المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

أَمْ لِغَيْرِهِ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ كَمَا فَصَّلَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ: - الغرر البهية في شرح البهجة الوردية - جـ ٢

[زكريا الأنصاري]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ الْجُمُعَةِ)

- ‌[شُرُوطُ صِحَّةِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[ضَابِطُ النَّاسِ فِي الْجُمُعَةِ سِتَّةُ أَقْسَامٍ]

- ‌[شُرُوطِ لُزُومِ الْجُمُعَةَ]

- ‌[آدَابُ الْجُمُعَةَ]

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ)

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْعِيدِ)

- ‌[خَاتِمَةٌ لُبْسُ الثِّيَابِ الْخَشِنَةِ لِغَيْرِ غَرَضٍ شَرْعِيٍّ]

- ‌[فَرْعٌ الْخُطَبُ الْمَشْرُوعَةُ عَشْرُ خُطَبٍ]

- ‌(تَنْبِيهٌ) إذَا رَأَى شَيْئًا مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْخُسُوفِ)

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ حُكْمِ (تَارِكِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بَابُ الْجَنَائِزِ)

- ‌[فَرْعٌ لَوْ مَاتَ أَقَارِبُهُ دُفْعَةً قُدِّمَ فِي التَّكْفِينِ وَغَيْرِهِ مِنْ يُسْرِعُ فَسَادُهُ]

- ‌[فَائِدَةٌ فِي سَبَبِ تَسْمِيَةِ مَنْ قُتِلَ قَبْلُ فِي حَرْبِ الْكُفَّارِ شَهِيدًا]

- ‌[فَرَعٌ حَضَرَ مَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَى الْمَيِّتِ]

- ‌(بَابُ الزَّكَاةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ زَكَاةِ (الْفِطْرَةِ)

- ‌(بَابُ الصِّيَامِ)

- ‌(بَابُ الِاعْتِكَافِ)

- ‌[أَرْكَانُهُ الِاعْتِكَافُ]

- ‌(بَابُ الْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ)

- ‌(بَابُ الْبَيْعِ)

- ‌(بَابُ الرِّبَا)

- ‌(فَصْلٌ فِي الْخِيَارِ)

- ‌[أَسْبَابُ الْخِيَارِ]

الفصل: أَمْ لِغَيْرِهِ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ كَمَا فَصَّلَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ:

أَمْ لِغَيْرِهِ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ كَمَا فَصَّلَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ: (لِلنَّفْسِ، وَالْعِرْسِ وَكُلِّ مَنْ ذَكَرَ) بِخِلَافِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّهَا عِوَضٌ، وَالْفِطْرَةُ عِبَادَةٌ مَشْرُوطَةٌ بِالْيَسَارِ فَلَوْ أَيْسَرَ بَعْدُ وَلَوْ بِلَحْظَةٍ لَا يَلْزَمُهُ الْأَدَاءُ

(وَتَلْزَمُ) الْفِطْرَةُ الزَّوْجَةَ (الْحُرَّةَ غَيْرَ الْمُعْدَمَهْ) أَيْ الْمُوسِرَةَ إذَا (أَعْسَرَ زَوْجُهَا)، أَوْ كَانَ عَبْدًا (وَ) تَلْزَمُ (سَيِّدُ الْأَمَهْ) إذَا كَانَ زَوْجُهَا كَذَلِكَ بِنَاءً فِيهِمَا عَلَى أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى الْمُؤَدَّى عَنْهُ ابْتِدَاءً كَذَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَقَالَ النَّوَوِيُّ: الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ لَا تَلْزَمُ الْحُرَّةَ لِكَمَالِ تَسْلِيمِهَا نَفْسَهَا بِخِلَافِ الْأَمَةِ بِدَلِيلِ أَنَّ لِسَيِّدِهَا أَنْ يُسَافِرَ بِهَا وَيَسْتَخْدِمَهَا لَكِنْ يُسَنُّ لِلْحُرَّةِ أَنْ تُخْرِجَ عَنْ نَفْسِهَا لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ وَلِتَطْهِيرِهَا كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الشَّافِعِيِّ، وَالْأَصْحَابِ.

وَالتَّصْرِيحُ بِيَسَارِهَا وَبِإِعْسَارِ الزَّوْجِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ وَلَوْ زَادَ الثَّانِيَ بَعْدَ قَوْلِهِ: وَسَيِّدُ الْأَمَةِ كَانَ أَوْلَى

(وَبِيعَ) وُجُوبًا (جَزْءُ عَبْدِهِ لِفِطْرَتِهْ) أَيْ لِفِطْرَةِ عَبْدِهِ (إنْ كَانَ لَا يَحْتَاجُهُ لِخِدْمَتِهْ) وَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا يُؤَدِّي مِنْهُ كَمَا فِي الدَّيْنِ فَإِنْ احْتَاجَ لَهُ فَلَا لِلضَّرَرِ وَبَنَى بِيعَ لِلْمَفْعُولِ لِيَعُمَّ بَيْعَ الْمُتَصَرِّفِ فِي مَالِ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ وَبَيْعَ الْحَاكِمِ عِنْدَ امْتِنَاعِ الْمَالِكِ الْمُكَلَّفِ (قُلْت وَلَوْ كَانَ) الْعَبْدُ (نَفِيسًا) يُمْكِنُ بَيْعُهُ وَشِرَاءُ بَدَلِهِ بِالْبَاقِي عَنْ الْفِطْرَةِ وَكَانَ (يُؤْلَفُ فَفِيهِ بَحْثٌ فِي الظِّهَارِ يُعْرَفُ) أَيْ يُعْرَفُ مِنْ بَحْثٍ لِلرَّافِعِيِّ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ، وَهُوَ أَنَّ مَا ذُكِرَ فِيهَا مِنْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ بَيْعُهُ عَلَى الْأَصَحِّ يَنْبَغِي جَرَيَانُهُ فِي الْحَجِّ كَمَا مَرَّ وَتَقَدَّمَ الْفَرْقُ عَنْ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَالرَّوْضَةِ وَلَوْ قَالَ النَّاظِمُ: وَفِيهِ بَحْثٌ بِالْوَاوِ لِيَكُونَ جَوَابُ لَوْ مَعْلُومًا مِمَّا قَبْلَهَا لَوَافَقَ الْفَرْقَ

. ‌

(بَابُ الصِّيَامِ)

هُوَ لُغَةً الْإِمْسَاكُ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى حِكَايَةٌ عَنْ مَرْيَمَ {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} [مريم: 26] أَيْ إمْسَاكًا وَسُكُوتًا عَنْ الْكَلَامِ وَقَوْلُ النَّابِغَةِ:

خَيْلٌ صِيَامٌ وَخَيْلٌ غَيْرُ صَائِمَةٍ

تَحْتَ الْعَجَاجِ وَأُخْرَى تَعْلُكُ اللُّجُمَا

وَشَرْعًا إمْسَاكٌ عَنْ الْمُفْطِرِ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ، وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ مَعَ مَا يَأْتِي آيَةُ {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة: 183] وَخَبَرُ «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ» وَفُرِضَ فِي شَعْبَانَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ وَأَرْكَانُهُ أَرْبَعَةٌ صَائِمٌ وَنِيَّةٌ وَإِمْسَاكٌ عَنْ الْمُفْطِرَاتِ وَقَابِلِيَّةُ الْوَقْتِ (يَثْبُتُ شَهْرُ رَمَضَانَ) لِلصَّوْمِ (بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ) إمَّا (بِاسْتِكْمَالِ شَعْبَانَ الْعَدَدِ) ثَلَاثِينَ يَوْمًا لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ» (أَوْ رُؤْيَةِ الْعَدْلِ) الْوَاحِدِ (هِلَالَ الشَّهْرِ) الْمَذْكُورِ «لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: إذَا كَانَ زَوْجُهَا كَذَلِكَ) بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مُوسِرًا وَقَدْ سَلِمَتْ لَيْلًا وَنَهَارًا فَيَلْزَمُ الزَّوْجَ فِطْرَتُهَا (قَوْلُهُ: كَانَ أَوْلَى) لِاعْتِبَارِهِ فِي ذَلِكَ أَيْضًا

(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ) أَيْ الَّذِي لَا يَحْتَاجُهُ وَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: فِي الَّذِي يَحْتَاجُهُ إذَا كَانَ نَفِيسًا مَا لَوْ قَالَ: وَأَمْكَنَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِثَمَنِهِ لَائِقًا فَيُبَاعُ وَيُخْرِجُ مِنْ الْفَاضِلِ فِطْرَةَ الْعَبْدِ بِرّ (قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ الْفَرْقُ إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْعَبْدِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي تَقَدَّمَ فِيهِ الْفَرْقُ وَحِينَئِذٍ فَيُشْكِلُ قَوْلُ الشَّارِحِ وَلَوْ قَالَ: النَّاظِمُ فِيهِ بَحْثٌ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: ذَلِكَ لَكَانَ جَوَابُ لَوْ الْمَعْلُومُ خَاصًّا بِاَلَّذِي لَا يَحْتَاجُهُ فَإِنْ قُلْت مَعَ التَّعْبِيرِ بِالْفَاءِ أَيْضًا لَا يُسْتَفَادُ أَنَّ الْمُرَادَ الَّذِي يَحْتَاجُهُ قُلْت لَكِنَّ الْعِبَارَةَ حِينَئِذٍ صَالِحَةٌ لِلْحَمْلِ عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُحَرَّرْ سم (قَوْلُهُ: جَرَيَانُهُ فِي الْحَجِّ) أَيْ وَمِثْلُهُ زَكَاةُ الْفِطْرِ

(بَابُ الصِّيَامِ)(قَوْلُهُ: خَيْلٌ صِيَامٌ) أَيْ وَاقِفَةٌ مُمْسِكَةٌ عَنْ الْقِتَالِ وَلَمْ تُلْجَمْ بَعْدَ هَذَا مُرَادُهُ فِيمَا يَظْهَرُ بِرّ أَيْ بِدَلِيلِ مُقَابَلَتِهِ بِقَوْلِهِ: وَأُخْرَى إلَخْ أَيْضًا (قَوْلُهُ: تَحْتَ الْعَجَاجِ) يَنْبَغِي أَنَّهُ خَبَرٌ ثَانٍ أَيْ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي الْحَرْبِ (قَوْلُهُ: يَثْبُتُ شَهْرُ رَمَضَانَ) أَيْ عَلَى وَجْهِ الْعُمُومِ فَلَا يَرِدُ عَلَى الْحَصْرِ بِنَاءً عَلَى اعْتِبَارِ مَفْهُومِ الْعَدَدِ أَنَّهُ قَدْ يَثْبُتُ بِالِاجْتِهَادِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْبَيِّنَةِ، وَالرُّؤْيَةِ (قَوْلُهُ: لِلصَّوْمِ) لَا لِنَحْوِ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ بِهِ نَعَمْ الْأَمْرُ الْأَوَّلُ يَثْبُتُ بِهِ غَيْرُ الصَّوْمِ أَيْضًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: ثَلَاثِينَ يَوْمًا) بَيَانٌ لِلْعَدَدِ (قَوْلُهُ: أَوْ رُؤْيَةِ الْعَدْلِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ دَلَّ الْحِسَابُ عَلَى عَدَمِ إمْكَانِ الرُّؤْيَةِ

ــ

[حاشية الشربيني]

وَشَرْحِهِ لِحَجَرٍ وَهُوَ أَيْ الْمُؤَدِّي كَالْمُحَالِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا لَازِمَةٌ لِلْمُتَحَمِّلِ، وَلَا يُطَالَبُ بِهَا الْمُتَحَمَّلُ عَنْهُ لَا الضَّامِنُ وَإِنْ عَلَّلَ بِأَنَّهُ لَوْ أَدَّاهَا الْمُتَحَمَّلُ عَنْهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُتَحَمِّلِ أَجْزَأَ كَالضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ مَرْدُودٌ بِمَا يَأْتِي أَنَّ الْحُرَّةَ الْغَنِيَّةَ إذَا أَعْسَرَ زَوْجُهَا لَا يَلْزَمُهَا فِطْرَتُهَا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ تَحَوَّلَ إلَى ذِمَّةِ الزَّوْجِ فَهُوَ مُحَالٌ عَلَيْهِ، وَالْمُحَالُ عَلَيْهِ إذَا أَعْسَرَ لَا يَرْجِعُ الْمُحْتَالُ عَلَى الْمُحِيلِ وَلَوْ كَانَ كَالضَّمَانِ لَزِمَتْهَا وَإِعْسَارُ الزَّوْجِ لَا يُنَافِي تَحَمُّلَهُ إذْ لَوْ لَمْ يَتَحَمَّلْ لَزِمَتْهَا قَطْعًا وَإِنَّمَا أَجْزَأَ أَدَاءُ الْمُتَحَمِّلِ عَنْهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُتَحَمِّلِ؛ لِأَنَّ الْمُتَحَمَّلَ عَنْهُ لَمَّا نَوَى اُغْتُفِرَ عَدَمُ الْإِذْنِ وَعَلَى الْحَوَالَةِ لَا يَلْزَمُ الْمُؤَدِّي أَنْ يَنْوِيَ الْإِخْرَاجَ عَنْ الْمُؤَدَّى عَنْهُ بَلْ يَكْفِي أَنْ يَنْوِيَ إخْرَاجَ مَا لَزِمَهُ مِنْ زَكَاةِ الْفِطْرِ فِي الْجُمْلَةِ كَمَا تَجِبُ نِيَّةُ الْكَفَّارَةِ دُونَ تَعْيِينِهَا نَعَمْ إنْ صَرَفَ النِّيَّةَ لِغَيْرِهِ انْصَرَفَتْ

(قَوْلُهُ: قُلْت وَلَوْ كَانَ نَفِيسًا إلَخْ) أَيْ لَوْ كَانَ الْعَبْدُ بَدَلَ كَوْنِهِ غَيْرَ مُحْتَاجِ إلَيْهِ مُحْتَاجًا إلَيْهِ لَكِنْ كَانَ نَفِيسًا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ يُمْكِنُ بَيْعُهُ وَشِرَاءُ بَدَلِهِ إذْ لَا حَاجَةَ لِهَذَا فِي غَيْرِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ: فَفِيهِ بَحْثٌ إلَخْ ظَاهِرٌ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَلَوْ قَالَ إلَخْ صَحِيحٌ أَيْضًا فَيَكُونُ الْجَوَابُ مَدْلُولًا عَلَيْهِ بِمَا قَبْلَهُ كَمَا أَنَّهُ كَذَلِكَ مَعَ إلْغَاءِ حَيْثُ كَانَ الْكَلَامُ فِي الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ لِيَنْدَفِعَ جَمِيعُ مَا فِي الْحَاشِيَةِ هُنَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ) أَيْ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ

[بَابُ الصِّيَامِ]

(بَابُ الصِّيَامِ)(قَوْلُهُ: أَوْ رُؤْيَةِ الْعَدْلِ) يَشْمَلُ ذَلِكَ مَا لَوْ دَلَّ الْحِسَابُ عَلَى عَدَمِ إمْكَانِ الرُّؤْيَةِ وَانْضَمَّ إلَى ذَلِكَ أَنَّ الْقَمَرَ غَابَ

ص: 204

أَخْبَرْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنِّي رَأَيْت الْهِلَالَ فَصَامَ وَأَمَرَ النَّاسَ بِصِيَامِهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

وَالْمَعْنَى فِي ثُبُوتِهِ بِالْوَاحِدِ الِاحْتِيَاطُ لِلصَّوْمِ وَطَرِيقَةُ الشَّهَادَةُ لَا الرِّوَايَةُ، فَيُشْتَرَطُ فِيهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْقَضَاءِ صِفَةُ الشُّهُودِ، وَالْأَدَاءُ عِنْدَ الْقَاضِي لَكِنْ صَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ الِاكْتِفَاءَ بِظَاهِرِ الْعَدَالَةِ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يُزَكَّ وَهِيَ شَهَادَةُ حِسْبَةٍ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى دَعْوَى وَيَكْفِي أَشْهَدُ أَنِّي رَأَيْت الْهِلَالَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الرَّافِعِيُّ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ خِلَافًا لِابْنِ أَبِي الدَّمِ قَالَ:؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَخَرَجَ بِشَهْرِ رَمَضَانَ غَيْرُهُ فَلَا يَثْبُتُ بِوَاحِدٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ وَبِالصَّوْمِ غَيْرُهُ كَوُقُوعِ مَا عُلِّقَ مِنْ طَلَاقٍ وَنَحْوِهِ بِالْهِلَالِ وَحُلُولِ الدَّيْنِ بِهِ فَلَا يَثْبُتُ بِوَاحِدٍ فِي حَقِّ غَيْرِ الرَّائِي قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَوْ قِيلَ هَلَّا ثَبَتَ ضِمْنًا كَمَا ثَبَتَ شَوَّالٌ بِثُبُوتِ رَمَضَانَ بِوَاحِدٍ، وَالنَّسَبُ، وَالْإِرْثُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَطَرِيقَةُ الشَّهَادَةِ) أَيْ بِاعْتِبَارِ الثُّبُوتِ الْعَامِّ فَلَا يَرِدُ الْوُجُوبُ عَلَى مَنْ اعْتَقَدَ صِدْقَ مُخْبِرِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَقْبُولَ الرِّوَايَةِ (قَوْلُهُ: قَالَ:) أَيْ ابْنُ أَبِي الدَّمِ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِشَهْرِ رَمَضَانَ غَيْرُهُ) نَعَمْ أُلْحِقَ بِرَمَضَانَ فِي الرَّوْضِ شَهْرًا نَذَرَ صَوْمَهُ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِصَوْمِهِ (قَوْلُهُ: كَوُقُوعِ مَا عَلَّقَ إلَخْ) مَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَتَأَخَّرْ التَّعْلِيقُ عَنْ الثُّبُوتِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَثْبُتُ) أَيْ غَيْرُ الصَّوْمِ بِوَاحِدٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي حَقِّ غَيْرِ الرَّائِي) فَلَوْ انْتَقَلَ الرَّائِي إلَى بَلَدٍ مُخَالِفٍ فِي الْمَطْلَعِ لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ فَهَلْ يَسْتَمِرُّ وُقُوعُ طَلَاقِهِ الْمُعَلَّقِ مَثَلًا الْوَجْهُ الِاسْتِمْرَارُ خُصُوصًا، وَالْمُقَرَّرُ

ــ

[حاشية الشربيني]

اللَّيْلَةَ الثَّالِثَةَ عَلَى مُقْتَضَى تِلْكَ الرُّؤْيَةِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ الْعِشَاءِ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ لَمْ يَعْتَمِدْ الْحِسَابَ بَلْ أَلْغَاهُ بِالْكُلِّيَّةِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ اهـ.

شَرْحُ م ر، وَقَوْلُهُ: مَا لَوْ دَلَّ الْحِسَابُ أَيْ وَلَوْ كَانَ الْحِسَابُ قَطْعِيًّا كَمَا نَقَلَهُ سم فِي حَوَاشِيهِ عَلَى الْمَنْهَجِ عَنْ م ر لَكِنْ نَقَلَ الْقَلْيُوبِيُّ عَلَى الْجَلَالِ عَنْ الْعَبَّادِيُّ أَنَّهُ قَالَ إذَا دَلَّ الْحِسَابُ الْقَطْعِيُّ عَلَى عَدَمِ رُؤْيَتِهِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ الشُّهُودِ الْعُدُولِ بِرُؤْيَتِهِ وَتُرَدُّ شَهَادَتُهُمْ بِهَا وَلَا يَجُوزُ الصَّوْمُ حِينَئِذٍ وَمُخَالَفَةُ ذَلِكَ مُعَانَدَةٌ وَمُكَابَرَةٌ اهـ.

هَذَا كُلُّهُ عِنْدَ مُعَارَضَةِ الْحِسَابِ لِلشُّهُودِ وَلَوْ كَانَ الشَّاهِدُ وَاحِدًا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُعَارَضَةٌ كَمَا لَوْ دَلَّ الْحِسَابُ عَلَى وُجُودِ الْهِلَالِ وَلَمْ تَرَهُ الشُّهُودُ إلَّا فِي اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ سَوَاءٌ أَوَّلُ الشَّهْرِ وَآخِرُهُ فَالْمُعْتَمَدُ كَمَا نَقَلَهُ الْمُحَشِّي عَنْ م ر أَنَّهُ يَجِبُ الصَّوْمُ عَلَيْهِمَا وَعَلَى مَنْ أَخْبَرَهُ وَاعْتَقَدَ صِدْقَهُمَا سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَوَّلُ الشَّهْرِ وَآخِرُهُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: لَا يُعْتَمَدُ قَوْلُ الْمُنَجِّمِ فِي الْفِطْرِ آخِرَ الشَّهْرِ قَالَ سم عَلَى التُّحْفَةِ قَالَ الشِّهَابُ م ر: عَمَلُ الْحَاسِبِ بِحِسَابِهِ شَامِلٌ لِمَا إذَا قَطَعَ بِوُجُودِهِ وَامْتِنَاعِ رُؤْيَتِهِ وَلِمَا إذَا قُطِعَ بِوُجُودِهِ وَرُؤْيَتِهِ وَلِمَا إذَا قُطِعَ بِوُجُودِهِ وَجَوَازِ رُؤْيَتِهِ اهـ.

أَيْ فَيَجِبُ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ صَدَّقَهُ الْعَمَلُ بِمُقْتَضَى الْحِسَابِ فِي كُلِّ حَالٍ مِنْ هَذِهِ الْأَحْوَال لَكِنْ كُلُّ ذَلِكَ عِنْدَ م ر وَوَالِدِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى خِلَافِ الشَّهَادَةِ وَإِلَّا لَمْ يُعْتَبَرْ وَتَقَدَّمَ مَا لِلْقَلْيُوبِيِّ عَنْ الْعَبَّادِيُّ فِي ذَلِكَ وَهَلْ يُعْمَلُ بِالْحِسَابِ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ اسْتَظْهَرَ سم أَنَّهُ يُعْمَلُ بِهِ فِيهَا وَنَقَلَهُ بَعْضُهُمْ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: لَا الرِّوَايَةُ) وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَخْبَرْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ طَرِيقَهُ الرِّوَايَةُ كَمَا قِيلَ بِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الَّذِي لَمْ يُزَكَّ) جَعْلُ هَذَا ضَابِطَ الظُّهُورِ يُفِيدُ اشْتِرَاطَ عَدَمِ خَارِمِ الْمُرُوءَةِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِابْنِ أَبِي الدَّمِ) لَعَلَّ الْكَافِيَ عِنْدَهُ أَنْ يَقُولَ أَشْهَدُ أَنَّ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ كَمَا فِي ع ش لَكِنْ رَدَّهُ حَجَرٌ فِي فَتْحِ الْجَوَادِ بِأَنَّ هَذَا لَا يَكْفِي فِي الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَسْتَنِدُ لِسَبَبٍ لَا يُوَافَقُ عَلَيْهِ اهـ.

، وَقَدْ يُقَالُ: يُشْتَرَطُ فِي قَبُولِ تِلْكَ الشَّهَادَةِ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ مُسْتَنَدَهُ الرُّؤْيَةُ وَحِينَئِذٍ تَكْفِي كَمَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ) فِي فَتْحِ الْجَوَادِ رَدَّهُ بِأَنَّهُ كَشَهَادَةِ الْمُرْضِعَةِ عَلَى إرْضَاعِهِ وَبِأَنَّ الشَّهَادَةَ هُنَا لَيْسَتْ عَلَى فِعْلِ النَّفْسِ؛ لِأَنَّ الرُّؤْيَةَ مِنْ بَابِ الْإِدْرَاكَاتِ، وَالْعُلُومِ (قَوْلُهُ: وَبِالصَّوْمِ غَيْرُهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ تَوَابِعَ رَمَضَانَ مِنْ نَحْوِ صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ، وَالِاعْتِكَافِ، وَالْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ الْمُعَلَّقَيْنِ بِدُخُولِ رَمَضَانَ لَا تَثْبُتُ تَبَعًا لِرَمَضَانَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ اهـ.

شَرْحُ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ فِي بَابِ الشَّهَادَاتِ اهـ.

سم (قَوْلُهُ: بِالْهِلَالِ) أَيْ كَأَنْ قَالَ: إنْ وُجِدَ هِلَالُ رَمَضَانَ أَمَّا لَوْ قَالَ إنْ ثَبَتَ رَمَضَانُ فَالظَّاهِرُ الْوُقُوعُ لِثُبُوتِهِ شَرْعًا بِوَاحِدٍ اهـ.

سم عَلَى التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: كَمَا ثَبَتَ شَوَّالٌ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ شَوَّالًا لَا يَثْبُتُ اسْتِقْلَالًا بِوَاحِدٍ مَعَ أَنَّ فِطْرَ يَوْمِ الْعِيدِ عِبَادَةٌ وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ الْعَزِيزِيُّ فَقَالَ: إنَّهُ يَثْبُتُ اسْتِقْلَالًا بِوَاحِدٍ نَظَرًا لِمَا ذُكِرَ. اهـ. ثُمَّ رَأَيْت ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ نَقَلَ مَا ارْتَضَاهُ الْعَزِيزِيُّ عَنْ

ص: 205

بِثُبُوتِ الْوِلَادَةِ بِالنِّسَاءِ لَا حَوْجَ إلَى الْفَرْقِ؟ وَفَرَّقَ هُوَ فِي الشَّهَادَاتِ بِأَنَّ الضِّمْنِيَّ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ لَازِمٌ لِلْمَشْهُودِ بِهِ خِلَافَ الطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ وَاشْتِرَاطُ الْعَدَالَةِ مَحَلُّهُ فِي ثُبُوتِ الشَّهْرِ فِي حَقِّ غَيْرِ الرَّائِي.

أَمَّا الرَّائِي فَيَجِبُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا وَخَرَجَ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ مَا لَوْ عَرَفَهُ أَحَدٌ فِي مَنَامِهِ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَا يَصِحُّ الصَّوْمُ بِهِ بِالْإِجْمَاعِ وَمَا لَوْ عَرَفَهُ حَاسِبٌ، أَوْ مُنَجِّمٌ فَلَا يَلْزَمُ بِهِ الصَّوْمُ وَلَا يَجُوزُ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَغَيْرُهُ عَنْ الْجُمْهُورِ لَكِنْ صَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُمَا دُونَ غَيْرِهِمَا وَلَا يُجْزِئُهُمَا عَنْ فَرْضَيْهِمَا وَصَحَّحَ فِي الْكِفَايَةِ أَنَّهُ إذَا جَازَ أَجْزَأَ وَنَقَلَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ وَصَوَّبَهُ السُّبْكِيُّ ثُمَّ مَا ذُكِرَ مِنْ ثُبُوتِهِ بِالْوَاحِدِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: أَنَّهُ خِلَافُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ لِرُجُوعِهِ عَنْهُ فَفِي الْأُمِّ قَالَ الشَّافِعِيُّ بَعْدُ: لَا يَجُوزُ عَلَى هِلَالِ رَمَضَانَ إلَّا شَاهِدَانِ قَالَ الشَّارِحُ: فِي تَحْرِيرِهِ وَكُنْت أَوَّلْته بِأَنَّ مُرَادَ الرَّبِيعِ الْبَعْدِيَّةَ فِي تَرْتِيبِ الْكِتَابِ لَا فِي التَّارِيخِ حَتَّى رَأَيْت الْإِمَامَ الْبُلْقِينِيَّ نَقَلَ مَعَ هَذَا النَّصِّ نَصًّا آخَرَ صِيغَتُهُ رَجَعَ الشَّافِعِيُّ بَعْدُ فَقَالَ: لَا يُصَامُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ وَهَذَا النَّصُّ لَا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ الْمَذْكُورَ وَزَادَ النَّاظِمُ لَفْظَ شَهْرٍ لِيَسْلَمَ مِنْ كَرَاهَةِ ذِكْرِ رَمَضَانَ بِدُونِ شَهْرٍ عَلَى مَا قَالَهُ الْأَكْثَرُونَ لَكِنْ رَدَّهُ فِي الْمَجْمُوعِ بِأَنَّ الصَّوَابَ خِلَافُهُ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ لِعَدَمِ ثُبُوتِ نَهْيٍ فِيهِ بَلْ ثَبَتَ ذِكْرُهُ بِدُونِ شَهْرٍ فِي أَخْبَارٍ صَحِيحَةٍ كَخَبَرِ «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» .

وَإِذَا ثَبَتَ رَمَضَانُ بِرُؤْيَةِ هِلَالِهِ بِمَكَانٍ ثَبَتَ (فِي حَقِّ مَنْ) قَرُبَ مِنْهُ دُونَ مَنْ بَعُدَ لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ «عَنْ كُرَيْبٌ رَأَيْت الْهِلَالَ بِالشَّامِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ قَدِمْت الْمَدِينَةَ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَتَى رَأَيْتُمْ الْهِلَالَ قُلْت لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ قَالَ: أَنْتَ رَأَيْته قُلْت نَعَمْ وَرَآهُ النَّاسُ وَصَامُوا وَصَامَ مُعَاوِيَةُ فَقَالَ: لَكِنَّا رَأَيْنَاهُ لَيْلَةَ السَّبْتِ فَلَا نَزَالُ نَصُومُ حَتَّى نُكْمِلَ الْعِدَّةَ فَقُلْت، أَوَلَا تَكْتَفِي بِرُؤْيَةِ مُعَاوِيَةَ وَصِيَامِهِ قَالَ: لَا هَكَذَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» وَقِيَاسًا عَلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَالشَّمْسِ وَغُرُوبِهِمَا، وَالْقَرِيبُ مِنْ (دُونِ مَسِيرِ الْقَصْرِ) أَيْ مَسَافَتِهِ مِنْ مَحَلِّ الرُّؤْيَةِ؛ لِأَنَّ مَنْ بِدُونِهَا

ــ

[حاشية العبادي]

فِي بَابِ الطَّلَاقِ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ عَلَى رُؤْيَةِ الْهِلَالِ بِبَلَدِ التَّعْلِيقِ (قَوْلُهُ: لَا حَوْجَ لِلْفَرْقِ) بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَيْ الْقَائِلِ أَوْ الْقَوْلِ، أَوْ الْمَفْعُولِ أَيْ لَا حَوْجَ الْقَائِلِ لِعُلَمَاءَ (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ) وَكَذَا عَلَى مَنْ اعْتَقَدَ صِدْقَهُ (قَوْلُهُ: عَرَفَهُ حَاسِبٌ إلَخْ) الْحَاسِبُ مَنْ يَعْتَمِدُ مَنَازِلَ الْقَمَرِ وَتَقْدِيرَ سَيْرِهِ، وَالْمُنَجِّمُ مَنْ يَرَى أَنَّ أَوَّلَ الشَّهْرِ طُلُوعُ النَّجْمِ الْفُلَانِيِّ مِنْهُ بِرّ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُمَا إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُمَا بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِمَا وَعَلَى مَنْ أَخْبَرَاهُ وَاعْتَقَدَ صِدْقَهُمَا م ر (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَ فِي الْكِفَايَةِ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: خِلَافُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ) بَلْ هُوَ عَيْنُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ مَذْهَبَهُ اتِّبَاعُ الْحَدِيثِ إذَا صَحَّ وَتَرْكُ قَوْلِهِ الْمُخَالِفِ لَهُ وَقَدْ صَحَّ الْحَدِيثُ وَلَعَلَّهُ إنَّمَا خَالَفَ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْحَدِيثِ عِنْدَهُ فَحَيْثُ صَحَّ وَجَبَ الْعَمَلُ بِهِ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ التَّأْوِيلُ) وَهَذَا لَا يَرِدُ؛ لِأَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ اتِّبَاعُ الْحَدِيثِ وَقَدْ صَحَّ (قَوْلُهُ وَقِيَاسًا عَلَى طُلُوعِ إلَخْ) مَا صُورَةُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: دُونَ مَسِيرِ الْقَصْرِ إلَخْ) .

(فَرْعٌ)

رُئِيَ الْهِلَالُ بِبَلَدٍ وَأَصْبَحَ صَائِمًا فَجَامَعَ جِمَاعًا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ، ثُمَّ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْيَوْمِ الَّذِي جَامَعَ فِيهِ انْتَقَلَ لِبَلَدٍ مُخْتَلِفِ الْمَطْلَعِ مَعَ الْأَوَّلِ لَمْ يُرَ فِيهِ فِي لَيْلَةِ ذَلِكَ الْيَوْمِ فَالْوَجْهُ اسْتِمْرَارُ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ وَإِنْ ثَبَتَ لَهُ حُكْمُ الْبَلَدِ الثَّانِي لِثُبُوتِ الْوُجُوبِ قَبْلَ الِانْتِقَالِ إلَيْهِ وَلَا يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُهُ إلَّا بَعْدَ الِانْتِقَالِ فَلَوْ كَانَ الِانْتِقَالُ قَبْلَ انْقِضَاءِ ذَلِكَ الْيَوْمِ فَالْوَجْهُ سُقُوطُ الْكَفَّارَةِ فَلَوْ عَادَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ لِلْبَلَدِ الْأَوَّلِ فَالْوَجْهُ تَبَيُّنُ بَقَاءِ الْوُجُوبِ كَذَا م ر، ثُمَّ قَالَ: مَتَى رَجَعَ إلَى الْبَلَدِ الْأَوَّلِ سَوَاءٌ كَانَ انْتِقَالُهُ إلَيْهَا فِي يَوْمِ الْجِمَاعِ أَمْ بَعْدَهُ وَسَوَاءٌ كَانَ رُجُوعُهُ إلَيْهَا فِي يَوْمِ الْجِمَاعِ، أَوْ بَعْدَهُ تَبَيَّنَ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ أَهْلِهَا بِدَلِيلِ ثُبُوتِ أَحْكَامِ عَبْدِهَا وَغَيْرِهِ فِي حَقِّهِ اهـ.

إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ: فَالْوَجْهُ اسْتِمْرَارُ إلَخْ يَحْتَمِلُ خِلَافَهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

م ر لَكِنَّ الَّذِي فِي الشَّارِحِ هُنَا خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: لَازِمٌ لِلْمَشْهُودِ بِهِ) عِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ عَلَى الشَّرْحِ نَقْلًا عَنْ الْإِمْدَادِ لِحَجَرٍ نَصُّهَا لَازِمٌ شَرْعِيٌّ لِلْمَشْهُودِ بِهِ وَإِثْبَاتُ اللَّازِمِ الشَّرْعِيِّ ضَرُورِيٌّ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ بِالنِّسْبَةِ لِرَمَضَانَ فَإِنَّهُ لَازِمٌ وَضْعِيٌّ لَهُ إذْ لَمْ يُرَتِّبْهُ الشَّارِعُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا رَتَّبَهُ وَاضِعُهُ فَهُوَ فِي نَفْسِهِ قَابِلٌ لِلِانْفِكَاكِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ الْهِلَالِ لِاحْتِيَاجِهِ إلَى ثُبُوتِ التَّعْلِيقِ وَنَحْوِهِ؛ وَلِأَنَّ الشَّيْءَ إنَّمَا يَثْبُتُ ضِمْنًا إذَا كَانَ التَّابِعُ مِنْ جِنْسِ الْمَتْبُوعِ كَالصَّوْمِ، وَالْفِطْرِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ الْعِبَادَاتِ وَكَالْوِلَادَةِ، وَالنَّسَبِ، وَالْإِرْثِ فَإِنَّهَا مِنْ الْمَالِ، وَالْآيِلُ إلَيْهِ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ التَّابِعَ مِنْ الْمَالِ، أَوْ الْآيِلِ إلَيْهِ، وَالْمَتْبُوعِ مِنْ الْعِبَادَاتِ اهـ.

نَقَلَهُ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ) قَدْ يَرِدُ عَلَيْهِ تَوَابِعُ رَمَضَانَ الْمُتَقَدِّمَةُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَجُوزُ إلَخْ) هُوَ ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يَدُلَّ الْحِسَابُ عَلَى عَدَمِ إمْكَانِ الرُّؤْيَةِ وَإِلَّا فَالْعَمَلُ بِهِ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ إنَّمَا أَوْجَبَ الصَّوْمَ بِالرُّؤْيَةِ لَا بِوُجُودِ الشَّهْرِ اهـ.

رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر (قَوْلُهُ: فَفِي الْأُمِّ) مِمَّا اسْتَدْرَكَهُ الرَّبِيعُ عَلَى الْبُوَيْطِيِّ فَإِنَّ الْأُمَّ رَوَاهَا الْبُوَيْطِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَمَاتَ الْبُوَيْطِيُّ قَبْلَ تَرْتِيبِهَا فَرَتَّبَهَا الرَّبِيعُ وَاسْتَدْرَكَ فِيهَا أَشْيَاءَ اهـ.

عَمِيرَةَ اهـ.

سم عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: وَقِيَاسًا إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُمْ أَنَاطُوا طُلُوعَ الْفَجْرِ، وَالشَّمْسِ وَغُرُوبَهُمَا فِي بَلَدٍ بِالنِّسْبَةِ لِأُخْرَى بِدُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَصَرِيحُ شَرْحِ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ أَنَّهُمْ أَنَاطُوا ذَلِكَ بِاتِّحَادِ الْمَطَالِعِ وَاخْتِلَافِهَا فَهُوَ يَرُدُّ هَذَا الْقَوْلَ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَلِذَا تَوَقَّفَ فِيهِ الْمُحَشِّي وَقَالَ: اُنْظُرْ مَا صُورَةُ ذَلِكَ أَيْ مَا صُورَةُ اعْتِبَارِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ فِي

ص: 206

كَالْحَاضِرِ بِدَلِيلِ الْقَصْرِ، وَالْفِطْرِ وَغَيْرِهِمَا بِخِلَافِ مَنْ فَوْقَهُ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَصَحَّحَ فِي بَقِيَّةِ كُتُبِهِ اعْتِبَارَ اخْتِلَافِ الْمَطَالِعِ إذْ لَا تَعَلُّقَ لِلرُّؤْيَةِ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ فَيَثْبُتُ حُكْمُهُ فِي حَقِّ مَنْ بِمَكَانٍ اتَّحَدَ مَطْلَعُهُ بِمَطْلَعِ مَكَانِ الرُّؤْيَةِ دُونَ غَيْرِهِ فَإِنْ شَكَّ فِي اتِّحَادِهِ فَلَا وُجُوبَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَمَعَ الِاخْتِلَافِ قَدْ تَسْتَلْزِمُ الرُّؤْيَةُ بِأَحَدِ الْمَكَانَيْنِ الرُّؤْيَةَ بِالْآخَرِ بِدُونِ الْعَكْسِ إذْ دُخُولُ اللَّيْلِ بِالشَّرْقِ قَبْلَ دُخُولِهِ بِالْغَرْبِ فَتَسْتَلْزِمُ رُؤْيَتُهُ شَرْقًا رُؤْيَتَهُ غَرْبًا بِدُونِ الْعَكْسِ فَرُؤْيَتُهُ بِالشَّامِ لِكَوْنِهَا غَرْبِيَّةً بِالنِّسْبَةِ لِلْمَدِينَةِ لَا تَسْتَلْزِمُ رُؤْيَتَهُ بِالْمَدِينَةِ وَفِي إطْلَاقِهِ دُخُولَ اللَّيْلِ بِالشَّرْقِ قَبْلَ دُخُولِهِ بِالْغَرْبِ نَظَرٌ

. (وَبَعْدَ أَنْ يَمْضِيَ ثَلَاثُونَ) يَوْمًا مِنْ رُؤْيَتِهِ (أَكَلْ) أَيْ أَفْطَرَ وَإِنْ لَمْ يَرَهُ لِكَمَالِ الْعِدَّةِ وَإِنْ صَامَ بِقَوْلٍ وَاحِدٍ إذْ الشَّيْءُ يَثْبُتُ ضِمْنًا بِمَا لَا يَثْبُتُ بِهِ أَصْلًا بِدَلِيلِ ثُبُوتِ النَّسَبِ، وَالْمِيرَاثِ ضِمْنًا لِلْوِلَادَةِ بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ عَلَيْهَا كَمَا مَرَّ

(وَمَنْ إلَيْهِ يَوْمُ عِيدِهِمْ وَصَلْ) أَيْ وَمَنْ وَصَلَ مِنْ سَفَرِهِ مِنْ مَكَانِ عَدِمَ الرُّؤْيَةَ إلَى مَكَانِهَا يَوْمَ عِيدِ أَهْلِهِ أَفْطَرَ مَعَهُمْ؛ لِأَنَّهُ بِالِانْتِقَالِ إلَيْهِ أَخَذَ حُكْمَ أَهْلِهِ (وَإِنْ يَصُمْ) أَيْ، ثُمَّ إنْ كَانَ قَدْ صَامَ (عِشْرِينَ) يَوْمًا (مَعَ ثَمَانِيَهْ كَانَ قَضَاؤُهُ لِيَوْمٍ كَافِيَهْ) إذَا لِشَهْرٍ يَكُونُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ صَامَ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ لَمْ يَحْتَجْ إلَى قَضَاءٍ (وَإِنْ يُسَافَرْ) مِنْ مَكَانِ رُئِيَ فِيهِ هِلَالُ شَوَّالٍ (لِمَكَانِ) بَعِيدٍ (لَمْ يُرَى فِيهِ فَلَا تُجِزْ) أَنْتَ (لَهُ أَنْ يُفْطِرَا) بَلْ يَلْزَمُهُ الصَّوْمُ فِيهِ مَعَ أَهْلِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ عِيدٌ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَالْفِطْرِ وَغَيْرِهِمَا) أَيْ حَيْثُ امْتَنَعَ مَا ذَكَرَ فِيمَا دُونَ قَوْلِهِ: فَلَا وُجُوبَ إلَخْ هَلْ يَجُوزُ الْقِيَاسُ لَا (قَوْلُهُ: إذْ دُخُولُ اللَّيْلِ إلَخْ) وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ مَتَى رُئِيَ فِي شَرْقِيٍّ لَزِمَ كُلَّ غَرْبِيٍّ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ الْعَمَلُ بِتِلْكَ الرُّؤْيَةِ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْمَطَالِعُ وَفِيهِ مُنَافَاةٌ لِظَاهِرِ كَلَامِهِمْ وَيُوَجَّهُ كَلَامُهُمْ بِأَنَّ: اللَّازِمَ إنَّمَا هُوَ الْوُجُودُ لَا الرُّؤْيَةُ إذْ قَدْ يَمْنَعُ عَنْهَا مَانِعٌ، وَالْمَدَارُ عَلَيْهَا لَا الْوُجُودُ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: فَتَسْتَلْزِمُ رُؤْيَتُهُ) مَا بُرْهَانُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: نَظَرٌ) إذْ مَحَلُّ الْقَبْلِيَّةَ إذْ اتَّحَدَ عَرْضُ الْبَلَدَيْنِ جِهَةً وَقَدْرًا أَيْ جِهَةَ الْجَنُوبِ، وَالشِّمَالِ وَقَدْرًا بِأَنْ يَكُونَ قَدْرُ الْبُعْدَيْنِ عَنْ خَطِّ الِاسْتِوَاءِ سَوَاءٌ مِنْهُ بِرّ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ صَامَ بِقَوْلِ وَاحِدٍ) لَوْ رَجَعَ الْعَدْلُ عَنْ الشَّهَادَةِ فِي أَثْنَاءِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الصَّوْمِ قَالَ: الْأَذْرَعِيُّ: الْأَقْرَبُ أَنْ يُجْعَلَ شُرُوعُ النَّاسِ كَالْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِ فَلَا يُؤَثِّرُ قَالَ: نَعَمْ لَوْ أُكْمِلَتْ الْعِدَّةُ وَلَمْ نَرَ الْهِلَالَ، وَالسَّمَاءُ مُصْحِيَةٌ فَفِي الْإِفْطَارِ حِينَئِذٍ وَقْفَةٌ اهـ.

بِرّ (قَوْلُهُ: بِقَوْلِ وَاحِدٍ) هَلْ وَإِنْ صَامَ أَيْضًا بِقَوْلِ مَنْ اعْتَقَدَ صِدْقَهُ مِنْ غَيْرِ ثُبُوتٍ وَفِيهِ كَلَامٌ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَهَامِشِهِ فَرَاجِعْهُ

(قَوْلُهُ: عِيدِ أَهْلِهِ) أَيْ مَكَانَهَا (قَوْلُهُ: أَفْطَرَ مَعَهُمْ) كَذَلِكَ حُكْمُ الِابْتِدَاءِ مِثْلُ مَا لَوْ رَأَى هِلَالَ رَمَضَانَ، ثُمَّ سَارَتْ سَفِينَةٌ إلَى الْمَكَانِ الْمُخَالِفِ فَوَجَدَهُمْ مُفْطِرِينَ بِرّ (قَوْلُهُ: مَعَ أَهْلِهِ) لَوْ وَصَلَهُمْ لَيْلًا فَتَرَكَ النِّيَّةَ، أَوْ أَصْبَحَ مُفْطِرًا

ــ

[حاشية الشربيني]

طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَالشَّمْسِ وَغُرُوبِهِمَا (قَوْلُهُ: إذْ لَا تَعَلُّقَ لِلرُّؤْيَةِ إلَخْ) إذْ قَدْ يَكُونُ بَيْنَ الْبَلَدَيْنِ أَكْثَرُ مِنْ مَسَافَةِ قَصْرٍ وَلَا يُمْكِنُ اخْتِلَافُ الرُّؤْيَةِ اهـ.

ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: فَلَا وُجُوبَ) أَيْ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ بَعْدَ الِاتِّحَادِ وَإِلَّا وَجَبَ الْقَضَاءُ اهـ.

حَجَرٌ (قَوْلُهُ: وَمَعَ الِاخْتِلَافِ) بِأَنْ يَكُونَ طُلُوعُ الشَّمْسِ، أَوْ الْفَجْرِ، أَوْ الْكَوَاكِبِ، أَوْ غُرُوبُ ذَلِكَ فِي مَحَلٍّ مُتَقَدِّمًا عَلَى مِثْلِهِ فِي مَحَلٍّ آخَرَ، أَوْ مُتَأَخِّرًا عَنْهُ فَتَتَأَخَّرُ رُؤْيَتُهُ فِي بَلَدٍ عَنْ رُؤْيَتِهِ فِي بَلَدٍ آخَرَ، أَوْ تَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ وَذَلِكَ مُسَبَّبٌ عَنْ اخْتِلَافِ عُرُوضِ الْبِلَادِ أَيْ بُعْدِهَا عَنْ خَطِّ الِاسْتِوَاءِ وَأَطْوَالِهَا أَيْ بُعْدِهَا عَنْ سَاحِلِ الْبَحْرِ الْمُحِيطِ الْغَرْبِيِّ فَمَتَى تَسَاوَى طُولُ بَلَدَيْنِ لَزِمَ مِنْ رُؤْيَتِهِ فِي أَحَدِهِمَا رُؤْيَتُهُ فِي الْآخَرِ وَإِنْ اخْتَلَفَ عَرْضُهُمَا، أَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا مَسَافَةُ شُهُورٍ، أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا فِي أَقْصَى الْجَنُوبِ، وَالْآخَرُ فِي أَقْصَى الشِّمَالِ وَمَتَى اخْتَلَفَ طُولُهُمَا امْتَنَعَ تَسَاوِيهِمَا فِي الرُّؤْيَةِ وَلَزِمَ مِنْ رُؤْيَتِهِ فِي الْبَلَدِ الشَّرْقِيِّ رُؤْيَتُهُ فِي الْبَلَدِ الْغَرْبِيِّ دُونَ الْعَكْسِ؛ لِأَنَّ رُؤْيَةَ الْهِلَالِ مِنْ أَفْرَادِ الْغُرُوبِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جِهَةِ الْمَغْرِبِ وَمَا ذُكِرَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَالسُّبْكِيِّ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ اهـ.

ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَظَهَرَ مِنْ آخِرِ كَلَامِهِ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى اخْتِلَافِ الطُّولِ وَيُوَافِقُهُ نَقْلُ الرَّشِيدِيِّ عَنْ أَهْلِ هَذَا الشَّأْنِ أَنَّ الزَّوَالَ إنَّمَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الطُّولِ لَا بِاخْتِلَافِ الْعَرْضِ فَمَتَى اتَّحَدَ الطُّولُ اتَّحَدَ وَقْتُ الزَّوَالِ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْعَرْضُ وَإِذَا اخْتَلَفَ الطُّولُ اخْتَلَفَ الزَّوَالُ وَإِنْ اتَّحَدَ الْعَرْضُ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ م ر اهـ.

