المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ: أَوْ لِعَدَمِ الْمَاءِ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ وَإِنْ وَجَدَ - الغرر البهية في شرح البهجة الوردية - جـ ٢

[زكريا الأنصاري]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ الْجُمُعَةِ)

- ‌[شُرُوطُ صِحَّةِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[ضَابِطُ النَّاسِ فِي الْجُمُعَةِ سِتَّةُ أَقْسَامٍ]

- ‌[شُرُوطِ لُزُومِ الْجُمُعَةَ]

- ‌[آدَابُ الْجُمُعَةَ]

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ)

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْعِيدِ)

- ‌[خَاتِمَةٌ لُبْسُ الثِّيَابِ الْخَشِنَةِ لِغَيْرِ غَرَضٍ شَرْعِيٍّ]

- ‌[فَرْعٌ الْخُطَبُ الْمَشْرُوعَةُ عَشْرُ خُطَبٍ]

- ‌(تَنْبِيهٌ) إذَا رَأَى شَيْئًا مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْخُسُوفِ)

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ حُكْمِ (تَارِكِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بَابُ الْجَنَائِزِ)

- ‌[فَرْعٌ لَوْ مَاتَ أَقَارِبُهُ دُفْعَةً قُدِّمَ فِي التَّكْفِينِ وَغَيْرِهِ مِنْ يُسْرِعُ فَسَادُهُ]

- ‌[فَائِدَةٌ فِي سَبَبِ تَسْمِيَةِ مَنْ قُتِلَ قَبْلُ فِي حَرْبِ الْكُفَّارِ شَهِيدًا]

- ‌[فَرَعٌ حَضَرَ مَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَى الْمَيِّتِ]

- ‌(بَابُ الزَّكَاةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ زَكَاةِ (الْفِطْرَةِ)

- ‌(بَابُ الصِّيَامِ)

- ‌(بَابُ الِاعْتِكَافِ)

- ‌[أَرْكَانُهُ الِاعْتِكَافُ]

- ‌(بَابُ الْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ)

- ‌(بَابُ الْبَيْعِ)

- ‌(بَابُ الرِّبَا)

- ‌(فَصْلٌ فِي الْخِيَارِ)

- ‌[أَسْبَابُ الْخِيَارِ]

الفصل: وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ: أَوْ لِعَدَمِ الْمَاءِ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ وَإِنْ وَجَدَ

وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ: أَوْ لِعَدَمِ الْمَاءِ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ وَإِنْ وَجَدَ التُّرَابَ بِمَحَلٍّ يَسْقُطُ فَرْضُهُ بِالتَّيَمُّمِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ: صَحِيحَةً كَانَتْ الْأَعْذَارُ أَوْ بَاطِلَةً وَفِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِعَدَمِ الْمَاءِ عَدَمُ مَا يَتَطَهَّرُ بِهِ مِنْ مَاءٍ وَتُرَابٍ لَكِنَّهُ نَصَّ عَلَى الْمَاءِ جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ.

(بِصَارِمٍ) أَيْ: اسْتَحَقَّ الْقَتْلَ بِسَيْفٍ قَاطِعٍ يُضْرَبُ بِهِ عُنُقُهُ لِلْأَمْرِ بِإِحْسَانِ الْقِتْلَةِ وَلِهَذَا عَبَّرَ بِصَارِمٍ بَدَلَ تَعْبِيرِ الْحَاوِي بِالسَّيْفِ وَبَعْدَ قَتْلِهِ يُغَسَّلُ (ثُمَّ يُصَلَّى) عَلَيْهِ (وَجُعِلْ فِي الْقَبْرِ) مَعَ الْمُسْلِمِينَ وَ (لَمْ يُطْمَسْ) قَبْرُهُ؛ لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ قُتِلَ حَدًّا لَا كُفْرًا (كَمَنْ حَدًّا قُتِلْ) بِقَتْلٍ، أَوْ زِنًا، أَوْ غَيْرِهِ.

(بَابُ الْجَنَائِزِ)

بِالْفَتْحِ جَمْعُ جَنَازَةٍ بِالْفَتْحِ، وَالْكَسْرِ اسْمٌ لِلْمَيِّتِ فِي النَّعْشِ وَقِيلَ: بِالْفَتْحِ اسْمٌ لِذَلِكَ وَبِالْكَسْرِ اسْمٌ لِلنَّعْشِ وَعَلَيْهِ الْمَيِّتُ وَقِيلَ: عَكْسُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ الْمَيِّتُ فَهُوَ سَرِيرٌ وَنَعْشٌ وَهِيَ مِنْ جَنَّزَهُ يُجَنِّزُهُ إذَا سَتَرَهُ ذَكَرَهُ ابْنُ فَارِسٍ وَغَيْرُهُ وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: لَا يُسَمَّى جِنَازَةً حَتَّى يُشَدَّ الْمَيِّتُ عَلَيْهِ مُكَفَّنًا وَذَكَرَ هَذَا الْبَابَ هُنَا دُونَ الْفَرَائِضِ؛ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الصَّلَاةِ (يُكْثِرُ كُلٌّ ذِكْرَ مَوْتٍ) أَيْ: يُكْثِرُ نَدْبًا كُلُّ أَحَدٍ ذِكْرَ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّهُ أَزْجَرُ عَنْ الْمَعْصِيَةِ وَأَدْعَى إلَى الطَّاعَةِ «وَقَالَ صلى الله عليه وسلم لِأَصْحَابِهِ: اسْتَحْيُوا مِنْ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ قَالُوا: إنَّا نَسْتَحِي يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ قَالَ: لَيْسَ كَذَلِكَ وَلَكِنْ مَنْ اسْتَحْيَا مِنْ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ فَلْيَحْفَظْ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى وَلْيَحْفَظْ الْبَطْنَ وَمَا حَوَى وَلْيَذْكُرْ الْمَوْتَ وَالْبِلَى وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ اسْتَحَى مِنْ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَرَوَى هُوَ أَيْضًا بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ خَبَرَ «أَكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ يَعْنِي الْمَوْتَ.» زَادَ ابْنُ حِبَّانَ «فَإِنَّهُ مَا ذَكَرَهُ أَحَدٌ فِي ضِيقٍ إلَّا وَسَّعَهُ وَلَا ذَكَرَهُ فِي سَعَةٍ إلَّا ضَيَّقَهَا» وَهَاذِمُ بِالْمُعْجَمَةِ أَيْ: قَاطِعٌ وَأَمَّا بِالْمُهْمَلَةِ فَمَعْنَاهُ الْمُزِيلُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: إنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ وَإِنْ وَجَدَ التُّرَابَ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر

(بَابُ الْجَنَائِزِ)(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ) لَعَلَّهُ عَلَى الْجَمِيعِ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ سَرِيرٌ) لَعَلَّ هَذِهِ التَّسْمِيَةَ ثَابِتَةٌ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ عَلَيْهِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ) مَا قَبْلَهُ لَا يُنَافِيهِ. (قَوْلُهُ: ذِكْرُ مَوْتٍ) قَالَ فِي الْعُبَابِ: بِقَلْبِهِ. اهـ. وَإِذَا حُمِلَ الذِّكْرُ عَلَى التَّذَكُّرِ وَافَقَ ذَلِكَ وَهَذَا يَرُدُّ مَا قِيلَ: أَنَّ الْمُرَادَ بِإِكْثَارِ ذِكْرِ الْمَوْتِ إكْثَارُ الْعَمَلِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ التَّعْلِيلَ بِقَوْلِهِ: فَإِنَّهُ مَا ذَكَرَهُ أَحَدٌ فِي ضِيقٍ فَتَأَمَّلْهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ إلَخْ) هَذِهِ الْقَضِيَّةُ ظَاهِرَةٌ وَاعْتَمَدَهَا ام ر خِلَافًا لِمَا اسْتَظْهَرَهُ الشَّارِحُ. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَهُوَ ظَاهِرٌ جِدًّا، وَإِلَّا أَشْكَلَ لِعُمُومِ قَتْلِهِ بِالِاعْتِذَارِ بِنَجَاسَةٍ كَانَتْ عَلَيْهِ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ. (قَوْلُهُ: الظَّاهِرُ إلَخْ) تَأَمَّلْهُ مَعَ عَدَمِ قَتْلِهِ بِالِاعْتِذَارِ بِنَجَاسَةٍ كَانَتْ عَلَيْهِ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: كَمَنْ حَدًّا قُتِلَ) يُفِيدُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِحَدٍّ وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ

[بَابُ الْجَنَائِزِ]

(بَابُ الْجَنَائِزِ)(قَوْلُهُ: بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ إلَخْ) وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ نِيَّةُ الْمُصَلِّي إذَا قَالَ: أُصَلِّي عَلَى هَذِهِ الْجِنَازَةِ فَعَلَى كَوْنِهَا اسْمًا لِلنَّعْشِ لَا تَصِحُّ النِّيَّةُ مُطْلَقًا وَعَلَى كَوْنِهَا اسْمًا لَهُ فِي النَّعْشِ لَا تَصِحُّ عَلَى مَيِّتٍ بِلَا نَعْشٍ قَالَ شَيْخُنَا: وَهَذَا بِاعْتِبَارِ مَعْنَاهَا اللُّغَوِيِّ وَقَدْ هُجِرَ فَالنِّيَّةُ صَحِيحَةٌ مُطْلَقًا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: اسْمٌ لِلْمَيِّتِ فِي النَّعْشِ) وَعَلَى كُلِّ قَوْلٍ بِأَنَّهُ اسْمٌ لِلْمَيِّتِ لَوْ قَالَ: أُصَلِّي عَلَى هَذِهِ الْجِنَازَةِ بِالْكَسْرِ أَوْ الْفَتْحِ لَمْ يَصِحَّ إنْ قَصَدَ النَّعْشَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الْمَيِّتِ تَغْلِيبًا لِلْمُبْطِلِ فِي الثَّانِي فَإِنْ قَصَدَ الْمَيِّتَ وَحْدَهُ أَوْ أَطْلَقَ صَحَّ، أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ اسْمٌ لِلنَّعْشِ فَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ الْمَيِّتِ فَقَطْ. اهـ. شَيْخُنَا بِزِيَادَةٍ، رَاجِعْ م ر وَالرَّشِيدِيَّ عَلَيْهِ. اهـ. شَيْخُنَا ذَهَبِيٌّ وَكُلُّ هَذَا بِنَاءً عَلَى الْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ وَقَدْ عَرَفْت أَنَّهُ هُجِرَ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ عَكْسُهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَمِنْ جُمْلَتِهِ إنَّهُ اسْمٌ لَهُمَا مَعًا فَيَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا جُزْءًا مَعْنًى لَا قَيْدًا فِيهِ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي بَقِيَّةِ الْأَقْوَالِ. اهـ. شَيْخُنَا ذَهَبِيٌّ رحمه الله.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ الْمَيِّتُ إلَخْ) رَاجِعٌ لِلْقَوْلَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا اللَّذَانِ تَعَرَّضَا لِاسْمِ النَّعْشِ مَعَ تَقْيِيدِهِ بِكَوْنِ الْمَيِّتِ عَلَيْهِ وَهَذَا مَفْهُومُهُ نَعَمْ تَرَجَّى الْمُحَشِّي أَنْ يَكُونَ هَذَا عَلَى الْأَوَّلِ أَيْضًا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ إلَخْ) هَلْ مُفَارَقَةُ قَوْلِ الْأَزْهَرِيِّ لِغَيْرِهِ بِاعْتِبَارِهِ التَّكْفِينَ فَقَطْ أَوْ وَالشَّدَّ وَمَا الْمُرَادُ بِالشَّدِّ سم عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: يُكْثِرُ كُلٌّ) إلَّا طَالِبَ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ الْمَوْتِ يَقْطَعُهُ. اهـ. حَوَاشِي الْمَنْهَجِ أَيْ: إنْ كَانَ عَالِمًا بِهِ، وَإِلَّا سُنَّ لَهُ ذِكْرُهُ كَغَيْرِهِ. اهـ. شَنَوَانِيٌّ. (قَوْلُهُ: نَدْبًا) أَيْ: مُؤَكَّدًا، وَإِلَّا فَأَصْلُ الذِّكْرِ بِلَا إكْثَارٍ مَنْدُوبٌ. اهـ. حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: يَعْنِي الْمَوْتَ) يُفِيدُ أَنَّ لَفْظَ الْمَوْتِ لَيْسَ مِنْ الْحَدِيثِ مَعَ أَنَّهُ مِنْهُ بِدُونِ يَعْنِي إلَّا أَنْ تَكُونَ رِوَايَةً أُخْرَى. اهـ. شَيْخُنَا. اهـ. جَمَلٌ عَلَى الْمَنْهَج.

(قَوْلُهُ: فَمَعْنَاهُ الْمُزِيلُ إلَخْ) أَيْ: وَلَيْسَ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيُّ مُرَادًا بَلْ هُوَ اسْتِعَارَةٌ تَبَعِيَّةٌ بِأَنْ شَبَّهَ إزَالَةَ اللَّذَّاتِ بِذِكْرِ الْمَوْتِ بِهَدْمِ الصَّوَاعِقِ أَوْ نَحْوِهَا لِلْبِنَاءِ وَاسْتَعَارَ لَهُ اسْمَهُ ثُمَّ اُشْتُقَّ مِنْهُ هَادِمٌ أَوْ بِالْكِنَايَةِ بِأَنْ شَبَّهَ اللَّذَّاتِ بِبُنْيَانٍ مُرْتَفِعٍ تَشْبِيهًا

ص: 77

لِلشَّيْءِ مِنْ أَصْلِهِ وَالْمَوْتُ عَدَمُ الْحَيَاةِ وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِمُفَارَقَةِ الرُّوحِ الْجَسَدَ، وَقِيلَ: عَدَمُ الْحَيَاةِ عَمَّا مِنْ شَأْنِهِ الْحَيَاةُ وَقِيلَ: عَرَضٌ يُضَادُّهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ} [الملك: 2] وَرُدَّ بِأَنَّ الْمَعْنَى قُدِّرَ وَالْعَدَمُ مُقَدَّرٌ (وَاسْتَعَدْ لَهُ بِتَوْبٍ) أَيْ بِالتَّوْبَةِ أَيْ: بَادِرْ إلَيْهَا وُجُوبًا فَقَدْ يَفْجَؤُهُ الْمَوْتُ فَتَفُوتُهُ (وَالظُّلَامَاتُ تُرَدْ إلَى ذَوِيهَا) أَيْ: أَصْحَابِهَا وَصَرَّحَ بِرَدِّهَا وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ التَّوْبَةِ لِئَلَّا يَغْفُلَ عَنْهُ وَلَوْ عَبَّرَ بِالْخُرُوجِ مِنْهَا كَانَ أَوْلَى (وَالْمَرِيضُ أَوْلَى) بِمَا ذُكِرَ مِنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ إلَى الْمَوْتِ أَقْرَبُ وَيُسَنُّ لَهُ أَنْ يَتَعَاهَدَ نَفْسَهُ بِتَقْلِيمِ أَظْفَارِهِ وَأَخْذِ شَعْرِ شَارِبِهِ وَإِبِطِهِ وَعَانَتِهِ لِخَبَرِ خُبَيْبِ بْنِ عَدِيٍّ أَنَّهُ لَمَّا أَرَادَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ قَتْلَهُ اسْتَعَارَ مُوسَى يَسْتَحِدُّ بِهَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَنْ يَصْبِرَ عَلَى الْمَرَضِ وَأَنْ يَتَدَاوَى فَإِنْ تَرَكَهُ تَوَكُّلًا فَفَضِيلَةٌ وَأَنْ يَتْرُكَ الْأَنِينَ جُهْدَهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ وَإِنْ صَرَّحَ بِكَرَاهَتِهِ جَمَاعَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ نَهْيٌ مَقْصُودٌ بَلْ فِي الْبُخَارِيِّ أَنَّ «عَائِشَةَ قَالَتْ: وَارَأْسَاهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: بَلْ أَنَا وَارَأْسَاهُ» لَكِنْ الِاشْتِغَالُ بِالتَّسْبِيحِ وَنَحْوِهِ أَوْلَى مِنْهُ فَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى وَلَعَلَّهُ مُرَادُهُمْ وَيُكْرَهُ لَهُ كَثْرَةُ الشَّكْوَى فَلَوْ سَأَلَهُ طَبِيبٌ، أَوْ قَرِيبٌ، أَوْ نَحْوُهُ عَنْ حَالِهِ فَأَخْبَرَهُ بِالشِّدَّةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا لَا عَلَى صُورَةِ الْجَزَعِ فَلَا بَأْسَ وَيُسَنُّ عِيَادَتُهُ إنْ كَانَ مُسْلِمًا، وَكَذَا إنْ كَانَ ذِمِّيًّا قَرِيبًا، أَوْ جَارًا أَوْ نَحْوَهُ، وَإِلَّا جَازَتْ فَإِنْ رَأَى الْعَائِدُ أَمَارَةَ الْبُرْءِ دَعَا لَهُ وَانْصَرَفَ، وَإِلَّا رَغَّبَهُ فِي التَّوْبَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَيُسَنُّ لَهُ أَنْ يُطَيِّبَ نَفْسَهُ وَلَا يُطِيلُ الْقُعُودَ وَتَكُونُ عِيَادَتُهُ غِبًّا وَلَا تُكْرَهُ فِي وَقْتٍ إلَّا أَنْ يَشُقَّ عَلَى الْمَرِيضِ.

(وَذُو احْتِضَارٍ) أَيْ: وَمَنْ حَضَرَتْهُ مُقَدِّمَاتُ الْوَفَاةِ (قِبْلَةً يُوَلَّى) نَدْبًا (لِأَيْمَنٍ) بِصَرْفِهِ لِلْوَزْنِ أَيْ: لِجَنْبِهِ الْأَيْمَنِ، ثُمَّ الْأَيْسَرِ كَالْمَوْضُوعِ فِي اللَّحْدِ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الِاسْتِقْبَالِ مِنْ إلْقَائِهِ عَلَى قَفَاهُ وَرَوَى الشَّيْخَانِ أَنَّهُ «صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا أَوَى إلَى فِرَاشِهِ نَامَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ» وَرَوَى أَبُو دَاوُد أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَقْبَلَتْ عِنْدَ مَوْتِهَا الْقِبْلَةَ، ثُمَّ تَوَسَّدَتْ يَمِينَهَا (ثُمَّ عَلَى قَفَاهُ يُلْقَى) أَيْ: ثُمَّ إنْ تَعَذَّرَ وَضْعُهُ عَلَى جَنْبِهِ أُلْقِيَ عَلَى قَفَاهُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَيُعَبِّرُ عَنْهُ إلَخْ) يَقْتَضِي أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الْعِبَارَةِ مَعَ اتِّحَادِ الْمَعْنَى مَعَ أَنَّ الْعِبَارَتَيْنِ لَا يُوفِيَانِ بِاتِّحَادِهِ لِصِدْقِ الْأُولَى بِانْتِفَاءِ الْحَيَاةِ عَنْ نَحْوِ الْجِدَارِ وَالنُّطْفَةِ دُونَ الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ: عَمَّا مِنْ شَأْنِهِ) يَشْمَلُ النُّطْفَةَ وَيُخْرِجُ الْجِدَارَ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ: عَرَضٌ إلَخْ) فَيَكُونُ وُجُودِيًّا. (قَوْلُهُ: بَادِرْ إلَيْهَا وُجُوبًا) أَيْ: فَوْرًا إنْ عَلِمَ أَنَّ عَلَيْهِ مُقْتَضِيًا لَهَا، وَإِلَّا فَنَدْبًا. (قَوْلُهُ: كَانَ أَوْلَى) لِشُمُولِهِ التَّمْكِينَ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْحَدِّ وَالتَّعْزِيرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَرَكَهُ تَوَكُّلًا إلَخْ) قَدْ يُفِيدُ هَذَا الصَّنِيعَ أَنَّ التَّدَاوِي أَفْضَلُ مِنْ تَرْكِهِ وَلَوْ تَوَكُّلًا وَهُوَ قَضِيَّةُ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَيُسَنُّ التَّدَاوِي. (قَوْلُهُ: كَثْرَةُ الشَّكْوَى) أَخْرَجَ غَيْرَ الْكَثْرَةِ، فَهَلْ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ جَزَعٌ، وَيَنْبَغِي: نَعَمْ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: وَتُسَنُّ عِيَادَتُهُ) وَلَوْ مِنْ رَمَدٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ جَارًا أَوْ نَحْوَهُ) أَيْ: كَخَادِمٍ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُطِيلُ الْقُعُودَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: بَلْ تُكْرَهُ إطَالَتُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ إعْجَازِهِ وَمَنْعِهِ مِنْ بَعْضِ تَصَرُّفَاتِهِ، نَعَمْ إنْ فَهِمَ عَنْهُ الرَّغْبَةَ فِيهَا فَلَا كَرَاهَةَ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ. اهـ.

ــ

[حاشية الشربيني]

مُضْمَرًا فِي النَّفْسِ وَذِكْرُ الْهَدْمِ تَخْيِيلٌ. (قَوْلُهُ: بِمُفَارَقَةِ الرُّوحِ الْجَسَدَ) لَا يَشْمَلُ الْجَنِينَ قَبْلَ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وُجُوبًا) وَلَوْ مِنْ صَغِيرَةٍ وَإِنْ أَتَى بِمُكَفِّرٍ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ يَتَعَلَّقُ بِالْآخِرَةِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: تُرَدُّ) الْمُرَادُ الْخُرُوجُ مِنْهَا فِي الْمَالِ وَالْعِرْضِ وَالنَّفْسِ إنْ قَدَرَ، وَإِلَّا فَالشَّرْطُ الْعَزْمُ عَلَى الرَّدِّ إنْ قَدَرَ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا حَيْثُ عُرِفَ الْمَظْلُومُ، وَإِلَّا فَيَتَصَدَّقُ بِمَا ظُلِمَ بِهِ عَنْ الْمَظْلُومِ كَذَا قِيلَ: وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ: هُوَ مَالٌ ضَائِعٌ يُرَدُّ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ إنْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ بَيْتَ الْمَالِ لَا يَصْرِفُ مَا أَخَذَهُ عَلَى مُسْتَحَقِّيهِ وَلَوْ كَانَ لِلظَّالِمِ اسْتِحْقَاقٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ فَالْأَقْرَبُ أَنَّ لَهُ الِاسْتِقْلَالَ بِهِ وَالتَّصَرُّفَ فِيهِ وَلَا يَضُرُّ اتِّحَادُ الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضِ، وَمَحَلُّ التَّوَقُّفِ عَلَى الِاسْتِحْلَالِ حَيْثُ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ ضَرَرٌ كَمَا إذَا زَنَى بِامْرَأَةٍ وَلَمْ يَبْلُغْ الْإِمَامَ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَطْلُبَ مِنْ زَوْجِهَا وَأَهْلِهَا الِاسْتِحْلَالَ لِمَا فِيهِ مِنْ هَتْكِ عَرْضِهِمْ فَيَكْفِي النَّدَمُ وَالْعَزْمُ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ التَّوْبَةِ) أَيْ: أَنَّهَا مَوْقُوفَةٌ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَهِيَ تَتَحَقَّقُ بِدُونِهِ فِي مَنْ لَا شَيْء عَلَيْهِ يُرَدُّ وَأَخَذَ م ر بِظَاهِرِ الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَتَدَاوَى) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَيُكْرَهُ إكْرَاهُهُ عَلَى تَنَاوُلِ الدَّوَاءِ اهـ. الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا إنْ لَمْ يُعْلَمْ أَوْ يُظَنَّ أَنْ تَرْكَهُ يُفْضِي إلَى الْهَلَاكِ كَمَا قِيلَ فِي أَصْلِ التَّدَاوِي. (قَوْلُهُ: كَثْرَةُ الشَّكْوَى) فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ يُكْرَهُ لَهُ الشَّكْوَى. اهـ. (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ عِيَادَتُهُ) إلَّا نَحْوَ مُبْتَدِعٍ فَيُكْرَهُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَيُسَنُّ عِيَادَتُهُ) وَلَوْ فِي نَحْوِ رَمَدٍ وَأَوَّلَ يَوْمٍ وَخَبَرُ «إنَّمَا يُعَادُ بَعْدَ ثَلَاثَةٍ» مَوْضُوعٌ وَلَوْ لَمْ يَعْرِفْهُ؛ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا قَرِيبًا أَوْ جَارًا أَوْ نَحْوَهُمَا أَوْ رُجِيَ إسْلَامُهُ، وَإِلَّا جَازَتْ وَكَالذِّمِّيِّ الْمُعَاهَدُ وَالْمُسْتَأْمَنُ إذَا كَانَا بِدَارِنَا وَآدَابُ الْعِيَادَةِ عَشْرٌ: أَنْ لَا يُقَابِلَ الْبَابَ عِنْدَ الِاسْتِئْذَانِ وَأَنْ يَدُقَّ الْبَابَ بِرِفْقٍ، وَلَا يُبْهِمُ نَفْسَهُ بِأَنْ يَقُولُ: أَنَا، وَأَنْ لَا يَحْضُرَ فِي وَقْتٍ غَيْرِ لَائِقٍ بِالْعِيَادَةِ كَوَقْتِ شُرْبِ الدَّوَاءِ، وَأَنْ يُخَفِّفَ الْجُلُوسَ، وَأَنْ يَغُضَّ الْبَصَرَ وَأَنْ يُقَلِّلَ السُّؤَالَ، وَأَنْ يُظْهِرَ الرِّقَّةَ وَأَنْ يُخْلِصَ الدُّعَاءَ، وَأَنْ يُوَسِّعَ لِلْمَرِيضِ فِي الْأَمَلِ وَيُعِينَهُ عَلَيْهِ بِالصَّبْرِ وَيُحَذِّرَهُ مِنْ الْجَذَعِ. اهـ. فَتْحُ الْبَارِي عَلَى الْبُخَارِيِّ لِحَجَرٍ. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ.

(قَوْلُهُ: الْأَيْمَنِ) أَيْ: عَلَى أَيْمَنَ. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْأَيْسَرِ) زَادَهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَأَخَلَّ بِهِ الْمُصَنِّفُ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ تَوَسَّدَتْ يَمِينَهَا) اُنْظُرْ كَيْفِيَّةَ

ص: 78

(وَوَجْهِهِ وَأَخْمَصَاهُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ أَشْهَرُ مِنْ كَسْرِهَا وَضَمِّهَا (لِقِبْلَةٍ) بِرَفْعِ رَأْسِهِ قَلِيلًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمُمْكِنُ وَيَدُلُّ لِتَوْجِيهِهِ الْقِبْلَةَ مَعَ مَا مَرَّ الْإِجْمَاعُ وَأَنَّهُ «صلى الله عليه وسلم لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ سَأَلَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ فَقَالُوا: تُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ وَأَوْصَى بِثُلُثِهِ لَكَ وَبِأَنْ يُوَجَّهُ لِلْقِبْلَةِ إذَا اُحْتُضِرَ فَقَالَ: أَصَابَ الْفِطْرَةَ وَقَدْ رَدَدْت ثُلُثَهُ عَلَى وَلَدِهِ ثُمَّ ذَهَبَ فَصَلَّى عَلَيْهِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ وَأَدْخِلْهُ جَنَّتَكَ، وَقَدْ فَعَلْت» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَالْأَخْمَصَانِ هُنَا أَسْفَلُ الرِّجْلَيْنِ وَحَقِيقَتُهُمَا الْمُنْخَفَضُ مِنْ أَسْفَلِهِمَا قَالَهُ فِي الدَّقَائِقِ.

(وَعِنْدَهُ يس تُتْلَى) نَدْبًا لِخَبَرِ «اقْرَءُوا عَلَى مَوْتَاكُمْ يَاسِينَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَقَالَ: الْمُرَادُ بِهِ مَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ يَعْنِي مُقَدِّمَاتِهِ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَا يُقْرَأُ عَلَيْهِ وَفِي رُبَاعِيَّاتِ أَبِي بَكْرٍ الشَّافِعِيِّ مَا مِنْ مَرِيضٍ يُقْرَأُ عِنْدَهُ يس إلَّا مَاتَ رَيَّانًا وَأُدْخِلَ قَبْرَهُ رَيَّانًا وَحُشِرَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَيَّانًا قَالَ السُّبْكِيُّ: وَهُوَ غَرِيبٌ بِمَرَّةَ قَالَ الْجَارْبُرْدِيُّ وَلَعَلَّ الْحِكْمَةَ فِي قِرَاءَتِهَا أَنَّ أَحْوَالَ الْقِيَامَةِ وَالْبَعْثِ مَذْكُورَةٌ فِيهَا فَإِذَا قُرِئَتْ عَلَيْهِ تَجَدَّدَ لَهُ ذِكْرُ تِلْكَ الْأَحْوَالِ وَزَادَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَالْعِمْرَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا قِرَاءَةَ الرَّعْدِ لِقَوْلِ جَابِرٍ فَإِنَّهَا تُهَوِّنُ عَلَيْهِ خُرُوجَ الرُّوحِ.

(وَبِالشَّهَادَةِ التَّلْقِينُ) أَيْ: وَيُسَنُّ تَلْقِينُهُ الشَّهَادَةَ أَيْ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ رَوَى مُسْلِمٌ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: أَيْ: مِنْ قُرْبِ مَوْتِهِ وَهُوَ مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الشَّيْءِ بِاسْمِ مَا يَصِيرُ إلَيْهِ كَقَوْلِهِ {إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا} [يوسف: 36] وَرَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَالْحَاكِمُ بِإِسْنَادِ صَحِيحٍ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ» وَنَقَلَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ عَنْ جَمَاعَاتٍ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يُلَقَّنُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِذَلِكَ التَّوْحِيدُ قَالَ: وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ وَلِأَنَّ هَذَا مُوَحِّدٌ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذِهِ الْعِلَّةِ مَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَافِرًا لُقِّنَ الشَّهَادَتَيْنِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيُسَنُّ أَنْ يُلَقِّنَهُ غَيْرُ الْوَرَثَةِ؛ لِئَلَّا يَتَّهِمَهُمْ بِاسْتِعْجَالِ الْإِرْثِ فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ غَيْرُهُمْ فَأَشْفَقُهُمْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُلَقِّنَهُ مَنْ يَتَّهِمُهُ مُطْلَقًا؛ لِيَعُمَّ الْوَارِثَ وَالْحَاسِدَ وَالْعَدُوَّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ حَسَنٌ إنْ كَانَ ثَمَّ غَيْرُهُ، وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُلَقِّنُهُ وَإِنْ اتَّهَمَهُ وَلَا يُوَاجِهُهُ بِالشَّهَادَةِ بِأَنْ يَأْمُرَهُ بِهَا، بَلْ يَذْكُرُهَا بِحَضْرَتِهِ لِيَتَذَكَّرَ، أَوْ يَقُولَ ذِكْرُ اللَّهِ مُبَارَكٌ فَنَذْكُرُ اللَّهَ جَمِيعًا سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ وَلَا يُلِحُّ عَلَيْهِ وَلَا يُعِيدُهَا عَلَيْهِ إذَا نَطَقَ بِهَا حَتَّى يَتَكَلَّمَ بِغَيْرِهَا وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ يَقْتَضِي تَقْدِيمَ تَلْقِينِهِ عَلَى تَوْجِيهِهِ الْقِبْلَةَ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَقَالَ ابْنُ الْفِرْكَاحِ: إنْ أَمْكَنَ جَمْعُهُمَا فُعِلَا مَعًا، وَإِلَّا قُدِّمَ التَّلْقِينُ وَكَلَامُهُمْ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَا يُقْرَأُ عَلَيْهِ) يُحْتَمَلُ أَنَّ وَجْهَ هَذَا الِاسْتِدْلَالِ أَنَّ الْقِرَاءَةَ عَلَى الْقَبْرِ تَقْتَضِي كَوْنَهُ ذَا إدْرَاكٍ وَسَمَاعٍ وَالْمَيِّتُ لَيْسَ كَذَلِكَ وَحِينَئِذٍ فَهَذَا قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ مَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ فَلَا يَرُدُّ أَنَّ الْمَيِّتَ يَنْتَفِعُ بِالْقِرَاءَةِ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ هَذَا شَيْءٌ آخَرُ لَا يُنَافِي مَا قُلْنَاهُ خِلَافًا لِمَا تُوُهِّمَ. (قَوْلُهُ: مَا مِنْ مَرِيضٍ إلَخْ) هَذَا يُؤَيِّدُ التَّأْوِيلَ السَّابِقَ.

