المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[شروط لزوم الجمعة] - الغرر البهية في شرح البهجة الوردية - جـ ٢

[زكريا الأنصاري]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ الْجُمُعَةِ)

- ‌[شُرُوطُ صِحَّةِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[ضَابِطُ النَّاسِ فِي الْجُمُعَةِ سِتَّةُ أَقْسَامٍ]

- ‌[شُرُوطِ لُزُومِ الْجُمُعَةَ]

- ‌[آدَابُ الْجُمُعَةَ]

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ)

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْعِيدِ)

- ‌[خَاتِمَةٌ لُبْسُ الثِّيَابِ الْخَشِنَةِ لِغَيْرِ غَرَضٍ شَرْعِيٍّ]

- ‌[فَرْعٌ الْخُطَبُ الْمَشْرُوعَةُ عَشْرُ خُطَبٍ]

- ‌(تَنْبِيهٌ) إذَا رَأَى شَيْئًا مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْخُسُوفِ)

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ حُكْمِ (تَارِكِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بَابُ الْجَنَائِزِ)

- ‌[فَرْعٌ لَوْ مَاتَ أَقَارِبُهُ دُفْعَةً قُدِّمَ فِي التَّكْفِينِ وَغَيْرِهِ مِنْ يُسْرِعُ فَسَادُهُ]

- ‌[فَائِدَةٌ فِي سَبَبِ تَسْمِيَةِ مَنْ قُتِلَ قَبْلُ فِي حَرْبِ الْكُفَّارِ شَهِيدًا]

- ‌[فَرَعٌ حَضَرَ مَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَى الْمَيِّتِ]

- ‌(بَابُ الزَّكَاةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ زَكَاةِ (الْفِطْرَةِ)

- ‌(بَابُ الصِّيَامِ)

- ‌(بَابُ الِاعْتِكَافِ)

- ‌[أَرْكَانُهُ الِاعْتِكَافُ]

- ‌(بَابُ الْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ)

- ‌(بَابُ الْبَيْعِ)

- ‌(بَابُ الرِّبَا)

- ‌(فَصْلٌ فِي الْخِيَارِ)

- ‌[أَسْبَابُ الْخِيَارِ]

الفصل: ‌[شروط لزوم الجمعة]

لَزِمَتْهُمْ لِتَلَبُّسِهِمْ بِالْفَرْضِ.

(وَاسْتُثْنِيَ) مِنْ الْمُكَلَّفِ الْحُرُّ الذَّكَرُ (الْمَعْذُورُ) بِشَيْءٍ مِمَّا مَرَّ فِي بَابِ الْجَمَاعَةِ كَالْمَرَضِ وَنَحْوِهِ، فَلَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ أَوَّلَ الْبَابِ وَلِمَشَقَّةِ حُضُورِهِ (إلَّا إنْ حَضَرْ) فِي الْوَقْتِ وَلَمْ يَزِدْ ضَرَرُهُ بِانْتِظَارِهِ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ، فَتَلْزَمُهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الِانْصِرَافُ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ فِي حَقِّهِ مَشَقَّةُ الْحُضُورِ، فَإِذَا تَحَمَّلَهَا وَحَضَرَ، فَقَدْ ارْتَفَعَ الْمَانِعُ وَتَعَبُ الْعَوْدِ لَا بُدَّ مِنْهُ سَوَاءٌ صَلَّى الْجُمُعَةَ أَمْ الظُّهْرَ، فَعُلِمَ بِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ إذَا حَضَرَ قَبْلَ الْوَقْتِ وَكَذَا إذَا حَضَرَ فِيهِ وَزَادَ ضَرَرُهُ، فَلَهُ الِانْصِرَافُ مَا لَمْ يُحْرِمْ بِهَا كَمَا فِي الْمُسَافِرِ وَالْمَرْأَةِ، وَالْمُشْكِلِ، بَلْ مَا لَمْ تَقُمْ الصَّلَاةُ كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْإِمَامِ وَاسْتَحْسَنَّاهُ وَبَحَثَ السُّبْكِيُّ وَالْإِسْنَوِيُّ لُزُومَهَا أَيْضًا، وَإِنْ حَضَرَ قَبْلَهُ إذَا لَمْ يَزِدْ ضَرَرُهُ كَمَا يَجِبُ السَّعْيُ قَبْلَهُ عَلَى غَيْرِ الْمَعْذُورِ (مَهْمَا) أَصْلُهَا مَا الشَّرْطِيَّةُ ضُمَّتْ إلَيْهَا مَا الْمَزِيدَةُ لِلتَّأْكِيدِ قُلِبَتْ أَلِفُهَا هَاءً اسْتِثْقَالًا لِلتَّكْرِيرِ أَيْ إنَّمَا تَلْزَمُ الْجُمُعَةُ مَنْ ذُكِرَ أَنْ (يَقُمْ) إقَامَةً تَمْنَعُ حُكْمَ السَّفَرِ (حَيْثُ تُقَامُ) الْجُمُعَةُ مِنْ بَلَدٍ، أَوْ قَرْيَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَتَوَطَّنْ بِهَا، فَلَا تَلْزَمُ الْمُسَافِرَ، وَلَا الْمُقِيمَ حَيْثُ لَا تُقَامُ إلَّا أَنْ يَبْلُغَهُ النِّدَاءُ بِوَجْهٍ مَخْصُوصٍ كَمَا قَالَ:(أَوْ) حَيْثُ لَا تُقَامُ لَكِنَّ (نَدًّا) الْجُمُعَةِ (يَبْلُغُهُ مِنْ صَيِّتٍ) أَيْ: عَالِي الصَّوْتِ يُؤَذِّنُ عَلَى عَادَتِهِ.

