهِمَا بِلَا عُذْرٍ لِتَقْصِيرِهِ
(مِنْ غَيْرِ أَنْ يُجْبِرَهُ مَنْ حَكَمَا)
أَيْ: الْحَاكِمُ (عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ الْإِنَابَةِ إذَا امْتَنَعَ مِنْهَا لِبِنَاءِ النُّسُكِ عَلَى التَّرَاخِي وَلِأَنَّهُ لَا حَقَّ فِيهِ لِلْغَيْرِ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ، أَمَّا إذَا عَضَبَ قَبْلَ الْوُجُوبِ، أَوْ مَعَهُ، أَوْ بَعْدَهُ لَمْ يُمْكِنْهُ الْأَدَاءُ فَلَا تَتَضَيَّقُ عَلَيْهِ الْإِنَابَةُ فَقَوْلُهُ عَلَيْهِ صِلَةُ يُجْبَرُ
(، وَالْإِحْرَامُ) بِمَعْنَى نِيَّةِ الْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ (رُكْنٌ لَهُمَا) كَغَيْرِهِمَا وَلِخَبَرِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» وَلَهُمَا أَرْكَانٌ أُخَرُ تَأْتِي وَلِلْإِحْرَامِ مِيقَاتَانِ زَمَانِيٌّ وَمَكَانِيٌّ وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِ الزَّمَانِيِّ فَقَالَ (وَوَقْتُهُ لِلْحَجِّ شَوَّالٌ) وَمَا بَعْدَهُ (إلَى صُبْحٍ مِنْ النَّحْرِ) كَمَا فَسَّرَ بِهِ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ قَوْله تَعَالَى {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197] أَيْ: وَقْتُ الْإِحْرَامِ بِهِ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ إذْ فِعْلُهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى أَشْهُرٍ وَأَطْلَقَ الْأَشْهُرَ عَلَى شَهْرَيْنِ وَبَعْضِ شَهْرٍ تَنْزِيلًا لِلْبَعْضِ مَنْزِلَةَ الْكُلِّ، أَوْ إطْلَاقًا لِلْجَمْعِ عَلَى مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ} [النور: 26] أَيْ: عَائِشَةُ وَصَفْوَانُ
وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ النَّظْمِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَصِحُّ إحْرَامُهُ بِالْحَجِّ إذَا ضَاقَ زَمَنُ الْوُقُوفِ عَنْ إدْرَاكِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَحْرِ قَالَ وَهَذَا بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْجُمُعَةِ لِبَقَاءِ الْحَجِّ بِفَوْتِ الْوُقُوفِ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ (وَ) الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ (قَبْلُ) أَيْ: قَبْلَ شَوَّالِ (جُعِلَا لِعُمْرَةٍ) أَيْ: يَقَعُ لَهَا وَتَكْفِيهِ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ لِشِدَّةِ لُزُومِ الْإِحْرَامِ لِانْعِقَادِهِ مَعَ الْجِمَاعِ الْمُفْسِدِ لَهُ عَلَى مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ كَمَا سَيَأْتِي فَإِذَا لَمْ يَقْبَلْ الْوَقْتُ مَا أَحْرَمَ بِهِ انْصَرَفَ إلَى مَا يَقْبَلُهُ هَذَا فِي الْحَلَالِ فَلَوْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ ثُمَّ بِحَجٍّ فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ لَمْ يَنْعَقِدْ عُمْرَةً؛ لِأَنَّهَا لَا تَدْخُلُ عَلَى الْعُمْرَةِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَلَوْ أَحْرَمَ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ شَكَّ هَلْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ فَهُوَ عُمْرَةٌ وَلَوْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ وَشَكَّ هَلْ كَانَ فِي أَشْهُرِهِ، أَوْ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: بِخِلَافِ النُّسُكِ) فَالْمُرَادُ قَبُولُ النِّيَابَةِ مُطْلَقًا فِي الْجُمْلَةِ
(قَوْلُهُ: وَأَمْكَنَهُ الْأَدَاءُ) قَدْ يُقَالُ إنَّ إمْكَانِ الْأَدَاءِ لَازِمٌ لِلْوُجُوبِ عَلَى السَّلِيمِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شُرُوطِهِ السَّابِقَةِ فَكَيْفَ يَتَأَتَّى مَعَ فَرْضِ الْوُجُوبِ التَّفْصِيلُ بَيْنَ إمْكَانِ الْأَدَاءِ وَعَدَمِ إمْكَانِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ، ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا الشِّهَابَ اسْتَشْكَلَ ذَلِكَ وَأَجَابَ بِمَا تَوَقَّفَ فِيهِ سم (قَوْلُهُ: أَوْ خَافَ الْعَضْبَ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ قَضِيَّتَهُ أَنَّهُ عِنْدَ خَوْفِ الْعَضْب يَشِيبُ وَتَتَضَيَّقُ الِاسْتِنَابَةُ مَعَ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الِاسْتِنَابَةُ حِينَئِذٍ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْمُبَادَرَةُ إلَى الْمُبَاشَرَةِ بِنَفْسِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم
(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ أَنْ يُجْبِرَهُ) هَذَا خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمَجْمُوعِ فِي شَرْحِ بِطَاعَةٍ لَا الْمَالُ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي الْإِنَابَةِ تَبَرُّعًا وَهَذَا فِيهَا بِالِاسْتِئْجَارِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ رَأَيْت مَا تَقَدَّمَ فِي الْهَامِشِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُ مَا فِي الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ عَلَى التَّرَاخِي) بِالنَّظَرِ إلَى أَصْلِهِ بِرّ
(قَوْلُهُ: بِمَعْنَى نِيَّةِ الْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِمَعْنَى الدُّخُولِ فِي النُّسُكِ؛ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي قَوْلُهُ وَانْعَقَدَ بِنِيَّةٍ وَمَعْنَى كَلَامِهِ أَوَّلًا وَآخِرًا الدُّخُولُ فِي النُّسُكِ رُكْنٌ وَإِنَّمَا يَنْعَقِدُ بِنِيَّةٍ وَعَلَى مَا سَلَكَهُ الشَّارِحُ يَصِيرُ الْمَعْنَى وَانْعَقَدَتْ النِّيَّةُ بِنِيَّةٍ وَكَوْنُهُ يَحْمِلُ الْإِحْرَامَ الْآتِيَ عَلَى الدُّخُولِ فِي النُّسُكِ عُدُولٌ إلَى تَعَسُّفٍ لَا دَاعِيَ لَهُ لَكِنَّ عُذْرَهُ فِي ارْتِكَابِهِ أَنَّ الْوَاقِعَ فِي كَلَامِهِمْ عَدُّ النِّيَّةِ رُكْنًا لَا عَدُّ الدُّخُولِ فِي النُّسُكِ بِرّ
(قَوْلُهُ: بِمَعْنَى نِيَّةِ الْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ) كَأَنَّ وَجْهَ التَّفْسِيرِ بِذَلِكَ أَنَّ النِّيَّةَ أَنْسَبُ بِالرُّكْنِيَّةِ مِنْ الدُّخُولِ وَإِنْ كَانَ الْأَنْسَبُ بِقَوْلِهِ الْآتِي وَانْعَقَدَ بِنِيَّةِ التَّفْسِيرِ بِالدُّخُولِ وَبِهَذَا يُجَابُ عَمَّا، أَوْرَدَهُ شَيْخُنَا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَوَقْتُهُ) أَيْ: الْإِحْرَامِ
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: عَلَى الْمُخْتَارِ) وَهُوَ الْقَدِيمُ (قَوْلُهُ: عَلَى الْجَدِيدِ) وَهُوَ مَنْعُ صَوْمِ الْوَلِيِّ عَنْهُ وَوُجُوبُ الْفِدْيَةِ
(قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهُ وَلَمْ يُمْكِنْهُ الْأَدَاءُ) فِيهِ أَنَّ إمْكَانَ الْأَدَاءِ بِنَفْسِهِ شَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ إلَّا أَنْ يُرَادَ الْوُجُوبُ ظَاهِرًا بِأَنْ كَانَ قَادِرًا ظَاهِرًا، ثُمَّ عَضَبَ قَبْلَ مُضِيِّ زَمَنِ الذَّهَابِ، وَالرُّجُوعِ
(قَوْلُهُ: وَوَقْتُهُ لِلْحَجِّ شَوَّالٌ) لَوْ أَخْطَأَ الْوَقْتَ كُلُّ الْحَجِيجِ فَهَلْ يُغْتَفَرُ خَطَأُ الْوُقُوفِ أَوْ يَنْعَقِدُ عُمْرَةً، وَالْفَرْقُ أَنَّا لَوْ أَبْطَلْنَا الْوُقُوفَ فِي الْعَاشِرِ أَبْطَلْنَاهُ مِنْ أَصْلِهِ وَفِيهِ إضْرَارٌ وَأَمَّا هُنَا فَيَنْعَقِدُ عُمْرَةً وَجْهَانِ نَقَلَهُمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الرُّويَانِيُّ الْأَوْفَقُ مِنْهُمَا الثَّانِي لِمَا ذُكِرَ. اهـ. عب وَشَرْحِهِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: لِبَقَاءِ الْحَجِّ حَجًّا) فَيَنْعَقِدُ حَجًّا وَيَتَحَلَّلُ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ وَيَقْضِي مِنْ قَابِلٍ وَيُجْزِئُهُ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ وح ل خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: يَنْعَقِدُ عُمْرَةً. اهـ. ق ل وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: أَيْ: يَقَعُ لَهَا) قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ: يَجُوز أَنْ يَسْتَمِرَّ عَلَى إحْرَامِهِ بِالْعُمْرَةِ أَبَدًا وَيُكْمِلُهَا مَتَى شَاءَ وَتَوَقَّفَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ وَأَوْجَبَ التَّحَلُّلَ. اهـ. عَمِيرَةُ وق ل
وَهَذِهِ طَرِيقَةُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَيْضًا لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ إذَا أَحْرَمَ بِهَا فِي عَامٍ أَنْ يُؤَخِّرَ أَعْمَالَهَا لِلْعَامِ الَّذِي بَعْدَهُ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ. اهـ. جَمَلٌ
(قَوْلُهُ: قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ) أَيْ: فِي الْوَاقِعِ فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي ظَنِّهِ فَبَانَ إحْرَامُهُ فِيهِ أَيْ: الْوَقْتِ أَجْزَأَهُ لِمُصَادَفَةِ نِيَّتِهِ لِلْوَاقِعِ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ شَدِيدُ التَّثَبُّتِ، وَاللُّزُومِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: ثُمَّ شَكَّ إلَخْ) مِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ عُمْرَةً. اهـ. م ر وَحَجَرٌ (قَوْلُهُ: وَشَكَّ هَلْ كَانَ فِي أَشْهُرِهِ) صُورَتُهُ أَنَّهُ يُحْرِمُ فِي زَمَنٍ لَا يَعْرِفُهُ بِعَيْنِهِ وَشَكَّ هَلْ كَانَ الْوَقْتُ الَّذِي أَحْرَمَ فِيهِ مِنْ أَشْهُرِ الْحَجِّ أَوْ لَا أَمَّا لَوْ
قَبْلَهَا فَفِي الْبَيَانِ عَنْ الصَّيْمَرِيِّ كَانَ حَجًّا؛ لِأَنَّهُ يَتَيَقَّنُ إحْرَامَهُ الْآنَ وَيَشُكُّ فِي تَقَدُّمِهِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَأَقَرَّهُ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ ذَلِكَ عَنْ الصَّيْمَرِيِّ: قِيلَ، وَالْأَوْلَى الِاحْتِيَاطُ كَمَا لَوْ أَحْرَمَ بِأَحَدِ النُّسُكَيْنِ ثُمَّ نَسِيَهُ
(وَهُوَ لِهَدْيٍ لِلْأَبَدِ) أَيْ: وَوَقْتُ الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ كُلُّ السَّنَةِ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم اعْتَمَرَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ فِي ذِي الْقِعْدَةِ أَيْ: فِي ثَلَاثَةِ أَعْوَامٍ وَإِنَّهُ اعْتَمَرَ عُمْرَةً فِي رَجَبٍ وَأَنَّهُ قَالَ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا «حَجَّةٌ مَعِي» وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم اعْتَمَرَ فِي رَمَضَانَ»
(لَا بِمِنَى لِلْحَاجِّ) أَيْ: الْأَبَدُ وَقْتٌ لِلْعُمْرَةِ لِكُلِّ أَحَدٍ لَا لِلْحَاجِّ الْعَاكِفِ بِمِنًى لِلرَّمْيِ فَيَمْتَنِعُ إحْرَامُهُ بِهَا، أَمَّا قَبْلَ تَحَلُّلِهِ فَلِامْتِنَاعِ إدْخَالِهَا عَلَى الْحَجِّ وَمِنْهُ يُعْلَمُ امْتِنَاع إحْرَامِهِ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِمِنًى وَسَيَأْتِي وَأَمَّا بَعْدَهُ فَلِاشْتِغَالِهِ بِالرَّمْيِ، وَالْمَبِيتِ فَهُوَ عَاجِزٌ عَنْ التَّشَاغُلِ بِعَمَلِهَا وَفِيهِ وَقْفَةٌ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ امْتِنَاعُ حَجَّتَيْنِ فِي عَامٍ وَاحِدٍ وَهُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَجَزَمَ بِهِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: لَا لِلْحَاجِّ الْعَاكِفِ) أَيْ: الْمَاكِثِ فَهُوَ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (قَوْلُهُ فَلِاشْتِغَالِهِ) أَيْ: لِطَلَبِ اشْتِغَالِهِ فَيَشْمَلُ الْخَارِجَ عَنْ مِنَى، وَالْقَاصِدَ تَرْكَ ذَلِكَ
ــ
[حاشية الشربيني]
عَلِمَهُ بِعَيْنِهِ كَامْشِ مَثَلًا فَلَا يَتَأَتَّى مَا قَالُوهُ مِنْ التَّعْلِيل بِأَنَّ الْأَصْلَ إلَخْ وَبِأَنَّهُ تَيَقَّنَ إلَخْ وَبِأَنَّهُ تَيَقَّنَ إلَخْ فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ يَتَيَقَّنُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ تَقَدُّمِهِ مَعَ أَنَّ الْقَاعِدَةَ فِي كُلِّ حَادِثٍ تَقْدِيرُهُ بِأَقْرَبِ زَمَنٍ فَقَوِيَا عَلَى أَصْلِ عَدَمِ دُخُولِ أَشْهُرِهِ. اهـ. فَقَوْلُهُ وَشَكَّ فِي تَقَدُّمِهِ أَيْ:، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ إحْرَامَهُ الْآنَ وَشَكَّ فِي تَقَدُّمِهِ) زَادَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ بَعْد هَذَا؛ لِأَنَّهُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ هَذَا الزَّمَانِ وَفِي شَكٍّ مِمَّا تَقَدَّمَ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَتَيَقَّنَ دُخُولَ أَشْهُرِ الْحَجِّ فَإِنْ شَكَّ هَلْ دَخَلَتْ أَمْ لَا انْعَقَدَ عُمْرَةً قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ: الْأَوْلَى الِاحْتِيَاطُ) ؛ لِأَنَّهُ تَعَارَضَ هُنَا أَصْلَانِ أَصْلُ عَدَمِ دُخُولِ أَشْهُرِهِ وَأَصْلُ الْإِحْرَامِ فِيهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْحَادِثِ تَقْدِيرُهُ بِأَقْرَبِ زَمَنٍ وَالْأَمْرُ جَحٌ. اهـ. شَرْحُ عب بِزِيَادَةِ إيضَاحٍ وَقَدْ عُلِمَ عَنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ رَدُّهُ تَدَبَّرْ
(قَوْلُهُ: ثَلَاثَ مَرَّاتٍ إلَخْ) إحْدَاهَا فِي السَّنَةِ السَّادِسَة وَهِيَ الَّتِي صُدَّ عَنْهَا مِنْ الْحُدَيْبِيَةِ وَثَانِيهَا عُمْرَةُ الْقَضَاءِ فِي الْعَامِ بَعْدَهُ وَثَالِثَتُهَا عُمْرَةٌ فِي السَّنَةِ الثَّامِنَةِ مِنْ الْجِعْرَانَةِ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ فِي ذَلِكَ الْعَامِ وَرَابِعَتُهَا عُمْرَةٌ مَعَ حَجَّتِهِ فِي السَّنَةِ الْعَاشِرَةِ كَذَا نَقَلَهُ شَيْخُنَا ذ عَنْ سم خِلَافًا لِمَا فِي بَعْضِ حَوَاشِي الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِمِنًى) وَإِنْ سَقَطَ عَنْهُ الْمَبِيتُ بِهَا لِعُذْرٍ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ عَاجِزٌ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِبَقِيَّةِ آثَارِ الْحَجِّ فَلَمْ يَصِحَّ مِنْهُ مَا دَامَ مُخَاطَبًا بِذَلِكَ لِبَقَاءِ حُكْمِ إحْرَامِهِ الَّذِي هُوَ كَبَقَاءِ الْإِحْرَامِ وَإِلَّا فَالْإِتْيَانُ بِهَا لَا يَمْنَعُ الْإِتْيَانَ بِالرَّمْيِ، وَالْمَبِيتِ وَأَيْضًا فَهِيَ لَا تَصِحُّ مِمَّنْ سَقَطَ عَنْهُ الْمَبِيتُ أَوْ الرَّمْيُ قَبْلَ مُضِيِّ وَقْتِ نَفْرِهِ لِبَقَاءِ حُكْمِ الْإِحْرَامِ فِي حَقِّهِ إذْ لَوْ زَالَ عُذْرُهُ قَبْلَ وَقْتِ النَّفْرِ لَزِمَهُ الْعَوْدُ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا فَفِي هَذَا الِاسْتِقْلَالِ بِهِمَا أَصْلًا مَعَ عَدَمِ صِحَّةِ الْإِحْرَامِ بِهَا وَبِهِ يَنْدَفِعُ تَنْظِيرُ شَيْخِنَا. اهـ.
شَرْحُ عب لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُؤْخَذُ إلَخْ) الْأَخْذُ مَمْنُوعٌ لِمَا مَرَّ أَيْضًا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُؤْخَذُ إلَخْ) جَرَى عَلَى ذَلِكَ م ر وَحَجَرٌ وَالْخَطِيبُ وَغَيْرُهُمْ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: أَنَّهُ يُتَصَوَّرُ حَجَّتَانِ فِي عَامٍ وَاحِدٍ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ إحْدَاهَا إذَا شَرَطَ التَّحَلُّلَ بِالْمَرَضِ وَفَرَغَ مِنْ الْأَرْكَانِ قَبْلَ الْفَجْرِ، ثُمَّ مَرِضَ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ رَمْيُ أَيَّامِ مِنًى وَمَبِيتُهَا فَإِذَا أَحْرَمَ بِحَجَّةٍ أُخْرَى وَأَدْرَكَ عَرَفَةَ صَحَّ الثَّانِيَةُ إذَا أُحْصِرَ فَتَحَلَّلَ، ثُمَّ زَالَ الْحَصْرُ، وَالْوَقْتُ بَاقٍ الثَّالِثَةُ إذَا قُلْنَا بِأَنَّ جَمِيعَ ذِي الْحِجَّةِ وَقْتٌ لِلْإِحْرَامِ فَأَحْرَمَ بِهِ بَعْدَ فَرَاغِ مِنًى، ثُمَّ صَابَرَ الْإِحْرَامَ إلَى الْعَامِ الْقَابِلِ وَإِنْ كَانَتْ الْمُصَابَرَةُ حَرَامًا لَمْ يَصِرْ أَحَدٌ إلَى صِحَّةِ الْإِحْرَامِ بَعْدَ انْقِضَاءِ لَيْلَةِ النَّحْرِ. اهـ. وَرَدَّهُ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ بِأَنَّ قَوْلَهُ فِي الْأُولَى إنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ الرَّمْيُ إلَخْ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا فَعَلَ الْأَرْكَانَ حَصَلَ لَهُ التَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ قَبْلَ حُصُولِ الْمَرَضِ فَلَمْ يَأْتِ الْمَرَضُ إلَّا وَهُوَ حَلَالٌ فَبَطَلَ شَرْطُهُ التَّحَلُّلَ بِهِ فَكَيْفَ يَعْمَلُ بِقَضِيَّتِهِ وَيَتَحَلَّلُ فَإِنْ قُلْت قَضِيَّةُ شَرْطِهِ التَّحَلُّلُ مُطْلَقًا فَحُصُولُ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ الْعَمَلِ بِقَضِيَّةِ شَرْطِهِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَفِيدُ بِهِ مَا لَا يَسْتَفِيدُهُ بِالتَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ قُلْت التَّحَلُّلُ الثَّانِي لَمْ يَبْقَ مُتَوَقِّفًا إلَّا عَلَى الرَّمْيِ وَهُوَ يَقْبَلُ النِّيَابَةَ لَا سِيَّمَا مِنْهُ؛ لِأَنَّ الصُّورَةَ إنَّهُ مَرَضٌ فَلَا ضَرُورَةَ بَلْ وَلَا حَاجَةَ إلَى التَّحَلُّلِ بِالْمَرَضِ حِينَئِذٍ فَلَمْ يَجُزْ
وَأَمَّا الْمَبِيتُ فَالْمَرَضُ يُسْقِطُهُ أَيْضًا إنْ شَقَّ عَلَيْهِ مَعَهُ وَغَايَةُ مَا فِيهِ لُزُومُ الدَّمِ وَهُوَ أَهْوَنُ مِنْ التَّحَلُّلِ وَأَمَّا الْكَيْفِيَّةُ الثَّانِيَةُ فَلِأَنَّ الْحَصْرَ إنْ وَقَعَ قَبْلَ فَرَاغِ الْأَرْكَانِ فَالْأُولَى لَمْ تَتِمَّ أَوْ بَعْدَهَا، وَالْوَقْتُ بَاقٍ فَلَا أَثَرَ لَهُ فِي سُقُوطِ نَحْوِ الرَّمْيِ لِاتِّسَاعِ وَقْتِهِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ وَقَالَ سم: وَفِي حَاشِيَةِ أَبِي شُجَاعٍ لَعَلَّ مُرَادَهُ شَرْطُهُ التَّحَلُّلَ أَنَّهُ شَرَطَ أَنْ يَصِيرَ حَلَالًا بِالْمَرَضِ فَيَصِيرُ حَلَالًا بِهِ مِنْ غَيْرِ تَحَلُّلٍ فَيُفِيدُهُ ذَلِكَ سُقُوطَ الرَّمْيِ عَنْهُ بِنَفْسِهِ
الْأَصْحَابُ وَنَقَلَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِيهِ الْإِجْمَاعَ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْضًا صِحَّةُ إحْرَامِهِ بِالْعُمْرَةِ إذَا قَصَدَ تَرْكَ الرَّمْيِ، وَالْمَبِيتِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ نَعَمْ إنْ تَعَجَّلَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي صَحَّ إحْرَامُهُ بِهَا وَإِنْ كَانَ وَقْتُ الرَّمْيِ بَاقِيًا؛ لِأَنَّهُ بِالنَّفْرِ خَرَجَ مِنْ الْحَجِّ وَصَارَ كَمَا لَوْ مَضَى وَقْتُ الرَّمْيِ نَقَلَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: لَا خِلَافَ فِيهِ (وَالْكُرْهَ فَقَدْ) أَيْ: لَا يُكْرَهُ الْإِحْرَامُ بِالْعُمْرَةِ فِي وَقْتٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ الَّتِي يَجُوزُ الْإِحْرَامُ بِهَا فِيهَا بَلْ يُسَنُّ الْإِكْثَارُ مِنْهَا وَلَا يُكْرَهُ فِي الْعَامِ الْوَاحِدِ مِرَارًا فَقَدْ «أَعْمَرَ صلى الله عليه وسلم عَائِشَةَ فِي عَامٍ مَرَّتَيْنِ وَاعْتَمَرَتْ فِي عَامٍ مَرَّتَيْنِ أَيْ: بَعْدَ وَفَاتِهِ» وَفِي رِوَايَةٍ ثَلَاثَ عُمَرَ وَاعْتَمَرَ ابْنُ عُمَرَ أَعْوَامًا مَرَّتَيْنِ فِي كُلِّ عَامٍ رَوَاهَا الشَّافِعِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ
ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ الْمِيقَاتِ الْمَكَانِيِّ فَقَالَ (مَكَانُهُ مَكَّةُ بِالْحَجِّ) أَيْ: وَمَكَانُ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ مَكَّةُ (لِمَنْ كَانَ مُقِيمَ مَكَّةٍ) أَيْ: كَائِنًا بِهَا عِنْدَ إحْرَامِهِ بِهِ وَلَوْ غَيْرَ مَكِّيٍّ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْخَبَرِ الْآتِي «حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ» وَقِيسَ بِأَهْلِهَا غَيْرُهُمْ مِمَّنْ هُوَ بِهَا فَلَوْ أَحْرَمَ خَارِجَهَا وَلَمْ يَعُدْ إلَيْهَا قَبْلَ الْوُقُوفِ أَسَاءَ وَلَزِمَهُ دَمٌ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ بِالنَّفْرِ إلَخْ) فَلَا يَنْعَقِدُ قَبْلَ النَّفْرِ وَإِنْ قَصَدَهُ
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَعُدْ إلَيْهَا قَبْلَ الْوُقُوفِ أَسَاءَ وَلَزِمَهُ دَمٌ) بِخِلَافِ مَا إذَا عَادَ لَكِنْ قَبْلَ وُصُولِهِ لِمَسَافَةِ الْقَصْرِ وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْوُصُولُ إلَى مِيقَاتِ الْآفَاقِيِّ كَذَا قَالُوهُ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يَكْفِيهِ مَسَافَةُ الْقَصْرِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ مَا إذَا كَانَ مِيقَاتُ الْجِهَةِ الَّتِي خَرَجَ إلَيْهَا أَبْعَدَ مِنْ مَرْحَلَتَيْنِ فَيَتَعَيَّنُ هُنَا الْوُصُولُ لِلْمِيقَاتِ، أَوْ مُحَاذَاتُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مِيقَاتُ جِهَةِ خُرُوجِهِ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مِيقَاتٌ فَيَكْفِي الْوُصُولُ إلَيْهِمَا وَإِنْ لَمْ يَصِلْ لِعَيْنِ الْمِيقَاتِ وَإِنَّمَا سَقَطَ دَمُ التَّمَتُّعِ بِالْمُرَحِّلَتَيْنِ مُطْلَقًا لِأَنَّ هَذَا فِيهِ إسَاءَةٌ بِتَرْكِ الْإِحْرَامِ مِنْ مَكَّةَ فَشَدَّدَ عَلَيْهِ أَكْثَرَ وَلِأَنَّهُ يُبْعِدُهُ عَنْهَا مَرْحَلَتَيْنِ انْقَطَعَتْ نِسْبَتُهُ إلَيْهَا فَصَارَ كَالْآفَاقِيِّ فَيَتَعَيَّنُ مِيقَاتُ جِهَتِهِ، أَوْ مُحَاذَاتُهُ (تَنْبِيهٌ)
عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْآفَاقِيَّ الْمُتَمَتِّعَ لَوْ دَخَلَ مَكَّةَ وَفَرَغَ مِنْ أَعْمَالِ عُمْرَتِهِ، ثُمَّ خَرَجَ إلَى مَحَلٍّ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مَرْحَلَتَانِ لَزِمَهُ الْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ مِنْ مِيقَاتِهِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ، أَوْ دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ، ثُمَّ أَرَادَ الْإِحْرَامَ بِالْحَجِّ جَازَ لَهُ تَأْخِيرُهُ إلَى أَنْ يَدْخُلَهَا بَلْ لَوْ أَحْرَمَ مِنْ مَحَلِّهِ لَزِمَهُ دُخُولُهَا قَبْلَ الْوُقُوفِ، أَوْ الْوُصُولِ إلَى الْمِيقَاتِ، أَوْ مِثْلِهِ وَفِي الرَّوْضَةِ إذَا كَانَ مِيقَاتُ الْمُتَمَتِّعِ الْآفَاقِيِّ مَكَّةَ فَأَحْرَمَ خَارِجَهَا لَزِمَهُ دَمُ الْإِسَاءَةِ أَيْضًا مَا لَمْ يَعُدْ لِمَكَّةَ، أَوْ لِلْمِيقَاتِ، أَوْ مِثْلَ مَسَافَتِهِ وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرْته نَعَمْ قَوْلُهُ لِلْمِيقَاتِ يُحْمَلُ عَلَى مَا حَمَلْت عَلَيْهِ قَوْلَهُمْ مِيقَاتُ الْآفَاقِيِّ كَذَا فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِلشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ وَقَوْلُهُ لَزِمَهُ الْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ مِنْ مِيقَاتِهِ لَعَلَّ الْمُرَادَ مِيقَاتُ جِهَتِهِ الَّتِي خَرَجَ إلَيْهَا وَقَوْلُهُ لَزِمَهُ الْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ مِنْ مِيقَاتِهِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ قَدْ يَتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّ قَوْلَهُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي جِهَةِ خُرُوجِهِ مِيقَاتٌ كَفَاهُ الْإِحْرَامُ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ هَذَا وَقَدْ يُقَالُ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَإِنَّمَا سَقَطَ دَمُ التَّمَتُّعِ بِالْمُرَحِّلَتَيْنِ مُطْلَقًا عَدَمُ وُجُوبِ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ مِنْ مِيقَاتِهِ بَلْ يَكْفِي الْإِحْرَامُ بِهِ مِمَّا دُونَهُ إذَا كَانَ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَا يَلْزَمُ مِنْ سُقُوطِ الدَّمِ بِالْمُرَحِّلَتَيْنِ جَوَازُ الْإِحْرَامِ مِنْهُمَا وَفِيهِ نَظَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَعُدْ إلَخْ) فَلَوْ عَادَ إلَيْهَا
ــ
[حاشية الشربيني]
أَوْ نَائِبِهِ وَسُقُوطُ الدَّمِ عَنْهُ بِتَرْكِ الْمَبِيتِ مِنْ غَيْرِ لُزُومِ دَمِ التَّحَلُّلِ كَمَا يُفِيدُ التَّحَلُّلُ فِي صُورَةِ الْحَصْرِ الْخُرُوجَ عَنْ عُهْدَةِ الْوَاجِبَاتِ وَعَدَمِ الِاحْتِرَازِ عَمَّا يَتَوَقَّفُ عَلَى التَّحَلُّلِ الثَّانِي وَإِنْ كَانَ الْوَقْتُ مُتَّسِعًا. اهـ. تَدَبَّرْ
(قَوْلُهُ: وَقَدْ يُؤْخَذُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالِاشْتِغَالِ بِمَا ذُكِرَ أَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِهِ وَقَصْدُهُ التَّرْكَ لَا يَمْنَعُ الْخِطَابَ كَمَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ
(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ) فِي شَرْحِ الْعُبَابِ مَا يُفِيدُ أَنَّ هَذَا الَّذِي يُؤْخَذُ قَوْلٌ ضَعِيفٌ
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَعُدْ إلَيْهَا قَبْلَ الْوُقُوفِ) بِخِلَافِ مَا إذَا عَادَ لَكِنْ قَبْلَ الْوُصُولِ لِمَسَافَةِ الْقَصْرِ وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْوُصُولُ لِمِيقَاتِ الْآفَاقِيِّ. اهـ.
كَمَا سَيَأْتِي نَعَمْ إنْ أَحْرَمَ مِنْ مُحَاذَاتِهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا إسَاءَةَ كَمَا لَوْ أَحْرَمَ مِنْ مُحَاذَاةِ سَائِرِ الْمَوَاقِيتِ ثُمَّ رَأَيْت الْمُحِبَّ الطَّبَرِيَّ قَدْ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ بَحْثًا (وَإِنْ قَرَنَ) مَنْ بِمَكَّةَ بَيْنَ الْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ فَمَكَانُ إحْرَامِهِ بِهِمَا مَكَّةُ تَغْلِيبًا لِلْحَجِّ لِانْدِرَاجِ الْعُمْرَةِ تَحْتَهُ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْإِحْرَامِ بِهَا مِنْ الْحِلِّ مَعَ أَنَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَ الْحِلِّ، وَالْحَرَمِ بِوُقُوفِهِ بِعَرَفَةَ
(وَلِتَمَتُّعٍ) بِمَعْنَى مُتَمَتِّعٍ عَطْفٌ عَلَى مَنْ كَانَ مُقِيمَ مَكَّةَ أَيْ: وَمَكَانُ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ لِلْمُتَمَتِّعِ إذَا أَتَمَّ عُمْرَتَهُ مَكَّةُ إذْ
ــ
[حاشية العبادي]
قَبْلَ الْوُقُوفِ سَقَطَ الدَّمُ نَعَمْ إنْ وَصَلَ فِي خُرُوجِهِ مَسَافَةَ الْقَصْرِ لَمْ يَسْقُطْ الدَّمُ بِذَلِكَ بَلْ بِوُصُولِهِ لِلْمِيقَاتِ الَّذِي لِلْآفَاقِيِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: كَمَا سَيَأْتِي) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَمَحَلُّ الْإِسَاءَةِ فِيمَا ذُكِرَ إذَا لَمْ يَصِلْ إلَى مِيقَاتٍ وَإِلَّا فَلَا إسَاءَةَ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ فِي سُقُوطِ دَمِ التَّمَتُّعِ بِذَلِكَ كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَانْظُرْ هَلْ مَحَلُّ عَدَمِ الْإِسَاءَةِ إذَا قَصَدَ ابْتِدَاءَ الْوُصُولِ إلَى مِيقَاتٍ، أَوْ يَشْمَلُ مَا لَوْ طَرَأَ ذَلِكَ الْقَصْدُ، وَالْوَجْهُ هُوَ الْأَوَّلُ كَمَا لَا يَخْفَى
(قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا كَمَا عُرِفَ مِمَّا مَرَّ آنِفًا وَلَعَلَّهُ أَيْ: مَا بَحَثَهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا رَجَّحَهُ مِنْ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ مِيقَاتُهُمْ جَمِيعُ الْحَرَمِ، ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ الْعِمَادِ رَدَّ قِيَاسَهُ أَيْ: قِيَاسَ الْمُحِبِّ بِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى جَوَازِ تَعْطِيلِ مَكَّةَ مِنْ شِعَارِ الْإِحْرَامِ بِهَا، وَالْقِيَاسُ مَتَى كَانَ يَعْتَرِضُ النَّصَّ كَانَ بَاطِلًا فَالْوَجْهُ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ. اهـ. حَجَرٌ عب أَقُولُ فَلْيُتَأَمَّلْ فَفِيهِ مَا فِيهِ وَمِنْهُ أَنَّ النَّصَّ عَلَى مَكَّةَ كَالنَّصِّ عَلَى غَيْرِهَا مَعَ جَوَازِ الْإِحْرَامِ مِنْ مُحَاذَاتِهِ سم (قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر
(قَوْلُهُ: بِمَعْنَى مُتَمَتِّعٍ) أَيْ: عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ: لِذِي تَمَتُّعٍ
ــ
[حاشية الشربيني]
حَجَرٌ أَيْ: تَعَيَّنَ فِي سُقُوطِ الدَّمِ وَفِي عَدَمِ الْإِسَاءَةِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ
وَلَعَلَّ مَحَلَّ عَدَمِ الْإِسَاءَةِ بِوُصُولِ مِيقَاتٍ إنْ قَصَدَ ابْتِدَاءَ الْوُصُولِ إلَيْهِ أَوْ أَطْلَقَ لِاحْتِمَالِ حَالِ الْجَوَازِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ سم عَلَى التُّحْفَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي
(قَوْلُهُ: إنْ أَحْرَمَ مِنْ مُحَاذَاتِهَا إلَخْ) قِيَاسُ الِاكْتِفَاءِ بِمُحَاذَاتِهَا كَسَائِرِ الْمَوَاقِيتِ فِي عَدَمِ الْإِسَاءَةِ وَعَدَمِ الدَّمِ الِاكْتِفَاءُ بِمُحَاذَاتِهَا يَمِينًا أَوْ شِمَالًا وَإِنْ بَلَغَ مَسَافَةَ الْقَصْرِ فِي بُعْدِهِ عَنْهَا لِوُجُودِ الْمُحَاذَاةِ الْكَافِيَةِ فِي سَائِرِ الْمَوَاقِيتِ مَعَ ذَلِكَ وَبِالْإِحْرَامِ خَارِجَهَا مِنْ جِهَةِ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ قَبْلَ الْوُصُولِ إلَيْهَا أَوْ إلَى مُحَاذَاتِهَا؛ لِأَنَّهُ يَمُرُّ بِهَا أَوْ بِمُحَاذِيهَا وَذَلِكَ كَافٍ فِي سَائِرِ الْمَوَاقِيتِ. اهـ. سم عَلَى حَجَرٍ
(قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ إلَخْ) لَكِنَّ الَّذِي فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ خِلَافُهُ
التَّمَتُّعُ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ بِذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي وَهَذَا وَإِنْ عُلِمَ مِمَّا قَبْلَهُ ذَكَرَهُ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ الْمُرَادَ بِمُقِيمِ مَكَّةَ مُقِيمُهَا حَقِيقَةً (وَدَعْ مَكَانَهْ) أَيْ: وَصَيَّرَ مَكَانَ الْإِحْرَامِ (بِالْعُمْرَةِ) لِمَنْ بِمَكَّةَ (الْحِلُّ) فَيَجِبُ الْخُرُوجُ مِنْ الْحَرَمِ وَلَوْ بِقَلِيلٍ مِنْ أَيِّ جَانِبٍ شَاءَ لِلْجَمْعِ فِيهَا بَيْنَ الْحِلِّ، وَالْحَرَمِ كَالْجَمْعِ فِي الْحَجِّ بَيْنَهُمَا بِوُقُوفِهِ بِعَرَفَةَ «وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ عَائِشَةَ بِالْخُرُوجِ إلَى الْحِلِّ لِلْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فَلَوْ لَمْ يَجِبْ الْخُرُوجُ لَأَحْرَمَتْ مِنْ مَكَانِهَا لِضِيقِ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ عِنْدَ رَحِيلِ الْحَاجِّ فَلَوْ أَحْرَمَ بِهَا مِنْ الْحَرَمِ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ أَسَاءَ وَلَزِمَهُ دَمٌ كَمَا سَيَأْتِي (بَلْ) انْتِقَالِيَّةٌ لَا إبْطَالِيَّةٌ (الْجِعْرَانَهْ) وَهِيَ بِإِسْكَانِ الْعَيْنِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ أَفْصَحُ مِنْ كَسْرِ الْعَيْنِ وَتَثْقِيلِ الرَّاءِ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ الْمُحَدِّثِينَ عَلَى الثَّانِي ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَالْأَوَّلُ مُتَعَيِّنٌ فِي كَلَامِ النَّظْمِ أَيْ:، وَالْجِعْرَانَةُ لِلْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ مِنْهَا (أَفْضَلُ) مِنْ غَيْرِهَا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ
(فَالتَّنْعِيمُ)«لِأَمْرِهِ صلى الله عليه وسلم عَائِشَةَ بِالِاعْتِمَارِ مِنْهُ» (فَالْحُدَيْبِيَة) بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ أَفْصَحُ مِنْ تَثْقِيلِهَا؛ «لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم هَمَّ بِالِاعْتِمَارِ مِنْهَا فَصَدَّهُ الْكُفَّارُ فَقُدِّمَ فِعْلُهُ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ أَمْرُهُ ثُمَّ هَمُّهُ كَذَا» قَالَ الْغَزَالِيُّ: إنَّهُ هَمَّ بِالِاعْتِمَارِ مِنْ الْحُدَيْبِيَةِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَالصَّوَابُ أَنَّهُ كَانَ «أَحْرَمَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ إلَّا أَنَّهُ هَمَّ بِالدُّخُولِ إلَى مَكَّةَ مِنْ الْحُدَيْبِيَةِ» كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
ــ
[حاشية العبادي]
(قَوْلُهُ: لِدَفْعِ تَوَهُّمِ إلَخْ) يُحْتَمَلُ أَنَّ وَجْهَ الدَّفْعِ أَنَّ مُقَابَلَتَهُ بِمُقِيمِ مَكَّةَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ غَيْرُ الْمُقِيمِ، أَوْ أَعَمُّ (قَوْلُهُ: مُقِيمُهَا حَقِيقَةً) قَدْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ قَوْلَهُ السَّابِقَ وَقِيسَ بِأَهْلِهَا غَيْرُهُمْ يَقْتَضِي الْحَمْلَ عَلَى الْمُقِيمِ حَقِيقَةً وَيُجَابُ بِالْمَنْعِ وَإِنَّمَا ذُكِرَ الْقِيَاسُ بِالنَّظَرِ لِمَا فِي الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ لِمَنْ بِمَكَّةَ) هَلَّا قَالَ بِالْحَرَمِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَحْرَمَ بِهَا مِنْ الْحَرَمِ وَلَمْ يَخْرُجْ إلَخْ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا خَرَجَ لَا إسَاءَةَ وَلَعَلَّهُ إذَا كَانَ عِنْدَ الْإِحْرَامِ قَاصِدًا الْخُرُوجَ وَلَوْ أَحْرَمَ مِنْ الْحَرَمِ إحْرَامًا مُطْلَقًا، ثُمَّ صَرَفَهُ لِلْعُمْرَةِ وَلَمْ يَخْرُجْ إلَى أَدْنَى الْحِلِّ فَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا إسَاءَةَ وَلَا دَمَ لِعَدَمِ التَّعَدِّي حَالَ الْإِحْرَامِ فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا خَرَجَ لَا إسَاءَةَ وَلَعَلَّهُ إذَا كَانَ عِنْدَ الْإِحْرَامِ قَاصِدًا الْخُرُوجَ (قَوْلُهُ: الْجِعْرَانَةُ) بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ اثْنَا عَشَرَ مِيلًا وَقِيلَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَجَزَمَ بِهِ جَمْعٌ وَهُوَ مَرْدُودٌ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّ الْمِيلَ كَمَا مَرَّ فِي صَلَاةِ الْمُسَافِرِ حَجَرٌ ج (قَوْلُهُ: بِالْحُدَيْبِيَةِ) بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ مَا مَرَّ فِي الْجِعْرَانَةِ حَجَرٌ ج
(قَوْلُهُ: بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ) الْأَخِيرَةِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّهُ هَمَّ بِالدُّخُولِ إلَى مَكَّةَ مِنْ الْحُدَيْبِيَةِ) أَقُولُ وَعَلَى هَذَا فَالِاسْتِدْلَالُ عَلَى الْمَطْلُوبِ حَاصِلٌ لِأَنَّ تَخْصِيصَهَا بِالْهَمِّ مِنْ الدُّخُولِ مِنْهَا يَدُلُّ عَلَى مَزِيَّةٍ لَهَا عَلَى غَيْرِهَا وَهَذَا
ــ
[حاشية الشربيني]
حَيْثُ قَالَ: وَلَا يَجُوزُ لَهُ تَرْكُ مَكَّةَ، وَالْإِحْرَامُ مِنْ خَارِجِهَا سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْحَرَمُ، وَالْحِلُّ قَالَ أَصْحَابُنَا: وَيَجُوزُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ جَمِيعِ نَوَاحِي مَكَّةَ بِحَيْثُ لَا يَخْرُجُ عَنْ نَفْسِ الْمَدِينَةِ وَسُورِهَا. اهـ. إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى غَيْرِ مَنْ أَحْرَمَ مِنْ مُحَاذَاتِهَا وَهُوَ الْأَقْرَبُ سم عَلَى ع ش
(قَوْلُهُ: عِنْدَ رَحِيلِ الْحَاجِّ) أَيْ: مِنْ الْمُحَصَّبِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ
(قَوْلُهُ: فَلَوْ أَحْرَمَ بِهَا إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ يَأْثَمُ إذَا أَحْرَمَ وَلَمْ يَعُدْ مِنْ حِينَئِذٍ لَا مِنْ وَقْتِ الْإِحْرَامِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُمْ يَجُوزُ الْإِحْرَامُ بِالْعُمْرَةِ مِنْ مَكَّةَ نَعَمْ إنْ عَزَمَ وَقْتَ الْإِحْرَامِ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ أَثِمَ بِذَلِكَ الْعَزْمِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ كَذَا نَقَلَهُ الْمَدَنِيُّ عَنْ الْبَصْرِيِّ مَعَ زِيَادَةِ قَوْلِنَا نَعَمْ إلَخْ وَفِي شَرْحِ أَبِي شُجَاعٍ لِسُمِّ وَفِي مَعْنَى مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ مَا لَوْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ مِنْ الْحَرَمِ فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ إلَى الْحِلِّ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي أَفْعَالِهَا كَانَ مُسِيئًا كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَعَلَيْهِ دَمٌ وَإِنْ خَرَجَ إلَى أَدْنَى الْحِلِّ جَازَ وَلَا دَمَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ فِيمَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ فَأَحْرَمَ، ثُمَّ عَادَ أَنَّ ذَلِكَ قَدْ انْتَهَى إلَى الْمِيقَاتِ عَلَى قَصْدِ النُّسُكِ، ثُمَّ جَاوَزَهُ فَكَانَ مُسِيئًا حَقِيقَةً وَهَذَا الْمَعْنَى لَمْ يُوجَدْ هُنَا بَلْ هُوَ شَبِيهٌ بِمَنْ أَحْرَمَ قَبْلَ الْمِيقَاتِ. اهـ. وَهُوَ فَرْقٌ حَسَنٌ وَإِنْ اخْتَارَ سم فِي ذَلِكَ الشَّرْحِ بَعْدَ هَذَا التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمَا فَتَأَمَّلْ، ثُمَّ رَأَيْت حَجَرًا فِي شَرْحِ عب صَرَّحَ بِأَنَّهُ لَا إثْمَ عَلَى مَنْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ مِنْ مَكَّةَ حَيْثُ قَالَ: الْمُحْرِمُ مِنْ الْحَرَمِ لَا إثْمَ عَلَيْهِ بِتَرْكِهِ الْإِحْرَامَ مِنْ مِيقَاتِهِ الَّذِي هُوَ أَدْنَى الْحِلِّ، ثُمَّ إنْ عَادَ إلَيْهِ بِشَرْطِهِ فَلَا دَمَ وَإِلَّا لَزِمَ الدَّمُ بِخِلَافِ مَنْ جَاوَزَ مُرِيدًا لِلنُّسُكِ فَإِنَّ عَلَيْهِ إثْمَ الْمُجَاوَزَةِ وَعَلَى هَذَا يَفْتَرِقَانِ حَالَ الْإِطْلَاقِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَفِي حَاشِيَةِ سم عَلَى التُّحْفَةِ مَا يُفِيدُ التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الْمَكِّيَّ قَدْ انْتَهَكَ حُرْمَةَ الْمِيقَاتِ بِعَدَمِ الْخُرُوجِ إلَى الْحِلِّ عِنْدَ الْإِحْرَامِ كَمَا انْتَهَكَ ذَلِكَ بِالْمُجَاوَزَةِ. اهـ. وَفِيهِ تَأَمُّلٌ يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ
(قَوْلُهُ: الْجِعْرَانَةُ) قَالَ يُوسُفُ بْنُ مَاهَكَ: اعْتَمَرَ مِنْ الْجِعْرَانَةِ ثَلَثُمِائَةِ نَبِيٍّ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَشَرْحُ عب لِحَجَرٍ قَالَ وَهِيَ فِي طَرِيقِ الطَّائِفِ
(قَوْلُهُ: الْحُدَيْبِيَةُ) هِيَ بِئْرٌ بَيْنَ طَرِيقِ جَدَّةَ وَطَرِيقِ الْمَدِينَةِ بَيْنَ جَبَلَيْنِ عَلَى سِتَّةِ فَرَاسِخَ مِنْ مَكَّةَ عَلَى مَا فِي الشَّرْحِ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ
(قَوْلُهُ: فَقَدَّمَ فِعْلَهُ إلَخْ) وَلَا يُنَافِي هَذَا قَاعِدَةَ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه فِي الْأُصُولِ أَنَّهُ إذَا تَعَارَضَ الْقَوْلُ، وَالْفِعْلُ وَعُلِمَ التَّارِيخُ كَانَ الْمُتَأَخِّرُ نَاسِخًا؛ لِأَنَّ أَمْرَهُ بِالِاعْتِمَارِ مِنْ التَّنْعِيمِ وَإِنْ كَانَ مُتَأَخِّرًا عُلِمَ أَنَّهُ لِضِيقِ الْوَقْتِ فَلَمْ يَكُنْ مُعَارِضًا لِفِعْلِهِ حَتَّى يَكُونَ نَاسِخًا لَهُ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ
(قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّهُ هَمَّ إلَخْ) قَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ هَمَّ أَوَّلًا بِالِاعْتِمَارِ مِنْهَا، ثُمَّ هَمَّ بِالدُّخُولِ أَيْضًا مِنْهَا. اهـ. م ر
(قَوْلُهُ: ذِي الْحُلَيْفَةِ) عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنْ الْمَدِينَةِ
وَإِنَّمَا أَعْمَرَ عَائِشَةَ مِنْ التَّنْعِيمِ مِنْ أَنَّ الْإِحْرَامَ مِنْ الْجِعْرَانَةِ أَفْضَلُ لِضِيقِ الْوَقْتِ، أَوْ لِبَيَانِ الْجَوَازِ مِنْ أَدْنَى الْحِلِّ وَلَيْسَ التَّفْضِيلُ لِبُعْدِ الْمَسَافَةِ فَإِنَّ الْجِعْرَانَةَ، وَالْحُدَيْبِيَةَ مَسَافَتُهُمَا إلَى مَكَّةَ وَاحِدَةٌ سِتَّةُ فَرَاسِخَ، وَالتَّنْعِيمُ وَبِهِ مَسْجِدُ عَائِشَةَ مَسَافَتُهُ إلَيْهَا فَرْسَخٌ فَهُوَ أَقْرَبُ إلَيْهَا مِنْهُمَا كَمَا زَادَهُ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ (أَدْنَى) أَيْ: وَهُوَ، أَوْ حَالَةَ كَوْنِهِ أَدْنَى (إلَى مَكَّةَ مِمَّا وَلِيَّهْ) قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ فَإِنْ لَمْ يُحْرِمْ مِنْ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ نُدِبَ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَرَمِ بَطْنَ وَادٍ ثُمَّ يُحْرِمَ كَمَا فِي التَّتِمَّةِ وَغَيْرِهَا وَحَكَاهُ فِي الْإِبَانَةِ عَنْ الشَّافِعِيِّ
(وَ) مَكَانُ الْإِحْرَامِ (بِكِلَا هَذَيْنِ) أَيْ: الْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ لِغَيْرِ مَنْ بِمَكَّةَ
(ذُو الْحُلَيْفَةْ) لِأَهْلِهَا، وَالْمَارِّ بِهَا مِنْ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ وَهِيَ (مِيلٌ عَنْ الْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةْ) وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ تَبِعَ فِيهِ الرَّافِعِيَّ، لَكِنْ فِي الْبَسِيطِ أَنَّهَا عَلَى سِتَّةِ أَمْيَالٍ وَصَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَقِيلَ سَبْعَةٌ وَفِي الْمُهِمَّاتِ الصَّوَابُ الْمَعْرُوفُ الْمُشَاهَدُ إنَّهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ، أَوْ تَزِيدُ قَلِيلًا
(وَقَرْنٍ) بِسُكُونِ الرَّاءِ لِأَهْلِهِ، وَالْمَارُّ بِهِ مِنْ طَرِيقِ نَجْدٍ الْحِجَازِ، أَوْ الْيَمَنِ وَوَهِمَ الْجَوْهَرِيُّ فِي تَحْرِيكِ الرَّاءِ وَفِي قَوْلِهِ إنَّ أُوَيْسًا الْقَرَنِيَّ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ وَإِنَّمَا هُوَ مَنْسُوبٌ إلَى قَرَنٍ قَبِيلَةٍ مِنْ مُرَادٍ كَمَا ثَبَتَ فِي مُسْلِمٍ (، وَالْجَحْفَةُ) لِأَهْلِهَا، وَالْمَارُّ بِهَا مِنْ طَرِيقِ الشَّامِ وَمِصْرَ، وَالْمَغْرِبِ وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ خَمْسُونَ فَرْسَخًا (أَوْ يَلَمْلَمُ) وَفِي نُسْخَةٍ، وَالْيَلَمْلَمُ وَيُقَالُ فِيهِ الْمُلِمُّ لِأَهْلِهِ، وَالْمَارُّ بِهِ مِنْ طَرِيقِ الْيَمَنِ أَيْ: تِهَامَتِهِ دُونَ نَجْدِهِ (وَذَاتُ عِرْقٍ) لِأَهْلِهَا، وَالْمَارُّ بِهَا مِنْ طَرِيقِ الْمَشْرِقِ الْعِرَاقُ وَخُرَاسَانُ، وَالْأَفْضَلُ لَهُمْ أَنْ يُحْرِمُوا مِنْ الْعَقِيقِ وَادٍ فَوْقَ ذَاتِ عِرْقٍ؛ لِأَنَّهُ أَحْوَطُ وَلِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَشْرِقِ الْعَقِيقَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، لَكِنْ رَدَّهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَبَيْنَ مَكَّةَ وَكُلٍّ مِنْ قَرْنٍ وَيَلَمْلَمَ وَذَاتِ عِرْقٍ مَرْحَلَتَانِ وَإِلَى مَنْ ذَكَرْته مِمَّنْ يُحْرِمُ مِنْ هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ أَشَارَ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ (أَهْلُ كُلٍّ) مِنْهَا (عَلِمُوا) وَهُوَ مَعَ أَنَّهُ لَا يَفِي بِالْغَرَضِ مُسْتَغْنَى عَنْهُ بِمَا ذَكَرَهُ كَالْحَاوِي بَعْدُ بِقَوْلِهِ لِأَهْلِهَا، وَالْمَارُّ وَلَوْ ذَكَرَاهُ هُنَا كَانَ أَوْلَى لِيَعُودَ ضَمِيرُ بِهَا الْمَحْذُوفُ إلَى الْمَوَاقِيتِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَقَطْ إذْ عَوْدُهُ إلَى مَا يَأْتِي أَيْضًا غَيْرُ صَحِيحٍ.
وَالْأَصْلُ فِي الْمَوَاقِيتِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمُ وَقَالَ هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ، وَالْعُمْرَةَ وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ حَتَّى أَهْلَ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ» وَخَبَرُ النَّسَائِيّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «وَقَّتَ لِأَهْلِ الشَّامِ وَمِصْرَ الْجُحْفَةَ وَلِأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ» وَذَكَرَهُ ابْنُ السَّكَنِ فِي صِحَاحِهِ
(وَحَيْثُ حَاذَى قَبْلَ إحْدَاهُنَّ) أَيْ: وَمَكَانُ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ لِغَيْرِ مَنْ بِمَكَّةَ مِمَّنْ لَمْ يَكُنْ بِالْمَوَاقِيتِ وَلَا مَارًّا بِهَا
ــ
[حاشية العبادي]
يَقْتَضِي تَفْضِيلَ الْإِحْرَامِ مِنْهَا (قَوْلُهُ: مِنْ أَدْنَى) مُتَعَلِّقٌ بِالْجَوَازِ
(قَوْلُهُ: سِتَّةُ فَرَاسِخَ) ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِيلًا
(قَوْلُهُ: ذُو الْحُلَيْفَةِ) عَلَى نَحْوِ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنْ الْمَدِينَةِ وَتَصْحِيحُ الْجُمْهُورِ وَغَيْرِهِ إنَّهَا عَلَى سِتَّةٍ لَعَلَّهُ بِاعْتِبَارِ أَقْصَى عُمْرَانِ الْمَدِينَةِ وَحَدَائِقِهَا مِنْ جِهَةِ تَبُوكَ، أَوْ خَيْبَرَ وَالرَّافِعِيُّ أَنَّهَا مِيلٌ لَعَلَّهُ بِاعْتِبَارِ عُمْرَانِهَا الَّذِي كَانَ مِنْ جِهَةِ الْحُلَيْفَةِ حَجَرٌ د (قَوْلُهُ كَالْيَمَنِ) عَطْفٌ عَلَى الْحِجَازِ (قَوْلُهُ: وَيُقَالُ فِيهِ الْمُلِمُّ) وَهُوَ أَصْلُهُ قُلِبَتْ هَمْزَتُهُ يَاءً وَيَرَمْرَمُ بِرَاءَيْنِ شَرْحُ الرَّوْضِ
(قَوْلُهُ لَا يَفِي بِالْغَرَضِ) إذْ لَا يُفِيدُ تَعْيِينَ الْمُرَادِ (قَوْلُهُ: لِيَعُودَ ضَمِيرُهُ بِهَا الْمَحْذُوفُ) أَيْ: مِنْ قَوْلِهِ، وَالْمَارُّ إذْ تَقْدِيرُهُ، وَالْمَارُّ بِهَا (قَوْلُهُ: إذْ عَوْدُهُ إلَى مَا يَأْتِي أَيْضًا غَيْرُ صَحِيحٍ) أَمَّا عَدَمُ صِحَّةِ عَوْدِهِ لِلْمَكَانِ الَّذِي عَنَّ فِيهِ النُّسُكُ وَمَكَانُ السُّكْنَى فَلِأَنَّهُمَا لَيْسَا بِمَكَانِ إحْرَامٍ لِلْمَارِّ بِهِمَا إذْ لَا يَجُوزُ التَّأْخِيرُ مِمَّنْ يُرِيدُ الْإِحْرَامَ إلَيْهِمَا وَإِنْ قَصَدَ الْمُرُورَ عَلَيْهِمَا وَإِنَّمَا هُوَ مَكَانُ إحْرَامٍ لِمَنْ لَمْ يُرِدْ الْإِحْرَامَ إلَّا بَعْدَ وُصُولِهِ، ثُمَّ، وَالسَّاكِنُ هُنَاكَ دُونَ غَيْرِهِمَا وَأَمَّا عَدَمُ صِحَّةِ عَوْدِهِ لِمَكَانِ الْمُحَاذَاةِ فَلِاخْتِصَاصِ مَكَانِ الْمُحَاذَاةِ بِالْمُحَاذِي وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ وَحَيْثُ حَاذَى فَقَوْلُهُ بَعْدُ
ــ
[حاشية الشربيني]
وَهِيَ أَبْعَدُ الْمَوَاقِيتِ مِنْ مَكَّةَ
(قَوْلُهُ: مَسَافَتُهُمَا إلَى مَكَّةَ إلَخْ) هُوَ فِي الْأُولَى مُخَالِفٌ لِمَا قَالُوهُ فِي تَحْدِيدِ الْحَرَمِ؛ لِأَنَّهَا آخِرَهُ ضَبَطُوهُ بِأَنَّهُ تِسْعَةُ أَمْيَالٍ وَفِي الثَّانِيَةِ مُخَالِفٌ لِلْمُشَاهَدِ فَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فِيهِمَا وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا م ر أَنَّ الْحُدَيْبِيَةَ عَلَى ثَلَاثَةِ فَرَاسِخَ مِنْ مَكَّةَ وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ الْمُشَاهَدُ وَبَعْضُهَا مِنْ الْحِلِّ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا آخِرُهُ قَالَ الْمَدَنِيُّ: بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْحَرَّةِ نَحْوُ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ اثْنَا عَشَرَ مِيلًا (قَوْلُهُ: مَسْجِدُ عَائِشَةَ) نُسِبَ إلَيْهَا لِإِحْرَامِهَا مِنْهُ
(قَوْلُهُ: وَهِيَ مِيلٌ عَنْ الْمَدِينَةِ إلَخْ) لَعَلَّهُ بِاعْتِبَارِ عُمْرَانِ الْمَدِينَةِ الَّذِي مِنْ جِهَةِ الْحُلَيْفَةِ وَتَصْحِيحُ الْمَجْمُوعِ لَعَلَّهُ بِاعْتِبَارِ أَقْصَى عُمْرَانِ الْمَدِينَةِ وَحَدَائِقِهَا مِنْ جِهَةِ تَبُوكَ أَوْ خَيْبَرَ. اهـ. م ر
(قَوْلُهُ: لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ) لَكِنْ لَهُمْ طَرِيقٌ آخَرُ عَلَى الْجُحْفَةِ فَيُحْرِمُ سَالِكُهَا مِنْهَا. اهـ. عُبَابٌ وَفِيهِ أَنَّ سَالِكَهَا حَاذَى ذَا الْحُلَيْفَةِ وَلِلْمُحَاذَاةِ حُكْمُ الْمُرُورِ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ نَعَمْ إنْ فُرِضَ أَنَّ سَالِكِي طَرِيقِ الْجُحْفَةِ لَمْ يُحَاذُوا ذَا الْحُلَيْفَةِ يَمِينًا وَلَا يَسَارًا كَانَ مِيقَاتُهُمْ الْجُحْفَةَ لِمَا يَأْتِي أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْمُحَاذَاةِ بِهَذَيْنِ لَا بِالْأَمَامِ، وَالْخَلْفِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ
. (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ حَاذَى إلَخْ) حَاصِلُ مَسْأَلَةِ الْمُحَاذَاةِ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ أَبْعَدَ إلَى مَكَّةَ مِنْ الثَّانِي أَوْ هُمَا إلَيْهَا سَوَاءٌ أَوْ الثَّانِي أَبْعَدَ إلَيْهَا مِنْ الْأَوَّلِ وَيُصَوَّرُ ذَلِكَ بِانْحِرَافِهِ عَنْ طَرِيقِ مَكَّةَ أَوْ وُعُورَةِ طَرِيقِهِ وَعَلَى كُلٍّ هُمَا إلَى الشَّخْصِ سَوَاءٌ أَوْ الْأَوَّلُ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ الثَّانِي أَوْ بِالْعَكْسِ فَالْجُمْلَةُ تِسْعُ صُوَرٍ وَحَاصِلُ الْحُكْمِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْأَوَّلُ أَبْعَدَ إلَى مَكَّةَ أَوْ كَانَا مُسْتَوِيَيْنِ إلَيْهَا وَكَانَ الْأَوَّلُ أَقْرَبَ إلَى الشَّخْصِ أَوْ اسْتَوَيَا إلَيْهِ فَمِيقَاتُهُ مَا حَاذَاهُ أَوَّلًا وَكَذَا إنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَقْرَبَ إلَى مَكَّةَ وَأَقْرَبَ إلَيْهِ وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمِيقَاتُ الثَّانِي أَقْرَبَ إلَى الشَّخْصِ سَوَاءٌ كَانَ أَبْعَدَ إلَى مَكَّةَ أَوْ أَقْرَبَ أَوْ اسْتَوَيَا إلَيْهَا فَمِيقَاتُهُ الثَّانِي وَكَذَا إذَا اسْتَوَيَا إلَيْهِ وَكَانَ الثَّانِي
وَلَا مَسْكَنُهُ دُونَهَا مَكَانُ مُحَاذَاتِهِ إحْدَاهُنَّ فَإِنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ تَحَرَّى كَالْقِبْلَةِ.
وَيُسَنُّ الِاحْتِيَاطُ فَإِنْ حَاذَى مِيقَاتَيْنِ فَمَكَانُ إحْرَامِهِ مِنْهُمَا قَبْلَ مُحَاذَاتِهِ لِلْآخَرِ وَلَا يَنْتَظِرُ مُحَاذَاةَ الْآخَرِ كَمَا لَيْسَ لِلْمَارِّ عَلَى ذِي الْحُلَيْفَةِ أَنْ يُؤَخِّرَ إحْرَامَهُ إلَى الْجُحْفَةِ فَقَوْله قَبْلُ أَشَارَ بِهِ إلَى مَسْأَلَةِ تَفَاوُتِ الْمِيقَاتَيْنِ فِي الْمَسَافَةِ إلَى مَكَّةَ، لَكِنَّ مَحَلَّ مَا ذُكِرَ
ــ
[حاشية العبادي]
لِأَهْلِهَا، وَالْمَارُّ إنْ أَرَادَ بِهِمَا بِالنِّسْبَةِ لِمَكَانِ الْمُحَاذَاةِ الْمُحَاذِي فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِمَا، أَوْ غَيْرُهُ لَمْ يَصِحَّ فَلْيُتَأَمَّلْ سم
(قَوْلُهُ: أَشَارَ بِهِ إلَى مَسْأَلَةِ تَفَاوُتِ الْمِيقَاتَيْنِ) قَالَ السُّبْكِيُّ: هِيَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ الْأَوَّلُ، وَالثَّانِي أَنْ يَتَسَاوَيَا فِي الْمَسَافَةِ إلَى مَكَّةَ وَإِلَى طَرِيقِهِ، أَوْ يَتَسَاوَيَا فِي الْمَسَافَةِ إلَى مَكَّةَ وَحْدَهَا وَكَانَتْ مُحَاذَاتُهُمَا دَفْعَةً فَمِيقَاتُهُ مَا يُحَاذِيهِمَا الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَبْعَدَ إلَى مَكَّةَ مِنْ الْآخَرِ وَيَتَسَاوَيَا فِي الْمَسَافَةِ إلَى طَرِيقِهِ.
فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُحْرِمُ مِنْ مُحَاذَاةِ الْأَبْعَدِ مِنْ مَكَّةَ وَلَا يَنْتَظِرُ الْوُصُولَ إلَى مُحَاذَاةِ الْأَقْرَبِ، وَالثَّانِي يَتَخَيَّرُ وَنَسَبَهُ الْمَاوَرْدِيُّ إلَى الْجُمْهُورِ وَقَالَ: إنَّهُ الصَّحِيحُ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَمِنْ التَّعْلِيلِ تَعْلَمُ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُحَاذِيَ أَحَدَهُمَا قَبْلَ مُحَاذَاةِ الْآخَرِ وَقَدْ يُتَصَوَّرُ فِي هَذَا الْقِسْمِ مُحَاذَاةُ مِيقَاتَيْنِ دَفْعَةً بِانْحِرَافِ أَحَدِ الطَّرِيقَيْنِ لِوُعُورَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا فَيُحْرِمُ مِنْ مُحَاذَاتِهَا وَهَلْ هُوَ مَنْسُوبٌ إلَى الْأَبْعَدِ، أَوْ الْأَقْرَبِ حَكَى الْإِمَامُ وَجْهَيْنِ فَائِدَتُهُمَا لَوْ جَاوَزَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ وَانْتَهَى إلَى حَيْثُ يُفْضَى إلَيْهِ طَرِيقَا الْمِيقَاتَيْنِ وَأَرَادَ الْعَوْدَ وَجَهِلَ مَوْضِعَ الْمُحَاذَاةِ هَلْ يَرْجِعُ إلَى هَذَا، أَوْ هَذَا الْقِسْمُ الرَّابِعُ أَنْ يَتَفَاوَتَ الْمِيقَاتَانِ فِي الْمَسَافَةِ إلَى مَكَّةَ وَإِلَى طَرِيقِهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: فَالِاعْتِبَارُ بِالْأَقْرَبِ إلَيْهِ، أَوْ إلَى مَكَّةَ وَجْهَانِ أَوَّلُهُمَا أَظْهَرُهُمَا هَذَا لَفْظُ الرَّافِعِيِّ وَفِي كَلَامِ الرُّويَانِيِّ مَا يُخَالِفُهُ فِي الْقِسْمِ الرَّابِعِ وَسَاقَهُ. اهـ. كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا.
أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّ الْقِسْمَ الثَّالِثَ فِي كَلَامِ السُّبْكِيّ هُوَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فَإِنْ حَاذَى مِيقَاتَيْنِ إلَى قَوْلِهِ وَلَا يَنْتَظِرُ مُحَاذَاةَ الْآخَرِ مَعَ قَوْلِهِ لَكِنَّ مَحَلَّ مَا ذُكِرَ فِيهَا إذَا تَسَاوَيَا مَسَافَةً إلَيْهِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُفِيدُ مَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ بِقَوْلِهِ وَقَدْ يُتَصَوَّرُ إلَخْ وَأَنَّ الْقِسْمَ الرَّابِعَ فِي كَلَامِ السُّبْكِيّ هُوَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فَإِنْ تَفَاوَتَ أَيْضًا فِيهَا إلَخْ وَإِنَّ الْقِسْمَ الْأَوَّلَ، وَالثَّانِيَ فِي كَلَامِ السُّبْكِيّ
ــ
[حاشية الشربيني]
أَبْعَدَ إلَى مَكَّةَ عَلَى مَا عَلَيْهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خِلَافًا لِعَمِيرَةَ هَذَا إذَا تَرَتَّبَتْ الْمُحَاذَاةُ فَإِنْ كَانَتْ دَفْعَةً فَصُوَرُهَا أَرْبَعٌ؛ لِأَنَّهُمَا إمَّا أَنْ يَسْتَوِيَا فِي الْقُرْبِ إلَى مَكَّةَ أَوْ يَخْتَلِفَا وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ يَسْتَوِيَا فِي الْقُرْبِ إلَيْهِ أَوْ يَخْتَلِفَا وَحَاصِلُ الْحُكْمِ أَنَّهُمَا إنْ اسْتَوَيَا فِي الْقُرْبِ إلَى مَكَّةَ سَوَاءٌ اسْتَوَيَا فِي الْقُرْبِ إلَيْهِ أَيْضًا أَمْ لَا فَمِيقَاتُهُ مُحَاذَاتُهُمَا اخْتَلَفَا فِي الْقُرْبِ إلَى مَكَّةَ وَاسْتَوَيَا فِي الْقُرْبِ إلَيْهِ فَمِيقَاتُهُ الْأَبْعَدُ إلَى مَكَّةَ عَلَى الرَّاجِحِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْقُرْبِ إلَيْهِ أَيْضًا فَمِيقَاتُهُ الْأَقْرَبُ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ أَقْرَبَ إلَى مَكَّةَ عَلَى الرَّاجِحِ وَفَائِدَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ جَاوَزَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ وَأَرَادَ الْعَوْدَ وَقَدْ جَهِلَ مَحَلَّ الْمُحَاذَاةِ رَجَعَ إلَى الْأَبْعَدِ فِي الثَّالِثَةِ وَإِلَى الْأَقْرَبِ إلَيْهِ فِي الرَّابِعَةِ عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا عَلِمْت. اهـ. مِنْ خَطِّ بَعْضِ تَلَامِذَةِ شَيْخِنَا ذ رحمه الله بِهَامِشِ الْحَاشِيَةِ وَفِي الْمَحَلِّيِّ مَعَ الْمِنْهَاجِ أَنَّهُمَا إذَا تَسَاوَيَا فِي الْمَسَافَةِ إلَى طَرِيقِهِ وَأَحَدُهُمَا أَبْعَدُ مِنْ مَكَّةَ فَالْأَصَحُّ الْإِحْرَامُ مِنْ أَبْعَدِهِمَا وَإِنْ تَسَاوَيَا فِي الْمَسَافَةِ إلَى مَكَّةَ أَحْرَمَ مِنْ مُحَاذَاتِهِمَا سَوَاءٌ تَسَاوَيَا فِي الْمَسَافَةِ إلَى طَرِيقِهِ تَفَاوُتًا وَاعْتَمَدَهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: مَكَانُ مُحَاذَاتِهِ) أَيْ: يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً وَلَا عِبْرَةَ بِالْمُسَامَتَةِ خَلْفًا أَوْ أَمَامًا. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ الصَّغِيرُ
(قَوْلُهُ: تَحَرَّى) أَيْ: بِالِاجْتِهَادِ أَيْ: إذَا لَمْ يَجِدْ مَنْ يُخْبِرُ عَنْ عِلْمٍ وَإِلَّا لَزِمَهُ اتِّبَاعُهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ حَيْثُ قَدَرَ عَلَى التَّحَرِّي لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّقْلِيدُ وَإِلَّا لَزِمَهُ وَلَوْ اخْتَلَفَ عَلَيْهِ اثْنَانِ يَأْتِي مَا مَرَّ ثَمَّةَ. اهـ. مَدَنِيٌّ عَنْ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ الِاحْتِيَاطُ) بَلْ يَلْزَمُ هَذَا مَنْ تَحَيَّرَ وَقَدْ خَافَ فَوَاتَ الْحَجِّ وَكَانَ قَدْ تَضَيَّقَ عَلَيْهِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ الصَّغِيرُ
(قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ الِاحْتِيَاطُ) أَيْ: بِأَنْ يَسْتَظْهِرَ حَتَّى يَتَيَقَّنَ أَنَّهُ حَاذَى الْمِيقَاتَ أَوْ فَوْقَهُ وَكَوْنُ مَا ذُكِرَ سُنَّةً جَرَى عَلَيْهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ
فِيهَا إذَا تَسَاوَيَا مَسَافَةً إلَيْهِ فَإِنْ تَفَاوَتَا فِيهَا أَيْضًا فَالْعِبْرَةُ بِالْقُرْبِ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ أَقْرَبَ إلَى مَكَّةَ إذْ لَوْ كَانَ أَمَامَهُ مِيقَاتٌ فَإِنَّهُ مِيقَاتُهُ وَإِنْ حَاذَى مِيقَاتًا أَبْعَدَ فَكَذَا مَا هُوَ بِقُرْبِهِ (أَوْ عَنَّ) أَيْ: وَمَكَانُ الْإِحْرَامِ بِهِمَا لِمَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ غَيْرَ مَرِيدٍ لِلنُّسُكِ حَيْثُ عَرَضَ لَهُ (نُسُكٌ) وَلَا يَلْزَمُهُ الْعَوْدُ إلَى الْمِيقَاتِ كَمَا شَمِلَ ذَلِكَ قَوْلَهُ فِي الْخَبَرِ «وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ» وَأَشَارَ إلَيْهِ أَيْضًا بِقَوْلِهِ «مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ، وَالْعُمْرَةَ»
(وَ) مَكَانُ الْإِحْرَامِ بِهِمَا (مَكَانُ السُّكْنَى) الْكَائِنَةِ (مِنْ دُونِهِ) أَيْ: الْمِيقَاتِ أَيْ: بَيْنَ الْمِيقَاتِ وَمَكَّةَ لِأَهْلِ ذَلِكَ الْمَكَانِ لِقَوْلِهِ فِي الْخَبَرِ «وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ» فَلَوْ كَانَ أَمَامَهُ مِيقَاتٌ أَيْضًا فَهُوَ مِيقَاتُهُ كَسَاكِنِ الصَّفْرَاءِ، أَوْ بَدْرٍ فَإِنَّهُ بَيْنَ ذِي الْحُلَيْفَةِ، وَالْجُحْفَة فَمِيقَاتُهُ الْجُحْفَةُ لَا مَسْكَنُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ دُونَ الْمَوَاقِيتِ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ فِي الْبَحْرِ (لِأَهْلِهَا) أَيْ: وَمَكَانُ الْإِحْرَامِ بِهِمَا الْأَمْكِنَةُ الْمَذْكُورَةُ لِأَهْلِهَا (وَالْمَارُّ) بِهَا عَلَى مَا مَرَّ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ إلَّا النَّائِبَ فَيُحْرِمُ كَمَا سَيَأْتِي
ــ
[حاشية العبادي]
مَفْهُومُ قَوْلِ الشَّارِحِ تَفَاوُتُ الْمِيقَاتَيْنِ فِي الْمَسَافَةِ إلَى مَكَّةَ وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ السُّبْكِيّ وَقَدْ يُتَصَوَّرُ فِي هَذَا الْقِسْمِ إلَخْ يُزَادُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يُتَصَوَّرُ فِيهِ أَيْضًا أَنْ يُحَاذِيَ الْأَقْرَبَ إلَى مَكَّةَ قَبْلَ الْأَبْعَدِ إلَيْهَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ بِقَوْلِهِ فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْقُرْبِ إلَيْهِ أَحْرَمَ مِنْ مُحَاذَاةِ أَبْعَدِهِمَا مِنْ مَكَّةَ وَإِنْ حَاذَى الْأَقْرَبَ إلَيْهَا، أَوْ لَا. اهـ.
نَعَمْ نَازَعَهُ شَيْخُنَا بِهَامِشِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ سم إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ عَنْ السُّبْكِيّ وَكَانَتْ مُحَاذَاتُهُمَا دَفْعَةً يُمْكِنُ أَنْ يَعُودَ لِلصُّورَةِ الْأُولَى أَيْضًا أَعْنِي أَنْ يَتَسَاوَيَا إلَى مَكَّةَ وَإِلَى طَرِيقِهِ لِيَخْرُجَ مَا لَوْ حَاذَى أَحَدَهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ فَقَدْ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْقُرْبِ إلَيْهَا وَإِلَيْهِ أَحْرَمَ مِنْ مُحَاذَاتِهِمَا إنْ لَمْ يُحَاذِ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ وَإِلَّا فَمِنْ مُحَاذَاةِ الْأَوَّلِ وَلَا يُنْتَظَرُ مُحَاذَاةُ الْآخَرِ. اهـ. وَيُتَصَوَّرُ اسْتِوَاؤُهُمَا إلَيْهَا وَإِلَيْهِ مَعَ مُحَاذَاةِ أَحَدِهِمَا، أَوْ لَا بِنَحْوِ انْحِرَافِ طَرِيقِ الْآخَرِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَقَوْلُهُ الْأَبْعَدُ مِنْ مَكَّةَ إلَخْ أَيْ: وَقَدْ حَاذَاهُ أَوَّلًا بِدَلِيلِ وَلَا يَنْتَظِرُ إلَخْ وَيَبْقَى مَا إذَا حَاذَى الْأَقْرَبَ أَوَّلًا وَيُتَصَوَّرُ بِنَحْوِ انْحِرَافِ طَرِيقِ الْأَبْعَدِ وَفِيهِ كَلَامٌ فِي آخِرِ الْحَاشِيَةِ
(قَوْلُهُ: فَإِنْ تَفَاوَتَا فِيهَا أَيْضًا) أَيْ: كَمَا تَفَاوَتَا فِي الْمَسَافَةِ إلَى مَكَّةَ
(قَوْلُهُ: فَمِيقَاتُهُ الْجُحْفَةُ إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ (فَرْعٌ) عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ مَنْ مَسْكَنُهُ بَيْنَ مِيقَاتَيْنِ كَالْجَحْفَةِ وَذِي الْحُلَيْفَةِ فَمَنْ كَانَ فِي جَادَّةِ الْمَغْرِبِ، وَالشَّامِ كَأَهْلِ بَدْرٍ، وَالصَّفْرَاءِ فَمِيقَاتُهُ الْجُحْفَةُ الَّتِي هِيَ أَمَامَهُ وَمَنْ كَانَ فِي جَادَّةِ الْمَدِينَةِ وَعَلَى طَرِيقِ ذِي الْحُلَيْفَةِ كَأَهْلِ الْأَبْوَاءِ، وَالْعَرْجِ فَمِيقَاتُهُمْ مِنْ مَوْضِعِهِمْ اعْتِبَارًا بِذِي الْحُلَيْفَةِ لِكَوْنِهِمْ عَلَى جَادَّتِهَا وَانْفِصَالِهِمْ عَنْ الْجُحْفَةِ بِبُعْدِهِمْ عَنْهَا وَإِنْ كَانَ بَيْنَ الْجَادَّتَيْنِ
ــ
[حاشية الشربيني]
فِي شَرْحَيْ الْبَهْجَةِ خ ط وَفِي شَرْحَيْ الْمِنْهَاجِ، وَالتَّنْبِيهِ وم ر فِي شَرْحَيْ الزُّبَدِ، وَالْبَهْجَةِ زَادَ الشَّرْحُ فِي سَائِرِ كُتُبِهِ وُجُوبَ الِاحْتِيَاطِ إذَا تَحَيَّرَ فِي اجْتِهَادِهِ وَكَانَ قَدْ تَضَيَّقَ عَلَيْهِ الْحَجُّ أَوْ خَافَ فَوْتَهُ وَأَقَرَّ الْأَذْرَعِيُّ عَلَى ذَلِكَ فِي الْأَسْنَى وَالْجَمَالُ م ر فِي شُرُوحِهِ عَلَى الْمِنْهَاجِ وَفِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ لِحَجَرٍ وَشَرْحِهِ لِابْنِ عَلَّانَ لَوْ تَضَيَّقَا عَلَيْهِ وَكَانَ الِاسْتِظْهَارُ يُؤَدِّي إلَى تَفْوِيتِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ عُذْرًا فِي عَدَمِ وُجُوبِ الِاسْتِظْهَارِ حِينَئِذٍ إذْ الْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنْ الدَّمِ وَعَدَمُ الْعِصْيَانِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُجَاوَرَةِ وَهَذَا هُوَ السَّبَبُ فِي إطْلَاقِهِمْ اسْتِحْبَابَ الِاسْتِظْهَارِ وَحَيْثُ قُلْنَا بِوُجُوبِهِ بِمَحَلِّهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يَخْشَ فَوْتَ رُفْقَةٍ وَأَمِنَ عَلَى مُحْتَرَمٍ. اهـ. مَدَنِيٌّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ حَاذَى مِيقَاتَيْنِ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: طَرِيقُهُ بَيْنَهَا إلَخْ لَكِنَّ عِبَارَةَ الْإِسْنَوِيِّ سَوَاءٌ كَانَ أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِهِ، وَالْآخَرُ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ كَانَا مَعًا فِي جِهَةٍ وَاحِدَةٍ
(قَوْلُهُ: إلَّا النَّائِبَ فَيُحْرِمُ إلَخْ) عِبَارَةُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْعُبَاب
مِنْ مِيقَاتِ بَلَدِ مَنُوبِهِ فَإِنْ مَرَّ بِغَيْرِهِ أَحْرَمَ مِنْ مَكَان بِإِزَائِهِ إذَا كَانَ أَبْعَدَ مِنْ ذَلِكَ الْمِيقَاتِ مِنْ مَكَّةَ (وَبَدْؤُهُ) أَيْ: كُلٍّ مِنْ الْمِيقَاتِ، وَالْمَسْكَنِ أَيْ: أَوَّلُهُ (أَوْلَى) بِالْإِحْرَامِ مِنْ وَسَطِهِ وَآخِرِهِ لِيَقْطَعَ الْبَاقِيَ مُحْرِمًا قَالَ السُّبْكِيُّ: إلَّا ذَا الْحُلَيْفَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إحْرَامُهُ مِنْ الْمَسْجِدِ الَّذِي أَحْرَمَ مِنْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَوْلَى قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَقِيَاسُ الْإِحْرَامِ مِنْ أَوَّلِ الْمِيقَاتِ أَنَّ الْمَكِّيَّ يُحْرِمُ مِنْ طَرَفِ مَكَّةَ الْأَبْعَدِ عَنْ عَرَفَاتٍ لَا مِنْ بَابِ دَارِهِ كَمَا فِي الْحَاوِي. اهـ.