(قَوْلُهُ: «مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ» إلَخْ) هَلْ يَخْتَصُّ بِغَيْرِ نَحْوِ الْمُصِرِّ عَلَى مَعْصِيَةٍ. (قَوْلُهُ: دَخَلَ الْجَنَّةَ) أَيْ: مَعَ الْفَائِزِينَ، وَإِلَّا فَكُلُّ مُسْلِمٍ وَلَوْ مُذْنِبًا مَا لَهُ لَهَا وَلَوْ عُذِّبَ وَطَالَ عَذَابُهُ. (قَوْلُهُ: لُقِّنَ الشَّهَادَتَيْنِ) بَلْ يُتَّجَهُ وُجُوبُ هَذَا التَّلْقِينِ إذَا رُجِيَ إجَابَتُهُ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: لُقِّنَ الشَّهَادَتَيْنِ) أَيْ: مَعَ لَفْظِ أَشْهَدُ بِنَاءً عَلَى تَوَقُّفِ صِحَّةِ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَاَللَّهُ أَكْبَرُ) قَدْ يَقْتَضِي هَذَا التَّمْثِيلُ أَنَّ إتْيَانَ الْمَرِيضِ بِهَذَا الْمِثَالِ لَا يَمْنَعُ أَنَّ آخِرَ كَلَامِهِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مَعَ تَأَخُّرِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ عَنْهَا

ــ

[حاشية الشربيني]

اسْتِقْبَالِهَا أَوَّلًا وَلَعَلَّهَا اسْتَقْبَلَتْ قَاعِدَةً أَوَّلًا حَرِّرْهُ. (قَوْلُهُ: وَأَخْمَصَاهُ) الْأَخْمَصُ مَا ارْتَفَعَ عَنْ الْأَرْضِ مِنْ بَاطِنِ الرِّجْلِ يُقَالُ: خَمِصَ الْقَدَمُ مِنْ بَابِ تَعِبَ فَالرَّجُلُ أَخَمَصُ الْقَدَمِ وَالْمِرْأَةُ خَمْصَاءُ وَالْجَمْعُ خُمْصٌ، كَأَحْمَرَ وَحَمْرَاءَ وَحُمْرٍ؛ لِأَنَّهُ صِفَةٌ فَإِذَا جَمَعْتَ الْقَدَمَ نَفْسَهَا قُلْتَ: الْأَخَامِصُ مِثْلُ الْأَفَاضِلِ إجْرَاءً لَهُ مُجْرَى الْأَسْمَاءِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِالْقَدَمِ خُمْصٌ فَهِيَ " رَحَّاءُ " بِرَاءٍ وَحَاءٍ مُشَدَّدَةٍ مَعَ الْمَدِّ. اهـ. مِصْبَاحٌ لَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا أَسْفَلُ الْقَدَمَيْنِ مُطْلَقًا.

(قَوْلُهُ: لَا يُقْرَأُ عَلَيْهِ) بَلْ يُقْرَأُ عِنْدَهُ. (قَوْلُهُ: رَيَّانُ) بِالصَّرْفِ؛ لِأَنَّهُ فَعْلَانُ فَعْلَانَةُ لَا فَعْلَانُ فَعْلَى. (قَوْلُهُ: بِمَرَّةٍ) الْمَرَّةُ الْفَعْلَةُ الْوَاحِدَةُ. اهـ. قَامُوسٌ أَيْ: أَقُولُ ذَلِكَ قَوْلًا وَاحِدًا. (قَوْلُهُ: لِقَوْلِ جَابِرٍ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهَا تُقْرَأُ سِرًّا لِئَلَّا يَزْدَادَ أَلَمُهُ وَإِنْ أَمَرَهُ الْمَيِّتُ بِقِرَاءَتِهَا جَهْرًا. (تَنْبِيهٌ) قَدْ دَلَّتْ الْأَحَادِيثُ عَلَى أَنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام يَحْضُرُ مَوْتَ كُلِّ مُؤْمِنٍ. اهـ. جَمَلٌ وَلْيَنْظُرْ كَيْفِيَّةَ حُضُورِهِ فِيمَا إذَا مَاتَ اثْنَانِ مَثَلًا أَحَدُهُمَا بِالْمَشْرِقِ وَالْآخَرُ بِالْمَغْرِبِ فِي لَحْظَةٍ وَاحِدَةٍ.

(قَوْلُهُ: قَالَ «لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ» ) يُفِيدُ وُجُوبَ التَّلْقِينِ وَنَقَلَهُ النَّاشِرِيُّ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِذَلِكَ التَّوْحِيدُ) يُفِيدُ أَنَّ التَّوْحِيدَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى لَفْظِ " أَشْهَدَ " وَهُوَ قَوْلٌ. (قَوْلُهُ: لُقِّنَ الشَّهَادَتَيْنِ) أَيْ: وُجُوبًا إنْ رُجِيَ إسْلَامُهُ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ إلَخْ) لَوْ حَضَرَ الْحَاسِدُ وَالْعَدُوُّ فَقَطْ لَقَّنَهُ الْحَاسِدُ لِقِلَّةِ عَدَاوَتِهِ بَلْ قَدْ يُقَدَّمُ الْآنَ مَعَ الْحَاسِدِ. اهـ. شَيْخُنَا مَرْصَفِيٌّ. (قَوْلُهُ: بِالشَّهَادَةِ) أَيْ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، أَمَّا لَفْظُ أَشْهَدُ فَذِكْرُهُ مَكْرُوهٌ فِي هَذَا الْوَقْتِ ع ش. (قَوْلُهُ: حَتَّى يَتَكَلَّمَ) أَيْ: الْمُحْتَضَرُ فَإِنْ تَكَلَّمَ أَعَادَهَا لَكِنْ بَعْدَ سَكْتَةٍ يَسِيرَةٍ وَالْكَلَامُ يَعُمُّ النَّفْسِيَّ إنْ دَلَّتْ عَلَيْهِ قَرِينَةٌ وَالذِّكْرَ وَغَيْرَهُ. اهـ. جَمَلٌ. (قَوْلُهُ: الْفِرْكَاحِ) هُوَ أَبُو مُحَمَّدٍ تَاجُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إبْرَاهِيمَ تَفَقَّهَ عَلَى ابْنِ الصَّلَاحِ وَسَمِعَ مِنْ ابْنِ السُّنِّيِّ وَغَيْرِهِ. اهـ. جَمَلٌ وَكَانَ شَامِيًّا مُعَاصِرًا لِلشَّيْخِ النَّوَوِيِّ وَكَانَ يُسَمِّيهِ الْفَلَّاحَ. (قَوْلُهُ: قُدِّمَ التَّلْقِينُ) ظَاهِرُهُ

ص: 79

يَشْمَلُ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ فَيُسَنُّ تَلْقِينُهُمَا وَهُوَ قَرِيبٌ فِي الْمُمَيِّزِ.

(وَظَنَّهُ يُحْسِنُ فِي مَوْلَاهُ) أَيْ: وَيُسَنُّ لِلْمُحْتَضَرِ يَعْنِي الْمَرِيضَ أَنْ يُحْسِنَ ظَنَّهُ بِرَبِّهِ عز وجل لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاَللَّهِ تَعَالَى» أَيْ: يَظُنُّ أَنَّهُ يَرْحَمُهُ وَيَعْفُو عَنْهُ وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي» وَيُنْدَبُ لِمَنْ عِنْدَهُ تَحْسِينُ ظَنِّهِ وَتَطْمِيعُهُ فِي رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى، أَمَّا الصَّحِيحُ فَقِيلَ: الْأَوْلَى لَهُ تَغْلِيبُ خَوْفِهِ عَلَى رَجَائِهِ وَالْأَظْهَرُ فِي الْمَجْمُوعِ اسْتِوَاؤُهُمَا إذْ الْغَالِبُ فِي الْقُرْآنِ ذِكْرُ التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ مَعًا كَقَوْلِهِ {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [آل عمران: 106]{إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ} [الانفطار: 13]{وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} [الانفطار: 14] وَفِي الْإِحْيَاءِ إنْ غَلَبَ عَلَيْهِ دَاءُ الْقُنُوطِ فَالرَّجَاءُ أَوْلَى، أَوْ دَاءُ أَمْنِ الْمَكْرِ فَالْخَوْفُ أَوْلَى وَيُكْرَهُ تَمَنِّي الْمَوْتِ لَا لِخَوْفِ فِتْنَةِ دِينٍ فَإِنْ كَانَ وَلَا بُدَّ مُتَمَنِّيًا فَلْيَقُلْ:«اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتْ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي وَتَوَفَّنِي مَا كَانَتْ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي» وَيُنْدَبُ طَلَبُ الْمَوْتِ بِبَلَدٍ شَرِيفٍ وَعَدَمُ إكْرَاهِ الْمَرِيضِ عَلَى الدَّوَاءِ وَغَيْرِهِ مِنْ الطَّعَامِ وَطَلَبُ الدُّعَاءِ مِنْهُ وَوَعْظُهُ بَعْدَ عَافِيَتِهِ وَتَذْكِيرُهُ الْوَفَاءَ بِمَا عَاهَدَ اللَّهَ عَلَيْهِ مِنْ الْخَيْرَاتِ.

(وَغُمِّضَتْ) نَدْبًا (إذَا قَضَى) أَيْ: مَاتَ (عَيْنَاهُ) لِئَلَّا يَقْبُحَ مَنْظَرُهُ وَرَوَى مُسْلِمٌ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَى أَبِي سَلَمَةَ، وَقَدْ شَقَّ بَصَرُهُ فَأَغْمَضَهُ، ثُمَّ قَالَ: إنَّ الرُّوحَ إذَا قُبِضَ تَبِعَهُ الْبَصَرُ أَيْ: ذَهَبَ أَوْ شَخَصَ نَاظِرًا إلَيْهَا أَيْنَ تَذْهَبُ» وَعَلَى الثَّانِي اقْتَصَرَ النَّوَوِيُّ وَقُبِضَ أُخْرِجَ مِنْ الْجَسَدِ وَشَقَّ بَصَرُهُ بِفَتْحِ الشِّينِ وَضَمِّ الرَّاءِ شَخَصَ وَالرُّوحُ جِسْمٌ لَطِيفٌ وَهُوَ بَاقٍ لَا يَفْنَى عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ وقَوْله تَعَالَى {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} [الزمر: 42] تَقْدِيرُهُ: حِينَ مَوْتِ أَجْسَادِهَا وَيُسْتَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ إغْمَاضِهِ: بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ وَأَنْ يَقُولَ إذَا حَمَلَهُ: بِسْمِ اللَّهِ، ثُمَّ يُسَبِّحُ مَا دَامَ يَحْمِلُهُ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ.

(وَشُدَّ) نَدْبًا (فِي عِصَابَةٍ لَحْيَاهُ) أَيْ: بِعِصَابَةٍ عَرِيضَةٍ تَجْمَعُ لَحْيَيْهِ وَتُرْبَطُ فَوْقَ رَأْسِهِ، كَمَا قَالَ (قُلْتُ يَكُونُ رَبْطُهَا أَعْلَاهُ) حِفْظًا لِفَمِهِ عَنْ الْهَوَامِّ وَقُبْحِ مَنْظَرِهِ.

(وَلُيِّنَتْ) نَدْبًا (مَفَاصِل) لَهُ (بِالرَّدِّ وَالْمَدِّ) فَيُلَيَّنُ أَصَابِعُهُ وَيُرَدُّ سَاعِدُهُ إلَى عَضُدِهِ وَسَاقُهُ إلَى فَخِذِهِ وَفَخِذُهُ إلَى بَطْنِهِ ثُمَّ يَمُدُّهَا تَسْهِيلًا لِغَسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ فَإِنَّ فِي الْبَدَنِ بَعْدَ مُفَارَقَةِ الرُّوحِ بَقِيَّةَ حَرَارَةٍ فَإِذَا لُيِّنَتْ الْمَفَاصِلُ حِينَئِذٍ لَانَتْ وَإِلَّا فَلَا يُمْكِنُ تَلْيِينُهَا بَعْدُ.

(وَ) يُسَنُّ (السَّتْرُ) لِجَمِيعِ بَدَنِهِ (بِثَوْبٍ فَرْدِ) خَفِيفٍ بَعْدَ نَزْعِ ثِيَابِهِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَهُوَ قَرِيبٌ فِي الْمُمَيِّزِ) لَا يَبْعُدُ أَنَّ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ كَذَلِكَ حَيْثُ أَمْكَنَ. (قَوْلُهُ: فَيُسَنُّ تَلْقِينُهُمَا) بِخِلَافِ تَلْقِينِهِمَا بَعْدَ الدَّفْنِ.

(قَوْلُهُ: يَعْنِي الْمَرِيضَ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى حَالَةِ الِاحْتِضَارِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ. (قَوْلُهُ: فِي الْمَجْمُوعِ اسْتِوَاؤُهُمَا) هَذَا بِظَاهِرِهِ يُخَالِفُ كَلَامَ الْأَحْيَاءِ. (قَوْلُهُ: وَفِي الْأَحْيَاءِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: لَا حَاجَةَ لِهَذَا التَّفْصِيلِ بَلْ يَكْفِي الِاسْتِوَاءُ لِزَوَالِ الْمَحْذُورِ مَعَهُ. (قَوْلُهُ: الْقُنُوطِ فَالرَّجَاءُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: كُلٌّ مِنْ الْقُنُوطِ وَأَمْنِ الْمَكْرِ كَبِيرَةٌ يَجِبُ الْخُرُوجُ مِنْهُ فَهَلَّا وَجَبَ الرَّجَاءُ فِي الْأَوَّلِ، وَالْخَوْفُ فِي الثَّانِي إذَا تَوَقَّفَ عَلَيْهِ عَدَمُ مَا غَلَبَ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: وَغُمِّضَتْ إلَخْ) . (فَرْعٌ) هَلْ يُغَمَّضُ الْأَعْمَى إذَا تَيَسَّرَ إطْبَاقُ جَفْنَيْهِ الْوَجْهُ نَدْبُ ذَلِكَ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَهِيَ أَنَّهُ يَقْبُحُ مَنْظَرُهُ خِلَافًا لِمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُهُمْ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ: إنَّ الرُّوحَ إذَا قُبِضَ تَبِعَهُ الْبَصَرُ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ عِلَّةُ طَلَبِ التَّغْمِيضِ بَلْ بَيَانٌ لِسَبَبِ انْفِتَاحِ الْعَيْنِ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ بَقَاؤُهَا مَفْتُوحَةً، فَيَحْتَاجُ إلَى التَّغْمِيضِ لِدَفْعِ قُبْحِ الْمَنْظَرِ، وَالْقُبْحُ الْمَذْكُورُ يَتَحَقَّقُ فِي الْأَعْمَى فَيُطْلَبُ تَغْمِيضُهُ بِمَعْنَى الْتِقَاءِ أَحَدِ الْجَفْنَيْنِ بِالْآخَرِ لِيَنْدَفِعَ ذَلِكَ الْقُبْحُ. (قَوْلُهُ: نَاظِرًا إلَخْ) يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ إذَا أَحَسَّ بِخُرُوجِ الرُّوحِ عِنْدَ أَخْذِهَا فِي الْخُرُوجِ فَتَحَ بَصَرَهُ يَنْظُرُ إلَيْهَا أَيْنَ تَذْهَبُ. (قَوْلُهُ: شَخَصَ) لَعَلَّ الشَّاخِصَ مَحَلُّهُ.

ــ

[حاشية الشربيني]

وَلَوْ ظُنَّ حَيَاتُهُ بَعْدَ التَّوْجِيهِ مُدَّةً تَسَعُ التَّلْقِينَ وَيُحْتَمَلُ تَقْدِيمُ التَّوْجِيهِ حِينَئِذٍ وَتَأْخِيرُ التَّلْقِينِ لِيَكُونَ أَقْرَبَ لِمَوْتِهِ. اهـ. جَمَلٌ. (قَوْلُهُ: يَشْمَلُ الصَّبِيَّ) قَالَ م ر: تَلْقِينُهُ سُنَّةً، وَأَمَّا التَّلْقِينُ بَعْدَ الدَّفْنِ فَلَا يُسَنُّ فِيهِ لِأَنَّ الصَّبِيَّ لَا يُفْتَنُ وَمِثْلُهُ مَجْنُونٌ لَمْ يَسْبِقْ لَهُ تَكْلِيفٌ. اهـ. سم

(قَوْلُهُ: وَيُنْدَبُ لِمَنْ عِنْدَهُ إلَخْ) أَيْ: مَا لَمْ يَرَ مِنْهُ الْيَأْسَ، وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ الْوُجُوبُ بَذْلًا لِلنَّصِيحَةِ اهـ وَحَكَاهُ ق ل بِقِيلَ ثُمَّ رَأَيْت م ر اسْتَوْجَهَ الْوُجُوبَ. (قَوْلُهُ: فَالرَّجَاءُ أَوْلَى) اعْتَمَدَ م ر الِاسْتِوَاءَ فَإِنْ قُلْتَ: أَفْضَلِيَّةُ الِاسْتِوَاءِ تَقْتَضِي جَوَازَ الْخَوْفِ الْمَحْضِ الْمُؤَدِّي إلَى الْيَأْسِ أَوْ الرَّجَاءِ الْمَحْضِ الْمُؤَدِّي إلَى الْأَمْنِ وَكُلٌّ كَبِيرَةٌ قُلْت: الِاقْتِضَاءُ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ انْتِفَاءَ الِاسْتِوَاءِ لَا يَنْحَصِرُ فِي تَمَحَّضَ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ سم. (قَوْلُهُ: أَوْلَى) أَيْ: لِانْدِفَاعِ الْقُنُوطِ وَأَمْنِ الْمَكْرِ بِالِاسْتِوَاءِ نَعَمْ إنْ تَوَقَّفَ عَدَمُ مَا غَلَبَ عَلَيْهِ عَلَى أَحَدِهِمَا فَالظَّاهِرُ الْوُجُوبُ تَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: «إذَا قُبِضَ تَبِعَهُ الْبَصَرُ» إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: إنَّ الْبَصَرَ إنَّمَا يُبْصِرُ مَا دَامَ الرُّوحُ فِي الْبَدَنِ فَإِذَا فَارَقَهُ تَعَطَّلَ الْإِحْسَاسُ وَاَلَّذِي ظَهَرَ - بَعْدَ النَّظَرِ ثَلَاثِينَ سَنَةً - أَنْ يُجَابَ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ أَحَدِهِمَا أَنَّ ذَلِكَ بَعْدَ خُرُوجِ الرُّوحِ مِنْ أَكْثَرِ الْبَدَنِ وَهِيَ بَعْدُ بَاقِيَةٌ فِي الرَّأْسِ وَالْعَيْنَيْنِ فَإِذَا خَرَجَ مِنْ الْفَمِ أَكْثَرُهَا وَلَمْ تَنْتَهِ كُلُّهَا نَظَرَ الْبَصَرُ إلَى الْقَدْرِ الَّذِي خَرَجَ وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ الرُّوحَ عَلَى مِثَالِ الْبَدَنِ وَقَدْرِ أَعْضَائِهِ فَإِذَا خَرَجَ بَقِيَّتُهَا مِنْ الرَّأْسِ وَالْعَيْنِ سَكَنَ النَّظَرُ فَيَكُونُ مَعْنَى " قُبِضَ " شُرِعَ فِي قَبْضِهِ وَلَمْ يَنْتَهِ قَبْضُهُ، الثَّانِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ كَثِيرُونَ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الرُّوحَ لَهَا اتِّصَالٌ بِالْبَدَنِ وَإِنْ كَانَتْ خَارِجَةً فَيَرَى وَيَعْلَمُ وَيَسْمَعُ وَيَرُدُّ السَّلَامَ وَيَكُونُ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ أَقْوَى الْأَدِلَّةِ عَلَى ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِمُرَادِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم. اهـ. سُيُوطِيٌّ. اهـ. جَمَلٌ عَنْ هَامِشِ نُسْخَةِ ع ش. (قَوْلُهُ: وَهُوَ بَاقٍ لَا يَفْنَى) وَكَانَ مَوْجُودًا قَبْلَ خَلْقِ الْجَسَدِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْعَقَائِدِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر

(قَوْلُهُ: وَسُنَّ إلَخْ) أَيْ: إنْ لَمْ يُخَفْ تَنَجُّسُهُ، وَإِلَّا وَجَبَ ق ل

ص: 80

لِئَلَّا يُسْرِعَ فَسَادُهُ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم سُجِّيَ حِينَ مَاتَ بِثَوْبِ حِبَرَةٍ» هُوَ بِالْإِضَافَةِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْبَاءِ نَوْعٌ مِنْ ثِيَابِ الْقُطْنِ يُنْسَجُ بِالْيَمَنِ وَسُجِّيَ غُطِّيَ وَقَوْلُهُ: فَرْدِ، مِنْ زِيَادَتِهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ (رَأْسَاهُ تَحْتَهُ فَلَا يَنْكَشِفُ) أَيْ: وَيُجْعَلُ طَرَفَا الثَّوْبِ تَحْتَ الْمَيِّتِ بِأَنْ يُجْعَلَ أَحَدُهُمَا تَحْتَ رَأْسِهِ وَالْآخَرُ تَحْتَ رِجْلَيْهِ لِئَلَّا يَنْكَشِفَ وَسَتْرُ جَمِيعِ الْبَدَنِ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ الْمُحْرِمِ، كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي.

(قُلْتُ وَ) يُسَنُّ (أَنْ يُصَانَ عَنْهُ الْمُصْحَفُ) احْتِرَامًا لَهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِهِ كُتُبُ الْحَدِيثِ وَالْعِلْمِ الْمُحْتَرَمِ

(وَبَطْنُهُ بِنَحْوِ سَيْفٍ) مِنْ أَنْوَاعِ الْحَدِيدِ كَسِكِّينٍ وَمِرْآةٍ (ثُقِّلَا) نَدْبًا، ثُمَّ بِطِينٍ رَطْبٍ ثُمَّ بِمَا تَيَسَّرَ؛ لِئَلَّا يَنْتَفِخَ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ أَنَسًا أَمَرَ بِوَضْعِ حَدِيدَةِ عَلَى بَطْنِ مَوْلًى لَهُ مَاتَ وَقَدَّرَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ ذَلِكَ بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا أَيْ: تَقْرِيبًا وَلَوْ أَخَّرَ النَّاظِمُ زِيَادَتَهُ السَّابِقَةَ عَنْ هَذَا، كَمَا فَعَلَ غَيْرُهُ كَانَ أَنْسَبَ.

(وَفِي رَفِيعٍ) أَيْ: وَعَلَى مُرْتَفَعٍ (كَالسَّرِيرِ جُعِلَا) أَيْ: الْمَيِّتُ فَلَا يُجْعَلُ عَلَى الْأَرْضِ لِئَلَّا يَتَغَيَّرَ بِنَدَاوَتِهَا وَلَا عَلَى فِرَاشٍ؛ لِئَلَّا يُحْمَى فَيَتَغَيَّرُ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ: فَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ صُلْبَةً جَازَ جَعْلُهُ عَلَيْهَا وَكَانَ الْأَنْسَبُ تَأْخِيرَ هَذَا عَنْ.

قَوْلُهُ (وَنَزْعُ مَا فِيهِ قَضَى مِنْ أَثْوَبِهْ) أَيْ: وَيُسَنُّ نَزْعُ ثِيَابِهِ الَّتِي مَاتَ فِيهَا عَنْهُ بِحَيْثُ لَا يُرَى بَدَنُهُ، كَمَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فَإِنَّهَا تُسْرِعُ إلَيْهِ الْفَسَادَ وَمِنْ هُنَا قَيَّدَهَا فِي الْوَسِيطِ بِالْمُدَفِّئَةِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَبْقَى عَلَيْهِ قَمِيصٌ وَيُؤَيِّدُهُ ظَاهِرُ قَوْلِهِ بَعْدُ وَلَا يُنْزَعُ قَمِيصُهُ لِلْغُسْلِ لَكِنْ قَالَ الرَّافِعِيُّ: هُنَاكَ وَغَيْرُ هَذِهِ الْعِبَارَةَ أَوْلَى مِنْهَا لِأَنَّهَا تُوهِمُ كَوْنَهُ فِي قَمِيصٍ قَبْلَ حَالَةِ الْغُسْلِ.

وَالْمَحْبُوبُ نَزْعُ الثِّيَابِ الْمَخِيطَةِ عَنْهُ مِنْ حِينِ مَوْتِهِ إلَى حِينِ غُسْلِهِ وَالْقَمِيصُ الَّذِي يُغَسَّلُ فِيهِ يُلَبَّسُ لَهُ عِنْدَ غُسْلِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَمَحَلُّ نَزْعِ الثِّيَابِ فِيمَنْ يُغَسَّلُ لَا فِي شَهِيدِ الْمَعْرَكَةِ قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَبْقَى عَلَيْهِ الْقَمِيصُ الَّذِي يُغَسَّلُ فِيهِ إذَا كَانَ طَاهِرًا إذْ لَا مَعْنَى لِنَزْعِهِ، ثُمَّ إعَادَتِهِ. اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى فِي نَزْعِهَا إنَّمَا هُوَ خَوْفُ تَغَيُّرِ الْمَيِّتِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الشَّهِيدِ وَغَيْرِهِ وَلَا بَيْنَ طَهَارَةِ الْقَمِيصِ وَعَدَمِهَا.

(وَكَاَلَّذِي يُحْتَضَرُ اسْتَقْبَلَ بِهْ) أَيْ: وَاسْتَقْبَلَ نَدْبًا بِالْمَيِّتِ الْقِبْلَةَ كَالْمُحْتَضَرِ فِي أَنَّهُ يُوَجَّهُ إلَيْهَا عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ، ثُمَّ الْأَيْسَرِ، ثُمَّ يُلْقَى عَلَى قَفَاهُ وَقَوْلُ النَّظْمِ كَاَلَّذِي يُحْتَضَرُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَوْلُهُ: اسْتَقْبَلَ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ وَهُوَ (أَرْفَقُ مَحْرَمٍ) أَوْ لِلْمَفْعُولِ وَهُوَ أَوْلَى وَأَرْفَقُ مَحْرَمٍ فَاعِلُ فِعْلٍ مَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ أَوَّلًا يُوَلِّي كَقَوْلِهِ تَعَالَى {يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ} [النور: 36]{رِجَالٌ} [النور: 37] عَلَى قِرَاءَةِ: يُسَبَّحُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ كَأَنَّهُ قِيلَ: مَنْ يَتَوَلَّى ذَلِكَ فَقَالَ: يَتَوَلَّاهُ أَرْفَقُ مَحَارِمِهِ بِهِ (بِرِفْقِ غَايَهْ) أَيْ: بِغَايَةِ رِفْقِهِ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَيَتَوَلَّى ذَلِكَ أَرْفَقُ مَحَارِمِهِ بِأَسْهَلِ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ احْتِرَامًا لَهُ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ وَيَتَوَلَّاهُ الرِّجَالُ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءُ مِنْ النِّسَاءِ فَإِنْ تَوَلَّاهُ الرِّجَالُ مِنْ نِسَاءِ الْمَحَارِمِ أَوْ النِّسَاءُ مِنْ رِجَالِ الْمَحَارِمِ جَازَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَتَوَلَّى ذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ وَلَا بِالْعَكْسِ وَلَا يَبْعُدُ جَوَازُهُ لَهُمَا مَعَ الْغَضِّ وَعَدَمِ الْمَسِّ. اهـ. وَكَالْمَحْرَمِ فِيمَا ذَكَرَ الزَّوْجَانِ.

(وَغُسْلُهُ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَهْ) بِالْإِجْمَاعِ وَلِخَبَرِ الَّذِي وَقِصَّتُهُ نَاقَتُهُ الْآتِي (وَلَوْ) كَانَ (غَرِيقًا) ؛ لِأَنَّا مَأْمُورُونَ بِغُسْلِهِ وَلَمْ نُغَسِّلْهُ وَقِيلَ: لَا يَجِبُ غُسْلُهُ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْغَاسِلِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَقَدَّرَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ إلَخْ) إنْ أَرَادَ تَقْدِيرَ الْأَقَلِّ انْدَفَعَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ: إنَّهُ يُشْكِلُ بِالتَّمْثِيلِ بِالسَّيْفِ وَنَحْوِهِ وَكَانَ قَوْلُهُ: تَقْرِيبًا إشَارَةً إلَى اغْتِفَارِ النَّقْصِ الْيَسِيرِ. (قَوْلُهُ: كَانَ أَنْسَبَ) قَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ لَوْ أَخَّرَ تِلْكَ الزِّيَادَةَ تَوَهَّمَ أَنَّ الْمُرَادَ صَوْنُ الْمُصْحَفِ عَنْ بَطْنِهِ فَقَطْ مِنْ حَيْثُ التَّثْقِيلُ بِمَعْنَى أَنَّ التَّثْقِيلَ بِالْمُصْحَفِ لَا يَكْفِي.

(قَوْلُهُ: جَازَ جَعْلُهُ إلَخْ) أَيْ: بِلَا نَهْيٍ فَلَا يَكُونُ خِلَافَ الْأَوْلَى

(قَوْلُهُ: وَهُوَ أَوْلَى) يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ وَجْهُهُ مُوَافَقَتَهُ لِلْأَفْعَالِ السَّابِقَةِ فَإِنَّهَا مَبْنِيَّةٌ لِلْمَفْعُولِ، وَكَوْنُ أَوْفَقَ عَلَى هَذَا يَتَأَتَّى تَعَلُّقُهُ بِالْجَمِيعِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: كَأَنَّهُ قِيلَ: مَنْ يَتَوَلَّى ذَلِكَ) إنْ كَانَ الْمُشَارُ إلَيْهِ الِاسْتِقْبَالَ بِهِ فَهَلَّا قَدَّرَ فِعْلَ الِاسْتِقْبَالِ؛ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَيْهِ السُّؤَالُ الْمُقَدَّرُ النَّاشِئُ مِنْ قَوْلِهِ: اسْتَقْبَلَ بِهِ أَوْ جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَذُو احْتِضَارٍ قَبْلَهُ يُوَلِّي إلَى هُنَا فَفِي اعْتِبَارِ أَرْفَقِ الْمَحَارِمِ فِي نَحْوِ قِرَاءَةِ يَاسِينَ نَظَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ إلَّا أَنْ يُقَالَ قِرَاءَةُ الْأَرْفَقِ أَشَدُّ تَأْثِيرًا فِي الْمَقْصُودِ.

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: مِنْ أَنْوَاعِ الْحَدِيدِ) ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الِانْتِفَاخَ لِسِرٍّ فِيهِ. اهـ. جَمَلٌ

(قَوْلُهُ: جُعِلَ) أَيْ: نَدَبًا م ر فَقَوْلُهُ: بَعْدُ جَازَ أَيْ: جَوَازًا مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ نَعَمْ الْأَرْضُ الصُّلْبَةُ يُنْدَبُ أَنْ تَكُونَ مُرْتَفِعَةً؛ لِأَنَّهُ يُنْدَبُ وَضْعُهُ عَلَى مُرْتَفَعٍ مُطْلَقًا. اهـ. جَمَلٌ عَلَى الْمَنْهَجِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا تُسْرِعُ إلَيْهِ الْفَسَادَ) هَذِهِ حِكْمَةٌ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُسَنُّ نَزْعُ ثِيَابِ النَّبِيِّ وَالشَّهِيدِ مَعَ أَنَّ كُلًّا لَا يَبْلَى. اهـ. شَيْخُنَا. اهـ. مَرْصَفِيٌّ وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا كَتَبَهُ سم مَعَ أَنَّ عَدَمَ الْبَلَاءِ لَا يُنَافِي حُصُولَ الْفَسَادِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: فَلَا فَرْقَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ أُرِيدَ غُسْلُهُ حَالًا بِحَيْثُ لَا يُخْشَى عَلَيْهِ التَّغَيُّرُ وَقَالَ سم فِي حَوَاشِي حَجَرٍ بِخِلَافِهِ وَنَقَلَهُ عَنْ م ر. اهـ.