(إذَا هَدَا) أَيْ: سَكَنَ (رِيحٌ وَصَوْتٌ لَوْ فَرَضْنَاهُ وَقَفْ مِنْ بَلَدِ الْجُمُعَةِ

ــ

[حاشية العبادي]

وَالْعَدَدُ مُتَيَسِّرٌ، فَكَيْفَ يَصِحُّ الظُّهْرُ مَعَ إمْكَانِ الْجُمُعَةِ بَحَثَ ذَلِكَ السَّيِّدُ السَّمْهُودِيُّ فِي حَاشِيَةِ الرَّوْضَةِ، وَأَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ (قَوْلُهُ: وَتُتَدَارَكُ بِهِ) أَيْ: إذَا، فَاتَتْ

[شُرُوطِ لُزُومِ الْجُمُعَةَ]

(قَوْلُهُ: وَاسْتُثْنِيَ الْمَعْذُورُ إلَخْ.) لَوْ اجْتَمَعَ أَرْبَعُونَ مَرْضَى فِي مَحَلٍّ، وَشَقَّ عَلَيْهِمْ حُضُورُ الْجُمُعَةِ، أَوْ أَرْبَعُونَ فِي الْحَبْسِ، وَلَمْ يَتَمَكَّنُوا مِنْ حُضُورِهَا، وَأَمْكَنَهُمْ إقَامَتُهَا، بِمَحَلِّهِمْ، فَالْقِيَاسُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ لُزُومهَا لَهُمْ لِجَوَازِ التَّعَدُّدِ مَعَ الْعُسْرِ، وَعَلَى هَذَا، فَهَلْ لِغَيْرِهِمْ مِمَّنْ لَا عُذْرَ لَهُ فِعْلُهَا مَعَهُمْ الْوَجْهُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا جُمُعَةٌ صَحِيحَةٌ مُعْتَبَرَةٌ، فَلِكُلِّ أَحَدٍ حُضُورُهَا وَلَا أَثَرَ لِكَوْنِهَا إنَّمَا جَازَتْ لِلْمَذْكُورِينَ لِلضَّرُورَةِ، وَلَا ضَرُورَةَ فِي حَقِّ غَيْرِهِمْ (قَوْلُهُ: إنَّهَا لَا تَلْزَمُهُ إلَخْ.) (فَرْعٌ)

لَوْ حَضَرَ إلَى الْجُمُعَةِ مَنْ لَمْ تَلْزَمْهُ لِعَدَمِ بُلُوغِهِ النِّدَاءَ فِي بَلْدَةٍ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ:، فَلَهُ أَنْ يَنْصَرِفَ مَعَ الْكَرَاهَةِ بِرّ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَقُمْ الصَّلَاةُ) أَيْ: إلَّا أَنْ يَفْحُشَ ضَرَرُهُ كَإِسْهَالٍ بِهِ ظَنَّ انْقِطَاعَهُ، فَحَضَرَ ثُمَّ أَحَسَّ بِهِ بَلْ لَوْ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ سَبْقَهُ لَهُ، وَهُوَ مُحَرَّمٌ فِي الصَّلَاةِ لَوْ مَكَثَ، فَلَهُ الِانْصِرَافُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ م ر (قَوْلُهُ: كَمَا يَجِبُ السَّعْيُ إلَخْ.) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَعْذُورَ لَمْ تَلْزَمْهُ الْجُمُعَةُ، وَإِنَّمَا حَضَرَ مُتَبَرِّعًا، فَجَازَ لَهُ الِانْصِرَافُ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ، فَإِنَّهَا تَلْزَمُهُ، فَلَزِمَهُ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ. اهـ.