وَقَوْلُ ق ل وَلَزِمَ مِنْ رُؤْيَتِهِ إلَخْ اعْتَرَضَهُ حَجَرٌ بِأَنَّ اللَّازِمَ الْوُجُودُ لَا الرُّؤْيَةُ كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ (قَوْلُهُ: إذْ دُخُولُ اللَّيْلِ إلَخْ) فَإِذَا دَخَلَ اللَّيْلُ فِي الشَّرْقِ وَرُئِيَ الْهِلَالُ حِينَ دُخُولِهِ فَهُوَ مَوْجُودٌ عِنْدَ أَهْلِ الْغَرْبِ إذْ لَا يَخْتَلِفُ وُجُودُهُ نَعَمْ رُؤْيَتُهُ قَدْ تَخْتَلِفُ، وَالْكَلَامُ فِيهَا لَكِنَّهُ أَتَى بِقَدْ الْمُفِيدَةِ أَنَّهُ لَيْسَ مُطَّرِدًا تَدَبَّرْ

(قَوْلُهُ: بِقَوْلِ وَاحِدٍ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا لَكِنَّهُ صَدَّقَهُ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: أَفْطَرَ مَعَهُمْ) أَيْ إنْ لَمْ يَرْجِعْ إلَى بَلَدِهِ يَوْمَ عِيدِهِمْ قَبْلَ تَنَاوُلِهِ مُفْطِرًا وَإِلَّا تَبَيَّنَ وُجُوبُ صَوْمِهِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ بِغُرُوبِ شَمْسِهِ فِي بَلْدَةٍ تَبَيَّنَ لُزُومُ حُكْمِهَا لَهُ سم عَلَى التُّحْفَةِ

(قَوْلُهُ: بَلْ يَلْزَمُهُ الصَّوْمُ) وَإِنْ زَادَ عَلَى الثَّلَاثِينَ؛ لِأَنَّهُ بِانْتِقَالِهِ إلَيْهِمْ صَارَ مِنْهُمْ

ص: 207

(وَإِنْ يَكُنْ عِيدٌ يَمْسِكُ تَكْمِلَهْ) أَيْ تَكْمِلَةَ الْيَوْمِ أَيْ بَقِيَّتَهُ لِمَا مَرَّ وَمَنْ انْفَرَدَ بِرُؤْيَتِهِ لَزِمَهُ مُقْتَضَاهَا وَأَخْفَى فِطْرَهُ لِئَلَّا يُتَّهَمَ وَلَا تُقْبَلَ شَهَادَتُهُ بَعْدُ لِتُهْمَةِ دَفْعِ التَّعْزِيرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدَ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ، ثُمَّ أَكَلَ لَا يُعَزَّرُ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ حَالَ الشَّهَادَةِ

(وَالرَّأْيُ) لِلْهِلَالِ أَيْ رُؤْيَتُهُ (بِالنَّهَارِ) يَوْمَ الثَّلَاثِينَ وَلَوْ قَبْلَ الزَّوَالِ (لِلْمُسْتَقْبِلَهْ) أَيْ لِلَّيْلَةِ الْآتِيَةِ فَعَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ جَاءَنَا كِتَابُ عُمَرَ بِخَانِقِينَ أَنَّ الْأَهِلَّةَ بَعْضُهَا أَكْبَرُ مِنْ بَعْضٍ فَإِذَا رَأَيْتُمْ الْهِلَالَ نَهَارًا فَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى يَشْهَدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُمَا رَأَيَاهُ بِالْأَمْسِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ قَالَ فِي الْبَيَانِ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَأَنَسٍ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ، وَالْمُرَادُ بِمَا ذُكِرَ دَفْعُ مَا قِيلَ أَنَّ رُؤْيَتَهُ يَوْمَ الثَّلَاثِينَ تَكُونُ لِلَّيْلَةِ الْمَاضِيَةِ وَأَمَّا رُؤْيَتُهُ يَوْمَ التَّاسِعِ، وَالْعِشْرِينَ فَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ أَنَّهَا لِلْمَاضِيَةِ لِئَلَّا يَلْزَمَ أَنْ يَكُونَ الشَّهْرُ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ

. (وَصِحَّةُ الصَّوْمِ) كَائِنَةٌ (بِقَصْدِ الصَّوْمِ) بِالْقَلْبِ كَالصَّلَاةِ وَلِخَبَرِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» ، ثُمَّ إنْ كَانَ نَفْلًا كَفَى قَصْدُهُ (قَبْلَ زَوَالِهَا) أَيْ الشَّمْسِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ لَيْلًا؛ «لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِعَائِشَةَ يَوْمًا هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ غَدَاءٍ قَالَتْ لَا قَالَ: فَإِنِّي إذَنْ أَصُومُ قَالَتْ: وَقَالَ لِي يَوْمًا آخَرَ: أَعْنَدَكُمْ شَيْءٌ قُلْت نَعَمْ قَالَ: إذَنْ أُفْطِرَ وَإِنْ كُنْت فَرَضْت الصَّوْمَ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ وَاخْتَصَّ بِمَا قَبْلَ الزَّوَالِ لِلْخَبَرِ إذْ الْغَدَاءُ بِفَتْحِ الْغَيْنِ اسْمٌ لِمَا يُؤْكَلُ قَبْلَ الزَّوَالِ، وَالْعَشَاءُ اسْمٌ لِمَا يُؤْكَلُ بَعْدَهُ؛ وَلِأَنَّهُ مَضْبُوطٌ بَيِّنٌ وَلِإِدْرَاكِ مُعْظَمِ النَّهَارِ بِهِ كَمَا فِي رَكْعَةِ الْمَسْبُوقِ وَهَذَا جَرَى عَلَى الْغَالِبِ مِمَّنْ يُرِيدُ صَوْمَ النَّفْلِ وَإِلَّا فَلَوْ نَوَى قَبْلَ الزَّوَالِ وَقَدْ مَضَى مُعْظَمُ النَّهَارِ صَحَّ صَوْمُهُ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ صَوْمَهُ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ حَتَّى يُثَابَ عَلَى جَمِيعِهِ إذْ صَوْمُ الْيَوْمِ لَا يَتَبَعَّضُ كَمَا فِي الرَّكْعَةِ بِإِدْرَاكِ الرُّكُوعِ فَلَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِ الشَّرَائِطِ أَوَّلَهُ نَعَمْ لَوْ كَانَ قَدْ تَمَضْمَضَ وَلَمْ يُبَالِغْ وَسَبَقَهُ الْمَاءُ صَحَّتْ النِّيَّةُ بَعْدَهُ وَيُعْتَبَرُ قَصْدُهَا (لِكُلِّ يَوْمٍ) إذْ كُلُّ يَوْمٍ عِبَادَةٌ لِتَخَلُّلِ الْيَوْمَيْنِ مَا يُنَاقِضُ الصَّوْمَ كَالصَّلَاتَيْنِ يَتَخَلَّلُهُمَا السَّلَامُ.

(وَإِنْ يَكُنْ) صَوْمُهُ (فَرْضًا) رَمَضَانَ، أَوْ غَيْرَهُ (شَرَطْنَا نِيَّتَهْ) أَيْ الْفَرْضَ حَالَةَ كَوْنِهَا (قَدْ عُيِّنَتْ) كَقَوْلِهِ: مِنْ رَمَضَانَ كَمَا فِي الصَّلَاةِ فَلَوْ أَطْلَقَهَا كَمَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى نِيَّةِ صَوْمِ الْغَدِ لَمْ يَصِحَّ وَكَذَا لَوْ أَخْطَأَ فِي التَّعْيِينِ فَنَوَى فِي رَمَضَانَ قَضَاءً، أَوْ كَفَّارَةً وَلَا يُشْتَرَطُ تَقْيِيدُ رَمَضَانَ بِالسَّنَةِ، أَوْ الشَّهْرِ لِإِغْنَاءِ التَّبْيِيتِ عَنْهُ بَلْ لَوْ أَخْطَأَ فِي صِفَةِ الْمُعَيَّنِ فَنَوَى الْغَدَ، وَهُوَ الْأَحَدُ بِظَنِّ الِاثْنَيْنِ، أَوْ رَمَضَانَ سَنَتَهُ وَهِيَ سَنَةٌ اثْنَتَيْنِ بِظَنِّ سَنَةِ ثَلَاثٍ صَحَّ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى الْأَحَدَ لَيْلَةَ الِاثْنَيْنِ، أَوْ رَمَضَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ الْوَقْتَ

ــ

[حاشية العبادي]

هَلْ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ يَكُنْ عِيدٌ) وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إنَّمَا يُعَيِّدُ بَعْدَ صَوْمِ ثَلَاثِينَ، أَوْ تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ (قَوْلُهُ: أَيْ تَكْمِلَةَ الْيَوْمِ) وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا قَضَاءَ سَوَاءٌ أَمْسَكَ لِبَقِيَّتِهِ، أَوْ لَا وَهُوَ الْوَجْهُ (قَوْلُهُ: وَمَنْ انْفَرَدَ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ مَنْ أَخْبَرَهُ بِرُؤْيَتِهِ مَنْ اعْتَقَدَ صِدْقَهُ مِمَّنْ لَا يَثْبُتُ بِقَوْلِهِ: إنْ جَوَّزْنَا لَهُ اعْتِمَادَهُ حِينَئِذٍ فَعَلَيْهِ إخْفَاءُ فِطْرِهِ لِئَلَّا يُتَّهَمَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَأَخْفَى فِطْرَهُ) الْمُتَبَادِرُ أَنَّ قَوْلَهُ: أَخْفَى فِطْرَهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقْتَضَاهَا فَيَكُونُ الْإِخْفَاءُ لَازِمًا لَكِنْ لَمَّا قَالَ: فِي الرَّوْضِ وَحَقُّهُ أَنْ يُخْفِيَهُ قَالَ: فِي شَرْحِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ اهـ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ قَوْلُهُ: وَأَخْفَى فِعْلًا مَاضِيًا، وَالْفِطْرَ مَفْعُولَهُ فَلَا يَدُلُّ عَلَى اللُّزُومِ (قَوْلُهُ: شَهَادَتُهُ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْفِطْرِ

(قَوْلُهُ: أَنَّهَا لِلْمَاضِيَةِ) أَيْ وَلَا يَثْبُتُ صَوْمُ الْغَدِ أَوْ فِطْرُهُ مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةٍ فِي الْمُسْتَقْبَلَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَيْسَ الْمُرَادُ بِكَوْنِهِ لِلْمُسْتَقْبَلَةِ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ رُؤْيَتِهِ فِيهَا بَلْ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَلَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَتِهِ بِالْفِعْلِ فِيهَا سم

(قَوْلُهُ: قَبْلَ زَوَالِهَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي مُقَارَنَتُهَا لِلزَّوَالِ م ر (قَوْلُهُ: كَمَا فِي رَكْعَةِ الْمَسْبُوقِ) حَيْثُ أُدْرِكَتْ بِإِدْرَاكِ الرُّكُوعِ لِإِدْرَاكِ مُعْظَمِهَا حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الرَّكْعَةِ بِإِدْرَاكِ الرُّكُوعِ) حَيْثُ حَصَلَ جَمِيعُهَا بِإِدْرَاكِهِ وَلَمْ يَتَبَعَّضْ (قَوْلُهُ: كَقَوْلِهِ: مِنْ رَمَضَانَ) صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يَكْفِي نِيَّةُ صَوْمِ الْغَدِ مِنْ غَيْرِ مُلَاحَظَةِ رَمَضَانَ خِلَافًا لِمَا تَوَهَّمَهُ طَلَبَةُ الْعِلْمِ م ر (قَوْلُهُ: يَظُنُّ الِاثْنَيْنِ)، أَوْ يَظُنُّ السَّبْتَ فِيمَا يَظْهَرُ بِرّ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ نَوَى الْأَحَدَ) يُفْهِمُ أَنَّهُ لَوْ نَوَى الْأَحَدَ لَيْلَةَ الْأَحَدِ، أَوْ رَمَضَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ صَحَّ وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْغَدِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فِي سَنَة ثَلَاثٍ) أَيْ وَلَمْ يَخْطِرْ بِبَالِهِ الْغَدُ فِي الْأُولَى وَلَا السَّنَةُ الْحَاضِرَةُ فِي الثَّانِيَةِ كَمَا فِي الرَّوْضِ مِنْ زِيَادَتِهِ

ــ

[حاشية الشربيني]

اهـ.

شَرْحُ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَبْلَ الزَّوَالِ) رَدٌّ لِمَا قِيلَ إنَّهَا قَبْلَهُ لِلْمَاضِيَةِ وَبَعْدَهُ لِلْمُسْتَقْبَلَةِ (قَوْلُهُ: بِخَانِقِينَ) بَلْدَةٌ بِقُرْبِ بَغْدَادَ (قَوْلُهُ: تَكُونُ لِلَّيْلَةِ الْمَاضِيَةِ) فَيَكُونُ الشَّهْرُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ

(قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ كَانَ نَفْلًا كَفَى إلَخْ) وَتُجْزِئُ النِّيَّةُ أَوَّلَ النَّهَارِ مَنْ نَسِيَهَا فِي رَمَضَانَ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ نَقَلَهُ الْمَدَنِيُّ مُحَشِّي شَرْحُ بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُبَالِغْ) تَوَقَّفَ فِيهِ ع ش؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَفْطَرَ فِي الصَّوْمِ؛ لِأَنَّهُ تَوَلَّدَ مِنْ مَكْرُوهٍ بِخِلَافِ هُنَا فَإِنَّ الْمُبَالَغَةَ فِي حَقِّهِ مَنْدُوبَةٌ لِكَوْنِهِ لَيْسَ فِي صَوْمٍ وَعَلَّلَهُ ق ل بِأَنَّهُ يَضُرُّ لَوْ كَانَ صَائِمًا (قَوْلُهُ: صَحَّتْ النِّيَّةُ) أَيْ اتِّفَاقًا هُنَا وَإِنْ قُلْنَا بِضَرَرِ هَذَا السَّبْقِ فِي غَيْرِ مَا هُنَا كَذَا يُؤْخَذُ مِنْ التُّحْفَةِ

(قَوْلُهُ: لِإِغْنَاءِ التَّبْيِيتِ عَنْهُ) وَلَا يُقَالُ: التَّبَيُّتُ يُبَيِّنُ الْيَوْمَ الَّذِي صَامَهُ وَلَا بَيَانَ فِيهِ لِلْيَوْمِ الَّذِي صَامَ عَنْهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ عَنْ رَمَضَانَ سَنَةً أُخْرَى؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا لَمْ يُقْبِلْ رَمَضَانُ غَيْرُهُ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ رَمَضَانُ هَذِهِ السَّنَةَ سم عَلَى الْغَايَةِ اهـ فَإِنْ قُلْت إذَا اُعْتُبِرَ اللُّزُومُ كَانَ يَكْفِي الْغَدُ عَنْ رَمَضَانَ قُلْت ذَاكَ أَصْلُ الْمَنْوِيِّ بِخِلَافِ كَوْنِهِ مِنْ تِلْكَ السَّنَةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى إلَخْ) وَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ مَا لَوْ عَيَّنَ الْيَوْمَ فِي الصَّلَاةِ وَأَخْطَأَ حَيْثُ لَا يَضُرُّ بِأَنَّ ارْتِبَاطَ الصَّوْمِ بِالْوَقْتِ الَّذِي هُوَ الْيَوْمَ أَشَدُّ مِنْ ارْتِبَاطِ الصَّلَاةِ بِالْيَوْمِ اُنْظُرْ حَاشِيَةَ التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ:

ص: 208

وَيَنْبَغِي اشْتِرَاطُ التَّعْيِينِ فِي النَّفْلِ الْمُؤَقَّتِ وَمَا لَهُ سَبَبٌ كَالصَّلَاةِ بَحَثَ الْأَوَّلَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَالثَّانِي فِي الْمُهِمَّاتِ وَأُجِيبُ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الصَّوْمَ فِي الْأَيَّامِ الْمُتَأَكَّدِ صَوْمُهَا مُنْصَرِفٌ إلَيْهَا بَلْ لَوْ نَوَى بِهِ غَيْرَهَا حَصَلَتْ أَيْضًا كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ وُجُودُ صَوْمٍ فِيهَا.

(تَنْبِيهٌ) لَوْ كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَمَضَانَيْنِ فَنَوَى صَوْمَ غَدٍ عَنْ قَضَاءِ رَمَضَانَ جَازَ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ أَنَّهُ عَنْ قَضَاءِ أَيِّهِمَا؛ لِأَنَّهُ كُلَّهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ قَالَهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ قَالَ: وَكَذَا إذَا كَانَ عَلَيْهِ صَوْمُ نَذْرٍ مِنْ جِهَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ فَنَوَى صَوْمَ النَّذْرِ جَازَ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ نَوْعَهُ وَكَذَا الْكَفَّارَاتُ (مِنْ لَيْلِهِ) أَيْ شَرَطْنَا نِيَّةَ الْفَرْضِ (مُبَيَّتَهْ) مِنْ لَيْلِ كُلِّ يَوْمٍ وَإِنْ كَانَ النَّاوِي صَبِيًّا لِخَبَرِ «مَنْ لَمْ يُبَيِّتْ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلَا صِيَامَ لَهُ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْفَرْضِ بِقَرِينَةِ خَبَرِ عَائِشَةَ السَّابِقِ فَلَا تُجْزِئُ النِّيَّةُ مَعَ طُلُوعِ الْفَجْرِ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ وَلَا تَخْتَصُّ بِالنِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْ اللَّيْلِ لِإِطْلَاقِهِ وَلَوْ شَكَّ فِي تَقَدُّمِهَا الْفَجْرَ لَمْ يَصِحَّ صَوْمُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّقْدِيمِ نَعَمْ إنْ تَذَكَّرَ وَلَوْ بَعْدَ مُضِيِّ أَكْثَرِ النَّهَارِ صَحَّ وَكَذَا لَوْ نَوَى، ثُمَّ شَكَّ أَطَلَعَ الْفَجْرُ أَمْ لَا.

وَلَوْ عَلِمَ أَنَّ عَلَيْهِ صَوْمًا وَجَهِلَ عَيْنَهُ فَنَوَى صَوْمًا وَاجِبًا صَحَّ لِلضَّرُورَةِ كَنَظِيرِهِ مِنْ الصَّلَاةِ وَشَمَلَ كَلَامُهُ كَغَيْرِهِ صَوْمَ الِاسْتِسْقَاءِ بِأَمْرِ الْإِمَامِ إذَا قُلْنَا بِوُجُوبِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ فَيَجِبُ فِيهِ التَّبْيِيتُ وَذَكَرَهُ ابْنُ الْعِمَادِ احْتِمَالًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ اعْتَمَدَ هُوَ خِلَافَهُ حَيْثُ قَالَ: لَا يَجِبُ فِيهِ التَّبْيِيتُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِبْ لِذَاتِهِ كَرَمَضَانَ، وَالْمَنْذُورِ بَلْ لِأَمْرِ الْإِمَامِ

وَمَصْلَحَةِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: فِي النَّفْلِ الْمُؤَقَّتِ) كَصَوْمِ الِاثْنَيْنِ (قَوْلُهُ: وَمَا لَهُ سَبَبٌ) كَصَوْمِ الِاسْتِسْقَاءِ بِغَيْرِ أَمْرِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْفَجْرِ فَلَا إلَخْ) فَلَا تَكْفِي مُقَارَنَةُ الْفَجْرِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَكَّ فِي تَقَدُّمِهَا) أَيْ عِنْدَ النِّيَّةِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ إلَخْ) فَلَا جَزْمَ بِالنِّيَّةِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ إلَخْ) قَضِيَّةُ صَنِيعِهِ أَنَّ هَذَا اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ: قَبْلَهُ وَلَوْ شَكَّ إلَخْ وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّكِّ هُنَا الشَّكُّ حَالَ النِّيَّةِ، وَالشَّكُّ حَالَ النِّيَّةِ مُفْسِدٌ لَهَا مَانِعٌ مِنْ انْعِقَادِهَا فَلَا تَنْقَلِبُ إلَى الصِّحَّةِ بِالتَّذَكُّرِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَاَلَّذِي فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فَرْضُ مَسْأَلَةِ التَّذَكُّرِ فِيمَا إذَا شَكَّ نَهَارًا هَلْ نَوَى لَيْلًا فَإِنْ قُلْت يُمْكِنُ حَمْلُ الشَّكِّ هُنَا عَلَى الشَّكِّ بَعْدَ النِّيَّةِ وَحِينَئِذٍ يُتَّجَهُ الِاسْتِدْرَاكُ قُلْت صَرَّحَ الصَّيْمَرِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ بِصِحَّةِ الصَّوْمِ مَعَ هَذَا الشَّكِّ فَلَا يُتَّجَهُ الِاسْتِدْرَاكُ وَعِبَارَةُ الْمُزَجَّدِ فِي تَجْرِيدِهِ مَا نَصُّهُ نَوَى، ثُمَّ شَكَّ أَكَانَتْ نِيَّتُهُ قَبْلَ الْفَجْرِ أَمْ بَعْدَهُ قَالَ الصَّيْمَرِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ: صَحَّ صَوْمُهُ قَالَ النَّوَوِيُّ: وَيُحْتَمَلُ مَجِيءُ وَجْهٍ مِمَّا إذَا شَكَّ فِي إدْرَاكِ رُكُوعِ الْإِمَامِ اهـ.

عَلَى أَنَّ الشَّكَّ الْمَذْكُورَ ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي قَوْلِهِ: وَكَذَا لَوْ نَوَى، ثُمَّ شَكَّ أَطَلَعَ الْفَجْرُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ مُضِيِّ أَكْثَرِ إلَخْ) وَكَذَا بَعْدَ الْغُرُوبِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَكَذَا بَعْدَ أَيَّامٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ قِيَاسِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ نَوَى، ثُمَّ شَكَّ أَطَلَعَ الْفَجْرُ أَمْ لَا) ؛ لِأَنَّ أَصْلَ عَدَمِ طُلُوعِهِ لِلْأَصْلِ الْمَذْكُورِ أَيْضًا وَهُوَ أَنَّ الْأَصْلَ فِي كُلِّ حَادِثٍ تَقْدِيرُهُ بِأَقْرَبِ زَمَنٍ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: ثُمَّ شَكَّ) أَيْ بَعْدَ النِّيَّةِ (قَوْلُهُ: أَطَلَعَ) أَيْ حِينَ النِّيَّةِ إذْ الشَّكُّ فِي طُلُوعِهِ بَعْدَهَا لَا يُتَصَوَّرُ ضَرَرُهُ حَتَّى يَحْتَاجَ لِلْبَيَانِ بَلْ الْعِلْمُ بِطُلُوعِهِ بَعْدَهَا لَا يَضُرُّ بَلْ هُوَ أَمْرٌ لَازِمٌ فَتَأَمَّلْهُ سم (قَوْلُهُ: وَجَهِلَ عَيْنَهُ) مِنْ كَوْنِهِ قَضَاءً عَنْ رَمَضَانَ، أَوْ نَذْرًا، أَوْ كَفَّارَةً (قَوْلُهُ: صَحَّ لِلضَّرُورَةِ) ظَاهِرُ الْإِطْلَاقِ أَنَّهُ لَا تَجِبُ إعَادَتُهُ لَوْ تَبَيَّنَ الْحَالُ وَكَتَبَ أَيْضًا ظَاهِرُهُ وَلَوْ اُحْتُمِلَ كَوْنُ ذَلِكَ الصَّوْمِ مِنْ قَضَاءِ رَمَضَانَ مَعَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّعْيِينُ وَيُجَابُ بِالِاغْتِفَارِ هُنَا لِلضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ: كَنَظِيرِهِ مِنْ الصَّلَاةِ) التَّشْبِيهُ مِنْ حَيْثُ صِحَّةُ النِّيَّةِ مَعَ عَدَمِ عِلْمِهِ مَا عَلَيْهِ عِنْدَهَا

ــ

[حاشية الشربيني]

مَا لَوْ نَوَى الْأَحَدَ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَلَمْ يَخْطِرْ بِبَالِهِ الْغَدُ فِي الْأُولَى وَلَا السَّنَةُ الْحَاضِرَةُ فِي الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ نَفَاهُ لَمْ يَحْصُلْ وَهُوَ كَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّوَابِ الْعَظِيمِ كَغُفْرَانِ الذُّنُوبِ الْمَاضِيَةِ، وَالْقَابِلَةِ فِي صَوْمِ عَرَفَةَ أَمَّا أَصْلُ السَّنَةِ فَحَاصِلٌ مُطْلَقًا اهـ.

شَيْخُنَا ذ (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَكَّ فِي تَقَدُّمِهَا الْفَجْرَ إلَخْ) عِبَارَةُ سم عَلَى الْغَايَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى ثُمَّ شَكَّ فِي أَنَّهَا كَانَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ، أَوْ بَعْدَهُ، أَوْ فِي أَنَّهُ طَلَعَ الْفَجْرُ، أَوْ لَا، أَوْ شَكَّ نَهَارًا فِي أَنَّهُ نَوَى لَيْلًا، أَوْ لَا، ثُمَّ تَذَكَّرَ فِي الْجَمِيعِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ. اهـ. وَقَوْلُهُ: ثُمَّ تَذَكَّرَ إلَخْ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ شَرْطٌ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِشَرْحِ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ فَإِنَّهُ ذَكَرَهَا مُسْتَقِلَّةً بِدُونِ شَرْطٍ، وَمِثْلُهُ فِي التُّحْفَةِ وَقَرَّرَهُ الشَّيْخُ الْقُوَيْسِنِيُّ وَقَالَ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ اللَّيْلِ وَهُنَاكَ صُورَةٌ ثَالِثَةٌ وَهِيَ مَا إذَا قَارَنَ الشَّكُّ النِّيَّةَ وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَلَوْ شَكَّ فِي تَقَدُّمِهَا إلَخْ مُرَادُهُ بِهِ الصُّورَةُ الْأُولَى فِي كَلَامِ سم فَيَكُونُ الِاسْتِدْرَاكُ صَحِيحًا وَمَا نَقَلَهُ عَنْ الصَّيْمَرِيِّ مِنْ الْجَزْمِ بِصِحَّةِ صَوْمِهِ لَعَلَّهُ ضَعِيفٌ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ لَوْ نَوَى، ثُمَّ شَكَّ هَلْ كَانَتْ قَبْلَهُ، أَوْ بَعْدَهُ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ تَقَدُّمِهَا عَلَيْهِ اهـ.

أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي كُلِّ حَادِثٍ تَقْدِيرُهُ بِأَقْرَبِ زَمَنٍ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى، ثُمَّ شَكَّ أَطْلَعَ الْفَجْرُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الشَّكَّ وَقَعَ فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ فَيُقَدَّرُ حُدُوثُهُ بِأَقْرَبِ زَمَنٍ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَكَّ فِي تَقَدُّمِهَا إلَخْ) أَيْ نَهَارًا فَإِنْ شَكَّ فِي ذَلِكَ بَعْدَ الْغُرُوبِ لَمْ يَضُرَّ وَإِنْ

ص: 209

الْمُسْلِمِينَ

وَلِهَذَا لَا يَسْتَقِرُّ فِي الذِّمَّةِ بِخِلَافِ الْمَنْذُورِ انْتَهَى وَزَادَ النَّاظِمُ قَوْلَهُ مِنْ لَيْلِهِ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ الِاكْتِفَاءِ بِنِيَّةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ، وَهُوَ حَسَنٌ وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ مَفْهُومَةً بِالْأَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ: لِكُلِّ يَوْمٍ نَعَمْ لَوْ أَخَّرَ قَوْلَهُ: لِكُلِّ يَوْمٍ إلَى هُنَا لَشَمَلَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ وَقَدْ يُقَالُ عَلَى بُعْدٍ: فِيهَا فَائِدَةٌ أُخْرَى وَهِيَ دَفْعُ تَوَهُّمِ أَنْ يُرَادَ بِمُبَيِّتِهِ مُدَبَّرُهُ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ} [النساء: 81] وَقَوْلُهُ: {إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ} [النساء: 108] أَيْ يُدَبِّرُونَ، وَالتَّعْيِينُ الْمُبَيَّتُ فِي رَمَضَانَ (كَمِثْلِ أَنْ) بِزِيَادَةِ مِثْلِ أَيْ كَأَنْ (يَنْوِيَ هُوَ صَوْمَ الْغَدِ عَنْ فَرِيضَةِ الشَّهْرِ) أَيْ شَهْرِ رَمَضَانَ فَالْغَدُ مِثَالٌ لِلتَّبْيِيتِ وَشَهْرُ رَمَضَانَ مِثَالٌ لِلتَّعْيِينِ.

وَلَا يُشْتَرَطُ التَّعَرُّضُ لِلْغَدِ بِخُصُوصِهِ بَلْ يَكْفِي دُخُولُهُ فِي صَوْمِ الشَّهْرِ الْمَنْوِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ نَوَى أَوَّلَ الشَّهْرِ صَوْمَهُ صَحَّ لِلْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَالرَّوْضَةِ، وَالْمِنْهَاجِ وَأَصْلَيْهِمَا اشْتِرَاطُ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ لَكِنْ صَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ تَبَعًا لِلْأَكْثَرِينَ عَدَمَ اشْتِرَاطِهَا هُنَا بِخِلَافِهِ فِي الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ صَوْمَ رَمَضَانَ مِنْ الْبَالِغِ لَا يَقَعُ إلَّا فَرْضًا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّ الْمُعَادَةَ نَفْلٌ وَرُدَّ بِاشْتِرَاطِ بَيْتِهَا فِي الْمُعَادَةِ عَلَى الْأَصَحِّ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ صَحَّحَ فِيهِ أَيْضًا عَدَمَ اشْتِرَاطِهَا فِي الْمُعَادَةِ. وَكَمَالُ التَّعْيِينِ فِي رَمَضَانَ أَنْ يَنْوِيَ صَوْمَ الْغَدِ عَنْ أَدَاءِ فَرْضِ رَمَضَانَ هَذِهِ السَّنَةَ لِلَّهِ تَعَالَى (بِجَزْمٍ، أَوْ بِظَنْ) أَيْ يَقْصِدُ الصَّوْمَ مَعَ جَزْمِهِ بِمَا يَنْوِيهِ، أَوْ ظَنِّهِ لَهُ فَلَوْ نَوَى لَيْلَةَ ثَلَاثِيِّ شَعْبَانَ عَنْ رَمَضَانَ بِلَا رُؤْيَةٍ لَمْ يَقَعْ عَنْهُ إذَا بَانَ مِنْهُ سَوَاءٌ جَزَمَ بِالصَّوْمِ عَنْهُ صُورَةً أَمْ قَيَّدَ بِقَوْلِهِ: إنْ كَانَ مِنْهُ إذْ لَا جَزْمَ حَقِيقَةً بِدُونِ اعْتِقَادٍ وَلَا ظَنَّ بِدُونِ أَمَارَةٍ.

وَيَحْصُلُ لَهُ الظَّنُّ بِقَوْلِهِ: مَنْ يَثِقُ بِهِ وَلَوْ (بِقَوْلِ صِبْيَةٍ ذَوِي رَشَادِ) يَعْنِي مُخْتَبَرِينَ بِالصِّدْقِ (أَوْ عَبْدٍ، أَوْ أُنْثَى، أَوْ اجْتِهَادٍ) مِنْ أَسِيرٍ وَنَحْوِهِ (أَوْ صُحْبَةٍ) أَيْ اسْتِصْحَابٍ كَنِيَّتِهِ الصَّوْمَ لَيْلَةَ ثَلَاثِيِّ رَمَضَانَ اسْتِصْحَابًا لِبَقَائِهِ سَوَاءٌ جَزَمَ بِالنِّيَّةِ صُورَةً أَوْ رَدَّدَ فِيهَا فَقَالَ: نَوَيْت

ــ

[حاشية العبادي]

فَإِنَّ فِي صُورَةِ الصَّلَاةِ الْمَذْكُورَةِ عِنْدَ نِيَّةِ كُلِّ صَلَاةٍ لَا يَدْرِي أَنَّهَا الَّتِي عَلَيْهِ كَمَا أَنَّهُ عِنْدَ نِيَّةِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ لَا يَدْرِي أَنَّهُ أَيُّ شَيْءٍ مِنْ الْقَضَاءِ، وَالنَّذْرِ، وَالْكَفَّارَةِ

وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ التَّشْبِيهِ أَنَّهُ فِي صُورَةِ الصَّلَاةِ يَصِحُّ بِنِيَّةِ الْوَاجِبِ كَمَا تَوَهَّمَ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَصِحُّ إلَّا مَعَ التَّعْيِينِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مِنْ الصَّلَاةِ) أَيْ فِيمَا إذَا نَسِيَ صَلَاةً مِنْ الْخَمْسِ جَهِلَ عَيْنَهَا فَإِنَّهُ يُصَلِّي الْخَمْسَ وَتُجْزِئُهُ عَمَّا عَلَيْهِ وَيُعْذَرُ فِي عَدَمِ جَزْمِهِ بِالنِّيَّةِ لِلضَّرُورَةِ وَذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَقَدْ يُقَالُ: قِيَاسُ الصَّلَاةِ أَنْ يَصُومَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ يَنْوِي يَوْمًا عَنْ الْقَضَاءِ وَيَوْمًا عَنْ النَّذْرِ وَيَوْمًا عَنْ الْكَفَّارَةِ، أَوْ يُقَالُ: يُصَلِّي ثَلَاثَ صَلَوَاتٍ فَقَطْ الصُّبْحَ، وَالْمَغْرِبَ وَإِحْدَى رَبَاعِيَةٍ يَنْوِي فِيهَا الصَّلَاةَ الْوَاجِبَةَ وَيُجَابُ بِأَنَّ: الذِّمَّةَ هُنَا لَمْ تَشْتَغِلْ بِالثَّلَاثِ، وَالْأَصْلُ بَعْدَ الْإِتْيَانِ بِصَوْمِ يَوْمٍ بِنِيَّةِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِمَّا زَادَ بِخِلَافِ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ الْخَمْسِ فَإِنَّ ذِمَّتَهُ اشْتَغَلَتْ بِجَمِيعِهَا، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ كُلٍّ مِنْهَا فَإِنْ فُرِضَ أَنَّ ذِمَّتَهُ اشْتَغَلَتْ بِصَوْمِ الثَّلَاثَةِ وَأَتَى بِاثْنَيْنِ مِنْهَا وَنَسِيَ الثَّالِثَ الْتَزَمَ فِيهِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا لَمْ يَكْتَفُوا ثَمَّ بِنِيَّةِ الصَّلَاةِ الْوَاجِبَةِ كَنَظِيرِهَا هُنَا؛ لِأَنَّهُمْ تَوَسَّعُوا هُنَا مَا لَمْ يَتَوَسَّعُوا ثَمَّ بِدَلِيلٍ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْمُقَارَنَةِ فِي نِيَّةِ الصَّوْمِ وَعَدَمِ الْخُرُوجِ مِنْهُ بِنِيَّةِ تَرْكِهِ بِخِلَافِهِمَا فِي الصَّلَاةِ كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَقَوْلُهُ: الْتَزَمَ فِيهِ ذَلِكَ لَكِنْ يُحْتَمَلُ عَدَمُ الْتِزَامِهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ مَا هُنَا أَوْسَعُ كَمَا تَقَرَّرَ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا لَا يَسْتَقِرُّ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَقْضِي إذَا فَاتَ وَهُوَ كَذَلِكَ م ر (قَوْلُهُ: مَفْهُومَةً بِالْأَوْلَى) كَانَ وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ تَكْرَارَ النِّيَّةِ لِتَكْرَارِ الْأَيَّامِ مِنْ بَابِ تَكْرَارِ الْأَصْلِ وَتَكْرَارَ التَّبْيِيتِ مِنْ بَابِ تَكْرَارِ الْوَصْفِ وَإِذَا وَجَبَ تَكْرَارُ الْأَصْلِ فَتَكْرَارُ الْوَصْفِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَخَفُّ سم (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَوْ نَوَى إلَخْ) وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ نَوَى بَعْدَ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ صَوْمَ الْبَاقِي مِنْ الشَّهْرِ صَحَّ لِلْيَوْمِ الثَّانِي أَوْ بَعْدَ الْيَوْمِ الثَّانِي صَوْمُ الْبَاقِي مِنْهُ صَحَّ لِلثَّالِثِ وَهَكَذَا سم (قَوْلُهُ: صَوْمَهُ) أَيْ الشَّهْرِ (قَوْلُهُ: صَحَّ لِلْيَوْمِ الْأَوَّلِ) مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ بِخُصُوصِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِقَوْلِ صِبْيَةٍ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَلَوْ اعْتَقَدَهُ بِخَبَرِ امْرَأَةٍ

ــ

[حاشية الشربيني]

لَمْ يَتَذَكَّرْ اهـ.

شَيْخُنَا قُوَيْسَنِيٌ اهـ.

مَرْصِفِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ أَيْ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ شَكَّ بَعْدَ الْغُرُوبِ فِي أَنَّهُ نَوَى أَوْ لَا فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ وَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ كَمَا فِي ق ل قَالَ سم فِي حَاشِيَةِ التُّحْفَةِ: وَيُفَارِقُ نَظِيرُهُ فِي الصَّلَاةِ، وَالْوُضُوءِ بِأَنَّهُمَا أَضْيَقُ مِنْ الصَّوْمِ (قَوْلُهُ: بِالْأَوْلَى) ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْ النَّفْلِ هَذَا مُرَادُهُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ أَخَّرَ إلَى آخِرِهِ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: بَلْ يَكْفِي دُخُولُهُ إلَخْ) فَالْوَاجِبُ إمَّا التَّعَرُّضُ لِمَعْنَى الْغَدِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ كَنِيَّةِ الشَّهْرِ كُلِّهِ فَلَوْ انْتَفَى هُوَ وَمَا يَقُومُ مَقَامَهُ لَمْ تَتَحَقَّقْ النِّيَّةُ الْوَاجِبَةُ اهـ.

تُحْفَةٌ وَلَا بُدَّ مَعَ نِيَّةِ الشَّهْرِ أَنْ يُلَاحَظُ كَوْنَهُ عَنْ رَمَضَانَ كَمَا فِي الْغَدِ سم (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِاشْتِرَاطِ نِيَّتِهَا إلَخْ) أَيْ لِتَكُونَ مُعَادَةً وَإِلَّا كَانَتْ صَلَاةً أُخْرَى تَدَبَّرْ وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَرَدَّهُ السُّبْكِيُّ بِوُجُوبِ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فِيهَا وَيُرَدُّ بِأَنَّ وُجُوبَهَا فِيهَا عَلَى مَا مَرَّ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ حَقِيقَتَهَا بَلْ لِتَتِمَّ مُحَاكَاتُهَا لِلْأُولَى كَمَا مَرَّ وَذَلِكَ مَفْقُودٌ هُنَا (قَوْلُهُ: صَوْمَ الْغَدِ) أَيْ دُونَ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ فَهَذَا هُوَ الْأَكْمَلُ أَمَّا الْوَاجِبُ فَأَحَدُهُمَا (قَوْلُهُ: صِبْيَةٍ) لَيْسَ قَيْدًا فَيَكْفِي وَاحِدٌ مُخْتَبَرٌ بِالصِّدْقِ م ر، ثُمَّ رَأَيْته بَعْدُ (قَوْلُهُ: أَوْ اجْتِهَادٍ) هَلْ لَهُ الْعَمَلُ بِقَوْلِ غَيْرِهِ النَّاشِئِ عَنْ اجْتِهَادٍ عِنْدَ عَجْزِهِ كَمَا فِي الْقِبْلَةِ، وَالْأَوَانِي، وَالْوَقْتِ؟

ص: 210

صَوْمَ غَدٍ إنْ كَانَ مِنْ رَمَضَانَ بِخِلَافِ نِيَّتِهِ لَهُ لَيْلَةَ ثَلَاثِيِّ شَعْبَانَ كَمَا مَرَّ لِلْأَصْلِ فِيهِمَا (أَوْ عَادَةِ) ذَاتِ (الدِّمَاءِ) مِنْ حَيْضٍ، أَوْ نِفَاسٍ فِي انْقِطَاعِهِ لَيْلًا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ اسْتِمْرَارُ الْعَادَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ أَكْثَرَ الْحَيْضِ، وَالنِّفَاسِ أَمْ دُونَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لَهَا عَادَاتٌ مُخْتَلِفَةٌ وَلَا يَتِمُّ أَكْثَرُهَا لَيْلًا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَجْزِمْ وَلَا بَنَتْ عَلَى أَصْلٍ وَلَا أَمَارَةٍ وَكَذَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا عَادَةٌ وَكَانَ لَا يَتِمُّ أَكْثَرُ الْحَيْضِ لَيْلًا وَوَصْفُهُ الصِّبْيَةَ بِقَوْلِهِ: ذَوِي رَشَادٍ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَالْجَمْعُ لَيْسَ بِمُعْتَبَرٍ فَفِي الْمَجْمُوعِ لَوْ أَخْبَرَهُ بِالرُّؤْيَةِ مَنْ يَثِقُ بِهِ مِنْ حُرٍّ، أَوْ عَبْدٍ، أَوْ امْرَأَةٍ، أَوْ فَاسِقٍ، أَوْ مُرَاهِقٍ وَنَوَى صَوْمَ رَمَضَانَ فَبَانَ مِنْهُ أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّهُ نَوَاهُ بِظَنٍّ وَصَادَفَهُ فَأَشْبَهَ الْبَيِّنَةَ

. (وَتَرْكِ) أَيْ وَصِحَّةَ الصَّوْمِ بِقَصْدِهِ وَبِتَرْكِ (عَمْدِ الْوَطْءِ) فَيَبْطُلُ بِعَمْدِهِ إجْمَاعًا بِخِلَافِ سَهْوِهِ كَالْأَكْلِ (وَ) تَرْكُ عَمْدِ (اسْتِمْنَاءِ) فَيَبْطُلُ بِعَمْدِهِ (وَلَوْ) كَانَ الِاسْتِمْنَاءُ (بِنَحْوِ قُبْلَةٍ وَلَمْسٍ) وَمُبَاشَرَةٍ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ بِشَهْوَةٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا بَطَلَ بِالْوَطْءِ بِلَا إنْزَالٍ فَبِالْإِنْزَالِ بِمُبَاشَرَةٍ فِيهَا نَوْعُ شَهْوَةٍ أَوْلَى بِخِلَافِ سَهْوِهِ. وَلَفْظَةُ نَحْوِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ (لَا نَظَرِ) أَيْ لَا إنْ كَانَ الِاسْتِمْنَاءُ بِنَظَرٍ (وَلَا بِفِكْرِ النَّفْسِ وَ) لَا (ضَمِّهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ إلَى نَفْسِهِ (بِحَائِلٍ) وَإِنْ تَكَرَّرَتْ الثَّلَاثَةُ بِشَهْوَةٍ إذْ لَا مُبَاشَرَةَ

ــ

[حاشية العبادي]

أَوْ عَبِيدٍ، أَوْ صِبْيَانٍ ذَوِي رُشْدٍ وَجَزَمَ أَجْزَأَهُ وَلَوْ تَرَدَّدَ أَيْ رَدَّدَ فَقَالَ: أَصُومُ غَدًا عَنْ رَمَضَانَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ فَهُوَ تَطَوُّعٌ وَبَانَ مِنْهُ لَمْ يَجْزِهِ اهـ.

، وَالْمُعْتَمَدُ الْإِجْزَاءُ خِلَافًا لِلرَّوْضِ م ر (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نِيَّتِهِ لَهُ) أَيْ بِلَا أَمَارَةٍ مِمَّا ذَكَرَ وَهَذَا مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ: كَنِيَّتِهِ الصَّوْمَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَبَانَ مِنْهُ) مَفْهُومُهُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ إذَا لَمْ يَبِنْ الْحَالُ مُطْلَقًا وَفِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ:، أَوْ مُرَاهِقٌ) اُنْظُرْ مَفْهُومَهُ

(قَوْلُهُ: وَاسْتِمْنَاءٍ) عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَتَرْكُ اسْتِمْنَاءٍ وَلَوْ بِنَحْوِ لَمْسٍ بِلَا حَائِلٍ، ثُمَّ قَالَ: فِي شَرْحِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ كَذَلِكَ بِحَائِلٍ اهـ.

وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ عَبِثَ بِذَكَرِهِ بِحَائِلٍ عَامِدًا عَالِمًا مُخْتَارًا حَتَّى أَنْزَلَ لَمْ يُفْطِرْ وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَالَ فِي الرَّوْضِ فِي بَابِ الِاعْتِكَافِ مَا نَصُّهُ: فَيَحْرُمُ بِهِ أَيْ بِالِاعْتِكَافِ التَّقْبِيلُ

ــ

[حاشية الشربيني]

أَوْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ دَلَائِلَهَا قَوِيَّةٌ بِخِلَافِ هَذَا فَإِنَّ دَلِيلَهُ خَفِيٌّ جِدًّا فَطُلِبَ مِنْ كُلٍّ بِخُصُوصِهِ لِلنَّظَرِ فِيهِ مَجَالٌ اهـ.

حَجَرٌ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ لَوْ اشْتَبَهَ رَمَضَانُ عَلَى مَحْبُوسٍ مَثَلًا لَزِمَهُ التَّحَرِّي فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ شَيْءٌ تَوَقَّفَ إلَى الظُّهُورِ اهـ.

وَظَاهِرُهُ عَدَمُ جَوَازِ الْعَمَلِ بِاجْتِهَادِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَتِمُّ أَكْثَرُهَا إلَخْ) أَيْ إنْ كَانَتْ غَيْرَ مُتَّسِقَةٍ، أَوْ مُتَّسِقَةً وَنَسِيَتْ اتِّسَاقَهَا (قَوْلُهُ: وَلَا يَتِمُّ إلَخْ) هَذَا إنْ لَمْ تَتَّسِقْ وَتَذْكُرُ اتِّسَاقَهَا وَإِلَّا لَمْ يُرَاعَ الْأَكْثَرُ (قَوْلُهُ: وَكَانَ لَا يَتِمُّ إلَخْ) لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ حَيْضُهَا هَذِهِ الْمَرَّةَ أَكْثَرَ الْحَيْضِ (قَوْلُهُ: وَنَوَى صَوْمَ رَمَضَانَ فَبَانَ مِنْهُ إلَخْ) أَيْ نَوَاهُ ظَانًّا صِدْقَ مَنْ ذَكَرَ كَمَا هُوَ صَرِيحُ قَوْلِ الشَّارِحِ قَبْلُ وَيَحْصُلُ لَهُ الظَّنُّ إلَخْ وَلَيْسَ ظَنُّ صِدْقِ مَنْ ذَكَرَ مُثْبِتًا لَهُ عَلَى الْخُصُوصِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَوَجَبَتْ النِّيَّةُ حِينَئِذٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ مُصَحِّحٌ لَهَا بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا نَوَى مُعْتَمِدًا عَلَى ذَلِكَ وَتَبَيَّنَ كَوْنُهُ مِنْهُ صَحَّ صَوْمُهُ عَنْهُ وَكَفَتْهُ تِلْكَ النِّيَّةُ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَتَبَيَّنْ كَوْنُهُ مِنْهُ فَهُوَ يَوْمُ شَكٍّ يَحْرُمُ صَوْمُهُ أَمَّا إذَا اعْتَقَدَ الصِّدْقَ وَلَوْ لِوَاحِدٍ مِمَّنْ ذَكَرَ بِأَنْ وَقَعَ الْجَزْمُ بِخَبَرِهِ وَجَبَتْ النِّيَّةُ لَيْلًا وَصَحَّ الصَّوْمُ عَنْهُ اعْتِمَادًا عَلَى ذَلِكَ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ خِلَافُهُ اهـ.

رَشِيدِيٌّ بِالْمَعْنَى نَقْلًا عَنْ حَجَرٍ وَبِهِ يَنْدَفِعُ التَّنَافِي الْمُتَوَهَّمُ هُنَا اهـ.

شَيْخُنَا ذ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِهَامِشِ الْمَحَلِّيِّ وَفِي اعْتِقَادِ الصِّدْقِ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُخْبِرُ مَأْمُونًا كَمَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ فَقَوْلُهُ: ذَوِي رَشَادٍ خَاصٌّ بِصُورَةِ الظَّنِّ تَدَبَّرْ، وَقَوْلُهُ: فَهُوَ يَوْمُ شَكٍّ يُفِيدُ أَنَّهُ يَوْمُ شَكٍّ وَإِنْ لَمْ يَتَعَدَّدْ الْمُخْبِرُ وَهُوَ ضَعِيفٌ

(قَوْلُهُ: إجْمَاعًا) فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَنَّ بَعْضَ الْأَئِمَّةِ كَأَبِي حَنِيفَةَ لَا يَقُولُ بِالْفِطْرِ فِي اللِّوَاطِ وَإِتْيَانِ الْبَهِيمَةِ اهـ وَانْظُرْ هَلْ ذَلِكَ وَلَوْ مَعَ الْإِنْزَالِ؟ حَرَّرَهُ (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ قُبْلَةٍ) أَفْرَدَهَا؛ لِأَنَّهَا لَا يُقَالُ: لَهَا لَمْسٌ عُرْفًا اهـ.

شَيْخُنَا ذ (قَوْلُهُ: وَلَمْسٍ إلَى قَوْلِهِ بِشَهْوَةٍ) مُقْتَضَاهُ أَنَّ اللَّمْسَ بِلَا حَائِلٍ إذَا كَانَ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ وَحَرَّكَ الشَّهْوَةَ فَأَمْنَى أَنَّهُ لَا يُفْطِرُ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِمْ حَيْثُ قَالُوا إنَّ خُرُوجَ الْمَنِيِّ لِلَّمْسِ، أَوْ قُبْلَةٍ بِلَا حَائِلٍ مُفْطِرٌ وَلَمْ يُفَصِّلُوا فِي اللَّمْسِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَبْدَؤُهُ بِشَهْوَةٍ أَمْ لَا فَالتَّقْيِيدُ بِكَوْنِهِ بِشَهْوَةٍ ضَعِيفٌ اهـ.

شَوْبَرِيٌّ وَشَرْقَاوِيٌّ عَلَى التَّحْرِيرِ (قَوْلُهُ: وَلَمْسٍ) أَيْ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ وَإِلَّا كَأَمْرَدَ وَمُحْرَمٍ فَلَا فِطْرَ وَلَوْ بِشَهْوَةٍ كَمَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا ز ي آخِرًا خِلَافًا لِ مَرَّ فِي تَقْيِيدِهِ لَمْسَ الْمَحْرَمِ بِكَوْنِهِ عَلَى وَجْهِ الْكَرَاهَةِ اهـ.

ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: لَا نَظَرٍ إلَخْ) وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ يُفْطِرُ إذَا عَلِمَ الْإِنْزَالَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُكَرِّرْهُ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا ز ي تَبَعًا لِشَيْخِنَا م ر وَقَالَ: إنَّ الْفِكْرَ كَالنَّظَرِ فِي ذَلِكَ اهـ.

ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: وَلَا ضَمِّهَا إلَخْ) فِي ق ل عَنْ حَوَاشِي الْمَنْهَجِ لسم أَنَّهُ إذَا قَصَدَ بِالضَّمِّ مَعَ الْحَائِلِ إخْرَاجَ الْمَنِيِّ وَأَنْزَلَ أَفْطَرَ وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُهُمْ اهـ.