، وَالْعِبْرَةُ فِي الْمَوَاقِيتِ الشَّرْعِيَّةِ بِمَوَاضِعِهَا دُونَ الْأَبْنِيَةِ (وَبَابُ الدَّارِ لِكُلِّهِمْ) أَيْ: لِإِحْرَامِ كُلٍّ مِنْ الْمَذْكُورِينَ مِنْ مَكِّيٍّ وَغَيْرِهِ (أَوْلَى) مِنْ الْمِيقَاتِ
ــ
[حاشية العبادي]
كَأَهْلِ بَنِي حَرْبٍ فَإِنْ كَانُوا إلَى جَادَّةِ الْمَدِينَةِ أَقْرَبَ أَحْرَمُوا مِنْ مَوْضِعِهِمْ وَإِنْ كَانُوا إلَى الشَّامِ أَقْرَبَ أَحْرَمُوا مِنْ الْجُحْفَةِ وَلَيْسَ الِاعْتِبَارُ بِالْقُرْبِ، وَالْبُعْدِ مِنْ الْمِيقَاتَيْنِ بَلْ إلَى الْجَادَّتَيْنِ وَإِنْ كَانَ عَلَى السَّوَاءِ فَفِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا مِنْ مَوْضِعِهِمْ، وَالثَّانِي أَنَّهُمْ بِالْخِيَارَيْنِ مَوْضِعُهُمْ، وَالْإِحْرَامُ مِنْ الْجُحْفَةِ. اهـ. وَبِهِ تَعْلَمْ أَنَّ الَّذِي فِي الْخَادِمِ نَقْلًا عَنْ الْبَارِزِيِّ مِنْ أَنَّ أَهْلَ بَدْرٍ يُحْرِمُونَ مِنْ مَوْضِعِهِمْ غَفْلَةٌ عَنْ الْمَنْقُولِ الَّذِي تَقَرَّرَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا
(قَوْلُهُ: إذَا كَانَ) أَيْ: مِيقَاتُ بَلَدٍ مَنُوبُهُ أَبْعَدَ إلَخْ قَدْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إذَا كَانَ أَقْرَبَ أَحْرَمَ مِنْ ذَلِكَ الْغَيْرِ الَّذِي مَرَّ بِهِ وَامْتَنَعَ مُجَاوَزَتُهُ بِغَيْرِ إحْرَامٍ وَهُوَ مُتَّجِهٌ فَتَأَمَّلْهُ سم (قَوْلُهُ: أَبْعَدُ مِنْ ذَلِكَ) الظَّاهِرُ أَنَّ مَرْجِعَ الْإِشَارَةِ مِيقَاتُ الْجِهَةِ الَّتِي سَلَكَهَا النَّائِبُ بِرّ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَقِيَاسُ الْإِحْرَامِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ قِيلَ وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ لِمَنْ مِيقَاتُهُ قَرْيَتَهُ، أَوْ حِلَّتَهُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ الطَّرَفِ الْأَبْعَدِ مِنْ مَكَّةَ لِيَقْطَعَ الْبَاقِيَ مُحْرِمًا أَنَّ الْمَكِّيَّ يُحْرِمُ مِنْ طَرَفِهَا الْأَبْعَدِ عَنْ مَقْصِدِهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ قَاصِدٌ لِمَكَانٍ أَشْرَفَ مِمَّا هُوَ فِيهِ وَهَذَا بِعَكْسِهِ. اهـ. وَقَوْلُهُ قَبْلَ إلَخْ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْأَفْضَلَ لِمَنْ مِيقَاتُهُ قَرْيَتُهُ الْإِحْرَامُ مِنْ طَرَفِهَا الْأَبْعَدِ لَا مِنْ بَابِ دَارِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
(قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَاكَ قَاصِدٌ لِمَكَانٍ أَشْرَفَ مِمَّا هُوَ فِيهِ وَهَذَا بِعَكْسِهِ وَقَوْلُهُ لَا مِنْ بَابِ دَارِهِ وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ وَإِحْرَامُهُ أَيْ: الْمَكِّيِّ مِنْ بَابِ دَارِهِ أَفْضَلُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: دُونَ الْأَبْنِيَةِ) وَإِنْ بُنِيَتْ بِنَقْصِهَا قَرِيبًا مِنْهَا وَسُمِّيَتْ بِاسْمِهَا (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ الْمِيقَاتِ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالْمِيقَاتِ الَّذِي بَابُ الدَّارِ، أَوْلَى مِنْهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَكِّيِّ وَمِنْ مَسْكَنِهِ دُونَ الْمِيقَاتِ فَإِنْ أَرَادَ بِهِ مِيقَاتَ الْآفَاقِيِّ نَافَاهُ التَّعْلِيلُ -
ــ
[حاشية الشربيني]
إلَّا النَّائِبَ فَيُحْرِمُ مِنْ مِثْلِ مَسَافَةِ مِيقَاتِ بَلَدٍ مَنْوِيِّهِ إنْ كَانَ أَبْعَدَ مِنْ مِيقَاتِ بَلَدِهِ وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ ضَعِيفَةٌ، وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ أَقَامَ بَعْضَ الْمَوَاقِيتِ مُقَامَ بَعْضٍ. اهـ. وَفِي حَاشِيَةِ الْجَمَلِ عَلَى الْمَنْهَجِ
(فَرْعٌ)
لَوْ جَاوَزَ الْأَجِيرُ الْمِيقَاتَ الْمُتَعَيَّنَ أَيْ: مِيقَاتَ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ غَيْرَ مُحْرِمٍ، ثُمَّ أَحْرَمَ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَلَمْ يَعُدْ إلَيْهِ لَزِمَهُ دَمٌ وَيَحُطُّ التَّفَاوُتَ فِي الْفَرَاسِخِ، وَالْحُزُونَةِ، وَالسُّهُولَةِ وَلَوْ عَدَلَ عَنْ الْمِيقَاتِ الْمُتَعَيِّنِ إلَى أَبْعَدَ مِنْهُ أَوْ مِثْلِهِ جَازَ وَلَا دَمَ وَلَا حَطَّ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ أَقْرَبَ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الرَّوْضِ كَأَصْلِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَالْغَزَالِيُّ لَكِنْ فِي الْمُهَذَّبِ، وَالتَّتِمَّةِ، وَالشَّامِلِ، وَالْبَيَانِ وَغَيْرِهَا الْقَطْعُ بِالْجَوَازِ وَعَدَمِ لُزُومِ شَيْءٍ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ أَقَامَ بَعْضَ الْمَوَاقِيتِ مُقَامَ بَعْضٍ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَمَا نَقَلَهُ هَؤُلَاءِ مُنَافٍ لِلتَّعْيِينِ الَّذِي نَحْنُ نُفَرِّعُ عَلَيْهِ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ
وَقَوْلُ حَجَرٍ، وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهَا ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ هُوَ تِلْكَ الطَّرِيقَةُ كَمَا فِي حَاشِيَةِ الْجَمَلِ عَلَى الْمَنْهَجِ نَاقِلًا لَهُ عَنْ حَجَرٍ فَرَاجِعْهُ
(قَوْلُهُ: قَالَ السُّبْكِيُّ إلَخْ) نَقَلَ سم عَنْ حَجَرٍ فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ أَنَّ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا أَحْرَمَ عِنْدَ انْبِعَاثِ رَاحِلَتِهِ وَمِنْهَا حَدِيثُ أَنَسٍ فِي الْبُخَارِيِّ «، ثُمَّ رَكِبَ صلى الله عليه وسلم حِينَ اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ عَلَى الْبَيْدَاءِ، ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ عز وجل وَسَبَّحَ، ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ» فَفِي اسْتِثْنَاءِ ذِي الْحُلَيْفَةِ نَظَرٌ نَعَمْ يَنْبَغِي اسْتِثْنَاؤُهَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ الْإِحْرَامَ مِنْ الْبَيْدَاءِ أَفْضَلُ مِنْ بَقِيَّتِهَا وَإِنْ فُرِضَ أَنَّهُ مِنْ مَكَّةَ اتِّبَاعًا لَهُ صلى الله عليه وسلم
(قَوْلُهُ: وَبَابُ الدَّارِ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ أَمَّا الْمُقِيمُ بِمَكَّةَ فَالْأَصَحُّ أَنَّ مِيقَاتَهُ لِلْحَجِّ نَفْسُ مَكَّةَ وَقِيلَ مَكَّةُ وَسَائِرُ الْحَرَمِ، ثُمَّ مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ مِنْ مَكَّةَ أَحْرَمَ جَازَ وَفِي الْأَفْضَلِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا مِنْ الْمَسْجِدِ وَأَظْهَرُهُمَا الْأَفْضَلُ مِنْ بَابِ دَارِهِ، ثُمَّ قَالَ (فَرْعٌ)
مِنْ مَسْكَنِهِ بَيْنَ الْمِيقَاتِ وَمَكَّةَ فَمِيقَاتُهُ الْقَرْيَةُ الَّتِي يَسْكُنُهَا أَوْ الْحَلَّةُ الَّتِي نَزَلَهَا الْبَدْوِيُّ (فَرْعٌ)
يُسْتَحَبُّ لِمَنْ يُحْرِمُ مِنْ مِيقَاتٍ شَرْعِيٍّ أَوْ مِنْ قَرْيَتِهِ أَوْ حَلَّتِهِ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ طَرَفِهِ الْأَبْعَدِ مِنْ مَكَّةَ فَلَوْ أَحْرَمَ مِنْ الطَّرَفِ الْآخَرِ جَازَ، ثُمَّ قَالَ (فَصْلٌ)
هَلْ الْإِحْرَامُ مِنْ الْمِيقَاتِ أَفْضَلُ أَمْ مِنْ فَوْقِهِ نَصَّ فِي الْبُوَيْطِيِّ أَنَّ الْمِيقَاتَ أَفْضَلُ وَفِي الْإِمْلَاءِ الْأَفْضَلُ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ قُلْت الْأَظْهَرُ عِنْدَ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا وَبِهِ قَطَعَ كَثِيرُونَ مِنْ مُحَقِّقِيهِمْ أَنَّهُ مِنْ الْمِيقَاتِ أَفْضَلُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ أَوْ الصَّوَابُ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِيهِ بِدُونِ مُعَارِضٍ. اهـ. وَفِي الْإِرْشَادِ وَشَرْحِهِ، وَالْإِحْرَامُ مِنْ الْمِيقَاتِ أَوْلَى مِنْهُ قَبْلَهُ وَلَوْ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ وَإِنْ أَمِنَ ارْتِكَابَ مَحْظُورٍ خِلَافًا لِلْحَاوِي كَالرَّافِعِيِّ. اهـ. فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْخِلَافَ لَيْسَ فِي بَابِ الدَّارِ مُطْلَقًا بَلْ إذَا كَانَ فَوْقَ الْمِيقَاتِ أَيْ: قَبْلَهُ لَكِنَّ عِبَارَةَ الْحَاوِي وَأَوَّلُهُ أَيْ: الْمِيقَاتِ وَلَكِنَّ دَارِهِ أَوْلَى وَهِيَ كَعِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ فَلَعَلَّهُ خِلَافٌ آخَرُ فَلْيُرَاجَعْ
(قَوْلُهُ: وَبَابِ الدَّار إلَخْ) أَيْ: عِنْدَ أَخْذِهِ فِي السَّيْرِ لَا مَعَ إقَامَةٍ بِبَلَدِهِ
؛ لِأَنَّهُ غَالِبًا أَكْثَرُ عَمَلًا وَلِأَنَّ عُمَرَ وَعَلِيًّا فَسَّرَا بِهِ إتْمَامَ الْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] وَفَعَلَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَهَذَا فِي الْمَكِّيِّ وَمَنْ سَكَنَهُ دُونَ الْمِيقَاتِ وَكَذَا فِي غَيْرِهِمَا عَلَى مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ فِيهِ أَنَّ إحْرَامَهُ مِنْ الْمِيقَاتِ أَوْلَى لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ.
وَلَمْ يَثْبُتْ لَهَا مُعَارِضٌ وَلِأَنَّ مِنْ مُصَابَرَةِ الْإِحْرَامِ بِالتَّقْدِيمِ عُسْرًا وَتَعْزِيرًا بِالْعِبَادَةِ ثُمَّ إحْرَامُ الْمَكِّيِّ مِنْ بَابِ دَارِهِ يَكُونُ بَعْدَ مَجِيئِهِ مِنْ صَلَاةِ رَكْعَتَيْ الْإِحْرَامِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إذْ الْإِحْرَامُ لَا يُسَنُّ عَقِبَ الصَّلَاةِ بَلْ عِنْدَ الْخُرُوجِ إلَى عَرَفَاتٍ ثُمَّ يَأْتِي الْمَسْجِدَ مُحْرِمًا لِطَوَافِ الْوَدَاعِ لَا لِلصَّلَاةِ فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ أَنَّهُ إذَا اُسْتُحِبَّ لَهُ فِعْلُ الرَّكْعَتَيْنِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَشْكَلَ ذَلِكَ بِتَصْحِيحِ أَنَّهُ يُحْرِمُ مِنْ بَابِ دَارِهِ ثُمَّ يَأْتِي الْمَسْجِدَ؛ لِأَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ
(وَ) مَكَانُ الْإِحْرَامِ (وَلِلْأَجِيرِ مَا عَيَّنَ مُكْتَرٍ) أَيْ: مَا عَيَّنَهُ لَهُ مُكْتَرِيه بِقَيْدٍ سَيَأْتِي (وَلَنْ يُحَتِّمَا) عَلَى الْمُكْتَرِي (تَعْيِينَهُ) أَيْ: مَكَانَ الْإِحْرَامِ وَيَتَعَيَّنُ مِيقَاتُ بَلَدِهِ عَلَى الْعَادَةِ الْغَالِبَةِ كَمَكَانِ التَّسْلِيمِ فِي السَّلَمِ (وَ) مَكَانُ الْإِحْرَامِ (فِي الْقَضَا أَرْضٌ) الْإِحْرَامِ، أَوْ مِثْلُهَا مَسَافَةً فِي (الْأَدَا) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَزِمَهُ فِيهِ قَطْعُ الْمَسَافَةِ مِنْهَا مُحْرِمًا ثُمَّ قَيَّدَ مَسْأَلَةَ الْأَجِيرِ وَهَذِهِ بِقَوْلِهِ (إنْ كَانَ)
ــ
[حاشية العبادي]
بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ غَالِبًا أَكْثَرُ عَمَلًا وَإِنْ أَرَادَ بِهِ بَقِيَّةَ مَكَّةَ وَبَقِيَّةَ الْقَرْيَةِ السَّاكِنِ بِهَا مِنْ دُونِ الْمِيقَاتِ وَيَكُونُ فِي قَوْلِهِ، أَوْلَى مِنْ الْمِيقَاتِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمَا تَسَمُّحًا، وَالْمُرَادُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمَا، أَوْلَى مِنْ بَقِيَّةِ الْمِيقَاتِ فَفِيهِ أُمُورٌ الْأَوَّلُ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يُرِدْ بِبَابِ الدَّارِ بَابَ دَارِهِ بِمَعْنَى سَكَنِهِ بَلْ أَرَادَ بَلَدَهُ، أَوْ قَرْيَتَهُ مَثَلًا؛ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ الْمِيقَاتِ وَلِهَذَا عَبَّرُوا عَنْ ذَلِكَ بِدُوَيْرَةِ أَهْلِهِ، وَالثَّانِي أَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْأَفْضَلُ فِي حَقِّ مَنْ سَكَنَهُ دُونَ الْمِيقَاتِ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ بَابِ سَكَنِهِ لَا مِنْ طَرِيقِ قَرْيَتِهِ مَثَلًا الْأَبْعَدِ مِنْ مَكَّةَ وَهُوَ مَمْنُوعٌ لِأَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ سُنَّ الْإِحْرَامُ مِنْ الطَّرَفِ الْأَبْعَدِ فِي غَيْرِهِ مَوْجُودٌ فِيهِ وَلَمْ يَخْرُجْ عَنْ ذَلِكَ إلَّا الْمَكِّيُّ لَمَّا تَقَرَّرَ فِي الْهَامِشِ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ، وَالثَّالِثُ أَنَّهُ يُنَافِي فِي السَّكَنِ قَوْلَهُ السَّابِقَ وَبَدْؤُهُ أَيْ: كُلٍّ مِنْ الْمِيقَاتِ، وَالْمَسْكَنِ أَيْ: أَوَّلُهُ أَوْلَى إلَخْ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ غَالِبًا) يُحْتَمَلُ أَنَّهُ احْتَرَزَ بِغَالِبًا عَنْ الْمَكِّيِّ الَّذِي دَارُهُ فِي طَرَفِ مَكَّةَ مِنْ جِهَةِ عَرَفَةَ مَثَلًا فَالْإِحْرَامُ مِنْ بَابهَا أَفْضَلُ مِنْ الْإِحْرَامِ مِنْ بَقِيَّةِ مَكَّةَ الَّتِي هُوَ الْمِيقَاتُ وَلَيْسَ أَكْثَرَ عَمَلًا فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ غَالِبًا) كَأَنَّهُ احْتَرَزَ عَمَّنْ مَسْكَنُهُ بَيْنَ مَكَّةَ، وَالْمِيقَاتِ (قَوْلُهُ: مُحْرِمًا لِطَوَافِ الْوَدَاعِ) لَا لِلصَّلَاةِ ح
(قَوْلُهُ: بِقَيْدٍ سَيَأْتِي) أَيْ: فِي قَوْلِهِ إنْ كَانَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ أَبْعَدَ (قَوْلِهِ وَلَنْ يُحَتَّمَا إلَخْ) شَرَحَهُ الْعِرَاقِيُّ بِقَوْلِهِ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ التَّعْيِينُ وَيَتَعَيَّنُ مِيقَاتُ بَلَدِ الْعَقْدِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَيَتَعَيَّنُ مِيقَاتُ بَلَدٍ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَلَوْ عَدَلَ أَيْ: الْأَجِيرُ عَنْ الْمِيقَاتِ الْمُتَعَيِّنِ إلَى مِيقَاتٍ مِثْلِهِ فِي الْمَسَافَةِ، أَوْ أَبْعَدَ مِنْهُ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى جَازَ أَيْ: فَلَا يَلْزَمُهُ دَمٌ وَلَا حَطٌّ. اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ أَقْرَبَ مِنْهُ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ لِأَصْلِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَالْغَزَالِيُّ لَكِنْ فِي الْمُهَذَّبِ، وَالتَّتِمَّةِ، وَالشَّامِلِ، وَالْبَيَانِ وَغَيْرِهِمَا الْقَطْعُ بِالْجَوَازِ وَعَدَمِ لُزُومِ شَيْءٍ لِأَنَّ الشَّرْعَ أَقَامَ بَعْضَ الْمَوَاقِيتِ مُقَامَ بَعْضٍ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَمَا ذَكَرَهُ هَؤُلَاءِ مُنَافٍ لِلتَّعْيِينِ الَّذِي نَحْنُ نُفَرِّعُ عَلَيْهِ، ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى ذَلِكَ كَلَامًا نَقَلَهُ عَنْ الطَّبَرِيِّ شَارِحِ التَّنْبِيهِ. اهـ. وَسَيَأْتِي بِهَامِشِ الْآتِيَةِ عَنْ الْعُبَابِ مُوَافَقَةُ هَؤُلَاءِ وَأَنَّ صَاحِبَ الْمَجْمُوعِ قَالَ: إنَّهُ الْأَصَحُّ
ــ
[حاشية الشربيني]
فَإِنَّ إحْرَامَهُ حِينَئِذٍ خِلَافُ الْأَوْلَى عِنْد الْكُلَّ اِ هـ شَرْحُ عب لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ) أَيْ: «بِإِحْرَامِهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ الْمِيقَاتِ» لَا يُقَالُ فَعَلَ ذَلِكَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ مَهَّلَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ إلَخْ فَأَيُّ دَلِيلٍ دَلَّ عَلَى مَنْعِهِ حَتَّى تَبَيَّنَ جَوَازُهُ مِنْهُ مَعَ أَنَّهُ تَكَرَّرَ إحْرَامُهُ مِنْهُ وَلَمْ يُحْرِمْ مِنْ الْمَدِينَةِ قَطُّ وَهَذَا مَعْنَى مَا فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ أَنَّ بَيَانَ الْجَوَازِ إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا فَعَلَهُ مَرَّةً أَوْ مَرَّاتٍ يَسِيرَةً وَدَاوَمَ فِي عُمُومِ أَحْوَالِهِ عَلَى أَكْمَلِ الْهَيْئَاتِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ
(قَوْلُهُ: مِيقَاتُ بَلَدِهِ) وَلَوْ كَانَ الْعَقْدُ بِغَيْرِهَا بِخِلَافِ مَكَانِ التَّسْلِيمِ فِي السَّلَمِ فَإِنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهِ بَلَدُ الْعَقْدِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: بَلَدُهُ) أَيْ: الْمَحْجُوجُ عَنْهُ. اهـ. تُحْفَةٌ وَهَذَا عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْبَغَوِيّ وَالْغَزَالِيُّ وَاعْتَمَدَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ مِنْ اعْتِبَارِ مِيقَاتِ بَلَدٍ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ مِنْ مَيِّتٍ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَ الشَّيْخُ جَمَالُ الدِّينِ الطَّبَرِيُّ اعْتِبَارَ مِيقَاتِ بَلَدِ الْأَجِيرِ. اهـ. سم فِي شَرْحِ ع
(قَوْلُهُ: أَوْ مِثْلُهَا مَسَافَةً) الْأَوْلَى تَأْخِيرُ أَوْ مِثْلُهَا مَسَافَةً عَنْ قَوْلِهِ الْأَدَاءُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: ثُمَّ قَيَّدَ إلَخْ) أَيْ: مِنْ زِيَادَتِهِ كَمَا فِي النَّاشِرِيِّ
أَيْ: كُلٌّ مِمَّا عَيَّنَهُ الْمُكْتَرِي وَمَكَانُ الْإِحْرَامِ بِالْأَدَاءِ (فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ أَبْعَدَا) مِنْ الْمِيقَاتِ فَخَرَجَ بِهِ مِنْ الْأُولَى مَا لَوْ كَانَ مَا عَيَّنَهُ أَقْرَبَ مِنْ الْمِيقَاتِ، أَوْ مِثْلَهُ فَلَا يَتَعَيَّنُ لِلْإِحْرَامِ بَلْ لَا يَجُوزُ الْإِحْرَامُ مِنْ الْأَقْرَبِ؛ لِأَنَّ تَعَيُّنَ الْإِحْرَامِ مِنْهُ شَرْطٌ فَاسِدٌ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ، لَكِنْ يَقَعُ النُّسُكُ لِلْمُكْتَرِي لِلْإِذْنِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَمِنْ الثَّانِيَةِ مَا لَوْ كَانَ إحْرَامُهُ بِالْأَدَاءِ مِنْ مِثْلِ الْمِيقَاتِ، أَوْ دُونَهُ مُسِيئًا، أَوْ غَيْرَ مُسِيءٍ فَلَا يَتَعَيَّنُ مَكَانُ الْأَدَاءِ بَلْ لَهُ الْإِحْرَامُ مِنْ الْمِيقَاتِ بَلْ يَتَعَيَّنُ فِي الثَّانِيَةِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُسِيءَ ثَانِيًا وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ فِي الثَّالِثَةِ وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَنَقَلَهُ فِي الْكَبِيرِ عَنْ تَصْحِيحِ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ سُلُوكًا بِالْقَضَاءِ مَسْلَكَ الْأَدَاءِ وَلِهَذَا لَوْ اعْتَمَرَ الْمُتَمَتِّعُ مِنْ الْمِيقَاتِ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ وَأَفْسَدَهُ، أَوْ أَفْرَدَ الْحَجَّ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ مِنْ أَدْنَى الْحِلِّ ثُمَّ أَفْسَدَهَا لَا يَلْزَمُهُ فِي الْقَضَاءِ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ الْمِيقَاتِ بَلْ يَكْفِيهِ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ وَبِالْعُمْرَةِ مِنْ أَدْنَى الْحِلِّ، لَكِنْ صَحَّحَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَالْمَجْمُوعِ تَعَيُّنَهُ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَنَقَلَهُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ عَنْ التَّهْذِيبِ وَغَيْرِهِ الْوَجْهَانِ فِيمَنْ لَمْ يَرْجِعْ مُحْرِمًا بِالْأَدَاءِ إلَى الْمِيقَاتِ
فَإِنْ رَجَعَ ثُمَّ عَادَ تَعَيَّنَ الْإِحْرَامُ مِنْ الْمِيقَاتِ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَهُوَ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا رَجَعَ إلَيْهِ مُحْرِمًا كَانَ كَمَنْ أَحْرَمَ مِنْهُ وَلَا خِلَافَ أَنَّ مَنْ أَحْرَمَ مِنْهُ يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ بِالْقَضَاءِ مِنْهُ وَمَحَلُّهَا أَيْضًا كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْبَغَوِيّ فِيمَنْ رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ ثُمَّ عَادَ وَمَرَّ بِالْمِيقَاتِ مُرِيدًا لِلنُّسُكِ فَإِنْ اسْتَمَرَّ مُقِيمًا إلَى قَابِلِ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ مَكَانِ إحْرَامِهِ بِالْأَدَاءِ قَطْعًا ثُمَّ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِيمَا احْتَجَّ بِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمُفْسِدَ إنْ رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ -
ــ
[حاشية العبادي]
وَرَدَّ بَعْضُهُمْ دَعْوَى الْمُهِمَّاتِ الْمُنَافَاةُ الْمَذْكُورَةِ بِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلتَّعْيِينِ إلَّا مَنْعُ الْمَكِّيِّ مِنْ أَنْ يُحْرِمَ عَنْ الْآفَاقِيِّ مِنْ مَكَّةَ لَا مَنْعُ الْآفَاقِيِّ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ أَقْرَبَ لِمَا سَيَأْتِي بِأَعْلَى هَامِشِ الْآتِيَةِ مِنْ فَرْقٍ بَيْنَهُمَا وَحُمِلَ مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ وَصَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَالْغَزَالِيُّ عَلَى الْمَكِّيِّ الْمَذْكُورِ وَلَا يَخْفَى مَا فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَيَتَعَيَّنُ مِيقَاتُ بَلَدِهِ إلَخْ) أَيْ: وَلَهُ الْعُدُولُ إلَى غَيْرِهِ أَيْ: مِيقَاتِ الْمُكْتَرِي كَمَا قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَلِلْأَجِيرِ الْعُدُولُ أَيْ: عَنْ الْمِيقَاتِ الشَّرْعِيِّ إلَى مِثْلِهِ وَأَطْوَلُ. اهـ. أَيْ: وَإِلَى أَقْصَرَ كَمَا عَبَّرَ بِهِ بَعْدُ بِقَوْلِهِ وَلَوْ عَدَلَ عَنْ طَرِيقِ الْمِيقَاتِ الْمُعَيَّنِ أَيْ: بِالشَّرْطِ، أَوْ الشَّرْعِ إلَى طَرِيقِ مِيقَاتٍ آخَرَ وَأَحْرَمَ مِنْهُ وَهُوَ دُونَ الْمُعَيَّنِ مَسَافَةً جَازَ وَلَا دَمَ وَلَا حَطَّ أَيْ: عَلَى الْأَصَحِّ الْمَنْصُوصِ وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ. اهـ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَعَلَيْهِ فَلَوْ اُسْتُؤْجِرَ مَكِّيٌّ عَنْ آفَاقِيٍّ وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهُ الْمُؤَجِّرُ مِيقَاتًا جَازَ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ عَنْهُ مِنْ مَكَّةَ وَلَا يُكَلِّفُ الْعُدُولَ عَنْهَا وَرُدَّ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا سَلَكَ الْأَجِيرُ طَرِيقَ مَكَّةَ لَكِنْ عَدَلَ إلَى طَرِيقٍ آخَرَ مِيقَاتُهُ أَقْرَبُ فَلَمْ يَتَوَفَّرُ عَلَيْهِ إلَّا صِفَةُ الْإِحْرَامِ مِنْ الْأَبْعَدِ وَهِيَ لَا تُقَابَلُ بِشَيْءٍ مَعَ مَا قَرَّرُوهُ مِنْ أَنَّ الشَّرْعَ أَقَامَ بَعْضَ الْمَوَاقِيتِ مَقَامَ بَعْضٍ وَأَمَّا قَطْعُ الْمَسَافَةِ فَهِيَ مَوْجُودَةٌ فِيهِمَا، وَالْمَكِّيّ الْمُسْتَأْجَرُ عَنْ آفَاقِيٍّ لَمْ يَقْطَعْ شَيْئًا مِنْ الْمَسَافَةِ الْمَقْصُودِ قَطْعُهَا بِالنَّظَرِ إلَى الْمَحْجُوجِ عَنْهُ فَلَزِمَهُ الدَّمُ، وَالْحَطُّ
(قَوْلُهُ: فَلَا يَتَعَيَّنُ إلَخْ) لَوْ عَيَّنَ الْمِيقَاتَ فَالْوَجْهُ التَّعَيُّنُ قُلْته بَحْثًا وَمَعْنَى كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ إذَا عَيَّنَ مِثْلِ الْمِيقَاتِ فَلَا يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ الْمَكَانُ بَلْ لَهُ الْإِحْرَامُ مِنْ الْمِيقَاتِ لَكِنْ هَلْ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ أَبْعَدَ مِنْ ذَلِكَ الظَّاهِرُ الْجَوَازُ بِرّ لَكِنَّ قَوْلَهُ بَلْ لَهُ الْإِحْرَامُ مِنْ الْمِيقَاتِ هَلْ، أَوْ مِنْ مِثْلِ مَسَافَةِ الْمُعَيَّنِ وَقَوْلُهُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ أَبْعَدَ ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الْأَبْعَدُ لَيْسَ مِيقَاتًا مَعَ أَنَّ الْإِحْرَامَ قَبْلَ الْمِيقَاتِ مَفْضُولٌ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: بَلْ لَا يَجُوزُ الْإِحْرَامُ مِنْ الْأَقْرَبِ) شَامِلٌ لِاسْتِئْجَارِ الْمَكِّيِّ عَنْ الْآفَاقِيِّ لِيُحْرِمَ مِنْ مَكَّةَ وَهُوَ مَا اعْتَمَدَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَإِنَّهُ لَمَّا قَالَ الرَّوْضُ: وَإِنْ اسْتَأْجَرَ الْآفَاقِيَّ لِيُحْرِمَ مِنْ مَكَّةَ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ لِحُرْمَةِ مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ رَوْضٌ قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَتَخْصِيصُهُ الْأَجِيرَ بِالْآفَاقِيِّ مِنْ تَصَرُّفِهِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَجْرِي فِي الْمَكِّيِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِمِيقَاتِ الْمُسْتَأْجِرِ وَلِهَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَ آفَاقِيٌّ مَكِّيًّا لِلتَّمَتُّعِ لَزِمَهُ دَمٌ وَلَا نَظَرَ إلَى كَوْنِ الْآتِي بِهِ مَكِّيًّا نَقَلَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ عَنْ الْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ. اهـ. (قَوْلُهُ: بَلْ يَتَعَيَّن) أَيْ: الْإِحْرَامُ مِنْ الْمِيقَاتِ
(قَوْلُهُ: فِي الثَّانِيَةِ) يَعْنِي قَوْلَهُ، أَوْ غَيْرَ مُسِيءٍ (قَوْلُهُ بَلْ يَكْفِيهِ) أَيْ: فِي الْأُولَى (قَوْلُهُ: وَبِالْعُمْرَةِ) أَيْ: فِي الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: تَعَيُّنِهِ) أَيْ: تَعَيُّنِ ذَلِكَ أَيْ الْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ
(قَوْلُهُ: تَعَيَّنَ الْإِحْرَامُ مِنْ الْمِيقَاتِ) أَيْ: جَزْمًا (قَوْلُهُ: بِالْأَدَاءِ قَطْعًا) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ وَلَا بِالْعُمْرَةِ مِنْ أَدْنَى الْحِلِّ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ فِيمَا احْتَجَّ بِهِ) أَيْ: بِقَوْلِهِ وَلِهَذَا إلَخْ (قَوْلُهُ: مَحَلُّ وِفَاقٍ) أَيْ: لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الِاحْتِجَاجَ بِالْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: مِنْ الْمِيقَاتِ) أَيْ: مِيقَاتِ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ
(قَوْلُهُ: لَكِنْ يَقَعُ النُّسُكُ إلَخْ) اُنْظُرْ عَلَى مَنْ يَجِبُ الدَّمُ لِلْمُجَاوَزَةِ وَهَلْ هُوَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لِإِذْنِهِ فِيهِ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْقِرَانِ. اهـ. ثُمَّ رَأَيْت صَاحِبَ الْعُبَابِ قَالَ فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ الْوَلِيُّ: يُحْرِمُ عَنْهُ بَعْدَ مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ مَا نَصُّهُ، وَالدَّم عَلَى الْوَلِيِّ قَالَ شَارِحُهُ: وَمِثْلُ الْوَلِيِّ فِي ذَلِكَ الْمَعْضُوبُ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي وَرَّطَهُ فِيهِ كَذَا نَقَلَهُ الدَّارِمِيُّ عَنْ ابْنِ الْقَطَّانِ وَنَقَلَ أَيْضًا عَنْ ابْنِ الْمَرْزُبَانِ أَنَّهُ عَلَى الْأَجِيرِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي مُبَاشِرِ الْحَرَامِ أَنَّ عَلَيْهِ آثَارَهُ
(قَوْلُهُ: بَلْ يَتَعَيَّنُ) أَيْ: الْمِيقَاتُ أَوْ مِثْلُ مَسَافَتِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: تَعَيَّنَ الْإِحْرَامُ مِنْ الْمِيقَاتِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّهُ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ مِيقَاتَهُ حَيْثُ أَحْرَمَ فَعَوْدُهُ لَا يُخْرِجُ الْأَوَّلَ عَنْ كَوْنِهِ مِيقَاتَهُ لِذَلِكَ الْإِحْرَامِ فَيَنْبَغِي الْقَضَاءُ عَلَى الْخِلَافِ وَلَوْ سُلِّمَ لَكَانَ مُقْتَضَاهُ الْفَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَعُودَ قَبْلَ التَّلَبُّسِ بِنُسُكٍ أَمْ لَا. اهـ. نَاشِرِيٌّ (قَوْلُهُ:
ثُمَّ عَادَ وَمَرَّ بِالْمِيقَاتِ فَيَنْبَغِي جَرَيَانُ خِلَافٍ فِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ بِالْقَضَاءِ مِنْهُ، أَوْ لَا وَإِنْ اسْتَمَرَّ مُقِيمًا فَلَهُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ مَكَانِ إحْرَامِهِ بِالْأَدَاءِ قَطْعًا كَمَا أَنَّ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ فِي تِلْكَ مِنْ مَكَانِ إحْرَامِهِ بِالْأَدَاءِ قَطْعًا وَبِالْجُمْلَةِ مَا صَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ فِي تِلْكَ أَقْوَى مَعْنَى وَإِلَّا فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا احْتَجَّ بِهِ فِي الْكَبِيرِ فَتَأَمَّلْ وَقَدْ يَخْتَارُ الشِّقَّ الْأَوَّلَ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّهُ فِي تِلْكَ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ بِلَا إحْرَامٍ بِخِلَافِهِ فِيمَا احْتَجَّ بِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ سُلُوكُ الطَّرِيقِ الَّذِي سَلَكَهُ فِي الْأَدَاءِ وَلَا إحْرَامُهُ فِي زَمَنِ الْإِحْرَامِ بِهِ كَمَا أَفْهَمَهُمَا كَلَامُ النَّظْمِ كَأَصْلِهِ لِعُسْرِ انْضِبَاطِ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْمَكَانِ
وَاسْتَثْنَى فِي الْمَجْمُوعِ الْأَجِيرَ فَيَلْزَمُهُ رِعَايَةُ زَمَانِ الْأَدَاءِ وَمَكَانِ الْإِحْرَامِ (لِغَيْرِهِمْ) أَيْ: لِغَيْرِ الْمَذْكُورِينَ بِأَنْ لَمْ يَمُرَّ بِمِيقَاتٍ وَلَمْ يُحَاذِهِ وَلَمْ يَكُنْ سَكَنَهُ دُونَهُ (مِنْ رِحْلَتَيْنِ) أَيْ: مَرْحَلَتَيْنِ إلَى مَكَّةَ فَإِنَّهُمَا أَقَلُّ مَسَافَةِ الْمَوَاقِيتِ
(وَانْعَقَدْ) أَيْ: الْإِحْرَامُ بِمَعْنَى الدُّخُولِ فِي النُّسُكِ (بِنِيَّةٍ) وَإِنْ لَمْ يُلَبِّ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ لَا يَجِبُ فِي أَثْنَائِهَا وَآخِرِهَا نُطْقٌ فَكَذَا فِي أَوَّلِهَا كَالطُّهْرِ، وَالصَّوْمِ وَلَوْ أَحْرَمَ مُجَامِعًا فَثَلَاثَةُ، أَوْجُهٍ بِلَا تَرْجِيحٍ فِي الرَّافِعِيِّ فِي مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ أَحَدُهَا يَنْعَقِدُ صَحِيحًا فَإِنْ نَزَعَ حَالًا فَذَاكَ وَإِلَّا فَسَدَ نُسُكُهُ وَبِهِ جَزَمَ هُنَا وَأَطْلَقَ الِانْعِقَادَ فِي بَابِ الْمَوَاقِيتِ وَهُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ ثَانِيهَا يَنْعَقِدُ فَاسِدًا فَيَمْضِي فِيهِ وَيَقْضِي وَيُكَفِّرُ إنْ مَكَثَ، ثَالِثَهَا وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا لَا يَنْعَقِدُ أَصْلًا كَالصَّلَاةِ مَعَ الْحَدَثِ
وَالْإِحْرَامُ يَصِحُّ مُفَصَّلًا لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «مَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ أَنْ يُهِلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ فَلْيُهِلَّ وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُهِلَّ بِحَجٍّ فَلْيُهِلَّ وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيُهِلَّ» وَمُطْلَقًا بِأَنْ يَنْوِيَ الْإِحْرَامَ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ نُسُكٍ مُعَيَّنٍ لِخَبَرِ الشَّافِعِيِّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ مُهِلِّينَ يَنْتَظِرُونَ الْقَضَاءَ أَيْ: نُزُولَ الْوَحْيِ فَأَمَرَ
ــ
[حاشية العبادي]
(قَوْلُهُ: أَنْ يُحْرِمَ فِي تِلْكَ) أَيْ: وَهِيَ الْمُحْتَجُّ عَلَيْهَا وَهُوَ أَنْ يُجَاوِزَ الْمِيقَاتَ فِي الْأَدَاءِ غَيْرَ مُسِيءٍ (قَوْلُهُ: بِالْأَدَاءِ قَطْعًا) أَيْ: فِيمَا إذَا اسْتَمَرَّ مُقِيمًا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَسْتَمِرَّ بَلْ رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ إذْ لَا قَطْعَ فِي ذَلِكَ بَلْ هُوَ مَحَلُّ خِلَافٍ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ مَفْهُومِ كَلَامِ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ مَحَلُّ الْوَجْهَيْنِ (قَوْلُهُ: وَبِالْجُمْلَةِ) أَيْ: سَوَاءٌ عَوَّلْنَا عَلَى هَذَا النَّظَرِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ، أَوْ بِالْجُمْلَةِ) أَيْ: سَوَاءٌ ثَبَتَ أَنَّ مَا احْتَجَّ بِهِ مَحَلُّ وِفَاقٍ، أَوْ مَحَلُّ خِلَافٍ وَقَوْلُهُ وَقَدْ يَخْتَارُ إلَخْ بَيَانٌ لِلْفَرْقِ الَّذِي اسْتَشْكَلَهُ وَطَلَبَهُ بِقَوْلِهِ وَإِلَّا فَمَا الْفَرْقُ مَعَ الْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ عَلَى تَقْدِيرِ اخْتِيَارِ الشِّقِّ الْأَوَّلِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: فِي تِلْكَ أَقْوَى) أَيْ: الْمُحْتَجُّ عَلَيْهَا وَهَذَا الْفَرْقُ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ فِيمَا احْتَجَّ بِهِ لَا يَجِبُ الْإِحْرَامُ مِنْ الْمِيقَاتِ مَعَ فَرْضِ الْمُرُورِ بِهِ (قَوْلُهُ الْأَجِيرَ) أَيْ: لِلْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: زَمَانِ الْأَدَاءِ) اُنْظُرْ الْمُرَادَ بِهِ وَهَلْ يَشْمَلُ كَوْنَهَا نَهَارًا، أَوْ لَيْلًا وَكَوْنَهُ بَيْنَ الْفَجْرِ، وَالشَّمْسِ وَبَيْنَ الظُّهْرِ، وَالْعَصْرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ
(قَوْلُهُ: وَمَكَانُ الْإِحْرَامِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ مَكَانُ الْإِحْرَامِ بِالْأَدَاءِ عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَفِي الْقَضَاءِ أَرْضُ الْأَدَاءِ إلَخْ مَعَ شَرْحِهِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُحَاذِهِ) لَا يُقَالُ الْمَوَاقِيتُ مُسْتَغْرِقَةٌ لِجِهَاتِ مَكَّةَ فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ عَدَمُ مُحَاذَاةِ الْمِيقَاتِ فَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ عَدَمُ الْمُحَاذَاةِ فِي ظَنِّهِ دُونَ نَفْسِ الْأَمْرِ لِأَنَّا نَقُولُ يُتَصَوَّرُ بِالْجَائِي مِنْ سَوَاكِنَ إلَى جَدَّةَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَمُرَّ بِرَابِغٍ وَلَا يَلَمْلَمُ؛ لِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ أَمَامَهُ فَيَصِلُ جَدَّةَ قَبْلَ مُحَاذَاتِهِمَا وَهِيَ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ فَتَكُونُ هِيَ مِيقَاتَهُ ح ج
(قَوْلُهُ: لَا يَنْعَقِدُ) وَإِنْ نَسِيَ، أَوْ جَهِلَ وَعُذِرَ حِينَئِذٍ وَنَعَمْ إنْ أَحْرَمَ حَالَ كَوْنِهِ نَازِعًا أَيْ: قَاصِدًا التَّرْكَ فَالْمُعْتَمَدُ انْعِقَادُهُ صَحِيحًا م ر (قَوْلُهُ كَالصَّلَاةِ مَعَ الْحَدَثِ) مَعَ ضَعْفِ الِابْتِدَاءِ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْمَعْذُورُ هُنَا كَغَيْرِهِ بِخِلَافِ الْأَثْنَاءِ ح د
ــ
[حاشية الشربيني]
فِي تِلْكَ) أَيْ: الثَّالِثَةِ (قَوْلُهُ: أَقْوَى) أَيْ: مِنْ غَيْرِ الْمُصَحَّحِ
(قَوْلُهُ: وَمَكَانُ الْإِحْرَامِ) عُطِفَ عَلَى زَمَانِ الْأَدَاءِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ شَرْحُ الْإِرْشَادِ وَقِيلَ هُوَ دُخُولٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِغَيْرِهِمْ
(قَوْلُهُ: وَانْعَقَدَ بِنِيَّةٍ) وَإِنْ لَمْ يُلَبِّ يَعْنِي أَنَّ النِّيَّةَ كَافِيَةٌ فِي انْعِقَادِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّلْبِيَةُ كَمَا قِيلَ بِهِ (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى الدُّخُولِ فِي النُّسُكِ بِنِيَّةٍ) فَنِيَّةُ الدُّخُولِ مِنْ بَابِ الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ وَهُوَ الرُّكْنُ وَأَمَّا نَفْسُ الدُّخُولِ فِي النُّسُك بِالنِّيَّةِ فَهُوَ الْحَالَةُ الْحَاصِلَةُ الْمُتَرَتَّبَةُ عَلَيْهَا وَهِيَ الْمُرَادَةُ فِي قَوْلِهِمْ الْإِحْرَامُ يَبْطُلُ بِالرِّدَّةِ وَيَفْسُدُ بِالْجِمَاعِ وَتَحْرُمُ بِهِ مُحَرَّمَاتُ الْإِحْرَامِ وَهَذَا مِنْ بَابِ الْحَاصِلِ بِالْمَصْدَرِ قَالَهُ الْمَدَنِيُّ فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ حَجَرٍ لِبَافَضْلٍ وَبِهِ يَنْدَفِعُ تَوَقُّفُ سم فِي حَاشِيَةِ التُّحْفَةِ حَيْثُ قَالَ: اُنْظُرْ مَا هُوَ النُّسُكُ الَّذِي يَدْخُلُ فِيهِ بِالنِّيَّةِ (قَوْلُهُ: خَرَجَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ مُهِلِّينَ يَنْتَظِرُونَ الْقَضَاءَ) أَيْ: فِي تِلْكَ السَّنَةِ بِعَيْنِهَا الَّتِي قَالَ فِيهَا صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ أَنْ يُهِلَّ» وَقَدْ كَانَ صلى الله عليه وسلم أَحْرَمَ بِحَجٍّ وَخَيَّرَهُمْ فِي إحْرَامِهِمْ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ أَنْ يُهِلَّ» إلَخْ فِيمَا يَفْعَلُونَهُ إذَا أَحْرَمُوا لَكِنَّهُمْ لَمَّا أَحْرَمُوا أَطْلَقُوا فَأَمْرُهُ صلى الله عليه وسلم أَبَا مُوسَى رضي الله عنه بِعَمَلِ عُمْرَةٍ فَسْخًا لِلْحَجِّ لِانْعِقَادِ إحْرَامِهِ حَجًّا خُصُوصِيَّةٌ لِأَبِي مُوسَى وَدَلِيلُ التَّخْصِيصِ خَبَرُ أَبِي دَاوُد عَنْ «الْحَارِثِ بْنِ بِلَالٍ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ فَسْخَ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ لَنَا خَاصَّةً أَمْ لِلنَّاسِ عَامَّةً فَقَالَ: بَلْ لَكُمْ خَاصَّةً» ، وَالسَّبَبُ فِيهِ وَفِي إدْخَالِهِ صلى الله عليه وسلم الْعُمْرَةَ عَلَى الْحَجِّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ بَيَانُ بُطْلَانِ اعْتِقَادِ الْجَاهِلِيَّةِ أَنَّ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ أَفْجَرِ الْفُجُورِ وَقَدْ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِي إحْرَامِهِ صلى الله عليه وسلم فِي تِلْكَ السَّنَةِ فَرُوِيَ أَنَّهُ «كَانَ مُفْرِدًا» وَرُوِيَ أَنَّهُ «كَانَ قَارِنًا» وَرُوِيَ أَنَّهُ «كَانَ مُتَمَتِّعًا» وَرُوَاةُ الْكُلِّ ثِقَاتٌ وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي الْمَجْمُوعِ بِمَا حَاصِلُهُ مَعَ زِيَادَةٍ عَلَيْهِ أَنَّ الصَّوَابَ الَّذِي نَعْتَقِدُهُ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَحْرَمَ بِالْحَجِّ أَوَّلًا، ثُمَّ أَدْخَلَ عَلَيْهِ الْعُمْرَةَ لِمَا مَرَّ فَعُمْدَةُ رُوَاةِ الْإِفْرَادِ وَهُمْ الْأَكْثَرُونَ أَوَّلَ الْأَمْرِ وَعُمْدَةُ
مَنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ أَنْ يَجْعَلَ إحْرَامَهُ عُمْرَةً وَمَنْ مَعَهُ هَدْيٌ أَنْ يَجْعَلَهُ حَجًّا» وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ «أَبِي مُوسَى أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِي: بِمَ أَهْلَلْت فَقُلْتُ لَبَّيْتُ بِإِهْلَالٍ كَإِهْلَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: قَدْ أَحْسَنْت طُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا، وَالْمَرْوَةِ وَأَحِلَّ» وَيُفَارِقُ الصَّلَاةُ حَيْثُ لَا يَجُوزُ الْإِحْرَامُ بِهَا مُطْلَقًا بِأَنَّ التَّعْيِينَ لَيْسَ شَرْطًا فِي انْعِقَادِ النُّسُكِ وَلِهَذَا لَوْ أَحْرَمَ بِنُسُكِ نَفْلٍ وَعَلَيْهِ نُسُكُ فَرْضٍ انْصَرَفَ إلَى الْفَرْضِ كَمَا مَرَّ
فَإِنْ أَحْرَمَ مُفَصِّلًا وَهُوَ أَوْلَى لِيُعْرَفَ مَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْإِخْلَاصِ فَذَاكَ، أَوْ مُطْلَقًا عَيَّنَهُ كَمَا قَالَ (وَإِنْ لِتَفْصِيلٍ) بِزِيَادَةِ اللَّامِ لِتَقْوِيَةِ الْعَامِلِ الْمُؤَخَّرِ وَهُوَ (فَقَدْ) كَقَوْلِهِ تَعَالَى {لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} [يوسف: 43] أَيْ: وَإِنْ فُقِدَ التَّفْصِيلُ بِأَنْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا (نَحْوُ) أَحْرَمْتُ (كَإِحْرَامِك) يَا زَيْدُ مَثَلًا عَيَّنَ لِمَا شَاءَ كَمَا سَيَأْتِي سَوَاءٌ كَانَ زَيْدٌ مُحْرِمًا وَلَوْ إحْرَامًا فَاسِدًا أَمْ لَا عَلِمَ عَدَمَ إحْرَامِهِ حِينَئِذٍ، أَوْ لَا لِجَزْمِهِ بِالْإِحْرَامِ (لَا إنْ أَنْشَا) زَيْدٌ إحْرَامَهُ (مُفَصَّلًا) فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ لِلْآخَرِ مُفَصَّلًا كَإِحْرَامِ زَيْدٍ نَعَمْ إنْ كَانَ زَيْدٌ كَافِرًا وَأَتَى بِصُورَةِ إحْرَامٍ مُفَصَّلٍ فَلَا يَتْبَعُهُ الْآخَرُ فِي التَّفْصِيلِ عَلَى الصَّوَابِ فِي الرَّوْضَةِ بَلْ يَنْعَقِدُ مُطْلَقًا (عَيَّنَ) جَوَابُ الشَّرْطِ كَمَا تَقَرَّرَ أَيْ: عَيَّنَ إحْرَامَهُ الْوَاقِعَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ إذَا لَمْ يَفُتْ وَقْتُهُ (عَنْ أَيٍّ شَا) مِنْ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ وَقِرَانٍ وَلَا يَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ إلَى مَا صَرَفَهُ إلَيْهِ زَيْدٌ وَيُعْتَبَرُ التَّعْيِينُ (بِنِيَّةٍ) فَلَا يَكْفِي التَّعْيِينُ بِاللَّفْظِ وَلَا الْعَمَلُ بِدُونِ تَعْيِينٍ فَإِنْ كَانَ إحْرَامُهُ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ انْعَقَدَ عُمْرَةً فَلَا يَصْرِفُهُ إلَى الْحَجِّ وَإِنْ دَخَلَ وَقْتُهُ، أَوْ فِيهَا، لَكِنْ فَاتَ وَقْتُ الْحَجِّ قَالَ الرُّويَانِيُّ: صَرَفَهُ إلَى الْعُمْرَةِ وَالْقَاضِي يَحْتَمِلُ أَنْ يَتَعَيَّنَ عُمْرَةً وَأَنْ يَبْقَى مُبْهَمًا فَإِنْ عَيَّنَهُ لِعُمْرَةٍ فَذَاكَ، أَوْ لِحَجٍّ فَكَمَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ فَلَوْ ضَاقَ وَقْتُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: فَالْمُتَّجِهُ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ أَنَّ لَهُ صَرْفَهُ إلَى مَا شَاءَ وَيَكُونُ كَمَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ
وَدَخَلَ فِي كَلَامِ النَّظْمِ مَا إذَا أَنْشَأَهُ زَيْدٌ مُطْلَقًا ثُمَّ فَصَّلَهُ ثُمَّ أَحْرَمَ آخَرُ كَإِحْرَامِهِ فَيَنْعَقِدُ لَهُ مُطْلَقًا نَظَرًا إلَى أَوَّلِ الْإِحْرَامِ إلَّا أَنْ يَزِيدَ كَإِحْرَامِهِ بَعْدَ تَعْيِينِهِ (وَإِنْ وَجَدْت الْأَوَّلَا) أَيْ: زَيْدًا (أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ ثُمَّ أَدْخَلَا) عَلَيْهَا (حَجًّا فَذَا) أَيْ: الثَّانِي (إحْرَامُهُ بِالْعُمْرَهْ) نَظَرَ إلَى
ــ
[حاشية العبادي]
(قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا يَجُوزُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ حَاصِلُ قَوْلِهِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ الْإِحْرَامُ بِهَا مُطْلَقًا وَمَآلُهُ حَيْثُ يَجِبُ التَّعْيِينُ فِيهَا فَيَصِيرُ حَاصِلُ الْكَلَامِ إنَّمَا وَجَبَ التَّعْيِينُ فِي الصَّلَاةِ دُونَ النُّسُكِ لِأَنَّ التَّعْيِينَ لَيْسَ شَرْطًا فِي النُّسُكِ بِخِلَافِهَا وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَإِنَّهُ فَرَّقَ بِصُورَةِ الْحُكْمِ وَلَوْ سُلِّمَ لَمْ تَنْدَفِعْ مَادَّةُ السُّؤَالِ إذْ لِلسَّائِلِ أَنْ يَعُودَ وَيَقُولَ لِمَ كَانَ التَّعْيِينُ شَرْطًا فِيهَا دُونَهُ
(قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ أَقْرَبُ) يُحَرَّرُ وَجْهُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ فِيهَا لَكِنْ فَاتَ إلَخْ) لَوْ أَفْسَدَ إحْرَامَهُ بِالْجِمَاعِ قَبْلَ الصَّرْفِ فَالْوَجْهُ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ الرُّويَانِيِّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ صَرْفِهِ إلَى الْعُمْرَةِ، ثُمَّ يُتِمُّ أَعْمَالَهَا وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَلَا يَصِحُّ إتْيَانُهُ بِشَيْءٍ مِنْ أَعْمَالِهَا قَبْلَ الصَّرْفِ م ر (قَوْلُهُ: قَالَ الرُّويَانِيُّ إلَخْ) قَضِيَّةُ صَنِيعِ الشَّارِحِ كَمَا تَرَى أَنَّ الرُّويَانِيَّ لَمْ يَتَكَلَّمْ فِي مَسْأَلَةِ ضِيقِ الْوَقْتِ الْآتِيَةِ وَاَلَّذِي فِي الْقُوتِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الرُّويَانِيَّ ذَكَرَ مَسْأَلَةَ الضِّيقِ، وَالْفَوَاتِ وَقَالَ فِيهِمَا مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِرّ (قَوْلُهُ صَرَفَهُ إلَى الْعُمْرَةِ) فَلَا يَنْصَرِفُ إلَيْهَا بِنَفْسِهِ وَلَا يَجُوزُ صَرْفُهُ لِلْحَجِّ م ر
(قَوْلُهُ: فَالْمُتَّجِهُ وَهُوَ مُقْتَضَى إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: وَإِنْ وُجِدَتْ الْأَوَّلَا إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: فَإِنْ أَخْبَرَهُ أَيْ: زَيْدٌ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ عَمِلَ بِهِ
ــ
[حاشية الشربيني]
رُوَاةِ الْقِرَانِ آخِرَهُ وَمَعْنَى خَبَرِ الْبُخَارِيِّ «أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِّي وَقَالَ: صَلِّ فِي هَذَا الْوَادِي الْمُبَارَكِ وَقُلْ عُمْرَةً فِي حَجَّةٍ» الْإِذْنُ فِي إدْخَالِ الْعُمْرَةِ عَلَى الْحَجِّ بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِهِ مُفْرِدًا
لِلْمَصْلَحَةِ
وَمَنْ رَوَى أَنَّهُ كَانَ مُتَمَتِّعًا أَرَادَ التَّمَتُّعَ اللُّغَوِيَّ وَهُوَ الِانْتِفَاعُ وَقَدْ انْتَفَعَ بِالِاكْتِفَاءِ بِفِعْلٍ وَاحِدٍ. اهـ. مِنْ ق ل وَشَيْخِنَا ذ، وَالْمَجْمُوعِ وَشَرْحِ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ
(قَوْلُهُ: «فَأَمَرَ مَنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ» إلَخْ) فِي رِوَايَةِ أُخْرَى «لَوْ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا أَهْدَيْتُ وَلَجَعَلْتهَا عَمْرَةً فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحْلِلْ وَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً» قَالَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: قَالَ الْقَاضِي: ظَاهِرُ الْخَبَرِ مِنْ أَنَّ الْإِهْدَاءَ يَمْنَعُ الِاعْتِمَارَ غَيْرُ مُرَادٍ إجْمَاعًا. اهـ. وَقَالَ فِي التُّحْفَةِ مَا حَاصِلُهُ إنَّمَا أَمَرَ مَنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ بِفَسْخِهِ إلَى الْعُمْرَةِ لِيَكُونَ الْمَفْضُولُ وَهُوَ عَدَمُ الْهَدْيِ لِلْمَفْضُولِ وَهُوَ الْعُمْرَةُ لَا أَنَّ الْهَدْيَ يَمْنَعُ الِاعْتِمَارَ أَوْ عَكْسُهُ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَجْعَلَ إلَخْ) أَيْ: يَصْرِفَ (قَوْلُهُ: وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ إلَخْ) الْوَاقِعُ مِمَّنْ أَحْرَمَ كَإِحْرَامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إبْهَامٌ لَكِنْ يُعْلَمُ مِنْهُ جَوَازُ الْإِطْلَاقِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ
(قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا يَجُوزُ إلَخْ) أَيْ: لَا يَصِحُّ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ إحْرَامًا فَاسِدًا) وَلَوْ كَانَ هُوَ يُعْلَمُ حَالُ زَيْدٍ؛ لِأَنَّهُ قُيِّدَ بِصِفَةٍ فَإِذَا بَطَلَتْ بَقِيَ أَصْلُ الْإِحْرَامِ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَأَتَى بِصُورَةِ إحْرَامٍ) إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ فِي الْكَافِرِ بِخِلَافِ الْمُسْلِمِ يَنْعَقِدُ لَهُ مُطْلَقًا وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ غَيْرُ مُحْرِمٍ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ مِنْ أَهْلِ الْإِحْرَامِ فَكَانَتْ النِّيَّةُ مَعَ التَّشْبِيهِ جَازِمَةً فَصَحَّتْ وَأُلْغِي فَاسِدُهَا بِخِلَافِ الْكَافِرِ فَلَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ فَلَا جَزْمَ بِالنِّيَّةِ مَعَ الْعِلْمِ بِكُفْرِهِ إلَّا إنْ أَتَى بِصُورَةِ إحْرَامٍ وَإِلَّا كَانَتْ لَعِبًا. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ
(قَوْلُهُ: وَلَا الْعَمَلُ إلَخْ) نَعَمْ إنْ طَافَ قَبْلَ التَّعْيِينِ، ثُمَّ عَيَّنَهُ لِلْحَجِّ وَقَعَ طَوَافُهُ عَنْ الْقُدُومِ وَإِنْ كَانَ مِنْ سُنَنِ الْحَجِّ وَلَا يَكْفِي السَّعْيُ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ رُكْنٌ فَيُحْتَاطُ لَهُ وَإِنْ وَقَعَ تَبَعًا. اهـ. شَرْحُ م ر لِلْمِنْهَاجِ وَقَوْلُهُ: وَلَا يَكْفِي إلَخْ وَلَوْ كَانَ بَعْدَ التَّعْيِينِ لِلْحَجِّ كَمَا نَقَلَهُ الْمَدَنِيُّ عَنْ الشَّارِحِ الْمَذْكُورِ وَشَرْحِ خ ط (قَوْلُهُ: قَالَ الرُّويَانِيُّ) : هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا بِهَامِشٍ وَفِي شَرْحِ م ر مَا يُفِيدُ اعْتِمَادَهُ
(قَوْلُهُ:
أَوَّلِ الْإِحْرَامِ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُدْخِلَ عَلَيْهَا الْحَجَّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ كَإِحْرَامِهِ حَالًا وَكَذَا لَوْ أَحْرَمَ زَيْدٌ بِعُمْرَةٍ بِنِيَّةِ التَّمَتُّعِ فَإِحْرَامُ الْآخَرِ بِعُمْرَةٍ وَلَا يَلْزَمُهُ التَّمَتُّعُ وَلَوْ أَحْرَمَ كَإِحْرَامِ زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَإِحْرَامُهُمَا مُتَّفِقٌ كَانَ كَأَحَدِهِمَا وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا بِحَجٍّ، أَوْ قَارِنًا وَإِلَّا آخَرُ بِعُمْرَةٍ فَالْمُعَلَّقُ قَارِنٌ
(وَإِنْ يَكُنْ سُؤَالُهُ ذَا عُسْرَهْ)
أَيْ: وَإِنْ عَسُرَ سُؤَالُ زَيْدٍ عَمَّا أَحْرَمَ بِهِ لِمَوْتٍ، أَوْ جُنُونٍ، أَوْ غِيبَةٍ بَعِيدَةٍ، أَوْ نَحْوِهَا (أَوْ كَانَ) لِلْمُحْرِمِ (تَفْصِيلٌ فَلَمْ يَذَّكَّرْ)
أَيْ: فَشَكَّ فِيهِ قَبْلَ الطَّوَافِ وَلَوْ بَعْدَ الْوُقُوفِ (يُجْعَلْ) مَا أَحْرَمَ بِهِ فِي الصُّورَتَيْنِ (قِرَانًا) بِأَنْ يَنْوِيَهُ لِيَخْرُجَ عَنْ الْعُهْدَةِ كَمَا لَوْ شَكَّ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ وَلَا يَجِبُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا نِيَّتُهُ عَيْنًا بَلْ الْوَاجِبُ نِيَّتُهُ، أَوْ نِيَّةُ الْحَجِّ وَإِنَّمَا لَمْ يَتَحَرَّ؛ لِأَنَّهُ تَلَبَّسَ بِالْإِحْرَامِ يَقِينًا فَلَا يَتَحَلَّلُ إلَّا بِيَقِينِ الْإِتْيَانِ بِالْمَشْرُوعِ فِيهِ كَمَا لَوْ شَكَّ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ
ــ
[حاشية العبادي]
وَلَوْ ظَنَّ خِلَافَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ فَإِنْ بَانَ مُحْرِمًا بِحَجٍّ فَإِحْرَامُ عَمْرٍو بِحَجٍّ فَإِنْ كَانَ قَدْ فَاتَ الْوَقْتُ تَحَلَّلَ وَأَرَاقَ دَمًا وَلَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَى زَيْدٍ. اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: وَلَوْ أَخْبَرَهُ بِنُسُكٍ، ثُمَّ ذَكَرَ خِلَافَهُ فَإِنْ تَعَمَّدَ لَمْ يَعْمَلْ بِخَبَرِهِ الثَّانِي لِعَدَمِ الثِّقَةِ بِقَوْلِهِ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنَّهُ يَعْمَلُ بِهِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْفَوَاتِ وَجَبَ الْقَضَاءُ. اهـ. وَأَقُولُ قَوْلُهُ لَمْ يَعْمَلْ بِخَبَرِهِ الثَّانِي يُفْهِمُ أَنَّهُ يَعْمَلُ بِالْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُرِيدَ كَإِحْرَامِهِ حَالًا) قَضِيَّةُ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ إلَخْ أَنَّ الْمَعْنَى إلَّا أَنْ يُرِيدَ فَيَلْزَمُهُ الْإِدْخَالُ فَلَا بُدَّ مِنْ إدْخَالٍ لَكِنَّ قَضِيَّةَ إرَادَةِ التَّشْبِيهِ بِإِحْرَامِهِ حَالًا أَنْ يَصِيرَ قَارِنًا بِنَفْسِ الْإِحْرَامِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى إدْخَالٍ وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْلُ شَرْحِ الرَّوْضِ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ التَّشْبِيهَ بِهِ فِي الْحَالِ فِي الصُّورَتَيْنِ فَيَكُونُ فِي الْأُولَى وَهِيَ مَا لَوْ كَانَ زَيْدٌ صَرَفَهُ لِحَجٍّ حَاجًّا وَفِي الثَّانِيَةِ وَهِيَ مَا إذَا كَانَ زَيْدٌ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ أَدْخَلَ عَلَيْهَا الْحَجَّ قَارِنًا. اهـ. فَقَوْلُهُ فَيَكُونُ فِي الْأُولَى حَاجًّا إلَخْ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى إدْخَالٍ وَلَا صَرْفٍ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ الْوُقُوفِ) زِيَادَةٌ مُضِرَّةٌ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّهَا تُوهِمُ حُصُولَ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْحَجِّ بِمَا سَيَأْتِي وَإِنْ لَمْ يُعِدْ الْوُقُوفَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ الثَّانِي أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ أَعْنِي عُرُوضَ الشَّكِّ بَعْدَ الْوُقُوفِ وَقَبْلَ الطَّوَافِ سَيَذْكُرُ الشَّارِحُ أَيْ: بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَصَامَ لِلْعَدَمِ صَوْمَ تَمَتُّعٍ فَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ بِمَا ذَكَرَهُ هُنَا مَا سَيَذْكُرُهُ هُنَاكَ لَزِمَ التَّكْرَارُ وَإِلَّا لَزِمَ الْفَسَادُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِرّ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الطَّوَافِ) بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي وَإِنْ يَطُفْ فَيُشَكِّكُ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَنْوِيَهُ) أَيْ: أَوْ يَنْوِيَ الْحَجَّ كَمَا يَأْتِي صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يَكْفِي صَرْفُهُ إلَى الْقِرَانِ
ــ
[حاشية الشربيني]
إلَّا أَنْ يُرِيدَ كَإِحْرَامِهِ حَالًا) هَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا كَانَ إحْرَامُ الْبَانِي بَعْدَ إدْخَالِ الْأَوَّلِ فَإِنْ أَحْرَمَ قَبْلَ إدْخَالِهِ كَإِحْرَامِهِ حَالًا وَمَآلًا بِأَنْ قَصَدَ التَّشَبُّهَ بِهِ فِي حَالِ تَلَبُّسِهِ بِإِحْرَامِهِ الْحَاضِرِ، وَالْآتِي صَحَّ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَلَيْسَ فِيهِ مَعْنَى التَّعْلِيقِ بِمُسْتَقْبَلٍ؛ لِأَنَّهُ جَازِمٌ بِهِ فِي الْحَالِ وَلِأَنَّ ذَلِكَ يُغْتَفَرُ فِي الْكَيْفِيَّةِ لَا فِي الْأَصْلِ. اهـ. شَرْحُ م ر لِلْمِنْهَاجِ
(قَوْلُهُ: فَالْمُعَلَّقُ قَارِنٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: نَعَمْ إنْ كَانَ إحْرَامُهُمَا فَاسِدًا انْعَقَدَ إحْرَامُهُ مُطْلَقًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَوْ إحْرَامُ أَحَدِهِمَا فَقَطْ فَالْقِيَاسُ أَنَّ إحْرَامَهُ يَنْعَقِدُ صَحِيحًا فِي الصَّحِيحِ وَمُطْلَقًا فِي الْفَاسِدِ. اهـ.
وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَمُطْلَقًا فِي الْفَاسِدِ أَنَّ لَهُ صَرْفَهُ إلَى مَا شَاءَ فَإِنْ صَرَفَهُ لِحَجٍّ وَكَانَ إحْرَامُ الْآخَرِ الصَّحِيحِ بِحَجٍّ أَوْ لِعُمْرَةٍ وَكَانَ إحْرَامُ الْآخَرِ الصَّحِيحُ بِعُمْرَةٍ صَارَ كَمَا لَوْ أَحْرَمَ ابْتِدَاءً بِحَجَّتَيْنِ أَوْ عُمْرَتَيْنِ فَعَلَيْهِ حَجٌّ أَوْ عُمْرَةٌ وَاحِدَةٌ وَإِنْ صَرَفَهُ لِأَحَدِهِمَا وَكَانَ إحْرَامُ الْآخَرِ الصَّحِيحُ بِالْآخَرِ صَارَ قَارِنًا وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُون إحْرَامَ الْآخَرِ الصَّحِيحُ بِحَجٍّ فَيَصْرِفُهُ هَذَا الْمُطْلَقُ لِعُمْرَةٍ وَلَا يُقَالُ يَلْزَمُ إدْخَالُ الْعُمْرَةِ عَلَى الْحَجِّ كَمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُ الطَّلَبَةِ؛ لِأَنَّ الصَّرْفَ لَيْسَ ابْتِدَاءَ إحْرَامٍ فَإِنَّ الْإِحْرَامَ مُنْعَقِدٌ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ، وَالصَّرْفُ تَفْسِيرٌ لَهُ وَهَلْ يُجْزِئُهُ الْعَمَلُ قَبْلَ الصَّرْفِ نَظَرًا لِلْإِحْرَامِ الْآخَرِ الْمُعَيَّنِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْوَجْهُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ؛ لِأَنَّهُ إحْرَامٌ وَاحِدٌ وَلَمْ يَتَعَيَّنْ بِتَمَامِهِ. اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ
وَقَوْلُهُ أَوْ لِعُمْرَةٍ مِثْلُهُ مَا إذَا كَانَ الْإِحْرَامُ الصَّحِيحُ حِينَئِذٍ قِرَانًا تَدَبَّرْ
(قَوْلُهُ: ذَا عُسْرَةٍ) مُرَادُهُ بِالْعُسْرِ التَّعَذُّرُ كَمَا فِي الْإِرْشَادِ وَشَرْحِهِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: فَشَكَّ فِيهِ قَبْلَ الطَّوَافِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ يَشُكَّ قَبْلَ فِعْلِ شَيْءٍ مِنْ الْأَعْمَالِ أَوْ بَعْدَ الْوُقُوفِ وَقَبْلَ الطَّوَافِ أَوْ عَكْسُهُ أَوْ بَعْدَهُمَا مَعًا وَقَدْ ذَكَرَ أَحْكَامَهَا الشَّارِحُ. اهـ.
وَمِثْلُ الشَّكِّ فِي تَفْصِيلِهِ شَكُّهُ فِي نِيَّةِ غَيْرِهِ فِي هَذَا التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ لَكِنْ نَبَّهَ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْأَكْثَرِينَ مَنَعُوا جَرَيَانَ الْقَدِيمِ وَهُوَ الْقَوْلُ بِالتَّحَرِّي هُنَا؛ لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى الِاطِّلَاعِ عَلَى نِيَّةِ الْغَيْرِ. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَنْهَجِ سم (قَوْلُهُ: يُجْعَلُ قِرَانًا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: نِيَّةُ الْقِرَانِ أَوْلَى مِنْ نِيَّةِ الْحَجِّ لِتَبْرَأَ ذِمَّتُهُ مِنْهُمَا عَلَى وَجْهٍ. اهـ. فَإِنَّ لَنَا وَجْهًا بِجَوَازِ إدْخَالِ الْعُمْرَةِ عَلَى الْحَجِّ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الطَّوَافِ وَمُقَابِلُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَجُوزُ إدْخَالُهَا بَعْدَ الْوُقُوفِ وَقَبْلَ الشُّرُوعِ فِي التَّحَلُّلِ. اهـ. كَمَا فِي الرَّوْضَةِ
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ تَلَبَّسَ بِالْإِحْرَامِ يَقِينًا إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ يَتَحَرَّى إذَا جَهِلَ أَصْلَ إحْرَامِهِ لَكِنَّ عِبَارَةَ الْمَجْمُوعِ ظَاهِرَةٌ فِي خِلَافِهِ وَصَوَّبَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَا مَجَالَ لِلْعَلَامَةِ فِيهِ إذْ الْإِحْرَامُ أَمْرٌ قَلْبِيٌّ وَلِأَنَّهُ لَوْ عَلِمَ عَدَمَ إحْرَامِهِ انْعَقَدَ إحْرَامُهُ كَمَا مَرَّ فَهَذَا أَوْلَى وَأَمَّا التَّعْلِيلُ
فَإِنَّهُ لَا يَتَحَرَّى قَالُوا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْأَوَانِي أَنَّ أَدَاءَ الْعِبَادَةِ هُنَاكَ لَا يَحْصُلُ بِيَقِينٍ إلَّا بَعْدَ فِعْلِ مَحْظُورٍ وَهُوَ أَنْ يُصَلِّيَ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ، أَوْ يَسْتَعْمِلَ نَجِسًا فَلِذَلِكَ جَازَ التَّحَرِّي وَهُنَا يَحْصُلُ الْأَدَاءُ بِيَقِينٍ مِنْ غَيْرِ فِعْلِ مَحْظُورٍ (وَمِنْ الْحَجِّ) دُونَ الْعُمْرَةِ (بَرِيّ) بَعْدَ إتْيَانِهِ بِأَعْمَالِهِ؛ لِأَنَّهُ إمَّا مُحْرِمٌ بِهِ، أَوْ مُدْخِلُهُ عَلَى الْعُمْرَةِ بِخِلَافِ الْعُمْرَةِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مُحْرِمٌ بِالْحَجِّ وَيَمْتَنِعُ إدْخَالُ الْعُمْرَةِ عَلَيْهِ (وَلَا) عَلَيْهِ (دَمٌ) إذْ الْحَاصِلُ لَهُ الْحَجُّ فَقَطْ وَإِنْ نَوَى الْقِرَانَ فَلَا يَلْزَمُهُ دَمٌ لِلشَّكِّ فِي وُجُوبِهِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْقِرَانَ وَلَا الْحَجَّ بَلْ نَوَى الْعُمْرَةَ، أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَإِنْ أَتَى بِالْأَعْمَالِ كُلِّهَا حَصَلَ التَّحَلُّلُ وَلَا يَبْرَأُ مِنْ الْحَجِّ وَلَا الْعُمْرَةِ، أَوْ بِأَعْمَالِ الْعُمْرَةِ فَقَطْ لَمْ يَحْصُلْ التَّحَلُّلُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَلَمْ يُتِمَّ أَعْمَالَهُ
(تَنْبِيهٌ) تَعْبِيرُهُ كَأَصْلِهِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى بِالْعُسْرِ مُخَالِفٌ لِتَعْبِيرِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فَإِنَّهُمَا عَبَّرَا بِالتَّعَذُّرِ قَالَ ابْن الْمُقْرِي: وَهُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُسْتَفَادُ بِمُرَاجَعَتِهِ وَإِنْ قَرَنَ بَيَانَ حُكْمِ الدَّمِ الْمَشْكُوكِ فِي وُجُوبِهِ لِلْفُقَرَاءِ فَيَلْزَمُ الْبَحْث عَنْهُ وَيُسْتَفَادُ بِهَا أَيْضًا سُقُوطُ وُجُوبِ الْعُمْرَةِ عَنْهُ، لَكِنْ لَا يَلْزَمُ الْبَحْثُ عَنْهُ
(وَإِنْ يَطُفْ) مِنْ فَصْلِ إحْرَامِهِ (فَيَشْكُكْ) بِفَكِّ الْإِدْغَامِ لِلْوَزْنِ أَيْ: ثُمَّ يَشُكُّ فِيمَا أَحْرَمَ بِهِ (فَالسَّعْيُ، وَالْحَلْقُ وَ) بَعْدَهَا (الْإِحْرَام) بِدَرْجِ هَمْزَتِهِ (حُكِيَ) أَيْ: الْإِتْيَانَ بِالثَّلَاثَةِ (لَكِنْ) إحْرَامُهُ يَكُونُ (بِحَجٍّ وَبَرِي مِنْهُ) أَيْ: مِنْ الْحَجِّ بَعْدَ إتْيَانِهِ بِأَعْمَالِهِ؛ لِأَنَّهُ حَاجٌّ، أَوْ مُتَمَتِّعٌ لَكِنَّ الْحَلْقَ بِتَقْدِيرِ إحْرَامِهِ الْأَوَّلِ بِالْحَجِّ يَقَعُ قَبْلَ وَقْتِهِ فَقَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُمَا: يُفْتَى بِهِ تَرْخِيصًا؛ لِأَنَّ الْحَلْقَ يُبَاحُ بِالْعُذْرِ وَضَرَرُ الِاشْتِبَاهِ أَكْثَرُ إذْ يَفُوتُ بِهِ الْحَجُّ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْحَاوِي
قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَهُوَ الْأَصَحُّ الْمُخْتَارُ وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ: لَا يُفْتَى بِهِ، لَكِنَّهُ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ بَرِئَ مِنْ الْحَجِّ كَمَا لَا يُفْتِي صَاحِبُ لُؤْلُؤَةٍ ابْتَلَعَتْهَا دَجَاجَةُ غَيْرِهِ بِذَبْحِهَا وَلَا صَاحِبُ دَابَّةٍ تَقَابَلَتْ هِيَ وَدَابَّةٌ أُخْرَى عَلَى شَاهِقٍ وَتَعَذَّرَ مُرُورُهُمَا بِإِتْلَافِ دَابَّةِ الْآخَرِ، لَكِنَّهُمَا إنْ فَعَلَا ذَلِكَ لَزِمَ الْأَوَّلَ مَا بَيْنَ قِيمَتَيْ الدَّجَاجَةِ حَيَّةً وَمَذْبُوحَةً، وَالثَّانِيَ قِيمَةُ دَابَّةِ الْآخَرِ وَتَعْبِيرُ النَّظْمِ بِقَوْلِهِ حُكِيَ يُلَوِّحُ بِمُوَافَقَةِ الْأَكْثَرِينَ وَلَمْ يُرَجِّحْ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا شَيْئًا وَخَرَجَ بِالْحَجِّ الْعُمْرَةُ فَلَا
ــ
[حاشية العبادي]
أَوْ الْحَجِّ بِلَا نِيَّةٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ إحْرَامًا مُطْلَقًا حَتَّى يَكْفِيَ صَرْفُهُ لِذَلِكَ بَلْ هُوَ مُعَيَّنٌ فِي الْوَاقِعِ، وَالْغَرَضُ زِيَادَةُ التَّلَبُّسِ بِالْحَجِّ إنْ لَمْ يَكُنْ وَلَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ خِلَافًا لِمَا تَوَهَّمَهُ ضَعَفَةُ الطَّلَبَةِ (قَوْلُهُ: قَالُوا، وَالْفَرْقُ إلَخْ) يُحْتَمَلُ أَنَّ وَجْهَ التَّبَرِّي الَّذِي أَشْعَرَ بِهِ قَالُوا إنَّهُمْ جَوَّزُوا التَّحَرِّيَ هُنَاكَ مَعَ إمْكَانِ الْيَقِينِ فَإِنَّهُمْ جَوَّزُوا التَّحَرِّيَ بَيْنَ الْإِنَاءَيْنِ مَعَ وُجُودِ ثَالِثٍ مُتَيَقَّنِ الطَّهَارَةِ وَمَعَ إمْكَانِ خَلْطِهِمَا مَعَ بُلُوغِهِمَا قُلَّتَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَغَيُّرٍ وَجَوَّزُوهُ فِي الْقِبْلَةِ لِمَنْ بِمَكَّةَ مَثَلًا إذَا حَالَ حَائِلٌ مَعَ إمْكَانِ الْخُرُوجِ، أَوْ الصُّعُودِ لِرُؤْيَةِ الْكَعْبَةِ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ تَعَذُّرُ الْيَقِينِ فِي الْأَوَانِي، وَالْقِبْلَةِ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِهِ هُنَا فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: وَلَا يَبْرَأُ مِنْ الْحَجِّ) هُوَ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ نَظَرًا إلَى الظَّاهِرِ وَإِلَّا فَحَيْثُ أَتَى بِأَعْمَالٍ مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ نِيَّةٍ بَرِئَ مِنْ أَحَدِ النُّسُكَيْنِ عَلَى الْإِبْهَامِ قَطْعًا وَلَكِنْ لَمَّا لَمْ يَتَعَيَّنْ وَجَبَ الْإِتْيَانُ بِهِمَا كَمَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ صَلَاتَيْنِ لَا يَعْلَمُ عَيْنَهَا كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَأَقُولُ قَوْلُهُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ كَذَا فِي الْأُولَى بِالْأَوْلَى كَمَا لَا يَخْفَى فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ الْبَحْثُ عَنْهُ) نَظَرَ فِيهِ الْجَوْجَرِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَقْدَحُ فِي الْإِقْدَامِ عَلَى الْقِرَانِ، أَوْ نِيَّةِ الْحَجِّ مِنْ غَيْرِ بَحْثٍ إذْ لَا يَجِبُ الْبَحْثُ عَنْ وُجُوبِ الدَّمِ قَبْلَ أَنْ يُوجَدَ مَا يَقْتَضِيهِ قَالَ: فَلَا فَرْقَ بَيْنَ التَّعَذُّرِ، وَالتَّعَسُّرِ إلَّا بِأَنَّهُ عِنْدَ التَّعَسُّرِ قَدْ يُمْكِنُ السُّؤَالُ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ شَيْءٌ آخَرُ. اهـ. قِيلَ عَلَى أَنَّ فِي لُزُومِ الْبَحْثِ لِأَجْلِ الدَّمِ نَظَرًا إذْ الْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ وُجُودُ مُتَقَضٍّ لَهُ مُبْهَمٍ حَتَّى يُبْحَثَ عَنْهُ. اهـ. وَلَا يَخْفَى حُسْنُهُ
(قَوْلُهُ: لَكِنَّ إحْرَامَهُ) أَيْ: الَّذِي بَعْدَهَا يَكُونُ إلَخْ (قَوْلُهُ فَقَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَلَا نُسَلِّمُ لِابْنِ الْحَدَّادِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ جَوَازِ الْحَلْقِ بَلْ يَتَعَيَّنُ التَّقْصِيرُ بِأَقَلِّ مَا يُمْكِنُ لِأَنَّ بِهِ نُزُولَ الضَّرُورَةِ حَجَرٌ عب أَقُولُ يَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ ابْنُ الْحَدَّادِ بِالْحَلْقِ مَا يَشْمَلُ التَّقْصِيرَ الْمَذْكُورَ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ الْمُخْتَارُ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: بِإِتْلَافِ دَابَّةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِيُفْتَى الْمُقَدَّرِ
ــ
[حاشية الشربيني]
الْمَذْكُورُ فَمَعْرُوضٌ فِيمَا إذَا عَلِمَ أَصْلَ الْإِحْرَامِ فَلَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِمَا إذَا جَهِلَهُ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ بِزِيَادَةِ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا إلَخْ) يُفَرَّقُ أَيْضًا بِأَنَّ هَذَا مُتَلَبِّسٌ بِالْعِبَادَةِ كَالشَّكِّ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. اهـ. بَلْ هَذَا هُوَ الْفَرْقُ الصَّحِيحُ وَقَدْ أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِالْقِيَاسِ عَلَى عَدَدِ الرَّكَعَاتِ (قَوْله لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ إلَخْ) أَيْ: مَعَ بَقَاءِ وَقْتِهِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَرَنَ) يَعْنِي أَنَّ نِيَّتَهُ الْقِرَانَ لَا يَبْنِي عَلَيْهَا وُجُوبُ الدَّمِ وَإِنَّمَا يَبْنِي عَلَى الْوَاقِعِ أَنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ قِرَانٌ (قَوْله حُكْمُ الدَّمِ) أَيْ: الْوُجُوبُ أَوْ عَدَمُهُ
(قَوْلُهُ: فَيُشَكَّكُ) أَيْ: قَبْلَ الْوُقُوفِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَهَذَا هُوَ الْحَالُ الرَّابِعُ؛ لِأَنَّ الشَّكَّ إمَّا قَبْلَهُمَا أَوْ بَعْدَهُمَا أَوْ قَبْلَ الطَّوَاف وَقَبْلَ الْوُقُوفِ أَوْ عَكْسُهُ وَذَكَرَ جَمِيعَهَا الشَّارِحُ وَالْمُصَنِّفُ تَدَبَّرْ
(قَوْله فَالسَّعْيُ، وَالْحَلْقُ إلَخْ) هَذَا خَاصٌّ بِهَذِهِ الْحَالَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْإِحْرَامُ حِينَئِذٍ بِحَجٍّ وَلَا عُمْرَةٍ إلَّا بَعْدَمَا ذُكِرَ بِخِلَافِ الْحَالَتَيْنِ الْأَوَّلَتَيْنِ وَسَيَأْتِي فِي الْحَالِ الرَّابِعِ نَظِيرُ مَا هُنَا قِيَاسًا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَضَرَرُ الِاشْتِبَاهِ إلَخْ) أَيْ: لَوْ لَمْ يَحْلِقُ إذْ لَا يَصِحُّ الْإِحْرَامُ -
يَبْرَأُ مِنْهَا لِمَا مَرَّ، أَمَّا إذَا لَمْ يُحْرِمْ بِالْحَجِّ بَعْدَ السَّعْيِ، وَالْحَلْقِ بَلْ أَحْرَمَ بِهِ قَبْلَ فَرَاغِهِمَا وَأَتَى بِأَعْمَالِهِ فَلَا يَبْرَأُ مِنْهُ لِاحْتِمَالِ اعْتِمَارِهِ وَلَا مِنْ الْعُمْرَةِ لِمَا مَرَّ وَنِيَّةُ الْقِرَانِ فِيمَا ذُكِرَ كَنِيَّةِ الْحَجِّ وَلَا يَسْتَفِيدُ بِهَذَا الْحَلْقِ شَيْئًا مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ الْمُتَوَقِّفَةِ عَلَى التَّحَلُّلِ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ قَالَ: فَلَوْ جَامَعَ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ لَمْ يَصِحَّ حَجُّهُ لِجَوَازِ كَوْنِ إحْرَامِهِ السَّابِقِ حَجًّا وَقَدْ جَامَعَ فِيهِ قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ فَفَسَدَ نُسُكُهُ وَمَا أَتَى بِهِ لَا يَقْتَضِي صِحَّتَهُ.
(بِدَمْ) أَيْ: مَعَ دَمٍ (مِنْ غَيْرِ مَكِّيٍّ) ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مُحْرِمًا بِحَجٍّ، أَوْ قَارِنًا فَلِلْحَلْقِ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ وَإِلَّا فَلِلتَّمَتُّعِ فَيُرِيقُهُ عَنْ وَاجِبِهِ وَلَا يُعَيِّنُ الْجِهَةَ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ قَتْلٍ، أَوْ ظِهَارٍ فَنَوَى بِالْعِتْقِ مَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّعَيُّنُ فِي الْكَفَّارَاتِ، أَمَّا الْمَكِّيُّ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ دَمُ التَّمَتُّعِ لَا يَلْزَمُهُ وَدَمُ الْحَلْقِ مَشْكُوكٌ فِي وُجُوبِهِ فَقَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ مَكِّيٍّ قَيْدٌ لِوُجُوبِ الدَّمِ وَمَنْ يُجَوِّزُ فَتْحَ مِيمِهِ عَلَى أَنَّهُ مَوْصُولٌ وَفَاعِلٌ لِبَرِئَ فَغَيْرُ مَرْفُوعٍ وَيُجَوِّزُ كَسْرَ مِيمِهِ عَلَى أَنَّهُ حَرْفُ جَرٍّ فَغَيْرُ مَجْرُورٍ (وَصَامَ لِلْعَدَمْ) أَيْ: عَدَمِ الدَّمِ وَإِنْ وَجَدَ الطَّعَامَ (صَوْمَ تَمَتُّعٍ) عَشْرَةَ أَيَّامٍ ثَلَاثَةً فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إذَا رَجَعَ كَمَا سَيَأْتِي لِلِاحْتِيَاطِ فَإِنْ كَانَ مُتَمَتِّعًا أَجْزَأَتْهُ وَإِلَّا فَثَلَاثَةٌ لِلْحَلْقِ، وَالْبَاقِي نَفْلٌ وَلَا يُعَيِّنُ الْجِهَةَ فِي الثَّلَاثَةِ وَيَجُوزُ تَعْيِينُ التَّمَتُّعِ فِي السَّبْعَةِ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ الْإِطْعَامُ وَإِنْ عُدِمَ الدَّمُ وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي التَّمَتُّعِ وَلَوْ طَرَأَ شَكُّهُ بَعْدَ الْوُقُوفِ وَقَبْلَ الطَّوَافِ.