(قَوْلُهُ: عَلَى جَنْبِهِ إلَخْ) أَيْ: يُوضَعُ أَوَّلًا كَذَلِكَ ثُمَّ يُلْقَى عَلَى قَفَاهُ لِيَثْبُتَ فَوْقَ بَطْنِهِ مَا يَثْقُلُ بِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرْبَطَ عَلَى بَطْنِهِ مَعَ وَضْعِهِ عَلَى جَنْبِهِ. اهـ. م ر. (قَوْلُهُ: وَلَا يَبْعُدُ جَوَازُهُ إلَخْ) بِهَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ؛ لِأَنَّ الْخَلْوَةَ الْمُحَرَّمَةَ زَالَتْ بِالْمَوْتِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَلَا يَبْعُدُ) نَقَلَهُ م ر ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ بَعِيدٌ قَالَ ع ش: فَيَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ رُؤْيَةِ شَيْءٍ مِنْ الْبَدَنِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: فُرُوضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ) وَإِنْ تَكَرَّرَ مَوْتُهُ بَعْدَ حَيَاةٍ حَقِيقِيَّةٍ خِلَافًا لِمَا فِي فَتَاوَى حَجَرٍ ق ل بِزِيَادَةٍ. (قَوْلُهُ: بِالْإِجْمَاعِ) أَيْ: فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يُرَدُّ أَنَّ الْإِمَامَ مَالِكًا يَقُولُ: إنَّ الْغُسْلَ مَسْنُونٌ. اهـ. شَيْخُنَا. اهـ. جَمَلٌ عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّا إلَخْ) أَيْ: مَعَاشِرَ

ص: 81

(كَالصَّلَاةِ وَالْكَفَنْ) عَلَيْهِ وَالْكَفَنُ بِمَعْنَى التَّكْفِينِ (وَالدَّفْنُ) فَإِنَّهَا فُرُوضُ كِفَايَةٍ أَيْضًا بِالْإِجْمَاعِ وَسَوَاءٌ الْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ إلَّا فِي الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ فَمَحَلُّهُمَا فِي الْمُسْلِمِ غَيْرِ الشَّهِيدِ أَمَّا الْكَافِرُ فَلَا يَجِبُ غُسْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ التَّطْهِيرِ لَكِنَّهُ يَجُوزُ وَقَرِيبُهُ الْكَافِرُ أَحَقُّ بِهِ وَلَا يَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ، كَمَا سَيَأْتِي وَأَمَّا الشَّهِيدُ فَيَحْرُمُ غُسْلُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي وَهَلْ الْمُخَاطَبُ بِهَذِهِ الْفُرُوضِ أَقَارِبُ الْمَيِّتِ، ثُمَّ عِنْدَ عَجْزِهِمْ أَوْ غَيْبَتِهِمْ الْأَجَانِبُ، أَوْ الْكُلُّ مُخَاطَبُونَ مِنْ غَيْرِ تَرْتِيبٍ؟ فِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْجِيلِيُّ وَهُوَ غَرِيبٌ وَالْمَشْهُورُ عُمُومُ الْخِطَابِ لِكُلِّ مَنْ عَلِمَ بِمَوْتِهِ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الْفَرَائِضِ الْكَلَامُ عَلَى مَحَلِّ مُؤَنِ التَّجْهِيزِ

(قُلْتُ الْفَوْرُ) أَيْ: الْمُبَادَرَةُ بِهَذِهِ الْفُرُوضِ (عَنْ عِلْمٍ) أَيْ: بَعْدَ الْعِلْمِ بِمَوْتِهِ (حَسَنٌ) أَيْ: مُسْتَحَبٌّ إكْرَامًا لَهُ وَفِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا إلَيْهِ وَإِنْ تَكُ سِوَى ذَلِكَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ» وَرَوَى أَبُو دَاوُد «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمَّا عَادَ طَلْحَةُ بْنُ الْبَرَاءِ وَانْصَرَفَ قَالَ: مَا أَرَى طَلْحَةَ إلَّا قَدْ حَدَثَ فِيهِ الْمَوْتُ فَإِذَا مَاتَ فَأْذَنُونِي بِهِ حَتَّى أُصَلِّيَ عَلَيْهِ وَعَجِّلُوا بِهِ فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِجِيفَةِ مُسْلِمٍ أَنْ تُحْبَسَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ أَهْلِهِ» وَالْعِلْمُ بِمَوْتِهِ يَحْصُلُ بِظُهُورِ أَمَارَاتِهِ مَعَ وُجُودِ الْعِلَّةِ كَأَنْ تَسْتَرْخِيَ قَدَمَاهُ فَلَا يَنْتَصِبَانِ، أَوْ يَمِيلَ أَنْفُهُ، أَوْ يَنْخَسِفَ صُدْغَاهُ أَوْ تَمْتَدَّ جِلْدَةُ وَجْهِهِ أَوْ يَنْخَلِعَ كَفَّاهُ مِنْ ذِرَاعَيْهِ، أَوْ تَتَقَلَّصَ خُصْيَاهُ مَعَ تَدَلِّي الْجِلْدَةِ فَإِنْ شَكَّ فِي مَوْتِهِ بِأَنْ اُحْتُمِلَ عُرُوضُ سَكْتَةٍ، أَوْ ظَهَرَتْ أَمَارَاتُ فَزَعٍ، أَوْ غَيْرُهُ أُخِّرَ وُجُوبًا إلَى الْعِلْمِ بِتَغَيُّرِ الرَّائِحَةِ، أَوْ غَيْرِهِ.

(وَصَحَّ) مَعَ الْكَرَاهَةِ (غُسْلُ الْمَيْتِ مِنْ كَفُورٍ) أَيْ كَافِرٍ بِنَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْغَاسِلِ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَ) مِنْ (غَيْرِ نِيَّةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ) ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ غُسْلِهِ النَّظَافَةُ وَهِيَ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةٍ؛ وَلِأَنَّهَا إنَّمَا تُشْتَرَطُ فِي سَائِرِ الِاغْتِسَالَاتِ عَلَى الْمُغْتَسَلِ لَا الْغَاسِلِ وَالْمَيِّتُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ الْمَزِيدِ عَلَى الْحَاوِي اشْتِرَاطُ النِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ غُسْلٌ وَاجِبٌ كَغُسْلِ الْجَنَابَةِ فَيَنْوِي الْغَاسِلُ عِنْدَ غُسْلِهِ الْغُسْلَ الْوَاجِبَ، أَوْ غُسْلَ الْمَيِّتِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ: فَعَلَيْهِ لَا يَكْتَفِي بِغُسْلِ الْكَافِرِ لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِنِيَّتِهِ.

وَأَقَلُّ الْغُسْلِ تَعْمِيمُ بَدَنِهِ بِالْمَاءِ فَيَجِبُ إخْرَاجُ مَا تَحْتَ أَظَافِيرِهِ مِنْ الْوَسَخِ لِيَصِلَ إلَى مَحَلِّهِ الْمَاءُ (وَأَكْمَلُ الْغُسْلِ) يَحْصُلُ (بِأَنْ يُغَسَّلَا عَلَى سَرِيرٍ) أَوْ نَحْوِهِ مِنْ مُرْتَفِعٍ؛ لِئَلَّا يُصِيبَهُ الرَّشَاشُ وَلْيَكُنْ مَحَلُّ رَأْسِهِ أَعْلَى لِيَنْحَدِرَ الْمَاءُ عَنْهُ وَرِجْلَاهُ إلَى الْقِبْلَةِ لِيَكُونَ مُتَوَجِّهًا إلَيْهَا إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ (فِي مَكَان قَدْ خَلَا) عَنْ غَيْرِ الْغَاسِلِ وَمُعَيَّنُهُ وَلَيُّ الْمَيِّتِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَظِيفَةٌ، كَمَا كَانَ يَسْتَتِرُ حَيًّا عِنْدَ اغْتِسَالِهِ؛ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ بِبَدَنِهِ مَا يُخْفِيهِ وَقَدْ «تَوَلَّى غُسْلَهُ صلى الله عليه وسلم عَلِيٌّ وَالْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ يُنَاوِلُ الْمَاءَ وَالْعَبَّاسُ وَاقِفٌ ثَمَّ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ تَحْتَ سَقْفٍ؛ لِأَنَّهُ أَسْتَرُ (مُقَمَّصًا) أَيْ: مُلَبَّسًا عِنْدَ غُسْلِهِ قَمِيصًا؛ لِأَنَّهُ أَسْتَرُ وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «غُسِّلَ فِي قَمِيصٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَيُنْدَبُ كَوْنُهُ سَخِيفًا، أَوْ بَالِيًا وَيُدْخِلُ الْغَاسِلُ يَدَهُ فِي كُمِّهِ، فَإِنْ ضَاقَ فَتَقَ دَخَارِيصَهُ لِيُدْخِلَ يَدَهُ مِنْهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ الْقَمِيصُ وَجَبَ سَتْرُ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ.

(بِغَضِّ طَرْفٍ) أَيْ: بَصَرٍ لِلْغَاسِلِ عَنْ رُؤْيَةِ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ وَالْمُرَادُ مَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ (وَكُرِهْ)

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: بِمَعْنَى التَّكْفِينِ) أَوْ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ: لَفُّ أَوْ وَضْعُ. (قَوْلُهُ: عُمُومُ الْخِطَابِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْخِطَابَ بِالْفِعْلِ عَامٌّ وَأَنَّ الْمُؤْنَةَ خَاصَّةٌ بِالتَّرِكَةِ إنْ كَانَتْ.

(قَوْلُهُ: ظَهْرَانِي أَهْلِهِ) وَهُوَ بَيْنَ ظَهْرَيْهِمْ وَظَهْرَانَيْهِمْ وَلَا تُكْسَرُ النُّونُ وَبَيْنَ أَظْهُرِهِمْ أَيْ: وَسَطَهُمْ وَفِي مُعْظَمِهِمْ قَامُوسٌ

(قَوْلُهُ: وَأَكْمَلُ الْغُسْلِ إلَخْ) . (فَرْعٌ) لَوْ اخْتَلَفَ اعْتِقَادُ الْمَيِّتِ وَمُغَسِّلِهِ فِي أَقَلِّ الْغُسْلِ وَأَكْمَلِهِ فَلَا يَبْعُدُ اعْتِبَارُ اعْتِقَادِ الْمُغَسِّلِ، وَهَلْ يُجْزِي مَا قِيلَ فِي الْأَقَلِّ وَالْأَكْمَلِ فِي تَغْسِيلِ الذِّمِّيِّ حَتَّى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْغَاسِلِ أَنْ يُوَضِّئَهُ كَوُضُوءِ الْحَيِّ فِيهِ نَظَرٌ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْآدَمِيِّينَ وَلَوْ غَيْرَ مُكَلَّفِينَ وَمِنْهُمْ الْمَيِّتُ، لَوْ غَسَّلَ نَفْسَهُ كَرَامَةً وَالْجِنُّ كَالْآدَمِيِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِخِلَافِ الْمَلَائِكَةِ وَالصَّلَاةُ كَالْغُسْلِ نَعَمْ يَكْفِي تَكْفِينُ الْمَلَائِكَةِ وَدُفُنُهُمْ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ السَّتْرُ مَعَ كَوْنِهِ لَيْسَ صُورَةَ عِبَادَةٍ فَلَا يُقَالُ: إنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْغُسْلِ النَّظَافَةُ أَيْضًا. اهـ. ق ل وَع ش وَقَوْلُهُ: وَلَوْ غَيْرَ مُكَلَّفِينَ إلَخْ فِيهِ تَسَاهُلٌ مَعَ قَوْلِ الشَّارِحِ مَأْمُورُونَ، وَالْحُكْمُ مُسَلَّمٌ تَدَبَّرْ. وَقَوْلُهُ: وَالصَّلَاةُ كَالْغُسْلِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى عَلَى نَفْسِهِ كَرَامَةً بِأَنْ تَعَدَّدَتْ جُثَّتُهُ كَفَى كَمَا بِبَعْضِ الْهَوَامِشِ وَبِهَامِشِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ لَوْ غَسَّلَهُ مَيِّتٌ آخَرُ كَرَامَةً لَا يَكْفِي فَلْيُحَرَّزْ.

(قَوْلُهُ: ظَهْرَانِي أَهْلِهِ) أَيْ: ظُهُورُهُمْ فَهُوَ جَمْعٌ عَلَى صُورَةِ الْمُثَنَّى

(قَوْلُهُ: تَعْمِيمُ بَدَنِهِ) حَتَّى مَا يَظْهَرُ مِنْ فَرْجِ الثَّيِّبِ عِنْدَ جُلُوسِهَا وَمَا تَحْتَ قُلْفَةِ الْأَقْلَفِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ غُسْلُهُ فَإِنْ كَانَ مَا تَحْتَهَا طَاهِرًا يَمَّمَ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ نَجِسًا كَانَ كَفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ فَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيَكْفِي تَعْمِيمُهُ بِالْمَاءِ مَرَّةً وَاحِدَةً وَلَوْ جُنُبًا خِلَافًا لِمَنْ أَوْجَبَ غُسْلَيْنِ بَلْ لَا يَجِبُ نِيَّةُ غُسْلِ الْجَنَابَةِ لِسُقُوطِهِ بِالْمَوْتِ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: فَتَقَ دَخَارِيصَهُ) جَمْعُ دِخْرِيصٍ بِكَسْرِ الدَّالِ وَهُوَ مَا يُوَسَّعُ بِهِ وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ جَوَازِ الْفَتْقِ إذَا نَقَصَتْ بِهِ الْقِيمَةُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْوَرَثَةِ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ. اهـ. شَرْحُ الْعُبَابِ. (قَوْلُهُ: تَعَذَّرَ) مِثْلُهُ إذَا عُسِرَ غُسْلُهُ فِيهِ وَلَوْ مَعَ فَتْحِ الدَّخَارِيصِ الضَّيِّقَةِ. اهـ.

ص: 82

لَهُ، كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (رُؤْيَةُ مَا لَا) أَيْ: مَا لَيْسَ لَهُ (حَاجَةٌ فِي نَظَرِهْ) مِنْ غَيْرِ عَوْرَتِهِ بِلَا شَهْوَةٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ بِبَدَنِهِ مَا يُخْفِيهِ وَخَالَفَ فِي الْمَجْمُوعِ فَقَالَ: وَإِنْ نَظَرَ إلَيْهِ، أَوْ مَسَّهُ بِلَا شَهْوَةٍ لَمْ يُكْرَهْ، بَلْ هُوَ تَارِكٌ لِلْأَوْلَى وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: يُكْرَهُ أَمَّا رُؤْيَةُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ كَإِرَادَةِ مَعْرِفَةِ الْمَغْسُولِ مِنْ غَيْرِهِ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهَا وَلَا خِلَافُ الْأَوْلَى، وَأَمَّا غَيْرُ الْغَاسِلِ مِنْ مُعِينِ وَغَيْرِهِ، فَتُكْرَهُ لَهُ الرُّؤْيَةُ إلَّا لِضَرُورَةٍ وَأَمَّا رُؤْيَةُ عَوْرَتِهِ، أَوْ غَيْرِهَا لَكِنْ بِشَهْوَةٍ فَحَرَامٌ إلَّا فِي حَقِّ الزَّوْجَيْنِ حَيْثُ لَا شَهْوَةَ فَجَائِزَةٌ مُطْلَقًا إذْ لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ أَحَدِهِمَا عَوْرَةٌ فِي حَقِّ الْآخَرِ، كَمَا قَالَهُ الْجُرْجَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَالْمَسُّ فِي ذَلِكَ كَالرُّؤْيَةِ.

(وَ) نَدْبًا (يُمْسَحُ الْبَطْنُ) بِأَنْ يُمِرَّ يَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى بَطْنِهِ إمْرَارًا بَلِيغًا لِيُخْرِجَ مَا فِيهِ مِنْ الْفَضَلَاتِ (وَقَدْ أَجْلَسَهُ) عِنْدَ وَضْعِهِ عَلَى السَّرِيرِ، أَوْ نَحْوِهِ مَائِلًا إلَى قَفَاهُ قَلِيلًا وَيَضَعُ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى كَتِفِهِ وَإِبْهَامَهُ فِي نُقْرَةِ قَفَاهُ؛ لِئَلَّا يَمِيلَ رَأْسُهُ وَيُسْنِدُ ظَهْرَهُ إلَى رُكْبَتِهِ الْيُمْنَى وَيُكْثِرُ حِينَئِذٍ مِنْ الْبَخُورِ وَصَبِّ الْمَاءِ؛ لِئَلَّا تَظْهَرَ رَائِحَةُ الْخَارِجِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَفِي الْبَيَانِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُبَخَّرَ عِنْدَ الْمَيِّتِ مِنْ حِينَ يَمُوتُ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا ظَهَرَ مِنْهُ شَيْءٌ فَتَغْلِبُهُ رَائِحَةُ الْبَخُورِ.

(وَ) يُسَنُّ لَهُ (غَسْلُ فَرْجَيْهِ وَمَا نَجَّسَهُ بِخِرْقَةٍ عَلَى يَدٍ قَدْ لَفَّا) أَيْ: لَفَّهَا عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى فَيَغْسِلُ بِهَا بَعْدَ رَدِّهِ إلَى هَيْئَةِ الِاسْتِلْقَاءِ فَرْجَيْهِ وَمَا حَوْلَهُمَا مِنْ نَجَاسَةٍ وَقَذَرٍ، كَمَا يَسْتَنْجِي الْحَيُّ، ثُمَّ يُلْقِيهَا لِتُغْسَلَ وَيَغْسِلُ يَدَهُ بِأُشْنَانٍ إنْ تَلَوَّثَتْ وَيَلُفُّ أُخْرَى عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى وَيَتَعَهَّدُ بِهَا مَا عَلَى بَدَنِهِ مِنْ قَذَرٍ وَنَحْوِهِ فَالسُّنَّةُ أَنْ يُهَيِّئَ قَبْلَ الْغُسْلِ خِرْقَتَيْنِ نَظِيفَتَيْنِ إحْدَاهُمَا لِلْفَرْجَيْنِ وَالْأُخْرَى لِبَاقِي الْبَدَنِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا كَذَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ وَفِي النِّهَايَةِ وَالْوَسِيطِ: أَنَّهُ يُغَسِّلُ كُلَّ سَوْأَةٍ بِخِرْقَةٍ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ أَبْلَغُ فِي النَّظَافَةِ اهـ وَكَأَنَّ الْجُمْهُورَ رَأَوْا أَنَّ الْإِسْرَاعَ فِي هَذَا الْمَحَلِّ وَالْبُعْدَ مِنْهُ أَوْلَى فَإِنْ قُلْتُ: غَسْلُ الْعَوْرَةِ بِالْخِرْقَةِ وَاجِبٌ لِحُرْمَةِ مَسِّهَا، كَمَا سَيَأْتِي فَلَا يُعَدُّ مِنْ الْأَكْمَلِ قُلْتُ: الْوَاجِبُ غَسْلُهَا وَلَيْسَ مِنْ لَازِمِهِ مَسُّهَا نَعَمْ جَعْلُهُ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ قَبْلَ تَغْسِيلِهِ مِنْ الْأَكْمَلِ تَبِعَ فِيهِ الْغَزَالِيَّ وَرَدَّهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ إزَالَتَهَا شَرْطٌ وَهُوَ بِنَاءً عَلَى مَا صَحَّحَهُ فِي غُسْلِ الْحَيِّ مِنْ أَنَّ الْغَسْلَةَ الْوَاحِدَةَ لَا تَكْفِي عَنْ الْحَدَثِ وَالنَّجَسِ لَكِنْ اسْتَدْرَكَ عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ هُنَاكَ فَصَحَّ أَنَّهَا تَكْفِي عَنْهُمَا كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ وَكَأَنَّهُ تَرَكَ الِاسْتِدْرَاكَ هُنَا لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا هُنَاكَ فَتَتَّحِدُ الْمَسْأَلَتَانِ وَكَلَامُ الْمَجْمُوعِ يُلَوِّحُ بِهِ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ ذِكْرِهِ اشْتِرَاطَ غَسْلِ النَّجَاسَةِ أَوَّلًا وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ

(وَلْيَتَعَهَّدْ) بَعْدَ لَفِّ الْخِرْقَةِ الثَّانِيَةِ (سِنَّهُ وَالْأَنْفَا) بِأَنْ يُدْخِلَ أُصْبُعَهُ فِي فَمِهِ وَيُمِرَّهَا عَلَى أَسْنَانِهِ بِمَاءٍ كَالسِّوَاكِ وَلَا يَفْتَحُ فَاهُ، وَيُدْخِلُ طَرَفَ أُصْبُعِهِ فِي مَنْخَرِهِ بِمَاءٍ لِيُزِيلَ الْأَذَى وَهَذَا لَا يُغْنِي عَنْ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاق، كَمَا يُفْهِمُهُ.

قَوْلُهُ (ثُمَّ يُوَضِّيهِ) بَلْ ذَلِكَ كَالسِّوَاكِ وَزَادَ قَوْلَهُ: (وُضُوءُ الْحَيِّ) تَأْكِيدًا لِذَلِكَ وَإِشَارَةً إلَى أَحَدِ دَلِيلَيْهِ وَهُوَ الْقِيَاسُ عَلَى وُضُوءِ الْحَيِّ وَالدَّلِيلُ الثَّانِي قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فِي الْخَبَرِ الْآتِي وَمَوَاضِعُ الْوُضُوءِ مِنْهَا وَيُمِيلُ رَأْسَهُ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ حَتَّى لَا يَبْلُغَ الْمَاءُ بَاطِنَهُ فَإِنْ كَانَتْ أَسْنَانُهُ مُتَرَاصَّةً لَمْ يُكَلَّفْ فَتْحَهَا، بَلْ يَكْفِي إبْلَاغُ الْمَاءِ مَقَادِمَ ثَغْرِهِ.

(وَ) بَعْدَ ذَلِكَ يَغْسِلُ (شَعْرَهُ) أَيْ: شَعْرَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: إلَّا فِي حَقِّ الزَّوْجَيْنِ) يُفِيدُ جَوَازَ رُؤْيَةِ أَحَدِهِمَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ مِنْ الْآخَرِ بِلَا شَهْوَةٍ. (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الْجُرْجَانِيُّ وَغَيْرُهُ) يُفِيدُ جَوَازَ رُؤْيَةِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ عَوْرَةَ الْآخَرِ بِلَا شَهْوَةٍ لَكِنْ صَرَّحَ غَيْرُ وَاحِدٍ فِي بَابِ النِّكَاحِ بِخِلَافِهِ، وَعِبَارَةُ الدَّمِيرِيِّ هُنَاكَ فَإِنْ مَاتَتْ صَارَ الزَّوْجُ كَالْمُحْرِمِ فِي النَّظَرِ كَمَا أَفَادَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. اهـ. إذْ الْمُحْرِمُ يَحْرُمُ نَظَرُ عَوْرَتِهِ بِلَا شَهْوَةٍ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: وَالْمَسُّ فِي ذَلِكَ كَالرُّؤْيَةِ) يُفِيدُ جَوَازَ مَسِّ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ عَوْرَةَ الْآخَرِ حَيْثُ لَا شَهْوَةَ كَمَا يَجُوزُ رُؤْيَتُهَا لِذَلِكَ لَكِنْ ذَكَرُوا فِي بَابِ النِّكَاحِ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ وَحَمَلَهُ م ر عَلَى مَا إذَا كَانَ هُنَاكَ شَهْوَةٌ

(قَوْلُهُ: وَمَا نَجَّسَهُ) أَيْ: الْمَيِّتَ وَلَا يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ وَمَحَلَّ مَا نَجَّسَهُ؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَ الْغُسْلِ بِنَفْسِ مَا نَجَّسَهُ صَحِيحٌ بِمَعْنَى إزَالَتِهِ. (قَوْلُهُ: مِنْ قَذَرٍ وَنَحْوِهِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالنَّحْوِ الْأَوْسَاخُ الطَّاهِرَةُ الْغَيْرُ الْمُسْتَقْذَرَةِ. (قَوْلُهُ: مِنْ قَذَرٍ وَنَحْوِهِ) شَامِلٌ لِلنَّجَسِ وَالطَّاهِرِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُعَدُّ مِنْ الْأَكْمَلِ) وَقَدْ عَدَّهُ مِنْهُ بِجَعْلِهِ فِي حَيِّزِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مِنْ لَازِمِهِ إلَخْ) فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْخِرْقَةِ فَصَحَّ جَعْلُ الْغُسْلِ بِالْخِرْقَةِ مِنْ الْأَكْمَلِ

(قَوْلُهُ: لَمْ يُكَلَّفْ فَتْحَهَا) عِبَارَةُ الرَّوْضِ

ــ

[حاشية الشربيني]

شَرْحُ الْعُبَابِ

(قَوْلُهُ: إلَّا فِي حَقِّ الزَّوْجَيْنِ) مِثْلُهُمَا غَيْرُهُمَا إذَا كَانَ هُنَاكَ ضَرُورَةٌ كَذَا بِهَامِشِ الشَّرْحِ

(قَوْلُهُ: بِأُشْنَانِ) هُوَ بَزْرُ الْغَاسُولِ. اهـ. مَدَنِيٌّ

(قَوْلُهُ: بَعْدَ لَفِّ الْخِرْقَةِ الثَّانِيَةِ) فِي شَرْحِ الْحَضْرَمِيَّةِ وَحَاشِيَتُهُ أَنَّ مَا يُتَعَهَّدُ بِهِ الْأَسْنَانُ وَالْأَنْفُ خِرْقَةٌ ثَالِثَةٌ نَظِيفَةٌ تَكُونُ عَلَى أُصْبُعِهِ السَّبَّابَةِ مِنْ يَدِهِ الْيُسْرَى. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي التُّحْفَةِ. (قَوْلُهُ: كَالسِّوَاكِ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُطْلَبُ غَسْلُ كَفَّيْ الْمَيِّتِ أَوَّلًا. اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ فَيَكُونُ مُسْتَثْنًى مِنْ كَوْنِهِ كَوُضُوءِ الْحَيِّ. (قَوْلُهُ: فِي مَنْخِرِهِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْخَاءِ وَهِيَ أَشْهَرُ اللُّغَاتِ، وَأَمَّا عَكْسُهَا فَلَمْ يَرِدْ. اهـ. شَيْخُنَا. اهـ. مَرْصَفِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجُ.

(قَوْلُهُ: يُوَضِّئُهُ إلَخْ) قَالَ م ر قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَيَتْبَعُ بِعُودٍ لَيِّنٍ مَا تَحْتَ أَظَافِرِهِ قَالَ ع ش: وُجُوبًا إنْ مَنَعَ وُصُولَ الْمَاءِ، وَإِلَّا فَنَدْبًا. اهـ. وَلَعَلَّ الْمُرَادَ وُصُولُ مَاءِ الْغُسْلِ

(قَوْلُهُ: ثُمَّ يُوَضِّئُهُ إلَخْ) وَيَأْتِي فِيهِ بِدُعَاءِ الْأَعْضَاءِ وَبِمَا يُقَالُ: بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ: اجْعَلْهُ أَوْ اجْعَلْنِي وَإِيَّاهُ مِنْ التَّوَّابِينَ إلَخْ وَكَذَا بَعْدَ الْغُسْلِ وَيُسَنُّ إعَادَتُهُ أَيْ: الْوُضُوءِ فِي كُلِّ غَسْلَةٍ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ. اهـ. مَرْصَفِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ وَقَوْلُهُ: وَيُسَنُّ إعَادَتُهُ سَيَأْتِي عَنْ الْمُزَنِيّ وَنَظَرَ فِيهِ م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَقَالَ: بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ. اهـ.

ص: 83

رَأْسِهِ، ثُمَّ لِحْيَتَهُ (بِسِدْرٍ، أَوْ خِطْمِيٍّ) رَوَى الشَّيْخَانِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِغَاسِلَاتِ ابْنَتِهِ زَيْنَبَ رضي الله عنها ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنْهَا وَاغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا، أَوْ خَمْسًا، أَوْ سَبْعًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَاجْعَلْنَ فِي الْآخِرَةِ كَافُورًا، أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ» وَفِي رِوَايَةٍ «فَإِذَا كَانَ فِي آخِرِ غَسْلَةٍ مِنْ الثَّلَاثِ أَوْ غَيْرِهَا فَاجْعَلِي فِيهِ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ قَالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ مِنْهُنَّ: فَمَشَطْنَاهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ» وَفِي رِوَايَةٍ «فَضَفَرْنَا نَاصِيَتَهَا وَقَرْنَيْهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ، وَأَلْقَيْنَاهَا خَلْفَهَا» وَقَوْلُهُ: «إنْ رَأَيْتُنَّ» أَيْ: احْتَجْتُنَّ وَمَشَطْنَا وَضَفَرْنَا بِالتَّخْفِيفِ وَقَوْلُ النَّظْمِ، أَوْ خِطْمِيٍّ بِكَسْرِ الْخَاءِ وَقِيلَ: بِفَتْحِهَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَوْ قَالَ بَدَلَهُ: أَوْ نَحْوَهُ كَانَ أَعَمَّ وَالسِّدْرُ أَوْلَى مِنْهُ لِلنَّصِّ عَلَيْهِ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ؛ وَلِأَنَّهُ أَمْسَكُ لِلْبَدَنِ.

(وَبَعْدَهُ بِوَاسِعِ السِّنِّ مَشَطْ) أَيْ: وَبَعْدَمَا ذَكَرَ سُرِّحَ شَعْرُهُ بِمُشْطٍ وَاسِعِ الْأَسْنَانِ إنْ تَلَبَّدَ شَعْرُهُ لِإِزَالَةِ مَا فِيهِ مِنْ سِدْرٍ وَوَسَخٍ، كَمَا فِي الْحَيِّ وَلْيَكُنْ بِرِفْقٍ؛ لِيَقِلَّ الِانْتِتَافُ (ثُمَّ) بَعْدَ غَسْلِ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ بِسِدْرٍ أَوْ نَحْوِهِ (يَصُبُّ) مَاءً (بَارِدًا بِهِ اخْتَلَطْ يَسِيرُ كَافُورٍ لِشِقٍّ أَيْمَنِ ثُمَّ يَسَارٍ) أَيْ: يَصُبُّهُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ، ثُمَّ الْأَيْسَرِ مِنْ فَرْقِهِ إلَى قَدَمِهِ (بَعْدَ غَسْلِ الْبَدَنِ بِالسِّدْرِ وَالشَّرْطُ) أَيْ: وَالْعِبْرَةُ مَعَ هَذَا (بِأَنْ لَا يَبْقَى) شَيْءٌ مِنْ السِّدْرِ عَلَى بَدَنِهِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُسَنُّ أَنْ يَغْسِلَ بَدَنَهُ بِسِدْرٍ، أَوْ نَحْوِهِ فَإِذَا غَسَّلَهُ بِهِ، ثُمَّ أَزَالَهُ لَا يَعْتَدُّ لَهُ عَنْ الْوَاجِبِ بِوَاحِدَةٍ مِنْ الْغَسْلَتَيْنِ لِتَغَيُّرِ مَائِهِمَا وَإِنَّمَا يَعْتَدُّ لَهُ بِالْوَاقِعَةِ بَعْدَهُمَا فَتَكُونُ هَذِهِ غَسْلَةً وَاحِدَةً وَمَا تَقَدَّمَهَا تَنْظِيفٌ، وَأَمَّا نَدْبُ كَوْنِهِ بِالْمَاءِ الْبَارِدِ؛ فَلِأَنَّهُ يَشُدُّ الْبَدَنَ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْمُسَخَّنِ الَّذِي يَحُلُّهُ إلَّا أَنْ يَحْتَاجَ إلَيْهِ لِشِدَّةِ بَرْدٍ، أَوْ غَيْرِهِ وَأَمَّا نَدْبُ كَوْنِهِ بِكَافُورٍ وَمَحَلُّهُ فِي غَيْرِ الْمُحْرِمِ بِقَرِينَةِ مَا سَيَأْتِي فَلِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَلِتَقْوِيَتِهِ الْبَدَنَ وَدَفْعِهِ الْهَوَامَّ وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ، كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَخَرَجَ بِيَسِيرِهِ كَثِيرُهُ فَقَدْ يُغَيِّرُ الْمَاءَ تَغَيُّرًا كَثِيرًا فَيَسْلُبُهُ الطَّهُورِيَّةَ إلَّا أَنْ يَكُونَ صُلْبًا فَمُجَاوِرٌ فَلَا يَضُرُّ مُطْلَقًا وَلَا يَخْتَصُّ الْبَارِدُ بِهَذِهِ الْمَرَّةِ، بَلْ يُنْدَبُ فِي سَائِرِ الْمَرَّاتِ وَيُنْدَبُ أَنْ يُبْعِدَ الْإِنَاءَ الَّذِي فِيهِ الْمَاءُ عَنْ الْمُغْتَسَلُ بِحَيْثُ لَا يُصِيبُهُ رَشَاشٌ عِنْدَ الْغُسْلِ.

وَكَيْفِيَّةٌ غُسْلِ بَدَنِهِ بِالسِّدْرِ أَوْ نَحْوِهِ أَنْ يَغْسِلَ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ الْمُقْبِلَ مِنْ عُنُقِهِ وَصَدْرِهِ وَفَخِذِهِ وَسَاقِهِ وَقَدَمِهِ، ثُمَّ شِقَّهُ الْأَيْسَرَ كَذَلِكَ وَهُوَ مُسْتَلْقٍ ثُمَّ يُحَرِّفُهُ إلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ فَيَغْسِلُ الْأَيْمَنَ مِمَّا يَلِي الْقَفَا وَالظَّهْرَ إلَى الْقَدَمِ، ثُمَّ يُحَرِّفُهُ إلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ فَيَغْسِلُ الْأَيْسَرَ كَذَلِكَ وَحَكَى الْعِرَاقِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ قَوْلًا آخَرَ أَنَّهُ يَغْسِلُ جَانِبَهُ الْأَيْمَنَ مِنْ مُقَدِّمِهِ، ثُمَّ يُحَوِّلُهُ فَيَغْسِلُ جَانِبَ ظَهْرِهِ الْأَيْمَنِ، ثُمَّ يُلْقِيهِ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَغْسِلُ جَانِبَهُ الْأَيْسَرَ مِنْ مُقَدِّمُهُ، ثُمَّ يُحَوِّلُهُ فَيَغْسِلُ جَانِبَ ظَهْرِهِ الْأَيْسَرِ قَالُوا: وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الطَّرِيقَيْنِ سَائِغٌ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي أَقْرَبُ إلَى كَلَامِ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ، وَيَجِبُ

ــ

[حاشية العبادي]

وَلَا يَفْتَحُ أَسْنَانَهُ. اهـ. وَلَا تَبْعُدُ الْحُرْمَةُ إنْ عُدَّ ازْدِرَاءً بِهِ أَوْ غَلَبَ ظَنٌّ لِسَبْقِ الْمَاءِ لِجَوْفِهِ وَإِسْرَاعِهِ فَسَادَهُ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ يَصُبُّ بَارِدًا) إشَارَةً إلَى الْغَسْلَةِ الْوَاجِبَةِ وَقَوْلُهُ: وَالشَّرْطُ إلَخْ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الِاعْتِدَادِ بِهَا عَنْ الْوَاجِبِ كَوْنُهَا بَعْدَ زَوَالِ السِّدْرِ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى مِنْهُ مَا يُؤَثِّرُ وَهَذَا يَتَضَمَّنُ الْإِشَارَةَ إلَى الْغَسْلَةِ الْمُزِيلَةِ لِلسِّدْرِ فَتَضَمَّنَ كَلَامُهُ الْإِشَارَةَ إلَى ثَلَاثِ غَسَلَاتٍ وَاحِدَةٍ بِالسِّدْرِ وَأُخْرَى بَعْدَهَا مُزِيلَةٌ لَهُ وَأُخْرَى بَعْدَهَا بِالْقَرَاحِ وَهِيَ الْوَاجِبَةُ سم. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَعْتَدُّ لَهُ إلَخْ) بَقِيَ قَوْلُهُ: وَالشَّرْطُ إلَخْ إشَارَةً إلَى هَذَا كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ إلَخْ

(قَوْلُهُ: وَالطَّرِيقُ الثَّانِي أَقْرَبُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ قَوْلِهِ بِشِقٍّ أَيْمَنَ، ثُمَّ يَسَارٍ أَنَّ غُسْلَ الْأَيْمَنِ مُقَدِّمَهُ وَمُؤَخِّرَهُ سَابِقٌ عَلَى غُسْلِ الْأَيْسَرِ كَذَلِكَ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: أَوْ خِطْمِيٍّ) رَأَيْت نَقْلًا عَنْ كِتَابِ الطِّبِّ لِلْأَزْرَقِيِّ أَنَّ الْخِطْمِيَّ شَجَرَةُ الْقَرْبُنَاءِ بِلُغَةِ الْيَمَنِ وَهُوَ يُشْبِهُ الْمُلُوخِيَّا وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنَّهُ الْمَعْرُوفُ بِوَرْدِ الْحِمَارِ يَزْرَعُونَهُ لِلتَّنَزُّهِ بِرُؤْيَةِ زَهْرِهِ. اهـ. مَدَنِيٌّ.

