المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب صلاة الاستسقاء) - الغرر البهية في شرح البهجة الوردية - جـ ٢

[زكريا الأنصاري]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ الْجُمُعَةِ)

- ‌[شُرُوطُ صِحَّةِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[ضَابِطُ النَّاسِ فِي الْجُمُعَةِ سِتَّةُ أَقْسَامٍ]

- ‌[شُرُوطِ لُزُومِ الْجُمُعَةَ]

- ‌[آدَابُ الْجُمُعَةَ]

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ)

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْعِيدِ)

- ‌[خَاتِمَةٌ لُبْسُ الثِّيَابِ الْخَشِنَةِ لِغَيْرِ غَرَضٍ شَرْعِيٍّ]

- ‌[فَرْعٌ الْخُطَبُ الْمَشْرُوعَةُ عَشْرُ خُطَبٍ]

- ‌(تَنْبِيهٌ) إذَا رَأَى شَيْئًا مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْخُسُوفِ)

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ حُكْمِ (تَارِكِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بَابُ الْجَنَائِزِ)

- ‌[فَرْعٌ لَوْ مَاتَ أَقَارِبُهُ دُفْعَةً قُدِّمَ فِي التَّكْفِينِ وَغَيْرِهِ مِنْ يُسْرِعُ فَسَادُهُ]

- ‌[فَائِدَةٌ فِي سَبَبِ تَسْمِيَةِ مَنْ قُتِلَ قَبْلُ فِي حَرْبِ الْكُفَّارِ شَهِيدًا]

- ‌[فَرَعٌ حَضَرَ مَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَى الْمَيِّتِ]

- ‌(بَابُ الزَّكَاةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ زَكَاةِ (الْفِطْرَةِ)

- ‌(بَابُ الصِّيَامِ)

- ‌(بَابُ الِاعْتِكَافِ)

- ‌[أَرْكَانُهُ الِاعْتِكَافُ]

- ‌(بَابُ الْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ)

- ‌(بَابُ الْبَيْعِ)

- ‌(بَابُ الرِّبَا)

- ‌(فَصْلٌ فِي الْخِيَارِ)

- ‌[أَسْبَابُ الْخِيَارِ]

الفصل: ‌(باب صلاة الاستسقاء)

(فَرْعٌ)

قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ قَالَ فِي الْأُمِّ: لَا أَكْرَهُ لِمَنْ لَا هَيْئَةَ لَهَا مِنْ النِّسَاءِ وَلَا لِلْعَجُوزِ وَلَا لِلصَّبِيَّةِ شُهُودَ صَلَاةِ الْكُسُوفِ مَعَ الْإِمَامِ بَلْ أُحِبُّهَا لَهُنَّ وَأُحِبُّ لِذَوَاتِ الْهَيْئَةِ أَنْ يُصَلِّينَهَا فِي بُيُوتِهِنَّ فَإِنْ اجْتَمَعْنَ فَلَا بَأْسَ وَإِنْ كَسَفَتْ وَهُنَاكَ رَجُلٌ مَعَ نِسَاءٍ فِيهِنَّ ذَاتُ مَحْرَمٍ لَهُ صَلَّى بِهِنَّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِنَّ ذَاتُ مَحْرَمٍ لَهُ كُرِهَتْ ذَلِكَ وَإِنْ صَلَّى بِهِنَّ فَلَا بَأْسَ.

(وَسُنَّتْ الصَّلَاةُ لِلْعِبَادِ فِي نَحْوِ زِلْزَالٍ) كَخَسْفٍ أَوْ صَاعِقَةٍ، أَوْ رِيحٍ عَاصِفَةٍ لِئَلَّا يَكُونُوا غَافِلِينَ وَلِأَنَّ عُمَرَ حَثَّ عَلَى الصَّلَاةِ فِي زَلْزَلَةٍ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ (بِالِانْفِرَادِ) إذْ لَمْ يَثْبُتْ فِعْلُهَا جَمَاعَةً وَمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ صَلَّى فِي زَلْزَلَةٍ جَمَاعَةً قَالَ النَّوَوِيُّ: لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ صَحَّ قَالَ أَصْحَابُنَا: فَمَحْمُولٌ عَلَى الصَّلَاةِ مُنْفَرِدًا وَصِفَتُهَا كَصَلَاةِ الْكُسُوفِ قَالَهُ الْحَلِيمِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ وَيُسَنُّ الْخُرُوجُ إلَى الصَّحْرَاءِ وَقْتَ الزَّلْزَلَةِ قَالَهُ الْعَبَّادِيُّ وَيُسَنُّ الدُّعَاءُ وَالتَّضَرُّعُ فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا عَصَفَتْ الرِّيحُ قَالَ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا وَخَيْرَ مَا فِيهَا وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ وَأَعُوذُ بِك مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ مَا فِيهَا وَشَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ» وَرَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «مَا هَبَّتْ رِيحٌ إلَّا جَثَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رَحْمَةً وَلَا تَجْعَلْهَا عَذَابًا اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رِيَاحًا وَلَا تَجْعَلْهَا رِيحًا» .

(بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ)

وَهُوَ لُغَةً: طَلَبُ السُّقْيَا، وَشَرْعًا: طَلَبُ سُقْيَا الْعِبَادِ مِنْ اللَّهِ عِنْدَ حَاجَتِهِمْ إلَيْهَا يُقَالُ: سَقَاهُ وَأَسْقَاهُ بِمَعْنًى وَقَدْ جَمَعَهُمَا لَبِيدُ فِي قَوْلِهِ

سَقَى قَوْمِي بَنِي مَجْدٍ وَأَسْقَى

نُمَيْرًا وَالْقَبَائِلَ مِنْ هِلَالٍ

وَقِيلَ: سَقَاهُ نَاوَلَهُ لِيَشْرَبَ وَأَسْقَاهُ جَعَلَ لَهُ سَقْيًا وَقِيلَ: سَقَاهُ لِشَفَتِهِ وَأَسْقَاهُ لِمَاشِيَتِهِ وَأَرْضِهِ وَقِيلَ: سَقَاهُ لِشَفَتِهِ وَأَسْقَاهُ دَلَّهُ عَلَى الْمَاءِ حَكَاهُ ابْنُ سِيدَهْ وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ الِاتِّبَاعُ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا وَاسْتَأْنَسُوا لَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ} [البقرة: 60] الْآيَةَ وَالِاسْتِسْقَاءُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ ثَابِتَةٌ بِالْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ

ــ

[حاشية العبادي]

مُبْطِلٌ لِلْخُطْبَةِ اهـ قِيلَ: وَمَا ذَكَرَهُ لَا يَرُدُّ عَلَى تَعْبِيرِ الْأَنْوَارِ بِالْجَوَازِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنَافِيهِ وَإِنَّمَا يَرُدُّ عَلَى بَحْثِ الْمُزَجَّدِ. اهـ. (قَوْلُهُ: مِنْ النِّسَاءِ إلَخْ) هَذَا الصَّنِيعُ كَالصَّرِيحِ فِي عَدَمُ الْكَرَاهَةِ لِلشَّابَّةِ الَّتِي لَا هَيْئَةَ لَهَا فَلْيُنْظَرْ مَعَهُ بَعْدَ قَوْلِ الشَّارِحِ السَّابِقِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ آخِرَ بَابِ الْجُمُعَةِ قُلْت: وَتَحْضُرُ الْعَجُوزُ إلَخْ مَا نَصُّهُ: وَخَرَجَ بِالْعَجُوزِ أَيْ: غَيْرِ الْمُشْتَهَاةِ الشَّابَّةُ وَالْمُشْتَهَاةُ فَيُكْرَهُ لَهُمَا الْحُضُورُ كَمَا فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ. اهـ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ تُسْتَثْنَى هَذِهِ الصَّلَاةُ لِنُدْرَتِهَا م ر وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ. (فَرْعٌ) يُنْدَبُ لِلنِّسَاءِ أَيْ: الْعَجَائِزِ غَيْرِ ذَوَاتِ الْهَيْئَاتِ صَلَاةُ الْكُسُوفِ مَعَ الْإِمَامِ وَغَيْرُهُنَّ أَيْ: مِنْ ذَوَاتِ الْهَيْئَاتِ وَلَوْ عَجَائِزَ وَالشَّوَابُّ وَلَوْ غَيْرَ ذَوَاتِ الْهَيْئَاتِ يُصَلِّينَ أَيْ: نَدْبًا فِي الْبُيُوتِ مُنْفَرِدَاتٍ وَلَا بَأْسَ بِجَمَاعَتِهِنَّ وَلَا يَخْطُبْنَ وَإِنْ وَعَظَتْهُنَّ امْرَأَةٌ فَحَسَنٌ، ثُمَّ إنْ كَانَ مَعَهُنَّ رَجُلٌ لَهُ فِيهِنَّ مَحْرَمٌ صَلَّى بِهِنَّ وَإِلَّا كُرِهَ. اهـ. وَقَوْلِي أَيْ: الْعَجَائِزَ وَقَوْلِي وَالشَّوَابَّ وَلَوْ غَيْرَ ذَوَاتِ الْهَيْئَاتِ تَبِعْتُ فِيهِ شَارِحَ الْعُبَابِ لَكِنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ قَوْلِ الشَّارِحِ هُنَا عَنْ الْأُمِّ: بَلْ أُحِبُّهَا لَهُنَّ أَيْ: لِمَنْ لَا هَيْئَةَ لَهَا مِنْ النِّسَاءِ وَقَوْلُهُ: الْآتِي فِي الِاسْتِسْقَاءِ وَعَطَفَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ عَلَى الشَّيْخَةِ الْعَجَائِزَ وَغَيْرَ ذَوَاتِ الْهَيْئَاتِ مِنْ النِّسَاءِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: فِي نَحْوِ الزِّلْزَالِ) هَلْ مِنْ نَحْوِ الزِّلْزَالِ نَحْوُ الطَّاعُونِ؟ وَالْمُتَبَادَرُ لَا. وَاعْلَمْ أَنَّ الزِّلْزَالَ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَيَجُوزُ فَتْحُهُ كَمَا تَقَرَّرَ فِي النَّحْوِ. (قَوْلُهُ: وَسُنَّةُ الصَّلَاةِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ مِنْ زِيَادَتِهِ فِي بَيْتِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَمَحْمُولٌ عَلَى الصَّلَاةِ مُنْفَرِدًا) أَيْ: اجْتَمَعُوا وَصَلَّى كُلٌّ عَلَى الِانْفِرَادِ فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ فَإِنَّهُ يُسْتَشْكَلُ تَسْلِيمُ صِحَّةِ مَا رَوَى أَنَّهُ صَلَّى بِجَمَاعَةٍ وَحَمَلَهُ عَلَى الِانْفِرَادِ. (قَوْلُهُ: قَالَهُ الْحَلِيمِيُّ إلَخْ) جَزَمَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ بِأَنَّهَا كَيْفِيَّةُ الصَّلَوَاتِ وَأَنَّهَا لَا تُصَلَّى عَلَى هَيْئَةِ الْخُسُوفِ قَوْلًا وَاحِدًا كَمَا نُقِلَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ الزَّرْكَشِيّ.

[بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ]

(بَابُ صَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ)(قَوْلُهُ: بِمَعْنًى) مَا هُوَ ذَلِكَ الْمَعْنَى وَلَعَلَّهُ تَأَوَّلَهُ يَشْرَبُ. (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ مَا عَدَا النَّوْعَ الْأَخِيرَ لِمَا سَيَأْتِي عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ إنْكَارِهِ بِرَأْيٍ فَلَا يُنَافِي الْإِجْمَاعَ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْإِجْمَاعِ) فِي الْجُمْلَةِ. (قَوْلُهُ: وَاسْتَأْنَسُوا) لَعَلَّ التَّعْبِيرَ بِالِاسْتِئْنَاسِ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْفَرْضُ كَذَلِكَ عَلَى مَا فَهِمَهُ سَابِقًا مِنْ اجْتِمَاعِ الثَّلَاثَةِ عَلَيْهِ إذْ يَلْزَمُ قَطْعًا أَنْ تَكُونَ الْعِيدُ قَضَاءً وَقَدْ أُخِذَ هَذَا الْكَلَامُ مِنْ تَحْرِيرِ الْعِرَاقِيِّ لَكِنَّ الْعِرَاقِيَّ فَهِمَ الْمَتْنَ عَلَى أَنَّهُ اجْتَمَعَ الْعِيدُ وَالْكُسُوفُ فَقَطْ أَوْ الْجُمُعَةُ وَالْكُسُوفُ فَقَطْ وَحِينَئِذٍ يُمْكِنُ فَرْضُ الْمُزَاحَمَةِ فِي الْجُمُعَةِ وَالْكُسُوفِ، وَلَا يُمْكِنُ فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ لِمَا ذَكَرَ وَقَدْ صَنَعَ الْعِرَاقِيُّ رحمه الله ذَلِكَ فَتَأَمَّلْ.

(بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ)(قَوْلُهُ: صَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ) قَدْ مَرَّ أَنَّ التَّرْجَمَةَ لِشَيْءٍ وَالزِّيَادَةَ عَلَيْهِ لَيْسَتْ مَعِيبَةً بَلْ الْغَرَضُ مِنْهَا أَنَّ مَا ذُكِرَ هُوَ الْمَقْصُودُ الْأَهَمُّ فَلَا ضَرَرَ فِي ذِكْرِ النَّوْعِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الِاسْتِسْقَاءُ بِالدُّعَاءِ. (قَوْلُهُ: طَلَبُ السُّقْيَا) أَيْ: مِنْ اللَّهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَيْ: وَلِحَاجَةٍ أَوَّلًا. (قَوْلُهُ: طَلَبُ السُّقْيَا) هِيَ اسْمٌ مِنْ سَقَاهُ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ سَقَيْتُ الزَّرْعَ سَقْيًا وَأَسْقَى بِالْأَلِفِ لُغَةٌ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: سَقَيْتُهُ وَأَسْقَيْتُهُ دَعَوْتُ لَهُ فَقُلْتُ: سَقْيًا لَكَ، وَفِي الْحَدِيثِ «سُقْيَا رَحْمَةٍ وَلَا سُقْيَا عَذَابٍ» عَلَى فُعْلَى بِالضَّمِّ أَيْ: اسْقِنَا غَيْثًا فِيهِ نَفْعٌ بِلَا ضَرَرٍ وَلَا تَخْرِيبٍ. اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ: سَقَاهُ لِشَفَتِهِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ جَعَلَ لَهُ شَيْئًا يَشْرَبُ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: لِشَفَتِهِ) أَيْ: لِنَفْسِهِ وَقَوْلُهُ: بَعْدَ لِشَفَتِهِ أَيْ: قَرَّبَ الْمَاءَ لِشَفَتِهِ. (قَوْلُهُ: وَالِاسْتِسْقَاءُ إلَخْ) لَمْ يَقُلْ وَهُوَ؛ لِأَنَّ الِاسْتِسْقَاءَ

ص: 66

أَدْنَاهَا الِاسْتِسْقَاءُ بِالدُّعَاءِ خَالِيًا عَمَّا يَأْتِي وَأَوْسَطُهَا الِاسْتِسْقَاءُ بِالدُّعَاءِ بَعْدَ صَلَاةٍ، أَوْ فِي خُطْبَةِ جُمُعَةٍ، أَوْ نَحْوِهَا وَأَفْضَلُهَا الِاسْتِسْقَاءُ بِصَلَاةٍ وَخُطْبَةٍ وَقَدْ ذَكَرَهَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ فَقَالَ:(سُنَّ لِلِاسْتِسْقَاءِ إكْثَارُ الدُّعَا) فِي أَيِّ وَقْتٍ (وَ) إكْثَارُهُ (بَعْدَمَا صَلَّى وَلَوْ تَطَوُّعَا) ، كَمَا فِي الْبَيَانِ وَغَيْرِهِ عَنْ الْأَصْحَابِ (أَوْلَى) مِنْ إكْثَارِهِ بِلَا صَلَاةٍ (كَمَا فِي خُطْبَةٍ لِلْجُمُعَهْ)، أَوْ نَحْوِهَا فَإِنَّهُ فِيهَا أَوْلَى مِنْهُ بِدُونِهَا وَالْمُرَادُ أَنَّهُ فِيهَا كَهُوَ بَعْدَ صَلَاةٍ فَإِنَّهُمَا فِي رُتْبَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ رَآهُ الْحَنَفِيُّ بَدَّعَهْ) مَحَلُّهُ فِي النَّوْعِ الثَّالِثِ خِلَافَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ لِيُوَافِقَ رَأْيَ الْحَنَفِيِّ فَعِنْدَهُ الصَّلَاةُ بِدْعَةٌ؛ لِعَدَمِ وُرُودِهَا وَرَدَّهُ أَئِمَّتُنَا بِوُرُودِهَا فِي الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ وَذِكْرُ الْإِكْثَارِ وَالتَّطَوُّعِ وَأَوْلَوِيَّةِ النَّوْعِ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ

(وَالْأَفْضَلُ) أَيْ: وَأَفْضَلُ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ (الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ) مَعَ مَا سَيَأْتِي (مِنْ مُحْتَاجِ سَقْيٍ وَسِوَاهُ) أَيْ: سُنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمُحْتَاجِ إلَى السَّقْيِ؛ لِانْقِطَاعِ الْمَاءِ، أَوْ قِلَّتِهِ بِحَيْثُ لَا يَكْفِي أَوْ صَيْرُورَتِهِ مَالِحًا، أَوْ نَحْوِهَا وَمِنْ غَيْرِهِ بِأَنْ يُسْتَسْقَى لِلْمُحْتَاجِ؛ لِأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ كَالْعُضْوِ الْوَاحِدِ إذَا اشْتَكَى بَعْضُهُ اشْتَكَى كُلُّهُ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَهْلُ الْأَمْصَارِ وَالْقُرَى وَالْبَوَادِي وَالْمُسَافِرُونَ وَلَوْ تَرَكَهُ الْإِمَامُ لَمْ يَتْرُكْهُ النَّاسُ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: لِلِاسْتِسْقَاءِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُشْرَعُ لِلتَّضَرُّرِ بِكَثْرَةِ الْمِيَاهِ وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ لَمْ يَنْقُلْ، بَلْ السُّنَّةُ أَنْ يَسْأَلُوا اللَّهَ رَفْعَهُ بِأَنْ يَقُولُوا مَا قَالَهُ النَّبِيُّ: صلى الله عليه وسلم «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا اللَّهُمَّ عَلَى الْآكَامِ وَالظِّرَابِ وَبُطُونِ الْأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ لَكِنْ تَقَدَّمَ آخِرَ الْبَابِ السَّابِقِ أَنَّهُ يُسَنُّ لِنَحْوِ الزَّلْزَلَةِ الصَّلَاةُ بِالِانْفِرَادِ وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا نَحْوُهَا فَيُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَا تُشْرَعُ الْهَيْئَةُ الْمَخْصُوصَةُ.

(وَلْتَكُنْ)

ــ

[حاشية العبادي]

لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْقِصَّةِ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ مَطْلُوبٌ؛ وَلِأَنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا لَيْسَ شَرْعًا لَنَا. (قَوْلُهُ: الِاسْتِسْقَاءُ بِالدُّعَاءِ) لَمْ يُعْتَبَرْ الْإِكْثَارُ كَالْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: سُنَّ لِلِاسْتِسْقَاءِ) لَوْ فُرِضَ ثُبُوتُ قَطْعٍ بِنَحْوِ خَبَرِ مَعْصُومٍ بِأَنَّ دُعَاءَ شَخْصٍ يَقْطَعُ بِإِجَابَتِهِ حَالًا وَاحْتَاجَ النَّاسُ لِلسُّقْيَا عَلَى وَجْهٍ يَضُرُّهُمْ عَدَمُهَا فَهَلْ يَجِبُ عَلَى الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ الدُّعَاءُ لَهُمْ بِالسُّقْيَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَعَلَى الْوُجُوبِ يُتَّجَهُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا اسْتَسْقَوْا فَلَمْ يُسْقَوْا، وَصَارَ الْحَالُ لَا يَحْتَمِلُ التَّأْخِيرَ، وَإِلَّا فَيُمْكِنُ أَنْ يُسْقَوْا بِاسْتِسْقَائِهِمْ فَلَا يَجِبُ الدُّعَاءُ لَهُمْ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهِ فِي دَفْعِ حَاجَتِهِمْ وَقَوْلُهُ: إكْثَارُ الدُّعَاءِ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْإِكْثَارَ مَطْلُوبٌ وَإِنْ حَصَلَ بِدُونِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُلِحِّينَ فِي الدُّعَاءِ وَهُوَ شَامِلٌ لِمَا إذَا حَصَلَ الْمَطْلُوبُ بِدُونِ الْإِكْثَارِ، فَلْيُتَأَمَّلْ. .

(قَوْلُهُ: إكْثَارُ الدُّعَاءِ) يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ الدُّعَاءُ وَإِكْثَارُهُ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْبَيَانِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ لِلنَّوَوِيِّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ مِنْ التَّقْيِيدِ بِالْفَرَائِضِ. اهـ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي خُطْبَةٍ) أَيْ: كَالْإِكْثَارِ الَّذِي فِي قَوْلِهِ: وَالْمُرَادُ أَنَّهُ فِيهَا أَيْ: وَإِنْ أَوْهَمَ التَّنْظِيرَ خِلَافَهُ.