فَإِنْ نَوَى الْحَجَّ وَوَقَفَ ثَانِيًا حَصَلَ لَهُ الْحَجُّ دُونَ الْعُمْرَةِ لِمَا مَرَّ وَإِلَّا فَلَا يَحْصُلُ لَهُ شَيْءٌ مِنْهُمَا، أَوْ بَعْدَ الطَّوَافِ، وَالْوُقُوفِ فَإِنْ أَتَى بِبَقِيَّةِ أَعْمَالِ الْحَجِّ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ حَجٌّ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ بَلْ أَحْرَمَ بِهِ قَبْلَ فَرَاغِهِمَا) أَيْ: أَوْ لَمْ يُحْرِمْ بِهِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ) لَعَلَّ وَجْهَ ذَلِكَ أَنَّ الطَّوَافَ مَعَ السَّعْيِ، وَالْحَلْقِ إنَّمَا يَحْصُلُ بِهَا التَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ إذَا وَقَعَتْ بَعْدَ الْوُقُوفِ وَانْتِصَافِ لَيْلَةِ النَّحْرِ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ هُنَا فَلْيُتَأَمَّلْ وَقَدْ يُتَصَوَّرُ وُقُوعُهَا بَعْدَمَا ذُكِرَ بِأَنْ وَقَفَ، ثُمَّ طَافَ بَعْدَ انْتِصَافِ لَيْلَةِ النَّحْرِ، ثُمَّ شَكَّ فِيمَا أَحْرَمَ بِهِ، ثُمَّ سَعَى وَحَلَقَ، ثُمَّ جَامَعَ، ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَأَتَى بِأَعْمَالِهِ وَمِنْهَا الْوُقُوفُ بِأَنْ أَدْرَكَهُ وَحِينَئِذٍ مُقْتَضَى ذَلِكَ التَّوْجِيهِ صِحَّةُ حَجِّهِ
(قَوْلُهُ: فَغَيْرُ مَرْفُوعٍ) عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، وَالْجُمْلَةُ صِلَةُ مَنْ (قَوْلُهُ: فَغَيْرُ مَجْرُورٍ) ، وَالْجَارُّ، وَالْمَجْرُورُ صِفَةُ دَمٍ (قَوْلُهُ: وَصَامَ لِلْعُذْرِ صَوْمَ تَمَتُّعٍ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَإِنْ أَطْعَمَ، أَوْ اقْتَصَرَ عَلَى ثَلَاثَةٍ أَيْ: عَلَى صَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَفِي الْبَرَاءَةِ تَرَدُّدٌ. اهـ. وَقَرَّرَهُ فِي شَرْحِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ أَيْ: إنَّهُ لَا يَبْرَأُ لِأَنَّ شَغْلَ الذِّمَّةِ بِالدَّمِ مَعْلُومٌ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعَيُّنِ الْبَرَاءَةِ قَالَ: وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ عَجَزَ عَنْ الصَّوْمِ فَأَطْعَمَ سِتَّةَ مَسَاكِينَ بَرِئَ؛ لِأَنَّهُ إنْ وَجَبَ عَلَيْهِ دَمُ حَلْقٍ فَذَاكَ، أَوْ دَمُ تَمَتُّعٍ فَقَدْ زَادَ خَيْرًا بِزِيَادَةِ مُدَّيْنِ مِنْ ثَلَاثَةِ آصُعٍ وَهِيَ الْوَاجِبَةُ فِي الْحَلْقِ وَيُجْزِئُهُ الصَّوْمُ مَعَ وُجُودِ الطَّعَامِ كَمَا أَشَرْت إلَيْهِ قَرِيبًا وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لِلطَّعَامِ فِي التَّمَتُّعِ وَفِدْيَةُ الْحَلْقِ عَلَى التَّخْيِيرِ. اهـ. وَقَوْلُهُ بِزِيَادَةِ مُدَّيْنِ أَيْ: لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ الْآصُعِ اثْنَا عَشَرَ مُدًّا فَيَقَعُ عَشْرَةٌ مِنْهَا عَنْ عَشْرَةِ أَيَّامٍ قَدْرَ صَوْمِ التَّمَتُّعِ وَلَا يَضُرُّ لُزُومُ دَفْعِ أَمْدَادٍ لِلْمِسْكِينِ؛ لِأَنَّهُ جَائِزٌ فِي فِدْيَةِ الصَّوْمِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي مَحَلِّهِ وَقَوْلُهُ لَا مَدْخَلَ لِلطَّعَامِ فِي التَّمَتُّعِ لَعَلَّ الْمُرَادَ فِي الِابْتِدَاءِ، أَوْ عِنْدَ الْقُدْرَةِ وَإِلَّا فَقَدْ قَالَ فِي الْعُبَابِ فِي بَحْثِ التَّمَتُّعِ: وَلَوْ عَجَزَ عَنْ الدَّمِ، وَالصَّوْمِ فَهَلْ يُطْعِمُ، أَوْ عَنْ الطَّعَامِ فَهَلْ يَسْقُطُ وَجْهَانِ. اهـ. قِيلَ وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّهُ يُطْعِمُ فِي الْأُولَى وَلَا يَسْقُطُ فِي الثَّانِيَةِ. اهـ. وَقَوْلُ شَرْحِ الرَّوْضِ السَّابِقُ، أَوْ دَمُ تَمَتُّعٍ فَقَدْ زَادَ خَيْرًا إلَخْ يَدُلُّ عَلَى تَرْجِيحِ الْإِطْعَامِ فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: التَّمَتُّعُ فِي السَّبْعَةِ) ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مُتَمَتِّعًا فَلَا إشْكَالَ وَإِلَّا فَلَيْسَ عَلَيْهِ سَبْعَةٌ (قَوْلُهُ: إذْ لَا مَدْخَلَ لَهُ إلَخْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ ابْتِدَاءً كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الْحَاشِيَةِ الْعَلْيَاءِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْحَجَّ أَوْ لَمْ يَقِفْ ثَانِيًا (قَوْلُهُ: فَلَا يَحْصُلُ إلَخْ) وَجْهُ ذَلِكَ فِي الْحَجِّ احْتِمَالُ أَنَّهُ كَانَ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ فَلَمْ يَحْصُلْ الْحَجُّ لِعَدَمِ نِيَّتِهِ فِي الْأُولَى وَعَدَمِ إجْزَاءِ ذَلِكَ الْوُقُوفِ عَنْ الْحَجِّ فِي الثَّانِيَةِ لِوُقُوعِهِ قَبْلَ نِيَّتِهِ وَأَمَّا فِي الْعُمْرَةِ فَلِاحْتِمَالِ أَنَّهُ كَانَ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ
(قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ الطَّوَافِ، وَالْوُقُوفِ فَإِنْ أَتَى بِبَقِيَّةِ أَعْمَالِ الْحَجِّ إلَخْ) مُحَصَّلُ مَا ذَكَرَهُ عِنْدَ التَّأَمُّلِ أَنَّ الْحُكْمَ فِيهِ كَمَا لَوْ كَانَ الشَّكُّ بَعْدَ الطَّوَافِ وَقَبْلَ الْوُقُوفِ وَلِذَا لَمَّا قَالَ صَاحِبُ الْإِرْشَادِ: وَإِنْ طَافَ، ثُمَّ شَكَّ قَالَ شَارِحَاهُ: سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الْوُقُوفِ أَمْ بَعْدَهُ بِرّ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَتَى بِبَقِيَّةِ أَعْمَالِ الْحَجِّ إلَخْ) لَمْ يُقَيِّدْ هُنَا بِالنِّيَّةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهَا بَعْدَ الطَّوَافِ لَا تَأْثِيرَ لَهَا لِعَدَمِ صِحَّةِ إدْخَالِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ حِينَئِذٍ لَكِنْ فِي شَرْحِ
ــ
[حاشية الشربيني]
بِالْحَجِّ حِينَئِذٍ لِاحْتِمَالِ إحْرَامِهِ بِالْعُمْرَةِ وَقَدْ طَافَ وَلَمْ يُخَلِّصْ أَعْمَالَهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ وُجِدَ الطَّعَامُ) وَلَا نَظَرَ لِفِدْيَةِ الْحَلْقِ وَكَوْنِهَا عَلَى التَّخْيِيرِ بَيْنِ الصَّوْمِ، وَالْإِطْعَامِ
(قَوْلُهُ: دُونَ الْعُمْرَةِ) أَيْ: دُونَ مَا إذَا نَوَى الْعُمْرَة لَا تَحْصُلُ لَهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مُحْرِمٌ بِحَجٍّ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ الطَّوَافِ، وَالْوُقُوفِ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ وَإِنْ كَانَ الشَّكُّ بَعْدَ الطَّوَافِ، وَالْوُقُوفِ وَأَتَى بِبَقِيَّةِ أَعْمَالِ الْحَجِّ لَمْ يَبْرَأْ مِنْ الْحَجِّ لِجَوَازِ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَلَا مِنْ الْعُمْرَةِ
لِجَوَازِ أَنَّهُ كَانَ مُحْرِمًا بِعُمْرَةٍ فَلَا يَنْفَعُهُ الْوُقُوفُ وَلَا عُمْرَةَ لِمَا مَرَّ وَإِنْ نَوَى الْقِرَانَ وَأَتَى بِأَعْمَالِهِ لَمْ يَجُزْ عَنْ الْعُمْرَةِ إذْ لَا يَجُوزُ إدْخَالُهَا عَلَى الْحَجِّ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا ثُمَّ قِيَاسُ مَا مَرَّ أَنَّهُ لَوْ أَتَمَّ أَعْمَالَهَا ثُمَّ أَحْرَمَ وَأَتَى بِأَعْمَالِهِ مَعَ الْوُقُوفِ أَجْزَأَهُ الْحَجُّ وَعَلَيْهِ دَمٌ وَإِنْ أَتَمَّ أَعْمَالَهُ ثُمَّ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَأَتَى بِأَعْمَالِهَا أَجْزَأَتْهُ
(وَمَهْمَا قُلْتُ) أَنَا (إنْ كَانَ) زَيْدٌ مَثَلًا (مُحْرِمًا فَقَدْ أَحْرَمْتُ) كَإِحْرَامِهِ (تَبِعْتُ) أَنَا (هَذَا) فِي الْإِحْرَامِ، وَالتَّفْصِيلُ وَعَدَمُهُمَا حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا لَمْ أَصِرْ أَنَا مُحْرِمًا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَحْرَمَ كَإِحْرَامِهِ حَيْثُ يَصِيرُ مُحْرِمًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْآخَرُ مُحْرِمًا كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْإِحْرَامِ ثَمَّ مَجْزُومٌ بِهِ وَهُنَا مُتَعَلِّقٌ وَبِخِلَافِ مَا لَوْ عَلَّقَهُ بِمُسْتَقْبَلٍ فَقَالَ: إذَا أَحْرَمَ زَيْدٌ، أَوْ جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَأَنَا مُحْرِمٌ حَيْثُ لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ لَا تَتَعَلَّقُ بِالْإِخْطَارِ قَالَ: الرَّافِعِيُّ وَقِيَاسُ تَجْوِيزِ مَا قَبْلَهُ تَجْوِيزُهُ إذْ التَّعْلِيقُ فِيهِمَا إلَّا أَنَّ ذَاكَ تَعْلِيقٌ بِحَاضِرٍ وَهَذَا بِمُسْتَقْبِلٍ وَمَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ مِنْ الْعُقُودِ يَقْبَلُهُمَا جَمِيعًا وَأُجِيبَ بِأَنَّ التَّعْلِيقَ فِي الْعِبَادَاتِ مُمْتَنِعٌ، لَكِنْ وَرَدَ الشَّرْعُ بِجَوَازِ تَعْلِيقِ الْإِحْرَامِ بِإِحْرَامِ الْحَاضِرِ فَجُوِّزَ فِيهِ وَبَقِيَ التَّعْلِيقُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ عَلَى الْمَنْعِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ ذَلِكَ تَعَبُّدٌ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ بِتَقْدِيرِ تَسْلِيمِهِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ إنْ كَانَ
ــ
[حاشية العبادي]
الرَّوْضِ التَّقْيِيدُ بِقَوْلِهِ فَنَوَى الْحَجَّ، أَوْ قَرَنَ وَقَدْ يُقَالُ لَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ لِاحْتِمَالِ إطْلَاقِ إحْرَامِهِ الْأَوَّلِ فَلَا يُعْتَدُّ بِالْأَعْمَالِ وَلَا يَتَحَلَّلُ بِهَا إلَّا بَعْدَ النِّيَّةِ فَتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَوَى الْقِرَانَ) اُنْظُرْ أَيَّ تَأْثِيرٍ لِهَذِهِ النِّيَّةِ مَعَ إنَّهُ بَعْدَ الطَّوَافِ لَا يَصِحُّ إدْخَالُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِاحْتِمَالِ أَنَّ إحْرَامَهُ الْأَوَّلَ كَانَ مُطْلَقًا وَقَدْ وَقَعَ طَوَافُهُ وَوُقُوفُهُ قَبْلَ الصَّرْفِ فَلَا يُعْتَدُّ بِهِمَا فَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى هَذِهِ النِّيَّةِ لِيُعْتَدَّ لَهُ بِالْأَعْمَالِ بَعْدَهَا لِيَحْصُلَ لَهُ التَّحَلُّلُ، وَالْخَلَاصُ مِنْ الْإِحْرَامِ الْأَوَّلِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: ثُمَّ قِيَاسُ إلَخْ) قَالَ فِي الْخَادِمِ: هُوَ كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ لَيْسَ مُفَرَّعًا عَلَى مَسْأَلَةِ نِيَّةِ الْقِرَانِ بِرّ (قَوْلُهُ، ثُمَّ قِيَاسُ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ، أَوْ بَعْدَ الطَّوَافِ، وَالْوُقُوفِ
(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ دَمٌ) لِمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ تَجْوِيزِ مَا قَبْلَهُ تَجْوِيزُهُ) اعْلَمْ أَنَّ الرَّافِعِيَّ إنَّمَا أَرَادَ بِمَا قَبْلَهُ أَحْرَمْت كَإِحْرَامِ زَيْدٍ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي هَذَا الْإِشْكَالِ إنْ كَانَ مُحْرِمًا فَقَدْ أَحْرَمْت وَأَجَابُوا عَنْ إشْكَالِهِ بِأَنْ أَحْرَمْت كَإِحْرَامِ زَيْدٍ لَيْسَ فِيهِ تَعْلِيقُ أَصْلِ الْإِحْرَامِ بَلْ صِفَتِهِ بِرّ (قَوْلُهُ: وَأُجِيبَ بِأَنَّ إلَخْ) فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُعَلَّقَ بِحَاضِرٍ أَقَلُّ غَرَرًا لِوُجُودِهِ فِي الْوَاقِعِ فَكَانَ قَرِيبًا مِنْ أَحْرَمْت كَإِحْرَامِ زَيْدٍ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الْمُعَلَّقِ بِمُسْتَقْبَلٍ وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِمَا فِيهِ نَظَرٌ وَقَدْ ذَكَرْته فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ هَذَا مَعَ أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ قَالَ: لَوْ قَالَ: أَنَا مُحْرِمٌ غَدًا، أَوْ رَأْسَ الشَّهْرِ، أَوْ إذَا دَخَلَ فُلَانٌ جَازَ كَمَا يَجُوزُ فِيمَا لَوْ أَحْرَمَ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ فُلَانٌ كَنَظِيرِهِ فِي الطَّلَاقِ وَإِذَا وُجِدَ الشَّرْطُ يَصِيرُ مُحْرِمًا كَمَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِوُجُودِ الشَّرْطِ وَكَمَا إذَا قَالَ: أَنَا صَائِمٌ غَدًا يَصِيرُ شَارِعًا فِيهِ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ. اهـ. مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِ هُنَا إذَا أَحْرَمَ زَيْدٌ، أَوْ جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَأَنَا مُحْرِمٌ وَقَوْلِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَا مُحْرِمٌ إذَا دَخَلَ فُلَانٌ إلَّا بِتَقْدِيمِ الشَّرْطِ فِي الْأَوَّلِ وَتَأْخِيرِهِ فِي الثَّانِي فَالصِّحَّةُ فِي أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ تَقْتَضِي الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي
ــ
[حاشية الشربيني]
وَلَوْ قَرَنَ لِمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَوَى) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ فَإِنْ أَتَى بِبَقِيَّةِ أَعْمَالِ الْحَجِّ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ نَوَى الْقِرَانَ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ فَإِنْ نَوَى الْقِرَانَ وَأَتَى بِأَعْمَالِ الْقَارِنِ
(قَوْلُهُ: ثُمَّ قِيَاسُ مَا مَرَّ) أَيْ: فِيمَا إذَا عَرَضَ الشَّكُّ بَعْدَ الطَّوَافِ وَقَبْلَ الْوُقُوفِ فَقَالَ: إذَا أَحْرَمَ زَيْدٌ إلَخْ وَلَوْ كَانَ زَيْدٌ مُحْرِمًا فِي الْحَالِ. اهـ. تُحْفَةٌ
(قَوْلُهُ: لَكِنْ وَرَدَ الشَّرْعُ إلَخْ) أَيْ: فِي «قَوْلِ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه أَهْلَلْتُ بِإِهْلَالٍ كَإِهْلَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم» مَعَ إقْرَارِهِ صلى الله عليه وسلم لَهُ (قَوْلُهُ: فَجَوَّزَ فِيهِ) أَيْ: لِقُرْبِهِ مِمَّا وَرَدَ فَضَمِيرُ فِيهِ لِقَوْلِهِ إنْ كَانَ زَيْدٌ مُحْرِمًا إلَخْ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ قَوْلُ الشَّارِحِ بِتَقْدِيرِ تَسْلِيمِهِ إنْ كَانَ وَجْهُ الْمَنْعِ أَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَرِدْ بِجَوَازِ تَعْلِيقِ الْإِحْرَامِ بِالْإِحْرَامِ الْحَاضِرِ وَلَا الْمُسْتَقْبَلِ وَإِنَّمَا الْوَارِدُ هُوَ الْجَزْمُ بِالْإِحْرَامِ بِصِفَةِ إحْرَامٍ آخَرَ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ وَجْهُهُ أَنَّهُ مَعْقُولُ الْمَعْنَى لَا تَعَبُّدِيٌّ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِحَاضِرٍ أَقَلُّ غَرَرًا فَكَانَ قَرِيبًا مِمَّا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ (قَوْلُهُ: بِتَقْدِيرِ تَسْلِيمِهِ) أَيْ:
زَيْدٌ فِي الدَّارِ فَقَدْ أَحْرَمْت أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَإِنْ كَانَ زَيْدٌ فِي الدَّارِ مَعَ أَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِحَاضِرٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا وَنَحْوُهُ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ.
قَالَ الرُّويَانِيُّ قَالَ أَصْحَابُنَا وَلَوْ قَالَ أَحْرَمْت يَوْمًا، أَوْ يَوْمَيْنِ انْعَقَدَ مُطْلَقًا كَالطَّلَاقِ، أَوْ أَحْرَمْت بِنِصْفِ نُسُكٍ انْعَقَدَ بِنُسُكٍ كَالطَّلَاقِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ
(وَ) إنْ أَحْرَمَ وَاحِدٌ (بِحَجَّتَيْنِ تَلْزَمُ) بِمَعْنَى تَنْعَقِدُ لَهُ حَجَّةً (فَرْدَةٌ كَعُمْرَتَيْنِ) فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ لَهُ بِإِحْرَامِهِ بِهِمَا عُمْرَةٌ فَرْدَةٌ وَتَلْغُو الْإِضَافَةُ إلَى ثِنْتَيْنِ لِتَعَذُّرِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا بِإِحْرَامٍ وَاحِدٍ كَمَا لَوْ نَوَى بِتَيَمُّمٍ فَرْضَيْنِ لَا يَسْتَبِيحُ بِهِ إلَّا وَاحِدًا كَمَا مَرَّ (وَمَنْ عَلَى الْمُسْتَأْجَرِينَ فَعَلَهْ) أَيْ: الْإِحْرَامِ (أَوْ) عَنْ (نَفْسِهِ وَمُكْتَرِيهِ فَهْوَ لَهْ) أَيْ: فَالْإِحْرَامُ لِلْفَاعِلِ فِيهِمَا إذْ الْجَمْعُ غَيْرُ مُمْكِنٍ وَلَا مُرَجِّحَ لِأَحَدِ الْمُسْتَأْجَرِينَ عَلَى الْآخَرِ فَلَغَتْ الْإِضَافَتَانِ وَبَقِيَ الْإِحْرَامُ لِلْفَاعِلِ، وَالثَّانِيَةُ مِنْهُمَا تُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ: وَإِنْ نَوَى الْقَارِنُ لِلْمُسْتَأْجِرِ إلَى آخِرِهِ وَذِكْرُ الْمَسْأَلَتَيْنِ هُنَا لِلِاسْتِشْهَادِ عَلَى مَا إذَا أَحْرَمَ كَإِحْرَامِ زَيْدٍ وَكَانَ زَيْدٌ غَيْرَ مُحْرِمٍ وَلِهَذَا يَقَعُ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْحَاوِي تَقْدِيمُهُمَا عَلَى قَوْلِهِ وَإِنْ عَسُرَ مُرَاجَعَتُهُ.
وَوَجْهُ الِاسْتِشْهَادِ أَنَّهُ كَمَا لَغَتْ الْإِضَافَةُ وَبَقِيَ الْإِحْرَامُ لُغِيَ التَّشْبِيهُ وَبَقِيَ الْإِحْرَامُ
(، وَالرُّكْنُ) الثَّانِي (لِلْحَجِّ فَقَطْ) أَيْ: لَا لِلْعُمْرَةِ (أَنْ يَحْضُرَا) أَيْ: الْمُحْرِمُ بِهِ (مِنْ عَرَفَاتٍ أَيَّ جُزْءٍ خَطَرَا) بِبَالِهِ (فِي سَاعَةٍ) أَيْ: لَحْظَةٍ مِنْ لَيْلٍ، أَوْ نَهَارٍ وَلَوْ مَارًّا، أَوْ ظَنَّهُ مِنْ غَيْرِهَا (بَيْنَ زَوَالِ شَمْسِهِ) أَيْ: يَوْمَ عَرَفَةَ الْمَفْهُومُ مِنْ عَرَفَاتٍ (وَصُبْحِ نَحْرٍ) رَوَى مُسْلِمٌ خَبَرَ «عَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ» وَخَبَرُ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم وَقَفَ بَعْدَ الزَّوَالِ» وَرَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «الْحَجُّ عَرَفَةَ مِنْ أَدْرَكَ عَرَفَةَ قَبْلَ أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ» وَفِي رِوَايَةٍ «مَنْ جَاءَ عَرَفَةَ لَيْلَةَ جَمْعٍ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ» وَلَيْلَةُ جَمْعٍ هِيَ لَيْلَةُ مُزْدَلِفَةَ وَقَوْلُ النَّظْمِ مِنْ زِيَادَتِهِ خَطَرُ تَكْمِلَةٍ بَلْ يُوهِمُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وُقُوفُهُ إلَّا فِيمَا خَطَرَ بِبَالِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
وَالْعِبْرَةُ فِي دُخُولِ وَقْتِ عَرَفَةَ وَخُرُوجِهِ (بِاعْتِقَادِ نَفْسِهِ) وَهَذَا مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ فَلَوْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ لَزِمَهُ الْوُقُوفُ يَوْمَ عَرَفَةَ عِنْدَهُ إنْ أَمْكَنَهُ كَالْمُنْفَرِدِ بِرُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ يَلْزَمُهُ الصَّوْمُ وَحَدُّ عَرَفَاتٍ مَا جَاوَزَ وَادِيَ عُرَنَةَ إلَى الْجِبَالِ الْمُقَابِلَةِ مِمَّا يَلِي بَسَاتِينَ ابْنِ عَامِرٍ وَلَيْسَ مِنْهَا عُرَنَةَ وَلَا نَمِرَةُ وَآخِرُ مَسْجِدِ إبْرَاهِيمَ مِنْهَا وَصَدْرُهُ مِنْ عَرَفَةَ وَيُمَيِّزُ بَيْنَهُمَا صَخَرَاتٌ كِبَارٌ وَجَبَلُ الرَّحْمَةِ وَسَطَ عَرْصَةِ عَرَفَاتٍ وَمَوْقِفُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَهُ مَعْرُوفٌ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَالنَّصُّ أَنَّ مَسْجِدَ إبْرَاهِيمَ لَيْسَ مِنْ عَرَفَاتٍ
ــ
[حاشية العبادي]
الْمَعْنَى فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: تَعْلِيقٌ بِحَاضِرٍ) إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ إحْرَامًا
(قَوْلُهُ: فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ) كَانَ الْمُرَادُ مِنْ حَيْثُ إنَّ كُلًّا تَعْلِيقٌ بِحَاضِرٍ (قَوْلُهُ: مَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ) أَيْ: فَيَصِحُّ
(قَوْلُهُ: أَيَّ جَزْءٍ) أَيْ: فِيهِ
(قَوْلُهُ: خَطَرًا) أَيْ: الْحُضُورُ فِيهِ لَا أَنَّهُ مِنْهَا فَلَا يُنَافِي إجْزَاءَ الْوُقُوفِ مَعَ ظَنِّهِ أَنَّهُ مِنْ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: أَيَّ جَزْءٍ خَطَرَا بِبَالِهِ) قَدْ يُشْكِلُ التَّقْيِيدُ بِالْخُطُورِ بِبَالِهِ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ فِي الْوَاقِعِ وَبِقَوْلِهِ الْآتِي وَلَوْ مَعَ الرُّقَادِ، ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ الشَّارِحِ وَقَوْلَ النَّاظِمِ مِنْ زِيَادَتِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَيُّ جَزْءٍ خَطَرَ) أَيْ: وَلَوْ رَاكِبًا، أَوْ عَلَى غُصْنِ شَجَرَةٍ كَائِنٍ فِي هَوَاءِ عَرَفَاتٍ وَإِنْ كَانَ أَصْلُ شَجَرَتِهِ فِي الْحِلِّ، أَوْ قَائِمًا فِي مَاءٍ فِيهَا، أَوْ عَلَى ظَهْرِ طَائِرٍ كَنَسْرٍ فِي هَوَائِهَا بِخِلَافِ مَا كَانَ هُوَ طَائِرًا فِي هَوَائِهَا م ر فَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ بِخِلَافِ إلَخْ
(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ) قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ قَوْلَهُ الْآتِيَ وَلَوْ مَعَ الرُّقَادِ يُبَيِّنُ عَدَمَ اشْتِرَاطِ هَذَا
ــ
[حاشية الشربيني]
تَسْلِيمِ أَنَّ الشَّرْعَ وَرَدَ بِتَعْلِيقِ الْإِحْرَامِ بِالْإِحْرَامِ الْحَاضِرِ
(قَوْلُهُ: هَذَا وَنَحْوُهُ) أَيْ: مِمَّا لَيْسَ التَّعْلِيقُ فِيهِ بِإِحْرَامٍ وَقَوْلُهُ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ وَهُوَ التَّعْلِيقُ بِالْإِحْرَامِ بِنَاءً عَلَى تَسْلِيمِ وُرُودِهِ بِهِ تَدَبَّرْ
(قَوْلُهُ: فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ) وَلَا يُقَالُ إنَّهُ قِيَاسٌ وَهُوَ لَا يُدْخِلُ مَا فِيهِ التَّعَبُّدُ؛ لِأَنَّهُ يَدْخُلُ إفْرَادَ النَّوْعِ الْوَاحِدِ، وَالْمُمْتَنِعُ أَنْ يُقَاسَ نَوْعٌ آخَرُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ) أَيْ: فِي مَسْأَلَةِ الْإِحْرَامِ بِنِصْفِ نُسُكٍ كَمَا فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْعَقِدَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْعِبَادَاتِ، وَالنِّيَّةُ الْجَازِمَةُ شَرْطٌ فِيهَا. اهـ. فَإِنْ قُلْت مَا وَجْهُ عَدَمِ الْجَزْمِ قُلْت وَجْهُهُ أَنَّ جَبْرَ الْكَسْرِ عِنْدَ اللَّهِ مَشْكُوكٌ فِيهِ لَا سِيَّمَا، وَالْخِلَافُ الْقَوِيُّ قَدْ طَرَقَهُ فَكَانَ الِاقْتِصَارُ عَلَى النِّصْفِ مُبْطِلًا لِذَلِكَ. اهـ. لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ كَمَا فِي شَرْحِ م ر لِلْمِنْهَاجِ
(قَوْلُهُ: عَلَى مَا إذَا أَحْرَمَ كَإِحْرَامِ زَيْدٍ إلَخْ) أَيْ: الَّذِي هُوَ مِنْ أَفْرَادِ وَإِنْ لِتَفْصِيلِ فُقِدَ كَمَا مَرَّ
(قَوْلُهُ: لَيْلَةَ جَمْعٍ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِاجْتِمَاعِ الْحُجَّاجِ بِهَا أَوْ لِلْجَمْعِ فِيهَا بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ أَوْ لِاجْتِمَاعِ آدَمَ وَحَوَّاءَ بِهَا حَجَرٌ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مِنْهَا عُرَنَةُ وَلَا نَمِرَةُ) بَلْ هُمَا بَيْنَ عَرَفَةَ، وَالْحَرَمِ عَلَى طَرَفِ عَرَفَةَ الْغَرْبِيِّ وَعُرَنَةُ أَقْرَبُ إلَى عَرَفَةَ مِنْ نَمِرَةَ مُتَّصِلَةٌ بِهَا بِحَيْثُ لَوْ سَقَطَ جِدَارُ الْمَسْجِدِ الْغَرْبِيِّ سَقَطَ فِيهَا. اهـ. مَدَنِيٌّ
(قَوْلُهُ: مِنْهَا) أَيْ: مِنْ عَرَفَاتٍ (قَوْلُهُ:، وَالنَّصُّ) أَيْ: نَصُّ الشَّافِعِيِّ وَقَوْلُهُ فَلَعَلَّهُ زِيدَ فِي آخِرِهِ أَيْ: زِيدَ فِي آخِرِهِ أَيْ: زِيدَ بَعْدَ
فَلَعَلَّهُ زِيدَ فِي آخِرِهِ قَالَ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ مَوْقِفِهِ صلى الله عليه وسلم بِالصَّخَرَاتِ نَحْوُ مِيلٍ وَيُطِيفُ بِمُنْعَرَجَاتِ عَرَفَاتٍ جِبَالٌ وُجُوهُهَا الْمُقْبِلَةُ مِنْ عَرَفَاتٍ (وَبِكَثِيرٍ غَلَّطُوا لَا النَّزْرِ) أَيْ: وَرُكْنُ الْحَجِّ لِلْكَثِيرِ لَا لِلْقَلِيلِ إذْ غَلِطُوا بِالْعَاشِرِ فَظَنُّوهُ التَّاسِعَ بِأَنْ غُمَّ عَلَيْهِمْ هِلَالُ ذِي الْحِجَّةِ فَأَكْمَلُوا عِدَّةَ ذِي الْقِعْدَةِ ثَلَاثِينَ ثُمَّ بَانَ أَنَّ الْهِلَالَ أَهَلَّ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ أَنْ يَحْضُرُوا بِعَرَفَاتٍ (بَيْنَ زَوَالِ نَحْرِهِمْ، وَالْفَجْرِ) لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد مُرْسَلًا «يَوْمُ عَرَفَةَ الَّذِي يَعْرِفُ النَّاسُ فِيهِ» وَلِأَنَّهُمْ لَوْ كُلِّفُوا بِالْقَضَاءِ لَمْ يَأْمَنُوا وُقُوعَ مِثْلِهِ فِيهِ وَلِأَنَّ فِيهِ مَشَقَّةً عَامَّةً بِخِلَافِ مَا إذَا قَلُّوا عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ فِي الْحَجِيجِ.
وَلَيْسَ مِنْ الْغَلَطِ الْمُرَادِ لَهُمْ مَا إذَا وَقَعَ ذَلِكَ بِسَبَبِ الْحِسَابِ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَلَوْ غَلِطُوا بِالْحَادِيَ عَشَرَ، أَوْ بِالْمَكَانِ لَمْ يَكْفِ مُطْلَقًا لِنُدْرَةِ ذَلِكَ، أَوْ بِالثَّامِنِ فَكَذَلِكَ
وَفَارَقَ الْغَلَطُ بِالْعَاشِرِ بِأَنَّ تَأْخِيرَ الْعِبَادَةِ عَنْ وَقْتِهَا أَقْرَبُ إلَى الِاحْتِسَابِ مِنْ تَقْدِيمِهَا وَبِأَنَّ الْغَلَطُ بِالتَّقْدِيمِ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَقَعُ لِغَلَطٍ فِي الْحِسَابِ، أَوْ لِخَلَلٍ فِي الشُّهُودِ الَّذِينَ شَهِدُوا بِتَقْدِيمِ الْهِلَالِ
وَالْغَلَطُ بِالتَّأْخِيرِ قَدْ يَكُونُ بِالْغَيْمِ الْمَانِعِ مِنْ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَهُوَ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ وَلَوْ بَانَ الْحَالُ قَبْلَ زَوَالِ شَمْسِ الْعَاشِرِ فَوَقَفُوا بَعْدَهُ أَجْزَأَهُمْ كَمَا لَوْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى رُؤْيَةِ الْهِلَالِ لَيْلَةَ الْعَاشِرِ وَهُمْ بِمَكَّةَ لَا يَتَمَكَّنُونَ مِنْ الْوُقُوفِ لَيْلًا فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُمْ الْوُقُوفُ غَدًا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَهُوَ قَضِيَّةُ قَوْلِ النَّظْمِ غَلِطُوا وَفِي التَّهْذِيبِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ وَقَفُوا عَلَى يَقِينِ الْفَوَاتِ وَهُوَ قَضِيَّةُ قَوْلِ الْحَاوِي غَالِطِينَ؛ لِأَنَّهُ اسْمُ فَاعِلٍ، وَالْوَصْفُ بِهِ بَعْدَ زَوَالِ الْمُشْتَقِّ مِنْهُ مَجَازٌ وَعِبَارَةُ الْأَكْثَرِينَ الْعَاشِرُ وَهُوَ شَامِلٌ لِمَا قَبْلَ الزَّوَالِ وَمُخْرِجٌ لِلَّيْلَةِ وَعِبَارَةُ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ بِالْعَكْسِ وَهِيَ مُوَافَقَةٌ لِمَا بَحَثَهُ السُّبْكِيُّ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِاللَّيْلَةِ، لَكِنْ صَحَّحَ الْقَاضِي عَدَمَ الِاكْتِفَاءِ بِهَا
(وَلَوْ) كَانَ الْحُضُورُ (مَعَ الرُّقَادِ) فَإِنَّهُ يَكْفِي (دُونَ) الْحُضُورِ مَعَ (الِاغْمَا) لِوُجُودِ أَهْلِيَّةِ الْعِبَادَةِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي كَالصَّوْمِ وَكَالْإِغْمَاءِ فِي ذَلِكَ السُّكْرُ
ــ
[حاشية العبادي]
وَإِنَّ الْمُرَادَ إنْ كَانَ هُنَاكَ خُطُورٌ، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخُطُورِ الْإِرَادَةُ أَيَّ جَزْءٍ أَرَادَ الْحُضُورَ فِيهِ وَفِيهِ أَنَّهُ قَدْ لَا يَكُونُ هُنَاكَ إرَادَةٌ كَمَا فِي النَّائِمِ (قَوْلُهُ: فَلَعَلَّهُ زِيدَ فِي آخِرِهِ) أَيْ: أَوْ لَعَلَّ الْمُرَادَ لَيْسَ كُلُّهُ مِنْهَا بَلْ بَعْضُهُ (قَوْلُهُ: بَيْنَ زَوَالِ نَحْرِهِمْ، وَالْفَجْرِ) أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِأَنَّ يَوْمَ الْعِيدِ فِي حَقِّهِمْ هُوَ الْحَادِيَ عَشَرَ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ ثَلَاثَةٌ بَعْدَ الْحَادِي عَشَرَ فَيَثْبُتُ لِذَلِكَ حُكْمُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَثْبُتُ لِلْحَاجِّ فَقَطْ لَا مَنْ عَدَاهُمْ وَإِنْ حَضَرُوا عَرَفَاتٍ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِسَبَبِ الْحِسَابِ) مِثَالُ ذَلِكَ أَنْ يَعْتَقِدُوا مَثَلًا التَّاسِعَ، وَالْعِشْرِينَ مِنْ ذِي الْقِعْدَةِ هُوَ يَوْمُ الثَّلَاثِينَ لِغَلَطِهِمْ فِي حِسَابِ الْأَيَّامِ وَعَدَدِهَا بِرّ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ قَامَتْ إلَخْ) يَقْتَضِي صِحَّةَ سَمَاعِهَا وَفِي قِيَامِهَا بَعْدَ الْمَغْرِبِ مِنْ يَوْمِ الثَّلَاثِينَ مِنْ رَمَضَانَ قَالُوا لَا تُسْمَعُ فَمَا الْفَرْقُ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَأَقُولُ يُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّهَا هُنَاكَ أُقِيمَتْ بَعْدَ فَوَاتِ وَقْتِ صَلَاةِ الْعِيدِ فَلَمْ تَكُنْ فَائِدَةٌ إلَّا تَفْوِيتَ الصَّلَاةِ حَالَ قِيَامِهَا وَهُنَا أُقِيمَتْ وَوَقْتُ الْوُقُوفِ بَاقٍ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ مَنَعَ مِنْ فِعْلِهِ عَارِضٌ فَلْيُتَأَمَّلْ وَقَضِيَّةُ هَذَا الْفَرْقِ أَنَّهَا لَوْ قَامَتْ بَعْدَ فَجْرِ الْعَاشِرِ لَمْ تُسْمَعْ وَهُوَ مَحَلُّ نَظَرٍ سم
(قَوْلُهُ: لَيْلَةَ الْعَاشِرِ) مَعْمُولُ قَوْلِهِ قَامَتْ (قَوْلُهُ: مُخْرِجٌ لِلْبَلَدِ) أَيْ: الَّتِي بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: بِالْعَكْسِ) أَيْ: يَشْمَلُ اللَّيْلَ وَيَخْرُجُ مَا قَبْلَ الزَّوَالِ وَخُرُوجُ مَا قَبْلَ الزَّوَالِ هُوَ الْوَجْهُ (قَوْلُهُ: مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِاللَّيْلَةِ) اعْتَمَدَهُ م ر
ــ
[حاشية الشربيني]
الشَّافِعِيِّ فِي آخِرِهِ (قَوْلُهُ: مُنْعَرَجَاتٍ) جَمْعُ مُنْعَرَجٍ فِي الْمِصْبَاحِ مُنْعَرَجُ الْوَادِي حَيْثُ يَمِيلُ يَمِينًا وَيَسَارًا
(قَوْلُهُ: دُونَ الْحُضُورِ مَعَ الْإِغْمَاءِ) أَيْ: حَيْثُ لَمْ يُفِقْ مِنْ إغْمَائِهِ زَمَنَ الْوُقُوفِ لَحْظَةً وَحِينَئِذٍ لَا يَبْنِي الْوَلِيُّ عَلَى فِعْلِهِ إنْ لَمْ يَيْأَسْ مِنْ إفَاقَتِهِ عَلَى مَا قَيَّدَ بِهِ حَجَرٌ فَلَا يَقَعُ حَجُّهُ حِينَئِذٍ فَرْضًا وَلَا نَفْلًا (قَوْلُهُ: السُّكْرُ) أَيْ: الَّذِي لَمْ يُزِلْ الْعَقْلَ وَلَيْسَ مَعَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ فَإِنْ كَانَ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ فَحَجُّهُ صَحِيحٌ أَوْ زَالَ عَقْلُهُ فَكَالْمَجْنُونِ وَحُكْمُهُ أَنْ يَبْنِيَ الْوَلِيُّ عَلَى فِعْلِهِ؛ لِأَنَّ لَهُ الْإِحْرَامَ عَنْهُ ابْتِدَاءً كَمَا مَرَّ وَيَقَعُ حَجُّهُ نَفْلًا وَسَوَاءٌ تَعَدَّى السَّكْرَانُ، وَالْمَجْنُونُ، وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ بِمَا فَعَلُوهُ أَوْ لَا فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَجْنُونَ يَصِحُّ وُقُوفُهُ وَيَقَعُ حَجُّهُ نَفْلًا وَكَذَا السَّكْرَانُ إنْ زَالَ عَقْلُهُ وَأَنَّ الْمُغْمَى عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ وُقُوفُهُ وَلَا يَقَعُ حَجُّهُ فَرْضًا وَلَا نَفْلًا إنْ لَمْ يُفِقْ لَحْظَةً وَكَذَا السَّكْرَانُ لَمْ يَزُلْ عَقْلُهُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَعِبَارَةُ الْعَزِيزِيِّ الْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ النَّفْرُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَزَالَ عَقْلُهُ بِالسُّكْرِ وَدَامَ كَذَلِكَ جَمِيعَ وَقْتِ الْوُقُوفِ انْقَلَبَ حَجُّهُ نَفْلًا وَيُكْمِلُهُ الْوَلِيُّ عَنْهُ وَعَنْ الْمَجْنُونِ؛ لِأَنَّ لَهُمَا وَلِيًّا فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُحْضِرَ مَنْ ذُكِرَ الْمَوَاقِفَ
وَالْجُنُونُ كَمَا فُهِمَا مِنْهُ بِالْأَوْلَى قَالَ الْمُتَوَلِّي: لَكِنَّ حَجَّ الْمَجْنُونِ يَقَعُ نَفْلًا كَحَجِّ الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَحَكَاهُ عَنْهُ الشَّيْخَانِ وَأَقَرَّاهُ وَاسْتُشْكِلَ بِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ: وَالْإِمْلَاءِ فِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ فَاتَهُ الْحَجُّ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْجُنُونَ لَا يُنَافِي الْوُقُوعَ نَفْلًا فَإِنَّهُ إذَا جَازَ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُحْرِمَ عَنْ الْمَجْنُونِ ابْتِدَاءً فَفِي الدَّوَامِ أَوْلَى أَنْ يَتِمَّ حَجَّهُ فَيَقَعُ نَفْلًا بِخِلَافِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ إذْ لَيْسَ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُحْرِمَ عَنْهُ ابْتِدَاءً فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُتِمَّ حَجَّهُ
(ثُمَّ الطَّوَافُ لَهُمَا) أَيْ: لِلْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ قَالَ: تَعَالَى {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29](سَبْعًا) مِنْ الْمَرَّاتِ وَلَوْ مُتَفَرِّقَةً وَفِي الْأَوْقَافِ الْمَنْهِيِّ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا مَاشِيًا كَانَ، أَوْ رَاكِبًا بِعُذْرٍ، أَوْ غَيْرِهِ كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (مَا) الْمُفِيدَةُ زِيَادَةَ الشُّيُوعِ فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى سِتٍّ لَمْ يُجْزِهِ؛ لِأَنَّهُ «صلى الله عليه وسلم طَافَ سَبْعًا وَقَالَ: خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» وَأَفَادَ بِثُمَّ وُجُوبَ كَوْنِ الطَّوَافِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ، وَالْوُقُوفِ فِي الْحَجِّ وَبَعْدَ الْإِحْرَامِ فِي الْعُمْرَةِ فَهُوَ الرُّكْنُ الثَّالِثُ لِلْحَجِّ، وَالثَّانِي لِلْعُمْرَةِ مُبْتَدِئًا بِهِ (مِنْ أَوَّلِ) الْحَجَرِ (الْأَسْوَدِ) مِنْ جِهَةِ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ وَقَدْ (حَاذَى الْحَجَرَا بِكُلِّهِ) أَيْ: بِكُلِّ بَدَنِهِ فِي مُرُورِهِ بِحَيْثُ لَا يَتَقَدَّمُ جَزْءٌ مِنْ بَدَنِهِ عَلَى جَزْءٍ مِنْ الْحَجَرِ لَكِنَّ قَوْلَهُ مِنْ أَوَّلُ يُفْهِمُ اعْتِبَارَ مُحَاذَاتِهِ كُلَّ الْحَجَرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَوْ حَاذَى بَعْضَهُ بِكُلِّ بَدَنِهِ كَأَنْ كَانَ نَحِيفًا وَجَعَلَهُ عَنْ يَسَارِهِ أَجْزَأَهُ كَمَا يُجْزِئُهُ أَنْ يَتَوَجَّهَ بِكُلِّ بَدَنِهِ بَعْضَ الْكَعْبَةِ فِي الصَّلَاةِ قَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ.
وَالْمُرَادُ بِكُلِّ الْبَدَنِ كُلُّ الشِّقِّ الْأَيْسَرِ، أَمَّا لَوْ بَدَأَ بِغَيْرِ الْحَجَرِ، أَوْ بِهِ، لَكِنْ لَمْ يُحَاذِهِ بِكُلِّ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: أَنْ يَتِمَّ حَجَّهُ) يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِأَنَّهُ يَتِمُّ حَجَّهُ أَنَّهُ يُبَاشِرُ بِهِ مَا بَقِيَ مِنْ الْأَعْمَالِ بِأَنْ يَطُوفَ بِهِ وَيَسْعَى بِهِ وَيُحْضِرَ الْمَوَاقِفَ كَمَا لَوْ كَانَ مَجْنُونًا مِنْ الِابْتِدَاءِ وَأَحْرَمَ عَنْهُ لَا أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْوَلِيَّ يُبَاشِرُ عَنْهُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ حُضُورِهِ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ فَتَأَمَّلْ سم م ر
(قَوْلُهُ: الطَّوَافُ بِهِمَا)(فَرْعٌ) لَوْ أَرَادَ طَوَافَ تَطَوُّعٍ فَهَلْ يَصِحُّ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ أَسَابِيعَ بِنِيَّةٍ وَاحِدَةٍ فِيهِ نَظَرٌ وَيَنْبَغِي الْجَوَازُ وَقَدْ سُئِلَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ عَنْ ذَلِكَ فَلَمْ يَزِدْ فِي الْجَوَابِ عَلَى أَنَّ مُطْلَقَ النِّيَّةِ يَنْحَطُّ عَلَى أُسْبُوعٍ وَاحِدٍ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُطْلِقْ النِّيَّةَ جَازَ الْجَمْعُ بَيْنَ أَسَابِيعَ وَأَنَّهُ عِنْدَ إطْلَاقِ النِّيَّةِ تَمْتَنِعُ الزِّيَادَةُ عَلَى السَّبْعِ بِخِلَافِ صَلَاةِ النَّفْلِ نَعَمْ فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ لِلشِّهَابِ كَلَامٌ طَوِيلٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَرَاجِعْهُ
(قَوْلُهُ: عَلَى جَزْءٍ مِنْ الْحَجَرِ)
ــ
[حاشية الشربيني]
كَالطَّوَافِ، وَالسَّعْيِ، وَالرَّمْيِ إلْحَاقًا لِلدَّوَامِ بِالِابْتِدَاءِ وَكَذَا الْمُغْمَى عَلَيْهِ إنْ لَمْ يُرْجَ بُرْؤُهُ فَإِنْ رُجِيَ بُرْؤُهُ لَمْ يُكْمِلْهُ عَنْهُ فَيَفُوتُهُ الْحَجُّ فَإِنْ صَحَّا بَعْدَ ذَلِكَ تَحَلَّلَ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ وَلَمْ يَصِحَّ حَجُّهُ فَرْضًا وَلَا نَفْلًا وَأَمَّا السَّكْرَانُ الَّذِي لَمْ يَزُلْ عَقْلُهُ بِسَبَبِ سُكْرِهِ فَحَجُّهُ صَحِيحٌ وَيَقَعُ عَنْ فَرْضِ الْإِسْلَامِ إنْ لَمْ يَتَعَدَّوْا وَإِلَّا فَكَالْمُغْمَى عَلَيْهِ. اهـ. لَكِنَّ التَّقْيِيدَ بِعَدَمِ التَّعَدِّي ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ التَّعْمِيمُ كَمَا نُقِلَ عَنْ الشَّيْخِ الْقُوَيْسِنِيِّ. اهـ. عِبَارَةُ سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ وَيَقَعُ حَجُّ السَّكْرَانِ نَفْلًا وَإِنْ تَعَدَّى بِسُكْرِهِ عَلَى الْأَوْجَهِ لَكِنْ بَحَثَ بَعْضُهُمْ وُقُوعَهُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ لِنُفُوذِ تَصَرُّفَاتِهِ لَهُ وَعَلَيْهِ وَقِيَاسًا عَلَى صِحَّةِ إسْلَامِهِ بِخِلَافِ صَلَاتِهِ لِافْتِقَارِهِ إلَى نِيَّةٍ وَرُدَّ بِأَنَّ إلْحَاقَهُ بِالصَّاحِي فِي التَّصَرُّفَاتِ إنَّمَا هُوَ لِلتَّغْلِيظِ عَلَيْهِ، وَالتَّغْلِيظُ عَلَيْهِ هُنَا فِي إلْحَاقِهِ بِالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ مِنْ تَصَرُّفَاتِهِ النَّافِذَةَ مَا لَا تَغْلِيظَ عَلَيْهِ فِيهِ. اهـ. وَهُوَ مُنَافٍ لِلتَّفْصِيلِ السَّابِقِ فَلْيُحَرَّرْ
(قَوْلُهُ: لَكِنْ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ اشْتِرَاطَ عَدَمِ السُّكْرِ الزَّائِلِ بِهِ الْعَقْلُ، وَالْجُنُونُ إنَّمَا هُوَ لِلْوُقُوعِ فَرْضًا (قَوْلُهُ: وَأُجِيبَ إلَخْ) أَجَابَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ فَاتَهُ الْحَجُّ أَيْ: الْحَجُّ الْوَاجِبُ. اهـ. وَمُقْتَضَاهُ وُقُوعُهُ نَفْلًا وَأَنَّ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُتِمَّ حَجَّ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْإِحْرَامُ عَنْهُ ابْتِدَاءً وَيُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ الطَّوَافُ) وَلَا تَجِبُ نِيَّتُهُ إذَا كَانَ فِي ضِمْنِ نُسُكٍ عَلَى الْأَصَحِّ وَإِنْ وَجَبَ قَصْدُ الْبَيْتِ فَلَوْ دَارَ بِالْبَيْتِ وَلَمْ يَعْلَمْهُ لَمْ يَكْفِ كَمَا شُرِطَ فِي الرَّمْيِ قَصْدُ الْمَرْمَى وَإِنْ لَمْ تَجِبْ نِيَّتُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَا يَتَقَدَّمُ إلَخْ) هَذَا صَادِقٌ مَعَ تَقَدُّمِ جَمِيعِ بَدَنِهِ عَلَى الْجُزْءِ الْأَوَّلِ مِنْ الْحَجَرِ مَعَ عَدَمِ تَقَدُّمِ شَيْءٍ مِنْهُ عَلَى الْجُزْءِ الْأَخِيرِ إذْ الْمُرَادُ بِالْجُزْءِ فِي قَوْلِهِ عَلَى جَزْءٍ الْجُزْءُ الْأَخِيرُ كَمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُهُمْ هُنَا فَتَأَمَّلْ، ثُمَّ رَأَيْت الشَّيْخَ عَمِيرَةَ كَتَبَ عَلَى قَوْلِ الْمَحَلِّيِّ بِأَنْ لَا يَتَقَدَّمَ جَزْءٌ مِنْ بَدَنِهِ عَلَى جَزْءٍ مِنْ الْحَجَرِ مَا نَصُّهُ أَيْ: بِأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْجُزْءُ جَاوَزَ الْحَجَرَ إلَى جِهَةِ الْبَابِ فَهَذَا هُوَ الْمُضِرُّ لَا تَقَدُّمُ جَمِيعِ الْبَدَنِ عَنْ أَوَّلِ الْحَجَرِ الَّذِي فِي جِهَةِ الرُّكْنِ الْيَمَانِي يَدُلُّك عَلَى ذَلِكَ مَسْأَلَةُ الْبَعْضِ الْآتِيَةُ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ. اهـ. وَفِي الْمِنَحِ لَوْ سَامَتَ الْحَجَرَ بِنِصْفِ بَدَنِهِ وَنِصْفُهُ الْآخَرُ إلَى جِهَةِ الْيَمَانِيِّ أَوْ الْبَابِ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ إذَا انْفَتَلَ قَبْلَ مُجَاوَزَةِ الْحَجَرِ إلَى الْبَابِ فَقَدْ حَاذَى كُلَّ الْحَجَرِ فِي الْأُولَى وَبَعْضَهُ فِي الثَّانِيَةِ بِجَمِيعِ شِقِّهِ الْأَيْسَرِ. اهـ. وَلَوْ حَاذَى آخَرُ جُزْءٍ مِنْ الْحَجَرِ أَوَّلَ طَوَافِهِ وَآخِرَهُ كَمَا هُوَ الْوَاجِبُ، ثُمَّ أَرَادَ طَوَافًا آخَرَ لَمْ تَكْفِ النِّيَّةُ فِي مَحَلِّهِ إذْ هُوَ آخِرُ طَوَافِهِ الْأَوَّلِ فَيُتِمُّهُ وَيُحَاذِي مُحَاذَاةً أُخْرَى نَبَّهَ عَلَيْهِ حَجَرٌ فِي شَرْحِ عب (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَا يَتَقَدَّمُ إلَخْ) وَلَا بُدَّ أَنْ يُحَاذِيَ آخِرَ طَوَافِهِ مَا حَاذَاهُ أَوَّلًا أَوْ مُقَدَّمًا إلَى جِهَةِ الْبَابِ لِيَحْصُلَ اسْتِيعَاب الْبَيْت بِالطَّوَافِ وَزِيَادَةُ ذَلِكَ الْجُزْءِ كَمَا يَجِبُ غَسْلُ جَزْءٍ مِنْ الرَّأْسِ مَعَ الْوَجْهِ نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يُحَاذِيَ آخِرًا بِكُلِّ بَدَنِهِ مَا حَاذَاهُ بِهِ أَوَّلًا سَوَاءٌ كَانَ كُلُّ الْحِجْرِ أَوْ بَعْضُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْبَعْضُ طَرَفُهُ مِمَّا يَلِي الْبَابَ أَوْ لَا سم عَلَى ع
(قَوْلُهُ: بَعْضَهُ) أَيْ: وَلَوْ
بَدَنِهِ بِأَنْ جَاوَزَهُ بِبَعْضِ بَدَنِهِ إلَى جِهَةِ الْبَابِ لَمْ تُحْسَبْ طَوْفَتُهُ فَإِذَا انْتَهَى إلَيْهِ ابْتَدَأَ مِنْهُ كَالتَّنْكِيسِ فِي الْوُضُوءِ وَمَوْضِعُ الْحَجَرِ كَالْحَجَرِ لَوْ أُزِيلَ، وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ (مُطَّهِّرًا) بِتَشْدِيدِ الطَّاءِ، وَالْهَاءِ أَيْ: عَنْ الْحَدَثَيْنِ، وَالْخَبَثِ فِي بَدَنِهِ وَثَوْبِهِ وَمَطَافِهِ (مُسْتَتِرَا) عِنْدَ الْقُدْرَةِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ لِخَبَرِ «الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ» فَلَوْ طَافَ مُحْدِثًا، أَوْ مُتَنَجِّسًا بِنَجَاسَةٍ غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهَا، أَوْ مَكْشُوفَ الْعَوْرَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى سَتْرِهَا لَمْ يَصِحَّ طَوَافُهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَغَلَبَةُ النَّجَاسَةِ فِي الْمَطَافِ مِمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى وَقَدْ اخْتَارَ جَمَاعَةٌ مِنْ مُحَقِّقِي أَصْحَابِنَا الْعَفْوَ عَنْهَا قَالَ: وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ كَمَا فِي دَمِ الْقُمَّلِ، وَالْبَرَاغِيثِ، وَالْبَقِّ وَغَيْرِهَا مِمَّا مَرَّ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَالْقِيَاسُ مَنْعُ الْمُتَيَمِّمِ، وَالْمُتَنَجِّسِ الْعَاجِزَيْنِ عَنْ الْمَاءِ مِنْ الطَّوَافِ لِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ
ــ
[حاشية العبادي]
أَيْ: إلَى جِهَةِ الْبَابِ (قَوْلُهُ: لِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ إلَخْ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السَّبَبَ فِي ذَلِكَ غَلَبَةُ وُجُودِ الْمَاءِ، ثَمَّ فَلَوْ فُرِضَ أَنَّ الْمَحَلَّ صَارَ مِمَّا يَغْلِبُ فِيهِ الْعَدَمُ وَفَقْدُهُ جَازَ فِعْلُهُ بِالتَّيَمُّمِ وَتَمَّ نُسُكُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ طَوَافٌ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ عَادَ لِمَكَّةَ وَقَدَرَ عَلَى الْمَاءِ كَالصَّلَاةِ وَهَذَا ظَاهِرٌ مُتَّجِهٌ سم
ــ
[حاشية الشربيني]
نِصْفَهُ الْأَخِيرَ مِمَّا يَلِي الْبَابَ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: ابْتِدَاءً مِنْهُ) أَيْ: مَعَ النِّيَّةِ إنْ كَانَ طَوَافُهُ يَحْتَاجُ إلَيْهَا وَلَمْ يَسْتَحْضِرْ وَإِلَّا كَفَى اسْتِحْضَارُهَا. اهـ. مَدَنِيٌّ (قَوْلُهُ: وَمَوْضِعُ الْحَجَرِ) كَالْحَجَرِ دُونَ مَا عَدَاهُ مِمَّا زَادَ عَلَيْهِ. اهـ. شَرْحُ عب حَجَرٌ
(قَوْلُهُ: وَمَطَافُهُ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَلَمْ أَرَ لِلْأَئِمَّةِ تَشْبِيهَ مَكَانِ الطَّوَافِ بِالطَّرِيقِ فِي حَقِّ الْمُتَنَفِّلِ مَاشِيًا أَوْ رَاكِبًا وَهُوَ تَشْبِيهٌ لَا بَأْسَ بِهِ. اهـ. وَعَلَيْهِ فَيَجِيءُ هُنَا جَمِيعُ مَا هُنَاكَ وَمِنْهُ بُطْلَانُ الطَّوَافِ بِوَطْءِ الْمَاشِي نِسْيَانًا نَجَاسَةً رَطْبَةً لَا يُعْفَى عَنْهَا بِخِلَافِ الْيَابِسَةِ، وَالْمَعْفُوِّ عَنْهَا أَوْ عَمْدًا وَلَوْ يَابِسَةً لَمْ يَجِدْ عَنْهَا مَعْدِلًا عَلَى مَا رَجَّحَهُ صَاحِبُ الرَّوْضِ هُنَاكَ فِي يَابِسَةٍ لَمْ يَجِدْ عَنْهَا مَعْدِلًا. اهـ. سم شَرْحُ ع (قَوْلُهُ: كَمَا فِي دَمِ الْقُمَّلِ، وَالْبَرَاغِيثِ، وَالْبَقِّ وَغَيْرِهَا) عِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ بَعْدَ قَوْلِهِ الْبَرَاغِيثُ وَأَثَرُ الِاسْتِنْجَاءِ وَقَلِيلُ طِينِ الشَّارِعِ قَالَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَبِتَأَمُّلِ مَا مَرَّ فِي كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ الْمُنَظَّرِ بِهَا مِنْ اخْتِلَافِ أَحْوَالِهَا فِي الْعَفْوِ يُعْلَمُ اخْتِلَافُ مُقْتَضَى التَّنْظِيرِ لِكُلٍّ مِنْهَا وَأَنَّ فِيهِ نَوْعَ تَنَاقُضٍ وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَلِيلِ النَّجَاسَةِ وَكَثِيرِهَا حَيْثُ شَقَّ اجْتِنَابُهَا وَإِنَّمَا قَيَّدَ الْعَفْوَ عَنْ دَمِ الْبَثَرَاتِ الْمَقْصُودَةِ، وَالْقَمْلِ الْمَقْتُولِ بِالْقَلِيلِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ فِعْلِهِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُضْطَرٍّ إلَيْهِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ حَصَلَ هُنَا بِفِعْلِهِ كَمَشْيِهِ عُفِيَ عَنْ قَلِيلِهِ دُونَ كَثِيرِهِ وَإِنَّهُ لَا يُعْفَى عَمَّا تَعَمَّدَ وَطْأَهُ وَلَهُ عَنْهُ مَنْدُوحَةٌ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَابْنُ الْعِمَادِ: وَهُوَ قَيْدٌ مُتَعَيِّنٌ وَلَا بُدَّ مِنْ جَرَيَانِهِ فِي سَائِرِ الْمَسَاجِدِ؛ لِأَنَّ مَشَقَّةَ الِاجْتِنَابِ تُنَافِي تَعَمُّدَ الْوَطْءِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: فَتَلَخَّصَ أَنَّهُ لَا يُكَلَّفُ التَّحَرُّزَ، وَالْوَطْءَ فِي الْمَكَانِ الطَّاهِرِ بَلْ كَيْفَ اتَّفَقَ وَإِذَا مَشَى أَوْ صَلَّى عَلَى شَيْءٍ لَمْ يَضُرَّهُ مَا لَمْ يَقْصِدْهُ. اهـ. وَأَنَّهُ مَتَى كَانَتْ هِيَ أَوْ رِجْلُهُ رَطْبَةً لَمْ يُعْفَ عَنْهَا؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ نَجَاسَةُ بَدَنٍ لَا مَكَان وَلَمْ يَسْتَثْنُوا إلَّا نَجَاسَةَ الْمَكَانِ. اهـ. شَرْحُ عب حَجَرٌ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إلَخْ) قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَمَحَلُّ اشْتِرَاطِ السَّتْرِ، وَالطُّهْرِ مَعَ الْقُدْرَةِ فَأَمَّا مَعَ الْعَجْزِ فَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: إنْ كَانَ الطَّوَافُ نَفْلًا أَوْ لِلْوَدَاعِ فَلَا شَكَّ فِي جَوَازِهِ بِدُونِهِمَا وَإِنْ كَانَ طَوَافَ رُكْنٍ جَازَ لِلْعَادِمِ؛ لِأَنَّهُ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ فِي الْمَشْهُورِ، وَالْقِيَاسُ مَنْعُ الْمُتَيَمِّمِ، وَالْمُتَنَجِّسِ مِنْهُ إلَخْ مَا فِي الشَّارِحِ. اهـ. لَكِنْ نَقَلَ سم عَنْ م ر تَضْعِيفَ مَا قَالَهُ فِي النَّفْلِ وَطَوَافِ الْوَدَاعِ
(قَوْلُهُ: وَالْقِيَاسُ مَنْعُ الْمُتَيَمِّمِ إلَخْ) حَاصِلُ مَا رَجَّحَهُ سم فِي حَاشِيَةِ التُّحْفَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ كُلٌّ مِنْ طَوَافِ الرُّكْنِ، وَالْوَدَاعِ، وَالنَّفَلِ بِالتَّيَمُّمِ وَيَمْتَنِعُ كُلٌّ مِنْهَا عَلَى فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَعَلَى مَنْ بِهِ نَجَاسَةٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى طُهْرِهَا وَيَسْقُطُ عَنْهُ طَوَافُ الْوَدَاعِ بِذَلِكَ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ. اهـ. وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَنَّ الْعَاجِزَ عَنْ الطَّهَارَةِ، وَالْمُتَنَجِّسَ لَيْسَ لَهُ فِعْلُ شَيْءٍ مِنْ أَنْوَاعِ الطَّوَافِ وَسَقَطَ عَنْهُ طَوَافُ الْوَدَاعِ بِلَا دَمٍ وَيَجِبُ عَلَيْهِ فِعْلُ طَوَافِ الرُّكْنِ مَتَى أَمْكَنَ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ وَمِثْلُهُ الْحَائِضُ، وَالنُّفَسَاءُ وَفَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ وَفِي حَاشِيَةِ ز ي أَنَّهُ اعْتَمَدَ أَنَّ الْحَائِضَ يَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَتَحَلَّلَ بِذَبْحٍ وَحَلْقٍ وَنِيَّةٍ وَمَعَ ذَلِكَ لَا تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ لِطَوَافِهَا إذَا قَدَرَتْ عَلَيْهِ وَإِعَادَتِهِ وَأَمَّا الْمُتَيَمِّمُ الَّذِي يَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ لِجَبِيرَةٍ مَثَلًا أَوْ لِنُدُورِ فَقْدِ الْمَاءِ فَلَيْسَ لَهُ فِعْلُ طَوَافِ النَّفْلِ وَلَهُ فِعْلُ الْفَرْضِ وَيَحْصُلُ بِهِ تَحَلُّلُهُ وَيَلْزَمُهُ إعَادَةُ طَوَافِ الرُّكْنِ مَتَى أَمْكَنَهُ وَلَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ بَاقٍ فِي حَقِّ الْجَمِيعِ بِالنِّسْبَةِ لَهُ هَذَا مَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَاعْتَمَدَهُ. اهـ.
وَقَوْلُهُ وَيَلْزَمُهُ إعَادَةُ طَوَافِ الرُّكْنِ أَيْ: دُونَ طَوَافِ الْوَدَاعِ. اهـ. وَقَوْلُهُ، وَالْمُتَنَجِّسُ لَيْسَ لَهُ فِعْلُ شَيْءٍ إلَخْ قَالَ سم فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ وَافَقَ م ر عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ النَّفْلِ مَعَ النَّجَاسَةِ وَفَصَّلَ فِي الْفَرْضِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مُتَطَهِّرًا بِالْمَاءِ وَكَذَا بِالتُّرَابِ قَبْلَ طُرُوُّ النَّجَاسَةِ فَيَطُوفُ لِمَشَقَّةِ مُصَابَرَةِ الْإِحْرَامِ وَبَيْنَ أَنْ تَكُونَ النَّجَاسَةُ طَرَأَتْ قَبْلَ التَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّهَا تَمْنَعُ صِحَّتَهُ كَفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَهُوَ لَا يَطُوفُ
وَإِنَّمَا فُعِلَتْ الصَّلَاةُ كَذَلِكَ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ، وَالطَّوَافُ لَا آخِرَ لِوَقْتِهِ ثُمَّ حُكِيَ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَجْهَيْنِ فِي الْإِعَادَةِ فِيمَا لَوْ طَافَ بِالتَّيَمُّمِ لِفَقْدِ الْمَاءِ قَالَ: وَهُوَ يَقْتَضِي الْجَزْمَ بِالْجَوَازِ وَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ وَبِتَقْدِيرِ جَوَازِهِ لَا سَبِيلَ إلَى تَرْكِ إعَادَتِهِ قَالَ الشَّارِحُ: قَدْ يُقَالُ يُفْعَلُ لِشِدَّةِ الْمَشَقَّةِ فِي بَقَائِهِ مُحْرِمًا مَعَ عَوْدِهِ إلَى وَطَنِهِ وَتَجِبُ إعَادَتُهُ إذَا تَمَكَّنَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا فَعَلَهُ لِلضَّرُورَةِ وَقَدْ زَالَتْ بِعَوْدِهِ إلَى مَكَّةَ (يَبْنِيهِ) أَيْ: وَيَبْنِي الطَّوَافَ (مُحْدِثٌ) فِي أَثْنَائِهِ وَلَوْ عَمْدًا إذَا تَطَهَّرَ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ إذْ يُحْتَمَلُ فِيهِ مَا لَا يُحْتَمَلُ فِيهَا كَكَثِيرِ الْفِعْلِ، وَالْكَلَامِ سَوَاءٌ طَالَ الْفَصْلُ أَمْ قَصُرَ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الْمُوَالَاةِ فِيهِ كَالْوُضُوءِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عِبَادَةٌ يَجُوزُ أَنْ يَتَخَلَّلَهَا مَا لَيْسَ مِنْهَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ (بِلَا اسْتِئْنَافِ) لِلطَّوْفَةِ الَّتِي أَحْدَثَ فِيهَا مِنْ أَوَّلِ الْحَجَرِ بَلْ يَبْنِي مِنْ مَوْضِعِ حَدَثِهِ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَالْبَيْتُ) أَيْ: وَالْحَالَةُ أَنَّ الْبَيْتَ (عَنْ يُسْرَاهُ فِي الطَّوَافِ) فَلَوْ اسْتَقْبَلَهُ، أَوْ اسْتَدْبَرَهُ وَطَافَ مُعْتَرِضًا، أَوْ جَعَلَهُ عَنْ يَمِينِهِ وَمَرَّ
ــ
[حاشية العبادي]
(قَوْلُهُ: قَالَ الشَّارِحُ) : قَدْ يُقَالُ إلَى آخِرِ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ مُتَّجِهٌ وَإِنْ اُعْتُرِضَ قَوْلُهُ وَتَجِبُ إعَادَتُهُ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ عَوْدُ الْإِحْرَامِ بَعْدَ الْحِلِّ وَإِلَّا فَكَيْفَ يُخَاطَبُ الْحَلَالُ بِطَوَافِ الرُّكْنِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ دَفْعُهُ بِالْتِزَامِ بَقَاءِ إحْرَامِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلُزُومِ الطَّوَافِ إذَا عَادَ دُونَ الْمُحْرِمَاتِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَقَدْ زَالَتْ بِعَوْدِهِ إلَى مَكَّةَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّمَكُّنِ عَوْدُهُ إلَى مَكَّةَ وَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْعَوْدُ عَلَى الْفَوْرِ وَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْهُ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ غَيْرُ بَعِيدٍ وَقَضِيَّةُ دَفْعِ الِاعْتِرَاضِ بِبَقَاءِ الْإِحْرَامِ بِالنِّسْبَةِ لِلطَّوَافِ أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةٍ عِنْدَ إعَادَتِهِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ لَيْسَ يُعَدُّ كَبِيرَ بُعْدٍ وَاعْلَمْ أَنَّ الْوَجْهَ الَّذِي يَكَادُ أَنْ يُصَرِّحَ بِهِ كَلَامُهُمْ جَوَازُ طَوَافِ النَّفْلِ بِالتَّيَمُّمِ لِفَقْدِ الْمَاءِ وَإِنْ غَلَبَ فِي الْمَحَلِّ وُجُودُهُ لِجَوَازِ التَّنَفُّلِ بِالصَّلَاةِ بِالتَّيَمُّمِ لِفَقْدِ الْمَاءِ وَإِنْ غَلَبَ الْوُجُودُ أَيْضًا خِلَافًا لِمَا زَعَمَهُ الزَّرْكَشِيُّ فِيهِمَا وَأَنَّ الْأَذْرَعِيَّ قَالَ: إنَّ قَضِيَّةَ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إذَا كَانَ نَفْلًا، أَوْ لِلْوَدَاعِ عَنْهُ فَقْدُ الطَّهُورَيْنِ وَهَلْ يَسْقُطُ طَوَافُ الْوَدَاعِ حِينَئِذٍ وَلَا يَجِبُ دَمٌ كَمَا اعْتَمَدَ ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ فِيهِ نَظَرٌ لَكِنَّ مَا اعْتَمَدَهُ مُتَّجِهٌ وَإِنْ اُعْتُرِضَ عَلَى قِيَاسِهِ إيَّاهُ عَلَى سُقُوطِهِ عَنْ الْحَائِضِ بِأَنَّ سُقُوطَهُ عَنْ الْحَائِضِ رُخْصَةٌ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهَا فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّ الْمُتَحَصِّلَ مِنْ كَلَامِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ جَوَازُ الْقِيَاسِ فِي الرُّخَصِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ سم (قَوْلُهُ: قَالَ الشَّارِحُ) قَدْ يُقَالُ هَلْ يَأْتِي هَذَا الْبَحْثُ فِي الْمُتَنَجِّسِ إذَا كَانَ مُتَطَهِّرًا عَنْ الْحَدَثِ وَلَوْ بِالتُّرَابِ حَيْثُ سَاغَ كَأَنْ تَيَمَّمَ، ثُمَّ طَرَأَتْ النَّجَاسَةُ وَفُقِدَ الْمَاءُ (قَوْلُهُ: بِفِعْلِ الشِّدَّةِ إلَخْ) أَيْ: بِخِلَافِ الْمُتَنَجِّسِ بِمَا لَا يُعْفَى عَنْهُ وَفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ فَلَا يَفْعَلَانِهِ، وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ م ر
(قَوْلُهُ: حَتَّى يُجَاوِزَهُ) هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ قَوْلَهُ، ثُمَّ يَنْفَتِلُ مَعْنَاهُ يَنْفَتِلُ بَعْدَ مُجَاوَزَتِهِ بِحَيْثُ يُحَاذِي شِقُّهُ الْأَيْسَرُ أَوَّلَ جَزْءٍ مِمَّا يَلِي الْحَجَرَ مِنْ جِهَةِ الْبَابِ وَيُصَرِّحُ بِذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُ النَّوَوِيِّ السَّابِقُ وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الطَّوَافِ إلَخْ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ فِي النَّقْلِ فَاحْفَظْهُ وَلَا تَغْتَرَّ بِمُخَالَفَةٍ وَإِنْ كُنْت وَافَقْتُهُ أَوَّلًا فِي الْحَاشِيَةِ الْأُخْرَى سم (قَوْلُهُ: لِلطَّوْفَةِ) أَيْ: فَلَيْسَ قَوْلُهُ بِلَا اسْتِئْنَافٍ تَأْكِيدًا لَكِنْ قَدْ يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَهُ، وَالتَّصْرِيحُ إلَخْ
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا فُعِلَتْ الصَّلَاةُ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ الْجَوَازُ فِي طَوَافِ الْوَدَاعِ لِحُرْمَةِ مُفَارَقَةِ مَكَّةَ بِدُونِهِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا فُعِلَتْ الصَّلَاةُ إلَخْ) هَذَا الْفَرْقُ مُسَلَّمٌ فِي الْمُتَنَجِّسِ دُونَ الْمُتَيَمِّمِ سم عَلَى التُّحْفَةِ وَلَعَلَّهُ؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ طَهَارَةٌ فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ: قَدْ يُقَالُ يَفْعَلُ إلَخْ) حَيْثُ لَمْ يَرْجُ الْمَاءُ فِي زَمَنٍ يَتَمَكَّنُ فِيهِ مِنْ الْفِعْلِ عَلَى وَجْهٍ مُجْزٍ قَبْلَ الرَّحِيلِ كَمَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَالْمُحَشِّي عَلَى التُّحْفَةِ. اهـ. وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الْآفَاقِيِّ أَمَّا الْمَكِّيُّ فَقَالَ الْمَدَنِيُّ إنْ رَجَا حُصُولَ الْبُرْءِ أَوْ الْمَاءِ فِي زَمَنٍ قَرِيبٍ لَا تَعْظُمُ فِيهِ مَشَقَّةُ مُصَابَرَةِ الْإِحْرَامِ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّحَلُّلُ وَإِلَّا جَازَ وَنَقَلَهُ عَنْ الْبَكْرِيِّ فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الْإِيضَاحِ لِلنَّوَوِيِّ
(قَوْلُهُ: فَلَوْ اسْتَقْبَلَهُ أَوْ اسْتَدْبَرَهُ إلَخْ) -
نَحْوَ الْبَابِ مُرُورَ الْقَهْقَرَى، أَوْ نَحْوَ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ لَمْ يَصِحَّ.
قَالَ النَّوَوِيُّ: وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الطَّوَافِ يَجُوزُ مُسْتَقْبِلَ الْبَيْتِ إلَّا فِي مُرُورِهِ مُسْتَقْبِلَ الْحَجَرِ فِي الِابْتِدَاءِ وَذَلِكَ سُنَّةٌ فِي الطَّوْفَةِ الْأُولَى لَا غَيْرُ فَيَجْعَلُ مَنْكِبَهُ الْأَيْمَنَ عِنْدَ أَوَّلِهِ ثُمَّ يَمْشِي مُسْتَقْبِلَهُ نَحْوَ يَمِينِهِ حَتَّى يُجَاوِزَهُ ثُمَّ يَنْفَتِلُ لِيَكُونَ الْبَيْتُ عَنْ يَسَارِهِ قَالَ: وَهَذَا غَيْرُ الِاسْتِقْبَالِ عِنْدَ لِقَاءِ الْحَجَرِ قَبْلَ ابْتِدَاءِ الطَّوَافِ فَذَاكَ سُنَّةٌ مُسْتَقْبَلَةٌ فَإِذَا اسْتَقْبَلَ الْبَيْتَ لِدُعَاءٍ، أَوْ زَحْمَةٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا فَلْيَحْتَرِزْ عَنْ الْمُرُورِ فِي الطَّوَافِ وَلَوْ أَدْنَى جَزْءٍ قَبْلَ عَوْدِهِ إلَى جَعْلِ الْبَيْتِ عَنْ يَسَارِهِ (فِي دَاخِلِ الْمَسْجِدِ) وَلَوْ فِي أُخْرَيَاتِهِ، أَوْ فِيمَا زِيدَ فِيهِ عَلَى مَا كَانَ فِي زَمَنِهِ صلى الله عليه وسلم أَوْ عَلَى سَطْحِهِ وَإِنْ كَانَ أَعْلَى مِنْ الْبَيْتِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَصَوَّبَهُ النَّوَوِيُّ كَالصَّلَاةِ عَلَى جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ، أَوْ مَعَ الْحَائِلِ عَنْ الْبَيْتِ كَالسِّقَايَةِ، وَالسَّوَارِي وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَةٍ (كَيْفَ كَانَهْ) بِهَاءِ السَّكْتِ نَعَمْ لَوْ زِيدَ فِيهِ حَتَّى بَلَغَ الْحِلَّ فَطَافَ فِيهِ فِي الْحِلِّ فَالْقِيَاسُ فِي الْمُهِمَّاتِ عَدَمُ الصِّحَّةِ وَخَرَجَ بِدَاخِلِ الْمَسْجِدِ خَارِجُهُ وَلَوْ بِالْحَرَمِ «؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَطُفْ إلَّا دَاخِلَهُ وَقَالَ: خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ»
(وَخَارِجِ الْبَيْتِ) ؛ لِأَنَّ مَنْ طَافَ دَاخِلَهُ طَافَ فِيهِ لَا بِهِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ} [الحج: 29](وَ) خَارِجَ (شَاذَرْوَانِهِ) بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ الْخَارِجُ عَنْ عَرْضِ جِدَارِ الْبَيْتِ تَرَكَتْهُ -
ــ
[حاشية العبادي]
(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ إعَادَتُهُ) يَتَّجِهُ أَنَّهَا عَلَى التَّرَاخِي، وَالْوَجْهُ امْتِنَاعُ الْإِحْرَامِ بِغَيْرِ ذَلِكَ النُّسُكِ كَمَا فِي الْعَاكِفِ بِمِنًى لِلرَّمْيِ بَلْ، أَوْلَى لِبَقَاءِ بَعْضِ الْأَرْكَانِ وَبَقَاءِ إحْرَامِهِ بِالنِّسْبَةِ لِذَلِكَ الْبَاقِي فَلْيُتَأَمَّلْ م ر (قَوْلُهُ: يَنْفَتِلُ) أَيْ: بِحَيْثُ لَا يَتَقَدَّمُ جُزْءٌ مِنْ بَدَنِهِ عَلَى جُزْءٍ مِنْ الْحَجَرِ إلَى جِهَةِ الْبَابِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ فِي شَرْحِ حَاذَى الْحَجَرَ بِكُلِّهِ بِحَيْثُ لَا يَتَقَدَّمُ جُزْءٌ مِنْ بَدَنِهِ عَلَى جُزْءٍ مِنْ الْحَجَرِ. اهـ. فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ تَمَامِ الِانْفِتَالِ بِحَيْثُ لَا يَتَقَدَّمُ جُزْءٌ مِنْ بَدَنِهِ عَلَى جُزْءٍ مِنْ الْحَجَرِ إلَى جِهَةِ الْبَابِ وَحِينَئِذٍ يُشْكِلُ قَوْلُ النَّوَوِيِّ السَّابِقُ وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الطَّوَافِ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ شَيْءٌ مِنْ الطَّوَافِ مَعَ الِاسْتِقْبَالِ إذْ ابْتِدَاءُ الطَّوَافِ هُوَ الْمُحَاذَاةُ عِنْدَ الِاتِّصَالِ وَهُوَ حِينَئِذٍ غَيْرُ مُنْفَتَلٍ إلَّا أَنْ يُرِيدَ النَّوَوِيُّ أَنَّ ابْتِدَاءَ الطَّوَافِ هُوَ الْمُحَاذَاةُ بِالِاسْتِقْبَالِ وَلَوْ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَى الْجُزْءِ الَّذِي يُحَاذِيهِ بَعْدَ تَمَامِ الِانْفِتَالِ بِحَيْثُ لَا يَخْرُجُ جُزْءٌ مِنْهُ عَنْهُ إلَى جِهَةِ الْبَابِ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَظْهَرُ أَنَّهُ صَحَّ الطَّوَافُ مَعَ الِاسْتِقْبَالِ؛ لِأَنَّهُ إذَا انْتَهَى فِي هَذِهِ الطَّوْفَةِ إلَى مَوْضِعِ الْمُحَاذَاةِ بِالِاسْتِقْبَالِ تَمَّتْ طَوْفَتُهُ عَلَى هَذَا وَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ إلَى مَوْضِعِ الْمُحَاذَاةِ بَعْدَ تَمَامِ الِانْفِتَالِ بِالْحَيْثِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَلْيُحَرَّرْ، ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ قَالَ: إنَّ حَقِيقَةَ الطَّوَافِ إنَّمَا تُوجَدُ عِنْدَ تَمَامِ هَذَا الِانْفِتَالِ عِنْدَ مُحَاذَاةِ طَرَفِ الْحَجَرِ وَهُوَ حِينَئِذٍ قَدْ حَاذَاهُ بِيَسَارِهِ، ثُمَّ قَالَ فِي قَوْلِهِمْ إنَّهُ لَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْ الطَّوَافِ مَعَ اسْتِقْبَالِ الْبَيْتِ إلَّا هُنَا: وَبِمَا قَرَّرْته أَنَّ الطَّوَافَ حَقِيقَةً إنَّمَا هُوَ مِنْ حِينِ الِانْفِتَالِ يُعْلَمُ أَنَّ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ صُورِيٌّ. اهـ. فَلْيُتَأَمَّلْ، ثُمَّ رَأَيْتنِي فِي هَامِشِ شَرْحِ الْمِنْهَاجِ بَيَّنْت رَدَّ هَذَا الَّذِي قَالَهُ هَذَا الْبَعْضُ وَأَنَّ عِبَارَةَ النَّوَوِيِّ ظَاهِرَةٌ جِدًّا إنْ لَمْ تَكُنْ صَرِيحَةً فِي أَنَّ الِانْفِتَالَ عِنْدَ الْمُجَاوَزَةِ وَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عِنْدَ الِانْفِتَالِ أَنْ يُحَاذِيَ يَسَارُهُ جُزْءًا مِنْ الْحَجَرِ بَلْ يَكْفِي مُحَاذَاتُهُ حِينَئِذٍ لِأَوَّلِ مَا يُجَاوِرُ الْحَجَرَ مِنْ جِهَةِ الْبَابِ فَالِاسْتِثْنَاءُ حَقِيقِيٌّ لَا صُورِيٌّ فَرَاجِعْهُ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَهُ فِي شَرْحِ حَاذَى الْحَجَرَ حَيْثُ لَا يَتَقَدَّمُ جُزْءٌ مِنْ بَدَنِهِ عَلَى جُزْءٍ مِنْ الْحَجَرِ؛ لِأَنَّهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَسْتَقْبِلْ بَلْ حَاذَى بِشِقِّهِ الْأَيْسَرِ فَاحْفَظْ هَذَا وَلَا تَلْتَفِتْ لِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي أَوَّلِ هَذِهِ الْحَاشِيَةِ (قَوْلُهُ، أَوْ مَعَ الْحَائِلِ)
ــ
[حاشية الشربيني]
حَاصِلُ صُوَرِ الْمَقَامِ ثَمَانٌ وَأَرْبَعُونَ صُورَةً حَاصِلَةٌ مِنْ ضَرْبِ أَرْبَعَةٍ وَهِيَ جَعْلُ الْبَيْتِ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ أَوْ أَمَامَهُ أَوْ خَلْفَهُ فِي اثْنَيْنِ وَهُمَا الذَّهَابُ إلَى جِهَةِ الْبَابِ أَوْ الْيَمَانِي وَعَلَى كُلٍّ مِنْ الثَّمَانِيَةِ إمَّا أَنْ يَذْهَبَ مُعْتَدِلًا أَوْ مُنَكِّسًا رَأْسَهُ إلَى أَسْفَلَ أَوْ مُسْتَلْقِيًا عَلَى ظَهْرِهِ أَوْ مُنْكَبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَوْ زَحْفًا أَوْ حَبْوًا وَكُلُّهَا بَاطِلَةٌ إلَّا سِتَّةً وَهِيَ أَنْ يَجْعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ ذَاهِبًا إلَى جِهَةِ الْبَابِ بِكَيْفِيَّاتِهَا السِّتِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. اهـ. شَرْقَاوِيٌّ وَغَيْرُهُ
(قَوْلُهُ: الِاسْتِقْبَالُ عِنْدَ لِقَاءِ الْحَجَرِ) فَيَسْتَقْبِلُهُ أَوَّلًا، ثُمَّ يَسْتَلِمُهُ، ثُمَّ يَتَأَخَّرُ جِهَةَ يَسَارِهِ بِحَيْثُ يَكُونُ طَرَفُ مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ عِنْدَ طَرَفِ الْحَجَرِ، ثُمَّ يَمُرُّ جِهَةَ يَمِينِهِ إلَى أَنْ يُجَاوِزَهُ فَيَنْفَتِلُ (قَوْلُهُ: وَشَاذَرْوَانُهُ) هُوَ الْجِدَارُ الْقَصِيرُ الْمُسَنَّمُ بَيْنَ الْيَمَانِيِّينَ، وَالْغَرْبِيِّ، وَالْيَمَانِيِّ دُونَ جِهَةِ الْبَابِ وَإِنْ أُحْدِثَ فِيهِ الْآنَ شَاذَرْوَانُ حَجَرٌ شَرْحُ بَافَضْلٍ قَالَ الْمَدَنِيُّ: الْمُعْتَمَدُ وُجُودُ الشَّاذَرْوَانِ فِي جِهَةِ الْبَابِ أَيْضًا وَمِثْلُهُ سم فِي شَرْحِ الْغَايَةِ مُخَالِفًا لِجَمْعٍ مِنْهُمْ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ تُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ إلَّا فِي جِهَةِ الْبَابِ قَالَ الْعِرَاقِيُّ إنَّ اخْتِصَاصَهُ بِجِهَةِ الْبَابِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ تَبَعًا لِلْإِمَامِ وَهُوَ خِلَافُ الْمُشَاهَدِ مِنْ تَعْمِيمِ الْجُدُرِ الثَّلَاثِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَزْرَقِيُّ فِي تَارِيخِ مَكَّةَ. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ وَلَا شَاذَرْوَانَ مِنْ جِهَةِ الْبَابِ قَالَ حَجَرٌ فِي شَرْحِهِ وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ كَالْإِمَامِ إنَّهُ مُخْتَصٌّ بِهَذِهِ الْجِهَةِ خِلَافُ الْمَعْرُوفِ وَمَعْنَى نَفْيِهِ عَنْهَا الَّذِي عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِظَاهِرٍ مِنْ الْبَابِ إلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ قَالَ الْإِمَامُ: وَلَعَلَّ عَدَمَ ظُهُورِهِ عِنْدَهُ لِتَهْوِينِ اسْتِلَامِهِ وَظَنَّ جَمَاعَةٌ أَنَّ النَّفْيَ عَلَى حَقِيقَتِهِ فَقَالُوا لَوْ مَسَّ الْجِدَارَ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ لَمْ يَضُرَّ وَلَيْسَ كَمَا ظَنُّوا فَقَدْ ثَبَتَ فِي الْحَاشِيَةِ مَا يُبْطِلُ هَذَا الظَّنَّ وَمِنْهُ قَوْل الْمَجْمُوعُ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي جَوَانِبِ الْبَيْتِ لَكِنْ لَا يَظْهَرُ عِنْدَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَقَدْ أُحْدِثَ فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ عِنْده شَاذَرْوَانُ، ثُمَّ قَالَ حَجَرٌ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّاذَرْوَانِ الْمُثْبَتُ فِي جَمِيعِ الْجَوَانِبِ هُوَ الْأَحْجَارُ الْمُلَاصِقَةُ لِلْكَعْبَةِ الَّتِي عَلَيْهَا الْبِنَاءُ الْمُسَنَّمُ الْمُرَخَّمُ فِي جَوَانِبِهَا الثَّلَاثَةِ وَبَعْضُ حِجَارَةِ الْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ لَا بِنَاءَ عَلَيْهَا وَهُوَ شَاذَرْوَانُ أَيْضًا نُقِلَ ذَلِكَ عَنْ الْأَزْرَقِيِّ، وَالْفَارِسِيِّ قَالَ: وَهُمَا الْعُمْدَةُ فِي هَذَا الشَّأْنِ، وَالْمَنْفِيُّ هُوَ الْبِنَاءُ الْمُسَنَّمُ فَوْقَ تِلْكَ الْأَحْجَارِ لَا أَصْلُ
قُرَيْشٌ لِضِيقِ النَّفَقَةِ وَفِي الْبَيْتِ بِهَذَا التَّقْدِيرِ إصْرَافٌ وَهُوَ الْبُعْدُ بَيْنَ حَرَكَتَيْ الرَّوِيِّ وَهُوَ هُنَا النُّونُ وَذَلِكَ عَيْبٌ فَالْأَوْلَى جَعْلُ شَاذَرْوَانِهِ مَفْعُولًا مَعَهُ (وَ) خَارِجٌ (سِتُّ أَذْرُعٍ مِنْ الْحِجْرِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَسُكُونِ الْجِيمِ الْمَحُوطُ بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ الشَّامِيَّيْنِ بِجِدَارٍ قَصِيرٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كُلٍّ مِنْ الرُّكْنَيْنِ فَتْحَةٌ.