(قَوْلُهُ: أَوْ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ) أَقَامَ ذَلِكَ مَقَامَ ذَلِكُنَّ لِأَنَّ الْخِطَابَ لِلْجَمِيعِ ع ش

(قَوْلُهُ: بِوَاسِعِ السِّنِّ مُشِطْ) أَيْ: إذَا لَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا سم. (قَوْلُهُ: بِمُشْطٍ) مُثَلَّثُ الْمِيمِ وَيُقَالُ: مِمْشَطٌ كَمِنْبَرٍ وَالْمَشْقَأُ وَالْمُكِدُّ وَالْقَيْلَمُ وَالْمِرْجَلُ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: إنْ تَلَبَّدَ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ قَيْدٌ لِأَصْلِ التَّسْرِيحِ فَإِنْ لَمْ يَتَلَبَّدْ لَمْ يُسَنُّ التَّسْرِيحُ لَا بِوَاسِعٍ وَلَا بِغَيْرِهِ. اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا سُرِّحَ بِضَيِّقِ الْأَسْنَانِ أَوْ بِغَيْرِ رِفْقِ بِحَيْثُ اُنْتُتِفَ كُلُّ الشَّعْرِ أَوْ أَكْثَرُهُ أَنْ يَحْرُمَ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ إزْرَاءً بِالْمَيِّتِ. اهـ. (قَوْلُهُ: مَاءً بَارِدًا) أَيْ: مَالِحًا. اهـ. حَجَرٌ.

(قَوْلُهُ: يَسِيرُ كَافُورٍ) خَرَجَ بِالْيَسِيرِ الْكَثِيرُ بِحَيْثُ يَفْحُشُ التَّغَيُّرُ بِهِ وَيَمْنَعُ إطْلَاقَ اسْمِ الْمَاءِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَسْلُبُ الطَّهُورِيَّةَ. اهـ. حَجَرٌ فِي شَرْحِ بَافَضْلٍ وَهَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ صُلْبًا لَا تَتَحَلَّلُ عَيْنُهُ فِي الْمَاءِ، وَإِلَّا فَهُوَ مُجَاوِرٌ لَا يَضُرُّ التَّغَيُّرُ بِهِ وَإِنْ فَحُشَ. اهـ. مَدَنِيٌّ عَلَيْهِ اهـ ثُمَّ رَأَيْتُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ: مِنْ فَرْقِهِ إلَى قَدَمِهِ الْفَرْقُ الطَّرِيقُ فِي شَعْرِ الرَّأْسِ وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِقَرْنِهِ وَالْمُرَادُ وَاحِدٌ وَهُوَ الصَّبُّ مِنْ أَوَّلِ جَانِبِ الرَّأْسِ الْمُسْتَلْزِمِ دُخُولَ شَيْءٍ مِنْ الْفَرْقِ. اهـ. حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَا يُصِيبُهُ رَشَاشٌ عِنْدَ الْغُسْلِ) أَيْ: لِئَلَّا يَسْتَعْمِلَ الْمَاءَ الظَّاهِرَ أَنَّ إصَابَةَ مَاءِ الْوُضُوءِ لَا تُوجِبُ الِاسْتِعْمَالَ إذْ لَمْ يُؤَدِّ بِهِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ. اهـ. فَحَرِّرْ

(قَوْلُهُ: مِمَّا يَلِي الْقَفَا وَالظَّهْرَ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: مِنْ أَعْلَى قَفَاهُ وَيَحْذِفَ الظَّهْرَ. اهـ. شَيْخُنَا. اهـ. مَرْصَفِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ يُحَرِّفُهُ) وَيَحْرُمُ كَبُّهُ عَلَى وَجْهِهِ احْتِرَامًا لَهُ وَإِنْ كَانَ فِعْلُهُ لَهُ

ص: 84

الِاحْتِرَازُ عَنْ كَبِّهِ عَلَى الْوَجْهِ وَلَا يُعَادُ فِي هَذِهِ غُسْلُ رَأْسِهِ؛ لِأَنَّهُ غُسِلَ أَوَّلًا.

(وَثَلَّثَ) الْغَاسِلُ (الْغُسْلَ) بِمَاءٍ مُخْتَلِطٍ بِيَسِيرِ كَافُورٍ بَعْدَ إزَالَةِ السِّدْرِ، أَوْ نَحْوِهِ لَكِنْ الْكَافُورُ فِي الثَّالِثَةِ آكَدُ (فَإِنْ لَمْ يُنْقَ) أَيْ: الْبَدَنُ بِالثَّلَاثِ (خَمَّسَ، أَوْ سَبَّعَ) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَزِيدُ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ إلَى أَنْ يَحْصُلَ النَّقَاءُ وَيَخْتِمُ بِالْوَتْرِ بِخِلَافِ طَهَارَةِ الْحَيِّ لَا يَزِيدُ فِيهَا عَلَى الثَّلَاثِ وَالْفَرْقُ أَنَّ طَهَارَةَ الْحَيِّ مَحْضُ تَعَبُّدٍ وَهُنَا الْمَقْصُودُ النَّظَافَةُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَلَا وَجْهَ لِتَخْصِيصِ السِّدْرِ بِالْأَوْلَى، بَلْ الْوَجْهُ التَّكْرِيرُ بِهِ إلَّا أَنْ يَحْصُلَ النَّقَاءُ عَلَى وَفْقِ الْخَبَرِ وَالْمَعْنَى يَقْتَضِيهِ فَإِذَا حَصَلَ النَّقَاءُ وَجَبَ غَسْلُهُ بِالْمَاءِ الْخَالِصِ عَنْ السِّدْرِ وَيُسَنُّ بَعْدَهَا ثَانِيَةً وَثَالِثَةً كَغُسْلِ الْحَيِّ فَإِنْ اسْتَعْمَلَ الْمَاءَ الْخَالِصَ بَعْدَ كُلِّ غَسْلَةٍ مِنْ غَسَلَاتِ التَّنْظِيفِ كَفَاهُ ذَلِكَ عَنْ اسْتِعْمَالِهِ بَعْدَ تَمَامِهَا وَتَكُونُ كُلُّ مَرَّةٍ مِنْ التَّنْظِيفِ وَاسْتِعْمَالُ الْمَاءِ الْخَالِصِ غَسْلَةً وَاحِدَةً قَالَ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُغَطَّى وَجْهُ الْمَيِّتِ بِخِرْقَةٍ مِنْ أَوَّلِ مَا يَضَعُهُ عَلَى الْمُغْتَسَلِ ذَكَرَهُ الْمُزَنِيّ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَاسْتَحَبَّ الْمُزَنِيّ إعَادَةَ الْوُضُوءِ فِي كُلِّ غَسْلَةٍ قَالَ النَّوَوِيُّ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُضَفَّرَ شَعْرُ الْمَرْأَةِ ثَلَاثَ ضَفَائِرَ وَتُلْقَى خَلْفَهَا لِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَأَنْ يَتَعَاهَدَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ إمْرَارَ يَدِهِ عَلَى بَطْنِهِ، وَمَسْحَهُ بِأَرْفَقَ مِمَّا قَبْلَهَا وَإِذَا رَأَى مِنْهُ مَا يُعْجِبُهُ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَتَحَدَّثَ بِهِ وَإِنْ رَأَى مَا يَكْرَهُ حَرُمَ عَلَيْهِ ذِكْرُهُ إلَّا لِمَصْلَحَةٍ وَيَتَعَهَّدُ بَعْدَ غُسْلِهِ تَلْيِينَ مَفَاصِلَهُ تَوَخِّيًا لِبَقَاءِ لِينِهَا.

(ثُمَّ لِيُحْكِم) أَيْ: ثُمَّ بَعْدَ غُسْلِهِ يُتْقِنُ (تَنْشِيفَهُ) ؛ لِئَلَّا يَبْتَلَّ كَفَنُهُ فَيُسْرِعَ فَسَادَهُ وَبِهَذَا فَارَقَ غُسْلُ الْحَيِّ وَوُضُوءُهُ حَيْثُ اسْتَحَبُّوا تَرْكَ التَّنْشِيفِ فِيهِمَا.

(وَأَثَرًا لِلْمُحْرِمِ) الْمَيِّتِ أَيْ: أَثَرَ إحْرَامِهِ مِنْ مَنْعِ الطِّيبِ وَالْمَخِيطِ وَسَتْرِ رَأْسِهِ إنْ كَانَ رَجُلًا وَوَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ عَلَى مَا يَأْتِي إنْ كَانَ امْرَأَةً وَأَخْذِ ظُفْرِهِ وَشَعْرِهِ (بَقَّاهُ) الْغَاسِلُ عَلَيْهِ «قَالَ صلى الله عليه وسلم فِي الْمُحْرِمِ الَّذِي وَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ فَمَاتَ: اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ وَلَا تَمَسُّوهُ بِطِيبٍ وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فَإِنْ لَمْ يُبْقِهِ عَصَى وَلَا فِدْيَةٌ كَقِطْعَةِ عُضْوٍ مَيِّتٍ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا: وَلَا بَأْسَ بِالتَّجْمِيرِ عِنْدَ غُسْلِهِ كَجُلُوسِهِ عِنْدَ الْعَطَّارِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُحْلَقُ رَأْسُهُ إذَا مَاتَ وَبَقَى عَلَيْهِ الْحَلْقُ لِيَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُحْرِمًا وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الْآتِي فِي غَيْرِ الْمُحْرِمِ أَنَّهُ يَحْلِقُ تَكْمِيلًا لِلنُّسُكِ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ لِانْقِطَاعِ تَكْلِيفِهِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَلَا يُعَادُ فِي هَذِهِ غُسْلُ رَأْسِهِ) أَيْ: وَلِحْيَتِهِ وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُشَارَ إلَيْهِ بِهَذِهِ غَسْلَةُ السِّدْرِ الْمَذْكُورَةِ بِقَوْلِهِ: وَكَيْفِيَّةُ غُسْلِ بَدَنِهِ بِالسِّدْرِ أَوْ نَحْوِهِ إلَخْ وَحِينَئِذٍ يَظْهَرُ قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ غُسِلَ أَوَّلًا، وَأَمَّا جَعْلُ الْمُشَارِ إلَيْهِ غَسْلَةَ السِّدْرِ وَمُزِيلَتَهَا فَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ لَمْ يَذْكُرْ فِيمَا تَقَدَّمَ لِمُزِيلَةٍ لِغَسْلِ الرَّأْسِ بِالسِّدْرِ فَلَا يَظْهَرُ حِينَئِذٍ قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ غُسِلَ أَوَّلًا فَمَا فِي الْحَاشِيَةِ الْأُخْرَى عَنْ شَيْخِنَا الشِّهَابِ الْبُرُلُّسِيِّ فِيهِ نَظَرٌ، فَلْيُتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ: وَلَا يُعَادُ فِي هَذِهِ) يَعْنِي غَسْلَةَ الْبَدَنِ بِالسِّدْرِ وَالْمُزِيلَةَ لَهَا، وَأَمَّا الثَّالِثَةُ الَّتِي بِالْقَرَاحِ فَهِيَ مِنْ رَأْسِهِ إلَى قَدَمِهِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ عِنْدَ غَسْلِ الرَّأْسِ أَوَّلًا فَعَلَ السِّدْرَ وَمُزِيلَتَهُ ثُمَّ الْقَرَاحَ فِي الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ لَكِنَّهُ بَعِيدٌ، وَيَلْزَمُهُ تَفْرِيقُ الْوَاجِبَةِ بِالنَّظَرِ إلَى الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ مَعَ بَاقِي الْبَدَنِ بِرّ.

(قَوْلُهُ: وَثَلَّثَ الْغُسْلَ) يَحْتَمِلُ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنَّهُ يُثَلِّثُ مَا مَضَى بِأَنْ يُغَسِّلَ بِالسِّدْرِ وَاحِدَةً، ثُمَّ ثَانِيَةً مُزِيلَةً، ثُمَّ ثَالِثَةً بِالْقَرَاحِ، ثُمَّ يُعِيدُ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ الْغُسْلَ مَرَّتَيْنِ بِالْقَرَاحِ بَعْدَ الثَّالِثَةِ السَّابِقَةِ فِي الْمَتْنِ وَهَذَا الثَّانِي هُوَ مَا فَهِمَهُ شَارِحَا الْإِرْشَادِ مِنْهُ، ثُمَّ نَبَّهَا عَلَى أَنَّ الْأَكْمَلَ خِلَافُهُ وَبَيَّنَّاهُ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَقَوْلُهُ: السَّابِقَةُ فِي الْمَتْنِ أَيْ: فِي قَوْلِهِ، ثُمَّ يَصُبُّ بَارِدًا إلَخْ فَالْغَسَلَاتُ عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ تِسْعٌ وَعَلَى الثَّانِي خَمْسٌ غَسْلَةُ السِّدْرِ ثُمَّ مُزَايَلَتُهُ، ثُمَّ ثَلَاثٌ بِالْمَاءِ الْقَرَاحِ الْوَاجِبَةُ أُولَاهَا سم. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ زَادَ عَلَى السَّبْعِ. (قَوْلُهُ: فَإِذَا حَصَلَ النَّقَاءُ) الْمَفْهُومُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ يُغَسَّلُ بِالسِّدْرِ ثُمَّ مُزِيلَتِهِ، وَيُكَرِّرُ ذَلِكَ إلَى أَنْ يَحْصُلَ النَّقَاءُ ثُمَّ يُغَسَّلُ ثَلَاثًا بِالْمَاءِ الْقَرَاحِ. (قَوْلُهُ: الْمَاءُ الْخَالِصُ غَسْلَةً إلَخْ) الْمَفْهُومُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْغَسَلَاتِ حِينَئِذٍ تِسْعٌ غَسْلَةُ السِّدْرِ، ثُمَّ مُزِيلَتُهُ ثُمَّ الْمَاءُ الْقَرَاحُ وَهَكَذَا ثَانِيًا وَثَالِثًا. (قَوْلُهُ: فِي كُلِّ غَسْلَةٍ) لَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْ غَسَلَاتِ الْمَاءِ الْقَرَاحِ. (قَوْلُهُ: إلَّا لِمَصْلَحَةٍ) أَيْ فِيهِمَا.

(قَوْلُهُ: وَلَا بَأْسَ بِالتَّبْخِيرِ عِنْدَ غُسْلِهِ)

ــ

[حاشية الشربيني]

فِي الْحَيَاةِ مَكْرُوهًا؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: فِي هَذِهِ) بَلْ يُعَادُ فِي الْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ كَالْأُولَى. اهـ.

(قَوْلُهُ: بِمَاءٍ يَخْتَلِطُ بِيَسِيرِ كَافُورٍ) أَيْ: بِمَاءِ قَرَاحٍ يَخْتَلِطُ بِيَسِيرِ كَافُورٍ فَيُفِيدُ أَنَّ التَّثْلِيثَ لَا يَكُونُ فِيمَا يَخْتَلِطُ بِالسِّدْرِ وَسَيَأْتِي عَنْ السُّبْكِيّ خِلَافُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ إنْ لَمْ يُحْمَلْ مَا هُنَا عَلَى أَقَلِّ الْكَمَالِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُنَقَّ إلَخْ) صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ فِي غَسْلَةِ السِّدْرِ وَمُزِيلِهِ بِأَنْ يُكَرَّرَا مَعًا وَيَكُونَ وَتْرًا إذَا حَصَلَ الْإِنْقَاءُ بِشَفْعٍ وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِلْمَقْدِسِيِّ وَاعْلَمْ أَنَّ الزِّيَادَةَ لِلْإِنْقَاءِ إنَّمَا هِيَ فِي غَسْلَةِ السِّدْرِ وَمُزِيلِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَالْحَدِيثِ وَصَرَّحَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ الْإِرْشَادُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ غَسَلَاتِ الْمَاءِ الْقَرَاحِ. اهـ. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِكَلَامِ السُّبْكِيّ الْأَوَّلِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ اسْتَعْمَلَ إلَخْ) لَكِنْ مَا قَبْلَهَا أَوْلَى، وَأَمَّا مَا حَمَلَ الشَّارِحُ الْمَتْنَ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّهُ يُغْسَلُ أَوَّلًا بِمَاءٍ وَسِدْرٍ ثُمَّ يُزِيلُ ذَلِكَ بِغَسْلَةٍ ثَانِيَةٍ، ثُمَّ يَغْسِلُهُ ثَلَاثًا بِمَاءٍ قَرَاحٍ فِيهِ قَلِيلُ كَافُورٍ فَبَيَانٌ لِأَقَلِّ الْكَمَالِ. اهـ. شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَاسْتَحَبَّ الْمُزَنِيّ إلَخْ) وَيُسْتَحَبُّ ذَلِكَ عَلَى الْمَذْهَبِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِهِ. اهـ. مِنْ هَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ.

(قَوْلُهُ: إلَّا لِمَصْلَحَةٍ) هُوَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: اُسْتُحِبَّ أَنْ يَتَحَدَّثَ أَيْضًا كَأَنْ رَأَى مِنْ مُبْتَدِعٍ أَمَارَةَ خَيْرٍ فَيَنْبَغِي كَتْمُهَا. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا فِدْيَةَ) بِخِلَافِ مَا لَوْ زَالَ شَعْرَ مُحْرِمٍ نَائِمٍ؛ لِأَنَّ النَّائِمَ بِصَدَدِ عَوْدِهِ إلَى الْفَهْمِ وَلِهَذَا ذَهَبَ جَمَاعَةٌ إلَى تَكْلِيفِهِ بِخِلَافِ الْمَيِّتِ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: لِيَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُحْرِمًا) أَيْ: بِخِلَافِ مَا إذَا حَلَقَ وَقُلْنَا:

ص: 85

فَلَا يُطْلَبُ مِنْهُ حَلْقٌ وَلَا يَقُومُ غَيْرُهُ بِهِ، كَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ طَوَافٌ، أَوْ سَعْيٌ وَأَثَرًا مَنْصُوبٌ بِمَا يُفَسِّرُهُ بَقَّاهُ.

(لَا) أَثَرَ إحْدَادِ (مُعْتَدَّةٍ) بِأَنْ كَانَتْ فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْغَاسِلِ تَبْقِيَتُهُ فَلَهُ تَطْيِيبُهَا؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَ الطِّيبِ فِيهَا كَانَ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الرِّجَالِ وَلِلتَّفَجُّعِ عَلَى الزَّوْجِ وَقَدْ زَالَا بِالْمَوْتِ بِخِلَافِ تَحْرِيمِهِ فِي الْمُحْرِمِ فَإِنَّهُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا يَزُولُ بِالْمَوْتِ.

(وَمَا كُرِهْ) وَلَا اُسْتُحِبَّ، بَلْ أُبِيحَ، كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْحَاوِي (فِي الْغَيْرِ) أَيْ: غَيْرِ الْمُحْرِمِ (أَخْذُ شَارِبٍ) لَهُ (وَظُفْرِهْ، وَالْحَلْقُ) لِشَعْرِ إبِطِهِ وَعَانَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ نَهْيٌ وَلَا أَمْرٌ وَتَبِعَ فِي ذَلِكَ الرَّافِعِيَّ وَقَالَ النَّوَوِيُّ عَنْ الْأَكْثَرِينَ، أَوْ الْكَثِيرِينَ: الْجَدِيدُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ كَالْحَيِّ؛ وَلِأَنَّهُ تَنْظِيفٌ فَشُرِعَ كَإِزَالَةِ الْوَسَخِ وَيُفْعَلُ قَبْلَ الْغُسْلِ. وَالْقَدِيمُ أَنَّهُ يُكْرَهُ وَصَحَّحَهُ جَمَاعَةٌ وَهُوَ الْأَظْهَرُ قَالَ: وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ؛ لِأَنَّ أَجْزَاءَ الْمَيِّتِ مُحْتَرَمَةٌ فَلَا تُنْتَهَكُ بِهَذَا وَلَمْ يُنْقَلْ فِيهِ شَيْءٌ يُعْتَمَدُ، وَأَمَّا شَعْرُ رَأْسِهِ فَلَا يُحْلَقُ بِحَالٍ وَإِنْ اعْتَادَهُ حَيًّا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُحْلَقُ لِزِينَةٍ، أَوْ نُسُكٍ وَقِيلَ: إنْ اعْتَادَهُ حَيًّا فَالْقَوْلَانِ وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ تَدْعُ حَاجَةٌ إلَى حَلْقِهِ وَإِلَّا كَانَ لَبَدُهُ حَيًّا بِصَمْغٍ أَوْ نَحْوِهِ بِحَيْثُ لَا يَصِلُ الْمَاءُ إلَى أُصُولِهِ إلَّا بِحَلْقِهِ وَجَبَ حَلْقُهُ وَلَا يُخْتَنُ الْمَيِّتُ وَإِنْ كَانَ بَالِغًا؛ لِأَنَّهُ جَزْءٌ فَلَا يُقْطَعُ كَيَدِهِ الْمُسْتَحَقَّةِ فِي قَطْعِ سَرِقَةٍ، أَوْ قَوَدٍ، ثُمَّ إنْ أُخِذَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، أَوْ اُنْتُتِفَ بِتَسْرِيحٍ، أَوْ نَحْوِهِ؛ صُرَّ فِي كَفَنِهِ لِيُدْفَنَ مَعَهُ.

(أَمَّا) نَجَسٌ (خَارِجٌ قَدْ يَعْرِضُ) أَيْ: يَظْهَرُ مِنْ الْمَيِّتِ بَعْدَ غُسْلِهِ وَلَوْ بَعْدَ تَكْفِينِهِ فَإِنَّهُ (يُزَالُ) عَنْهُ (حَتْمًا دُونَ) إعَادَةِ (غُسْلٍ وَوُضُو) وَإِنْ خَرَجَ مِنْ فَرْجِهِ؛ لِسُقُوطِ الْفَرْضِ بِمَا جَرَى وَحُصُولِ النَّظَافَةِ بِإِزَالَةِ الْخَارِجِ؛ وَلِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ فَلَا يُنْتَقَضُ طُهْرُهُ، ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ مَنْ يَتَوَلَّى الْغُسْلَ وَمَنْ هُوَ أَحَقُّ بِهِ فَقَالَ.

(أَحَقُّ جَمْعٍ) مِنْ النَّاسِ (يَطْلُبُونَ الْغُسْلَا لِامْرَأَةٍ إنْ كَانَ كُلٌّ) مِنْهُمْ (أَهْلَا) لَهُ (أُنْثَى قَرَابَةٍ بِمَحْرَمِيَّهْ)

ــ

[حاشية العبادي]

كَجُلُوسِهِ عِنْدَ الْعَطَّارِ هَذَا يُوهِمُ أَنَّ جُلُوسَهُ عِنْدَ الْعَطَّارِ لَيْسَ مَكْرُوهًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ، وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ الْفَرْضُ هُنَا دَفَعَ مَا عَسَاهُ يَبْدُو مِنْ رَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ انْتَفَتْ الْكَرَاهَةُ بِخِلَافِ الْحَيِّ فَالتَّشْبِيهُ مِنْ حَيْثُ مُطْلَقُ الْجَوَازِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْجَوْجَرِيُّ بِرّ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَقُومُ إلَخْ) هَلْ الْمُرَادُ لَا يَجُوزُ أَوْ لَا يَطْلُبُ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَقُومُ إلَخْ) هَلَّا قَامَ غَيْرُهُ بِهِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ تَنْظِيفًا كَمَا فِي غَيْرِ الْمُحْرِمِ عَلَى مَا يَأْتِي فِيهِ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا كَانَ كَيَدِهِ إلَخْ) هَذَا جَارٍ فِي الْمُحْرِمِ أَيْضًا عَلَى الْأَوْجَهِ حَجَر م ر. (قَوْلُهُ: صُرَّ فِي كَفَنِهِ) صَرُّهُ فِي كَفَنِهِ وَدَفْنُهُ مَعَهُ سُنَّةٌ وَأَمَّا أَصْلُ دَفْنِهِ فَوَاجِبٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ

ــ

[حاشية الشربيني]

إنَّهُ يُكْمِلُ بِهِ النُّسُكَ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَقُومُ إلَخْ) أَيْ: يَحْرُمُ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ السِّيَاقِ ع ش وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَيُكْرَهُ التَّقْلِيمُ وَإِزَالَةُ شَعْرِ الْمَيِّتِ كَمَا لَا يُخْتَنُ وَيَحْرُمُ ذَلِكَ مِنْ الْمُحْرِمِ قَبْلَ تَحَلُّلِهِ الْأَوَّلِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ نَعَمْ يُزَالُ شَعْرٌ وَظُفْرٌ تَوَقَّفَ عَلَيْهِ زَوَالُ نَجَاسَةٍ أَوْ غُسْلُ مَا تَحْتَهُ وَلَوْ مِنْ مُحْرِمٍ. اهـ.

(قَوْلُهُ: فَلَهُ تَطْبِيبُهَا) لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر

(قَوْلُهُ: وَمَا كُرِهَ) الْمُعْتَمَدُ الْكَرَاهَةُ اهـ م ر. (قَوْلُهُ: وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ) فَهُوَ جَدِيدٌ أَيْضًا. اهـ. م ر. (قَوْلُهُ: وَلَا يُخْتَنُ الْمَيِّتُ) فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ غَسْلُ مَا تَحْتَ الْقُلْفَةِ قَالَ حَجَرٌ: يَمَّمَ عَمَّا تَحْتَهَا وَصَلَّى عَلَيْهِ وَقَالَ ق ل: غَسَّلَ الْمُمْكِنَ وَدُفِنَ بِلَا صَلَاةٍ خِلَافًا لِحَجَرٍ. اهـ. مَدَنِيٌّ وَهَذَا إنْ كَانَ تَحْتَهَا نَجَاسَةٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَمَّمَ وَصَلَّى عَلَيْهِ اتِّفَاقًا. اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَلَا يُخْتَنُ) . وَإِنْ عَصَى بِتَأْخِيرِهِ م ر. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ جَزْءٌ) وَالِانْتِهَاكُ فِي قَطْعِهِ أَكْثَرَ مِنْ إزَالَةِ الشَّعْرِ الْمُتَلَبِّدِ. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: صُرَّ فِي كَفَنِهِ لِيُدْفَنَ مَعَهُ) الصَّرُّ فِي كَفَنِهِ مَنْدُوبٌ، وَأَمَّا الدَّفْنُ فَوَاجِبٌ إلَّا فِي الشَّعْرَةِ الْوَاحِدَةِ كَالصَّلَاةِ عَلَيْهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ الَّذِي فِي مَتْنِ الرَّوْضِ لَكِنْ الَّذِي رَجَّحَهُ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وُجُوبَ ذَلِكَ فِيهَا وَهُوَ الَّذِي فِي الْحَاشِيَةِ هُنَا. اهـ.

(قَوْلُهُ: أَحَقُّ جَمْعٍ إلَخْ) وَشَرْطُ كَوْنِهِ أَحَقَّ الْإِسْلَامُ وَالْحُرِّيَّةُ الْكَامِلَةُ وَعَدَمُ الْقَتْلِ وَالْعَدَاوَةِ وَالْفِسْقِ وَالصِّبَا وَالْجُنُونِ وَالْوَصِيَّةِ مِنْ الْمَيِّتِ فَإِنْ أَوْصَى بِتَغْسِيلِ شَخْصٍ لَهُ نُفِّذَتْ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ مَثَلًا كَمَا فِي وَصِيَّةِ سَيِّدِنَا أَبِي بَكْرٍ بِتَغْسِيلِ زَوْجَتِهِ لَهُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَشَيْخُنَا الذَّهَبِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَقَوْلُهُ: وَالْحُرِّيَّةُ أَيْ: فِي غَيْرِ الزَّوْجِ فَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْقِنِّ وَالْحُرِّ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ فِيهِ لِلْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى فَرْضِ اطِّلَاعِهِ عَلَى عَوْرَتِهِ لَا يُسَاءُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ كَمَا فِي الْحَيَاةِ. اهـ. إيعَابٌ وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ تَقْيِيدُهُ الزَّوْجَةَ بِالْحُرَّةِ مَعَ تَأَتِّي تَعْلِيلِهِ فِيهَا. اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَنَقَلَ سم فِي الزَّوْجَةِ الرَّقِيقَةِ احْتِمَالَيْنِ أَوْجَهُهُمَا أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهَا. اهـ.