مَدَنِيٌّ لَكِنَّ الَّذِي رَأَيْته فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَنَّهُ لَا يُفْطِرُ وَإِنْ كَرَّرَهُ، أَوْ قَصَدَ بِهِ الْإِنْزَالَ، أَوْ الْفِطْرَ اهـ.

، ثُمَّ رَأَيْت مَا نَقَلَهُ

ص: 211

كَالِاحْتِلَامِ مَعَ أَنَّهُ يَحْرُمُ تَكْرِيرُهَا وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ وَمَسْأَلَةُ ضَمِّ الْمَرْأَةِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ وَخَرَجَ بِالْحَائِلِ ضَمُّهَا بِدُونِهِ فَيَبْطُلُ كَمَا شَمَلَهُ قَوْلُهُ: وَلَمْسٍ، وَهَذَا كَمُبَالَغَةِ الْمَضْمَضَةِ وَلَوْ لَمَسَ شَعْرَهَا فَأَنْزَلَ.

قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْمُتَوَلِّي: فَفِي فِطْرِهِ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى انْتِقَاضِ الْوُضُوءِ بِلَمْسِهِ قَالَ: وَلَوْ حَكَّ ذَكَرَهُ لِعَارِضٍ فَأَنْزَلَ لَمْ يُفْطِرْ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ مُتَوَلِّدٌ مِنْ مُبَاشَرَةٍ مُبَاحَةٍ وَلَوْ قَبَّلَهَا وَفَارَقَهَا سَاعَةً، ثُمَّ أَنْزَلَ فَالْأَصَحُّ إنْ كَانَتْ الشَّهْوَةُ مُسْتَصْحَبَةً، وَالذَّكَرُ قَائِمًا حَتَّى أَنْزَلَ أَفْطَرَ وَإِلَّا فَلَا قَالَهُ فِي الْبَحْرِ قَالَ: وَلَوْ أَنْزَلَ بِلَمْسِ عُضْوِهَا الْمُبَانِ لَمْ يُفْطِرْ هَذَا كُلُّهُ فِي الْوَاضِحِ أَمَّا الْمُشْكِلُ فَلَا يَضُرُّ وَطْؤُهُ وَإِمْنَاؤُهُ بِأَحَدِ فَرْجَيْهِ لِاحْتِمَالِ زِيَادَتِهِ جَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ مَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْإِمْنَاءِ، وَهُوَ لَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ خُرُوجَ الْمَنِيِّ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ كَخُرُوجِهِ مِنْ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ مَحَلُّهُ إذَا انْسَدَّ الْأَصْلِيُّ

(وَ) بِتَرْكِ عَمْدِ (الِاسْتِقَا) فَيَبْطُلُ بِعَمْدِهِ صَوْمُهُ وَإِنْ لَمْ يَعُدْ شَيْءٌ إلَى جَوْفِهِ فَإِنَّهُ مُبْطِلٌ لِعَيْنِهِ لَا لِعَوْدِ شَيْءٍ مِنْهُ بِخِلَافِ سَهْوِهِ كَالْأَكْلِ سَهْوًا وَبِخِلَافِ غَلَبَةِ الْقَيْءِ لِخَبَرِ «مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ، وَهُوَ صَائِمٌ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ وَمَنْ اسْتَقَاءَ فَلْيَقْضِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ.

وَمَحَلُّ الْبُطْلَانِ بِعَمْدِ الْوَطْءِ، وَالْإِنْزَالِ، وَالِاسْتِقَاءَةِ إذَا فَعَلَهَا مُخْتَارًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ كَنَظِيرِهِ الْآتِي فِي الْأَكْلِ

(لَا تَرْكِ) أَيْ صِحَّةُ الصَّوْمِ بِمَا ذُكِرَ لَا بِتَرْكِ (قَلْعِهِ النُّخَامَ) إلَى الظَّاهِرِ فَلَوْ قَلَعَهُ وَبَقَّاهُ، أَوْ لَفَظَهُ لَمْ يَبْطُلْ صَوْمُهُ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ قَلَعَهُ مِنْ دِمَاغِهِ أَمْ مِنْ بَاطِنِهِ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ (لَكِنْ فِي) قَلْعِ نُخَامَةٍ (بَاطِنَةٍ وَجْهَيْنِ خَيْرُهُمَا ذَا) أَيْ أَصَحُّهُمَا عَدَمُ الْبُطْلَانِ لِلْحَاجَةِ وَثَانِيهِمَا الْبُطْلَانُ كَالِاسْتِقَاءِ وَذِكْرُ الْوَجْهَيْنِ فِي الْبَاطِنَةِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ وَسَيَأْتِي حُكْمُ مَا إذَا نَزَلَتْ النُّخَامَةُ إلَى الْبَاطِنِ بَعْدَ قَلْعِهَا قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَمَخْرَجُ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مِنْ الْبَاطِنِ، وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ مِنْ الظَّاهِرِ قَالَ: الرَّافِعِيُّ: وَهُوَ

ــ

[حاشية العبادي]

وَاللَّمْسُ بِشَهْوَةٍ فَإِذَا أَنْزَلَ مَعَهُمَا أَفْسَدَهُ كَالِاسْتِمْنَاءِ اهـ.

قَالَ: فِي شَرْحِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُنْزِلْ مَعَهُمَا، أَوْ أَنْزَلَ مَعَهُمَا وَكَانَا بِلَا شَهْوَةٍ كَمَا فِي الصَّوْمِ اهـ وَفِيهِ تَصْرِيحٌ كَمَا تَرَى بِأَنَّ: مُجَرَّدَ الْإِنْزَالِ مَعَ الْمُبَاشَرَةِ لَا يُبْطِلُ الصَّوْمَ بَلْ لَا بُدَّ فِي الْإِبْطَالِ مِنْ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَعَ شَهْوَةٍ (قَوْلُهُ: يَحْرُمُ تَكْرِيرُهَا) ظَاهِرُ كَلَامِهِ تَحْرِيمُ التَّكْرِيرِ وَإِنْ أَمِنَ الْجِمَاعَ، وَالْإِنْزَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِقَوْلِهِ: بِالْكَرَاهَةِ فِي الْقُبْلَةِ إذَا أَمِنَ ذَلِكَ إلَّا أَنْ تُحْمَلَ مَسْأَلَةُ الْقُبْلَةِ عَلَى غَيْرِ التَّكْرِيرِ فَيَرْتَفِعُ الْإِشْكَالُ بِرّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَكَّ إلَخْ) اُنْظُرْ لَوْ ظَنَّ حِينَ الْحَكِّ أَنَّهُ يَتَوَلَّدُ مِنْهُ الْإِنْزَالُ (فَرْعٌ)

بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَوْ أَحَسَّ بِانْتِقَالِ الْمَنِيِّ وَتَهْيِئَتِهِ لِلْخُرُوجِ بِسَبَبِ اسْتِدَامَةِ النَّظَرِ فَاسْتَدَامَهُ أَفْطَرَ قَطْعًا وَكَذَا لَوْ عَلِمَ ذَلِكَ مِنْ عَادَتِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ ذَلِكَ فِي الضَّمِّ بِحَائِلٍ م ر نَعَمْ اُعْتُرِضَ مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّهُ: مُنَافٍ لِتَزْيِيفِهِمْ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ: إنْ اعْتَادَ الْإِنْزَالَ بِالنَّظَرِ أَفْطَرَ (قَوْلُهُ: عُضْوِهَا الْمُبَانِ) وَلَوْ الْتَصَقَ بِحَرَارَةِ الدَّمِ اهـ.

(قَوْلُهُ: فَلَا يَضُرُّ وَطْؤُهُ) قَدْ يَسْتَشْكِلُ بِأَنَّ: الْوَطْءَ فِي الْفَرْجِ الزَّائِدِ لَا يَنْحَطُّ عَنْ الِاسْتِمْنَاءِ بِنَحْوِ اللَّمْسِ، وَالْمُبَاشَرَةِ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ إلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ عَدَمَ الضَّرَرِ أَيْضًا بِالِاسْتِمْنَاءِ بِنَحْوِ اللَّمْسِ بِالْعُضْوِ الزَّائِدِ، أَوْ يَكُونُ الْكَلَامُ فِي مُجَرَّدِ الْوَطْءِ أَمَّا لَوْ حَصَلَ مَعَهُ إمْنَاءٌ مِنْ فَرْجَيْهِ فَيَضُرُّ وَلَا إشْكَالَ لِظُهُورِ الْفَرْقِ؛ لِأَنَّ الْمَنِيَّ الْحَاصِلَ مِنْ فَرْجِ الْخُنْثَى لَا يُعْلَمُ خُرُوجُهُ مِنْ أَصْلِيٍّ بِخِلَافِ الْمَنِيِّ الْحَاصِلِ بِنَحْوِ اللَّمْسِ

(قَوْلُهُ: وَالِاسْتِقَاءَةِ) يَنْبَغِي أَنَّ مِنْ الِاسْتِقَاءَةِ مَا لَوْ أَخْرَجَ ذُبَابَةً دَخَلَتْ جَوْفَهُ وَأَنَّهُ لَوْ تَضَرَّرَ بِبَقَائِهَا أَخْرَجَهَا وَأَفْطَرَ كَمَا لَوْ أَكَلَ لِمَرَضٍ، أَوْ جُوعٍ مُضِرٍّ م ر (تَنْبِيهٌ)

وَقَعَ لِبَعْضِ النَّاسِ أَنَّهُ أَلْحَقَ الْإِخْرَاجَ مِنْ الْأَنْفِ بِالِاسْتِقَاءَةِ وَلَا يَخْفَى فَسَادُ هَذَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ الْفِطْرَ مِمَّا دَخَلَ لَا مِمَّا خَرَجَ إلَّا مَا اسْتَثْنَاهُ الشَّرْعُ كَالِاسْتِقَاءَةِ (قَوْلُهُ: مُخْتَارًا عَالِمًا إلَخْ) أَخْرَجَ الْجَاهِلَ قَالَ الْجَوْجَرِيُّ: فَإِنَّهُ يُعْذَرُ إنْ كَانَ قَرِيبَ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ، أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْمَدَنِيُّ عَنْ ق ل فِي حَوَاشِي سم عَلَى التُّحْفَةِ نَاقِلًا لَهُ عَنْ م ر (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهُ يَحْرُمُ تَكْرِيرُهَا) فِي ق ل أَنَّ مَدَارَ الْحُرْمَةِ عَلَى تَحْرِيكِ الشَّهْوَةِ وَهُوَ أَوْجَهُ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: يَحْرُمُ تَرْكِيزُهَا وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ) نَقَلَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ عَنْ جَمْعٍ وَاعْتَمَدَهُ هُوَ وَغَيْرُهُ وَرَدَّهُ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ الَّذِي فِي كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ إلَّا إنْ أَنْزَلَ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْمَجْمُوعِ عَنْ الْحَاوِي وَإِذَا كَرَّرَ النَّظَرَ فَأَنْزَلَ أَثِمَ عَلَى أَنَّ فِي الْإِثْمِ مَعَ الْإِنْزَالِ نَظَرًا؛ لِأَنَّهُ لَا مُقْتَضَى لَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَنَّهُ حِينَئِذٍ مَظِنَّةٌ لِارْتِكَابِ نَحْوِ جِمَاعٍ اهـ.

حَجَرٌ فِي التُّحْفَةِ وَاعْتَمَدَ م ر الْفِطْرَ بِالْإِنْزَالِ إنْ عَلِمَهُ مِنْ عَادَتِهِ وَحِينَئِذٍ يُتَّجَهُ الْإِثْمُ (قَوْلُهُ: فَفِي فِطْرِهِ وَجْهَانِ إلَخْ) مُقْتَضَاهُ عَدَمُ الْفِطْرِ عِنْدَ ز ي، وَالْفِطْرُ عِنْدَ م ر قِيَاسًا عَلَى لَمْسِ الْمَحْرَمِ فِيمَا مَرَّ

(قَوْلُهُ: فَيَبْطُلُ بِعَمْدِهِ) وَلَوْ لِلتَّدَاوِي بِقَوْلِ طَبِيبٍ، أَوْ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْإِثْمِ إذَا شَرِبَ مُسْكِرًا اهـ.

سم عَلَى بج اهـ.

مَرْصِفِيٌّ وَفِي بَعْضِ الْحَوَاشِي أَنَّهُ لَوْ شَرِبَ لَيْلًا، أَوْ أُكْرِهَ عَلَيْهِ نَهَارًا حَرُمَ

ص: 212

ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْمُهْمَلَةَ تَخْرُجُ مِنْ الْحَلْقِ، وَالْحَلْقُ بَاطِنٌ، وَالْمُعْجَمَةُ تَخْرُجُ مِمَّا قَبْلَ الْغَلْصَمَةِ قَالَ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ قَدْرُ مِمَّا بَعْدَ مَخْرَجِ الْخَاءِ مِنْ الظَّاهِرِ أَيْضًا.

قَالَ النَّوَوِيُّ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّ الْمُهْمَلَةَ أَيْضًا مِنْ الظَّاهِرِ وَعَجِيبٌ ضَبْطُهُ بِهَا وَهِيَ مِنْ وَسَطِ الْحَلْقِ لَا بِالْهَاءِ، أَوْ الْهَمْزَةِ الَّتِي كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ أَقْصَاهُ وَأَمَّا الْمُعْجَمَةُ فَمِنْ أَدْنَاهُ انْتَهَى وَفِي تَعَجُّبِهِ مِنْهُ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْبَاطِنَ إذَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْ مَخْرَجِ الْمُهْمَلَةِ وَجَبَ ضَبْطُهُ بِهَا، ثُمَّ الْأَقْرَبُ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ أَنَّهَا مِنْ الْبَاطِنِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ بَلْ قَدْ يُقَالُ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ حُرُوفُ الْحَلْقِ كُلُّهَا مِنْ الْبَاطِنِ لِمَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ أَنَّ الْوَاصِلَ إلَى الْحَلْقِ يُفْطِرُ وَكُلٌّ مِنْهَا مَخْرَجُهُ مِنْ الْحَلْقِ كَمَا هُوَ مَشْهُورٌ عِنْدَ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ وَغَيْرِهَا وَيُجَابُ بِحَمْلِ الْحَلْقِ فِي هَذَا الَّذِي صَرَّحُوا بِهِ عَلَى مَا ضَبَطُوا بِهِ الْبَاطِنَ مِنْهُ

(وَدُخُولُ) أَيْ صِحَّةُ الصَّوْمِ بِتَرْكِ عَمْدِ الْوَطْءِ وَبِتَرْكِ دُخُولِ (عَيْنٍ) مِنْ الظَّاهِرِ وَإِنْ لَمْ تُؤْكَلْ عَادَةً كَحَصَاةٍ (جَوْفًا لَهُ) لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، أَوْ صَحِيحٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إنَّمَا الْفِطْرُ مِمَّا دَخَلَ وَلَيْسَ مِمَّا خَرَجَ أَيْ الْأَصْلُ ذَلِكَ.

(وَلَوْ) كَانَ الْجَوْفُ (سِوَى مُحِيلٍ) لِلْغِذَاءِ، أَوْ الدَّوَاءِ (كَبَاطِنِ الْأُذُنِ) وَإِنْ كَانَ لَا مَنْفَذَ مِنْهُ إلَى الدِّمَاغِ؛ لِأَنَّهُ نَافِذٌ إلَى دَاخِلِ قِحْفِ الرَّأْسِ، وَهُوَ جَوْفٌ (أَوْ) بَاطِنِ (الْإِحْلِيلِ) وَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْ الدَّاخِلُ فِيهِ الْحَشَفَةَ كَمَا يَبْطُلُ بِالْوَاصِلِ إلَى حَلْقِهِ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى مَعِدَتِهِ، وَالْمُحِيلُ كَبَاطِنِ الدِّمَاغِ، وَالْبَطْنِ، وَالْأَمْعَاءِ، وَالْمَثَانَةِ وَخَرَجَ بِالْعَيْنِ الْأَثَرُ كَوُصُولِ الرِّيحِ بِالشَّمِّ إلَى دِمَاغِهِ، وَالطَّعْمِ بِالذَّوْقِ إلَى حَلْقِهِ وَبِالْجَوْفِ غَيْرُهُ كَبَاطِنِ اللَّحْمِ، وَالْمُخِّ فَلَوْ وَصَلَ إلَيْهِ حَدِيدَةٌ، أَوْ دَوَاءٌ لَمْ يَضُرَّ (فِي مَنْفَذِ) صِلَةُ دُخُولٍ أَيْ وَبِتَرْكِ دُخُولِ عَيْنِ جَوْفِهِ فِي مَنْفَذٍ مَفْتُوحٍ (لَا فِي الْمَسَامِّ) أَيْ الثَّقْبِ بِتَشَرُّبِهَا الدُّهْنَ، وَالْكُحْلَ فِيمَا إذَا ادَّهَنَ وَاكْتَحَلَ فَلَا يَبْطُلُ بِهِ الصَّوْمُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِلْ فِي مَنْفَذٍ مَفْتُوحٍ كَمَا لَا يُبْطِلُهُ الِانْغِمَاسُ فِي الْمَاءِ وَإِنْ وَجَدَ أَثَرَهُ بِبَاطِنِهِ وَفِي الْمَوْضِعَيْنِ فِي كَلَامِهِ عَلَى أَصْلِهَا، أَوْ بِمَعْنَى مَنْ وَهُوَ أَحْسَنُ (ذَاكِرًا صَوْمًا) فَلَوْ أَكَلَ نَاسِيًا لَمْ يَضُرَّ

لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ نَسِيَ، وَهُوَ صَائِمٌ فَأَكَلَ، أَوْ شَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ» . وَفِي رِوَايَةٍ صَحَّحَهَا ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ «وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ» هَذَا إنْ قَلَّ، فَإِنْ

ــ

[حاشية العبادي]

الْقَضَاءُ اهـ.

لَكِنْ مَالَ فِي الْبَحْرِ إلَى تَعْمِيمِ الْعُذْرِ فِي الِاسْتِقَاءَةِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَإِطْلَاقُ الشَّيْخِ فِي الْمُهَذَّبِ، وَالتَّنْبِيهِ يَقْتَضِيهِ وَلَمْ يَسْتَدْرِكْهُ النَّوَوِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ، وَالتَّصْحِيحِ مَعَ تَقْيِيدِهِ غَيْرَهُ مِنْ الْمُفْطِرَاتِ بِرّ الْأَصَحُّ خِلَافُ مَا مَالَ إلَيْهِ فِي الْبَحْرِ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ الِاسْتِقَاءَةِ كَغَيْرِهَا م ر

(قَوْلُهُ: مِمَّا قَبْلَ الْغَلْصَمَةِ) فِي الْخَادِمِ الْغَلْصَمَةُ رَأْسُ الْحَلْقِ بِرّ

(قَوْلُهُ: أَيْ الْأَصْلُ ذَلِكَ) وَإِلَّا فَالِاسْتِقَاءَةُ مُفْطِرَةٌ مَعَ أَنَّهَا مِمَّا خَرَجَ (قَوْلُهُ: وَالْمُخِّ) كَنَحْوِ سَاقِهِ (قَوْلُهُ: وَالْكُحْلَ) قَالَ: فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ: أَيْ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَا كَرَاهَةَ فِي ذَلِكَ أَيْ الْكُحْلِ وَفِي حِلْيَةِ الرُّويَانِيِّ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى اهـ.

ــ

[حاشية الشربيني]

التَّقَيُّؤَ مُرَاعَاةً لِلصَّوْمِ وَلَوْ قُلْنَا بِوُجُوبِهِ لَا يُفْطِرُ بِهِ

(قَوْلُهُ: الْغَلْصَمَةِ) بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَلَامٍ سَاكِنَةٍ وَصَادٍ مُهْمَلَةٍ الْمَوْضِعُ النَّاتِئُ فِي الْحَلْقِ اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ وَفِي الْمِصْبَاحِ الْغَلْصَمَةُ رَأْسُ الْحُلْقُومِ اهـ. وَهُوَ الْمَوْضِعُ النَّاتِئُ فِي الْحَلْقِ، وَالْجَمْعُ غَلَاصِمُ اهـ.

ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: مِمَّا بَعْدَ مَخْرَجِ الْحَاءِ) أَيْ الْمُهْمَلَةِ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ مِمَّا بَعْدَ مَخْرَجِ الْمُهْمَلَةِ اهـ.

أَيْ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْحَاءِ، وَالْخَاءِ (قَوْلُهُ: وَعَجِيبٌ ضَبْطُهُ بِهَا إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا الْحَلْقَ كَالْجَوْفِ فِي الْبُطْلَانِ وَقَالَ الْإِمَامُ: إذَا جَاوَزَ الشَّيْءُ الْحُلْقُومَ أَفْطَرَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَهَذَا الضَّابِطُ لَمْ يُوَافِقْ وَاحِدًا مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ أَوَّلُهُ مَخْرَجُ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَعَلَى الثَّانِي الْمُعْتَبَرُ مُجَاوَزَةُ الْحُلْقُومِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ رَأْسَهُ الْغَلْصَمَةُ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: فَمِنْ أَدْنَاهُ) قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ وَكُلُّ هَذَا مَشْهُورٌ لِأَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَيُجَابُ بِحَمْلِ إلَخْ) فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِمَرِّ وَمَعْنَى الْحَلْقِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ أَخَصُّ مِنْهُ عِنْدَ أَئِمَّةِ الْعَرَبِيَّةِ إذْ الْمُعْجَمَةُ، وَالْمُهْمَلَةُ مِنْ حُرُوفِ الْحَلْقِ عِنْدَهُمْ وَإِنْ كَانَ مَخْرَجُ الْمُعْجَمَةِ أَدْنَى مِنْ مَخْرَجِ الْمُهْمَلَةِ اهـ.

، وَقَوْلُهُ: أَخَصُّ أَيْ بَعْضُهُ عِنْدَ اللُّغَوِيِّينَ وَلَيْسَ أَخَصُّ بِالْمَعْنَى الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ عِنْدَهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ جُزْئِيًّا مِنْ جُزْئِيَّاتِ مُطْلَقِ الْحَلْقِ وَإِنَّمَا هُوَ جُزْءٌ مِنْهُ اهـ.

ع ش، وَقَوْلُهُ: وَإِنَّمَا هُوَ جُزْءٌ مِنْهُ أَيْ فَهُوَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خُصُوصُ مَخْرَجِ الْهَاءِ، وَالْهَمْزَةِ وَعِنْدَ عُلَمَاءِ الْعَرَبِيَّةِ مَخْرَجُهُمَا وَمَخْرَجُ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَالْمُعْجَمَةِ فَالْحَاءُ عَلَى هَذَا مِنْ الْوَسَطِ اهـ.

شَيْخُنَا ذ رحمه الله قَالَ م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ: وَدَاخِلُ الْفَمِ أَيْ إلَى مَا وَرَاءَ مَخْرَجِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَالْأَنْفِ إلَى مُنْتَهَى الْخَيْشُومِ لَهُ حُكْمُ الطَّاهِرِ بِوُصُولِ الْقَيْءِ إلَيْهِ وَابْتِلَاعِ النُّخَامَةِ مِنْهُ، وَعَدَمُ الْإِفْطَارِ بِوُصُولِ الْقَيْءِ إلَيْهِ وَإِنْ أَمْسَكَهَا فِيهِ وَوُجُوبُ غَسْلِهِ مِنْ نَجَاسَةٍ وَلَهُ حُكْمُ الْبَاطِنِ فِي عَدَمِ الْإِفْطَارِ بِابْتِلَاعِ الرِّيقِ مِنْهُ وَعَدَمِ وُجُوبِ غَسْلِهِ لِنَحْوِ جُنُبٍ قَالَ ق ل وَفَرَّقَ السَّنْبَاطِيُّ بِأَنَّ أَمْرَ النَّجَاسَةِ أَغْلَظُ فَضُيِّقَ فِيهِ بِخِلَافِ الْجَنَابَةِ اهـ.

وَقَوْلُنَا إلَى مَا وَرَاءِ مَخْرَجِ الْحَاءِ الْغَايَةُ خَارِجَةٌ اهـ.

شَيْخُنَا ذ (قَوْلُهُ: مِنْ خُصُوصِ مَخْرَجِ إلَخْ) وَهَذَا هُوَ الْحَلْقُ لُغَةً فَفِي الْمُخْتَارِ الْحَلْقُ الْحُلْقُومُ

(قَوْلُهُ: دُخُولِ عَيْنٍ) قَالَ ع ش عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ وَلَا يَضُرُّ بَلْعُ رِيقِهِ إثْرَ مَاءِ الْمَضْمَضَةِ وَإِنْ أَمْكَنَهُ مَجُّهُ لِعُسْرِ التَّحَرُّزِ عَنْهُ (قَوْلُهُ، وَالطَّعْمِ) أَيْ الْكَيْفِيَّةِ كَالْحَلَاوَةِ وَضِدِّهَا مِنْ غَيْرِ وُصُولِ عَيْنٍ مِنْ

ص: 213

كَثُرَ فَسَيَأْتِي (بِقَصْدٍ) أَيْ مَعَ قَصْدِهِ دُخُولَ الْعَيْنِ جَوْفَهُ فَلَا يَضُرُّ الْإِيجَارُ، وَالطَّعْنُ فِي الْجَوْفِ بِلَا اخْتِيَارٍ وَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ دَفْعِ الطَّاعِنِ عَلَى أَقْيَسِ الْوَجْهَيْنِ فِي الْمَجْمُوعِ إذْ لَا فِعْلَ لَهُ وَلَا دُخُولِ ذُبَابٍ وَغَرْبَلَةِ دَقِيقٍ وَغُبَارِ طَرِيقٍ لِعُسْرِ تَجَنُّبِهَا بَلْ لَوْ تَعَمَّدَ فَتْحَ فِيهِ لِلْغُبَارِ حَتَّى دَخَلَ جَوْفَهُ لَمْ يَضُرَّ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ مَعْفُوٌّ عَنْ جِنْسِهِ نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَأَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ: وَشَبَّهُوهُ بِالْخِلَافِ فِي الْعَفْوِ عَنْ دَمِ الْبَرَاغِيثِ الْمَقْتُولَةِ عَمْدًا اهـ وَقَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ تَصْحِيحُ أَنَّهُ يُفْطِرُ بِالْكَثِيرِ دُونَ الْقَلِيلِ وَلَوْ خَرَجَتْ مَقْعَدَةُ الْمَبْسُورَ، ثُمَّ عَادَتْ لَمْ يُفْطِرْ وَكَذَا إنْ أَعَادَهَا عَلَى الْأَصَحِّ لِاضْطِرَارِهِ إلَيْهِ كَمَا لَا يَبْطُلُ طُهْرُ الْمُسْتَحَاضَةِ بِخُرُوجِ الدَّمِ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ وَالْخُوَارِزْمِيُّ. وَالْأَقْرَبُ

إلَى كَلَامِ غَيْرِهِمَا الْفِطْرُ وَإِنْ اُضْطُرَّ إلَيْهِ كَمَا لَوْ أَكَلَ جُوعًا

(لَيْسَ) أَيْ لَا إنْ كَانَ الدَّاخِلُ (رِيقًا طَاهِرًا مِنْ فَمِهِ صِرْفَا) فَلَا يَبْطُلُ بِهِ صَوْمُهُ لِعُسْرِ التَّحَرُّزِ عَنْهُ وَكَذَا لَوْ جَمَعَهُ، ثُمَّ بَلَعَهُ كَمَا شَمَلَهُ كَلَامُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ مَعِدَتِهِ وَخَرَجَ بِالطَّاهِرِ النَّجِسُ كَمَا لَوْ دَمِيَتْ لِثَتُهُ وَإِنْ صَفَا بِالصَّرْفِ الْمَخْلُوطِ بِغَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ طَاهِرًا وَبِقَوْلِهِ: مِنْ فَمِهِ مَا لَوْ ابْتَلَعَهُ بَعْدَ خُرُوجِهِ إلَى ظَاهِرِ فَمِهِ وَلَوْ عَلَى خَيْطِ خَيَّاطٍ، أَوْ امْرَأَةٍ فِي غَزْلِهَا لِمُفَارَقَتِهِ مَعِدَتَهُ وَلِإِمْكَانِ التَّحَرُّزِ عَنْهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَخْرَجَ لِسَانَهُ وَعَلَيْهِ الرِّيقُ، ثُمَّ رَدَّهُ وَابْتَلَعَ مَا عَلَيْهِ إذْ اللِّسَانُ كَيْفَ مَا تَقَلَّبَ مَعْدُودٌ مِنْ دَاخِلِ الْفَمِ فَلَمْ يُفَارِقْ مَا عَلَيْهِ مَعِدَتُهُ (فَإِنْ رِيقٌ نَزَلْ) مِنْ فَمِهِ (جَوْفًا) لَهُ (بِشَيْءٍ) أَيْ مَعَ شَيْءٍ (بَيْنَ أَسْنَانٍ) لَهُ (بَطَلْ) صَوْمُهُ وَإِنْ أَمْكَنَهُ مَجُّهُ لِكَوْنِهِ غَيْرَ صَرْفٍ (وَ) بَطَلَ (بِالنُّخَامِ) النَّازِلِ مِنْ الْفَمِ إلَى الْجَوْفِ إنْ أَمْكَنَهُ مَجُّهُ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الرَّأْسِ أَمْ مِنْ الصَّدْرِ لِتَقْصِيرِهِ وَفَارَقَا نَظِيرَهُمَا فِي الطَّعْنِ كَمَا مَرَّ بِأَنَّ نُزُولَهُمَا مَنْسُوبٌ إلَيْهِ بِخِلَافِ الطَّعْنِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ مَجُّهُمَا لَمْ يَبْطُلْ لِلْعُذْرِ.

فَقَوْلُهُ: (حَيْثُ مَجَّ أَمْكَنَا) قَيْدٌ فِيهِمَا

(وَ) بَطَلَ بِدُخُولِ (الْمَاءِ) جَوْفَهُ (مَهْمَا يَتَمَضْمَضُ) ، أَوْ يَسْتَنْشِقُ بِهِ (مُمْعِنَا) أَيْ مُبَالِغًا مَعَ ذِكْرِهِ الصَّوْمَ لِلنَّهْيِ عَنْ الْمُبَالَغَةِ فِيهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُبَالِغْ لِتَوَلُّدِهِ مِنْ مَأْمُورٍ بِهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ وَبِخِلَافِ الْمُبَالَغَةِ فِي غُسْلِ النَّجَاسَةِ لِوُجُوبِ إزَالَتِهَا وَأَمَّا دُخُولُ مَاءٍ غُسْلِ التَّبَرُّدِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَغُبَارِ طَرِيقٍ) الْأَوْجَهُ اشْتِرَاطُ طَهَارَتِهِ فَإِنْ كَانَ نَجَسًا أَفْطَرَ م ر (قَوْلُهُ: لَمْ يَضُرَّ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْفَتْحُ لِأَجْلِ أَنْ يَدْخُلَ الْغُبَارُ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَفِي الْعُبَابِ الْجَزْمُ بِالْفِطْرِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَعْفُوٌّ عَنْ جِنْسِهِ) بِهَذَا حَصَلَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ فَتَحَ فَاهَ فِي الْمَاءِ حَتَّى نَزَلَ الْمَاءُ إلَى جَوْفِهِ بِرّ (قَوْلُهُ: بِالْكَثِيرِ دُونَ الْقَلِيلِ) ، وَالْمُتَّجَهُ عَدَمُ الْفِطْرِ مُطْلَقًا م ر

(قَوْلُهُ: إنْ أَمْكَنَهُ مَجُّهُ) حَالَ جَرَيَانِهِ لِلنُّزُولِ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ (قَوْلُهُ: حَيْثُ مَجَّ أَمْكَنَا) هَلْ الْمُعْتَبَرُ الْإِمْكَانُ حَالَ أَخْذِ ذَلِكَ فِي النُّزُولِ فَقَطْ وَلَا يُعْتَبَرُ مَا قَبْلَ ذَلِكَ، أَوْ الْمُعْتَبَرُ الْإِمْكَانُ وَلَوْ قَبْلَ ذَلِكَ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَقُوَّةُ الْكَلَامِ تُعْطِي الْأَوَّلَ وَبِهِ أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ وَضَعَ شَيْئًا فِي فَمِهِ عَبَثًا

ــ

[حاشية الشربيني]

الْمَذُوقِ كَمَا فِي الشَّرْقَاوِيِّ عَلَى التَّحْرِيرِ وَفِي ح ل عَلَى الْمَنْهَجِ خِلَافُهُ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: إذْ لَا فِعْلَ) لَهُ وَلَا غَرَضَ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَلَتْ عَلَيْهِ امْرَأَةٌ وَأَدْخَلَتْ ذَكَرَهُ فَرْجَهَا مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ دَفْعِهَا فَإِنَّهُ يُفْطِرُ كَمَا نَقَلَهُ الْمَرْصَفِيُّ عَلَى الْمَنْهَجِ عَنْ شَيْخِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ خَرَجَتْ مُقْعَدَةُ الْمَبْسُورِ إلَخْ) وَحُكْمُهَا بِالنِّسْبَةِ لِنَقْضِ الْوُضُوءِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَخْرُجْ مَعَهَا مِنْ الْبَاطِنِ شَيْءٌ فَلَا نَقْضَ، وَأَمَّا إنْ خَرَجَ مِنْهَا دَمٌ فَإِنْ كَانَتْ حَالَ خُرُوجِهِ فِي الْبَاطِنِ نُقِضَ، أَوْ فِي الْخَارِجِ فَلَا. نَبَّهَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا ذ رحمه الله فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ اهـ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يُفْطِرْ) وَإِنْ أَدْخَلَ أُصْبُعَهُ مَعَهَا إنْ احْتَاجَ إلَيْهِ اهـ.

ق ل وَغَيْرُهُ قَالَ ق ل أَيْضًا قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: وَلَا يَضُرُّ دُخُولُ مَا عَلَيْهَا مِنْ رُطُوبَةِ الِاسْتِنْجَاءِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ أَكَلَ جُوعًا) فَرَّقَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ بِأَنَّ مَا نَحْنُ فِيهِ كَالرِّيقِ إذَا ابْتَلَعَهُ بَعْدَ انْفِصَالِهِ مِنْ الْفَمِ إلَى اللِّسَانِ

(قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ دَمِيَتْ لِثَتُهُ) أَيْ وَلَيْسَ مَعْذُورًا فَلَوْ لَمْ يَجِدْ مَاءً وَشَقَّ عَلَيْهِ الْبَصْقُ عُفِيَ عَنْ أَثَرِهِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ: فِيمَنْ عَمَّتْ بَلْوَاهُ بِذَلِكَ بِحَيْثُ يَجْرِي دَائِمًا أَوْ غَالِبًا أَنَّهُ يُتَسَامَحُ بِمَا يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ فَيَكْفِي بَصْقُهُ الدَّمَ وَيُعْفَى عَنْ أَثَرِهِ اهـ.

ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ رِيقٌ نَزَلَ) وَلَا يَضُرُّ ابْتِلَاعُ رِيقِهِ مَعَ أَثَرِ الْمَاءِ بَعْدَ الْمَضْمَضَةِ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ ع ش وَيَضُرُّ ابْتِلَاعُ شَيْءٍ مِنْ رُطُوبَةِ السِّوَاكِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ: إنْ أَمْكَنَهُ مَجُّهُ) أَيْ حَالَ جَرَيَانِهِ وَإِلَّا لَمْ يُفْطِرْ وَلَوْ كَانَ قَادِرًا عَلَى إخْرَاجِهِ مِنْ بَيْنِ أَسْنَانِهِ وَلَمْ يَفْعَلْ اهـ.

ق ل وَشَيْخُنَا ذ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ: إلَى الْجَوْفِ) أَيْ مَخْرَجِ الْهَمْزَةِ كَمَا مَرَّ

(قَوْلُهُ: مَاءِ غُسْلِ التَّبَرُّدِ، وَالْغَسْلَةِ الرَّابِعَةِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْمَجِّ حَالَ الْجَرَيَانِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْغَسْلَةِ الرَّابِعَةِ بِخِلَافِ غُسْلِ التَّبَرُّدِ؛ لِأَنَّهُ لِحَاجَةٍ

ص: 214

وَالْغَسْلَةِ الرَّابِعَةِ فَمُبْطِلٌ وَإِنْ لَمْ يُبَالِغْ

(وَالْأَكْلِ) أَيْ وَبَطَلَ بِالْأَكْلِ (كَرْهًا) ؛ لِأَنَّهُ أَكَلَ لِغَرَضِهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَكَلَ لِدَفْعِ الْجُوعِ؛ وَلِأَنَّ الْإِكْرَاهَ إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي دَفْعِ الْإِثْمِ قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ وَهَذَا الَّذِي رَجَّحَ يَعْنِي رَجَّحَهُ الْغَزَالِيُّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ.

وَقَالَ فِي الصَّغِيرِ لَا يَبْعُدُ تَرْجِيحُ مُقَابِلِهِ كَمَا فِي الْحِنْثِ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ كَالنَّاسِي بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِالْأَكْلِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ بِخِلَافِ النَّاسِي وَأَمَّا الْقِيَاسُ عَلَى الْأَكْلِ لِدَفْعِ الْجُوعِ فَرُدَّ بِأَنَّ الْإِكْرَاهَ قَادِحٌ فِي اخْتِيَارِهِ بِخِلَافِ الْجُوعِ لَا يَقْدَحُ فِيهِ بَلْ يَزِيدُهُ تَأْثِيرًا (وَ) بَطَلَ بِالْأَكْلِ (كَثِيرًا) ثَلَاثَ لُقَمٍ فَأَكْثَرَ (نَاسِيًا) لِسُهُولَةِ التَّحَرُّزِ عَنْهُ غَالِبًا كَبُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِالْكَلَامِ الْكَثِيرِ نَاسِيًا وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ مُقَابِلَهُ لِعُمُومِ خَبَرِ مَنْ نَسِيَ السَّابِقِ وَفَارَقَ الصَّلَاةَ بِأَنَّ لَهَا هَيْئَةً تُذَكِّرُ الْمُصَلِّيَ أَنَّهُ فِيهَا فَيَنْدُرُ ذَلِكَ فِيهَا بِخِلَافِ الصَّوْمِ (وَ) بِالْأَكْلِ (بِاجْتِهَادِ مَنْ يُبَيِّنُ) لَهُ بَعْدَ ظَنِّهِ الْأَكْلَ لَيْلًا أَنَّهُ كَانَ (خَاطِيًا) سَوَاءٌ أَكَلَ أَوَّلَ النَّهَارِ أَمْ آخِرَهُ لِتَحَقُّقِ خِلَافِ مَا ظَنَّهُ بِخِلَافِ مَنْ بَانَ لَهُ الصَّوَابُ، أَوْ لَمْ يَبِنْ لَهُ الصَّوَابُ وَلَا الْخَطَأُ وَفِي تَعْبِيرِهِ بِخَاطِئًا كَلَامٌ سَيَأْتِي فِي الْجِرَاحِ (وَالْهَجْمِ) أَيْ وَبِالْأَكْلِ بِالْهَجْمِ فِي آخِرِ النَّهَارِ وَإِنْ لَمْ يَبِنْ لَهُ الْخَطَأُ (لَا فِي أَوَّلِ النَّهَارِ) إذَا لَمْ يَبِنْ لَهُ الْخَطَأُ عَمَلًا بِالْأَصْلِ فِيهِمَا وَمِنْ ثَمَّ حَرُمَ الْأَكْلُ بِالْهَجْمِ آخِرَ النَّهَارِ دُونَ أَوَّلِهِ.

وَلَوْ أَكَلَ جَاهِلًا بِالتَّحْرِيمِ لَمْ يُفْطِرْ إنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ، أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ وَإِلَّا أَفْطَرَ

(وَ) بَطَلَ (لِلَّذِي جَامَعَ بِاسْتِمْرَارِ) الْجِمَاعِ (مِنْ بَعْدِ) طُلُوعِ (فَجْرٍ) وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِطُلُوعِهِ إلَّا بَعْدَ الِاسْتِمْرَارِ فَنَزَعَ حَيْثُ عَلِمَ إذْ بَعْضُ النَّهَارِ مَضَى، وَهُوَ مُجَامِعٌ فَأَشْبَهَ الْغَالِطَ بِالْأَكْلِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَالرَّافِعِيِّ أَنَّهُ انْعَقَدَ، ثُمَّ بَطَلَ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَمْ يَنْعَقِدْ أَصْلًا (وَلْيُكَفِّرْ) إنْ اسْتَمَرَّ فِي جِمَاعِهِ عَالِمًا لَا غَالِطًا كَالْمُجَامِعِ بَعْدَ الْفَجْرِ بِجَامِعِ مَنْعِ الصِّحَّةِ بِجِمَاعٍ أَثِمَ بِهِ بِسَبَبِ الصَّوْمِ بِخِلَافِ اسْتِمْرَارِ مُعَلِّقِ الطَّلَاقِ بِالْوَطْءِ لَا يَجِبُ بِهِ الْمَهْرُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ ابْتِدَاءَ فِعْلِهِ هُنَا لَا كَفَّارَةَ فِيهِ فَتَعَلَّقَتْ بِآخِرِهِ لِئَلَّا يَخْلُوَ جِمَاعُ نَهَارِ رَمَضَانَ عَنْهَا، وَالْوَطْءُ ثَمَّةَ غَيْرُ خَالٍ عَنْ مُقَابَلَةِ الْمَهْرِ إذْ الْمَهْرُ فِي النِّكَاحِ يُقَابِلُ جَمِيعَ الْوَطَآتِ نَعَمْ لَوْ اسْتَمَرَّ لَظَنَّ أَنَّ صَوْمَهُ بَطَلَ وَإِنْ نَزَعَ فَلَا كَفَّارَةَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ هَتْكَ الْحُرْمَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ الرُّويَانِيُّ.

وَخَرَجَ بِالِاسْتِمْرَارِ مَا إذَا نَزَعَ حَالَةَ الطُّلُوعِ وَصَرَّحَ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ: (فَنَزَعَ لِكَيْ يَصِحَّ الصَّوْمُ إنْ فَجْرٌ طَلَعْ) أَيْ فَطَرِيقُهُ فِي صِحَّةِ صَوْمِهِ

ــ

[حاشية العبادي]

ثُمَّ جَرَى بِهِ رِيقُهُ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْ إخْرَاجِهِ وَلَوْ قَبْلَ الْجَرَيَانِ فَإِنَّهُ يَضُرُّ م ر

(قَوْلُهُ: وَالْغَسْلَةُ الرَّابِعَةُ) أَيْ يَقِينًا بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ هَلْ أَتَى بِاثْنَيْنِ، أَوْ ثَلَاثٍ فَزَادَ أُخْرَى؟ فَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ دُخُولُ مَائِهَا

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ الْخَطَأُ) أَيْ سَوَاءٌ بَانَ لَهُ الْخَطَأُ، أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ شَيْءٌ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَوْ بَانَ الصَّوَابُ لَمْ يَضُرَّ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَمْ يَنْعَقِدْ أَصْلًا عِبَارَةُ الرَّوْضِ فَإِنْ اسْتَدَامَ أَيْ عَالِمًا أَفْطَرَ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ أَفْطَرَ وَلَا كَفَّارَةَ وَإِنْ اسْتَدَامَ عَالِمًا

(قَوْلُهُ: وَلْيُكَفِّرْ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَكَذَا أَيْ يَصِحُّ صَوْمُهُ أَيْ مُجَامِعٍ عَلِمَ بِالْفَجْرِ حِينَ طَلَعَ فَنَزَعَ أَيْ فِي الْحَالِ فَإِنْ اسْتَدَامَ أَيْ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالطُّلُوعِ أَفْطَرَ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ أَفْطَرَ وَلَا كَفَّارَةَ وَإِنْ اسْتَدَامَ عَالِمًا اهـ.

أَيْ؛ لِأَنَّ اسْتِدَامَتَهُ مَسْبُوقَةٌ بِالْإِفْطَارِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ حَيْثُ مَكَثَ مُجَامِعًا بَعْدَ الطُّلُوعِ بَطَلَ صَوْمُهُ وَإِنْ مَكَثَ جَاهِلًا بِالطُّلُوعِ، ثُمَّ إنْ كَانَ الْمُكْثُ الْمُبْطِلُ مَعَ الْعِلْمِ وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ، أَوْ مَعَ الْجَهْلِ فَلَا وَإِنْ اسْتَمَرَّ بَعْدَ الْعِلْمِ (قَوْلُهُ: إنْ اسْتَمَرَّ فِي جِمَاعِهِ إلَخْ) قَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَمَا تَرَى أَنَّ الِاسْتِمْرَارَ بَعْدَ الْعِلْمِ مُوجِبٌ لِلْكَفَّارَةِ وَلَوْ كَانَ الْعِلْمُ مُتَأَخِّرًا عَنْ اسْتِدَامَتِهِ بَعْدَ الْفَجْرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُبْطِلَ لِلصَّوْمِ سَبْقُ الِاسْتِمْرَارِ الْكَائِنِ مَعَ الْعِلْمِ فَلَا كَفَّارَةَ لَهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْكَمَالُ الْمَقْدِسِيَّ، ثُمَّ رَأَيْته

فِي مَتْنِ الرَّوْضِ بِرّ

ــ

[حاشية الشربيني]

فَلْيُحَرَّرْ

(قَوْلُهُ: لَا يَبْعُدُ تَرْجِيحُ مُقَابِلِهِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ نَعَمْ إنْ تَنَاوَلَهُ لَا لِأَجْلِ الْإِكْرَاهِ أَفْطَرَ وَكَذَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَحَدِ إنَاءَيْنِ مُعَيَّنٍ فَأَكَلَ مِنْ الْآخَرِ وَكَذَا الْأَكْلُ مِنْ وَاحِدٍ مِنْ إنَاءَيْنِ أُكْرِهَ عَلَى الْأَكْلِ مِنْ أَحَدِهِمَا غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَيُفْطِرُ وَلَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى الزِّنَا لَمْ يُفْطِرْ وَإِنْ لَمْ يُحِلَّ اهـ.

ق ل بِزِيَادَةٍ يَسِيرَةٍ

(قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَخْلُوَ إلَخْ) وَإِنْ كَانَ صَوْمُهُ لَمْ يَنْعَقِدْ وَاسْتُشْكِلَ بِنَظِيرِهِ مِنْ الْحَجِّ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ سَبْقُ النِّيَّةِ هُنَا اهـ.

عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَعِبَارَةُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ هُنَا فَيَقْضِي وَيُكَفِّرُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إفْسَادٌ كَالْمُجَامِعِ بَعْدَ الطُّلُوعِ بِجَامِعِ مَنْعِ الصِّحَّةِ بِجِمَاعٍ أَثِمَ بِهِ بِسَبَبِ الصَّوْمِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إلَخْ) مِثْلُهُ مَا لَوْ قَبَّلَ وَلَمْ يُنْزِلْ، أَوْ اغْتَابَ إنْسَانًا وَاعْتَقَدَ بُطْلَانَ صَوْمِهِ فَجَامَعَ وَإِنْ لَمْ يُفْتِهِ مُفْتٍ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ حَيْثُ قَيَّدَ الْأُولَى بِهِ وَقَالَ فِي الثَّانِيَةِ: يُكَفِّرُ مُطْلَقًا اهـ.

شَرْحُ عب (قَوْلُهُ: فَلَا كَفَّارَةَ) أَيْ وَإِنْ بَطَلَ صَوْمُهُ كَمَا لَوْ أَكَلَ نَاسِيًا فَظَنَّ الْفِطْرَ فَأَكَلَ عَامِدًا

ص: 215

إذَا عَلِمَ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ، وَهُوَ مُجَامِعٌ أَنْ يَنْزِعَ حِينَ طُلُوعِهِ فَيَصِحُّ وَإِنْ أَنْزَلَ لِتَوَلُّدِهِ مِنْ مُبَاشَرَةٍ مُبَاحَةٍ؛ وَلِأَنَّ النَّزْعَ تَرْكٌ لِلْجِمَاعِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْجِمَاعِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا، وَهُوَ لَابِسُهُ فَنَزَعَ فِي الْحَالِ وَشَرْطُ الصِّحَّةِ أَنْ يَقْصِدَ بِالنَّزْعِ التَّرْكَ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ

(وَالْعَقْلُ) أَيْ صِحَّةُ الصَّوْمِ بِمَا مَرَّ وَبِالْعَقْلِ أَيْ التَّمْيِيزِ (وَالْإِسْلَامُ، وَالنَّقَاءُ) عَنْ الْحَيْضِ، وَالنِّفَاسِ فَلَا يَصِحُّ صَوْمُ مَنْ زَالَ عَقْلُهُ وَلَوْ بِشُرْبِ دَوَاءٍ لَيْلًا وَلَا كَافِرٍ أَصْلِيٍّ، أَوْ مُرْتَدٍّ وَلَا حَائِضٍ وَنُفَسَاءَ (جَمِيعَ يَوْمٍ) أَيْ يَوْمِ الصَّوْمِ فَلَوْ جُنَّ، أَوْ ارْتَدَّ، أَوْ حَاضَتْ، أَوْ نَفِسَتْ فِي بَعْضِهِ بَطَلَ صَوْمُهُ كَالصَّلَاةِ.