، فَلْيُتَأَمَّلْ. (تَنْبِيهٌ)

غَيْرُ الْمَعْذُورِ إذَا تَوَقَّفَ إدْرَاكُهُ الْجُمُعَةَ عَلَى سَعْيِهِ قَبْلَ الْفَجْرِ، فَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ الْفَجْرِ غَيْرُ مُخَاطَبٍ، بِهَا، وَحِينَئِذٍ تَسْقُطُ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ فِي بَلَدِهَا لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْهَا، فَهُوَ كَالْمَحْبُوسِ لَا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ إلَيْهَا م ر (قَوْلُهُ: فَلَا تَلْزَمُ الْمُسَافِرَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: سَفَرًا مُبَاحًا، وَلَوْ قَصِيرًا، نَعَمْ إنْ خَرَجَ إلَى قَرْيَةٍ يَبْلُغُ أَهْلَهَا نِدَاءُ بَلْدَةٍ لَزِمَتْهُ، بِالْبَلْدَةِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ مَسَافَةٌ يَجِبُ قَطْعُهَا لِلْجُمُعَةِ، فَلَا تُعَدُّ سَفَرًا مُسْقِطًا لَهَا كَمَا لَوْ كَانَ، بِالْبَلْدَةِ، وَدَارُهُ بَعِيدَةٌ عَنْ الْجَامِعِ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ. اهـ.، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ النِّدَاءَ مِنْهُ م ر، فَإِنْ حَصَلَ ضَرَرٌ، بِالْمَجِيءِ، فَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى تَخْتَصُّ، بِالْبَعِيدِ م ر (قَوْلُهُ: فَلَا تَلْزَمُ الْمُسَافِرَ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: لَكِنْ تُسْتَحَبُّ لَهُ، وَلِلْعَبْدِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، وَلِلْعَجُوزِ بِإِذْنِ زَوْجِهَا، أَوْ سَيِّدِهَا، وَلِلْخُنْثَى، وَالصَّبِيِّ إنْ أَمْكَنَ. اهـ. (قَوْلُهُ: لَوْ فَرَضْنَاهُ) هَذَا يُصَرِّحُ بِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ السَّمَاعُ، بِالْفِعْلِ كَمَا لَا يَخْفَى

ــ

[حاشية الشربيني]

الْمُعْتَمَدِ لَكِنْ تَلْزَمُهُ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ لَكِنَّهَا لَا تَصِحُّ مِنْهُ، فَيَقْضِيهَا وُجُوبًا ظُهْرًا بَعْدَ زَوَالِ عُذْرِهِ فَالْمُرَادُ بِاللُّزُومِ فِي حَقِّهِ لُزُومُ انْعِقَادِ السَّبَبِ حَتَّى يَجِبَ الْقَضَاءُ، وَقِيلَ: إنَّهُ مُكَلَّفٌ، وَمَعْنَى عَدَمِ اللُّزُومِ الَّذِي عَبَّرَ بِهِ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ عَدَمُ مُطَالَبَتِنَا لَهُ بِهَا الْآنَ لِعَدَمِ صِحَّتِهَا مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ مُخَاطَبًا بِدَلِيلِ وُجُوبِ الْقَضَاءِ، وَإِذَا قِيلَ: بَعْدَ اللُّزُومِ الْآنَ حَقِيقَةً فَوُجُوبُ الْقَضَاءِ إنَّمَا هُوَ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَزِدْ إلَخْ.) ، وَلَمْ يَكُنْ صَلَّى الظُّهْرَ قَبْلَ حُضُورِهِ، وَإِلَّا فَلَهُ الِانْصِرَافُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

(قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ لَهُ الِانْصِرَافُ) فَلَوْ انْصَرَفَ أَثِمَ، وَلَا عَوْدَ عَلَيْهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: كَمَا يَجِبُ السَّعْيُ إلَخْ.) أَيْ: فَيُجْعَلُ مُكْثُهُ بِالْمَسْجِدِ بِمَنْزِلَةِ السَّعْيِ عِنْدَ عَدَمِ الْعُذْرِ، وَالسَّعْيُ عِنْدَ عَدَمِ الْعُذْرِ، وَاجِبٌ فَالْمُكْثُ الَّذِي هُوَ بِمَنْزِلَتِهِ كَذَلِكَ، وَفَرَّقَ بِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ تَلْزَمْهُ، وَكَانَ مُتَبَرِّعًا بِحُضُورِهِ كَانَ لَهُ الِانْصِرَافُ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَعْذُورِ، وَلَمَّا لَزِمَتْهُ لَزِمَهُ مَا تَوَقَّفَتْ عَلَيْهِ طَنْدَتَائِيٌّ، وَهُوَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: يَقُمْ) ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْهُ النِّدَاءُ كَمَا تُفِيدُهُ الْمُقَابِلَةُ، وَهُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: إلَّا إلَخْ) رَاجِعٌ لِلْمُقِيمِ الْمَذْكُورِ دُونَ الْمُسَافِرِ إذْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ، وَإِنْ سَمِعَ النِّدَاءَ نَعَمْ إنْ سَمِعَهُ مِنْ بَلَدِهِ لَا يُعْطَى حُكْمَ الْمُسَافِرِ فَتَجِبُ عَلَيْهِ. اهـ. مَرْصَفِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ حَيْثُ إلَخْ.) أَيْ: أَوْ أَقَامَ أَيْ: انْقَطَعَ سَفَرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَلْتَزِمْ مَوْضِعًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ سم، وَهُوَ مُخَالِفٌ فِي عَدَمِ الْتِزَامِ الْمَوْضِعِ لِلرَّوْضَةِ.