أَيْ: وَإِنْ جَازَ لَهَا غُسْلُهُ ع ش وَقَوْلُهُ: إنَّهُ لَا حَقَّ لَهَا أَيْ: تُقَدَّمُ بِهِ عَلَى غَيْرِهَا أَوْ تُسَاوِيهِ فِيهِ، وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا تَكُونُ فِي حَقِّهِ كَالْأَجْنَبِيَّةِ حَتَّى يُيَمَّمَ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ مَعَ وُجُودِهَا تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: أَهْلًا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَا يَجُوزُ تَفْوِيضُهُ إلَى الْفَاسِقِ وَإِنْ كَانَ قَرِيبًا؛ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ وَوِلَايَةٌ وَلَيْسَ الْفَاسِقُ مِنْ أَهْلِهَا وَإِنْ صَحَّ غُسْلُهُ كَمَا يَصِحُّ أَذَانُهُ وَإِمَامَتُهُ وَلَا يَجُوزُ نَصْبُهُ لَهُمَا. اهـ. وَهَلْ الْمُرَادُ بِالتَّفْوِيضِ نَصْبُهُ لِذَلِكَ كَمَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِهِ حَتَّى لَوْ غَسَّلَ بِلَا تَفْوِيضٍ بِأَنْ كَانَ قَرِيبًا مَثَلًا لَا يَكُونُ حَرَامًا الظَّاهِرُ ذَلِكَ اهـ حَرَّرَهُ ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى قَوْلِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ

ص: 86

كَعَمَّةٍ وَخَالَةٍ (وَدُونَهَا أَيْضًا) كَبِنْتِ عَمٍّ وَخَالٍ وَالْمَحْرَمُ أَوْلَى؛ لِوُفُورِ شَفَقَتِهَا فَإِنْ اسْتَوَتْ اثْنَتَانِ فِي الْمَحْرَمِيَّةِ فَالَّتِي فِي مَحَلِّ الْعُصُوبَةِ أَوْلَى كَالْعَمَّةِ مَعَ الْخَالَةِ فَإِنْ اسْتَوَتَا فِي جَمِيعِ الصِّفَاتِ أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا وَاَللَّوَاتِي لَا مَحْرَمِيَّةَ لَهُنَّ يُقَدَّمُ مِنْهُنَّ الْقُرْبَى فَالْقُرْبَى فَإِنْ اسْتَوَتَا فِي الْقُرْبِ قُدِّمَتْ الَّتِي فِي مَحَلِّ الْعُصُوبَةِ عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ كَبِنْتِ الْعَمَّةِ مَعَ بِنْتِ الْخَالَةِ فَإِنْ اسْتَوَتَا فِي جَمِيعِ ذَلِكَ أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ: " إنْ كَانَ كُلٌّ أَهْلَا " مِنْ زِيَادَتِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أُنْثَى قَرَابَةً فَالْمُولَاةُ، كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ؛ لِأَنَّ «الْوَلَاءَ لُحْمَةُ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ» (فَأَجْنَبِيَّهْ) فَتُقَدَّمُ عَلَى الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ الْأُنْثَى أَلْيَقُ بِالْأُنْثَى قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَمْ يَذْكُرُوا مَحَارِمَ الرَّضَاعِ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَدَّمْنَ عَلَى الْأَجْنَبِيَّاتِ انْتَهَى. وَمِثْلُهُ يَأْتِي فِي عَصَبَاتِ الرَّضَاعِ كَبِنْتِ الْعَمِّ وَفِي مَحَارِمِ الْمُصَاهَرَةِ وَعَلَيْهِ يَنْبَغِي أَنْ يُقَدَّمَ عَلَيْهِنَّ مَحَارِمُ الرَّضَاعِ (فَالزَّوْجُ) فَيُقَدَّمُ عَلَى رِجَالِ الْقَرَابَةِ كَمَا تُقَدَّمُ الزَّوْجَةُ عَلَى نِسَائِهَا فِي الرَّجُلِ؛ وَلِأَنَّ مَنْظُورَهُ أَكْثَرُ وَجَازَ لَهُ تَغْسِيلُهَا وَإِنْ انْقَطَعَ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّ حُقُوقَ النِّكَاحِ لَا تَنْقَطِعُ بِالْمَوْتِ بِدَلِيلِ التَّوَارُثِ

ــ

[حاشية العبادي]

مَا انْفَصَلَ مِنْ مَيِّتٍ أَوْ مِنْ حَيٍّ وَمَاتَ عَقِبَ انْفِصَالِهِ مِنْ شَعْرٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ يَسِيرًا يَجِبُ دَفْنُهُ لَكِنْ الْأَفْضَلُ صَرُّهُ فِي كَفَنِهِ وَدَفْنُهُ مَعَهُ م ر

(قَوْلُهُ: فَالَّتِي فِي مَحَلِّ الْعُصُوبَةِ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْقُرْبِ كَنَظِيرِهِ الْآتِي فِي غَيْرِ الْمَحَارِمِ وَلَكِنَّ ظَاهِرَ صَنِيعِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّ الْمَحْرَمِيَّةَ الْعَصَبَةَ تُقَدَّمُ وَإِنْ بَعُدَتْ وَلَيْسَ لَهُ وَجْهٌ إذْ كَيْفَ تُقَدَّمُ الْعَمَّةُ الْبَعِيدَةُ عَلَى الْخَالَةِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا قُلْتُ: قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَحَلَّ مَا هُنَا عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْقُرْبِ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذَا الْآتِي جَعَلَ أَوْلَوِيَّةَ الَّتِي فِي مَحَلِّ الْعُصُوبَةِ عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْقُرْبِ ثُمَّ أَحَالَ عَلَى مَا هُنَا بِقَوْلِهِ عَلَى مَا مَرَّ فَتَأَمَّلْهُ. (قَوْلُهُ: أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا) يَنْبَغِي أَنْ يُقَدَّمَ عَلَى الْإِقْرَاعِ اجْتِمَاعُهُمَا عَلَى الْفِعْلِ كَبِنْتَيْنِ مَثَلًا بِرّ. (قَوْلُهُ: الْقُرْبَى فَالْقُرْبَى) كَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي النِّسَاءِ الْمَحَارِمِ بَلْ هُوَ مُرَادُهُمْ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ بِرّ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أُنْثَى قَرَابَةً فَالْمُولَاةُ) مِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ ذَوَاتَ الْأَرْحَامِ يُقَدَّمْنَ عَلَى الْمُولَاةِ وَسَيَأْتِي فِي جَانِبِ الرَّجُلِ أَنَّ الْمَوْلَى يُقَدَّمُ عَلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ. وَوَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّ وَلَاءَ الرِّجَالِ أَقْوَى وَلِهَذَا لَا تَرِثُ امْرَأَةٌ بِوَلَاءٍ إلَّا مُعْتَقَهَا أَوْ مُنْتَمِيًا إلَيْهِ بِنَسَبٍ أَوْ وَلَاءٍ. (قَوْلُهُ: فَتُقَدَّمُ عَلَى الزَّوْجِ) مَعَ أَنَّ نَظَرَهُ أَوْسَعُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْظُرَ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ إلَى سَائِرِ بَدَنِهَا بَعْدَ الْمَوْتِ بِرّ. (قَوْلُهُ: وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَدَّمْنَ) أَيْ: مَحَارِمُ الرَّضَاعِ. (قَوْلُهُ: أَنْ يُقَدَّمَ عَلَيْهِنَّ) هَلْ الضَّمِيرُ لِمَحَارِمِ الْمُصَاهَرَةِ أَوْ وَلِعَصَبَاتِ الرَّضَاعِ. (قَوْلُهُ: مَحَارِمُ الرَّضَاعِ) أَخْرَجَ عَصَبَاتِ الرَّضَاعِ.

ــ

[حاشية الشربيني]

وَسُنَّ أَنْ يَكُونَ الْغَاسِلُ أَمِينًا مَا نَصُّهُ إلَّا إنْ رَتَّبَهُ الْإِمَامُ لِلتَّغْسِيلِ.

(قَوْلُهُ: فَيُشْتَرَطُ) هَكَذَا نُسْخَةُ الْمُؤَلِّفِ وَلَعَلَّهَا فِيهَا سَقَطٌ فَلَا بِدَلِيلِ الِاسْتِثْنَاءِ فَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ أَمِينًا اهـ وَهُوَ يُفِيدُ مَا ذَكَرْنَا. (قَوْلُهُ: أُنْثَى) وَهِيَ مَنْ لَوْ قَدَرَتْ ذَكَرًا لَمْ يَحِلَّ لَهُ نِكَاحُهَا. اهـ. شَرْحُ الْمَنْهَجِ كَالْبِنْتِ بِخِلَافِ بِنْتِ الْعَمِّ اهـ ح لِ. (قَوْلُهُ: بِمَحْرَمِيَّةٍ) أَيْ: مِنْ النَّسَبِ لَا الرَّضَاعِ فَلَوْ كَانَتْ بِنْتَ عَمٍّ بَعِيدَةً، أَمَّا مِنْ الرَّضَاعِ لَمْ تُقَدَّمْ عَلَى بِنْتِ عَمٍّ قَرِيبَةٍ بَلْ تُقَدَّمُ الثَّانِيَةُ عَلَيْهَا كَمَا اعْتَمَدَهُ زي تَبَعًا لِلْإِسْنَوِيِّ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ الْأَكْثَرِينَ خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ. اهـ. ع ش وَنَاشِرِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَالَّتِي فِي مَحَلِّ الْعُصُوبَةِ أَوْلَى) قَالَ بَعْدَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَإِنْ اسْتَوَتَا قُدِّمَتْ الْقُرْبَى فَالْقُرْبَى فَإِنْ اسْتَوَتَا قُدِّمَ بِمَا يُقَدَّمُ بِهِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ فَإِنْ اسْتَوَتَا فِي الْجَمِيعِ وَلَمْ يَتَشَاحَّا فَذَاكَ، وَإِلَّا أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا. اهـ. وَقَوْلُهُ: فَإِنْ اسْتَوَتَا قُدِّمَتْ الْقُرْبَى إلَخْ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ الْقُرْبُ إلَّا بَعْدَ الِاسْتِوَاءِ فِي مَحَلِّ الْعُصُوبَةِ وَهُوَ خِلَافُ مَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَقَوْلُهُ: قُدِّمَ بِمَا يُقَدَّمُ بِهِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ زِيَادَةً عَلَى مَا هُنَا. اهـ. وَاعْتَمَدَ زي الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.

(قَوْلُهُ: أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا) أَيْ: وُجُوبًا إنْ رَفَعَا الْأَمْرَ إلَى حَاكِمٍ وَنَدْبًا فِيمَا بَيْنَهُمَا. اهـ. حَجَرٌ وَع ش. (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر ثُمَّ بَعْدَ ذَوَاتِ الْوَلَاءِ مَحَارِمُ الرَّضَاعِ ثُمَّ مَحَارِمُ الْمُصَاهَرَةِ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا بَحَثَهُمَا الْأَذْرَعِيُّ وَالْبُلْقِينِيُّ لَكِنْ لَمْ يَذْكُرَا بَيْنَهُمَا تَرْتِيبًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَعَلَيْهِ تُقَدَّمُ بِنْتُ عَمٍّ بَعِيدَةٌ هِيَ مَحْرَمٌ مِنْ الرَّضَاعِ عَلَى بِنْتِ عَمٍّ أَقْرَبَ مِنْهَا بِلَا مَحْرَمِيَّةٍ. اهـ. وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَوْضُوعِ الْمَسْأَلَةِ إذْ مَوْضُوعُهَا تَأْخِيرُ مَحَارِمِ الرَّضَاعِ وَالْمُصَاهَرَةِ عَنْ ذَاتِ الْوَلَاءِ الْمُؤَخَّرَةِ عَنْ اللَّوَاتِي لَا مَحْرَمِيَّةَ لَهُنَّ وَعِبَارَةُ حَجَرٍ بَعْدَ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَأُولَاهُنَّ ذَاتُ مَحْرَمِيَّةٍ وَلَا تَرْجِيحَ بِزِيَادَةِ إحْدَاهُنَّ بِمَحْرَمِيَّةِ رَضَاعٍ إذْ لَا مَدْخَلَ لَهُ هُنَا أَصْلًا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ لَكِنْ خَالَفَهُ الْبُلْقِينِيُّ فَبَحَثَ التَّرْجِيحَ بِذَلِكَ حَتَّى فِي بِنْتِ عَمٍّ بَعِيدَةٍ ذَاتِ رَضَاعٍ عَلَى بِنْتِ عَمٍّ قَرِيبَةٍ لَيْسَتْ كَذَلِكَ وَبِمَحْرَمِيَّةِ الْمُصَاهَرَةِ وَوَافَقَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَلَى الْأُولَى اهـ فَقَوْلُهُ: حَتَّى فِي بِنْتِ عَمٍّ إلَخْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ بَحَثَ التَّقْدِيمَ بِمَحْرَمِيَّةِ الرَّضَاعِ حَتَّى فِي الدَّرَجَةِ الْأُولَى فَانْدَفَعَ الْإِشْكَالُ تَأَمَّلْ لَكِنْ تَقَدَّمَ أَنَّ قَوْلَهُ حَتَّى إلَخْ ضَعِيفٌ فَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّقْدِيمَ بِمَحْرَمِيَّةِ الرَّضَاعِ وَالْمُصَاهَرَةِ بَعْدَ ذَاتِ الْوَلَاءِ مُعْتَمَدٌ وَقَبْلَهَا ضَعِيفٌ إذَا كَانَ الْخَالِي عَنْ كُلِّ الْمَحْرَمِيَّةِ أَقْرَبَ وَانْظُرْهُ عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ حَجَرٍ أَنَّهَا لَا تُعْتَبَرُ.

(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ يَنْبَغِي إلَخْ)، وَأَمَّا عَصَبَاتُ الرَّضَاعِ فَالظَّاهِرُ تَأْخِيرُهَا عَنْ مَحَارِمِ الرَّضَاعِ وَالْمُصَاهَرَةِ بِخِلَافِ مَنْ فِي مَحَلِّ الْعُصُوبَةِ مِنْ الْأَقَارِبِ السَّابِقِ لِوُجُودِ الْقَرَابَةِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: فَالزَّوْجُ) إلَّا إنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ

ص: 87

«وَقَالَ صلى الله عليه وسلم لِعَائِشَةَ: رضي الله عنها مَا ضَرَّكِ لَوْ مُتِّ قَبْلِي فَغَسَّلْتُكِ وَكَفَّنْتُكِ وَصَلَّيْتُ عَلَيْكِ وَدَفَنْتُكِ» رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ وَتُسْتَثْنَى الرَّجْعِيَّةُ؛ لِتَحْرِيمِ النَّظَرِ إلَيْهَا وَقَوْلُهُ (حَتَّى مَنْ سِوَاهَا أَرْبَعَا يَنْكِحُ) مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَوْلُهُ (وَالنَّاكِحُ مَنْ لَمْ تُجْمَعَا) أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ: وَإِنْ نَكَحَ أُخْتَهَا أَيْ: الزَّوْجُ أَحَقُّ بِتَغْسِيلِ زَوْجَتِهِ مِمَّنْ يَأْتِي حَتَّى الزَّوْجُ الَّذِي نَكَحَ أَرْبَعًا سِوَاهَا، أَوْ نَكَحَ مَنْ يَمْتَنِعُ جَمْعُهَا مَعَهَا كَأُخْتِهَا.

(ثُمَّ) بَعْدَ الزَّوْجِ (الرِّجَالُ مِنْ مَحَارِمِ الْمَرَهْ رَتِّبْ) أَنْتَ بَيْنَهُمْ (عَلَى مَا فِي الصَّلَاةِ ذَكَرَهْ) أَيْ: عَلَى تَرْتِيبِهِمْ فِي الصَّلَاةِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْحَاوِي بَعْدُ؛ نَعَمْ الْأَفْقَهُ أَحَقُّ مِنْ الْأَسَنِّ هُنَا أَمَّا غَيْرُ الْمَحَارِمِ كَابْنِ الْعَمِّ فَكَالْأَجْنَبِيِّ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْغُسْلِ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا: وَالْأَحَقِّيَّةُ مَشْرُوطَةٌ بِالْإِسْلَامِ فِي الْمُسْلِمِ فَالْكَافِرُ كَالْمَعْدُومِ حَتَّى يُقَدَّمَ الْمُسْلِمُ الْأَجْنَبِيُّ عَلَى الْقَرِيبِ الْكَافِرِ وَبِعَدَمِ الْقَتْلِ فَإِنْ قَتَلَهُ بِحَقٍّ بَنَى عَلَى إرْثِهِ مِنْهُ وَهَذَا عَدَّاهُ السُّبْكِيُّ إلَى غَيْرِ غُسْلِهِ، فَقَالَ: لَيْسَ لِقَاتِلِهِ حَقٌّ فِي غُسْلِهِ وَلَا الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَلَا دَفْنِهِ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ غَيْرِهِ وَنَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ وَأَشَارَ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا مِنْ زِيَادَتِهِ " يَطْلُبُونَ الْغُسْلَا " إلَى أَنَّ هَذَا التَّقْدِيمَ عِنْدَ الْمُشَاحَحَةِ فَلِلْمُقَدَّمِ التَّفْوِيضُ لِمَنْ بَعْدَهُ إنْ اتَّحَدَ جِنْسُ الْمَيِّتِ وَالْمُفَوَّضِ إلَيْهِ فَلَيْسَ لِلرِّجَالِ كُلِّهِمْ التَّفْوِيضُ إلَى النِّسَاءِ وَلَا الْعَكْسُ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَفِيهِمَا أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ تَجْوِيزُ الْغُسْلِ لِلرِّجَالِ الْمَحَارِمِ مَعَ وُجُودِ النِّسَاءِ لَكِنْ لَمْ أَرَ لِغَيْرِهِ تَصْرِيحًا بِهِ. اهـ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ اتِّحَادَ الْجِنْسِ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي التَّفْوِيضِ وَأَنَّ التَّرْتِيبَ مُسْتَحَبٌّ لَا وَاجِبٌ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ جَمَاعَةَ شَارِحُ الْمِفْتَاحِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَاَلَّذِي يَقْوَى عِنْدِي أَنَّ الْأَكْثَرِينَ عَلَيْهِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: هُنَا) مُتَعَلِّقٌ بِأَحَقَّ فِي قَوْلِ الشَّيْخِ، نَعَمْ الْأَفْقَهُ أَحَقُّ. (قَوْلُهُ: وَالْمُفَوَّضُ إلَيْهِ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ الْمُفَوَّضُ إلَيْهِ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَبِهِ قَدْ يَنْدَفِعُ قَوْلُهُ: الْآتِي وَعَلَى عَكْسِهِ بِتَغْسِيلٍ عَلَى إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لِلرِّجَالِ كُلِّهِمْ التَّفْوِيضُ إلَى النِّسَاءِ إلَخْ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُفَوِّضُوا إلَيْهِنَّ، لَكِنَّهُمْ أَعْرَضُوا عَنْ التَّغْسِيلِ فَلِلنِّسَاءِ أَنْ يَتَوَلَّيْنَهُ فَفَرْقٌ بَيْنَ التَّفْوِيضِ لِغَيْرِ الْجِنْسِ فَيَمْتَنِعُ وَبَيْنَ مُجَرَّدِ الْإِعْرَاضِ فَلَا يَمْتَنِعُ وَلَا يَمْنَعُ تَوَلِّي غَيْرِ الْجِنْسِ حِينَئِذٍ، كَذَا قَالَهُ م ر فَلْيُتَأَمَّلْ. وَعَلَيْهِ فَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ دَفْعُ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي وَيُؤْخَذُ مِنْهُ إلَخْ فَإِنْ يُحْمَلْ كَلَامُ الْغَزَالِيِّ عَلَى مَا إذَا أَعْرَضَ النِّسَاءَ فَلَا يُنَافِي اشْتِرَاطَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ فِي التَّفْوِيضِ. (قَوْلُهُ: التَّفْوِيضُ إلَى النِّسَاءِ) أَيْ: فِيمَا إذَا كَانَ الْمَيِّتُ رَجُلًا بِرّ. (قَوْلُهُ: وَلَا الْعَكْسُ) أَيْ: فِيمَا إذَا كَانَ الْمَيِّتُ امْرَأَةً. (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ ظَاهِرِ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ. (قَوْلُهُ: لَيْسَ بِشَرْطٍ إلَخْ) أَيْ: خِلَافُ اشْتِرَاطِهِمَا اتِّحَادَ الْجِنْسِ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا. (قَوْلُهُ: وَإِنَّ التَّرْتِيبَ يُسْتَحَبُّ) اسْتِحْبَابُهُ لَا يُنَافِي امْتِنَاعَ التَّفْوِيضِ لِغَيْرِ الْجِنْسِ. (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ إطْلَاقُهُمْ إلَخْ) يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْ الْجَمِيعِ بِأَنَّ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ فِي مَعْنَى اتِّحَادِ الْجِنْسِ؛ لِأَنَّ مَنْظُورَهُ أَكْثَرُ وَأَنَّ تَغْسِيلَ الزَّوْجِ بِرِضَا مَنْ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ

ــ

[حاشية الشربيني]

مُعْتَدَّةً عَنْ شُبْهَةٍ. اهـ. م ر. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ

(قَوْلُهُ: نَعَمْ الْأَفْقَهُ إلَخْ) أَيْ: بِبَابِ الْغُسْلِ أَوْلَى مِنْ الْأَسَنِّ عِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ أَوْلَى مِنْ الْأَسَنِّ وَالْأَقْرَبِ قَالَ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَيْ: مُنْفَرِدِينَ أَوْ مُجْتَمِعِينَ. اهـ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ الْأَفْقَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي دَرَجَةُ الْأَوْلَى بِالصَّلَاةِ صِفَةً؛ إذْ الْأَفْقَهُ أَوْلَى مِنْ الْأَسَنِّ وَالْأَقْرَبِ. وَالْبَعِيدُ الْفَقِيهُ أَوْلَى مِنْ الْأَقْرَبِ غَيْرِ الْفَقِيهِ هُنَا عَكْسُ مَا فِي الصَّلَاةِ.

(قَوْلُهُ: التَّفْوِيضُ لِمَنْ بَعْدَهُ) أَيْ: إيثَارُهُ عَلَيْهِ لَا تَوْكِيلُهُ فِي الْعَمَلِ عَنْهُ إذْ لَا يَجُوزُ فِيهِ التَّوْكِيلُ؛ لِأَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ فِي حَقِّ الْمُفَوَّضِ إلَيْهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: لِمَنْ بَعْدَهُ) أَيْ: لِمَنْ يَجُوزُ لَهُ الْغُسْلُ فَقَوْلُهُ بَعْدُ: إلَى النِّسَاءِ أَيْ: اللَّاتِي لَهُنَّ الْغُسْلُ كَالزَّوْجَةِ وَقَوْلُهُ: وَلَا الْعَكْسُ أَيْ: لَيْسَ لِلنِّسَاءِ التَّفْوِيضُ إلَى الرِّجَالِ الَّذِينَ لَهُمْ الْغُسْلُ وَحُكْمُ التَّفْوِيضِ الْآتِي فَلْيُحْمَلْ عَلَيْهِ الشَّارِحُ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: إذَا اتَّحَدَ جِنْسُ الْمَيِّتِ إلَخْ) وَهُوَ الذُّكُورُ فِي الذَّكَرِ وَالْإِنَاثُ فِي الْأُنْثَى فَلَا يَجُوزُ إيثَارُ غَيْرِ جِنْسِ الْمَيِّتِ وَإِنْ كَانَ الْغَيْرُ لَهُ نَوْعُ حَقٍّ فِي التَّقْدِيمِ كَمَا إذَا تَرَكَ الْآنَ حَقَّهُ لِلزَّوْجَةِ أَوْ تَرَكَتْ الْأُمُّ حَقَّهَا لِلزَّوْجِ مَثَلًا. اهـ. مَرْصَفِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ) اعْتَمَدَهُ م ر قَالَ: وَوَجْهُهُ وَإِنْ كَانَ التَّقْدِيمُ مَنْدُوبًا أَنَّ التَّقْدِيمَ حَقٌّ لِلْمَيِّتِ فَلَا يَجُوزُ تَرْكُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَمَعْنَى كَوْنِ التَّقْدِيمِ مَنْدُوبًا جَوَازَ امْتِنَاعِهِ مِنْ الْفِعْلِ وَإِسْقَاطِ حَقِّهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ أَوْ لِجِنْسٍ، وَأَمَّا إسْقَاطُهُ لِغَيْرِ الْجِنْسِ فَلَا يَجُوزُ وَإِنَّمَا جَازَ الْإِسْقَاطُ لِلْجِنْسِ مَعَ أَنَّ فِيهِ تَفْوِيتَ حَقِّ الْمَيِّتِ أَيْضًا بِغَيْرِ إذْنِهِ؛ لِأَنَّهُ أَهْوَنُ فَجُوِّزَ لِلْمُجَانَسَةِ. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ.

(قَوْلُهُ: إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ إلَخْ) قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ: قَالَ شَيْخُنَا كَشَيْخِنَا م ر: وَهَذَا التَّرْتِيبُ مَنْدُوبٌ إلَّا فِي التَّفْوِيضِ لِغَيْرِ الْجِنْسِ فَوَاجِبٌ. اهـ. أَيْ: إلَّا بِوَصِيَّةٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا بَعْدَ، تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا الذَّهَبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - نَقْلًا عَنْ هَامِشِ الْمَحَلِّيِّ: الْحَاصِلُ أَنَّ التَّفْوِيضَ لِغَيْرِ الْجِنْسِ بِدُونِ وَصِيَّةٍ يَحْرُمُ وَلِلْجِنْسِ كَذَلِكَ أَيْ: بِدُونِ وَصِيَّةٍ مَكْرُوهٌ وَأَنَّ إقْدَامَ غَيْرِ الْجِنْسِ بِدُونِ تَفْوِيضٍ وَوَصِيَّةٍ مَكْرُوهٌ أَيْضًا كَإِقْدَامِ الزَّوْجَةِ عَلَى تَغْسِيلِ زَوْجِهَا وَعَكْسُهُ. اهـ. ثُمَّ إنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تُسْقِطُ حَقَّ مَنْ لَهُ الْحَقُّ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ قَبُولِهِ لَهَا، وَإِلَّا فَهُوَ عَلَى وِلَايَتِهِ عَلَى قِيَاسِ مَا فِي الصَّلَاةِ. اهـ.

ص: 88

وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ إطْلَاقَهُمْ أَنَّ لِلزَّوْجِ أَنْ يُغَسِّلَ زَوْجَتَهُ وَإِنْ نَكَحَ أُخْتَهَا وَأَنَّهُ يُكْرَهُ تَغْسِيلُ الذِّمِّيَّةِ زَوْجَهَا الْمُسْلِمَ وَاسْتِدْلَالُهُمْ عَلَى تَغْسِيلِ الزَّوْجَةِ زَوْجَهَا بِتَغْسِيلِ أَسْمَاءَ أَبَا بَكْرٍ مَعَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ عَصَبَةٌ، وَعَلَى عَكْسِهِ بِتَغْسِيلِ عَلِيٍّ زَوْجَتَهُ فَاطِمَةَ مَعَ وُجُودِ النِّسَاءِ وَسَيَأْتِي بَيَانُ الْمُقَدَّمِ فِي الْغُسْلِ إذَا كَانَ الْمَيِّتُ رَجُلًا فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمُقَدَّمِ فِي الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا أَخَّرَهُ إلَى هُنَاكَ لِغَرَضِ الِاخْتِصَارِ.

(وَحَيْثُ لَا يَحْضُرُ) إذَا مَاتَتْ امْرَأَةٌ (إلَّا أَجْنَبِيّ يَمَّمَهَا كَالْعَكْسِ) أَيْ: كَمَا لَوْ مَاتَ رَجُلٌ وَلَمْ يَحْضُرْهُ إلَّا أَجْنَبِيَّةٌ فَإِنَّهَا تُيَمِّمُهُ إلْحَاقًا لِفَقْدِ الْغَاسِلِ بِفَقْدِ الْمَاءِ وَأَوْضَحَ ذَلِكَ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ (وَالْغُسْلُ أَبِي) أَيْ: امْتَنَعَ وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ لَا يُزِيلُ النَّجَاسَةَ أَيْضًا إنْ كَانَتْ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ إزَالَتَهَا لَا بَدَلَ لَهَا بِخِلَافِ غُسْلِ الْمَيِّتِ وَبِأَنَّ التَّيَمُّمَ إنَّمَا يَصِحُّ بَعْدَ إزَالَتِهَا، كَمَا مَرَّ فِي مَحَلِّهِ وَمَا ذَكَرَهُ النَّاظِمُ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ وَقِيلَ: يَجِبُ غُسْلُهُ فِي ثَوْبٍ وَيَلُفُّ الْغَاسِلُ عَلَى يَدِهِ خِرْقَةً وَيَغُضُّ طَرْفَهُ مَا أَمْكَنَهُ، فَإِنْ اُضْطُرَّ إلَى النَّظَرِ نَظَرَ لِلضَّرُورَةِ وَقَالَ الْإِمَامُ: إنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَأَنَّ الْأَوَّلَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ إطْلَاقُهُمْ إلَخْ) فَإِنَّهُ شَامِلٌ لِحَالَةِ وُجُودِ مَنْ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ مِنْ النِّسَاءِ خُصُوصًا وَالْأُخْتُ مَوْجُودَةٌ لِنِكَاحِهِ إيَّاهَا بِرّ قَدْ يُحْمَلُ هَذَا عَلَى أُخْتٍ قَامَ بِهَا مَانِعٌ كَكُفْرٍ وَقَتْلٍ. (قَوْلُهُ: كَانَ لَهُ عَصَبَةٌ) قَدْ يَكُونُ لَهُ عُذْرٌ مَنَعَهُ، وَهِيَ وَاقِعَةُ حَالٍ. (قَوْلُهُ: يَمَّمَهَا) كَالْعَكْسِ فِي النَّاشِرِيِّ. (تَنْبِيهٌ) آخَرُ إذَا حَرَّمْنَا النَّظَرَ إلَى الْأَمْرَدِ إلْحَاقًا لَهُ بِالْمَرْأَةِ فَالْقِيَاسُ امْتِنَاعُ تَغْسِيلِ الرَّجُلِ لَهُ. اهـ. أَيْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا أَجْنَبِيٌّ يُمِّمَ، وَكَذَا أَجْنَبِيَّةٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ.

ــ

[حاشية الشربيني]

(قَوْلُهُ: إطْلَاقُهُمْ) فَلَمْ يُقَيِّدُوهُ بِعَدَمِ وُجُودِ غَيْرِهِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الذِّمِّيَّةِ. (قَوْلُهُ: وَاسْتِدْلَالُهُمْ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ كَانَ بِوَصِيَّةٍ وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِي ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: بِتَغْسِيلِ عَلِيٍّ إلَخْ) هِيَ وَاقِعَةُ حَالٍ تَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ بِوَصِيَّةٍ. (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ لَا يَحْضُرُ إلَخْ) لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ الْوَالِيَّ وَقَدْ جَزَمَ فِي التَّحْرِيرِ وَالشَّافِي بِتَقْدِيمِهِ عَلَى الْأَجَانِبِ. اهـ. نَاشِرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَحَيْثُ لَا يَحْضُرُ) أَيْ: فِي مَحَلٍّ يَجِبُ فِيهِ السَّعْيُ إلَى الْجُمُعَةِ بِسَمَاعِ النِّدَاءِ أَوْ فِي مَحَلٍّ يُطْلَبُ الْمَاءُ فِيهِ أَوْ بِمَحَلِّ غَيْبَةِ وَلِيِّ النِّكَاحِ. اهـ. ق ل وَشَيْخُنَا ذ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَجْنَبِيٌّ) أَيْ: كَبِيرٌ وَاضِحٌ قَالَهُ حَجَرٌ قَالَ سم: مَفْهُومُهُ أَنَّ الْخُنْثَى إذَا لَمْ يُوجَدْ إلَّا هُوَ يُغَسِّلُ الْمَرْأَةَ الْأَجْنَبِيَّةَ وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ لِلْفَرِيقَيْنِ غَسْلَهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: يَمَّمَهَا كَالْعَكْسِ) وَلَوْ حَضَرَ مَنْ لَهُ غُسْلُهُمَا بَعْدَ الصَّلَاةِ وَجَبَ الْغُسْلُ كَمَا لَوْ تَيَمَّمَ لِفَقْدِ الْمَاءِ ثُمَّ وَجَدَهُ فَتَجِبُ الصَّلَاةُ وَخَرَجَ مَا لَوْ حَضَرَ بَعْدَ الدَّفْنِ فَلَا يُنْبَشُ لِسُقُوطِ الطَّلَبِ بِالتَّيَمُّمِ بَدَلِ الْغُسْلِ وَمِثْلُ الدَّفْنِ إدْلَاؤُهُ فِي الْقَبْرِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: بِفَقْدِ الْمَاءِ) قَالَ سم: اعْتَمَدَ جَمْعٌ مِنْ شُيُوخِنَا مِنْهُمْ حَجَرٌ وَم ر أَنَّ صَلَاةَ الْمَيِّتِ كَغَيْرِهَا حَتَّى إذَا يَمَّمَ الْمَيِّتَ وَصَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ إنْ كَانَتْ بِمَحَلٍّ لَا تَسْقُطُ الصَّلَاةُ فِيهِ بِالتَّيَمُّمِ وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ، وَإِلَّا فَلَا وَأَنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ فَقَدَ الْمَاءَ التَّيَمُّمُ لَهَا وَإِنْ كَانَ فِي الْحَضَرِ وَلَا الْتِفَاتَ إلَى كَوْنِهَا لَا تَفُوتُ بِالدَّفْنِ نَعَمْ مَا ذَكَرَهُ النَّاشِرِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ حَضَرَ مَنْ لَهُ الْغُسْلُ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَجَبَ الْغُسْلُ قَرِيبًا لِنُدْرَةِ فَقْدِ الْغَاسِلِ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ التَّيَمُّمِ لِفَقْدِ الْمَاءِ بَقِيَ مَا إذَا تَيَمَّمَ الْمُصَلِّي عَلَيْهِ لِفَقْدِ الْمَاءِ وَصَلَّى بِمَحَلٍّ لَا تَسْقُطُ الصَّلَاةُ فِيهِ بِالتَّيَمُّمِ ثُمَّ دُفِنَ فَهَلْ تَجِبُ الْإِعَادَةُ لِلصَّلَاةِ بِالْوُضُوءِ إذَا وَجَدَ الْمَاءَ؟ رَاجِعْهُ. اهـ.

وَفِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْمَنْهَجِ أَنَّ فِي كِلْتَيْ الْمَسْأَلَتَيْنِ خِلَافًا الْأَظْهَرُ مِنْهُ وُجُوبُ الْغُسْلِ وَإِعَادَةُ الصَّلَاةِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ بَعْدَ الصَّلَاةِ مَا لَوْ حَضَرَ بَعْدَ الدَّفْنِ فَلَا يُنْبَشُ لِسُقُوطِ الطَّلَبِ بِالتَّيَمُّمِ بَدَلَ الْغُسْلِ وَلَيْسَ هَذَا كَمَا لَوْ دُفِنَ بِلَا غُسْلٍ فَإِنَّهُ يُنْبَشُ لِأَجْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ غُسْلٌ وَلَا بُدَّ لَهُ. اهـ. ع ش عَلَى م ر وَمِثْلُ الْمَسْأَلَةِ الْأَخِيرَةِ مَا لَوْ تَعَسَّرَ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ وَدُفِنَ بِلَا صَلَاةٍ ثُمَّ تَيَسَّرَ إزَالَتُهَا بَعْدَ الدَّفْنِ فَإِنَّهُ يُنْبَشُ أَيْضًا نَقَلَهُ شَيْخُنَا ذ عَنْ ع ش. (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا فُقِدَ الْمَاءُ لَا تُزَالُ النَّجَاسَةُ بِالتَّيَمُّمِ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ) أَيْ: وَإِنْ كَانَتْ عَلَى الْعَوْرَةِ فَلَوْ كَانَتْ عَلَى جَمِيعِ الْبَدَنِ وَجَبَ إزَالَتُهَا وَيَحْصُلُ بِذَلِكَ الْغُسْلُ وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ التَّكْفِينِ؛ لِأَنَّهُ لَا بَدَلَ لَهُ بِخِلَافِ الْغُسْلِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَبِأَنَّ التَّيَمُّمَ إلَخْ) رَدَّهُ حَجَرٌ بِأَنَّ ذَلِكَ إنْ لَمْ تَتَعَذَّرْ إزَالَتُهَا كَمَا هُنَا اهـ وَخَالَفَهُ م ر وَلَا تَجِبُ نِيَّةُ التَّيَمُّمِ بَلْ تَنْدُبُ فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ جِنَايَةٌ وَنَوَى رَفْعَهَا بِهَذَا التَّيَمُّمِ كَفَى وَلَا يَحْتَاجُ لِتَيَمُّمٍ آخَرَ. اهـ. شَنَوَانِيٌّ وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَيُجْزِي لِحَائِضٍ وَنَحْوِهَا غُسْلٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ الْغُسْلَ الَّذِي كَانَ عَلَيْهَا سَقَطَ بِالْمَوْتِ اهـ فَيُفِيدُ أَنَّ الْغُسْلَ الَّذِي كَانَ عَلَيْهَا سَقَطَ فَكَيْفَ يَنْوِي مَعَ عَدَمِ وُجُوبِهِ وَيَكْفِي عَنْ الْمَوْجُودِ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِسُقُوطِهِ بِالْمَوْتِ انْدِرَاجَهُ؟ وَكَلَامُ شَرْحِ الرَّوْضِ فِي فَصْلِ: يَحْرُمُ غُسْلُ الشَّهِيدِ وَلَوْ جُنُبًا رُبَّمَا أَوْهَمَ بَقَاءَهُ حَيْثُ قَالَ: وَإِنَّمَا سَقَطَ غُسْلُ الْجُنُبِ وَنَحْوِهِ بِالشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّ «حَنْظَلَةَ بْنَ الرَّاهِبِ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ وَهُوَ جُنُبٌ وَلَمْ يُغَسِّلْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: رَأَيْت الْمَلَائِكَةَ تُغَسِّلْهُ» فَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَمْ يَسْقُطْ إلَّا بِفِعْلِنَا وَلِأَنَّهُ طُهْرٌ عَنْ حَدَثٍ فَسَقَطَ بِالشَّهَادَةِ كَغُسْلِ الْمَوْتِ. اهـ. فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَيَلُفُّ الْغَاسِلُ إلَخْ) هَذَا وَاجِبٌ فِي

ص: 89

غَيْرُ مَرْضِيٍّ وَنَقَلَ فِي الْمَجْمُوعِ كُلًّا مِنْهُمَا عَنْ النَّصِّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَوَّلَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْعِرَاقِيِّينَ وَالثَّانِي عَلَيْهِ الْمَرَاوِزَةِ وَجَمَاعَةٌ مِنْ غَيْرِهِمْ وَهُوَ الْمُخْتَارُ مَذْهَبًا وَدَلِيلًا كَالْمُدَاوَاةِ وَأَوْلَى بِالْجَوَازِ لَا مِنْ الْمَحْذُورِ وَدَعْوَى الْمَحْذُورِ مَمْنُوعَةٌ اهـ وَلِلْأَوَّلِ أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ لِلْغُسْلِ بَدَلًا بِخِلَافِ الْمُدَاوَاةِ.

(وَجَازَ لِلسَّيِّدِ غُسْلُ الْقِنَّهْ) أَيْ: قِنَّتِهِ (وَأُمِّ فَرْعِهِ) وَمُدَبَّرَتِهِ (وَمَنْ كُوتَبْنَهْ) أَيْ: وَمُكَاتَبَاتِهِ؛ لِبَقَاءِ حُكْمِ الْمِلْكِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ تَجْهِيزُهُنَّ وَالْكِتَابَةُ ارْتَفَعَتْ بِالْمَوْتِ هَذَا (إنْ تُعْدَمْ الْعِدَّةُ وَالزَّوْجِيَّة) بِأَنْ لَمْ يَكُنَّ مُعْتَدَّاتٍ، أَوْ مُزَوَّجَاتٍ فَإِنْ كُنَّ كَذَلِكَ فَلَا يُغَسِّلُهُنَّ؛ لِتَحْرِيمِهِنَّ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ، وَكَذَا الْمُشْتَرَكَةُ وَالْمُبَعَّضَةُ قَالَ الْبَارِزِيُّ: وَكُلُّ أَمَةٍ يَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّمَتُّعُ بِهَا فِي حَيَاتِهَا يَنْبَغِي أَنْ لَا يُغَسِّلَهَا وَقَالَ النَّوَوِيُّ: الْمُسْتَبْرَأَةُ كَالْمُعْتَدَّةِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالصَّوَابُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً بِالسَّبْيِ فَالْأَصَحُّ حِلُّ غَيْرِ الْوَطْءِ مِنْ التَّمَتُّعَاتِ فَغُسْلُهَا أَوْلَى، أَوْ بِغَيْرِهِ فَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ الْخَلْوَةُ بِهَا وَلَا لَمْسُهَا وَلَا النَّظَرُ إلَيْهَا بِلَا شَهْوَةٍ، كَمَا ذَكَرَهُ فِي بَابِهِ فَلَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ غُسْلُهَا (لَا الْعَكْسُ) أَيْ: لَا يَجُوزُ لِوَاحِدَةٍ مِنْ الْقِنَّةِ وَمَا بَعْدَهَا أَنْ تُغَسِّلَ سَيِّدَهَا لِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهَا؛ وَلِأَنَّ الْمُكَاتَبَةَ كَانَتْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ.

(وَ) تُغَسِّلُ جَوَازًا (الزَّوْجَةُ لَا الرَّجْعِيَّة زَوْجًا) لَهَا بِالْإِجْمَاعِ وَلِقَوْلِ عَائِشَةَ رضي الله عنها لَوْ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا غَسَّلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَّا نِسَاؤُهُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ

(وَإِنْ تَزَوَّجَتْ) زَوْجًا آخَرَ (بِأَنْ تَضَعْ) حَمْلَهَا عَقِبَ مَوْتِهِ، ثُمَّ تَتَزَوَّجُ فَلَهَا أَنْ تُغَسِّلَ زَوْجَهَا؛ لِبَقَاءِ حُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ كَمَا مَرَّ أَمَّا الرَّجْعِيَّةُ فَلَا تُغَسِّلُهُ لِمَا مَرَّ فِي عَكْسِهِ وَالْقِيَاسُ فِي الْمُعْتَدَّةِ عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ أَنَّ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ لَا يُغَسِّلُ الْآخَرَ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَوْ كَانَ لَهُ زَوْجَتَانِ فَأَكْثَرُ وَتَنَازَعْنَ عَلَى غُسْلِهِ أُقْرِعَ بَيْنَهُنَّ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ لَهُ زَوْجَاتٌ فِي وَقْتٍ أَقْرَعَ بَيْنَهُنَّ فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهَا غَسَّلَهَا أَوَّلًا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَتَصْوِيرُ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَلِلْأَوَّلِ أَنْ يُفَرِّقَ إلَخْ) وَالْوَجْهُ كَمَا بَحَثَ حَجَرٌ وَمِّ ر أَنَّ مَحَلَّ الْأَوَّلِ إذَا اُحْتِيجَ إلَى مَسٍّ أَوْ نَظَرٍ، وَإِلَّا كَانَ مَسْتُورًا بِإِثْبَاتٍ، وَأَمْكَنَ مِنْ غَيْرِ مَسٍّ وَلَا نَظَرٍ غُمِسَ فِي مَاءٍ هُنَاكَ أَوْ صَبَّهُ عَلَيْهِ وَجَبَ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَمَنْ كُوتَبْنَهُ) لَعَلَّ تَقْدِيرَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْهَاءَ ضَمِيرٌ: وَمَنْ كُوتَبْنَ السَّيِّدَ بِمَعْنَى: كُوتِبْنَ مِنْهُ بِأَنْ كَاتَبَهُنَّ وَحَاصِلُ ذَلِكَ وَمَا لَهُ وَمُكَاتَبَاتُهُ. (قَوْلُهُ: ارْتَفَعَتْ بِالْمَوْتِ) وَمِنْ شَأْنِ الْكِتَابَةِ أَنْ تُفْسَخَ بِخِلَافِ نَحْوِ التَّوَثُّنِ وَالتَّمَجُّسِ لَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ الزَّوَالُ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كُنَّ كَذَلِكَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: هَلَّا جَازَ لَهُ تَغْسِيلُ الْمَذْكُورَاتِ مِنْ الْمُعْتَدَّةِ وَالزَّوْجَةِ وَغَيْرِهِمَا كَمَا يُغَسِّلُ الذَّكَرُ الْأُنْثَى إذَا كَانَ مَحْرَمًا مَعَ أَنَّهُ فِي الْجَانِبَيْنِ لَهُ نَظَرٌ مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ إلَّا الْمُبَعَّضَةَ مَعَ حُرْمَةِ الْبُضْعِ عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ، إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْمَحْرَمِيَّةَ أَبْلَغُ فِي دَفْعِ الْمَحْذُورِ. (قَوْلُهُ: قَالَ الْبَارِزِيُّ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر. (قَوْلُهُ: فِي حَيَاتِهَا) كَالْمَجُوسِيَّةِ وَالْوَثَنِيَّةِ م ر. (قَوْلُهُ: كَالْمُعْتَدَّةِ) الْجَامِعُ تَحْرِيمُ الْبُضْعِ وَتَعَلُّقُ الْحَقِّ فِيهَا بِأَجْنَبِيٍّ م ر.

(قَوْلُهُ: فَلَا تُغَسِّلُهُ لِمَا مَرَّ) أَيْ: فِي شَرْحِ قَوْلِهِ فَالزَّوْجُ

ــ

[حاشية الشربيني]

التَّيَمُّمِ السَّابِقِ أَيْضًا. اهـ. جَمَلٌ.

(قَوْلُهُ: إنْ تُعْدَمْ الْعِدَّةُ وَالزَّوْجِيَّةُ) الْحَاصِلُ أَنَّ الْمُزَوَّجَةَ وَالْمُعْتَدَّةَ وَالْمُسْتَبْرَأَةَ وَالْمُشْتَرَكَةَ وَالْمُبَعَّضَةَ وَالْوَثَنِيَّةَ وَالْمَجُوسِيَّةَ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ غَسْلُهُنَّ وَإِنْ جَازَ لَهُ نَظَرُ مَا عَدَا مَا بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ لِحُرْمَةِ بُضْعِهِنَّ عَلَيْهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ مَحَارِمِهِ مَعَ أَنَّهُنَّ كَذَلِكَ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَجَانِبِ الْحُرْمَةُ لِأَنَّهُنَّ مَظِنَّةُ الشَّهْوَةِ فَامْتَنَعَ غَسْلُهُنَّ إلَّا مَنْ أَبَاحَ الشَّرْعُ تَغْسِيلَهُ كَالزَّوْجَةِ وَمَنْ فِي مَعْنَاهَا مِنْ الْأَمَةِ الَّتِي يَحِلُّ بُضْعُهَا بِخِلَافِ الْمَحَارِمِ لِأَنَّهُنَّ لَسْنَ مَظِنَّةَ الشَّهْوَةِ فَكُنَّ بِمَنْزِلَةِ الْجِنْسِ. اهـ. شَرْحُ الْمِنْهَاجِ لِحَجَرٍ وسم عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ جَازَ ظَاهِرُهُ حَتَّى الْمُبَعَّضَةُ وَالْمُشْتَرَكَةُ وَفِي الْحَاشِيَةِ خِلَافُهُ فِي الْمُبَعَّضَةِ الظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَهَا الْمُشْتَرَكَةُ فَلْيُحْمَلْ الْجَوَازُ عَلَى غَيْرِهِمَا.

(قَوْلُهُ: مُعْتَدَّاتٍ) وَلَوْ مِنْ شُبْهَةٍ كَزَوْجَتِهِ الْمُعْتَدَّةِ كَذَلِكَ. اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَكُلُّ أَمَةٍ إلَخْ) إلَّا الْمُكَاتَبَةَ فَإِنَّهُ يَغْسِلُهَا مَعَ حُرْمَةِ بُضْعِهَا عَلَيْهِ قَبْلَ الْمَوْتِ وَفَارَقَتْ الزَّوْجَةَ أَوْ الْأَمَةَ الْمُعْتَدَّةُ عَنْ شُبْهَةٍ حَيْثُ لَا يَغْسِلُهَا زَوْجُهَا أَوْ سَيِّدُهَا وَلَا عَكْسُهُ وَإِنْ اسْتَوَيْنَ فِي جَوَازِ النَّظَرِ لِمَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ بِأَنَّ الْحَقَّ فِيهِمَا تَعَلَّقَ بِأَجْنَبِيٍّ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبَةِ. اهـ. م ر. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا إلَخْ) قَالَ م ر: تَحْرِيمُ غُسْلِهَا لَيْسَ لِمَا ذَكَرَ بَلْ لِتَحْرِيمِ بُضْعِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ فَأَشْبَهَتْ الْمُعْتَدَّةَ بِجَامِعِ تَحْرِيمِ الْبُضْعِ وَتَعَلَّقَ الْحَقُّ بِأَجْنَبِيٍّ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَالزَّوْجَةُ) وَلَوْ كَانَتْ ذِمِّيَّةً زَوْجُهَا مُسْلِمٌ لَكِنْ يُكْرَهُ تَغْسِيلُهَا لَهُ. اهـ. ع ش وَاعْتَمَدَهُ زي وَسَيَأْتِي وَالْكَلَامُ فِي الْجَوَازِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهَا. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: وَالزَّوْجَةُ) أَيْ: وَلَوْ أَمَةً لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي الْجَوَازِ وَإِنْ كَانَتْ لَا حَقَّ لَهَا فِي وِلَايَةِ الْغُسْلِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَلَوْ اسْتَقْبَلَتْ إلَخْ) أَيْ: لَوْ وَقَعَ الْمَوْتُ الْمُسْتَدْبَرُ أَيْ: الْوَاقِعُ فِي الْمَاضِي فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَيْ: بَعْدَ ظُهُورِ الْجَوَازِ وَلَا يَرِدُ أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ لَا يُسْتَدَلُّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ اُشْتُهِرَ وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: لَوْ اسْتَقْبَلْتُ إلَخْ) أَيْ: لَاسْتَرْضَيْتُ الَّذِينَ هُمْ أَحَقُّ بِالْغُسْلِ وَتَوَلَّيْنَا غُسْلَهُ صلى الله عليه وسلم لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ بِالْقِيَامِ بِهَذَا الْفَرْضِ الْعَظِيمِ. اهـ. ع ش وَم ر

(قَوْلُهُ: وَإِنْ تَزَوَّجَتْ إلَخْ) قَالَ م ر: لِأَنَّهُ حَقٌّ ثَبَتَ لَهَا فَلَا يَسْقُطُ كَالْمِيرَاثِ. اهـ. (قَوْلُهُ:

ص: 90

بِوَضْعِ الْحَمْلِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ وَالزَّوْجَةُ بِالْهَاءِ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ، وَالْأَفْصَحُ الْأَشْهَرُ زَوْجٌ بِلَا هَاءٍ، كَمَا اسْتَعْمَلَهَا النَّاظِمُ بَعْدُ وَتَحْسُنُ الْأُولَى فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ كَمَا فِي الْفَرَائِضِ لِلْفَرْقِ

(وَالْكَفَّ زَوْجٌ غَسَّلَ الزَّوْجَ يَدَعْ)" الزَّوْجُ " فِي الْمَوْضِعَيْنِ يَشْمَلُ الزَّوْجَ وَالزَّوْجَةَ أَيْ: وَيَجْعَلُ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ إذَا غَسَّلَ الْآخَرَ كَفَّهُ (فِي خِرْقَةٍ وَلَا يَمَسُّ) شَيْئًا مِنْ بَدَنِهِ حِفْظًا لِلطُّهْرِ، وَكَذَا كُلُّ مَنْ يُنْتَقَضُ طُهْرُهُ بِلَمْسِهِ لِلْمَيِّتِ كَالسَّيِّدِ مَعَ قِنَّتِهِ فَإِنْ خَالَفَ قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: لَا يَضُرُّ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ نَقَضْنَا طُهْرَ الْمَلْمُوسِ الْحَيِّ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ أَذِنَ لَهُ لِلْحَاجَةِ وَهَذَا لَيْسَ تَكْرَارًا مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ:" بِخِرْقَةٍ عَلَى يَدٍ قَدْ لُفَّا " الشَّامِلِ لِلزَّوْجِ إذْ ذَاكَ بِالنَّظَرِ لِكَرَاهَةِ اللَّمْسِ وَهَذَا بِالنَّظَرِ لِانْتِقَاضِ الطُّهْرِ بِهِ.

(وَ) يُغَسِّلُ جَوَازًا (الذَّكَرْ وَالْمَرْأَةُ) أَيْ: كُلٌّ مِنْهُمَا (الْخُنْثَى) وَلَوْ كَبِيرًا بِحَيْثُ يُشْتَهَى إذَا لَمْ يُوجَدْ مَحْرَمٌ لَهُ لِلْحَاجَةِ وَاسْتِصْحَابًا لِلصِّغَرِ وَصَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَنَقَلَهُ عَنْ اتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ، قَالَ: وَيُغَسَّلُ فَوْقَ ثَوْبٍ وَيُحْتَاطُ لِغَاسِلٍ فِي غَضِّ الْبَصَرِ وَالْمَسِّ وَقَوْلُ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِيهِ الْخِلَافُ فِيمَا إذَا لَمْ يَحْضُرْ الْوَاضِحُ إلَّا أَجْنَبِيٌّ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ اتِّفَاقُهُمَا فِي التَّصْحِيحِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ ذَلِكَ. وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ هُنَا يَحْتَمِلُ الِاتِّحَادَ فِي جِنْسِ الذُّكُورَةِ، أَوْ الْأُنُوثَةِ بِخِلَافِهِ ثَمَّةَ وَيُفَارِقُ هَذَا أَخْذَهُمْ فِي الْخُنْثَى بِالْأَحْوَطِ فِي النَّظَرِ بِأَنَّهُ هُنَا مَحَلُّ حَاجَةٍ (كَمَيْتٍ) ذَكَرٍ، أَوْ أُنْثَى (فِي الصِّغَرْ) بِحَيْثُ لَا يُشْتَهَى فَإِنَّ لِكُلٍّ مِنْ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى أَنْ يُغَسِّلَهُ، كَمَا يَحِلُّ لَهُ نَظَرُهُ وَمَسُّهُ.

(ثُمَّ بِمَا مِنْهُ لَهُ اللُّبْسُ الْكَفَنْ) أَيْ:، ثُمَّ بَعْدَ غُسْلِ الْمَيِّتِ يَجِبُ تَكْفِينُهُ بِمَا لَهُ لُبْسُهُ حَيًّا فَيَجُوزُ تَكْفِينُ الْمَرْأَةِ بِالْحَرِيرِ وَالْمُزَعْفَرِ وَالْمُعَصْفَرِ مَعَ الْكَرَاهَةِ بِخِلَافِ الرَّجُلِ وَالْخُنْثَى عَلَى مَا مَرَّ فِي لُبْسِهِ لَهَا حَيًّا فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ وَكَلَامُهُمْ يُفْهِمُ جَوَازَ تَكْفِينِ الصَّبِيِّ بِالْحَرِيرِ وَيُعْتَبَرُ حَالَ الْمَيِّتِ سَعَةً وَتَوَسُّطًا وَضِيقًا وَتُكْرَهُ الْمُغَالَاةُ فِيهِ وَالْمَغْسُولُ وَالْقُطْنُ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِمَا.

(أَدْنَاهُ) أَيْ: الْكَفَنِ أَيْ: أَقَلِّهِ لِغَيْرِ الْمُحْرِمِ بِقَرِينَةٍ مَا مَرَّ (ثَوْبٌ سَاتِرٌ كُلَّ الْبَدَنْ) تَكْرِيمًا لَهُ وَسَتْرًا لِمَا يَعْرِضُ مِنْ التَّغَيُّرِ وَعَلَى هَذَا جَرَى الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَجُمْهُورُ الْخُرَاسَانِيِّينَ وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي مَنَاسِكِهِ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ وَصَحَّحَ فِي بَقِيَّةِ كُتُبِهِ مَا عَزَاهُ لِلنَّصِّ وَالْجُمْهُورِ أَنَّ أَقَلَّهُ سَاتِرُ الْعَوْرَةِ فَقَطْ كَالْحَيِّ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَيَجْعَلُ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ إلَخْ) أَيْ: نَدْبًا حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: لَا يَضُرُّ بِلَا خِلَافٍ) فَقَوْلُهُ: آنِفًا حِفْظًا لِلطُّهْرِ أَيْ: طُهْرِ الْغَاسِلِ كَمَا فُسِّرَ بِذَلِكَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.

(قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا إلَخْ) تَوَهَّمَ بَعْضُ الطَّلَبَةِ مِنْ هَذَا الْفَرْقِ حُرْمَةَ اجْتِمَاعِ الْفَرِيقَيْنِ عَلَى تَغْسِيلِهِ لِتَحَقُّقِ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ فَيَمْتَنِعُ وَهُوَ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ فَرِيقٍ لَمْ يَتَحَقَّقْ مَانِعُهُ فَلَا وَجْهَ لِمَنْعِهِ بِمُجَرَّدِ الِاحْتِمَالِ.

(قَوْلُهُ: بِمَا مِنْهُ لَهُ اللُّبْسُ) قَالَ فِي الرَّوْضِ إلَّا الْمُتَنَجِّسَ وَهُنَاكَ طَاهِرٌ. اهـ. أَيْ: فَيُقَدَّمُ الطَّاهِرُ وَلَوْ حَرِيرًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ خِلَافًا لِلْبَغَوِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ طَاهِرٌ فَيُكَفَّنُ فِي الْمُتَنَجِّسِ أَيْ: بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ عَارِيًّا إذْ لَا تَصِحُّ مَعَ النَّجَاسَةِ. (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ تَكْفِينُ الْمَرْأَةِ إلَخْ) .

(فَرْعٌ) اعْتَمَدَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ فِي فَتَاوِيهِ وِفَاقًا لِأَحَدِ كَلَامَيْ الْأَذْرَعِيِّ أَنَّ مَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ مِنْ الرِّجَالِ لِعَارِضٍ جَوَّزَ لَهُ لُبْسَهُ كَقَمْلٍ وَجَرَبٍ وَفَجْأَةِ حَرْبٍ، ثُمَّ اُسْتُشْهِدَ فِيهِ جَازَ أَنْ يُكَفَّنَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ زَالَ بِالْمَوْتِ السَّبَبُ الْمُجَوِّزُ لِلُبْسِهِ لَكِنْ خَلْفَهُ أَمْرٌ آخَرُ، وَهُوَ طَلَبُ دَفْنِ الشَّهِيدِ فِي ثِيَابِهِ الَّتِي اُسْتُشْهِدَ فِيهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ مَاتَ بِلَا اسْتِشْهَادٍ يَجِبُ نَزْعُهُ عَنْهُ لِزِوَالِ السَّبَبِ الْمُجَوِّزِ لِلُبْسِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَخْلُفَهُ أَمْرٌ آخَرُ. (قَوْلُهُ: الصَّبِيُّ بِالْحَرِيرِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَبِهِ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ، ثُمَّ قَالَ وَمِثْلُهُ الْمَجْنُونُ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي بَابِ اللُّبْسِ. (قَوْلُهُ: تَكْفِينُ الصَّبِيِّ) أَيْ: مَعَ الْكَرَاهَةِ حَجَرٌ

ــ

[حاشية الشربيني]

لَا يَضُرُّ بِلَا خِلَافٍ) أَيْ: فِي طُهْرِ الْمَلْمُوسِ الْمَيِّتِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ نَقَضَتَا) أَيْ: وَإِنْ جَرَيْنَا عَلَى الْقَوْلِ بِذَلِكَ فِيهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ: لِلْحَاجَةِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ غَسَّلَهُ أَحَدُهُمَا امْتَنَعَ عَلَى الْآخَرِ تَغْسِيلُهُ سم.

(قَوْلُهُ: وَاسْتِصْحَابًا لِلصِّغَرِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَطْرَأْ مَا يُعِينُ الْمَنْعَ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: فَوْقَ ثَوْبٍ) أَيْ: وُجُوبًا وَقَوْلُهُ: وَيُحْتَاطُ أَيْ: نَدْبًا. اهـ. ع ش فِي الْأَوَّلِ وَهُوَ عَنْ حَجَرٍ فِي الثَّانِي. اهـ. وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ عَنْ شَيْخِهِ زَيّ أَنَّهُ يُقْتَصَرُ فِيهِ عَلَى غَسْلِهِ وَاحِدَةً، فَلْيُحَرَّرْ هَلْ هُوَ عَلَى وَجْهِ الْوُجُوبِ أَوْ النَّدْبِ. اهـ. وَظَاهِرُ كَلَامِ سم فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ الْوُجُوبُ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا) أَيْ: بَيْنَ الْخُنْثَى وَالْأَجْنَبِيِّ حَيْثُ حَرُمَ عَلَى الْمَرْأَةِ تَغْسِيلُهُ وَعَلَى الرَّجُلِ تَغْسِيلُهَا. (قَوْلُهُ: بِالْأَحْوَطِ فِي النَّظَرِ) أَيْ: الْأَحْوَطُ أَنْ يَكُونَ الْخُنْثَى امْرَأَةً فَيَحْرُمُ نَظَرُ الْأَجْنَبِيِّ إلَيْهِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَا يُشْتَهَى) بِأَنْ لَمْ يَبْلُغْ سَبْعَ سِنِينَ تَقْرِيبًا. اهـ. قُوَيْسَنِيٌّ. اهـ. مَرْصَفِيٌّ

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الرَّجُلِ وَالْخُنْثَى) الْمُعْتَمَدُ حِلُّ الْمُعَصْفَرِ لِلرَّجُلِ وَالْخُنْثَى مَعَ الْكَرَاهَةِ. اهـ. ح ل عَلَى الْمَنْهَجِ وَبُجَيْرِمِيٍّ وَغَيْرِهِمَا. (قَوْلُهُ: وَيُعْتَبَرُ حَالُ الْمَيِّتِ) أَيْ: نَدْبًا ق ل عَنْ زي قَالَ: وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْقِلَّةِ وَالتَّوَسُّطِ وَالْإِكْثَارِ الْعُرْفُ وَلَا يُعْتَبَرُ تَقْتِيرُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا اعْتِيَادُهُ الثِّيَابَ الْجِيَادَ فِي حَيَاتِهِ. اهـ. ق ل أَيْضًا

(قَوْلُهُ: أَيْ: أَقَلِّهِ) مَعْنَى كَوْنِهِ أَقَلَّ سُقُوطِ الْوَاجِبِ بِهِ فِي بَيْتِ الْمَالِ مَثَلًا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَيْ: وَأَمَّا عِنْدَ اتِّسَاعِ التَّرِكَةِ فَتُسْتَوْفَى الثَّلَاثَةُ وُجُوبًا. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ أَيْ: وَلَوْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ مَحْجُورًا عَلَيْهِ. اهـ. ق ل عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: أَيْ: أَقَلِّهِ) أَيْ: لَا أَدْوَنُهُ لِعَدَمِ مُنَاسَبَةِ قَوْلِهِ بِمَا مِنْهُ لَهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَ فِي بَقِيَّةِ كُتُبِهِ إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ عَلَى

ص: 91

وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ خَبَّابُ «أَنَّ مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ كَفَّنَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ بِنَمِرَةٍ كَانَ إذَا غُطِّيَ بِهَا رَأْسُهُ بَدَتْ رِجْلَاهُ وَإِذَا غُطِّيَ بِهَا رِجْلَاهُ بَدَا رَأْسُهُ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوا عَلَى رِجْلَيْهِ الْإِذْخِرَ» قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَاحْتِمَالُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُ النَّمِرَةِ مَدْفُوعٌ بِأَنَّهُ بَعِيدٌ مِمَّنْ خَرَجَ لِلْقِتَالِ، وَبِأَنَّهُ لَوْ سُلِّمَ ذَلِكَ لَوَجَبَ تَتْمِيمُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، ثُمَّ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَقَدْ يُقَالُ: قَدْ أَمَرَهُمْ بِتَتْمِيمِهِ بِالْإِذْخِرِ وَهُوَ سَاتِرٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ: التَّكْفِينُ بِهِ لَا يَكْفِي عَلَى أَنَّ فِي أَكْثَرِ طُرُقِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ فَلَمْ يَخْلُفْ إلَّا نَمِرَةً.