وَكَذَا لَوْ وَلَدَتْ وَلَمْ تَرُدَّ مَا كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَانْتِفَا) أَيْ وَبِانْتِفَاءِ (الْإِغْمَاءِ فِي أَيِّ جَزْءٍ) وَوُجِّهَ بِأَنَّ قَضِيَّةَ الدَّلِيلِ اشْتِرَاطُ اقْتِرَانِ النِّيَّةِ بِكُلِّ الْعِبَادَةِ لَكِنْ اكْتَفَى الشَّرْعُ بِتَقْدِيمِهَا تَخْفِيفًا فَلَا بُدَّ أَنْ يَقَعَ الْمَنْوِيُّ بِحَيْثُ يُتَصَوَّرُ قَصْدُهُ، وَإِمْسَاكُ الْمُغْمَى عَلَيْهِ لَا يُتَصَوَّرُ قَصْدُهُ فَإِذَا اسْتَغْرَقَ الْإِغْمَاءُ النَّهَارَ امْتَنَعَ التَّصْحِيحُ وَإِذَا انْتَفَى فِي جَزْءٍ مِنْهُ تَبِعَ الْبَاقِيَ ذَلِكَ الْجُزْءُ وَهَذَا بِخِلَافِ النَّوْمِ لَا يَضُرُّ عَدَمُ انْتِفَائِهِ لِبَقَاءِ أَهْلِيَّةِ الْخِطَابِ مَعَهُ إذَا النَّائِمُ يَتَنَبَّهُ إذَا نُبِّهَ وَلِهَذَا يَجِبُ قَضَاءُ الصَّلَاةِ الْفَائِتَةِ بِالنَّوْمِ دُونَ الْفَائِتَةِ بِالْإِغْمَاءِ فَجُعِلَ الْإِغْمَاءُ لِقُصُورِهِ عَنْ الْجُنُونِ وَزِيَادَتِهِ عَلَى النَّوْمِ بَيْنَهُمَا فِي الْحُكْمِ وَلَوْ شَرِبَ الْمُسْكِرَ لَيْلًا وَبَقِيَ سُكْرُهُ جَمِيعَ النَّهَارِ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ وَإِنْ صَحَا فِي بَعْضِهِ فَهُوَ كَالْإِغْمَاءِ فِي بَعْضِهِ نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّاهُ وَقَالَ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ إنَّهُ يَصِحُّ صَوْمُهُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِدَلِيلِ وُجُوبِ الْإِعَادَةِ عَلَيْهِ فَهُوَ شَبِيهٌ بِالنَّائِمِ بِخِلَافِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ

(وَقَبُولِ) أَيْ وَبِقَبُولِ (الْيَوْمِ) لِلصَّوْمِ (لَا) يَوْمَيْ (الْعِيدِ)

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: كَمَا صَحَّحَهُ) قَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ: الْوِلَادَةَ مَظِنَّةُ الدَّمِ، وَالْمَظِنَّةُ تَقُومُ مَقَامَ الْمَئِنَّةِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمُتَعَدِّي بِسُكْرِهِ وَمِثْلُهُ غَيْرُ الْمُتَعَدِّي كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْ الْمُغْمَى عَلَيْهِ فَإِنَّ فِيهِ هَذَا التَّفْصِيلَ وَإِنْ لَمْ يَتَعَدَّ بِإِغْمَائِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ فَيُشْتَرَطُ السَّلَامَةُ مِنْ الْجُنُونِ فِي جَمِيعِ النَّهَارِ وَمِنْ الْإِغْمَاءِ، وَالسُّكْرِ فِي جَزْءٍ مِنْهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: حِينَ طُلُوعِهِ) الَّذِي انْحَطَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمَشَايِخِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ ابْتِدَاءِ النَّزْعِ مُقَارِنًا لِلطُّلُوعِ سَوَاءٌ كَانَ تَمَامُهُ مُقَارِنًا لَهُ أَيْضًا، أَوْ عَقِبَهُ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ الصَّوْمُ اهـ.

شَيْخُنَا قُوَيْسَنِيٌ اهـ.

مَرْصِفِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ لَكِنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الْعُبَابِ وَشَرْحِهِ لِحَجَرٍ إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ وَهُوَ يُجَامِعُ فَنَزَعَ سَوَاءٌ وَافَقَ نَزْعُهُ الطُّلُوعَ أَيْ ابْتِدَاءَهُ بِأَنْ يُحِسَّ وَهُوَ يُجَامِعُ بِتَبَاشِيرِ الصُّبْحِ فَيَنْزِعُ بِحَيْثُ يُوَافِقُ آخِرُ النَّزْعِ ابْتِدَاءَ الطُّلُوعِ، أَوْ عَلِمَ بِأَوَّلِهِ فَنَزَعَ فَوْرًا فَإِنَّهُ يَصِحُّ صَوْمُهُ وَإِنْ مَضَى زَمَنٌ وَلَوْ لَحْظَةً بَعْدَ الطُّلُوعِ وَهُوَ يُجَامِعُ، ثُمَّ عَلِمَهُ قَضَى اهـ.

لَكِنَّ الَّذِي انْحَطَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمَشَايِخِ هُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِ الشَّارِحِ أَنْ يَنْزِعَ حِينَ طُلُوعِهِ اهـ.

، ثُمَّ رَأَيْت الرَّوْضَةَ وَشَرْحَيْ الْمِنْهَاجِ لمر وَحَجَرٍ وَشَرْحَيْ الْمَنْهَجِ، وَالرَّوْضِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ مُوَافِقَيْنِ لِشَرْحِ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ فَيُؤَوَّلُ كَلَامُ الشَّارِحِ هُنَا (قَوْلُهُ: حِينَ طُلُوعِهِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ م ر، وَالرَّوْضِ (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ) يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا أَوْلَجَ، وَقَدْ بَقِيَ مِنْ اللَّيْلِ مَا يَسَعُ الْإِيلَاجَ، وَالنَّزْعَ، أَوْ ظَنَّ ذَلِكَ أَمَّا إذَا لَمْ يَبْقَ إلَّا مَا يَسَعُ الْإِيلَاجَ لَا النَّزْعَ وَلَمْ يَظُنَّ مَا ذُكِرَ فَفِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ عَنْ ابْنِ خَيْرَانَ مَنْعُ الْإِيلَاجِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَإِذَا أَوْلَجَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَمْ يَنْعَقِدْ وَإِنْ نَزَعَ حَالَ الطُّلُوعِ مُقَارِنًا هَكَذَا قَالَ الْإِمَامُ اهـ.

ز ي (قَوْلُهُ: أَنْ يَقْصِدَ بِالنَّزْعِ التَّرْكَ) خَرَجَ مَا إذَا قَصَدَ التَّلَذُّذَ، أَوْ أَطْلَقَ وَاعْتَمَدَهُ ع ش وَاعْتَمَدَ الرَّشِيدِيُّ أَنَّهُ لَا يُفْطِرُ فِي صُورَةِ الْإِطْلَاقِ وَلِكُلٍّ وَجْهٌ اهـ.

شَيْخُنَا ذ

(قَوْلُهُ: أَيْ التَّمْيِيزِ) فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْمُغْمَى عَلَيْهِ يَصِحُّ صَوْمُهُ إذَا أَفَاقَ لَحْظَةً كَمَا سَيَأْتِي وَلَا شَكَّ أَنَّ التَّمْيِيزَ يَزُولُ بِهِ بَلْ النَّوْمُ يُزِيلُ التَّمْيِيزَ اهـ.

عَمِيرَةُ أَيْ مَعَ أَنَّ الْعَقْلَ يُشْتَرَطُ بَقَاؤُهُ جَمِيعَ النَّهَارِ كَمَا فِي الْمَتْنِ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ كَوْنَ الْمُرَادِ بِالْعَقْلِ الْمُشْتَرَطِ صِحَّةُ الصَّوْمِ بِهِ التَّمْيِيزَ لَا بُدَّ مِنْهُ إذْ لَوْ زَالَ تَمْيِيزُهُ بِمَرَضٍ، أَوْ شُرْبِ دَوَاءٍ مَعَ بَقَاءِ عَقْلِهِ لَمْ يَصِحَّ صَوْمُهُ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْمَجْمُوعِ زَوَالُ الْعَقْلِ بِمَرَضٍ، أَوْ دَوَاءٍ لِحَاجَةٍ كَالْإِغْمَاءِ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الصَّوْمِ دُونَ الصَّلَاةِ اهـ.

إذْ زَوَالُ الْعَقْلِ الْحَقِيقِيِّ لَا قَضَاءَ مَعَهُ إذْ لَا قَضَاءَ عَلَى الْمَجْنُونِ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ الْإِغْمَاءُ مُسْتَثْنًى مِنْ ذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ أَيْ؛ لِأَنَّ الزَّوَالَ بِهِ أَخَفُّ مِنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ صَوْمُ مَنْ زَالَ عَقْلُهُ إلَخْ) أَيْ وَيَجِبُ الْقَضَاءُ سَوَاءٌ زَالَ بِمَرَضٍ، أَوْ شُرْبِ دَوَاءٍ فِي الْمَجْمُوعِ زَوَالُ الْعَقْلِ بِمُجَرَّدٍ يُوجِبُ الْقَضَاءَ وَإِثْمَ التَّرْكِ وَبِمَرَضٍ، أَوْ دَوَاءِ الْحَاجَةِ كَالْإِغْمَاءِ فَيَلْزَمُهُ قَضَاءُ الصَّوْمِ دُونَ الصَّلَاةِ وَلَا يَأْثَمُ بِالتَّرْكِ اهـ.

تُحْفَةٌ، وَقَوْلُهُ: زَوَالُ الْعَقْلِ أَيْ التَّمْيِيزِ بِدَلِيلٍ وَبِمَرَضٍ إلَخْ إذْ زَوَالُ الْعَقْلِ الْحَقِيقِيِّ بِالْمَرَضِ لَا قَضَاءَ مَعَهُ كَمَا يَأْتِي أَنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَى الْمَجْنُونِ اهـ.

سم (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا يَجِبُ قَضَاءُ الصَّلَاةِ إلَخْ) فَالْمَنْظُورُ إلَيْهِ فِي الْفَرْقِ وُجُوبُ قَضَاءِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّائِمِ دُونَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ فَلَا يَرِدُ أَنَّ الصَّوْمَ يَجِبُ قَضَاؤُهُ عَلَى كُلٍّ اهـ.

ق ل عَلَى الْجَلَالِ بِزِيَادَةٍ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْقَفَّالُ: إلَخْ) قَالَ حَجَرٌ إنَّهُ وَهِمَ (قَوْلُهُ: وُجُوبِ الْإِعَادَةِ) أَيْ لِلصَّلَاةِ

ص: 216

«لِنَهْيِهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ صَوْمِهِمَا» كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ (أَوْ) أَيَّامِ (تَشْرِيقِهِ) أَيْ عِيدِ الْأَضْحَى «لِنَهْيِهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ صِيَامِهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَفِي مُسْلِمٍ «إنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرِ اللَّهِ عز وجل» (لِلصَّوْمِ) صِلَةٌ قَبُولٍ كَمَا تَقَرَّرَ (وَلَوْ) كَانَ صَوْمُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ (تَمَتُّعًا) أَيْ فِي تَمَتُّعِ مَنْ لَمْ يَجِدْ الْهَدْيَ، أَوْ لِأَجْلِ تَمَتُّعِهِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِعُمُومِ النَّهْيِ عَنْهُ وَفِي قَوْلٍ قَدِيمٍ يَجُوزُ لَهُ لِقَوْلِ عَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ كَمَا فِي الْبُخَارِيِّ لَمْ يُرَخِّصْ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنْ يَضْمَنَ إلَّا لِمَنْ لَمْ يَجِدْ الْهَدْيَ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ، وَهُوَ الرَّاجِحُ دَلِيلًا أَيْ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْمُرَادَ لَمْ يُرَخِّصْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم

(وَلَا) الْيَوْمِ (الْمَشْكُوكِ) فِي أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ غَيْرُ قَابِلٍ لِلصَّوْمِ بِلَا سَبَبٍ كَمَا سَيَأْتِي لِقَوْلِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ مَنْ صَامَ يَوْمَ الشَّكِّ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ، وَالْمَعْنَى فِيهِ الْقُوَّةُ عَلَى صَوْمِ رَمَضَانَ وَضَعَّفَهُ السُّبْكِيُّ بِعَدَمِ كَرَاهَةِ صَوْمِ شَعْبَانَ عَلَى أَنَّ الْإِسْنَوِيَّ قَالَ: إنَّ الْمَعْرُوفَ الْمَنْصُوصَ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ الْكَرَاهَةُ لَا التَّحْرِيمُ وَإِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ حَرُمَ الصَّوْمُ بِلَا سَبَبٍ إنْ لَمْ يَصِلْهُ بِمَا قَبْلَهُ عَلَى الصَّحِيحِ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ لِخَبَرِ «إذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَلَا تَصُومُوا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ لَكِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ وَإِنْ وَصَلَهُ بِمَا قَبْلَهُ وَلَيْسَ مُرَادًا حِفْظًا لِأَصْلِ مَطْلُوبِيَّةِ الصَّوْمِ

وَيَوْمُ الشَّكِّ هُوَ يَوْمُ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ إذَا شَاعَتْ رُؤْيَتُهُ (بِفَاسِقٍ يَشْهَدُ) أَيْ بِشَهَادَةِ فَاسِقٍ بِالرَّوِيَّةِ (أَوْ) بِشَهَادَةِ (مَمْلُوكٍ قُلْت، أَوْ الصِّبْيَةِ، أَوْ نِسَاءٍ، وَالْغَيْمُ غَيْرُ مُطْبِقِ السَّمَاءِ) بِخِلَافِ مَا إذَا أَطْبَقَ الْغَيْمُ فَلَيْسَ بِشَكٍّ وَإِنْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بِرُؤْيَتِهِ، أَوْ شَهِدَ بِهَا مَنْ ذُكِرَ لِخَبَرِ «فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ» وَلَا أَثَرَ لِظَنِّنَا الرُّؤْيَةَ لَوْلَا الْغَيْمُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ وَأَنَّهُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: أَنَّ الْمُرَادَ إلَخْ) هُوَ الْمُتَبَادِرُ

(قَوْلُهُ: وَضَعَّفَهُ) أَيْ الْمَعْنَى وَقَدْ يُجَابُ عَنْ هَذَا التَّضْعِيفِ بِنَظِيرِ مَا أُجِيبَ بِهِ عَنْ عَدَمِ كَرَاهَةِ صَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ إذَا ضُمَّ إلَيْهِ آخَرُ قَبْلَهُ، أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: حَرُمَ الصَّوْمُ) هَذَا قَدْ يُوجِبُ أَنَّهُ لَا خُصُوصِيَّةَ لِيَوْمِ الشَّكِّ؛ لِأَنَّهُ مَعَ الْوَصْلِ بِمَا قَبْلُ يَجُوزُ صَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ، أَوْ غَيْرِهِ وَمَعَ عَدَمِ الْوَصْلِ يَمْتَنِعُ صَوْمُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَّا أَنْ تُجْعَلَ الْخُصُوصِيَّةُ أَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ الْوَصْلِ يَحْرُمُ صَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ مِنْ جِهَتَيْنِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: حِفْظًا لِأَصْلِ إلَخْ) وَلِمَا صَحَّ مِنْ «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ» ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْخُصُوصِيَّةِ (قَوْلُهُ: بِفَاسِقٍ إلَخْ) قَالَ: فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَيْ الرَّوْضِ كَأَصْلِهِ أَنَّ يَوْمَ الشَّكِّ يَحْصُلُ بِمَا ذُكِرَ سَوَاءٌ أَطْبَقَ الْغَيْمُ، أَوْ لَا لَكِنْ قَيَّدَهُ صَاحِبُ الْبَهْجَةِ تَبَعًا لِلطَّاوُسِيِّ وَالْبَارِزِيِّ بِعَدَمِ إطْبَاقِهِ فَمَعَ إطْبَاقِهِ لَا يُؤَثِّرُ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرَ الشَّكَّ، وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ إذْ الْغَرَضُ ظَنُّ صِدْقِ مَنْ ذَكَرَ اهـ.

(قَوْلُهُ: إذَا وَقَعَ فِي الْأَلْسُنِ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: وَلَا الْمَشْكُوكِ) قَالَ م ر قَدْ عَمَّتْ الْبَلْوَى بِثُبُوتِ هِلَالِ ذِي الْحِجَّةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَثَلًا، ثُمَّ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ بِرُؤْيَتِهِ لَيْلَةَ الْخَمِيسِ وَظُنَّ صِدْقُهُمْ وَلَمْ يَثْبُتْ فَهَلْ يُنْدَبُ صَوْمُ السَّبْتِ لِكَوْنِهِ يَوْمَ عَرَفَةَ عَلَى تَقْدِيرِ كَمَالِ ذِي الْقَعْدَةِ، أَوْ يَحْرُمُ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ يَوْمَ الْعِيدِ؟ أَفْتَى الْوَالِدُ بِالثَّانِي تَقْدِيمًا لِدَفْعِ الْمَفْسَدَةِ وَاعْتَمَدَهُ ح ف وَبَحَثَ فِيهِ الشَّوْبَرِيُّ كَالْقَلْيُوبِيِّ بِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ مَعَ الشَّكِّ خُصُوصًا، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ أَوَّلَهُ الْجُمُعَةُ (قَوْلُهُ: وَضَعَّفَهُ السُّبْكِيُّ) يُرَدُّ بِأَنَّ إدْمَانَ الصَّوْمِ يُقَوِّي النَّفْسَ عَلَيْهِ فَلَيْسَ فِي صَوْمِ شَعْبَانَ إضْعَافٌ بَلْ تَقْوِيَةٌ بِخِلَافِ صَوْمِ يَوْمٍ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يُضْعِفُ النَّفْسَ عَمَّا بَعْدَهُ لِيَكُونَ فِيهِ افْتِتَاحُ الْعِبَادَةِ مَعَ كَسَلٍ وَفُتُورٍ وَهُوَ غَيْرُ مُنَاسِبٍ وَمِنْ ثَمَّ حَرُمَ الصَّوْمُ بَعْدَ نِصْفِ شَعْبَانَ بِلَا سَبَبٍ إنْ لَمْ يَصِلْهُ بِمَا قَبْلَهُ اهـ.

م ر (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ الْإِسْنَوِيَّ قَالَ إلَخْ) كَانَ اعْتِرَاضُهُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ يَوْمَ شَكٍّ وَإِلَّا فَقَدْ قَالَ عَقِبَ ذَلِكَ: فَرْعٌ إذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ حَرُمَ الصَّوْمُ بِغَيْرِ سَبَبٍ عَلَى الصَّحِيحِ فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ اهـ.

عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ: حَرُمَ الصَّوْمُ) أَيْ لِجَمِيعِ النِّصْفِ الثَّانِي وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ كَوْنُ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ يَوْمَ شَكٍّ اهـ.

وَإِنَّمَا نَصُّوا عَلَى يَوْمِ الشَّكِّ مَعَ هَذَا الْبَيَانِ أَنَّ صَوْمَهُ يَحْرُمُ لِسَبَبَيْنِ فَيَكُونُ الْإِثْمُ فِيهِ أَعْظَمَ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَصِلْهُ بِمَا قَبْلَهُ) فَلَوْ وَصَلَهُ، ثُمَّ أَفْطَرَ يَوْمًا امْتَنَعَ الصَّوْمُ بَعْدَهُ مَا لَمْ يُوَافِقْ عَادَتَهُ الَّتِي ثَبَتَتْ بِالصَّوْمِ الْأَوَّلِ وَإِلَّا فَلَا يَمْتَنِعُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ م ر وَز ي وَلَا اعْتِرَاضَ اهـ.

شَيْخُنَا ذ وَفِيهِ نَظَرٌ مَعَ قَوْلِ ز ي لَوْ صَامَ خَامِسَ عَشْرَهُ، وَتَالِيَهُ، وَأَفْطَرَ سَابِعَ عَشْرَهُ حَرُمَ الصَّوْمُ إلَى آخِرِ الشَّهْرِ لِعَدَمِ الْوَصْلِ وَمِثْلُهُ الشَّرْقَاوِيُّ عَلَى التَّحْرِيرِ حَيْثُ كَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَصِلَهُ بِمَا قَبْلَهُ أَيْ بِأَنْ يَصُومَ خَامِسَ عَشْرَهُ وَتَالِيَهُ وَيَسْتَمِرَّ فَلَوْ أَفْطَرَ بَعْدَهُ يَوْمًا وَلَوْ بِعُذْرٍ امْتَنَعَ الصَّوْمُ ثُمَّ قَالَ قَالَ ق ل: وَفِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ لَهُ عَادَةٌ بِمَا صَامَهُ مِنْهُ اهـ.

وَهُوَ مَرْدُودٌ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ الَّتِي تَثْبُتُ بِمَرَّةٍ مَعْنَاهَا أَنْ يَكُونَ قَدْ تَقَدَّمَ لَهُ نَظِيرُ مَا يُرِيدُ صَوْمَهُ كَأَنْ صَامَ الِاثْنَيْنِ مَرَّةً مَثَلًا ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَصُومَهُ فَيُقَالُ: إنَّهُ قَدْ ثَبَتَ لَهُ عَادَةٌ فَلَا شَكَّ أَنَّ مَا مَرَّ مِنْ الشَّهْرِ لَيْسَ نَظِيرَ مَا يُرِيدُ صَوْمَهُ نَعَمْ إنْ وَافَقَ صَوْمُهُ أَوَّلًا الْيَوْمَ الَّذِي يُرِيدُ صَوْمَهُ ثَانِيًا صَدُقَ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ عَادَةٌ لَهُ وَلَكِنْ لَا يُعْمَلُ بِتِلْكَ الْعَادَةِ لِعَدَمِ تَقَدُّمِهَا عَلَى النِّصْفِ الثَّانِي فَلَا عِبْرَةَ بِهَا وَعِبَارَةُ الْخَطِيبِ وَلَوْ وَصَلَ النِّصْفَ الثَّانِيَ بِمَا قَبْلَهُ، ثُمَّ أَفْطَرَ فِيهِ يَوْمًا حَرُمَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ عَادَةٌ قَبْلَ النِّصْفِ الثَّانِي فَلَهُ صَوْمُ أَيَّامِهَا اهـ.

فَقَيَّدَ الْعَادَةَ بِكَوْنِهَا قَبْلَ النِّصْفِ الثَّانِي اهـ.

وَفِي تَوْجِيهِ الشَّرْقَاوِيِّ نَظَرٌ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْمَرَّةَ السَّابِقَةَ عَادَةٌ قَبْلَ النِّصْفِ الثَّانِي فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَحَدَّثَ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ تَحَدُّثَ النَّاسِ بِهَا إنَّمَا يُفِيدُ كَوْنَهُ يَوْمَ شَكٍّ إذَا كَانَ مِنْ شَأْنِهِمْ أَنْ يُظَنَّ صِدْقُهُمْ وَلَمْ يُظَنَّ بِالْفِعْلِ وَمَعَ إطْبَاقِ الْغَيْمِ لَا يَكُونُ شَأْنُهُمْ ذَلِكَ

ص: 217

لَا يُعْتَبَرُ ظَنُّ صِدْقِ الْمَذْكُورِينَ وَلَا الْعَدَدُ فِي الْفَاسِقِ، وَالْمَمْلُوكِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَالْمَجْمُوعِ يَوْمُ الشَّكِّ هُوَ يَوْمُ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ إذَا وَقَعَ فِي الْأَلْسُنِ أَنَّهُ رُئِيَ وَلَمْ يَقُلْ عَدْلٌ رَأَيْته، أَوْ لَمْ يُقْبَلْ الْوَاحِدُ، أَوْ قَالَهُ عَدَدٌ مِنْ النِّسَاءِ، أَوْ الْعَبِيدُ، أَوْ الْفُسَّاقُ وَظُنَّ صِدْقُهُمْ وَاسْتُشْكِلَ هَذَا بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يَصِحُّ صَوْمُهُ مِمَّنْ ظَنَّ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ بِقَوْلِ مَنْ يَثِقُ بِهِ مِنْ هَؤُلَاءِ عِنْدَ تَبَيُّنِ كَوْنِهِ مِنْهُ وَأَجَابَ عَنْهُ الشَّارِحُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ السُّبْكِيّ بِأَنَّ كَلَامَهُمْ هُنَاكَ فِيمَا إذَا تَبَيَّنَ كَوْنُهُ مِنْ رَمَضَانَ وَهُنَا فِيمَا إذَا لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ فَلَيْسَ الِاعْتِمَادُ عَلَى هَؤُلَاءِ فِي الصَّوْمِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يُقْبَلْ الْوَاحِدُ) أَيْ عَلَى الْمَرْجُوحِ بِرّ (قَوْلُهُ: وَظُنَّ صِدْقُهُمْ) الْمُتَّجَهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنْ يَكُونَ مِنْ شَأْنِهِمْ أَنْ يُظَنَّ صِدْقُهُمْ بِأَنْ لَا يُظَنَّ كَذِبُهُمْ وَلَا يُقْطَعُ بِهِ لَا أَثَرَ لَهُمْ حِينَئِذٍ وَلَا يُجْعَلُ الْيَوْمُ حِينَئِذٍ شَكًّا وَعَلَى هَذَا فَاعْتِبَارُ ظَنِّ صِدْقِهِمْ لَا يُنَافِي أَنَّ مَنْ حَصَلَ لَهُ بِالْفِعْلِ ظَنُّ صِدْقِهِمْ يَلْزَمُهُ الصَّوْمُ فَلَا يُنَافِي مَا هُنَا مَا نَقَلُوهُ أَوَّلَ الْبَابِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَطَائِفَةٍ أَنَّهُ يَجِبُ الصَّوْمُ عَلَى مَنْ أَخْبَرَهُ مَوْثُوقٌ بِالرُّؤْيَةِ إذَا اعْتَقَدَ صِدْقَهُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ عِنْدَ الْقَاضِي وَلَا مَا ذَكَرُوهُ فِي أَثْنَاءِ الْبَابِ مِنْ أَنَّهُ يَصِحُّ نِيَّةُ صَوْمِهِ فِيمَنْ ظَنَّ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ بِقَوْلِ مَنْ يَثِقُ بِهِ مِنْ هَؤُلَاءِ، وَوُقُوعُ الصَّوْمِ عَنْ رَمَضَانَ إنْ تَبَيَّنَ كَوْنُهُ مِنْهُ نَعَمْ الْمُتَّجَهُ الْمُوَافِقُ لِمَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ عَنْ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي وُقُوعِ الصَّوْمِ عَنْ رَمَضَانَ تَبَيُّنُ كَوْنِهِ مِنْهُ بَلْ الشَّرْطُ عَدَمُ تَبَيُّنِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: وَظُنَّ صِدْقُهُمْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ نَعَمْ مَنْ اعْتَقَدَ صِدْقَ مَنْ قَالَ: أَنَّهُ رَآهُ مِمَّنْ ذَكَرَ يَصِحُّ مِنْهُ صَوْمُهُ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ وَتَقَدَّمَ فِي الْكَلَامِ عَلَى النِّيَّةِ صِحَّةُ نِيَّةِ ظَانِّ ذَلِكَ، وَوُقُوعُ الصَّوْمِ عَنْ رَمَضَانَ إذَا تَبَيَّنَ كَوْنُهُ مِنْهُ وَاعْتَبَرُوا هُنَا الْعَدَدَ فِيمَنْ رَأَى بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ احْتِيَاطًا لِلْعِبَادَةِ فِيهِمَا اهـ.

وَنَحْوُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: يَصِحُّ صَوْمُهُ) وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الصِّحَّةِ كَوْنُ الْمُخْبِرِ مِمَّنْ ذُكِرَ جَمْعًا بَلْ يَكْفِي الْوَاحِدُ (قَوْلُهُ: وَأَجَابَ إلَخْ)

ــ

[حاشية الشربيني]

فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ سَيَأْتِي أَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ ظَنُّ الصِّدْقِ وَإِنْ أَطْبَقَ الْغَيْمُ فَيَكُونُ الْمُعْتَبَرُ هُنَا شَأْنُ ظَنِّ الصِّدْقِ سَوَاءٌ أَطْبَقَ، أَوْ لَا تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ) أَيْ لَا يُعْتَبَرُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ وَيُعْتَبَرُ ظَنُّ صِدْقِ الْمَذْكُورِينَ، وَالْعَدَدِ وَأَقَلُّهُ اثْنَانِ وَعَدَمُ اعْتِبَارِ لَفْظِ الشَّهَادَةِ يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ قَالَ عَدَدٌ، وَالْبَاقِي ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: إذَا وَقَعَ فِي الْأَلْسُنِ) أَيْ بِحَيْثُ قَرُبَ مِنْ الِاسْتِفَاضَةِ اهـ.

شَرْحُ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يُقْبَلْ الْوَاحِدُ) أَيْ الْعَدْلُ الْوَاحِدُ بِنَاءً عَلَى الْمَرْجُوحِ اهـ.

ع ش (قَوْلُهُ: أَيْضًا، أَوْ لَمْ يُقْبَلْ الْوَاحِدُ) لَعَلَّ هَذَا فِي غَيْرِ مَنْ سَمِعَهُ يَشْهَدُ عِنْدَ الْقَاضِي لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجِبُ الْعَمَلُ بِخَبَرِ الْعَدْلِ وَإِنْ كَذَّبَهُ حَرَّرَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ قَالَهُ عَدَدٌ إلَخْ) أَيْ أَخْبَرَ بِذَلِكَ إذْ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ عِنْدَ حَاكِمٍ وَإِنْ أَطْبَقَ الْغَيْمُ لِاحْتِمَالِ الرُّؤْيَةِ بِانْفِرَاجِ السَّحَابِ اهـ.

م ر سم (قَوْلُهُ: وَظُنَّ صِدْقُهُمْ) قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّ مَنْ لَا يُظَنُّ صِدْقُهُ لَا اعْتِبَارَ بِخَبَرِهِ سم (قَوْلُهُ: وَاسْتُشْكِلَ هَذَا بِمَا مَرَّ إلَخْ) كَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ عِنْدَ تَصْدِيقِ وَاحِدٍ مِنْ الصِّبْيَةِ، أَوْ النِّسَاءِ، أَوْ الْفُسَّاقِ أَوْ الْمَمْلُوكِينَ يَكُونُ يَوْمَ شَكٍّ، وَقَدْ اعْتَبَرُوا فِيهِ الْعَدَدَ عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ: بِقَوْلِ مَنْ يَثِقُ بِهِ) أَيْ وَلَوْ وَاحِدًا مِمَّنْ ذَكَر وَإِنَّمَا شُرِطَ هُنَا الْعَدَدُ احْتِيَاطًا لِصِحَّةِ صَوْمِهِ عَنْ غَيْرِ رَمَضَانَ وَلَمْ يُشْتَرَطْ فِيمَا مَرَّ احْتِيَاطًا لِصِحَّتِهِ عَنْ رَمَضَانَ تَدَبَّرْ وَقَوْلُنَا احْتِيَاطًا أَيْ مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ يَوْمَ شَكَّ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَأَجَابَ عَنْهُ الشَّارِحُ إلَخْ) لَكِنْ بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يُقَيِّدَ مَا مَرَّ بِأَنَّ الْمَوْثُوقَ بِهِ لَمْ يَتَعَدَّدْ فَلَا يَكُونُ صَوْمَ يَوْمِ شَكٍّ يَحْرُمُ صَوْمُهُ وَإِمَّا أَنْ لَا يُقَيِّدَ فَيَكُونُ الصَّوْمُ قَبْلَ التَّبَيُّنِ حَرَامًا لِتَلَبُّسِهِ بِعِبَادَةٍ فَاسِدَةٍ ظَاهِرًا وَلَا يَضُرُّ هَذَا فِي وُقُوعِهِ عَنْ رَمَضَانَ بَعْدَ التَّبَيُّنِ وَهَذَا الْأَخِيرُ هُوَ مَا أَفَادَهُ حَجَرٌ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ الصَّغِيرِ اهـ.

، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ تَحْرِيمَهُ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ أَوْلَوِيٌّ وَإِنْ لَمْ يُسَمَّ يَوْمَ شَكٍّ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فِيمَا إذَا تَبَيَّنَ إلَخْ) أَيْ ثَبَتَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ فَيَلْزَمُهُ الصَّوْمُ وَيَصِحُّ وَإِنْ لَمْ يُجَدِّدْ نِيَّةً؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَمَّا اسْتَنَدَتْ لِإِخْبَارِ مَنْ يَثِقُ بِهِ صَحَّتْ وَوَقَعَتْ مَوْقِعَهَا اهـ.

شَرْحُ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: أَيْضًا فِيمَا إذَا تَبَيَّنَ) أَيْ لَيْلًا كَمَا وَقَعَ فِي كَلَامِ السُّبْكِيّ اهـ.

م ر، ثُمَّ قَالَ يَنْبَغِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ التَّبَيُّنِ لَيْلًا، أَوْ نَهَارًا اهـ.

سم لَكِنَّ الَّذِي فِي شَرْحِهِ الِاقْتِصَارُ عَلَى هَذِهِ الْعِبَارَةِ الَّتِي فِي الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ إلَخْ) وَإِنَّمَا الِاعْتِمَادُ فِي الصَّوْمِ عَلَى التَّبَيُّنِ بَعْدُ (قَوْلُهُ:

ص: 218

بَلْ فِي النِّيَّةِ فَقَطْ فَإِذَا نَوَى اعْتِمَادًا عَلَى قَوْلِهِمْ، ثُمَّ تَبَيَّنَ لَيْلًا كَوْنُ غَدٍ مِنْ رَمَضَانَ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ نِيَّةٍ أُخْرَى أَلَا تَرَاهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا هَذَا فِيمَا يَثْبُتُ بِهِ الشَّهْرُ وَإِنَّمَا ذَكَرُوهُ فِيمَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فِي النِّيَّةِ اهـ.

وَمَحَلُّ عَدَمِ قَبُولِهِ لِلصَّوْمِ إذَا كَانَ (بِغَيْرِ وِرْدٍ فِيهِ، أَوْ مَنْذُورٍ وَلَا قَضَاءَ فِيهِ، أَوْ تَكْفِيرَ) فَإِنْ صَامَهُ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، أَوْ وَصَلَهُ بِمَا قَبْلَهُ حَيْثُ يَحِلُّ صَوْمُهُ كَمَا مَرَّ صَحَّ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ، أَوْ يَوْمَيْنِ إلَّا رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا فَلْيَصُمْهُ» بِأَنْ اعْتَادَ صَوْمَ الدَّهْرِ، أَوْ صَوْمَ يَوْمٍ وَفِطْرَ يَوْمٍ، أَوْ يَوْمٍ مُعَيَّنٍ كَالِاثْنَيْنِ فَصَادَفَهُ وَقِيسَ بِالْوِرْدِ الْبَاقِي بِجَامِعِ السَّبَبِ وَلَا يُشْكِلُ الْخَبَرُ بِخَبَرِ «إذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ» لِتَقَدُّمِ النَّصِّ عَلَى الظَّاهِرِ وَسَوَاءٌ فِي الْقَضَاءِ الْفَرْضُ، وَالنَّفَلُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَلَا كَرَاهَةَ فِي صَوْمِهِ لِوِرْدٍ وَكَذَا لِفَرْضٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْجُمْهُورِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَضِيَّةُ هَذَا الْجَوَابِ أَنَّ مَعْنَى حُرْمَةِ يَوْمِ الشَّكِّ حُرْمَةُ إتْمَامِهِ وَأَنَّهُ تَجُوزُ النِّيَّةُ، وَالشُّرُوعُ اعْتِمَادًا عَلَى قَوْلِ هَؤُلَاءِ، ثُمَّ إنْ تَبَيَّنَ كَوْنُهُ مِنْ رَمَضَانَ وَإِلَّا امْتَنَعَ الْإِتْمَامُ وَلَا يَخْفَى بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ قَوْلِهِمْ يَحْرُمُ صَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ سم (قَوْلُهُ: ثُمَّ تَبَيَّنَ لَيْلًا) يُتَّجَهُ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ أَنَّ التَّبَيُّنَ نَهَارًا كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: حَيْثُ يَحِلُّ صَوْمُهُ) لَعَلَّ مَرْجِعَ الْهَاءِ مَا قَبْلَهُ وَيَكُونُ هَذَا الْقَيْدُ احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ لَمْ يَصِلْ مَا قَبْلَهُ بِالنِّصْفِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ مُمْتَنِعٌ فَوَصْلُ يَوْمِ الشَّكِّ بِهِ لَا أَثَرَ لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِأَنْ اعْتَادَ إلَخْ) قَدْ يَسْتَشْكِلُ تَصْوِيرُ الْعَادَةِ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الصَّوْمِ بَعْدَ النِّصْفِ بِلَا سَبَبٍ مُمْتَنِعٌ فَيَحْتَاجُ لِعَادَةٍ وَيُنْقَلُ الْكَلَامُ إلَيْهَا فَيَتَسَلْسَلُ وَيُجَابُ بِتَصْوِيرِ ذَلِكَ بِمَا إذَا صَامَ الِاثْنَيْنِ مَثَلًا قَبْلَ النِّصْفِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ صَوْمَهُ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ عَادَةً لَهُ.

وَلَوْ اخْتَلَفَتْ عَادَتُهُ كَأَنْ اعْتَادَ الِاثْنَيْنِ فِي عَامٍ، وَالْخَمِيسَ فِي آخَرَ فَهَلْ يُعْتَبَرُ الْأَخِيرُ، أَوْ نَقُولُ: كُلٌّ صَارَ عَادَةً لَهُ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الثَّانِي نَعَمْ إنْ عَزَمَ عَلَى هَجْرِ أَحَدِهِمَا، وَالْإِعْرَاضِ عَنْهُ فَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُعْتَبَرَ (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْكِلُ الْخَبَرُ) حَيْثُ دَلَّ عَلَى جَوَازِ الْوَرْدِ وَنَحْوِهِ بِقَوْلِهِ: إلَّا رَجُلٌ إلَخْ وَدَلَّ خَبَرُ إذَا انْتَصَفَ عَلَى امْتِنَاعِهِ لِإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ: لِتَقَدُّمِ النَّصِّ) أَيْ هَذَا الْخَبَرِ (قَوْلُهُ: عَلَى الظَّاهِرِ) أَيْ خَبَرِ إذَا انْتَصَفَ

ــ

[حاشية الشربيني]

بَلْ فِي النِّيَّةِ فَقَطْ) فَيَعْتَمِدُ فِي تَصْحِيحِ النِّيَّةِ عَلَى إخْبَارِ مَنْ يَثِقُ بِهِ، ثُمَّ إنْ اسْتَمَرَّ الْحَالُ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ يَوْمُ شَكٍّ يَحْرُمُ صَوْمُهُ وَلَا يُجْزِئُهُ وَإِنْ بَانَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ، وَإِلَّا بِأَنْ ثَبَتَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ لَزِمَهُ الصَّوْمُ وَصَحَّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَدَّدَ نِيَّةً؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَمَّا اسْتَنَدَتْ إلَى إخْبَارِ مَنْ يَثِقُ بِهِ صَحَّتْ وَوَقَعَتْ مَوْقِعَهَا اهـ.

فَقَوْلُ الشَّارِحِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ لَيْلًا لَيْسَ بِقَيْدٍ عَلَى هَذَا لَكِنْ مَا وَجْهُ تَقْيِيدِ التَّبَيُّنِ بِكَوْنِهِ فِي الْيَوْمِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ، ثُمَّ إنْ اسْتَمَرَّ إلَخْ مَعَ صِحَّةِ النِّيَّةِ لِمَا ذَكَرَهُ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ قَيْدٌ لِئَلَّا يَلْزَمَ أَنَّ الصَّوْمَ حَرَامٌ مَعَ الْإِجْزَاءِ إذَا تَبَيَّنَ آخِرَ النَّهَارِ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: لَا يَحْتَاجُ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَيْلًا حَرُمَ الصَّوْمُ وَهُوَ مَا هُنَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَوْ مَنْذُورٍ) أَيْ نَذْرًا مُطْلَقًا إذْ لَا يَصِحُّ نَذْرُ يَوْمٍ مِنْ نِصْفِ شَعْبَانَ الثَّانِي بِعَيْنِهِ بِأَنْ يَنْذُرُ يَوْمًا مِنْ نِصْفِهِ الثَّانِي فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ سَوَاءٌ عَيَّنَهُ كَيَوْمِ الْخَمِيسِ، أَوْ لَا وَقَعَ النَّذْرُ قَبْلَهُ قَبْلَ النِّصْفِ، أَوْ فِيهِ أَمَّا لَوْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ وَأَطْلَقَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ صَوْمُهُ فِيهِ وَلَوْ وَقَعَ النَّذْرُ أَيْضًا فِيهِ اهـ.

شَيْخُنَا ذ عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ: وَلَا قَضَاءَ فِيهِ، أَوْ تَكْفِيرَ) أَيْ بِلَا تَحَرٍّ وَإِلَّا لَمْ يَنْعَقِدْ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَسَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ قَرِيبًا (قَوْلُهُ: أَوْ صَوْمَ يَوْمٍ وَفِطْرَ يَوْمٍ) وَلَوْ فِي غَيْرِ الْمَاضِيَةِ وَإِذَا اخْتَلَفَتْ عَادَتُهُ كَأَنْ صَامَ فِي سَنَةٍ الْخَمِيسَ وَفِي أُخْرَى الِاثْنَيْنِ فَالْعِبْرَةُ بِالْأَخِيرَةِ مَا لَمْ يَعْزِمْ عَلَى هَجْرِ أَحَدِهِمَا وَإِلَّا عُمِلَ بِمُقْتَضَاهُ اهـ.

سم اهـ.

شَيْخُنَا ذ لَكِنْ رَأَيْت بِخَطِّ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ سُئِلَ الشِّهَابُ م ر هَلْ الْعِبْرَةُ بِعَادَتِهِ وَلَوْ قَدِيمَةً، أَوْ بِعَادَتِهِ فِي السَّنَةِ الَّتِي قَبْلَهَا؟ أَجَابَ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعَادَتِهِ فِي السَّنَةِ الَّتِي قَبْلَهَا اهـ.

وَيُمْكِنُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَعْزِمْ عَلَى هَجْرِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ يَوْمٍ مُعَيَّنٍ) قَالَ م ر وَتَثْبُتُ عَادَتُهُ الْمَذْكُورَةُ بِمَرَّةٍ قَالَ الرَّشِيدِيُّ: بِأَنْ يَصُومَ نَظِيرَ ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ نِصْفِ شَعْبَانَ الْأَوَّلِ، ثُمَّ يَمْنَعُهُ مِنْ صَوْمِهِ فِي النِّصْفِ الثَّانِي مَانِعٌ لَمْ يَزُلْ إلَّا فِي يَوْمِ الشَّكِّ وَإِلَّا فَالصَّوْمُ فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْهُ مُطْلَقًا بِلَا سَبَبٍ مَمْنُوعٌ اهـ.

وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّ هَذِهِ الْعَادَةَ لَا تُؤَثِّرُ إلَّا إنْ وَقَعَتْ فِي نِصْفِ شَعْبَانَ الْأَوَّلِ، وَقَوْلُهُ: ثُمَّ يَمْنَعُهُ إلَخْ فِي حَاشِيَةِ الشَّرْقَاوِيِّ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ الصَّوْمُ وَلَوْ كَانَ الْفِطْرُ لِمَانِعٍ وَفِي فَتَاوَى حَجَرٍ أَنَّهُ يَكْتَفِي فِي الْعَادَةِ بِمَرَّةٍ إنْ لَمْ يَتَخَلَّلْ فِطْرُ مِثْلِ ذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي اعْتَادَهُ فَإِنْ يَتَخَلَّلْ فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ غَالِبِ عَادَتِهِ الصَّوْمَ؛ لِذَلِكَ الْيَوْمِ حَتَّى تُسَمَّى عَادَةً عُرْفًا وَيَكْفِي فِي الْغَلَبَةِ أَنْ يَكُونَ الصَّوْمُ مَرَّتَيْنِ، وَالْفِطْرُ مَرَّةً لَكِنْ قَالَ ذَلِكَ اسْتِظْهَارًا مِنْهُ بِدُونِ نَقْلٍ فَلْيُحَرَّرْ، وَقَدْ رَأَيْت بَعْضَ الْأَفَاضِلِ نَقَلَ الشِّقَّ الْأَوَّلَ عَنْ الشَّيْخِ عَوَضٍ عَلَى الْخَطِيبِ جَازَ مَا بِهِ وَقَوْلُنَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِ إلَخْ يَرُدُّهُ مَا فِي شَرْحِ النَّوَوِيِّ لِمُسْلِمٍ أَنَّهُ إذَا وَصَلَهُ بِمَا قَبْلَهُ، أَوْ صَادَفَ عَادَةً لَهُ بِأَنْ كَانَتْ عَادَتُهُ صَوْمَ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ، أَوْ آخِرَ الشَّهْرِ فَصَامَ ذَلِكَ تَطَوُّعًا بِنِيَّةِ ذَلِكَ جَازَ سَوَاءٌ يَوْمُ الشَّكِّ وَغَيْرُهُ اهـ.

نَعَمْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَقْصِدَ بِهِ عَادَتَهُ (قَوْلُهُ، وَالنَّفَلُ) كَمَا إذَا فَاتَهُ صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ مَثَلًا، أَوْ شَرَعَ فِي صَوْمِهِ وَأَفْسَدَهُ فَإِنَّهُ يُسَنُّ

ص: 219

وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَنَقَلَ الْكَرَاهَةَ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَنَقَلَهُمَا فِي الْمُهِمَّاتِ عَنْ جَمْعٍ وَرَجَّحَهَا وَمَنَعَ قِيَاسَ الْفَرْضِ عَلَى النَّفْلِ بِأَنَّ ذِمَّتَهُ لَا تَبْرَأُ مِنْهُ بِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ مِنْ رَمَضَانَ قَالَ: فَلَوْ أَخَّرَ صَوْمًا لِيُوقِعَهُ يَوْمَ الشَّكِّ فَقِيَاسُ كَلَامِهِمْ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا تَحْرِيمُهُ

(وَ) لَا (رَمَضَانَ) فَإِنَّهُ غَيْرُ قَابِلٍ (لِلسِّوَى) أَيْ لِصَوْمِ سِوَاهُ وَلَوْ فِي سَفَرٍ، أَوْ مَرَضٍ لِتَعَيُّنِ الْوَقْتِ لَهُ فَلَوْ لَمْ يُبَيِّتْ النِّيَّةَ فِيهِ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَصُومَهُ نَفْلًا لَمْ يَصِحَّ بَلْ يَلْزَمُهُ الْإِمْسَاكُ، وَالْقَضَاءُ كَمَا سَيَأْتِي وَلَوْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ مُعَيَّنٍ وَقُلْنَا يَتَعَيَّنُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ فَهَلْ يُقْبَلُ غَيْرُ النَّذْرِ؟ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا نَعَمْ

(وَنُدِبَتْ سُرْعَةُ فِطْرٍ إنْ يَقِينًا غَرَبَتْ) أَيْ الشَّمْسُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا تَزَالُ أُمَّتِي بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ» زَادَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «وَأَخَّرُوا السَّحُورَ» وَفِي ثِقَاتِ ابْنِ حِبَّانَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا كَانَ صَائِمًا لَمْ يُصَلِّ حَتَّى نَأْتِيَهُ بِرُطَبٍ وَمَاءٍ فَيَأْكُلَ» وَيُكْرَهُ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَهُ إنْ قَصَدَ ذَلِكَ وَرَأَى أَنَّ فِيهِ فَضِيلَةً وَإِلَّا فَلَا بَأْسَ بِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ وَأَنْ يَتَمَضْمَضَ بِمَاءٍ وَيَمُجَّهُ وَأَنْ يَشْرَبَهُ وَيَتَقَايَأَهُ إلَّا لِضَرُورَةٍ قَالَ: وَكَأَنَّهُ شَبِيهٌ بِالسِّوَاكِ لِلصَّائِمِ بَعْدَ الزَّوَالِ لِكَوْنِهِ يُزِيلُ الْخُلُوفَ.

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهَذَا إنَّمَا يَأْتِي إذَا قُلْنَا إنَّ كَرَاهَةَ السِّوَاكِ لَا تَزُولُ بِالْغُرُوبِ، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى خِلَافِهِ وَسَيَأْتِي وَخَرَجَ بِيَقِينِ الْغُرُوبِ ظَنُّهُ فَلَا تُنْدَبُ سُرْعَةُ الْفِطْرِ بِهِ وَشَكُّهُ فَيَحْرُمُ بِهِ كَمَا مَرَّ (بِالتَّمْرِ، ثُمَّ الْمَاءِ) لِخَبَرِ «إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ صَائِمًا فَلْيُفْطِرْ عَلَى التَّمْرِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ التَّمْرَ فَعَلَى الْمَاءِ فَإِنَّهُ طَهُورٌ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ وَلِخَبَرِ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُفْطِرُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى رُطَبَاتٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى تَمَرَاتٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَسَا حُسُوَاتٍ مِنْ مَاءٍ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَقَضِيَّتُهُ تَقْدِيمُ الرُّطَبِ عَلَى التَّمْرِ وَهُوَ حَسَنٌ وَأَنَّ السُّنَّةَ تَثْلِيثُ مَا يُفْطِرُ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَضِيَّةُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ فِي حَرْمَلَةَ وَجَمَاعَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ وَيَجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَعْبِيرِ جَمَاعَةٍ بِتَمْرَةٍ يُحْمَلُ ذَاكَ عَلَى أَصْلِ السُّنَّةِ وَهَذَا عَلَى كَمَالِهَا قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ، وَالْقَصْدُ بِذَلِكَ أَنْ لَا يَدْخُلَ أَوَّلًا جَوْفَهُ مَا مَسَّتْهُ النَّارُ

(وَ) نُدِبَ (السَّحُورُ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَمَنْعُ قِيَاسِ الْفَرْضِ عَلَى النَّفْلِ) أَيْ فِي نَفْيِ الْكَرَاهَةِ بِرّ (قَوْلُهُ: تَحْرِيمُهُ) أَيْ وَعَدَمُ انْعِقَادِهِ سم

(قَوْلُهُ: أَوْ مَرَضٍ) كَذَلِكَ الْحُكْمُ لَوْ أَرَادَ الصَّبِيُّ أَنْ يَصُومَهُ عَنْ غَيْرِ رَمَضَانَ تَطَوُّعًا بِرّ

(قَوْلُهُ: إنَّمَا يَأْتِي إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ إتْيَانُهُ وَإِنْ قُلْنَا بِزَوَالِ الْكَرَاهَةِ بِالْغُرُوبِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ السِّوَاكَ مَطْلُوبٌ فِي كُلِّ حَالٍ فَإِذَا حَصَلَ الْغُرُوبُ رَجَعَ إلَى أَصْلِ طَلَبِهِ بِخِلَافِ الْمَضْمَضَةِ فِي غَيْرِ وُضُوءٍ، وَالتَّقَيُّؤِ لَا يُطْلَبَانِ مُطْلَقًا فَكُرِهَا لِعَدَمِ طَلَبِهِمَا مَعَ إزَالَةِ أَثَرِ الْعِبَادَةِ م ر.