(قَوْلُهُ: أَيْ: أَفْضَلُ الْأَنْوَاعِ) لَعَلَّ الْأَقْعَدَ أَيْ: الْأَفْضَلَ مِنْ هَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَمِنْ غَيْرِهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ بَعُدَ الْغَيْرُ جِدًّا. (قَوْلُهُ: لَمْ يَتْرُكْهُ النَّاسُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: لَكِنْ لَا يَخْرُجُونَ إلَى الصَّحْرَاءِ إذَا كَانَ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ بِالْبَلَدِ حَتَّى يَأْذَنَ لَهُمْ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ. اهـ. مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَوْ أُمِنَتْ الْفِتْنَةُ وَلَمْ يُعْتَدَّ الِاسْتِئْذَانُ اُتُّجِهَ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ لَكِنْ قَوْلُهُ: لَا يَخْرُجُونَ أَيْ: يُكْرَهُ الْخُرُوجُ الْمَذْكُورُ م ر. (قَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ لِلِاسْتِسْقَاءِ مُتَعَلِّقٌ بِالْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ فَإِطْلَاقُ قَوْلِهِ الْآتِي وَهُوَ كَذَلِكَ مُشْكِلٌ لِمَشْرُوعِيَّةِ الدُّعَاءِ لِلتَّضَرُّرِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ أَحَدُ الْأَنْوَاعِ وَظُهُورِ أَنَّهُ عَقِبَ الصَّلَاةِ وَفِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ أَوْلَى وَهُوَ ثَانِي الْأَنْوَاعِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَهُوَ كَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّالِثِ كَمَا أَشْعَرَ بِذَلِكَ قَوْلُهُ: فَيُحْمَلُ إلَخْ وَقَوْلُهُ: بَلْ السُّنَّةُ أَنْ يَسْأَلُوا إلَخْ، فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا) أَيْ: التَّضَرُّرَ الْمَذْكُورَ

ــ

[حاشية الشربيني]

فِي التَّرْجَمَةِ بِمَعْنَى الطَّلَبِ وَمَا هُنَا أَعَمُّ لِشُمُولِهِ الصَّلَاةَ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْبَيَانِ إلَخْ) خِلَافًا لِمَا وَقَعَ لِلنَّوَوِيِّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِالْفَرَائِضِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: حَوَالَيْنَا) مُثَنَّى مُفْرَدُهُ حَوَالٍ قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَحْرِيرِهِ وَنَقَلَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ مُفْرَدٌ وَكَتَبَ أَيْضًا حَوَالَيْنَا بِفَتْحِ اللَّامِ وَفِيهِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ: اجْعَلْ. اهـ. شَوْبَرِيُّ وَتَقَدَّمَ فِي التَّيَمُّمِ أَنَّهُ جَمْعُ حَوْلٍ بِمَعْنَى جِهَةٍ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ وَالْقِيَاسُ أَحْوَالٌ وَهَذَا الْجَمْعُ عَلَى صُورَةِ الْمُثَنَّى قَرَّرَهُ ح ف هُنَاكَ ثُمَّ رَأَيْت فِي حَاشِيَةِ حَجَرٍ عَلَى الْهَمْزِيَّةِ لِلْبُولَاقِيِّ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: حَوَالَيْنَا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ حَوْلَنَا وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَالْحَوْلُ وَالْحَوَالُ بِمَعْنَى الْجَانِبِ وَاَلَّذِي فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ تَثْنِيَةُ حَوَالٍ وَهُوَ ظَرْفٌ يَتَعَلَّقُ بِمَحْذُوفٍ وَدُخُولُ الْوَاوِ فِي وَلَا عَلَيْنَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ طَلَبَ الْمَطَرِ عَلَى الْمَذْكُورَاتِ لَيْسَ مَقْصُودَ الْعَيِّنَةِ وَلَكِنْ لِيَكُونَ وِقَايَةً مِنْ أَذَاهُ فَلَيْسَتْ مُخْلَصَةً لِلْعَطْفِ وَلَكِنَّهَا لِلتَّعْلِيلِ فَهُوَ كَقَوْلِهِمْ: تَجُوعُ الْحُرَّةُ وَلَا تَأْكُلُ بِثَدْيِهَا، فَإِنَّ الْجُوعَ لَيْسَ مَقْصُودَ الْعَيِّنَةِ وَلَكِنْ لِكَوْنِهِ مَانِعًا عَنْ الرَّضَاعِ بِأُجْرَةٍ إذْ كَانُوا يَكْرَهُونَ ذَلِكَ تَكَبُّرًا. اهـ. فَتْحُ الْبَارِي. اهـ. شَوْبَرِيٌّ. اهـ. جَمَلٌ عَلَى الْمَنْهَجِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر أَفَادَتْ الْوَاوَ أَنَّ طَلَبَ الْمَطَرِ حَوَالَيْنَا الْقَصْدُ مِنْهُ بِالذَّاتِ وِقَايَةُ أَذَاهُ فَفِيهَا مَعْنَى التَّعْلِيلِ أَيْ: اجْعَلْهُ حَوَالَيْنَا لِئَلَّا يَكُونَ عَلَيْنَا. اهـ. وَقَوْلُهُ: وَنُقِّلَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ مُفْرَدٌ حَرِّرْهُ مَعَ وُجُودِ الْيَاءِ. (قَوْلُهُ: الْآكَامِ) جَمْعُ أُكُمٍ بِضَمَّتَيْنِ جَمْعُ آكَامٍ بِوَزْنِ كِتَابٍ جَمْعُ أَكَمٍ بِفَتْحَتَيْنِ جَمْعُ أَكَمَةٍ وَهِيَ التَّلُّ الْمُرْتَفِعُ إذَا لَمْ يَبْلُغْ أَنْ يَكُونَ جَبَلًا قَالَ الْجَمَلُ: وَأَقَلُّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ مِنْ مُفْرَدَاتٍ وَلَوْ كَانَتْ جُمُوعًا فَلَا يَتَحَقَّقُ آكَامٌ إلَّا بِإِحْدَى وَثَمَانِينَ أَكَمَةٍ؛ لِأَنَّ أَكَمَ الَّذِي هُوَ مُفْرَدٌ عِبَارَةٌ عَنْ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ

ص: 67

صَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ (كَالْعِيدِ) أَيْ: كَصَلَاتِهِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ فَيُكَبِّرُ فِي أَوَّلِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى سَبْعًا، وَأَوَّلِ الثَّانِيَةِ خَمْسًا وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ وَيَقِفُ بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ مُسَبِّحًا حَامِدًا مُهَلِّلًا مُكَبِّرًا وَيَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ وَيَقْرَأُ فِي الْأُولَى " ق " وَفِي الثَّانِيَةِ " اقْتَرَبَتْ " وَقِيلَ: يَقْرَأُ فِي الثَّانِيَةِ {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا} [نوح: 1] وَرَدَّهُ فِي الْمَجْمُوعِ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ عَلَى أَنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يَقْرَأَ مَا يَقْرَأُ فِي الْعِيدِ قَالَ: وَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ أَنَّهُ إنْ قَرَأَ فِي الثَّانِيَةِ {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا} [نوح: 1] كَانَ حَسَنًا مَعْنَاهُ أَنَّهُ مُسْتَحْسَنٌ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ " اقْتَرَبَتْ " وَلَمَّا كَانَ تَنْظِيرُ الْحَاوِي صَلَاةَ الِاسْتِسْقَاءِ بِصَلَاةِ الْعِيدِ يُفْهِمُ اتِّحَادَهُمَا فِي الْوَقْتِ مَعَ أَنَّهُمَا لَمْ يَتَّحِدَا فِيهِ.

زَادَ النَّاظِمُ قَوْلَهُ: (قُلْتُ: الْحَقُّ) أَنَّهُ (لَا تُخَصُّ صَلَاتُهَا) أَيْ: السُّقْيَا (وَقْتًا) أَيْ: لَا تَخْتَصُّ بِوَقْتِ صَلَاةِ الْعِيدِ، بَلْ جَمِيعُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَقْتٌ لَهَا، كَمَا لَا تَخْتَصُّ بِيَوْمٍ (وَهَذَا) هُوَ (النَّصُّ) لِلشَّافِعِيِّ وَقَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُونَ، كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَلَوْ قَالَ النَّاظِمُ صَلَاتُهُ أَيْ: صَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ كَانَ أَوْلَى وَالسُّنَّةُ أَنْ يُصَلِّي فِي الصَّحْرَاءِ إذَا لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ لِلِاتِّبَاعِ؛ وَلِأَنَّهُ يَحْضُرُهَا غَالِبُ النَّاسِ وَالصِّبْيَانُ وَالْحُيَّضُ وَالْبَهَائِمُ وَغَيْرُهُمْ فَالصَّحْرَاءُ أَوْسَعُ لَهُمْ وَأَلْيَقُ.

(وَكَرَّرَ) الْمُصَلِّي لِلِاسْتِسْقَاءِ (الصَّلَاةَ) بِهَيْئَتِهَا ثَانِيًا وَثَالِثًا وَأَكْثَرَ (إنْ تَأَخَّرَا) أَيْ: السَّقْيُ حَتَّى يَسْتَقُوا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ الْمُلِحِّينَ فِي الدُّعَاءِ فَيَعُودُونَ مِنْ الْغَدِ، كَمَا فِي الْمُخْتَصَرِ وَالْبُوَيْطِيِّ وَالْأُمِّ فِي مَوْضِعٍ وَفِي الْقَدِيمِ وَالْأُمُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَا يَعُودُونَ مِنْ الْغَدِ، بَلْ يَصُومُونَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ يَعُودُونَ فِي الرَّابِعِ، كَمَا فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى فَقَالَ الْجُمْهُورُ: إنْ اقْتَضَى الْحَالُ التَّأْخِيرَ كَانْقِطَاعِ مَصَالِحِهِمْ صَامُوا، وَإِلَّا فَلَا وَالنَّصَّانِ مَحْمُولَانِ عَلَى ذَلِكَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَوْلَانِ أَظْهَرُهُمَا الْأَوَّلُ وَنَقَلَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ بَلْ النَّقْلُ الْأَوَّلُ مَحْمُولٌ عَلَى الْجَوَازِ وَالثَّانِي عَلَى النَّدْبِ، ثُمَّ إذَا عَادُوا مِنْ الْغَدِ أَوْ بَعْدِهِ يُنْدَبُ أَنْ يَكُونُوا صَائِمِينَ فِيهِ

(وَإِنْ سُقِيَ) الْمُحْتَاجُ (قَبْلَ الصَّلَاةِ) وَبَعْدَ التَّهَيُّؤِ لَهَا (ظَهَرَا) أَيْ: خَرَجَ مُرِيدُهَا نَدْبًا (لِلشُّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَالصَّلَاةِ) شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى وَطَلَبًا لِلْمَزِيدِ قَالَ: تَعَالَى {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: 7] .