وَعَلَى الْقَوْلِ بِذَلِكَ يَخْتَلِفُ قَدْرُ الْوَاجِبِ بِذُكُورَةِ الْمَيِّتِ وَأُنُوثَتِهِ لَا بِرِقِّهِ وَحُرِّيَّتِهِ، كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَهُوَ الظَّاهِرُ فِي الْكِفَايَةِ فَيَجِبُ فِي الْمَرْأَةِ مَا يَسْتُرُ بَدَنَهَا إلَّا وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا حُرَّةً كَانَتْ، أَوْ أَمَةً؛ لِزَوَالِ الرِّقِّ بِالْمَوْتِ، كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَمِمَّنْ اسْتَثْنَى الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ لَكِنَّهُ فَرَضَهُ فِي الْحُرَّةِ وَوُجُوبُ سَتْرِهِمَا فِي الْحَيَاةِ لَيْسَ لِكَوْنِهِمَا عَوْرَةً بَلْ لِكَوْنِ النَّظَرِ إلَيْهِمَا يُوقِعُ فِي الْفِتْنَةِ غَالِبًا وَبِالْجُمْلَةِ فَالْأَصَحُّ أَنَّ أَقَلَّ الْكَفَنِ سَاتِرُ الْعَوْرَةِ وَقَوْلُ الْمُزَنِيّ فِي نِهَايَةِ الِاخْتِصَارِ مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ: وَأَقَلُّ مَا يُجْزِئُ مِنْ الْكَفَنِ إنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ مَا يُوَارِي بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ لَيْسَ صَرِيحًا فِي أَنَّ وُجُوبَ مَا زَادَ عَلَى سَاتِرِ الْعَوْرَةِ عِنْدَ وُجُودِهِ لِكَوْنِهِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى فِي التَّكْفِينِ لِاحْتِمَالِهِ أَنَّ وُجُوبَ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ حَقًّا لِلْمَيِّتِ يَتَقَدَّمُ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ وَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى هَذَا جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي بَيَانِ أَقَلِّ الْكَفَنِ إذَا غَطَّى مِنْ الْمَيِّتِ عَوْرَتَهُ فَقَدْ أَسْقَطَ الْفَرْضَ لَكِنَّهُ أَخَلَّ بِحَقِّهِ وَاسْتَشْكَلَ الْإِسْنَوِيُّ الِاقْتِصَارَ عَلَى سَاتِرِ الْعَوْرَةِ بِمَا فِي النَّفَقَاتِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ الِاقْتِصَارُ فِي كِسْوَةِ الْعَبْدِ عَلَى سَاتِرِ الْعَوْرَةِ وَإِنْ لَمْ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: مَدْفُوعٌ) قَدْ يَدْفَعُ هَذَا الدَّفْعَ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ غَيْرُهَا غَطَّى بِهِ رِجْلَيْهِ دُونَ الْإِذْخِرِ وَلَعَلَّ هَذَا فِي غَايَةِ الْوُضُوحِ، لَكِنْ قَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَتْ زِيَادَةٌ وَجَبَتْ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ الْمُسْلِمِينَ وَمِنْ الْبَعِيدِ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ مَعَ جَمِيعِ الْحَاضِرِينَ مَا يُغَطِّي رِجْلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ، ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَهُ وَبِأَنَّهُ لَوْ سُلِّمَ ذَلِكَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَبِأَنَّهُ لَوْ سُلِّمَ ذَلِكَ إلَخْ) هَذَا الْكَلَامُ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ التَّكْفِينَ الْوَاجِبَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ سَاتِرُ الْعَوْرَةِ فَقَطْ، وَمِثْلُهُ مَنْ عَلَيْهِ تَكْفِينُهُ، فَالْوَقْفُ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَالظَّاهِرُ وُجُوبُ التَّعْمِيمِ عَلَى الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَالُ) قَدْ يُقَالُ أَيْضًا: لَمْ يُوجَدْ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَلَا مَعَ الْمُسْلِمِينَ زِيَادَةٌ عَلَى حَاجَتِهِمْ. (قَوْلُهُ: بِهِ لَا يَكْفِي) أَيْ: مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ وَلَوْ مِنْ نَحْوِ بَيْتِ الْمَالِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مَعْلُومٌ مِمَّا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِهِ أَنَّ وُجُوبَ إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ وُجُوبَ مَا زَادَ ثَابِتٌ عَلَى هَذَا الْأَصَحِّ لِحَقِّ الْمَيِّتِ وَحِينَئِذٍ فَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ بِأَنَّ وُجُوبَ سَاتِرِ الْجَمِيعِ الَّذِي قَالَهُ الْأَوَّلُ بِالنَّظَرِ لِحَقِّ اللَّهِ وَحَقِّ الْمَيِّتِ، وَوُجُوبِ سَاتِرِ الْعَوْرَةِ فَقَطْ الَّذِي قَالَهُ الثَّانِي بِالنَّظَرِ لِحَقِّ اللَّهَ فَقَطْ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْمَحَلِّيِّ: هَذَا الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافٍ غَرِيبٍ وَهُوَ أَنَّ الشَّخْصَ بِمَوْتِهِ هَلْ يَصِيرُ كُلُّهُ عَوْرَةً أَمْ عَوْرَتُهُ مَا كَانَ فِي حَيَاتِهِ كَذَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ شَارِحُ التَّعْجِيزِ وَعَلَى هَذَا يَكُونُ حَاصِلُ الْخِلَافِ أَنَّ الْوَاجِبَ لِحَقِّ اللَّهِ هَلْ هُوَ سَاتِرُ الْعَوْرَةِ فَقَطْ أَوْ كُلِّ الْبَدَنِ؟ لِأَنَّهُ صَارَ كُلُّهُ عَوْرَةً فَيَكُونُ الْخِلَافُ فِي أَنَّ حَقَّ اللَّهِ مَا هُوَ مِنْهُمَا كَمَا قَالَ حَجَرٌ فِي التُّحْفَةِ: إنَّ الْخِلَافَ فِي وُجُوبِ سَاتِرِهَا أَوْ الْكُلِّ إنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ لِحَقِّ اللَّهِ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ صَيْرُورَتَهُ كُلَّهُ عَوْرَةً إنَّمَا هُوَ بِسَبَبِ مَا يَعْرِضُ لَهُ مِنْ التَّغَيُّرِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَسَتْرًا لِمَا يَعْرِضُ لَهُ مِنْ التَّغَيُّرِ وَلَا شَكَّ أَنَّ فِيهِ حَقًّا لَهُ وَحَقًّا لِلَّهِ بِإِيجَابِهِ سَتْرَ ذَلِكَ التَّغَيُّرِ وَلِهَذَا اعْتَمَدَ م ر أَنَّ الزَّائِدَ لَا يَسْقُطُ بِإِسْقَاطِهِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ وَالْمَيِّتِ، تَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُقَالَ: إلَخْ) أَيْ: فَيَكُونُ ذَلِكَ الْأَمْرُ لِلنَّدَبِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُقَالَ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّكْفِينَ بِهِ لَا يَكْفِي إلَّا عِنْدَ تَعَذُّرِ التَّكْفِينِ بِثَوْبٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْجُرْجَانِيُّ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِزْرَاءِ بِالْمَيِّتِ. اهـ. (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: وَاحْتِمَالُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَالْأَصَحُّ إلَخْ) حَاصِلُ مَا اعْتَمَدَهُ حَجَرٌ فِي كُتُبِهِ أَنَّ الْكَفَنَ يَنْقَسِمُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: حَقُّ اللَّهِ وَهُوَ سَاتِرُ الْعَوْرَةِ وَهَذَا لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ إسْقَاطُهُ مُطْلَقًا، حَقُّ الْمَيِّت وَهُوَ سَاتِرُ بَقِيَّةِ الْبَدَنِ فَهَذَا لِلْمَيِّتِ أَنْ يُوصِيَ بِإِسْقَاطِهِ دُونَ غَيْرِهِ، حَقُّ الْغُرَمَاءِ وَهُوَ الثَّانِي وَالثَّالِثُ فَهَذَا لِلْغُرَمَاءِ عِنْدَ الِاسْتِغْرَاقِ إسْقَاطُهُ وَالْمَنْعُ مِنْهُ دُونَ الْوَرَثَةِ، حَقُّ الْوَرَثَةِ وَهُوَ الزَّائِدُ عَلَى الثَّلَاثِ فَلِلْوَرَثَةِ إسْقَاطُهُ وَالْمَنْعُ مِنْهُ وَوَافَقَ الْجَمَالُ الرَّمْلِيُّ عَلَى هَذِهِ الْأَقْسَامِ إلَّا الثَّانِيَ مِنْهَا فَاعْتَمَدَ أَنَّ فِيهِ حَقَّيْنِ حَقًّا لِلَّهِ وَحَقًّا لِلْمَيِّتِ فَإِذًا أَسْقَطَ الْمَيِّتُ حَقَّهُ بَقِيَ حَقُّ اللَّهِ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ إسْقَاطُ شَيْءٍ مِنْ سَابِغِ جَمِيعِ الْبَدَنِ. اهـ. مَدَنِيٌّ وَوَافَقَ ز ي م ر عَلَى ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: أَيْضًا فَالْأَصَحُّ) أَيْ: مِنْ الْخِلَافِ فِي أَنَّ الْوَاجِبَ لِحَقِّ اللَّهِ هَلْ سَاتِرُ الْعَوْرَةِ فَقَطْ أَوْ سَاتِرُ جَمِيعِ الْبَدَنِ وَلَا يُنَافِي هَذَا الْأَصَحُّ وُجُوبَ الزَّائِدِ عَلَيْهِ لِحَقِّ الْمَيِّتِ. اهـ. وَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْخِلَافَ حَقِيقِيٌّ خِلَافًا لِمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ بَعْضِهِمْ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: إنَّ أَقَلَّ الْكَفَنِ إلَخْ) أَيْ: الْوَاجِبِ لِحَقِّ اللَّهِ بِحَيْثُ يُسْقِطُ بِهِ الْمُطَالَبَةَ عَنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ الْمَوْقُوفَ عَلَى التَّكْفِينِ. اهـ. (قَوْلُهُ: مَا يُوَارِي بَيْنَ إلَخْ) هَكَذَا عِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَيْضًا

ص: 92

يَتَأَذَّ بِحَرٍّ، أَوْ بَرْدٍ؛ لِأَنَّهُ تَحْقِيرٌ وَإِذْلَالٌ فَامْتِنَاعُهُ فِي الْمَيِّتِ الْحُرِّ أَوْلَى وَأُجِيبُ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَا أَوْلَوِيَّةَ، بَلْ وَلَا تَسَاوِي إذْ لِلْغُرَمَاءِ مَنْعُ الزِّيَادَةِ عَلَى الثَّوْبِ الْوَاحِدِ وَالْحَيُّ الْمُفْلِسُ يَبْقَى لَهُ مَا يُجَمِّلُهُ؛ لِاحْتِيَاجِهِ إلَى التَّجَمُّلِ لِلصَّلَاةِ وَبَيْنَ النَّاسِ؛ وَلِأَنَّ الْمَيِّتَ يُسْتَرُ بِالتُّرَابِ عَاجِلًا بِخِلَافِ الْعَبْدِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ إذْ عَدَمُ الْجَوَازِ فِي تِلْكَ لَيْسَ لِكَوْنِهِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى فِي السَّتْرِ، بَلْ؛ لِكَوْنِهِ حَقًّا لِلْعَبْدِ حَتَّى إذَا أَسْقَطَهُ جَازَ وَدَخَلَ فِي السَّاتِرِ الطِّينُ لَكِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: الْمُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي التَّطْيِينُ؛ لِأَنَّ فِيهِ إزْرَاءً بِالْمَيِّتِ نَعَمْ إنْ تَعَذَّرَ الثَّوْبُ وَجَبَ التَّطْيِينُ قَالَ: وَيُتَّجَهُ وُجُوبُ الْإِذْخِرِ وَنَحْوِهِ قَبْلَ التَّطْيِينِ.

(وَالْمَنْعُ مِنْ) ثَوْبٍ (ثَانٍ وَثَوْبٍ ثَالِثٍ) ثَابِتٌ (لَهُ) أَيْ: لِلْمَيِّتِ (وَلِلْغَرِيمِ) أَمَّا لِلْمَيِّتِ فَلِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا حَقٌّ لَهُ بِمَثَابَةِ مَا يُجَمِّلُ الْحَيَّ فَلَهُ مَنْعُهُ، كَمَا فَعَلَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه وَأَمَّا لِلْغَرِيمِ فَلِحُصُولِ سَتْرِ الْمَيِّتِ وَهُوَ إلَى بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ أَحْوَجُ مِنْهُ إلَى التَّجَمُّلِ بِخِلَافِ الْحَيِّ الْمُفْلِسِ يُتْرَكُ لَهُ ثِيَابُ تَجَمُّلِهِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى التَّجَمُّلِ، كَمَا مَرَّ أَمَّا الثَّوْبُ الْوَاجِبُ فَلَا يَجُوزُ مَنْعُهُ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَمَا قَالَهُ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ وَالْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى بِسَاتِرِ الْعَوْرَةِ لَمْ يَصِحَّ وَيَجِبُ تَكْفِينُهُ بِسَاتِرِ كُلِّ بَدَنِهِ مُفَرَّعٌ عَلَى إيجَابِ سَتْرِ كُلِّ الْبَدَنِ وَإِنْ أَبَاهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ وَمَا نَقَلَهُ فِيهِ عَنْ صَاحِبِ الْحَاوِي وَغَيْرِهِ مِنْ الِاتِّفَاقِ عَلَى سَاتِرِ كُلِّ بَدَنِهِ فِيمَا لَوْ قَالَ الْوَارِثُ: يُكَفَّنُ بِهِ وَالْغَرِيمُ بِسَاتِرِ الْعَوْرَةِ لَيْسَ؛ لِكَوْنِهِ وَاجِبًا فِي التَّكْفِينِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: حَتَّى إذَا أَسْقَطَهُ جَازَ) زَادَ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَحَاصِلُ مَا هُنَا أَنَّهُ إذَا خَلَفَ مَالًا وَسُتِرَتْ عَوْرَتُهُ وَلَمْ يُوصِ بِتَرْكِ الزَّائِدِ سَقَطَ الْحَرَجُ عَنْ الْأُمَّةِ وَبَقِيَ حَرَجُ تَرْكِ الزَّائِدِ عَلَى الْوَرَثَةِ. اهـ. وَقَدْ يُشْكِلُ اخْتِصَاصُ حَرَجِ تَرْكِ الزَّائِدِ بِالْوَرَثَةِ وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْ الْأُمَّةَ الزَّائِدُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ.

(قَوْلُهُ: مُفَرَّعٌ إلَخْ) قَدْ يَمْنَعُ التَّفْرِيعَ وِفَاقًا لِظَاهِرِ الْمَجْمُوعِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْعَوْرَةِ مِنْ سَاتِرِ بَقِيَّةِ الْبَدَنِ غَيْرُ مُتَمَحِّضٍ لِحَقِّ الْمَيِّتِ بَلْ فِيهِ شَائِبَةُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى حَتَّى عِنْدَ الْقَائِلِ بِأَنَّ الْوَاجِبَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ أَيْ: لِمَحْضِ حَقِّ اللَّهِ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَعَلَى هَذَا مَعَ مَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ الْآتِي لَا لِلْوَارِثِ يَتَحَصَّلُ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى سَاتِرِ الْعَوْرَةِ مِنْ سَاتِرِ بَقِيَّةِ الْبَدَنِ لَا يُمْكِنُ إسْقَاطُهُ لَا بِوَصِيَّةٍ وَلَا بِمَنْعِ غَرِيمٍ أَوْ وَارِثٍ، وَأَمَّا الثَّوْبُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ فَيَسْقُطُ بِالْإِيصَاءِ وَبِمَنْعِ الْغَرِيمِ دُونَ مَنْعِ الْوَارِثِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا سَبْقُ حَقِّ الْغَرِيمِ، ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا الشِّهَابَ الرَّمْلِيَّ اعْتَمَدَ وُجُوبَ تَكْفِينِهِ بِسَاتِرِ جَمِيعِ بَدَنِهِ وَإِنْ قُلْنَا بِالِاكْتِفَاءِ بِسَاتِرِ الْعَوْرَةِ؛ لِأَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى سَتْرِهَا مَكْرُوهٌ وَلَا تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ بِالْمَكْرُوهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: يُكَفَّنُ بِثَوْبٍ) أَيْ: سَاتِرٍ لِجَمِيعِ الْبَدَنِ لِيُغَايِرَ مَا قَبْلَهُ.

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ حَقًّا لِلَّهِ) أَيْ: حَتَّى يَجِبَ فِي نَحْوِ بَيْتِ الْمَالِ كَالْوَقْفِ عَلَى التَّكْفِينِ. (قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ حَقًّا لِلْمَيِّتِ) أَيْ: مَنْدُوبًا لِلْمَيِّتِ نَدْبًا مُؤَكَّدًا وَلَمْ يُسْقِطْهُ فَيَجِبُ فِعْلُهُ لَهُ وَيَكُونُ مُسْتَثْنًى مِنْ قَاعِدَةِ إجَابَةِ الْغُرَمَاءِ فِي مَنْعِ الْمَنْدُوبِ لِتَأَكُّدِهِ. اهـ. شَرْحُ الْمَنْهَجِ وَحَوَاشِيهِ وَإِنَّمَا كَانَ مُتَأَكِّدًا لِقُوَّةِ الْخِلَافِ فِي وُجُوبِهِ. اهـ. تُحْفَةٌ وَعِبَارَتُهَا وَعَلَى مَا تَقَرَّرَ مِنْ تَأَكُّدِهِ، وَتَقَدُّمُهُ بِهِ يَحْمِلُ قَوْلَ بَعْضِ مَنْ اعْتَمَدَ الْأَوَّلَ أَنَّهُ وَاجِبٌ لِحَقِّ الْمَيِّتِ أَيْ: لِلْخُرُوجِ مِنْ عُهْدَةِ التَّكْفِينِ الْوَاجِبِ عَلَى كُلِّ مَنْ عَلِمَ بِهِ، وَإِلَّا لَمْ يَبْقَ خِلَافٌ فِي أَنَّ الْوَاجِبَ سَاتِرُهَا أَوْ السَّابِغُ فَعُلِمَ أَنَّهُ بِالسَّاتِرِ يَسْقُطُ حَرَجُ التَّكْفِينِ الْوَاجِبِ عَنْ الْأُمَّةِ، وَيَبْقَى حَرَجُ مَنْعِ حَقِّ الْمَيِّتِ عَلَى الْوَرَثَةِ أَوْ الْغُرَمَاءِ وَعَلَى مَا تَقَرَّرَ مِنْ كَوْنِهِ حَقَّهُ يَحْمِلُ تَصْرِيحَ آخَرِينَ بِأَنَّهُ يَسْقُطُ بِإِيصَائِهِ بِإِسْقَاطِهِ وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُتَوَلِّي الْقَطْعُ بِالِاكْتِفَاءِ بِسَتْرِ الْعَوْرَةِ ثُمَّ الْقَطْعُ بِأَنَّ الزَّائِدَ لَا يَسْقُطُ بِإِسْقَاطِهِ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ لِحَقِّ اللَّهِ وَفِيهِ تَنَاقُضٌ. اهـ.

(قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ حَقًّا لِلْمَيِّتِ) أَيْ: بِالنِّسْبَةِ لِلْغُرَمَاءِ فَقَوْلُهُ: عَلَى غَيْرِهِ أَيْ: الْغُرَمَاءِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَعِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَمَا فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ وُجُوبِ سَاتِرِ كُلِّ الْبَدَنِ فِيمَا لَوْ قَالَ الْوَرَثَةُ: يُكَفَّنُ بِهِ وَالْغُرَمَاءُ بِسَاتِرِ الْعَوْرَةِ لَيْسَ لِكَوْنِهِ وَاجِبًا فِي التَّكْفِينِ، بَلْ لِكَوْنِهِ حَقًّا لِلْمَيِّتِ يَتَقَدَّمُ بِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ وَلَمْ يُسْقِطْهُ. (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ أَخَلَّ بِحَقِّهِ) أَيْ: بِحَقِّ اللَّهِ. (قَوْلُهُ: حَتَّى إذَا أَسْقَطَهُ جَازَ) كَنَظِيرِهِ هُنَا وَحَاصِلُ مَا هُنَا أَنَّهُ إذَا خَلَفَ مَالًا وَسُتِرَتْ عَوْرَتُهُ وَلَمْ يُوصِ بِتَرْكِ الزَّائِدِ سَقَطَ الْحَرَجُ عَنْ الْأُمَّةِ وَبَقِيَ حَرَجُ تَرْكِ الزَّائِدِ عَلَى الْوَرَثَةِ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ) أَيْ: إنَّ اللَّهَ أَوْجَبَهُ لِلْمَيِّتِ لِنَدْبِ الزَّائِدِ لَهُ نَدْبًا مُؤَكَّدًا فَلَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ لَكِنْ هَذَا ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يُوصِ هُوَ بِإِسْقَاطِهِ، أَمَّا إذَا أَوْصَى بِهِ فَيَسْقُطُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ لَهُ وَالْكَلَامُ هُنَا أَعَمُّ مِنْ مَنْعِ الْمَيِّتِ وَالْغَرِيمِ فَالصَّوَابُ أَنَّ هَذَا جَارٍ عَلَى مَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ سَابِقًا مِنْ وُجُوبِ سَاتِرِ جَمِيعِ الْبَدَنِ وَقَوْلُهُ: حَقٌّ لِلَّهِ أَيْ: فِيهِ حَقٌّ لِلَّهِ. (قَوْلُهُ: وَمَا قَالَهُ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ إلَخْ) هُوَ مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: مِنْ الِاتِّفَاق إلَخْ) أَيْ: أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ السَّابِقِ لَكِنَّهُ أَخَلَّ بِحَقِّهِ أَيْ: الْمَيِّتِ. (قَوْلُهُ: بَلْ لِكَوْنِهِ إلَخْ) هَذَا تَعْلِيلُ الْقَائِلِ بِأَنَّ الْوَاجِبَ فِي التَّكْفِينِ لِحَقِّ اللَّهِ سَتْرُ الْعَوْرَةِ، وَأَمَّا تَعْلِيلُ الْقَائِلِ بِأَنَّ الْوَاجِبَ سَتْرُ جَمِيعِ الْبَدَنِ فَتَرَكَهُ

ص: 93

بَلْ لِكَوْنِهِ حَقًّا لِلْمَيِّتِ يَتَقَدَّمُ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ وَلَمْ يُسْقِطْهُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ السَّابِقِ.

(لَا لِلْوَارِثِ) أَيْ: لَيْسَ لَهُ مَنْعُ الثَّانِي وَالثَّالِثِ تَقْدِيمًا لِحَقِّ الْمَالِكِ وَفَارَقَ الْغَرِيمُ بِأَنَّ حَقَّهُ سَابِقٌ فَلَوْ قَالَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ: يُكَفَّنُ بِثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ وَبَعْضُهُمْ بِسَاتِرِ الْعَوْرَةِ فَقَطْ وَقُلْنَا بِجَوَازِهِ كُفِّنَ بِثَلَاثَةٍ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَوْ قَالَ بَعْضُهُمْ: يُكَفَّنُ بِثَوْبٍ وَبَعْضُهُمْ بِثَلَاثَةٍ كُفِّنَ بِهَا عَلَى الْأَصَحِّ لِمَا مَرَّ وَلَوْ اتَّفَقُوا عَلَى ثَوْبٍ فَفِي التَّهْذِيبِ يَجُوزُ وَتَبِعَهُ السُّبْكِيُّ وَفِي التَّتِمَّةِ أَنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: قَوْلُ التَّتِمَّةِ أَقْيَسُ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ فَيُكَفَّنُ فِي ثَلَاثَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ تَقْدِيمًا لِحَقِّ الْمَيِّتِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَلَوْ اتَّفَقَتْ الْوَرَثَةُ وَالْغُرَمَاءُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ جَازَ بِلَا خِلَافٍ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَآخَرُونَ، وَقَدْ يُشَكِّكُ فِيهِ إنْسَانٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ ذِمَّتَهُ تَبْقَى مُرْتَهَنَةً بِالدَّيْنِ. اهـ.

(أَوْلَاهُ فِي ثَلَاثَةٍ) أَيْ: وَأَوْلَى الْكَفَنِ لِلذَّكَرِ وَلَوْ طِفْلًا أَنْ يَكُونَ بِثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ ذَاتِ (بَيَاضِ لَفَائِفٍ) بِالصَّرْفِ لِلْوَزْنِ أَيْ: يُلَفُّ بِهَا كُلُّ بَدَنِهِ قَالَتْ عَائِشَةُ كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ يَمَانِيَّةٍ بِيضٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَأَمَّا تَكْفِينُ الْمُحْرِمِ الَّذِي وَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ فِي ثَوْبَيْنِ فَلِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرَهُمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَقَوْلُ النَّظْمِ (طَوِيلَةٍ عِرَاضِ) أَيْ: سَوَابِغُ طُولًا وَعَرْضًا مِنْ زِيَادَتِهِ (لَا إنْ يَكُنْ) كَفَنُهُ (مِنْ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ) ؛ لِفَقْدِ مَالِهِ وَمَنْ يُمَوِّنُهُ فَإِنَّهُ لَا يُزَادُ عَلَى ثَوْبٍ لِتَأَدِّي الْوَاجِبِ بِهِ، وَكَذَا إنْ كُفِّنَ مِمَّا وَقَفَ لِلتَّكْفِينِ، كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ وَإِنْ كَفَّنَهُ مَنْ يُمَوِّنُهُ فَلَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى ثَوْبٍ

(وَجَازَ أَنْ يُزَادَ لِلرِّجَالِ)

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: قَوْلُ التَّتِمَّةِ إلَخْ) فَرْعٌ حَاصِلُ الْمَنْقُولِ وُجُوبُ التَّكْفِينِ فِي اللَّفَائِفِ الثَّلَاثِ حَيْثُ وَقْتُ التَّرِكَةِ، وَلَا إيصَاءَ بِتَرْكِ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدِ وَلَا مَنْعَ مِنْ الْغَرِيمِ لَكِنْ هَلْ يَثْبُتُ هَذَا الْحُكْمُ لِتَكْفِينِ الذِّمِّيِّ أَيْضًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْإِطْلَاقِ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الثُّبُوتُ

(قَوْلُهُ: أَوْلَاهُ فِي ثَلَاثَةٍ) لَا يُقَالُ أَوْلَوِيَّةُ الثَّلَاثَةِ تُنَافِي وُجُوبَهَا حَيْثُ لَا إيصَاءَ بِتَرْكِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ وَلَا مَنْعَ غَرِيمٍ مِنْهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا لِلْوَارِثِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَا مُنَافَاةَ إمَّا؛ لِأَنَّ الْأَوْلَوِيَّةَ بِاعْتِبَارِ الِاقْتِصَارِ عَلَيْهَا أَيْ: الْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَيْهَا وَعَدَمُ الزِّيَادَةِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ: وَجَازَ أَنْ يُزَادَ إلَخْ وَإِمَّا؛ لِأَنَّهَا بِاعْتِبَارِ وَصْفِ الثَّلَاثَةِ بِقَوْلِهِ: بَيَاضٌ إلَخْ وَإِمَّا بِاعْتِبَارِ حَقِّ الْمَيِّتِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ وَذَلِكَ لَا يُنَافِي وُجُوبَهَا بِشَرْطِهِ وَاعِلْم أَنَّا حَيْثُ قُلْنَا بِوُجُوبِ الثَّلَاثِ اُشْتُرِطَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهَا سَاتِرًا لِجَمِيعِ الْبَدَنِ فَلَا يَكْفِي عَنْهَا إزَارٌ، وَرِدَاءٌ وَلِفَافَةٌ سم. (قَوْلُهُ: أَيْ: سَوَابِغُ) أَيْ: بِالنِّسْبَةِ لِلْمَيِّتِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ بَعْضَهَا قَدْ يَزِيدُ عَلَى بَعْضٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ: يَبْسُطُ أَحْسَنَ اللَّفَائِفِ وَأَوْسَعَهَا، بَلْ مِنْ لَازِمِ طَلَبِ سُبُوغِ كُلِّ وَاحِدَةٍ لِلْمَيِّتِ تُفَارِقُهَا، وَإِلَّا لَمْ يُمْكِنْ سُبُوغُ الثَّانِي بَعْدَ الْأَوَّلِ، وَالثَّالِثِ بَعْدَ الْأَوَّلَيْنِ، فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: بِبَيْتِ الْمَالِ) أَيْ: أَوْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ. (قَوْلُهُ: لِتَأَدِّي الْوَاجِبِ) بَلْ قِيَاسُ كَوْنِ الْإِمَامِ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَالْوَلِيِّ امْتِنَاعُ الزِّيَادَةِ عَلَى ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَيُحْتَمَلُ الْجَوَازُ

لِمَصْلَحَةِ

الْمَيِّتِ الْمُسْتَحِقِّ مِنْ بَيْنَ الْمَالِ. (قَوْلُهُ: وَجَازَ أَنْ يُزَادَ لِلرِّجَالِ إلَخْ) فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بَعْدَ ذِكْرِ الرَّوْضِ مِثْلُ مَا فِي الْمَتْنِ وَلَيْسَتْ زِيَادَتُهُمَا مَكْرُوهَةً لَكِنَّهَا خِلَافُ

ــ

[حاشية الشربيني]

لِظُهُورِهِ وَإِنْ كَانَ الِاتِّفَاقُ مِنْهُمَا جَمِيعًا تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُسْقِطْهُ) يُفِيدُ أَنَّهُ يَسْقُطُ بِإِسْقَاطِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْوَاجِبَ لِحَقِّ اللَّهِ سَتْرُ الْعَوْرَةِ فَقَطْ وَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ م ر.

(قَوْلُهُ: كُفِّنَ بِثَلَاثَةٍ) ظَاهِرُهُ بِلَا خِلَافٍ إلْغَاءٌ لِقَوْلِ الْوَارِثِ بِسَاتِرِ الْعَوْرَةِ. (قَوْلُهُ: كُفِّنَ بِهَا عَلَى الْأَصَحِّ) لَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ لِلْوَرَثَةِ الِاتِّفَاقَ عَلَى الْوَاحِدَةِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُشَكِّكُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: رِضَا الْغُرَمَاءِ بِذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى رَجَاءِ إبْرَائِهِمْ لَهُ أَوْ عَدَمِ مُطَالَبَتِهِ فِي الْآخِرَةِ فَلَا تَكُونُ ذِمَّتُهُ مَرْهُونَةً فَتَأَمَّلْ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَيْ: لِأَنَّهُ خَلَفَ وَفَاءً فَلَمْ يُقَصِّرْ

(قَوْلُهُ: وَأَوْلَاهُ) بِالنِّسْبَةِ لِلزِّيَادَةِ الْآتِيَةِ أَوْ مَنْعُ الْمَيِّتِ وَالْغَرِيمِ وَإِنْ كَانَتْ الثَّلَاثَةُ عِنْدَ عَدَمِ الْمَنْعِ وَاجِبَةً. اهـ. جَمَلٌ عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَأَوْلَاهُ ثَلَاثَةٌ) وَلَوْ كَانَ فِي التَّرِكَةِ قَاصِرٌ أَوْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ. اهـ. م ر وَجَمَلٌ.

(قَوْلُهُ: لَفَائِفٍ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: نَدْبًا وَقَالَ شَيْخُنَا م ر: وُجُوبًا وَلَا يُجَابُ الْوَرَثَةُ لَوْ طَلَبُوا غَيْرَهَا أَوْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ وَهَذَا عِنْدَ الِاقْتِصَارِ عَلَيْهَا فَلَا يُنَافِي مَا بَعْدَهُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَكَتَبَ شَيْخُنَا الذَّهَبِيُّ رحمه الله عَلَى قَوْلِهِ فَلَا يُنَافِي مَا بَعْدَهُ أَيْ: بِالنِّسْبَةِ لِلْمَرْأَةِ اهـ فَيُفِيدُ أَنَّ الثَّلَاثَ لَفَائِفَ وَاجِبَةٌ فِي الرَّجُل سَوَاءٌ زِيدَ عَلَيْهَا أَوْ لَا. (قَوْلُهُ: فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ) فِي شَرْحِ م ر بَعْدَ لَفْظِ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ زَادَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الشَّمَائِلِ مِنْ كُرْسُفٍ قَالَ وَالسَّحُولِيَّةُ بِالْفَتْحِ عَلَى الْأَشْهَرِ الْأَكْثَرِ مَنْسُوبَةٌ إلَى السَّحُولِ وَهُوَ الْقَصَّارُ؛ لِأَنَّهُ يُسْحِلُهَا أَيْ: يَغْسِلُهَا أَوْ إلَى سَحُولَ قَرْيَةٍ بِالْيُمْنِ وَبِالضَّمِّ جَمْعُ سُحُلٍ وَهُوَ الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ النَّقِيُّ وَلَا يَكُونُ إلَّا مِنْ قُطْنٍ وَفِيهِ شُذُوذٌ؛ لِأَنَّهُ نَسَبٌ إلَى الْجَمْعِ وَقِيلَ: اسْمُ الْقَرْيَةِ بِالضَّمِّ أَيْضًا وَالْكُرْسُفُ بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَضَمٍّ الْقُطْنُ. اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ) أَيْ: أَنَّهُمَا لَيْسَا فِي كَفَنِهِ أَصْلًا وَقَالَتْ الْمَالِكِيَّةُ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ أَيْ: أَنَّهُمَا لَمْ يَعُدَّا مِنْ الثَّلَاثَةِ مَعَ أَنَّهُمَا مَوْجُودَانِ فِي الْكَفَنِ. اهـ. شَيْخُنَا قُوَيْسَنِيٌّ. اهـ. مَرْصَفِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: وَجَازَ أَنْ يُزَادَ إلَخْ) وَلَوْ تَعَدَّدَ الْمُتَبَرِّعُ بِالْأَكْفَانِ كَمَا يَقَعُ فِي مَوْتِ

ص: 94

عَلَى الثَّلَاثَةِ (عِمَامَةٌ مَا وَقَمِيصٌ) يُجْعَلَانِ تَحْتَهَا لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَفَّنَ ابْنًا لَهُ فِي خَمْسَةِ أَثْوَابٍ قَمِيصٍ وَعِمَامَةٍ وَثَلَاثِ لَفَائِفَ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ قَالَ فِي الْمُهَذَّبِ وَشَرْحِهِ وَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَكُونَ فِي الْكَفَنِ قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ فَإِنْ كَانَ لَمْ يُكْرَهْ، لَكِنَّهُ خِلَافٌ الْأَوْلَى لِخَبَرِ عَائِشَةَ السَّابِقِ

(وَالْأَحَبْ لِامْرَأَةِ خَمْسٌ) مِنْ الثِّيَابِ مُبَالَغَةً فِي سَتْرِهَا، وَقَدْ «أَعْطَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْغَاسِلَاتِ فِي تَكْفِينِ ابْنَتِهِ الْحِقَا، ثُمَّ الدِّرْعَ، ثُمَّ الْخِمَارَ، ثُمَّ الْمِلْحَفَةَ، ثُمَّ أُدْرِجَتْ فِي الثَّوْبِ الْآخَرِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَالْحِقَا بِكَسْرِ الْحَاءِ الْإِزَارُ وَالدِّرْعُ الْقَمِيصُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْخَمْسَةِ فِي حَقِّهِمَا وَلَوْ قِيلَ بِتَحْرِيمِهَا؛ لِأَنَّهَا إضَاعَةُ مَالٍ غَيْرَ مَأْذُونٍ فِيهِ لَمْ يَبْعُدْ. اهـ. وَبِالتَّحْرِيمِ جَزَمَ ابْنُ يُونُسَ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ الْأَصَحُّ الْمُخْتَارُ وَعِبَارَةُ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ الْجُرْجَانِيُّ وَالْغَزَالِيُّ وَالزِّيَادَةُ عَلَى الْخَمْسَةِ مَمْنُوعَةٌ. اهـ. وَالْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ فِيمَا ذُكِرَ (فَإِنْ يَمْنَعُ يَجِبُ) مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْ: فَإِنْ مَنَعَ الْوَارِثُ الزِّيَادَةَ عَلَى الثَّلَاثَةِ أُجِيبَ إلَى مَنْعِهِ بِالِاتِّفَاقِ، كَمَا حَكَاهُ النَّوَوِيُّ عَنْ الْإِمَامِ وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ الْخَمْسَةَ لَيْسَتْ مُتَأَكِّدَةً فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ كَتَأَكُّدِ الثَّلَاثَةِ فِي حَقِّ الرَّجُلِ حَتَّى يُجْبَرَ الْوَارِثُ عَلَيْهَا كَمَا يُجْبَرُ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا (وَهِيَ) أَيْ: الْخَمْسَةُ (إزَارٌ) أَوَّلُ (وَالْقَمِيصُ ثَانِي ثُمَّ خِمَارٌ وَ) بَعْدَهُ (لِفَافَتَانِ) فَإِنْ كُفِّنَتْ فِي ثَلَاثَةٍ سُنَّ كَوْنُهَا لَفَائِفَ (بِيضٌ) أَيْ: الْخَمْسَةُ الْمَذْكُورَةُ

ــ

[حاشية العبادي]

الْأَوْلَى كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ» . اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ: هُنَا قَالَ فِي الْمُهَذَّبِ وَشَرْحِهِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: فِي خَمْسَةِ أَثْوَابٍ) فِي الْقُوتِ مَا نَصُّهُ: وَلَا خَفَاءَ أَنَّ مَوْضِعَ جَوَازِ الْخَمْسَةِ لِلرَّجُلِ مَا إذَا كَانَ الْوَرَثَةُ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ وَرَضُوا أَيْ: بِخِلَافِ الثَّلَاثَةِ، أَمَّا لَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِسَفَهٍ أَوْ غَائِبًا أَوْ كَانَ الْوَارِثُ بَيْتَ الْمَالِ فَلَا؛ لِأَنَّهُ يُكَفَّنُ مِنْهُ بِثَوْبٍ فَقَطْ لَا فِي ثَلَاثَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ. اهـ. وَفِيهِ أَيْضًا وَإِنْ زَادَ الْكَفَنُ فِي الْعَدَدِ فَلَهُمْ النَّبْشُ لِإِخْرَاجِ الزَّائِدِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الزَّائِدَ عَلَى الثَّلَاثِ، ثُمَّ قَالَ: وَلْيَنْظُرْ فِيمَا إذَا كَانَ الْكَفَنُ مَرْهُونًا وَطَلَبَ الْمُرْتَهِنُ إخْرَاجَهُ وَالْقِيَاسُ غُرْمُ الْقِيمَةِ لَهُ فَإِنْ تَعَذَّرَتْ نُبِشَ وَأُخْرِجَ مَا لَمْ تَسْقُطْ قِيمَتُهُ بِالْبَلَاءِ. اهـ. وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُكَفَّنُ مِنْهُ بِثَوْبٍ وَاحِدٍ يُوهِمُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْوَارِثُ بَيْتَ الْمَالِ اقْتَصَرَ عَلَى ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، بَلْ الْوَجْهُ وُجُوبُ الثَّلَاثِ وَإِنَّمَا يَجُوزُ الِاخْتِصَارُ عَلَى ثَوْبٍ وَاحِدٍ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ تَرِكَةٌ فَلْيُتَأَمَّلْ وَقَوْلُهُ: إنَّ الْمُرَادَ الزَّائِدُ عَلَى الثَّلَاثِ أَيْ: لِأَنَّ لَهُمْ الْمَنْعَ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا.