(قَوْلُهُ: ظَنُّهُ) قَالَ: فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِاجْتِهَادٍ (قَوْلُهُ: وَشَكُّهُ) وَكَذَا ظَنُّهُ بِلَا اجْتِهَادٍ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: بِالتَّمْرِ، ثُمَّ الْمَاءِ) فِيهِ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَوْ خَالَفَ التَّرْتِيبَ فَأَفْطَرَ عَلَى الْمَاءِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى التَّمْرِ هَلْ يَحْصُلُ أَصْلُ السُّنَّةِ، أَوْ لَا يَحْصُلُ شَيْءٌ مُطْلَقًا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ الْأَوَّلُ. ثَانِيهمَا أَنَّ ظَاهِرَهُ تَأْخِيرُ الْمَاءِ عَنْ التَّمْرِ وَإِنْ كَانَ مَاءَ زَمْزَمَ وَهُوَ كَذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرُوا فِي حِكْمَةِ الْبَدْءِ بِالتَّمْرِ أَنَّهُ لَمْ يَمَسَّهُ نَارٌ مَعَ إزَالَتِهِ ضَعْفَ الْبَصَرِ الْحَاصِلِ بِالصَّوْمِ فَإِنْ قُلْت يَنْبَغِي أَنْ يُسَاوِيَهُ فِي هَذَا مَاءُ زَمْزَمَ فَيَكُونُ فِي رُتْبَتِهِ إذَا شَرِبَهُ بِنِيَّةِ إزَالَةِ الضَّعْفِ لِخَبَرِ «مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ» قُلْت الْمُسَاوَاةُ مَمْنُوعَةٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَيَجُوزُ أَنْ لَا يَحْصُلَ بِمَاءِ زَمْزَمَ وَإِنْ نَوَى إزَالَةَ الضَّعْفِ مَا يَحْصُلُ بِالتَّمْرِ مِنْ إزَالَتِهِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِ الشَّارِعِ مَعَ حِكْمَتِهِ الْبَالِغَةِ.

ــ

[حاشية الشربيني]

الْقَضَاءُ اهـ.

م ر وَع ش وَرَشِيدِيٌّ عَلَيْهِ اهـ.

شَيْخُنَا ذ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ ذِمَّتَهُ إلَخْ) رُدَّ هَذَا الْفَرْقُ بِجَرَيَانِهِ فِي الْوَرْدِ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ شُغْلٌ نُدِبَ لِعَدَمِ قَابِلِيَّةِ رَمَضَانَ لِلنَّفْلِ أَيْضًا اهـ.

سم عَلَى ع ش، وَالْمُرَادُ الْقَضَاءُ وَلَوْ لِنَفْلٍ بِأَنْ شَرَعَ فِي نَفْلٍ وَأَفْسَدَهُ اهـ. ز ي

(قَوْلُهُ: وَنُدِبَتْ سُرْعَةُ فِطْرٍ) وَلَوْ مَارًّا بِالطَّرِيقِ وَلَا تَنْخَرِمُ مُرُوءَتُهُ اهـ.

ع ش اهـ.

شَيْخُنَا ذ (قَوْلُهُ: فَلَا بَأْسَ بِهِ) ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ لَا يَصِحُّ فِي اللَّيْلِ اهـ.

حَجَرٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ خِلَافُ الْأُولَى لِمُخَالَفَةِ الْحَدِيثِ فَالْمُرَادُ بِالْبَأْسِ الْكَرَاهَةُ اهـ.

مَدَنِيٌّ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى كَرَاهَةِ السِّوَاكِ بَعْدَ الْغُرُوبِ، وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ النَّوَوِيِّ كَغَيْرِهِ عَدَمُهَا اهـ.

حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَنَقَلَ الْمُحَشِّي عَنْ م ر كَرَاهَةَ هَذَا وَإِنْ لَمْ نَقُلْ بِكَرَاهَةِ السِّوَاكِ لِنَدْبِ السِّوَاكِ كُلَّ وَقْتٍ دُونَ هَذَا مَعَ إزَالَتِهِ أَثَرَ الصَّوْمِ اهـ.

وَيُؤْخَذُ مِنْهُ كَرَاهَةُ الْمَضْمَضَةِ وَسَطَ النَّهَارِ بِلَا حَاجَةٍ (قَوْلُهُ: بِالتَّمْرِ) وَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ الرُّطَبُ، وَالْبُسْرُ، وَالْعَجْوَةُ وَبَعْدَهُ مَاءُ زَمْزَمَ ثُمَّ غَيْرُهُ، ثُمَّ الْحَلْوَاءُ بِالْمُدِّ وَيُقَدَّمُ الْعَسَلُ عَلَى اللَّبَنِ؛ لِأَنَّ الْمَنْظُورَ إلَيْهِ هُنَا الْحُلْوُ بَعْدَ فَقْدِ التَّمْرِ، وَالْمَاءِ وَإِنْ كَانَ اللَّبَنُ أَفْضَلَ كَمَا اعْتَمَدَهُ ع ش عَلَى م ر وَلَوْ تَعَارَضَ التَّعْجِيلُ بِالْمَاءِ، وَالتَّأْخِيرُ بِالتَّمْرِ قُدِّمَ الْمَاءُ اهـ.

تُحْفَةٌ (قَوْلُهُ: بِالتَّمْرِ) وَأَوْجَبَ ابْنُ حَزْمٍ الْفِطْرَ عَلَى التَّمْرِ قِيلَ وَابْنُ الْمُنْذِرِ اهـ.

شَرْحُ عُبَابٍ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ طَهُورٌ) أَيْ يُزِيلُ الْمُرَّةَ الْحَاصِلَةَ مِنْ الْأَبْخِرَةِ الْمُتَصَاعِدَةِ الْمُتَرَاكِمَةِ عَلَى الْأَسْنَانِ اهـ.

حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ (قَوْلُهُ: تَثْلِيثُ مَا يُفْطِرُ عَلَيْهِ) أَيْ فَأَكْثَرَ فَالْغَرَضُ أَنْ لَا يَكُونَ الْإِيتَارُ بِوَاحِدٍ

(قَوْلُهُ: وَنُدِبَ السُّحُورُ) وَيُسَنُّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْفِطْرِ مِنْ تَمْرٍ وَغَيْرِهِ نَعَمْ إنْ خَشِيَ مِنْهُ ضَرَرًا لَمْ يُسَنَّ اهـ.

ق ل عَلَى الْجَلَالِ، وَقَوْلُهُ: إنْ خَشِيَ مِنْهُ ضَرَرًا أَيْ مِنْ السُّحُورِ كَمَا فِي عب، وَقَوْلُهُ: وَيُسَنُّ إلَخْ وَحِكْمَتُهُ أَنَّ الْمَعْنَى الْمَقْصُودَ مِنْ الصَّوْمِ كَسْرُ شَهْوَتَيْ الْبَطْنِ، وَالْفَرْجِ وَإِنَّمَا يَحْصُلُ بِتَغْيِيرِ الْعَادَةِ فِي مِقْدَارِ الْأَكْلِ فَمَا كَانَ كَالْعَادَةِ، أَوْ أَزْيَدَ كَمَا يَفْعَلُهُ الْمُتَرَفِّهُونَ لَا سُنَّةَ فِيهِ اهـ.

شَرْحُ عب (قَوْلُهُ: السُّحُورُ) بِالضَّمِّ الْفِعْلُ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا؛ لِأَنَّ الثَّوَابَ، وَالْبَرَكَةَ عَلَيْهِ حَقِيقَةٌ

ص: 220

«تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةٌ» وَلِخَبَرِ الْحَاكِمِ فِي صَحِيحِهِ «اسْتَعِينُوا بِطَعَامِ السَّحَرِ عَلَى صِيَامِ النَّهَارِ وَبِقَيْلُولَةِ النَّهَارِ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ» ، وَالسَّحُورُ بِفَتْحِ السِّينِ الْمَأْكُولُ فِي السَّحَرِ وَبِضَمِّهَا الْأَكْلُ حِينَئِذٍ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: كَأَصْلِهَا وَيَدْخُلُ وَقْتُهُ بِنِصْفِ اللَّيْلِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ السَّحَرَ لُغَةً قُبَيْلَ الْفَجْرِ وَمِنْ ثَمَّ خَصَّهُ ابْنُ أَبِي الصَّيْفِ بِالسُّدُسِ الْأَخِيرِ وَيَحْصُلُ بِقَلِيلِ الْمَطْعُومِ وَكَثِيرِهِ لِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ «تَسَحَّرُوا وَلَوْ بِجَرْعَةِ مَاءٍ» (وَ) نُدِبَ (الْبُطْءُ) بِهِ أَيْ تَأْخِيرُهُ لِخَبَرِ «لَا تَزَالُ أُمَّتِي بِخَيْرٍ» ؛ وَلِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى التَّقَوِّي عَلَى الْعِبَادَةِ وَقَيَّدَهُ بِمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ: (لَا إنْ شَكَّك التَّأْخِيرُ) فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «دَعْ مَا يَرِيبُك إلَى مَا لَا يَرِيبُك»

(وَ) نُدِبَ (الْغُسْلُ قَبْلَ صُبْحِهِ إنْ أَجْنَبَا) ، أَوْ انْقَطَعَ حَيْضُهُ، أَوْ نِفَاسُهُ لَيْلًا لِيُؤَدِّيَ الْعِبَادَةَ عَلَى الطَّهَارَةِ وَلَا يَفْسُدُ بِتَأْخِيرِهِ الصَّوْمَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ} [البقرة: 187] الْآيَةَ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ جِمَاعٍ غَيْرِ احْتِلَامٍ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ وَيَصُومُ» وَأَمَّا خَبَرُ الْبُخَارِيِّ «مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا فَلَا صَوْمَ لَهُ» فَحَمَلُوهُ عَلَى مَنْ أَصْبَحَ مُجَامِعًا وَاسْتَدَامَ الْجِمَاعُ وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى النَّسْخِ وَاسْتَحْسَنَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ

(وَ) نُدِبَ (تَرْكُ حَجْمٍ) وَفَصْدٍ وَنَحْوِهِمَا تَحَرُّزًا عَنْ إضْعَافِ الْبَدَنِ وَخُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ فِي الْفِطْرِ بِذَلِكَ وَأَمَّا خَبَرُ أَبِي دَاوُد «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ، وَالْمَحْجُومُ» فَأَجَابُوا عَنْهُ بِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم احْتَجَمَ، وَهُوَ صَائِمٌ مُحْرِمٌ» وَبِأَنَّ خَبَرَ الْبُخَارِيِّ أَصَحُّ وَيُعَضِّدُهُ أَيْضًا الْقِيَاسُ

(وَ) نُدِبَ تَرْكُ (تَشَهٍّ) أَيْ شَهَوَاتٍ لَا تُبْطِلُ الصَّوْمَ كَشَمِّ الرَّيَاحِينِ، وَالنَّظَرِ إلَيْهَا وَلَمْسِهَا وَذَلِكَ بِكَفِّ الْجَوَارِحِ عَنْهَا لِمَا فِي ارْتِكَابِهَا مِنْ التَّرَفُّهِ الَّذِي لَا يُنَاسِبُ حِكْمَةَ الصَّوْمِ وَلْيَصُنْ لِسَانَهُ عَنْ الْكَذِبِ، وَالْغِيبَةِ لِقَوْلِهِ: صلى الله عليه وسلم «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ، وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَقَوْلُ النَّظْمِ مِنْ زِيَادَتِهِ (نَدْبًا) أَيْ كُلٌّ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ تَأْكِيدٌ وَتَكْمِلَةٌ وَقَدْ يُوهِمُ أَنَّ مَا بَعْدَهُ لَيْسَ مَنْدُوبًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ

(وَ) نُدِبَ تَرْكُ (عَلْكِهِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ أَيْ مَضْغِهِ بَلْ يُكْرَهُ فِعْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يَجْمَعُ الرِّيقَ فَإِنْ ابْتَلَعَهُ أَفْطَرَ فِي وَجْهٍ وَإِنْ أَلْقَاهُ عَطَّشَهُ

(وَ) نُدِبَ تَرْكُ (ذَوْقِهِ) الطَّعَامَ، أَوْ غَيْرَهُ خَوْفَ وُصُولِهِ إلَى حَلْقِهِ

(وَ) تَرْكُ (الْقُبْلَةِ) ؛ لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الشَّهَوَاتِ وَخَصَّهَا كَغَيْرِهِ بِالذِّكْرِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَلَوْ بِجَرْعَةِ مَاءٍ) وَظَاهِرٌ وَهُوَ صَرِيحُ هَذَا الْكَلَامِ حُصُولُهُ بِجَرْعَةٍ مِنْ نَحْوِ مَاءِ الْوَرْدِ وَعَجِيبٌ مِنْ التَّوَقُّفِ فِيهِ

(قَوْلُهُ وَتَرْكُ حَجْمٍ وَفَصْدٍ) قَالَ: فِي الرَّوْضِ وَيُكْرَهَانِ لَهُ قَالَ: فِي شَرْحِهِ وَهَذَا مَا جَزَمَ بِهِ الْأَصْلُ وَجَزَمَ فِي الْمَجْمُوعِ بِأَنَّ: ذَلِكَ خِلَافُ الْأُولَى قَالَ: الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ وَقَوْلُ الْأَكْثَرِينَ فَلْتَكُنْ الْفَتْوَى عَلَيْهِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمِنْهَاجِ وَأَصْلِهِ وَجَزَمَ الْمَحَامِلِيُّ بِأَنَّهُ: يُكْرَهُ أَنْ يَحْجُمَ غَيْرَهُ أَيْضًا

(قَوْلُهُ: حِكْمَةَ الصَّوْمِ) قَالَ: فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَيُكْرَهُ ذَلِكَ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ دُخُولُ الْحَمَّامِ

(قَوْلُهُ: فَإِنْ ابْتَلَعَهُ أَفْطَرَ فِي وَجْهٍ) يُفِيدُ أَنَّ الْأَصَحَّ خِلَافُهُ، وَيُسْتَفَادُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ ابْتِلَاعَ الرِّيقِ بَعْدَ مُخَالَطَتِهِ فِي الْفَمِ بِشَيْءٍ جَامِدٍ لَمْ يَنْفَصِلْ مِنْهُ شَيْءٌ فِي الرِّيقِ لَا يَضُرُّ حَيْثُ كَانَ الِابْتِلَاعُ بِدُونِهِ أَعْنِي الرِّيقَ إلَى خَارِجِ الْفَمِ فَلْيُحْفَظْ ذَلِكَ فَقَدْ بَلَغَنِي عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ زَعَمَ الْفِطْرَ بِهِ

(قَوْلُهُ: وُصُولِهِ إلَى حَلْقِهِ) أَيْ مَا يُفْطِرُ الْوَاصِلُ إلَيْهِ مِنْهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

وَالْمَأْكُولُ مَجَازًا اهـ.

إيعَابٌ (قَوْلُهُ: بَرَكَةٌ) أَيْ لِلتَّنْشِيطِ عَلَى الصَّوْمِ وَإِقَامَةِ السُّنَّةِ وَمُخَالَفَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ اهـ.

إيعَابٌ

(قَوْلُهُ: لِيُؤَدِّيَ الْعِبَادَةَ إلَخْ) لَوْ احْتَلَمَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ فَهَلْ الْأَوْلَى الِاغْتِسَالُ حَالًا مُرَاعَاةً لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، أَوْ تَأْخِيرُهُ إلَى الْإِفْطَارِ مُرَاعَاةً لِخَوْفِ دُخُولِ الْمَاءِ أُذُنَيْهِ؟ وَمُقْتَضَى أَنَّ دَرْءَ الْمَفَاسِدِ يُقَدِّمُ مُرَاعَاةَ الثَّانِيَةِ وَبِهِ جَزَمَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ الْكَبِيرِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا خَبَرُ الْبُخَارِيِّ إلَخْ) هُوَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ لَكِنَّهُ رَجَعَ كَمَا صَحَّ عَنْهُ وَقَالَ هُمَا أَيْ عَائِشَةُ وَأُمُّ سَلَمَةَ أَعْلَمُ وَقَالَ: سَمِعْت ذَلِكَ أَيْ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ مِنْ الْفَضْلِ وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ الرَّاوِي فَرَجَعَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَمَّا كَانَ يَقُولُ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ اهـ.

مَدَنِيٌّ (قَوْلُهُ: وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِيمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْهُ إنَّ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ مَنْسُوخٌ فَإِنَّهُ كَانَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ حِينَ كَانَ الْجِمَاعُ مُحَرَّمًا فِي اللَّيْلِ بَعْدَ النَّوْمِ، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ، وَلَمْ يَعْلَمْهُ أَبُو هُرَيْرَةَ فَكَانَ يُفْتِي بِمَا عَلِمَهُ حَتَّى بَلَغَهُ النَّاسِخُ فَرَجَعَ إلَيْهِ قَالَ: وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْت فِيهِ

(قَوْلُهُ: فِي الْفِطْرِ بِذَلِكَ) ظَاهِرُهُ الْحَجْمُ، وَالْفَصْدُ لَكِنْ فِي الْخَادِمِ لِلزَّرْكَشِيِّ أَنَّ الْمُفْصِدَ لَا يُفْطِرُ بِالْإِجْمَاعِ وَقَالَ الْإِمَامُ لَا خِلَافَ فِيهِ اهـ.

مَدَنِيٌّ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ) أَيْ بِنَاءً عَلَى اتِّحَادِهِمَا دَرَجَةً فِي التَّصْحِيحِ اهـ.

(قَوْلُهُ: أَيْ شَهَوَاتٍ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ لِلصَّائِمِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ تَزَيُّنٌ بِطِيبٍ وَنَحْوِهِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ تَرْكُ شَهْوَةٍ تُرِيدُهَا النَّفْسُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا شَهْوَةً لَا مِنْ حَيْثُ امْتِثَالُ الْأَمْرِ بِطَلَبِهَا وَلَعَلَّ هَذَا أَقْرَبُ اهـ.

حَجَرٌ فِي الْإِمْدَادِ (قَوْلُهُ: أَيْ شَهَوَاتٍ) فِي الْعُبَابِ شَمُّ مَا يَصِلُ رِيحُهُ إلَى دِمَاغِهِ مَكْرُوهٌ وَفِي الْإِيعَابِ وَلَا يَتَقَيَّدُ بِالْمُشْتَهَيَاتِ مِنْ الرَّيَاحِينِ وَغَيْرِهَا عِلَّتُهُ وُصُولُ الرِّيحِ إلَى الدِّمَاغِ اهـ.

فَحَرِّرْهُ (قَوْلُهُ: وَلْيَصُنْ لِسَانَهُ) أَيْ يُنْدَبُ ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ الصَّوْمُ وَإِنْ كَانَ وَاجِبًا فِي نَفْسِهِ وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا مِنْ حَيْثُ الصَّوْمُ لَأَفْسَدَهُ كَمَا فِي الِاسْتِقَاءَةِ اهـ.

مَحَلِّيٌّ

(قَوْلُهُ: بَلْ يُكْرَهُ) أَيْ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِالْفِطْرِ وَمَا بَعْدَهُ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: تَرْكُ ذَوْقِهِ الطَّعَامَ) أَيْ لَا لِغَرَضِ إصْلَاحِهِ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ مُفْطِرٌ اهـ. ع ش وَمِثْلُهُ مَضْغُ الطَّعَامِ لِطِفْلٍ لَيْسَ لَهُ مَنْ يَقُومُ بِهِ، أَوْ التَّمْرِ لِتَحْنِيكِهِ بِهِ اهـ.

مَدَنِيٌّ وَلَوْ وَصَلَ حِينَئِذٍ قَهْرًا

ص: 221

لِيَبْنِيَ عَلَيْهَا قَوْلَهُ (وَإِنْ تُحَرِّكْ شَهْوَةً) لَهُ بِأَنْ خَافَ الْإِنْزَالَ، أَوْ الْجِمَاعَ (تُكْرَهُ لَهُ) أَيْ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ أَنَّهُ «صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ فِي الْقُبْلَةِ لِلشَّيْخِ، وَهُوَ صَائِمٌ وَنَهَى عَنْهَا الشَّابَّ وَقَالَ الشَّيْخُ يَمْلِكُ إرْبَهُ، وَالشَّابُّ يَفْسُدُ صَوْمُهُ» وَلَا فَرْقَ فِي الْكَرَاهَةِ بَيْنَ الشَّابِّ، وَالشَّيْخِ كَمَا أَفْهَمَهُ التَّعْلِيلُ فِي الْخَبَرِ فَالتَّعْبِيرُ بِهِمَا فِي الْإِخْبَارِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَإِنْ لَمْ تُحَرِّكْ شَهْوَتَهُ لَمْ تُكْرَهْ لَكِنَّهَا خِلَافُ الْأُولَى

(وَ) يُكْرَهُ لَهُ (الِاسْتِيَاكُ بَعْدَ أَنْ تَزُولَا) أَيْ الشَّمْسُ وَإِنْ كَانَ صَوْمُهُ نَفْلًا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ» ، وَالْخُلُوفُ بِضَمِّ الْخَاءِ التَّغَيُّرُ وَأَطْيَبِيَّتُهُ تَدُلُّ عَلَى طَلَبِ إبْقَائِهِ فَتُكْرَهُ إزَالَتُهُ لَكِنْ بَعْدَ الزَّوَالِ لِخَبَرِ «أُعْطِيت أُمَّتِي فِي شَهْرِ رَمَضَانَ خَمْسًا قَالَ: وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَإِنَّهُمْ يُمْسُونَ وَخُلُوفُ أَفْوَاهِهِمْ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ» رَوَاهُ السَّمْعَانِيُّ فِي أَمَالِيهِ. وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إنَّهُ حَسَنٌ، وَالْمَسَاءُ بَعْدَ الزَّوَالِ؛ وَلِأَنَّ التَّغَيُّرَ قَبْلَهُ مِنْ أَثَرِ الطَّعَامِ وَبَعْدَهُ مِنْ الصَّوْمِ وَتَزُولُ الْكَرَاهَةُ بِالْغُرُوبِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْمَجْمُوعِ وَتَعْبِيرُ النَّظْمِ بِمَا قَالَهُ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الْحَاوِي بِقَوْلِهِ: وَالْقُبْلَةُ وَتُكْرَهُ لِلشَّابِّ كَالسِّوَاكِ بَعْدَ الزَّوَالِ لِسَلَامَتِهِ مِنْ إيهَامِ تَقْيِيدِ كَرَاهَتَيْ الْقُبْلَةِ، وَالسِّوَاكِ بِالشَّابِّ

(وَسُنَّ) لِلصَّائِمِ (إنْ شُوتِمَ أَنْ يَقُولَا) لِمَنْ شَاتَمَهُ أَيْ شَتَمَهُ مُتَعَرِّضًا لِمُشَاتَمَتِهِ (إنِّي صَائِمٌ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «الصِّيَامُ جُنَّةٌ فَإِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ صَائِمًا فَلَا يَرْفُثُ وَلَا يَجْهَلُ فَإِنْ امْرُؤُ قَاتَلَهُ، أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ إنِّي صَائِمٌ إنِّي صَائِمٌ» يَقُولُهُ بِقَلْبِهِ لِنَفْسِهِ لِتَصْبِرْ وَلَا تُشَاتِمْ فَتَذْهَبَ بَرَكَةُ صَوْمِهَا كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأَئِمَّةِ، أَوْ بِلِسَانِهِ بِنِيَّةِ وَعْظِ الشَّاتِمِ وَدَفْعِهِ بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ كَمَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ عَنْ جَمْعٍ وَصَحَّحَهُ، ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ جَمَعَهُمَا فَحَسَنٌ.

وَقَوْلُ النَّظْمِ وَسُنَّ إنْ شُوتِمَ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَإِنَّمَا قَالَ: شُوتِمَ وَلَمْ يَقُلْ شَتَمَ وَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ لِمُوَافَقَةِ الْخَبَرِ الْمَذْكُورِ

(وَأَنْ يُكْثِرَا) أَيْ سُنَّ لِلصَّائِمِ فِي رَمَضَانَ وَغَيْرَهُ مَا مَرَّ وَ (فِي رَمَضَانَ) وَحْدَهُ أَنْ يُكْثِرَ (الصَّدَقَاتِ، وَالْقِرَى) أَيْ الضِّيَافَةَ (لِلصَّائِمِينَ) مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «كَانَ أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَقَالَ: «مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ؛ وَلِأَنَّ فِي ذَلِكَ تَفْرِيغًا لِقُلُوبِ الصَّائِمِينَ، وَالْقَائِمِينَ بِالْعِبَادَةِ بِدَفْعِ حَاجَتِهِمْ (وَ) أَنْ يُكْثِرَ فِيهِ (اعْتِكَافَ الْمَسْجِدِ)

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: بِأَنْ خَافَ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ مُجَرَّدَ التَّلَذُّذِ بِالْقُبْلَةِ مَعَ إلَّا مِنْ مِمَّا ذُكِرَ غَيْرُ مُحَرَّمٍ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ الْخَبَرُ الْآتِي، فَإِنَّ الشَّيْخَ يَلْتَذُّ بِالْقُبْلَةِ وَلَا بُدَّ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ إرْبَهُ بِرّ ع

(قَوْلُهُ: يَدُلُّ عَلَى طَلَبِ إبْقَائِهِ) فَإِنْ قُلْت الدَّلَالَةُ مَمْنُوعَةٌ لِجَوَازِ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْأَطْيَبِيَّةِ مُجَرَّدُ الدَّلَالَةِ عَلَى عَدَمِ اسْتِقْذَارِهِ كَغَيْرِهِ قُلْت إرَادَةُ ذَلِكَ خِلَافُ الْمُتَبَادِرِ مِنْ الْأَطْيَبِيَّةِ وَتَقْيِيدِهَا بِعِنْدِ اللَّهِ بَلْ الْمُتَبَادِرُ مِنْ ذَلِكَ رُجْحَانُ الْإِبْقَاءِ وَمَطْلُوبِيَّتُه وَقَوْلُهُ: فَتُكْرَهُ إزَالَتُهُ أَيْ إذَا أَزَالَهُ هُوَ فَإِنْ أَزَالَهُ غَيْرُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ حَرُمَ كَمَا هُوَ قِيَاسُ حُرْمَةِ إزَالَةِ دَمِ الشَّهِيدِ وَكَمَا أَنَّ قِيَاسَ كَرَاهَةِ إزَالَتِهِ هُنَا بِنَفْسِهِ كَرَاهَةُ إزَالَةِ الشَّهِيدِ دَمَهُ بِنَفْسِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ نَعَمْ إنْ مَاتَ الصَّائِمُ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْخُلُوفِ فَيُحْتَمَلُ عَدَمُ تَحْرِيمِ تَسْوِيكِهِ الْمُزِيلِ لِلْخُلُوفِ لَبُطْلَانِ صَوْمِهِ بِمَوْتِهِ إذْ لَمْ يَبْقَ هَذَا الْخُلُوفُ خُلُوفَ صَائِمٍ (قَوْلُهُ: يَدُلُّ عَلَى طَلَبِ إلَخْ) قَضِيَّةُ التَّوْجِيهِ كَرَاهَةُ إزَالَتِهِ وَلَوْ بِغَيْرِ السِّوَاكِ وَظَاهِرُ اقْتِصَارِهِمْ عَلَى كَرَاهَةِ السِّوَاكِ خِلَافُهُ فَلْيُرَاجَعْ وَقَضِيَّةُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْهَامِشِ قُبَيْلَ بِالْمَاءِ ثُمَّ التَّمْرِ فِي تَوْجِيهِ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ فِي التَّمَضْمُضِ بِالْمَاءِ، ثُمَّ مَجِّهِ بَعْدَ الْغُرُوبِ كَرَاهَةُ إزَالَتِهِ بِغَيْرِ السِّوَاكِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: مِنْ أَثَرِ الطَّعَامِ) قَضِيَّةُ الْكَرَاهَةِ قَبْلَهُ إذَا لَمْ يَتَنَاوَلْ طَعَامًا لَيْلًا

(قَوْلُهُ: أَيْ شَتَمَهُ) كَأَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى مَعْنَى الْمُفَاعَلَةِ هُنَا، أَوْ إلَى الِاحْتِرَازِ عَمَّا لَوْ شَتَمَهُ وَانْصَرَفَ عَنْهُ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى دَفْعِهِ بِهَذَا الْقَوْلِ، لَكِنْ قَدْ يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَهُ: الْآتِي وَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ جَمَعَهُمَا فَحَسَنٌ) زَادَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَقِبَ هَذَا وَقَالَ: إنَّهُ يُسَنُّ تَكْرَارُهُ مَرَّتَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى إمْسَاكِ صَاحِبِهِ عَنْهُ، وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ وَلَا أَظُنُّ أَحَدًا يَقُولُ مَرْدُودٌ بِالْخَبَرِ السَّابِقِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَأَنْ يُكْثِرَا) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ إكْثَارَ نَحْوِ الصَّدَقَاتِ فِي رَمَضَانَ آكِدٌ مِنْهُ فِي غَيْرِهِ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ أَنَّ اسْتِحْبَابَ إكْثَارِ ذَلِكَ لَا يَتَقَيَّدُ بِرَمَضَانَ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: اعْتِكَافَ الْمَسْجِدِ) أَيْ الِاعْتِكَافَ فِيهِ (قَوْلُهُ: مَعَهُ)

ــ

[حاشية الشربيني]

عَنْهُ فَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا تَقَدَّمَ عَنْ الْأَنْوَارِ اهـ.

سم عَلَى التُّحْفَةِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ لِحَاجَةٍ

(قَوْلُهُ: بِأَنْ خَافَ الْإِنْزَالَ) أَيْ ظَنَّهُ قَالَهُ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ، ثُمَّ قَالَ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ غَيْرِي بِالْخَوْفِ وَإِنْ أَمْكَنَ تَوْجِيهُهُ بِالِاحْتِيَاطِ لِلصَّوْمِ

(قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ إلَخْ) أَيْ مَا لَمْ يَتِمَّ، أَوْ يَأْكُلْ كَرِيهًا بَعْدَ الزَّوَالِ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ م ر وَالْخَطِيبُ وَخَالَفَ حَجَرٌ اهـ.

مَدَنِيٌّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ صَوْمُهُ نَفْلًا) ظَاهِرُهُ اخْتِصَاصُ الْكَرَاهَةِ بِالصَّائِمِ بِخِلَافِ الْمُمْسِكِ لِنَحْوِ نِسْيَانِ النِّيَّةِ وَرَجَّحَهُ حَجَرٌ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ (قَوْلُهُ، وَالْمَسَاءُ بَعْدَ الزَّوَالِ) لَكِنْ لَوْ وَاصَلَ وَأَصْبَحَ صَائِمًا كُرِهَ لَهُ قَبْلَ الزَّوَالِ فَتَزُولُ الْكَرَاهَةُ بِالْغُرُوبِ وَتَعُودُ بِالْفَجْرِ اهـ.

ز ي وَفِي النِّهَايَةِ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَلَوْ لِمَنْ لَمْ يَتَسَحَّرْ بِالْكُلِّيَّةِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَلَمْ أَرَ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ ز ي فَلْيُرَاجَعْ فِي بَابِ سُنَنِ الْوُضُوءِ وَمِثْلُ ز ي حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ إلَخْ) فِي تَخَرُّجِ أَحَادِيثِ الْعَزِيزِ لِلْحَافِظِ حَجَرٍ أَجْوَدُ بِضَمِّ الدَّالِ وَيَجُوزُ نَصْبُهَا وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْفَضْلِ الْمَرِيسِيِّ يَقُولُ لَا يَجُوزُ النَّصْبُ؛ لِأَنَّ مَا مَصْدَرِيَّةٌ مُضَافَةٌ وَتَقْدِيرُ الْكَلَامِ وَكَانَ جُودُهُ الْكَثِيرُ فِي رَمَضَانَ

ص: 222

لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ؛ وَلِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِصَوْنِ النَّفْسِ عَنْ ارْتِكَابِ مَا لَا يَلِيقُ

(وَ) سُنَّ لَهُ (كَثْرَةُ) تِلَاوَةِ (الْقُرْآنِ) فِي رَمَضَانَ وَمُدَارَسَتُهُ بِأَنْ يَقْرَأَ عَلَى غَيْرِهِ وَيَقْرَأَ غَيْرُهُ عَلَيْهِ فَقَدْ «كَانَ جِبْرِيلُ عليه السلام يَلْقَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَ) كَثْرَةُ (التَّهَجُّدِ) فِيهِ أَيْ التَّطَوُّعُ لَيْلًا قَالَ تَعَالَى {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} [الإسراء: 79] وَلِخَبَرِ الْحَاكِمِ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ «عَلَيْكُمْ بِقِيَامِ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ دَأْبُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ، وَهُوَ قُرْبَةٌ إلَى رَبِّكُمْ وَمَكْفَرَةٌ لِلسَّيِّئَاتِ وَمَنْهَاةٌ عَنْ الْإِثْمِ» (وَلَا كَعَشْرِ آخِرِ) بِكَسْرِ الْخَاءِ أَيْ وَلَا سِيَّمَا فِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ (فِي الشَّهْرِ) أَيْ شَهْرِ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ أَوْلَى مِنْ بَقِيَّةِ الشَّهْرِ بِكَثْرَةِ الصَّدَقَةِ، وَالْقِرَى، وَالِاعْتِكَافِ، وَالْقِرَاءَةِ، وَالتَّهَجُّدِ لِطَلَبِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ الَّتِي هِيَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ أَيْ الْعَمَلُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْعَمَلِ فِي أَلْفِ شَهْرٍ لَيْسَ فِيهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ؛ وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «كَانَ يَجْتَهِدُ فِيهِ مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ» فَكَافُ كَعَشْرٍ بِمَعْنَى سِيٍّ وَبِهَا عَبَّرَ الْحَاوِي فَقَالَ: سِيَّمَا الْعَشْرِ الْأَخِيرِ بِدُونِ لَا عَلَى مَا اسْتَعْمَلَهُ بَعْضُ الْمُصَنَّفِينَ وَإِلَّا فَالْمَعْرُوفُ أَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ بِدُونِهَا وَذَكَرَ شِبْهَ قَوْلِهِ لِشَاتِمِهِ: إنِّي صَائِمٌ، وَالْقِرَى لِلصَّائِمِينَ وَكَثْرَةِ التَّهَجُّدِ وَتَأَكُّدِهِ فِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ وَلَفْظُ الْمَسْجِدِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ، وَالْقِرَى غَيْرُ مُسْتَفَادٍ مِنْ الصَّدَقَةِ لِاشْتِرَاطِ قَصْدِ الْقُرْبَةِ فِيهَا بِخِلَافِ الْقِرَى وَنَصَّ عَلَى الصَّائِمِينَ اهْتِمَامًا بِهِمْ؛ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَيْهِمْ، وَالْقِرَى لَهُمْ آكِدٌ

(وَلَيْلَةُ الْقَدْرِ) وَهِيَ أَفْضَلُ لَيَالِي الْعَامِ وَفِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ وَخَصَّ اللَّهُ بِهَا هَذِهِ الْأُمَّةَ كَائِنَةً (بِهَذَا الْعَشْرِ) وَأَرْجَاهَا أَوْتَارُهُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، وَالْتَمِسُوهَا فِي كُلِّ وِتْرٍ» (قُلْت وَفِي انْتِقَالِهَا) مِنْ لَيْلَةٍ إلَى أُخْرَى وَلُزُومِهَا لَيْلَةً بِعَيْنِهَا (أَقْوَالٌ جَامِعَةٌ) أَيْ عَظِيمَةٌ مِنْ قَوْلِهِمْ: قَدْرٌ جَامِعَةٌ فَقَالَ الْمُزَنِيّ وَجَمَاعَةٌ بِانْتِقَالِهَا وَاخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ وَحَثًّا عَلَى إحْيَاءِ جَمِيعِ لَيَالِي الْعَشْرِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَجَمَاعَةٌ

ــ

[حاشية العبادي]

أَيْ الْقِرَى لَعَلَّ التَّقْيِيدَ بِالْقِرَى مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي إكْرَامِهِمْ وَجَبْرِ خَوَاطِرِهِمْ لَا؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ فِي أَصْلِ طَلَبِ الْقِرَى فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: فَقَدْ كَانَ إلَخْ) فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى حِفْظِ السَّيِّدِ جِبْرِيلَ الْقُرْآنَ (قَوْلُهُ: وَلَا كَعَشْرٍ) يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْكَافُ اسْمًا بِمَعْنَى، مِثْلُ اسْمِ لَا، وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ، وَالتَّقْدِيرُ وَلَا مِثْلَ عَشْرٍ آخَرَ فِي الشَّهْرِ فِي تَأَكُّدِ ذَلِكَ فِيهِ مَوْجُودٌ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَرْفًا، وَالْجَارُّ، وَالْمَجْرُورُ خَبَرُ لَا وَاسْمُهَا مَحْذُوفٌ، وَالتَّقْدِيرُ وَلَا شَيْءَ مِنْ أَجْزَاءِ الشَّهْرِ كَعَشْرٍ إلَخْ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: وَالْقِرَى غَيْرُ مُسْتَفَادٍ إلَخْ) جَوَابُ أَنَّهُ دَاخِلٌ فِي الصَّدَقَةِ فَلَيْسَ مِنْ زِيَادَتِهِ (قَوْلُهُ: لِاشْتِرَاطِ قَصْدِ الْقُرْبَةِ) اُنْظُرْ هَلْ يُطَابِقُ هَذَا مَا قَالَهُ فِي بَابِ الْهِبَةِ مِنْ أَنَّ الشَّرْطَ إمَّا الْحَاجَةُ، أَوْ قَصْدُ الثَّوَابِ وَكَتَبَ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ سَيَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ أَنَّ الصَّدَقَةَ تَشْمَلُ نَحْوَ عِتْقٍ وَنَذْرٍ وَزَكَاةٍ مَعَ أَنَّ الْعِتْقَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ قَصْدُ الْقُرْبَةِ فَيَشْمَلُ الضِّيَافَةَ كَذَلِكَ حَجَرٌ

(قَوْلُهُ: وَفِي انْتِقَالِهَا إلَخْ) لَك أَنْ تَقُولَ: الَّذِي فِي انْتِقَالِهَا وَلُزُومِهَا لَيْلَةً بِعَيْنِهَا قَوْلَانِ لَا أَقْوَالٌ فَالِانْتِقَالُ قَوْلٌ، وَاللُّزُومُ آخَرُ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ: الْمُرَاد بِقَوْلِهِ: وَلُزُومِهَا الَّذِي صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ وَهُوَ مُرَادٌ لِلْمُصَنِّفِ مَفْهُومٌ مِنْ ذِكْرِهِ مُقَابَلَةَ أَعَمَّ مِنْ أَصْلِ اللُّزُومِ وَمِنْ تَعْيِينِ اللَّيْلَةِ الَّتِي يَلْزَمُهَا فَتَأَمَّلْهُ فَحَاصِلُ الْمَعْنَى وَفِي انْتِقَالِهَا وَلُزُومِهَا وَتَعْيِينِ مَا تَلْزَمُهُ أَقْوَالٌ فَلْيُتَأَمَّلْ

ــ

[حاشية الشربيني]

هـ.

مَدَنِيٌّ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَيَجُوزُ نَصْبُهُ وَمَا مَصْدَرِيَّةٌ أَيْ أَجْوَدُ أَكْوَانِهِ أَيْ أَوْقَاتِهِ، أَوْ أَحْوَالِهِ اهـ.

وَتَأَمَّلْ مَا نُقِلَ عَنْهُمَا اهـ.

فَإِنَّهُ يُحْتَمَلُ وَكَانَ حَالُهُ فِي رَمَضَانَ أَجْوَدَ أَحْوَالِهِ

(قَوْلُهُ: وَيَقْرَأَ غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرَ مَا قَرَأَهُ فَهُوَ أَوْلَى وَسَوَّى بَيْنَهُمَا حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ اهـ.

لَكِنْ رَجَّحَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ الْإِدَارَةَ وَهِيَ أَنْ يَقْرَأَ بَعْضُ الْجَمَاعَةِ قِطْعَةً ثُمَّ الْبَعْضُ قِطْعَةً بَعْدَهَا لِمَا فِي التِّبْيَانِ أَنَّ الْإِدَارَةَ سُنَّةٌ (قَوْلُهُ: فَيُدَارِسُهُ) لَعَلَّ سَمَاعَ جِبْرِيلَ عليه السلام لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقِرَاءَتَهُ هُوَ لَمْ يَكُونَا لِكَوْنِهِ حَافِظًا عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ؛ لِأَنَّ حِفْظَهُ كَذَلِكَ مِنْ خَوَاصِّ الْبَشَرِ بَلْ لِكَوْنِهِ كُشِفَ لَهُ عَنْ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ، أَوْ أُلْهِمَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ اهـ.

ق ل (قَوْلُهُ: أَيْ وَلَا سِيَّمَا إلَخْ) كَلِمَةٌ تُفِيدُ أَنَّ مَا بَعْدَهَا أَوْلَى بِالْحُكْمِ مِمَّا قَبْلَهَا إلَّا أَدَاةُ اسْتِثْنَاءٍ وَهِيَ تُشَدَّدُ وَتُخَفَّفُ وَمَعْنَاهُ الْمِثْلُ وَمَا مَوْصُولَةٌ، أَوْ زَائِدَةٌ وَيَجُوزُ رَفْعُ مَا بَعْدَهَا خَبَرُ الْمَحْذُوفِ وَنَصْبُهُ بِمَحْذُوفٍ وَجَرُّهُ بِالْإِضَافَةِ وَهُوَ أَرْجَحُ اهـ.

ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ م ر عَلَى قَوْلِ الْمِنْهَاجِ لَا سِيَّمَا فِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ قَالَ الرَّشِيدِيُّ عَلَى م ر وَاعْلَمْ أَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَا فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ أَمَّا فِيهَا فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ كَوْنُ مَا مَوْصُولَةً، وَالْجَارِّ، وَالْمَجْرُورِ صِلَتَهَا فَلَا مَحَلَّ لَهُ مِنْ الْإِعْرَابِ، وَالتَّقْدِيرِ لَا مِثْلُ الِاعْتِكَافِ الَّذِي فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ فِي الْفَضِيلَةِ مَوْجُودٌ اهـ.

وَعِبَارَةُ الشَّرْحِ هُنَا كَعِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ فَفِيهَا مَا فِيهَا اهـ.

وَلَا يُنَافِي مَا ذُكِرَ، مَا نُقِلَ أَنَّ مُدَارَسَةَ النَّبِيِّ وَجِبْرِيلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ - كَانَتْ بِقِرَاءَةِ كُلِّ مَا قَرَأَهُ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ لِحَاجَةٍ وَهُوَ عِلْمُ مَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْأَمْرُ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا اسْتَعْمَلَهُ إلَخْ) قَالَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ إنَّ حَذْفَ لَا لَحْنٌ اهـ.

وَأَظُنُّ فِيهِ شَيْئًا رَاجِعْ حَوَاشِي الْمُغْنِي

(قَوْلُهُ: وَفِيهَا يُفْرَقُ إلَخْ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} [الدخان: 3] إلَى قَوْلِهِ: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: 4] مَعَ قَوْله تَعَالَى {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: 1] إلَّا أَنْ يَخْتَلِفَ الْإِنْزَالُ كَمَا قِيلَ (قَوْلُهُ: بِانْتِقَالِهَا) أَيْ فِي جَمِيعِ لَيَالِي الْعَشْرِ وَعَلَيْهِ فَقِيلَ تَنْتَقِلُ كُلَّ سَنَةٍ إلَى لَيْلَةٍ مِنْ لَيَالِي الْعَشْرِ وَقِيلَ لَا بِقَيْدِ كُلِّ سَنَةٍ لِجَوَازِ تَوَالِي عَامَيْنِ فَأَكْثَرَ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ فَقَدْ حَكَوْا فِيهَا نَحْوَ ثَلَاثِينَ قَوْلًا اهـ.

شَيْخُنَا ذ (قَوْلُهُ: وَحَثًّا إلَخْ)

ص: 223

بِلُزُومِهَا لَيْلَةً بِعَيْنِهَا فَقَالَ: فِي مَوْضِعٍ أَنَّهَا لَيْلَةُ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ وَفِي آخَرَ أَنَّهَا لَيْلَةُ الثَّالِثِ، وَالْعِشْرِينَ وَدَلِيلُ قَوْلِ الْأَوَّلِ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَالثَّانِي فِي مُسْلِمٍ وَجَمَعَ فِي الْمُخْتَصَرِ بَيْنَهُمَا فَقَالَ: وَيُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ فِي لَيْلَةِ إحْدَى وَعِشْرِينَ، أَوْ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَقِيلَ إنَّهَا لَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَقِيلَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَقِيلَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ، أَوْ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَقِيلَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَقِيلَ آخِرَ لَيْلَةٍ مِنْ الشَّهْرِ.

وَقِيلَ إنَّهَا فِي غَيْرِ الْعَشْرِ الْأَخِيرِ فَقِيلَ أَنَّهَا فِي لَيْلَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ وَقِيلَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَقِيلَ لَيْلَةَ النِّصْفِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَهِيَ بَاقِيَةٌ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَأَمَّا قَوْلُهُ: صلى الله عليه وسلم فِي خَبَرِ الْبُخَارِيِّ «فَرُفِعَتْ وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ فَالْتَمِسُوهَا فِي السَّبْعِ، وَالتِّسْعِ» فَالْمُرَادُ رَفْعُ عِلْمِ عَيْنِهَا وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ رَفْعَ وُجُودِهَا لَمْ يَأْمُرْ بِالْتِمَاسِهَا وَعَلَامَتُهَا أَنَّهَا طَلْقَةٌ لَا حَارَّةٌ وَلَا بَارِدَةٌ وَتَطْلُعُ الشَّمْسُ صَبِيحَتَهَا بَيْضَاءَ لَيْسَ فِيهَا كَثِيرُ شُعَاعٍ وَفِي حِكْمَتِهِ قَوْلَانِ ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي عِيَاضٌ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا عَلَامَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ لَهَا. ثَانِيهمَا أَنَّ ذَلِكَ لِكَثْرَةِ اخْتِلَافِ الْمَلَائِكَةِ فِي لَيْلَتِهَا وَنُزُولِهَا إلَى الْأَرْضِ وَصُعُودِهَا بِمَا تَنْزِلُ بِهِ فَسَتَرَتْ بِأَجْنِحَتِهَا وَأَجْسَامِهَا اللَّطِيفَةِ ضَوْءَ الشَّمْسِ وَشُعَاعَهَا وَيَجْتَهِدُ فِي يَوْمِهَا كَلَيْلَتِهَا وَيُسَنُّ لِمَنْ رَآهَا كَتْمُهَا وَأَنْ يُكْثِرَ فِيهَا مِنْ قَوْلِهِ: «اللَّهُمَّ إنَّك عَفْوٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي»

(وَيَحْرُمُ الْوِصَالُ) فِي الصَّوْمِ نَفْلًا كَانَ، أَوْ فَرْضًا لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَهُوَ أَنْ يَصُومَ يَوْمَيْنِ فَأَكْثَرَ وَلَا يَتَنَاوَلُ بِاللَّيْلِ مَطْعُومًا عَمْدًا بِلَا عُذْرٍ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْجِمَاعَ وَنَحْوَهُ يَمْنَعُ الْوِصَالَ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَ الْوِصَالِ لِلضَّعْفِ، وَتَرْكَ الْجِمَاعِ وَنَحْوِهِ لَا يُضْعِفُ بَلْ يُقَوِّي لَكِنْ قَالَ فِي الْبَحْرِ هُوَ أَنْ يَسْتَدِيمَ جَمِيعَ أَوْصَافِ الصَّائِمِينَ وَذَكَرَ الْجُرْجَانِيُّ وَابْنُ الصَّلَاحِ نَحْوَهُ قَالَ: وَتَعْبِيرُ الرَّافِعِيِّ بِأَنْ يَصُومَ يَوْمَيْنِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَأْمُورَ بِالْإِمْسَاكِ كَتَارِكِ النِّيَّةِ لَا يَكُونُ امْتِنَاعُهُ لَيْلًا مِنْ تَعَاطِي الْمُفْطِرِ وِصَالًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ صَوْمَيْنِ إلَّا أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ

(وَلْيُبِحْ الْفِطْرَ) مِنْ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ (هَلَاكٌ حَذَرًا) أَيْ حَذَرَ الْهَلَاكِ مِنْهُ أَيْ خَوْفَهُ عَلَى نَفْسٍ، أَوْ عُضْوٍ، أَوْ مَنْفَعَةٍ مِنْهُ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ كَأَنْ رَأَى غَرِيقًا لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إنْقَاذِهِ إلَّا بِفِطْرِهِ وَلَا يُنَافِي التَّعْبِيرَ بِالْإِبَاحَةِ مَا صَرَّحَ بِهِ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ وُجُوبِ الْفِطْرِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا تُجَامِعُهُ

(وَ) يُبِيحُهُ (مَرَضٌ) يُبِيحُ التَّيَمُّمَ كَمَا ذَكَرَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ: (كَمَا مَضَى) فِي بَابِ التَّيَمُّمِ قَالَ تَعَالَى {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ} [البقرة: 185] أَيْ فَأَفْطَرَ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ، ثُمَّ إنْ أَطْبَقَ الْمَرَضُ، أَوْ تَقَطَّعَ وَكَانَ يُوجَدُ وَقْتَ الشُّرُوعِ جَازَ تَرْكُ النِّيَّةِ وَإِلَّا فَلَا (وَإِنْ طَرَأَ) أَيْ الْمَرَضُ وَلَوْ بِتَعَدٍّ بَعْدَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: أَيْ حَذَرَ الْهَلَاكِ مِنْهُ) أَيْ الصَّوْمِ إنْ ضُبِطَ حُذِرَ فِعْلًا مَاضِيًا مُبِينًا لِلْمَفْعُولِ أَشْكَلَ التَّرْكِيبُ كَمَا لَا يَخْفَى فَالْأَصْوَبُ ضَبْطُهُ مَصْدَرًا مُضَافًا لِلْهَلَاكِ وَجُعِلَ ضَمِيرُ مِنْهُ لِلصَّوْمِ وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا الضَّبْطِ بَلْ يُعَيِّنُهُ قَوْلُهُ: أَيْ خَوْفَهُ إلَخْ فَتَأَمَّلْهُ سم (قَوْلُهُ: كَأَنْ رَأَى غَرِيقًا) قَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنْ يَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ وَرَدَّهُ السُّبْكِيُّ بِأَنَّهُ: يُؤَدِّي إلَى التَّوَاكُلِ بِرّ

(قَوْلُهُ: وَمَرَضٌ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ مَرَضٌ يُخْشَى مِنْ الصَّوْمِ مَعَهُ مَا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ (قَوْلُهُ: كَمَا مَضَى) نَعْتُ مَرَضٌ (قَوْلُهُ: وَكَأَنْ يُوجَدَ إلَخْ) أَيْ عُلِمَ مِنْ عَادَتِهِ ذَلِكَ بِرّ (قَوْلُهُ: وَقْتَ الشُّرُوعِ) ظَاهِرُهُ اعْتِبَارُ قُبَيْلَ الْفَجْرِ دُونَ مَا قَبْلَ ذَلِكَ وَقَدْ يُوجَدُ بِعَدَمِ وُجُوبِ تَقْدِيمِ النِّيَّةِ عَلَيْهِ فَلْيُرَاجَعْ وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَعَلَيْهِ أَنْ يَنْوِيَ إنْ خَفَّ مَرَضُهُ قُبَيْلَ الْفَجْرِ

ــ

[حاشية الشربيني]

فِي كَوْنِهِ مُرَجِّحًا؛ لِذَلِكَ نَظَرٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ مُوَافَقَةً لِغَرَضِ الشَّارِعِ مِنْ الْحَثِّ فَإِنَّ مُقْتَضَاهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَقَالَ فِي مَوْضِعٍ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ أَرْجَى اللَّيَالِي عِنْدَهُ لَيْلَةُ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ، أَوْ الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ أَيْ أَرْجَى لَيَالِي الْأَوْتَارِ ذَلِكَ كَمَا نَقَلَهُ شَيْخُنَا ذ فَلَيْسَا قَوْلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ) فَقَدْ حَكَوْا فِيهَا نَحْوَ ثَلَاثِينَ قَوْلًا اهـ.