(وَيَأْمُرُ) نَدْبًا (الْإِمَامُ) قَبْلَ خُرُوجِهِ بِالنَّاسِ (كُلًّا) بِأَنْ (يَأْتِي)

ــ

[حاشية العبادي]

أَوْ مَا ذُكِرَ مِنْ كَثْرَةِ الْمِيَاهِ.

(قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، نَعَمْ وَقْتُهَا الْمُخْتَارُ وَقْتُ صَلَاةِ الْعِيدِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ لِلِاتِّبَاعِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: الصَّلَاةَ بِهَيْئَتِهَا) وَمِنْهَا الْخُطْبَةُ.

(قَوْلُهُ: شُكْرًا لِلَّهِ) هَذَا التَّوْجِيهُ مَوْجُودٌ فِي الْكُسُوفِ فَهَلَّا صَلَّى لَهُ بَعْدَ الِانْجِلَاءِ لِذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقَالَ: التَّوْجِيهُ بِمَجْمُوعِ الشُّكْرِ وَطَلَبِ الْمَزِيدِ

(قَوْلُهُ: كُلًّا بِأَنْ يَأْتِيَ) قَالَ ابْنُ عُجَيْلٍ سَوَاءٌ الَّذِي يَخْرُجُ لِلصَّلَاةِ وَغَيْرُهُ حَتَّى فِي الصَّوْمِ بِرّ

ــ

[حاشية الشربيني]

أَكَمَةً؛ لِأَنَّهُ جَمْعُ آكَامٍ وَمَدْلُولُهُ تِسْعُ أَكَمَاتٍ؛ لِأَنَّهُ جَمْعُ أَكَمٍ وَمَدْلُولُهُ ثَلَاثُ أَكَمَاتٍ. اهـ. شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: فِي أَوَّلِ إلَخْ) أَيْ: بَعْدَ الِافْتِتَاحِ وَقَبْلَ التَّعَوُّذِ. اهـ. م ر

(قَوْلُهُ: الْحَقُّ) هُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ وَقِيلَ: يَخْتَصُّ صَلَاتُهَا بِوَقْتِهِ. (قَوْلُهُ: فِي الصَّحْرَاءِ) وَلَوْ اتَّسَعَ الْمَسْجِدُ كَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْأَقْصَى.

(قَوْلُهُ: وَكَرَّرَ) وَيَمْتَنِعُ أَنْ يَزِيدَ فِيهَا رَكْعَةً أَوْ غَيْرَهَا فَلَا تُصَلَّى إلَّا رَكْعَتَيْنِ. اهـ. جَمَلٌ وَغَيْرُهُ خِلَافًا لِحَجَرٍ وَبَعْضُ نُسَخِ م ر وَقِيلَ: إنَّهُ ضَرَبَ عَلَيْهِ. اهـ. ق ل. (قَوْلُهُ: فَقَالَ الْجُمْهُورُ: إلَخْ) مُعْتَمَدٌ م ر. (قَوْلُهُ: فَلَا) أَيْ: فَلَا صَوْمَ لِلثَّلَاثَةِ وَإِنْ كَانُوا يَوْمَ الْخُرُوجِ صَائِمِينَ.

(قَوْلُهُ: وَبَعْدَ النَّهْيِ) هَكَذَا قَيَّدَ بِهِ صَاحِبُ الرَّوْضِ وَشُرَّاحُ الْمِنْهَاجِ وَالْعِرَاقِيُّ شَارِحُ الْمَتْنِ فَيُفِيدُ أَنَّهُمْ إنْ سُقُوا قَبْلَ النَّهْيِ لَا يَخْرُجُونَ. (قَوْلُهُ: وَالصَّلَاةِ) وَتَجِبُ نِيَّةُ الِاسْتِسْقَاءِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. اهـ. ق ل وَحَجَرٌ.

(قَوْلُهُ: الْإِمَامُ) مِثْلُهُ نَائِبُهُ أَوْ قَاضِي الْمَحَلِّ أَوْ مُطَاعٌ فِيهِ أَوْ حَاكِمٌ فِي بَلَدٍ لَا إمَامَ فِيهِ، فَيَجِبُ مَا أَمَرَ بِهِ وَلَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِالْأَمْرِ بِالِاسْتِسْقَاءِ بَلْ كُلُّ مَا لَيْسَ مَعْصِيَةً يَجِبُ بِأَمْرِهِ وَلَوْ مُبَاحًا وَلَا يَسْقُطُ الْوُجُوبُ بِرُجُوعِهِ عَنْ الْأَمْرِ وَلَا بِالسُّقْيَا فِي أَثْنَائِهِ وَيَجِبُ فِي الصَّوْمِ تَبْيِيتُ النِّيَّةِ لَيْلًا وَلَا يَقْضِي إذَا فَاتَ وَيُجْزِئُ عَنْهُ صَوْمُ غَيْرِهِ وَلَوْ نَفْلًا فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ، وَلَا يَجُوزُ لِلْمُسَافِرِ فِطْرُهُ وَإِنْ تَضَرَّرَ بِمَا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ؛ لِأَنَّهُ يَقْضِي وَخَالَفَهُ زي كَابْنِ حَجَرٍ فَقَالَا: لَا يُجْزِئُ عَنْهُ غَيْرُهُ وَيَجُوزُ فِطْرُهُ بِمَا يَجُوزُ بِهِ فِطْرُ رَمَضَانَ. اهـ. قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ: وَظَاهِرُهُ وُجُوبُ تَبْيِيتِ النِّيَّةِ فِي النَّفْلِ فَلْيُرَاجَعْ وَقَوْلُهُ: وَلَوْ نَفْلًا إلَخْ اُنْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِمْ: إنَّهُ يَجِبُ التَّعْيِينُ فِيهِ إلَّا إذَا صَامَ مَكَانَهُ قَضَاءً فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ النَّفَلَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّعْيِينِ بِنِيَّةِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ إلَّا أَنْ يَضُمَّ النَّفَلَ لِلْقَضَاءِ. اهـ.

وَفِي الشَّرْقَاوِيِّ وَيَكْفِي صَوْمُ تِلْكَ الْأَيَّامِ عَنْ نَذْرٍ أَوْ قَضَاءٍ أَوْ كَفَّارَةٍ أَوْ نَفْلٍ، كُصُوم اثْنَيْنِ وَخَمِيسٍ اهـ مَعَ قَوْلِهِ: بِوُجُوبِ التَّعْيِينِ حَيْثُ قَالَ: وَيَجِبُ عَلَيْهِمْ الصَّوْمُ بِأَمْرِهِ فَيَجِبُ فِيهِ تَبْيِيتُ النِّيَّةِ وَالتَّعْيِينُ نَعَمْ لَمْ يَذْكُرْ ق ل عَلَى الْجَلَالِ التَّعْيِينَ كَمَا سَلَفَ. اهـ. وَقَدْ يُحْمَلُ قَوْلُهُمْ بِكِفَايَةِ النَّفْلِ عَلَى مَا إذَا نَوَى الِاسْتِسْقَاءَ وَالنَّفَل كَأَنْ نَوَى بِهِ صَوْمَ الِاسْتِسْقَاءِ وَيَوْمَ الِاثْنَيْنِ أَوْ الْخَمِيسِ أَوْ عَلَى أَنَّهُ يَكْفِي أَيْ: يُجْزِئُ عَنْ الصَّوْمِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَيَكُونُ التَّعْيِينُ إنَّمَا هُوَ لِدَفْعِ الْحُرْمَةِ فَقَطْ كَمَا قَالَهُ الشَّرْقَاوِيُّ وَغَيْرُهُ فِي التَّبْيِيتِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ

ص: 68

بِزِيَادَةٍ يَأْتِي تَكْمِلَةً أَيْ: يَأْمُرُ كُلًّا مِنْهُمْ (بِالْبِرِّ) وَهُوَ اسْمٌ جَامِعٌ لِكُلِّ خَيْرٍ وَمِنْهُ الصَّوْمُ وَرَدُّ الْمَظَالِمِ وَلِكَوْنِهِمَا أَرْجَى لِلْإِجَابَةِ صَرَّحَ بِهِمَا فَقَالَ (وَالصَّوْمِ) أَيْ: وَبِصَوْمِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّهُ مُعِينٌ عَلَى الرِّيَاضَةِ وَالْخُشُوعِ وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ خَبَرَ «ثَلَاثَةٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ وَالْإِمَامُ الْعَادِلُ وَالْمَظْلُومُ» وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَنَسٍ وَقَالَ: دَعْوَةُ الصَّائِمِ وَالْوَالِدِ وَالْمُسَافِرِ وَالصَّوْمُ لَازِمٌ لِلْقَوْمِ بِأَمْرِ الْإِمَامِ امْتِثَالًا لَهُ، كَمَا أَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ} [النساء: 59] الْآيَةَ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَهَلْ يَتَعَدَّى ذَلِكَ إلَى كُلِّ مَا يَأْمُرُهُمْ بِهِ مِنْ الصَّدَقَةِ وَغَيْرِهَا أَمْ يَخْتَصُّ بِالصَّوْمِ فِيهِ نَظَرٌ انْتَهَى. وَظَاهِرُ الْآيَةِ يَقْتَضِي التَّعَدِّيَ إلَى ذَلِكَ وَمَالَ ابْنُ الْعِمَادِ إلَى الِاخْتِصَاصِ (وَ) يَأْمُرُهُمْ (بِالتَّرَاجُعِ) أَيْ بِتَوْبَتِهِمْ (عَنْ ظُلْمِهِمْ) فِي الدَّمِ وَالْعِرْضِ وَالْمَالِ؛ لِأَنَّهُ أَرْجَى لِلْإِجَابَةِ قَالَ تَعَالَى {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} [هود: 52] وَمَعْلُومٌ أَنَّ التَّوْبَةَ وَاجِبَةٌ أَمَرَ بِهَا الْإِمَامُ أَمْ لَا.