(قَوْلُهُ: وَبِالتَّحْرِيمِ إلَخْ) وَلَا شَكَّ فِيهِ وَفِي عَدِمِ التَّعَوُّذِ إذَا كَانَ فِي الْوَرَثَةِ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: مَنَعَ الْوَارِثُ الزِّيَادَةَ إلَخْ) شَامِلٌ لِلزِّيَادَةِ عَلَى الثَّلَاثَةِ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وَبِهَذَا عُلِمَ إلَخْ وَصَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَقَالَ: أَمَّا مَنْعُهُ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَلَوْ فِي الْمَرْأَةِ فَجَائِزٌ بِالِاتِّفَاقِ كَمَا حَكَاهُ الْإِمَامُ. اهـ. (قَوْلُهُ: حَتَّى يُجْبَرَ الْوَارِثُ عَلَيْهَا إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى الثَّلَاثَةِ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ أَيْضًا يَتَوَقَّفُ عَلَى رِضَا الْوَرَثَةِ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِيهِمْ مَحْجُورٌ امْتَنَعَتْ

ــ

[حاشية الشربيني]

الصَّالِحِينَ وَجَبَ وَضْعُ الْجَمِيعِ وَإِنْ زَادَ عَلَى الْخَمْسِ فَإِنْ وَضَعُوا الْبَعْضَ حَرُمَ وَوَجَبَ رَدُّ الْبَاقِي إلَى الْمُتَبَرِّعِ بِهِ إلَّا إنْ عَلِمُوا أَنَّهُ قَصَدَهُمْ بِهِ. اهـ. شَيْخُنَا قُوَيْسَنِيٌّ. اهـ. مَرْصَفِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ لَكِنْ فِي ع ش عَلَى م ر أَنَّهُ يُكَفَّنُ فِي وَاحِدٍ وَيُرَدُّ الْبَاقِي لِمَالِكِهِ مَا لَمْ يَتَبَرَّعْ بِهِ لِلْوَارِثِ أَوْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ قَصَدَهُ دُونَ الْمَيِّتِ فَإِنْ كَفَّنَهُ الْوَارِثُ فِي الْجَمِيعِ جَازَ إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى رِضَا الْوَاقِفِينَ كَنَحْوِ اعْتِقَادِهِمْ صَلَاحَ الْمَيِّتِ، وَإِلَّا كُفِّنَ فِي وَاحِدٍ بِاخْتِيَارِ الْوَارِثِ، وَفَعَلَ بِالْبَاقِي مَا سَبَقَ، وَلَا يَكْفِي فِي عَدَمِ وُجُوبِ الرَّدِّ جَرَيَانُ الْعَادَةِ بِأَنَّ مَنْ دَفَعَ شَيْئًا لِذَلِكَ لَا يَرْجِعُ فِيهِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ قَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى رِضَا الدَّافِعِ بِعَدَمِ الرَّدِّ.

(قَوْلُهُ: وَجَازَ أَنْ يُزَادَ) أَيْ: فِي غَيْرِ الْمُحْرِمِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَقَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الْمُحْرِمِ أَيْ: بِالنِّسْبَةِ لِلْقَمِيصِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْبَسُ الْمَخِيطَ م ر وَانْظُرْ لَمَّا اقْتَصَرَ عَلَى التَّقْمِيصِ مَعَ أَنَّهُ يَمْنَعُ سَتْرَ رَأْسِهِ هُنَا كَمَا فِي الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: عَلَى الثَّلَاثَةِ) أَيْ: اللَّفَائِفِ فَاللَّفَائِفُ الثَّلَاثَةُ وَاجِبَةٌ فِي الرَّجُلِ وَلَا يَكْفِي الْقَمِيصُ عَنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ إذَا كُفِّنَتْ فِي خَمْسَةٍ، فَإِنَّ الْقَمِيصَ قَائِمٌ مَقَامَ لِفَافَةٍ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الْآتِي وَالْمِلْحَفَةُ وَالثَّوْبُ لِفَافَتَانِ فَلْيُرَاجَعْ

(قَوْلُهُ: الْمِلْحَفَةُ لِفَافَةٌ) وَكَذَا الثَّوْبُ الْمَذْكُورُ مَعَهَا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: وَتُكْرَهُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ م ر. (قَوْلُهُ: سُنَّ كَوْنُهَا لَفَائِفَ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ ثُمَّ إنْ كُفِّنَ الرَّجُلُ أَوْ الْمَرْأَةُ فِي ثَلَاثَةٍ فَالْمُسْتَحَبُّ ثَلَاثُ لَفَائِفَ وَإِنْ كُفِّنَ الرَّجُلُ فِي خَمْسَةٍ فَثَلَاثُ لَفَائِفَ وَقَمِيصٌ وَعِمَامَةٌ وَيُجْعَلَانِ تَحْتَ اللَّفَائِفِ وَإِنْ كُفِّنَتْ الْمَرْأَةُ فِي خَمْسَةٍ فَإِزَارٌ إلَخْ مَا هُنَا اهـ لَكِنْ اعْتَمَدَ م ر وُجُوبَ اللَّفَائِفِ وَلَعَلَّهُ مُرَاعَاةً لِلْمُسْتَحَبِّ فِي حَقِّ الْمَيِّتِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي وُجُوبِ مَا زَادَ عَلَى سَاتِرِ الْعَوْرَةِ فَلَا خِلَافَ فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: سُنَّ كَوْنُهَا لَفَائِفَ) عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ وَمَنْ كُفِّنَ بِثَلَاثَةٍ فَهِيَ لَفَائِفُ قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ: هَلْ يُعْتَبَرُ لَهُ مَفْهُومٌ حَتَّى لَوْ أَرَادَ الْوَرَثَةُ ثَلَاثَةً لَا عَلَى هَيْئَةِ اللَّفَائِفِ لَا يُجَابُونَ أَوَّلًا يُعْتَبَرُ فَيُجَابُونَ قَالَ فِي الْإِسْعَادِ: الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ نَظَرًا إلَى تَنْقِيصِ الْمَيِّتِ وَالِاسْتِهَانَةِ بِهِ لِمُخَالَفَةِ السُّنَّةِ فِي كَفَنِهِ اهـ أَيْ: فَهِيَ سُنَّةٌ يَجِبُ عَلَى الْوَارِثِ فِعْلُهَا كَمَا فِي تَثْلِيثِ الْكَفَنِ. (قَوْلُهُ: سُنَّ كَوْنُهَا لَفَائِفَ) كَذَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ سَوَاءٌ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ وَمَشَى م ر عَلَى وُجُوبِ اللَّفَائِفِ فِيمَا إذَا كُفِّنَ الْمَيِّتُ فِي ثَلَاثَةٍ سَوَاءٌ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ قَالَ شَيْخُنَا ذ رحمه الله وَكَذَا إذَا كُفِّنَ الرَّجُلُ فِيمَا زَادَ لَا بُدَّ مِنْ اللَّفَائِفِ الثَّلَاثِ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ، ثُمَّ ظَاهِرُ كَلَامِ شَرْحِ م ر وُجُوبُ سَتْرِ كُلٍّ مِنْ اللَّفَائِفِ لِجَمِيعِ الْبَدَنِ وَسَيَأْتِي فِي عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ. (قَوْلُهُ: بِيضٌ) وَيُسَنُّ الْأَبْيَضُ وَإِنْ أَوْصَى بِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَئِمَّةُ إلَخْ) وَقَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ: يُشَدُّ عَلَيْهَا ثَوْبٌ مِنْ الْخَمْسَةِ وَيُتْرَكُ

ص: 95

قَالَ صلى الله عليه وسلم «الْبِسُوا مِنْ ثِيَابِكُمْ الْبَيَاضَ فَإِنَّهَا خَيْرُ ثِيَابِكُمْ وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَيُشَدُّ عَلَى صَدْرِ الْمَرْأَةِ ثَوْبٌ؛ لِئَلَّا يَضْطَرِبَ ثَدْيَاهَا عِنْدَ الْحَمْلِ فَتَنْتَشِرُ الْأَكْفَانُ قَالَ الْأَئِمَّةُ: وَهَذَا ثَوْبٌ سَادِسٌ لَيْسَ مِنْ الْأَكْفَانِ يُشَدُّ فَوْقَهَا وَيُحَلُّ عَنْهَا فِي الْقَبْرِ (وَلِلْأُنْثَى الْحَرِيرُ يُكْرَهُ) ؛ لِأَنَّهُ سَرَفٌ لَا يَلِيقُ بِالْحَالِ بِخِلَافِهِ فِي الْحَيَاةِ وَهَذَا قَدَّمْتُهُ مَعَ زِيَادَةٍ.

(ثُمَّ لِيَبْسُطَ) أَيْ: الْمُكَفِّنُ أَحْسَنَ الْأَكْفَانِ وَأَوْسَعَهَا، كَمَا يُظْهِرُ الْحَيُّ أَحْسَنَ ثِيَابِهِ وَأَوْسَعَهَا، ثُمَّ الثَّانِي ثُمَّ الَّذِي يَلِي الْمَيِّتَ (وَالْحَنُوطَ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَيُقَالُ لَهُ: الْحِنَاطُ بِكَسْرِهَا أَنْوَاعٌ مِنْ طِيبٍ يُجْمَعُ لِلْمَيِّتِ وَلَا يُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِهِ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: وَيَدْخُلُ فِيهِ الْكَافُورُ وَذَرِيرَةُ الْقَصَبِ وَالصَّنْدَلُ الْأَحْمَرُ وَالْأَبْيَضُ (ذَرَّهُ) بِالْمُعْجَمَةِ عَلَى كُلِّ مِنْ الْأَكْفَانِ الثَّلَاثَةِ؛ لِئَلَّا يُسْرِعَ بَلَاؤُهَا مِنْ بَلَلٍ يُصِيبُهَا وَيُزَادُ عَلَى الَّذِي يَلِيهِ كَافُورٌ؛ لِدَفْعِ الْهَوَامِّ.

(ثُمَّ لِيَضَعهُ) أَيْ: الْمَيِّتَ (رَافِقًا) أَيْ: بِرِفْقٍ (عَلَيْهِ) أَيْ: الْكَفَنِ (مُسْتَلْقِيًا) عَلَى قَفَاهُ بِحَيْثُ يَكُونُ الْفَاضِلُ عِنْدَ رَأْسِهِ أَكْثَرَ كَالْحَيِّ وَلِخَبَرِ مُصْعَبٍ السَّابِقِ وَذِكْرُ الرِّفْقِ وَالِاسْتِلْقَاءِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ (وَدُسَّ فِي أَلْيَيْهِ) قُطْنٌ حَلِيجٌ عَلَيْهِ حَنُوطٌ وَكَافُورٌ حَتَّى يَتَّصِلَ بِالْحَلْقَةِ؛ لِيَرُدَّ مَا يَخْرُجُ بِتَحْرِيكِهِ وَلَا يُدْخِلُهُ بَاطِنَهُ كَذَا عَبَّرَ الشَّيْخَانِ وَعِبَارَةُ السُّبْكِيّ وَيُكْرَهُ أَنْ يَدُسَّ إلَى دَاخِلِ الْحَلْقَةِ عَلَى الصَّحِيحِ وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ عُمُومِ كَلَامِهِمْ الْآتِي فِي الْمَنَافِذِ، ثُمَّ يَشُدُّ أَلْيَيْهِ بِأَنْ يَأْخُذَ خِرْقَةً وَيَشُقُّ رَأْسَهَا وَيَجْعَلُ وَسَطَهَا عِنْدَ أَلْيَيْهِ وَعَانَتِهِ وَيَشُدُّهَا فَوْقَ السُّرَّةِ بِأَنْ يَرُدَّ مَا يَلِي ظَهْرَهُ إلَى سُرَّتِهِ وَيَعْطِفُ الشِّقَّيْنِ الْآخَرَيْنِ عَلَيْهِ وَلَوْ شَدَّ شِقًّا مِنْ كُلِّ رَأْسٍ عَلَى فَخِذٍ وَمِثْلُهُ عَلَى الْآخَرِ جَازَ، وَلَمَّا كَانَ الدُّبُرُ أَكْثَرَ مَظِنَّةً لِخُرُوجِ الْخَارِجِ الْأَفْحَشِ صَرَّحَ بِحُكْمِهِ وَإِنْ شَمَلَهُ قَوْلُهُ.

(ثُمَّ لِيُلْصَقْ بِمَنَافِذِ الْبَدَنْ) وَمَسَاجِدِهِ (قُطْنٌ) حَلِيجٌ (بِكَافُورٍ) أَيْ: مَعَ كَافُورٍ وَحَنُوطٍ دَفْعًا لِلْهَوَامِّ وَتَكْرِمَةً لِمَسَاجِدِهِ فَقَوْلُهُ: قُطْنٌ بِكَافُورٍ تُنَازِعُهُ دُسَّ وَيُلْصَقُ وَيُكْرَهُ حَشْوُ الْمَنَافِذِ بِهِ وَيُسَنُّ أَنْ يُحَنِّطَ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ بِالْكَافُورِ وَلَوْ حَنَّطَهُ بِالْمِسْكِ فَلَا بَأْسَ.

(وَبُخِّرَ الْكَفَنْ لِغَيْرِ مُحْرِمٍ بِعُودٍ) وَنَحْوِهِ بِأَنْ يَجْعَلَ الْكَفَنَ عَلَى أَعْوَادٍ، ثُمَّ يُبَخَّرُ كَمَا يُبَخَّرُ ثِيَابُ الْحَيِّ قَالَ فِي الْمَجْمُوعُ: وَيُسْتَحَبُّ كَوْنُ الْعُودِ غَيْرَ مُطَيَّبٍ بِالْمِسْكِ وَأَنْ يُبَخَّرَ ثَلَاثًا لِقَوْلِهِ «صلى الله عليه وسلم إذَا جَمَّرْتُمْ الْمَيِّتَ فَجَمِّرُوهُ ثَلَاثًا» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَخَرَجَ بِغَيْرِ الْمُحْرِمِ الْمَزِيدُ عَلَى الْحَاوِي هُنَا الْمُحْرِمُ فَلَا يُبَخَّرُ وَلَا يُطَيَّبُ لِمَا مَرَّ وَلَوْ قَدَّمَ تَبْخِيرَ الْكَفَنِ عَلَى بَسْطِهِ وَذَرِّ الْحَنُوطِ عَلَيْهِ كَانَ أَوْلَى؛ لِتَقَدُّمِهِ عَلَيْهِمَا فِي الْوُجُودِ

(وَيُلَفُّ) أَيْ: الْكَفَنُ عَلَيْهِ؛ لِئَلَّا يَنْحَلَّ بِأَنْ يُثْنَى مِنْ الْكَفَنِ الَّذِي يَلِيهِ طَرَفُهُ الَّذِي يَلِي شِقَّهُ الْأَيْسَرَ عَلَى الْأَيْمَنِ وَالْأَيْمَنَ عَلَى الْأَيْسَرِ، كَمَا يَفْعَلُ الْحَيُّ بِالْقَبَاءِ، ثُمَّ يَلُفُّ الثَّانِيَ وَالثَّالِثَ كَذَلِكَ وَيَجْمَعُ الْفَاضِلَ عِنْدَ رَأْسِهِ جَمْعَ الْعِمَامَةِ وَيَرُدُّ عَلَى وَجْهِهِ وَصَدْرِهِ إلَى حَيْثُ يَبْلُغُ وَمَا فَضَلَ عِنْدَ رِجْلَيْهِ يُجْعَلُ عَلَى الْقَدَمَيْنِ وَالسَّاقَيْنِ (وَشُدَّ) كَفَنُهُ بِشِدَادٍ لِئَلَّا يَنْتَشِرَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَلِخَبَرِ مُصْعَبٍ) حَيْثُ أَمَرَ فِيهِ بِسَتْرِ رَأْسِهِ بِالنَّمِرَةِ وَوَضْعِ الْإِذْخِرِ عَلَى رِجْلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: فَلَا بَأْسَ) فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَوْلَوِيَّةِ الْكَافُورِ

(قَوْلُهُ: غَيْرُ مُطَيَّبٍ بِالْمِسْكِ) كَانَ وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْعُودَ أَوْلَى فَطَلَبَ تَمَحُّضَهُ

(قَوْلُهُ: وَيُرَدُّ عَلَى وَجْهِهِ وَصَدْرِهِ) فَقَوْلُهُ: جَمْعَ الْعِمَامَةِ كَأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُجْمَعُ فِي مَوْضِعِ

ــ

[حاشية الشربيني]

وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ. اهـ. رَوْضَةٌ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا ثَوْبٌ سَادِسٌ) يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ: لِئَلَّا تَضْطَرِبَ الْأَكْفَانُ: أَنَّهُ يَكْفِي كَوْنُهُ سَاتِرًا لِجَمِيعِ الثَّدْيَيْنِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَعُمَّ الْبَدَنَ وَلَا مُعْظَمَهُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي نَحْوَ عِصَابَةٍ قَلِيلَةِ الْعَرْضِ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ إزْرَاءً وَأَنَّهُ يُسَنُّ كَوْنُهُ سَاتِرًا لِجَمِيعِ صَدْرِ الْمَرْأَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّ الصَّغِيرَةَ الَّتِي لَا ثَدْيَ لَهَا يَنْتَشِرُ لَا يُسَنُّ لَهَا ذَلِكَ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: وَأَوْسَعَهَا) أَيْ: وَأَطْوَلَهَا وَقَوْلُهُمْ: يُسَنُّ أَنْ تَكُونَ مُتَسَاوِيَةً أَيْ: فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهَا يَسْتُرُ جَمِيعَ الْبَدَنِ لَا أَنَّ الْأَسْفَلَ مِنْ سُرَّتِهِ لِرُكْبَتِهِ وَالثَّانِي مِنْ عُنُقِهِ إلَى كَعْبِهِ وَالثَّالِثُ يَسْتُرُ جَمِيعَ بَدَنِهِ كَمَا هُوَ وَجْهٌ. اهـ. م ر وَكَوْنُ ذَلِكَ سُنَّةً لَا يُنَافِي وُجُوبَ فِعْلِهِ عَلَى الْوَارِثِ كَمَا مَرَّ فِي تَثْلِيثِ الْكَفَنِ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ بَعْدَ حِكَايَةِ الْوَجْهِ السَّابِقِ مِنْ وَجْهَيْنِ وَأَصَحُّهُمَا تَكُونُ مُتَسَاوِيَةً فِي الطُّولِ وَالْعَرْضِ يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا جَمِيعَ بَدَنِهِ وَلَا فَرْقَ فِي التَّكْفِينِ فِي الثَّلَاثِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَإِنَّمَا يَفْتَرِقَانِ فِي الْخَمْسَةِ كَمَا تَقَدَّمَ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ) قَالَ الْمُتَوَلِّي: إلَّا أَنْ تَكُونَ بِهِ عِلَّةٌ يَخَافُ أَنْ يُحْرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ بِسَبَبِهَا عِنْدَ تَحْرِيكِهِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ وَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ إنْ ظَهَرَ مِمَّا أَدْخَلَ حِينَئِذٍ شَيْءٌ وَقَالَ شَيْخُنَا: تَصِحُّ لِلضَّرُورَةِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

(قَوْلُهُ: وَمَسَاجِدِهِ) أَيْ: مَوَاضِعِ سُجُودِهِ. اهـ. ع ش

(قَوْلُهُ: لِغَيْرِ مُحْرِمٍ) وَلَوْ لِمُحِدَّةٍ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَدَّمَ) أَيْ: الْمُصَنِّفُ

(قَوْلُهُ: وَيُشَدُّ إلَخْ) أَيْ: فِي غَيْرِ مُحْرِمٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْعَقْدِ الْمُحَرَّمِ عَلَيْهِ. اهـ. وَانْظُرْ شَدَّ الْأَلْيَيْنِ السَّابِقَ وَقَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الْمُحْرِمِ أَيْ: إنْ كَانَ الشَّدُّ بِنَحْوِ عَقْدٍ مِمَّا يَحْرُمُ فِي الْحَيَاةِ بِخِلَافٍ

ص: 96

عِنْدَ الْحَمْلِ (وَالشِّدَادُ فِي الْقَبْرِ صُرِفْ) أَيْ: أَزَالَهُ عَنْ الْمَيِّتِ فِي الْقَبْرِ وَاضِعُهُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ فِي الْقَبْرِ شَيْءٌ مَعْقُودٌ.

(وَجَهَّزَ الزَّوْجَةَ) وُجُوبًا وَإِنْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً، أَوْ غَنِيَّةً (زَوْجٌ) لَهَا (وَ) قَدْ (احْتَمَلْ) بِفَتْحِ التَّاءِ مَالُهُ تَجْهِيزَهَا كَالْقَرِيبِ وَالسَّيِّدِ بِجَامِعِ وُجُوبِ نَفَقَةِ الْحَيَاةِ فَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْ مَالُهُ ذَلِكَ جُهِّزَتْ مِنْ مَالِهَا كَغَيْرِهَا وَإِنْ احْتَمَلَ بَعْضُهُ كَمَّلَ مِنْ مَالِهَا وَالتَّقْيِيدُ بِذَلِكَ زَادَهُ النَّاظِمُ وَفِي نُسْخَةٍ احْتَمَلَ بِلَا وَاوٍ وَتَعْبِيرُهُ بِالتَّجْهِيزِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ الْحَاوِي بِالتَّكْفِينِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ لَمْ تَجِبْ نَفَقَتُهَا لِنُشُوزٍ أَوْ صِغَرٍ، أَوْ نَحْوِهِمَا فَلَا يَلْزَمُهُ تَجْهِيزُهَا وَكَالزَّوْجَةِ خَادِمُهَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي النَّفَقَاتِ، وَكَذَا الْبَائِنُ الْحَامِلُ وَلَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَدَّخِرَ لِنَفْسِهِ كَفَنًا؛ لِئَلَّا يُحَاسَبَ عَلَيْهِ إلَّا إذَا كَانَ مِنْ أَثَرِ بَعْضِ أَهْلِ الْخَيْرِ، أَوْ مِنْ جِهَةٍ يَقْطَعُ بِحِلِّهَا فَيَحْسُنُ ذَلِكَ، وَقَدْ صَحَّ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ فِعْلُهُ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَهَلْ لِلْوَارِثِ إبْدَالُهُ فِيهِ وَجْهَانِ بَنَاهُمَا الْقَاضِي عَلَى مَا لَوْ قَالَ اقْضِ

ــ

[حاشية العبادي]

جَمْعِ الْعِمَامَةِ قَوْلُهُ: وَجَهَّزَ الزَّوْجَةَ وَالْبَائِنَ الْحَامِلَ كَمَا يَأْتِي

(قَوْلُهُ: تَجْهِيزَهَا) وَلَوْ بِمَا وَرِثَهُ مِنْهَا م ر وَالْوَاجِبُ لِلزَّوْجَةِ ثَوْبٌ وَاحِدٌ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ: وَإِنْ كَفَّنَهُ مَنْ يُمَوِّنُهُ فَلَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَلِهَذَا اعْتَرَضَ تَعْبِيرَ الرَّوْضِ بِقَوْلِهِ: وَلَا يَلْزَمُ الْقَرِيبَ وَبَيْتَ الْمَالِ إلَّا ثَوْبٌ؛ لِأَنَّ فِيهِ قُصُورًا؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ وَالسَّيِّدَ كَذَلِكَ. اهـ.

وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الزَّوْجَ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى ثَوْبٍ لَمْ يَجِبْ الثَّانِي وَالثَّالِثُ مِنْ تَرِكَتِهَا وَلَوْ غَنِيَّةً لَكِنْ يَنْبَغِي اسْتِحْبَابُ ذَلِكَ وَلَوْ قَدَرَ الزَّوْجُ عَلَى بَعْضِ الثَّوْبِ الْوَاحِدِ فَقَطْ وَجَبَ التَّكْمِيلُ مِنْ تَرِكَتِهَا وَوَجَبَ حِينَئِذٍ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ؛ لِتَعَلُّقِ التَّكْفِينِ بِمَالِهَا حِينَئِذٍ هَذَا الَّذِي يُتَّجَهُ م ر. (فَرْعٌ) هَلْ يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ تَكْفِينُ الزَّوْجَةِ فِي الْجَدِيدِ كَالْكِسْوَةِ أَفْتَى بَعْضُهُمْ بِوُجُوبِ ذَلِكَ، وَبَعْضُهُمْ بِجَوَازِ اللَّبِيسِ كَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ كَبَّنَ وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ اللَّبِيسَ أَوْلَى مِنْ الْجَدِيدِ فِي التَّكْفِينِ، وَهَذَا أَمْرٌ آخَرُ خَلِفَ الْقِيَاسَ عَلَى الْكِسْوَةِ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَلَوْ رُوعِيَتْ الْكِسْوَةُ وَجَبَ أَكْثَرُ مِنْ ثَوْبٍ، فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْ مَالُهُ ذَلِكَ جُهِّزَتْ مِنْ مَالِهَا) وَلَوْ غَابَ أَوْ امْتَنَعَ وَهُوَ مُوسِرٌ وَكُفِّنَتْ مِنْ مَالِهَا أَوْ غَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ بِإِذْنِ حَاكِمٍ يَرَاهُ رَجَعَ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقِيَاسُ نَظَائِرِهِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُوجَدْ حَاكِمٌ كَفَى الْمُجَهِّزَ الْإِشْهَادُ عَلَى أَنَّهُ جَهَّزَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لِيَرْجِعَ بِهِ وَلَوْ أَوْصَتْ بِأَنْ تُكَفَّنَ مِنْ مَالِ نَفْسِهَا وَهُوَ مُوسِرٌ كَانَتْ وَصِيَّةً لِوَارِثٍ؛ لِأَنَّهَا أَسْقَطَتْ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ إيصَاؤُهُ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ مِنْ الثُّلُثِ كَذَلِكَ أَيْ: وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ فَإِنَّهُ وَفَّرَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوَفِّرْ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ بِخُصُوصِهِ شَيْئًا حَتَّى يَحْتَاجَ لِإِجَازَةِ الْبَاقِينَ ح ج ش ع أَقُولُ: قَضِيَّةُ كَوْنِهَا وَصِيَّةً لِوَارِثٍ اعْتِبَارُ قَبُولِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ، ثُمَّ مَا ضَابِطُ فَقْدِ الْحَاكِمِ وَيُحْتَمَلُ ضَبْطُهُ بِأَنْ لَا يَتَيَسَّرَ رَفْعُ الْأَمْرِ إلَيْهِ قَبْلَ تَغَيُّرِ الْمَيِّتِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْ مَالُهُ ذَلِكَ جُهِّزَتْ مِنْ مَالِهَا كَغَيْرِهَا) هُوَ مِثْلُ قَوْلِ الرَّوْضِ كَغَيْرِهِ فَإِنْ أَعْسَرَ الزَّوْجُ فَمِنْ مَالِهَا، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهَا تُجَهَّزُ حِينَئِذٍ مِنْ أَصْلِ مَالِهَا لَا مِنْ خُصُوصِ نَصِيبِهِ مِنْهَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ مِنْ نَصِيبِهِ مِنْهَا إنْ وَرِثَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُوسِرًا بِهِ، وَإِلَّا فَمِنْ أَصْلِ تَرِكَتِهَا مُقَدَّمًا عَلَى الدَّيْنِ أَقُولُ: يُنَافِي قَوْلُ الْبَعْضِ الْمَذْكُورَ قَوْلَ الرَّوْضِ الْمَذْكُورَ؛ لِأَنَّهُ حَكَمَ بِأَنَّهُ مِنْ مَالِهَا عِنْدَ إعْسَارِهِ مَعَ أَنَّهُ مُوسِرٌ بِحِصَّتِهِ إلَّا أَنْ يُصَوَّرَ بِمَا إذَا مَنَعَ مِنْ إرْثِهِ مَانِعٌ كَقَتْلِهِ إيَّاهَا وَقَدْ جَرَى عَلَى الْأَوَّلِ بَعْضُ شُرَّاحِ الْإِرْشَادِ وَنَقَلَهُ عَنْ فَتَاوَى ابْنِ شُكَيْلٍ فَتَعَقَّبَا بِهِ إفْتَاءَ الشَّمْسِ الْجَوْجَرِيِّ بِالثَّانِي ح ج ش ع.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْ مَالُهُ ذَلِكَ إلَخْ) وَيَظْهَرُ ضَبْطُ الْمُعْسِرِ بِمَنْ لَيْسَ عِنْدَهُ فَاضِلٌ عَمَّا يَتْرُكُ لِلْمُفْلِسِ ح ج. (قَوْلُهُ: وَكَالزَّوْجَةِ خَادِمُهَا) أَيْ: غَيْرُ الْمَمْلُوكَةِ لَهُ وَغَيْرُ الْمُكْتَرَاةِ عَلَى الْأَوْجَهِ إذْ لَيْسَ لَهَا إلَّا الْأُجْرَةُ بِخِلَافِ مَنْ صَحِبَتْهَا بِنَفَقَتِهَا ح ج. (قَوْلُهُ: وَلَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَدَّخِرَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ وَإِنْ أَوْهَمَ الْكَرَاهَةَ عِبَارَةُ الزَّرْكَشِيّ فِي إعْدَادِ الْقَبْرِ. (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يُحَاسَبَ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى اتِّخَاذِهِ لَا عَلَى اكْتِسَابِهِ، وَإِلَّا فَكُلُّ مَالِهِ مُطْلَقًا يُحَاسَبُ عَلَى اكْتِسَابِهِ. (قَوْلُهُ: وَهَلْ لِلْوَارِثِ إبْدَالُهُ فِيهِ وَجْهَانِ إلَخْ) كَالصَّرِيحِ فِي تَعَلُّقِ هَذَا بِمَسْأَلَةِ الِادِّخَارِ لَكِنْ يُتَّجَهُ تَخْصِيصُ هَذَا بِمَا إذَا أَوْصَى بِأَنَّهُ يُكَفَّنُ فِيهِ فَإِنَّ مُجَرَّدَ الِادِّخَارِ لَا يَسْتَلْزِمُ الْوَصِيَّةَ وَيُنَاسِبُ هَذَا بِنَاءَ الْقَاضِي الْمَذْكُورَ؛ لِأَنَّ فِي الْمَبْنِيِّ

ــ

[حاشية الشربيني]

نَحْوَ غَرْزِ طَرَفِ الشِّدَادِ فِيمَا لُفَّ عَلَيْهِ سم. (قَوْلُهُ: وَالشِّدَادُ) أَيْ: الَّذِي شُدَّ بِهِ الْكَفَنُ دُونَ شِدَادِ الْأَلْيَيْنِ السَّابِقِ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ لَكِنَّ التَّعْلِيلَ يُنَافِيهِ ثُمَّ رَأَيْت ق ل عَلَى الْجَلَالِ بَعْدَ قَوْلِهِ أَيْ: شِدَادِ اللَّفَائِفِ فَقَطْ، قَالَ: وَقِيلَ: جَمِيعُ مَا فِيهِ تَعَقُّدٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ: يُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ فِي الْقَبْرِ شَيْءٌ مَعْقُودٌ.

(قَوْلُهُ: لِئَلَّا يُحَاسَبُ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى ادِّخَارِهِ

ص: 97