شَيْخُنَا ذ (قَوْلُهُ: إنَّهَا عَلَامَةٌ إلَخْ) وَفَائِدَةُ تِلْكَ الْعَلَامَةِ أَعْنِي طُلُوعَ الشَّمْسِ إلَخْ بَعْدَ فَوَاتِ اللَّيْلَةِ الِاجْتِهَادُ فِي يَوْمِهَا فَإِنَّهُ مَطْلُوبٌ كَمَا فِي لَيْلَتِهَا وَكَذَا اسْتِفَادَةُ مَعْرِفَتِهَا فِي بَاقِي الْأَعْوَامِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَا تَنْتَقِلُ اهـ.

شَيْخُنَا ذ (قَوْلُهُ: وَسُنَّ لِمَنْ رَآهَا كَتْمُهَا) أَيْ؛ لِأَنَّهَا كَرَامَةٌ، وَالْكَرَامَاتُ كُلُّهَا يَنْبَغِي كَتْمُهَا إلَّا لِغَرَضٍ صَحِيحٍ اهـ.

نَاشِرِيٌّ عَنْ السُّبْكِيّ

(قَوْلُهُ: وَلَا يَتَنَاوَلُ إلَخْ) أَيْ مَعَ قَصْدِ الْقُرْبَةِ بِهِ فَإِنَّهُ تَرَكَ الْمُفْطِرَ لَيْلًا لَا عَلَى قَصْدِ الْوِصَالِ، وَالتَّقَرُّبِ بِهِ لَمْ يَضُرَّ قَالَهُ فِي الْحِلْيَةِ وَمِثْلُهُ الْبَغَوِيّ وَخَالَفَ الْإِمَامُ فَقَالَ: يَحْرُمُ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ أَيْ لِلضَّعْفِ عَنْ الْعِبَادَاتِ أَيْ شَأْنُهُ فَلَا يُنَافِي أَنَّ تَعَاطِي نَحْوِ سِمْسِمَةٍ يَمْنَعُهُ مَعَ حُصُولِ الضَّعْفِ أَوْ يَكُونُ تَحْرِيمُهُ تَعَبُّدِيًّا اهـ.

شَرْحُ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ وَجَزَمَ فِي التُّحْفَةِ بِمَقَالَةِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إلَخْ) قَالَ فِي التُّحْفَةِ كَلَامُهُمْ كَالصَّرِيحِ فِيهِ (قَوْلُهُ: لِلضَّعْفِ) أَيْ عَنْ أَدَاءِ الْعِبَادَاتِ (قَوْلُهُ: لَا يَكُونُ امْتِنَاعُهُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ حَجَرٌ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَقَالَ فِي التُّحْفَةِ: إنَّ الْمُحَرَّمَ الْإِمْسَاكُ بَيْنَ صَوْمَيْنِ

(قَوْلُهُ: وَيُبِيحُهُ مَرَضٌ إلَخْ) أَيْ يَجِبُ أَخْذًا مِنْ تَفْسِيرِ الْمَرَضِ بِمَا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ وَمَا لَا يُبِيحُهُ يَجُوزُ فِيهِ الْفِطْرُ حَيْثُ شَقَّ التَّصَرُّفُ مَعَ الصَّوْمِ مَشَقَّةً لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً وَنُقِلَ عَنْ م ر أَنَّ مَا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ مُجَوِّزٌ لَا مُوجِبٌ وَمَا لَا يُبِيحُهُ لَا يَجُوزُ مَعَهُ الْفِطْرُ وَإِنَّهُ لَا يَجِبُ إلَّا عِنْدَ خَوْفِ الْهَلَاكِ وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا ز ي، وَالْوَجْهُ مَا قَالَهُ شَيْخُنَا اهـ.

ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَوَافَقَ حَجَرٌ ز ي، ثُمَّ إنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي كَوْنِ الْمَرَضِ مُبِيحًا لِلْفِطْرِ قَوْلُ طَبِيبٍ عَدْلٍ مُسْلِمٍ كَمَا مَرَّ فِي التَّيَمُّمِ اهـ.

شَيْخُنَا ذ (قَوْلُهُ: وَكَأَنْ يُوجَدُ وَقْتَ الشُّرُوعِ)

ص: 224

الِانْعِقَادِ فَإِنَّهُ يُبِيحُ الْفِطْرَ لِوُجُودِ الْمُحْوِجِ لَهُ بِلَا اخْتِيَارٍ وَقَدْ يَرِدُ عَلَى الْعِلَّةِ صُورَةُ التَّعَدِّي وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إذَا خَافَ حُدُوثَ الْمَرَضِ بِالصَّوْمِ يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ

(وَ) يُبِيحُهُ (سَفَرُ الْقَصْرِ) لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ بِخِلَافِ السَّفَرِ الْقَصِيرِ وَسَفَرِ الْمَعْصِيَةِ (وَإِنْ نَوَى) أَيْ الْمُسَافِرُ الصَّوْمَ لَيْلًا فَإِنَّهُ يُبِيحُ الْفِطْرَ لِدَوَامِ الْعُذْرِ وَلَا يُكْرَهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَقَدْ «أَفْطَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ الْعَصْرِ بِكُرَاعِ الْغَمِيمِ بِقَدَحِ مَاءٍ لَمَّا قِيلَ لَهُ إنَّ النَّاسَ يَشُقُّ عَلَيْهِمْ الصِّيَامُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلَهُ تَتِمَّةٌ سَتَأْتِي (لَا إنْ بَعْدَ صُبْحِهِ طَرَا) أَيْ السَّفَرُ فَإِنَّهُ لَا يُبِيحُ الْفِطْرَ تَغْلِيبًا لِلْحَضَرِ (أَوْ زَالَا) أَيْ وَلَا إنْ زَالَ الْمَرَضُ، وَالسَّفَرُ بَعْدَ الصُّبْحِ، وَهُوَ صَائِمٌ فَلَا يُبِيحَانِ الْفِطْرَ لِانْتِفَاءِ الْمُبِيحِ.

وَيُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ الْفِطْرِ نِيَّةُ التَّرَخُّصِ كَمَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ (وَصَوْمُهُ) أَيْ الْمُسَافِرِ (أَوْلَى) مِنْ فِطْرِهِ (بِلَا تَضَرُّرٍ) يُبِيحُ التَّيَمُّمَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 184] وَلِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ وَفَضِيلَةِ الْوَقْتِ نَعَمْ إنْ شَكَّ فِي جَوَازِ الْفِطْرِ، أَوْ كَرِهَ الْأَخْذَ بِهِ، أَوْ كَانَ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ فَالْفِطْرُ أَوْلَى كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ أَمَّا إذَا تَضَرَّرَ بِالصَّوْمِ فَالْفِطْرُ أَوْلَى وَعَلَيْهِ حُمِلَ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «مَرَّ بِرَجُلٍ فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ يُرَشُّ عَلَيْهِ الْمَاءُ فَقَالَ: مَا هَذَا قَالُوا: صَائِمٌ فَقَالَ: لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ» وَلَا يَحْرُمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ: «بَعْدَ أَنْ أَفْطَرَ فِي كُرَاعِ الْغَمِيمِ وَقَدْ بَلَغَهُ أَنَّ نَاسًا صَامُوا أُولَئِكَ الْعُصَاةُ» فَلِمُخَالَفَةِ أَمْرِهِ لَهُمْ بِالْفِطْرِ لِيَتَقَوَّوْا لِعَدُوِّهِمْ

، ثُمَّ أَخَذَ النَّاظِمُ فِي بَيَانِ مَا يُوجِبُهُ الْإِفْطَارُ، وَهُوَ الْقَضَاءُ، وَالْإِمْسَاكُ، وَالْكَفَّارَةُ، وَالْفِدْيَةُ فَقَالَ:(وَيَجِبُ الْقَضَاءُ) لِلْفَائِتِ مِنْ رَمَضَانَ وَلَوْ بِعُذْرٍ لِلْآيَةِ (لَا) لِلْفَائِتِ (بِالصِّغَرِ، أَوْ بِجُنُونٍ مِنْ سِوَى الْمُرْتَدِّ) وَإِنْ لَمْ يُطْبِقْ كَمَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا الْأَدَاءُ وَلِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُمَا أَمَّا الْفَائِتُ بِجُنُونِ الْمُرْتَدِّ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَسَفَرُ الْقَصْرِ) جَزَمَ فِي الرَّوْضِ فِي بَابِ صَوْمِ التَّطَوُّعِ بِمَنْعِ فِطْرِ الْمُسَافِرِ فِي قَضَاءٍ لَزِمَهُ فَوْرًا لَكِنَّ الَّذِي فِي الْأَنْوَارِ خِلَافُهُ م ر (قَوْلُهُ: نِيَّةُ التَّرَخُّصِ) كَالْمُحْصَرِ يُرِيدُ التَّحَلُّلَ (قَوْلُهُ: وَلَا يَحْرُمُ) أَيْ الصَّوْمُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَحْرُمُ إذَا أَدَّى الضَّرَرُ إلَى تَلَفِ نَفْسٍ، أَوْ عُضْوٍ، أَوْ مَنْفَعَةٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ

(قَوْلُهُ: فَيَجِبُ قَضَاؤُهُ) وَكَذَا بِجُنُونِ غَيْرِهِ

ــ

[حاشية الشربيني]

أَيْ وَإِذَا صَامَ زَادَ ذَلِكَ الْمَرَضُ، أَوْ حَصَلَ مَعَهُ مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لِوُجُودِ الْمُحْوِجِ لَهُ بِلَا اخْتِيَارٍ) أَيْ فِي الْمَرَضِ وَإِنْ كَانَ مَوْجُودًا فِي سَبَبِهِ وَعِبَارَةُ م ر وَإِنْ تَسَبَّبَ فِي ذَلِكَ لِانْتِهَاءِ الْمَعْصِيَةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْمُتَعَدِّي بِالْجُنُونِ حَيْثُ يَجِبُ الْقَضَاءُ هُنَاكَ بِأَنَّهُ لَوْ قِيلَ بِمَا قِيلَ بِهِ هُنَا لَفَاتَ أَصْلُ الصَّوْمِ كَغَيْرِ الْمُتَعَدِّي بِالْجُنُونِ، وَالْفَائِتُ هُنَا الْأَدَاءُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَرِدُ عَلَى الْعِلَّةِ صُورَةُ التَّعَدِّي) يُرَدُّ بِأَنَّ شَأْنَ الْمَرَضِ أَنْ لَا يَكُونَ بِالِاخْتِيَارِ اهـ.

م ر (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ إلَخْ) هَلْ يُقَيَّدُ هُنَا أَيْضًا بِمَا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ عَلَى طَرِيقَةِ م ر وَيُعَمَّمُ عَلَى طَرِيقَةِ غَيْرِهِ الظَّاهِرُ ذَلِكَ

(قَوْلُهُ: وَيُبِيحُهُ سَفَرٌ) وَلَا بُدَّ مِنْ مُفَارَقَةِ الْعُمْرَانِ قَبْلَ الْفَجْرِ كَيْ يُبَاحَ لَهُ الْفِطْرُ اهـ.

عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ: وَيُبِيحُهُ سَفَرُ الْقَصْرِ) قَالَ شَيْخُنَا ز ي وَالرَّمْلِيُّ وَإِنْ دَامَ السَّفَرُ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ الْمَوْتُ قَبْلَ الْقَضَاءِ وَسَوَاءٌ رَمَضَانُ، وَالْكَفَّارَةُ، وَالْمَنْذُورُ وَلَوْ مُعَيَّنًا فِي نَذْرِ صَوْمٍ وَلَوْ لِلدَّهْرِ، وَالْقَضَاءِ وَلَوْ لِلْمُتَعَدِّي بِفِطْرِهِ، أَوْ ضَاقَ وَقْتُهُ وَإِنْ خَالَفَ السُّبْكِيُّ فِي مُدِيمِ السَّفَرِ وَفِي النَّذْرِ الْمُعَيَّنِ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ مُوَافَقَتُهُ لَكِنَّ الْمَنْقُولَ عَنْهُ مَا مَرَّ وَخَالَفَ حَجَرٌ فِي الْمُضَيِّقِ، وَالْمُتَعَدِّي بِفِطْرِهِ وَالطَّبَلَاوِيُّ فِي نَذْرِ صَوْمِ الدَّهْرِ، وَالْعُبَابُ فِيمَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ الْمَوْتُ نَعَمْ اعْتَمَدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَنَّ الْوَاجِبَ بِأَمْرِ الْإِمَامِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ لَا يَجُوزُ فِطْرُهُ بِالسَّفَرِ اهـ.

ق ل لَكِنْ فِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ أَنَّهُ حَيْثُ سُنَّ الصَّوْمُ أَوْ الْفِطْرُ، أَوْ الْإِتْمَامُ فَنَذَرَهُ انْعَقَدَ نَذْرُهُ وَلَمْ يَجُزْ لَهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ إلَّا إنْ تَضَرَّرَ وَفَارَقَ جَوَازُ الْخُرُوجِ مِنْ الْوَاجِبِ أَصَالَةً بِأَنَّهُ ثَمَّ رُخْصَةٌ وَهُنَا قَدْ أَتَى بِمَا يُنَافِيهَا وَهُوَ الْتِزَامُ الْإِتْمَامِ الْمَنْدُوبِ لَهُ اهـ.

حَجَرٌ وَاعْتَمَدَهُ م ر وَحَمَلَ عَلَيْهِ الْكَلَامَيْنِ (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ إلَخْ) وَكَذَا يَنْبَغِي فِي حِلِّ تَرْكِ النِّيَّةِ قُبَيْلَ الْفَجْرِ لِنَحْوِ الْمَرِيضِ فَإِنْ تَرَكَهَا بِدُونِ قَصْدِ التَّرَخُّصِ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، ثُمَّ أَرَادَ الْفِطْرَ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِهِ التَّرَخُّصَ لِيَجُوزَ لَهُ تَرْكُ الْإِمْسَاكِ اهـ.

م ر سم عَلَى التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ إلَخْ) أَيْ فِي الْمَرَضِ، وَالسَّفَرِ اهـ.

ق ل وَغَيْرُهُ فَلَوْ لَمْ يَنْوِيَا أَثِمَا وَوَجَبَ الْإِمْسَاكُ وَنَظَرَ فِيهِ الْأُجْهُورِيُّ اهـ.

شَيْخُنَا ذ وَتَنْظِيرُ الْأُجْهُورِيِّ مُوَافِقٌ لِلْعُبَابِ حَيْثُ قَالَ وَلَا يَجِبُ عَلَى مَنْ أَفْطَرَ لِعُذْرٍ نِيَّةُ التَّرَخُّصِ وَفِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ نِيَّةُ التَّرَخُّصِ؛ لِأَنَّ لَهُ الْفِطْرَ وَهُوَ لَا يَفْتَقِرُ إلَى قَصْدٍ كَمَا يَصِيرُ مُفْطِرًا بِغُرُوبِ الشَّمْسِ اهـ.

وَفِي قَوْلِهِ كَمَا يَصِيرُ إلَخْ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْغُرُوبَ يَخْرُجُ بِهِ وَقْتُ الصَّوْمِ وَلَا كَذَلِكَ السَّفَرُ، وَالْمَرَضُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَحْرُمُ) أَيْ مَعَ ضَرَرٍ يُبِيحُ التَّيَمُّمَ وَبِهِ قَالَ م ر فَيَجُوزُ عِنْدَهُ الصَّوْمُ هُنَا وَلَا يَجِبُ الْفِطْرُ إلَّا عِنْدَ خَوْفِ الْهَلَاكِ وَقَالَ حَجَرٌ وَز ي بِالْوُجُوبِ هُنَا قَالَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ بَافَضْلٍ: يَلْزَمُ الْفِطْرُ مَنْ خَشِيَ مُبِيحَ تَيَمُّمٍ؛ لِأَنَّ الْإِضْرَارَ بِالنَّفْسِ حَرَامٌ

(قَوْلُهُ: بِجُنُونِ الْمُرْتَدِّ) بِأَنْ ارْتَدَّ ثُمَّ جُنَّ وَمِثْلُهُ الْفَائِتُ بِجُنُونِ السَّكْرَانِ بِأَنْ تَنَاوَلَ عَمْدًا

ص: 225

فَيَجِبُ قَضَاؤُهُ بِخِلَافِ الْفَائِتِ بِالْجُنُونِ الْمُتَّصِلِ بِالسُّكْرِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَيَجِبُ الْقَضَاءُ بِالْإِغْمَاءِ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ؛ لِأَنَّهُ نَوْعُ مَرَضٍ وَلِهَذَا جَوَّزَ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِخِلَافِ الْجُنُونِ وَيُخَالِفُ الصَّلَاةَ لِتَكَرُّرِهَا (وَالْكُفْرِ) أَيْ وَلَا بِالْكُفْرِ (أَصْلِيًّا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38] بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ كَمَا فِي الصَّلَاةِ (وَ) لَا يَجِبُ قَضَاءُ فَائِتٍ (يَوْمَ الْفَقْدِ لَهَا) أَيْ لَلصِّبَا، وَالْجُنُونِ، وَالْكُفْرِ الْأَصْلِيِّ لِعَدَمِ الْتِزَامِ أَرْبَابِهَا الصَّوْمَ وَيُخَالِفُ الصَّلَاةَ لِخَبَرِ «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً» ؛ وَلِأَنَّهُ يُمْكِنُ إتْمَامُهَا خَارِجَ الْوَقْتِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ (وَلَا) يَجِبُ (إمْسَاكُ) بَقِيَّةِ (يَوْمٍ زَالَتْ) هَذِهِ الثَّلَاثَةُ لِعَدَمِ إدْرَاكِ مَا يَسَعُ الصَّوْمَ وَلِعَدَمِ الْأَمْرِ بِهِ.

وَالْإِمْسَاكُ تَبَعٌ لِلصَّوْمِ؛ وَلِأَنَّهُمْ أَفْطَرُوا بِعُذْرٍ كَالْمُسَافِرِ، وَالْمَرِيضِ نَعَمْ إنْ بَلَغَ الصَّبِيُّ صَائِمًا لَزِمَهُ إتْمَامُهُ بِلَا قَضَاءٍ كَمَا عُلِمَ مِنْ بَابِ الصَّلَاةِ (وَسُنَّ فِي الْقَضَاءِ) لِفَائِتِ رَمَضَانَ (إنْ تَوَالَتْ) أَيَّامُهُ أَيْ مُوَالَاتُهَا تَعْجِيلًا لِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ وَلَمْ يَجِبْ لِإِطْلَاقٍ قَوْله تَعَالَى {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيّ لَكِنْ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ قَضَاءِ رَمَضَانَ فَقَالَ: إنْ شَاءَ فَرَّقَهُ وَإِنْ شَاءَ تَابَعَهُ» ، وَالتَّصْرِيحُ بِسُنِّيَّتِهَا زَادَهُ النَّاظِمُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَقَدْ تَجِبُ بِطَرِيقِ الْعَرْضِ وَذَلِكَ فِي صُورَتَيْنِ، ضِيقِ الْوَقْتِ وَتَعَمُّدِ التَّرْكِ وَرُدَّ بِمَنْعِ تَسْمِيَةِ هَذَا مُوَالَاةً إذْ لَوْ وَجَبَتْ لَزِمَ كَوْنُهَا شَرْطًا فِي الصِّحَّةِ كَصَوْمِ الْكَفَّارَةِ وَإِنَّمَا يُسَمَّى هَذَا وَاجِبًا مُضَيَّقًا وَلِصَاحِبِ الْمُهِمَّاتِ أَنْ يَمْنَعَ الْمُلَازَمَةَ وَيُسْنَدُ الْمَنْعُ بِأَنَّ الْمُوَالَاةَ قَدْ تَجِبُ وَلَا تَكُونُ شَرْطًا كَمَا فِي صَوْمِ رَمَضَانَ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ تَسْمِيَةِ ذَلِكَ مُوَالَاةً تَسْمِيَتُهُ وَاجِبًا مُضَيَّقًا

. (وَيَجِبُ الْإِمْسَاكُ) عَنْ الْفِطْرِ (فِي ذَا الشَّهْرِ) أَيْ شَهْرِ رَمَضَانَ (لِمَنْ حَقِيقَةُ حَرَامِ الْفِطْرِ) أَيْ لِمَنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْفِطْرُ حَقِيقَةً بِقَيْدٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ: (أَعْنِي مَعَ الْعِلْمِ بِحَالِ الْيَوْمِ) وَإِنْ أُبِيحَ ظَاهِرًا لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِحَالٍ (كَيَوْمِ شَكٍّ مَعَ ثُبُوتِ الصَّوْمِ) فِي أَثْنَائِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ إمْسَاكُهُ إبْقَاءً لِحُرْمَتِهِ وَتَشْبِيهًا بِالصَّائِمِينَ وَفِيهِ تَغْلِيظٌ وَإِنْ كَانَ الْمُمْسِكُ مُخْطِئًا لِانْتِسَابِهِ لِتَرْكِ التَّحَفُّظِ؛ وَلِذَلِكَ يُحْرَمُ الْقَاتِلُ خَطَأً مِنْ الْإِرْثِ وَلَيْسَ الْمُمْسِكُ فِي صَوْمٍ شَرْعِيٍّ وَإِنْ أُثِيبَ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَهُوَ مُرَادُ الرَّافِعِيِّ بِقَوْلِهِ: لَيْسَ فِي عِبَادَةٍ بِخِلَافِ الْمُحْرِمِ إذَا فَسَدَ إحْرَامُهُ وَيَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي أَنَّهُ لَوْ ارْتَكَبَ مَحْظُورًا لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ بِخِلَافِ الْمُمْسِكِ هُنَا لَيْسَ عَلَيْهِ

ــ

[حاشية العبادي]

إذَا تَعَدَّى بِهِ فِيمَا يَنْبَغِي كَمَا فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: الْمُتَّصِلِ بِالسُّكْرِ) أَيْ سَوَاءٌ تَعَدَّى بِالسُّكْرِ، أَوْ لَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، إذْ لَا قَضَاءَ عَلَى الْمَجْنُونِ أَمَّا الْفَائِتُ فِي زَمَنِ السُّكْرِ الَّذِي اتَّصَلَ بِهِ الْجُنُونُ الْمَذْكُورُ فَيَجِبُ قَضَاؤُهُ تَعَدَّى بِالسُّكْرِ، أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْ الْإِغْمَاءِ الَّذِي يَأْتِي آنِفًا وُجُوبُ الْقَضَاءِ بِهِ أَيْ سَوَاءٌ تَعَدَّى بِهِ، أَوْ لَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْجُنُونُ الْوَاقِعُ فِي زَمَنِ السُّكْرِ فَيَقْضِي مَا فَاتَ فِيهِ إنْ تَعَدَّى بِسُكْرِهِ وَلِهَذَا قَالَ: فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ كَغَيْرِهِ أَمَّا مَا فَاتَ بِهِ أَيْ بِالْجُنُونِ فِي زَمَنِ الرِّدَّةِ، أَوْ السُّكْرِ فَيَقْضِيهِ اهـ.

وَمُرَادُهُ السُّكْرُ الَّذِي تَعَدَّى بِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلِهَذَا عَلَّلَ غَيْرُهُ الْقَضَاءَ بِأَنَّ: سُقُوطَ الْقَضَاءِ بِعُذْرِ الْجُنُونِ تَخْفِيفٌ فَلَا يُنَاسِبُ حَالَ الْمُتَعَدِّي بِالسُّكْرِ اهـ.

أَمَّا إذَا لَمْ يَتَعَدَّ بِسُكْرِهِ فَلَا يَقْضِي زَمَنَ الْجُنُونِ الْوَاقِعِ فِيهِ لِسُقُوطِ الْقَضَاءِ عَنْ الْمَجْنُونِ وَلَا تَعَدِّي، وَعُرُوضُ الْجُنُونِ عَلَى السُّكْرِ الْمَعْذُورِ فِيهِ لَا يَزِيدُ عَلَى عُرُوضِهِ عَلَى الصَّحْوِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْمُتَعَدِّي قَوْلُ الرَّوْضِ مُبَالَغَةً عَلَى مَا قَبْلَهُ وَلَوْ جُنَّ فِي سُكْرِهِ قَالَ: فِي شَرْحِهِ فَإِنَّهُ يَقْضِي مَا فَاتَ هَذَا إنْ أَرَادَ ظَاهِرَ الْعِبَارَةِ مِنْ بَيَانِ حُكْمِ السُّكْرِ الَّذِي تَخَلَّلَهُ جُنُونٌ اهـ.

وَقَوْلُ الْإِرْشَادِ وَلَا لِجُنُونٍ إلَّا زَمَنَ رِدَّةٍ وَسُكْرٍ اهـ.

وَيَدُلُّ عَلَيْهِ تَقْرِيرُ شُرَّاحِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَا إمْسَاكُ يَوْمٍ زَالَتْ) أَيْ وَلَكِنْ يُسَنُّ كَالْقَضَاءِ قَالَ: فِي شَرْحِ الرَّوْضِ لَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ مُفْطِرًا، أَوْ أَفَاقَ مَجْنُونٌ أَوْ أَسْلَمَ كَافِرٌ لَمْ يَلْزَمْ الْإِمْسَاكُ وَلَا الْقَضَاءُ بَلْ يُسْتَحَبَّانِ اهـ.

وَفِيهِ تَصْرِيحٌ بِاسْتِحْبَابِ إمْسَاكِ وَقَضَاءِ يَوْمِ الْإِسْلَامِ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ مِنْ عَدَمِ اسْتِحْبَابِ قَضَاءِ الْكَافِرِ تَرْغِيبًا فِي الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهُ فِي قَضَاءِ مَا فَاتَ فِي الْكُفْرِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ إتْمَامُهُ) أَيْ فَإِنْ أَفْطَرَ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ الرَّوْضِ وَلَوْ بَلَغَ صَائِمًا لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ، وَالْكَفَّارَةُ لَوْ جَامَعَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَسُنَّ فِي الْقَضَاءِ إنْ تَوَالَتْ) أَيْ وَإِنْ كَانَ سَبَبُ الْقَضَاءِ نِسْيَانَ النِّيَّةِ اتِّفَاقًا كَمَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَإِنْ كَانَ النَّاسِي مَنْسُوبًا بِالتَّقْصِيرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَانَ أَنَّ يَوْمَ الشَّكِّ مِنْ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْفَوْرُ فِي قَضَائِهِ (قَوْلُهُ: وَتَعَمُّدِ التَّرْكِ) قَالَ: فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ غَيْرُهُ: وَالنَّذْرِ

(قَوْلُهُ: حَرَامٌ) يُمْكِنُ رَفْعُهُ بِالِابْتِدَاءِ وَتَقْدِيرُ خَبَرِهِ أَيْ صَادِرٌ مِنْهُ، وَالْمَعْنَى لِمَنْ الْفِطْرُ الْحَرَامُ صَادِرٌ مِنْهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

مُسْكِرًا يَسْتَغْرِقُ إسْكَارُ مِثْلِهِ النَّهَارَ ثُمَّ يُجَنُّ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْقَضَاءُ بَلْ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ مَا انْتَهَى إلَيْهِ السُّكْرُ مَعَ زَمَنِ الْجُنُونِ الْمَذْكُورِ دُونَ مَا زَادَ عَلَيْهِ اهـ.

زِيَادِيٌّ بِزِيَادَةٍ اهـ.

شَيْخُنَا ذ (قَوْلُهُ: الْمُتَّصِلِ بِالسُّكْرِ) أَيْ الْوَاقِعِ بَعْدَهُ اهـ.

ق ل (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الصَّوْمِ) فَمَا هُنَا شَبِيهٌ بِمَنْ أَدْرَكَ زَمَنًا لَا يَسَعُ الصَّلَاةَ أَوَّلَ وَقْتِهَا، ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ الْمَانِعُ اهـ.

حَجَرٌ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْمُوَالَاةَ قَدْ تَجِبُ إلَخْ) قَدْ يُمْنَعُ كَوْنُ وُجُوبِ تَتَابُعِ الصَّوْمِ فِيهِ مِنْ حَيْثُ وُجُوبُ الْمُوَالَاةِ

(قَوْلُهُ: كَيَوْمِ شَكٍّ) الْمُرَادُ بِهِ يَوْمُ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَكٌّ (قَوْلُهُ: لِتَرْكِ التَّحَفُّظِ) أَيْ فِي إدْرَاكِ الْهَلَاكِ مَعَ أَنَّ لَهُ حِيلَةً فِي دَفْعِهِ غَالِبًا وَلِذَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ فَوْرًا بِخِلَافِ النَّاسِي لِلنِّيَّةِ لَيْلًا

ص: 226

فِي ذَلِكَ إلَّا الْإِثْمُ وَخَرَجَ بِذَا الشَّهْرِ مَا صَرَّحَ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ: (فَمَا) أَيْ فَلَيْسَ (عَلَى مَنْ اعْتَدَى بِالْفِطْرِ إمْسَاكُهُ فِيمَا قَضَى) أَيْ فِي قَضَاءٍ (أَوْ نَذْرٍ) كَمَا لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ بِفِطْرِهِمَا وَبِقَوْلِهِ: لِمَنْ حَقِيقَةُ إلَى آخِرِهِ مَا صَرَّحَ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْضًا بِقَوْلِهِ: (وَلَا) إمْسَاكَ (عَلَى الْمَرِيضِ، وَالْمُرْتَحِلِ) أَيْ الْمُسَافِرِ (إنْ أَفْطَرَا فَزَالَ) عُذْرُهُمَا (، أَوْ لَمْ يَزُلْ، أَوْ) عَلَى (حَائِضٍ أَوْ نُفَسَاءَ مُفْطِرٍ بِالْحَيْضِ، وَالنِّفَاسِ) لِإِبَاحَةِ الْفِطْرِ لَهُمْ مَعَ الْعِلْمِ بِحَالِ الْيَوْمِ وَزَوَالِ الْعُذْرِ بَعْدَ التَّرَخُّصِ لَا يُؤَثِّرُ كَمَا لَوْ أَقَامَ فِي الْوَقْتِ بَعْدَ الْقَصْرِ وَبِقَوْلِهِ: مَعَ ثُبُوتِ الصَّوْمِ الْمُصَرَّحِ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ مَا إذَا لَمْ يَثْبُتْ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يَحْرُمُ صَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ.

وَقَوْلُهُ: فِيمَا قَضَى، أَوْ نَذَرَ تَنَازُعُهُ اعْتَدَى وَإِمْسَاكُهُ

(وَلْيُكَفِّرْ عَلَى) وَجْهِ (الْوُجُوبِ مُفْسِدٌ صَوْمًا مَا) لَهُ وَلَوْ مُنْفَرِدًا بِالرُّؤْيَةِ (مِنْ رَمَضَانَ بِجِمَاعٍ) وَلَوْ بِلِوَاطٍ وَإِتْيَانِ بَهِيمَةٍ وَبِلَا إنْزَالٍ (تَمَّا) أَيْ تَامٌّ (أَثَّمَهُ) بِتَشْدِيدِ الْمُثَلَّثَةِ أَيْ جَعَلَهُ آثِمًا (لِلصَّوْمِ) أَيْ لِأَجْلِهِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: هَلَكْت فَقَالَ: وَمَا أَهْلَكَك قَالَ: وَاقَعْت امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ قَالَ: هَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ رَقَبَةً قَالَ: لَا قَالَ: فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَ: لَا قَالَ: فَهَلْ تَجِدُ مَا تُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا قَالَ: لَا، ثُمَّ جَلَسَ فَأُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ، وَالْعَرْقُ بِالْفَتْحِ مِكْتَلٌ يُنْسَجُ مِنْ خُوصِ النَّخْلِ فَقَالَ: تَصَدَّقْ بِهَذَا فَقَالَ: عَلَى أَفْقَرَ مِنَّا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَوَاَللَّهِ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ إلَيْهِ مِنَّا فَضَحِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ، ثُمَّ قَالَ: اذْهَبْ فَأَطْمِعْهُ أَهْلَك» . وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ «فَأَعْتِقْ رَقَبَةً فَصُمْ شَهْرَيْنِ فَأَطْعِمْ سِتِّينَ» بِالْأَمْرِ وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد «فَأَتَى بِعَرْقِ تَمْرٍ قَدْرَ خَمْسَةَ عَشْرَ صَاعًا» قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَهِيَ أَصَحُّ مِنْ رِوَايَةٍ فِيهِ عِشْرُونَ صَاعًا

، وَالْكَلَامُ عَلَى صِفَةِ الْكَفَّارَةِ مُسْتَوْفًى فِي بَابِ الظِّهَارِ وَخَرَجَ بِالْمُفْسِدِ غَيْرُهُ كَالْمُجَامِعِ نَاسِيًا، أَوْ مُكْرَهًا، أَوْ جَاهِلًا وَبِالصَّوْمِ غَيْرُهُ مِنْ سَائِرِ الْعِبَادَاتِ وَبِرَمَضَانَ غَيْرُهُ كَقَضَاءٍ وَنَذْرٍ وَتَطَوُّعٍ لِوُرُودِ النَّصِّ فِي رَمَضَانَ، وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِفَضَائِلَ لَا يُشْرِكُهُ فِيهَا غَيْرُهُ وَبِالْجِمَاعِ غَيْرُهُ كَاسْتِمْنَاءٍ وَأَكْلٍ لِوُرُودِ النَّصِّ فِي الْجِمَاعِ وَهُوَ أَغْلَظُ مِنْ غَيْرِهِ وَبِالتَّامِّ جِمَاعُ الْمَرْأَةِ لِفَسَادِ صَوْمِهَا قَبْلَ تَمَامِ الْجِمَاعِ بِوُصُولِ أَوَّلِ جَزْءٍ مِنْ الذَّكَرِ بَاطِنَهَا وَتَبِعَ كَأَصْلِهِ فِي ذِكْرِ هَذَا الْقَيْدِ الْمُوهِمِ خِلَافَ الْمُرَادِ، وَالْمُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ:(لَا الْأُنْثَى) الْغَزَالِيُّ وَزَيَّفُوهُ بِخُرُوجِ هَذِهِ الصُّورَةِ بِالْجِمَاعِ إذْ الْفَسَادُ فِيهَا بِغَيْرِهِ وَبِأَنَّهُ يُتَصَوَّرُ فَسَادُ صَوْمِهَا بِالْجِمَاعِ بِأَنْ يُولِجَ فِيهَا نَائِمَةً، أَوْ نَاسِيَةً، أَوْ مُكْرَهَةً، ثُمَّ تَسْتَيْقِظُ، أَوْ تَتَذَكَّرُ أَوْ تَقْدِرُ عَلَى الدَّفْعِ وَتَسْتَدِيمُ فَفَسَادُهُ فِيهَا بِالْجِمَاعِ؛ لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ الْجِمَاعِ جِمَاعٌ مَعَ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ: لَا الْأُنْثَى إذْ لَمْ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ، وَالْمُرْتَحِلِ) قَالَ: فِي الرَّوْضِ وَيُسْتَحَبُّ لَهُمَا إخْفَاؤُهُ أَيْ الْإِفْطَارِ قَالَ: فِي شَرْحِهِ لِئَلَّا يَتَعَرَّضَا لِلتُّهْمَةِ، وَالْعُقُوبَةِ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ اشْتَهَرَ عُذْرُهُمَا لَمْ يُسْتَحَبَّ الْإِخْفَاءُ (قَوْلُهُ: وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ، وَالْمُرْتَحِلِ) أَيْ وَلَكِنْ يُنْدَبُ لَهُمَا الْإِمْسَاكُ وَكَذَا الصَّبِيُّ إذَا بَلَغَ بَعْدَ فِطْرِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَائِضَ، وَالنُّفَسَاءَ كَذَلِكَ بِرّ (قَوْلُهُ: لِإِبَاحَةِ الْفِطْرِ لَهُمْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ مَنْ أَفْطَرَ لِعَطَشٍ، أَوْ جُوعٍ خَشِيَ مِنْهُ مُبِيحَ تَيَمُّمٍ لَا يَلْزَمُهُ الْإِمْسَاكُ فَمَا نَقَلَهُ بَعْضُهُمْ وَصَوَّبَهُ عَنْ بَعْضِ شُرُوحِ الْحَاوِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْإِمْسَاكُ فِيهِ نَظَرٌ

(قَوْلُهُ: بِجِمَاعٍ) قَدْ يَخْرُجُ مَا لَوْ قَارَنَ الْجِمَاعَ مُفْطِرٌ آخَرُ كَأَكْلٍ فَلَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ وَهُوَ مُتَّجَهٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ وَلَمْ يَتَمَحَّضْ الْجِمَاعُ لِهَتْكِ الْحُرْمَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ رَمَضَانَ يَقِينًا) فَلَا كَفَّارَةَ عَلَى مَنْ صَامَ بِالِاجْتِهَادِ، ثُمَّ جَامَعَ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ قَبْلَ الْجِمَاعِ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ (قَوْلُهُ: كَالْمُجَامِعِ نَاسِيًا) وَكَمُجَامِعٍ نَسِيَ النِّيَّةَ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ حَاكِيًا الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: الْمُوهِمِ إلَخْ) يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يُوهِمُ الْوُجُوبَ عَلَى الْأُنْثَى إذَا وُجِدَ الْجِمَاعُ الْمُتَأَخِّرُ وَيُتَصَوَّرُ بِمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مَعَ أَنَّهُ لَا وُجُوبَ عَلَيْهَا مُطْلَقًا وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يُوهِمُ اعْتِبَارَ تَمَامِ الْجِمَاعِ فِي حَقِّ الذَّكَرِ بِنَحْوِ إدْخَالِ جَمِيعِ الذَّكَرِ، أَوْ قَضَاءِ الشَّهْوَةِ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ الْجِمَاعِ جِمَاعٌ) اُنْظُرْهُ مَعَ مَا قَرَّرُوهُ فِي بَابِ الْأَيْمَانِ، وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ ثَمَّ وَاسْتِدَامَةُ

ــ

[حاشية الشربيني]

إذْ لَا حِيلَةَ لَهُ فِي دَفْعِ النِّسْيَانِ غَالِبًا فَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْفَوْرُ وَإِنْ وَجَبَ الْقَضَاءُ لِتَرْكِ التَّحَفُّظِ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ تَرْكِ التَّحَفُّظِ الْأَوَّلِ فَتَدَبَّرْ

(قَوْلُهُ: مُفْسِدٌ صَوْمًا) لَيْسَ الْإِفْسَادُ بِقَيْدٍ بَلْ مِثْلُهُ مَنْعُ انْعِقَادِهِ كَمَا مَرَّ فِي اسْتِدَامَةِ مُجَامِعٍ أَصْبَحَ بِتَفْصِيلِهِ اهـ.

حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَخَرَجَ بِإِضَافَةِ الْإِفْسَادِ إلَيْهِ مَا لَوْ عَلَتْ عَلَيْهِ الْمَرْأَةُ فَلَا كَفَّارَةَ وَإِنْ أَنْزَلَ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ فَسَدَ صَوْمُهُ لَكِنْ لَا بِإِفْسَادِهِ اهـ.

ق ل وَشَيْخُنَا ذ وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ دَفْعِهَا وَلَمْ يَدْفَعْهَا وَإِلَّا لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ أَيْضًا اهـ.

مَرْصِفِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: أَيْضًا مُفْسِدٌ صَوْمًا) مَا لَمْ يَكُنْ ظَنَّ بَقَاءَ اللَّيْلِ بِاجْتِهَادٍ، أَوْ بِغَيْرِهِ، أَوْ شَكَّ فِي بَقَائِهِ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَلَا إثْمَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: صَوْمًا مَا) أَيْ صَوْمَ يَوْمٍ فَإِذَا جَامَعَ ثُمَّ جُنَّ فَلَا كَفَّارَةَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِلِوَاطٍ وَإِتْيَانِ بَهِيمَةٍ) خِلَافًا لِوَجْهٍ فِيهِمَا عِنْدَنَا وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ اهـ.

شَرْحُ عُبَابٍ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَإِتْيَانِ بَهِيمَةٍ) لَا فَرْجٍ مَبَانٍ وَإِنْ

ص: 227

يُؤْمَرْ بِهَا إلَّا الرَّجُلُ الْمَوَاقِعُ مَعَ الْحَاجَةِ إلَى الْبَيَانِ وَلِنُقْصَانِ صَوْمِهَا بِتَعَرُّضِهِ لِلْبُطْلَانِ بِعُرُوضِ الْحَيْضِ، أَوْ نَحْوِهِ فَلَمْ تَكْمُلْ حُرْمَتُهُ حَتَّى تَتَعَلَّقَ بِهِ الْكَفَّارَةُ؛ وَلِأَنَّهُ غُرْمٌ مَالِيٌّ يَتَعَلَّقُ بِالْجِمَاعِ فَيَخْتَصُّ بِالرَّجُلِ الْوَاطِئِ كَالْمَهْرِ فَلَا تَجِبُ عَلَى الْمَوْطُوءَةِ وَلَا عَلَى الرَّجُلِ الْمَوْطُوءِ فِي دُبُرِهِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ.

وَبِقَوْلِهِ: أَتَمَّهُ مَا إذَا لَمْ يُؤَثِّمْهُ كَجِمَاعِ الْمُسَافِرِ، وَالْمَرِيضِ بِنِيَّةِ التَّرَخُّصِ، وَالصَّبِيِّ وَبِقَوْلِهِ: لِلصَّوْمِ مَا لَوْ أَفْسَدَ الْمُسَافِرُ، وَالْمَرِيضُ صَوْمَهُمَا بِالزِّنَا، أَوْ بِغَيْرِهِ لَكِنْ بِغَيْرِ نِيَّةِ التَّرَخُّصِ إذْ إثْمُهُمَا لَيْسَ لِلصَّوْمِ بَلْ لَهُ مَعَ عَدَمِ نِيَّةِ التَّرَخُّصِ فِي الثَّانِي وَلِلزِّنَا فِي الْأَوَّلِ فَلَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّ الْإِفْطَارَ مُبَاحٌ فَيَصِيرُ شُبْهَةً فِي دَرْئِهَا (وَ) لَا (مَنْ أُكْرِهَ) عَلَى الْجِمَاعِ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ إذْ لَا إفْسَادَ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْإِفْسَادِ لَا إثْمَ (وَ) لَا (الَّذِي بَقَاءَ اللَّيْلِ ظَنَّ) ، ثُمَّ بَانَ خِلَافُ ظَنِّهِ إذْ لَا إثْمَ وَهَذَانِ مَفْهُومَانِ مِنْ الضَّابِطِ وَلَوْ حَذَفَ بَقَاءَ كَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ كَلَامُهُ ظَنَّ بَقَاءِ اللَّيْلِ وَظَنَّ دُخُولِهِ بِالْغُرُوبِ وَأَوْرَدَ عَلَى الضَّابِطِ مَا لَوْ طَلَعَ الْفَجْرُ، وَهُوَ مُجَامِعٌ فَاسْتَدَامَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ مَعَ أَنَّهُ لَا إفْسَادَ؛ لِأَنَّهُ فَرْعُ الِانْعِقَادِ وَلَمْ يَنْعَقِدْ كَمَا مَرَّ وَمَا لَوْ جَامَعَ مَعْذُورٌ امْرَأَتَهُ فَإِنَّهُ لَا كَفَّارَةَ بِإِفْسَادِهِ صَوْمَهَا كَمَا مَرَّ وَمَا لَوْ جَامَعَ شَاكًّا فِي الْغُرُوبِ فَإِنَّهُ لَا كَفَّارَةَ وَإِنْ بَانَ لَهُ الْحَالُ لِلشُّبْهَةِ كَمَا فِي التَّهْذِيبِ.

وَيُجَابُ عَنْ الْأُولَى بِأَنَّهَا مَفْهُومَةٌ مِنْ الضَّابِطِ بِالْمُسَاوَاةِ كَمَا مَرَّ وَبِأَنَّ الضَّابِطَ إنَّمَا هُوَ لِمَا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ قَطْعًا وَهَذِهِ فِيهَا خِلَافٌ وَلِهَذَا أَفْرَدُوهَا بِالذِّكْرِ وَقَدْ بَيَّنَ النَّاظِمُ حُكْمَهَا فِيمَا مَرَّ وَعَنْ الثَّانِيَةِ بِمَنْعِ صِدْقِ الضَّابِطِ عَلَيْهَا إذْ مَحَلُّهُ فِي إفْسَادِ صَوْمِهِ؛ وَلِأَنَّ الْمُفْسِدَ لِصَوْمِهَا هِيَ بِتَمْكِينِهَا لَا الْوَاطِئُ مَعَ أَنَّهَا إذْ أَمْكَنَتْهُ ابْتِدَاءً إنَّمَا يَفْسُدُ صَوْمُهَا بِدُخُولِ بَعْضِ الْحَشَفَةِ بَاطِنَهَا لَا بِالْجِمَاعِ وَعَنْ الثَّالِثَةِ بِأَنَّ الْكَلَامَ بِقَرِينَةِ السِّيَاقِ فِيمَا إذَا عَلِمَ حَالَةَ الْجِمَاعِ بِأَنَّهُ وَطِئَ، وَهُوَ صَائِمٌ عَلَى أَنَّ الشَّيْخَيْنِ لَمَّا نَقَلَا كَلَامَ التَّهْذِيبِ وَغَيْرِهِ فِي مَسْأَلَةِ الظَّنِّ قَالَا وَهَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُفَرَّعًا عَلَى تَجْوِيزِ الْإِفْطَارِ بِالظَّنِّ وَإِلَّا

ــ

[حاشية العبادي]

طِيبٍ لَيْسَتْ تَطَيُّبًا فِي الْأَصَحِّ وَكَذَا وَطْءٌ وَصَوْمٌ وَصَلَاةٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ.

إلَّا أَنْ يُرَادَ أَنَّ اسْتِدَامَةَ الْجِمَاعِ لَهَا حُكْمُ الْجِمَاعِ هُنَا وَيُؤَيِّدُهُ مَا تَقَدَّمَ فِي النَّزْعِ مَعَ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ قَصْدُ التَّرْكِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ (قَوْلُهُ: وَالصَّبِيِّ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَخْرُجَ بِهِ أَيْضًا مَا لَوْ جَامَعَ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ صَبِيٌّ، ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ بَالِغٌ عِنْدَ الْجِمَاعِ لِعَدَمِ إثْمِهِ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ لِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ مَعْرِفَةِ حَالِهِ وَقَدْ يُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ مَسْأَلَةُ ظَنِّ بَقَاءِ اللَّيْلِ (قَوْلُهُ: بَلْ لَهُ مَعَ عَدَمِ إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ إثْمُهُ لِلصَّوْمِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَلِلزِّنَا فِي الْأَوَّلِ) لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: الْإِثْمُ فِي الْأَوَّلِ مِنْ حَيْثُ الصَّوْمُ لَيْسَ إلَّا لِأَجْلِ عَدَمِ نِيَّةِ التَّرَخُّصِ حَتَّى لَوْ وُجِدَتْ فَلَا إثْمَ مِنْ حَيْثُ الصَّوْمُ بَلْ مِنْ حَيْثُ مُجَرَّدُ الزِّنَا فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: مَعَ عَدَمِ نِيَّةِ التَّرَخُّصِ فِيهِمَا وَلِلزِّنَا فِي الْأَوَّلِ سم (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي بَقَاءَ اللَّيْلِ ظَنَّ) أَوْرَدَ بَعْضُهُمْ عَلَى الضَّابِطِ مَا لَوْ شَكَّ نَهَارًا هَلْ نَوَى لَيْلًا فَجَامَعَ، ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ نَوَى فَيَبْطُلُ صَوْمُهُ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ لِلشُّبْهَةِ اهـ.