(وَ) بِأَنْ (يَخْرُجُوا) مَعَهُ (فِي) الْيَوْمِ (الرَّابِعِ مَعَ الْخُشُوعِ) فِي مَشْيِهِمْ وَجُلُوسِهِمْ وَغَيْرِهِمَا (وَجَمِيعٌ) أَيْ: وَالْحَالَةُ أَنَّ جَمِيعَهُمْ حَتَّى الْإِمَامُ (صَائِمٌ) يَوْمَ الرَّابِعِ وَفَارَقَ يَوْمُ عَرَفَةَ حَيْثُ لَا يُسَنُّ لِلْحَاجِّ صَوْمُهُ بِأَنَّهُ تَجْتَمِعُ عَلَيْهِ مَشَقَّةُ الصَّوْمِ وَالسَّفَرِ وَبِأَنَّ مَحَلَّ الدُّعَاءِ ثَمَّةَ آخِرَ النَّهَارِ، وَالْمَشَقَّةُ الْمَذْكُورَةُ مُضَعَّفَةٌ حِينَئِذٍ بِخِلَافِهِ هُنَا وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلَيْنِ أَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَالصَّوْمُ لَازِمٌ لِلْقَوْمِ بِأَمْرِ الْإِمَامِ) وَيَحْصُلُ بِفَرْضٍ كَنَذْرٍ وَكَفَّارَةٍ وَإِذَا فَاتَ لَا يُقْضَى؛ لِأَنَّهُ لِسَبَبٍ وَقَدْ زَالَ أَفْتَى بِجَمِيعِ ذَلِكَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ كَمَا يَحْصُلُ بِمَا ذَكَرَ يَحِلُّ لَا كَمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُ الطَّلَبَةِ فَلْيُحْذَرْ. (قَوْلُهُ: وَالصَّوْمُ لَازِمٌ لِلْقَوْمِ) وَيَجِبُ التَّبْيِيتُ فَإِنْ تَرَكَهُ فَقِيَاسُ وُجُوبِهِ حُصُولُ الْإِثْمِ وَأَنَّهُ لَوْ نَوَى حِينَئِذٍ نَهَارًا صَحَّ الصَّوْمُ وَوَقَعَ نَفْلًا وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَقُومَ مَقَامَ الْوَاجِبِ. (قَوْلُهُ: امْتِثَالًا) قَضِيَّةُ ذَلِكَ عَدَمُ وُجُوبِ الصَّوْمِ عَلَى الْإِمَامِ قَوْلُهُ: فِيهِ نَظَرٌ. اهـ. قَالَ م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ: وَالْقِيَاسُ التَّعَدِّي. (قَوْلُهُ: يَقْتَضِي التَّعَدِّيَ) وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِمْ فِي بَابِ الْإِمَامَةِ: تَجِبُ طَاعَةُ الْإِمَامِ فِي أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ مَا لَمْ يُخَالِفْ الشَّرْعَ أَيْ: يَأْمُرُ بِحَرَامٍ.

(قَوْلُهُ: وَبِأَنْ يَخْرُجُوا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَاسْتَثْنَى صَاحِبُ الْخِصَالِ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَبَيْتَ الْمَقْدِسِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ حَسَنٌ وَعَلَيْهِ عَمَلُ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ لِفَضْلِ الْبُقْعَةِ وَاتِّسَاعِهَا كَمَا مَرَّ فِي الْعِيدِ. اهـ. وَعَلَى قِيَاسِهِ يَأْتِي هُنَا مَا مَرَّ، ثُمَّ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدَيْنِ لَكِنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ اسْتِحْبَابُهَا فِي الصَّحْرَاءِ مُطْلَقًا لِلِاتِّبَاعِ وَالتَّعْلِيلِ السَّابِقَيْنِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَبِأَنْ يَخْرُجُوا) إلَّا فِي مَكَّةَ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ عَلَى مَا قَالَهُ الْخَفَّافُ وَاعْتَمَدَهُ جَمْعٌ مِنْهُمْ الْأَذْرَعِيُّ اقْتِدَاءً بِالْخَلَفِ وَالسَّلَفِ لِشَرَفِ الْمَحَلِّ وَسَعَتِهِ الْمُفْرِطَةِ وَلَا يُنَافِيهِ إحْضَارُ نَحْوِ الصِّبْيَانِ وَالْبَهَائِمِ؛ لِأَنَّهَا تُوقَفُ بِأَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ، وَإِلَّا إنْ قَلَّ الْمُسْتَسْقُونَ فَالْمَسْجِدُ مُطْلَقًا لَهُمْ أَفْضَلُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ حَجَرٌ

ــ

[حاشية الشربيني]

بِزِيَادَةٍ يَأْتِي) لَعَلَّهُ؛ لِأَنَّ الْبِرَّ كَالصَّوْمِ وَرَدُّ الْمَظَالِمِ يَتَضَمَّنُ الْإِتْيَانَ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَالصَّوْمِ) وَلَا يَجِبُ فِيهِ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ بَلْ يَكْفِي فِيهِ نِيَّةُ السَّبَبِ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ الشَّوْبَرِيُّ وَقَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْقُوَيْسِنِيُّ مُسْتَبْعِدًا لِمَا اعْتَمَدَهُ ح ف مِنْ وُجُوبِ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ كَذَا بِخَطِّ وَالِدِي رحمه الله عَلَى شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ الْمَرْصَفِيُّ عَنْ الشَّيْخِ الْقُوَيْسَنِيِّ أَيْضًا مُعَلِّلًا بِأَنَّ الصَّوْمَ لَا تَجِبُ فِيهِ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ وَكَذَا النَّذْرُ وَإِنَّمَا الْوَاجِبُ فِي النَّذْرِ ذِكْرُ أَنَّهُ عَنْ النَّذْرِ. اهـ. فَالصَّوْمُ هُنَا بَعْدَ أَمْرِ الْإِمَامِ بِهِ لَا يَكُونُ إلَّا وَاجِبًا كَرَمَضَانَ وَحِينَئِذٍ لَا حَاجَةَ لِنِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: دَعْوَةُ الصَّائِمِ) لَعَلَّهُ بَدَلٌ مِمَّا تَضَمَّنَهُ ثَلَاثَةً إلَخْ وَهُوَ ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ لَا تُرَدُّ. (قَوْلُهُ: لَازِمٌ إلَخْ) وَإِذَا فَاتَ لَا يَقْضِي إذْ وُجُوبُهُ لَيْسَ لِعَيْنِهِ بَلْ لِعَارِضٍ وَهُوَ أَمْرُ الْإِمَامِ، وَالْقَصْدُ مِنْهُ الْفِعْلُ فِي الْوَقْتِ لَا مُطْلَقًا وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْقَضَاءَ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ. اهـ. م ر. (قَوْلُهُ: وَهَلْ يَتَعَدَّى إلَخْ) اعْتَمَدَ م ر التَّعَدِّيَ. (قَوْلُهُ: إلَى كُلِّ مَا يَأْمُرُهُمْ بِهِ)

ص: 69

مُسَافِرِينَ وَصَلَّوْا آخِرَ النَّهَارِ لَا صَوْمَ عَلَيْهِمْ، بَلْ قَضِيَّةُ الْأَوَّلِ ذَلِكَ أَيْضًا وَإِنْ وَصَلُوا أَوَّلَ النَّهَارِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُسَافِرَ إذَا تَضَرَّرَ بِالصَّوْمِ فَالْفِطْرُ أَفْضَلُ (بِبِذْلَةٍ) أَيْ: مَعَ ثِيَابِ بِذْلَةٍ أَيْ: مِهْنَةٍ وَهِيَ الْمَلْبُوسَةُ حَالَةَ الْخِدْمَةِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَى الِاسْتِسْقَاءِ مُبْتَذِلًا مُتَوَاضِعًا مُتَضَرِّعًا حَتَّى أَتَى الْمُصَلَّى فَلَمْ يَزَلْ فِي الدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ وَالتَّكْبِيرِ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، كَمَا صَلَّى الْعِيدَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ فَعُلِمَ أَنَّهُمْ لَا يَتَزَيَّنُونَ وَلَا يَتَطَيَّبُونَ، بَلْ يَتَنَظَّفُونَ بِالْمَاءِ وَالسِّوَاكِ وَقَطْعِ الرَّوَائِحِ الْكَرِيهَةِ، وَفَارَقَ الْعِيدَ بِأَنَّهُ يَوْمُ زِينَةٍ وَهَذَا يَوْمُ مَسْأَلَةٍ وَاسْتِكَانَةٍ.

(وَ) سُنَّ أَنْ تَخْرُجَ (مَعَهُمْ الْبَهَائِمُ وَشِيَخَةٌ وَصِبْيَةٌ) بِكَسْرِ الشِّينِ وَالصَّادِ جَمْعُ شَيْخٍ وَصَبِيٍّ؛ لِأَنَّ دُعَاءَهُمْ أَرْجَى لِلْإِجَابَةِ إذْ الشَّيْخُ أَرَقُّ قَلْبًا وَالصَّبِيُّ لَا ذَنْبَ لَهُ «وَقَالَ صلى الله عليه وسلم وَهَلْ تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ إلَّا بِضُعَفَائِكُمْ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ «وَقَالَ: صلى الله عليه وسلم خَرَجَ نَبِيٌّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ يَسْتَسْقِي فَإِذَا هُوَ بِنَمْلَةٍ رَافِعَةٍ بَعْضَ قَوَائِمِهَا إلَى السَّمَاءِ فَقَالَ: ارْجِعُوا فَقَدْ اُسْتُجِيبَ لَكُمْ مِنْ أَجْلِ شَأْنِ النَّمْلَةِ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَفِي الْبَيَانِ أَنَّ هَذَا النَّبِيَّ هُوَ سُلَيْمَانُ عليه الصلاة والسلام وَأَنَّ النَّمْلَةَ وَقَفَتْ عَلَى ظَهْرِهَا وَرَفَعَتْ يَدَيْهَا وَقَالَتْ: اللَّهُمَّ أَنْتَ خَلَقْتَنَا فَإِنْ رَزَقْتَنَا وَإِلَّا فَأَهْلِكْنَا قَالَ: وَرُوِيَ أَنَّهَا قَالَتْ: اللَّهُمَّ إنَّا خَلْقٌ مِنْ خَلْقِكَ لَا غِنَى بِنَا عَنْ رِزْقِكَ فَلَا تُهْلِكْنَا بِذُنُوبِ بَنِي آدَمَ وَعَطَفَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ عَلَى الشِّيَخَةِ الْعَجَائِزَ وَغَيْرَ ذَوَاتِ الْهَيْئَاتِ مِنْ النِّسَاءِ وَتُوقَفُ الْبَهَائِمُ مَعْزُولَةً وَقِيلَ: لَا يُسَنُّ إخْرَاجُهَا إذْ لَيْسَ لَهَا أَهْلِيَّةُ دُعَاءٍ وَحَكَاهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ قَالُوا: وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَالْأَوَّلُ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ مَعَ حِكَايَةِ النَّوَوِيِّ فِي مَجْمُوعِهِ وَغَيْرِهِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ الْمَذْكُورِ.