وَقَوْلُهُ (مَعَهْ) أَيْ: مَعَ الشَّاذَرْوَانِ تَكْمِلَةٌ، وَالْأَذْرُعُ السِّتَّةُ مِنْ الْبَيْتِ كَمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ فَلَوْ اقْتَحَمَ جِدَارَ الْحِجْرِ وَرَاءَ سِتَّةِ أَذْرُعٍ صَحَّ طَوَافُهُ؛ لِأَنَّهُ خَارِجَ الْبَيْتِ كَذَا قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ كَمَا زَادَهُ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ (قُلْتُ وَنَصُّ الشَّافِعِيِّ) وَبِهِ جَزَمَ مُعْظَمُ الْأَصْحَابِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا إنَّهُ إنَّمَا يَصِحُّ طَوَافُهُ خَارِجَ الْحِجْرِ (أَجْمَعَهْ) أَيْ: كُلُّهُ «؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا طَافَ خَارِجَهُ وَقَالَ: خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» (مِنْ غَيْرِ أَنْ تُدْخَلَ فِيهِ) أَيْ: فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الْبَيْتِ، وَالشَّاذَرْوَانُ، وَالْحِجْرِ (رِجْلُ) لِلطَّائِفِ (أَوْ يَدُهُ) ، أَوْ غَيْرُهُمَا مِنْ بَدَنِهِ لِيَخْرُجَ عَنْ الْبَيْتِ بِكُلِّ بَدَنِهِ فَلَوْ أَدْخَلَ يَدَهُ لِلِاسْتِلَامِ، أَوْ رَأْسَهُ لِلتَّقْبِيلِ فَلَا يَمُرُّ بِشَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ حَتَّى يَرْفَعَ يَدَهُ وَرَأْسَهُ عَنْ الشَّاذَرْوَانِ قَالَ الزَّعْفَرَانِيُّ: وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ ثَلَاثَ خُطُوَاتٍ لِيَأْمَنَ مِنْ الطَّوَافِ عَلَى الشَّاذَرْوَانِ وَذِكْرُ الرِّجْلِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ
(وَلَوْ يَطُوفُ حِلُّ) أَيْ: حَلَالٌ (أَوْ) مُحْرِمٌ (طَائِفٌ لَهُ) أَيْ: طَافَ لِنَفْسِهِ (بِمُحْرِمَيْنِ) لِعُذْرٍ، أَوْ غَيْرِهِ (وذان) أَيْ: الْمُحْرِمَانِ (مَحْمُولَاهُ) سَوَاءٌ كَانَا مُكَلَّفَيْنِ أَمْ لَا (كَالطِّفْلَيْنِ) الْمَحْمُولَيْنِ لِوَلِيِّهِمَا، أَوْ لِغَيْرِهِ يَكْفِيهِمَا الطَّوَافُ كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّهُمَا كَرَاكِبَيْ دَابَّةٍ إذْ لَا طَوَافَ عَلَى الْحَامِلِ سَوَاءٌ نَوَاهُ الْحَامِلُ لَهُمَا أَمْ أَطْلَقَ فَإِنْ نَوَاهُ لِنَفْسِهِ، أَوْ لَهُ وَلَهُمَا، أَوْ لِأَحَدِهِمَا كَانَ لَهُ فَقَطْ وَزَادَ النَّاظِمُ قَوْلَهُ وذان مَحْمُولَاهُ لِبَيَانِ مَعْنَى
ــ
[حاشية العبادي]
يَنْبَغِي مَعَ الْحَائِلِ اشْتِرَاطُ النُّفُوذِ وَإِمْكَانُ الِاسْتِطْرَاقِ الْمُعْتَادِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ خَلْفَ الْإِمَامِ
(قَوْلُهُ: بِهَذَا التَّقْدِيرِ) وَهُوَ جَزْءُ شَاذَرْوَانِهِ (قَوْلُهُ: أَجْمَعُهُ) الْمُتَبَادِرُ فَتْحُ عَيْنِهِ لَكِنَّ قَضِيَّةَ حَلِّ الشَّارِحِ أَنَّهُ تَأْكِيدٌ لِلْحَجَرِ الْمَجْرُورِ بِخَارِجٍ فَيُشْكِلُ الْفَتْحُ؛ لِأَنَّهُ مُضَافٌ وَمَا لَا يَنْصَرِفُ إذَا أُضِيفَ جُرَّ بِالْكِسْرَةِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْهَاءَ لِلسَّكْتِ فَلَا إضَافَةَ وَهُوَ مَجْرُورٌ بِالْفَتْحَةِ (قَوْلُهُ، أَوْ يَدُهُ) بِخِلَافِ ثَوْبِهِ م ر (قَوْلُهُ مِنْ بَدَنِهِ) أَخْرَجَ ثِيَابَهُ
(قَوْلُهُ، أَوْ لِغَيْرِهِ) لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ إنَّمَا يُعْتَدُّ بِحَمْلِ غَيْرِ الْوَلِيِّ لِغَيْرِ الْمُمَيِّزِ إذَا أَذِنَ الْوَلِيُّ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ إذَا ضَاقَ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ رَاكِبًا اُشْتُرِطَ أَنْ يَكُونَ
ــ
[حاشية الشربيني]
الشَّاذَرْوَانِ. اهـ. حَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّ الشَّاذَرْوَانَ الَّذِي يَجِبُ خُرُوجُ الطَّائِفِ عَنْهُ هُوَ مَا تُرِكَ مِنْ أَسَاسِ الْبَيْتِ لِيَكُونَ أَثْبَتَ لِلْبِنَاءِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ أَيْضًا فِي سِيَاقِ كَلَامِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فَتَدَبَّرَ وَمِثْلُهُ فِي الشَّرْقَاوِيِّ عَلَى التَّحْرِيرِ
(قَوْلُهُ: شَاذَرْوَانُهُ) هُوَ دَخِيلُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ (قَوْلُهُ: لِضِيقِ النَّفَقَةِ) أَيْ: الْمَالِ الْحَلَالِ الَّذِي الْتَزَمُوا بِنَاءَ الْبَيْتِ مِنْهُ وَلِذَا تَرَكُوا الْحَجَرَ أَيْضًا. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَالْأَذْرُعُ السِّتَّةُ إلَخْ) وَجُمْلَةُ مَا بَيْنَ صَدْرِ الْحَجَرِ وَجِدَارِ الْبَيْتِ خَمْسَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا تَقْرِيبًا وَقِيلَ إنَّ الْوَاجِبَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ الضَّعِيفِ أَنْ يَكُونَ خَارِجًا عَنْ سِتَّةِ أَذْرُعٍ وَنَحْوُ شِبْرٍ وَقِيلَ كُلُّهُ مِنْ الْبَيْتِ لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ وَمَعَ ذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الطَّوَافُ خَارِجَ جَمِيعِهِ؛ لِأَنَّهُ الْمَنْقُولُ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم، وَالصَّحَابَةُ بَعْدَهُ. اهـ. حَجَرٌ وق ل
(قَوْلُهُ: خَارِجَ الْحَجَرِ) وَإِنْ قُلْنَا بِأَنَّ مَا عَدَا السِّتَّةَ أَذْرُعٍ لَيْسَ مِنْ الْبَيْتِ سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ (قَوْلُهُ: وَالْأَفْضَلُ إلَخْ) ذَلِكَ كُلُّهُ عِنْدَ عَدَمِ ظُهُورِ الشَّاذَرْوَانِ أَمَّا عِنْدَ ظُهُورِهِ فَلَا احْتِيَاطَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. اهـ. م ر
(قَوْلُهُ: وَلَوْ يَطُوفُ حِلٌّ إلَخْ) حَاصِلُ الْمَقَامِ عَلَى مَا حَرَّرَهُ شَيْخُنَا ذ رحمه الله أَنَّ كُلًّا مِنْ الْحَامِلِ، وَالْمَحْمُولِ إمَّا حَلَالٌ أَوْ مُحْرِمٌ دَخَلَ وَقْتُ طَوَافِهِ وَطَافَ أَوْ مُحْرِمٌ دَخَلَ وَقْتُ طَوَافِهِ وَلَمْ يَطُفْ أَوْ مُحْرِمٌ لَمْ يَطُفْ لِعَدَمِ دُخُولِ الْوَقْتِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ فِي كُلٍّ مِنْ الْحَامِلِ، وَالْمَحْمُولِ فَإِذَا ضَرَبْت أَرْبَعَةَ الْحَامِلِ فِي صُوَرُ نِيَّتِهِ الْأَرْبَعَةِ حَصَلَ سِتَّةَ عَشَرَ وَإِذَا ضَرَبْت أَرْبَعَةَ الْمَحْمُولِ فِي صُورَتَيْ نِيَّتِهِ حَصَلَ ثَمَانِيَةٌ وَإِنَّمَا لَمْ تَكُنْ صُوَرُ نِيَّتِهِ أَرْبَعَةٌ كَالْحَامِلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ فِيهِ نَوَى الْحَامِلَ أَوْ كِلَيْهِمَا إذْ لَا فِعْلَ لَهُ حَتَّى يَنْوِيَهُ لِغَيْرِهِ فَإِذَا ضَرَبْت ثَمَانِيَةَ الْمَحْمُولِ فِي السِّتَّةَ عَشَرَ الَّتِي لِلْحَامِلِ حَصَلَ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ وَحَاصِلُ حُكْمِهَا أَنَّهُ إذَا نَوَى الْحَامِلُ نَفْسَهُ أَوْ كِلَيْهِمَا أَوْ أَطْلَقَ وَكَانَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ مُحْرِمًا دَخَلَ وَقْتُ طَوَافِهِ وَلَمْ يَطُفْ وَقَعَ الطَّوَافُ لِلْحَامِلِ؛ لِأَنَّهُ الطَّائِفُ وَلَمْ يَصْرِفْهُ عَنْ نَفْسِهِ وَذَلِكَ فِي اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ صُورَةً؛ لِأَنَّهُ إذَا نَوَى الْحَامِلُ نَفْسَهُ فَصُوَرُهُ الْأَرْبَعَةُ مَضْرُوبَةٌ فِي أَرْبَعَةِ الْمَحْمُولِ بِسِتَّةَ عَشَرَ فِي صُورَتَيْ نِيَّةِ الْمَحْمُولِ بِاثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِثْلُهَا فِي نِيَّةِ كِلَيْهِمَا فَتَكُونُ أَرْبَعَةً وَسِتِّينَ وَفِيمَا إذَا أَطْلَقَ ثَمَانِيَةً حَاصِلَةً مِنْ أَرْبَعَةِ أَحْوَالِ الْمَحْمُولِ فِي صُورَتَيْ نِيَّتِهِ وَإِذَا نَوَى الْحَامِلُ الْمَحْمُولَ أَوْ أَطْلَقَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ طَوَافٌ وَقَعَ الطَّوَافُ لِلْمَحْمُولِ إنْ نَوَاهُ أَوْ أَطْلَقَ وَهُوَ مُحْرِمٌ عَلَيْهِ طَوَافٌ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَطَائِفٍ عَلَى دَابَّةٍ وَذَلِكَ فِي خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ صُورَةً؛ لِأَنَّ فِي الْحَامِلِ عِنْدَ النِّيَّةِ أَرْبَعَةً وَعِنْدَ الْإِطْلَاقِ ثَلَاثَةً حَلَالٌ مُحْرِمٌ دَخَلَ وَقْتُ طَوَافِهِ وَطَافَ، مُحْرِمٌ لَمْ يَطُفْ لِعَدَمِ دُخُولِ الْوَقْتِ فَهِيَ سَبْعَةٌ فِي أَرْبَعَةٍ الْمَحْمُولِ إذَا نَوَاهُ بِثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ وَفِيمَا إذَا أَطْلَقَ وَهُوَ مُحْرِمٌ عَلَيْهِ طَوَافُ وَاحِدَةٍ تُضْرَبُ فِي السَّبْعَةِ بِسَبْعَةٍ فَالْمَجْمُوعُ مَا ذُكِرَ فَإِنْ أَطْلَقَ الْمَحْمُولُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ طَوَافٌ وَقَعَ الطَّوَافُ
الْمُصَاحَبَةِ فِي قَوْلِهِ بِمُحْرِمَيْنِ فَلَوْ لَمْ يَحْمِلْهُمَا بَلْ جَعَلَهُمَا فِي شَيْءٍ مَوْضُوعٍ عَلَى الْأَرْضِ وَجَذَبَهُ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا تَعَلُّقَ لِطَوَافِهِ بِطَوَافِهِمَا لِانْفِصَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ وَنَظِيرُهُ مَا لَوْ كَانَا بِسَفِينَةٍ وَهُوَ يَجْذِبُهَا (أَوْ الَّذِي مَا طَافَ لِاثْنَيْنِ حَمَلْ) عُطِفَ عَلَى حِلٍّ أَيْ: وَلَوْ يَطُوفُ مُحْرِمٌ لَمْ يَطُفْ لِنَفْسِهِ بِمُحْرِمَيْنِ حَمَلَهُمَا بِقَصْدِ الطَّوَافِ لَهُمَا (يَكْفِيهِمَا) الطَّوَافُ لِعَدَمِ وُقُوعِهِ لَهُ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ يَعْتَبِرُ عَدَمَ صَرْفِهِ الطَّوَافَ إلَى غَرَضٍ آخَرَ وَقَدْ صَرَفَهُ عَنْهُ إلَيْهِمَا وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ بَعْدَ هَذَا بِقَلِيلٍ قُلْت وَمَتَى كَانَ عَلَيْهِ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ فَنَوَى غَيْرَهُ عَنْ غَيْرِهِ، أَوْ عَنْ نَفْسِهِ تَطَوُّعًا، أَوْ قُدُومًا، أَوْ وَدَاعًا وَقَعَ عَنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ كَمَا فِي وَاجِبِ الْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ. اهـ.
وَظَاهِرُهُ التَّنَاقُضُ قَالَ ابْنُ الْمُقْرِي وَلَعَلَّ الشَّرْطَ فِي الصَّرْفِ أَنْ يَصْرِفَهُ عَنْ نَفْسِهِ، أَوْ إلَى غَيْرِ طَوَافٍ، أَمَّا إذَا صَرَفَهُ إلَى طَوَافٍ آخَرَ فَلَا -
ــ
[حاشية العبادي]
وَلِيُّهُ سَائِقًا، أَوْ قَائِدًا، ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ ذَكَرَ ذَلِكَ وَلَا بُدَّ مِنْهُ
(قَوْلُهُ: لِنَفْسِهِ) أَيْ: وَقَدْ دَخَلَ وَقْتُ طَوَافِهِ (قَوْلُهُ: بِقَصْدِ الطَّوَافِ) أَيْ: أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ إلَّا أَتَى وَعِنْدَ الْإِطْلَاقِ إلَخْ وَمِنْ قَوْلِهِ هُنَا لِاثْنَيْنِ لِتَعَلُّقِهِ بِ يَطُوفُ الْمُعَقَّدُ (قَوْلُهُ: الطَّوَافُ لَهُمَا) أَيْ: فَقَطْ (قَوْلُهُ: يَكْفِيهِمَا) قَدْ يُسْتَشْكَلُ ذَلِكَ قَالُوا اسْتَنَابَ فِي الرَّمْيِ بِشَرْطِهِ مَنْ لَمْ يَرْمِ حَيْثُ يَقَعُ رَمْيُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنْ قَصَدَ بِهِ الْمُسْتَنِيبَ وَيُجَابُ بِأَنَّ الرَّمْيَ مَحْضُ فِعْلِ النَّائِبِ فَلَمْ يَنْصَرِفْ عَنْهُ مَعَ كَوْنِهِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الطَّوَافِ لِأَنَّ الْوَاقِعَ لِلْمَحْمُولِ طَوَافُهُ، وَالْحَامِلُ كَالدَّابَّةِ كَمَا قَرَّرُوهُ فَتَأَمَّلْهُ
(قَوْلُهُ: أَنْ يَصْرِفَهُ عَنْ نَفْسِهِ) أَيْ: كَمَا فِي قَصْدِ الطَّوَافِ لِمَحْمُولَيْهِ وَقَوْلُهُ، أَوْ إلَى غَيْرِ طَوَافٍ كَمَا لَوْ دَارَ حَوْلَ الْبَيْتِ بِقَصْدِ تَحْصِيلِ غَرِيمٍ وَهَذِهِ الْمُقَابَلَةُ تَقْتَضِي أَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ لَمْ يَصْرِفْهُ عَنْ أَصْلِ الطَّوَافِ كَمَا فِي الثَّانِي بَلْ عَنْ الطَّوَافِ عَنْ نَفْسِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ لَكِنَّهُ قَصَدَ الطَّوَافَ لِغَيْرِهِ عَلَى وَجْهٍ صَيَّرَهُ آلَةً لِغَيْرِهِ لِكَوْنِهِ مَحْمُولًا لَهُ فَانْصَرَفَ فِعْلُهُ عَنْ الطَّوَافِ سم (قَوْلُهُ: أَيْضًا أَنْ يَصْرِفَهُ عَنْ نَفْسِهِ) قَدْ يُقَالُ هَذَا لَا يُفِيدُ فِي الْفَرْقِ؛ لِأَنَّهُ إذَا صَرَفَهُ عَنْ نَفْسِهِ فَقَدْ نَوَى غَيْرَ مَا عَلَيْهِ عَنْ غَيْرِهِ فَيُنَافِي قَوْلَ الرَّوْضَةِ السَّابِقَ فَنَوَى غَيْرَهُ عَنْ غَيْرِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ وَجْهُ الْفَرْقِ التَّفْصِيلُ فِي الْغَيْرِ فَإِذَا كَانَ مَحْمُولًا تَضَمَّنَ الصَّرْفُ إلَيْهِ كَوْنَ الصَّارِفِ آلَةً وَخُرُوجَهُ عَنْ كَوْنِهِ طَائِفًا وَصَيْرُورَتَهُ آلَةً لِلطَّائِفِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَحْمُولًا لَا يَتَضَمَّنُ الصَّرْفُ إلَيْهِ ذَلِكَ فَلَا يَصِحُّ الصَّرْفُ عَلَى أَنَّهُ قَدْ تُمْنَعُ الْمُنَافَاةُ الْمَذْكُورَةُ لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ قَوْل الرَّوْضَةِ فَنَوَى غَيْرَهُ إلَخْ أَنَّهُ نَوَى جِنْسًا آخَرَ غَيْرَ جِنْسِ مَا عَلَيْهِ وَمِنْ صَرْفِ الطَّوَافِ لِلْمَحْمُولِ لَمْ يَنْوِ جِنْسًا آخَرَ لِغَيْرِهِ بَلْ قَصَدَ بِذَلِكَ الْجِنْسَ، أَوْ بِمُطْلَقِ الطَّوَافِ الصَّارِفِ بِجِنْسِ مَا عَلَيْهِ وَبِغَيْرِهِ ذَلِكَ الْغَيْرَ خُصُوصًا وَقَدْ قَيَّدَ بِقَوْلِهِ تَطَوُّعًا، أَوْ قُدُومًا، أَوْ وَدَاعًا اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ سم
(قَوْلُهُ: لَكِنْ إذَا لَمْ يَقْصِدْهُ إلَخْ)(فَائِدَةٌ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: قَضِيَّةُ كَلَامِ صَاحِبِ الْكَافِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي أَحْكَامِ الْمَحْمُولِ بَيْنَ الطَّوَافِ، وَالسَّعْيِ
ــ
[حاشية الشربيني]
لَغْوًا لِعَدَمِ النِّيَّةِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا وَذَلِكَ فِي إحْدَى وَعِشْرِينَ صُورَةً؛ لِأَنَّ إطْلَاقَ الْمَحْمُولِ فِي السَّبْعَةِ الْمَارَّةِ وَصُوَرٌ لَيْسَ عَلَيْهِ طَوَافُ الثَّلَاثَةِ الْمَارَّةِ أَيْضًا وَثَلَاثَةٍ فِي سَبْعَةٍ بِإِحْدَى وَعِشْرِينَ. اهـ. رحمه الله بِإِيضَاحٍ لِمَا أَجْمَلَهُ
(قَوْلُهُ: بِمُحْرِمَيْنِ) مِثْلُهُمَا الْمُحْرِمُ الْوَاحِدُ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُمَا لِبَيَانِ أَنَّ الْوُقُوعَ عَنْ أَحَدِهِمَا لَا يُنَافِي الْوُقُوعَ عَنْ الْآخَرِ بِخِلَافِ مَا إذَا وَقَعَ عَنْ الْحَامِلِ لَا يَقَعُ عَنْ الْمَحْمُولِ وَعَكْسُهُ (قَوْلُهُ: فَظَاهِرٌ إلَخْ) نَعَمْ إنْ قَصَدَ الْجَاذِبُ الْمَشْيَ لِأَجْلِ الْجَذْبِ بَطَلَ طَوَافُهُ؛ لِأَنَّهُ صَرَفَهُ. اهـ. حَجَرٌ. اهـ. ع ش وَهُوَ فِي شَرْحِ عب حَجَرٌ
(قَوْلُهُ: بِقَصْدِ الطَّوَافِ لَهُمَا يَكْفِيهِمَا) أَيْ: بِشَرْطِهِ مِنْ كَوْنِهِمَا مَسْتُورَيْنِ مُتَطَهِّرَيْنِ، وَالْبَيْتُ عَنْ يَسَارِهِمَا وَلَمْ يَصْرِفَاهُ عَنْهُ، وَالنِّيَّةُ حَيْثُ وَجَبَ وَدُخُولُ الْوَقْتِ لِنَحْوِ طَوَافِ الرُّكْنِ وَإِلَّا لَمْ يَقَعْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَمَّا الْمَحْمُولُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الْحَامِلُ فَلِأَنَّهُ صَرَفَهُ عَنْهُ. اهـ. شَرْحُ عب
(قَوْلُهُ: يَكْفِيهِمَا) بَحَثَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ تَقْيِيدَهُ فِي صُورَةِ مَا إذَا كَانَ الْحَامِلُ حَلَالًا بِمَا إذَا نَوَاهُ لِلْمَحْمُولِ أَوْ أَطْلَقَ وَعَلَيْهِ مَشَى شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَقَدْ مَرَّ فِي الشَّرْحِ
(قَوْلُهُ: لِعَدَمِ إلَخْ) هَذَا لَا يَصْلُحُ عِلَّةً لِلْكِفَايَةِ وَإِنَّمَا هُوَ بَيَانٌ لِانْتِفَاءِ الْمَانِعِ، وَالْعِلَّةُ تَقَدَّمَتْ فِي قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُمَا إلَخْ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي وَاجِبِ الْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ) فَإِنَّهُ لَوْ نَوَى الْحَجَّ الْوَاجِبَ لِغَيْرِهِ وَقَعَ لَهُ هُوَ وَكَذَا الْعُمْرَةُ
(قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ التَّنَاقُضُ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْعُبَابِ حَجَرٌ وَلَا يُشْكَلُ هَذَا بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ صَرَفَهُ لِغَيْرِهِ بَطَلَ؛ لِأَنَّ الصَّرْفَ إنْ كَانَ لِلْجِنْسِ لَمْ يَنْصَرِفْ وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهِ انْصَرَفَ فَإِذَا صَرَفَهُ إلَى طَوَافٍ آخَرَ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَنْصَرِفْ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِطَوَافٍ فِي الْجُمْلَةِ لَمْ يُشْرِكْهُ أَحَدٌ فِي الدَّوَرَانِ فِيهِ فَلَمْ يَتَحَقَّقْ الصَّرْفُ كَنَظِيرِهِ فِي الْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَهُ لِمَحْمُولِهِ فَقَطْ فَإِنَّهُ لَمَّا شَارَكَهُ فِي الدَّوَرَانِ حَوْلَ الْبَيْتِ وَجَعَلَ نَفْسَهُ آلَةً لَهُ بِقَصْدِهِ وَحْدَهُ كَدَابَّتِهِ انْصَرَفَ فِعْلُهُ عَنْ الطَّوَافِ بِالْكُلِّيَّةِ. اهـ. أَيْ: فَلَمْ يَكُنْ فِعْلُهُ مِنْ جِنْسِ الطَّوَافِ. اهـ. (تَنْبِيهٌ)
مِثْلُ الطَّوَافِ فِيمَا مَرَّ الرَّمْيُ، وَالسَّعْيُ وَأَمَّا الْوُقُوفُ فَلَا يَنْصَرِفُ بِالصَّارِفِ فَلَوْ حَمَلَ شَخْصًا وَوَقَفَ حَصَلَ الْوُقُوفُ لَهُمَا مُطْلَقًا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهِ السُّكُونُ وَقَدْ وُجِدَ مِنْ كُلٍّ وَفِي غَيْرِهِ الْفِعْلُ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُمَا سم عَلَى ع وَفَرَّقَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ بِأَنَّ السَّعْيَ يَقْبَلُ الصَّرْفَ كَالطَّوَافِ بِخِلَافِ الْوُقُوفِ قَالَ: وَهَذَا أَوْلَى مِنْ الْفَرْقِ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: أَنْ يَصْرِفَهُ عَنْ نَفْسِهِ) بِأَنْ جَعَلَ نَفْسَهُ آلَةً لِمَحْمُولِهِ أَوْ إلَى غَيْرِ طَوَافٍ بِأَنْ دَارَ حَوْلَ
يُنْصَرُ فَسَوَاءٌ قَصَدَ بِهِ نَفْسَهُ أَمْ غَيْرَهُ. اهـ.
وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ الْحَامِلَ جَعَلَ نَفْسَهُ آلَةً لِمَحْمُولَيْهِ فَانْصَرَفَ فِعْلُهُ عَنْ الطَّوَافِ، وَالْوَاقِعُ لَهُمَا طَوَافُهُمَا لَا طَوَافُهُ كَمَا فِي رَاكِبِ الدَّابَّةِ بِخِلَافِ النَّاوِي فِي تِلْكَ الْمَسَائِلِ فَإِنَّهُ أَتَى بِطَوَافٍ، لَكِنَّهُ صَرَفَهُ لِطَوَافٍ آخَرَ فَلَمْ يَنْصَرِفْ كَنَظِيرِهِ فِي الْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَقْصِدْهُ لَهُمَا بِأَنْ أَطْلَقَ، أَوْ قَصَدَهُ لِنَفْسِهِ، أَوْ لِكِلَيْهِمَا فَهُوَ لَهُ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَعِنْدَ الْإِطْلَاقِ حَصَلْ لَهُ كَقَصْدِ النَّفْسِ، أَوْ كِلَيْهِمَا) أَيْ: كَمَا يَحْصُلُ لَهُ إذَا قَصَدَهُ لِنَفْسِهِ، أَوْ لِكِلَيْهِمَا أَيْ: نَفْسِهِ وَمَحْمُولَيْهِ بَلْ، أَوْ وَأَحَدُهُمَا وَإِنْ قُصِدَ الْمَحْمُولَانِ لَهُمَا لِعَدَمِ الصَّارِفِ عَنْهُ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْأَخِيرَةِ لَمْ يُصَرِّحْ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا بِتَصْحِيحِهِ، لَكِنَّهُ صَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ فِي الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ وَاعْتَرَضَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ بِأَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى وُقُوعِهِ لِلْمَحْمُولِ وَفِي الْإِمْلَاءِ عَلَى وُقُوعِهِ لَهُمَا كَمَا نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ قَالَ فَالنَّصَّانِ مُتَّفِقَانِ عَلَى نَفْيِ هَذَا الْمُصَحَّحِ وَنَصُّهُ فِي الْأُمِّ أَقْوَى عِنْدَ الْأَصْحَابِ وَهُوَ هُنَا بِخُصُوصِهِ أَظْهَرُ مِنْ نَصِّ الْإِمْلَاءِ فَيَجِبُ الْأَخْذُ بِهِ
وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِلْقِيَاسِ فَإِنَّهُ لَوْ نَوَى الْحَجَّ لَهُ وَلِغَيْرِهِ وَقَعَ لَهُ فَكَذَا رُكْنُهُ
وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ مَبْنَاهُ عَلَى الْخَبَرِ، وَالْقِيَاسِ وَهُوَ حَسَنٌ فِي ذَاتِهِ، لَكِنَّهُ لَا يَكْفِي فِي رَدِّ النَّصِّ كَمَا لَا يَخْفَى قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْتَحِقَ بِالْحَلَالِ، وَالْمُحْرِمِ الَّذِي طَافَ لِنَفْسِهِ فِيمَا ذُكِرَ مُحْرِمٌ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُ طَوَافِهِ كَمُحْرِمٍ بِحَجٍّ حَمَلَ مُحْرِمًا بِعُمْرَةٍ قَبْلَ انْتِصَافِ لَيْلَةِ النَّحْرِ وَظَاهِرٌ أَنَّ تَصْوِيرَ الْمَسْأَلَةِ بِحَمْلِ وَاحِدٍ اثْنَيْنِ مِثَالٌ فَلَوْ كَانَ الْحَامِلُ اثْنَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ، أَوْ الْمَحْمُولُ وَاحِدًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ وَيَنْشَأُ مِنْ ذَلِكَ صُوَرٌ كَثِيرَةٌ
الرُّكْنُ الرَّابِعُ لِلْحَجِّ وَالثَّالِثُ لِلْعُمْرَةِ السَّعْيُ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَبَعْدَ هَذَا السَّعْيُ سَبْعًا لَهُمَا) أَيْ: وَبَعْدَ الطَّوَافِ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ السَّعْيُ لَهُمَا وَلَوْ مُتَرَاخِيًا عَنْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَلَوْ مُتَفَرِّقَةً (بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ) جَبَلَيْنِ (الذَّهَابُ مِنْهُ) إلَيْهَا مَحْسُوبٌ (بِمَرَّةٍ كَذَا الْإِيَابُ) إلَيْهِ مِنْهَا مَحْسُوبٌ بِمَرَّةٍ أُخْرَى لِلِاتِّبَاعِ فِي ذَلِكَ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَقَالَ صلى الله عليه وسلم «ابْدَأْ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ «ابْدَءُوا» بِلَفْظِ الْأَمْرِ كَمَا مَرَّ فَإِنْ قُلْت: رَفْعُ الْجُنَاحِ فِي آيَةِ إنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السَّعْيَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ قُلْنَا جَوَابُهُ مَا أَجَابَتْ بِهِ عَائِشَةُ لَمَّا سَأَلَهَا عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ هَذَا فَقَالَتْ: إنَّمَا نَزَلَتْ الْآيَةُ هَكَذَا؛ لِأَنَّ الْأَنْصَارَ كَانُوا يَتَحَرَّجُونَ مِنْ الطَّوَافِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَيْ: يَخَافُونَ الْحَرَجَ فِيهِ فَسَأَلُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى الْآيَةَ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَيَجِبُ الِابْتِدَاءُ مِنْ الصَّفَا فَلَوْ بَدَأَ بِالْمَرْوَةِ لَمْ تُحْسَبْ تِلْكَ الْمَرَّةُ وَالْعَوْدُ مِنْ الْمَرْوَةِ فِي طَرِيقِهِ وَاجِبٌ فَلَوْ عَرَجَ وَبَدَأَ ثَانِيًا بِالصَّفَا لَمْ يَصِحَّ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَفَادَ النَّاظِمُ بِالْبَعْدِيَّةِ وُجُوبَ تَأَخُّرِ السَّعْيِ عَنْ الطَّوَافِ وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الطَّهَارَةُ وَالسَّتْرُ كَمَا فِي الْوُقُوفِ وَالْحَلْقِ بِخِلَافِ الطَّوَافِ لِمَا مَرَّ.
الرُّكْنُ الْخَامِسُ لِلْحَجِّ
ــ
[حاشية العبادي]
وَفِيهِ نَظَرٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَإِنْ حَمَلَهُ فِي الْوُقُوفِ أَجْزَأَ عَنْهُمَا يَعْنِي مُطْلَقًا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ ثَمَّ السُّكُونُ وَقَدْ وُجِدَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا وَهُنَا الْفِعْلُ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُمَا شَرْحُ رَوْضٍ (قَوْلُهُ: أَوْ لِكِلَيْهِمَا فَهُوَ إلَخْ) أَيْ: نَفْسِهِ وَمَحْمُولَيْهِ
(قَوْلُهُ: حَصَلَ لَهُ) أَيْ: لِلْمُحْرِمِ الَّذِي مَا طَافَ (قَوْلُهُ: أَوْ لِكِلَيْهِمَا) وَلَا يَحْصُلُ لِلْمَحْمُولِ بِدَلِيلِ كَلَامِ الْمُهِمَّاتِ فَتَأَمَّلْهُ
(قَوْلُهُ: كَمَا نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَاعْتَرَضَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْبَحْرِ مِنْ نَقْلِهِ عَنْ الْإِمْلَاءِ مِنْ وُقُوعِهِ لَهُمَا غَلَطٌ بَلْ الَّذِي فِيهِ فِي عِدَّةِ نُسِخَ عَنْ الْإِمْلَاءِ وُقُوعُهُ لِلْحَامِلِ دُونَ الْمَحْمُولِ وَرَجَّحَهُ الْأَصْحَابُ لِمُوَافَقَتِهِ لِلْقِيَاسِ فَإِنَّهُ لَوْ نَوَى الْحَجَّ لَهُ وَلِغَيْرِهِ وَقَعَ لَهُ فَكَذَا رُكْنُهُ
(قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَ الْحَامِلُ اثْنَيْنِ إلَخْ) يَنْبَغِي فِيمَا إذَا كَانَ الْحَامِلُ مُتَعَدِّدًا، وَالْمَحْمُولُ وَاحِدًا وَنَوَاهُ أَحَدُ الْحَامِلَيْنِ لِنَفْسِهِ، وَالْآخَرُ لِلْمَحْمُولِ عَدَمُ وُقُوعِهِ لِلْمَحْمُولِ لِأَنَّ الدَّوَرَانَ الْمُحَقِّقَ لِلطَّوَافِ مِنْ الْحَامِلَيْنِ وَقَدْ قَصَدَ بِهِ أَحَدُهُمَا نَفْسَهُ
. (قَوْلُهُ: وَبَعْدَ هَذَا) خَبَرٌ مُبْتَدَؤُهُ السَّعْيُ. (قَوْلُهُ: الذَّهَابُ مِنْهُ إلَيْهِمَا) أَيْ: مِنْ الصَّفَا إلَى الْمَرْوَةِ وَكَذَا قَوْلُهُ: الْإِيَابُ إلَيْهِ فِيهَا. (قَوْلُهُ: عَنْ هَذَا) أَيْ: السُّؤَالِ.
ــ
[حاشية الشربيني]
الْبَيْتِ بِقَصْدِ تَحْصِيلِ غَرِيمٍ وَقَوْلُهُ إلَى طَوَافٍ آخَرَ أَيْ: لَهُ بِأَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ مَحْمُولٌ وَلَا دَوَرَانٌ بِقَصْدِ غَرِيمٍ (قَوْلُهُ: وَعِنْدَ الْإِطْلَاقِ حَصَلَ لَهُ قَصْدُ النَّفْسِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ نَوَاهُ الْمَحْمُولُ حِينَئِذٍ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَنَّهُ إذَا نَوَاهُ الْمَحْمُولُ دُونَ الْحَامِلِ وَكَانَا مُحْرِمَيْنِ وَقَعَ لِلنَّاوِي فَتُقَيَّدُ مَسْأَلَةُ الْإِطْلَاقِ هُنَا بِمَا إذَا لَمْ يَنْوِ الْمَحْمُولَ وَهُوَ بَعِيدٌ إذَا كَانَ طَوَافُ الْحَامِلِ فِي ضِمْنِ نُسُكٍ وَدَخَلَ وَقْتُهُ وَلَمْ يَفْعَلْهُ بَلْ قَدْ يُقَالُ إنَّهُ حِينَئِذٍ نَاوَلَهُ حُكْمًا تَأَمَّلْ، ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ الشَّرْحِ: وَإِنْ قَصَدَهُ الْمَحْمُولَانِ لَهُمَا وَهُوَ صَرِيحٌ فِي رَدِّهِ إنْ رَجَعَ لِلْإِطْلَاقِ أَيْضًا
(قَوْلُهُ: وَفِي الْإِمْلَاءِ عَلَى وُقُوعِهِ لَهُمَا) نَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ ذَلِكَ عَنْ الْبَحْرِ وَرَدَّهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّهُ غَلَطٌ وَاَلَّذِي فِي الْبَحْرِ فِي عِدَّةِ نَسْخٍ عَنْ الْإِمْلَاءِ وُقُوعُهُ لِلْحَامِلِ فَقَطْ وَرَجَّحَهُ الْأَصْحَابُ لِمُوَافَقَتِهِ الْقِيَاسَ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ
(قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ لَا يَكْفِي إلَخْ) قَدْ عَرَفْت أَنَّ الَّذِي فِي الْإِمْلَاءِ وُقُوعُهُ لِلْحَامِلِ (قَوْلُهُ: فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ) لَكِنْ لَوْ قَصَدَهُ وَاحِدٌ لِنَفْسِهِ، وَالْآخَرُ لِلْمَحْمُولِ لَمْ يَقَعْ لِلْمَحْمُولِ ق ل وَغَيْرُهُ وَهُوَ فِي الْحَاشِيَةِ
(قَوْلُهُ: أَبْدَأُ) مُضَارِعٌ ضَمِيرُهُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ لِأَنَّهُ جَوَابٌ لِقَوْلِهِمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِمَاذَا تَبْدَأُ إذَا طُفْت وَقَوْلُهُ: وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ «ابْدَءُوا» بِلَفْظِ الْأَمْرِ أَيْ: جَوَابًا لِقَوْلِهِمْ بِمَاذَا نَبْدَأُ إذَا طُفْنَا فَلَعَلَّ السُّؤَالَ تَعَدَّدَ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: كَانُوا يَتَحَرَّجُونَ إلَخْ) لِأَنَّ الصَّنَمَ الْمُسَمَّى إسَافًا كَانَ عَلَى الصَّفَا وَالصَّنَمَ الْمُسَمَّى نَائِلَةً كَانَ عَلَى الْمَرْوَةِ وَكَانَ الْجَاهِلِيَّةُ إذَا سَعَوْا يَمْسَحُونَهُمَا فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ تَحَرَّجَ الْمُسْلِمُونَ عَنْ السَّعْيِ لِذَلِكَ فَنَزَلَتْ الْآيَةُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ عَرَجَ إلَخْ) -
وَالرَّابِعُ لِلْعُمْرَةِ إزَالَةُ شَعَرَاتٍ مِنْ الرَّأْسِ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (ثُمَّ ثَلَاثُ شَعْرِ رَأْسِ الرَّجُلِ تُزَالُ) بِإِسْكَانِ الْعَيْنِ أَيْ: ثُمَّ بَعْدَ السَّعْيِ إزَالَةُ ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ مِنْ رَأْسِ الرَّجُلِ وَلَوْ بِنَتْفٍ أَوْ إحْرَاقٍ أَوْ قَصٍّ أَوْ نُورَةٍ وَيَكْتَفِي بِإِزَالَتِهَا فِي دَفْعَاتٍ كَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ وَالْمَنَاسِكِ لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا تَصْحِيحُ عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِأَخْذِهَا بِذَلِكَ فَإِنَّهُمَا بَنَيَاهُ عَلَى تَكْمِيلِ الدَّمِ بِذَلِكَ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ التَّكْمِيلِ بَلْ يَجِبُ ثَلَاثَةُ أَمْدَادٍ. وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْبِنَاءِ الِاتِّحَادُ فِي التَّصْحِيحِ (أَوْ تَقْصِيرُهَا) عَطْفٌ عَلَى تُزَالُ أَيْ: يَجِبُ إزَالَةُ ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ مِنْ رَأْسِ الرَّجُلِ أَوْ تَقْصِيرُهَا مِنْ رَأْسِ الرَّجُلِ أَوْ الْمَرْأَةِ أَوْ الْخُنْثَى بِقَرِينَةِ إطْلَاقِهِ التَّقْصِيرَ بَعْدَ تَقْيِيدِهِ الْإِزَالَةَ بِالرَّجُلِ بِجَعْلِ الضَّمِيرِ عَائِدًا إلَى ثَلَاثِ شَعْرِ الرَّأْسِ بِدُونِ قَيْدِ الرَّجُلِ تَعْمِيمًا لِلْفَائِدَةِ فَالرَّجُلُ يُزِيلُ أَوْ يُقَصِّرُ وَالْمَرْأَةُ وَالْخُنْثَى يُقَصِّرَانِ فَقَطْ رَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ خَبَرَ «لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ حَلْقٌ إنَّمَا عَلَى النِّسَاءِ التَّقْصِيرُ» .
وَيُكْرَهُ لَهُمْ الْحَلْقُ لِنَهْيِهِنَّ عَنْ التَّشَبُّهِ بِالرِّجَالِ وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَقِيسَ بِالنِّسَاءِ الْخَنَاثَى وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ أَقَلَّ الْوَاجِبِ ثَلَاثٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [الفتح: 27] أَيْ: شَعْرَهَا؛ لِأَنَّهَا نَفْسَهَا لَا تَحْلِقُ وَلَا تُقَصِّرُ وَالشَّعْرُ جَمْعٌ وَأَقَلُّهُ ثَلَاثٌ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: كَذَا احْتَجُّوا بِهِ وَلَا حُجَّةَ فِيهِ بَلْ هُوَ حُجَّةٌ عَلَيْنَا؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ الْمُضَافَ يُفِيدُ الْعُمُومَ وَيَدُلُّ لَهُ فِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم نَعَمْ الطَّرِيقُ فِي التَّوْجِيهِ أَنْ يُقَدَّرَ لَفْظُ الشَّعْرِ مُنَكَّرًا مَقْطُوعًا عَنْ الْإِضَافَةِ أَيْ: شَعْرًا مِنْ رُءُوسِكُمْ أَوْ نَقُولُ قَامَ الْإِجْمَاعُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ الِاسْتِيعَابُ فَاكْتَفَيْنَا فِي الْوُجُوبِ بِمُسَمَّى الْجَمِيعِ اهـ.
فَلَا يَكْفِي مَا دُونَ ثَلَاثٍ وَلَا ثَلَاثٌ مِنْ غَيْرِ الرَّأْسِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: ثُمَّ ثَلَاثُ شَعْرِ إلَخْ) . (فَرْعٌ)
لَوْ تَفَرَّعَتْ الشَّعْرَةُ ثَلَاثَ فُرُوعٍ مَثَلًا مَعَ اتِّحَادِ أَصْلِهَا فَهَلْ يَكْفِي إزَالَتُهَا نَظَرًا لِفُرُوعِهَا أَوْ لَا نَظَرًا لِأَصْلِهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْمُتَّجَهُ الثَّانِي بِرّ. (قَوْلُهُ: لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الرَّوْضَةِ إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ: وَالشَّعْرَةُ الْوَاحِدَةُ إذَا أَزَالَهَا فِي ثَلَاثِ دَفْعَاتٍ إنْ كَانَ مَعَ تَقَطُّعِ الزَّمَنِ فَكَالثَّلَاثِ الْمُتَفَرِّقَةِ وَإِنْ كَانَ مَعَ تَوَاصُلِهِ فَكَالْوَاحِدَةِ بِرّ وَفِيهِ نَظَرٌ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِيمَا قُلْنَاهُ لَا يَأْتِي فِي الشَّعْرَةِ الْوَاحِدَةِ الْمَأْخُوذَةِ بِدُفْعَاتٍ وَإِنْ سَوَّى الْأَصْلُ بَيْنَهُمَا فِي الْبِنَاءِ الْمَذْكُورِ اهـ. (فَرْعٌ)
لَوْ خُلِقَ لَهُ رَأْسَانِ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا زِيدَ أَوْ تَمَيَّزَ فَالْعِبْرَةُ بِالْأَصْلِيِّ فَلَا يَكْفِي إزَالَةُ شَعْرِ الزَّائِدِ وَإِنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ فَلَا بُدَّ مِنْ إزَالَةِ ثَلَاثٍ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا لِتَتَحَقَّقَ الْإِزَالَةُ مِنْ الْأَصْلِيِّ وَإِنْ كَانَا أَصْلِيَّيْنِ فَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِأَحَدِهِمَا هَذَا كُلُّهُ هُوَ الْمُتَّجَهُ. (قَوْلُهُ: عَطْفٌ عَلَى تُزَالُ) يُمْكِنُ جَعْلُ الْمَعْطُوفِ مَحْذُوفًا رَافِعًا لِقَوْلِهِ تَقْصِيرُهَا أَيْ: أَوْ يُوجَدُ أَوْ يَحْصُلُ تَقْصِيرُهَا. (قَوْلُهُ: بِدُونِ قَيْدِ الرَّجُلِ) هَذَا خِلَافُ الظَّاهِرِ جِدًّا يَحْتَاجُ إلَى الْقَرِينَةِ فَإِنَّهُ بَعْدَ عَطْفِهِ عَلَى خَبَرِ ثَلَاثُ الْمُقَيَّدِ بِشَعْرِ الرَّجُلِ كَيْفَ يَكُونُ خَبَرًا عَنْهَا بِدُونِ الْقَيْدِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَالْمَرْأَةُ) أَيْ: وَلَوْ صَغِيرَةً خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ بَلْ غَلَّطَهُ الْأَذْرَعِيُّ فِي قَوْلِهِ يُسَنُّ لَهَا الْحَلْقُ حَجَرٌ وَعِنْدِي أَنَّ التَّغْلِيطَ تَسَاهُلٌ قَبِيحٌ إذْ لَا يَصُدُّ عَمَّا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ نَقْلٌ وَلَا عَقْلٌ وَغَايَةُ مَا هُنَاكَ إطْلَاقٌ لَا يُنَافِي التَّقْيِيدَ الشَّاهِدَ لَهُ الْمَعْنَى فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: عَنْ التَّشَبُّهِ بِالرَّجُلِ) قَدْ يُقَالُ التَّشَبُّهُ بِالرَّجُلِ حَرَامٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا كَانَ لِغَرَضٍ شَرْعِيٍّ لَمْ يَحْرُمْ أَوْ يَمْنَعْ أَنَّ الْحَلْقَ مِنْ صِفَاتِ الرِّجَالِ الْمُخْتَصَّةِ بِهِمْ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ جَرَتْ عَادَتُهُمْ بِهِ دُونَ النِّسَاءِ وَهَذَا لَا يَقْتَضِي اخْتِصَاصَهُمْ بِهِ، وَالتَّشَبُّهُ إنَّمَا يَحْرُمُ إذَا كَانَ فِيمَا يَخْتَصُّ بِهِ الرِّجَالُ فِي نَفْسِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: مُنَكَّرًا مَقْطُوعًا إلَخْ) يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ مِثْلِ هَذَا التَّرْكِيبِ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إلَى الْحِذْقِ هُوَ طَرِيقُ الْإِضَافَةِ لَا طَرِيقُ التَّنْكِيرِ وَالْقَطْعِ فَلَا بُدَّ مِنْ قَرِينَةٍ تَصْرِفُ عَنْ الْمُتَبَادِرِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَوْ نَقُولُ قَامَ الْإِجْمَاعُ إلَخْ) يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ هَذَا الْإِجْمَاعَ مُنَازَعٌ فِي ثُبُوتِهِ فَقَدْ نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ وُجُوبُ التَّعْمِيمِ سم.
ــ
[حاشية الشربيني]
عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ فَلَوْ وَصَلَهَا وَتَرَكَ الْعَوْدَ فِي طَرِيقِهِ وَعَدَلَ إلَى الْمَسْجِدِ وَابْتَدَأَ الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ مِنْ الصَّفَا أَيْضًا لَمْ يَصِحَّ.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُمَا بَنَيَاهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَيَجْزِي ثَلَاثُ شَعَرَاتٍ دُفْعَةً مِنْ الرَّأْسِ لِوُجُوبِ الدَّمِ بِإِزَالَتِهَا الْمُحَرَّمَةِ لَا دَفْعَاتٍ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ عَدَمِ تَكْمِيلِ الدَّمِ بِإِزَالَتِهَا الْمُحَرَّمَةِ وَهَذَا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ أَصْلِهِ مِنْ الْبِنَاءِ الْمَذْكُورِ لَكِنَّ الَّذِي صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ وَمَنَاسِكِهِ الِاكْتِفَاءُ بِهَا مَعَ فَوَاتِ الْفَضِيلَةِ وَيُجَابُ إلَخْ (قَوْلُهُ: بَنَيَاهُ) أَيْ: بَنَيَا الِاكْتِفَاءَ بِإِزَالَتِهَا مَعَ التَّفْرِيقِ عَلَى تَكْمِيلِ الدَّمِ بِإِزَالَتِهَا مُفَرَّقَةً وَالْأَصَحُّ عَدَمُ تَكْمِيلِهِ بِإِزَالَتِهَا كَذَلِكَ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْأَصَحُّ عَدَمَ الِاكْتِفَاءِ بِإِزَالَتِهَا كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: مُنَكَّرًا مَقْطُوعًا عَنْ الْإِضَافَةِ) لِأَنَّهُ يَتِمُّ بِهِ الْكَلَامُ وَلَا دَلِيلَ عَلَى الزَّائِدِ (قَوْلُهُ: قَامَ الْإِجْمَاعُ) أَيْ: إجْمَاعُ الْخَصْمَيْنِ وَهُوَ لَا يَقْتَضِي إجْمَاعَ الْكُلِّ فَلَا يُعَكِّرُ عَلَيْهِ أَنَّ أَحْمَدَ وَغَيْرَهُ قَائِلُونَ بِوُجُوبِهِ. اهـ. شَرْحُ م ر لِلْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ: بِمُسَمَّى الْجَمْعِ) أَيْ: فِي الْمَعْنَى وَإِلَّا فَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ جَمْعِيٍّ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَاحِدٍ بِالتَّاءِ اهـ جَمَلٌ (قَوْلُهُ: فَلَا يَكْفِي مَا دُونَ ثَلَاثٍ)
وَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْفِدْيَةِ؛ لِأَنَّ مَا وَرَدَ مِنْ الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ مُخْتَصٌّ بِالرَّأْسِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِرَأْسِهِ شَعْرٌ نُدِبَ إمْرَارُ الْمُوسَى عَلَيْهِ تَشْبِيهًا بِالْحَالِقِينَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَوْ أَخَذَ مِنْ لِحْيَتِهِ أَوْ شَارِبِهِ فَهُوَ أَحَبُّ لِئَلَّا يَخْلُوَ مِنْ أَخْذِ الشَّعْرِ وَأَلْحَقَ بِهِ الْمُتَوَلِّي سَائِرَ مَا يُزَالُ لِلْفِطْرَةِ كَالْعَانَةِ وَالْوَجْهُ أَنْ لَا يُقَيَّدَ بِمَا يُزَالُ لِلْفِطْرَةِ وَحَلْقُ الرَّجُلِ أَفْضَلُ مِنْ تَقْصِيرِهِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَرَوَيَا أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ «اللَّهُمَّ ارْحَمْ الْمُحَلِّقِينَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالْمُقَصِّرِينَ فَقَالَ اللَّهُمَّ ارْحَمْ الْمُحَلِّقِينَ قَالَ فِي الرَّابِعَةِ وَالْمُقَصِّرِينَ» نَعَمْ إنْ اعْتَمَرَ قَبْلَ الْحَجِّ فِي وَقْتٍ لَوْ حَلَقَ فِيهِ جَاءَ يَوْمُ النَّحْرِ وَلَمْ يَسْوَدَّ رَأْسُهُ مِنْ الشَّعْرِ فَالتَّقْصِيرُ لَهُ أَفْضَلُ نَقَلَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَإِذَا حَلَقَ فَالسُّنَّةُ أَنْ يَبْدَأَ بِالشِّقِّ الْأَيْمَنِ ثُمَّ الْأَيْسَرِ وَأَنْ يَسْتَقْبِلَ الْمَحْلُوقُ الْقِبْلَةَ وَأَنْ يُكَبِّرَ إذَا فَرَغَ وَأَنْ يَدْفِنَ شَعْرَهُ وَأَنْ يَبْلُغَ بِالْحَلْقِ إلَى الْعَظْمَيْنِ اللَّذَيْنِ عِنْدَ مُنْتَهَى الصُّدْغَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا مُنْتَهَى نَبَاتِ شَعْرِ الرَّأْسِ لِيَكُونَ مُسْتَوْعِبًا لِجَمِيعِ رَأْسِهِ وَهَذِهِ الْآدَابُ غَيْرَ التَّكْبِيرِ لَا تُخَصُّ بِالْمُحْرِمِ بَلْ تُسَنُّ لِكُلِّ حَالِقٍ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَتَعْمِيمُ الرَّأْسِ حَلْقًا أَوْ تَقْصِيرًا أَفْضَلُ (كَأُنْمُلِ) بِالتَّرْخِيمِ لِلْوَزْنِ وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْ: وَيُنْدَبُ كَوْنُ التَّقْصِيرِ بِقَدْرِ أُنْمُلَةٍ مِنْ جَمِيعِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: نُدِبَ إمْرَارُ الْمُوسَى إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَلَا أَثَرَ لِمَا يَنْبُتُ بَعْدُ قَالَ شَرْحُهُ أَيْ: بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْحَلْقِ فَلَا يُؤْمَرُ بِحَلْقِهِ لِعَدَمِ اشْتِمَالِ الْإِحْرَامِ عَلَيْهِ اهـ. وَدَخَلَ فِي قَوْلِهِ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْحَلْقِ مَا قَبْلَ التَّحَلُّلِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَخْلُوَ إلَخْ) قَدْ يَقْتَضِي أَنَّ مَنْ بِرَأْسِهِ شَعْرٌ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ ذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ) فِي الْإِمْلَاءِ قَالَ: وَقَدْ تَعَرَّضَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلْمَسْأَلَةِ لَكِنَّهُ أَطْلَقَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْمُتَمَتِّعِ أَنْ يُقَصِّرَ فِي الْعُمْرَةِ وَيَحْلِقَ فِي الْحَجِّ لِيَقَعَ الْحَلْقُ فِي أَكْمَلِ الْعِبَادَتَيْنِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيُؤْخَذُ مِمَّا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ أَنَّ مِثْلَهُ يَأْتِي فِيمَا لَوْ قَدَّمَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ قَالَ وَإِنَّمَا لَمْ يُؤْمَرْ فِي ذَلِكَ بِحَلْقِ بَعْضِ رَأْسِهِ فِي الْحَجِّ وَيَحْلِقُ بَعْضَهُ فِي الْعُمْرَةِ؛ لِأَنَّهُ يُكْرَهُ الْقَزَعُ نَعَمْ لَوْ خُلِقَ لَهُ رَأْسَانِ فَحَلَقَ أَحَدَهُمَا فِي الْعُمْرَةِ وَالْآخَرَ فِي الْحَجِّ لَمْ يُكْرَهْ لِانْتِفَاءِ الْقَزَعِ وَيَكُونُ ذَلِكَ مُسْتَثْنًى مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ شَرْحُ الرَّوْضِ.
(قَوْلُهُ: وَأَنْ يَدْفِنَ شَعْرَهُ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِحَفْرٍ يُجْزِئُ فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ فِيمَا يَظْهَرُ ثُمَّ لَا يَبْعُدُ أَنْ يَكْتَفِيَ بِتَغْيِيبِهِ فِي نَحْوِ جِدَارٍ. (قَوْلُهُ: بَلْ يُسَنُّ لِكُلِّ حَالِقٍ) وَإِنْ لَمْ يُسَنَّ الْحَلْقُ وَلَا مَانِعَ إذْ إبَاحَةُ الْحَلْقِ لَا تُنَافِي أَنَّهُ إذَا فَعَلَ طُلِبَتْ فِيهِ هَذِهِ الْأُمُورُ كَمَا أَنَّ الْأَكْلَ الْمُبَاحَ يُطْلَبُ فِيهِ أُمُورٌ كَالتَّسْمِيَةِ وَكَوْنِهِ بِالْيَمِينِ، وَالْخُرُوجُ مِنْ الْمَسْجِدِ غَيْرُ مَطْلُوبٍ وَإِذَا فُعِلَ طُلِبَ فِيهِ أُمُورٌ كَالْبُدَاءَةِ بِيَسَارِ رِجْلَيْهِ وَالذِّكْرِ الْمَعْرُوفِ وَهَذَا وَاضِحٌ لَكِنَّهُ قَدْ يَشْتَبِهُ عَلَى ضَعَفَةِ الطَّلَبَةِ. (قَوْلُهُ: بِقَدْرِ أُنْمُلَةٍ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَحُكْمُ تَقْصِيرِ مَا زَادَ عَلَيْهَا حُكْمُ الْحَلْقِ اهـ. وَقَدْ يَقْتَضِي كَرَاهَةَ مَا زَادَ لِلْمَرْأَةِ وَاسْتِحْبَابَ مَا زَادَ لِلرَّجُلِ.
ــ
[حاشية الشربيني]
وَلَوْ ثَلَاثَ أَجْزَاءٍ مِنْ شَعْرَةٍ وَإِنَّمَا تَعَدَّدَتْ الْفِدْيَةُ بِتَعَدُّدِ إزَالَتِهَا بِشَرْطِهِ لِأَنَّ مَا هُنَاكَ جِنَايَةٌ وَيَصْدُقُ عَلَى أَخْذِ كُلِّ جَزْءٍ أَنَّهُ جَنَى عَلَى بَعْضِ شَعْرَةٍ وَالْجِنَايَةُ عَلَى الْبَعْضِ كَهِيَ عَلَى الْكُلِّ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ اهـ مِنْ حَاشِيَةِ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِمُؤَلِّفِهِ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِرَأْسِهِ شَعْرٌ نُدِبَ إمْرَارُ الْمُوسَى إلَخْ) مِثْلُهُ إمْرَارُ آلَةِ التَّقْصِيرِ لِمَنْ يُرِيدُهُ نَقَلَهُ شَيْخُنَا ذ عَنْ الْأُسْتَاذِ الْحِفْنِيُّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِرَأْسِهِ شَعْرٌ) أَيْ: كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ وَقَوْلُهُ: إمْرَارُ الْمُوسَى عَلَيْهِ أَيْ: كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ الَّذِي لَا شَعْرَ بِهِ (قَوْلُهُ: إمْرَارُ الْمُوسَى عَلَيْهِ) مُوسَى الْحَدِيدِ كَفَتَى بِخِلَافِ الْعَلَمِ فَإِنَّهُ بِالْأَلِفِ وَيُمْنَعُ مِنْ الصَّرْفِ فِي الْمُخْتَارِ أَوْسَى رَأْسَهُ حَلَقَهُ وَالْمُوسَى مَا يُحْلَقُ بِهِ قَالَ الْفَرَّاءُ وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ وَقَالَ الْأُمَوِيُّ هُوَ مُذَكَّرٌ لَا غَيْرُ وَأَنْكَرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَهُوَ مَفْعَلُ بِدَلِيلِ انْصِرَافِهِ فِي النَّكِرَةِ وَفُعْلَى لَا يَنْصَرِفُ وَقَالَ الْكِسَائِيُّ هُوَ فُعْلَى وَالنِّسْبَةُ إلَيْهِ مُوسَوِيٌّ وَأَوْسَاهُ لُغَةٌ ضَعِيفَةٌ فِي أَأْسَاهُ (قَوْلُهُ: لِلْفِطْرَةِ) أَيْ: الْخِلْقَةِ وَالْمُرَادُ بِهِ مَا يُزَالُ لِتَحْسِينِ الْهَيْئَةِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: إذَا فَرَغَ) كَذَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ كَالْمَاوَرْدِيِّ وَاَلَّذِي فِي
جَوَانِبِ الرَّأْسِ وَهَذَا إنَّمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي الْمَرْأَةِ وَفِي مَعْنَاهَا الْخُنْثَى وَالْأُنْمُلَةُ بِتَثْلِيثِ الْهَمْزَةِ وَالْمِيمِ تِسْعُ لُغَاتٍ أَفْصَحُهَا وَأَشْهَرُهَا فَتْحُ الْهَمْزَةِ مَعَ ضَمِّ الْمِيمِ قَالَ جُمْهُورُ أَهْلِ اللُّغَةِ: الْأَنَامِلُ أَطْرَافُ الْأَصَابِعِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُنَا: فِي كُلِّ أُصْبُعٍ غَيْرَ الْإِبْهَامِ ثَلَاثُ أَنَامِلَ وَكَذَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ كِبَارِ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ ذَكَرَ ذَلِكَ النَّوَوِيُّ فِي تَحْرِيرِهِ.
. وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ تَخْيِيرِ الرَّجُلِ بَيْنَ الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَنْذِرْ الْحَلْقَ فَإِنْ نَذَرَهُ تَعَيَّنَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَنَاذِرُ الْحَلْقِ) فِي وَقْتِهِ إنْ كَانَ رَجُلًا (يَفِي بِالنَّذْرِ) بِأَنْ يَسْتَأْصِلَ شَعْرَهُ بِالْمُوسَى؛ لِأَنَّ الْحَلْقَ فِي حَقِّهِ قُرْبَةٌ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي بِإِمْرَارِ الْمُوسَى مِنْ غَيْرِ اسْتِئْصَالِ الشَّعْرِ وَلَا بِاسْتِئْصَالِهِ بِمَا لَا يُسَمَّى حَلْقًا كَقَصٍّ وَنَتْفٍ وَإِذَا اسْتَأْصَلَهُ بِمَا لَا يُسَمَّى حَلْقًا هَلْ يَبْقَى الْحَلْقُ فِي ذِمَّتِهِ حَتَّى يَتَعَلَّقَ بِالشَّعْرِ الْمُسْتَخْلِفِ تَدَارُكًا لِمَا الْتَزَمَهُ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ النُّسُكَ إنَّمَا هُوَ إزَالَةُ شَعْرٍ اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ؟ الْمُتَّجَهُ الثَّانِي لَكِنْ يَلْزَمُهُ لِفَوَاتِ الْوَصْفِ دَمٌ كَمَا لَوْ نَذَرَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مُفْرَدَيْنِ فَقَرَنَ أَوْ تَمَتَّعَ وَكَمَا لَوْ نَذَرَ الْحَجَّ مَاشِيًا وَقُلْنَا بِوُجُوبِ الْمَشْيِ فَرَكِبَ وَاعْلَمْ أَنَّ نَاذِرَ الْحَلْقِ قَدْ يُطْلِقُهُ فَيَكْفِيهِ ثَلَاثُ شَعَرَاتٍ وَقَدْ يُصَرِّحُ بِالِاسْتِيعَابِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ لِلْقَفَّالِ وَلَهَا أَخَوَاتٌ تَأْتِي فِي النَّذْرِ وَأَشَارَ بِهِ إلَى مَا لَوْ نَذَرَ اسْتِيعَابَ مَسْحِ الرَّأْسِ فِي الْوُضُوءِ وَنَحْوِهِ وَالْأَصَحُّ فِيهِ اللُّزُومُ وَقَدْ يُعَبِّرُ بِالْحَلْقِ مُضَافًا فَيَقُولُ: لِلَّهِ عَلَيَّ حَلْقُ رَأْسِي وَالْمُتَّجَهُ
أَنَّهُ كَتَصْرِيحِهِ بِالْجَمِيعِ لِلْعُرْفِ وَيُحْتَمَلُ إلْحَاقُهُ بِقَوْلِهِ عَلَى الْحَلْقِ أَوْ أَنْ أَحْلِقَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ الْآيَةُ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ فِي الْمُهِمَّاتِ.
(وَقَبْلَ طَوْفٍ بَعْدَ رَمْيِ) يَوْمَ (النَّحْرِ جَازَ) الْحَلْقُ (لِحَجٍّ) كَمَا يَجُوزُ بَعْدَهُمَا مَعًا (قُلْت هَذَا) أَيْ: تَقْيِيدُ الْحَاوِي بِبَعْدِ الرَّمْيِ (أَفْهَمَا أَنْ لَا يَجُوزَ الْحَلْقُ مِنْ قَبْلِهِمَا) أَيْ: الطَّوَافِ وَالرَّمْيِ وَهَذَا جَعَلُوهُ (مُفَرَّعًا عَلَى سِوَى الْمَشْهُورِ) مِنْ الْمَذْهَبِ (أَيْ أَنَّهُ اسْتِبَاحَةُ الْمَحْظُورِ)
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَفِي مَعْنَاهَا الْخُنْثَى) أَيْ: بِخِلَافِ الرَّجُلِ؛ لِأَنَّ غَايَةَ الزِّيَادَةِ أَنَّهَا كَالْحَلْقِ وَهُوَ أَفْضَلُ فِي حَقِّهِ.
(قَوْلُهُ: وَاعْلَمْ أَنَّ نَاذِرَ الْحَلْقِ إلَخْ) لَوْ نَذَرَ حَلْقَ بَعْضِ الرَّأْسِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْعَقِدَ لِكَرَاهَةِ الْقَزَعِ وَهُوَ حَلْقُ بَعْضِ الرَّأْسِ. وَفَرْقٌ بَيْنَ الْتِزَامِ الْقَزَعِ قَصْدًا وَبَيْنَ الْتِزَامِ مَا يَصْدُقُ بِهِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الشَّارِحِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ: وَالْمُتَّجَهُ إلَخْ) قَدْ يَسْتَشْكِلُ مَعَ مَا تَقَدَّمَ فِي الِاسْتِدْلَالِ بِالْآيَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ لِلْعُرْفِ دَافِعًا لِلْإِشْكَالِ فَلْيُتَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَهُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ إلَخْ.
. (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ أَنَّ الْحَلْقَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى الرُّكْنِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ بَقِيَ احْتِمَالُ السُّنِّيَّةِ وَالْوَاجِبِيَّةِ وَالتَّفْضِيلُ يَجْرِي فِي السُّنَنِ وَالْوَاجِبَاتِ.
ــ
[حاشية الشربيني]
شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِلدَّمِيرِيِّ وَأَنْ يُكَبِّرَ عِنْدَهُ إلَى أَنْ يَفْرُغَ مِنْهُ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي شَرْحِ عب بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى أَصْلِ السُّنَّةِ وَالثَّانِي عَلَى كَمَالِهَا (قَوْلُهُ: وَهَذَا إنَّمَا ذَكَرَهُ إلَخْ) أَيْ: وَالتَّقْصِيرُ بِقَدْرِ الْأُنْمُلَةِ إنَّمَا ذَكَرَهُ إلَخْ فَذِكْرُ الْمُصَنِّفِ لَهُ فِي الثَّلَاثَةِ مُخَالِفٌ لِذَلِكَ إذْ غَايَةُ الزِّيَادَةِ عَلَى الْأُنْمُلَةِ أَنَّهَا حَلْقٌ وَهُوَ مَسْنُونٌ لَهُ.
(قَوْلُهُ: فِي وَقْتِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْحَلْقِ لَا النَّذْرِ لِفَسَادِ الْمَعْنَى إذْ يَبْقَى يَصِحُّ نَذْرُهُ فِي حَالِ إحْرَامِهِ فِعْلُهُ فِي وَقْتِهِ (قَوْلُهُ: يَفِي بِالنَّذْرِ) أَيْ: وُجُوبًا وَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ اسْتِبَاحَةُ مَحْظُورٍ كَمَا قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الشَّيْءِ اسْتِبَاحَةَ مَحْظُورٍ أَنَّهُ لَا ثَوَابَ فِيهِ كَالطِّيبِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّهُ لَا ثَوَابَ فِيهِ مَعَ أَنَّهُ صَرَّحَ بِنَدْبِهِ بَيْنَ التَّحَلُّلَيْنِ فَعُلِمَ أَنَّ الْمُبَاحَ الَّذِي يُنَادِي بِهِ مَنْدُوبٌ يَلْزَمُ بِالنَّذْرِ كَنَوْمِ الْقَيْلُولَةِ لِلتَّقَوِّي عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: يَفِي بِالنَّذْرِ) وَلَا يُجْزِئُهُ التَّقْصِيرُ كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالْمُتَّجَهُ عَدَمُ الْجَوَازِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ إذَا نَذَرَ صِفَةً فِي وَاجِبٍ لَمْ يَقْدَحْ عَدَمُهَا فِي الِاعْتِدَادِ بِالْوَاجِبِ كَمَا لَوْ نَذَرَ الْحَجَّ مَاشِيًا وَقُلْنَا بِوُجُوبِ الْمَشْيِ فَرَكِبَ اهـ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الْمُلْتَزَمُ هُنَاكَ الْمَوْصُوفُ وَهُنَا الصِّفَةُ فَتَأَمَّلْ سم عَلَى ع (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَسْتَأْصِلَ شَعْرَهُ بِالْمُوسَى) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُوسَى لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ يَكْفِي إزَالَتُهُ بِكُلِّ مُحَدَّدٍ يُزِيلُهُ كَسِكِّينٍ مُرْهَفَةٍ شَرْحُ عب لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: الْمُتَّجَهُ الثَّانِي) فَقَوْلُهُ سَابِقًا لَا يُكْتَفَى بِالنِّسْبَةِ لِلِاسْتِئْصَالِ بِمَا لَا يُسَمَّى حَلْقًا أَيْ: لَا يُكْتَفَى بِهِ عَنْ الْحَلْقِ وَإِنْ اُكْتُفِيَ بِهِ عَنْ التَّحَلُّلِ عَلَى هَذَا (قَوْلُهُ لَكِنْ يَلْزَمُهُ إلَخْ) أَيْ: مَعَ الْإِثْمِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ نَذَرَ إلَخْ) قِيَاسُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الدَّمُ الْمَذْكُورُ كَدَمِ التَّمَتُّعِ فَيَكُونُ مُرَتَّبًا مُقَدَّرًا. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَالْمُتَّجَهُ إلَخْ) يَحْتَاجُ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَلَيَّ الْحَلْقُ مَعَ أَنَّ فِي كُلٍّ مُقْتَضِيًا لِلْعُمُومِ اهـ. فَإِنْ قِيلَ اللَّامُ قَدْ تَكُونُ لِلْجِنْسِ فَحُمِلَتْ عَلَيْهِ هُنَا بِخِلَافِ الْإِضَافَةِ قُلْنَا صَرَّحَ السَّيِّدُ الْجُرْجَانِيُّ بِانْقِسَامِ الْإِضَافَةِ انْقِسَامَ اللَّامِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ مَجِيءُ اللَّامِ لِلْجِنْسِ أَكْثَرُ مِنْ مَجِيءِ الْإِضَافَةِ لَهُ. اهـ. سم عَلَى ع.
(قَوْلُهُ وَقَبْلَ طَوْفٍ بَعْدَ رَمْيٍ إلَخْ) مِثْلُهُ قَبْلَ الرَّمْيِ بَعْدَ الطَّوَافِ عَلَى هَذَا (قَوْلُهُ: جَعَلُوهُ مُفَرَّعًا عَلَى سِوَى الْمَشْهُورِ) لَعَلَّ قَوْلَهُ جَعَلُوهُ إلَخْ تَوَرُّكٌ عَلَى هَذَا الْجَعْلِ فَإِنَّهُ عَلَى الْمَشْهُورِ لَنَا وَجْهٌ حَكَاهُ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ يَحْصُلُ التَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ بِالرَّمْيِ فَقَطْ أَوْ الطَّوَافِ فَقَطْ اهـ وَيُصَرِّحُ بِهَذَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْأَصَحِّ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ عَلَيَّ سِوَى الْمَشْهُورِ) أَيْ: مِنْ الْقَوْلَيْنِ لِلشَّافِعِيِّ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ الْحَلْقُ فِي وَقْتِهِ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فِيهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ اسْتِبَاحَةُ مَحْظُورٍ وَلَيْسَ بِنُسُكٍ وَأَظْهَرُهُمَا أَنَّهُ نُسُكٌ وَهُوَ رُكْنٌ لَا يُجْبَرُ بِالدَّمِ اهـ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَهُوَ عَلَى الْمَشْهُورِ رُكْنٌ أَيْ: الْمَشْهُورُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ وَقَوْلُ الشَّرْحِ لِمَا مَرَّ إلَخْ تَأْيِيدٌ لِذَلِكَ الْمَشْهُورِ
لَا ثَوَابَ فِيهِ كَالطِّيبِ وَاللُّبْسِ (وَهْوَ عَلَى الْمَشْهُورِ رُكْنٌ) يُثَابُ عَلَيْهِ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْحَلْقَ أَفْضَلُ مِنْ التَّقْصِيرِ وَلَا تَفْضِيلَ فِي الْمُبَاحَاتِ (فَلْيُبَحْ تَقْدِيمُهُ عَلَيْهِمَا) أَيْ: الطَّوَافِ وَالرَّمْيِ (عَلَى الْأَصَحْ) كَمَا يُبَاحُ تَقْدِيمُ الطَّوَافِ عَلَى جَمِيعِ مَنَاسِكِ يَوْمِ النَّحْرِ وَيُبَاحُ تَقْدِيمُ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَابْنِ الْعَاصِ «سَمِعْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ النَّحْرِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَهُوَ يَسْأَلُونَهُ فَقَالَ رَجُلٌ لَمْ أَشْعُرْ فَحَلَقْت قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ فَقَالَ اذْبَحْ وَلَا حَرَجَ فَجَاءَ آخَرُ فَقَالَ لَمْ أَشْعُرْ فَنَحَرْت قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ فَقَالَ ارْمِ وَلَا حَرَجَ» وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ عَنْ عَمْرٍو أَيْضًا «سَمِعْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَتَاهُ رَجُلٌ يَوْمَ النَّحْرِ وَهُوَ وَاقِفٌ عِنْدَ الْجَمْرَةِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي حَلَقْت قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ فَقَالَ ارْمِ وَلَا حَرَجَ وَأَتَاهُ آخَرُ فَقَالَ إنِّي ذَبَحْت قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ فَقَالَ ارْمِ وَلَا حَرَجَ وَأَتَاهُ آخَرُ فَقَالَ إنِّي أَفَضْت إلَى الْبَيْتِ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ فَقَالَ ارْمِ وَلَا حَرَجَ قَالَ فَمَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ يَوْمَئِذٍ قُدِّمَ وَلَا أُخِّرَ إلَّا قَالَ افْعَلْ وَلَا حَرَجَ» وَمِنْ ثَمَّ جَازَ تَقْدِيمُ الْحَلْقِ أَيْضًا عَلَى السَّعْيِ الْوَاقِعِ بَعْدَ طَوَافِ الرُّكْنِ وَخَرَجَ بِالْحَجِّ الْعُمْرَةُ فَوَقْتُ الْحَلْقِ فِيهَا بَعْدَ السَّعْيِ كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ: أَوَّلًا ثُمَّ ثَلَاثُ شَعَرَاتٍ فَمَا هُنَا مُقَيَّدٌ لِمَا هُنَاكَ وَالتَّقْصِيرُ كَالْحَلْقِ فِيمَا ذُكِرَ وَهُوَ ظَاهِرٌ.
. (وَمَنْ سَعَى) لِلْحَجِّ (بَعْدَ طَوَافِ الْقَادِمِ) الْمُسَمَّى أَيْضًا بِطَوَافِ الْقُدُومِ وَالْوُرُودِ وَالْوَارِدِ وَالتَّحِيَّةِ (جَازَ) إنْ لَمْ يَتَخَلَّلْ بَيْنَهُمَا الْوُقُوفُ وَإِلَّا وَجَبَ إعَادَتُهُ بَعْدَ طَوَافِ الرُّكْنِ وَيُسَنُّ طَوَافُ الْقُدُومِ لِكُلِّ مَنْ دَخَلَ مَكَّةَ وَلَوْ غَيْرَ مُحْرِمٍ لَكِنَّهُ يَسْقُطُ بِطَوَافِ الرُّكْنِ مِمَّنْ دَخَلَهَا بِعُمْرَةٍ أَوْ بِحَجٍّ بَعْدَ الْوُقُوفِ (وَإِنْ يُعِدْ)
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: مُقَيَّدٌ لِمَا هُنَاكَ) أَيْ: بِالْعُمْرَةِ.
. (قَوْلُهُ: وَمَنْ سَعَى إلَخْ) أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِأَنَّ الْأَفْضَلَ تَأْخِيرُ السَّعْيِ إلَى مَا بَعْدَ طَوَافِ الرُّكْنِ لَكِنْ فِي إيضَاحِ النَّوَوِيِّ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْأَفْضَلَ فِعْلُهُ بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ طَوَافِ الْقَادِمِ) وَهُوَ الْأَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ الْوَارِدُ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْوُقُوفِ) هَذَا ظَاهِرٌ إذَا دَخَلَ بَعْدَ انْتِصَافِ لَيْلَةِ النَّحْرِ دُونَ مَا إذَا دَخَلَ قَبْلَهُ لِعَدَمِ دُخُولِ طَوَافِ الرُّكْنِ حِينَئِذٍ فَيُسَنُّ لَهُ طَوَافُ الْقُدُومِ. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَتَخَلَّلْ بَيْنَهُمَا الْوُقُوفُ) عِبَارَةُ الشَّارِحِ الْعِرَاقِيِّ لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَتَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا رُكْنٌ
ــ
[حاشية الشربيني]
عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ فَلَا يُقَالُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْأَفْضَلِيَّةِ أَنَّهُ رُكْنٌ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ سُنَّةٌ أَوْ وَاجِبٌ؛ لِأَنَّ هَذَيْنِ الِاحْتِمَالَيْنِ وَجْهَانِ لِلْأَصْحَابِ خَارِجَانِ عَنْ الْقَوْلَيْنِ قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ جُمْلَةُ الْخِلَافِ فِيهِ رُكْنُ سُنَّةِ وَاجِبٍ مُبَاحٍ رُكْنٌ فِي الْعُمْرَةِ وَاجِبٌ فِي الْحَجِّ (قَوْلُهُ: لَا ثَوَابَ فِيهِ) تَقَدَّمَ مَا فِيهِ قَرِيبًا (قَوْلُهُ فَلْيُبَحْ تَقْدِيمُهُ) وَيَدْخُلُ بِدُخُولِ وَقْتِ حَلْقِ شَعْرِ الرَّأْسِ وَقْتُ حَلْقِ شَعْرِ غَيْرِهِ سَوَاءٌ حَلَقَهُ بَعْدَ الرَّأْسِ أَوْ قَبْلَهُ عَلَى الْأَوْجَهِ كَمَا فِي الزَّرْكَشِيّ وَقَالَ حَجَرٌ لَا يَجُوزُ إزَالَةُ شَعْرِ الْبَدَنِ إلَّا بَعْدَ فِعْلِ اثْنَيْنِ مِنْ الثَّلَاثَةِ وَهُوَ خِلَافُ مَفْهُومِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ. اهـ. مَدَنِيٌّ عَنْ ابْنِ الْجَمَّالِ (قَوْلُهُ: مَنَاسِكِ يَوْمِ النَّحْرِ) هِيَ رَمْيُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَالذَّبْحُ لِلْهَدْيِ وَالْحَلْقُ أَوْ التَّقْصِيرُ وَالطَّوَافُ مَعَ السَّعْيِ إنْ لَمْ يَكُنْ سَعَى بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ (قَوْلُهُ: لَمْ أَشْعُرْ إلَخْ) عَدَمُ الشُّعُورِ لَيْسَ بِقَيْدٍ فِيهِ وَفِيمَا بَعْدَهُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ الَّتِي بَعْدَهُمَا إذْ هِيَ وَاقِعَةُ حَالٍ قَوْلِيَّةٌ وَتَطَرُّقُ الِاحْتِمَالِ إلَيْهَا يُعَمِّمُهَا. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ وَقَوْلُهُ: قَبْلَ أَنْ أَشْعُرَ لَا يَصْلُحُ لِلتَّخْصِيصِ؛ لِأَنَّهُ حِكَايَةٌ لِمَا وَقَعَ مِنْ السَّائِلِ جَاءَتْ قَبْلَ الْعُمُومِ وَلَمْ يُقِرَّ عَلَيْهِ لِلتَّعْمِيمِ فِي الْجَوَابِ.
. (قَوْلُهُ: وَمَنْ سَعَى بَعْدَ طَوَافِ الْقَادِمِ جَازَ) مَا لَمْ يَكُنْ طَوَافُ الْقُدُومِ لِلْعَوْدِ إلَى مَكَّةَ بَعْدَ الْوُقُوفِ وَقَبْلَ نِصْفِ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ يُسَنُّ لَهُ الْقُدُومُ وَلَا يُجْزِئُ السَّعْيُ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ السَّعْيَ مَتَى أُخِّرَ عَنْ الْوُقُوفِ وَجَبَ وُقُوعُهُ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: بَعْدَ الْوُقُوفِ أَنَّهُ لَوْ عَادَ لِمَكَّةَ قَبْلَ الْوُقُوفِ وَطَافَ لِلْقُدُومِ أَجْزَأَهُ السَّعْيُ بَعْدَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي شَرْحِ عب لِحَجَرٍ وَقَوْلُهُ وَقَبْلَ نِصْفِ اللَّيْلِ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ لَوْ عَادَ لَهَا بَعْدَ الْوُقُوفِ وَبَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ وَطَافَ لِلْقُدُومِ لَمْ يُجْزِئْهُ السَّعْيُ بَعْدَهُ أَيْضًا كَمَا فِي شَرْحِ عب لِحَجَرٍ أَيْضًا لَكِنْ فِيهِ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ طَوَافُ قُدُومٍ حِينَئِذٍ لِدُخُولِ وَقْتِ طَوَافِ الرُّكْنِ فَالْقَيْدُ فِي مَحَلِّهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ طَافَ لِلْقُدُومِ وَقَعَ عَنْ الرُّكْنِ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ السَّعْيَ مَتَى أُخِّرَ إلَخْ قَالَ فِي شَرْحِ عب: لِأَنَّهُ حَيْثُ وَقَفَ لَا يَدْخُلُ وَقْتُهُ إلَّا بِدُخُولِ وَقْتِ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَفِعْلِهِ فَكَأَنَّ طَوَافَ الْقُدُومِ لَمْ يُوجَدْ هُنَا بِالنِّسْبَةِ لِلسَّعْيِ بِخِلَافِهِ فِيمَا قَبْلَ الْوُقُوفِ وَقَوْلُ شَرْحِ عب لِأَنَّهُ حَيْثُ وَقَفَ إلَخْ أَيْ: لِدُخُولِ وَقْتِ طَوَافِ الْفَرْضِ فَلَمْ يَجُزْ بَعْدَ نَفْلٍ مَعَ إمْكَانِهِ بَعْدَ فَرْضٍ اهـ مِنْهُ أَيْضًا وَفِيهِ أَنَّ وَقْتَ طَوَافِ الْفَرْضِ لَا يَدْخُلُ إلَّا بَعْدَ النِّصْفِ وَحِينَئِذٍ لَا مَانِعَ مِنْ السَّعْيِ بَعْدَ الْوُقُوفِ وَطَوَافِ الْقُدُومِ قَبْلَ نِصْفِ اللَّيْلِ ثُمَّ رَأَيْت ق ل عَلَى الْجَلَالِ نَقَلَ مَا تَقَدَّمَ عَنْ حَجَرٍ ثُمَّ قَالَ وَقَالَ شَيْخُنَا لَهُ السَّعْيُ وَيَكْفِيهِ عَنْ الرُّكْنِ وَنَقَلَهُ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيُّ نَعَمْ لَوْ لَمْ يَطُفْ لَمْ يَجُزْ لَهُ السَّعْيُ إلَّا بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَإِنْ طَافَ قَبْلَ الْوُقُوفِ فَإِنْ حُمِلَ كَلَامُ حَجَرٍ عَلَى هَذِهِ فَوَاضِحٌ (قَوْلُهُ: بَعْدَ طَوَافِ الْقَادِمِ) قَالَ سم فِي شَرْحِ أَبِي شُجَاعٍ وَلَوْ مِمَّنْ دَفَعَ مِنْ عَرَفَةَ إلَى مَكَّةَ قَبْلَ نِصْفِ اللَّيْلِ فِيمَا يَظْهَرُ بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ أَنَّهُ يُسَنُّ لَهُ حِينَئِذٍ طَوَافُ الْقُدُومِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا وَجَبَ إعَادَتُهُ) أَيْ: جَمِيعِ السَّعْيِ.
مَنْ سَعَى بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ سَعْيَهُ بَعْدَ طَوَافِ الرُّكْنِ (فَغَيْرُ آثِمِ) بِإِعَادَتِهِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ إعَادَتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ قُرْبَةً فِي نَفْسِهِ بَلْ تَابِعٌ لِغَيْرِهِ وَعَنْ الْجُوَيْنِيِّ تُكْرَهُ إعَادَتُهُ وَلَا يُتَصَوَّرُ وُقُوعُهُ بَعْدَ طَوَافِ الْوَدَاعِ فَإِنَّهُ خَاتِمَةُ الْمَنَاسِكِ. وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْعِمْرَانِيِّ وَالشَّيْخِ نَصْرٍ الْمَقْدِسِيَّ أَنَّهُ يَصِحُّ بَعْدَ طَوَافِ الْوَدَاعِ لِلْخُرُوجِ إلَى مِنًى قَالَ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ تَقْيِيدُهُ بِالْقُدُومِ أَوْ الْإِفَاضَةِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَصُورَتُهُ أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ طَوَافَ الْوَدَاعِ الْمَذْكُورِ طَوَافُ قُدُومٍ وَإِلَّا فَيَصِحُّ السَّعْيُ بَعْدَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ وَاقِعٌ بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ وَلَمْ يَتَخَلَّلْ بَيْنَهُمَا وُقُوفٌ وَقَدْ تَلَخَّصَ أَنَّ أَرْكَانَ النُّسُكَيْنِ الْإِحْرَامُ وَالطَّوَافُ وَالسَّعْيُ وَالْحَلْقُ أَوْ التَّقْصِيرُ وَيَزِيدُ الْحَجُّ بِالْوُقُوفِ وَلَمْ يَعُدُّوا التَّرْتِيبَ رُكْنًا وَهُوَ مُعْتَبَرٌ بِتَقْدِيمِ الْإِحْرَامِ عَلَى الْكُلِّ وَالطَّوَافِ عَلَى السَّعْيِ فِي النُّسُكَيْنِ وَبِتَقْدِيمِ الْوُقُوفِ عَلَى طَوَافِ الرُّكْنِ وَالْحَلْقِ فِي الْحَجِّ وَبِتَقْدِيمِ السَّعْيِ عَلَى الْحَلْقِ فِي الْعُمْرَةِ فَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ عَدُّهُ رُكْنًا كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَالْوُضُوءِ، وَلَا يَقْدَحُ عَدَمُ التَّرْتِيبِ بَيْنَ الْحَلْقِ وَالطَّوَافِ فِي الْحَجِّ كَمَا لَا يَقْدَحُ عَدَمُ التَّرْتِيبِ بَيْنَ الْقِرَاءَةِ وَالْقِيَامِ لَكِنْ عَدَّهُ فِي الْمَجْمُوعِ شَرْطًا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ.