وَنَظَرَ فِيهِ غَيْرُهُ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ النَّظَرَ فِي الْإِيرَادِ وَأَنَّهُ فِي نَفْيِ الْكَفَّارَةِ قِيلَ وَقِيَاسُ مَسْأَلَةِ التَّهْذِيبِ الْمَذْكُورَةِ عَدَمُ الْكَفَّارَةِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا آثِمٌ بِفِطْرِهِ اهـ.

فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فِي مَسْأَلَةِ الظَّنِّ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الشَّكَّ فِي عِبَارَةِ التَّهْذِيبِ بِمَعْنَى الظَّنِّ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ مُطْلَقَ التَّرَدُّدِ، ثُمَّ رَأَيْتُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ: وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ فِي التَّهْذِيبِ بِمَسْأَلَةِ الظَّنِّ لَكِنَّهَا مَفْهُومَةٌ بِالْأَوْلَى مِنْ مَسْأَلَةِ الشَّكِّ اهـ.

وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: بَلْ هِيَ

ــ

[حاشية الشربيني]

بَقِيَ اسْمُهُ وَأَوْجَبَ الْغُسْلَ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ ثَمَّ عَلَى الْإِيلَاجِ وَهُنَا عَلَى الْجِمَاعِ اهـ.

ع ش وَحِفْنِيٌّ خِلَافًا لِلْقَلْيُوبِيِّ عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: بَلْ لَهُ مَعَ عَدَمِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: إنَّ الْإِثْمَ إنَّمَا هُوَ لِعَدَمِ نِيَّةِ التَّرَخُّصِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَأَوْرَدَ عَلَى الضَّابِطِ) أَيْ أَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ غَيْرُ جَامِعٍ لِلصُّورَةِ الْأُولَى وَغَيْرُ مَانِعٍ لِلصُّورَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ جَامَعَ مَعْذُورًا) أَيْ فَإِنَّهُ مُفْسِدٌ لِلصَّوْمِ وَأَثِمَ بِهِ (قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ جَامَعَ شَاكًّا إلَخْ) أَيْ فَإِنَّهُ مُفْسِدٌ لِلصَّوْمِ وَأَثِمَ بِهِ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ ظَانًّا لَكِنْ لَمْ يَسْتَنِدْ لِأَمَارَةٍ أَمَّا إذَا اسْتَنَدَ لَهَا بِأَنْ كَانَ بِاجْتِهَادٍ فَلَا إثْمَ فَلَا يَرِدُ عَلَى الضَّابِطِ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: لِلشُّبْهَةِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهَا أَنَّ اعْتِمَادَهُ فِي الْفِطْرِ عَلَى احْتِمَالِ دُخُولِ اللَّيْلِ فَلَيْسَ هَاتِكًا حُرْمَةَ الصَّوْمِ وَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الشِّهْبَةُ لَا تُجَوِّزُ لَهُ الْفِطْرَ خُصُوصًا عِنْدَ الْعَالِمِ (قَوْلُهُ: فِي إفْسَادِ صَوْمِهِ) وَلِذَا زَادَ الشَّرْحُ سَابِقًا لَفْظَ لَهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ صَوْمًا (قَوْلُهُ: ابْتِدَاءً) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ صُورَةِ الِاسْتِدَامَةِ السَّابِقَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ الشَّيْخَيْنِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ عَلَى أَنَّ الرَّافِعِيَّ لَكِنَّ النَّوَوِيَّ فِي الرَّوْضَةِ نَقَلَ كَلَامَ الرَّافِعِيِّ وَأَقَرَّهُ فَصَحَّ الْعَزْوُ لَهُمَا (قَوْلُهُ: لَمَّا نَقَلَا كَلَامَ التَّهْذِيبِ وَغَيْرِهِ فِي مَسْأَلَةِ الظَّنِّ) عِبَارَةُ التَّهْذِيبِ وَلَوْ شَكَّ كَمَا نَقَلَهُ

ص: 228

فَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ وَفَاءً بِالضَّابِطِ

. (فَإِنْ تَكَرَّرَ الْفَسَادُ) بِأَنْ جَامَعَ فِي يَوْمَيْنِ وَلَوْ مِنْ رَمَضَانَ وَاحِدٍ (كُرِّرَتْ) أَيْ الْكَفَّارَةُ وَإِنْ لَمْ يُكَفِّرْ عَنْ الْأَوَّلِ إذْ كُلُّ يَوْمٍ عِبَادَةٌ بِرَأْسِهَا فَلَا تَتَدَاخَلُ كَفَّارَتَاهُمَا كَالْحَجَّتَيْنِ إذَا جَامَعَ فِيهِمَا بِخِلَافِ مَا إذَا تَكَرَّرَ فِي يَوْمٍ لِعَدَمِ تَكَرُّرِ الْفَسَادِ

(وَهِيَ) أَيْ الْكَفَّارَةُ (بِمَوْتٍ وَجُنُونٍ) أَيْ بِعُرُوضِ أَحَدِهِمَا بَعْدَ الْإِفْسَادِ بِالْجِمَاعِ (هُدِرَتْ) أَيْ سَقَطَتْ؛ لِأَنَّهُ بَانَ بِعُرُوضِ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي صَوْمٍ لِمُنَافَاتِهِ لَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ عُرُوضَ الْحَيْضِ، وَالنِّفَاسِ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَفْطَرَتْ بِالْجِمَاعِ لَا يَلْزَمُهَا الْكَفَّارَةُ (لَا مَرَضٍ وَسَفَرٍ) أَيْ لَا تَسْقُطُ بِهِمَا الْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُنَافِيَانِ الصَّوْمَ فَيَتَحَقَّقُ هَتْكُ حُرْمَتِهِ قَالَ: فِي التَّعْلِيقَةِ وَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِ السَّفَرِ بَعْدَ الْمَرَضِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُسْقِطُ الْمَرَضُ الْكَفَّارَةَ مَعَ أَنَّهُ يُبِيحُ الْفِطْرَ كَانَ عَدَمُ سُقُوطِهَا بِالسَّفَرِ الطَّارِئِ الَّذِي لَا يُبِيحُهُ مَعْلُومًا بِالْأَوْلَى

. (وَتَسْتَقِرُّ) أَيْ الْكَفَّارَةُ (فِي ذِمَّةِ الْعَاجِزِ) عَنْ خِصَالِهَا الْمُرَتَّبَةِ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ كَجَزَاءِ الصَّيْدِ؛ وَلِأَنَّ حُقُوقَ اللَّهِ تَعَالَى الْمَالِيَّةَ إذَا عَجَزَ عَنْهَا وَقْتَ وُجُوبِهَا فَإِنْ كَانَتْ لَا بِسَبَبٍ مِنْ الْعَبْدِ كَزَكَاةِ الْفِطْرِ لَمْ تَسْتَقِرَّ فِي ذِمَّتِهِ وَإِنْ كَانَتْ بِسَبَبٍ مِنْهُ اسْتَقَرَّتْ فِي ذِمَّتِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ عَلَى وَجْهِ الْبَدَلِ كَجَزَاءِ الصَّيْدِ وَفِدْيَةِ الْحَلْقِ أَمْ لَا كَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ، وَالْقَتْلِ، وَالْيَمِينِ، وَالْجِمَاعِ وَدَمِ التَّمَتُّعِ، وَالْقِرَانِ لَا يُقَالُ: لَوْ اسْتَقَرَّتْ فِي ذِمَّتِهِ لَأَمَرَ صلى الله عليه وسلم الْمُوَاقِعَ بِإِخْرَاجِهَا بَعْدُ؛ لِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ مَا دَفَعَهُ إلَيْهِ لَمْ يَقَعْ كَفَّارَةً وَلَوْ سُلِّمَ فَتَأْخِيرُ الْبَيَانِ لِوَقْتِ الْحَاجَةِ جَائِزٌ، وَهُوَ وَقْتُ الْقُدْرَةِ

(وَالصَّرْفُ خَطَرٌ) أَيْ وَصَرْفُ الْمُكَفِّرِ كَفَّارَتَهُ (لِأَهْلِهِ) مُنِعَ كَالزَّكَوَاتِ وَسَائِرِ الْكَفَّارَاتِ وَأَمَّا قَوْلُهُ: صلى الله عليه وسلم «أَطْعِمْهُ أَهْلَك» فَفِي الْأُمِّ كَمَا فِي الرَّافِعِيِّ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَمَّا أَخْبَرَهُ بِفَقْرِهِ صَرَفَهُ لَهُ صَدَقَةً، أَوْ أَنَّهُ مَلَّكَهُ إيَّاهُ وَأَمَرَهُ بِالتَّصَدُّقِ بِهِ فَلَمَّا أَخْبَرَهُ بِفَقْرِهِ أَذِنَ لَهُ فِي صَرْفِهَا لَهُمْ لِلْإِعْلَامِ بِأَنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ بَعْدَ الْكِفَايَةِ، أَوْ أَنَّهُ تَطَوَّعَ بِالتَّكْفِيرِ عَنْهُ وَسَوَّغَ لَهُ

ــ

[حاشية العبادي]

دَاخِلَةٌ فِي عِبَارَةِ التَّهْذِيبِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّكِّ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ (قَوْلُهُ: وَفَاءً بِالضَّابِطِ) لَكِنْ صَرَّحَ الْقَاضِي بِعَدَمِ وُجُوبِهَا وَإِنْ قُلْنَا لَا يَجُوزُ الْإِفْطَارُ بِالظَّنِّ بَلْ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ بِخِلَافِ الْمُقْتَضَى الْمَذْكُورِ فِي مَسْأَلَةِ الشَّكِّ وَبِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَ شَكِّهِ فِي دُخُولِ اللَّيْلِ وَخُرُوجِهِ وَعَلَّلَ عَدَمَ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ بِأَنَّهَا تَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ شَرْحُ الرَّوْضِ وَكَانَ الْمُرَادُ بِالشُّبْهَةِ عَدَمَ تَحَقُّقِ بَقَاءِ النَّهَارِ وَاحْتِمَالُ اللَّيْلِ

(قَوْلُهُ: وَجُنُونٍ) لَا يَبْعُدُ أَنَّ حُدُوثَ الْجُنُونِ حَيْثُ لَمْ يُسْقِطْ الْقَضَاءَ لِتَعَدِّيهِ بِهِ لَا يُسْقِطُ الْكَفَّارَةَ م ر (قَوْلُهُ: لَا مَرَضٍ وَسَفَرٍ) لَوْ حَدَث وُصُولُهُ إلَى مَحَلٍّ مُخْتَلِفِ الْمَطْلَعِ مَعَ مَحَلِّهِ فَوَجَدَ أَهْلَهُ مُعَيِّدِينَ عَيَّدَ مَعَهُمْ وَسَقَطَتْ عَنْهُ الْكَفَّارَةُ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ لِتَبَيُّنِ عَدَمِ وُجُوبِ صَوْمِ هَذَا الْيَوْمِ عَلَيْهِ بَلْ عَدَمُ جَوَازِهِ اهـ.

فَلَوْ عَادَ لِمَحَلِّهِ فِي بَقِيَّةِ الْيَوْمِ فَهَلْ يَتَبَيَّنُ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا كَانَتْ سَقَطَتْ لِصَيْرُورَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَحَلِّ الْمُنْتَقَلِ إلَيْهِ بِوُصُولِهِ إلَيْهِ وَقَدْ لَغَا ذَلِكَ بِعَوْدِهِ فِي يَوْمِهِ إلَى مَحَلِّهِ إذْ قَدْ تَبَيَّنَ بِعَوْدِهِ إلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ حُكْمِهِ، وَمُجَرَّدُ الْوُصُولِ إلَى الْمُنْتَقَلِ إلَيْهِ مَعَ عَدَمِ اسْتِكْمَالِهِ ذَلِكَ الْيَوْمَ فِيهِ لَا يَصْلُحُ شُبْهَةً لِسُقُوطِ الْكَفَّارَةِ مَعَ تَعَدِّيهِ بِالْإِفْسَادِ أَوَّلًا فِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ الْأَوَّلُ وَلَوْ بَيَّتَ النِّيَّةَ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ لِعَدَمِ ثُبُوتِ هِلَالِ شَوَّالٍ وَأَصْبَحَ صَائِمًا فَثَبَتَ شَوَّالٌ نَهَارًا، ثُمَّ انْتَقَلَ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ مُخَالِفٍ لِلْأَوَّلِ فِي الْمَطْلَعِ أَهْلُهُ صِيَامٌ مِنْ غَيْرِ تَنَاوُلِ مُفْطِرٍ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَيْهِ فَهَلْ يُحْسَبُ لَهُ صَوْمُ هَذَا الْيَوْمِ؛ لِأَنَّهُ بِانْتِقَالِهِ إلَيْهِ صَارَ وَاجِبُهُ الصَّوْمَ وَقَدْ شَرَعَ فِيهِ بِنِيَّةٍ مُعْتَبَرَةٍ، وَثُبُوتُ شَوَّالٍ قَبْلَ انْتِقَالِهِ لَا يُفْسِدُ نِيَّتَهُ وَصَوْمَهُ لِزَوَالِ أَثَرِ الثُّبُوتِ فِي حَقِّهِ بِانْتِقَالِهِ أَوَّلًا فِيهِ نَظَرَ وَلَا يَبْعُدُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: لَا مَرَضٍ وَسَفَرٍ) قَالَ: فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَمِثْلُهُمَا طُرُوُّ الرِّدَّةِ اهـ.

أَيْ وَإِنْ اتَّصَلَ بِهَا الْجُنُونُ فِيمَا يَظْهَرُ وَلَوْ طَرَأَ وُصُولُهُ إلَى مَحَلٍّ مُخْتَلِفِ الْمَطْلَعِ مَعَ مَحَلِّهِ فَوَجَدَ أَهْلَهُ مُعَيِّدِينَ عَيَّدَ مَعَهُمْ وَسَقَطَتْ عَنْهُ الْكَفَّارَةُ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ لِتَبَيُّنِ عَدَمِ وُجُوبِ صَوْمِ هَذَا الْيَوْمِ عَلَيْهِ بَلْ عَدَمُ جَوَازِهِ

(قَوْلُهُ: لِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ إلَخْ) بَلْ قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ قَوْلِهِ: لَهُ تَصَدَّقْ بِهَذَا بَقَاؤُهَا فِي ذِمَّتِهِ

(قَوْلُهُ: إنَّمَا يَجِبُ بَعْدَ الْكِفَايَةِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهَا يَجِبُ إخْرَاجُهَا؛ لِأَنَّهُ الْمُنَاسِبُ لِاسْتِقْرَارِهَا

ــ

[حاشية الشربيني]

الشَّيْخُ عَمِيرَةَ عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَتَقَدَّمَ فِي الشَّرْحِ وَالشَّيْخَانِ نَقْلًا مَا حَكَمَ بِهِ فِي مَسْأَلَةِ الشَّكِّ إلَى مَسْأَلَةِ الظَّنِّ أَيْ بِالِاجْتِهَادِ إذْ هُوَ الَّذِي جَوَّزَ الْإِفْطَارَ بِهِ فَلَا إثْمَ وَإِلَّا فَيَأْثَمُ بِهِ فَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ وَفَاءً بِالضَّابِطِ لَكِنَّ هَذَا ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ سَوَاءٌ كَانَ الْإِفْطَارُ بِاجْتِهَادٍ، أَوْ مُجَرَّدِ ظَنٍّ بِلَا أَمَارَةٍ، أَوْ شَكٍّ لِلشُّبْهَةِ إذْ الْكَفَّارَةُ تَسْقُطُ بِهَا وَإِنْ كَانَ آثِمًا بِهِ كَذَا فِي الْمَحَلِّيِّ وَحَوَاشِيهِ وَأَوْرَدَ عَلَى السُّقُوطِ بِالشُّبْهَةِ وُجُوبَهَا عَلَى الصَّبِيِّ إذَا جَامَعَ بَعْدَ بُلُوغِهِ نَهَارًا، وَالْمُسَافِرِ إذَا جَامَعَ بَعْدَ عُرُوضِ سَفَرِهِ نَهَارًا اهـ.

عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَيُمْكِنُ أَنْ يُدْفَعَ

(قَوْلُهُ: فِي ذِمَّةِ الْعَاجِزِ) هَلْ يُعْتَبَرُ الْيَسَارُ هُنَا بِمَا فِي الْفِطْرَةِ، أَوْ الْمُعْتَبَرُ يَسَارُهُ بِهَا زِيَادَةً عَلَى كِفَايَةِ مُمَوَّنِهِ الْعُمُرَ الْغَالِبَ فِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ الثَّانِي

(قَوْلُهُ: بَعْدَ الْكِفَايَةِ) أَيْ الْعُمُرِ الْغَالِبِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ: وَإِنَّهُ تَطَوُّعٌ إلَخْ) كَتَبَ

ص: 229

صَرْفَهَا لِأَهْلِهِ لِلْإِعْلَامِ بِأَنَّ لِغَيْرِ الْمُكَفِّرِ التَّطَوُّعَ بِالتَّكْفِيرِ عَنْهُ بِإِذْنِهِ وَأَنَّ لَهُ صَرْفَهَا لِأَهْلِ الْمُكَفَّرِ عَنْهُ فَأَمَّا أَنَّ الشَّخْصَ يُكَفِّرُ عَنْ نَفْسِهِ وَيَصْرِفُ إلَى أَهْلِهِ فَلَا

. (وَصَرْفُ مُدٍّ) لِكُلِّ يَوْمٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْحَاوِي مِنْ تَرِكَةِ مَنْ لَزِمَهُ قَضَاءُ الصَّوْمِ وَتَمَكَّنَ مِنْهُ وَلَمْ يَقْضِهِ كَمَا سَيَأْتِي (وَاجِبٌ) سَوَاءٌ تَرَكَ الْأَدَاءَ بِعُذْرٍ أَمْ بِغَيْرِهِ لِخَبَرِ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامُ شَهْرٍ فَلْيُطْعِمْ عَنْهُ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَ وَقْفَهُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ فَتْوَى عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَلَا يُصَامُ عَنْهُ فِي الْجَدِيدِ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ وَفِي الْقَدِيمِ يَجُوزُ لِوَلِيِّهِ أَنْ يَصُومَ عَنْهُ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَصَوَّبَهُ بَلْ قَالَ: يُسَنُّ لَهُ ذَلِكَ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ» وَلَا حُجَّةَ لِلْجَدِيدِ وَهَلْ الْمُعْتَبَرُ عَلَى الْقَدِيمِ الْوَلَايَةُ كَمَا فِي الْخَبَرِ أَمْ مُطْلَقُ الْقَرَابَةِ أَمْ يُشْتَرَطُ الْإِرْثُ أَمْ الْعُصُوبَةُ فِيهِ احْتِمَالَاتٌ لِلْإِمَامِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَالْأَشْبَهُ اعْتِبَارُ الْإِرْثِ وَالنَّوَوِيُّ الْمُخْتَارُ اعْتِبَارُ مُطْلَقِ الْقَرَابَةِ وَصَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ: وَقَوْلُهُ: صلى الله عليه وسلم فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ «لِامْرَأَةٍ قَالَتْ لَهُ إنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ نَذْرٍ أَفَأَصُومُ عَنْهَا صُومِي عَنْ أُمِّك» يُبْطِلُ احْتِمَالَ وَلَايَةِ الْمَالِ، وَالْعُصُوبَةِ قَالَ: وَمَذْهَبُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ لَوْ صَامَ عَنْهُ ثَلَاثُونَ بِالْإِذْنِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ أَجْزَأَهُ قَالَ: وَهُوَ الظَّاهِرُ الَّذِي اعْتَقَدَهُ وَكَالْوَلِيِّ فِيمَا ذُكِرَ مَأْذُونُهُ وَمَأْذُونُ الْمَيِّتِ (مِنْ قُوتِ تِلْكَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: صَرْفَهَا لِأَهْلِهِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِأَهْلِهِ مَا يَشْمَلُ أَقَارِبَهُ وَلَعَلَّهُمْ كَانُوا سِتِّينَ

(قَوْلُهُ: سَوَاءٌ تَرَكَ الْأَدَاءَ بِعُذْرٍ أَمْ بِغَيْرِهِ) اقْتَضَى هَذَا أَنَّ التَّمَكُّنَ شَرْطٌ فِي لُزُومِ الْفِدْيَةِ عِنْدَ تَرْكِ الْأَدَاءِ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَأْثَمُ بِالتَّأْخِيرِ وَلَوْ عَرَضَ السَّفَرُ وَتَجِبُ الْفِدْيَةُ إذَا مَاتَ جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ النَّذْرِ وَجَعَلَهُ أَصْلًا مَقِيسًا عَلَيْهِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا فَقَوْلُ الشَّرْحِ الْآتِي وَخَرَجَ بِهِ مَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْقَضَاءُ إلَى قَوْلِهِ: فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ مَحَلُّهُ إذَا فَاتَ بِعُذْرٍ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ فَالْحَاصِلُ أَنَّهَا لَازِمَةٌ فِي الْمَوْتِ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مُطْلَقًا وَفِي الْمَوْتِ قَبْلَهُ إنْ كَانَ الْفَوَاتُ بِلَا عُذْرٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ)(تَنْبِيهٌ)

لَا تَدْخُلُ النِّيَابَةُ الْعِبَادَةَ إلَّا فِي الْحَجِّ عَنْ الْمَيِّتِ، أَوْ الْمَعْضُوبِ، وَالصَّوْمِ عَنْ الْمَيِّتِ وَلَا يَدْخُلُ غَيْرُهُمَا إلَّا تَبَعًا كَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ يَفْعَلُهُمَا الْأَجِيرُ لِلْحَجِّ تَبَعًا وَكَالِاعْتِكَافِ فِيمَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ مُعْتَكِفًا وَمَاتَ يَفْعَلُهُ الْقَرِيبُ، أَوْ مَأْذُونُهُ عَنْهُ تَبَعًا لِصَوْمِهِ عَنْهُ م ر (قَوْلُهُ: مُطْلَقُ الْقَرَابَةِ) ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا يُرَاعَى الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ ثُمَّ الْمُرَادُ الْقَرِيبُ الَّذِي يُعْرَفُ نَسَبُهُ مِنْهُ وَيُعَدُّ فِي الْعَادَةِ قَرِيبًا لَهُ بِرّ (قَوْلُهُ: ثَلَاثُونَ بِالْإِذْنِ) أَيْ إنْ كَانُوا أَجَانِبَ وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ لِلْإِذْنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَكَالْوَلِيِّ إلَخْ) وَهَلْ لِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِالْإِطْعَامِ؛ لِأَنَّهُ مَحْضُ مَالٍ كَالدَّيْنِ؟ أَوْ يُفَرَّقُ

ــ

[حاشية الشربيني]

شَيْخُنَا الْإِمَامُ الذَّهَبِيُّ رحمه الله بِهَامِشِ الْمَحَلِّيِّ مَا نَصُّهُ تَكْفِيرُ الشَّخْصِ عَنْ غَيْرِهِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بِإِذْنٍ، أَوْ يَكُونَ أَبًا عَنْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ إلَّا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهُ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ اهـ.

شَيْخُنَا الدَّمْهُوجِيُّ عَنْ الشَّيْخِ الْبَابِلِيِّ اهـ.

وَلِلْمُكَفَّرِ عَنْهُ إذَا كَفَّرَ عَنْهُ غَيْرُهُ الْأَخْذُ مِنْهَا إنْ كَانَ مُحْتَاجًا فَيَأْكُلُ مِنْ كَفَّارَةِ نَفْسِهِ اهـ.

ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ السِّنْجِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ وَلَا يُشْكِلُ بِأَنَّهُ يُقَدِّرُ دُخُولَهُ فِي مِلْكِهِ كَمَا فِي الْإِصْدَاقِ عَنْ الْغَيْرِ وَأَدَاءِ الثَّمَنِ عَنْهُ فَكَيْفَ يَأْكُلُ مِلْكَهُ الْوَاقِعَ عَنْ كَفَّارَتِهِ؟ ؛ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الْأَشْيَاءِ التَّقْدِيرِيَّةِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهَا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ خَرَجَ مَخْرَجَ الرُّخْصَةِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ مَا ذُكِرَ، وَقَوْلُهُ: الرُّخْصَةِ أَيْ هُنَا فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ زَكَاةٌ، أَوْ نَذْرٌ وَأَذِنَ لَهُ فِي صَرْفِهِمَا عَنْهُ لَمْ يَجُزْ إعْطَاؤُهَا لِلْآذِنِ وَلَا لِمَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُهُمْ اهـ.

مِنْ حَوَاشِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ الصَّغِيرِ (قَوْلُهُ: بِإِذْنِهِ) لَعَلَّ الْإِذْنَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ «عَلَى أَفْقَرَ مِنَّا» ، ثُمَّ إنَّ هَذَا لَعَلَّهُ ضَعِيفٌ بِالنِّسْبَةِ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

(قَوْلُهُ: مِنْ تَرِكَةِ مَنْ لَزِمَهُ إلَخْ) قَالَ ع ش الْقِيَاسُ أَنْ يُعْتَبَرَ فَضْلُ مَا يُخْرِجُهُ عَنْ مُؤْنَةِ تَجْهِيزِهِ فَقَطْ فَيُقَدَّمُ عَلَى دَيْنِ الْآدَمِيِّ (قَوْلُهُ: مَنْ لَزِمَهُ قَضَاءُ الصَّوْمِ) مِثْلُهُ صَوْمُ النَّذْرِ، وَالْكَفَّارَةِ وَلَوْ عَنْ يَمِينٍ، أَوْ تَمَتُّعٍ، أَوْ قَتْلٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ.

ق ل وَحَجَرٌ (قَوْلُهُ: مَنْ لَزِمَهُ قَضَاءٌ إلَخْ) قِيلَ بِهَذَا فِي الصَّلَاةِ بِأَنْ يُطْعَمَ عَنْهُ لِكُلِّ صَلَاةٍ مُدٌّ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَهَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّخْصِ لِنَفْسِهِ فَيَجُوزُ تَقْلِيدُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ أَيْ فَلَيْسَ شَدِيدَ الضَّعْفِ اهـ.

ق ل بِزِيَادَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يُصَامُ عَنْهُ فِي الْجَدِيدِ) وَعَلَيْهِ الْحَاوِي كَالرَّافِعِيِّ شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَفِي الْقَدِيمِ يَجُوزُ لِوَلِيِّهِ) أَيْ إنْ مَاتَ مُسْلِمًا وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْإِطْعَامُ اهـ.

ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَفِي الْقَدِيمِ إلَخْ) وَلَا يَجُوزُ تَبْعِيضُ وَاجِبِ يَوْمٍ وَاحِدٍ صَوْمًا وَإِطْعَامًا بِأَنْ يُخْرِجَ أَحَدُهُمْ بَعْضَ مُدٍّ وَيَصُومَ الْآخَرُ عَمَّا يَخُصُّهُ يَوْمًا بَلْ يَتَّفِقُونَ عَلَى أَحَدِهِمَا وَيُجْبَرُ الْمُنْكَسِرُ اهـ.

ق ل وَلَعَلَّ الْمَانِعَ عِنْدَ التَّبْعِيضِ مِنْ وُقُوعِ الصَّوْمِ الَّذِي صَامَهُ أَحَدُهُمْ عَنْ الْمَيِّتِ كَوْنُهُ نَوَاهُ عَنْ خُصُوصِ حِصَّتِهِ اهـ.

رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر (قَوْلُهُ: أَنْ يَصُومَ عَنْهُ) وَلَا يَجِبُ التَّتَابُعُ عَلَى الْوَلِيِّ فِي صَوْمِ كَفَّارَةِ الْجِمَاعِ عَنْ الْمَيِّتِ كَمَا نَقَلَهُ الشَّوْبَرِيُّ عَنْ م ر؛ لِأَنَّ التَّتَابُعَ إنَّمَا وَجَبَ تَغْلِيظًا عَلَى الْفَاعِلِ، وَقَدْ فَاتَ اهـ.

شَرْقَاوِيٌّ وَمِثْلُهُ ق ل (قَوْلُهُ: مُطْلَقُ الْقَرَابَةِ) وَيُشْتَرَطُ فِيهِ التَّكْلِيفُ لَا الْحُرِّيَّةُ وَكَذَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِي الْأَجْنَبِيِّ الصَّائِمِ، أَوْ الْمُطْعِمِ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ وَلَوْ أَذِنَ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ الْمَأْذُونُ لَهُ لِأَجْنَبِيٍّ آخَرَ لَمْ يُعْتَدَّ بِإِذْنِهِ اهـ.

ع ش وَق ل (قَوْلُهُ: يَبْطُلُ احْتِمَالُ إلَخْ)«وَجَاءَتْ لَهُ قَرَابَةُ امْرَأَةٍ مَاتَتْ وَعَلَيْهَا نَذْرُ صَوْمِ شَهْرٍ فَذَكَرَتْ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ صَوْمِي عَنْهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دُوَادَ فَإِطْلَاقُ الْقَرَابَةِ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَارِثِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهَا وَاقِعَةُ حَالٍ قَوْلِيَّةٌ، وَالِاحْتِمَالُ يَعُمُّهَا اهـ.

شَرْحُ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: مَأْذُونُهُ وَمَأْذُونُ الْمَيِّتِ)

ص: 230

الْأَرْضِ، وَهُوَ الْغَالِبُ) أَيْ يَجِبُ كَوْنُ الْمَدِّ مِنْ غَالِبِ قُوتِ أَرْضِ وُجُوبِهِ، وَجِنْسُهُ جِنْسُ الْفِطْرَةِ فَلَا يُجْزِئُ الدَّقِيقُ، وَالسَّوِيقُ وَنَحْوُهُمَا كَمَا فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ (لِصَاحِبَيْ مَسْكَنَةٍ وَفَقْرٍ) أَيْ صَرْفُ الْمُدِّ وَاجِبٌ لِلْمِسْكِينِ، وَالْفَقِيرِ؛ لِأَنَّ الْمِسْكِينَ ذُكِرَ فِي الْآيَةِ، وَالْخَبَرِ، وَالْفَقِيرُ أَسْوَأُ حَالًا مِنْهُ، أَوْ دَاخِلٌ فِيهِ عَلَى مَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا يَشْمَلُ الْآخَرَ.

وَظَاهِرُ كَلَامِهِ جَوَازُ صَرْفِهِ لِاثْنَيْنِ وَجَرَى عَلَيْهِ صَاحِبَا التَّعْلِيقَةِ وَالتَّمِيمِيُّ وَاَلَّذِي قَالَهُ الْقَاضِي وَجَزَمَ بِهِ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ امْتِنَاعُهُ؛ لِأَنَّ كُلَّ مُدٍّ كَفَّارَةٌ، وَمُدُّ الْكَفَّارَةِ لَا يُعْطَى لِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ وَلَهُ إعْطَاءُ وَاحِدٍ أَمْدَادًا؛ لِأَنَّهَا كَفَّارَاتٌ مُتَعَدِّدَةٌ (قُلْت وَمَا مَجْرَى الزَّكَاةِ يَجْرِي) أَيْ الْمُدُّ أَيْ لَا يَجْرِي مَجْرَاهَا فِي وُجُوبِ الصَّرْفِ لِثَمَانِيَةِ أَصْنَافٍ، أَوْ سَبْعَةٍ وَوُجُوبُ اسْتِيعَابِ الْمُسْتَحِقِّ إنْ انْحَصَرَ، وَالصَّرْفُ لِثَلَاثَةٍ مِنْهُ إنْ لَمْ يَنْحَصِرْ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ هُنَاكَ بَلْ يَجِبُ صَرْفُهُ لِفَقِيرٍ، أَوْ مِسْكِينٍ فَقَطْ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ يُغْنِي عَنْهَا مَا قَبْلَهَا وَقَوْلُهُ:(مِنْ إرْثِ مَنْ أَمْكَنَهُ الْقَضَا وَمَا قَضَى) صِلَةُ صَرَفَ كَمَا تَقَرَّرَ وَخَرَجَ بِهِ مَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْقَضَاءُ بِأَنْ مَاتَ عَقِبَ رَمَضَانَ، أَوْ اسْتَمَرَّ بِهِ الْعُذْرُ إلَى مَوْتِهِ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ فَالْمُرَادُ بِالْإِمْكَانِ هُنَا عَدَمُ الْعُذْرِ فَلَوْ كَانَ مُسَافِرًا، أَوْ مَرِيضًا فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ بِمَا ذُكِرَ

. (وَفِي) صَوْمِ (تَكْفِيرِ قَتْلٍ) ، أَوْ نَذْرٍ (لَزِمَا) صَرْفُ مُدٍّ لِكُلِّ يَوْمٍ مِنْ تَرِكَةِ مَنْ أَمْكَنَهُ الصَّوْمُ وَمَاتَ قَبْلَ فِعْلِهِ لِإِطْلَاقِ خَبَرِ التِّرْمِذِيِّ السَّابِقِ وَخَرَجَ بِكَفَّارَةِ الْقَتْلِ كَفَّارَةُ غَيْرِهِ

ــ

[حاشية العبادي]

بِأَنَّهُ: هُنَا بَدَلٌ عَمَّا لَا يَسْتَقِلُّ بِهِ الْأَقْرَبُ لِكَلَامِهِمْ الثَّانِي، ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ جَزَمَ بِهِ حَيْثُ قَالَ: إنَّ الْوَارِثَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ إخْرَاجِ الْفِدْيَةِ، وَالصَّوْمِ، وَالِاسْتِئْجَارِ، وَالْوَلِيُّ غَيْرُ الْوَارِثِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْأَخِيرَيْنِ فَقَطْ وَلَوْ قَالَ: بَعْضُ الْوَرَثَةِ نُطْعِمُ وَبَعْضُهُمْ نَصُومُ أُجِيبَ الْأَوَّلُونَ كَمَا رَجَّحَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَابْنُ الْعِمَادِ؛ لِأَنَّ إجْزَاءَ الْإِطْعَامِ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ حَجَرٌ أَقُولُ: وَمَعَ إجَابَةِ الْأَوَّلِينَ لَوْ سَبَقَ الْآخَرُونَ إلَى الصَّوْمِ قَبْلَ الْإِطْعَامِ فَالْوَجْهُ إجْزَاؤُهُ وَامْتِنَاعُ الْإِطْعَامِ مِنْ غَيْرِ رُخْصَةِ الْمُطْعِمِينَ لِسُقُوطِ الْفَرْضِ بِالصَّوْمِ الْجَائِزِ لِلْآخَرِينَ الِاسْتِقْلَالُ بِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: وَكَالْوَلِيِّ فِيمَا ذُكِرَ مَأْذُونُهُ) أَيْ فَيَجُوزُ صَوْمُهُ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ بِأُجْرَةٍ أَوْ دُونِهَا وَفِي النَّاشِرِيِّ وَإِذَا جَوَّزْنَا الِاسْتِئْجَارَ دُفِعَتْ الْأُجْرَةُ مِنْ التَّرِكَةِ فَإِذَا زَادَتْ عَلَى الْفِدْيَةِ اُعْتُبِرَ رِضَا الْوَرَثَةِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الصَّوْمِ اهـ.

وَهَلْ يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ بَعْضِ الْوَرَثَةِ مِنْ مَالِهِمْ، أَوْ حِصَّتِهِمْ مِنْ التَّرِكَةِ بَعْضًا آخَرَ مِنْهُمْ؟ فِيهِ تَأَمُّلٌ وَلَا يَبْعُدُ الْجَوَازُ سم (قَوْلُهُ: وَكَالْوَلِيِّ فِيمَا ذُكِرَ مَأْذُونُهُ) أَمَّا أَجْنَبِيٌّ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ قَرِيبٌ وَلَا مَيِّتٌ فَيَمْتَنِعُ صَوْمُهُ وَكَذَا إطْعَامُهُ عَلَى الْأَوْجَهِ لِقَوْلِ الزَّرْكَشِيّ أَنَّ الْوَارِثَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْإِطْعَامِ، وَالصَّوْمِ، وَالِاسْتِئْجَارِ أَيْ وَتَكُونُ الْأُجْرَةُ مِنْ رَأْسِ التَّرِكَةِ، وَالْقَرِيبُ غَيْرُ مُخَيَّرٍ بَيْنَ الْأَخِيرَيْنِ فَقَطْ اهـ.

وَمَا صَرَّحَ بِهِ كَلَامُهُ أَنَّ الْقَرِيبَ غَيْرُ الْوَارِثِ لَا يَجُوزُ لَهُ الْإِطْعَامُ يَرُدُّهُ تَصْرِيحُ النَّوَوِيِّ بِجَوَازِهِ لَهُ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ: أَعْنِي الزَّرْكَشِيَّ لَمْ يَرْتَضِ مَا فِيهِ كَمَا هُوَ الْقَاعِدَةُ فِيمَا انْفَرَدَ بِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِ الزَّرْكَشِيّ أَيْضًا أَنَّهُ انْفَرَدَ بِذَلِكَ شَرْحُ الْإِرْشَادِ الصَّغِيرِ (قَوْلُهُ: وَكَالْوَلِيِّ إلَخْ) فَلَا يَجُوزُ اسْتِقْلَالُ الْأَجْنَبِيِّ بِالصَّوْمِ قَالَ: فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَيُفَارِقُ نَظِيرَهُ مِنْ الْحَجِّ بِأَنَّ: لِلصَّوْمِ بَدَلًا وَهُوَ الْإِطْعَامُ وَبِأَنَّهُ: لَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ فِي الْحَيَاةِ فَضُيِّقَ فِيهِ بِخِلَافِ الْحَجِّ قَالَ: الْأَذْرَعِيُّ فَإِنْ قَامَ بِالْقَرِيبِ مَا يَمْنَعُ الْإِذْنَ كَصِبًا وَجُنُونٍ، أَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِذْنِ، وَالصَّوْمِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ قَرِيبٌ فَهَلْ يَأْذَنُ الْحَاكِمُ؟ فِيهِ نَظَرٌ اهـ.

، وَالْأَوْجَهُ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَيَقْتَصِرُ عَلَيْهِ فَتَتَعَيَّنُ الْفِدْيَةُ اهـ.

كَلَامُ شَرْحِ الرَّوْضِ قِيلَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْإِذْنِ، وَالْمَأْذُونِ الْبُلُوغُ لَا الْحُرِّيَّةُ؛ لِأَنَّ الْقِنَّ مِنْ أَهْلِ فَرْضِ الصَّوْمِ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي مِنْ اشْتِرَاطِ بُلُوغِ مَنْ يَحُجُّ عَنْ الْغَيْرِ وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ حُرِّيَّتُهُ؛ لِأَنَّ الْقِنَّ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ فَهُوَ كَالصَّبِيِّ بِخِلَافِهِ هُنَا اهـ.

إلَّا أَنَّ قَوْلَ شَرْحِ الرَّوْضِ، وَالْأَوْجَهُ إلَخْ الْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَأْذَنُ بَلْ وَيَسْتَأْجِرُ مِنْ التَّرِكَةِ م ر (قَوْلُهُ: فَلَا يُجْزِئُ الدَّقِيقُ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ غَلَبَتْ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتُ وَبِهَذَا تَظْهَرُ فَائِدَةُ قَوْلِ الشَّارِحِ وَجِنْسُهُ جِنْسُ الْفِطْرَةِ مَعَ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي قَالَهُ الْقَاضِي إلَخْ) قَالَ: فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ: الْقَفَّالُ بِخِلَافِ زَكَاةِ الْفِطْرِ يَجُوزُ صَرْفُ صَاعٍ إلَى مِائَةِ مِسْكِينٍ مَثَلًا اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ فِيهِ وَكَتَبَ أَيْضًا وَفَرَّقَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بَيْنَ هَذَا وَمَا فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الدِّمَاءِ مِنْ أَنَّ الْأَصَحَّ إذَا فَرَّقَ الطَّعَامَ جَوَازُ إعْطَاءِ أَقَلَّ مِنْ مُدٍّ بِأَنَّ: الْمُدَّ هُنَا يَدُلُّ عَنْ صَوْمِ يَوْمٍ وَهُوَ لَا يَتَبَعَّضُ فَكَذَا بَدَلُهُ بِخِلَافِهِ ثَمَّ فَإِنَّهُ أَصْلٌ وَبِأَنَّ: الْمَغْرُورَ ثَمَّ قَدْ يَكُونُ أَقَلَّ مِنْ مُدٍّ بِلَا ضَرُورَةٍ بِخِلَافِهِ هُنَا (قَوْلُهُ: إنْ انْحَصَرَ) أَيْ الْمُسْتَحِقُّ (قَوْلُهُ: فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ) إنْ فَاتَهُ بِعُذْرٍ وَإِلَّا وَجَبَتْ الْفِدْيَةُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ شَرْحُ الْمَنْهَجِ كَغَيْرِهِ

(قَوْلُهُ: مَنْ أَمْكَنَهُ الصَّوْمُ)

ــ

[حاشية الشربيني]

وَيَسْتَوِيَانِ فَلَا يُقَدَّمُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ اهـ.

مَدَنِيٌّ (قَوْلُهُ: مِنْ غَالِبِ قُوتِ أَرْضِ وُجُوبِهِ) فِي التُّحْفَةِ يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ فِي الْفِطْرَةِ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا بِالْبَلَدِ الَّذِي يُعْتَبَرُ غَالِبُ قُوتِهَا الْمَحَلُّ الَّذِي هُوَ فِيهِ عِنْدَ أَوَّلِ مُخَاطَبَتِهِ بِالْقَضَاءِ اهـ.

وَهُوَ مُخَالِفٌ لِاعْتِبَارِ مَحَلِّ وُجُوبِ الْمُدِّ الَّذِي فِي الشَّارِحِ إذْ قَدْ يَمُوتُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ أَوَّلَ مُخَاطَبَتِهِ بِالْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: مِنْ غَالِبِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِرْشَادِ مَعَ شَرْحِهِ الصَّغِيرِ مِنْ غَالِبِ الْقُوتِ فِي مَحَلِّ الْمُكَفِّرِ حَالَ الْأَدَاءِ خِلَافًا لِمَنْ عَبَّرَ بِحَالِ الْوُجُوبِ لِمَا يَأْتِي فِي بَابِ الْكَفَّارَةِ اهـ.

تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ كُلَّ مُدٍّ كَفَّارَةٌ) ؛ لِأَنَّ كُلَّ يَوْمٍ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ لَا يَتَقَيَّدُ

ص: 231

إذْ يَخْلُفُ صَوْمَهُ فِيهَا الْإِطْعَامُ نَعَمْ يَرِدُ عَلَيْهِ صَوْمُ الْكَفَّارَةِ الْمُخَيَّرَةِ إذَا عَجَزَ عَنْ الْخِصَالِ الَّتِي قَبْلَهُ مَعَ أَنَّ الْأَصْحَابَ لَمْ يُقَيِّدُوا الْكَفَّارَةَ بِالْقَتْلِ (كَمُفْطِرٍ لِكِبَرٍ) لَا يُطِيقُ مَعَهُ الصَّوْمَ، أَوْ يَلْحَقُهُ بِهِ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدٌّ قَالَ تَعَالَى {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184] الْمُرَادُ لَا يُطِيقُونَهُ، أَوْ يُطِيقُونَهُ حَالَ الشَّبَابِ ثُمَّ يَعْجِزُونَ عَنْهُ بَعْدَ الْكِبَرِ وَرَوَى الْبُخَارِيُّ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ كَانَا يَقْرَآنِ وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ وَمَعْنَاهُ يُكَلَّفُونَ الصَّوْمَ فَلَا يُطِيقُونَهُ وَكَالْكَبِيرِ مَرِيضٌ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ وَهَلْ الْمُدُّ فِي حَقِّ كُلٍّ مِنْهُمَا بَدَلٌ عَنْ الصَّوْمِ أَمْ وَاجِبٌ ابْتِدَاءً؟ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا فِي الْمَجْمُوعِ الثَّانِي وَيَظْهَرُ أَثَرُهُمَا فِيمَا لَوْ قَدَرَ بَعْدُ عَلَى الصَّوْمِ فَعَلَى الْأَصَحِّ لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ وَفِي انْعِقَادِ نَذْرِهِ الصَّوْمَ

ــ

[حاشية العبادي]

وَكَذَا مَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ إذَا فَاتَهُ بِلَا عُذْرٍ كَمَا هُوَ صَرِيحُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَيُتَصَوَّرُ الْفَوَاتُ فِي نَذْرٍ مِنْ مُعَيَّنٍ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إذْ يَخْلُفُ صَوْمَهُ فِيهَا الْإِطْعَامُ) أَيْ فَيَنْتَقِلُ إلَى الْإِطْعَامِ لِلْعَجْزِ عَنْ الصَّوْمِ بِالْمَوْتِ يَعْنِي أَنَّ الْمَوْتَ مِنْ أَسْبَابِ الْعَجْزِ عَنْ الصَّوْمِ فَيُطْعِمُ الْوَلِيُّ عَنْهُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا مَرْتَبَةٌ أَخِيرَةٌ وَجَبَتْ بِمُقْتَضَى التَّرْتِيبِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ بَقِيَ شَيْءٌ وَهُوَ أَنَّا سَلَّمْنَا أَنَّ الْإِطْعَامَ فِي غَيْرِ الْقَتْلِ يَخْلُفُ الصَّوْمَ وَلَكِنْ لَوْ أَرَادَ الْوَلِيُّ أَنْ يَفْعَلَ الصَّوْمَ هَلْ يُجْزِئُ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ الظَّاهِرُ نَعَمْ وَبِهِ يَقْوَى إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ الْكَفَّارَةَ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا.

وَكَانَ مُرَادُهُ بِهَذَا الْبَحْثِ أَنَّهُ إذَا جَازَ لِلْوَلِيِّ الصَّوْمُ فَلَهُ الْإِطْعَامُ بَدَلَهُ فَلَمْ يَتَعَيَّنْ الْإِطْعَامُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ مَرْتَبَةٌ أَخِيرَةٌ وَقَدْ يُقَالُ: لَا فَائِدَةَ فِي اعْتِبَارِ بَدَلِيَّتِهِ مَعَ كَوْنِهِ مَرْتَبَةً مَنْصُوصَةً فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إذْ يَخْلُفُ صَوْمَهُ إلَخْ) أَيْ فَيَنْتَقِلُ إلَى الْإِطْعَامِ لِلْعَجْزِ عَنْ الصَّوْمِ بِالْمَوْتِ (قَوْلُهُ: إذَا عَجَزَ عَنْ الْخِصَالِ الَّتِي قَبْلَهُ) أَيْ فَإِنَّ الْوَارِثَ يُطْعِمُ عَنْ صَوْمِ كُلِّ يَوْمٍ مُدًّا لَكِنْ لَوْ عَدَلَ إلَى خَصْلَةٍ مِنْ خِصَالِ التَّخْيِيرِ فَلَا شَكَّ فِي الْإِجْزَاءِ قَالَ: الْجَوْجَرِيُّ بَحْثًا بِرّ (قَوْلُهُ: الْمُرَادُ لَا يُطِيقُونَهُ) أَيْ فَلَا مَقْدِرَةَ فَإِنْ قُلْت أَيُّ قَرِينَةٍ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ ذَلِكَ قُلْت يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قَدْ وُجِدَتْ عِنْدَ النُّزُولِ قَرِينَةٌ حَالِيَّةٌ فُهِمَ مِنْهَا ذَلِكَ وَلَا يَضُرُّ عَدَمُ بَقَائِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَكَالْكَبِيرِ مَرِيضٌ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ) فِي نُكَتِ الْعِرَاقِيِّ لَوْ قَدَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَكَالْمَعْضُوبِ فِي الْحَجِّ وَأَنَّ الْهَرِمَ لَوْ قَدَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَفِيهِ كَلَامٌ شَرْحُ الْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِ اهـ وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ وَهَلْ الْمُدُّ فِي حَقِّ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَخْ مُشْكِلٌ؟ وَلَيْسَ عَلَى مَا يَنْبَغِي وَكَذَا رَأَيْت فِي الرَّافِعِيِّ فَرْضُ الْوَجْهَيْنِ فِي الْهَرِمِ فَقَطْ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ: أَصَحُّهُمَا فِي الْمَجْمُوعِ الثَّانِي) لَكِنْ لَوْ تَكَلَّفَ الصَّوْمَ أَجْزَأَهُ قَالَهُ الْجَوْجَرِيُّ وَلَمْ يُفَرِّعْهُ عَلَى شَيْءٍ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُفَرَّعًا عَلَى الْأَوَّلِ، وَالْوَجْهُ التَّعْمِيمُ (فَرْعٌ)

بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ الْفِدْيَةَ عَلَى التَّرَاخِي لِعَدَمِ التَّعَدِّي (تَنْبِيهٌ)

حَاوَلَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنْ يَحْمِلَ كَلَامَ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَلَى الَّذِي لَا يُطِيقُ بِوَجْهٍ، وَالثَّانِي الَّذِي وَجَّهَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَلَى الَّذِي يُطِيقُ بِمَشَقَّةٍ تُبِيحُ الْفِطْرَ بِرّ وَقَوْلُهُ: الْوَجْهُ التَّعْمِيمُ لِلْإِسْنَوِيِّ اعْتِرَاضٌ يُصَرِّحُ

ــ

[حاشية الشربيني]

بِفَسَادِ مَا قَبْلَهُ وَلَا مَا بَعْدَهُ وَمِنْ ثَمَّ لَا يَجُوزُ إعْطَاؤُهُ مُدًّا وَنِصْفًا مَثَلًا وَلَا مِنْ الْكَفَّارَةِ الْوَاحِدَةِ أَكْثَرَ مِنْ مُدٍّ اهـ.