(وَجَازَا خُرُوجُ ذِمِّيٍّ) فِي يَوْمِنَا أَوْ غَيْرِهِ لِطَلَبِ الرِّزْقِ وَفَضْلُ اللَّهِ وَاسِعٌ، وَقَدْ يُجِيبُهُ اسْتِدْرَاجًا لَهُ قَالَ تَعَالَى {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ} [الأعراف: 182] (وَعَنَّا امْتَازَا)

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: بَلْ قَضِيَّةُ الْأَوَّلِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَيُجَابُ بِأَنَّ الْإِمَامَ لَمَّا أَمَرَ بِهِ هُنَا صَارَ وَاجِبًا وَقَدْ يُقَالُ: يَنْبَغِي أَنْ يَتَقَيَّدَ وُجُوبُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَتَضَرَّرْ بِهِ الْمُسَافِرُ فَإِنْ تَضَرَّرَ بِهِ فَلَا وُجُوبَ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِهِ حِينَئِذٍ غَيْرُ مَطْلُوبٍ لِكَوْنِ الْفِطْرِ أَفْضَلَ. اهـ. وَيَنْبَغِي أَنَّ الضَّرَرَ الَّذِي يَحْتَمِلُ إعَادَةً لَا يَمْنَعُ الْوُجُوبَ. (قَوْلُهُ: أَوَّلَ النَّهَارِ) الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ: الْوُجُوبُ عَلَيْهِمْ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: وَصِبْيَةٌ إلَخْ) وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّ مُؤْنَةَ حَمْلِهِمْ فِي مَالِ الْوَلِيِّ كَمُؤْنَةِ حَجِّهِمْ بَلْ أَوْلَى وَيُتَّجَهُ أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ بِأَنْ كَانُوا مِنْ الْمُحْتَاجِينَ فَفِي مَالِهِمْ، وَإِلَّا فَفِي مَالِ الْوَلِيِّ م ر.

(قَوْلُهُ: وَصِبْيَةٌ) نَقَلَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ كَلَامًا قَالَ: إنَّ قَضِيَّتَهُ أَنَّ مُؤْنَةَ إخْرَاجِ الصِّبْيَانِ فِي مَالِهِمْ لَا مَالِ الْوَلِيِّ. (قَوْلُهُ: وَغَيْرُ ذَوَاتِ الْهَيْئَاتِ إلَخْ) هَذَا يُوَافِقُ الْفَرْعَ الْمَارَّ آخِرَ الْكُسُوفِ لِأَنَّ غَيْرَ ذَوَاتِ الْهَيْئَاتِ يَشْمَلُ الشَّوَابَّ وَحِينَئِذٍ يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْجُمُعَةِ فَكَأَنَّهُ اُغْتُفِرَ ذَلِكَ هُنَا وَفِي الْكُسُوفِ لِنُدْرَتِهِمَا.

(قَوْلُهُ: وَقَدْ يُجِيبُهُ) يُفِيدُ أَنَّ دُعَاءَ الْكَافِرِ قَدْ يُقْبَلُ وَهُوَ مَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ وَقِيَاسُ ذَلِكَ جَوَازُ التَّأْمِينِ عَلَى دُعَائِهِ خِلَافًا لِقَوْلِ الرُّويَانِيِّ لَا يَجُوزُ التَّأْمِينُ عَلَى دُعَاءِ الْكَافِرِ؛ لِأَنَّ دُعَاءَهُ غَيْرُ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَالَ فِي التُّحْفَةِ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مَا أَمَرَ بِهِ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ عَامَّةٌ لَا يَجِبُ امْتِثَالُهُ إلَّا ظَاهِرًا فَقَطْ بِخِلَافِ مَا فِيهِ ذَلِكَ يَجِبُ بَاطِنًا أَيْضًا. اهـ. وَقَوْلُهُ: مِمَّا لَيْسَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ عَامَّةٌ أَقُولُ: وَكَذَا مِمَّا فِيهِ مَصْلَحَةٌ عَامَّةٌ أَيْضًا فِيمَا يَظْهَرُ إذَا كَانَتْ تَحْصُلُ مَعَ الِامْتِثَالِ ظَاهِرًا فَقَطْ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمَنْهِيَّ كَالْمَأْمُورِ فَيَجْرِي فِيهِ جَمِيعُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ فِي الْمَأْمُورِ فَيَمْتَنِعُ ارْتِكَابُهُ وَإِنْ كَانَ مُبَاحًا عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ كَمَا تَقَدَّمَ وَيَكْفِي الِانْكِفَافُ ظَاهِرًا إذَا لَمْ تَكُنْ مَصْلَحَةٌ عَامَّةٌ أَوْ حَصَلَتْ مَعَ الِانْكِفَافِ ظَاهِرًا فَقَطْ. اهـ. سم. (قَوْلُهُ: وَمَعْلُومٌ إلَخْ) فَأَمْرُهُ بِهَا تَأْكِيدٌ لِلْأَمْرِ بِهَا شَرْعًا. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَقَدْ تَقَدَّمَ إلَخْ) يُفَرَّقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَهُنَاكَ بِأَنَّهُ هُنَاكَ يَقْضِي بِخِلَافِهِ هُنَا. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: إذَا تَضَرَّرَ) أَيْ: ضَرَرًا يَجُوزُ مَعَهُ الصَّوْمُ إذْ مَا لَا يَجُوزُ مَعَهُ يَكُونُ الْفِطْرُ فِيهِ وَاجِبًا. (قَوْلُهُ: وَسُنَّ إلَخْ) وَيُتَّجَهُ الْوُجُوبُ إذَا أَمَرَ الْإِمَامُ سم عَلَى التُّحْفَةِ

(قَوْلُهُ: وَجَازَ إلَخْ) أَيْ: لَا يَنْبَغِي لَنَا مَنْعُهُ. اهـ. م ر وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَلَا يُمْنَعُ أَهْلُ ذِمَّةٍ حُضُورًا قَالَ الْجَمَلُ أَيْ: لَا يُطْلَبُ مَنْعُهُمْ لَا إيجَابًا وَلَا نَدْبًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَفِي الرَّوْضَةِ عَنْ النَّصِّ كَرَاهَةُ تَمْكِينِنَا لَهُمْ مِنْ الْحُضُورِ فَعَلَيْهِ مَنْعُهُمْ مَنْدُوبٌ وَتَرْكُهُ مَكْرُوهٌ وَهُوَ ضَعِيفٌ. اهـ. شَيْخُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ إنْ كَانَ الْمُرَادُ الْحُضُورَ مَعَنَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: ذِمِّيٌّ) مِثْلُهُ غَيْرُهُ بَلْ أَوْلَى لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ كَالذِّمِّيِّ. اهـ. مَرْصَفِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُجِيبُهُ) وَقَدْ أَجَابَ دَعْوَةَ إبْلِيسَ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ. اهـ. مَرْصَفِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَعَنَّا امْتَازَا) قِيلَ: بِمِقْدَارِ ثَلَثِمِائَةِ ذِرَاعٍ وَقِيلَ: بِأَنْ لَا يَرَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَقِيلَ: الِامْتِيَازُ بِحَسَبِ الْعُرْفِ كَذَا بِهَامِشِ الْحَاوِي. (قَوْلُهُ: وَعَنَّا امْتَازَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْعُبَابِ وَيُكْرَهُ إخْرَاجُ الْكُفَّارِ وَخُرُوجُهُمْ مَعَ الْمُسْلِمِينَ فَيُمْنَعُونَ إلَّا أَنْ يَتَحَيَّزُوا عَنْهُمْ وَهِيَ تَقْتَضِي تَقْيِيدَ كَرَاهَةِ الْخُرُوجِ لِمُصَاحَبَتِهِمْ الْمُسْلِمِينَ فِيهِ بِخِلَافِ عِبَارَةِ

ص: 70

بِمَوْقِفٍ إذَا خَرَجَ مَعَنَا فَيُمْنَعُ مِنْ اخْتِلَاطِهِ بِنَا؛ لِأَنَّهُ مَلْعُونٌ وَقَالَ تَعَالَى {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال: 25] فَإِنْ خَالَطُونَا كُرِهَ وَيُكْرَهُ إخْرَاجُهُمْ وَخُرُوجُهُمْ مَعَنَا؛ لِأَنَّهُمْ رُبَّمَا كَانُوا سَبَبَ الْقَحْطِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَا أَكْرَهُ مِنْ إخْرَاجِ صِبْيَانِهِمْ مَعَنَا مَا أَكْرَهُ مِنْ خُرُوجِ كِبَارِهِمْ؛ لِأَنَّ ذُنُوبَهُمْ أَقَلُّ لَكِنْ يُكْرَهُ؛ لِكُفْرِهِمْ وَعَلَّلَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ كُفْرَهُمْ لَيْسَ عِنَادًا بِخِلَافِ الْكِبَارِ قَالَ النَّوَوِيُّ: وَالنَّصُّ الْمَذْكُورُ يَقْتَضِي كُفْرَ أَطْفَالِ الْكُفَّارِ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِمْ إذَا مَاتُوا فَقَالَ الْأَكْثَرُ: إنَّهُمْ فِي النَّارِ وَطَائِفَةٌ: لَا نَعْلَمُ حُكْمَهُمْ وَالْمُحَقِّقُونَ: إنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ؛ لِأَنَّهُمْ غَيْرُ مُكَلَّفِينَ وَوُلِدُوا عَلَى الْفِطْرَةِ وَحَاصِلُ هَذَا أَنَّهُمْ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا كُفَّارٌ وَفِي أَحْكَامِ الْآخِرَةِ مُسْلِمُونَ.

(وَ) نَدْبًا (يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ سِرًّا) أَيْ: فِي نَفْسِهِ (عَمَلَهُ مِنْ الْجَمِيلِ وَشَفِيعًا جَعَلَهْ) أَيْ: وَجَعَلَ عَمَلَهُ الْجَمِيلَ شَفِيعًا لَهُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّ ذَلِكَ لَائِقٌ بِالشَّدَائِدِ، كَمَا فِي خَبَرِ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ أَوَوْا إلَى الْغَارِ.

(وَالْأَفْضَلُ اسْتِسْقَاؤُهُمْ بِالْأَتْقِيَا) ؛ لِأَنَّ دُعَاءَهُمْ أَرْجَى لِلْإِجَابَةِ وَكَمَا اسْتَسْقَى مُعَاوِيَةُ بِيَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ (لَا سِيَّمَا) إنْ كَانُوا (مِنْ آلِ خَيْرِ الْأَنْبِيَا) صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ، كَمَا اسْتَسْقَى عُمَرُ بِالْعَبَّاسِ عَمِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ

(ثُمَّ كَعِيدٍ خُطْبَتَا اسْتِدْبَارِ) أَيْ: ثُمَّ بَعْدَ الصَّلَاةِ سُنَّ خُطْبَتَانِ مُسْتَدْبِرًا بِهِمَا الْقِبْلَةَ كَخُطْبَتَيْ الْعِيدِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَيَجُوزُ - كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا - تَقْدِيمُ الْخُطْبَةِ عَلَى الصَّلَاةِ؛ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ فَلَوْ عَبَّرَ النَّاظِمُ بِالْوَاوِ بَدَلَ " ثُمَّ " لَأَفَادَ ذَلِكَ وَكَأَنَّهُ عَبَّرَ كَالْحَاوِي تَبَعًا لِلشَّافِعِيِّ " بِثُمَّ " لِيُفِيدَ الْأَكْمَلَ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي خُطْبَةٌ وَاحِدَةٌ، كَمَا فِي الْعِيدِ وَمَا فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ مِنْ أَنَّهُ يَكْفِي خُطْبَةٌ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّهَا سُنَّةٌ يَقْتَضِي الِاكْتِفَاءَ بِوَاحِدَةٍ فِي الْعِيدِ؛ لِأَنَّهَا سُنَّةٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ خِلَافُ مَا فِي تَعْلِيقِ الْبَنْدَنِيجِيِّ وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِ الْبَنْدَنِيجِيِّ قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِنْ لَمْ يُحَوِّلْ الرِّدَاءَ وَاقْتَصَرَ عَلَى الْخُطْبَةِ أَجْزَأَهُ وَهَذَا صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ هَذَا سُنَّةٌ انْتَهَى وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا يُفِيدُ ذَلِكَ وَتَقَدَّمَ لَهُ نَظِيرُهُ فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ وَنَبَّهْت هُنَاكَ عَلَى مَا فِيهِ وَالتَّصْرِيحُ هُنَا بِالِاسْتِدْبَارِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ.