(قَوْلُهُ: يَبْلُغُهُ) ، وَيُعْتَبَرُ فِي الْبُلُوغِ الْعُرْفُ أَيْ بِحَيْثُ يَعْلَمُ أَنَّ مَا بَلَغَهُ نِدَاءُ جُمُعَةِ، وَإِنْ لَمْ تَتَمَيَّزْ كَلِمَاتُهُ. اهـ. م ر (قَوْلُهُ: مِنْ بَلَدِ الْجُمُعَةِ) أَيْ تَجِبُ فِيهِ، وَتَنْعَقِدُ بِأَهْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ

ص: 21

فِي أَدْنَى طَرَفْ) أَيْ لَوْ فَرَضْنَا الصَّيِّتَ وَقَفَ فِي أَقْرَبِ طَرَفٍ مِنْ بَلَدِ الْجُمُعَةِ إلَى مَنْ يَبْلُغُهُ الصَّوْتُ لِخَبَرِ «الْجُمُعَةُ عَلَى مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ لَكِنْ ذَكَرَ لَهُ الْبَيْهَقِيُّ شَاهِدًا بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ وَاعْتُبِرَ سُكُونُ الرِّيحِ، وَالصَّوْتِ لِئَلَّا يَمْنَعَا بُلُوغَ النِّدَاءِ، أَوْ يُعِينُ عَلَيْهِ الرِّيحُ وَاعْتُبِرَ أَقْرَبُ طَرَفٍ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْبَلَدَ قَدْ تَكْبُرُ بِحَيْثُ لَا يَبْلُغُ أَطْرَافَهُ النِّدَاءُ بِوَسَطِهِ، فَاحْتِيطَ لِلْعِبَادَةِ.

قَالَ الْأَكْثَرُونَ: وَلَا يُعْتَبَرُ كَوْنُ الْمُنَادِي عَلَى عَالٍ لِأَنَّهُ لَا ضَبْطَ لِحَدِّهِ، وَالْمُعْتَبَرُ بُلُوغُ النِّدَاءِ بِحَالَةِ اسْتِوَاءِ الْمَوْضِعِ كَمَا اُعْتُبِرَ سُكُونُ الرِّيحِ، وَلَا يُنْظَرُ إلَى مَا قَدْ يُسْمَعُ لِشِدَّتِهَا، فَلَوْ سُمِعَ لِكَوْنِهِ بِعُلُوٍّ، وَلَوْ كَانَ بِاسْتِوَاءٍ لَمْ يُسْمَعْ لَمْ تَجِبْ، أَوْ لَمْ يُسْمَعْ لِكَوْنِهِ بِمُنْخَفِضٍ، وَلَوْ كَانَ بِاسْتِوَاءٍ سُمِعَ وَجَبَتْ وَإِلَّا لَوَجَبَتْ عَلَى الْبَعِيدِ الْعَالِي دُونَ الْقَرِيبِ الْمُنْخَفِضِ، وَهُوَ بَعِيدٌ وَخَبَرُ الْجُمُعَةُ عَلَى مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ مَحْمُولٌ عَلَى الْغَالِبِ وَخَالَفَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، فَاعْتُبِرَ السَّمَاعُ مُطْلَقًا لِظَاهِرِ الْخَبَرِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ النَّظْمِ وَأَصْلُهُ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ بَعْدَ قَوْلِهِ: إنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ وُقُوفُ الْمُنَادِي بِمَوْضِعٍ عَالٍ كَذَا أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ قَالَ أَصْحَابُنَا: لَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَلَدُ كَطَبَرِسْتَانَ، فَإِنَّهَا بَيْنَ أَشْجَارٍ وَغِيَاضٍ تَمْنَعُ بُلُوغَ الصَّوْتِ، فَيُعْتَبَرُ فِيهَا الِارْتِفَاعُ عَلَى مَا يَعْلُو الْغِيَاضَ، وَالْأَشْجَارَ انْتَهَى وَقَدْ يُقَالُ: الْمُعْتَبَرُ السَّمَاعُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَانِعٌ وَفِيمَا ذُكِرَ مَانِعٌ، فَلَا حَاجَةَ إلَى اسْتِثْنَائِهِ، وَالْمُعْتَبَرُ سَمَاعُ مَنْ أَصْغَى إلَى النِّدَاءِ وَلَمْ يَكُنْ أَصَمَّ، وَلَا جَاوَزَ سَمْعُهُ حَدَّ الْعَادَةِ.