شَرْحُ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا كَفَّارَةٌ مُتَعَدِّدَةٌ) بِخِلَافِ أَمْدَادِ الْكَفَّارَةِ الْوَاحِدَةِ لَا يَجُوزُ إعْطَاؤُهُ مِنْهَا أَكْثَرَ مِنْ مُدٍّ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: مَنْ أَمْكَنَهُ الْقَضَاءُ) بِأَنْ يُدْرِكَ قَبْلَ مَوْتِهِ زَمَنًا قَابِلًا لِلصَّوْمِ بِقَدْرِ مَا عَلَيْهِ وَلَيْسَ بِهِ نَحْوُ مَرَضٍ، أَوْ سَفَرٍ ق ل (قَوْلُهُ: عَقِبَ رَمَضَانَ) أَيْ مَاتَ فِي ثَانِي يَوْمٍ مِنْ شَوَّالٍ إذْ لَا يَصِحُّ صَوْمُ أَوَّلِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: إذْ يَخْلُفُ إلَخْ) أَيْ فَالْإِطْعَامُ فِي ذَلِكَ وَاجِبٌ أَصَالَةً لَا بُدَّ لَا لِخُصُوصِ الْمَوْتِ بَلْ لِعَجْزِهِ عَنْ الصَّوْمِ فَإِنَّهُ حَيْثُ عَجَزَ عَنْهُ انْتَقَلَ إلَى الْإِطْعَامِ وَلَوْ فِي الْحَيَاةِ اهـ.

ز ي (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَرِدُ عَلَيْهِ إلَخْ) وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَيْضًا كَفَّارَةُ التَّمَتُّعِ فِي الْحَجِّ وَكَفَّارَاتُ الْحَجِّ إذَا تَعَيَّنَ الصَّوْمُ فِيهَا اهـ.

شَرْحُ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: إذَا عَجَزَ عَنْ الْخِصَالِ الَّتِي قَبْلَهُ) أَيْ فَإِنَّ الْوَاجِبَ حِينَئِذٍ الصَّوْمُ وَلَا يَخْلُفُهُ إطْعَامٌ لِعَجْزِهِ عَنْهُ قَبْلُ (قَوْلُهُ: كَمُفْطِرٍ لِكِبَرٍ إلَخْ) أَيْ فِي رَمَضَانَ، أَوْ نَذْرٍ، أَوْ قَضَاءٍ نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ الرَّافِعِيِّ اهـ.

عَمِيرَةُ وَق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ: لَا يُطِيقُ مَعَهُ الصَّوْمَ) فِي شَرْحِ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ نَعَمْ إنْ كَانَ يَضِيقُ فِي زَمَنٍ لَزِمَهُ التَّأْخِيرُ إلَيْهِ وَامْتَنَعَ الْفِطْرُ، وَالْفِدْيَةُ قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطِّيبِ اهـ.

وَهُوَ فِي شَرْحِ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ قَالَ سَوَاءٌ رَمَضَانُ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: كَانَا يَقْرَآنِ) وَقِرَاءَةُ الصَّحَابِيِّ تَجْرِي مَجْرَى خَبَرِ الْوَاحِدِ فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ بِهَا اهـ.

عب (قَوْلُهُ: لَوْ قَدَرَ بَعْدَ إلَخْ) وَلَوْ قَبْلَ إخْرَاجِ الْفِدْيَةِ (قَوْلُهُ: لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ) لَكِنْ

ص: 232

وَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ عَدَمُهُ وَلَوْ كَانَ مُعْسِرًا بِالْفِدَاءِ فَفِي اسْتِقْرَارِهِ عَلَيْهِ وَجْهَانِ كَمَا فِي الْكَفَّارَةِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ كَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا اسْتِقْرَارُهُ كَالْقَضَاءِ فِي حَقِّ الْمَرِيضِ، وَالْمُسَافِرِ وَبِهِ قَطَعَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ يَنْبَغِي تَصْحِيحُ عَكْسِهِ إذْ لَا جِنَايَةَ مِنْهُ (، أَوْ) كَذَاتِ (حَمْلٍ، أَوْ مُرْضِعٍ) وَلَوْ لِوَلَدِ غَيْرِهَا بِأُجْرَةٍ، أَوْ دُونَهَا وَقَدْ أَفْطَرَتَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا لِكُلِّ يَوْمٍ مُدٌّ (إنْ خَافَتَا لِلطِّفْلِ) أَيْ عَلَيْهِ لَمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْله تَعَالَى {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} [البقرة: 184] أَنَّهُ نُسِخَ حُكْمُهُ إلَّا فِي حَقِّهِمَا حِينَئِذٍ، وَالنَّاسِخُ لَهُ قَوْلُهُ:{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185]، وَالْقَوْلُ بِنَسْخِهِ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَنَّهُ مُحْكَمٌ غَيْرُ مَنْسُوخٍ بِتَأْوِيلِهِ بِمَا مَرَّ فِي الِاحْتِجَاجِ بِهِ وَتُسْتَثْنَى الْمُتَحَيِّرَةُ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهَا عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ لِلشَّكِّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا أَفْطَرَتْ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا فَأَقَلَّ فَإِنْ زَادَتْ عَلَيْهَا فَيَنْبَغِي وُجُوبُ الْفِدْيَةِ عَنْ الزَّائِدِ لِعِلْمِنَا بِأَنَّهُ يَلْزَمُهَا صَوْمُهُ وَلَا تَتَعَدَّدُ الْفِدْيَةُ بِتَعَدُّدِ الْوَلَدِ أَمَّا إذَا خَافَتَا عَلَى نَفْسِهِمَا فَقَطْ، أَوْ مَعَ وَلَدَيْهِمَا

ــ

[حاشية العبادي]

بِالتَّعْمِيمِ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: فِي الرَّوْضَةِ عَدَمُهُ) أَيْ الِانْعِقَادِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ: فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ) قَالَ: فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَمَا بَحَثَهُ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَهُوَ مَرْدُودٌ بِأَنَّ: حَقَّ اللَّهِ الْمَالِيُّ إذَا عَجَزَ عَنْهُ الْعَبْدُ وَقْتَ الْوُجُوبِ ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى جِهَةِ الْبَدَلِ إذَا كَانَ بِسَبَبٍ مِنْهُ وَهُوَ هُنَا كَذَلِكَ، أَوْ سَبَبُهُ فِطْرُهُ بِخِلَافِ زَكَاةِ الْفِطْرِ (قَوْلُهُ: أَوْ كَذَاتِ حَمْلٍ، أَوْ مُرْضِعٍ) يُحْتَمَلُ وَلَوْ لِبَهِيمَةٍ مُحْتَرَمَةٍ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ إنْقَاذِ الْمُشْرِفِ عَلَى الْهَلَاكِ (قَوْلُهُ: بِأُجْرَةٍ، أَوْ دُونِهَا) وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ مَا ذَكَرَ فِي الْمُسْتَأْجَرَةِ، وَالْمُتَطَوِّعَةِ إذَا لَمْ تُوجَدْ مُرْضِعَةٌ مُفْطِرَةٌ، أَوْ صَائِمَةٌ لَا يَضُرُّهَا الْإِرْضَاعُ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ أَفْطَرَتَا) وَإِنْ كَانَتَا مُسَافِرَتَيْنِ، أَوْ مَرِيضَتَيْنِ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: لِكُلِّ يَوْمٍ مُدٌّ) أَيْ مَعَ الْقَضَاءِ قَالَ: فِي الْعُبَابِ وَتَبْقَى أَنَّ الْفِدْيَةَ فِي ذِمَّةِ الْمُعْسِرَةِ، وَالرَّقِيقَةِ إلَى الْيَسَارِ (قَوْلُهُ: أَيْ عَلَيْهِ) أَيْ وَحْدَهُ (قَوْلُهُ: فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهَا) وَكَذَا إنْ كَانَتَا فِي سَفَرٍ، أَوْ مَرَضٍ وَتَرَخَّصَا لِأَجْلِهِ، أَوْ أَطْلَقَتَا أَيْ قَصَدَتَا التَّرَخُّصَ لَكِنْ لَمْ يَقْصِدَاهُ لِأَجْلِ السَّفَرِ، أَوْ الْمَرَضِ وَلَا لِأَجْلِ الرَّضِيعِ، وَالْحَمْلِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَرَخَّصَتَا لِأَجْلِ الرَّضِيعِ، وَالْحَمْلِ هَذَا حَاصِلُ مَا فِي الْقُوتِ

ــ

[حاشية الشربيني]

لَوْ تَكَلَّفَ الصَّوْمَ مَعَ الْعَجْزِ أَجْزَأَهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَلَا يُقَالُ: أَنَّهُ غَيْرُ مُخَاطَبٍ بِهِ وَقِيَاسُهُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ؛ لِأَنَّ كَوْنَهُ مُخَاطَبًا بِالْفِدْيَةِ ابْتِدَاءً، أَوْ بَدَلًا إذَا لَمْ يُرِدْ الصَّوْمَ فَإِذَا أَرَادَهُ كَانَ هُوَ الْمُخَاطَبُ بِهِ اهـ.

تُحْفَةٌ (قَوْلُهُ: عَدَمُهُ) لِعَجْزِهِ عَنْهُ حَالَ النَّذْرِ ع ش؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ لَا يُطِيقُهُ أَوْ يَحْصُلُ لَهُ بِهِ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ كَذَاتِ حَمْلٍ) وَلَوْ مِنْ زِنًا اهـ.

ق ل (قَوْلُهُ: إنْ خَافَتَا لِلطِّفْلِ) ؛ لِأَنَّهُ فِطْرٌ ارْتَفَقَ بِهِ شَخْصَانِ مَقْصُودَانِ بِالذَّاتِ لَا اضْمِحْلَالَ لِأَحَدِهِمَا فَيُتَّبَعُ بِخِلَافِ قَصْدِ النَّفْسِ وَحْدَهَا، أَوْ مَعَ الْغَيْرِ يَضْمَحِلُّ قَصْدُ الْغَيْرِ فِي الْأَخِيرَةِ وَلَا قَصْدَ أَصْلًا فِي الْأُولَى مَعَ التَّبَعِيَّةِ لِلنَّفْسِ، وَأَمَّا فِي الْخَوْفِ عَلَى الْغَيْرِ فَقَطْ فَهُوَ مَقْصُودٌ بِالذَّاتِ إنْ لَمْ يُتَّبَعْ وَلَمْ يَضْمَحِلَّ، وَالنَّفْسُ وَإِنْ لَمْ يُلَاحِظْهَا مَقْصُودَةٌ بِالذَّاتِ اهـ.

شَرْحُ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ بِإِيضَاحٍ وَبِهِ يُعْلَمُ مَا أَطَالَ بِهِ مَحْشُوُّ الْمَنْهَجِ اهـ.

مَرْصِفِيٌّ (قَوْلُهُ: أَيْ عَلَيْهِ) أَيْ خَافَتَا عَلَيْهِ مُبِيحَ تَيَمُّمٍ وَلَيْسَ بِلَازِمٍ خَوْفُ الْهَلَاكِ وَإِنْ عَبَّرَ بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الشَّارِحُ فَقَدْ اعْتَرَضَهُ فِي الْإِيعَابِ اهـ.

(قَوْلُهُ: نُسِخَ حُكْمُهُ إلَّا فِي حَقِّهِمَا) إلَّا أَنَّهُ يَزِيدُ عَلَيْهِمَا الْقَضَاءُ عَمَّا كَانَ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ وَهُوَ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الصَّوْمِ، وَالْفِدْيَةِ بِلَا قَضَاءٍ، وَالتَّقْدِيرُ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ، أَوْ صَوْمٌ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ وَلَمْ يُجْعَلْ تَخْصِيصًا؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ بَقَاءُ جَمْعٍ يَقْرَبُ مِنْ مَدْلُولِ الْعَامِّ وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ كَذَا فِي حَوَاشِي الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ إلَخْ) فَهُمَا مَقَالَتَانِ لِقَائِلَيْنِ فَلَا يُقَالُ: لَا يَجُوزُ تَقْدِيرُ النَّفْيِ تَارَةً وَعَدَمُهُ أُخْرَى فِي آيَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا أَوْرَدَهُ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ فِي حَوَاشِي الْمَحَلِّيِّ مَعَ أَنَّ عِبَارَةَ الْمَحَلِّيِّ دَافِعَةٌ؛ لِذَلِكَ حَيْثُ قَالَ هُنَا أَخْذًا مِنْ قَوْله تَعَالَى إلَخْ (قَوْلُهُ:، أَوْ مَعَ وَلَدَيْهِمَا إلَخْ) وَلَيْسَ هُنَا ارْتِفَاقُ شَخْصَيْنِ؛ لِأَنَّ الْخَوْفَ عَلَى النَّفْسِ حَيْثُ وُجِدَ كَانَ غَيْرُهَا تَبَعًا لَهَا فَلَا يُعْتَبَرُ لِتَمَحُّضِ التَّبَعِيَّةِ هُنَا فِيهِ اهـ.

شَرْحُ الْإِرْشَادِ الصَّغِيرِ (قَوْلُهُ:

ص: 233

فَلَا فِدْيَةَ كَالْمَرِيضِ الْمَرْجُوِّ الْبُرْءِ (كَدَافِعِ الْهَلَكِ) بِغَرَقٍ، أَوْ غَيْرِهِ عَنْ شَخْصٍ مُحْتَرَمٍ فَإِنَّهُ إذَا أَفْطَرَ لِدَفْعِ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدٌّ؛ لِأَنَّهُ فِطْرٌ ارْتَفَقَ بِهِ شَخْصَانِ فَيَتَعَلَّقُ بِهِ بَدَلَانِ الْقَضَاءُ، وَالْكَفَّارَةُ كَمَا فِي الْحَامِلِ، وَالْمُرْضِعِ.

وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ النَّفْسِ، وَالْمَالِ، وَاَلَّذِي فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ عَدَمُ لُزُومِ ذَلِكَ فِي الْمَالِ وَفَرْضُهُ فِي مَالِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ ارْتَفَقَ بِهِ شَخْصٌ وَاحِدٌ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَالُ لِغَيْرِهِ لَزِمَهُ الْمُدُّ؛ لِأَنَّهُ ارْتَفَقَ بِهِ شَخْصَانِ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ

(وَمَنْ) أَيْ وَكَمَنْ (قَدْ أَمْكَنَهُ) قَضَاءُ مَا فَاتَهُ مِنْ رَمَضَانَ (وَأَخَّرَ الْقَضَاءَ عَنْ كُلِّ سَنَةٍ) إلَى رَمَضَانَ ثَانٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدٌّ بِمُجَرَّدِ دُخُولِ رَمَضَانَ لِخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ «مَنْ أَدْرَكَهُ رَمَضَانُ فَأَفْطَرَ لِمَرَضٍ، ثُمَّ صَحَّ وَلَمْ يَقْضِهِ حَتَّى أَدْرَكَهُ رَمَضَانُ آخَرُ صَامَ الَّذِي أَدْرَكَهُ ثُمَّ يَقْضِي مَا عَلَيْهِ، ثُمَّ يُطْعِمُ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ، وَالْبَيْهَقِيُّ وَضَعَّفَاهُ قَالَا وَرُوِيَ مَوْقُوفًا عَلَى رِوَايَةٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ سِتَّةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ وَخَرَجَ بِالْإِمْكَانِ الْمَزِيدِ عَلَى الْحَاوِي مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الْقَضَاءُ بِأَنْ اسْتَمَرَّ مُسَافِرًا، أَوْ مَرِيضًا حَتَّى دَخَلَ رَمَضَانُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِالتَّأْخِيرِ؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْأَدَاءِ بِهَذَا الْعُذْرِ جَائِزٌ فَتَأْخِيرُ الْقَضَاءِ أَوْلَى بِالْجَوَازِ وَأَفَادَ قَوْلُهُ: عَنْ كُلِّ سَنَةٍ أَنَّ الْمُدَّ يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ السِّنِينَ إذْ الْحُقُوقُ الْمَالِيَّةُ لَا تَتَدَاخَلُ بِخِلَافِهِ فِي الْكِبَرِ وَنَحْوِهِ لَا يَتَكَرَّرُ بِذَلِكَ لِعَدَمِ التَّقْصِيرِ وَقَدْ تَلَخَّصَ أَنَّ الْفِدْيَةَ تَجِبُ بِفَوْتِ الصَّوْمِ وَبِفَوْتِ وَقْتِهِ وَبِتَأْخِيرِ الْقَضَاءِ

. (وَمَنْ قَضَى الْوَاجِبَ) صَوْمًا أَوْ غَيْرَهُ بِأَنْ شَرَعَ فِيهِ (فَلْيُتِمَّا) أَيْ فَلْيُتِمَّهُ وُجُوبًا وَإِنْ كَانَ مُوَسَّعًا كَمَا يَجِبُ إتْمَامُ أَدَائِهِ (كَذَا صَلَاةُ مَيِّتٍ) وَجِهَادٌ لِمَا سَيَأْتِي (لَا الْعِلْمَا) أَيْ يُتِمَّ الْوَاجِبَ الْعَيْنِيَّ لَا الْعِلْمَ غَيْرَ الْعَيْنِيِّ وَإِنْ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: كَدَافِعِ الْهَلَكِ) أَيْ الْهَلَاكِ وَاسْتِثْنَاءُ الْمُتَحَيِّرَةِ السَّابِقِ يَأْتِي هُنَا كَمَا هُوَ صَرِيحُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: عَنْ شَخْصٍ مُحْتَرَمٍ) قَالَ: الْجَوْجَرِيُّ يُؤْخَذُ مِنْ إطْلَاقِ الْإِرْشَادِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْآدَمِيِّ الْمَعْصُومِ، وَالْبَهِيمَةِ الْمُحْتَرَمَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ.

، وَالظَّاهِرُ أَنَّ عُضْوَ الْمُحْتَرَمِ وَمَنْفَعَتَهُ كَالنَّفْسِ بِرّ (قَوْلُهُ: فِي مَالِ نَفْسِهِ) كَذَا قَالَ غَيْرُهُ وَإِنْ ارْتَفَقَ بِهِ شَخْصَانِ م ر

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَلْزَمُ إلَخْ) قَالَ: فِي الْعُبَابِ إنْ لَمْ يُوجِبْ فِطْرُهُ كَفَّارَةً اهـ.

فَإِنْ أَوْجَبَهُ كَالْجِمَاعِ قَالَ: الْقَاضِي فَهَلْ يَلْزَمُهُ لِلتَّأْخِيرِ فِدْيَةٌ؟ فِيهِ جَوَابَانِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَزِمَهُ فِي هَذَا الْيَوْمِ كَفَّارَةٌ فَلَا يَجْتَمِعُ اثْنَانِ، وَالثَّانِي يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ الْفِدْيَةَ لِلتَّأْخِيرِ، وَالْكَفَّارَةَ لِلْهَتْكِ اهـ.

وَلَعَلَّ الثَّانِيَ هُوَ الْأَوْجَهُ وَكَتَبَ أَيْضًا وَهَلْ يَجُوزُ الصَّوْمُ عَنْ هَذَا الْمُدِّ؟ وَجْهَانِ وَلَعَلَّ الْمَنْعَ أَوْجَهُ؛ لِأَنَّ الْمُدَّ أَصْلٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْأَدَاءِ بِهَذَا الْعُذْرِ إلَخْ) قَالَ: فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَوْ فَاتَ شَيْءٌ بِلَا عُذْرٍ وَأَخَّرَ قَضَاءَهُ بِسَفَرٍ أَوْ نَحْوِهِ لَمْ تَلْزَمْهُ الْفِدْيَةُ وَبِهِ جَزَمَ الْمُتَوَلِّي وَسُلَيْمٌ الرَّازِيّ لَكِنْ سَيَأْتِي فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ تَبَعًا لِمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ التَّهْذِيبِ وَأَقَرَّهُ أَنَّ التَّأْخِيرَ لِلسَّفَرِ حَرَامٌ وَقَضِيَّتُهُ لُزُومُهَا اهـ.

وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ عَدَمُ اللُّزُومِ إنْ قُلْنَا التَّأْخِيرُ لَيْسَ بِحَرَامٍ (قَوْلُهُ: بِفَوْتِ الصَّوْمِ) أَيْ وَذَلِكَ فِي حَقِّ مَنْ مَاتَ بَعْدَ التَّمَكُّنِ قَبْلَ دُخُولِ رَمَضَانَ الثَّانِي وَحَقِّ الْهَرِمِ وَنَحْوِهِ وَقَوْلُهُ: وَبِفَوْتِ وَقْتِهِ

ــ

[حاشية الشربيني]

كَدَافِعِ الْهَلَكِ إلَخْ) فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْفِطْرُ مَتَى تَوَقَّفَ الدَّفْعُ عَلَيْهِ وَتَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ وَلَيْسَ الْإِكْرَاهُ الشَّرْعِيُّ هُنَا كَالْحِسِّيِّ لِوُقُوعِ الْفِطْرِ هُنَا وَسِيلَةً لِشَيْءٍ آخَرَ لَا مَقْصُودًا تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: أَيْضًا كَدَافِعِ الْهَلَكِ) أَيْ وَهُوَ لَا يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ لَوْلَا الْإِنْقَاذُ أَمَّا مَنْ يُبَاحُ لَهُ لِعُذْرٍ كَسَفَرٍ، أَوْ غَيْرِهِ وَأَفْطَرَ فِيهِ لِلْإِنْقَاذِ وَلَوْ بِلَا نِيَّةِ التَّرَخُّصِ فَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: يُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا فِدْيَةَ وَيُتَّجَهُ تَقْيِيدُهُ بِأَنْ أَفْطَرَ لِنَحْوِ السَّفَرِ لَا لِلْإِنْقَاذِ كَمَا مَرَّ اهـ.

م ر (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ فِطْرٌ ارْتَفَقَ بِهِ شَخْصَانِ) يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَلْحَقُ بِالْمُرْضِعِ مَنْ أَفْطَرَ لِإِنْقَاذِ مُشْرِفٍ عَلَى هَلَاكٍ التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْخَوْفُ عَلَى الْمُشْرِفِ وَحْدَهُ وَأَنْ لَا يَكُونَ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَهُوَ قِيَاسُ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَ مُسَافِرًا وَأَفْطَرَ بِقَصْدِ السَّفَرِ لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ إلَخْ) حَاصِلُ مَا اعْتَمَدَهُ حَجَرٌ فِي كُتُبِهِ أَنَّ الْحَيَوَانَ الْمُحْتَرَمَ آدَمِيًّا، أَوْ غَيْرَهُ تَجِبُ الْفِدْيَةُ بِالْفِطْرِ لِإِنْقَاذِهِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْآدَمِيَّ إنْ كَانَ حُرًّا ارْتَفَقَ بِهِ شَخْصَانِ الْمُنْقِذُ، وَالْمُنْقَذُ وَإِنْ كَانَ رَقِيقًا، أَوْ حَيَوَانًا غَيْرَهُ فَإِنْ كَانَ لَهُ فَكَذَلِكَ، أَوْ لِغَيْرِهِ ارْتَفَقَ بِهِ ثَلَاثَةُ أَشْخَاصٍ هُمَا وَمَالِكُ الْمُنْقَذِ بِفَتْحِ الْقَافِ وَإِنْ غَيْرَ الْحَيَوَانِ مِنْ سَائِرِ الْأَمْوَالِ إنْ كَانَ لِغَيْرِهِ فَالْفِدْيَةُ لِارْتِفَاقِ الْمُنْقِذِ بِالْفِطْرِ وَمَالِكِ الْمَالِ بِتَخْلِيصِ مَالِهِ مِنْ التَّلَفِ وَإِنْ كَانَ لَهُ فَلَا فِدْيَةَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْتَفِقْ بِهِ إلَّا شَخْصٌ وَاحِدٌ وَهُوَ الْمَالِكُ الْمُنْقِذُ، وَالْجَمَادُ نَفْسُهُ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ ارْتِفَاقٌ وَاعْتَمَدَ م ر فِي الْحَيَوَانِ لُزُومَ الْفِدْيَةِ وَأَطْلَقَ عَدَمَهَا فِي غَيْرِهِ مِنْ الْأَمْوَالِ اهـ.

مَدَنِيٌّ

(قَوْلُهُ: قَضَاءُ مَا فَاتَهُ) لَوْ أَخَّرَ قَرِيبُ الْمَيِّتِ التَّدَارُكَ عَنْ الْمَيِّتِ حَتَّى جَاءَ رَمَضَانُ آخَرُ فَإِنْ أَرَادَ الْفِدْيَةَ عَنْهُ لَزِمَ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدَّانِ مُدٌّ لِلْفَوَاتِ وَمُدٌّ لِلتَّأْخِيرِ وَإِنْ أَرَادَ الصَّوْمَ عَنْهُ لَزِمَهُ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدٌّ لِلتَّأْخِيرِ مَعَ الصَّوْمِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَمُولِيُّ فِي الْجَوَاهِرِ وَغَيْرِهِ اهـ.

مَدَنِيٌّ عَلَى شَرْحِ حَجَرٍ لِبَافَضْلٍ (قَوْلُهُ: عَنْ كُلِّ سَنَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمَا سَبَقَ مِنْ قَوْلِهِ: وَصَرْفُ مُدٍّ وَاجِبٌ (قَوْلُهُ: سِتَّةٌ) هُمْ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَعَلِيُّ وَابْنُ عُمَرَ وَجَابِرٌ وَالْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ - اهـ.

مَدَنِيٌّ (قَوْلُهُ: إنَّ الْمُدَّ يَتَكَرَّرُ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ فَوَّتَهُ وَتَمَكَّنَ مِنْ قَضَائِهِ لَزِمَهُ الْمُدُّ وَتَكَرَّرَ وَمَنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ إنْ فَوَّتَهُ بِعُذْرٍ فَفِي وُجُوبِ الْمُدِّ خِلَافٌ وَعَلَى وُجُوبِهِ فَفِي تَكَرُّرِهِ خِلَافٌ اهـ.

مَرْصِفِيٌّ (قَوْلُهُ: بِتَكَرُّرِ السِّنِينَ) أَيْ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا الْإِمْكَانُ مَعَ كَوْنِهِ عَامِدًا عَالِمًا فَلَا فِدْيَةَ عَلَى نَاسٍ، أَوْ جَاهِلٍ وَلَوْ لِمَا فَاتَ بِغَيْرِ عُذْرٍ خِلَافًا لِلْخَطِيبِ وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ مُوسِرًا بِمَا فِي الْفِطْرَةِ كَمَا قَالَهُ الْخَطِيبُ وَغَيْرُهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُعْتَبَرُ الزِّيَادَةُ عَلَى مُؤْنَةِ الْعُمُرِ الْغَالِبِ؛ لِأَنَّهَا كَفَّارَةٌ فَلَا يَلْزَمُ لِعَامٍ عَجَزَ فِيهِ كَمَا مَرَّ كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَنَقَلَ الْعَلَّامَةُ سم عَنْ شَيْخِنَا م ر أَنَّهُ يَكْفِي تَمَكُّنُهُ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ اهـ.

ق ل عَلَى الْجَلَالِ

(قَوْلُهُ: فَلْيُتِمَّهُ) أَيْ

ص: 234

كَانَ فَرْضَ كِفَايَةٍ وَظَهَرَتْ نَجَابَتُهُ فِيهِ (وَ) لَا (الْفَرْضُ عَنْ كِفَايَةِ) غَيْرِ مَا مَرَّ فَلَا يَلْزَمُهُ إتْمَامُ شَيْءٍ مِنْهُمَا (إنْ شَرَعَا فِيهِ) لِئَلَّا يُغَيِّرُ الشُّرُوعُ حُكْمَ الْمَشْرُوعِ فِيهِ وَإِنَّمَا خُولِفَ ذَلِكَ فِي صَلَاةِ الْمَيِّتِ، وَالْجِهَادِ لِئَلَّا تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ الْمَيِّتِ وَيَحْصُلُ الْخَلَلُ بِكَسْرِ قُلُوبِ الْجُنْدِ؛ وَلِأَنَّ الْعِلْمَ لَيْسَ كَالْخَصْلَةِ الْوَاحِدَةِ بَلْ كُلُّ مَسْأَلَةٍ مِنْهُ مَطْلُوبٌ بِرَأْسِهَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ، وَالْجِهَادِ وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّهُ إذَا شَرَعَ فِي مَسْأَلَةٍ لَزِمَهُ إتْمَامُهَا، وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ عَمَلًا بِالتَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ (وَلَا عِبَادَةٌ تَطَوُّعًا) صَوْمًا، أَوْ غَيْرَهُ إلَّا الْحَجَّ، وَالْعُمْرَةَ كَمَا سَيَأْتِيَانِ بَابُهُمَا وَذَلِكَ لِمَا مَرَّ آنِفًا وَلِخَبَرِ «الصَّائِمُ الْمُتَطَوِّعُ أَمِيرُ نَفْسِهِ إنْ شَاءَ صَامَ وَإِنْ شَاءَ أَفْطَرَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَ الْحَاكِمُ إسْنَادَهُ وَلِخَبَرِ عَائِشَةَ الْمُتَقَدِّمِ فِي الْكَلَامِ عَلَى نِيَّةِ الصَّوْمِ.

وَيُقَاسُ بِالصَّوْمِ غَيْرُهُ نَعَمْ يُكْرَهُ قَطْعُ ذَلِكَ بِلَا عُذْرٍ وَإِذَا قَطَعَهُ قَالَ الْمُتَوَلِّي: لَا يُثَابُ عَلَى مَا مَضَى؛ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ لَمْ تَتِمَّ وَعَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يُثَابُ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْوَجْهُ إنْ قَطَعَهُ بِعُذْرٍ، وَالتَّطَوُّعُ (كَصَوْمِ يَوْمِ عَرَفَاتٍ) ، وَهُوَ تَاسِعُ ذِي الْحِجَّةِ قَالَ صلى الله عليه وسلم «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ قَالَ الْإِمَامُ: وَالْمُكَفَّرُ الصَّغَائِرُ وَيَوْمُ عَرَفَةَ أَفْضَلُ أَيَّامِ السَّنَةِ (لَا لِمَنْ فِي الْحَجِّ) فَمَنْ كَانَ حَاجًّا لَا يُسَنُّ لَهُ صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ بَلْ يُسَنُّ لَهُ فِطْرُهُ (إنْ كَانَ إذَا صَامَ وَهَنَ) أَيْ ضَعُفَ وَهَذَا وَجْهٌ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُسَنُّ لَهُ فِطْرُهُ وَإِنْ كَانَ قَوِيًّا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَلِيَقْوَى عَلَى الدُّعَاءِ فَصَوْمُهُ فِيهِ خِلَافُ الْأَوْلَى بَلْ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ لِلنَّوَوِيِّ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَفِيهَا أَنَّهُ يُسَنُّ صَوْمُهُ لِحَاجٍّ لَمْ يَصِلْ عَرَفَةَ إلَّا لَيْلًا لِفَقْدِ الْعِلَّةِ وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْمُسَافِرِ أَمَّا الْمُسَافِرُ فَيُسَنُّ فِطْرُهُ فِيهِ مُطْلَقًا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ نَقَلَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ وَيُسَنُّ صَوْمُ ثَامِنِ ذِي الْحِجَّةِ احْتِيَاطًا لِعَرَفَةَ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ بَلْ يُسَنُّ صَوْمُ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ غَيْرِ الْعِيدِ وَقَوْلُ النَّظْمِ لَا لِمَنْ فِي الْحَجِّ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَ) كَصَوْمِ (سِتِّ) أَيَّامٍ مِنْ (شَوَّالٍ) بَعْدَ يَوْمِ الْعِيدِ قَالَ: صلى الله عليه وسلم

ــ

[حاشية العبادي]

هُوَ فِي حَقِّ الْمُرْضِعِ، وَالْحَامِلِ وَدَافِعِ الْهَلَكِ، وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ فَظَاهِرٌ وَاعْلَمْ أَنَّ الْقِسْمَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ يَجِبُ فِيهِمَا الْقَضَاءُ، وَالْفِدْيَةُ، وَالْأَوَّلُ تَجِبُ فِيهِ الْفِدْيَةُ لَا غَيْرُ بِرّ

(قَوْلُهُ: لِئَلَّا يُنْتَهَكَ حُرْمَةُ الْمَيِّتِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ نَحْوَ الْمَيِّتِ وَدَفْنَهُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: إنْ شَاءَ صَامَ) أَيْ أَتَمَّ صَوْمَهُ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) كَانَ مَعْنَاهُ سَوَاءٌ أَكَانَ حَاجًّا، أَوْ لَا فَلَا يُنَافِي قَوْلَ الْأَذْرَعِيِّ مَحَلُّ النَّصِّ مَحْمُولٌ عَلَى مُسَافِرٍ جَهَدَهُ الصَّوْمُ (قَوْلُهُ: كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ) قَالَ: الْأَذْرَعِيُّ: النَّصُّ مَحْمُولٌ عَلَى مُسَافِرٍ جَهَدَهُ الصَّوْمُ (قَوْلُهُ: وَسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ) اعْتَمَدَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ أَنَّهُ لَوْ صَامَ سِتَّةً مِنْ شَوَّالٍ عَنْ نَحْو نَذْرٍ، أَوْ قَضَاءٍ حَصَلَ مَعَ مَا نَوَاهُ سِتَّةُ شَوَّالٍ أَيْضًا وَأَفْتَى بِأَنَّهُ: لَوْ أَفْطَرَ رَمَضَانَ وَصَامَ عَنْهُ شَوَّالًا صَامَ السِّتَّةَ مِنْ الْقَعْدَةِ وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ: هَذَا الْإِفْتَاءَ يُخَالِفُ مَا اعْتَمَدَهُ مِمَّا ذُكِرَ وَأُجِيبُ بِحَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا وُجِدَ صَارِفٌ عَنْ سِتَّةِ شَوَّالٍ بِأَنْ صَامَ شَوَّالًا عَنْ الْقَضَاءِ قَاصِدًا تَأْخِيرَ السِّتَّةِ إلَى مَا بَعْدَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْيَوْمَ الَّذِي شَرَعَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَلَا الْفَرْضَ عَنْ كِفَايَةٍ) يَنْبَغِي إنْ عَلِمَ، أَوْ ظَنَّ أَنَّ غَيْرَهُ يَقُومُ بِهِ، وَالْأَوْجَبُ الْإِتْمَامُ كَمَا هُوَ الْحُكْمُ فِي أَصْلِ الشُّرُوعِ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ فَرْضُ الْكِفَايَةِ إنْ انْحَصَرَ الْعِلْمُ بِهِ فِي وَاحِدٍ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ وَإِلَّا أُجْبِرَ كُلٌّ فَإِنْ فَعَلَهُ الْبَعْضُ سَقَطَ الطَّلَبُ وَإِلَّا أَثِمُوا كُلُّهُمْ؛ لِأَنَّ كُلًّا تَرَكَ مَا لَزِمَهُ وَلَوْ عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِ اهـ.

(قَوْلُهُ: إذَا شَرَعَ فِي مَسْأَلَةٍ) قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ أَبِي شَرِيفٍ فِي حَوَاشِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ إنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا يُتَصَوَّرُ الشُّرُوعُ فِيهَا وَتَرْكُهَا مِنْ غَيْرِ إتْمَامٍ؛ لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ التَّصْدِيقِ، وَالتَّصْدِيقُ لَا يَتَبَعَّضُ كَذَا بِهَامِشِ الشَّارِحِ اهـ.

وَلَعَلَّ مُرَادَهُمْ هُنَا مَا يَعُمُّ تَصَوُّرَ الْمَوْضُوعِ، وَالْمَحْمُولِ (قَوْلُهُ: عَمَلًا بِالتَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ) ؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ الْوَاحِدَةَ لَمْ تَجِبْ بِخُصُوصِهَا بَلْ لِانْدِرَاجِهَا فِيمَا يَجُوزُ قَطْعُهُ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: كَصَوْمِ يَوْمِ عَرَفَاتٍ) وَلَوْ حَصَلَ الشَّكُّ فِي هَلَاكِ الْحُجَّةِ فَلَا تَحْرِيمَ وَلَا كَرَاهَةَ فِي صَوْمِهِ كَمَا فِي صِيَامِ الثَّلَاثِينَ مِنْ رَمَضَانَ بَعْدَ الشَّكِّ فِي أَوَّلِهِ قَالَهُ مَوْهُوبٌ الْجَحْدَرِيُّ اهـ.

عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ: أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ إلَخْ) أَيْ إنْ وَجَدَ شَيْئًا، وَإِلَّا زِيدَ بِهِ حَسَنَاتٌ فَلَا يُقَالُ: إنَّ الْوُضُوءَ، وَالصَّلَاةَ، وَالْجُمُعَةَ وَرَمَضَانَ وَغَيْرَهَا مُكَفِّرَاتٌ فَمَعْنَى أَنَّ كُلًّا مِنْ ذَلِكَ مُكَفِّرٌ أَنَّهُ صَالِحٌ لِلتَّكْفِيرِ وَوَجْهُ كَوْنِ عَرَفَةَ تُكَفِّرُ سَنَتَيْنِ وَعَاشُورَاءَ سَنَةً أَنَّ عَرَفَةَ مِنْ خَصَائِصِنَا بِخِلَافِ عَاشُورَاءَ وَأَعْمَالُنَا يُضَاعَفُ ثَوَابُهَا عَلَى أَعْمَالِ بَقِيَّةِ الْأُمَمِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ اهـ.

شَرْحُ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: قَالَ الْإِمَامُ إلَخْ) هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّهُ يُكَفِّرُ الْكَبَائِرَ لَكِنْ مَالَ إلَيْهِ م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ، وَالْمُرَادُ بِالصَّغَائِرِ الَّتِي يُكَفِّرُهَا هُوَ، أَوْ غَيْرُهُ هِيَ الَّتِي لَا تَتَعَلَّقُ بِالْآدَمِيِّ قَالَ النَّوَوِيُّ: فَإِنْ لَمْ تَكُنْ صَغَائِرُ فَيُرْجَى أَنْ يَحْتُتْ مِنْ الْكَبَائِرِ اهـ.

شَرْحُ الْعُبَابِ وق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: لَا لِمَنْ فِي الْحَجِّ) مِثْلُهُ الْمُسَافِرُ وَلَوْ سَفَرًا قَصِيرًا إذَا أَجْهَدَهُ الصَّوْمُ ع ش وَمِثْلُ صَوْمِ عَرَفَةَ فِي هَذَا غَيْرُهُ بِالْأَوْلَى اهـ.

بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: لَا يُسَنُّ لَهُ صَوْمُ عَرَفَةَ)

ص: 235

«مِنْ صَامَ رَمَضَانَ، ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ

وَرَوَى النَّسَائِيّ خَبَرَ «صِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ بِعَشْرَةِ أَشْهُرٍ وَصِيَامُ سِتَّةِ أَيَّامٍ بِشَهْرَيْنِ فَذَلِكَ صِيَامُ السَّنَةِ» وَحَذْفُ تَاءِ التَّأْنِيثِ عِنْدَ حَذْفِ الْمَعْدُودِ جَائِزٌ كَمَا سَلَكَهُ النَّاظِمُ تَبَعًا لِلْخَبَرِ (وَ) صَوْمُهَا (بِالْوَلَاءِ) وَمُتَّصِلُهُ بِيَوْمِ الْعِيدِ (أَوْلَى) مِنْ تَفْرِيقِهَا وَمِنْ صَوْمِهَا غَيْرِ مُتَّصِلَةٍ بِيَوْمِ الْعِيدِ مُبَادَرَةً لِلْعِبَادَةِ وَقَوْلُهُ: وَبِالْوَلَاءِ أَوْلَى مِنْ زِيَادَةِ (وَ) كَصَوْمِ (عَاشُورَاءَ) ، وَهُوَ عَاشِرُ الْمُحَرَّمِ (وَتَاسُوعَاءَ)، وَهُوَ تَاسِعُهُ قَالَ: صلى الله عليه وسلم «يَوْمُ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ» وَقَالَ: «لَئِنْ عِشْت إلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ فَمَاتَ قَبْلَهُ» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ وَيُسَنُّ صَوْمُ الْحَادِيَ عَشَرَ أَيْضًا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَحِكْمَةُ صَوْمِ تَاسُوعَاءَ مَعَ عَاشُورَاءَ الِاحْتِيَاطُ لِعَاشُورَاءَ، وَالْمُخَالَفَةُ لِلْيَهُودِ كَمَا زَادَهَا النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ:(خُولِفَ بِالتَّاسِعِ) أَيْ بِصَوْمِهِ مَعَ الْعَاشِرِ (لِلْمَرِيضِ قَلْبَا) أَيْ لِأَجْلِ إفْرَادِ مَرِيضِ الْقَلْبِ بِالْكُفْرِ عَاشُورَاءَ بِالصَّوْمِ (وَ) كَصَوْمِ (أَيَّامِ اللَّيَالِي الْبِيضِ) وَهِيَ الثَّالِثَ عَشَرَ وَتَالِيَاهُ لِلْأَمْرِ بِصَوْمِهَا فِي النَّسَائِيّ وَصَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ.

وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا فَصَوْمُهَا كَصَوْمِ الشَّهْرِ وَمِنْ ثَمَّ سُنَّ صَوْمُ ثَلَاثَةٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَلَوْ غَيْرَ أَيَّامِ الْبِيضِ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ قَالَ السُّبْكِيُّ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُسَنُّ صَوْمُ ثَلَاثَةٍ وَأَنْ تَكُونَ أَيَّامَ الْبِيضِ فَإِنْ صَامَهَا أَتَى بِالسُّنَّتَيْنِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيُسَنُّ صَوْمُ أَيَّامِ السُّودِ الثَّامِنِ، وَالْعِشْرِينَ وَتَالِيَيْهِ وَخُصَّتْ أَيَّامُ الْبِيضِ وَأَيَّامُ السُّودِ بِذَلِكَ لِتَعْمِيمِ لَيَالِي الْأُولَى بِالنُّورِ وَلَيَالِي الثَّانِيَةِ بِالسَّوَادِ فَنَاسَبَ صَوْمُ الْأُولَى شُكْرًا، وَالثَّانِيَةِ لِطَلَبِ كَشْفِ السَّوَادِ؛ وَلِأَنَّ الشَّهْرَ ضَيْفٌ قَدْ أَشْرَفَ عَلَى الرَّحِيلِ فَنَاسَبَ تَزْوِيدُهُ بِذَلِكَ، وَالِاحْتِيَاطُ صَوْمُ الثَّانِي عَشَرَ مَعَ أَيَّامِ الْبِيضِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: وَصَوْمُ السَّابِعِ، وَالْعِشْرِينَ مَعَ أَيَّامِ السَّوَادِ (صَوْمُهُ) أَيْ وَكَصَوْمِهِ (الْخَمِيسَ، وَالِاثْنَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «كَانَ يَتَحَرَّى صَوْمَهُمَا» وَقَالَ: صلى الله عليه وسلم «إنَّهُمَا يَوْمَانِ تُعْرَضُ فِيهِمَا الْأَعْمَالُ فَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ» رَوَاهُمَا التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ، وَالْمُرَادُ عَرْضُهَا عَلَى اللَّهِ وَأَمَّا رَفْعُ الْمَلَائِكَةِ لَهَا فَإِنَّهُ بِاللَّيْلِ مَرَّةً وَبِالنَّهَارِ مَرَّةً وَلَا

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: كَصِيَامِ الدَّهْرِ) أَيْ فَرْضًا فَمَنْ لَمْ يَصُمْ رَمَضَانَ وَلَوْ لِعُذْرٍ، ثُمَّ صَامَ سِتَّةَ شَوَّالٍ، وَقَضَاءَ رَمَضَانَ لَا يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُ صِيَامِ الدَّهْرِ فَرْضًا وَكَتَبَ أَيْضًا قَضِيَّةُ كَلَامِ التَّنْبِيهِ وَكَثِيرِينَ أَنَّ مَنْ لَمْ يَصُمْ رَمَضَانَ لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ، أَوْ سَفَرٍ، أَوْ صِبًا، أَوْ جُنُونٍ، أَوْ كُفْرٍ لَا يُسَنُّ لَهُ صَوْمُ سِتَّةِ شَوَّالٍ قَالَ: أَبُو زُرْعَةَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَحْصُلُ لَهُ أَصْلُ سُنَّةِ الصَّوْمِ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ الثَّوَابُ الْمَذْكُورُ لِتَرَتُّبِهِ فِي الْخَبَرِ عَلَى صِيَامِ رَمَضَانَ فَإِنْ أَفْطَرَ رَمَضَانَ تَعَدِّيًا حَرُمَ عَلَيْهِ صَوْمُهَا وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الْمَحَامِلِيِّ كَشَيْخِهِ الْجُرْجَانِيِّ يُكْرَهُ لِمَنْ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَمَضَانَ أَنْ يَتَطَوَّعَ بِالصَّوْمِ كَرَاهَةَ صَوْمِهَا لِمَنْ أَفْطَرَ بِعُذْرٍ فَيُنَافِي مَا مَرَّ إلَّا أَنْ يُجْمَعَ بِأَنَّهُ: ذُو وَجْهَيْنِ، أَوْ يُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى مَنْ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ كَصَبِيٍّ بَلَغَ وَكَافِرٍ أَسْلَمَ وَهَذَا عَلَى مَنْ عَلَيْهِ قَضَاءٌ وَإِذَا تَرَكَهَا فِي شَوَّالٍ لِذَلِكَ، أَوْ غَيْرِهِ سُنَّ قَضَاؤُهَا فِيمَا بَعْدُ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: وَالِاثْنَيْنِ) وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْخَمِيسِ م ر وَفِي فَتَاوَى الشَّارِحِ أَنَّهُ إذَا فَاتَهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

إلَّا إذَا كَانَ مَاكِثًا النَّهَارَ بِغَيْرِ عَرَفَةَ وَقَصَدَ عَرَفَةَ لَيْلًا اهـ.

ع ش وق ل ثُمَّ رَأَيْت مَا فِي الشَّارِحِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ الْمُحَشِّي أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مُسَافِرٍ جَهَدَهُ الصَّوْمُ اهـ.

وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ الْمُكْثَ لَيْسَ بِقَيْدٍ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إلَخْ) أَيْ دَائِمًا فَلَا تَكُونُ الْمَرَّةُ مِنْ صِيَامِ رَمَضَانَ وَسِتَّةِ شَوَّالٍ كَصِيَامِ الدَّهْرِ بِدَلِيلِ رِوَايَةِ صِيَامِ رَمَضَانَ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ إلَى قَوْلِهِ فَذَلِكَ صِيَامُ السَّنَةِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ مَرَّةٍ بِسَنَةٍ اهـ.

سم عَلَى التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: رَمَضَانَ) مَفْعُولٌ عَلَى التَّوَسُّعِ وَلَيْسَ ظَرْفًا هُنَا فَالْمُرَادُ جَمِيعُهُ اهـ.

عَمِيرَةُ سم عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: جَائِزٌ) وَهُوَ أَفْصَحُ مِنْ إثْبَاتِهَا حِينَئِذٍ م ر (قَوْلُهُ: أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ) أَيْ أَرْجُو مِنْ اللَّهِ اهـ.

شَيْخُنَا ذ (قَوْلُهُ: الثَّالِثَ عَشَرَ) أَيْ فِي غَيْرِ ذِي الْحِجَّةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَيُبَدَّلُ بِالسَّادِسِ عَشَرَ مِنْهُ اهـ.

ق ل (قَوْلُهُ: صَوْمُ الثَّانِي عَشَرَ) أَيْ لِلْخِلَافِ فِي أَنَّهُ أَوَّلُهَا وَعَلَّلَ فِي التُّحْفَةِ كَمَا هُنَا بِالِاحْتِيَاطِ أَيْ لِاحْتِمَالِ نَقْصِ الشَّهْرِ وَهُوَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْخِلَافَ وَاهٍ جِدًّا لِمُخَالَفَتِهِ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ فَلَا يُرَاعَى اهـ.

مَدَنِيٌّ (قَوْلُهُ: وَصَوْمُ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ) مِنْ الْوَاضِحِ أَنَّ مَنْ قَالَ أَوَّلُهَا السَّابِعُ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ إذَا تَمَّ الشَّهْرُ يُسَنُّ صَوْمُ الْآخَرِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ الثَّانِي وَمَنْ قَالَ الثَّامِنُ يُسَنُّ لَهُ صَوْمُ السَّابِعِ احْتِيَاطًا فَيُتَّجَهُ سَنُّ صَوْمِ الْأَرْبَعَةِ الْأَخِيرَةِ إذَا تَمَّ الشَّهْرُ عَلَيْهِمَا كَذَا فِي التُّحْفَةِ اهـ.

مَدَنِيٌّ (قَوْلُهُ: وَصَوْمُ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ) أَيْ احْتِيَاطًا لِنَقْصِ الشَّهْرِ فَإِنْ لَمْ يَصُمْهُ وَنَقَصَ الشَّهْرُ أَبْدَلَهُ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ بَعْدَهُ وَعَلَى هَذَا هَلْ يُطْلَبُ لِهَذَا الشَّهْرِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ أُخْرَى، أَوْ يَكْفِي ذَلِكَ الْيَوْمُ لِلشَّهْرَيْنِ؟ رَاجِعْ ق ل، وَالظَّاهِرُ قِيَاسًا عَلَى غَيْرِهِ كِفَايَتُهُ إنْ لَمْ يَنْوِ صَوْمَهُ عَنْ غَيْرِهِ بَلْ وَإِنْ نَوَاهُ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ وُجُودُ صَوْمٍ فِيهِ (قَوْلُهُ: تُعْرَضُ فِيهَا الْأَعْمَالُ) أَيْ بَعْدَ الْغُرُوبِ فَقَوْلُهُ: وَأَنَا صَائِمٌ عَلَى إثْرِ صَوْمٍ وَقِيلَ بَعْدَ الْعَصْرِ فَقَوْلُهُ: وَأَنَا صَائِمٌ عَلَى حَقِيقَتِهِ اهـ.

شَيْخُنَا ذ اهـ.

مَرْصِفِيٌّ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ عَرْضُهَا عَلَى اللَّهِ) قِيلَ وَتُعْرَضُ عَلَى اللَّهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ

ص: 236