(وَبَدَّلَ) الْخَطِيبُ (التَّكْبِيرَ) الْمَشْرُوعَ فِي خُطْبَتَيْ الْعِيدِ (بِاسْتِغْفَارِ) فِي خُطْبَتَيْ الِاسْتِسْقَاءِ فَيَقُولُ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ الْحَيَّ الْقَيُّومَ وَأَتُوبُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَلْيَقُ بِالْحَالِ وَيُكْثِرُ فِيهِمَا مِنْ الِاسْتِغْفَارِ وَمِنْ قَوْلِهِ: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} [نوح: 10]{يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} [نوح: 11] وَمِنْ دُعَاءِ الْكَرْبِ وَهُوَ «لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الْأَرْضِ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمُ» وَبَدَّلَ أَيْضًا مَا يَتَعَلَّقُ بِالْفِطْرَةِ وَالْأُضْحِيَّةَ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِالِاسْتِسْقَاءِ وَدُخُولُ الْبَاءِ

ــ

[حاشية العبادي]

مَقْبُولٍ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْكِبَارِ) فِي إطْلَاقِ أَنَّ كُفْرَ الْكِبَارِ عِنَادٌ وَقْفَةٌ. (قَوْلُهُ: وَالنَّصُّ الْمَذْكُورُ يَقْتَضِي إلَخْ) أَقُولُ: وَيَقْتَضِي أَنَّهُمْ مُكَلَّفُونَ حَيْثُ أَثْبَتَ لَهُمْ ذُنُوبًا أَقَلَّ فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مُكَلَّفِينَ فَمِنْ أَيْنَ الذُّنُوبُ؟ وَلَا يَخْفَى إشْكَالُ تَكْلِيفِهِمْ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرَادَ الذُّنُوبُ صُورَةً وَإِنْ لَمْ تُوجِبْ إثْمًا وَالذُّنُوبُ وَلَوْ صُورَةً تُؤَثِّرُ فَلْيُتَأَمَّلْ. سم. (قَوْلُهُ: فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا كُفَّارٌ) وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا اقْتَضَاهُ النَّصُّ السَّابِقُ أَوْ يَكُونُ مُوَافِقًا لِلْأَكْثَرِ.

(قَوْلُهُ: فِي نَفْسِهِ) يُتَّجَهُ جَعْلُ " فِي نَفْسِهِ " تَفْسِيرًا لِلسَّتْرِ هُنَا لَكِنْ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمَطْلُوبَ إخْفَاءُ ذَلِكَ عَنْ غَيْرِهِ لَا أَنْ لَا يَنْطِقَ بِهِ؛ لِأَنَّ الدُّعَاءَ مَطْلُوبٌ بِاللِّسَانِ أَيْضًا وَقَضِيَّةُ جَعْلِ الْعَمَلِ شَفِيعًا فِي دُعَائِهِ اللِّسَانِيِّ أَنْ يَنْطِقَ بِهِ وَإِنْ عَبَّرَ فِي الْعُبَابِ بِمَا يُوَافِقُ عِبَارَةَ الشَّارِحِ فَقَالَ: أَنْ يَحْضُرَ بِبَالِهِ مَا عَمِلَ إلَخْ ويُؤَيِّدُ مَا قُلْنَاهُ قَوْلُهُمْ كَمَا فِي خَبَرِ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ أَوَوْا إلَى الْغَارِ فَإِنَّهُمْ نَطَقُوا بِأَعْمَالِهِمْ فِي الِاسْتِشْفَاعِ بِهَا كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قِصَّتُهُمْ الْمَبْسُوطَةُ فِي مَحَلِّهَا بَلْ لَمْ يُخْفِ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ تِلْكَ الْقِصَّةِ.

(قَوْلُهُ: بِمُقَابَلَةٍ فَقَطْ) يُحَرَّرُ مُحْتَرَزُهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

شَرْحَيْ الْمَنْهَجِ وَالرَّوْضِ حَيْثُ قَالَ: وَفِي الرَّوْضَةِ عَنْ النَّصِّ كَرَاهَةُ خُرُوجِهِمْ، وَأَمَّا عِبَارَةُ هَذَا الشَّارِحِ فَهِيَ كَمَا تَرَى صَرِيحَةً فِي كَرَاهَةِ الْخُرُوجِ مَعَنَا فَقَطْ، وَفِي أَنَّهُمْ إذَا خَرَجُوا مَعَنَا نُدِبَ امْتِيَازُهُمْ عَنَّا فَيُمْنَعُونَ مِنْ اخْتِلَاطِهِمْ بِنَا فَلَعَلَّ مَعْنَى قَوْلِ الْعُبَابِ فَيُمْنَعُونَ إلَخْ أَنَّهُمْ يُمْنَعُونَ الْخُرُوجَ إنْ لَمْ يَرْضَوْا بِعَدَمِ الِاخْتِلَاطِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: بِمَوْقِفٍ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ إلَّا الِاخْتِلَاطُ بِنَا فِي الْمَوْقِفِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ يُكْرَهُ لَنَا فِيمَا يَظْهَرُ تَمْكِينُهُمْ مِنْ الِاخْتِلَاطِ بِنَا مِنْ حِينِ الْخُرُوجِ إلَى الْعَوْدِ وَقَوْلٌ شَيْخِنَا فِي مُصَلَّانَا: الظَّاهِرُ أَنَّهُ تَصْوِيرٌ فَقَطْ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ إخْرَاجُهُمْ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مَعَنَا. (قَوْلُهُ: وَخُرُوجُهُمْ مَعَنَا) وَمَعَ ذَلِكَ لَا يُمْنَعُونَ اهـ شَيْخُنَا. اهـ. مَرْصَفِيٌّ وَقَوْلُهُ: وَمَعَ ذَلِكَ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: مِنْ إخْرَاجِ صِبْيَانِهِمْ مَعَنَا إلَخْ) لَعَلَّ الْإِخْرَاجَ بِمَعْنَى الْخُرُوجِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ: مَا أَكْرَهُ مِنْ خُرُوجِ إلَخْ، وَإِلَّا فَكَرَاهَةُ الْإِخْرَاجِ لَا تَتَقَيَّدُ بِكَوْنِهِمْ مَعَنَا بِخِلَافِ الْخُرُوجِ. تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: لَيْسَ عِنَادًا) أَيْ: حَقِيقَةً أَوْ بِالْقُوَّةِ لِظُهُورِ أَدِلَّةِ التَّوْحِيدِ.

(قَوْلُهُ: وَدُخُولُ الْبَاءِ إلَخْ) نَقَلَ م ر فِي شَرْحِ خُطْبَةِ الْمِنْهَاجِ عَنْ الشَّمْسِ الْقَايَاتِيِّ شَيْخِ الشَّارِحِ أَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ أَئِمَّةُ اللُّغَةِ أَنَّهَا تَدْخُلُ عَلَى الْمَأْخُوذِ فِي الْإِبْدَالِ مُطْلَقًا وَفِي التَّبْدِيلِ إنْ لَمْ يَذْكُرْ مَعَ الْمَتْرُوكِ وَالْمَأْخُوذِ غَيْرَهُمَا فَقَدْ نَقَلَ الْأَزْهَرِيُّ إلَخْ مَا فِي الشَّارِحِ، أَمَّا إذَا ذَكَرَ مَعَهُمَا غَيْرَهُمَا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ} [سبأ: 16] وَكَمَا فِي قَوْلِكَ: بَدَّلَهُ نَحْوُ قُدَّامَنَا، فَدُخُولُهَا

ص: 71

عَلَى الْمَأْخُوذِ الْمَصْحُوبِ بِمُقَابِلِهِ فَقَطْ فِي التَّبْدِيلِ، كَمَا فَعَلَ النَّاظِمُ مُتَعَيَّنٌ فَقَدْ نَقَلَ الْأَزْهَرِيُّ عَنْ ثَعْلَبٍ بَدَّلْتَ الْخَاتَمَ بِالْحَلْقَةِ إذَا أَذَبْتَهُ وَسَوَّيْتَهُ حَلْقَةً وَبَدَّلْتَ الْحَلْقَةَ بِالْخَاتَمِ إذَا أَذَبْتَهَا وَجَعَلْتَهَا خَاتَمًا قَالَ السُّبْكِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ ذَلِكَ عَنْ الْوَاحِدِيِّ عَنْ ثَعْلَبٍ عَنْ الْفَرَّاءِ: وَرَأَيْت فِي شِعْرِ الطُّفَيْلِ بْنِ عَمْرٍو الدَّوْسِيِّ لَمَّا أَسْلَمَ فِي النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

فَأَلْهَمَنِي هُدَايَ اللَّهُ عَنْهُ

وَبَدَّلَ طَالِعِي نَحْسِي بِسَعْدِي

وَبِذَلِكَ عُلِمَ فَسَادُ مَا اُعْتُرِضَ بِهِ عَلَى الْفُقَهَاءِ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ، بَلْ يَلْزَمُ دُخُولُهَا عَلَى الْمَتْرُوكِ.