وَلِأَدَاءِ النُّسُكَيْنِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: تَمَتُّعٌ وَقِرَانٌ وَإِفْرَادٌ وَكُلُّهَا جَائِزَةٌ اتِّفَاقًا وَبَعْضُهَا أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ وَقَدْ أَخَذَ النَّاظِمُ فِي بَيَانِهَا وَبَيَانِ الْأَفْضَلِ مِنْهَا فَقَالَ (تَمَتُّعُ الْإِنْسَانِ بِالْإِحْرَامِ بِعُمْرَةٍ أَشْهُرَ حَجِّ الْعَامِ) بِزِيَادَتِهِ الْعَامِ تَكْمِلَةً (وَهْوَ عَلَى مِقْدَارِ) مَسَافَةِ (قَصْرٍ) فَأَكْثَرَ (مِنْ حَرَمْ) مَكَّةَ (ثُمَّ) بَعْدَ فَرَاغِهِ الْعُمْرَةَ يُحْرِمُ (بِحَجِّ عَامِ هَذِهِ) الْعُمْرَةِ مِنْ مَكَّةَ (وَلَمْ يَعُدْ لِمِيقَاتٍ) مِنْ الْمَوَاقِيتِ وَلَا لِمِثْلِهِ مَسَافَةً (مِنْ الْقِرَانِ أَفْضَلُ) أَيْ: تَمَتُّعُ الْإِنْسَانِ أَفْضَلُ مِنْ قِرَانِهِ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ عَمَلًا وَسُمِّيَ تَمَتُّعًا لِتَمَتُّعِ صَاحِبِهِ بِمَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ بَيْنَهُمَا وَقَدَّمَ فِي النَّظْمِ مَعْمُولَ أَفْعَلِ التَّفْضِيلِ عَلَيْهِ لِلْوَزْنِ كَمَا قَدَّمَهُ جَرِيرٌ لِذَلِكَ فِي قَوْلِهِ
إذَا سَايَرَتْ أَسْمَاءَ يَوْمًا ظَعِينَةٌ
…
فَأَسْمَاءُ مِنْ تِلْكَ الظَّعِينَةِ أَمْلَحُ
وَخَرَجَ بِالْقُيُودِ الْمَذْكُورَةِ عَنْ أَنْ يُسَمَّى تَمَتُّعًا أَيْ: مُوجِبًا لِلدَّمِ مَا لَوْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ أَوْ لَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} [البقرة: 196] وَمَا لَوْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَإِنْ وَقَعَ أَعْمَالُهَا فِي أَشْهُرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْمَعْ بَيْنَهُمَا فِي وَقْتِ الْحَجِّ فَأَشْبَهَ الْمُفْرِدَ.
وَذَكَرَ الْأَئِمَّةُ أَنَّ دَمَ التَّمَتُّعِ مَنُوطٌ بِرِبْحِ الْمِيقَاتِ وَبِوُقُوعِ الْعُمْرَةِ بِتَمَامِهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ الْإِسْلَامِ لَا يَزْحَمُونَ بِهَا الْحَجَّ فِي وَقْتِ إمْكَانِهِ وَيَسْتَنْكِرُونَ ذَلِكَ فَوَرَدَ التَّمَتُّعُ رُخْصَةً لِلْآفَاقِيِّ إذْ قَدْ يَشُقُّ عَلَيْهِ
ــ
[حاشية العبادي]
كَالْوُقُوفِ وَالْحَلْقِ اهـ. وَهِيَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ حَلَقَ بَعْدَ انْتِصَافِ لَيْلَةِ النَّحْرِ قَبْلَ الْوُقُوفِ امْتَنَعَ السَّعْيُ وَقَدْ يُقَالُ فِيهِ بَعْدَ تَسْلِيمِهِ: إنَّ الْحَلْقَ لَا يَدْخُلُ وَقْتُهُ قَبْلَ الْوُقُوفِ كَمَا قَالَ فِي الْعُبَابِ وَأَوَّلُ وَقْتِ غَيْرِهِ أَيْ: غَيْرِ الذَّبْحِ مِنْ الْحَلْقِ وَغَيْرِهِ لِمَنْ وَقَفَ مِنْ انْتِصَافِ لَيْلَةِ النَّحْرِ اهـ. وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَدَلَّ قَوْلُهُ: لِمَنْ وَقَفَ عَلَى عَدَمِ دُخُولِ وَقْتِ الْحَلْقِ قَبْلَ الْوُقُوفِ.
. (قَوْلُهُ: عَنْ أَنْ يُسَمَّى تَمَتُّعًا) أَيْ: مُوجِبًا لِلدَّمِ هَذَا صَادِقٌ بِأَنْ لَا يُسَمَّى تَمَتُّعًا مُطْلَقًا كَمَا فِي أَوَّلِ الْمُخْرِجَاتِ فَإِنَّهُ إفْرَادٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَوْ يُسَمَّى تَمَتُّعًا فِي الْجُمْلَةِ أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُوجِبْ الدَّمَ كَمَا فِي بَاقِي الْمُخْرِجَاتِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ: بِرِبْحِ الْمِيقَاتِ) فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ قَدْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ أَوَّلًا مِنْ مِيقَاتِهِ لَاحْتَاجَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْحَجِّ إلَى أَنْ يَخْرُجَ إلَى أَدْنَى الْحِلِّ فَيُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ وَإِذَا تَمَتَّعَ اسْتَغْنَى عَنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُحْرِمُ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ شَرْحُ الرَّوْضِ.
ــ
[حاشية الشربيني]
اهـ. ق ل. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ خَاتِمَةُ الْمَنَاسِكِ) وَحَيْثُ بَقِيَ السَّعْيُ لَا يَكُونُ خَاتِمَةً فَلَا يُعْتَدُّ بِذَلِكَ الطَّوَافِ وَأَمَّا السَّعْيُ فَهُوَ وَاقِعٌ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ فَيُعْتَدُّ بِهِ لِأَنَّ الْمُوَالَاةَ بَيْنَهُمَا لَيْسَتْ وَاجِبَةً. اهـ. شَيْخُنَا ذ. (قَوْلُهُ: خَاتِمَةَ الْمَنَاسِكِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهَا عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ اهـ شَرْحُ عب لِحَجَرٍ.
(قَوْلُهُ: وَفِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ) مَا فِي الْمَجْمُوعِ يُفْهِمُهُ التَّعْلِيلُ بِأَنَّهُ خَاتِمَةُ الْمَنَاسِكِ إذْ طَوَافُ الْوَدَاعِ لِلْخُرُوجِ إلَى مِنًى يَوْمَ الثَّانِي لَيْسَ خَاتِمَةَ الْمَنَاسِكِ وَمِثْلُهُ مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ إذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ قَبْلَ الْوُقُوفِ لِحَاجَةٍ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِطَوَافِ الْوَدَاعِ وَإِذَا عَادَ جَازَ لَهُ السَّعْيُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَالْعِمْرَانِيُّ إذْ الْمُوَالَاةُ بَيْنَ السَّعْيِ وَالطَّوَافِ لَيْسَ شَرْطًا لَكِنْ رَدَّ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ كَمَا فِي الشَّرْحِ وَكَذَا رَدَّهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ غَرِيبٌ مَرْدُودٌ إنْ اعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ فَقَالُوا يُجْزِئُ بَعْدَ كُلِّ طَوَافٍ صَحِيحٍ وَلَوْ نَفْلًا اهـ وَإِنَّمَا قَالَ فِي التَّصْوِيرِ الْمَذْكُورِ وَإِذَا عَادَ جَازَ لَهُ السَّعْيُ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ سَعَى قَبْلَ خُرُوجِهِ لَمْ يَكْفِ هَذَا الطَّوَافُ لِلْوَدَاعِ لِتَخَلُّلِ السَّعْيِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخُرُوجِ. (قَوْلُهُ وَالطَّوَافُ) وَلَا تَجِبُ نِيَّتُهُ إذَا كَانَ فِي ضِمْنِ نُسُكٍ عَلَى الْأَصَحِّ. (قَوْلُهُ: وَبِتَقْدِيمِ السَّعْيِ عَلَى الْحَلْقِ فِي الْعُمْرَةِ) فَأَعْمَالُ الْعُمْرَةِ وَهِيَ الْإِحْرَامُ وَالطَّوَافُ وَالسَّعْيُ وَالْحَلْقُ كُلُّهَا مُرَتَّبَةٌ. (قَوْلُهُ: عَدَّهُ رُكْنًا) رَجَّحَهُ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ عَلَى جَعْلِهِ شَرْطًا وَاسْتَدَلَّ بِمَا يَطُولُ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ شَرْطًا لَكَانَ وَاجِبًا غَيْرَ رُكْنٍ فَكَانَ يُجْبَرُ تَرْكُهُ بِدَمٍ وَلَا يَبْطُلُ مَا أَتَى بِهِ غَيْرَ مُرَتَّبٍ.
. (قَوْلُهُ وَمَا لَوْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ) أَيْ: ثُمَّ حَجَّ فِي أَشْهُرِهِ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ هَذَا تَمَتُّعٌ وَمِثْلُهُ فِي الْعُبَابِ فِي مَوْضِعٍ وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّهُ إفْرَادٌ وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ بَلْ صَرَّحَ الْقَاضِيَانِ أَبُو الطَّيِّبِ وَالْمَاوَرْدِيُّ بِأَنَّ هَذَا هُوَ الْإِفْرَادُ الَّذِي يَخْتَارُهُ الشَّافِعِيُّ وَالْقَاضِي وَالْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ بِأَنَّ هَذَا مِنْ صُوَرِ الْإِفْرَادِ بِلَا خِلَافٍ قَالَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ عب وَلَا تَنَاقُضَ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ لَفْظِيٌّ وَعَلَى الثَّانِي فَتَقْيِيدُ الْمَجْمُوعِ أَفْضَلِيَّتَهُ بِأَنْ يَحُجَّ ثُمَّ يَعْتَمِرَ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْأَفْضَلُ عَلَى الْإِطْلَاقِ. (قَوْلُهُ: وَبِوُقُوعِ إلَخْ) أَيْ: مَعَ وُقُوعِ إلَخْ إذْ لَوْ أَحْرَمَ
اسْتِدَامَةُ الْإِحْرَامِ مِنْ مِيقَاتِهِ وَمَا لَوْ أَحْرَمَ بِهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ الْحَرَمِ أَوْ مِنْ دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 196] وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَرْبَحْ مِيقَاتًا وَمَا لَوْ أَحْرَمَ بِهَا مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَأَكْثَرَ مِنْ الْحَرَمِ وَلَمْ يَحُجَّ عَامَهَا أَوْ حَجَّ عَامَهَا وَعَادَ قَبْلَ إحْرَامِهِ بِهِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَمْ يَرْبَحْ مِيقَاتًا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَيْ: عَامًّا لِأَهْلِهِ وَلِمَنْ مَرَّ بِهِ فَلَا يَشْكُلُ بِمَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ أَوْ الْحَرَمِ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ إذَا عَنَّ لَهُ النُّسُكُ ثَمَّ فَإِنَّهُ وَإِنْ رَبِحَ مِيقَاتًا بِتَمَتُّعِهِ لَكِنْ لَيْسَ مِيقَاتًا عَامًّا اهـ. فَلْيُتَأَمَّلْ مَا الْمُرَادُ بِالْمِيقَاتِ الْمَرْبُوحِ لِلْمُتَمَتِّعِ الْمَوْصُوفِ بِالْعُمُومِ الْمَذْكُورِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ أَيْ: عَامًّا إلَخْ فَإِنَّهُ إنْ أُرِيدَ بِهِ مَكَّةُ فَلَا عُمُومَ فِيهِ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ فِي حَقِّ وَاحِدٍ مِنْ الْآفَاقِيِّ وَالْحَاضِرِ وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ مَا أَحْرَمَ مِنْهُ بِالْعُمْرَةِ فَهُوَ لَا يَظْهَرُ فِيهِ مَعْنَى الرِّبْحِيَّةِ وَلَا يُوَافِقُ ظَاهِرَ مَا فُسِّرَ بِهِ مَعْنَى رَبِحَ الْمِيقَاتَ الْمُسَطَّرِ عَنْهُ بِالْهَامِشِ بِإِزَاءِ قَوْلِهِ وَذَكَرَ الْأَئِمَّةُ أَنَّ دَمَ التَّمَتُّعِ مَنُوطٌ بِرِبْحِ الْمِيقَاتِ فَإِنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْهُ أَنَّ الْمِيقَاتَ الْمَرْبُوحَ هُوَ مَكَّةُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُخْتَارَ الشِّقُّ الثَّانِي وَإِنْ خَالَفَ الظَّاهِرَ وَيُجْعَلَ مَعْنَى الرِّبْحِيَّةِ فِيهِ أَنَّهُ تَرَتَّبَ عَلَى الْإِحْرَامِ مِنْهُ بِالْعُمْرَةِ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ الْخُرُوجِ عَنْ مَكَّةَ فِي الْإِحْرَامِ الثَّانِي لَكِنَّ هَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي الْحَاضِرِ فَكَيْفَ نَفَاهُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَرْبَحْ مِيقَاتًا فَلْيُحَرَّرْ سم. (قَوْلُهُ: مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ) شَامِلٌ لِمَا بَعْدَ مِيقَاتِ جِهَتِهِ بِأَنْ جَاوَزَهُ مُسِيئًا أَوْ غَيْرَ مُسِيءٍ ثُمَّ أَحْرَمَ وَهَذَا مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي إلَى مِيقَاتٍ أَوْ مِثْلِهِ مَسَافَةً يَقْتَضِي عَدَمَ الِاكْتِفَاءِ هُنَا بِالْعَوْدِ لِمَا أَحْرَمَ مِنْهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مِيقَاتًا وَلَا مِثْلَهُ مَسَافَةً فَلْيُحَرَّرْ.
ــ
[حاشية الشربيني]
بِهَا قَبْلَ وَقْتِ الْحَجِّ وَأَتَى بِأَفْعَالِهَا كُلِّهَا فِي وَقْتِهِ بِأَنْ انْطَبَقَ انْتِهَاءُ إحْرَامِهِ بِهَا عَلَى آخِرِ لَحْظَةٍ مِنْ رَمَضَانَ وَأَتَمَّهَا فِي شَوَّالَ ثُمَّ حَجَّ لَا دَمَ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا عِنْدَنَا كَجُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ مَعَ رِبْحِهِ لِلْمِيقَاتِ اهـ شَرْحُ عب لِحَجَرٍ.
(قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ مِنْهُ) وَإِنَّمَا لَزِمَ هَذَا دَمٌ بِمُجَاوَزَتِهِ مَكَانَهُ بِغَيْرِ إحْرَامٍ مَعَ إرَادَتِهِ لَهُ مَعَ جَعْلِهِمْ مَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ كَالْمَحَلِّ الْوَاحِدِ هُنَا عَمَلًا بِمُقْتَضَى الدَّلِيلِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ فَهُنَا لَا إسَاءَةَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْحَاضِرِينَ بِمُقْتَضَى الْآيَةِ وَلَمْ يُجَاوِزْ مَا عُيِّنَ لَهُ بِغَيْرِ إحْرَامٍ وَهُنَاكَ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْحَاضِرِينَ لَكِنَّهُ يُسَمَّى بِمُجَاوَزَتِهِ مَا عُيِّنَ لَهُ بِقَوْلِهِ فِي الْخَبَرِ وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ مِنْ غَيْرِ إحْرَامٍ إذْ وَطَنُهُ كَمَكَّةَ فِي جَوَازِ الْإِحْرَامِ مِنْ سَائِرِ بِقَاعِهِ وَعَدَمِ جَوَازِ مُجَاوَزَتِهِ بِغَيْرِ إحْرَامٍ لِمُرِيدِ النُّسُكِ، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْإِسَاءَةَ الْمَذْكُورَةَ فَرْعُ كَوْنِهِمَا لَيْسَا كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ وَالْكَلَامُ فِيهِ وَلِذَا عَدَلَ الْإِمَامُ إلَى أَنَّ ذَلِكَ مَحْضُ تَعَبُّدٍ. اهـ. شَرْحُ عب حَجَرٌ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَحُجَّ عَامَهَا) وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ الْحَجِّ فَتَبَرَّعَ بِالْحَجِّ عَنْهُ مَكِّيٌّ فَلَا دَمَ عَلَى أَحَدٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْبَحْ أَحَدُهُمَا مِيقَاتًا سم عَلَى ع.
(قَوْلُهُ: وَعَادَ قَبْلَ إحْرَامِهِ) أَيْ: وَبَعْدَ دُخُولِ مَكَّةَ فَلَوْ عَادَ قَبْلَ دُخُولِ مَكَّةَ لَمْ يَسْقُطْ الدَّمُ عَلَى الْأَوْجَهِ لِوُجُوبِ قَطْعِ جَمِيعِ الْمَسَافَةِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمِيقَاتِ لِكُلٍّ مِنْ النُّسُكَيْنِ قَالَهُ سم فِي شَرْحِ أَبِي شُجَاعٍ عَنْ السُّبْكِيّ
أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ التَّلَبُّسِ بِنُسُكٍ إلَى مِيقَاتٍ أَوْ مِثْلِهِ مَسَافَةً وَلَوْ أَقْرَبَ مِمَّا أَحْرَمَ مِنْهُ بِالْعُمْرَةِ إذْ لَمْ يَرْبَحْ مِيقَاتًا، وَاعْتُبِرَتْ الْمَسَافَةُ مِنْ الْحَرَمِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ ذَكَرَ اللَّهُ فِيهِ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فَهُوَ الْحَرَمُ إلَّا قَوْلَهُ {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 144] فَهُوَ نَفْسُ الْكَعْبَةِ وَاعْتَبَرَهَا فِي الْمُحَرَّرِ مِنْ مَكَّةَ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَبِهِ الْفَتْوَى فَقَدْ نَقَلَهُ فِي التَّقْرِيبِ عَنْ نَصِّ الْإِمْلَاءِ وَأَنَّ الشَّافِعِيَّ أَيَّدَهُ بِأَنَّ اعْتِبَارَهَا مِنْ الْحَرَمِ يُؤَدِّي إلَى إدْخَالِ الْبَعِيدِ عَنْ مَكَّةَ وَإِخْرَاجِ الْقَرِيبِ مِنْهَا لِاخْتِلَافِ الْمَوَاقِيتِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ أَنَّ الْقُيُودَ الْمَذْكُورَةَ قُيُودٌ لِتَسْمِيَةِ مَا ذُكِرَ تَمَتُّعًا وَلِأَفْضَلِيَّتِهِ عَلَى الْقِرَانِ حَتَّى لَوْ انْتَفَى قَيْدٌ مِنْهَا انْتَفَى هَذَانِ الْحُكْمَانِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا هِيَ قُيُودٌ لِلتَّمَتُّعِ الْمُوجِبِ لِلدَّمِ كَمَا قَدَّمْته وَيُجَابُ عَنْ الثَّانِي بِأَنَّ أَفْضَلِيَّةَ مَا انْتَفَى فِيهِ قَيَّدَ مَفْهُومَهُ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَحْتَاجُ إلَى جَبْرٍ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ (عِنْدَنَا) الْمَزِيدُ عَلَى الْحَاوِي قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ إنَّ الْقِرَانَ أَفْضَلُ مِنْ التَّمَتُّعِ بَلْ وَمِنْ الْإِفْرَادِ وَاخْتَارَهُ الْمُزَنِيّ وَسَبَبُ الِاخْتِلَافِ اخْتِلَافُ الرِّوَايَاتِ فِي أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَرَنَ أَوْ تَمَتَّعَ أَوْ أَفْرَدَ وَسَيَأْتِي بَيَانُهَا.
. (تَنْبِيهٌ)
قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ مَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُرِيدٍ لِلنُّسُكِ فَكَمَا دَخَلَ مَكَّةَ اعْتَمَرَ -
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: إلَى مِيقَاتٍ أَوْ مِثْلِهِ مَسَافَةً إلَخْ) أَيْ: أَوْ إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَلَوْ دُونَ الْمِيقَاتِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي هَامِشِ شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مَكَانُهُ مَكَّةُ بِالْحَجِّ لِمَنْ كَانَ مُقِيمَ مَكَّةَ عَنْ شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِلشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ حَيْثُ قَالَ وَإِنَّمَا سَقَطَ دَمُ التَّمَتُّعِ بِالْمُرَحِّلَتَيْنِ مُطْلَقًا إلَخْ فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: إلَى إدْخَالِ التَّعَبُّدِ إلَخْ) قَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ لَا مَحْذُورَ فِي ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ الْمَدَارُ عَلَى الْحَرَمِ دُونَ مَكَّةَ وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ إلَى إدْخَالِ التَّعَبُّدِ إلَخْ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قُلْت: وَإِلَى أَنَّ مَنْ بِذَاتِ عِرْقٍ مِنْ الْحَاضِرِينَ؛ لِأَنَّهَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ مِنْ الْحَرَمِ وَلَمْ يَسْتَثْنِهَا أَحَدٌ مِنْ حُكْمِ الْمَوَاقِيتِ اهـ وَيُجَابُ بِأَنَّ عَدَمَ اسْتِثْنَائِهَا لَا يُنَافِي اسْتِثْنَاءَهَا أَخْذًا مِنْ اعْتِبَارِ الْحَرَمِ. (قَوْلُهُ: لِاخْتِلَافِ الْمَوَاقِيتِ) أَقُولُ يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَوَاقِيتِ هُنَا جِهَاتُ الْحَرَمِ ثُمَّ رَأَيْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَسَّرَهَا بِقَوْلِهِ يَعْنِي حُدُودَ الْحَرَمِ. (قَوْلُهُ: وَيُجَابُ عَنْ الثَّانِي إلَخْ) هَذَا الْجَوَابُ كَقَوْلِهِ السَّابِقِ وَخَرَجَ بِالْقُيُودِ إلَخْ يَقْتَضِي أَفْضَلِيَّةَ الِاعْتِمَارِ فِي سَنَةٍ وَالْحَجِّ فِي سَنَةٍ أُخْرَى عَلَى الْقِرَانِ.
. (قَوْلُهُ: أَنَّ مَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ إلَخْ) فِي الرَّوْضِ وَيَلْزَمُ الدَّمُ آفَاقِيًّا تَمَتَّعَ نَاوِيًا الِاسْتِيطَانَ بِهَا أَيْ: بِمَكَّةَ بَعْدَ الْعُمْرَةِ وَكَذَا لَوْ جَاوَزَ أَيْ: الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُرِيدٍ لِلنُّسُكِ ثُمَّ اعْتَمَرَ ثُمَّ قَالَ فَلَوْ جَاوَزَ مِيقَاتًا مُرِيدٌ لِلنُّسُكِ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ مُتَمَتِّعًا وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مَرْحَلَتَانِ لَزِمَهُ دَمَانِ أَيْ: لِلتَّمَتُّعِ وَالْإِسَاءَةِ أَوْ دُونَهُمَا فَدَمٌ أَيْ: لِلْإِسَاءَةِ لِفَقْدِ التَّمَتُّعِ أَيْ: لِأَنَّهُ صَارَ مِنْ الْحَاضِرِينَ هَكَذَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَفِيهِ إشْكَالٌ اهـ. وَقَوْلُهُ: وَفِيهِ إشْكَالٌ. قَالَ فِي شَرْحِهِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْقُرْبِ مِنْ الْحَرَمِ لَا مِنْ مَكَّةَ وَمِنْ أَنَّهُ إذَا جَاوَزَ الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُرِيدٍ لِلنُّسُكِ فَاعْتَمَرَ بِقُرْبِ مَكَّةَ لَزِمَهُ دَمُ التَّمَتُّعِ فَكَيْفَ يُجْعَلُ مِنْ الْحَاضِرِينَ مَعَ عِصْيَانِهِ وَلَا يُجْعَلُ كَذَلِكَ مَعَ عَدَمِ عِصْيَانِهِ وَقَدَّمْت جَوَابَهُ ثَمَّ اهـ. وَحَاصِلُ مَا قَدَّمَهُ أَنَّهُ قَدْ يُحْمَلُ مَا تَقَدَّمَ عَلَى مَنْ لَمْ يَسْتَوْطِنْ.
ــ
[حاشية الشربيني]
وَهُوَ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الدَّارِمِيِّ وَمِثْلُهُ حَجَرٌ شَرْحُ بَافَضْلٍ ذَكَرَهُ فِي عَوْدِ الْقَارِنِ الْمُسْقِطِ لِلدَّمِ وَاسْتَبْعَدَهُ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ فَلْيُحَرَّرْ ثُمَّ رَأَيْت الشَّرْحَ قَيَّدَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي الْقَارِنِ ثُمَّ قَالَ كَمَا فِي الْمُتَمَتِّعِ. (قَوْلُهُ: وَقَبْلَ التَّلَبُّسِ بِنُسُكٍ) سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ النُّسُكُ وَاجِبًا كَالْوُقُوفِ أَوْ مَنْدُوبًا كَطَوَافِ الْقُدُومِ كَأَنْ خَرَجَ الْمُتَمَتِّعُ إلَى مَحَلٍّ دُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ مِنْ مَكَّةَ وَأَحْرَمَ مِنْهُ بِالْحَجِّ ثُمَّ دَخَلَهَا وَطَافَ لِلْقُدُومِ وَطَوَافِ الْوَدَاعِ الْمَسْنُونِ بِأَنْ يُحْرِمَ مِنْهَا بِالْحَجِّ ثُمَّ يَطُوفَ لِلْوَدَاعِ عِنْدَ خُرُوجِهِ لِعَرَفَةَ وَعَبَّرَ فِي التُّحْفَةِ بَدَلَ قَبْلَ التَّلَبُّسِ بِنُسُكٍ بِقَبْلَ الْوُقُوفِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ مُحَقِّقُ عَصْرِهِ السَّيِّدُ عُمَرُ الْبَصْرِيُّ مُقْتَضَاهُ نَفْعُ الْعَوْدِ قَبْلَ الْوُقُوفِ وَلَوْ بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ أَوْ طَوَافِ الْوَدَاعِ الْمَسْنُونِ عِنْدَ الْخُرُوجِ إلَى عَرَفَةَ وَقَدْ جَزَمَ فِي فَتْحِ الْجَوَّادِ بِأَنَّ الْخُرُوجَ حِينَئِذٍ لَا يَنْفَعُ الْمُتَمَتِّعَ وَلَا الْقَارِنَ وَهُوَ مُقْتَضَى مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَخَصَّ فِي الْحَاشِيَةِ تَعْمِيمَ النُّسُكِ الَّذِي يَمْنَعُ التَّلَبُّسُ بِهِ نَفْعَ الْعَوْدِ بِالْمُتَمَتِّعِ.
وَأَمَّا الْقَارِنُ فَيُجْزِئُهُ الْعَوْدُ قَبْلَ الْوُقُوفِ وَإِنْ سَبَقَهُ نَحْوُ طَوَافِ قُدُومٍ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِمَا لَا يَخْلُو عَنْ تَكَلُّفٍ وَهُوَ مُقْتَضَى مَتْنِ الرَّوْضِ فَإِنَّهُ عَبَّرَ فِي الْمُتَمَتِّعِ بِقَبْلَ النُّسُكِ وَفِي الْقَارِنِ بِقَبْلَ الْوُقُوفِ لَكِنْ زَادَ شَارِحُهُ فِي هَذَا الْمَحَلِّ قَوْلَهُ: أَوْ نُسُكِ آخَرَ كَمَا أَشَرْت إلَيْهِ آنِفًا وَأَمَّا صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ فَلَمْ يَتَعَرَّضَا لِهَذَا الْقَيْدِ فِي الْمُتَمَتِّعِ وَقَيَّدَاهُ فِي الْقَارِنِ بِقَبْلَ الْوُقُوفَ اهـ. وَحَاصِلُ الْفَرْقِ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْحَاشِيَةِ أَنَّ الْمُتَمَتِّعَ يَتَحَلَّلُ الْآنَ بِمِثْلِ مَا أَتَى بِهِ وَهُوَ الطَّوَافَانِ الْمَذْكُورَانِ أَمَّا الْقَارِنُ فَلَا يَأْخُذُ فِي أَسْبَابِ التَّحَلُّلِ إلَّا بِالْوُقُوفِ. اهـ. ابْنُ الْجَمَّالِ اهـ جَمَلٌ عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ إلَى مِيقَاتِ) أَيْ: مِيقَاتِ الْآفَاقِيِّ فَلَوْ كَانَ آفَاقِيٌّ بِمَكَّةَ وَخَرَجَ مِنْهَا لِأَدْنَى الْحِلِّ وَأَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ ثُمَّ فَرَغَ مِنْهَا وَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ وَخَرَجَ لِأَدْنَى الْحِلِّ لَزِمَهُ دَمٌ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُمْ بِمِيقَاتِ فِي قَوْلِهِمْ إنْ لَمْ يَعُدْ لِمِيقَاتِ عُمْرَتِهِ مِيقَاتُ الْآفَاقِيِّ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ لَا الْمَكِّيِّ. اهـ. شَرْحُ عب حَجَرٌ.
(قَوْلُهُ: وَاعْتُبِرَتْ الْمَسَافَةُ مِنْ الْحَرَمِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ وَالرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ وَالشَّرْحَيْنِ. اهـ. شَرْحُ عب حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ إلَخْ) أَيْ: إلَّا آيَةَ الْإِسْرَاءِ فَإِنَّ الْمُرَادَ فِيهِمَا الْمَسْجِدُ فَقَطْ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: عَنْ نَصِّ الْإِمْلَاءِ) قَدْ نُصَّ عَلَى الْأَوَّلِ أَيْضًا فَلَهُ نَصَّانِ رَجَّحَ الْأَكْثَرُونَ مِنْهُمَا الْأَوَّلَ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: يُؤَدِّي إلَى إدْخَالِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ اعْتِبَارُهَا مِنْ مَكَّةَ يُؤَدِّي أَيْضًا إلَى إدْخَالِ الْبَعِيدِ مِنْ الْحَرَمِ وَإِخْرَاجِ الْقَرِيبِ مِنْهُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: لِاخْتِلَافِ الْمَوَاقِيتِ) يَعْنِي حُدُودَ الْحَرَمِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ.
ثُمَّ حَجَّ لَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا وَبِهِ صَرَّحَ الْغَزَالِيُّ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ صَارَ مِنْ الْحَاضِرِينَ إذْ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ قَصْدُ الْإِقَامَةِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ مَوَاضِعِ التَّوَقُّفِ وَلَمْ أَرَاهَا لِغَيْرِهِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ اعْتِبَارِ الْإِقَامَةِ مِمَّا يُنَازِعُ فِيهِ كَلَامُ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ وَنَقْلُهُمْ عَنْ نَصِّهِ فِي الْإِمْلَاءِ وَالْقَدِيمِ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي اعْتِبَارِهَا بَلْ فِي اعْتِبَارِ الِاسْتِيطَانِ قَالَ النَّوَوِيُّ الْمُخْتَارُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ مُتَمَتِّعٌ لَيْسَ بِحَاضِرٍ بَلْ يَلْزَمُهُ الدَّمُ، وَقَالَ السُّبْكِيُّ قَدْ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ بِمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ قَالَ وَفِي كَلَامِ صَاحِبِ الْبَيَانِ مَا يُوَافِقُهُ وَالْمَعْنَى يُسَاعِدُهُ.
(وَهَذَا الثَّانِي) أَيْ: الْقِرَانُ (صُورَتُهُ إحْرَامُ شَخْصٍ بِكِلَا هَذَيْنِ) أَيْ: الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ (أَوْ) إحْرَامُهُ وَلَوْ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ (بِعُمْرَةٍ وَأَدْخَلَا) أَيْ: الْمُحْرِمُ بِهَا عَلَيْهَا (قَبْلَ الطَّوَافِ الْحَجَّ) وَدَلِيلُ الْأُولَى خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِهِمَا» وَدَلِيلُ الثَّانِيَةِ خَبَرُ مُسْلِمٍ «أَنَّ عَائِشَةَ أَحْرَمَتْ بِعُمْرَةٍ فَدَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَوَجَدَهَا تَبْكِي فَقَالَ مَا شَأْنُك قَالَتْ حِضْت وَقَدْ حَلَّ النَّاسُ وَلَمْ أَحْلِلْ وَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ فَقَالَ لَهَا أَهِلِّي بِالْحَجِّ فَفَعَلَتْ وَوَقَفَتْ الْمَوَاقِفَ حَتَّى إذَا طَهُرَتْ طَافَتْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَقَالَ لَهَا قَدْ حَلَلْت مِنْ حَجِّك وَعُمْرَتِك جَمِيعًا» وَقَوْلُهُ قَبْلَ الطَّوَافِ أَيْ: قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهِ فَلَوْ شَرَعَ فِيهِ وَلَوْ بِخُطْوَةٍ لَمْ يَصِحَّ إدْخَالُ الْحَجِّ عَلَيْهَا لِاتِّصَالِ إحْرَامِهَا بِمَقْصُودِهِ وَهُوَ أَعْظَمُ أَفْعَالِهَا فَيَقَعُ عَنْهَا وَلَا يَنْصَرِفُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى غَيْرِهَا و؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ فِي التَّحَلُّلِ فَلَوْ اسْتَلَمَ الْحَجَرَ بِنِيَّةِ الطَّوَافِ فَفِي صِحَّةِ الْإِدْخَالِ وَجْهَانِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ يَنْبَغِي تَصْحِيحُ الْجَوَازِ؛ لِأَنَّهُ مُقَدِّمَتُهُ لَا بَعْضُهُ. قَالَ: وَلَوْ شَكَّ هَلْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الطَّوَافِ أَوْ
ــ
[حاشية العبادي]
وَمَا هُنَا عَلَى الْمُسْتَوْطِنِ. (قَوْلُهُ: لَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا) أَيْ: تَمَتُّعًا مُوجِبًا لِلدَّمِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ.
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: لَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا) لِأَنَّهُ لَا يَسْتَفِيدُ بِتَمَتُّعِهِ رِبْحَ سَفَرٍ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ الِاسْتِيطَانِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ مِنْ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ فِي الْمَسْأَلَةِ أَحَدُهُمَا هَذَا وَالثَّانِي أَنَّ الْحَاضِرَ مَنْ حَصَلَ هُنَاكَ وَإِنْ كَانَ مُسَافِرًا وَعَلَيْهِ مَا فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَوْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ مُرِيدًا ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ مُتَمَتِّعًا أَنَّهُ إنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مَرْحَلَتَانِ لَزِمَهُ دَمَانِ لِلتَّمَتُّعِ وَدَمٌ لِلْإِسَاءَةِ أَوْ أَقَلُّ فَدَمٌ لِلْإِسَاءَةِ فَقَطْ لِعَدَمِ التَّمَتُّعِ الْمُوجِبِ لِلدَّمِ لِكَوْنِهِ حِينَئِذٍ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ سم عَلَى ع وَكَلَامُ الرَّوْضَةِ هُنَا يُفِيدُ أَنَّ الَّذِي فِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهَانِ لَا قَوْلَانِ.
(قَوْلُهُ: أَنَّهُ مُتَمَتِّعٌ) أَيْ: فَيَلْزَمُهُ الْعَوْدُ إلَى مِيقَاتِ الْآفَاقِيِّ أَوْ الدَّمُ وَلَوْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ غَيْرُ مُرِيدٍ ثُمَّ أَرَادَهُ قُبَيْلَ دُخُولِ الْحَرَمِ كَفَاهُ الْعَوْدُ إلَيْهِ أَوْ إلَى مِثْلِ مَسَافَتِهِ. اهـ. مَدَنِيٌّ فِي الْأَخِيرَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ مَا أَحْرَمَ مِنْهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مِيقَاتٌ لِلْآفَاقِيِّ كَمَا فِي سم عَلَى التُّحْفَةِ. (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى يُسَاعِدُهُ) أَيْ: لِأَنَّهُ لَمْ يَرْبَحْ مِيقَاتًا وَقَدْ يُقَالُ إنَّ عَدَمَ إرَادَتِهِ النُّسُكَ غَايَةُ مَا أَسْقَطَتْ عَنْهُ دَمُ الْمُجَاوَزَةِ بَقِيَ كَوْنُهُ آفَاقِيًّا مِيقَاتُهُ مَا جَاوَزَهُ فَيَكُونُ إحْرَامُهُ بِالْعُمْرَةِ مِنْ أَدْنَى الْحِلِّ كَأَنَّهُ إحْرَامٌ بِهَا مِنْ مِيقَاتِهِ فَيَكُونُ رَابِحًا لِمِيقَاتِ الْحَجِّ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُكَلَّفُ الْعَوْدُ إلَيْهِ حُكْمًا وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَفْرَدَ بِإِحْرَامِهِ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ لِأَنَّ غَايَةَ مَا فَوَّتَهُ إحْرَامُهُ بِهِ مِنْ الْمِيقَاتِ وَهَذَا قَدْ سَقَطَ لِعَدَمِ إرَادَتِهِ لَهُ مِنْهُ فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ. (قَوْلُهُ أَيْضًا وَالْمَعْنَى يُسَاعِدُهُ) أَيْ: إنَّهُ لَمْ يَرْبَحْ مِيقَاتًا وَتَأَمَّلْهُ.
. (قَوْلُهُ: أَحْرَمَتْ بِعُمْرَةٍ) أَيْ: فَسَخْت إحْرَامَهَا أَوَّلًا بِالْحَجِّ إلَيْهَا بِأَمْرِهِ صلى الله عليه وسلم لِأَنَّهُ كَانَ يَحُثُّهُمْ عَلَى الْعُمْرَةِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ رَدًّا عَلَى الْجَاهِلِيَّةِ اعْتِقَادَهُمْ أَنَّ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ أَفْجَرِ الْفُجُورِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ ذَلِكَ خُصُوصِيَّةٌ لَهُمْ لِذَلِكَ فَلَمَّا اسْتَمَرَّ عَلَيْهَا الْحَيْضُ وَلَمْ تَتَمَكَّنْ مِنْ أَعْمَالِ الْعُمْرَةِ إلَى لَيْلَةِ عَرَفَةَ أَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأَنْ تُحْرِمَ بِالْحَجِّ إدْخَالًا لَهُ عَلَى الْعُمْرَةِ لِتَكُونَ قَارِنَةً أَوْ إبْطَالًا لِلْعُمْرَةِ وَخُرُوجًا مِنْهَا مِنْ غَيْرِ الْإِتْيَانِ بِأَعْمَالِهَا لِيَكُونَ حَجُّهَا إفْرَادًا فَلَمَّا أَتَمَّتْ الْحَجَّ أَمَرَهَا بَعْدُ بِعُمْرَةٍ فَاعْتَمَرَتْ مِنْ التَّنْعِيمِ وَقَالَتْ هَذَا مَكَانُ عُمْرَتِي الَّتِي اعْتَمَرْتهَا قَبْلُ وَقَوْلُهَا هَذَا أَيْ: الْمَوْضِعُ مَوْضِعُ فَسْخِ إحْرَامِ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ وَإِلَّا فَإِحْرَامُهَا الْأَوَّلُ كَانَ قَبْلَ التَّنْعِيمِ فَعَلَى هَذَا عُمْرَتُهَا الثَّانِيَةُ نَفْلٌ عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ وَعَلَى الثَّانِي وَاجِبَةٌ هَذَا مَا تَحَرَّرَ مِنْ الْبُخَارِيِّ وَشَرْحِهِ وَعَلَيْهِ فَالْخُرُوجُ مِنْ الْعُمْرَةِ الْأُولَى خُصُوصِيَّةٌ أَيْضًا لَكِنْ يُحَرَّرُ لِمَ كَانَ ذَلِكَ اهـ. وَقَوْلُهُ: أَوْ إبْطَالًا إلَخْ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم قَدْ حَلَلْت مِنْ حَجِّك وَعُمْرَتِك جَمِيعًا. (قَوْلُهُ: وَلَمْ أَحْلُلْ) بِضَمِّ اللَّامِ الْأُولَى وَقِيلَ بِكَسْرِهَا لِأَنَّ الْفِعْلَ ثُلَاثِيٌّ. اهـ. جَمَلٌ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَعْظَمُ أَفْعَالِهَا) أَيْ:
بَعْدَهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ أَصْحَابُنَا صَحَّ إحْرَامُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ جَوَازُ إدْخَالِ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ حَتَّى يَتَيَقَّنَ الْمَنْعَ فَصَارَ كَمَنْ أَحْرَمَ وَتَزَوَّجَ وَلَمْ يَدْرِ هَلْ كَانَ إحْرَامُهُ قَبْلَ تَزَوُّجِهِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ تَزَوُّجُهُ (لَا الْعَكْسُ) أَيْ: إدْخَالُ الْعُمْرَةِ عَلَى الْحَجِّ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَفِيدُ بِهِ شَيْئًا بِخِلَافِ إدْخَالِهِ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ يَسْتَفِيدُ بِهِ الْوُقُوفَ وَالرَّمْيَ وَالْمَبِيتَ وَلِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ إدْخَالُ الضَّعِيفِ عَلَى الْقَوِيِّ كَفِرَاشِ النِّكَاحِ مَعَ فِرَاشِ الْمِلْكِ لِقُوَّتِهِ عَلَيْهِ جَازَ إدْخَالُهُ عَلَيْهِ دُونَ الْعَكْسِ حَتَّى لَوْ نَكَحَ أُخْتَ أَمَتِهِ جَازَ وَطْؤُهَا بِخِلَافِ الْعَكْسِ.
. (وَفِي إفْرَادِهِ) الْآتِي بَيَانُهُ (فَضْلٌ عَلَيْهِمَا) أَيْ: التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ (وَفِي) أَيْ: تَامٌّ؛ لِأَنَّ رُوَاتَهُ أَكْثَرُ وَلِأَنَّ جَابِرًا مِنْهُمْ أَقْدَمُ صُحْبَةً وَأَشَدُّ عِنَايَةً بِضَبْطِ الْمَنَاسِكِ وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم اخْتَارَهُ أَوَّلًا كَمَا سَيَأْتِي وَلِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ وَلِأَنَّ الْمُفْرِدَ لَمْ يَرْبَحْ مَا رَبِحَهُ الْمُتَمَتِّعُ مِنْ اسْتِبَاحَةِ الْمَحْظُورَاتِ وَلَا مَا رَبِحَهُ الْقَارِنُ مِنْ انْدِرَاجِ أَفْعَالِ الْعُمْرَةِ تَحْتَ الْحَجِّ فَهُوَ أَشَقُّ عَمَلًا وَأَمَّا تَمَنِّيهِ صلى الله عليه وسلم التَّمَتُّعَ بِقَوْلِهِ «لَوْ اسْتَقْبَلْت مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْت مَا أَهْدَيْت وَلَجَعَلْتهَا عُمْرَةً» فَلِتَطِيبِ قُلُوبِ الصَّحَابَةِ حَيْثُ حَزِنُوا عَلَى عَدَمِ الْمُوَافَقَةِ لَهُ لَمَّا أَمَرَهُمْ بِالِاعْتِمَارِ لِعَدَمِ الْهَدْيِ.
قَالَ الْقَاضِي: وَلِأَنَّ ظَاهِرَ الْخَبَرِ مِنْ أَنَّ الْإِهْدَاءَ يَمْنَعُ الِاعْتِمَارَ غَيْرُ مُرَادٍ إجْمَاعًا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَالصَّوَابُ الَّذِي نَعْتَقِدُهُ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَحْرَمَ بِالْحَجِّ ثُمَّ أَدْخَلَ عَلَيْهِ الْعُمْرَةَ وَخَصَّ بِجَوَازِهِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ لِلْحَاجَةِ وَأَمَرَ بِهِ فِي قَوْلِهِ لَبَّيْكَ عُمْرَةً فِي حَجَّةٍ وَبِهَذَا يَسْهُلُ الْجَمْعُ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ فَعُمْدَةُ رُوَاةِ الْإِفْرَادِ وَهُمْ الْأَكْثَرُ أَوَّلُ الْإِحْرَامِ وَعُمْدَةُ رُوَاةِ الْقِرَانِ آخِرُهُ وَمَنْ رَوَى التَّمَتُّعَ أَرَادَ التَّمَتُّعَ اللُّغَوِيَّ وَهُوَ الِانْتِفَاعُ وَقَدْ انْتَفَعَ بِالِاكْتِفَاءِ بِفِعْلٍ وَاحِدٍ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَعْتَمِرْ فِي تِلْكَ السَّنَةِ عُمْرَةً مُفْرَدَةً وَلَوْ جَعَلْت حَجَّتَهُ مُفْرَدَةً لَكَانَ غَيْرَ مُعْتَمِرٍ فِي تِلْكَ السَّنَةِ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ أَنَّ الْحَجَّ وَحْدَهُ أَفْضَلُ مِنْ الْقِرَانِ فَانْتَظَمَتْ الرِّوَايَاتُ فِي حَجَّتِهِ فِي نَفْسِهِ وَأَمَّا الصَّحَابَةُ فَكَانُوا ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ قِسْمٌ أَحْرَمُوا بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ أَوْ بِحَجٍّ وَمَعَهُمْ هَدْيٌ وَقِسْمٌ بِعُمْرَةٍ فَفَرَغُوا مِنْهَا ثُمَّ أَحْرَمُوا بِحَجٍّ وَقِسْمٌ بِحَجٍّ وَلَا هَدْيَ مَعَهُمْ فَأَمَرَهُمْ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَقْلِبُوهُ عُمْرَةً وَهُوَ مَعْنَى فَسْخِ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ وَهُوَ خَاصٌّ بِالصَّحَابَةِ أَمَرَهُمْ بِهِ صلى الله عليه وسلم لِبَيَانِ مُخَالَفَةِ مَا كَانَتْ عَلَيْهِ الْجَاهِلِيَّةُ مِنْ تَحْرِيمِ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَاعْتِقَادِهِمْ أَنَّ إيقَاعَهَا فِيهِ مِنْ أَفْجَرِ الْفُجُورِ كَمَا أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَدْخَلَ الْعُمْرَةَ عَلَى الْحَجِّ لِذَلِكَ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: لَا يَسْتَفِيدُ بِهِ شَيْئًا) أَيْ: مِنْ الْأَعْمَالِ. (قَوْلُهُ: لِقُوَّتِهِ) أَيْ: فِرَاشِ النِّكَاحِ وَقَوْلُهُ: عَلَيْهِ أَيْ: عَلَى فِرَاشِ الْمِلْكِ وَالْمُرَادُ بِجَوَازِ إدْخَالِهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ إذَا طَرَأَ عَلَيْهِ ثَبَتَ هُوَ أَيْ: فِرَاشُ النِّكَاحِ دُونَهُ أَيْ: فِرَاشِ الْمِلْكِ بَلْ يَنْقَطِعُ لِوُجُودِ فِرَاشِ النِّكَاحِ وَقَوْلُهُ: دُونَ الْعَكْسِ أَيْ: لَا يَدْخُلُ فِرَاشُ الْمِلْكِ عَلَى فِرَاشِ النِّكَاحِ فَإِذَا طَرَأَ فِرَاشُ الْمِلْكِ عَلَى فِرَاشِ النِّكَاحِ لَمْ يَثْبُتْ فِرَاشُ الْمِلْكِ وَيَسْتَمِرُّ فِرَاشُ النِّكَاحِ. وَقَوْلُهُ حَتَّى لَوْ نَكَحَ أُخْتَ أَمَتِهِ جَازَ وَطْؤُهَا أَيْ: فَقَدْ ثَبَتَ فِرَاشُ النِّكَاحِ دُونَ فِرَاشِ الْمِلْكِ حَيْثُ جَازَ الْوَطْءُ فِيهِ وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ الْعَكْسِ أَيْ: لَوْ مَلَكَ أُخْتَ زَوْجَتِهِ امْتَنَعَ وَطْؤُهَا فَلَمْ يَثْبُتْ فِرَاشُ الْمِلْكِ الطَّارِئِ عَلَى فِرَاشِ النِّكَاحِ بِضَعْفِهِ عَنْهُ وَاسْتَمَرَّ جَوَازُ الْوَطْءِ بِفِرَاشِ النِّكَاحِ فَقَدْ اسْتَمَرَّ فِرَاشُ النِّكَاحِ سم. (قَوْلُهُ: جَازَ وَطْؤُهَا إلَخْ) فَقَدْ ثَبَتَ فِرَاشُ النِّكَاحِ الطَّارِئِ عَلَى فِرَاشِ الْمِلْكِ دُونَ فِرَاشِ الْمِلْكِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْعَكْسِ) أَيْ: لَوْ مَلَكَ أُخْتَ زَوْجَتِهِ لَمْ يَجُزْ وَطْؤُهَا فَلَمْ يَثْبُتْ فِرَاشُ الْمِلْكِ الطَّارِئِ عَلَى فِرَاشِ النِّكَاحِ.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَرْبَحْ مَا رَبِحَهُ الْمُتَمَتِّعُ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ الْمُرَادُ بِذَلِكَ فَإِنَّ الْمُفْرِدَ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ يَسْتَبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ إلَى الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ إلَّا أَنْ يُرَادَ الرِّبْحُ فِي وَقْتِ الْحَجِّ وَفِيهِ مَا فِيهِ. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ ظَاهِرَ الْخَبَرِ إلَخْ) أَيْ: فَالْخَبَرُ مَصْرُوفٌ عَنْ ظَاهِرِهِ فَضَعُفَ الِاسْتِدْلَال بِهِ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ التَّمَتُّعِ عَلَى الْإِفْرَادِ عَامَ حَجِّهِ بِأَنْ لَا يُؤَخِّرَهُ عَنْ ذِي الْحِجَّةِ حَجَرٌ -.
ــ
[حاشية الشربيني]
أَفْضَلُهَا.
(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ أَخَذَ إلَخْ) أَيْ: وَالتَّحَلُّلُ مُقْتَضٍ لِنُقْصَانِ الْإِحْرَامِ فَلَا يَلِيقُ بِهِ إدْخَالُ الْإِحْرَامِ الْمُقْتَضِي لِقُوَّتِهِ. اهـ. م ر.
. (قَوْلُهُ: رُوَاتَهُ أَكْثَرُ) وَلَا يَضُرُّ مَا فِي الْقَسْطَلَّانِيِّ مِنْ رِوَايَةِ الْإِفْرَادِ عَنْ ثَلَاثَةٍ وَالْقِرَانِ عَنْ عَشَرَةٍ وَالتَّمَتُّعِ عَنْ خَمْسَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ إذْ لَمْ يُحْصَرْ الرُّوَاةُ فِي ذَلِكَ بِدَلِيلِ زِيَادَتِهِ السَّيِّدَةَ عَائِشَةَ رضي الله عنها فِي رُوَاةِ الْإِفْرَادِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ. اهـ. مَدَنِيٌّ. (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ) بِخِلَافِ الْقِرَانِ فَإِنَّهُ كَرِهَهُ جَمَاعَةٌ وَكَذَا التَّمَتُّعُ. (قَوْلُهُ فَلِتَطْيِيبِ إلَخْ) فَالْمُوَافَقَةُ لِتَحْصِيلِهَا هَذَا الْمَعْنَى أَهَمُّ عِنْدَهُ عليه الصلاة والسلام مِنْ فَضِيلَةٍ خَاصَّةٍ بِالنُّسُكِ. اهـ. شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَأَمَرَ بِهِ) أَيْ: بِإِدْخَالِ الْعُمْرَةِ عَلَى الْحَجِّ بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِهِ مُفْرَدًا لِلْمَصْلَحَةِ الْآتِيَةِ. (قَوْلُهُ قُلُوبِ الصَّحَابَةِ) أَيْ: مَنْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ مِنْهُمْ. اهـ. رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: لَمَّا أَمَرَهُمْ) تَعْلِيلٌ لِعَدَمِ مُوَافَقَتِهِمْ لَهُ. (قَوْلُهُ: فِي قَوْلِك لَبَّيْكَ إلَخْ) كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَيْضًا وَفِي الْبُخَارِيِّ «أَتَانِي آتٍ مِنْ رَبِّي وَقَالَ صَلِّ فِي هَذَا الْوَادِي الْمُبَارَكِ وَقُلْ عُمْرَةٌ فِي حَجَّةٍ» وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ وَقَالَ «عُمْرَةٌ فِي حَجَّةٍ» اهـ فَلَعَلَّ الْمَعْنَى هُنَا قُلْ لَبَّيْكَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الصَّحَابَةُ إلَخْ) يَحْتَاجُ هَذَا لِعِنَايَةٍ فِي مُوَافَقَتِهِ لِحَدِيثِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ مُهِلِّينَ يَنْتَظِرُونَ الْقَضَاءَ فَأَمَرَ مَنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ أَنْ يَجْعَلَ إحْرَامَهُ عُمْرَةً» إلَخْ بِأَنْ يُقَالَ قِسْمٌ أَحْرَمُوا إلَخْ أَيْ: بَعْدَ نُزُولِ الْوَحْيِ وَكَانُوا أَوَّلًا مُطْلَقِينَ كَمَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا مَنْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ وَلَا هَدْيَ مَعَهُ كَأَبِي مُوسَى رضي الله عنه فَلَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ فِي انْتِظَارِ الْقَضَاءِ وَفِي شَرْحِ عب لِحَجَرٍ عَنْ الْمَجْمُوعِ أَنَّ مَعْنَى انْتِظَارِ الْوَحْيِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ فِي كَيْفِيَّةِ الْإِحْرَامِ وَأَنَّهُ هَلْ يَلْزَمُ الْحَجُّ مَنْ أَحْرَمَ بِهِ أَوَّلَهُ مِنْهُ مُخْرَجٌ بِالْفَسْخِ جَاءَهُ الْوَحْيُ بِأَنَّ مَنْ سَاقَ الْهَدْيَ لَا يَحِلُّ مِنْ إحْرَامِهِ حَتَّى يَذْبَحَ اهـ وَمَا تَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا أَوْلَى مِنْ هَذَا فَتَأَمَّلْ.
وَدَلِيلُ التَّخْصِيصِ خَبَرُ أَبِي دَاوُد عَنْ الْحَارِثِ بْنِ بِلَالٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْت فَسْخَ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ لَنَا خَاصَّةً أَمْ لِلنَّاسِ عَامَّةً فَقَالَ بَلْ لَكُمْ خَاصَّةً» فَانْتَظَمَتْ الرِّوَايَاتُ فِي إحْرَامِهِمْ أَيْضًا فَمَنْ رَوَى أَنَّهُمْ كَانُوا قَارِنِينَ أَوْ مُتَمَتِّعِينَ أَوْ مُفْرِدِينَ أَرَادَ بَعْضَهُمْ وَهُمْ الَّذِينَ عَلِمَ ذَلِكَ مِنْهُمْ وَظَنَّ أَنَّ الْبَقِيَّةَ مِثْلُهُمْ وَإِنَّمَا يَكُونُ الْإِفْرَادُ أَفْضَلَ (إنْ اعْتِمَارٌ عَامَ حَجٍّ يَقَعْ) أَيْ: إنْ يَقَعْ اعْتِمَارُهُ عَامَ حَجِّهِ فَإِنْ أَخَّرَهُ فَهُوَ مَفْضُولٌ لِكَرَاهَةِ تَأْخِيرِ الِاعْتِمَارِ عَنْ عَامِ حَجِّهِ (وَهْوَ) أَيْ: الْإِفْرَادُ (سِوَى الْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ) بِأَنْ يَحُجَّ ثُمَّ يَعْتَمِرَ أَوْ يُحْرِمَ بِعُمْرَةٍ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ أَوْ فِيهَا عَلَى دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ مِنْ الْحَرَمِ أَوْ عَلَى مَسَافَتِهِ وَلَمْ يَحُجَّ عَامَ الْعُمْرَةِ أَوْ يَحُجَّ عَامَهَا وَيَعُودَ إلَى مِيقَاتٍ، هَذَا تَقْرِيرُ كَلَامِهِ وَقَدْ عَرَفْت أَنَّ مَا سِوَى الْأُولَى تَمَتُّعٌ لَكِنْ لَا يُوجِبُ دَمًا.
. وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ ذِكْرِ أَرْكَانِ النُّسُكَيْنِ وَوُجُوهِ أَدَائِهِمَا أَخَذَ فِي ذِكْرِ سُنَنِهِمَا فَقَالَ (وَالسُّنَّةُ الْغُسْلُ لِإِحْرَامٍ) إذَا (نَوَى) أَيْ: نَوَاهُ بِمَعْنَى أَرَادَهُ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الشَّيْخَانِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ؛ لِأَنَّهُ غُسْلُ الْمُسْتَقْبَلِ كَغُسْلِ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ وَإِحْرَامُهُ جُنُبًا وَمِثْلُهُ حَائِضٌ وَنُفَسَاءُ انْقَطَعَ دَمُهُمَا وَغَيْرُ الْمُمَيِّزِ يَغْسِلُهُ وَلِيُّهُ وَزَادَ قَوْلَهُ نَوَى بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ لِبَيَانِ وَقْتِ الْغُسْلِ (وَلِدُخُولِ مَكَّةٍ) بِصَرْفِهَا لِلْوَزْنِ (بِذِي طُوَى) بِتَثْلِيثِ الطَّاءِ وَادٍ بِمَكَّةَ بَيْنَ الثَّنِيَّتَيْنِ الْعُلْيَا وَالسُّفْلَى لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ هَذَا إنْ كَانَتْ بِطَرِيقِهِ بِأَنْ أَتَى مِنْ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ وَإِلَّا اغْتَسَلَ مِنْ نَحْوِ تِلْكَ الْمَسَافَةِ. قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَلَوْ قِيلَ: يُسَنُّ لَهُ التَّعْرِيجُ إلَيْهَا وَالِاغْتِسَالُ بِهَا اقْتِدَاءً وَتَبَرُّكًا لَمْ يَبْعُدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَبِهِ جَزَمَ الزَّعْفَرَانِيُّ وَيُسْتَثْنَى مَنْ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ فَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ مِنْ مَكَانَ قَرِيبٍ كَالتَّنْعِيمِ وَاغْتَسَلَ لِلْإِحْرَامِ فَلَا يُسَنُّ لَهُ الْغُسْلُ لِدُخُولِهَا لِحُصُولِ النَّظَافَةِ بِالْغُسْلِ السَّابِقِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَحْرَمَ مِنْ مَكَان بَعِيدٍ كَالْجِعْرَانَةِ وَالْحُدَيْبِيَةِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ بِمِثْلِهِ فِي الْحَجِّ إذَا أَحْرَمَ بِهِ مِنْ التَّنْعِيمِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: لِكَرَاهَةِ تَأْخِيرِ الِاعْتِمَارِ عَنْ عَامِ حَجِّهِ) اُنْظُرْ تَأْخِيرَ الْحَجِّ عَنْ عَامِ اعْتِمَارِهِ. (قَوْلُهُ: مَا سِوَى الْأُولَى) تَمَتُّعٌ ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَحُجَّ فِي الرَّابِعَةِ أَصْلًا أَوْ إلَّا بَعْدَ أَعْوَامٍ فَلْيُنْظَرْ.
. (قَوْلُهُ: أَوْ نَوَاهُ) أَيْ: الْإِحْرَامَ. (قَوْلُهُ: وَإِحْرَامُهُ جُنُبًا) قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ مَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ مَنْ أَحْرَمَ جُنُبًا فَقَدْ تَرَكَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ فَائِدَتُهُ بَيَانُ كَرَاهَةِ إحْرَامِ الْجُنُبِ وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْهُ مُطْلَقًا بِأَنْ تَدَارَكَهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ أَوْ يُقَالَ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَرَاهَةِ تَرْكِهِ كَرَاهَةُ نَفْسِ الْإِحْرَامِ وَفَرْقٌ بَيْنَ تَعْلِيقِ الْكَرَاهَةِ بِتَرْكِهِ وَتَعَلُّقِهَا بِنَفْسِ الْإِحْرَامِ وَهَذَا أَظْهَرُ فَلْيُتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ: انْقَطَعَ دَمُهُمَا) قَضِيَّةُ تَقْيِيدِ كَرَاهَةِ إحْرَامِهِمَا بِدُونِ غُسْلٍ بِمَا إذَا انْقَطَعَ دَمُهُمَا أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي إحْرَامِهِمَا بِدُونِهِ إذَا لَمْ يَنْقَطِعْ وَأَمَّا تَرْكُهُمَا الْغُسْلَ فِي الْحَالَيْنِ مُطْلَقًا فَقَضِيَّةُ إطْلَاقِ غَيْرِهِ كَرَاهَتُهُ فَلْيُحَرَّرْ وَسَيَأْتِي مَا سَيُصَرِّحُ بِاسْتِحْبَابِ غُسْلِهِمَا وَإِنْ لَمْ يَنْقَطِعْ دَمُهُمَا فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ بِحَيْضٍ. (قَوْلُهُ: مِنْ نَحْوِ تِلْكَ الْمَسَافَةِ) وَيَنْبَغِي أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَنْ لَمْ يُرِدْ الدُّخُولَ مِنْ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا كَمَا هُوَ الْأَفْضَلُ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي الْجَزْمُ بِأَنَّهُ يُسَنُّ لَهُ الْغُسْلُ مِنْ ذِي طُوًى؛ لِأَنَّهُ يَمُرُّ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ: بِهَا) مُتَعَلِّقٌ بِالْوُقُوفِ. (قَوْلُهُ: أَيَّامَ التَّشْرِيقِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالتَّعْبِيرُ بِالْأَيَّامِ يَقْتَضِي جَوَازَهُ قَبْلَ الزَّوَالِ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِالزَّوَالِ -
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: وَظَنَّ أَنَّ الْبَقِيَّةَ مِثْلُهُمْ) وَلِكَوْنِ اخْتِلَافِهِمْ فِي أُمُورٍ جَائِزَةٍ مِنْ الْإِفْرَادِ وَقَسِيمَيْهِ لَمْ يُبَالِغْ كَثِيرٌ مِنْهُمْ بِالْفَحْصِ عَنْ حَقِيقَةِ الْحَالِ بَلْ اكْتَفَى بِفَهْمِهِ وَظَنِّهِ فَبَادَرَ إلَى الْإِخْبَارِ بِمَا فَهِمَهُ أَوْ ظَنَّهُ مِنْ غَيْرِ إمْعَانٍ فِي عِلْمِ حَقِيقَتِهِ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِيهِ اخْتِلَافٌ فِي مُبَاحٍ. اهـ. شَرْحُ عب حَجَرٌ. (قَوْلُهُ أَيْ: أَنْ يَقَعَ اعْتِمَارُهُ) أَيْ: نِيَّةُ الْعُمْرَةِ وَإِنْ أَخَّرَ أَعْمَالَهَا عَنْ سُنَّةِ الْحَجِّ. اهـ. سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ.
. (قَوْلُهُ: الْغُسْلُ لِلْإِحْرَامِ) أَيْ: بِنِيَّةِ الْغُسْلِ لِلْإِحْرَامِ وَكَذَا بَقِيَّةُ الْأَغْسَالِ الْآتِيَةِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَغْسَالَ إنْ نُوِيَتْ حَصَلَتْ تَجَانَسَتْ أَوْ لَا وَإِنْ نُوِيَ وَاحِدٌ حَصَلَ هُوَ وَمِثْلُهُ لَا غَيْرُهُ فَمَنْ عَلَيْهِ جَنَابَةٌ وَجُمُعَةٌ لَا يَحْصُلَانِ إلَّا إنْ نَوَى فَإِنْ نَوَى أَحَدَهُمَا حَصَلَ فَقَطْ وَمَنْ عَلَيْهِ غُسْلُ جُمُعَةٍ وَغُسْلُ عِيدٍ إذَا نَوَى أَحَدَهُمَا حَصَلَ الْآخَرُ بِالْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرُوهُ فِي التَّحِيَّةِ وَمَنْ عَلَيْهِ غُسْلُ جُمُعَةٍ وَإِحْرَامٍ لَوْ نَوَى الْجُمُعَةَ حَصَلَ لِلْإِحْرَامِ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ.
وَأَمَّا قَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ أَنَّ مِثْلَ غُسْلِ الْجُمُعَةِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ النِّيَّةُ فَمَرْدُودٌ بِأَنَّ الْمَنْقُولَ اشْتِرَاطُهَا حَتَّى فِي نَحْوِ الْحَائِضِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِهِ النَّظَافَةُ وَالْعِبَادَةُ أَوْ الْعِبَادَةُ فَقَطْ نَعَمْ بَحَثَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِيمَا تَأَخَّرَ عَنْ الْإِحْرَامِ كَغُسْلِ نَحْوِ دُخُولِ مَكَّةَ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ لِأَنَّ نِيَّةَ الْحَجِّ شَمِلَتْهُ كَالطَّوَافِ وَغَيْرِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ احْتِيَاجُهُ لِلنِّيَّةِ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ يُفَرَّقُ بَيْنَ نَحْوِ دُخُولِ مَكَّةَ وَالطَّوَافِ بِأَنَّ الطَّوَافَ مِنْ جُمْلَةِ هَيْئَةِ الْحَجِّ الْمَنْوِيَّةِ فَلَمْ يُتَصَوَّرْ انْفِكَاكُهُ فَشَمِلَتْهُ النِّيَّةُ بِخِلَافِ نَحْوِ دُخُولِ مَكَّةَ فَإِنَّهُ لَا ارْتِبَاطَ لَهُ بِكَيْفِيَّةِ الْحَجِّ الْمَنْوِيَّةِ فَاحْتَاجَ لِنِيَّةٍ تَخُصُّهُ. اهـ. حَاشِيَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ غُسْلٌ لِمُسْتَقْبَلٍ) أَيْ: فَلَمْ يُوجَدْ سَبَبُهُ حَتَّى يُتَصَوَّرَ فِيهِ الْوُجُوبُ بِخِلَافِ مَا إذَا تَقَدَّمَ سَبَبُهُ حَتَّى يُتَصَوَّرَ فِيهِ ذَلِكَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ كُلَّ مَا تَقَدَّمَ سَبَبُهُ وَجَبَ وَإِلَّا وَرَدَ غُسْلُ غَاسِلِ الْمَيِّتِ.
(قَوْلُهُ انْقَطَعَ دَمُهُمَا) أَوْ أَمْكَنَهُمَا الْمُقَامُ فِي الْمِيقَاتِ حَتَّى يَنْقَطِعَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: وَادٍ) أَيْ: ذُو طُوًى وَادٍ وَطُوًى اسْمٌ
وَنَحْوِهِ لِكَوْنِهِ لَمْ يَخْطُرْ لَهُ إلَّا ذَلِكَ الْوَقْتَ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ وَإِنْ خَطَرَ لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ الْوَقْتِ إلَّا أَنَّهُ يَكُونُ آثِمًا وَيَلْزَمُهُ دَمٌ وَيُسَنُّ الْغُسْلُ لِدُخُولِ الْحَلَالِ لَهَا أَيْضًا كَمَا حَكَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ عَنْ فِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ الْفَتْحِ قَالَ الْخَفَّافُ وَيُسَنُّ أَيْضًا لِدُخُولِ الْحَرَمِ وَلِدُخُولِ الْمَدِينَةِ (وَلِلْوُقُوفِ فِي عَشِيِّ عَرَفَهْ) بِهَا (وَرَمْيِ) أَيْ: وَلِرَمْيِ الْجِمَارِ أَيَّامَ (تَشْرِيقٍ وَلِلْمُزْدَلِفَةْ) أَيْ: لِلْوُقُوفِ بِهَا عَلَى الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ غَدَاةَ النَّحْرِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ مَوَاضِعُ يَجْتَمِعُ لَهَا النَّاسُ فَأَشْبَهَ غُسْلَ الْجُمُعَةِ وَزَادَ " عَشِيِّ " لِبَيَانِ وَقْتِ الْغُسْلِ لِلْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَوَقْتُهُ لِلْوُقُوفِ بِمُزْدَلِفَةَ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ، وَخَرَجَ بِرَمْيِ التَّشْرِيقِ رَمْيُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ فَلَا يُسَنُّ الْغُسْلُ لَهُ وَلَا لِلْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ وَلَا لِطَوَافِ الْقُدُومِ اكْتِفَاءً بِمَا قَبْلَهُ وَلَا لِطَوَافِ الرُّكْنِ وَالْوَدَاعِ وَالْحَلْقِ لِاتِّسَاعِ أَوْقَاتِهَا فَتَقِلُّ الزَّحْمَةُ (وَلَوْ بِحَيْضٍ) أَيْ: تُسَنُّ هَذِهِ الْأَغْسَالُ وَلَوْ فِي حَالِ الْحَيْضِ أَيْ: أَوْ النِّفَاسِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ التَّنْظِيفُ وَفِي مُسْلِمٍ «أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ وَلَدَتْ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ بِذِي الْحُلَيْفَةِ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم اغْتَسِلِي وَاسْتَثْفِرِي وَأَحْرِمِي» فَإِنْ أَمْكَنَهَا التَّأْخِيرُ حَتَّى تُحْرِمَ طَاهِرَةً فَهُوَ أَفْضَلُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَالظَّاهِرُ افْتِقَارُهَا إلَى النِّيَّةِ لِإِتْيَانِهَا
ــ
[حاشية العبادي]
كَالرَّمْيِ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لَهُ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُ مَا قَالَهُ كَمَا فِي الْعِيدِ وَالْجُمُعَةِ كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَالْأَوْجَهُ أَنْ يَكُونَ غُسْلُ الرَّمْيِ كَغُسْلِ الْجُمُعَةِ فَيَدْخُلُ بِالْفَجْرِ وَغُسْلُ مُزْدَلِفَةَ كَغُسْلِ الْعِيدِ فَيَدْخُلُ بِنِصْفِ اللَّيْلِ وَكَلَامُهُ لَا يُنَافِي ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: لِبَيَانِ وَقْتِ الْغُسْلِ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ تَعَلُّقَ قَوْلِهِ فِي عَشِيِّ بِالْغُسْلِ وَأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ وَقْتُهُ إلَّا بِالزَّوَالِ وَالْوَجْهُ دُخُولُهُ بِالْفَجْرِ كَالْجُمُعَةِ وَتَعَلَّقَ قَوْلُهُ: فِي عَشِيِّ بِالْوُقُوفِ لِبَيَانِ وَقْتِهِ فَتَأَمَّلْ نَعَمْ الْوَجْهُ الْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الزَّوَالِ لِقُرْبِهِ مِنْ الْوُقُوفِ سم. (قَوْلُهُ: اكْتِفَاءً بِمَا قَبْلَهُ) زَادَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلِاتِّسَاعِ وَقْتِ الْأَوَّلِ يَعْنِي رَمْيَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَعَدَمِ الِاجْتِمَاعِ فِي الثَّانِي يَعْنِي الْمَبِيتَ بِمُزْدَلِفَةَ اهـ. وَقَضِيَّةُ الْعِلَّةِ الْأُولَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَغْتَسِلْ لِمَا قَبْلَ الْمَذْكُورَاتِ سُنَّ الْغُسْلُ لَهَا وَقَضِيَّةُ الثَّانِيَةِ خِلَافُهُ ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ صَرَّحَ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَغْتَسِلْ لِعَرَفَةَ وَلَا لِمُزْدَلِفَةَ وَلَا لِلْعِيدِ سُنَّ لَهُ الْغُسْلُ لِلرَّمْيِ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ السَّابِقَةِ اهـ. وَقَدْ يَشْكُلُ عَلَيْهِ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ كُلَّ عِلَّةٍ مُسْتَقِلَّةٌ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَمْكَنَهَا التَّأْخِيرُ إلَخْ) بِأَنْ أَمْكَنَهَا الْمُقَامُ بِالْمِيقَاتِ حَتَّى تَطْهُرَ شَرْحُ رَوْضٍ.
ــ
[حاشية الشربيني]
لِبِئْرٍ فِيهِ مَطْوِيَّةٍ بِالْحِجَارَةِ. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ إلَخْ) وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِهِ بَيَانًا لِلْأَكْمَلِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ أَيْ: وَلِلْوُقُوفِ بِهَا إلَخْ) وَيَدْخُلُ وَقْتُهُ كَغُسْلِ الْعِيدِ بِنِصْفِ اللَّيْلِ فَيَنْوِيهِ بِهِ أَيْضًا. اهـ. حَجَرٌ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ إلَّا إنْ نَوَاهُ بِهِ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّهُ إذَا نَوَى أَحَدَ الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ حَصَلَ الْبَاقِي فَلَا حَاجَةَ إلَى نِيَّتِهِ بِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يَنْوِيَهُ بِهِ وَإِنْ كَفَى غُسْلٌ وَاحِدٌ عَنْهُمَا. اهـ. سم بج. (قَوْلُهُ: أَيْ: وَلِلْوُقُوفِ بِهَا إلَخْ) أَيْ: لَا لِلْمَبِيتِ بِهَا لِقُرْبِهِ مِنْ غُسْلِ عَرَفَةَ. اهـ. م ر. (قَوْلُهُ: وَلِرَمْيٍ إلَخْ) أَيْ: يُسَنُّ كُلُّ يَوْمٍ لِرَمْيٍ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: لِبَيَانِ وَقْتِ الْغُسْلِ إلَخْ) أَيْ: الْوَقْتِ الْأَكْمَلِ لِأَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الزَّوَالِ وَيَحْصُلُ أَصْلُهَا قَبْلَ الزَّوَالِ بَعْدَ الْفَجْرِ وَلِذَا قَالَ م ر إنَّ قَوْلَهُ فِي عَشِيٍّ مُتَعَلِّقٌ بِالْوُقُوفِ لَكِنْ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ كَمَا عَرَفْت لَكِنْ نَقَلَ الْمَدَنِيُّ خِلَافَ الْفُقَهَاءِ فِي الْأَفْضَلِ هَلْ بَعْدَ الزَّوَالِ أَوْ قَبْلَهُ قَالَ وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ لِلْخِلَافِ الْقَوِيِّ فِي عَدَمِ دُخُولِ وَقْتِهِ إلَّا بِالزَّوَالِ. (قَوْلُهُ: يَوْمَ النَّحْرِ) اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ رَمْيِهَا أَيَّامَ التَّشْرِيقِ فَيُسَنُّ الْغُسْلُ لَهُ كَمَا دَخَلَ فِي قَوْلِهِ وَرَمْيُ تَشْرِيقٍ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُسَنُّ الْغُسْلُ) أَيْ: اكْتِفَاءً بِغُسْلِ الْوُقُوفِ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ كَمَا فِي الْمَدَنِيِّ أَوْ بِغُسْلِ الْعِيدِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ وَكِلَاهُمَا يَدْخُلُ بِنِصْفِ اللَّيْلِ وَفِي كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ كَمَا فِي شَرْحِ عب لِحَجَرٍ أَنَّ أَحَدَهُمَا كَافٍ عَنْهُ فَإِنْ لَمْ يَغْتَسِلْ لِأَحَدِهِمَا وَلَا لِعَرَفَةَ سُنَّ الْغُسْلُ لَهُ وَقَوْلُهُ: وَلَا لِعَرَفَةَ تَبِعَ فِيهِ الرَّافِعِيَّ لَكِنَّهُ نَظَرَ فِيهِ بَعْدُ بِقَوْلِهِ إنَّ ذِكْرَ الرَّافِعِيِّ غُسْلَ الْوُقُوفِ وَأَنَّهُ يُغْنِي عَنْ غُسْلِ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَحْتَاجُ لِتَأَمُّلٍ لِبُعْدِهِ عَنْ رَمْيِ النَّحْرِ فَإِنَّ غُسْلَ عَرَفَةَ يَدْخُلُ بِالزَّوَالِ.
قَالَ حَجَرٌ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَكِنَّهُ مُسْتَمِرٌّ لِلْفَجْرِ فَهُوَ مُزَاحِمٌ لِغُسْلِ مُزْدَلِفَةَ فِي الْوَقْتِ دُونَ الْمَكَانِ لِاخْتِصَاصِ غُسْلِهَا بِهَا وَمُزَاحِمٌ لِغُسْلِ الْعِيدِ فِيمَا بَيْنَ نِصْفِ اللَّيْلِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ اهـ وَحِينَئِذٍ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الرَّافِعِيِّ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: اكْتِفَاءً بِمَا قَبْلَهُ) أَيْ: فِي ثَلَاثَةٍ وَاَلَّذِي قَبْلَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ غُسْلُ الْوُقُوفِ بِمُزْدَلِفَةَ أَوْ غُسْلُ الْعِيدِ وَاَلَّذِي قَبْلَ الْمَبِيتِ غُسْلُ عَرَفَةَ أَوْ غُسْلُ دُخُولِ الْحَرَمِ قَبْلَ مُزْدَلِفَةَ إنْ لَمْ يَغْتَسِلْ لِعَرَفَةَ وَاَلَّذِي قَبْلَ طَوَافِ الْقُدُومِ غُسْلُ دُخُولِ مَكَّةَ إنْ لَمْ يَغْتَسِلْ لِمَا ذُكِرَ سُنَّ الْغُسْلُ لِهَذِهِ الثَّلَاثَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. اهـ. مَدَنِيٌّ. (قَوْلُهُ: لِاتِّسَاعِ أَوْقَاتِهَا) أَيْ: فَإِنَّهُ إذَا اتَّسَعَ الْوَقْتُ لَا تَكْثُرُ فِيهِ الزَّحْمَةُ وَإِذَا لَمْ تَكْثُرْ الزَّحْمَةُ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ اجْتِمَاعٌ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ اجْتِمَاعٌ لَا يُطْلَبُ فِيهِ الْغُسْلُ. اهـ. مَدَنِيّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْقَصْدَ التَّنْظِيفُ) أَيْ: مِنْ الْعِبَادَةِ حَجَرٌ.
(قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ إلَخْ) لِأَنَّ الْغُسْلَ عِبَادَةٌ بِدَلِيلِ التَّيَمُّمِ لِفَقْدِهِ وَالْعِبَادَةُ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ النِّيَّةِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ.
بِمَسْنُونٍ.
(وَلِعَجْزٍ) عَنْ الْغُسْلِ لِفَقْدِ الْمَاءِ أَوْ غَيْرِهِ (نَدَبُوا تَيَمُّمًا) لِأَنَّهُ يَخْلُفُ الْوَاجِبَ فَالْمَسْنُونُ أَوْلَى فَإِنْ وَجَدَ مَاءً لَا يَكْفِي غُسْلَهُ تَوَضَّأَ بِهِ حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّهُ قَالَ النَّوَوِيُّ إنْ أَرَادَ يَتَوَضَّأْ ثُمَّ يَتَيَمَّمْ فَحَسَنٌ وَإِنْ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَى الْوُضُوءِ فَلَيْسَ بِجَيِّدٍ؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ الْغُسْلُ وَالتَّيَمُّمُ يَقُومُ مَقَامَهُ دُونَ الْوُضُوءِ. اهـ. وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ وَلَعَلَّهُ إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الْوُضُوءِ كَالشَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً يَكْفِي غُسْلَهُ تَوَضَّأَ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً بِحَالٍ تَيَمَّمَ فَيَقُومُ ذَلِكَ مَقَامَ الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ أَوْلَى بِالْغُسْلِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَحْصِيلِ الْوُضُوءِ الَّذِي هُوَ عِبَادَةٌ كَامِلَةٌ وَسُنَّةٌ قَبْلَ الْغُسْلِ الْقَائِمِ مَقَامَهُ التَّيَمُّمُ.
(وَ) السُّنَّةُ (قَبْلَهُ) أَيْ: الْإِحْرَامِ (التَّطَيُّبُ) فِي الْبَدَنِ لِلرَّجُلِ وَغَيْرِهِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ سَوَاءٌ تَطَيَّبَ بِمَا تَبْقَى عَيْنُهُ أَمْ لَا وَإِنَّمَا كُرِهَ لِلنِّسَاءِ التَّطَيُّبُ عِنْدَ خُرُوجِهِنَّ لِلْجُمُعَةِ لِضِيقِ مَكَانِهَا وَزَمَانِهَا فَلَا يُمْكِنُهُنَّ اجْتِنَابُ الرِّجَالِ بِخِلَافِ ذَلِكَ فِي النُّسُكِ أَمَّا تَطْيِيبُ الثَّوْبِ فَمُبَاحٌ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَنَقَلَ فِي الْمَجْمُوعِ اتِّفَاقَ الْأَصْحَابِ عَلَيْهِ قَالَ: وَأَغْرَبَ الْمُتَوَلِّي فَحَكَى فِيهِ الْخِلَافَ فِي الِاسْتِحْبَابِ وَوَقَعَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ سُنَّةٌ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ وَخَرَجَ بِقَبْلِهِ الْمَزِيدِ هُنَا عَلَى الْحَاوِي التَّطْيِيبُ بَعْدَهُ فَلَا يُسَنُّ بَلْ يَحْرُمُ كَمَا سَيَأْتِي وَيُسَنُّ قَبْلَهُ أَيْضًا التَّنْظِيفُ بِحَلْقِ عَانَةٍ وَنَتْفِ إبِطٍ وَقَصِّ شَارِبٍ وَقَلْمِ ظُفْرٍ إلَّا فِي الْعَشْرِ لِمُرِيدِ التَّضْحِيَةِ وَغَسْلِ رَأْسٍ بِسِدْرٍ أَوْ نَحْوِهِ وَيُسَنُّ تَلْبِيدُهُ وَهُوَ أَنْ يَعْقِصَ شَعْرَهُ وَيَضْرِبَ عَلَيْهِ الْخِطْمِيَّ أَوْ الصَّمْغَ أَوْ غَيْرَهُمَا لِدَفْعِ الْقَمْلِ وَغَيْرِهِ (وَعَمَّتْ الْمَرْأَةُ) أَيْ: وَالسُّنَّةُ لِلْمَرْأَةِ وَلَوْ خَلِيَّةً وَشَابَّةً قَبْلَ الْإِحْرَامِ إذَا أَرَادَتْهُ أَنْ تُعَمِّمَ (بِالْخَضْبِ) بِالْحِنَّاءِ (الْيَدَا) أَيْ: كُلَّ يَدٍ مِنْهَا إلَى الْكُوعِ وَأَنْ تَمْسَحَ وَجْهَهَا بِشَيْءٍ مِنْهُ لِتَسْتُرَ بِذَلِكَ مَا بَرَزَ مِنْهَا لِلْإِحْرَامِ وَلِأَنَّ الْحِنَّاءَ مِنْ زِينَتِهَا فَنُدِبَ قَبْلَ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: دُونَ الْوُضُوءِ) فَإِنَّهُ لَا يَقُومُ مَقَامَ الْغُسْلِ.
. (قَوْلُهُ: وَقَبْلَهُ التَّطَيُّبُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَمْ يُصَرِّحُوا بِاسْتِحْبَابِ الْجِمَاعِ إنْ أَمْكَنَهُ وَلَا يَبْعُدُ اسْتِحْبَابُهُ؛ لِأَنَّ الطِّيبَ مِنْ دَوَاعِيهِ شَرْحُ رَوْضٍ. (قَوْلُهُ: بِمَا تَبْقَى عَيْنُهُ أَمْ لَا) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَلَهُ اسْتِدَامَتُهُ إلَى بَعْدِ الْإِحْرَامِ فِي بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ لَا شَدُّهُ فِي ثَوْبِهِ. (قَوْلُهُ: وَأَغْرَبَ الْمُتَوَلِّي إلَخْ) ذُكِرَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ الزَّرْكَشِيّ مَعَ غَرَابَتِهِ أَنَّ الْقَاضِيَ حَكَاهُ وَصَحَّحَهُ الْإِمَامُ وَالْبَارِزِيُّ وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْبَنْدَنِيجِيُّ وَالْجِيلِيُّ قَالَ وَعَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِهِ يُكْرَهُ قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَبْلَ الْإِحْرَامِ) اُنْظُرْ هَذِهِ الْمُبَالَغَةَ الْمُدْخِلَةَ لِمَا بَعْدَ الْإِحْرَامِ مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي أَمَّا الْخِضَابُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ فَمَكْرُوهٌ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْمُبَالَغَةِ إدْخَالَ مَا قَرُبَ مِنْ الْإِحْرَامِ وَاتَّصَلَ بِهِ فَقَطْ وَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ سَوَاءٌ كَانَ عِنْدَ الْإِحْرَامِ أَمْ قَبْلَهُ سم. (قَوْلُهُ: لِتَسْتُرَ بِذَلِكَ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ حُصُولَ سَتْرٍ فِي الْجُمْلَةِ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ حُرْمَةُ النَّظَرِ مَعَ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَبْقَ عَلَى الْعُضْوِ جِرْمٌ سَاتِرٌ مِنْ الْحِنَّاءِ
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: نَدَبُوا تَيَمُّمًا) وَيَكُونُ تَيَمُّمُهُ قَائِمًا مَقَامَ الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ الْمَنْدُوبَيْنِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ ثُمَّ رَأَيْته قَرِيبًا عَنْ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه. (قَوْلُهُ نَدَبُوا تَيَمُّمًا) وَلَوْ وَجَدَ مَاءً لَا يَكْفِيهِ أَزَالَ بِهِ مَا عَلَى بَدَنِهِ مِنْ التَّغَيُّرِ الْمُؤْذِي ثُمَّ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ ثُمَّ إذَا لَمْ يَكْفِهِ لِلْوُضُوءِ فَإِنْ نَوَى بِهِ الْوُضُوءَ تَيَمَّمَ عَنْ بَاقِيهِ ثُمَّ عَنْ الْغُسْلِ وَإِنْ نَوَى بِهِ الْغُسْلَ كَفَاهُ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ عَنْ الْغُسْلِ وَعَنْ بَقِيَّةِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا بَيَّنَهُ فِي الْأَصْلِ وَفِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ وَمُخْتَصَرِهِ وَالْإِيعَابِ إذَا فَرَغَ مِنْ الْغُسْلِ أَصْلًا وَبَدَلًا تَيَمَّمَ عَنْ كُلِّ الْوُضُوءِ وَعَلَى هَذَا لَا بُدَّ مِنْ تَيَمُّمَيْنِ مُطْلَقًا. اهـ. مَدَنِيٌّ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ الصَّغِيرِ وَلَوْ وَجَدَ مَاءً لَا يَكْفِيهِ لِلْغُسْلِ نُدِبَ فِيمَا يَظْهَرُ اسْتِعْمَالُهُ فِي إزَالَةِ الْقَذَرِ إنْ وَجَدَ وَإِلَّا فَفِي أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ لِأَنَّهَا أَشْرَفُ ثُمَّ إنْ لَمْ يَكْفِهَا تَيَمَّمَ عَنْ بَقِيَّتِهَا ثُمَّ عَنْ الْغُسْلِ وَإِنْ كَفَاهَا تَيَمَّمَ عَنْ الْغُسْلِ فَقَطْ اهـ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر لِلْمِنْهَاجِ وَلَوْ وَجَدَ مَاءً لَا يَكْفِي غُسْلَهُ وَهُوَ كَافٍ لِوُضُوئِهِ تَوَضَّأَ بِهِ وَتَيَمَّمَ عَنْ الْغُسْلِ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ كَافٍ لِوُضُوئِهِ أَيْضًا اسْتَعْمَلَهُ فِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَيَكْفِيهِ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ عَنْ الْغُسْلِ وَبَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ إنْ نَوَى بِمَا اسْتَعْمَلَهُ مِنْ الْمَاءِ الْغُسْلَ وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَنْوِ ذَلِكَ فَتَيَمَّمَ عَنْ بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ وَآخَرَ عَنْ الْغُسْلِ كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ رحمه الله اهـ وَكَتَبَ سم عَلَى مِثْلِهِ مِنْ التُّحْفَةِ هَلَّا كَفَى تَيَمُّمُ الْغُسْلِ عَنْ تَيَمُّمِ بَقِيَّةِ الْوُضُوءِ كَمَا كَفَى عَنْ تَيَمُّمِ الْوُضُوءِ اهـ وَقَدْ يُقَالُ لَمَّا اُسْتُعْمِلَ الْمَاءُ فِي بَعْضِ الْأَعْضَاءِ كَانَ طَهَارَةً مُسْتَقِلَّةً بِخِلَافِ مَا إذَا عَجَزَ عَنْ الْمَاءِ رَأْسًا وَلَا يَخْلُو عَنْ تَوَقُّفٍ وَقَوْلُهُ وَالْإِيعَابِ الَّذِي فِيهِ أَنَّهُ إنْ غَسَلَ ذَلِكَ بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ تَيَمَّمَ عَنْ بَاقِيهِ ثُمَّ تَيَمَّمَ عَنْ الْغُسْلِ اهـ. (قَوْلُهُ: فَيَقُومُ ذَلِكَ مَقَامَ الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ) لَعَلَّهُ إذَا نَوَى بِهِ الْوُضُوءَ وَالْغُسْلَ لَا الْغُسْلَ وَحْدَهُ إذْ لَا تَعَرُّضَ فِيهِ لِرَفْعِ حَدَثٍ.