وَيَكْفِي سَمَاعُ بَعْضِ أَهْلِ الْقَرْيَةِ، وَلَوْ سَمِعَ النِّدَاءَ مِنْ بَلَدَيْنِ تَخَيَّرَ، وَالْأَوْلَى أَكْثَرُهُمَا جَمَاعَةً ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ

(وَلَا يَصِحُّ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: إلَى مَنْ يَبْلُغُهُ) مُتَعَلِّقٌ، بِأَقْرَبَ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَمْنَعَا) إنْ هَبَّ الرِّيحُ إلَى غَيْرِ جِهَةِ السَّامِعِ (قَوْلُهُ: أَوْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الرِّيحُ) إنْ هَبَّ إلَى جِهَةِ السَّامِعِ (قَوْلُهُ: إلَى مَا قَدْ يَسْمَعُ) أَيْ: النِّدَاءَ الَّذِي (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ بِاسْتِوَاءٍ سَمِعَ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ اعْتِبَارُ سَمَاعِهِ لَوْ كَانَ مُسْتَوِيًا بَعْدَ فَرْضِ مَسَافَةِ الِانْخِفَاضِ مُمْتَدَّةً عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ بَلْ ذَلِكَ مُرَادُهُمْ قَطْعًا، وَإِلَّا يَلْزَمُ وُجُوبُ الْجُمُعَةِ عَلَى مَنْ فِي الْوَهْدَةِ، وَإِنْ كَانَتْ مَسَافَةُ النُّزُولِ فَرَاسِخَ ثُمَّ هَذَا الَّذِي قُلْنَاهُ يَجْرِي مِثْلُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَيْضًا كَذَا، بِخَطِّ شَيْخِنَا، وَهُوَ قَوِيٌّ لَكِنْ اقْتَصَرَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ فِي الْفَتَاوَى عَلَى قَوْلِهِ: إنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ كَلَامِهِمْ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَوَجَبَتْ) أَيْ: وَإِلَّا يُعْتَبَرُ بِحَالَةِ الِاسْتِوَاءِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَالُ: إلَخْ.) لَعَلَّ هَذَا، أَوْلَى، فَإِنَّ الِارْتِفَاعَ الْمَذْكُورَ قَدْ يَبْلُغُ الصَّوْتُ مَعَهُ مَا لَا يَبْلُغُهُ الصَّوْتُ، بِتَقْدِيرِ عَدَمِ الْمَانِعِ، وَلِوُقُوفٍ عَلَى الْأَرْضِ، فَلَا يَنْبَغِي الِاسْتِثْنَاءُ، فَضْلًا عَنْ عَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، فَلْيُتَأَمَّلْ. سم (قَوْلُهُ: وَيَكْفِي سَمَاعُ بَعْضِ أَهْلِ الْقَرْيَةِ) لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: لَا مَوْقِعَ لِهَذَا إلَّا إنْ اُعْتُبِرَ السَّمَاعُ بِالْفِعْلِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ الْعِبَارَةِ كَقَوْلِهِ: لَوْ فَرَضْنَاهُ وَقَفَ إلَخْ.، فَتَأَمَّلْهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

فِيهِ مَنْ تَنْعَقِدُ بِهِ بِأَنْ نَقَصَ عَنْ أَرْبَعِينَ لَمْ تَجِبْ عَلَى مَنْ بَلَغَهُ الصَّوْتُ (قَوْلُهُ: إلَى مَنْ يَبْلُغُهُ) أَيْ إلَى مَوْضِعٍ، أَوْ بَلْدَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ هُوَ فِيهِ إذْ لَا يُعْتَبَرُ سَمَاعُهُ، بَلْ سَمَاعُ بَعْضِ أَهْلِ الْبَلْدَةِ مَثَلًا كَافٍ فِي الْوُجُوبِ عَلَى الْكُلِّ كَمَا سَيَأْتِي. اهـ. لَكِنَّ فِي حَاشِيَةِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ، وَتَبِعَهُ م ر أَنَّ مَنْ سَمِعَ مِنْ مَوْضِعِ إقَامَتِهِ، وَجَبَ عَلَيْهِ، وَمَنْ لَا فَلَا، وَهُوَ مُنَافٍ لِمَا سَبَقَ. اهـ.

وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ، وَالْمُعْتَبَرُ نِدَاءُ مُؤَذِّنٍ عَالِي الصَّوْتِ يَقِفُ عَلَى طَرَفِ الْبَلَدِ مِنْ الْجَانِبِ الَّذِي يَلِي تِلْكَ الْقَرْيَةَ، وَيُؤَذِّنُ عَلَى عَادَتِهِ، وَالْأَصْوَاتُ هَادِيَةٌ، وَالرِّيَاحُ رَاكِدَةٌ فَإِذَا سَمِعَ صَوْتَهُ مِنْ الْقَرْيَةِ مَنْ أَصْغَى إلَيْهِ، وَلَمْ يَكُنْ أَصَمَّ، وَلَا جَاوَزَ سَمْعُهُ حَدَّ الْعَادَةِ، وَجَبَتْ الْجُمُعَةُ عَلَى أَهْلِهَا. اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْوُجُوبِ عَلَى الْكُلِّ بِسَمَاعٍ وَاحِدٍ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ (قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ بِعُلُوٍّ) أَيْ: لِكَوْنِ الْقَرْيَةِ، أَوْ مَوْضِعِ الْإِقَامَةِ كُلِّهِ عَلَى مَوْضِعٍ مُرْتَفِعٍ كَجَبَلٍ، وَعَكْسُهُ فِي عَكْسِهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مَنْ أَصْغَى) أَيْ: لَوْ أَصْغَى، وَهُوَ بِطَرَفِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ أَيْضًا عَلَى مُسْتَوٍ مِنْهُ، وَالْمُرَادُ بِالطَّرَفِ آخِرُ مَحَلٍّ لَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ لِمَنْ سَافَرَ مِنْهُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِاعْتِبَارِ مَوْضِعِ إقَامَةِ السَّامِعِ الْمُتَقَدِّمِ عَنْ م ر. اهـ. لَكِنَّهُ الْمُوَافِقُ لِمَوْقِفِ الْمُؤَذِّنِ (قَوْلُهُ: وَيَكْفِي إلَخْ.) أَيْ: يَكْفِي سَمَاعُ الْبَعْضِ، وَلَوْ بِالْقُوَّةِ فِي الْوُجُوبِ عَلَى الْبَاقِي، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ، وَلَا بِالْقُوَّةِ هَذَا ظَاهِرُ الشَّارِحِ، وَالرَّوْضَةِ، وَخَالَفَ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَتَبِعَهُ م ر كَمَا تَقَدَّمَ. اهـ.

وَعِبَارَةُ النَّاشِرِيِّ عَلَى الْحَاوِي، وَيُفْهَمُ

ص: 22

ظُهْرُهُ) أَيْ: مَنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ (إذَا فَعَلَ) أَيْ: الظُّهْرَ لِتَوَجُّهِ فَرْضِهَا عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهَا الْفَرْضُ الْأَصْلِيُّ وَإِلَّا لَجَازَ تَرْكُ الْبَدَلِ إلَى الْأَصْلِ كَمَا مَرَّ (إلَّا إذَا الْإِمَامُ فِي) بِمَعْنَى عَنْ الرُّكُوعِ (الثَّانِي اعْتَدِلْ) يَعْنِي شَرَعَ فِي الِاعْتِدَالِ، فَيَصِحُّ ظُهْرُهُ حِينَئِذٍ لِفَوْتِ الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُدْرَكُ بِدُونِ رَكْعَةٍ، وَاَلَّذِي فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ أَنَّ ظَاهِرَ النَّصِّ الْبُطْلَانُ أَيْضًا إلَى أَنْ يُسَلِّمَ الْإِمَامُ وَأَقَرَّاهُ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْجَدِيدِ وَصَحَّحَهُ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ فَوْتُهَا قَبْلَ السَّلَامِ لِاحْتِمَالِ عَارِضٍ يُفْسِدُهَا، فَتُسْتَأْنَفُ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ سَلَامَهُ تَحَرَّاهُ بِأَنْ يَحْتَاطَ حَتَّى يَرَى أَنَّهُ قَدْ سَلَّمَ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ، وَلَوْ تَرَكَهَا أَهْلُ الْبَلَدِ، فَفَوَّتَهَا فِي حَقِّهِمْ بِأَنْ يَضِيقَ الْوَقْتُ عَنْ رَكْعَتَيْنِ وَخُطْبَتَيْنِ (وَغَيْرُهُ) أَيْ: غَيْرُ مَنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ (بَيْنَهُمَا) أَيْ: الْجُمُعَةِ وَالظُّهْرِ (قَدْ خُيِّرَا) قَبْلَ تَحَرُّمِهِ بِأَحَدِهِمَا، فَإِنْ أَتَى بِالظُّهْرِ، فَهُوَ فَرْضُهُ أَوْ بِالْجُمُعَةِ، فَقَدْ أَتَى بِالْأَكْمَلِ

(وَالنَّدْبُ لِلْمَعْذُورِ) أَيْ: يُنْدَبُ لَهُ إنْ أَرَادَ الظُّهْرَ (أَنْ يَصْطَبِرَا بِظُهْرِهِ إلَى فَوَاتِ الْجُمُعَهْ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَزُولُ عُذْرُهُ قَبْلَ ذَلِكَ، فَيَأْتِي بِهَا كَامِلًا وَفَوَاتُهَا بِالسَّلَامِ عَلَى مَا فِي التَّنْبِيهِ وَغَيْرِهِ وَاقْتَضَاهُ ظَاهِرُ النَّصِّ نَظِيرَ مَا مَرَّ عَنْهُ، وَيَرْفَعُ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنْ رُكُوعِ الثَّانِيَةِ عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ لِلنَّاظِمِ وَأَصْلِهِ وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَعَلَيْهِ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْجُمُعَةَ هُنَاكَ لَازِمَةٌ، فَلَا تَرْتَفِعُ إلَّا بِيَقِينٍ بِخِلَافِهَا هُنَا هَذَا (حَيْثُ زَوَالَ عُذْرِهِ تَوَقَّعَهْ) كَالْمَرِيضِ يَتَوَقَّعُ الْبُرْءَ، وَالْعَبْدِ يَتَوَقَّعُ الْعِتْقَ لِأَنَّهُ قَدْ يَزُولُ عُذْرُهُ، وَيَتَمَكَّنُ مِنْ فَرْضِ الْكَامِلِينَ، فَإِنْ لَمْ يَتَوَقَّعْهُ كَالْمَرْأَةِ وَالزَّمِنِ نُدِبَ تَعْجِيلُهُ الظُّهْرَ لِيَأْسِهِ مِنْ إدْرَاكِ الْجُمُعَةِ، فَيُحَافِظُ عَلَى فَضْلِ الْأَوَّلِيَّةِ قَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا مُخْتَارُ الْخُرَاسَانِيِّينَ، وَهُوَ الْأَصَحُّ وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: يُنْدَبُ لَهُ التَّأْخِيرُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ فَرْضُ الْكَامِلِينَ، فَتُقَدَّمُ قَالَ: وَالِاخْتِيَارُ التَّوَسُّطُ، وَهُوَ أَنَّهُ إنْ جَزَمَ بَعْدَ حُضُورِهَا وَإِنْ تَمَكَّنَ نُدِبَ التَّقْدِيمُ وَإِلَّا، فَالتَّأْخِيرُ وَمَا نَقَلَهُ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ.