وَ (بَالَغَ) نَدْبًا (فِي) خُطْبَةٍ (ثَانِيَةٍ) أَيْ: فِي (دُعَائِهَا) بَعْدَ اسْتِقْبَالِهِ الْقِبْلَةَ، كَمَا سَيَأْتِي سِرًّا وَجَهْرًا قَالَ تَعَالَى {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} [الأعراف: 55] فَإِذَا جَهَرَ أَمَّنَ الْقَوْمُ وَإِذَا أَسَرَّ دَعَوْا سِرًّا وَيَرْفَعُ جَمِيعٌ يَدَيْهِ فِي الدُّعَاءِ بِجَعْلِ ظَهْرِ كَفَّيْهِ إلَى السَّمَاءِ؛ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالْحِكْمَةُ فِيهِ أَنَّ الْقَصْدَ رَفْعُ الْبَلَاءِ بِخِلَافِ الْقَاصِدِ حُصُولُ شَيْءٍ فَيَجْعَلُ بَطْنَ كَفَّيْهِ إلَى السَّمَاءِ وَلْيَكُنْ مِنْ دُعَائِهِمْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ " اللَّهُمَّ أَنْتَ أَمَرْتنَا بِدُعَائِك وَوَعَدَتْنَا بِإِجَابَتِك، وَقَدْ دَعَوْنَاكَ كَمَا أَمَرْتنَا فَأَجِبْنَا، كَمَا وَعَدْتَنَا اللَّهُمَّ اُمْنُنْ عَلَيْنَا بِمَغْفِرَةِ مَا قَارَفْنَا وَإِجَابَتَكَ فِي سُقْيَانَا وَسَعَةِ رِزْقِنَا، وَقَيَّدُوا الْمُبَالَغَةَ فِي الدُّعَاءِ بِالثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ أَلْيَقُ بِالْخَوَاتِمِ أَمَّا الْأُولَى فَيُسَنُّ فِيهَا الدُّعَاءُ بِلَا مُبَالَغَةٍ فَيَدْعُو فِيهَا جَهْرًا، وَالْأَوْلَى كَوْنُهُ بِالْمَأْثُورِ وَمِنْهُ «اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا هَنِيئًا مَرِيئًا مُرِيعًا غَدَقًا مُجَلَّلًا سَحًّا طَبَقًا دَائِمًا اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْثَ وَلَا تَجْعَلْنَا مِنْ الْقَانِطِينَ، اللَّهُمَّ إنَّ بِالْعِبَادِ وَالْبِلَادِ مِنْ اللَّأْوَاءِ وَالْجَهْدِ وَالضَّنْكِ مَا لَا نَشْكُو إلَّا إلَيْكَ، اللَّهُمَّ أَنْبِتْ لَنَا الزَّرْعَ وَأَدِرَّ لَنَا الضَّرْعَ وَاسْقِنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ وَأَنْبِتْ لَنَا مِنْ بَرَكَاتِ الْأَرْضِ اللَّهُمَّ ارْفَعْ عَنَّا الْجَهْدَ وَالْجُوعَ وَالْعُرْيَ وَاكْشِفْ عَنَّا مِنْ الْبَلَاءِ مَا لَا يَكْشِفُهُ غَيْرُك اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَغْفِرُكَ إنَّك كُنْت غَفَّارًا فَأَرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْنَا مِدْرَارًا» .

(وَاسْتَقْبَلَ) نَدْبًا (الْقِبْلَةَ) لِدُعَائِهِ (فِي أَثْنَائِهَا) أَيْ: أَثْنَاءِ الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ وَهُوَ نَحْوُ ثُلُثِهَا، كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي دَقَائِقِهِ فَإِنْ اسْتَقْبَلَ لَهُ فِي الْأُولَى لَمْ يُعِدْهُ فِي الثَّانِيَةِ نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ.

(وَالْعُلْوَ مِنْ رِدَائِهِ سُفْلًا يَدَعْ) أَيْ: وَيَتْرُكُ نَدْبًا بِمَعْنَى يَجْعَلُ عُلْوَ رِدَائِهِ سُفْلَهُ وَبِالْعَكْسِ عِنْدَ اسْتِقْبَالِهِ الْقِبْلَةَ وَيُسَمَّى تَنْكِيسًا؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «هَمَّ بِذَلِكَ وَكَانَ عَلَيْهِ خَمِيصَةٌ سَوْدَاءُ فَلَمَّا ثَقُلَتْ عَلَيْهِ قَلَبَهَا عَلَى عَاتِقِهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ فَرَأَى الشَّافِعِيُّ اتِّبَاعَهُ فِيمَا هَمَّ بِهِ لِظُهُورِ الدَّاعِي إلَى تَرْكِهِ.

(وَيَمْنَةً) بِفَتْحِ الْيَاءِ (يُسْرَى) أَيْ: وَيَدَعُ نَدْبًا يَمْنَةَ رِدَائِهِ يَسْرَتَهُ وَبِالْعَكْسِ وَيُسَمَّى تَحْوِيلًا؛ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ» زَادَ أَحْمَدُ «وَحَوَّلَ النَّاسُ مَعَهُ» وَمَتَى جَعَلَ الْأَسْفَلَ الَّذِي عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْمَنِ، وَاَلَّذِي عَلَى الْأَيْمَنِ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ حَصَلَ التَّنْكِيسُ وَالتَّحْوِيلُ جَمِيعًا وَهَذَا فِي الرِّدَاءِ الْمُرَبَّعِ أَمَّا الْمُدَوَّرِ وَيُقَالُ لَهُ: الْمُثَلَّثُ وَالْمُقَوَّرُ فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا التَّحْوِيلُ ذَكَرَهُ فِي

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: فِي النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم) مُتَعَلِّقٌ بِشِعْرِ الطُّفَيْلِ.

(قَوْلُهُ: دُعَائِهَا) الْأَوْجَهُ أَنَّهُ بَدَلُ اشْتِمَالٍ وَإِنْ أَوْهَمَ ذِكْرُ " أَيْ " أَنَّهُ عَطْفُ بَيَانٍ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَيَرْفَعُ جَمِيعَ يَدَيْهِ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَيَرْفَعُونَ أَيْدِيَهُمْ قَالَ فِي شَرْحِهِ: قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَيُكْرَهُ رَفْعُ الْيَدِ الْمُتَنَجِّسَةِ فِي الدُّعَاءِ قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: لَا يُكْرَهُ بِحَائِلٍ. (قَوْلُهُ: فَيَدْعُو فِيهَا) أَيْ: الْأُولَى

(قَوْلُهُ: أَمَّا الْمُدَوَّرُ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ، أَمَّا الْمُقَوَّرُ وَالْمُثَلَّثُ فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا التَّحْوِيلُ قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ تَقْتَضِي تَغَايُرَ الْمُثَلَّثِ وَمَا قَبْلَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلِهَذَا عَبَّرَ جَمَاعَةٌ بِأَوْ وَقَوْلُ الْمَجْمُوعِ: قَالَ الْأَصْحَابُ: إنْ كَانَ مُدَوَّرًا وَيُقَالُ لَهُ: الْمُقَوَّرُ وَالْمُثَلَّثُ لَمْ يُسْتَحَبَّ التَّنْكِيسُ يَقْتَضِي اتِّحَادَهُمَا وَلَيْسَ مُرَادًا. اهـ. إذْ الْمُدَوَّرُ مَا يُنْسَجُ أَوْ يُخَاطُ مُقَوَّرًا كَالسُّفْرَةِ، وَالْمُثَلَّثُ مَا لَهُ زَاوِيَةٌ وَاحِدَةٌ فِي مُقَابَلَةِ زَاوِيَتَيْنِ حَجَرٌ ش ع. (قَوْلُهُ: إلَّا التَّحْوِيلَ) أَيْ: لِعُسْرِ تَنْكِيسِهِ إذْ لَيْسَ لَهُ زَاوِيَةٌ يَسْهُلُ تَنَاوُلُ الْيَدِ لَهَا حَتَّى يَجْعَلَ أَعْلَاهُ أَسْفَلَهُ وَعَكْسُهُ حَجَرٌ

ــ

[حاشية الشربيني]

حِينَئِذٍ عَلَى الْمَتْرُوكِ كَمَا فِي الِاسْتِبْدَالِ وَالتَّبَدُّلِ اهـ وَقَوْلُهُ: مُطْلَقًا أَيْ: سَوَاءٌ ذَكَرَ مَعَ الْمَتْرُوكِ وَالْمَأْخُوذِ غَيْرَهُمَا أَمْ لَا. اهـ. ع ش وَبِهِ ظَهَرَ مَعْنَى قَوْلِهِ: الْمَصْحُوبِ بِمُقَابِلِهِ فَقَطْ فِي التَّبْدِيلِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: مُتَعَيَّنٌ) قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ الْأَفْصَحُ. اهـ.

(قَوْلُهُ: أَيْ: فِي دُعَائِهَا) إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ عَطْفُ بَيَانٍ. اهـ. لَكِنْ الْأَوْلَى أَنَّهُ بَدَلٌ. (قَوْلُهُ: بِجَعْلِ ظَهْرِ كَفَّيْهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ دَائِمًا اعْتِبَارًا لِمَا ذُكِرَ مِنْ الْقَصْدِ لَكِنْ فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَنَّ الْإِشَارَةَ بِظَهْرِ الْكَفِّ فِي كُلِّ صِيغَةٍ، فِيهَا دَفْعٌ نَحْوُ اكْشِفْ وَارْفَعْ وَبِبَطْنِهِ فِي كُلِّ صِيغَةٍ، فِيهَا تَحْصِيلٌ نَحْوَ: أَسْقِنَا وَأَنْبِتْ لَنَا وَمَا فِي الْمَنْهَجِ مِنْ اعْتِبَارِ الْقَصْدِ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ وَلَوْ اجْتَمَعَ التَّحْصِيلُ وَالرَّفْعُ كَأَنْ سَمِعَ شَخْصًا دَعَا بِهِمَا فَقَالَ: اللَّهُمَّ افْعَلْ لِي مِثْلَ ذَلِكَ رَاعَى الثَّانِي. اهـ. (قَوْلُهُ: أَسْقِنَا) بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ مِنْ أَسْقَى وَوَصْلِهَا مِنْ سَقَى ع ش. (قَوْلُهُ: مَرِيعًا) أَيْ: ذَا رَيْعٍ وَقَوْلُهُ: غَدَقًا أَيْ: كَثِيرَ الْمَاءِ وَالْخَيْرِ أَوْ كَبِيرَ الْقَطْرِ. (قَوْلُهُ: مُجَلِّلًا) أَيْ: يَعُمُّ الْأَرْضَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِمَا يَخْرُجُ بِسَبَبِهِ كَجُلِّ الْفَرَسِ، طَبَقًا أَيْ: كَالطَّبَقِ عَلَى الْأَرْضِ لِاسْتِيعَابِهِ لَهَا دَائِمًا إلَى انْتِهَاءِ الْحَاجَةِ، وَاللَّأْوَاءُ شِدَّةُ الْمَجَاعَةِ. (قَوْلُهُ: سَحَّاءَ) يُقَالُ سَحَّ إذَا سَالَ مِنْ أَعْلَى إلَى أَسْفَلَ وَسَاحَ، إذَا سَالَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ. اهـ. ق ل وَفِي التُّحْفَةِ أَنَّهُ شَدِيدُ الْوَقْعِ عَلَى الْأَرْضِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: يَدَعُ) أَيْ: الذَّكَرُ فَقَطْ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى. اهـ. ق ل

(قَوْلُهُ: الْمُدَوَّرُ) وَكَذَا الطَّوِيلُ م ر. اهـ. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا التَّحْوِيلُ) ؛ لِأَنَّ التَّنْكِيسَ فِيهِ مُتَعَسِّرٌ

ص: 72