. (قَوْلُهُ لِلرَّجُلِ وَغَيْرِهِ) يُسْتَثْنَى الصَّائِمُ وَالْمَبْتُوتَةُ فَلَا يُسَنُّ لَهُمَا وَالْمُحِدَّةُ فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا نَعَمْ يَنْبَغِي تَقْيِيدُ الصَّائِمِ بِمَنْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَيْهِ رَوَائِحُ تَتَوَقَّفُ إزَالَتُهَا عَلَى الطِّيبِ فَيُسَنُّ لَهُ وَمِثْلُهُ الْمَبْتُوتَةُ دُونَ الْمُحِدَّةِ. اهـ. مَدَنِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَمُبَاحٌ) أَيْ: لِإِحْرَامٍ وَقِيلَ يَحْرُمُ وَهُوَ خِلَافُ الْمُصَحَّحِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ. (قَوْلُهُ: وَعَمَّتْ الْمَرْأَةُ إلَخْ)
الْإِحْرَامِ كَالطِّيبِ أَمَّا الْخِضَابُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ فَمَكْرُوهٌ لِمَا فِيهِ مِنْ إزَالَةِ الشَّعَثِ وَكَذَا قَبْلَهُ إنْ لَمْ تُرِدْهُ وَكَانَتْ خَلِيَّةً لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ خَلِيَّةً فَمَسْنُونٌ؛ لِأَنَّهُ زِينَةٌ وَهِيَ مَطْلُوبَةٌ مِنْهَا لِحَلِيلِهَا كُلَّ وَقْتٍ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ وَخَرَجَ بِتَعْمِيمِ الْيَدِ بِالْحِنَّاءِ التَّنْقِيشُ وَالتَّطْرِيفُ وَالْخِضَابُ بِالسَّوَادِ وَتَحْمِيرُ الْوَجْنَةِ فَلَا يُسَنُّ بَلْ إنْ كَانَتْ خَلِيَّةً أَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهَا حَلِيلُهَا حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا وَبِالْمَرْأَةِ الرَّجُلُ وَالْخُنْثَى فَلَا يُسَنُّ لَهُمَا ذَلِكَ بَلْ يَحْرُمُ إلَّا لِحَاجَةٍ.
. (وَ) السُّنَّةُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَبَعْدَ التَّجَرُّدِ عَنْ الْمَخِيطِ (لُبْسُ أَبْيَضَيْ إزَارٍ وَرِدَا) جَدِيدَيْنِ وَإِلَّا فَمَغْسُولَيْنِ (لَهُ) أَيْ: لِلرَّجُلِ (وَ) السُّنَّةُ لَهُ أَيْضًا لُبْسُ (نَعْلَيْنِ) رَوَى الشَّيْخَانِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَحْرَمَ فِي إزَارٍ وَرِدَاءٍ» وَتَقَدَّمَ خَبَرُ «الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمْ الْبَيَاضَ» وَرَوَى أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ «لِيُحْرِمْ أَحَدُكُمْ فِي إزَارٍ وَرِدَاءٍ وَنَعْلَيْنِ» وَقَوْلُهُ: لَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَوْ أَخَّرَهُ عَمَّا بَعْدَهُ كَانَ أَوْلَى وَخَرَجَ بِهِ الْمَرْأَةُ وَالْخُنْثَى فَلَا يُسَنُّ لَهُمَا لُبْسُ مَا ذُكِرَ إذْ لَا تَجَرُّدَ عَلَيْهِمَا فِي غَيْرِ الْوَجْهِ.
(وَ) السُّنَّةُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ كَمَا عُلِمَ فِي مَحَلِّهِ (رَكْعَتَانِ) لَهُ رَوَى الشَّيْخَانِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَحْرَمَ» وَيَقْرَأُ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ فِي الْأُولَى {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] وَفِي الثَّانِيَةِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1](وَالْفَرْضُ) وَكَذَا النَّفَلُ الرَّاتِبُ كَمَا قَالَ الْقَاضِي (يُغْنِي) عَنْهُمَا كَالتَّحِيَّةِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهَا مَقْصُودَةٌ فَلَا تَنْدَرِجُ كَسُنَّةِ الظُّهْرِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَكَلَامُ الْأُمِّ يَشْهَدُ لَهُ وَيَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ فَإِنَّهُ قَالَ: أَحْبَبْت لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ نَافِلَةً فَإِنْ أَهَلَّ فِي إثْرِ مَكْتُوبَةٍ أَوْ فِي غَيْرِ إثْرِ صَلَاةٍ فَلَا بَأْسَ اهـ. وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَنْ أَرَادَ أَنْ يُهِلَّ إثْرَ مَكْتُوبَةٍ.
(وَيُلَبِّيَانِ) أَيْ: الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ وَكَذَا الْخُنْثَى وَلَوْ مَعَ جَنَابَةٍ وَحَيْضٍ وَنِفَاسٍ (سَيْرًا وَنِيَّةً وَكُلَّ مَصْعَدِ وَمَهْبِطٍ) اسْمَيْ مَكَانِ الصُّعُودِ وَالْهُبُوطِ أَوْ مَصْدَرَيْنِ بِمَعْنَى الصُّعُودِ وَالْهُبُوطِ اللَّذَيْنِ عَبَّرَ بِهِمَا الْحَاوِي وَهُوَ أَوْلَى وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُسَنُّ التَّلْبِيَةُ عِنْدَ نِيَّةِ الْإِحْرَامِ وَإِكْثَارُهَا فِي دَوَامِهِ وَتَتَأَكَّدُ سُنِّيَّتُهَا فِي السَّيْرِ وَكُلِّ صُعُودٍ وَهُبُوطٍ (وَ) حُدُوثِ (حَادِثٍ) مِنْ رُكُوبٍ وَنُزُولٍ وَاجْتِمَاعِ رُفْقَةٍ وَفَرَاغِ صَلَاةٍ وَإِقْبَالِ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ وَغَيْرِهَا مِنْ تَغَايُرِ الْأَحْوَالِ.
ــ
[حاشية العبادي]
فَلْيُتَأَمَّلْ سم.
. (قَوْلُهُ: رَكْعَتَانِ لَهُ) أَيْ: لِلْإِحْرَامِ. (قَوْلُهُ: الرَّاتِبُ) قَضِيَّةُ قَوْلِهِ كَالتَّحِيَّةِ عَدَمُ التَّقْيِيدِ بِالرَّاتِبِ. (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ أَنَّ مَحَلَّهُ إلَخْ) أَيْ: وَمَا ذَكَرُوهُ فِيمَنْ تَقَدَّمَتْ إرَادَتُهُ الْإِحْرَامَ عَلَى الْمَكْتُوبَةِ. (قَوْلُهُ: إثْرَ مَكْتُوبَةٍ) تُنَازِعُهُ أَرَادَ وَيُهِلَّ بِرّ.
. (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَوْلَى) كَانَ وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ سَبَبَ التَّأْكِيدِ نَفْسُ الصُّعُودِ وَالْهُبُوطِ لِإِمْكَانِهِمَا وَمَكَانُهُمَا قَدْ لَا يَسْتَلْزِمُهُمَا سم. (قَوْلُهُ: عِنْدَ نِيَّةِ الْإِحْرَامِ) أَيْ: عَقِبَهَا لَا مَعَهَا؛ لِأَنَّهُ يُسَنُّ التَّلَفُّظُ بِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
ــ
[حاشية الشربيني]
أَيْ: غَيْرُ الْمُحِدَّةِ م ر وَقِ ل. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ تُرِدْهُ) أَيْ: الْإِحْرَامَ. (قَوْلُهُ وَالتَّطْرِيفُ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْمُرَادُ بِالتَّطْرِيفِ الْمُحَرَّمِ تَطْرِيفُ الْأَصَابِعِ بِالْحِنَّاءِ مَعَ السَّوَادِ أَمَّا بِالْحِنَّاءِ وَحْدَهُ فَلَا شَكَّ فِي جَوَازِهِ اهـ فَقَوْلُهُ: هُنَا بِالسَّوَادِ رَاجِعٌ لِلتَّطْرِيفِ أَيْضًا قَالَ الْمُحَشِّي فِي حَاشِيَةِ التُّحْفَةِ وَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِي النَّقْشِ.
(قَوْلُهُ: بَلْ يَحْرُمُ إلَخْ) أَيْ: فِي الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ دُونَ غَيْرِهِمَا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَالْمُرَادُ بِالرَّجُلِ أَوْ الْخُنْثَى الْبَالِغَانِ فَتَجُوزُ الْحِنَّاءُ لِلصَّبِيِّ كَالْحَرِيرِ. اهـ. ق ل أَيْضًا.
. (قَوْلُهُ: وَبَعْدَ التَّجَرُّدِ) وَالتَّجَرُّدُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَاجِبٌ لِيَكُونَ مُتَجَرِّدًا حَالَ الْإِحْرَامِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ مَسْنُونٌ وَيَحْصُلُ الْوَاجِبُ بِالتَّجَرُّدِ عَقِبَهُ وَفِي الْمَسْأَلَةِ كَلَامٌ طَوِيلٌ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ اهـ وَاسْتُشْكِلَ الْأَوَّلُ بِمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ هَذَا الثَّوْبَ وَهُوَ لَابِسُهُ فَإِنَّهُ يَبَرُّ بِخَلْعِهِ حَالًا فَكَذَا هُنَا وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْمُحْرِمَ بِتَمَامِ نِيَّتِهِ تَبَيَّنَ دُخُولُهُ بِأَوَّلِ لَحْظَةٍ مِنْهَا فِي النُّسُكِ فَهُوَ فِي الْمَعْنَى مُحْرِمٌ مِنْ أَوَّلِهَا فَوَجَبَ التَّجَرُّدُ قَبْلَهَا لِيَتَحَقَّقَ التَّجَرُّدُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ الْحَقِيقِيِّ وَالْحُكْمِيِّ وَأَمَّا خَلْعُ الثَّوْبِ فَلَا يَجِبُ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الْحَلِفِ وَبِخَلْعِهِ حَالًا انْتَفَى عَنْهُ اللُّبْسُ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُسَنُّ لَهُمَا) لَكِنْ يُسَنُّ لَهُمَا الْأَبْيَضُ وَالْجَدِيدُ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ.
. (قَوْلُهُ: رَكْعَتَانِ) وَيُسِرُّهُمَا وَلَوْ لَيْلًا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا إنْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ نَفْلًا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ صَلَاتُهُ فَرْضًا كَالصُّبْحِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ. اهـ. ح ل وَانْظُرْ وَجْهَ مُخَالَفَتِهِمَا لِغَيْرِهِمَا كَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ حَيْثُ يَجْهَرُ فِيهِمَا لَيْلًا اهـ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْإِحْرَامَ مُتَأَخِّرٌ عَنْهُمَا فَعَدَمُ الْجَهْرِ فِيهِمَا أَقْرَبُ لِلْإِخْلَاصِ فِيهِ وَأَمَّا رَكْعَتَا الطَّوَافِ فَقَدْ تَقَدَّمَ سَبَبُهُمَا فَلَا يَضُرُّهُ عَدَمُ الْإِخْلَاصِ فِيهِمَا أَوْ يُقَالُ إنَّ مَبْدَأَ الْعِبَادَةِ يُرَاعَى فِيهِ الْإِخْلَاصُ أَكْثَرَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مَقْصُودَةٌ) قَالَ السُّبْكِيُّ هَذَا إنَّمَا يَتِمُّ إذَا ثَبَتَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لِلْإِحْرَامِ» خَاصَّةً وَلَمْ يَثْبُتْ بَلْ الَّذِي ثَبَتَ وَدَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ وُقُوعُ الْإِحْرَامِ عَقِبَ صَلَاةٍ فَقَدْ رَوَى النَّسَائِيّ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ رَكِبَ» وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّهُ صَلَّى الصُّبْحَ ثُمَّ رَكِبَ» . اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ.
. (قَوْلُهُ: وَفَرَاغِ صَلَاةٍ) فِي ع ش يَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْأَذْكَارِ الْوَارِدَةِ عَقِبَ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا وَكَذَا تَقْدِيمُ إجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ وَمَا
(وَمَسْجِدِ) وَلَوْ بِغَيْرِ مَوَاضِعِ النُّسُكِ اقْتِدَاءً بِالسَّلَفِ فِي ذَلِكَ وَفِي مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ فِي صِفَةِ حَجِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «أَنَّهُ لَزِمَ تَلْبِيَتَهُ» (لَا فِي طَوَافِ قَادِمٍ) وَالسَّعْيِ بَعْدَهُ فَلَا يُسَنُّ فِيهِمَا التَّلْبِيَةُ؛ لِأَنَّ فِيهِمَا أَذْكَارًا خَاصَّةً وَكَذَا فِي طَوَافِ الرُّكْنِ وَالْوَدَاعِ وَإِنَّمَا خُصَّ طَوَافُ الْقُدُومِ بِالذِّكْرِ لِلْخِلَافِ فِيهِ دُونَهُمَا؛ لِأَنَّ الطَّائِفَ فِيهِمَا أَخَذَ فِي أَسْبَابِ التَّحَلُّلِ قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي كُلِّ طَوَافٍ يَتَنَفَّلُ بِهِ قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْرَعْ فِي أَسْبَابِ التَّحَلُّلِ فَلَوْ أَطْلَقَ النَّاظِمُ الطَّوَافَ كَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ غَيْرَ طَوَافِ الْقُدُومِ وَتُكْرَهُ التَّلْبِيَةُ فِي مَوَاضِعِ النَّجَاسَاتِ وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى تَلْبِيَتِهِ صلى الله عليه وسلم بَلْ يُكَرِّرُهَا وَهِيَ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَك لَبَّيْكَ إنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَك وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَك فَإِنْ زَادَ لَمْ يُكْرَهْ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (وَالرَّجُلُ يَرْفَعُ) نَدْبًا (صَوْتًا) لَهُ بِالتَّلْبِيَةِ فِي دَوَامِ الْإِحْرَامِ بِحَيْثُ لَا يُجْهِدُهُ لِخَبَرِ «أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَمَرَنِي أَنْ آمُرَ أَصْحَابِي أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالْإِهْلَالِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ بِخِلَافِ رَفْعِ صَوْتِهِ بِهَا فِي ابْتِدَاءِ الْإِحْرَامِ فَلَا يُسَنُّ بَلْ يُسْمِعُ نَفْسَهُ فَقَطْ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَخَرَجَ بِالرَّجُلِ الْمَرْأَةُ وَالْخُنْثَى فَلَا يَرْفَعَانِ صَوْتَهُمَا بَلْ يُسْمِعَانِ أَنْفُسَهُمَا فَقَطْ كَمَا فِي قِرَاءَةِ الصَّلَاةِ فَإِنْ رَفَعَاهُ كُرِهَ وَفَرَّقَ الشَّارِحُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَذَانِ حَيْثُ حَرُمَ فِيهِ ذَلِكَ بِالْإِصْغَاءِ إلَى الْأَذَانِ وَاشْتِغَالِ كُلِّ أَحَدٍ بِتَلْبِيَتِهِ عَنْ سَمَاعِ تَلْبِيَةِ غَيْرِهِ وَيُسَنُّ بَعْدَهَا الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَنْ يَكُونَ أَخْفَضَ صَوْتًا مِنْهَا ثُمَّ يَسْأَلُ اللَّهَ رِضْوَانَهُ وَالْجَنَّةَ وَيَسْتَعِيذُ بِهِ مِنْ النَّارِ ثُمَّ يَدْعُو بِمَا أَحَبَّ.
(فَرْعٌ)
حَكَى فِي الْمَجْمُوعِ بَعْدَ مَا مَرَّ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ أَنَّهُ إذَا لَبَّى يُسْتَحَبُّ أَنْ يُلَبِّيَ ثَلَاثًا وَعَنْ الْأَصَحِّ أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِهِ فَقِيلَ: يُكَرِّرُ ثَلَاثًا لَبَّيْكَ وَقِيلَ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ وَقِيلَ: جَمِيعَ التَّلْبِيَةِ قَالَ وَالثَّالِثُ هُوَ الْأَصَحُّ أَوْ الصَّوَابُ وَالْأَوَّلَانِ فَاسِدَانِ؛ لِأَنَّ فِيهِمَا تَغْيِيرًا لِلَفْظِ التَّلْبِيَةِ الْمَشْرُوعَةِ.
(وَإِلَيْهَا دَخَلُوا عَلَى كَدَاءٍ) أَيْ: وَالسُّنَّةُ الدُّخُولُ إلَى مَكَّةَ مِنْ ثَنِيَّةِ كَدَاءِ الْعُلْيَا بِفَتْحِ الْكَافِ وَالْمَدِّ وَالتَّنْوِينِ (وَالْخُرُوجُ مِنْ) ثَنِيَّةِ (كُدَى) السُّفْلَى بِالضَّمِّ وَالْقَصْرِ وَالتَّنْوِينِ لَكِنْ حَذَفَهُ النَّاظِمُ لِلْوَقْفِ وَهِيَ عِنْدَ جَبَلِ قُعَيْقِعَانَ وَدَلِيلُ مَا ذَكَرَهُ الِاتِّبَاعُ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَالْمَعْنَى فِيهِ وَالذَّهَابُ مِنْ طَرِيقٍ وَالْإِيَابُ مِنْ أُخْرَى كَالْعِيدِ وَغَيْرِهِ لِتَشْهَدَ لَهُ الطَّرِيقَانِ وَخُصَّتْ الْعُلْيَا بِالدُّخُولِ لِقَصْدِ الدَّاخِلِ مَوْضِعًا عَالِيَ الْمِقْدَارِ وَالْخَارِجُ عَكْسُهُ وَلِأَنَّ إبْرَاهِيمَ عليه الصلاة والسلام حِينَ قَالَ {فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ} [إبراهيم: 37] كَانَ عَلَى الْعَلْيَاءِ كَمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَهُ السُّهَيْلِيُّ وَيُحْتَمَلُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ أَنَّ ذَلِكَ لِبُعْدِهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى أَكْثَرِ الْبِلَادِ كَمَا قَالُوا فِي قَاصِدِ الْعِيدِ وَنَحْوِهِ إنَّهُ يَذْهَبُ فِي أَبْعَدِ الطَّرِيقَيْنِ لِزِيَادَةِ الْأَجْرِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ أَنَّ الدُّخُولَ مِنْهَا سُنَّةٌ لِكُلِّ دَاخِلٍ فَالْآتِي مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَمَسْجِدٍ) عِبَارَةُ الْعُبَابِ وَلِكُلِّ مَسْجِدٍ حَتَّى الْحَرَامِ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَمَسْجِدِ الْخِيفِ وَمَسْجِدِ إبْرَاهِيمَ صلى الله عليه وسلم بِعَرَفَةَ. (قَوْلُهُ: صَوْتًا) وَلَوْ فِي الْمَسَاجِدِ مَا لَمْ يُشَوِّشْ عَلَى نَحْوِ مُصَلٍّ أَوْ ذَاكِرٍ أَوْ نَائِمٍ وَإِلَّا كُرِهَ عب أَيْ: مَا لَمْ يَقْصِدْ التَّشْوِيشَ وَإِلَّا حَرُمَ. (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَا يُجْهِدُهُ) أَيْ: الرَّفْعُ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي قِرَاءَةِ الصَّلَاةِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُمَا يَجْهَرَانِ بِحَضْرَةِ الْمَحَارِمِ وَفِي الْخَلْوَةِ. (قَوْلُهُ: بِالْإِصْغَاءِ) أَيْ: يُطْلَبُ الْإِصْغَاءُ. (قَوْلُهُ: وَأَنْ تَكُونَ) أَيْ: الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ أَخْفَضَ إلَخْ.
. (قَوْلُهُ: قَالَ السُّهَيْلِيُّ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقَضِيَّتُهُ اسْتِحْبَابُ ذَلِكَ لِغَيْرِ
ــ
[حاشية الشربيني]
يُقَالُ عَقِبَ الْأَذَانِ لِاتِّسَاعِ وَقْتِهَا وَعَدَمِ فَوَاتِهَا وَفِي ق ل أَنَّهُ لَا تَفُوتُ بِهَا الْأَذْكَارُ الْوَارِدَةُ كَمَا فِي تَكْبِيرِ الْعِيدِ اهـ فَلْيُنْظَرْ ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ عب لِحَجَرٍ أَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِمْ هُنَا وَبَعْدَ فَرَاغِ صَلَاةٍ تَقْدِيمُهَا عَلَى أَذْكَارِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهَا شِعَارُ النُّسُكِ فَهِيَ كَالتَّكْبِيرِ الْمُقَيَّدِ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ وَالتَّشْرِيقِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُسَنُّ) لِأَنَّهُ يُسَنُّ أَنْ يُسَمِّيَ فِيهَا مَا أَحْرَمَ بِهِ فَطُلِبَ الْإِسْرَارُ؛ لِأَنَّهُ أَوْفَقُ بِالْإِخْلَاصِ. اهـ. تُحْفَةٌ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُسَمِّ ذَلِكَ يَجْهَرُ وَهُوَ الْأَوْجُهُ وَإِنْ أَطْلَقَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ بِالْإِصْغَاءِ) أَيْ: طَلَبِهِ وَبِطَلَبِ النَّظَرِ إلَى الْمُؤَذِّنِ بِخِلَافِ الْمُلَبِّي. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ.
(قَوْلُهُ: بِالْإِصْغَاءِ) أَيْ: طَلَبِهِ وَقَوْلُهُ: وَاشْتِغَالِ إلَخْ لَا يَأْتِي فِيمَنْ حَضَرَ مِنْ غَيْرِ الْمُحْرِمِينَ فَيَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ الْقَارِنُ هُوَ الْأَوَّلُ فَقَطْ سم عَلَى الْمَنْهَجِ بِإِيضَاحٍ.
. (قَوْلُهُ: مِنْ ثَنِيَّةِ كَدَاءٍ الْعُلْيَا) تُعْرَفُ بِالْمُعَلَّى وَتُسَمَّى بِالْحَجُونِ يَنْحَدِرُ مِنْهَا عَلَى الْمَقَابِرِ وَفِي الْقَامُوسِ الْكَدَاءُ كَسَمَاءٍ اسْمُ عَرَفَاتٍ وَجَبَلٌ بِأَعْلَى مَكَّةَ دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ مِنْهُ وَكَسُمَى جَبَلٍ بِأَسْفَلِهَا خَرَجَ مِنْهُ عليه الصلاة والسلام وَجَبَلٍ آخَرَ بِقُرْبِ عَرَفَةَ وَكَقُرَى جَبَلِ مَسْفَلَةَ مَكَّةَ عَلَى طَرِيقِ الْيَمَنِ وَكَدًى مَقْصُورَةٌ كَفَتًى ثَنِيَّةٌ بِالطَّائِفِ وَغَلِطَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي هَذَا التَّفْصِيلِ وَاخْتَلَفُوا فِيهِ عَلَى أَكْثَرِ مِنْ ثَلَاثِينَ قَوْلًا اهـ فِي غُنْيَةً النَّبِيهِ لِابْنِ الْمُلَقِّنِ يَتَحَصَّلُ مِنْ اخْتِلَافِ النُّقُولِ فِي كُدًى خَمْسَةُ أَوْجُهٌ أَحَدُهُمَا فَتْحُ الْكَافِ وَالْمَدِّ مَصْرُوفًا ثَانِيهَا كَذَلِكَ غَيْرُ مَصْرُوفٍ ثَالِثُهَا الْفَتْحُ وَالْقَصْرُ رَابِعُهَا الضَّمُّ وَالْقَصْرُ خَامِسُهَا الضَّمُّ وَالتَّشْدِيدُ. اهـ. مَدَنِيٌّ عَلَى شَرْحِ بِأَفْضَلَ.
(قَوْلُهُ: ثَنِيَّةِ) هِيَ طَرِيقٌ بَيْنَ جَبَلَيْنِ -.
الْمَدِينَةِ يُؤْمَرُ بِالتَّعْرِيجِ لِيَدْخُلَ مِنْهَا وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ لِمَا قَالَهُ الْجُوَيْنِيُّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم عَرَجَ إلَيْهَا قَصْدًا وَحَكَى الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ تَخْصِيصَهُ بِالْآتِي مِنْ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ لِلْمَشَقَّةِ وَأَنَّ دُخُولَهُ صلى الله عليه وسلم مِنْهَا كَانَ اتِّفَاقًا وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ فِي الْغُسْلِ بِذِي طُوًى قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّ مَا ذُكِرَ فِي كَدَاءٍ مِنْ الْحِكْمَةِ غَيْرُ حَاصِلٍ بِسُلُوكِ غَيْرِهَا وَفِي الْغُسْلِ مِنْ أَنَّ الْقَصْدَ النَّظَافَةُ حَاصِلٌ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ قَالَ نَعَمْ فِي التَّفْرِقَةِ نَظَرٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ الْمِعْرَاجَ لِلدُّخُولِ يَنْتَهِي إلَى مَا يَدْخُلُ مِنْهُ الْآتِي مِنْ الْمَدِينَةِ وَرُبَّمَا يَمُرُّ بِذِي طُوًى أَوْ يُقَارِبُهُ جِدًّا كَالْآتِي مِنْ الْيَمِينِ فَإِذَا أُمِرَ الْمَدَنِيُّ بِذَهَابِهِ إلَى قِبَلِ وَجْهِهِ لِيَغْتَسِلَ بِذِي طُوًى ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى خَلْفٍ فَأَمْرُ الْيَمَنِيِّ وَقَدْ مَرَّ بِهِ أَوْ قَارَبَهُ بِالْأَوْلَى وَأَقُولُ لَا تَرَدُّدَ فِي أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِهِ حِينَئِذٍ وَإِنَّمَا الْكَلَامُ قَبْلَ تَعْرِيجِهِ فَلَا يُؤْمَرُ بِهِ وَإِنَّمَا يُؤْمَرُ بِالتَّعْرِيجِ لِيَدْخُلَ مِنْ ثَنِيَّةِ كَدَاءٍ لَا لِيَغْتَسِلَ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ دُخُولَ مَكَّةَ مَاشِيًا وَنَهَارًا أَفْضَلُ.
(وَلِلَقَا الْبَيْتِ) عِنْدَ رَأْسِ الرَّدْمِ (دُعَاءٌ وَرَدَا) عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَهُ الْحَاوِي وَتَرَكَهُ النَّاظِمُ لِشُهْرَتِهِ وَهُوَ «اللَّهُمَّ زِدْ هَذَا الْبَيْتَ تَشْرِيفًا وَتَعْظِيمًا وَتَكْرِيمًا وَمَهَابَةً وَزِدْ مَنْ شَرَّفَهُ وَكَرَّمَهُ مِمَّنْ حَجَّهُ أَوْ اعْتَمَرَهُ تَشْرِيفًا وَتَكْرِيمًا وَتَعْظِيمًا وَبِرًّا» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ مُنْقَطِعٌ وَاَلَّذِي فِي الْحَاوِي وَالْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِمَا وَعَظِّمْهُ بَدَلَ وَكَرِّمْهُ خِلَافُ الْمَرْوِيِّ وَزَادَ الْغَزَالِيُّ فِي وَجِيزِهِ فِي ذِكْرِ الْبَيْتِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَمَهَابَةً وَبِرًّا قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ وَلَا ذِكْرَ لَهُ فِي الْخَبَرِ وَلَا فِي كُتُبِ الْأَصْحَابِ بَلْ الْبَيْتُ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ وَلَا يَصِحُّ إطْلَاقُهُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَعْنِيَ الْبِرَّ إلَيْهِ قُلْت بَلْ يُتَصَوَّرُ مِنْهُ بِرٌّ بِأَنْ يَشْهَدَ لِزَائِرِيهِ. قَالَ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِهِ قُلْت وَلِإِطْلَاقِهِ عَلَيْهِ وَجْهٌ صَحِيحٌ بِأَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَكْثَرَ زَائِرِيهِ فَبِرُّهُ زِيَارَتُهُ كَمَا أَنَّ مِنْ بِرِّ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقَارِبِ وَالْأَصْدِقَاءِ زِيَارَتُهُمْ لَكِنَّ الْمَعْرُوفَ عَدَمُ ثُبُوتِهِ فِي الْخَبَرِ أَيْ: كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ وَقَدْ رَوَاهُ الْأَزْرَقِيُّ لَكِنَّ رِوَايَتَهُ مُرْسَلَةٌ فِي إسْنَادِهَا مَجْهُولٌ وَضَعِيفٌ وَيُسَنُّ أَنْ يَزِيدَ عَلَى هَذَا الدُّعَاءِ اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْك السَّلَامُ فَحَيِّنَا رَبَّنَا بِالسَّلَامِ وَيَدْعُو بِمَا أَحَبَّ مِنْ الْمُهِمَّاتِ وَأَهَمُّهَا الْمَغْفِرَةُ وَكَمَا فَرَغَ مِنْ الدُّعَاءِ قَصَدَ الْمَسْجِدَ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْخُلَهُ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَوْبَ طَرِيقِهِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَرَوَى أَيْضًا «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ مِنْهُ وَخَرَجَ مِنْ بَابِ بَنِي مَخْزُومٍ إلَى الصَّفَا» وَهَذَا بِخِلَافِ الدُّخُولِ مِنْ ثَنِيَّةِ كَدَاءٍ عَلَى مَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ
ــ
[حاشية العبادي]
الْمُحْرِمِ أَيْضًا كَاسْتِحْبَابِ تَقْدِيمِ الْيَمِينِ لِدَاخِلِ الْمَسْجِدِ وَالْيَسَارِ لِلْخَارِجِ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ عِبَادَةً فَيَنْبَغِي الْقَوْلُ بِهِ إلَّا أَنْ يَرِدْ نَقْلٌ يَدْفَعُهُ شَرْحُ رَوْضٍ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُؤْمَرُ بِهِ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ فَلَا يُؤْمَرُ بِهِ لِيَغْتَسِلَ بَلْ لِيَدْخُلَ مِنْ ثَنِيَّةِ كَدَاءٍ وَهُوَ قَبْلَ ذَلِكَ مَأْمُورٌ بِالْغُسْلِ مِنْ نَحْوِ تِلْكَ الْمَسَافَةِ إنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّعْرِيجَ لِيَدْخُلَ مِنْ ثَنِيَّةِ كَدَاءٍ اهـ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَقْصِدْ إلَخْ أَنَّهُ إذَا قَصَدَ نُدِبَ لَهُ تَأْخِيرُ الْغُسْلِ إلَى ذِي طُوًى فَيَغْتَسِلُ مِنْهَا فَلْيُتَأَمَّلْ.
. (قَوْلُهُ: عِنْدَ رَأْسِ الرَّدْمِ) وَهُوَ الْمُسَمَّى الْآنَ بِالْمَدْعَى.
ــ
[حاشية الشربيني]
(قَوْلُهُ: الْجُوَيْنِيُّ) هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ نَقَلَ النَّوَوِيُّ عَنْ الْقُشَيْرِيِّ أَنَّ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ أَصْحَابِنَا يَعْتَقِدُونَ فِيهِ أَنَّهُ لَوْ جَازَ أَنْ يُبْعَثَ نَبِيٌّ فِي عَصْرِهِ لَمَا كَانَ إلَّا هُوَ وَجُوَيْنُ نَاحِيَةٌ مِنْ نَوَاحِي نَيْسَابُورَ تُوُفِّيَ رحمه الله فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ أَرْبَعِمِائَةٍ وَثَمَانِيَةٍ وَثَلَاثِينَ اهـ مِنْ رِسَالَةِ ابْنِ الْعِمَادِ فِي الْمَعْفُوَّاتِ. اهـ. جَمَلٌ عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: كَانَ اتِّفَاقًا) رَدَّهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ عَلَى نَهْجِ الطَّرِيقِ بَلْ عَدَلَ إلَيْهَا صلى الله عليه وسلم مُتَعَمِّدًا لَهَا قَالَ النَّوَوِيُّ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي يَقْضِي بِهِ الْحِسُّ وَالْعِيَانُ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ ذَا طُوًى قُرْبَ قُعَيْقِعَانَ فَالنَّازِلُ بِهَا لَا يَصِيرُ الْحَجُونُ الثَّانِي عَلَى طَرِيقِهِ أَصْلًا فَالذَّهَابُ إلَيْهِ تَعْرِيجٌ قَطْعًا وَمِنْ ثَمَّ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ دَارَ صلى الله عليه وسلم مِنْ ذِي طُوًى إلَيْهَا فَإِنَّ جَادَّةَ طَرِيقِهِ كَانَتْ عَلَى الثَّنِيَّةِ السُّفْلَى فَنَزَلَ عَلَيْهَا إلَى الْعُلْيَا فَعَلَ ذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَفِي عَامِ الْفَتْحِ فَدَلَّ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِالْحَاجِّ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ.
(قَوْلُهُ: كَالْآتِي مِنْ الْيَمَنِ) أَيْ: مِنْ طَرِيقِ جِدَّةَ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُؤْمَرُ بِهِ) أَيْ: لَا يُؤْمَرُ بِهِ لِيَغْتَسِلَ بَلْ هُوَ قَبْلَ ذَلِكَ مَأْمُورٌ بِالْغُسْلِ مِنْ نَحْوِ تِلْكَ الْمَسَافَةِ إنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّعْرِيجَ لِيَدْخُلَ مِنْ كُدًى اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ.
. (قَوْلُهُ: عِنْدَ رَأْسِ الرَّدْمِ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَالدَّاخِلُ مِنْ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا يَرَاهُ أَيْ: الْبَيْتَ مِنْ رَأْسِ الرَّدْمِ قَبْلَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ فَيَقِفَ وَيَدْعُوَ. (قَوْلُهُ: تَشْرِيفًا) أَيْ: تَرَفُّعًا وَإِعْلَاءً وَتَكْرِيمًا أَيْ: تَفَضُّلًا وَمَهَابَةً أَيْ: تَوْقِيرًا. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ وَقَوْلُهُ: أَيْ: تَفْضِيلًا أَيْ: عَلَى زَائِرِيهِ كَمَا فِي التُّحْفَةِ. (قَوْلُهُ: خِلَافُ الْمَرْوِيِّ) وَقِيلَ إنَّهُ وَارِدٌ شَرْحُ عب لِحَجَرٍ.
(قَوْلُهُ: وَفِي ذِكْرِ الْبَيْتِ) أَيْ: دُعَائِهِ. (قَوْلُهُ: قَالَ النَّوَوِيُّ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ هُوَ بِمَعْنَى قَوْلِ الرَّافِعِيِّ إلَّا أَنْ يَعْنِيَ الْبِرَّ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: بَابِ بَنِي شَيْبَةَ) هُوَ الْمُسَمَّى الْآنَ بِبَابِ السَّلَامِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ لِلِاتِّبَاعِ وَلِأَنَّ الْجِهَةَ الَّتِي فِيهَا هَذَا الْبَابُ تُقَابِلُ بَابَ الْكَعْبَةِ وَالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ اللَّذَانِ جِهَتُهُمَا أَشْرَفُ جِهَاتِهَا. (قَوْلُهُ: بَابِ بَنِي مَخْزُومٍ) هُوَ بَابُ الصَّفَا حَجَرٌ -.
لِتَرَدُّدِهِمْ فِي أَنَّ دُخُولَهُ صلى الله عليه وسلم مِنْهَا كَانَ قَصْدًا أَوْ اتِّفَاقًا وَلِأَنَّ الدَّوَرَانَ حَوْلَ الْمَسْجِدِ لَا يَشُقُّ بِخِلَافِهِ حَوْلَ الْبَلَدِ وَكَانَ الْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ بَابَ بَنِي شَيْبَةَ مِنْ جِهَةِ بَابِ الْكَعْبَةِ وَالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَتَعْبِيرُ النَّظْمِ كَأَصْلِهِ بِلِقَاءِ الْبَيْتِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ كَثِيرٍ بِرُؤْيَتِهِ لِشُمُولِهِ الْأَعْمَى وَمَنْ فِي ظُلْمَةٍ (وَ) السُّنَّةُ أَنْ (يُحْرِمَنْ بِنُسُكٍ) مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ (مَنْ يَدْخُلُ) أَيْ: مَنْ يُرِيدُ أَنْ يَدْخُلَ (مَكَّةَ لَا لِلنُّسُكِ) كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ لِدَاخِلِهِ سَوَاءٌ تَكَرَّرَ دُخُولُهُ كَحَطَّابٍ وَصَيَّادٍ أَمْ لَا كَرَسُولٍ وَتَاجِرٍ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ أَمَّا مُرِيدُ الدُّخُولِ لِلنُّسُكِ فَيَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ مِنْ مِيقَاتِهِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ وَدُخُولُ الْحَرَمَ فِي ذَلِكَ كَدُخُولِ مَكَّةَ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ وَصَوَّبَهُ النَّوَوِيُّ وَنَقَلَ اتِّفَاقَ الْأَصْحَابِ عَلَيْهِ.
(وَ) السُّنَّةُ (التَّرَجُّلُ) أَيْ: الْمَشْيُ (لِطَائِفٍ) وَلَوْ امْرَأَةً لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلَا يَرْكَبُ بِغَيْرِ عُذْرٍ لِئَلَّا يُؤْذِيَ غَيْرَهُ وَيُلَوِّثَ الْمَسْجِدَ وَإِنَّمَا رَكِبَ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ لِيَظْهَرَ فَيُسْتَفْتَى فَلِمَنْ اُحْتِيجَ إلَى ظُهُورِهِ لِلْفَتْوَى أَنْ يَتَأَسَّى بِهِ فَلَوْ رَكِبَ بِلَا عُذْرٍ لَمْ يُكْرَهْ لَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْجُمْهُورِ وَصَحَّحَهُ وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا بَعْدَ ذِكْرِهِ عَدَمَ الْكَرَاهَةِ كَذَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ قَالَ الْإِمَامُ وَفِي الْقَلْبِ مِنْ إدْخَالِ الْبَهِيمَةِ الَّتِي لَا يُؤْمَنُ تَلْوِيثُهَا الْمَسْجِدَ بِشَيْءٍ فَإِنْ أَمْكَنَ الِاسْتِيثَاقُ فَذَاكَ وَإِلَّا فَإِدْخَالُهَا مَكْرُوهٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى كَرَاهَةِ الطَّوَافِ رَاكِبًا بِلَا عُذْرٍ وَنَقَلَهُ عَنْهُ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحِ الْمُسْنَدِ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ وَلَمْ يَذْكُرْ كَثِيرُونَ أَوْ الْأَكْثَرُونَ سِوَاهُ وَأَحْسَبُهُ إجْمَاعَ الْعِرَاقِيِّينَ فَهُوَ الْمَذْهَبُ بِلَا شَكٍّ ثُمَّ قَالَ قَالَ الزَّعْفَرَانِيُّ لَوْ طَافَ فِي حِذَاءٍ طَاهِرٍ جَازَ مَعَ الْكَرَاهَةِ إلَّا أَنْ يَشُقَّ عَلَيْهِ مُبَاشَرَةُ الْأَرْضِ بِبَاطِنِ الْقَدَمِ لِشِدَّةِ الْحَرِّ فَلَا يُكْرَهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَوْ طَافَ زَحْفًا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْمَشْيِ صَحَّ مَعَ الْكَرَاهَةِ.
(وَحَجَرًا يُقَبِّلُ) أَيْ: وَالسُّنَّةُ لِلطَّائِفِ أَنْ يُقَبِّلُ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ ثُمَّ يَسْجُدَ عَلَيْهِ وَيَسْتَلِمَهُ بِيَدِهِ قَبْلَ تَقْبِيلِهِ رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ عُمَرَ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: لِتَرَدُّدِهِمْ فِي أَنَّ إلَخْ) هَلَّا جَرَى التَّرَدُّدُ فِي الدُّخُولِ مِنْهُ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ هَلَّا) قَالَ أَوْ مِنْ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ أَوْ مُطْلَقًا.
. (قَوْلُهُ: قَالَ الْإِمَامُ وَفِي الْقَلْبِ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ تَحْرِيمُ إدْخَالِ الْبَهِيمَةِ الَّتِي لَا يُؤْمَنُ تَلْوِيثُهَا الْمَسْجِدَ م ر وَكَذَا يُقَالُ فِي إدْخَالِ الصَّغِيرِ الَّذِي لَا يُؤْمَنُ تَلْوِيثُهُ فَإِنْ كَانَ مُحْرِمًا وَاحْتِيجَ لِدُخُولِهِ لِلطَّوَافِ اُسْتُوْثِقَ بِتَحْفِيظِهِ م ر. (قَوْلُهُ: عَلَى كَرَاهَةِ الطَّوَافِ إلَخْ) فَإِنْ قِيلَ هَلْ نَقُولُ إنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ الْمَكْرُوهَ الرُّكُوبُ دُونَ نَفْسِ الطَّوَافِ كَمَا قِيلَ فِي الْغِنَاءِ بِالْآلَةِ إنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ الْمُحَرَّمَ الْآلَةُ لَا نَفْسُ الْغِنَاءِ قُلْت هُوَ مُحْتَمَلٌ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ اسْتِعْمَالَ الْآلَةِ مُنْفَصِلٌ عَنْ الْغِنَاءِ مُجَاوِرٌ لَهُ وَالرُّكُوبُ صِفَةٌ لِقَطْعِ الْمَسَافَةِ الَّذِي هُوَ الطَّوَافُ غَيْرُ مُنْفَصِلٍ عَنْهُ فَلْيُتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ: عَلَى كَرَاهَةِ الطَّوَافِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ لَا مُنَافَاةَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَرَاهَةِ فِي النَّصِّ الْكَرَاهَةُ الْخَفِيفَةُ وَهِيَ بِمَعْنَى خِلَافِ الْأَوْلَى وَالْمُرَادُ بِالْكَرَاهَةِ الْمُفْنِيَةِ فِيمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ الْكَرَاهَةُ الشَّدِيدَةُ وَمِمَّا يُقَرِّبُ هَذَا الْحَمْلَ أَنَّ قِسْمَ خِلَافِ الْأَوْلَى مِمَّا أَحْدَثَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ، وَالْأَقْدَمُونَ لَا يُثْبِتُونَ إلَّا الْكَرَاهَةَ وَيُقَسِّمُونَهَا إلَى شَدِيدَةٍ وَخَفِيفَةٍ فَالنَّصُّ الْمَذْكُورُ لَيْسَ صَرِيحًا فِي مُخَالَفَةِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم.
. (قَوْلُهُ: وَحَجَرًا يُقَبِّلُ) . (فَرْعٌ)
لَوْ خُلِقَ لَهُ فَمَانِ فَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ إنْ عُلِمَتْ زِيَادَةُ أَحَدِهِمَا وَتَمْيِيزُهُ فَالْمُعْتَبَرُ التَّقْبِيلُ بِالْأَصْلِيِّ وَإِنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ اُحْتِيجَ لِلتَّقْبِيلِ بِهِمَا وَإِنْ كَانَ أَصْلِيَّيْنِ اُتُّجِهَ الِاكْتِفَاءُ بِأَحَدِهِمَا. (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَسْجُدَ عَلَيْهِ) الْوَجْهُ طَلَبُ السُّجُودِ عَلَيْهِ بِجِهَتِهِ بِلَا حَائِلٍ كَسُجُودِ الصَّلَاةِ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنَّ هَذَا الْأَكْمَلُ وَأَنَّهُ لَوْ سَجَدَ مَعَ حَائِلٍ حَصَلَ أَصْلُ السُّنَّةِ. (قَوْلُهُ: وَيَسْتَلِمَهُ بِيَدِهِ) وَالْيُمْنَى أَوْلَى ح ج وَلَوْ قُطِعَتْ الْيُمْنَى بِتَمَامِهَا فَيَنْبَغِي الِاسْتِلَامُ بِالْيُسْرَى وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ أَنَّهُ فِي تَشَهُّدِ الصَّلَاةِ لَا يُشِيرُ بِمُسَبِّحَةِ الْيُسْرَى وَإِنْ قُطِعَتْ الْيُمْنَى لِبِنَاءِ الصَّلَاةِ عَلَى الْكَفِّ عَنْ الْحَرَكَةِ مَا أَمْكَنَ -
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: وَمَنْ فِي ظُلْمَةٍ) قَالَ م ر فِي شَرْحِ الْإِيضَاحِ وَمَثَّلَهُ حَجَرٌ أَنَّهُمْ مُتَّفِقُونَ فِي الْبَصِيرِ مَعَ عَدَمِ الظُّلْمَةِ أَنَّهُ لَا يَقُولُهُ إلَّا إذَا عَايَنَ الْبَيْتَ وَلَا يَكْفِي وُصُولُهُ لِلْمَحَلِّ الَّذِي كَانَ يَرَى مِنْهُ الْبَيْتَ قَبْلَ ارْتِفَاعِ الْأَبْنِيَةِ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِرَأْسِ الرَّدْمِ وَلَا يُنَافِي هَذَا قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَهُنَاكَ يَقِفُ وَيَدْعُو لِأَنَّ ذَاكَ دُعَاءٌ بِمَا أَرَادَ لَا بِالْوَارِدِ.
. (قَوْلُهُ لِيَظْهَرَ) أَيْ: مَعَ أَمْنِ التَّلْوِيثِ. (قَوْلُهُ: خِلَافُ الْأَوْلَى) عَبَّرَ عَنْهُ م ر بِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ حِينَئِذٍ. (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَهُ) عَلَى مَا نَقَلَهُ فِيهِ مِنْ الْكَرَاهَةِ عَنْ جَزْمِ جَمَاعَةٍ بِهَا فَقَالَ وَالْمَشْهُورُ عَدَمُهَا وَمَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ. (قَوْلُهُ: الَّتِي لَا يُؤْمَنُ) الْمُرَادُ بِالْأَمْنِ غَلَبَةُ الظَّنِّ بِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْهَا شَيْءٌ يَصِلُ إلَى الْمَسْجِدِ. (قَوْلُهُ: مَكْرُوهٌ) قَالَ شَيْخُنَا م ر هِيَ كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ سَوَاءٌ كَانَ لِحَاجَةٍ أَمْ لَا وَمِثْلُ الدَّابَّةِ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ مَعَ عَدَمِ أَمْنِ التَّلْوِيثِ يَحْرُمُ إنْ لَمْ يَكُنْ حَاجَةٌ وَإِلَّا كُرِهَ وَمَعَ أَمْنِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ حَاجَةٌ كُرِهَ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: مَكْرُوهٌ) الْمُعْتَمَدُ
قَالَ «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَبَّلَ الْحَجَرَ» وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ رَآهُ سَجَدَ عَلَيْهِ وَرَوَى مُسْلِمٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ اسْتَلَمَهُ ثُمَّ قَبَّلَ يَدَهُ وَقَالَ مَا تَرَكْته مُنْذُ رَأَيْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُهُ وَظَاهِرُ ذَلِكَ أَنَّهُ يُقَبِّلُ يَدَهُ بَعْدَ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ بِهَا مَعَ تَقْبِيلِ الْحَجَرِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي مَنْسَكِهِ وَهُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِ الشَّافِعِيِّ وَجَمَاعَةٍ لَكِنْ الشَّيْخَانِ خَصَّاهُ بِتَعَذُّرِ تَقْبِيلِ الْحَجَرِ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ قَالَ الصَّيْمَرِيُّ وَغَيْرُهُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ اسْتِلَامُهُ وَتَقْبِيلُهُ وَالسُّجُودُ عَلَيْهِ ثَلَاثًا وَأَنْ يُخَفِّفَ الْقُبْلَةَ بِحَيْثُ لَا يَظْهَرُ لَهَا صَوْتٌ وَلَا يُسْتَحَبُّ لِلنِّسَاءِ تَقْبِيلٌ وَلَا اسْتِلَامٌ إلَّا عِنْدَ خُلُوِّ الْمَطَافِ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا وَمِثْلُهُنَّ الْخَنَاثَى (ثُمَّ عَلَى مَسِّ الْيَمَانِي يُقْبِلُ) أَيْ: وَيُسَنُّ أَنْ يُقَبِّلَ عِنْدَ الِانْتِهَاءِ إلَى الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ عَلَى اسْتِلَامِهِ فَيَسْتَلِمُهُ ثُمَّ يُقَبِّلُ يَدَهُ وَلَا يُقَبِّلُهُ وَيَفْعَلُ جَمِيعَ ذَلِكَ (فِي كُلِّ مَرَّةٍ) وَلَا يُسَنُّ أَنْ يُقَبِّلَ الرُّكْنَيْنِ الشَّامِيَّيْنِ وَلَا يَسْتَلِمَهُمَا لِتَخَلُّفِهِمَا عَنْ قَوَاعِدِ إبْرَاهِيمَ عليه الصلاة والسلام وَرَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ وَالْحَجَرَ الْأَسْوَدَ فِي كُلِّ طَوْفَةٍ وَلَا يَسْتَلِمُ الرُّكْنَيْنِ اللَّذَيْنِ يَلِيَانِ الْحَجَرَ» فَلَوْ قَبَّلَهُمَا أَوْ غَيْرَهُمَا مِنْ الْبَيْتِ أَوْ اسْتَلَمَ ذَلِكَ لَمْ يُكْرَهْ وَلَا هُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى بَلْ هُوَ حَسَنٌ كَمَا فِي الِاسْتِقْصَاءِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ وَأَيُّ الْبَيْتِ قَبَّلَ فَحَسَنٌ غَيْرَ أَنَّا نَأْمُرُ بِالِاتِّبَاعِ (وَوِتْرًا) أَيْ: وَفِعْلُ ذَلِكَ فِي الْوِتْرِ (أَوْكَدُ) لِأَنَّهُ أَفْضَلُ (وَعِنْدَ زَحْمَةٍ) تَمْنَعُ تَقْبِيلَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ (يُمَسُّ الْأَسْوَدُ) بِالْيَدِ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَبِعَصًا أَوْ نَحْوِهَا (ثُمَّ) إنْ تَعَذَّرَ مَسُّهُ أَوْ مَسُّ الْيَمَانِيِّ بِمَا ذُكِرَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُ (يُشَارُ) إلَيْهِ بِذَلِكَ ثُمَّ يُقَبِّلُ مَا مَسَّ أَوْ أَشَارَ بِهِ وَلَا يُشِيرُ بِالْفَمِ إلَى التَّقْبِيلِ وَمَا تَقَرَّرَ لِلْحَجَرِ يَأْتِي لِمَوْضِعِهِ لَوْ قُلِعَ مِنْهُ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ حَكَاهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الدَّارِمِيِّ وَهُوَ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي مُحَاذَاتِهِ فِي الِابْتِدَاءِ.
(وَ) السُّنَّةُ فِي الطَّوَافِ (الدُّعَاءُ) قَالَ الْأَصْحَابُ فَيَقُولُ عِنْدَ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ فِي كُلِّ طَوْفَةٍ وَالْأُولَى آكَدُ بِسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُمَّ إيمَانًا بِك وَتَصْدِيقًا بِكِتَابِك وَوَفَاءً بِعَهْدِك وَاتِّبَاعًا لِسُنَّةِ نَبِيِّك مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَقُبَالَةَ الْبَابِ اللَّهُمَّ الْبَيْتُ بَيْتُك وَالْحَرَمُ حَرَمُك وَالْأَمْنُ أَمْنُك وَهَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِك مِنْ النَّارِ وَيُشِيرُ إلَى مَقَامِ إبْرَاهِيمَ وَعِنْدَ الِانْتِهَاءِ إلَى الرُّكْنِ الْعِرَاقِيِّ اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الشَّكِّ وَالشِّرْكِ وَالنِّفَاقِ وَالشِّقَاقِ وَسُوءِ الْأَخْلَاقِ وَسُوءِ الْمَنْظَرِ فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ وَالْوَلَدِ وَعِنْدَ الِانْتِهَاءِ إلَى تَحْتِ الْمِيزَابِ اللَّهُمَّ أَظَلَّنِي فِي ظِلِّك يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلُّك وَاسْقِنِي بِكَأْسِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم شَرَابًا هَنِيئًا لَا أَظْمَأُ بَعْدَهُ أَبَدًا يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ وَبَيْنَ الرُّكْنِ الشَّامِيِّ وَالْيَمَانِيِّ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا وَذَنْبًا مَغْفُورًا وَسَعْيًا مَشْكُورًا وَعَمَلًا مَقْبُولًا وَتِجَارَةً لَنْ تَبُورَ يَا عَزِيزُ يَا غَفُورُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالْمَنَاسِكِ لِلْمُعْتَمِرِ أَنْ يَقُولَ عُمْرَةً مَبْرُورَةً وَيُحْتَمَلُ اسْتِحْبَابُ التَّعْبِيرِ بِالْحَجِّ مُرَاعَاةً لِلْحَدِيثِ وَيَقْصِدُ الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ وَهُوَ الْقَصْدُ وَبَيْنَ الْيَمَانِيَّيْنِ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ وَلْيَدْعُ بِمَا شَاءَ فِي جَمِيعِ طَوَافِهِ وَمَأْثُورُ الدُّعَاءِ فِيهِ أَفْضَلُ مِنْ الْقِرَاءَةِ وَهِيَ فِيهِ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِ مَأْثُورِهِ.
(وَرَمَلْ غَيْرُ النِّسَاءِ) لَوْ عَبَّرَ بِالرَّجُلِ كَالْحَاوِي كَانَ أَوْلَى أَيْ: وَالسُّنَّةُ أَنْ يَرْمُلَ الرَّجُلُ حَتَّى الصَّبِيُّ مُسْتَوْعِبًا بِهِ الْبَيْتَ (فِي) الْأَشْوَاطِ (الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ) رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَمَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ الْحَجَرِ إلَى الْحَجَرِ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا وَالرَّمَلُ بِفَتْحِ الْمِيمِ الْإِسْرَاعُ فِي الْمَشْيِ مَعَ تَقَارُبِ الْخُطَى وَيُسَمَّى الْخَبَبَ أَوْ لَوْ طَافَ رَاكِبًا أَوْ مَحْمُولًا حَرَّكَ الدَّابَّةَ وَرَمَلَ بِهِ الْحَامِلُ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَتُكْرَهُ الْمُبَالَغَةُ فِي الْإِسْرَاعِ بَلْ يَرْمُلُ عَلَى الْعَادَةِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ النَّوَوِيُّ وَأَقَرَّهُ (أَيْ فِي طَوَافٍ بَعْدَهُ سَعْيٌ) مَطْلُوبٍ لِلِاتِّبَاعِ
ــ
[حاشية العبادي]
إلَّا فِيمَا وَرَدَ.
(قَوْلُهُ: وَالسُّجُودُ عَلَيْهِ) ثَلَاثًا وَحِينَئِذٍ فَالْأَكْمَلُ أَخْذًا مِنْ تَقْدِيمِهِمْ فِي الْعِبَارَةِ أَنْ يَبْدَأَ بِالِاسْتِلَامِ ثَلَاثًا ثُمَّ التَّقْبِيلِ كَذَلِكَ ثُمَّ السُّجُودِ كَذَلِكَ حَجَرٌ إيضَاحٌ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَفْضَلُ) لِمَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: يَمَسُّ الْأَسْوَدَ) أَيْ: يَقْتَصِرُ عَلَى مَسِّهِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ يُشَارُ إلَخْ) وَاعْلَمْ أَنَّ الِاسْتِلَامَ وَالْإِشَارَةَ إنَّمَا يَكُونَانِ بِالْيَدِ الْيَمِينِ فَإِنْ عَجَزَ فَبِالْيُسْرَى عَلَى الْأَقْرَبِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ شَرْحُ رَوْضٍ.
. (قَوْلُهُ: وَيُشِيرُ) أَيْ: بِاسْمِ الْإِشَارَةِ أَيْ: يُرِيدُ بِهِ مَقَامَ سَيِّدِنَا إبْرَاهِيمَ فَيَكُونُ سَيِّدُنَا إبْرَاهِيمَ هُوَ الْمُرَادُ بِالْعَائِذِ مِنْ النَّارِ وَهَلْ تُطْلَبُ الْإِشَارَةُ بِيَدِهِ إلَى الْمَقَامِ مَعَ إطْلَاقِ اسْمِ الْإِشَارَةِ عَلَيْهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ: وَمَأْثُورُ الدُّعَاءِ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلذِّكْرِ وَهَلْ وَإِنْ ضَعُفَ خَبَرُهُ لَا يَبْعُدُ نَعَمْ. (قَوْلُهُ: لَوْ عَبَّرَ) بِالرَّجُلِ الْمُخْرِجِ لِلْخُنْثَى. (قَوْلُهُ: الْإِسْرَاعُ فِي الْمَشْيِ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَهُوَ خُطًا مُتَقَارِبَةٌ بِسُرْعَةٍ لَا عَدْوَ فِيهِ وَلَا وَثْبَ اهـ.
ــ
[حاشية الشربيني]
الْحُرْمَةُ حِينَئِذٍ م ر أَوْ يُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى كَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لمر. .
. (قَوْلُهُ: لَكِنْ الشَّيْخَانِ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. اهـ. مَدَنِيٌّ. (قَوْلُهُ: الِاسْتِقْصَاءِ) هُوَ شَرْحُ الْمُهَذَّبِ لِأَبِي عَلِيٍّ السِّنْجِيِّ. (قَوْلُهُ: فَحَسَنٌ) أَيْ: مُبَاحٌ فَانْدَفَعَ اسْتِغْرَابُ الْأَذْرَعِيِّ لَهُ وَاسْتِشْكَالُهُ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ وَحِينَئِذٍ لَا يُنَافِيهِ أَيْضًا قَوْلُهُ: لَوْ نُؤْمَرُ بِالِاتِّبَاعِ. (قَوْلُهُ وَعِنْدَ زَحْمَةٍ إلَخْ) مِثْلُهُ الْيَمَانِيُّ إلَّا أَنَّهُ لَا يُقَبِّلُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِهِ عَلَى مَا فِي بَعْضِ الْعِبَارَاتِ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ تَقْبِيلُهُ أَيْضًا كَمَا قَالَ الرَّمْلِيُّ وَابْنُهُ وَحَجَرٌ وَغَيْرُهُمْ. اهـ. مَدَنِيٌّ ثُمَّ رَأَيْت الشَّرْحَ بَعْدَ قَوْلِهِ وَيُشِيرُ إلَى مَقَامِ إبْرَاهِيمَ وَالنُّكْتَةُ فِيهِ أَنَّهُ إذَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ تَذَكَّرَ أَنَّ إبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا اسْتَعَاذَ بِاَللَّهِ مِنْ النَّارِ مَعَ كَمَالِهِ الْأَكْبَرِ وَخِلَّتِهِ الْعُظْمَى فَغَيْرُهُ أَوْلَى بِذَلِكَ فَفِيهِ حَمْلُ النَّفْسِ بِبَيِّنَةٍ أَظْهَرَ عَلَى تَرْكِ مُوجِبِ النَّارِ اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ.
وَلِانْتِهَائِهِ فِيهِ إلَى تَوَاصُلِ الْحَرَكَاتِ بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ فَإِنْ رَمَلَ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ وَسَعَى بَعْدَهُ لَا يَرْمُلُ فِي طَوَافِ الرُّكْنِ؛ لِأَنَّ السَّعْيَ بَعْدَهُ حِينَئِذٍ غَيْرُ مَطْلُوبٍ وَلَا رَمَلَ فِي طَوَافِ الْوَدَاعِ وَلْيَقُلْ فِي رَمَلِهِ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا إلَى آخِرِهِ.
(وَلَا يُقْضَى) فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَخِيرَةِ الرَّمَلَ إذَا تَرَكَهُ؛ لِأَنَّ هَيْئَتَهَا الْهِينَةُ كَمَا سَيَأْتِي فَلَا تَغَيُّرَ كَالْجَهْرِ لَا يَقْضِي فِي الْأَخِيرَتَيْنِ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ مَعَ الْمُنَافِقِينَ فِي الثَّانِيَةِ لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ وَلَوْ تَرَكَهُ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ الَّذِي سَعَى بَعْدَهُ لَا يَقْضِيهِ فِي طَوَافِ الرُّكْنِ إذْ السَّعْيُ بَعْدَهُ حِينَئِذٍ غَيْرُ مَطْلُوبٍ (بِالِاضْطِبَاعِ) مِنْ الضَّبُعِ بِإِسْكَانِ الْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ الْعَضُدُ أَيْ: مَعَ اضْطِبَاعِ الرَّجُلِ حَتَّى الصَّبِيِّ فِي الطَّوَافِ الَّذِي يُرْمَلُ فِيهِ بِأَنْ يَجْعَلَ وَسَطَ رِدَائِهِ تَحْتَ مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ وَطَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ وَيَكْشِفَ الْأَيْمَنَ كَدَأْبِ أَهْلِ الشَّطَارَةِ (حَتَّى كَمَّلَا سَعْيًا) لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ اعْتَمَرُوا مِنْ الْجِعْرَانَةِ فَرْمَلُوا بِالْبَيْتِ وَجَعَلُوا أَرْدِيَتَهُمْ تَحْتَ آبَاطِهِمْ ثُمَّ قَذَفُوهَا عَلَى عَوَاتِقِهِمْ الْيُسْرَى وَقِيسَ بِالطَّوَافِ السَّعْيُ بِجَامِعِ قَطْعِ مَسَافَةٍ مَأْمُورٍ بِتَكَرُّرِهَا سَبْعًا (وَرَكْعَتَا الطَّوَافِ دُونَهْ) أَيْ: وَالْحَالَةُ أَنَّ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ الْآتِيَ بَيَانُهُمَا بِدُونِ اضْطِبَاعٍ فِيهِمَا لِكَرَاهَتِهِ فِي الصَّلَاةِ فَيُزِيلُهُ عِنْدَ إرَادَتِهِمَا وَيُعِيدُهُ عِنْدَ إرَادَةِ السَّعْيِ أَمَّا الْمَرْأَةُ وَالْخُنْثَى فَلَا يُسَنُّ لَهُمَا رَمَلٌ وَلَا اضْطِبَاعٌ حَذَرًا مِنْ تَكَشُّفِهِمَا (وَبَاقِيَ) الْأَشْوَاطِ (السَّبْعَةِ) أَيْ: الْأَرْبَعَةِ الْأَخِيرَةِ (طَافَ الْهِينَهْ) أَيْ: طَافَهَا نَدْبًا عَلَى هِينَتِهِ لِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ السَّابِقِ.
وَلْيَقُلْ فِيهَا رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَتَجَاوَزْ عَمَّا تَعْلَمُ إنَّكَ أَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَكْرَمُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (وَإِنْ بِقُرْبٍ) مِنْ الْبَيْتِ (يَتَعَذَّرْ رَمَلُهْ) لِزَحْمَةٍ وَلَمْ يَرْجُ فُرْجَةً (أَبْعَدَ) عَنْهُ وَرَمَلَ؛ لِأَنَّ الرَّمَلَ مُتَعَلِّقٌ بِنَفْسِ الْعِبَادَةِ وَالْقُرْبَ مُتَعَلِّقٌ بِمَوْضِعِهَا أَمَّا إذَا رَجَا فُرْجَةً فَلْيَصْبِرْ لِيَرْمُلَ فِيهَا (لَا) إنْ تَعَذَّرَ مَعَ الْبُعْدِ أَيْضًا (لِنِسْوَةٍ) أَيْ: لِزَحْمَتِهِنَّ بِحَاشِيَةِ الْمَطَافِ (فَيُهْمِلُهْ) أَيْ: الْإِبْعَادَ أَوْ الرَّمَلَ وَالْمُرَادُ أَنَّ الْقُرْبَ حِينَئِذٍ بِلَا رَمَلٍ أَوْلَى تَحَرُّزًا عَنْ مُصَادَمَتِهِنَّ الْمُؤَدِّيَةِ إلَى انْتِقَاضِ الْوُضُوءِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: بَعْدَ رَمَلٍ) اُنْظُرْ التَّقْيِيدَ بِالرَّمَلِ ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَهُ الْآتِيَ وَلَوْ تَرَكَهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَلْيَقُلْ فِي رَمَلِهِ) ظَاهِرُهُ فِي جَمِيعِهِ وَسَيَأْتِي قَوْلُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَشْوَاطِ الْأَرْبَعَةِ الْبَاقِيَةِ وَلْيَقُلْ فِيهَا رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ إلَخْ وَظَاهِرُهُ أَيْضًا أَنَّهُ يَقُولُ ذَلِكَ فِي جَمِيعِهَا وَحِينَئِذٍ فَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الْأَدْعِيَةَ الَّتِي فَصَّلَهَا الشَّارِحُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالدُّعَاءُ خَاصَّةً بِمَا لَيْسَ فِيهِ رَمَلٌ وَلَمَّا قَالَ فِي الْمِنْهَاجِ: وَلْيَقُلْ فِيهِ أَيْ: فِي الرَّمَلِ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا إلَخْ قَالَ الشِّهَابُ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَلْيَقُلْ فِيهِ مَا نَصُّهُ أَيْ: فِي الرَّمَلِ أَيْ: فِي الْمَحَالِّ الَّتِي لَمْ يَرِدُ لَهَا ذِكْرٌ مَخْصُوصٌ عَلَى كَلَامٍ فِيهِ فِي الْحَاشِيَةِ ثُمَّ قَالَ وَيَقُولُ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَخِيرَةِ فِي تِلْكَ الْمَحَالِّ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ إلَخْ اهـ. وَلَمَّا قَالَ الْعُبَابُ وَأَنْ يَقُولَ فِي رَمَلِهِ بَعْدَ تَكْبِيرِهِ مُحَاذِيًا لِلْحَجَرِ الْأَسْوَدِ اللَّهُمَّ إلَخْ قَالَ الشِّهَابُ فِي شَرْحِهِ عَقِبَ قَوْلِهِ مُحَاذِيًا لِلْحَجَرِ إلَخْ مَا نَصُّهُ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَالْمَجْمُوعِ أَنَّهُ يُنْدَبُ فِي جَمِيعِ رَمَلِهِ، وَعِبَارَتُهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْعُوَ فِي رَمَلِهِ بِمَا أَحَبَّ مِنْ أَمْرِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَآكَدُهُ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا إلَخْ نَصَّ عَلَيْهِ وَاتَّفَقُوا عَلَيْهِ اهـ. وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ النَّصِّ ظَاهِرٌ فِيمَا قَالَهُ اهـ فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: وَقِيسَ بِالطَّوَافِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ إنْ كَانُوا فَعَلُوا ذَلِكَ فِي السَّعْيِ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْقِيَاسِ وَإِنْ كَانُوا تَرَكُوهُ فِيهِ دَلَّ عَلَى عَدَمِ إلْحَاقِهِ بِالطَّوَافِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ حَالُهُمْ فِيهِ لَمْ يُعْلَمْ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُمْ لَوْ فَعَلُوا ذَلِكَ فِيهِ لَنُقِلَ كَمَا نُقِلَ فِي الطَّوَافِ.
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ وَلِانْتِهَائِهِ فِيهِ) أَيْ: فِي الطَّوَافِ الْمَتْبُوعِ بِالسَّعْيِ. (قَوْلُهُ: بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ) وَهُوَ مَوْضِعُ الْهَرْوَلَةِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ سَعَى بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ) فِي نُسْخَةٍ فَإِنْ رَمَلَ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ وَسَعَى بَعْدَهُ إلَخْ وَعَلَيْهَا كَتَبَ الْمُحَشِّي. (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَرَكَهُ إلَخْ) وَلَوْ فَعَلَهُ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ وَأَخَّرَ السَّعْيَ لِمَا بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ أَعَادَ الرَّمَلَ فِيهِ كَمَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ وَشَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِلْمَحَلِّيِّ خِلَافًا لِلْقَلْيُوبِيِّ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: مِنْ الضَّبُعِ) بِفَتْحِ الضَّادِ فَالِاضْطِبَاعُ افْتِعَالٌ فَالطَّاءُ مُنْقَلِبَةٌ عَنْ تَاءٍ زَائِدَةٍ وَعِبَارَةُ الْمَدَنِيِّ الضَّبُعُ الْعَضُدُ وَسَطُهُ أَوْ مَا بَيْنَ الْإِبِطِ وَنِصْفِ الْعَضُدِ وَالِاضْطِبَاعُ مَصْدَرُ ضَبَعَ يَضْبَعُ زِيدَ فِيهِ الْهَمْزَةُ وَالتَّاءُ فَصَارَ اضْتَبَعَ مِنْ الثُّلَاثِيِّ الْمَزِيدِ فِيهِ حَرْفَانِ عَلَى وَزْنِ افْتَعَلَ افْتِعَالًا كَاجْتَمَعَ اجْتِمَاعًا وَمِنْ قَوَاعِدِهِمْ أَنَّهُ إذَا كَانَ فَاءُ افْتَعَلَ صَادًا أَوْ طَاءً أَوْ ضَادًا أَوْ ظَاءً قُلِبَتْ تَاؤُهُ طَاءً فَيَصِيرُ مَا نَحْنُ فِيهِ اضْطَبَعَ بِلَا إدْغَامٍ لِأَنَّ حُرُوفَ ضَوَى مُشَفَّرٌ لَا يُدْغَمُ فِيهَا مُقَارِبُهَا كَمَا أَنَّ حُرُوفَ الصَّغِيرِ وَهِيَ الزَّايُ وَالسِّينُ وَالصَّادُ لَا تُدْغَمُ فِي غَيْرِهَا وَوَجْهُهُ فِي صُورَتِنَا أَنَّ الضَّادَ فِيهَا اسْتِطَالَةٌ فَلَوْ أُدْغِمَتْ فِي مُقَارِبِهَا زَالَتْ صِفَتُهَا لِعَدَمِ هَذِهِ الصِّفَةِ فِي مُقَارِبِهَا. (قَوْلُهُ: لَا إنْ تَعَذَّرَ مَعَ الْبُعْدِ أَيْضًا النِّسْوَةُ) هَذَا خِلَافُ
وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ الْخَنَاثَى فِي هَذَا كَالرِّجَالِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَيَنْبَغِي لِمَنْ تَعَذَّرَ رَمَلُهُ أَنْ يَتَحَرَّك فِي مَشْيِهِ وَيَرَى مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَهُ الرَّمَلُ رَمَلَ وَمَحَلُّ أَفْضَلِيَّةِ الْقُرْبِ إذَا لَمْ يُؤْذِ أَحَدًا وَلَمْ يَتَأَذَّ بِالزَّحْمَةِ وَإِلَّا فَالْأَبْعَدُ أَوْلَى وَيُسَنُّ لِلْمَرْأَةِ أَوْ الْخُنْثَى حَاشِيَةُ الْمَطَافِ إلَّا أَنْ يَخْلُوَ مِنْ الرِّجَالِ.
(وَ) السُّنَّةُ (رَكْعَتَاهُ) أَيْ: الطَّوَافِ بَعْدَهُ (مِنْ وَرَا الْمَقَامِ) أَيْ: مَقَامِ إبْرَاهِيمَ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مَعَ خَبَرِ «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» وَمَنَعَ وُجُوبَهُمَا خَبَرُ «هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا قَالَ لَا إلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ» وَيَتَأَدَّيَانِ بِالْفَرِيضَةِ وَالرَّاتِبَةِ وَيَقْرَأُ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ فِي الْأُولَى {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] وَفِي الثَّانِيَةِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1](فَالْحِجْرِ) أَيْ: فَإِنْ لَمْ يُصَلِّهِمَا وَرَاءَ الْمَقَامِ فَفِي الْحِجْرِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ تَحْتَ الْمِيزَابِ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يُصَلِّهِمَا فِي الْحِجْرِ فَفِي (الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَيْثُ يَشَا) مِنْ الْأَمْكِنَةِ (مَتَى يَشَا) مِنْ الْأَزْمِنَةِ وَلَا تَفُوتُ إلَّا بِمَوْتِهِ وَوَصَفَ مِنْ زِيَادَتِهِ الْمَسْجِدَ بِالْحَرَامِ احْتِرَازًا عَنْ سَائِرِ الْمَسَاجِدِ لَكِنَّهُ قَدْ يُوهِمُ إرَادَةَ كُلِّ الْحَرَمِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَعَانِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْمُرَادُ إنَّمَا هُوَ نَفْسُ الْمَسْجِدِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ اخْتَارَ جَعْلَ الْحَرَمِ كُلِّهِ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ وَفِيهِ بُعْدٌ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ عِبَارَتُهُ قَاصِرَةٌ عَنْ الْغَرَضِ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا ثُمَّ فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ شَاءَ مِنْ الْحَرَمِ وَغَيْرِهِ وَاعْتَرَضَهُمَا فِي الْمُهِمَّاتِ فَقَالَ الصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ كَمَا فِي تَحْرِيرِ الْجُرْجَانِيِّ ثُمَّ فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ فِي الْحَرَمِ فِيمَا شَاءَ مِنْ غَيْرِهِ اهـ.
وَكَلَامُ الْمَجْمُوعِ يَلُوحُ بِهِ وَهُوَ مُتَعَيَّنٌ ثُمَّ هَذَا التَّرْتِيبُ مُسْتَحَبٌّ لَا وَاجِبٌ فَلَوْ صَلَّاهُمَا فِي أَيِّ مَوْضِعٍ شَاءَ أَجْزَأَهُ وَلَوْ وَالَى أُسْبُوعَيْنِ فَأَكْثَرَ صَلَّى لِكُلِّ أُسْبُوعٍ رَكْعَتَيْهِ جَازَ بِلَا كَرَاهَةٍ لَكِنَّهُ تَرَكَ الْأَفْضَلَ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ: وَيُنْدَبُ أَنْ يَدْعُوَ عَقِبَ صَلَاتِهِ هَذِهِ خَلْفَ الْمَقَامِ بِمَا أَحَبَّ مِنْ أَمْرِ الْآخِرَةِ وَالدُّنْيَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَأَنْ يَدْعُوَ بِمَا دَعَا بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم هُنَاكَ مِنْ قَوْلِهِ «اللَّهُمَّ هَذَا بَلَدُك وَالْمَسْجِدُ الْحَرَامُ وَبَيْتُك الْحَرَامُ وَأَنَا عَبْدُك ابْنُ عَبْدِك ابْنُ أَمَتِك أَتَيْتُك بِذُنُوبٍ كَثِيرَةٍ وَخَطَايَا جَمَّةٍ وَأَعْمَالٍ سَيِّئَةٍ وَهَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِك مِنْ النَّارِ فَاغْفِرْ لِي إنَّك أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ اللَّهُمَّ إنَّك دَعَوْت عِبَادَك إلَى بَيْتِك الْحَرَامِ وَقَدْ جِئْت طَالِبًا رَحْمَتَك مُبْتَغِيًا رِضْوَانَك وَأَنْتَ مَنَنْت عَلَيَّ بِذَلِكَ فَاغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي إنَّك عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» (وَالْحَجَرَا مَسَّ) أَيْ: اسْتَلَمَهُ نَدْبًا بَعْدَ فَرَاغِ الرَّكْعَتَيْنِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلِيَكُونَ آخِرَ عَهْدِهِ مَا ابْتَدَأَ بِهِ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ حِينَئِذٍ تَقْبِيلُ الْحَجَرِ وَلَا السُّجُودُ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَلَعَلَّ سَبَبَهُ الْمُبَادَرَةُ لِلسَّعْيِ.
(وَمِنْ بَابِ الصَّفَا فَلْيَظْهَرَا) بِإِبْدَالِ أَلِفِهِ مِنْ نُونِ التَّوْكِيدِ الْخَفِيفَةِ أَيْ: يَخْرُجُ مِنْهُ نَدْبًا لِلسَّعْيِ لِلِاتِّبَاعِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَمِنْهُ يُؤْخَذُ إلَخْ) كَانَ يُمْكِنُ خِلَافُ هَذَا الْمَأْخُوذِ نَظَرًا لِلِاحْتِيَاطِ وَلِهَذَا سُنَّ لِلْخُنْثَى حَاشِيَةُ الْمَطَافِ. (قَوْلُهُ: أَنَّ الْخَنَاثَى إلَخْ) يَعْنِي إذَا خَافَ مُصَادَفَةَ الْخَنَاثَى لَوْ بَعُدَ فَإِنَّهُ يَبْعُدُ وَلَا يُرَاعَى نَقْضُ الْوُضُوءِ بِلَمْسِ الْخُنْثَى بِرّ.
. (قَوْلُهُ: مِنْ وَرَاءِ الْمَقَامِ) قَالَ الشِّهَابُ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَالْمُرَادُ بِخَلْفِهِ كُلُّ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ ذَلِكَ عُرْفًا وَحَدَثَ الْآنَ فِي السَّقْفِ خَلْفَهُ زِينَةٌ عَظِيمَةٌ بِذَهَبٍ وَغَيْرِهِ فَيَنْبَغِي عَدَمُ الصَّلَاةِ تَحْتَهَا وَيَلِيهِ فِي الْفَضْلِ دَاخِلَ الْكَعْبَةِ فَتَحْتَ الْمِيزَابِ فَبَقِيَّةُ الْحِجْرِ فَالْحَطِيمُ فَوَجْهُ الْكَعْبَةِ فَبَيْنَ الْيَمَانِيَّيْنِ فَبَقِيَّةُ الْمَسْجِدِ فَدَارُ خَدِيجَةَ رضي الله عنها فَمَكَّةُ فَالْحَرَمُ كَمَا بَيَّنْته فِي الْحَاشِيَةِ أَوْ غَيْرِهَا اهـ وَانْظُرْ مَا ضَابِطُ الْكَوْنِ وَرَاءَ الْمَقَامِ وَلَعَلَّهُ أَمْرٌ عُرْفِيٌّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَتَحَقَّقُ مَعَ الْيَسِيرِ مِنْ الْبَيْتِ مِنْ أَوَّلِ التَّيَاسُرِ أَوْ التَّأَخُّرِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم وَالْمُتَّجَهُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ مَكَانُ الْمَقَامِ الَّذِي هُوَ الْحِجْرُ حَتَّى لَوْ نُقِلَ عَنْ مَوْضِعِهِ الْآنَ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ فَالْمَطْلُوبُ الصَّلَاةُ خَلْفَ مَوْضِعِهِ الْأَصْلِيِّ دُونَ الْمَوْضِعِ الْمَنْقُولِ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَالرَّاتِبَةِ) اُنْظُرْ النَّافِلَةَ الْمُطْلَقَةَ. (قَوْلُهُ: تَحْتَ الْمِيزَابِ) أَيْ: ثُمَّ بَقِيَّةِ الْحِجْرِ. (قَوْلُهُ: وَلَا تَفُوتُ إلَخْ) هَلْ الْمُرَادُ مَا لَمْ يَأْتِ بَعْدَ الطَّوَافِ بِفَرِيضَةٍ أَوْ نَافِلَةٍ لِمَا مَرَّ أَنَّهَا تَتَأَدَّى بِهِمَا أَوْ مُطْلَقًا فَيَكُونُ الْمُتَأَدِّي بِذَلِكَ أَصْلَ الطَّلَبِ لَا خُصُوصَهُ فِيهِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ إلَخْ) قَدْ يُمْنَعُ الْأَخْذُ إذْ يَصْدُقُ عَلَى مَجْمُوعِ الْمَسِّ وَالتَّقْبِيلِ وَالسُّجُودِ الْمُتَنَاسِبَةِ الْمُتَشَارِكَةِ فِي أَنَّهَا مُقَدِّمَةُ الطَّوَافِ أَنَّهُ ابْتَدَأَ بِهِ سم.
. (قَوْلُهُ: لِلسَّعْيِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ الظَّاهِرُ سَنُّ ذَلِكَ م ر -.
ــ
[حاشية الشربيني]
ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمَعْنَى أَبْعَدُ لِغَيْرِ نِسْوَةٍ لَا لِنِسْوَةٍ أَيْ: لَا يَبْعُدُ مُنْتَهِيًا إلَيْهِنَّ فَاللَّامُ بِمَعْنَى إلَى تَدَبَّرْ.
. (قَوْلُهُ: مِنْ وَرَاءِ الْمَقَامِ) قِيلَ وَرَاءَ وَخَلْفَ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ؛ لِأَنَّ بَابَهُ كَاتِّجَاهِ الْكَعْبَةِ.
(قَوْلُهُ: مِنْ وَرَاءِ الْمَقَامِ) أَيْ: مَا يُقَالُ لَهُ عُرْفًا وَرَاءَهُ وَلَا يَتَقَيَّدُ بِالسَّقْفِ الْمَوْجُودِ ثَمَّ شَرْحُ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: وَالرَّاتِبَةِ) فِي الْمَنْهَجِ وَنَافِلَةٍ. (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ وَأَوْلَاهُ مَا قَرُبَ مِنْ الْبَيْتِ ثُمَّ فِي الْحَطِيمِ وَعِبَارَةُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ عب بَعْدَ قَوْلِهِ تَحْتَ الْمِيزَابِ ثُمَّ فِي بَقِيَّةِ السِّتَّةِ أَذْرُعٍ الَّتِي مِنْ الْبَيْتِ فِي الْحِجْرِ اهـ. أَيْ: لِأَنَّ السِّتَّةَ أَذْرُعٍ مِنْهَا تَحْتَ الْمِيزَابِ ثُمَّ فِي بَقِيَّةِ الْحِجْرِ. (قَوْلُهُ: اخْتَارَ إلَخْ) يُفْهِمُ أَنَّهُ قِيلَ بِهِ وَلَمْ أَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُتَعَيَّنٌ) وَهَذَا هُوَ الْغَرَضُ الَّذِي قَصُرَتْ عِبَارَتُهُ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ يُؤْخَذُ إلَخْ) لِأَنَّهُ إنَّمَا ابْتَدَأَ بِالِاسْتِلَامِ وَقَدْ دَفَعَهُ الْمُحَشِّي وَالْأَوْجَهُ نَدْبُ ذَلِكَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَعِبَارَةُ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه تُشِيرُ إلَيْهِ وَصَحَّ كُلٌّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ
رَوَاهُ مُسْلِمٌ (وَلْيَرْقَ قَامَةً عَلَيْهِ) أَيْ: وَلْيَصْعَدْ الرَّجُلُ نَدْبًا الصَّفَا قَدْرَ قَامَةِ إنْسَانٍ حَتَّى يَرَى الْبَيْتَ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم بَدَأَ بِالصَّفَا فَرَقَى عَلَيْهِ حَتَّى رَأَى الْبَيْتَ وَأَنَّهُ فَعَلَ عَلَى الْمَرْوَةِ كَمَا فَعَلَ عَلَى الصَّفَا» أَمَّا الْمَرْأَةُ فَلَا يُسَنُّ لَهَا الرُّقِيُّ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْخُنْثَى مِثْلُهَا وَالْوَاجِبُ عَلَى مَنْ لَمْ يَرْقَ أَنْ يُلْصِقَ عَقِبَهُ بِأَصْلِ مَا يَذْهَبُ مِنْهُ وَيُلْصِقَ رُءُوسَ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ بِمَا يَذْهَبُ إلَيْهِ مِنْ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ (وَدَعَا) نَدْبًا (مَا) أَيْ: بِمَا (شَا) دِينًا وَدُنْيَا بَعْدَ اسْتِقْبَالِ الْبَيْتِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ بِقَوْلِهِ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ اللَّهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا هَدَانَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا أَوْلَانَا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ أَنْجَزَ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ.
وَيُعِيدُ الذِّكْرَ وَالدُّعَاءَ ثَانِيًا وَثَالِثًا لِلِاتِّبَاعِ فِي ذَلِكَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ (وَلِلْمَرْوَةِ يَمْشِي) أَيْ: وَيَمْشِي عَلَى هِينَتِهِ نَدْبًا مِنْ الصَّفَا إلَى الْمَرْوَةِ وَكَذَا عَكْسُهُ (وَ) لَكِنْ (سَعَى) فِي مَشْيِهِ نَدْبًا فِي كُلِّ مَرَّةٍ سَعْيًا شَدِيدًا فَوْقَ الْخَبَبِ (إذْ) أَيْ: حَيْثُ صَارَ (بَيْنَهُ وَ) بَيْنَ (الْمِيلِ) الْأَخْضَرِ الْمُعَلَّقِ بِجِدَارِ الْمَسْجِدِ (سِتُّ أَذْرُعِ إلَى حِذَا الْمِيلَيْنِ) الْأَخْضَرَيْنِ أَيْ: مُقَابِلِهُمَا أَحَدُهُمَا بِجِدَارِ الْمَسْجِدِ وَالْآخَرُ مُقَابِلُهُ بِدَارِ الْعَبَّاسِ رضي الله عنه لِمَا فِي خَبَرِ جَابِرٍ مِنْ قَوْلِهِ «ثُمَّ نَزَلَ يَعْنِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ الصَّفَا إلَى الْمَرْوَةِ حَتَّى إذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنِ الْوَادِي سَعَى حَتَّى إذَا صَعِدَتَا مَشَى إلَى الْمَرْوَةِ» فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ تَشَبَّهَ كَمَا فِي الرَّمَلِ ثُمَّ مَحَلُّ ذَلِكَ فِي الرَّجُلِ أَمَّا الْمَرْأَةُ وَالْخُنْثَى فَلَا يُنْدَبُ لَهُمَا ذَلِكَ وَلَوْ بِخَلْوَةٍ وَلَيْلٍ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَيُكْرَهُ لِلسَّاعِي أَنْ يَقِفَ فِي سَعْيِهِ وَيُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَقُولَ فِيهِ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ إلَى آخِرِهِ وَالذِّرَاعُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ.