ثُمَّ مَحَلُّ الصَّبْرِ إلَى فَوْتِ الْجُمُعَةِ إذَا لَمْ يُؤَخِّرْهَا الْإِمَامُ إلَى أَنْ يَبْقَى مِنْ وَقْتِهَا أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ وَإِلَّا، فَلَا يُؤَخِّرُ بَعْدَ ذَلِكَ الظُّهْرَ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ

(وَكَتْمُهُمْ جَمَاعَةً إذَا اسْتَسَرْ عُذْرٌ)، وَفِي نُسْخَةٍ اسْتَتَرَ أَيْ: وَيُنْدَبُ لِلْمَعْذُورِينَ إنْ صَلَّوْا الظُّهْرَ أَنْ يُخْفُوا

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: لِتَوَجُّهِ فَرْضِهَا) أَيْ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا)، بِأَنْ قُلْنَا إنَّهَا بَدَلٌ عَنْ الظُّهْرِ لَجَازَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: يَعْنِي شَرَعَ فِي الِاعْتِدَالِ) بَلْ يَكْفِي الْأَخْذُ فِي الِارْتِفَاعِ عَنْ أَقَلِّ الرُّكُوعِ، وَقَوْلُهُ: فَيَصِحُّ ظُهْرُهُ حِينَئِذٍ، وَيَجِبُ فِعْلُهَا فَوْرًا، وَإِنْ كَانَتْ فِي الْوَقْتِ، وَأَدَاءً؛ لِأَنَّهُ عَصَى بِالتَّأْخِيرِ إلَى فَوْتِ الْجُمُعَةِ نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِرّ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَضِيقَ الْوَقْتُ عَنْ رَكْعَتَيْنِ) أَيْ: فَلَا يَصِحُّ الظُّهْرُ مِنْهُمْ قَبْلَ ذَلِكَ خِلَافًا لِأَبِي إِسْحَاقَ حَيْثُ قَالَ تَصِحُّ، وَإِنْ أَتَمُّوا. اهـ. ثُمَّ قَضِيَّةُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ أَنَّ هَذَا الْمِقْدَارَ مُعْتَبَرٌ، وَلَوْ لَزِمَ عَلَيْهِ خُرُوجُ بَعْضِ الظُّهْرِ عَنْ وَقْتِهَا مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمُرَادَ بِالْخُطْبَتَيْنِ الْأَرْكَانُ نَظَرًا إلَى إمْكَانِ الْجُمُعَةِ كَذَا، بِخَطِّ شَيْخِنَا، وَظَاهِرٌ أَنَّهُمْ يَأْثَمُونَ بِإِخْرَاجِ بَعْضِ الظُّهْرِ عَنْ وَقْتِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِتَقْصِيرِهِمْ بِالتَّأْخِيرِ، فَتَأَمَّلْهُ.

(قَوْلُهُ: قَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا) أَيْ نُدِبَ تَعْجِيلُهُ مُخْتَارُ الْخُرَاسَانِيِّينَ (قَوْلُهُ: التَّأْخِيرُ أَيْضًا) أَيْ: كَالْمُتَوَقَّعِ

(قَوْلُهُ: وَكَتْمُهُمْ) عَطْفٌ عَلَى أَنْ يَصْطَبِر بِرّ

ــ

[حاشية الشربيني]

مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَلَغَهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ إلَّا إنْ سَمِعَ هُوَ النِّدَاءَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ إنْ سَمِعَ بَعْضُ أَهْلِ الْقَرْيَةِ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَجَبَ عَلَى أَهْلِهَا. اهـ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ الشَّرْطَ السَّمَاعُ بِالْقُوَّةِ. اهـ.، وَفِي الشَّرْقَاوِيِّ عَلَى التَّحْرِيرِ قَوْلُهُ: بِمَحَلٍّ يُسْمَعُ مِنْهُ أَيْ: مِنْ طَرَفِهِ النِّدَاءُ أَيْ: الْأَذَانُ مِنْ الْوَاقِفِ بِطَرَفِ بَلَدِ الْجُمُعَةِ، وَالْمُعْتَبَرُ سَمَاعُ وَاحِدٍ فَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ الْمَحَلِّ بِالْقُوَّةِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ ظُهْرُهُ إلَخْ.) ، وَهَلْ تَكُونُ صَلَاتُهُ بَاطِلَةً أَوْ تَنْقَلِبُ نَفْلًا فِيهِ الْقَوْلَانِ فِي نَظَائِرِهِ. اهـ. رَوْضَةٌ، وَأَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ انْقِلَابُهَا نَفْلًا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا إلَخْ.) أَيْ: إلَّا نَبْنِي عَلَى الْأَصَحِّ، وَهُوَ الْجَدِيدُ، بَلْ بَنَيْنَا عَلَى الْقَدِيمِ أَنَّهَا بَدَلٌ لَجَازَ تَرْكُ الْبَدَلِ إلَى الْأَصْلِ لَكِنَّ هَذَا لَيْسَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى الْقَدِيمِ الْمَذْكُورِ، بَلْ الْمَذْهَبُ، وَاَلَّذِي قَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُونَ أَنَّ الْأَمْرَ بِحُضُورِ الْجُمُعَةِ قَائِمٌ، وَمَعْنَى صِحَّةِ الظُّهْرِ الِاعْتِدَادُ بِهَا فِي الْجُمُعَةِ بِحَيْثُ لَوْ فَاتَتْ الْجُمُعَةُ أَجْزَأَتْهُ، وَقِيلَ: فِي سُقُوطِ الْأَمْرِ بِحُضُورِ الْجُمُعَةِ قَوْلَانِ

وَبِهِ قَطَعَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ، وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ هُنَا، وَإِلَّا بِأَنْ صَحَّ ظُهْرُهُ لَجَازَ إلَخْ. إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ الصِّحَّةِ الْجَوَازُ كَمَا ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ: إلَى أَنْ يُسَلِّمَ) هَلْ مِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ بِمَحَلٍّ لَا يَصِلُ مِنْهُ لِمَحَلِّ الْجُمُعَةِ إلَّا، وَقَدْ سَلَّمَ كَمَا ذَكَرَهُ حَجَرٌ فِي الْمَعْذُورِ الْآتِي الظَّاهِرِ أَنَّهُ كَذَلِكَ رَاجِعْهُ لَكِنْ فِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ فِي الْمَعْذُورِ الْآتِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَنْزِلُهُ بَعِيدًا، وَانْتَهَى الْوَقْتُ إلَى حَدٍّ لَوْ أَخَذَ فِي السَّعْيِ لَمْ يُدْرِكْ اُسْتُحِبَّ التَّأْخِيرُ إلَى رَفْعِ الْإِمَامِ رَأْسَهُ مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ. اهـ. ثُمَّ رَأَيْت عَنْ شَيْخِنَا الذَّهَبِيِّ رحمه الله أَنَّهُ أَيْ: مَنْ بِمَحَلٍّ بَعِيدٍ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ الْجُمُعَةَ إلَّا بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْجَدِيدِ) ، أَمَّا عَلَى الْقَدِيمِ فَلَا يَأْتِي هَذَا لِصِحَّةِ فِعْلِ الظُّهْرِ قَبْلَ فَوْتِ الْجُمُعَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ فَإِنْ صَلَّاهَا أَيْ: الظُّهْرَ بَعْدَ رُكُوعِ الْإِمَامِ فِي الثَّانِيَةِ، وَقَبْلَ سَلَامِهِ فَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ بُطْلَانُهَا يَعْنِي: عَلَى الْجَدِيدِ. اهـ. وَقُيِّدَ بِالْجَدِيدِ لِمَا مَرَّ

(قَوْلُهُ: وَبِرَفْعِ إلَخْ)

اعْتَمَدَهُ م ر كَالْفَرْقِ الْآتِي (قَوْلُهُ: إنْ جَزَمَ إلَخْ) رَدَّهُ م ر بِأَنَّهُ قَدْ يَعِنُّ لَهُ بَعْدَ الْجَزْمِ عَدَمُ الْحُضُورِ فَكَمْ مِنْ جَازِمٍ بِشَيْءٍ يُعْرِضُ عَنْهُ فَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ) أَيْ: قَدْرَ أَرْبَعِ إلَخْ ع ش

(قَوْلُهُ: لِلْمَعْذُورِينَ) أَيْ: مُطْلَقًا ظَهَرَ عُذْرُهُمْ، أَوْ لَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الشَّارِحِ، وَشَرْحِ الْمِنْهَاجِ ل م ر. اهـ. (قَوْلُهُ:

ص: 23