فَيَجُوزُ تَرْكُ التَّاءِ فِي عَدَدِهِ كَمَا صَنَعَ النَّاظِمُ وَإِثْبَاتُهَا فِيهِ كَمَا صَنَعَ الْحَاوِي (وَلْيَرْتَفِعْ) أَيْ: الرَّجُلُ دُونَ الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى نَدْبًا عَلَى الْمَرْوَةِ وَقَدْرَ قَامَةٍ لِمَا مَرَّ فِي الصَّفَا (وَلْيَدْعُ) بِهَا نَدْبًا بِمَا شَاءَ دِينًا وَدُنْيَا بَعْدَ الِاسْتِقْبَالِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ كَمَا مَرَّ فِي الصَّفَا وَتُسَنُّ الْمُوَالَاةُ بَيْنَ مَرَّاتِ السَّعْيِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّوَافِ.
(وَالْإِمَامُ فَرْدَةً خَطَبْ مِنْ بَعْدِ ظُهْرِ سَابِعٍ أَوْ مَنْ نَصَبْ بِمَكَّةَ) بِصَرْفِهَا لِلْوَزْنِ أَيْ: وَخَطَبَ نَدْبًا الْإِمَامُ أَوْ مَنْصُوبُهُ بِمَكَّةَ خُطْبَةً وَاحِدَةً بَعْدَ صَلَاةِ ظُهْرِ سَابِعِ ذِي الْحِجَّةِ أَيْ: أَوْ جُمُعَتِهِ وَاقْتَصَرَ عَلَى الظُّهْرِ جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ وَقَوْلُهُ: أَوْ مَنْ نُصِبْ مِنْ زِيَادَتِهِ (يُنْبِي) أَيْ: يُخْبِرُنَا فِي الْخُطْبَةِ (بِمَا أَمَامَنَا مِنْ نُسُكٍ وَ) مِنْ (سَيْرِنَا إلَى مِنَى) قَالَ ابْنُ عُمَرَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا كَانَ قَبْلَ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ بِيَوْمٍ خَطَبَ النَّاسَ وَأَخْبَرَهُمْ بِمَنَاسِكِهِمْ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ.
وَيَوْمُ التَّرْوِيَةِ الْيَوْمُ الثَّامِنُ سُمِّيَ بِهِ لِتَرَوِّيهِمْ فِيهِ الْمَاءَ وَيُسَمَّى يَوْمَ النَّقْلَةِ لِانْتِقَالِهِمْ فِيهِ مِنْ مَكَّةَ إلَى مِنًى وَالسَّابِعُ يُسَمَّى يَوْمَ الزِّينَةِ لِتَزْيِينِهِمْ فِيهِ هَوَادِجَهُمْ وَيُسَنُّ أَنْ يَفْتَتِحَ الْخُطْبَةَ بِالتَّلْبِيَةِ إنْ كَانَ مُحْرِمًا وَإِلَّا فَبِالتَّكْبِيرِ وَقَدَّمْت فِي بَابِ صَلَاةِ الْعِيدِ أَنَّ خُطَبَ الْحَجِّ أَرْبَعٌ هَذِهِ وَخُطْبَةُ يَوْمِ عَرَفَةَ وَيَوْمِ النَّحْرِ وَيَوْمِ النَّفْرِ الْأَوَّلِ كُلُّهَا فُرَادَى وَبَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ إلَّا يَوْمَ عَرَفَةَ فَثِنْتَانِ وَقَبْلَ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ يُخْبِرُهُمْ فِي كُلِّ خُطْبَةٍ بِمَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ مِنْ الْمَنَاسِكِ وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ الْخَبَرُ السَّابِقُ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْإِمْلَاءِ لَكِنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ أَنَّهُ يُخْبِرُهُمْ فِي كُلِّ خُطْبَةٍ بِمَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ مِنْ الْمَنَاسِكِ إلَى الْخُطْبَةِ الْأُخْرَى قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ خِلَافُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَسَاقَ نَصَّهُ فِي الْإِمْلَاءِ وَقَضِيَّةُ تَعْبِيرِ الْحَاوِي وَغَيْرِهِ بِالْغُدُوِّ إلَى مِنًى أَنَّهُمْ يَخْرُجُونَ إلَيْهَا بُكْرَةَ النَّهَارِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: فَلَا يُسَنُّ لَهَا الرُّقِيُّ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَلَوْ فَصَلَ فِيهِمَا أَيْ: فِي الْأُنْثَى وَالْخُنْثَى بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بِخَلْوَةٍ أَوْ بِحَضْرَةِ مَحَارِمَ وَأَنْ لَا يَكُونَ كَمَا قِيلَ بِهِ فِي جَهْرِ الصَّلَاةِ لَمْ يَبْعُدْ اهـ. (قَوْلُهُ: أَيْ: بِمَا) قَدْ يَضْمَنُ دُعَاءً يَعْنِي السُّؤَالَ فَلَا يَحْتَاجُ لِحَذْفِ الْجَارِّ أَيْ: سَأَلَ اللَّهَ مَا شَاءَ.
. (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَخْ) لَا يُقَالُ كَانَ تُفِيدُ التَّكْرَارَ وَلَا تَكْرَارَ هُنَا إذْ لَمْ يَحُجَّ عليه الصلاة والسلام بَعْدَ النُّبُوَّةِ إلَّا حَجَّةَ الْوَدَاعِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ كَانَ لَا تُفِيدُ التَّكْرَارَ مَعَ الْمَاضِي وَمِنْ ثَمَّ لَمَّا قَالَ الْمَحَلِّيُّ فِي شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ كَانَ مَعَ الْمُضَارِعِ لِلتَّكْرَارِ قَالَ الْكَمَالُ فِي حَاشِيَتِهِ اُحْتُرِزَ بِالْمُضَارِعِ عَنْ الْمَاضِي فَلَا تَدُلُّ مَعَهُ عَلَى التَّكْرَارِ اهـ ثُمَّ قَالَ وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ لُغَةً مَعَ الْمُضَارِعِ لَا لِلتَّكْرَارِ كَقَوْلِ جَابِرٍ رضي الله عنه فِيمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ إلَخْ مَا ذَكَرَهُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ خِلَافُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ)
ــ
[حاشية الشربيني]
مِنْ فِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم وَصَرَّحَ بِهِ فِي الذَّخَائِرِ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي التَّقْبِيلِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ.
. (قَوْلُهُ: فَرَقَى عَلَيْهِ) يُقَالُ رَقِيَ بِكَسْرِ الْقَافِ يَرْقَى بِفَتْحِهَا. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَفِي الْمِصْبَاحِ وَرَقِيت فِي السُّلَّمِ وَغَيْرِهِ أَرْقَى مِنْ بَابِ تَعِبَ رُقِيًّا عَلَى فُعُولٍ وَرَقْيًا كَفَلْسٍ وَارْتَقَيْت وَتَرَقَّيْت مِثْلُهُ وَرَقِيت السَّطْحَ وَالْجَبَلَ عَلَوْته وَالْمَرْقَى وَالْمُرْتَقَى مَوْضِعُ الرُّقِيِّ وَالْمِرْقَاةُ مِثْلُهُ وَيَجُوزُ فِيهَا فَتْحُ الْمِيمِ عَلَى أَنَّهَا مَوْضِعُ الِارْتِقَاءِ وَيَجُوزُ الْكَسْرُ تَشْبِيهًا بِاسْمِ الْآلَةِ وَرَقَيْته أَرْقِيه مِنْ بَابِ رَمَى رَقْيًا عَوَّذْته بِاَللَّهِ وَالِاسْمُ الرُّقْيَا عَلَى فُعْلَى وَالْمَرَّةُ رُقْيَةٌ وَالْجَمْعُ رُقًى مِثْلُ مُدْيَةٍ وَمُدًى اهـ. وَبَقِيَ مَعْنًى ثَالِثٌ وَهُوَ الرُّقِيُّ فِي الْمَعَالِي أَيْ: التَّنَفُّلُ فِي صِفَاتِ الْكَمَالِ وَيُقَالُ فِيهِ رَقَى بِالْفَتْحِ يَرْقَى فَالْفَارِقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرُّقِيِّ فِي السُّلَّمِ فَتْحُ الْقَافِ فِي الْأَوَّلِ وَكَسْرُهَا فِي الثَّانِي وَمُضَارِعُهُمَا وَاحِدٌ وَهُوَ يَرْقَى كَيَرْضَى اهـ جَمَلٌ عَلَى شَرْحِ الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ انْصَبَّتْ) أَيْ: نَزَلَتْ.
.
بِحَيْثُ يُصَلُّونَ الظُّهْرَ بِمِنًى وَهُوَ الْمُرَجَّحُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا هُنَا لَكِنَّهُمَا قَالَا فِي الْبَابِ قَبْلَهُ فِي الْمُتَمَتِّعِ الْوَاجِدِ الْهَدْيَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَيَتَوَجَّهُ بَعْدَ الزَّوَالِ إلَى مِنًى وَلَعَلَّ عُدُولَ النَّاظِمِ عَنْ التَّعْبِيرِ بِالْغَدِ وَإِلَى تَعْبِيرِهِ بِالسَّيْرِ لِهَذَا الِاضْطِرَابِ لَكِنَّ الْمَشْهُورَ الْأَوَّلُ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَالثَّانِي شَاذٌّ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ يُسْتَثْنَى مَا إذَا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ يَوْمَ جُمُعَةٍ فَيَخْرُجُونَ قَبْلَ الْفَجْرِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ وَلَمْ يُمْكِنْهُ إقَامَتُهَا بِمِنًى.
. (وَبَاتَ) نَدْبًا بِالْحَجِيجِ (فِيهَا) أَيْ: فِي مِنًى لَيْلَةَ التَّاسِعِ (وَلْيَسِرْ) بِهِمْ نَدْبًا (لِعَرَفَةِ إذْ) أَيْ: حِينَ (طَلَعَتْ) أَيْ: الشَّمْسُ وَالْمُرَادُ بَعْدَ طُلُوعِهَا وَإِشْرَاقِهَا عَلَى ثَبِيرٍ بِالْمُثَلَّثَةِ جَبَلٌ كَبِيرٌ بِمُزْدَلِفَةَ عَلَى يَمِينِ الذَّاهِبِ مِنْ مِنًى إلَى عَرَفَاتٍ وَلَا يَدْخُلُهَا بَلْ يُقِيمُ بِهِمْ بِنَمِرَةَ بِقُرْبِ عَرَفَاتٍ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ ثُمَّ يَذْهَبُ بِهِمْ إلَى مَسْجِدِ إبْرَاهِيمَ (وَ) يَخْطُبُ بِهِمْ فِيهِ (خُطْبَةٌ) أُولَى (مُخَفَّفَهْ بَعْدَ الزَّوَالِ) يُخْبِرُهُمْ فِيهَا بِمَا أَمَامَهُمْ مِنْ الْمَنَاسِكِ مُطْلَقًا أَوْ إلَى خُطْبَةِ يَوْمِ النَّحْرِ عَلَى مَا مَرَّ وَيُحَرِّضُهُمْ عَلَى إكْثَارِ الدُّعَاءِ وَالتَّهْلِيلِ بِالْمَوْقِفِ وَيَجْلِسُ بَعْدَ فَرَاغِهَا بِقَدْرِ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ ثُمَّ يَقُومُ فَيَخْطُبُ خُطْبَةً ثَانِيَةً أَخَفَّ مِنْ الْأُولَى (وَمَعَ الثَّانِيَةِ) أَيْ: ابْتِدَائِهِ بِهَا (أَذَّنَ) الْمُؤَذِّنُ لِلظُّهْرِ (كَيْ يَفْرُغَ جَمْعًا) أَيْ: مَعًا (ذَا) أَيْ: الْأَذَانُ (وَتِي) أَيْ: الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ (وَجَمْعَ تَقْدِيمٍ يُصَلِّي) أَيْ: وَيُصَلِّي بَعْدَ الْخُطْبَةِ جَامِعًا بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ جَمْعَ تَقْدِيمٍ لِلِاتِّبَاعِ فِي ذَلِكَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَيَقْصُرُ أَيْضًا وَالْجَمْعُ وَالْقَصْرُ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي بِالْمُزْدَلِفَةِ لِلسَّفَرِ لَا لِلنُّسُكِ فَيَخْتَصَّانِ بِسَفَرِ الْقَصْرِ وَإِذَا سَلَّمَ قَالَ يَا أَهْلَ مَكَّةَ وَمَنْ سَفَرُهُ قَصِيرٌ أَتِمُّوا فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ ثُمَّ سَارَ إلَى الْمَوْقِفِ (وَدَعَا) فِيهِ مُسْتَقْبِلَ الْبَيْتِ (إلَى الْغُرُوبِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالْوُقُوفُ رَاكِبًا أَفْضَلُ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَيُكْثِرُ مِنْ قَوْلِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا وَفِي سَمْعِي نُورًا وَفِي بَصَرِي نُورًا اللَّهُمَّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي اللَّهُمَّ لَك الْحَمْدُ كَاَلَّذِي نَقُولُ وَخَيْرًا مِمَّا نَقُولُ اللَّهُمَّ لَك صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي وَإِلَيْك مَآبِي وَلَك تُرَاثِي اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَوَسْوَسَةِ الصَّدْرِ وَشَتَاتِ الْأَمْرِ اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ شَرِّ مَا تَجِيءُ بِهِ الرِّيحُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَيُسَنُّ أَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ فِي الدُّعَاءِ بِحَيْثُ لَا يُجَاوِزَانِ رَأْسَهُ وَأَنْ يَقِفَ مُتَطَهِّرًا أَوْ يُكْرَهُ الْإِفْرَاطُ فِي الْجَهْرِ بِالدُّعَاءِ وَيُنْدَبُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَقِفَ عِنْدَ الصَّخَرَاتِ بِقُرْبِ الْإِمَامِ أَمَّا الْمَرْأَةُ فَيُنْدَبُ لَهَا الْجُلُوسُ فِي حَاشِيَةِ الْمَوْقِفِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَقِيَاسُهُ نَدْبُ ذَلِكَ لِلْخُنْثَى وَيَكُونُ عَلَى تَرْتِيبِ الصَّلَاةِ قَالَ ثُمَّ يَتَعَدَّى النَّظَرُ إلَى الصِّبْيَانِ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمْ مَعَ الْبَالِغِينَ.
(وَلْيُفِضْ) بَعْدَ الْغُرُوبِ إلَى مُزْدَلِفَةَ بِطَرِيقِ الْمَأْزِمَيْنِ بِسَكِينَةٍ وَمَنْ وَجَدَ فُرْجَةً أَسْرَعَ (وَجَمَعَا) أَيْ: الْإِمَامُ أَوْ مَنْصُوبُهُ نَدْبًا (بِالْقَوْمِ) بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ (فِي وَقْتِ الْعِشَا بِمُزْدَلِفْ) تَرْخِيمُ مُزْدَلِفَةَ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَأَطْلَقَ النَّاظِمُ كَالْأَكْثَرِينَ نَدْبًا تَأْخِيرَ الصَّلَاةِ إلَى
ــ
[حاشية العبادي]
هَذَا مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ مَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ بِاعْتِبَارِ الْأَكْمَلِ وَمَا قَالَ الشَّيْخَانِ بِاعْتِبَارِ الْأَقَلِّ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَالْحَقُّ الَّذِي اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ إذْ الْإِطْلَاقُ بَيَانٌ لِلْأَكْمَلِ وَالتَّقْيِيدُ بَيَانٌ لِلْأَقَلِّ اهـ.
. (قَوْلُهُ: عَلَى يَمِينِ الذَّاهِبِ) كَذَا فِي تَهْذِيبِ النَّوَوِيِّ وَقَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ عَلَى يَسَارِ الذَّاهِبِ وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ كُلًّا يُسَمَّى بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: النَّظَرُ إلَى الصِّبْيَانِ) يُتَّجَهُ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهُمْ مَعَ الرِّجَالِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ.
. (قَوْلُهُ: تَرْخِيمُ مُزْدَلِفَةَ) لِلضَّرُورَةِ -.
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: فَيَخْرُجُونَ قَبْلَ الْفَجْرِ) أَيْ: إنْ لَمْ يَلْزَمْ عَلَيْهِ تَعْطِيلُ الْجُمُعَةِ بِمَكَّةَ وَالْإِحْرَامُ لِلْإِسَاءَةِ بِذَلِكَ وَأَغْرَبَ الرُّويَانِيُّ فَنَقَلَ عَنْ نَصِّ الْإِمْلَاءِ أَنَّ لَهُمْ الْخُرُوجَ مُطْلَقًا لِيُصَلُّوا الظُّهْرَ بِمِنًى أَمَّا الْمُسَافِرُ فَطَاهِرٌ وَأَمَّا الْمُقِيمُ بِمَكَّةَ فَالنُّسُكُ عُذْرٌ فِي حَقِّهِ كَمَا تَسْقُطُ بِالْمَطَرِ وَنَحْوِهِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ فِي التَّخَلُّفِ لِصَلَاتِهَا فَإِنْ عَرَضَ أَمْرٌ آخَرُ سَقَطَتْ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُمْكِنْهُ إقَامَتُهَا بِمِنًى) أَمَّا إذَا تَوَطَّنَهَا أَرْبَعُونَ تَنْعَقِدُ بِهِمْ فَلَا حُرْمَةَ وَمَا قِيلَ فِي مِنًى يُقَالُ فِي عَرَفَةَ فَإِنْ حَدَثَ بِهَا قَرْيَةٌ اسْتَوْطَنَهَا مَنْ تَلْزَمُهُمْ الْجُمُعَةُ لَزِمَتْهُمْ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ حُرْمَةَ الْبِنَاءِ فِي نَحْوِ مِنًى وَعَرَفَةَ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الِاسْتِيطَانِ وَهُوَ مَوْجُودٌ وَمِنْ هُنَا يُؤْخَذُ أَنَّ الِاسْتِيطَانَ لَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ مِلْكُ الْبُقْعَةِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ.
. (قَوْلُهُ: وَإِلَيْك مَآبِي) أَيْ: إلَى دَارِ جَزَائِك رُجُوعِي. (قَوْلُهُ وَشَتَاتِ الْأَمْرِ) أَيْ: تَفَرُّقِهِ الْمُؤَدِّي إلَى غَايَةِ الْإِبْعَادِ وَالْإِعْرَاضِ. (قَوْلُهُ: مَا تَجِيءُ بِهِ الرِّيحُ) كِنَايَةٌ عَنْ سُوءِ الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ بِطَرِيقِ الْمَأْزِمَيْنِ) الْمَأْزِمُ الطَّرِيقُ بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ وَثَنَّاهُ مَعَ أَنَّهُ الطَّرِيقُ لِمَا فِيهِ مِنْ الِانْعِطَافِ فَصَارَ كَالطَّرِيقَيْنِ أَوْ أَطْلَقَ ذَلِكَ عَلَى نَفْسِ الْجَبَلَيْنِ لِاكْتِنَافِهِمَا لَهُ أهـ مَدَنِيٌّ. (قَوْلُهُ: بِطَرِيقِ الْمَأْزِمَيْنِ) هُمَا الْجَبَلَانِ اللَّذَانِ بَيْنَ عَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ وَهُمَا بِالْهَمْزِ وَتَرَكَهُ مَعَ كَسْرِ الزَّايِ وَهِيَ بَيْنَ الْعَلَمَيْنِ اللَّذَيْنِ هُمَا حَدُّ الْحَرَمِ مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ وَالْمُزَاحَمَةُ بَيْنَهُمَا بِدْعَةٌ مُنْكَرَةٌ اهـ شَرْحُ عب لِحَجَرٍ.
. (قَوْلُهُ: وَجَمَعَا) أَيْ: جَمْعَ تَأْخِيرٍ وَهُوَ سُنَّةٌ هُنَا وَإِنْ كَانَ نَازِلًا وَقْتَ
مُزْدَلِفَةَ وَقَيَّدَهُ الدَّارِمِيُّ وَالْبَنْدَنِيجِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالطَّبَرِيُّ وَالْعِمْرَانِيُّ بِمَا إذَا لَمْ يَخْشَ فَوْتَ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ لِلْعِشَاءِ فَإِنْ خَشِيَهُ صَلَّى بِهِمْ فِي الطَّرِيقِ وَنَقَلَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ عَنْ النَّصِّ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَعَلَّ إطْلَاقَ الْأَكْثَرِينَ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا وَفِيهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ وَالسُّنَّةُ أَنْ يُصَلُّوا قَبْلَ حَطِّ رِحَالِهِمْ ثُمَّ يُنِيخَ كُلُّ إنْسَانٍ جَمَلَهُ وَيَعْقِلَهُ ثُمَّ يُصَلُّونَ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم رَكِبَ حَتَّى جَاءَ الْمُزْدَلِفَةَ فَأَقَامَ الْمَغْرِبَ ثُمَّ أَنَاخَ النَّاسُ فِي مَنَازِلِهِمْ وَلَمْ يَحِلُّوا حَتَّى أَقَامَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ فَصَلَّى ثُمَّ حَلُّوا» .
(وَبَاتَ) بِهِمْ بِمُزْدَلِفَةَ إلَى الْفَجْرِ لِلِاتِّبَاعِ الْمَعْلُومِ مِنْ الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ، وَسَوْقُ كَلَامِهِ يَقْتَضِي نَدْبَ الْبَيَاتِ وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ وُجُوبَهُ عَلَى غَيْرِ الْمَعْذُورِ بِخِلَافِ الْمَعْذُورِ كَالرِّعَاءِ وَأَهْلِ سِقَايَةِ الْعَبَّاسِ وَكَمَنْ انْتَهَى إلَى عَرَفَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ أَوْ أَفَاضَ مِنْهَا إلَى مَكَّةَ لِلطَّوَافِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ الْعَوْدُ إلَى مُزْدَلِفَةَ لَيْلًا كَمَا أَجَابَ بِهِ الْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ أَوْ لَهُ مَالٌ يَخَافُ تَلَفَهُ بِالْمَبِيتِ أَوْ مَرِيضٌ يَحْتَاجُ إلَى تَعَهُّدِهِ أَوْ أَمْرٌ يَخَافُ فَوْتَهُ وَلَوْ أُحْدِثَتْ سِقَايَةٌ لِلْحَاجِّ قَالَ فِي التَّهْذِيبِ لِأَهْلِهَا تَرْكُ الْمَبِيتِ وَابْنُ كَجٍّ وَغَيْرُهُ لَا وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ الْأَوَّلَ وَالْإِسْنَوِيُّ الثَّانِيَ قَالَ لِنَقْلِ الْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِمَا لَهُ عَنْ النَّصِّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا أَشْعَرَ بِهِ لَفْظُ الرَّافِعِيِّ أَيْضًا قَالَ النَّوَوِيُّ وَيَحْصُلُ الْمَبِيتُ بِمُزْدَلِفَةَ بِحُضُورِهَا لَحْظَةً فِي النِّصْفِ الثَّانِي كَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَبِهِ قَطَعَ جُمْهُورُ الْعِرَاقِيِّينَ وَأَكْثَرُ الْخُرَاسَانِيِّينَ وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ مُعْظَمُ اللَّيْلِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَبِيتُ بِمَوْضِعٍ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِمُعْظَمِ اللَّيْلِ وَهَذَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ ثُمَّ اسْتَشْكَلَهُ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُمْ لَا يَصِلُونَهَا حَتَّى يَمْضِيَ نَحْوُ رُبْعِ اللَّيْلِ مَعَ جَوَازِ الدَّفْعِ مِنْهَا بَعْدَ النِّصْفِ (وَلْيَرْحَلْ) مِنْهَا بِغَيْرِ النِّسَاءِ وَالضَّعَفَةِ (بِفَجْرٍ) بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ بِغَلَسٍ إلَى مِنًى لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَيَتَأَكَّدُ التَّغْلِيسُ هُنَا عَلَى بَاقِي الْأَيَّامِ لِيَتَّسِعَ الْوَقْتُ لِمَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ مِنْ أَعْمَالِ يَوْمِ النَّحْرِ أَمَّا النِّسَاءُ وَالضَّعَفَةُ فَيُسَنُّ تَقْدِيمُهُمْ إلَيْهَا بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ لِيَرْمُوا قَبْلَ الزَّحْمَةِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ سَوْدَةَ أَفَاضَتْ فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْ مُزْدَلِفَةَ بِإِذْنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَأْمُرْهَا بِالدَّمِ وَلَا النَّفَرَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهَا» وَفِيهِمَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «أَنَا مِمَّنْ قَدَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ فِي ضَعَفَةِ أَهْلِهِ» وَيُسَنُّ لَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا مَا يَرْمُونَ بِهِ يَوْمَ النَّحْرِ مِنْ مُزْدَلِفَةَ قَالَ الْجُمْهُورُ لَيْلًا وَقَالَ الْبَغَوِيّ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ الصَّوَابُ نَقْلًا وَدَلِيلًا فَقَدْ رَأَيْته مَنْصُوصًا عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَالْإِمْلَاءِ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ وَالنَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ غَدَاةَ يَوْمِ النَّحْرِ الْتَقِطْ لِي حَصًى قَالَ فَلَقَطْت لَهُ حَصَيَاتٍ مِثْلَ حَصَى الْخَذْفِ» وَيَأْخُذُ بَقِيَّةَ مَا يَرْمِي بِهِ مِنْ وَادِي مُحَسِّرٍ أَوْ غَيْرِهِ.
(وَيَقِفْ) أَيْ: الْمُرْتَحِلُ نَدْبًا -.
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: أَنْ يُصَلُّوا) أَيْ: الْمَغْرِبَ وَقَوْلُهُ: ثُمَّ يُصَلُّوا أَيْ: الْعِشَاءَ بِدَلِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ الْمُحْتَجِّ بِهِ عَلَى ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَكَمَنْ انْتَهَى إلَى عَرَفَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ) فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الدَّفْعُ إلَى مُزْدَلِفَةَ لَيْلًا فَإِنْ أَمْكَنَهُ وَجَبَ جَمْعًا بَيْنَ الْوَاجِبَيْنِ اهـ. مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ فِيمَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ أَخَّرَ وُقُوفَهُ إلَى لَيْلَةِ النَّحْرِ لِعُذْرٍ وَغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَفَاضَ مِنْهَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى هَذِهِ الْإِفَاضَةِ لَكِنْ يُتَّجَهُ إذَا تَمَكَّنَ بَعْدَ الطَّوَافِ مِنْ الْعَوْدِ إلَى مَبِيتِ مُزْدَلِفَةَ أَنْ يَجِبَ كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ وَلَمْ يُمْكِنْهُ الْعَوْدُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: إلَى مَكَّةَ لِلطَّوَافِ) بِأَنْ لَمْ يَمُرَّ بِمُزْدَلِفَةَ أَوْ مَرَّ بِهَا قَبْلَ نِصْفِ اللَّيْلِ وَإِلَّا فَالْمُرُورُ بِهَا بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ مُحَصِّلٌ لِلْوَاجِبِ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُمْكِنْهُ الْعَوْدُ إلَخْ) أَفْهَمَ وُجُوبَ الْعَوْدِ إلَيْهَا عِنْدَ الْإِمْكَانِ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَمْرٌ يَخَافُ فَوْتَهُ) شَامِلٌ لِلدُّنْيَوِيِّ وَالْأُخْرَوِيِّ فَيَدْخُلُ فِيهِ اتِّخَاذُ مَكَان صَالِحٍ لِنَفْسِهِ أَوْ أَمْتِعَتِهِ وَلَوْ لِلتِّجَارَةِ أَوْ دَوَابِّهِ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: بِحُضُورِهَا لَحْظَةً) هَلْ يَكْفِي حُضُورُهَا مُغْمًى عَلَيْهِ أَوْ لَا كَمَا فِي الْوُقُوفِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلْعِبَادَةِ وَلَا وَلِيَّ لَهُ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الْتِزَامُ الثَّانِي كَالْوُقُوفِ وَعَلَيْهِ فَيُتَّجَهُ أَنْ لَا دَمَ عَلَيْهِ لِعُذْرِهِ بِالْإِغْمَاءِ كَالْمَرِيضِ الَّذِي تَرَكَ الْمَبِيتَ لِلْمَرَضِ بَلْ الْإِغْمَاءُ نَوْعٌ مِنْ الْمَرَضِ. (قَوْلُهُ: كَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ) قَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ الِاكْتِفَاءُ بِالْمُرُورِ وَقَدْ صَرَّحَ السُّبْكِيُّ بِإِجْزَائِهِ وَأَنَّهُ لَا يَضُرُّ الصَّرْفُ وَلَا الْجَهْلُ بِكَوْنِهَا مُزْدَلِفَةَ وَلَيْسَ بَعِيدًا وَيَنْبَغِي جَرَيَانُ ذَلِكَ فِي الْمَبِيتِ بِمِنًى وَإِنْ اُشْتُرِطَ كَوْنُهُ بِهَا مُعْظَمَ اللَّيْلِ كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَبِيتُ بِمَوْضِعٍ) هَذَا إذَا أَطْلَقَ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِاللَّيْلَةِ كَوَاللَّهِ لَا أَبِيتُ بِمَوْضِعِ كَذَا أَمَّا لَوْ قَيَّدَ فَقَالَ وَاَللَّهِ لَا أَبِيتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ بِمَوْضِعِ كَذَا فَاخْتَلَفَ فِيهِ مَشَايِخُنَا فَمِنْهُمْ مَنْ أَفْتَى بِأَنَّهُ يَحْنَثُ بِمُعْظَمِ اللَّيْلِ وَنُقِلَ ذَلِكَ عَنْ شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ وَمِنْهُمْ كَشَيْخِنَا عَبْدِ الْحَمِيدِ مَنْ أَفْتَى بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِمُعْظَمِ اللَّيْلِ بَلْ بِجَمِيعِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ كَمَا فِي نَظَائِرِ الْمَسْأَلَةِ وَيَبْقَى مَا لَوْ قَالَ لَا أَبِيتُ بِمَوْضِعِ كَذَا فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ فَهَلْ يُشْتَرَطُ مُعْظَمُ اللَّيْلِ فِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّ الظَّاهِرَ الِاشْتِرَاطُ. (قَوْلُهُ: بِغَلَسٍ) مُتَعَلِّقٌ بِصَلَاةٍ.
ــ
[حاشية الشربيني]
الْأَوَّلِ وَإِنْ قُلْنَا إنَّ عَدَمَ الْجَمْعِ أَفْضَلُ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ.
(قَوْلُهُ: بِمُزْدَلِفَةَ) هِيَ بَيْنَ الْمَأْزِمَيْنِ وَوَادِي مُحَسِّرٍ. اهـ. عب. (قَوْلُهُ: قَبْلَ حَطِّ رِحَالِهِمْ) أَيْ: الْمَغْرِبِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ يُصَلُّونَ) أَيْ: الْعِشَاءَ. (قَوْلُهُ: كَالرُّعَا) أَيْ: الْمُحْتَاجِينَ لِحِفْظِ الدَّوَابِّ لَيْلًا أَوْ لِلرَّعْيِ إنْ فُرِضَ لَيْلًا. اهـ. مَدَنِيٌّ. (قَوْلُهُ: بِحُضُورِهَا) وَلَوْ مَارًّا. اهـ. شَرْحُ عب. (قَوْلُهُ: كَالْوُقُوفِ) أَيْ: وَلَوْ لَمْ يَعْرِفْ أَنَّهَا مُزْدَلِفَةُ. اهـ. شَرْحُ عب. (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ حَلَفَ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْحَالِفَ ذَكَرَ الْمَبِيتَ وَلَمْ يَرِدْ هُنَا أَمْرٌ بِالْمَبِيتِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: مَعَ جَوَازِ إلَخْ) أَيْ: اتِّفَاقًا. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ أَيْ: لِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ الْآتِي عَنْ عَائِشَةَ قَرِيبًا وَلَعَلَّ هَذَا مَأْخَذُ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه فِي عَدَمِ
(مَشْعَرَهُ) أَيْ: مَوْضِعَ شِعَارِهِ أَيْ: وُقُوفِهِ وَأَوْلَى مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ أَصْلِهِ كَغَيْرِهِ وَيَقِفُ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَالنَّوَوِيُّ وَهُوَ جَبَلٌ صَغِيرٌ بِآخِرِ الْمُزْدَلِفَةِ يُقَالُ لَهُ قُزَحٌ وَهُوَ مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا مَا بَيْنَ مَأْزِمَيْ عَرَفَةَ وَوَادِي مُحَسِّرٍ قَالَ وَقَدْ اسْتَبْدَلَ النَّاسُ الْوُقُوفَ بِهِ عَلَى بِنَاءٍ مُحْدَثٍ هُنَاكَ يَظُنُّونَهُ الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ وَلَيْسَ كَمَا يَظُنُّونَ لَكِنْ يَحْصُلُ بِالْوُقُوفِ عِنْدَهُ أَصْلُ السُّنَّةِ أَيْ: وَكَذَا بِغَيْرِهِ مِنْ مُزْدَلِفَةَ عَلَى الْأَصَحِّ وَقَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ هُوَ بِأَوْسَطِ الْمُزْدَلِفَةِ وَقَدْ بُنِيَ عَلَيْهِ بِنَاءٌ ثُمَّ حَكَى كَلَامَ ابْنِ الصَّلَاحِ ثُمَّ قَالَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْبِنَاءَ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْجَبَلِ وَالْمُشَاهَدَةُ تَشْهَدُ لَهُ. قَالَ وَلَمْ أَرَ مَا ذَكَرَهُ يَعْنِي ابْنَ الصَّلَاحِ لِغَيْرِهِ وَيَحْصُلُ أَصْلُ السُّنَّةِ بِالْمُرُورِ وَإِنْ لَمْ يَقِفْ كَمَا فِي عَرَفَةَ نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْقَاضِي وَأَقَرَّهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَالْمَشْعَرُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَيَجُوزُ كَسْرُهَا وَمَعْنَى الْحَرَامِ أَيْ: الَّذِي يَحْرُمُ فِيهِ الصَّيْدُ وَغَيْرُهُ فَإِنَّهُ مِنْ الْحَرَمِ قَالَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ ذَا الْحُرْمَةِ (يَدْعُو) وَيَذْكُرُ اللَّهَ فِيهِ مُسْتَقْبِلَ الْبَيْتِ إلَى الْإِسْفَارِ لِلِاتِّبَاعِ فِي ذَلِكَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَيَقُولُ اللَّهُمَّ كَمَا وَفَّقْتَنَا فِيهِ وَأَرَيْتنَا إيَّاهُ فَوَفِّقْنَا لِذِكْرِك كَمَا هَدَيْتنَا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا كَمَا وَعَدْتنَا بِقَوْلِك وَقَوْلُك الْحَقُّ {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ} [البقرة: 198] إلَى قَوْلِهِ {غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 173] وَيُكْثِرُ مِنْ قَوْلِهِ اللَّهُمَّ {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: 201] وَيَدْعُو بِمَا أَحَبَّ وَيَصْعَدُ الْجَبَلَ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَيَقِفُ تَحْتَهُ ثُمَّ يَسِيرُ بَعْدَ الْإِسْفَارِ بِسَكِينَةٍ وَمَنْ وَجَدَ فُرْجَةً أَسْرَعَ كَالدَّفْعِ مِنْ عَرَفَةَ (وَمِنْ) وَادِي (مُحَسِّرِ) بِكَسْرِ السِّينِ مَوْضِعٌ فَاصِلٌ بَيْنَ مُزْدَلِفَةَ وَمِنًى سُمِّيَ بِهِ؛ لِأَنَّ فِيلَ أَصْحَابِ الْفِيلِ حُسِرَ فِيهِ أَيْ: أَعْيَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْأَزْرَقِيُّ وَادِي مُحَسِّرٍ خَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَخَمْسٌ وَأَرْبَعُونَ ذِرَاعًا اهـ وَالْإِضَافَةُ فِيهِ لِلْبَيَانِ كَمَا فِي جَبَلِ أُحُدٍ وَشَجَرِ أَرَاكٍ فَتَعْبِيرُ النَّظْمِ بِمَا ذُكِرَ مُسَاوٍ لِقَوْلِ أَصْلِهِ وَمِنْ وَادِي مُحَسِّرٍ يُسْرِعُ (بِالْقَوْمِ) فِي مَشْيِهِ إنْ كَانَ مَاشِيًا وَمَشْيِ دَابَّتِهِ إنْ كَانَ رَاكِبًا (كَرَمْيِ حُجْرٌ) مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْ: كَقَدْرِ رَمْيَةِ حَجَرٍ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: قَوْلُ أَصْلِهِ) يُمْكِنُ حَمْلُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ بِأَنْ يَكُونَ عَلَى حَذْفِ الْجَارِّ أَيْ: بِمَشْعَرِهِ وَأَضَافَهُ إلَيْهِ بِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ فِيلَ أَصْحَابِ الْفِيلِ إلَخْ) قَالَ السَّيِّدُ السَّمْهُودِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ كَذَا جَزَمَ بِهِ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَابْنُ خَلِيلٍ فِي مَنْسَكِهِ قَالَ الْتَقَى الْقَابِسِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ ابْنَ الْأَثِيرِ ذَكَرَ فِي نِهَايَةِ الْقَرِيبِ أَنَّ هَذَا الْفِيلَ لَمْ يَدْخُلْ الْحَرَمَ إلَى أَنْ قَالَ وَقِيلَ سُمِّيَ وَادِيَ مُحَسِّرٍ لِأَنَّهُ يَحْسُرُ سَالِكِيهِ وَيَتْبَعُهُمْ اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْإِضَافَةُ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ لِصَنِيعِ النَّظْمِ أَنَّ الْإِضَافَةَ مِنْ إضَافَةِ الْمُسَمَّى إلَى الِاسْمِ -.
ــ
[حاشية الشربيني]
وُجُوبِ الْمَبِيتِ وَإِنْ فَعَلَهُ صلى الله عليه وسلم.
. (قَوْلُهُ: شِعَارِهِ) أَيْ: وُقُوفُهُ الشِّعَارُ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ وَكُلُّ مَا جُعِلَ عَلَمًا لِطَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى اهـ فَقَوْلُ الشَّرْحِ أَيْ: وُقُوفُهُ تَفْسِيرٌ لِلْمُرَادِ هُنَا. (قَوْلُهُ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ) أَيْ: ذِي الشَّعَائِرِ وَهِيَ مَعَالِمُ الدِّينِ وَذِي الْحُرْمَةِ التَّامَّةِ. (قَوْلُهُ: عَلَى بِنَاءٍ مُحْدَثٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ الْبِنَاءُ الْمَوْجُودُ بِمُزْدَلِفَةَ الْيَوْمَ أَيْ: قُزَحُ أَيْ: مَوْضِعُهُ وَعِبَارَتُهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الشَّرْحِ وَهُوَ جَبَلٌ فِي آخِرِ مُزْدَلِفَةَ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْآنَ الْبِنَاءُ وَالْمَنَارَةُ خِلَافًا لِمَنْ أَنْكَرَهُ. (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ كَسْرُهَا) لُغَةٌ شَاذَّةٌ ق ل (قَوْلُهُ: وَمِنْ وَادِي مُحَسِّرٍ إلَخْ) لَعَلَّ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ أَيْ: وَيُسْرِعُ بِالْقَدَمِ بَعْضَ مُحَسِّرٍ قَدْرَ رَمْيَةِ حَجَرٍ. (قَوْلُهُ: وَمِنْ وَادِي مُحَسِّرٍ إلَخْ) أَيْ: مِنْ بَطْنِ مُحَسِّرٍ يُسْرِعُ رَمْيَةَ حَجَرٍ. (قَوْلُهُ: وَادِي مُحَسِّرٍ خَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ إلَخْ) هَذَا عَرْضُهُ فَهُوَ الَّذِي بَيْنَ مُزْدَلِفَةَ وَمِنًى وَيُنْدَبُ الْإِسْرَاعُ فِيهِ قَدْرَ رَمْيَةِ حَجَرٍ حَتَّى يَقْطَعَ عَرْضَ الْوَادِي الصَّغِيرِ الَّذِي بِبَطْنِ وَادِي مُحَسِّرٍ. اهـ. مَدَنِيٌّ.
(قَوْلُهُ سُمِّيَ بِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِأَنَّهُ يُحْسِرُ سَالِكِيهِ أَيْ: يُتْعِبُهُمْ. (قَوْلُهُ: خَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ) قَدْ مَرَّ أَنَّ وَادِيَ مُحَسِّرٍ مَا بَيْنَ مُزْدَلِفَةَ وَمِنًى وَمَرَّ أَنَّ بَيْنَهُمَا فَرْسَخًا وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ وَالْمِيلُ سِتَّةُ آلَافِ ذِرَاعٍ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَقِيلَ هُوَ نَحْوُ نِصْفِ ذَلِكَ وَهُوَ الَّذِي تَقْتَضِي بِهِ الْمُشَاهَدَةُ هُنَا وَعَلَى كُلٍّ فَعَرْضُ هَذَا الْوَادِي أَكْثَرُ مِنْ سِتَّةِ آلَافِ ذِرَاعٍ بِكَثِيرٍ فَكَيْفَ يَلْتَئِمُ هَذَا مَعَ قَوْلِ الْأَزْرَقِيِّ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُعَوَّلُ فِي ذَلِكَ وَاَلَّذِي يَنْدَفِعُ بِهِ هَذَا أَنْ تُحْمَلَ الْإِضَافَةُ فِي كَلَامِهِ عَلَى أَنَّهَا مِنْ إضَافَةِ الْأَخَصِّ إلَى الْأَعَمِّ فَيَكُونَ مُحَسِّرًا مُشْتَمِلًا عَلَى وَادٍ وَغَيْرِهِ وَيَكُونَ تَحْدِيدُ الْأَزْرَقِيِّ لِذَلِكَ الْوَادِي الَّذِي هُوَ بَعْضُ مُحَسِّرٍ وَيُؤَيِّدُ هَذَا قَوْلُهُمْ يُسْرِعُونَ قَدْرَ رَمْيَةِ حَجَرٍ حَتَّى يَقْطَعُوا عَرْضَ الْوَادِي فَجَعَلُوا عَرْضَهُ قَدْرَ رَمْيَةِ حَجَرٍ وَهَذَا مُحَالٌ إنْ أُرِيدَ بِالْوَادِي جَمِيعُ مُحَسِّرٍ فَتَعَيَّنَ مَا ذَكَرْته مِنْ أَنَّ فِي مُحَسِّرٍ وَادِيًا وَهُوَ الَّذِي يُسَنُّ فِيهِ الْإِسْرَاعُ إلَى أَنْ يُقْطَعَ عَرْضُهُ وَالْمُشَاهَدَةُ الْآنَ قَاضِيَةٌ بِوُجُودِ هَذَا الْوَادِي فِي مُحَسِّرٍ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ أَوَّلِ مُزْدَلِفَةَ وَمَعَ ذَلِكَ فَمُحَسِّرٌ نَفْسُهُ يُسَمَّى وَادِيًا أَيْضًا بِاعْتِبَارِ مَا قَبْلَهُ مِنْ مُزْدَلِفَةَ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ مِنًى وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ مَنْ جَعَلَ الْإِضَافَةَ بَيَانِيَّةً فَلَا تَنَافِيَ فَتَأَمَّلْهُ فَإِنِّي لَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ فَإِذَا بَلَغُوا بَطْنَ مُحَسِّرٍ وَهُوَ أَعْنِي مُحَسِّرًا مَا بَيْنَ مُزْدَلِفَةَ وَمِنًى وَبَطْنُهُ مَسِيلٌ فِيهِ أَسْرَعَ الْمَاشِي جَهْدَهُ حَتَّى يَقْطَعَ عَرْضَ ذَلِكَ الْمَسِيلِ وَهُوَ قَدْرُ رَمْيَةِ حَجَرٍ اهـ.
فَالْمَسِيلُ هُوَ ذَلِكَ الْوَادِي وَعَلَى هَذَا فَلَيْسَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَمِنْ مُحَسِّرٍ مُسَاوِيًا لِقَوْلِ الْحَاوِي وَمِنْ وَادِي مُحَسِّرٍ
وَلِنُزُولِ الْعَذَابِ فِيهِ عَلَى أَصْحَابِ الْفِيلِ وَلِأَنَّ النَّصَارَى كَانَتْ تَقِفُ فِيهِ فَأَمَرَنَا بِمُخَالَفَتِهِمْ وَيَقُولُ الْمَارُّ بِهِ مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه
إلَيْك تَعْدُو قَلِقًا وَضِينُهَا
…
مُعْتَرِضًا فِي بَطْنِهَا جَنِينَهَا
مُخَالِفًا دِينَ النَّصَارَى دِينُهَا
وَالْوَضِينُ حَبْلٌ كَالْحِزَامِ.
(وَبِمِنًى بَعْدَ طُلُوعِهَا) أَيْ: الشَّمْسِ (ابْتَدَرْ) وَهُوَ رَاكِبٌ قَبْلَ نُزُولِهِ (لِلْحَجِّ) أَيْ: لِأَجْلِهِ (سَبْعَ رَمَيَاتٍ بِحَجَرْ وَ) لَوْ (نَحْوُ يَاقُوتٍ) كَزُمُرُّدٍ وَزَبَرْجَدٍ وَبِلَّوْرٍ وَعَقِيقٍ وَرُخَامٍ وَبِرَامٍ، وَحَجَرِ حَدِيدٍ وَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «عَلَيْكُمْ بِحَصَى الْخَذْفِ» الَّذِي يَرْمِي بِهِ الْجَمْرَةَ (وَالْإِثْمِد) وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا يُسَمَّى حَجَرًا كَلُؤْلُؤٍ وَزِرْنِيخٍ وَمَدَرٍ وَجِصٍّ وَنُورَةٍ وَآجُرٍّ وَخَزَفٍ وَمِلْحٍ وَجَوَاهِرَ مُنْطَبِعَةٍ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ نُحَاسٍ أَوْ رَصَاصٍ أَوْ حَدِيدٍ أَوْ نَحْوِهَا (امْتَنَعْ) أَيْ: الرَّمْيُ بِهِ وَكَذَا مَا لَيْسَ مِنْ طَبَقَاتِ الْأَرْضِ وَيَكْفِي حَجَرُ النُّورَةِ قَبْلَ الطَّبْخِ وَيُسَنُّ أَنْ يَرْمِيَ بِقَدْرِ حَصَا الْخَذْفِ وَهُوَ قَدْرُ الْبَاقِلَا وَيُكْرَهُ أَنْ يَرْمِيَ بِأَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْبَرَ وَبِالْمُتَنَجِّسِ وَبِالْمَأْخُوذِ مِنْ الْحِلِّ أَوْ مِنْ الْمَسْجِدِ أَيْ: إنْ لَمْ يَكُنْ جُزْءًا مِنْهُ وَإِلَّا حَرُمَ وَبِالْمَرْمِيِّ بِهِ لِمَا قِيلَ: إنَّ الْمَقْبُولَ يُرْفَعُ وَالْمَرْدُودَ يُتْرَكُ فَإِنْ رَمَى بِشَيْءٍ مِنْهَا جَازَ.
قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فَإِنْ قِيلَ: لِمَ جَازَ الرَّمْيُ بِحَجَرِ رُمِيَ بِهِ دُونَ الْوُضُوءِ بِمَا تَوَضَّأَ بِهِ قُلْنَا فَرَّقَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الْوُضُوءَ بِالْمَاءِ إتْلَافٌ لَهُ كَالْعِتْقِ فَلَا يُتَوَضَّأُ بِهِ مَرَّتَيْنِ كَمَا لَا يُعْتَقُ الْعَبْدُ عَنْ الْكَفَّارَةِ مَرَّتَيْنِ وَالْحَجَرُ كَالثَّوْبِ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ صَلَوَاتٍ (لِلْجَمْرَةِ) أَيْ: ابْتَدَرَ يَوْمَ النَّحْرِ سَبْعَ رَمَيَاتٍ بِالْحَجَرِ إلَى الْجَمْرَةِ (الْأُولَى) جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ الَّتِي تَلِي مَكَّةَ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَخَرَجَ بِالْحَجِّ الْعُمْرَةُ فَلَا رَمْيَ فِيهَا وَالْمُعْتَبَرُ تَعَدُّدُ الرَّمْيِ دُونَ الرَّمْيِ كَمَا أَفْهَمَهُ تَعْبِيرُهُ كَأَصْلِهِ بِسَبْعِ رَمَيَاتٍ بِخِلَافِ التَّعْبِيرِ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ فَلَوْ رَمَى عَدَدًا مَعًا فَرَمْيَةٌ وَاحِدَةٌ سَوَاءٌ وَقَعَ مَعًا أَمْ مُرَتَّبًا وَلَوْ رَمَى حَجَرًا وَاحِدًا سَبْعَ مَرَّاتٍ حُسِبَ سَبْعًا كَمَا لَوْ دَفَعَ مُدًّا إلَى فَقِيرٍ عَنْ كَفَّارَتِهِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنْهُ وَدَفَعَهُ إلَى آخَرَ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَوْ رَمَى حَصَاةً ثُمَّ أَتْبَعَهَا أُخْرَى حُسِبَتَا لَهُ وَإِنْ وَقَعَتَا مَعًا أَوْ وَقَعَتْ الثَّانِيَةُ قَبْلَ الْأُولَى عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ جَمَاعَاتٍ وَلَوْ رَمَى
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَلِنُزُولِ الْعَذَابِ بِهِ إلَخْ) قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ بِذَلِكَ سَنُّ الْإِسْرَاعِ فِيهِ لِغَيْرِ الْحَاجِّ أَيْضًا وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ أَنَّهُ يُسَنُّ لِمَنْ مَرَّ بِدِيَارِ قَوْمٍ مُعَذَّبِينَ كَدِيَارِ ثَمُودَ أَنْ يُسْرِعَ فِي مَشْيِهِ خَشْيَةَ أَنْ يُصِيبَهُ مَا أَصَابَهُمْ وَإِنْ قِيلَ: إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ اخْتِصَاصُهُ بِالْحَاجِّ الْمُنْصَرِفِ مِنْ عَرَفَاتٍ حَجَرٌ.
(قَوْلُهُ: وَحَجَرِ حَدِيدٍ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْأَحْجَارَ الَّتِي يُتَّخَذُ مِنْهَا الْحَدِيدُ وَالذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ يَصِحُّ الرَّمْيُ بِهَا وَذَكَرَ لِي شَخْصٌ أَنَّ هَذِهِ أَحْجَارٌ مَخْصُوصَةٌ إذَا طُبِخَتْ وَأُضِيفَ لَهَا شَيْءٌ آخَرُ مَعْرُوفٌ تَصِيرُ حَدِيدًا وَذَهَبًا وَفِضَّةً كَالتُّرَابِ الْمَخْصُوصِ الَّذِي يُطْبَخُ فَيَصِيرُ بَارُودًا ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ السُّبْكِيّ نَقْلًا عَنْ الرَّافِعِيِّ أَنَّ الرَّافِعِيَّ عَلَّلَ الْإِجْزَاءَ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّهُ حَجَرٌ فِي الْحَالِ إلَّا أَنَّ فِيهِ حَدِيدًا كَامِنًا يُسْتَخْرَجُ مِنْهُ بِالْعِلَاجِ اهـ. فَلِلَّهِ الْحَمْدُ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا فَلْيُتَأَمَّلْ فِيهِ فَإِنَّ ظَاهِرَ مَا حَكَاهُ أَنَّهُ ذَكَرَهُ لَهُ يُخَالِفُ مَا حَكَاهُ السُّبْكِيُّ عَنْ تَعْلِيلِ الرَّافِعِيِّ كَمَا لَا يَخْفَى وَظَاهِرٌ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي حَجَرِ الْحَدِيدِ يُقَالُ مِثْلُهُ فِي حَجَرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ الطَّبْخِ) يَحْتَمِلُ أَنَّ حَجَرَ الْجِصِّ قَبْلَ الطَّبْخِ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ قَصْدُ الْمَرْمَى إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ رَمَى إلَى الْعَلَمِ الْمَنْصُوبِ فِي الْجَمْرَةِ أَوْ الْحَائِطِ الَّتِي بِجَمْرَةِ الْعَقَبَةِ كَمَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ فَأَصَابَهُ ثُمَّ وَقَعَ فِي الْمَرْمَى لَا يُجْزِئُ قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَهُوَ الْأَظْهَرُ عِنْدِي وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ فِيهِ بِفِعْلِهِ مَعَ قَصْدِ الرَّمْيِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالثَّانِي مِنْ احْتِمَالَيْهِ أَقْرَبُ اهـ كَلَامُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَا يَخْفَى عَدَمُ مُنَاسَبَةِ احْتِمَالِهِ الثَّانِي لِاشْتِرَاطِهِ قَصْدَ الْمَرْمَى فَلْيُتَأَمَّلْ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ احْتِمَالِهِ الثَّانِي أَنَّهُ لَوْ رَمَى فِي الْهَوَاءِ بِقَصْدِ أَنْ يَقَعَ فِي الْمَرْمَى أَجْزَأَ وَهُوَ غَيْرُ بَعِيدٍ؛ لِأَنَّهُ قَاصِدُ الْمَرْمَى فِي الْحَقِيقَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ -.
ــ
[حاشية الشربيني]
إلَّا أَنْ لُوحِظَ الْمُضَافُ الْمَحْذُوفُ خِلَافًا لِلشَّرْحِ فَتَدَبَّرْ. وَقَوْلُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَيَكُونُ تَحْدِيدُ الْأَزْرَقِيِّ لِذَلِكَ الْوَادِي ظَاهِرَهُ أَنَّ هَذَا الْوَادِيَ هُوَ الَّذِي يُسْرِعُونَ فِيهِ وَلَا شَكَّ أَنَّ رَمْيَةَ الْحَجَرِ لَا تَسْتَوْعِبُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ تَأْوِيلِهِ. (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ النَّصَارَى إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ حَجَرٍ لِلْعُبَابِ وَلِأَنَّ نَصَارَى الْعَرَبِ كَانَ مُحَسِّرٌ مَوْقِفَهُمْ اهـ أَيْ: كَانُوا يَقِفُونَ فِيهِ بَدَلَ عَرَفَاتٍ.
. (قَوْلُهُ: مُنْطَبِعَةٍ) أَيْ: بِالْفِعْلِ أَوْ بِالْقُوَّةِ وَإِنْ كَانَتْ قِطْعَةَ ذَهَبٍ خَالِصَةٍ مِنْ الْحَجَرِ فَإِنْ كَانَتْ بِحَجَرِهَا أَجْزَأَتْ. اهـ. تَقْرِيرُ قُوَيْسَنِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَبِالْمُتَنَجِّسِ) وَتَزُولُ الْكَرَاهَةُ بِغَسْلَةٍ إنْ لَمْ تُؤْخَذْ مِنْ مَوْضِعٍ نَجِسٍ يُورِثُهُ اسْتِقْذَارًا كَالْحَشِّ وَإِلَّا لَمْ تَزَلْ بِهِ حَجَرٌ شَرْحُ عب. (قَوْلُهُ: وَبِالْمَأْخُوذِ مِنْ الْحِلِّ) عَلَّلَهُ حَجَرٌ بِإِدْخَالِهِ الْحَرَمَ مَا لَيْسَ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: جُزْءًا مِنْهُ) مِثْلُهُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ وَالْمُشْتَرَى لَهُ وَكَذَا مَا فِيهِ نَفْعٌ لَهُ وَلِلْمُصَلِّينَ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا حَرُمَ) أَيْ: مَعَ الْإِجْزَاءِ. اهـ. شَيْخُنَا ذ. (قَوْلُهُ: لِمَا قِيلَ إلَخْ) قَدْ شُوهِدَ ذَلِكَ لِشَيْخِ الْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ كَرَامَةً. اهـ. مَدَنِيٌّ وَيَشْهَدُ الْحِسُّ بِذَلِكَ شَهَادَةً لَا رَيْبَ فِيهَا لِأَحَدٍ فَإِنَّهُ يَجْتَمِعُ بِمِنًى كُلَّ عَامٍ فَوْقَ سِتِّمِائَةِ أَلْفٍ وَيَرْمِي كُلُّ وَاحِدٍ سَبْعِينَ حَصَاةً مِنْ لَدُنْ إبْرَاهِيمَ إلَى الْآنَ ثُمَّ لَا يَظْهَرُ لَهُ ارْتِفَاعٌ مِنْ الْأَرْضِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمَقْبُولَ فِي كُلِّ سَنَةٍ أَكْثَرُ مِنْ الْمَرْدُودِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ.
(قَوْلُهُ: لِمَا قِيلَ إلَخْ) رَوَى الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ «مَا يُقْبَلُ مِنْهَا رُفِعَ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَرَأَيْتهَا مِثْلَ الْجِبَالِ» فِي رِوَايَةٍ «لَسَدَّ مَا بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ» وَفِي الْمَجْمُوعِ
حَصَاتَيْنِ دُفْعَةً وَاحِدَةً إحْدَاهُمَا بِالْيُمْنَى وَالْأُخْرَى بِالْيُسْرَى لَمْ يُحْسَبْ لَهُ إلَّا وَاحِدَةٌ بِالِاتِّفَاقِ.
وَهَذِهِ وَارِدَةٌ عَلَى النَّاظِمِ وَأَصْلِهِ وَأَفْهَمَ تَعْبِيرُهُمَا بِالرَّمْيِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي وَضْعُ الْحَجَرِ فِي الْمَرْمَى وَهُوَ كَذَلِكَ وَيُشْتَرَطُ قَصْدُ الْمَرْمَى فَلَوْ رَمَى فِي الْهَوَاءِ فَوَقَعَ فِيهِ لَمْ يَكْفِ وَحُصُولُ الْحَجَرِ فِيهِ فَلَوْ شَكَّ فِيهِ لَمْ يَكْفِ وَلَا يُشْتَرَطُ بَقَاؤُهُ فِيهِ فَلَوْ تَدَحْرَجَ لَمْ يَضُرَّ وَلَا كَوْنُ الرَّامِي خَارِجًا عَنْ الْجَمْرَةِ فَلَوْ وَقَفَ فِي طَرَفٍ مِنْهَا وَرَمَى إلَى طَرَفٍ آخَرَ أَجْزَأَهُ وَيَجِبُ كَوْنُ الرَّمْيِ بِالْيَدِ فَلَا يُجْزِئُ بِقَوْسٍ أَوْ رِجْلٍ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَيُسَنُّ أَنْ يَغْسِلَ حَصَا الْجِمَارِ وَأَنْ لَا يَكْسِرَهَا (وَلِلرَّمْيِ) أَيْ: لِابْتِدَائِهِ (قَطَعْ) أَيْ: الرَّامِي (تَلْبِيَةً) لِأَخْذِهِ فِي أَسْبَابِ التَّحَلُّلِ هَذَا إنْ سَلَكَ الْأَفْضَلَ مِنْ تَقْدِيمِ الرَّمْيِ فَلَوْ قَدَّمَ الطَّوَافَ أَوْ الْحَلْقَ عَلَيْهِ قَطَعَ التَّلْبِيَةَ مِنْ حِينَئِذٍ (وَعِنْدَ كُلٍّ) مِنْ الرَّمَيَاتِ (كَبَّرَا) مَكَانَ التَّلْبِيَةِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَاعْلَمْ أَنَّ الرَّمْيَ وَاجِبٌ لَكِنْ لَمَّا جُبِرَ بِالدَّمِ جَرَى مَجْرَى الْأَبْعَاضِ فِي الصَّلَاةِ وَلِهَذَا ذَكَرَهُ فِي النَّظْمِ وَأَصْلِهِ فِي السُّنَنِ (وَبَعْدَهُ) أَيْ: الرَّمْيِ (الْهَدْيُ هُنَاكَ) أَيْ: بِمِنًى (نَحَرَا) إنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ.
(وَبِمِنًى يَحْلِقُ) الرَّجُلُ أَوْ يُقَصِّرُ (وَلْنُقَصِّرْ) الْمَرْأَةُ وَكَذَا الْخُنْثَى (وَلِطَوَافِ الرُّكْنِ) الْمُسَمَّى أَيْضًا بِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَالزِّيَارَةِ وَالْفَرْضِ وَالصَّدَرِ بِفَتْحِ الدَّالِ (بِالْعَوْدِ مُرْ لِمَكَّة) بِصَرْفِهَا لِلْوَزْنِ أَيْ: وَمُرْ أَنْت الرَّامِيَ بِعَوْدِهِ مِنْ مِنًى إلَى مَكَّةَ لِطَوَافِ الرُّكْنِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَيَسْعَى بَعْدَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ سَعَى بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ كَمَا مَرَّ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَطُوفَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَإِذَا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَشْرَبَ مِنْ سِقَايَةِ الْعَبَّاسِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَطْلَقَ النَّاظِمُ كَأَصْلِهِ الْعَوْدَ إلَى مَكَّةَ عَلَى مَنْ لَمْ يَدْخُلْهَا قَبْلَ الْوُقُوفِ تَغْلِيبًا أَوْ حَمْلًا لِلْمُشْتَرَكِ عَلَى مَعْنَيَيْهِ إذْ الْعَوْدُ يُقَالُ عَلَى الرُّجُوعِ وَعَلَى الصَّيْرُورَةِ ابْتِدَاءً كَمَا يُقَالُ عَادَ عَلَيَّ مِنْ فُلَانٍ مَكْرُوهٌ أَيْ: صَارَ إلَيَّ مِنْهُ الْمَكْرُوهُ ابْتِدَاءً كَمَا قَدَّمْته فِي بَابِ الْجُمُعَةِ وَقَدْ قِيلَ: بِالْمَعْنَيَيْنِ فِي قَوْله تَعَالَى حِكَايَةٍ عَنْ الْمُسْتَكْبِرِينَ مِنْ قَوْمِ شُعَيْبٍ {لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا} [الأعراف: 88] إذْ شُعَيْبُ لَمْ يَكُنْ فِي مِلَّتِهِمْ قَطُّ لَكِنْ غَلَّبُوا الْجَمَاعَةَ عَلَى الْوَاحِدِ فَخُوطِبَ هُوَ وَقَوْمُهُ بِخِطَابِهِمْ أَوْ اسْتَعْمَلُوا الْعَوْدَ بِمَعْنَى الصَّيْرُورَةِ ابْتِدَاءً.
وَغُلِّبَ الْوَاحِدُ لِعَظَمَةٍ هُنَا عَلَى الْجَمَاعَةِ أَيْ: أَوْ لَتَصِيرَنَّ فِي مِلَّتِنَا وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ فِي الْآيَةِ أَيْضًا الْمَعْنَيَانِ مَعًا إعْمَالًا لِلْمُشْتَرَكِ فِي مَعْنَيَيْهِ (وَبَعْدَهَا) أَيْ: مَكَّةَ أَيْ: بَعْدَ طَوَافِهِ بِهَا مُرْهُ بِالْعَوْدِ مِنْهَا (إلَى مِنَى) فَلْيُصَلِّ بِهَا الظُّهْرَ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَلَا يُعَارِضُهُ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا عَنْ جَابِرٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَفَاضَ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: فِي الصَّلَاةِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْأَبْعَاضِ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ قِيلَ بِالْمَعْنَيَيْنِ) الْمُتَبَادِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَعْنَيَيْنِ التَّغْلِيبُ وَحَمْلُ الْمُشْتَرَكِ عَلَى مَعْنَيَيْهِ لَكِنَّهُ قَدَّرَ الْأَوَّلَ وَهُوَ التَّغْلِيبُ بِوَجْهَيْنِ تَغْلِيبِ الْعَوْدِ بِمَعْنَى الرُّجُوعِ وَتَغْلِيبِ الْعَوْدِ بِمَعْنَى الصَّيْرُورَةِ فَفِي الْأَوَّلِ تَغْلِيبُ الْأَكْثَرِ وَفِي الثَّانِي تَغْلِيبُ الْأَعْظَمِ وَأَمَّا الْمَعْنَى الثَّانِي فَهُوَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ وَتَجُوزُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَغَلَّبَ الْوَاحِدَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِ النُّحَاةِ أَنَّ عَادَ يَكُونُ بِمَعْنَى صَارَ كَوْنُهَا لِكَوْنِ الصَّيْرُورَةِ لَا تُفِيدُ الِابْتِدَاءَ وَعَلَى هَذَا فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّغْلِيبِ فَلْيُتَأَمَّلْ -.
ــ
[حاشية الشربيني]
رُوِيَ هَذَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَوْقُوفًا وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ مَوْقُوفًا. (قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ قَصْدُ الْمَرْمَى) وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا عَدَمُ الصَّارِفِ فَلَوْ قَصَدَ الْمَرْمَى لِغَرَضٍ آخَرَ لَمْ يَكْفِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ جَمِيعَ الْأَرْكَانِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ عَدَمِ الصَّارِفِ مَا عَدَا الْوُقُوفَ كَمَا نُقِلَ عَنْ م ر. (قَوْلُهُ: قَصْدُ الْمَرْمَى) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَكْفِي حِينَئِذٍ وَلَوْ رَمَى مِنْ أَعْلَى جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ م ر أَيْضًا وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَيَجِبُ رَمْيُهَا مِنْ بَطْنِ الْوَادِي وَلَا يَجُوزُ مِنْ أَعْلَى الْجَبَلِ خَلْفَهَا اهـ فَإِنْ كَانَتْ مِنْ بِمَعْنَى فِي وَافَقَ غَيْرَهُ وَإِلَّا كَانَ بَعِيدَ الْوَجْهِ جِدًّا فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُحَرَّرْ.
ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ بَعْدَ قَوْلِ الْعُبَابِ وَهِيَ أَيْ: جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ أَسْفَلُ الْجَبَلِ الْمُسَمَّى بِالْعَقَبَةِ فَوْقَ الطَّرِيقِ الْجَادَّةِ عَنْ يَمِينِ الذَّاهِبِ إلَى مَكَّةَ مَا نَصُّهُ فَعُلِمَ مِنْ أَنَّ مَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ جُهَلَاءِ الْحُجَّاجِ مِنْ رَمْيِهِمْ مِنْ أَعْلَاهَا بَاطِلٌ لِأَنَّهَا لَيْسَ لَهَا إلَّا مَرْمًى وَاحِدٌ وَهُوَ مَا بِأَسْفَلِهَا عَلَى الْجَادَّةِ دُونَ مَا عَدَاهُ مِنْ سَائِرِ الْجَوَانِبِ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَ الْحَاوِي عَنْ الشَّافِعِيِّ وَلَا يُمْكِنُهُ غَيْرُ ذَلِكَ لِأَنَّهَا عَلَى أَكَمَةٍ وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ رَمْيِهَا إلَّا كَذَلِكَ فَإِنْ رَمَاهَا مِنْ فَوْقِهَا وَلَمْ يَرْمِهَا مِنْ بَطْنِ الْوَادِي أَجْزَأَهُ. اهـ. لِأَنَّ مَعْنَاهُ فِيمَا يَظْهَرُ أَنَّهُ جَاءَ مِنْ فَوْقِهَا وَرَمَى إلَى أَسْفَلِهَا إلَّا أَنَّهُ رَمَاهَا مِنْ وَرَائِهَا وَهَذَا ظَاهِرٌ يُوَافِقُهُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَرَوَيْنَا أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه خَافَ الزِّحَامَ فَرَمَاهَا مِنْ فَوْقِهَا إلَى أَسْفَلِهَا اهـ بِاخْتِصَارٍ وَقَوْلُهُ: مِنْ وَرَائِهَا أَيْ: فِي مَوْضِعِ وُقُوفِ الرَّامِي عَلَى الْعَادَةِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ التُّحْفَةِ خَلْفَهَا أَيْ لَا يَجُوزُ الرَّمْيُ مِنْ أَعْلَى الْجَبَلِ فِي خَلْفِهَا الَّذِي هُوَ مَوْضِعُ وُقُوفِ الرَّامِينَ عَلَى الْعَادَةِ فَتَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ فَلَوْ رَمَى فِي الْهَوَاءِ إلَخْ) أَيْ: مَا لَمْ يَقْصِدْ الْوُقُوعَ فِي الْمَرْمَى بِقُوَّةِ رَمْيِهِ كَمَا نَقَلَهُ سم فِي شَرْحِ ع عَنْ الْمُحِبِّ. (قَوْلُهُ إلَى طَرَفٍ آخَرَ) خَرَجَ مَا لَوْ رَمَى تَحْتَ رِجْلَيْهِ فَلَا يَكْفِي إلَّا أَنْ سُمِّيَ رَمْيًا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: أَوْ رِجْلٍ) قَالَ حَجَرٌ يُجْزِئُ عِنْدَ الْعَجْزِ وَمِثْلُهُ الرَّمْيُ بِالْفَمِ لَكِنْ سَكَتَ عَنْهُ م ر فِي شَرْحِهِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ يَكْفِي إلَّا أَنَّ
يَوْمَ النَّحْرِ إلَى الْبَيْتِ فَصَلَّى بِمَكَّةَ الظُّهْرَ» لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ أَفَاضَ قَبْلَ الزَّوَالِ فَطَافَ وَصَلَّى الظُّهْرَ بِمَكَّةَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا ثُمَّ رَجَعَ إلَى مِنًى فَصَلَّى بِهَا الظُّهْرَ مَرَّةً أُخْرَى إمَامًا لِأَصْحَابِهِ كَمَا صَلَّى بِهِمْ فِي بَطْنِ نَخْلٍ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً بِطَائِفَةٍ وَمَرَّةً بِأُخْرَى فَرَوَى ابْنُ عُمَرَ صَلَاتَهُ بِمِنًى وَجَابِرٌ صَلَاتَهُ بِمَكَّةَ وَأَمَّا خَبَرُ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَخَّرَ طَوَافَ يَوْمِ النَّحْرِ إلَى اللَّيْلِ» فَجَوَابُهُ أَنَّ رِوَايَاتِ غَيْرِهِ أَصَحُّ وَأَشْهَرُ وَأَكْثَرُ رُوَاةً وَأَنَّهُ يُتَأَوَّلُ قَوْلُهُ أَخَّرَ طَوَافَ يَوْمِ النَّحْرِ إلَى اللَّيْلِ بِطَوَافِ نِسَائِهِ.
فَإِنْ قِيلَ: هَذَا التَّأْوِيلُ يَرُدُّهُ رِوَايَةُ «وَزَارَ صلى الله عليه وسلم مَعَ نِسَائِهِ لَيْلًا» قُلْنَا لَعَلَّهُ عَادَ لِلزِّيَارَةِ لَا لِلطَّوَافِ فَزَارَ مَعَ نِسَائِهِ ثُمَّ عَادَ إلَى مِنًى فَبَاتَ بِهَا (وَبَاتَ) وُجُوبًا (فِي لَيْلَاتِ تَشْرِيقٍ هُنَا) أَيْ: بِمِنًى إلَّا أَنْ يَنْفِرَ فِي ثَانِي أَيَّامِهَا فَيَسْقُطُ مَبِيتُ الثَّالِثَةِ كَمَا سَيَأْتِي وَيَحْصُلُ الْمَبِيتُ بِمُعْظَمِ اللَّيْلِ وَإِنَّمَا اُكْتُفِيَ بِسَاعَةٍ فِي نِصْفِهِ الثَّانِي بِمُزْدَلِفَةَ عَلَى مَا مَرَّ؛ لِأَنَّ نَصَّ الشَّافِعِيِّ وَقَعَ فِيهَا بِخُصُوصِهَا إذْ بَقِيَّةُ الْمَنَاسِكِ يَدْخُلُ وَقْتُهَا بِالنِّصْفِ وَهِيَ كَثِيرَةٌ مُشِقَّةٌ فَسُومِحَ فِي التَّخْفِيفِ لِأَجْلِهَا (وَبَيْنَ مَا زَالَتْ) أَيْ: الشَّمْسُ (إلَى الْغُرُوبِ) الْمُنَاسِبِ لِبَيْنَ وَالْغُرُوبُ بِالْوَاوِ وَكَمَا عَبَّرَ بِهَا الْحَاوِي (بِكُلِّ جَمْرَةٍ مَعَ التَّرْتِيبِ فَلْيَرْمِ سَبْعًا كُلَّ يَوْمٍ) أَيْ: وَبَيْنَ الزَّوَالِ وَالْغُرُوبِ فَلْيَرْمِ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ إنْ لَمْ يَنْفِرْ فِي الثَّانِي مِنْهَا كَمَا سَيَأْتِي سَبْعَ مَرَّاتٍ فِي كُلٍّ مِنْ الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثِ مَعَ مُرَاعَاةِ التَّرْتِيبِ بِأَنْ يَبْدَأَ بِاَلَّتِي تَلِي مَسْجِدَ الْخِيفِ ثُمَّ بِالْوُسْطَى ثُمَّ بِجَمْرَةِ الْعَقَبَةِ حَتَّى لَا يَعْتَدَّ بِرَمْيِ الثَّانِيَةِ قَبْلَ تَمَامِ الْأُولَى وَلَا بِالثَّالِثَةِ قَبْلَ تَمَامِ الْأُولَيَيْنِ.
فَرَمَيَاتُ كُلِّ يَوْمٍ إحْدَى وَعِشْرُونَ وَمَجْمُوعُهَا بِرَمَيَاتِ يَوْمِ النَّحْرِ سَبْعُونَ وَخَرَجَ بِبَيْنَ الزَّوَالِ وَالْغُرُوبِ غَيْرُهُ فَلَا يَرْمِي فِيهِ أَيْ: اخْتِيَارًا لَا جَوَازًا لِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ الرَّمْيَ الْمُتَدَارَكَ فِي بَقِيَّةِ الْأَيَّامِ يَقَعُ أَدَاءً نَعَمْ رَمْيُ كُلِّ يَوْمٍ لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ عَلَى زَوَالِ شَمْسِهِ وَبِغُرُوبِ شَمْسِ الثَّالِثِ يَفُوتُ جَمِيعُ الرَّمْيِ وَيُسَنُّ أَنْ يَرْمِيَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ إلَّا يَوْمَ النَّحْرِ فَيَجْعَلُهَا عَنْ يَسَارِهِ وَالْجَمْرَةَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ وَأَنْ يَرْمِيَ فِي آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ رَاكِبًا كَيَوْمِ النَّحْرِ وَفِي الْبَاقِي مَاشِيًا.
(وَلْيُنِبْ) وَلَوْ بِأُجْرَةٍ (فِي الرَّمْيِ لَا) فِي (التَّكْبِيرِ مَنْ عَنْهُ غَلَبْ) أَيْ: مَنْ غَلَبَ عَنْ الرَّمْيِ (لِعِلَّةٍ) كَمَرَضٍ وَحَبْسٍ وَلَوْ بِحَقٍّ كَمَا نُقِلَ فِي الْمَجْمُوعِ الِاتِّفَاقُ عَلَيْهِ لَكِنْ شَرَطَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنْ يُحْبَسَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَذَكَرَ أَنَّ الْبَنْدَنِيجِيَّ حَكَاهُ عَنْ النَّصِّ (لَا يُرْتَجَى أَنْ تُعْدَمَا) أَيْ: الْعِلَّةُ لَا يُرْتَجَى عَدَمُهَا أَيْ: زَوَالُهَا (قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِ رَمْيِ) خَشْيَةَ فَوَاتِهِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: فَرُوِيَ أَنَّ عُمَرَ إلَخْ) زَادَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَقِبَ هَذَا وَالْجَمِيعُ بِهَذَا قَدْ يُؤَثِّرُ فِي الِاسْتِدْلَالِ بِرِوَايَةِ أَنَّ عُمَرَ. (قَوْلُهُ: الْمُنَاسِبِ لِبَيْنَ إلَخْ) تَوْجِيهُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنْ يُقَدَّرَ مُضَافٌ أَيْ: وَبَيْنَ إجْزَاءِ وَقْتِ مَا زَالَتْ إلَى الْغُرُوبِ كَمَا قَالُوا فِي قَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ. (قَوْلُهُ: بِكُلِّ جَمْرَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ فَيَلْزَمُ وَالْبَاءُ لِلظَّرْفِيَّةِ.
ــ
[حاشية الشربيني]
الرَّمْيَ بِالْقَوْسِ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ بِالرِّجْلِ وَبِالرِّجْلِ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ بِالْفَمِ. اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ. (قَوْلُهُ: فَلْيَرْمِ سَبْعًا) وَالْقَصْدُ بِالرَّمْيِ إحْيَاءُ مَآثِرِ سَيِّدِنَا إبْرَاهِيمَ بِتَذَكُّرِ مَا وَقَعَ لَهُ مَعَ إبْلِيسَ لَمَّا أَرَادَ ذَبْحَ وَلَدِهِ بِأَنَّهُ ظَهَرَ لَهُ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الْأُولَى فَحَصَبَهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ حَتَّى سَاخَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ عِنْدَ الْوُسْطَى فَحَصَبَهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ حَتَّى سَاخَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ عِنْدَ الْأَخِيرَةِ فَحَصَبَهُ بِسَبْعٍ حَتَّى سَاخَ وَلَمْ يَعُدْ وَلِذَا قَالَ الْحَلِيمِيُّ يَنْوِي الرَّامِي عِنْدَ رَمْيِهِ أَنَّهُ يُجَاهِدُ الشَّيْطَانَ وَيَقُولُ إنْ ظَهَرْت لِي حَصَبْتُك هَكَذَا وَفِي الْإِحْيَاءِ أَنَّهُ ظَهَرَ لَهُ هُنَاكَ لِيُدْخِلَ عَلَيْهِ فِي حَجِّهِ شُبْهَةً فَأَمَرَهُ اللَّهُ بِرَمْيِهِ بِالْحِجَارَةِ طَرْدًا لَهُ. اهـ. شَرْحُ عب بِاخْتِصَارٍ.
(قَوْلُهُ: مَسْجِدَ الْخِيفِ) نِسْبَةٌ إلَى مَحَلِّهِ لِأَنَّ الْخِيفَ اسْمٌ لِمَكَانٍ ارْتَفَعَ عَنْ الْمُسَبَّلِ وَانْحَطَّ عَنْ غِلَظِ الْجَبَلِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ إلَخْ) يُفِيدُ جَوَازَ تَقْدِيمِهِ عَلَى زَوَالِ شَمْسِ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ فَيَجْعَلُهَا عَنْ يَسَارِهِ إلَخْ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَاخْتُصَّتْ بِهَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ فِي هَذَا الْيَوْمِ لِانْفِرَادِهَا فِيهِ عَنْ الْأَخِيرَتَيْنِ فَمُيِّزَتْ بِكَيْفِيَّةٍ تَخُصُّهَا لِيَظْهَرَ تَمْيِيزُهَا بِخِلَافِهَا فِي الْبَقِيَّةِ؛ لِأَنَّهُمَا لَمَّا اجْتَمَعَتَا مَعَهَا لَمْ يَكُنْ لِتَمَيُّزِهَا عَلَيْهِمَا مَعْنًى. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ.
. (قَوْلُهُ: وَلْيُنِبْ فِي الرَّمْيِ) ذِكْرُهُمْ الِاسْتِبَانَةَ لِلْعَاجِزِ عَنْ الرَّمْيِ وَسُكُوتُهُمْ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ أَرْكَانِ الْحَجِّ وَوَاجِبَاتِهِ يَقْتَضِي عَدَمَ الِاسْتِنَابَةِ فِيهَا وَيُصَرِّحُ بِهِ مَا قَالُوهُ فِي الْحَائِضِ مِنْ أَنَّ الطَّوَافَ يَبْقَى فِي ذِمَّتِهَا وَلَمْ يَقُولُوا يَجُوزُ اسْتِنَابَتُهَا فِيهِ فَرَاجِعْهُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: لَا التَّكْبِيرِ) أَيْ: إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَإِلَّا كَبَّرَ النَّائِبُ اهـ. ثُمَّ رَأَيْت مَا يَأْتِي.
(قَوْلُهُ: كَمَرَضٍ) قَالَ فِي الْإِيعَابِ بِخِلَافِ قَادِرٍ عَادَتُهُ الْإِغْمَاءُ قَالَ لِآخَرَ إذَا أُغْمِيَ عَلَيَّ فَارْمِ عَنِّي فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ فَإِذَا أُغْمِيَ عَلَيْهِ لَزِمَهُ دَمٌ وَلَوْ اعْتَادَ طُرُوُّهُ أَوَّلَ الْوَقْتِ وَبَقَاءَهُ إلَى آخِرِهِ وَإِنْ كَانَ لُزُومُ الدَّمِ لَهُ مُشْكِلًا لَكِنْ يُجَابُ بِأَنَّ هَذَا نَادِرٌ فِي هَذَا الْجِنْسِ. (قَوْلُهُ: لَا يُرْتَجَى زَوَالُهَا) وَيَكْفِي قَوْلُ طَبِيبٍ أَوْ مَعْرِفَةُ نَفْسِهِ وَفَارَقَ الْمَرَضَ الْمَخُوفَ حَيْثُ اُشْتُرِطَ فِيهِ اثْنَانِ بِأَنَّ فِيهِ حَقًّا لِآدَمِيٍّ وَهُوَ الْوَارِثُ بِخِلَافِهِ هُنَا اهـ حَجَرٌ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ.
كَالْحَجِّ (مَنْ رَمَى) مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْ: وَلْيُنِبْ مَنْ غُلِبَ عَنْ الرَّمْيِ مَنْ رَمَى عَنْ نَفْسِهِ بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يَرْمِ عَنْهَا؛ لِأَنَّ رَمْيَهُ يَقَعُ عَنْهُ دُونَ الْمُنِيبِ كَالْحَجِّ وَيُسَنُّ أَنْ يُنَاوِلَهُ الْأَحْجَارَ إنْ قَدَرَ فَلَوْ رَمَى عَنْهُ ثُمَّ زَالَتْ عِلَّةُ الْمُنِيبِ وَالْوَقْتُ بَاقٍ لَمْ يَلْزَمْهُ إعَادَتُهُ لَكِنَّهَا تُسَنُّ وَيُفَارِقُ نَظِيرَهُ فِي الْحَجِّ بِأَنَّ الرَّمْيَ تَابِعٌ وَيُجْبَرُ تَرْكُهُ بِدَمٍ بِخِلَافِ الْحَجِّ فِيهِمَا أَمَّا مَنْ لَمْ يُغْلَبْ عَنْ الرَّمْيِ أَوْ غُلِبَ عَنْهُ لَكِنْ رُجِيَ زَوَالُ عِلَّتِهِ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِ الرَّمْيِ فَلَا يُنِيبُ كَمَا فِي الْحَجِّ وَقَوْلُهُ: لَا التَّكْبِيرِ مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْ: لَا يُنِيبُ فِيهِ بَلْ يُكَبِّرُ هُوَ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْحُضُورِ كَبَّرَ النَّائِبُ كَمَا حَكَاهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ وَمِثْلُهُ مَا إذَا حَضَرَ لَكِنْ عَجَزَ عَنْ التَّكْبِيرِ (وَالِانْعِزَالُ) أَيْ: انْعِزَالُ النَّائِبِ عَنْ الرَّمْيِ (حَيْثُ أُغْمِيَ) عَلَى الْمُنِيبِ (فُقِدَا) كَمَا لَا يَنْعَزِلُ عَنْهُ وَعَنْ الْحَجِّ بِمَوْتِهِ وَلِأَنَّ الْإِغْمَاءَ زِيَادَةٌ فِي الْعَجْزِ الْمُبِيحِ لِلْإِنَابَةِ وَخَرَجَ عَنْ قِيَاسِ الْوَكَالَةِ لِوُجُوبِ الْإِذْنِ هُنَا وَأَمَّا إغْمَاءُ النَّائِبِ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِهِ وَهُوَ الْقِيَاسُ.
(وَاسْتَدْرَكَ) التَّارِكُ لِلرَّمْيِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَلَيَالِيِهَا وَلَوْ قَبْلَ الزَّوَالِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَلْيُنِبْ إلَخْ) فِي شَرْحِ الْجَوْجَرِيِّ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الِاسْتِنَابَةِ أَنْ يَقَعَ فِي الْوَقْتِ وَلَوْ كَانَ الْحَاجُّ أَجِيرَ عَيْنٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَسْتَنِيبُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا فَانْظُرْ مَا ذَكَرَهُ الْجَوْجَرِيُّ هَلْ يَشْكُلُ بِنَحْوِ تَوْكِيلِ الْمُحْرِمِ آخَرَ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ إذَا قُيِّدَ بِمَا بَعْدَ التَّحَلُّلِ أَوْ أُطْلِقَ. (قَوْلُهُ: أَيْ: مَنْ غُلِبَ عَنْ الرَّمْيِ) هَلْ الْمُرَادُ الرَّمْيُ الْمُعْتَبَرُ حَتَّى لَوْ غُلِبَ عَنْ الرَّمْيِ بِالْيَدِ أَنَابَ وَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ بِرِجْلٍ أَوْ قَوْسٍ لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِالرَّمْيِ بِهِمَا كَمَا تَقَدَّمَ أَوْ الْمُرَادُ الرَّمْيُ مُطْلَقًا فَلَا يُنِيبُ مَنْ عَجَزَ عَنْهُ بِالْيَدِ وَقَدَرَ عَلَيْهِ بِالرِّجْلِ أَوْ الْقَوْسِ مَثَلًا فِيهِ نَظَرٌ حَكَاهُ عَنْ النَّصِّ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الَّذِي فِي الْحَاوِي وَالتَّتِمَّةِ وَالْبَيَانِ وَغَيْرِهَا وَسَيَأْتِي فِي الْمُحْصَرِ أَنَّهُ إذَا حُبِسَ بِحَقٍّ لَا يُبَاحُ لَهُ التَّحَلُّلُ كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَا يَخْفَى إمْكَانُ الْفَرْقِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يَرْمِ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَإِلَّا بِأَنْ اسْتَنَابَ مَنْ لَمْ يَرْمِ فَرَمَى وَقَعَ عَنْ نَفْسِهِ اهـ. وَفِيهِ إشْعَارٌ بِصِحَّةِ اسْتِنَابَةِ مَنْ لَمْ يَرْمِ عَنْ نَفْسِهِ لَكِنْ لَا يَصِحُّ رَمْيُهُ عَنْ الْمُسْتَنِيبِ إلَّا بَعْدَ رَمْيِهِ عَنْ نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ أَنْ يُنَاوِلَهُ) أَيْ: يُنَاوِلَ الْمُنِيبُ النَّائِبَ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ إعَادَتُهُ) أَيْ: بِخِلَافٍ فِي الْمَعْضُوبِ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ كَمَا ذَكَرَهُ.
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: مَنْ رَمَى عَنْ نَفْسِهِ) أَيْ: الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثَ فَلَوْ رَمَى الْأُولَى فَاسْتَنَابَهُ آخَرُ لِرَمْيِهَا عَنْهُ لَمْ يَصِحَّ عَلَى أَحَدِ احْتِمَالَيْنِ فِي الْمُهِمَّاتِ وَثَانِيهِمَا أَنَّهُ لَا يُتَوَقَّفُ عَلَى الْجَمِيعِ بَلْ إنْ رَمَى الْجَمْرَةَ الْأُولَى صَحَّ أَنْ يَرْمِيَ عَقِبَهُ عَنْ الْمُسْتَنِيبِ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ الْجَمْرَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ عَنْ نَفْسِهِ وَفِي عِبَارَتِهَا إشَارَةٌ إلَى تَرْجِيحِ هَذَا الثَّانِي وَفِي الْخَادِمِ أَنَّهُ الظَّاهِرُ. اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ وَرَجَّحَ الزَّرْكَشِيُّ أَيْضًا الثَّانِيَ وَخَالَفَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ عب وَمِثْلُهُ نُقِلَ عَنْ إفْتَاءِ الرَّمْلِيِّ كَمَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَيُؤَيِّدُهُ كَمَا فِي سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ أَنَّ رَمْيَ الْيَوْمِ عَمَلٌ وَاحِدٌ بِدَلِيلِ أَنَّ فِي تَرْكِ جَمِيعِهِ دَمًا وَاحِدًا اهـ. ثُمَّ رَأَيْت هَذَا الْأَخِيرَ فِي حَوَاشِي الْمَنْهَجِ عَنْ شَرْحَيْ م ر وَحَجَرٍ لِلْمِنْهَاجِ. (قَوْلُهُ: مَنْ رَمَى عَنْ نَفْسِهِ) مَحَلُّ اعْتِبَارِ تَقَدُّمِ رَمْيِهِ إنْ دَخَلَ وَقْتُهُ فَلَوْ اسْتَنَابَهُ لِرَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ فِي الْغَدِ صَحَّ أَنْ يَرْمِيَهُ قَبْلَ الزَّوَالِ وَإِنْ كَانَ عَلَى النَّائِبِ رَمْيُ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَهَكَذَا فَلَوْ رَمَى النَّائِبُ عَنْ الْمُنِيبِ الْجَمْرَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ قَبْلَ الزَّوَالِ فِي ثَانِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ عَنْ أَوَّلِهَا ثُمَّ زَالَتْ الشَّمْسُ رَمَى عَنْ نَفْسِهِ الثَّلَاثَ ثُمَّ الثَّالِثَةَ عَنْ الْمُنِيبِ وَلَوْ أَنَابَهُ جَمَاعَةٌ فِي الرَّمْيِ عَنْهُمْ اسْتَقْرَبَ فِي التُّحْفَةِ لُزُومَ التَّرْتِيبِ بَيْنَهُمْ بِأَنْ لَا يَرْمِيَ عَنْ الثَّانِي إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الرَّمْيِ عَنْ الْأَوَّلِ. اهـ. مَدَنِيٌّ وَمُرَادُهُ بِالْأَوَّلِ مَنْ رَمَى عَنْهُ أَوَّلًا تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ يَقَعُ عَنْهُ دُونَ الْمُنِيبِ) وَإِنْ نَوَى بِهِ الْمُنِيبَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّوَافِ بِأَنَّ فِي مَسْأَلَةِ الطَّوَافِ الْحَامِلُ كَالدَّابَّةِ وَفِي الْحَقِيقَةِ الطَّائِفُ هُوَ مَحْمُولٌ بِخِلَافِ هَذِهِ فَإِنَّ النَّائِبَ هُوَ الْمُبَاشِرُ لِلرَّمْيِ فَهُوَ مِثْلُ النِّيَابَةِ فِي الْحَجِّ قَالَهُ شَيْخُنَا م ر اهـ مِنْ هَامِشِ الشَّرْحِ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْحَجِّ) لَكِنَّ الْيَأْسَ ثَمَّ مُعْتَبَرٌ بِالْمَوْتِ لِأَنَّ وَقْتَ الْحَجِّ الْعُمْرُ وَوَقْتَ الرَّمْيِ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْإِغْمَاءَ إلَخْ) قَالَ حَجَرٌ وَبِهِ فَارَقَ سَائِرَ الْوَكَالَاتِ. (قَوْلُهُ لِوُجُوبِ الْإِذْنِ هُنَا) اُنْظُرْ مَا مَعْنَاهُ فَإِنْ كَانَ أَنَّ الرَّمْيَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ فَيَجِبُ الْإِنَابَةُ عِنْدَ الْعَجْزِ فَقَدْ يُقَالُ فِعْلُ مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ مَثَلًا كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَنْعَزِلُ) قَالَ فِي الْإِيعَابِ فَيَنْعَزِلُ بِهِ عَلَى الْأَوْجَهِ.
. (قَوْلُهُ:
وَغَيْرِهِمَا وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ (الْمَتْرُوكَ) مَنْ رَمَى يَوْمَ النَّحْرِ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ وَلَوْ عَمْدًا بِالنَّصِّ فِي الرِّعَاءِ وَأَهْلِ السِّقَايَةِ وَبِالْقِيَاسِ فِي غَيْرِهِمْ حَالَةَ كَوْنِ تَدَارُكِ الْمَتْرُوكِ (سَابِقًا) عَلَى رَمْيِ الْيَوْمِ رِعَايَةً لِلتَّرْتِيبِ فِي الزَّمَانِ كَرِعَايَتِهِ فِي الْمَكَانِ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُتَدَارَكَ يَقَعُ (أَدَا) وَإِلَّا لَمَا دَخَلَهُ التَّدَارُكُ كَالْوُقُوفِ بَعْدَ فَوَاتِهِ فَجُمْلَةُ أَيَّامِ الرَّمْيِ كَوَقْتٍ وَاحِدٍ وَكُلُّ يَوْمٍ لِرَمْيَيْهِ وَقْتُ اخْتِيَارٍ كَوَقْتِ الِاخْتِيَارِ لِلصَّلَاةِ وَمَا اقْتَضَاهُ هَذَا الْكَلَامُ مِنْ جَوَازِ تَرْكِ رَمْيِ يَوْمَيْنِ وَوُقُوعِهِ أَدَاءً بِالتَّدَارُكِ لَا يَشْكُلُ بِقَوْلِهِمْ لَيْسَ لِلْمَعْذُورِينَ أَنْ يَدْعُوا أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَأَنَّهُمْ يَقْضُونَ مَا فَاتَهُمْ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي تَارِكِ الرَّمْيِ فَقَطْ وَهُنَاكَ فِي تَارِكِهِ مَعَ الْبَيَاتِ بِمِنًى وَالتَّعْبِيرُ بِالْقَضَاءِ لَا يُنَافِي الْأَدَاءَ.
(وَتَرْكِ كُلٍّ) أَيْ: كُلِّ رَمَيَاتِ يَوْمِ النَّحْرِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ (وَثَلَاثٍ) أَيْ: أَوْ ثَلَاثِ رَمَيَاتٍ مِنْ غَيْرِ تَدَارُكٍ لِذَلِكَ (فِيهِ دَمْ) يَأْتِي بَيَانُهُ لِاتِّحَادِ جِنْسِ الرَّمْيِ فِي الْأَوَّلِ كَحَلْقِ الرَّأْسِ وَلِمُسَمَّى الْجَمْعِ فِي الثَّانِي كَحَلْقِ ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ كَمَا سَيَأْتِي رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّهُ قَالَ مَنْ تَرَكَ نُسُكًا فَعَلَيْهِ دَمٌ وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ إذَا تَرَكَ رَمْيَ يَوْمِ النَّحْرِ وَرَمْيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ دَمَانِ لِاخْتِلَافِ الرَّمْيَيْنِ قَدْرًا وَوَقْتًا وَحُكْمًا لِتَأْثِيرِ رَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ فِي التَّحَلُّلِ دُونَ غَيْرِهِ (وَ) فِي تَرْكِ (فَرْدَةٍ) أَيْ: رَمْيَةٍ (مُدٌّ) مِنْ الطَّعَامِ وَفِي تَرْكِ رَمْيَتَيْنِ مُدَّانِ لِعُسْرِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ حَاصِلَ كَلَامِ الشَّارِحِ أَوَّلًا وَآخِرًا أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَعْذُورِ تَرْكُ رَمْيِ يَوْمَيْنِ مَعَ الْإِتْيَانِ بِالْمَبِيتِ وَتَرْكِ مَبِيتِ لَيْلَتَيْنِ مَعَ الْإِتْيَانِ بِالرَّمْيِ وَأَنَّهُ يَمْتَنِعُ تَرْكُ رَمْيِ يَوْمَيْنِ وَمَبِيتِ لَيْلَتَيْنِ مَعًا وَقَدْ اعْتَرَضَهُ بَعْضُهُمْ فِي ذَلِكَ فَقَالَ مَا نَصُّهُ وَأَمَّا جَوَابُ بَعْضِهِمْ عَنْ قَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ مِنْ التَّنَاقُضِ الْعَجِيبِ قَوْلُهُمَا يَجُوزُ لِذَوِي الْأَعْذَارِ تَأْخِيرُ رَمْيِ يَوْمٍ لَا يَوْمَيْنِ مَعَ تَصْحِيحِهِمَا أَنَّ لِغَيْرِهِمْ تَأْخِيرَ رَمْيِ يَوْمَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ؛ لِأَنَّ أَيَّامَ مِنًى كَالْوَقْتِ الْوَاحِدِ بِأَنَّ هَذَا فِيمَنْ بَاتَ لَيَالِيَ مِنًى وَذَلِكَ فِي ذِي عُذْرٍ لَمْ يَبِتْهُمَا فَامْتِنَاعُ التَّأْخِيرِ لِتَرْكِهِ شِعَارَ الْمَبِيتِ وَالرَّمْيِ فَيُرَدُّ بِأَنَّ مَا تُرِكَ لِلْعُذْرِ بِمَنْزِلَةِ الْمَأْتِيِّ بِهِ فِي عَدَمِ الْإِثْمِ فَلَمْ يُنَاسِبْ التَّضْيِيقَ بِذَلِكَ مَعَ الْعُذْرِ عَلَى أَنَّ هَذَا الْجَمْعَ مُخَالِفٌ لِإِطْلَاقِهِمْ فِي الْمَوْضُوعَيْنِ مِنْ غَيْرِ مَعْنًى يَشْهَدُ لَهُ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ وَإِنَّمَا لِوَجْهِ مَا ذَكَرْته مِنْ أَنْ يَجُوزَ مَعْنَاهُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ وَلَا يَجُوزُ مَعْنَاهُ نَفْيُ الْحِلِّ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ فَتَأَمَّلْهُ. اهـ. ح ج. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْكَلَامَ إلَخْ) يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ أَيْضًا بِحَمْلِ قَوْلِهِمْ لَيْسَ لِلْمَعْذُورِينَ عَلَى نَفْيِ الْحِلِّ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ بِرّ. (قَوْلُهُ: لِتَأْثِيرِ رَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ حُكْمًا. (قَوْلُهُ: وَفَرْدَةٍ مُدٌّ) لَوْ شَكَّ بَعْدَ رَمْيِ الْجَمْرَةِ هَلْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْ رَمْيِهَا أَوْ لَا لَمْ يَضُرَّ كَمَا لَوْ شَكَّ بَعْدَ الصَّلَاةِ هَلْ تَرَكَ مِنْهَا شَيْئًا أَوْ لَا م ر. (قَوْلُهُ: يُذَمُّ بِهِ الْمُحْرِمُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ نَائِبَ فَاعِلِ يُذَمُّ ضَمِيرُ الْمُحْرِمِ وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ اللَّفْظِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ بَلْ يَصِحُّ إسْنَادُ الْفِعْلِ إلَى ضَمِيرِ الْحَلْقِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ اللَّفْظِ. (قَوْلُهُ: وَفِي شَعْرَةٍ مُدٌّ وَشَعْرَتَيْنِ مُدَّانِ) عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَفِي شَعْرَةٍ أَوْ ظُفْرٍ مُدٌّ وَفِي اثْنَيْنِ مُدَّانِ إنْ اخْتَارَ دَمًا اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ فَإِنْ اخْتَارَ الطَّعَامَ فَفِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا صَاعٌ وَفِي اثْنَيْنِ صَاعَانِ أَوْ الصَّوْمَ فَفِي وَاحِدَةٍ صَوْمُ يَوْمٍ وَفِي اثْنَيْنِ صَوْمُ يَوْمَيْنِ اهـ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وُجُوبُ الْمُدِّ وَالْمُدَّيْنِ سَوَاءٌ اخْتَارَ
ــ
[حاشية الشربيني]
مَنْ رَمَى يَوْمَ النَّحْرِ) صَرِيحٌ فِي وُجُوبِ التَّرْتِيبِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَمْيِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ وَالنَّوَوِيِّ لَكِنَّ فِي الْقُوتِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ فِي الْإِمْلَاءِ مَعَ نَصِّهِ عَلَى التَّرْتِيبِ فِي رَمْيِ أَيَّامِ مِنًى إذَا نَسِيَهُ قَالَ لَوْ نَسِيَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَلَمْ يَذْكُرْهَا إلَّا بَعْدَ رَمْيِهِ يَوْمَيْنِ أَوْ الْيَوْمَ الثَّالِثَ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّمْسِ أَجْزَأَ عَنْهُ رَمْيُهَا وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ لِمَا مَضَى اهـ اهـ عَلَى أَبِي شُجَاعٍ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمَا دَخَلَهُ التَّدَارُكُ) لِأَنَّ وَقْتَهُ الْمُعَيَّنَ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهِ لِعَدَمِ وُرُودِ الْقَضَاءِ فِيهِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: وَكُلُّ يَوْمٍ إلَخْ) بِخِلَافِ اللَّيْلَةِ بَعْدَهُ. اهـ. رَوْضَةٌ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْمَقَامَ مُخْتَلِفٌ فَإِنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي بَيَانِ وَقْتِ الْأَدَاءِ وَهُنَاكَ فِي بَيَانِ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ لِلْمَعْذُورِينَ فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ لَيْسَ لِلْمَعْذُورِينَ إلَخْ أَنَّ عُذْرَهُمْ هَذَا لَيْسَ عُذْرًا فِي تَرْكِ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ يَوْمَيْنِ بَلْ هُوَ عُذْرٌ فِي تَرْكِهِ يَوْمًا وَاحِدًا فَقَطْ وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَنْعَ أَيْ: لِذَوِي الْأَعْذَارِ مِنْ تَأْخِيرِ رَمْيِ يَوْمَيْنِ مُتَوَالِيَيْنِ هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِوَقْتِ الِاخْتِيَارِ وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ أَنَّ وَقْتَ الْجَوَازِ يَمْتَدُّ إلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَقَوْلُ الْمَجْمُوعِ لَا يُرَخَّصُ لِلرِّعَاءِ فِي تَرْكِ يَوْمِ النَّحْرِ أَيْ: فِي تَأْخِيرِهِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُرَخَّصُ لَهُ فِي الْخُرُوجِ عَنْ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ اهـ.
وَظَاهِرُ هَذَا وَقْتُ الِاخْتِيَارِ فِي حَقِّ الْمَعْذُورِينَ يَمْتَدُّ إلَى الْيَوْمِ الثَّانِي بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ وَلَا مَانِعَ مِنْهُ فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّ بِمَا ذُكِرَ يَنْدَفِعُ مَا فِي الْحَاشِيَةِ عَنْ حَجَرٍ اهـ وَفِي الشَّيْخِ عَمِيرَةَ عَلَى الْمَحَلِّيِّ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُرَخِّصْ لِلرُّعَاةِ تَأْخِيرَ رَمْيِ النَّحْرِ وَلَا تَأْخِيرَ يَوْمَيْنِ» بَعْدَ قَوْلِهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَوَّزَ لَهُمْ تَرْكَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ» وَتَدَارَكَهُ فِي الْبَاقِي اهـ فَالْمُرَادُ لَمْ يُرَخِّصْ فِي الِاخْتِيَارِ. (قَوْلُهُ: مَعَ الْبَيَاتِ بِمِنًى) لَا يَخْفَى بَعْدَهُ وَلَوْ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُرَخَّصُ لَهُمْ ذَلِكَ فِي الْخُرُوجِ عَنْ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ كَمَا فِي شَرْحِ عب لَكَانَ قَرِيبًا. (قَوْلُهُ: مُدٌّ مِنْ الطَّعَامِ) لَا يَشْكُلُ بِأَنَّ دَمَ تَرْكِ الرَّمْيِ دَمُ تَرْتِيبٍ وَتَقْدِيرٍ وَلَا إطْعَامَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا عَسِرَ
تَبْعِيضِ الدَّمِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ التَّرْكُ مِنْ الْجَمْرَةِ الْأَخِيرَةِ فِي الْيَوْمِ الْأَخِيرِ وَإِلَّا فَالْمَتْرُوكُ أَكْثَرُ مِنْ رَمْيَةٍ وَرَمْيَتَيْنِ لِمُرَاعَاةِ التَّرْتِيبِ فَالْوَاجِبُ دَمٌ وَلَا فَرْقَ فِي تَرْكِ مَا ذُكِرَ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالسَّهْوِ (كَفِي) أَيْ: كَمَا يَجِبُ الدَّمُ وَالْمُدُّ فِي (حَلْقٍ يُذَمْ) بِهِ الْمُحْرِمُ فَفِي حَلْقِ الرَّأْسِ وَلَوْ مَعَ غَيْرِهِ أَوْ ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الرَّأْسِ بِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ دَمٌ مُخَيَّرٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا سَيَأْتِي لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ} [البقرة: 196] أَيْ: شَعْرَهَا الصَّادِقَ بِثَلَاثٍ عَلَى مَا مَرَّ {حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ} [البقرة: 196] أَيْ: فَحَلَقَ فَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ وَإِذَا وَجَبَتْ الْفِدْيَةُ مَعَ الْعُذْرِ فَبِدُونِهِ أَوْلَى وَقِيسَ بِالرَّأْسِ غَيْرُهُ بِجَامِعِ التَّرَفُّهِ هَذَا إذَا حَلَقَ الثَّلَاثَ دُفْعَةً وَاحِدَةً بِمَكَانٍ وَاحِدٍ فَإِنْ فَرَّقَ زَمَانًا أَوْ مَكَانًا فَسَيَأْتِي وَفِي شَعْرِهِ مُدٌّ وَشَعْرَتَيْنِ مُدَّانِ لِمَا مَرَّ فِي الرَّمْيَةِ وَالرَّمْيَتَيْنِ وَلِأَنَّهُ قَدْ عُهِدَ تَعْدِيلُ الْجُبْرَانِ بِالطَّعَامِ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ وَغَيْرِهِ وَالشَّعْرَةُ نِهَايَةُ الْقِلَّةِ فَقُوبِلَتْ بِأَقَلِّ وَاجِبٍ فِي الْكَفَّارَةِ وَهُوَ الْمُدُّ وَبَحَثَ الْمُتَوَلِّي إيجَابَ صَاعٍ أَوْ صَوْمَ يَوْمٍ؛ لِأَنَّ الدَّمَ مُقَابَلٌ فِي فِدْيَةِ الْحَلْقِ بِثَلَاثَةِ آصُعٍ أَوْ صَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَكَالشَّعْرَةِ فِيمَا ذُكِرَ بَعْضُهَا وَالْمُرَادُ مِنْ الْحَلْقِ الْإِبَانَةُ كَمَا عَبَّرَ بِهَا فِي مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ " يُذَمُّ " الْحَلْقُ الْوَاقِعِ فِي أَوَانِهِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ لَكِنَّهُ يُوهِمُ خُرُوجَ الْحَلْقِ فِي غَيْرِ أَوَانِهِ لِعُذْرٍ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ مَدْفُوعٌ بِقَوْلِهِ فِي الْفَصْلِ الْآتِي كَالْحَلْقِ دُونَ الْوَقْتِ لِلتَّأَلُّمِ فَالْمُرَادُ حَلْقٌ يُذَمُّ بِهِ بِلَا تَأَلُّمٍ.
(وَالثَّانِ مِنْ قَبْلِ غُرُوبِهِ نَفَرْ) أَيْ: وَمَنْ نَفَرَ قَبْلَ
ــ
[حاشية العبادي]
الدَّمَ أَوْ الْإِطْعَامَ أَوْ الصِّيَامَ. (قَوْلُهُ: حَلْقٌ يُذَمُّ بِهِ إلَخْ) كَأَنَّ الْمُرَادَ حَلْقٌ يُذَمُّ بِهِ لَوْ خَلَا عَنْ التَّأَلُّمِ فَيَشْمَلُ الْحَلْقَ لِلتَّأَلُّمِ بِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ حَلْقٌ يُذَمُّ بِهِ لَوْ خَلَا عَنْ التَّأَلُّمِ كَمَا يَشْمَلُ الْحَلْقَ بِغَيْرِ عُذْرٍ إذْ يَصْدُقُ أَنَّهُ حَلْقٌ يُذَمُّ بِهِ لَوْ خَلَا عَنْ التَّأَلُّمِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَبِتْهُمَا) صَادِقٌ بِبَيَاتِ أَحَدِهِمَا وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَيُتَّجَهُ طَرْدُ ذَلِكَ فِي الرَّمْيِ أَيْضًا شَرْحُ الرَّوْضِ فَمَنْ لَمْ يَرْمِ الْيَوْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ لَمْ يَسْقُطْ مَبِيتُ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ وَلَا رَمْيُ يَوْمِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ -
ــ
[حاشية الشربيني]
تَبْعِيضُ الدَّمِ وَكَذَا الصَّوْمُ إذْ يَلْزَمُ مِنْ وُجُوبِهِ تَكْمِيلُ الْمُنْكَسِرِ عَدَلَ إلَى جِنْسٍ آخَرَ أَحَقَّ مِنْهُمَا قَصْدًا إلَى السُّهُولَةِ وَنَزَّلَ الْمَعْدُولَ إلَيْهِ مَنْزِلَةَ أَصْلِ الْمَعْدُولِ عَنْهُ حَتَّى لَيْسَ لِلْقَادِرِ عَلَيْهِ بَدَلُهُ وَهُوَ صَوْمُ ثُلُثِ الْعَشَرَةِ بِخِلَافِ الْعَاجِزِ قَالَهُ ابْنُ الْجَمَّالِ فِي شَرْحِ الْإِيضَاحِ وَتَوْضِيحُهُ أَنَّهُ لَا شُبْهَةَ أَنَّ الْوَاجِبَ أَصَالَةً ثُلُثُ الدَّمِ فِي الْحَصَاةِ وَثُلُثَاهُ فِي الْحَصَاتَيْنِ.
فَإِنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ فَمُقْتَضَى الْقِيَاسِ أَنْ يَكُونَ وَاجِبُهُ صَوْمَ ثُلُثِ الْعَشَرَةِ فِي الْأَوَّلِ وَثُلُثَيْهَا فِي الثَّانِي لَكِنْ أُقِيمَ الْمُدُّ وَالْمُدَّانِ مَقَامَ ثُلُثِ الدَّمِ أَوْ ثُلُثَيْهِ لِعُسْرِ تَبْعِيضِ الدَّمِ لَا أَنَّهُ جُعِلَ بَعْدَهُ فِي الرُّتْبَةِ لِتَخَالُفِ دَمِ التَّرْتِيبِ وَالتَّعْدِيلِ الْآتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَإِذَا عَجَزَ عَنْ نَحْوِ الْمُدِّ الَّذِي هُوَ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الدَّمِ فَهُوَ عَاجِزٌ عَنْ الدَّمِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ حِينَئِذٍ وَلَا يُخْرِجُهُ هَذَا عَنْ كَوْنِهِ دَمَ تَرْتِيبٍ وَتَقْدِيرٍ إذْ لَيْسَ الصَّوْمُ بَدَلًا عَنْ الْمُدِّ وَالْمُدَّيْنِ بَلْ عَنْ الدَّمِ الْقَائِمِ هُوَ مَقَامَهُ لِلتَّخْفِيفِ وَأَمَّا مَا اقْتَضَاهُ قَوْلُهُ: وَكَذَا الصَّوْمُ إذْ يَلْزَمُ إلَخْ مِنْ أَنَّ الْمُدَّ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الصَّوْمِ أَيْضًا وَأَنَّهُ عِنْدَ الْعَجْزِ يَرْجِعُ إلَيْهِ فَلَيْسَ بِمُرَادٍ بَلْ إنَّمَا هُوَ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الدَّمِ فَقَطْ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ ثُلُثَ الدَّمِ فِي الْحَصَاةِ أَجْزَأَ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَلَا يُقَالُ يَنْبَغِي الصَّوْمُ إذَا عَجَزَ عَنْهُ بِدُونِ اشْتِرَاطِ الْعَجْزِ عَنْ الْمُدِّ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُدَّ إنَّمَا هُوَ قَائِمٌ مَقَامَهُ سَوَاءٌ فِي حَقِّ مُرِيدِ إخْرَاجِ ثُلُثِ الدَّمِ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يَجُوزُ الصَّوْمُ إلَّا بَعْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْمُدِّ وَأَجْزَأَ ثُلُثُ الدَّمِ؛ لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ أَصْلُهُ. اهـ. جَمَلٌ عَلَى الْمَنْهَجِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلرَّاجِحِ فِي حَلْقِ الشَّعْرَةِ وَالشَّعْرَتَيْنِ مِنْ أَنَّ الْوَاجِبَ الْمُدُّ وَإِنْ اخْتَارَ الصَّوْمَ فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالْمَتْرُوكُ إلَخْ) أَيْ: إلَّا يَكُنْ مِنْ الْجَمْرَةِ الْأَخِيرَةِ بِأَنْ كَانَ مِنْ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ وَلَوْ فِي الْيَوْمِ الْأَخِيرِ فَإِنَّهُ يَلْغُو مَا بَعْدَهَا أَوْ كَانَ مِنْ الْأَخِيرَةِ لَا فِي الْيَوْمِ الْأَخِيرِ فَإِنْ رَمَى الْيَوْمَ الَّذِي بَعْدَهُ فِي غَيْرِ الْأَخِيرَةِ يَلْغُو تَدَبَّرْ وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ عَلَى الْمَنْهَجِ قَوْلُهُ: مِنْ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ إنَّمَا قَيَّدَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَتْرُوكُ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ وَلَوْ رَمْيَةً وَاحِدَةً يَلْزَمُهُ دَمٌ لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ الرَّمْيِ بَعْدَ ذَلِكَ يُفْسِدُ لِاشْتِرَاطِ التَّرْتِيبِ سَوَاءٌ قُلْنَا إنَّ الرَّمْيَ بِقَصْدِ الْيَوْمِ لَا يَمْنَعُ مِنْ وُقُوعِهِ عَنْ الْمَاضِي وَهُوَ الصَّحِيحُ أَمْ لَا وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْإِسْنَوِيِّ وَغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ فِي الرَّمْيَةِ وَالرَّمْيَتَيْنِ) قَدْ يُقَالُ إنَّ الْعُسْرَ هَذَا غَيْرُ مَوْجُودٍ لِجَوَازِ أَنْ يَخْتَارَ الْإِطْعَامَ أَوْ الصَّوْمَ بَدَلَ الدَّمِ وَلَا تَكْمِيلَ لِمُنْكَسِرٍ هُنَا لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِي الشَّعْرَةِ صَاعٌ أَوْ يَوْمٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ هَذِهِ الْكَفَّارَةَ مُخَيَّرٌ فِي جَمِيعِ مَرَاتِبِهَا فَإِنْ اخْتَارَ الدَّمَ لَزِمَ مَا ذُكِرَ وَإِنْ مُنِعَ مِنْهُ بِأَنْ وَجَبَ اخْتِيَارُ غَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ حُكْمَ هَذِهِ الْكَفَّارَةِ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الْمُتَوَلِّي إلَخْ) أَيْ: بِنَاءً عَلَى اخْتِيَارِ الدَّمِ أَمَّا عَلَى اخْتِيَارِ الْإِطْعَامِ أَوْ الصَّوْمِ فَوُجُوبُ الصَّاعِ أَوْ صَوْمِ الْيَوْمِ لَيْسَ بَحْثًا لِلْمُتَوَلِّي بَلْ هُوَ قَوْلٌ فِي أَصْلِ الْمَذْهَبِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا. (قَوْلُهُ: إيجَابَ صَاعٍ إلَخْ) أَيْ: حَيْثُ عَسُرَ تَبْعِيضُ الدَّمِ وَفِيهِ أَنَّ هَذِهِ الْكَفَّارَةَ مُخَيَّرٌ فِي جَمِيعِ أَفْرَادِهَا وَعَلَى مَا بَحَثَهُ يَمْتَنِعُ التَّخْيِيرُ فِي أَوَّلِهَا تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ إلَخْ) أَيْ: حَيْثُ كَانَ الْبَعْضُ كَالْكَامِلِ.
. (قَوْلُهُ: مِنْ قَبْلِ غُرُوبِهِ نَفَرَ) أَيْ: بَعْدَ الزَّوَالِ وَالرَّمْيِ أَمَّا إذَا نَفَرَ قَبْلَ الزَّوَالِ سَوَاءٌ أَنَفَرَ فِي يَوْمِ النَّفْرِ الْأَوَّلِ أَوْ فِيمَا قَبْلَهُ فَإِنْ عَادَ وَزَالَتْ الشَّمْسُ
غُرُوبِ الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ (فَآخِرُ الْمَبِيتِ) بِمِنًى وَهُوَ مَبِيتُ لَيْلَةِ الثَّالِثِ (وَ) آخِرُ (الرَّمْيِ) وَهُوَ رَمْيُ الثَّالِثِ (هَدَرْ) أَيْ: سَاقِطٌ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ بِتَرْكِهِ وَلَا إثْمَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: 203] وَلِإِتْيَانِهِ بِمُعْظَمِ الْعِبَادَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا بَاتَ اللَّيْلَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَبِتْهُمَا لَمْ يَسْقُطْ مَبِيتُ الثَّالِثَةِ وَلَا رَمْيُ يَوْمِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ فِيمَنْ لَا عُذْرَ لَهُ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الرُّويَانِيِّ عَنْ الْأَصْحَابِ وَأَقَرَّهُ وَحَيْثُ جَازَ لَهُ النَّفْرُ لَوْ ارْتَحَلَ فَغَرَبَتْ الشَّمْسُ قَبْلَ خُرُوجِهِ مِنْ مِنًى فَلَهُ النَّفْرُ وَكَذَا لَوْ نَفَرَ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَعَادَ لِشُغْلٍ فَلَوْ تَبَرَّعَ بِالْمَبِيتِ لَمْ يَلْزَمْهُ رَمْيُ الْغَدِ نُصَّ عَلَيْهِ أَمَّا مَبِيتُ وَرَمْيُ غَيْرِ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ فَلَا يَسْقُطَانِ فَلَوْ تَرَكَ مَبِيتَ لَيْلَةٍ فَعَلَيْهِ مُدٌّ أَوْ لَيْلَتَيْنِ فَمُدَّانِ أَوْ الثَّلَاثِ فَدَمٌ لِتَرْكِ جِنْسِ الْمَبِيتِ بِمِنًى أَوْ الثَّلَاثِ مَعَ لَيْلَةِ مُزْدَلِفَةَ فَدَمَانِ لِاخْتِلَافِ الْمَبِيتَيْنِ مَكَانًا.
وَيُفَارِقُ مَا مَرَّ فِي تَرْكِ الرَّمْيَيْنِ بِأَنَّ تَرْكَ الْمَبِيتَيْنِ يَسْتَلْزِمُ تَرْكَ مَكَانَيْنِ وَزَمَانَيْنِ وَتَرْكُ الرَّمْيَيْنِ لَا يَسْتَلْزِمُ إلَّا تَرْكَ زَمَانَيْنِ وَخَرَجَ بِقَبْلِ الْغُرُوبِ مَنْ نَفَرَ بَعْدَهُ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ مَبِيتُ اللَّيْلَةِ وَلَا رَمْيُ غَدِهَا لِمَا رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ مَوْقُوفٍ عَلَيْهِ مَنْ غَرَبَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَهُوَ بِمِنًى مِنْ أَوْسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَلَا يَنْفِرْ حَتَّى يَرْمِيَ الْجِمَارَ مِنْ الْغَدِ فَعُلِمَ أَنَّهُ إذَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ وَهُوَ فِي شَغْلِ الِارْتِحَالِ لَزِمَهُ الْمَبِيتُ وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحَيْهِ وَالنَّوَوِيُّ فِي إيضَاحِهِ وَمَا وَقَعَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَعَزَاهُ فِي الْمَجْمُوعِ إلَى الرَّافِعِيِّ مِنْ تَصْحِيحِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ غَلَطٌ سَبَبُهُ سُقُوطُ شَيْءٍ مِنْ بَعْضِ نُسَخِ الْعَزِيزِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ هَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ الْمَعْذُورِينَ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي مَبِيتِ مُزْدَلِفَةَ أَمَّا الْمَعْذُورُونَ كَأَهْلِ السِّقَايَةِ وَرِعَاءِ الْإِبِلِ فَلَهُمْ تَرْكُ الْمَبِيتِ لَيَالِيَ مِنًى مِنْ غَيْرِ دَمٍ «؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ لِلْعَبَّاسِ أَنْ يَبِيتَ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى لِأَجْلِ السِّقَايَةِ»
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: فَلَهُ النَّفْرُ إلَخْ) فَلَوْ تَبَرَّعَ بِالْمَبِيتِ لَزِمَهُ رَمْيُ الْغَدِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ هَذَا الْكَلَامِ وَهُوَ قَرِيبٌ إنْ تَبَرَّعَ بِهِ قَبْلَ الِانْفِصَالِ عَنْ مِنًى بِأَنْ أَعْرَضَ عَنْ الْخُرُوجِ مِنْهَا وَأَرَادَ الْمَبِيتَ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: رَوَاهُ مَالِكٌ) هَذَا صَادِقٌ بِمَنْ غَرَبَتْ عَلَيْهِ بِمِنًى بَعْدَ ارْتِحَالِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَخْصِيصِهِ.
ــ
[حاشية الشربيني]
يَوْمَ النَّفْرِ الْأَوَّلِ وَهُوَ بِمِنًى لَمْ يُؤَثِّرْ خُرُوجُهُ أَوْ بَعْدَ الْغُرُوبِ لَزِمَهُ دَمٌ وَلَا أَثَرَ لِعَوْدِهِ أَوْ بَيْنَ الزَّوَالِ وَالْغُرُوبِ رَمَى وَأَجْزَأَهُ وَلَهُ النَّفْرُ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَبَقِيَ لِذَلِكَ تَتِمَّةٌ فِي الْأَصْلِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ الصَّغِيرِ وَقَوْلُهُ: يَوْمَ النَّفْرِ الْأَوَّلِ يُفِيدُ أَنَّ غُرُوبَهَا قَبْلَهُ لَا يَضُرُّ فِي عَوْدِهِ وَهُوَ مَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ حَيْثُ قَالَ وَلَا خِلَافَ أَنَّ مَنْ نَفَرَ يَوْمَ النَّحْرِ أَوْ ثَانِيهِ فَعَادَ قَبْلَ الْغُرُوبِ رَمَى إذْ لَا حُكْمَ لِلنَّفْرِ فِيهِمَا.
وَكَذَا لَوْ عَادَ بَعْدَ الْغُرُوبِ اهـ فَتَدَبَّرْ وَقَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ الْغُرُوبِ لَزِمَهُ دَمٌ ظَاهِرُهُ أَنَّ مَبِيتَ اللَّيْلَةِ كَافٍ وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مُدٌّ لَهَا وَلَا يُفِيدُهُ الْبَيَانُ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: مِنْ قَبْلِ غُرُوبِهِ نَفَرَ) قَالَ الْمَدَنِيُّ لِجَوَازِ النَّفْرِ الْأَوَّلِ ثَمَانِيَةُ شُرُوطٍ لَكِنَّهَا تَعُودُ لِخَمْسَةٍ لِدُخُولِ بَعْضِهَا فِي بَعْضٍ أَنْ يَنْفِرَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَأَنْ يَكُونَ بَعْدَ الزَّوَالِ وَأَنْ يَكُونَ بَعْدَ جَمِيعِ الرَّمْيِ وَأَنْ يَكُونَ قَدْ بَاتَ اللَّيْلَتَيْنِ قَبْلَهُ بِمِنًى أَوْ تَرَكَهُمَا لِعُذْرٍ وَأَنْ يَنْوِيَ النَّفْرَ وَأَنْ يَكُونَ نِيَّةُ النَّفْرِ مُقَارِنَةً لَهُ وَإِلَّا لَمْ يُعْتَدَّ بِخُرُوجِهِ فَيَلْزَمُهُ الْعَوْدُ وَهَذَا دَاخِلٌ فِي نِيَّةِ النَّفْرِ لِأَنَّ حَقِيقَةَ النِّيَّةِ الْقَصْدُ الْمُقَارِنُ وَأَنْ يَكُونَ نَفْرُهُ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَهَذَا يُغْنِي عَنْهُ ذِكْرُ الْيَوْمِ وَأَنْ لَا يَكُونَ فِي عَزْمِهِ الْعَوْدُ إلَى الْمَبِيتِ وَهَذَا يُغْنِي عَنْهُ ذِكْرُ النَّفْرِ؛ لِأَنَّهُ مَعَ الْعَزْمِ عَلَى الْعَوْدِ لَا يُسَمَّى نَفْرًا وَأَخَذَ ابْنُ الْجَمَّالِ فِي شَرْحِ الْإِيضَاحِ مِنْ الشَّرْطِ الثَّالِثِ وَالسَّادِسِ أَنَّ مَنْ بَاتَ اللَّيْلَتَيْنِ وَرَمَى الْأَوَّلَيْنِ وَوَصَلَ إلَى جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ لِيَرْمِيَهَا فَهُوَ حِينَئِذٍ خَارِجَ مِنًى إذْ لَيْسَتْ هِيَ وَلَا عَقَبَتُهَا مِنْ مِنًى كَمَا تَقَدَّمَ.
فَإِذَا رَمَاهَا تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ إلَى حَدِّ مِنًى لِيَكُونَ نَفْرُهُ بَعْدَ اسْتِكْمَالِ الرَّمْيِ فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ كَثِيرًا مَا يُغْفَلُ عَنْهُ وَلَا يُعَكِّرُ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ أَنَّهُ إذَا رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ انْصَرَفَ رَاكِبًا كَمَا هُوَ لِحَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا نَفَرَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ تَبَرَّعَ بِالْمَبِيتِ لَمْ يَلْزَمْهُ رَمْيٌ) وَلَوْ عَادَ لِلْمَبِيتِ وَالرَّمْيِ عَلَى الْأَوْجَهِ؛ لِأَنَّهُ كَالْمُسْتَدِيمِ لِلْفِرَاقِ اهـ م ر. (قَوْلُهُ: أَوْ الثَّلَاثِ فَدَمٌ) وَلَوْ نَفَرَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي بَعْدَ رَمْيِهِ لِعَدَمِ صِحَّةِ نَفْرِهِ وَالدَّمُ حِينَئِذٍ لِتَرْكِ الثَّلَاثِ لَا لِتَفْوِيتِ مَبِيتِ لَيْلَتَيْنِ فَقَطْ خِلَافًا لِمَنْ وَهِمَ فِيهِ. اهـ. جَمَلٌ عَلَى الْمَنْهَجِ.
(قَوْلُهُ: وَمَا وَقَعَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ إلَخْ) اعْتَمَدَ حَجَرٌ فِي شَرْحَيْ التُّحْفَةِ وَالْإِرْشَادِ مَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا يَأْتِي فِي طَوَافِ الْوَدَاعِ مِنْ أَنَّ الشُّغْلَ بِأَسْبَابِ السَّيْرِ شُغْلٌ بِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ م ر اعْتِمَادُ مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحَيْهِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا يَأْتِي بِأَنَّهُ هُنَا لَمْ يَسِرْ بَلْ غَرَبَتْ الشَّمْسُ وَهُوَ مَاكِثٌ فَتَنَاوَلَهُ الْحَدِيثُ وَمَا يَأْتِي مِنْ أَفْرَادِ النَّفْرِ بَعْدَ الطَّوَافِ لِلِاشْتِغَالِ بِأَسْبَابِهِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَلَهُمْ تَرْكُ الْمَبِيتِ إلَخْ) أَيْ: مَا لَمْ يُمْكِنْهُمْ الرُّجُوعُ وَالْمَبِيتُ وَإِلَّا لَزِمَهُمْ كَمَا مَرَّ فِي تَرْكِ مَبِيتِ مُزْدَلِفَةَ لِلطَّوَافِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الْجَمَّالِ -
«وَرَخَّصَ لِرِعَاءِ الْإِبِلِ أَنْ يَتْرُكُوا الْمَبِيتَ بِمِنًى» . رَوَى الْأَوَّلَ الشَّيْخَانِ وَالثَّانِيَ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ
وَلَهُمْ أَنْ يَدَعُوا رَمْيَ يَوْمٍ أَوْ يَقْضُوهُ فِي تَالِيهِ قَبْلَ رَمْيِهِ لَا رَمْيَ يَوْمَيْنِ مُتَوَالِيَيْنِ وَإِذَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ وَالرِّعَاءُ بِمِنًى لَزِمَهُمْ مَبِيتُ تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَالرَّمْيُ مِنْ الْغَدِ بِخِلَافِ أَهْلِ السِّقَايَةِ؛ لِأَنَّ عَمَلَهُمْ بِاللَّيْلِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ يُسَمَّى يَوْمَ الْقُرِّ وَالثَّانِي يَوْمَ النَّفْرِ.
(وَحَلَّلُوا) أَيْ: الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ (بِاثْنَيْنِ مِنْ حَلْقٍ) أَوْ تَقْصِيرٍ (ذِكْرَ) أَيْ: مَرَّ (وَرَمْيِ) يَوْمِ (نَحْرٍ وَطَوَافٍ) مَعَ سَعْيٍ إنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ سَعْيٌ (مَا حُظِرْ) أَيْ: حَلَّلُوا بِفِعْلِ اثْنَيْنِ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ مَا مُنِعَ بِالْإِحْرَامِ مِنْ اللُّبْسِ وَالْحَلْقِ وَالْقَلْمِ وَسَتْرِ رَأْسِ الرَّجُلِ وَوَجْهِ الْمَرْأَةِ وَالصَّيْدِ وَالطِّيبِ الْآتِي بَيَانُهَا.
بَلْ يُسَنُّ التَّطَيُّبُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كُنْت أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِإِحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ» وَاحْتَجُّوا لِلتَّحَلُّلِ بِمَا ذُكِرَ بِخَبَرِ «إذَا رَمَيْتُمْ وَحَلَقْتُمْ فَقَدْ حَلَّ لَكُمْ الطِّيبُ وَالثِّيَابُ وَكُلُّ شَيْءٍ إلَّا النِّسَاءَ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ وَضَعَّفُوهُ وَاَلَّذِي صَحَّ فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ إذَا رَمَيْتُمْ الْجَمْرَةَ فَقَدْ حَلَّ لَكُمْ كُلُّ شَيْءٍ إلَّا النِّسَاءَ» فَالْمُخْتَارُ دَلِيلًا حُصُولُ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ بِالرَّمْيِ وَحْدَهُ (لَا الْوَطْءَ) فَلَا يَحِلُّ (إلَّا بِالثَّلَاثِ) حَيْثُ (تَجْرِي) أَيْ: تُفْعَلُ أَيْ: إلَّا بِفِعْلِهَا فَلَوْ فَاتَ الرَّمْيُ تَوَقَّفَ التَّحَلُّلُ عَلَى بَدَلِهِ وَلَوْ صَوْمًا كَمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالْمَشْهُورُ عَدَمُ التَّوَقُّفِ وَهُوَ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَنَقَلَ فِي الْكِفَايَةِ فِيهِ عَنْ بَعْضِهِمْ الْإِجْمَاعَ قَالَ فَإِنْ قِيلَ: فَمَا الْفَرْقُ عَلَى الْأَوَّلِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْمُحْصَرِ إذَا عُدِمَ الْهَدْيُ فَإِنَّ الْأَصَحَّ عَدَمُ تَوَقُّفِ التَّحَلُّلِ عَلَى بَدَلِهِ وَهُوَ الصَّوْمُ.
قُلْنَا الْفَرْقُ أَنَّ التَّحَلُّلَ إنَّمَا أُبِيحَ لِلْمُحْصَرِ تَخْفِيفًا عَلَيْهِ حَتَّى لَا يَتَضَرَّرَ بِالْمُقَامِ عَلَى الْإِحْرَامِ فَلَوْ أَمَرْنَاهُ بِالصَّبْرِ إلَى أَنْ يَأْتِيَ بِالْبَدَلِ لَتَضَرَّرَ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ النَّاظِمِ أَنَّهُ يَحِلُّ بِاثْنَيْنِ مِنْ الثَّلَاثَةِ عَقْدِ النِّكَاحِ وَالتَّمَتُّعِ بِشَهْوَةٍ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ وَهُوَ الْمُصَحَّحُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ فِيهِمَا وَفِي الْمُحَرَّرِ فِي الْعَقْدِ لَكِنَّ الْمَحْكِيَّ فِي الْكَبِيرِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ تَحْرِيمُهُمَا وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَاسْتَدْرَكَ فِي الْمِنْهَاجِ عَلَى الْمُحَرَّرِ فَصَحَّحَ التَّحْرِيمَ. وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ لِلْحَجِّ تَحَلُّلَيْنِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِطُولِ زَمَنِهِ وَكَثْرَةِ أَفْعَالِهِ كَالْحَيْضِ لَمَّا طَالَ زَمَنُهُ جُعِلَ لَهُ تَحَلُّلَانِ انْقِطَاعُ الدَّمِ وَالْغُسْلُ بِخِلَافِ الْعُمْرَةِ لَيْسَ لَهَا إلَّا تَحَلُّلٌ وَاحِدٌ لِقِصَرِ زَمَنِهَا كَالْجَنَابَةِ.
(وَوَقْتُهَا) أَيْ: الثَّلَاثَةِ لِمَنْ وَقَفَ يَدْخُلُ (مِنْ نِصْفِ لَيْلِ النَّحْرِ) أَمَّا الرَّمْيُ فَلِخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَرْسَلَ أُمَّ سَلَمَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ فَرَمَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَفَاضَتْ» وَقِيسَ عَلَى الرَّمْيِ الْآخَرَانِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْ أَسْبَابِ التَّحَلُّلِ وَيَبْقَى وَقْتُ الرَّمْيِ إلَى آخِرِ يَوْمِ النَّحْرِ اخْتِيَارًا وَآخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ جَوَازًا كَمَا مَرَّ.
وَالْحَلْقُ أَوْ التَّقْصِيرُ وَالطَّوَافُ وَالسَّعْيُ لَا آخِرَ لِوَقْتِهَا وَفِعْلُهَا يَوْمَ النَّحْرِ أَفْضَلُ وَيُسَنُّ تَرْتِيبُهَا بِأَنْ يَرْمِيَ ثُمَّ يَحْلِقَ أَوْ يُقَصِّرَ ثُمَّ يَطُوفَ طَوَافَ الرُّكْنِ وَيُسَنُّ لِمَنْ مَعَهُ هَدْيٌ أَنْ يَذْبَحَهُ بَيْنَ الرَّمْيِ وَالْحَلْقِ أَوْ التَّقْصِيرِ (وَبِالْفَرَاغِ حِلُّهَا) أَيْ: الْمَحْظُورَاتِ الْمَفْهُومَةِ مِمَّا حُظِرَ بِرِعَايَةِ مَعْنَى مَا بَعْدَ رِعَايَةِ لَفْظِهَا أَيْ: وَحِلُّهَا (فِي الْمُعْتَمِرْ) بِفَرَاغِهِ مِنْ عَمَلِ عُمْرَتِهِ فَلَيْسَ لَهَا إلَّا تَحَلُّلٌ وَاحِدٌ لِمَا مَرَّ وَيُسَنُّ لِمَنْ فَرَغَ مِنْ الرَّمْيِ أَنْ يَنْزِلَ الْمُحَصَّبَ وَيُصَلِّيَ بِهِ الْعَصْرَيْنِ وَالْمَغْرِبَيْنِ وَيَبِيتَ بِهِ لَيْلَةَ الرَّابِعَ عَشَرَ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ فَلَوْ تَرَكَ النُّزُولَ بِهِ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي نُسُكِهِ؛ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ لَيْسَتْ مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ.
(وَبِالطَّوَافِ لِلْوَدَاعِ قَدْ أُمِرْ) أَيْ: وَأُمِرَ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: لَا رَمْيَ يَوْمَيْنِ مُتَوَالِيَيْنِ) هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِوَقْتِ الِاخْتِيَارِ وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ أَنَّ وَقْتَ الْجَوَازِ يَمْتَدُّ إلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَقَوْلُ الْمَجْمُوعِ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ لَا يُرَخَّصُ لِلرِّعَاءِ فِي تَرْكِ رَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ أَيْ فِي تَأْخِيرِهِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُرَخَّصُ لَهُ فِي الْخُرُوجِ عَنْ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: مَبِيتُ تِلْكَ اللَّيْلَةِ) قَالَ ابْنُ الْمُقْرِي كَذَلِكَ حُكْمُ مَبِيتِ مُزْدَلِفَةَ اهـ بِرّ. (قَوْلُهُ: وَالرَّمْيُ مِنْ الْغَدِ) لُزُومُ هَذَا بِمَعْنَى اسْتِقْرَارِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلَا يُنَافِي أَنَّ جَمِيعَ الْأَيَّامِ وَقْتُ جَوَازٍ.
. (قَوْلُهُ: مِنْ نِصْفِ لَيْلَةِ النَّحْرِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَبِتْ بِمُزْدَلِفَةَ بِأَنْ لَمْ يَمُرَّ عَلَيْهَا فِي النِّصْفِ الثَّانِي وَلَا عَادَ إلَيْهَا فِيهِ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ رِعَايَةِ لَفْظِهَا) فِي قَوْلِهِ خَطَرٌ.
. (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُسَنُّ لَهُ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْحَاجِّ وَغَيْرِهِ وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ عَرَفَةَ وَالتَّنْعِيمِ الْآتِي أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ الْوَدَاعُ لِلْخَارِجِ لِلْإِحْرَامِ مِنْهُ -
ــ
[حاشية الشربيني]
عَنْ اسْتِظْهَارِ حَجَرٍ فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الْإِيضَاحِ. اهـ. جَمَلٌ عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: وَرَخَّصَ لِرِعَاءِ الْإِبِلِ إلَخْ) فِي شَرْحِ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ لِخَبَرِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِ السُّنَنِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ لِرِعَاءِ الْإِبِلِ أَنْ يَتْرُكُوا الْمَبِيتَ بِمِنًى وَأَنْ يَرْمُوا يَوْمًا وَيَدْعُوا يَوْمًا ثُمَّ يَتَدَارَكُونَهُ» اهـ وَإِذَا عَطَفْت هَذَا عَلَى مَا مَرَّ ظَهَرَ الْحَالُ جِدًّا تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ لَزِمَهُمْ إلَخْ) أَيْ: مَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عُذْرٌ آخَرُ كَخَوْفٍ عَلَى مَالٍ مَثَلًا فَهُمْ فِي ذَلِكَ كَغَيْرِهِمْ.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ أَهْلِ السِّقَايَةِ إلَخْ) وَلَوْ انْعَكَسَ الْحَالُ انْعَكَسَ الْحُكْمُ صَرَّحَ بِهِ عَبْدُ الرَّءُوفِ فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الْإِيضَاحِ. اهـ. جَمَلٌ. (قَوْلُهُ: يَوْمَ الْقُرِّ) لِقَرَارِهِمْ فِيهِ بِمِنًى.
. (قَوْلُهُ: قُلْنَا الْفَرْقُ إلَخْ) وَأَيْضًا الْمُحْصَرُ لَهُ تَحَلُّلٌ وَاحِدٌ فَلَوْ اسْتَمَرَّ تَحْرِيمُ الْمُحَرَّمَاتِ عَلَيْهِ وَلَوْ غَيْرَ الْجِمَاعِ لَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْحَجِّ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
. (قَوْلُهُ: الْمُحَصَّبَ) اسْمٌ لِمَكَانٍ مُتَّسِعٍ بَيْنَ مَكَّةَ وَمِنًى وَهُوَ إلَى مِنًى أَقْرَبُ وَيُقَالُ لَهُ الْأَبْطَحُ وَالْبَطْحَاءُ وَخِيفُ بَنِي كِنَانَةَ وَحْدَهُ مَا بَيْنَ
وُجُوبًا بِطَوَافِ الْوَدَاعِ الْمُسَمَّى أَيْضًا بِطَوَافِ الصَّدَرِ (قَاصِدُ سَيْرِ) مَسَافَةِ (الْقَصْرِ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَكَذَا دُونَهَا عَلَى الصَّحِيحِ لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ (مِنْ مَكَّةَ) بَعْدَ فَرَاغِ النُّسُكِ إنْ كَانَ فِي نُسُكٍ حَاجًّا كَانَ أَوْ مُعْتَمِرًا مَكِّيًّا أَوْ آفَاقِيًّا رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمَّا فَرَغَ مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ طَافَ لِلْوَدَاعِ» وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ خَبَرَ «لَا يَنْفِرَنَّ أَحَدٌ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ» أَيْ: الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فَلَا وَدَاعَ عَلَى قَاصِدِ الْإِقَامَةِ وَلَا قَاصِدِ السَّيْرِ قَبْلَ فَرَاغِ الْأَعْمَالِ فَلَا وَدَاعَ عَلَى قَاصِدِ عَرَفَاتٍ نَعَمْ يُسَنُّ لَهُ ذَلِكَ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ ثُمَّ قَالَ وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ عَنْ نَصِّهِ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَفِيهِ عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي نَصْرٍ أَنَّهُ لَا وَدَاعَ عَلَى الْمُقِيمِ بِمَكَّةَ الْخَارِجِ إلَى التَّنْعِيمِ «؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ أَخَا عَائِشَةَ بِأَنْ يُعْمِرَهَا مِنْ التَّنْعِيمِ وَلَمْ يَأْمُرْهَا بِوَدَاعٍ» .
وَأَلْحَقَ الْقَمُولِيُّ بِالتَّنْعِيمِ نَحْوَهُ وَهَذَا فِيمَنْ خَرَجَ لِحَاجَةٍ ثُمَّ يَعُودُ وَمَا مَرَّ عَنْهُ أَعْنِي صَاحِبَ الْمَجْمُوعِ فِي الْقَاصِدِ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ فِيمَنْ خَرَجَ إلَى مَنْزِلِهِ أَوْ مَحَلٍّ يُقِيمُ فِيهِ فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَهُمَا قَالَ وَلَوْ طَافَ يَوْمَ النَّحْرِ لِلرُّكْنِ ثُمَّ الْوَدَاعِ ثُمَّ أَتَى مِنًى ثُمَّ أَرَادَ النَّفْرَ مِنْهَا فِي وَقْتِهِ لَمْ يُجْزِهِ ذَلِكَ الطَّوَافُ عَلَى الصَّحِيحِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَطَوَافُ الْوَدَاعِ مَقْصُودٌ فِي نَفْسِهِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ طَوَافٍ آخَرَ (لَا لِحَائِضٍ) بِزِيَادَةِ اللَّامِ أَيْ: وَأُمِرَ بِطَوَافِ الْوَدَاعِ قَاصِدُ السَّيْرِ مِنْ مَكَّةَ لَا الْحَائِضُ لِمَا رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ» إلَّا أَنَّهُ خُفِّفَ عَنْ الْمَرْأَةِ الْحَائِضِ. وَعَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ صَفِيَّةَ حَاضَتْ فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ تَنْصَرِفَ بِلَا وَدَاعٍ» وَلِأَنَّهَا مَمْنُوعَةٌ مِنْ الْمَسْجِدِ (وَعَادَ لَا إنْ وَصَلَا مِقْدَارَهُ لَهُ) أَيْ: وَعَادَ وُجُوبًا الْخَارِجُ مِنْ مَكَّةَ أَوْ مِنًى بِلَا وَدَاعٍ وَلَوْ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا لِطَوَافِ الْوَدَاعِ إنْ لَمْ يَصِلْ مِقْدَارَ سَيْرِ الْقَصْرِ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُقِيمِ بِخِلَافِ مَنْ وَصَلَهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ لِلْمَشَقَّةِ.
فَإِنْ عَادَ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الدَّمُ لِاسْتِقْرَارِهِ بِالسَّيْرِ الطَّوِيلِ بِخِلَافِ مَنْ عَادَ مِنْ دُونِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُقِيمِ فَلَا يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ الدَّمُ فَاسْتِقْرَارُهُ مَوْقُوفٌ عَلَى سَيْرِ الْقَصْرِ كَمَا أَنَّ انْصِرَافَ طَوَافِ الْوَدَاعِ لِلْوَاجِبِ مَوْقُوفٌ عَلَى عَدَمِ الْمُكْثِ بَعْدَهُ كَمَا سَيَأْتِي وَمَا يُقَالُ مِنْ أَنَّ فِي تَعْلِيلِ سُقُوطِهِ عَنْهُ بِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُقِيمِ نَظَرًا إذَا سَوَّيْنَا بَيْنَ السَّيْرِ الطَّوِيلِ وَالْقَصِيرِ فِي وُجُوبِ الْوَدَاعِ قَدْ يُدْفَعُ بِأَنَّ فِي اسْتِقْرَارِهِ إشْغَالَ الذِّمَّةِ وَالْأَصْلُ بَرَاءَتُهَا فَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَعْلِهِ كَالْمُقِيمِ فِي دَفْعِ إشْغَالِهَا جَعْلُهُ كَذَلِكَ فِي دَفْعِ وُجُوبِ طَوَافِ الْوَدَاعِ الْمُنَاسِبِ لِمُفَارَقَةِ مَكَّةَ وَعَلَى هَذَا لَوْ أَقَامَ بِمَنْزِلِهِ وَكَانَ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ لَا يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ الدَّمُ إلَّا إذَا أَيِسَ مِنْ عَوْدِهِ (وَإِنْ تَطْهُرْ) أَيْ:
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: نَعَمْ يُسَنُّ لَهُ إلَخْ) أَيْ: إنْ كَانَ مَكِّيًّا أَوْ كَانَ آفَاقِيًّا فَلَا يُسَنُّ لِلْمُفْرِدِينَ وَالْقَارِنِينَ الْآفَاقِيِّينَ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: لِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَحَلَّلَا مِنْ مَنَاسِكِهِمَا وَلَيْسَتْ مَكَّةُ مَحَلَّ إقَامَتِهِمَا. (قَوْلُهُ: عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِيضَاحِ وَأَمَرَ الْإِمَامُ فِيهَا أَيْ: فِي خُطْبَةِ السَّابِعِ الْمُتَمَتِّعِينَ أَنْ يَطُوفُوا قَبْلَ الْخُرُوجِ وَهَذَا الطَّوَافُ مُسْتَحَبٌّ لَهُمْ لَيْسَ بِوَاجِبٍ قَالَ السَّيِّدُ السَّمْهُودِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ كَذَا عَبَّرَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ هُنَا بِاسْتِحْبَابِ هَذَا الطَّوَافِ وَكَانَ وَجْهُ تَخْصِيصِ الْمُتَمَتِّعِينَ بِذَلِكَ أَنَّ الْمُفْرِدَ وَالْقَارِنَ مِمَّنْ قَدِمَ مَكَّةَ كَذَلِكَ إنَّمَا يَتَوَجَّهُونَ لِإِتْمَامِ نُسُكِهِمْ فَلَا يُسْتَحَبُّ لَهُمْ هَذَا الطَّوَافُ لِلْوَدَاعِ إلَى أَنْ قَالَ السَّيِّدُ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بَعْدَ تَفْسِيرِهِ بِمَا سَبَقَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ أَحْرَمَ مِنْ مَكَّةَ وَأَرَادَ الْخُرُوجَ إلَى عَرَفَاتٍ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَيُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَخْرُجَ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَاتَّفَقَ الْأَصْحَابُ عَلَيْهِ وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ عَنْ النَّصِّ ثُمَّ قَالَ وَهَذَا يُتَصَوَّرُ فِي صُورَتَيْنِ وَهُمَا الْمُتَمَتِّعُ وَالْمَكِّيُّ إذَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ اهـ. إلَى آخِرِ مَا أَطَالَ بِهِ السَّيِّدُ. (قَوْلُهُ السَّابِقُ إنَّمَا يَتَوَجَّهُونَ لِإِتْمَامِ نُسُكِهِمْ) أَيْ: بِخِلَافِ الْمُتَمَتِّعِ فَإِنَّ تَوَجُّهَهُ لِابْتِدَاءِ نُسُكٍ آخَرَ فَيُنْدَبُ لَهُ أَنْ يُوَدِّعَ لِمُشَابَهَتِهِ لِمَنْ قَضَى نُسُكَهُ وَأَرَادَ التَّوَجُّهَ لِبَلَدِهِ كَذَا أَفْصَحَ بِذَلِكَ غَيْرُهُ. (مَنْ عَادَ مِنْ دُونِهِ) أَيْ: وَإِنْ كَانَ مَنْزِلَهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي وَعَلَى هَذَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: فِي دَفْعِ وُجُوبِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ فِي دَفْعِ الْوُجُوبِ دَفْعُ الِاشْتِغَالِ الْمُوَافِقِ لِأَصْلِ الْبَرَاءَةِ.
ــ
[حاشية الشربيني]
الْجَبَلَيْنِ إلَى الْمَقْبَرَةِ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ.
(قَوْلُهُ: بِطَوَافِ الْوَدَاعِ) وَيَجِبُ دَمٌ بِتَرْكِ بَعْضِهِ كَتَرْكِ كُلِّهِ وَلَيْسَ كَالرَّمْيِ وَالْمَبِيتِ لِشَبَهِهِ بِالصَّلَاةِ فَمَنْ تَرَكَ بَعْضَهُ تَرَكَ كُلَّهُ اهـ إرْشَادٌ (قَوْلُهُ: مَسَافَةَ الْقَصْرِ مِنْ مَكَّةَ) أَيْ: لَا الْحَرَمِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ. اهـ. ق ل (قَوْلُهُ: بَعْدَ فَرَاغِ النُّسُكِ) أَمَّا قَبْلَهُ فَطَوَافُهُ لِلْوَدَاعِ عِنْدَ خُرُوجِهِ لِمِنًى أَوْ عَرَفَاتٍ سُنَّةٌ كَذَا وَلَوْ خَرَجَ إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لَا وَدَاعَ) أَيْ: وَاجِبٌ كَمَا يُفِيدُهُ لَفْظُ عَلَى.
(قَوْلُهُ: يُقِيمُ فِيهِ إلَخْ) أَيْ: إقَامَةً قَاطِعَةً لِلسَّفَرِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَوْطِنْ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: لَمْ يُجْزِهِ) إذْ لَا يُسَمَّى طَوَافَ وَدَاعٍ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ جَمِيعِ الْمَنَاسِكِ. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَصِلْ مُقَدَّرَ سَيْرِ الْقَصْرِ) أَيْ: وَلَمْ يَبْلُغْ نَحْوَ وَطَنِهِ مِنْ مَوْضِعٍ قَصَدَ الْإِقَامَةَ فِيهِ نَحْوَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ إذَا كَانَ نَحْوُ الْوَطَنِ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ. اهـ. شَرْقَاوِيٌّ عَلَى التَّحْرِيرِ وَبِرْمَاوِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا عَزَمَ عَلَى الْإِقَامَةِ بِغَيْرِهَا كَانَ كَالْمُسَافِرِ سَفَرًا طَوِيلًا بِجَامِعِ انْقِطَاعِ نِسْبَةِ كُلٍّ عَنْ مَكَّةَ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ بَيْنَ السَّيْرِ الطَّوِيلِ وَالْقَصِيرِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْقَصِيرَ الَّذِي جُعِلَ كَالطَّوِيلِ إنَّمَا هُوَ السَّفَرُ إلَى وَطَنِهِ أَوْ نَحْوُهُ بِقَصْدِ الْإِقَامَةِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ تَمَّ سَفَرُهُ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ لَمْ يَتِمَّ كَمَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَحَوَاشِي الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهَا وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ: لَا يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ الدَّمُ إلَخْ مَمْنُوعٌ تَدَبَّرْ. ثُمَّ رَأَيْت مِثْلَ مَا ذَكَرْته عَنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ
الْحَائِضُ بَعْدَ خُرُوجِهَا (فَلَا) يَجِبُ عَلَيْهَا الْعَوْدُ لِلْوَدَاعِ وَإِنْ لَمْ تَصِلْ سَيْرَ الْقَصْرِ لِلْإِذْنِ لَهَا فِي الِانْصِرَافِ بِخِلَافِ مَا إذَا طَهُرَتْ قَبْلَ خُرُوجِهَا بِأَنْ لَمْ تُفَارِقْ بُنْيَانَ مَكَّةَ وَكَالْحَائِضِ فِيمَا ذُكِرَ النُّفَسَاءُ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَالْمُكْثُ) وَلَوْ نِسْيَانًا أَوْ جَهْلًا بَعْدَ طَوَافِ الْوَدَاعِ الْمَتْبُوعِ بِرَكْعَتَيْهِ وَبِمَا سَيَأْتِي فِي الْفَرْعِ الثَّالِثِ (لَا لِشُغْلِ سَيْرٍ) كَشِرَاءِ مَتَاعٍ وَقَضَاءِ دَيْنٍ وَزِيَارَةِ صَدِيقٍ وَعِيَادَةِ مَرِيضٍ (أَبْطَلَا) أَيْ: طَوَافَهُ وَلَزِمَهُ إعَادَتُهُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ وَلِخُرُوجِهِ بِذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِ وَدَاعًا بِخِلَافِ مُكْثِهِ لِشُغْلِ السَّيْرِ كَشِرَاءِ زَادٍ وَشَدِّ رَحْلٍ فَلَا يُبْطِلُهُ؛ لِأَنَّ الشُّغْلَ بِأَسْبَابِ السَّيْرِ شُغْلٌ بِهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَكَذَا لَوْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَصَلَّاهَا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَتَقَدَّمَ فِي الِاعْتِكَافِ أَنَّ عِيَادَةَ الْمَرِيضِ إذَا لَمْ يَعْرُجْ لَهَا لَا تَقْطَعُ الْوَلَاءَ بَلْ يُغْتَفَرُ صَرْفُ قَدْرِهَا فِي سَائِرِ الْأَغْرَاضِ وَكَذَا صَلَاةُ الْجِنَازَةِ فَيَجْرِي ذَلِكَ هُنَا بِالْأَوْلَى وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْإِمْلَاءِ.
اهـ.
(فُرُوعٌ) أَحَدُهَا قَالَ الرُّويَانِيُّ لِلْمُتَحَيِّرَةِ أَنْ تَطُوفَ طَوَافَ الْوَدَاعِ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَلَا دَمَ عَلَيْهَا لِلْأَصْلِ، ثَانِيهَا قَالَ الشَّيْخَانِ هَلْ طَوَافُ الْوَدَاعِ مِنْ الْمَنَاسِكِ أَوْ لَا بَلْ هُوَ عِبَادَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ قَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ نَعَمْ وَلَيْسَ عَلَى غَيْرِ الْحَاجِّ وَالْمُقِيمِ بِمَكَّةَ إذَا خَرَجَ مِنْهَا طَوَافُ وَدَاعٍ لِخُرُوجِهِ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي وَالْبَغَوِيِّ وَغَيْرُهُمَا لَا بَلْ يُؤْمَرُ بِهِ مَنْ أَرَادَ مُفَارَقَةَ مَكَّةَ إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ مَكِّيًّا كَانَ أَوْ آفَاقِيًّا وَهَذَا أَصَحُّ تَعْظِيمًا لِلْحَرَمِ وَتَشْبِيهًا لِاقْتِضَاءِ خُرُوجِهِ الْوَدَاعَ بِاقْتِضَاءِ دُخُولِهِ وَلِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّ قَاصِدَ الْإِقَامَةِ بِمَكَّةَ لَا يُؤْمَرُ بِهِ وَلَوْ كَانَ مِنْهُمَا لَأُمِرَ بِهِ، قَالَ النَّوَوِيُّ وَمِمَّا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهَا خَبَرُ مُسْلِمٍ «يُقِيمُ الْمُهَاجِرُ بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ ثَلَاثًا» سَمَّاهُ قَبْلَ الْوَدَاعِ قَاضِيًا لِلْمَنَاسِكِ وَحَقِيقَتُهُ جَمِيعُهَا لَكِنَّهُ جَرَى عَلَى الْأَوَّلِ فِي الْمَجْمُوعِ فِي كَلَامِهِ عَلَى أَعْمَالِ الْحَجِّ وَقَالَ السُّبْكِيُّ: إنَّهُ الَّذِي تَظَافَرَتْ عَلَيْهِ نُصُوصُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ.
وَلَمْ أَرَ مَنْ قَالَ إنَّهُ لَيْسَ مِنْهَا إلَّا الْمُتَوَلِّيَ فَجَعَلَهُ تَحِيَّةً لِلْبُقْعَةِ مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ تَأْوِيلُ كَلَامِهِ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْهَا رُكْنًا كَمَا قَالَ غَيْرُهُ: إنَّهُ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: كَشِرَاءِ مَتَاعٍ إلَخْ) مِثَالٌ لِلنَّفْيِ. (قَوْلُهُ: قَدْرِهَا فِي سَائِرِ إلَخْ) الْمَذْكُورُ فِي الِاعْتِكَافِ ضَابِطًا هُوَ قَدْرُ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ بِرّ.
. (قَوْلُهُ: قَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ قَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ هُوَ مِنْ الْمَنَاسِكِ وَلَيْسَ عَلَى الْخَارِجِ مِنْ مَكَّةَ وَدَاعٌ بِخُرُوجِهِ مِنْهَا وَقَالَ صَاحِبُ التَّتِمَّةِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ) أَيْ: هُوَ مِنْ الْمَنَاسِكِ. (قَوْلُهُ: وَالْمُقِيمِ) عَطْفٌ عَلَى غَيْرِ الْحَاجِّ.
ــ
[حاشية الشربيني]
فِي حَوَاشِي الْمَنْهَجِ عَنْ شَرْحِ م ر اهـ.
وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّ الْإِقَامَةِ فِي حَقِّ مَنْ سَفَرُهُ دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْمَجْمُوعِ كَالْمُرَحِّلَتَيْنِ فِيمَا تَقَرَّرَ فَيَجِبُ الْعَوْدُ لَهُ قَبْلَ وُصُولِهِ سَوَاءٌ أَيِسَ أَمْ لَا خِلَافًا لِشَيْخِنَا اهـ. اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ.
(قَوْلُهُ: بَعْدَ خُرُوجِهَا) أَيْ: وَلَوْ فِي الْحَرَمِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: النُّفَسَاءُ) وَمِثْلُهُمَا مَنْ بِهِ جِرَاحَةٌ نَضَّاحَةٌ لَا يُمْكِنُهُ دُخُولُ الْمَسْجِدِ مَعَهَا لِأَنَّ مَنْعَ هَؤُلَاءِ مِنْ الْمَسْجِدِ عَزِيمَةٌ بِخِلَافِ مَنْ خَافَ مِنْ نَحْوِ ظَالِمٍ وَغَرِيمٍ وَهُوَ مُعْسِرٌ أَوْ فَوْتِ رُفْقَةٍ خِلَافًا لِلْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ كَشِرَاءِ زَادٍ وَإِنْ عَرَجَ لِأَجْلِهِ عَنْ طَرِيقٍ وَاحْتَاجَ إلَى مُكْثٍ طَوِيلٍ. (قَوْلُهُ: وَشَدِّ رَحْلٍ) وَإِنْ طَالَ زَمَنُهُ نَعَمْ إنْ فَحُشَ طُولُهُ كَنِصْفِ يَوْمٍ وَسَهُلَ عَلَيْهِ الطَّوَافُ بَعْدَ شَدِّهِ وَجَبَ فِيمَا يَظْهَرُ إذْ لَا حَاجَةَ بِهِ حِينَئِذٍ إلَى تَقْدِيمِ الطَّوَافِ عَلَيْهِ مَعَ سُهُولَةِ تَأْخِيرِهِ عَنْهُ وَفُحْشِ طُولِ زَمَنِهِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: فَيَجْرِي ذَلِكَ هُنَا) قَالَ حَجَرٌ الْأَوْجَهُ أَنَّهُ يُغْتَفَرُ قَدْرُ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ بِأَخَفِّ مُمْكِنٍ فِي سَائِرِ الْأَغْرَاضِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَعْرُجَ لِذَلِكَ
(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَلَا دَمَ) قَالَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَفِي الْجَوَاهِرِ وَغَيْرِهَا كَالْمَجْمُوعِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَجَرَى عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ إذَا نَفَرَتْ الْمُسْتَحَاضَةُ فَإِنْ كَانَ يَوْمَ حَيْضِهَا فَلَا طَوَافَ عَلَيْهَا أَوْ طُهْرِهَا لَزِمَهَا وَلَوْ رَأَتْ امْرَأَةٌ دَمًا فَانْصَرَفَتْ بِلَا وَدَاعٍ ثُمَّ جَاوَزَ خَمْسَةَ عَشَرَ نُظِرَ إلَى مَرَدِّهَا السَّابِقِ فِي الْحَيْضِ فَإِنْ بَانَ أَنَّهَا تَرَكَتْهَا فِي طُهْرِهَا فَالدَّمُ أَوْ فِي حَيْضِهَا فَلَا دَمَ اهـ فَالْمُرَادُ بِالْمُتَحَيِّرَةِ الَّتِي لَا دَمَ عَلَيْهَا مَنْ رَأَتْ قَوِيًّا وَضَعِيفًا وَفَقَدَتْ شَرْطًا مِنْ شُرُوطِ التَّمْيِيزِ لِاحْتِمَالِ كُلِّ زَمَنٍ يَمُرُّ عَلَيْهَا الْحَيْضَ وَالطُّهْرَ. (قَوْلُهُ وَلَيْسَ عَلَى غَيْرِ الْحَاجِّ) أَيْ: مُقِيمًا كَانَ بِمَكَّةَ أَوْ لَا. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ عَلَى غَيْرِ الْحَاجِّ وَالْمُقِيمِ إلَخْ) هَكَذَا فِي النُّسَخِ الَّتِي بِأَيْدِينَا وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَلَيْسَ عَلَى الْخَارِجِ مِنْ مَكَّةَ وَدَاعٌ لِخُرُوجِهِ مِنْهَا فَإِنْ أَرَادَ الشَّارِحُ بِالْمُقِيمِ الْحَاجَّ وَأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ طَوَافُ وَدَاعٍ لِلْخُرُوجِ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ لِلْحَجِّ فَمِثْلُهُ فِيهِ غَيْرُ الْمُقِيمِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَالْمُقِيمِ) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ غَيْرَ حَاجٍّ أَوْ حَاجًّا فَلَمْ يَبْقَ إلَّا الْحَاجُّ غَيْرُ الْمُقِيمِ. (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ قَاصِدَ الْإِقَامَةِ إلَخْ) فَلَوْ أَرَادَ السَّفَرَ وَنَقْضَ عَزِيمَةِ الْإِقَامَةِ قَالَ الْإِمَامُ فَلَا وَدَاعَ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْخَادِمِ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى رَأْيِهِ أَنَّهُ مِنْ الْمَنَاسِكِ أَمَّا مَنْ لَا يَقُولُ بِهِ فَيَقُولُ وَدَاعٌ لَكِنْ هَلْ يَلْزَمُ فِيهِ الْخِلَافُ اهـ. اهـ. سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ. (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ جَرَى عَلَى الْأَوَّلِ إلَخْ) رُجِّحَ الثَّانِي بِأَنَّهُ ذَكَرَهُ فِي مَبْحَثِهِ أَحَقَّ بِإِمْعَانِ النَّظَرِ فِيهِ أَكْثَرَ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ.
لَيْسَ بِرُكْنٍ وَلَا شَرْطٍ. قَالَ: وَأَمَّا اسْتِدْلَالُ الشَّيْخَيْنِ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مِنْهَا لَأُمِرَ بِهِ قَاصِدُ الْإِقَامَةِ بِمَكَّةَ فَمَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا شُرِعَ لِلْمُفَارَقَةِ وَلَمْ تَحْصُلْ كَمَا أَنَّ طَوَافَ الْقُدُومِ لَا يُشْرَعُ لِلْمُحْرِمِ مِنْ مَكَّةَ وَيَلْزَمُهُمَا الْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ بِدَمٍ وَلَا قَائِلَ بِهِ وَأَمَّا اسْتِدْلَالُ النَّوَوِيِّ بِالْخَبَرِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ النُّسُكُ الَّذِي يُمْكِنُ الْإِقَامَةُ مَعَهُ أَوْ الَّذِي لَيْسَ بِتَابِعٍ عَلَى أَنَّ الْمُهَاجِرَ إذَا طَافَ لِلْوَدَاعِ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ يَجُوزُ أَنْ يَرْجِعَ وَيُقِيمَ بِهَا ثَلَاثًا لَا غَيْرُ لِلْخَبَرِ فَلَا يَلْزَمُ حَمْلُهُ عَلَى الْإِقَامَةِ قَبْلَ الطَّوَافِ فَإِنْ قُلْت: الْقَوْلُ بِأَنَّهُ مِنْهَا مَعَ الْقَوْلِ بِوُجُوبِهِ يَقْتَضِي مَنْعَ الْعُمْرَةِ قَبْلَهُ كَمَا يَمْنَعُهَا بَقَاءُ الرَّمْيِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ اعْتَمَرَتْ عَائِشَةُ قَبْلَهُ.
قُلْنَا: يَنْدَفِعُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْوَدَاعُ آخِرَ مَا يَفْعَلُهُ قَاصِدُ الْخُرُوجِ تَعَذَّرَ تَقْدِيمُهُ عَلَيْهَا فَاحْتُمِلَ تَقْدِيمُهَا عَلَيْهِ بِخِلَافِ الرَّمْيِ وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَأَمَّا مَا نُقِلَ عَنْ الْبَغَوِيّ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهَا فَلَمْ أَرَ التَّصْرِيحَ بِهِ فِي كَلَامِهِ بَلْ فِيهِ أَنَّهُ نُسُكٌ حَيْثُ قَالَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ طَوَافِ الْقُدُومِ حَيْثُ لَا يَجِبُ أَنَّ طَوَافَ الْقُدُومِ تَحِيَّةُ الْبَيْتِ وَهُوَ يَسْقُطُ بِطَوَافِ الْعُمْرَةِ وَطَوَافُ الْوَدَاعِ نُسُكٌ لَا يَسْقُطُ بِطَوَافٍ آخَرَ وَاجِبٍ اهـ. وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي أَنَّهُ يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ أَوَّلًا وَفِي أَنَّهُ يَلْزَمُ الْأَجِيرَ فِعْلُهُ أَوَّلًا وَفِي أَنَّهُ يُحَطُّ شَيْءٌ مِنْ أُجْرَةِ الْأَجِيرِ عِنْدَ تَرْكِهِ لَهُ أَوَّلًا ثَالِثُهَا اسْتَحَبَّ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ كَمَا قَالَ الشَّيْخَانِ لِمَنْ فَرَغَ مِنْ طَوَافِ الْوَدَاعِ وَرَكْعَتَيْهِ أَنْ يَقِفَ بِحِذَاءِ الْمُلْتَزَمِ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ وَيَقُولَ: اللَّهُمَّ الْبَيْتُ بَيْتُك وَالْعَبْدُ عَبْدُك وَابْنُ أَمَتِك حَمَلْتنِي عَلَى مَا سَخَّرْت لِي مِنْ خَلْقِك حَتَّى سَيَّرْتنِي فِي بِلَادِك وَبَلَّغْتنِي بِنِعْمَتِك حَتَّى أَعَنْتنِي عَلَى قَضَاءِ مَنَاسِكِك فَإِنْ كُنْت رَضِيت عَنِّي فَازْدَدْ عَنِّي رِضًى وَإِلَّا فَمِنْ الْآنَ قَبْلَ أَنْ تَنْأَى عَنْ بَيْتِك دَارِي هَذَا أَوَانُ انْصِرَافِي إنْ أَذِنْت لِي غَيْرَ مُسْتَبْدِلٍ بِك وَلَا بِبَيْتِك وَلَا رَاغِبٍ عَنْك وَلَا عَنْ بَيْتِك اللَّهُمَّ فَاصْحَبْنِي الْعَافِيَةَ فِي بَدَنِي وَالْعِصْمَةَ فِي دِينِي وَأَحْسِنْ مُنْقَلَبِي وَارْزُقْنِي الْعَمَلَ بِطَاعَتِك مَا أَبْقَيْتنِي قَالُوا وَمَا زَادَ فَحَسَنٌ.
وَقَدْ زِيدَ فِيهِ وَاجْمَعْ لِي خَيْرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إنَّكَ قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ النَّوَوِيُّ فِي مَنَاسِكِهِ وَإِذَا فَرَغَ مِنْ الدُّعَاءِ أَتَى زَمْزَمَ فَشَرِبَ مِنْهَا مُتَزَوِّدًا ثُمَّ عَادَ إلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فَاسْتَلَمَهُ وَقَبَّلَهُ وَمَضَى قَالَ وَإِذَا فَارَقَ الْبَيْتَ مُوَدِّعًا فَقِيلَ: يَخْرُجُ وَبَصَرُهُ إلَيْهِ وَقِيلَ: يَلْتَفِتُ إلَيْهِ فِي انْصِرَافِهِ كَالْمُتَحَزِّنِ عَلَى فِرَاقِهِ وَالْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَمْشِي
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَفِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْأَجِيرَ فِعْلُهُ وَيُحَطُّ قِسْطُهُ مِنْ الْأُجْرَةِ وَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمَنَاسِكِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِهَا م ر وَلَا يُنَافِي كَوْنُهُ مِنْ التَّوَابِعِ أَنَّهُ يُطْلَبُ فِي غَيْرِ النُّسُكِ أَيْضًا وَلَهُ نَظَائِرُ كَالسِّوَاكِ مِنْ تَوَابِعِ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ وَهُوَ أَيْضًا سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ فَلْيُتَأَمَّلْ.
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: فَمَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُ إلَخْ) رُدَّ بِأَنَّ زَعْمَ الْحَصْرِ فِي أَنَّهُ إنَّمَا شُرِعَ لِلْمُفَارَقَةِ يَحْتَاجُ لِدَلِيلٍ بَلْ الدَّلِيلُ صَرِيحٌ فِيمَا قَالَاهُ وَهُوَ خَبَرُ مُسْلِمٍ «لَا يَنْفِرَنَّ أَحَدٌ» السَّابِقُ وَذِكْرُ الْحَجِّ فِي رِوَايَةٍ مِنْ بَابِ ذِكْرِ بَعْضِ أَفْرَادِ الْعَامِّ وَهُوَ لَا يُخَصَّصُ. (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهَا الْقَوْلُ إلَخْ) قَالَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ هَذَا الْإِلْزَامُ غَيْرُ صَحِيحٍ إذْ غَيْرُ النُّسُكِ مِمَّا لَهُ أَدْنَى تَعَلُّقٍ بِهِ قَدْ يُجْبَرُ تَرْكُهُ بِدَمٍ كَمَا لَوْ نَذَرَ الْحَجَّ مَاشِيًا فَرَكِبَ أَوْ عَكْسَهُ. (قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ إلَخْ) مَمْنُوعٌ كَيْفَ وَالنُّسُكُ مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ وَيَتَنَاوَلُ الْإِقَامَةَ قَبْلَ الطَّوَافِ وَبَعْدَهُ فِي الصُّورَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا مُنْفَرِدًا بِمَا أَبْدَاهُ فِيهَا شَرْحُ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُ حَمْلُهُ عَلَى الْإِقَامَةِ) فِيهِ أَنَّا لَا نَدَّعِي اللُّزُومَ بَلْ الْمُرَادُ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ سم عَلَى ع. (قَوْلُهُ: فَلَمْ أَرَ التَّصْرِيحَ بِهِ فِي كَلَامِهِ) عَدَمُ رُؤْيَتِهِ لِذَلِكَ لَا يَضُرُّ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ وَعُمُومُ كَلَامِهِ فِي التَّهْذِيبِ يَقْتَضِيهِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إنْ كَانَ فِي ضِمْنِ نُسُكٍ لَا يَفْتَقِرُ إلَيْهَا وَإِلَّا افْتَقَرَ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ. اهـ. شَيْخُنَا ذ وَالظَّاهِرُ أَنَّ طَوَافَ الْوَدَاعِ الْمَسْنُونَ مِنْ طَوَافِ النَّفْلِ فَتَجِبُ نِيَّتُهُ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ قَالَهُ الْعَلَّامَةُ عَبْدُ الرَّءُوفِ فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ وَقَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ نَظَرًا لِشُمُولِ نِيَّةِ الْحَجِّ لَهُ إذْ هُوَ مِنْ سُنَّتِهِ لِمَنْ سُنَّ فِي حَقِّهِ كَمَا أَنَّ سَائِرَ السُّنَنِ سُنَّةٌ بِمُجَرَّدِ الْإِحْرَامِ فَكَذَلِكَ هَذَا وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَنْقَدِحُ فَتَأَمَّلْ. اهـ. ابْنُ الْجَمَّالِ. اهـ. جَمَلٌ عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَقِفَ إلَخْ) أَيْ: وَيَتَعَلَّقُ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ تَعَلُّقَ الْمُذْنِبِ بِذَيْلٍ مَنْ أَذْنَبَ فِي حَقِّهِ حَتَّى يَصْفَحَ عَنْهُ اهـ. (قَوْلُهُ: فَمُنَّ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ وَبِكَسْرِ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِ النُّونِ مَعَ فَتْحِهَا وَهُوَ الْأَجْوَدُ أَوْ كَسْرِهَا وَيَجُوزُ فِي النُّونِ الْمُشَدَّدَةِ عَلَى الْأَوَّلِ الضَّمُّ وَالْفَتْحُ وَالْكَسْرُ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: إنْ أَذِنْت لِي) أَيْ: بِقَضَاءِ حَاجَتِي وَالْمَغْفِرَةِ لِي أَوْ أَنَّ أَنْ بِمَعْنَى إذْ شَرْحُ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: وَالْعِصْمَةَ إلَخْ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ طَلَبِهَا وَعَلَيْهِ إنْ أَرَادَ الْحِفْظَ أَوْ أَطْلَقَ بِخِلَافِ مَا إذَا أَرَادَ عِصْمَةَ الْأَنْبِيَاءِ الَّتِي هِيَ اسْتِحَالَةُ وُقُوعِ الْمَعْصِيَةِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: وَمَا زَادَ فَحَسَنٌ) وَلَا يُؤَثِّرُ الِاشْتِغَالُ بِتِلْكَ الْأَدْعِيَةِ وَإِنْ طَالَتْ فِي طَوَافِ الْوَدَاعِ لِأَنَّهَا مِنْ تَوَابِعِهِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ.
(قَوْلُهُ: