المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب صلاة الخوف) - الغرر البهية في شرح البهجة الوردية - جـ ٢

[زكريا الأنصاري]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ الْجُمُعَةِ)

- ‌[شُرُوطُ صِحَّةِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[ضَابِطُ النَّاسِ فِي الْجُمُعَةِ سِتَّةُ أَقْسَامٍ]

- ‌[شُرُوطِ لُزُومِ الْجُمُعَةَ]

- ‌[آدَابُ الْجُمُعَةَ]

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ)

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْعِيدِ)

- ‌[خَاتِمَةٌ لُبْسُ الثِّيَابِ الْخَشِنَةِ لِغَيْرِ غَرَضٍ شَرْعِيٍّ]

- ‌[فَرْعٌ الْخُطَبُ الْمَشْرُوعَةُ عَشْرُ خُطَبٍ]

- ‌(تَنْبِيهٌ) إذَا رَأَى شَيْئًا مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْخُسُوفِ)

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ حُكْمِ (تَارِكِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بَابُ الْجَنَائِزِ)

- ‌[فَرْعٌ لَوْ مَاتَ أَقَارِبُهُ دُفْعَةً قُدِّمَ فِي التَّكْفِينِ وَغَيْرِهِ مِنْ يُسْرِعُ فَسَادُهُ]

- ‌[فَائِدَةٌ فِي سَبَبِ تَسْمِيَةِ مَنْ قُتِلَ قَبْلُ فِي حَرْبِ الْكُفَّارِ شَهِيدًا]

- ‌[فَرَعٌ حَضَرَ مَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَى الْمَيِّتِ]

- ‌(بَابُ الزَّكَاةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ زَكَاةِ (الْفِطْرَةِ)

- ‌(بَابُ الصِّيَامِ)

- ‌(بَابُ الِاعْتِكَافِ)

- ‌[أَرْكَانُهُ الِاعْتِكَافُ]

- ‌(بَابُ الْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ)

- ‌(بَابُ الْبَيْعِ)

- ‌(بَابُ الرِّبَا)

- ‌(فَصْلٌ فِي الْخِيَارِ)

- ‌[أَسْبَابُ الْخِيَارِ]

الفصل: ‌(باب صلاة الخوف)

حُضُورُهَا، وَإِنْ خَلَتْ عَنْ الزِّينَةِ، وَالطِّيبِ.

وَفِي مَعْنَى الزَّوْجِ السَّيِّدُ وَخَرَجَ بِالْعَجُوزِ أَيْ: غَيْرُ الْمُشْتَهَاةِ الشَّابَّةُ، وَالْمُشْتَهَاةُ، فَيُكْرَهُ لَهُمَا الْحُضُورُ كَمَا مَرَّ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْخُنْثَى فِي ذَلِكَ كَالْأُنْثَى

(وَوَاجِدُ الْفُرْجَةِ) إذَا لَمْ يَبْلُغْهَا إلَّا بِتَخَطٍّ، وَإِنْ وَجَدَ غَيْرَهَا (وَالْإِمَامُ) إذَا لَمْ يَبْلُغْ الْمِنْبَرَ أَوْ الْمِحْرَابَ إلَّا بِهِ (إذَا تَخَطَّى) كُلٌّ مِنْهُمَا (النَّاسَ) فِي ذَهَابِهِ إلَى ذَلِكَ (لَا يُلَامُ) عَلَيْهِ لِتَقْصِيرِ الْقَوْمِ بِإِخْلَاءِ الْفُرْجَةِ وَاضْطِرَارِ الْإِمَامِ إلَى ذَلِكَ وَشُرِطَ ذَلِكَ فِي الْمَأْمُورِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَجَرَى عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ أَنْ لَا يَتَخَطَّى إلَّا رَجُلًا أَوْ رَجُلَيْنِ لِأَنَّهُ يَسِيرٌ، فَلَا يَكْثُرُ بِهِ الْأَذَى بِخِلَافِ مَا فَوْقَ ذَلِكَ يُكْرَهُ فِيهِ التَّخَطِّي وَاحْتَجُّوا لَهُ بِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «رَأَى رَجُلًا يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ، فَقَالَ لَهُ: اجْلِسْ فَقَدْ آذَيْت وَآنَيْت» أَيْ تَأَخَّرْت رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَقَيَّدَ الْأَصْحَابُ الْكَرَاهَةَ بِمَا إذَا رَجَا أَنْ يَتَقَدَّمُوا إذَا قَامُوا إلَى الصَّلَاةِ وَإِذَا قُلْنَا بِالْكَرَاهَةِ، فَكَلَامُ الشَّيْخَيْنِ يَقْتَضِي أَنَّهَا كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ.

وَنَقَلَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ أَنَّهَا كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ وَاخْتَارَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي الشَّهَادَاتِ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ كَالْخَبَرِ السَّابِقِ وَتُفَارِقُ إبَاحَةَ التَّخَطِّي حَيْثُ قُيِّدَتْ بِرَجُلٍ أَوْ رَجُلَيْنِ إبَاحَةَ خَرْقِ الصُّفُوفِ حَيْثُ لَمْ تُقَيَّدْ بِذَلِكَ كَمَا مَرَّ بِأَنَّ فِي تَرْكِ خَرْقِهَا إدْخَالًا لِلنَّقْصِ عَلَى صَلَاتِهِ وَصَلَاتِهِمْ بِخِلَافِ تَرْكِ تَخَطِّي الرِّقَابِ، فَإِنَّهُ إذَا صَبَرَ تَقَدَّمُوا عِنْدَ إقَامَةِ الصُّفُوفِ وَتَسْوِيَتِهَا لِلصَّلَاةِ، فَإِنَّهُ يُنْدَبُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْمُرَ بِتَسْوِيَتِهَا كَمَا فَعَلَ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي التَّوْشِيحِ:، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُفْهَمَ مِنْ قَوْلِهِمْ: رَجُلًا، أَوْ رَجُلَيْنِ صَفًّا، أَوْ صَفَّيْنِ، بَلْ اثْنَيْنِ مُطْلَقًا، فَقَدْ يَحْصُلُ تَخَطِّي اثْنَيْنِ مِنْ صَفٍّ وَاحِدٍ لِازْدِحَامٍ وَسَيَأْتِي حُكْمُ الْبَيْعِ وَقْتَ النِّدَاءِ فِي بَابِهِ

. ‌

(بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ)

أَيْ: كَيْفِيَّةِ الصَّلَاةِ عِنْدَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُحْتَمَلُ فِيهَا عِنْدَهُ مَا لَا يُحْتَمَلُ فِيهَا عِنْدَ غَيْرِهِ وَقَدْ جَاءَتْ فِي الْأَخْبَارِ عَلَى سِتَّةَ عَشَرَ نَوْعًا اخْتَارَ الشَّافِعِيُّ مِنْهَا الْأَنْوَاعَ الْآتِيَةَ فِي النَّظْمِ، وَالْأَصْلُ فِيهَا قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ} [النساء: 102] الْآيَةَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بَلْ يُسْتَحَبُّ لَهُنَّ أَيْ: لِلْعَجَائِزِ ذَلِكَ. اهـ

(قَوْلُهُ: وَوَاجِدِ الْفُرْجَةِ) هَذَا الْحُكْمُ عَامٌّ فِي سَائِرِ الْمَجَالِسِ، وَلَوْ لِغَيْرِ صَلَاةٍ عَلَى الصَّحِيحِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْجَوْجَرِيُّ بِرّ (قَوْلُهُ: الْإِمَامُ) صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ، بِأَنَّ مَحَلَّ تَخَطِّيهِ إذَا تَعَيَّنَ طَرِيقًا قَالَ الْجَوْجَرِيُّ، وَهُوَ مُرَادُ الشَّارِحِ بِرّ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا فَوْقَ ذَلِكَ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ، فَإِنْ زَادَ فِي التَّخَطِّي عَلَيْهِمَا، وَرَجَا أَنْ يَتَقَدَّمُوا إلَى الْفُرْجَةِ إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ كُرِهَ لِكَثْرَةِ الْأَذَى. اهـ. وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ بَيَانُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: إدْخَالًا لِلنَّقْصِ إلَخْ.) وَأَيْضًا، فَلِتَحَقُّقِ التَّقْصِيرِ مِنْهُمْ بِرّ

(بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ)

(قَوْلُهُ: الْأَنْوَاعُ الْآتِيَةُ) فِي الِاقْتِصَارِ عَلَى الْقَوْلِ، بِجَوَازِهَا دُونَ بَقِيَّةِ السِّتَّةَ عَشَرَ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْأَفْضَلِ هَذَا مُقْتَضَى شَرْحِ الرَّوْضِ فِي بَابِ الْجَمَاعَةِ. اهـ

(قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَتَخَطَّى إلَخْ.) إلَّا إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا، أَوْ لَمْ يَرْجُ أَنَّهُمْ يَسُدُّونَهَا عِنْدَ الْقِيَامِ. اهـ. تُحْفَةٌ، وَلَوْ، وَجَدَ فُرْجَةً يَتَخَطَّى إلَيْهَا رَجُلًا، وَأُخْرَى يَتَخَطَّى إلَيْهَا رَجُلَيْنِ فَالْوَجْهُ عَدَمُ كَرَاهَةِ التَّخَطِّي لِلثَّانِيَةِ لِأَنَّ تَخَطِّيَ الصَّفَّيْنِ مَأْذُونٌ فِيهِ، وَالْوُصُولُ إلَيْهَا أَكْمَلُ سم

[بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ]

(بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ)(قَوْلُهُ: يُحْتَمَلُ فِيهَا) أَيْ: فِي الْفَرَائِضِ الْمُؤَدَّاةِ أَوْ الْفَائِتَةِ بِغَيْرِ عُذْرٍ، وَكَذَا النَّفَلُ الْمُؤَقَّتُ كَالْعِيدِ، وَالضُّحَى، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ إطْلَاقُ الْمَنْهَجِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَمَّا الْفَائِتَةُ بِعُذْرٍ فَلَا تُشْرَعُ فِيهَا إلَّا إذَا خِيفَ فَوْتُهَا بِالْمَوْتِ (قَوْلُهُ: مَا لَا يُحْتَمَلُ إلَخْ.) كَتَطْوِيلِ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ، وَهُوَ الِاعْتِدَالُ فِي صَلَاةِ عُسْفَانَ، وَفُحْشِ الْمُخَالَفَةِ فِي صَلَاةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ لِلْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ إذْ هِيَ مُقْتَدِيَةٌ بِالْإِمَامِ حُكْمًا، وَإِنْ انْفَرَدَتْ حِسًّا، وَاقْتِدَاءُ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ فِي صَلَاةِ بَطْنِ نَخْلٍ، وَالْأَفْعَالُ الْكَثِيرَةُ الْمُتَوَالِيَةُ لِحَاجَةِ الْقِتَالِ، وَتَرْكِ الِاسْتِقْبَالِ، وَالتَّقَدُّمِ عَلَى الْإِمَامِ فِي جِهَتِهِ، وَالِاقْتِدَاءِ مَعَ بَعْضِ الْمَسَافَةِ بَيْنَ الْإِمَامِ، وَالْمَأْمُومِ فِي صَلَاةِ شِدَّةِ الْخَوْفِ. اهـ. شَرْقَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: اخْتَارَ الشَّافِعِيُّ إلَخْ.) أَيْ: مَعَ جَوَازِ غَيْرِهَا أَيْضًا عِنْدَهُ لِصِحَّةِ الْحَدِيثِ بِهَا، وَقَدْ قَالَ إذَا صَحَّ الْحَدِيثُ فَهُوَ مَذْهَبِي، وَمَحَلُّهُ إذَا تَرَدَّدَ، وَقْتَ الِاسْتِنْبَاطِ، وَلَمْ يَتَرَجَّحْ عِنْدَهُ شَيْءٌ لَا أَنَّ كُلَّ حَدِيثٍ صَحِيحٌ يَكُونُ مَذْهَبًا لَهُ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ أَحَادِيثَ صَحِيحَةً لَمْ يَأْخُذْ بِهَا لِكَوْنِ غَيْرِهَا أَصَحَّ مِنْهَا عِنْدَهُ، وَإِنَّمَا اخْتَارَ هَذِهِ الْأَنْوَاعَ لِسُهُولَتِهَا، وَكَثْرَةِ مُخَرِّجِيهَا، وَقِلَّةِ الْأَفْعَالِ فِيهَا. اهـ. شَرْقَاوِيٌّ عَلَى التَّحْرِيرِ.

وَمَا قَالَهُ هُوَ الْمُوَافِقُ لِنَصِّ الشَّارِحِ فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ، وَالرَّوْضِ، وَهَذَا الشَّارِحُ عَلَى جَوَازِ رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ فِي ذَاتِ الرِّقَاعِ، وَهِيَ أَنْ تَذْهَبَ الْأُولَى بَعْدَ نِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ سَاكِتَةً تَقِفُ فِي وَجْهِ الْعَدُوِّ، وَتَجِيءَ الثَّانِيَةُ تُصَلِّي رَكْعَةً وَتَذْهَبَ سَاكِتَةً بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ، ثُمَّ يُتِمُّونَ عَلَى التَّرْتِيبِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ عِنْدَ كَوْنِ الْعَدُوِّ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ، وَثَمَّ سَاتِرٌ لَا إنْ كَانَ فِي غَيْرِهَا. اهـ. مَرْصَفِيٌّ (قَوْلُهُ: اخْتَارَ الشَّافِعِيُّ مِنْهَا) أَيْ: مِنْ السِّتَّةَ عَشَرَ الَّتِي جَاءَتْ فِي الْأَخْبَارِ هَذَا مَعْنَى عِبَارَتِهِ، وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ رضي الله عنه اخْتَارَ الثَّلَاثَةَ الْأُولَى مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ نَوْعًا، وَرَدَتْ فِي الْأَحَادِيثِ، وَاخْتَارَ الرَّابِعَ مِنْ الْقُرْآنِ، وَلَمْ تَرِدْ بِهِ السُّنَّةُ خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِيهَا) أَيْ: مَا عَدَا شِدَّةَ

ص: 33

، وَالْأَخْبَارُ الْآتِيَةُ مَعَ خَبَرِ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» وَاسْتَمَرَّتْ الصَّحَابَةُ عَلَى فِعْلِهَا بَعْدَهُ صلى الله عليه وسلم وَادَّعَى الْمُزَنِيّ نَسْخَهَا لِتَرْكِهِ صلى الله عليه وسلم لَهَا يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَأَجَابُوا عَنْهُ بِتَأَخُّرِ نُزُولِهَا عَنْهُ؛ لِأَنَّهَا نَزَلَتْ سَنَةَ سِتٍّ، وَالْخَنْدَقُ كَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَقِيلَ: خَمْسٍ وَتَجُوزُ فِي الْحَضَرِ خِلَافًا لِمَالِكٍ

وَلِلْخَوْفِ حَالَتَانِ إحْدَاهُمَا أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى حَيْثُ لَا يَتَمَكَّنُ أَحَدٌ مِنْ تَرْكِ الْقِتَالِ وَسَيَأْتِي وَثَانِيَتُهُمَا أَنْ لَا يَنْتَهِيَ إلَى ذَلِكَ وَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ أَحَدُهَا فِيمَا إذَا كَانَ الْعَدُوُّ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ، وَالْآخَرُ فِيمَا إذَا كَانَ فِي غَيْرِهَا وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِ الْأَوَّلِ، فَقَالَ:(إنْ أَمْكَنَ الْكَفُّ عَنْ الْمُقَاتَلَهْ لِبَعْضِ مَنْ يُحَارَبُونَ) أَيْ: إنْ أَمْكَنَ بَعْضَ مَنْ يُحَارِبُ مِنَّا كَفُّهُ عَنْ مُقَاتَلَةِ عَدُوِّهِ (كَانَ لَهْ) أَيْ: مَنْ يُحَارِبُ (صَلَاةُ عُسْفَانَ) أَيْ: أَنْ يُصَلِّيَ مِثْلَ «صَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِعُسْفَانَ» كَمَا رَوَاهَا مُسْلِمٌ، وَلَوْ جُمُعَةً وَهِيَ بِضَمِّ الْعَيْنِ قَرْيَةٌ بِقُرْبِ خُلَيْصٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ أَرْبَعَةُ بُرُدٍ سُمِّيَتْ بِهِ لِعَسْفِ السُّيُولِ فِيهَا (بِأَنْ يُصَلِّي إمَامُنَا أَوْ نَائِبٌ) لَهُ (بِالْكُلِّ) أَيْ: بِكُلِّ الْمُحَارِبِينَ مِنَّا فَتَعْبِيرُهُ بِالْكُلِّ أَوْلَى مِنْ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِ الْحَاوِي: إنْ أَمْكَنَ تَرْكُ الْقِتَالِ لِبَعْضٍ صَلَّى بِهِمْ لِسَلَامَتِهِ مِنْ إيهَامِ عَوْدِ الضَّمِيرِ لِبَعْضِ الْمُحَارِبِينَ (ثُمَّ إذَا فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى سَجَدْ تَحْرُسُ فِرْقَةٌ) مِنَّا (عَلَيْهَا مُعْتَمَدْ) فِي الْحِرَاسَةِ وَتَسْجُدُ مَعَهُ الْفِرْقَةُ الْأُخْرَى وَإِنَّمَا لَمْ تُطْلَبْ الْحِرَاسَةُ فِي الرُّكُوعِ لِتَمَكُّنِ الرَّاكِعِ فِيهِ مِنْهَا (وَبِالْفَرَاغِ مِنْ سُجُودٍ لَابِسَهْ) أَيْ: تَلَبَّسَ بِهِ (إمَامُهُمْ تَسْجُدُ تِلْكَ) الْفِرْقَةُ (الْحَارِسَهْ، وَالْتَحَقَتْ بِهِ) فِي الْقِيَامِ (عَلَى) قَدْرِ (الْإِمْكَانِ) مِنْ سُجُودِهَا وَفَرَاغِهَا مِنْهُ وَوَافَقَتْهُ إلَى اعْتِدَالِ الثَّانِيَةِ (وَحِينَ يَسْجُدُ الْإِمَامُ ثَانِي) بِالْوَقْفِ بِلُغَةِ رَبِيعَةَ أَيْ ثَانِيًا أَيْ: فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ (يَحْرُسُهُمْ) فِيهَا (مَنْ كَانَ حَارِسًا فِي أَوَّلَةٍ) أَيْ: الْحَارِسُونَ فِي الْأَوْلَى (أَوْ غَيْرُهُمْ مِنْ صَفِّ، أَوْ ضِعْفِهِ) ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْحَارِسُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ فِرْقَةً وَاحِدَةً وَفِرْقَتَيْنِ مِنْ صَفٍّ أَوْ صَفَّيْنِ عَلَى الْمُنَاوَبَةِ بَلْ وَصَفَّيْنِ، فَأَكْثَرَ مِنْ صُفُوفٍ كَثِيرَةٍ كَذَلِكَ لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِكُلِّ ذَلِكَ مَعَ وُجُودِ الْعُذْرِ.

(ثُمَّ إذَا مَا فَرَغَا سُجُودَهُ) بِالنَّصْبِ وَبِالرَّفْعِ أَيْ: ثُمَّ إذَا فَرَغَ الْإِمَامُ سُجُودَهُ، أَوْ فَرَغَ سُجُودُ الْإِمَامِ فِي الثَّانِيَةِ (تَسْجُدُ حُرَّاسُ الْوَغَى) أَيْ الْحَرْبِ سُمِّيَتْ بِهِ لِمَا فِيهَا مِنْ الصَّوْتِ، وَالْجَلَبَةِ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ (وَلَحِقَتْ) أَيْ: الْحُرَّاسُ (تَشَهُّدَ الْإِمَامِ وَسَلَّمَ الْإِمَامُ بِالْأَقْوَامِ) الْمُقْتَدِينَ بِهِ كُلِّهِمْ، وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ: وَحِينَ يَسْجُدُ إلَى هُنَا مَعَ الْإِعْلَامِ بِتَسْمِيَةِ مَا ذُكِرَ بِصَلَاةِ عُسْفَانَ مِنْ زِيَادَتِهِ، هَذَا كُلُّهُ

ــ

[حاشية العبادي]

مَعَ مَجِيءِ الْجَمِيعِ مَا لَا يَخْفَى مِنْ الْإِشْكَالِ إنْ أَرَادَ بِاخْتِيَارِهَا امْتِنَاعَ غَيْرِهَا كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ

(قَوْلُهُ: لِبَعْضِ إلَخْ.) مُتَعَلِّقٌ بِأَمْكَنَ (قَوْلُهُ: أَيْ: مَنْ يُحَارَبُ) أَيْ: لَا الْبَعْضِ (قَوْلُهُ: لِسَلَامَتِهِ مِنْ إيهَامِ عَوْدٍ إلَخْ.) ، وَلَا يُنَافِيهِ جَمْعُ الضَّمِيرِ؛ لِأَنَّهُ، بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى (قَوْلُهُ: ثَانِيَ) ؛ لِأَنَّ ثَانَوِيَّةَ السُّجُودِ، بِاعْتِبَارِ النَّوْعِ؛ لِأَنَّهُ فِي رَكْعَةٍ أُخْرَى، وَإِنْ تَعَدَّدَ كُلٌّ مِنْ الْأُولَى، وَالثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ: فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ تَقْيِيدٌ لَا تَفْسِيرٌ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُنَاوَبَةِ)، أَوْ عَلَيْهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ: عَلَى الْمُنَاوَبَةِ، أَوْ لَا عَلَيْهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: بِالنَّصْبِ) عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ، وَالْفَاعِلُ ضَمِيرُ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: وَبِالرَّفْعِ) عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْخَوْفِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فَإِذَا سَجَدُوا إنْ حُمِلَ عَلَى فَرَغُوا مِنْ السُّجُودِ مِنْ تَمَامِ رَكْعَتِهِمْ كَانَتْ صَلَاةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ، وَإِنْ حُمِلَ عَلَى فَرَغُوا مِنْ صَلَاتِهِمْ كَانَتْ بَطْنَ نَخْلٍ، وَإِنْ حُمِلَ قَوْلُهُ: لَمْ يُصَلُّوا عَلَى لَمْ يَسْجُدُوا مَعَك فَلْيُصَلُّوا فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ إطْلَاقِ الْكُلِّ عَلَى الْجُزْءِ، وَيَكُونُ مَعْنَى، وَلِتَأْتِ أَيْ: مِنْ سُجُودِ رَكْعَتِهِمْ الْأُولَى الَّذِي انْفَرَدُوا بِهِ عَنْ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ كَانَتْ صَلَاةَ عُسْفَانَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: نَسْخَهَا) أَيْ: صَلَاةِ الْخَوْفِ مِنْ أَصْلِهَا لَكِنَّ فِي تَعْلِيلِ النَّسْخِ بِالتَّرْكِ نَظَرًا إذْ لَيْسَتْ وَاجِبَةً إلَّا أَنَّ هُنَاكَ تَغْرِيرًا بِالْمُسْلِمِينَ تَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: وَأَجَابُوا إلَخْ) قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ شُرِعَتْ صَلَاةُ الْخَوْفِ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ فِيمَا بَيْنَ سَنَةِ أَرْبَعٍ، وَخَمْسٍ، وَلَمْ يَقَعْ فِيهَا قِتَالٌ بَلْ خَوْفٌ، وَغَنِيمَةٌ، وَكَانَتْ قَبْلَ غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ، وَلَمْ تُفْعَلْ فِيهِ لِفَقْدِ شَرْطِهَا قَالَ شَيْخُنَا وَهَذِهِ الْأَنْوَاعُ مُوَزَّعَةٌ عَلَى أَحْوَالِ الْعَدُوِّ فَلَا يَجُوزُ فِعْلُ نَوْعٍ مِنْهَا فِي غَيْرِ حَالَتِهِ

(قَوْلُهُ: عَلَيْهَا مُعْتَمَدٌ) نَصَّ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَلَى جَوَازِ كَوْنِ الْحَارِسِ وَاحِدًا لَكِنَّهُ يُكْرَهُ غَيْرُ الْجَمْعِ، وَخَالَفَ م ر كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: عَلَيْهَا مُعْتَمَدٌ) بِأَنْ تَكُونَ مُقَاوَمَةً لِلْكُفَّارِ حَتَّى لَوْ كَانَ الْحَارِسُ وَاحِدًا اُشْتُرِطَ أَنْ لَا يَزِيدَ الْكُفَّارُ عَلَى اثْنَيْنِ. اهـ. م ر، وَقَالَ الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ الْمَرْصَفِيِّ فِيمَا كَتَبَهُ عَلَى حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ الَّذِي تَحَرَّرَ فِي دَرْسِ شَيْخِنَا الْقُوَيْسِنِيِّ أَنَّ الْمُقَاوَمَةَ شَرْطٌ فِي عُسْفَانَ، وَكَذَا ذَاتُ الرِّقَاعِ، وَأَنَّهَا أَيْ الْمُقَاوَمَةَ فِيمَا زَادَ شَرْطٌ لِلسُّنِّيَّةِ فِي بَطْنِ نَخْلٍ فَبِدُونِهَا تَصِحُّ لَكِنْ لَا تُسَنُّ. اهـ.

وَقَوْلُهُ: تَصِحُّ أَيْ: وَتَجُوزُ أَيْضًا إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَغْرِيرٌ، وَإِلَّا حَرُمَتْ. اهـ. وَنُقِلَ عَنْ ع ش أَنَّ الْمُقَاوَمَةَ شَرْطٌ لِلسُّنِّيَّةِ إذَا جَازَ فِعْلُهَا فِي الْأَمْنِ كَالْفِرْقَةِ الْأُولَى فِي صَلَاةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ، أَمَّا مَا لَا يَجُوزُ كَالْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ فَالْمُقَاوَمَةُ شَرْطٌ فِيهِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا يَجُوزُ فِي الْأَمْنِ كَصَلَاةِ بَطْنِ نَخْلٍ فَالْمُقَاوَمَةُ فِيهِ سُنَّةٌ، وَمَا لَا يَجُوزُ فِيهِ كَصَلَاةِ عُسْفَانَ، وَصَلَاةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ لِلْفُرْقَةِ الثَّانِيَةِ فَهِيَ فِيهِ شَرْطٌ لِلْجَوَازِ، وَالصِّحَّةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: فِي الْقِيَامِ) فَلَوْ وَجَدُوهُ رَاكِعًا رَكَعُوا مَعَهُ، وَسَقَطَتْ عَنْهُمْ الْفَاتِحَةُ فَإِنْ لَمْ

ص: 34

(إنْ يَكُنِ الْعَدُوُّ وَجْهَ الْقِبْلَةِ) لِيَتَمَكَّنَ الْحَارِسُونَ مِنْ رُؤْيَتِهِ، فَلَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَتِهِمْ الْعَدُوَّ لِيَأْمَنُوا كَيْدَهُ وَمِنْ كَثْرَتِهِمْ لِتَسْجُدَ طَائِفَةٌ وَتَحْرُسَ أُخْرَى كَمَا صَرَّحَ بِهِمَا فِي قَوْلِهِ:(قُلْت:) مَحَلُّهُ إذَا كَانُوا (بِأَرْضٍ اسْتَوَتْ، أَوْ قُلَّهْ) أَيْ، أَوْ قُلَّةِ جَبَلٍ بِضَمِّ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ رَأْسُهُ (وَمَا لَهُمْ عَنْ الْعُيُونِ سُتْرَهْ) تَمْنَعُ رُؤْيَتَهُمْ الْعَدُوَّ (وَقَدْ رَأَى) أَيْ الْإِمَامُ (فِي الْمُسْلِمِينَ كَثْرَهْ) وَقَوْلُهُ: وَمَا لَهُمْ عَنْ الْعُيُونِ سَتْرُهُ يُغْنِي عَمَّا قَبْلَهُ وَعِبَارَتُهُ فِي هَذَا النَّوْعِ صَادِقَةٌ بِأَنْ يَسْجُدَ الصَّفُّ الْأَوَّلُ فِي الرَّكْعَةِ، وَالثَّانِي فِي الثَّانِيَةِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا فِيهَا بِمَكَانِهِ أَوْ تَحَوَّلَ مَكَانَ الْآخَرِ وَبِعَكْسِ ذَلِكَ، فَهِيَ أَرْبَعُ كَيْفِيَّاتٍ، بَلْ إنْ ثَنَّيْت ضَمِيرَ فِيهَا السَّابِقَ، فَقُلْت فِيهِمَا كَانَتْ ثَمَانِيًا وَكُلُّهَا جَائِزَةٌ إذَا لَمْ تَكْثُرْ أَفْعَالُهُمْ فِي التَّحَوُّلِ، لَكِنَّ الْأَصْحَابَ لَمْ يُصَرِّحُوا إلَّا بِالْأَرْبَعِ فَلْنُوَافِقْهُمْ فِي التَّقْرِيرِ اخْتِصَارًا، فَنَقُولُ كُلُّ الْأَرْبَعِ جَائِزَةٌ لَكِنَّ الثَّانِيَةَ مِنْهَا أَوْلَى كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهَا الثَّابِتَةُ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ وَلِجَمْعِهَا بَيْنَ تَقَدُّمِ الْأَفْضَلِ، وَهُوَ الْأَوَّلُ بِسُجُودِهِ مَعَ الْإِمَامِ وَجُبِرَ الثَّانِي بِتَحَوُّلِهِ مَكَانَ الْأَوَّلِ وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ الْأَخِيرَتَيْنِ مَعَ الْإِشَارَةِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: بِأَنْ يَسْجُدَ الصَّفُّ إلَخْ.) أَيْ: أَوَّلًا (قَوْلُهُ: وَكُلٌّ مِنْهُمَا فِيهَا) أَيْ: فِي الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: بِمَكَانِهِ) كَيْفِيَّةُ أَوْلَى (قَوْلُهُ: أَوْ تَحَوَّلَ مَكَانٌ) كَيْفِيَّةٌ ثَانِيَةٌ، وَالْمُرَادُ فِيهَا أَنَّ الثَّانِيَ يَتَقَدَّمُ، وَيَسْجُدُ أَوَّلًا، وَذَلِكَ هُوَ الْوَارِدُ فِي مُسْلِمٍ (قَوْلُهُ: أَوْ تَحَوَّلَ مَكَانَ الْآخَرِ) الظَّاهِرُ أَنَّ التَّحَوُّلَ فِي الِاعْتِدَالِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْحَاجَةِ لَكِنْ فِي شَرْحِ الْكَمَالِ الْمَقْدِسِيَّ عَلَى الْإِرْشَادِ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ فِي قِيَامِ الثَّانِيَةِ بِرّ (قَوْلُهُ: أَوْ تَحَوَّلَ مَكَانَ الْآخَرِ) أَيْ: تَحَوَّلَ، وَسَجَدَ فِي الثَّانِيَةِ أَوَّلًا، فَيَكُونُ السَّاجِدُ مَعَ الْإِمَامِ أَوَّلًا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ هُوَ الصَّفُّ الْمُقَدَّمُ حِسًّا، وَالْحَارِسُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ هُوَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ حِسًّا هَذَا مُرَادُهُ، وَهُوَ الْوَارِدُ فِي مُسْلِمٍ كَمَا يَجِيءُ، فَافْهَمْهُ، فَإِنَّهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ قَوْلِهِ: وَالثَّانِي فِي الثَّانِيَةِ أَنَّ الَّذِي يَسْجُدُ مَعَ الْإِمَامِ فِي الثَّانِيَةِ أَوَّلًا هُوَ الْمُؤَخَّرُ فِي الْحِسِّ، وَيَكُونُ مَعْنَى تَحَوُّلِ الثَّانِي فِي الثَّانِيَةِ أَنْ يَتَحَوَّلَ لِيَحْرُسَ، وَذَلِكَ غَيْرُ مُرَادِ الشَّارِحِ قَطْعًا، فَاحْذَرْهُ، فَإِنَّ الْوَارِدَ فِي مُسْلِمٍ هُوَ الَّذِي قَرَّرْته كَمَا فِي شَرْحِ الْكَمَالِ الْمَقْدِسِيَّ وَغَيْرِهِ.

وَيُعْلَمُ ذَلِكَ أَيْضًا مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي: لَكِنَّ الثَّانِيَةَ مِنْهَا، أَوْلَى إلَى آخِرِ مَا قَرَّرَهُ بَلْ، وَكَلَامُهُ هُنَا صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِرّ (قَوْلُهُ: وَبِعَكْسِ ذَلِكَ) هُوَ كَيْفِيَّتَانِ (قَوْلُهُ: إذَا ثَبَتَ ضَمِيرُ فِيهَا السَّابِقُ) أَيْ: فِي قَوْلِهِ: وَكُلٌّ مِنْهُمَا فِيهِمَا، بِمَكَانِهِ (قَوْلُهُ: كَانَتْ ثَمَانِيَا) بَيَانُ ذَلِكَ أَنْ يُفْرَضَ، بِسُجُودِ الْأُولَى فِي الْأُولَى، وَالثَّانِيَةِ فِي الثَّانِيَةِ مَعَ فَرْضِ تَقَدُّمٍ، وَتَأَخُّرٍ فِي الْأُولَى، وَعَدَمِهِ، وَمَعَ فَرْضِ تَقَدُّمٍ، وَتَأَخُّرٍ فِي الثَّانِيَةِ، وَعَدَمِهِ، فَهَذِهِ أَرْبَعُ كَيْفِيَّاتٍ، وَأَنْ يُفْرَضَ حِرَاسَةُ الْأُولَى فِي الْأُولَى، وَالثَّانِي فِي الثَّانِيَةِ، وَعَدَمِهِ، فَهَذِهِ أَيْضًا أَرْبَعٌ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى سُجُودُ الْأَوَّلِ فِي الْأُولَى، وَالثَّانِي فِي الثَّانِيَةِ، وَعَكْسِهِ مَعَ فَرْضِ تَقَدُّمٍ، وَتَأَخُّرٍ، وَعَدَمِهِ فِي كُلٍّ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ اثْنَانِ فِي أَرْبَعٍ، بِثَمَانِيَةٍ كَذَا، بِخَطِّ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الثَّانِيَةَ إلَخْ.) ، وَهِيَ سُجُودُ الْأَوَّلِ فِي الْأُولَى، وَالثَّانِي فِي الثَّانِيَةِ مَعَ التَّحَوُّلِ فِيهَا، وَالْمُرَادُ أَنَّ تَحَوُّلَ الثَّانِي لِيَسْجُدَ فِيهَا أَوَّلًا (قَوْلُهُ: مَعَ الْإِمَامِ) أَيْ: فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى

ــ

[حاشية الشربيني]

يَرْكَعُوا بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ إنْ هَوَى لِلسُّجُودِ. اهـ. ح ل وَح ف

(قَوْلُهُ: إنْ يَكُنْ الْعَدُوُّ إلَخْ.) هَذِهِ شُرُوطٌ لِلْجَوَازِ، وَالصِّحَّةِ فَمَتَى اخْتَلَّ شَرْطٌ لَا تَصِحُّ. اهـ. بج وَع ش.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ يَسْجُدَ الصَّفُّ الْأَوَّلُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى) أَيْ: وَيَحْرُسَ ثَانٍ فَإِذَا قَامَ الْإِمَامُ، وَالسَّاجِدُونَ سَجَدَ مَنْ حَرَس، وَلَحِقَهُ، وَسَجَدَ مَعَهُ، وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: وَالثَّانِي فِي الثَّانِيَةِ إلَخْ. فَإِذَا جَلَسَ لِلتَّشَهُّدِ سَجَدَ مَنْ حَرَسَ، وَتَشَهَّدَ، وَسَلَّمَ بِالْجَمِيعِ (قَوْلُهُ: وَكُلٌّ مِنْهُمَا فِيهَا بِمَكَانِهِ) ، أَوْ تَحَوَّلَ مَكَانَ الْآخَرِ قَالَ الْمَحَلِّيُّ هُمَا الْوَارِدَانِ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ قَالَ ق ل، وَأَمَّا الْعَكْسُ، وَهُوَ سُجُودُ الصَّفِّ الثَّانِي فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، وَهُوَ فِي مَكَانِهِ، أَوْ بَعْدَ التَّقَدُّمِ، وَالتَّأَخُّرِ فَغَيْرُ وَارِدٍ، وَيَظْهَرُ أَنَّهُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْعَكْسِ يَعُودُ الصَّفُّ الْأَوَّلُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ إلَى مَكَانِهِ، وَيَسْجُدُ، وَيَتَأَخَّرُ الصَّفُّ الثَّانِي إلَى مَكَانِهِ لِيَحْرُسَ. اهـ. فَعَلَى كَلَامِهِ التَّقَدُّمُ، وَالتَّأَخُّرُ فِي الْأُولَى لِيُتِمَّ الْعَكْسَ تَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: وَبِعَكْسِ ذَلِكَ) أَيْ سُجُودِ الثَّانِي فِي الْأُولَى، وَالْأَوَّلِ فِي الثَّانِيَةِ كُلٌّ فِي مَكَانِهِ، أَوْ مَعَ تَقَدُّمٍ، وَتَأَخُّرٍ قِيَاسًا عَلَى الْوَارِدِ، وَهُوَ سُجُودُ الْأَوَّلِ فِي الْأُولَى، وَالثَّانِي فِي الثَّانِيَةِ مَعَ تَقَدُّمِ الثَّانِي فِيهَا لِلسُّجُودِ، وَتَأَخُّرِ الْأَوَّلِ فِيهَا لِلْحِرَاسَةِ قَالَهُ حَجَرٌ فِي التُّحْفَةِ لَكِنْ صَرَّحَ فِي الْعُبَابِ بِخِلَافِهِ فَقَالَ فَعَلَى الصِّفَةِ الْأُولَى أَيْ: سُجُودِ الثَّانِي فِي الْأُولَى، وَالْأَوَّلِ فِي الثَّانِيَةِ مُلَازَمَةُ كُلِّ صَفٍّ مَكَانَهُ أَفْضَلُ قَالَ فِي شَرْحِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ قَالَ، وَفِي لَفْظِ الشَّافِعِيِّ إشَارَةٌ إلَيْهِ. اهـ. ثُمَّ أَيَّدَهُ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ. اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ، وَلَا يُخَالِفُ مَا كَتَبْنَاهُ عَنْ ق ل لِأَنَّ اسْتِظْهَارَهُ فِيمَا إذَا فَعَلَ التَّقَدُّمَ، وَالتَّأَخُّرَ عَلَى خِلَافِ الْأَفْضَلِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَبِعَكْسِ ذَلِكَ) الْعَكْسُ بِالنَّسَّةِ لِلْأَوَّلِ، وَالثَّانِي، وَهُوَ الْمُقَيَّدُ بِدُونِ الْقَيْدِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ بِمَكَانِهِ، أَوْ مَعَ التَّحَوُّلِ؛ لِأَنَّ هَذَا مَوْجُودٌ فِي الْعَكْسِ بِعَيْنِهِ إلَّا أَنَّهُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى تَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: كَانَتْ ثَمَانِيَا) ، وَإِنْ اُعْتُبِرَ فِرْقَةٌ مِنْ صَفٍّ أَوْ فِرْقَتَيْنِ مِنْ صَفٍّ، أَوْ صَفَّيْنِ مَعَ تَقَدُّمٍ، وَتَأَخُّرٍ، أَوْ لَا فِي الْأُولَى، أَوْ الثَّانِيَةِ زَادَتْ الصُّورَةُ.

(قَوْلُهُ: إذَا لَمْ تَكْثُرْ إلَخْ.) بِأَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْ التَّقَدُّمِ، وَالتَّأَخُّرِ بِخُطْوَتَيْنِ يَنْفُذُ كُلُّ وَاحِدٍ فِي التَّقَدُّمِ بَيْنَ اثْنَيْنِ، وَلَا يُشْكِلُ اشْتِرَاطُ عَدَمِ كَثْرَةِ الْأَفْعَالِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي الْكَيْفِيَّةِ الَّتِي رَوَاهَا ابْنُ عُمَرَ فِي صَلَاةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ فَإِنَّهُ اُغْتُفِرَ فِيهَا الْأَفْعَالُ الْكَثِيرَةُ الْمُتَوَالِيَةُ كَمَا يُعْلَمُ بِتَصَوُّرِهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ مَنْعُ الْأَفْعَالِ الْمَذْكُورَةِ إلَّا مَا أَذِنَ فِيهِ الشَّارِعُ، وَلَمْ يَثْبُتْ الْإِذْنُ هُنَا بِخِلَافِ هُنَاكَ. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ بج (قَوْلُهُ: وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ الْأَخِيرَتَيْنِ) أَيْ: فِي الْمُخْتَصَرِ، ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا نَحْوُ «صَلَاتِهِ صلى الله عليه وسلم بِعُسْفَانَ» فَأَخَذَ كَثِيرُونَ لَهُ، وَقَالُوا: إنَّهُ وَرَدَ فِي رِوَايَةٍ، وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ الصَّفَّ الْأَوَّلَ أَقْرَبُ إلَخْ. وَرَدَّهُ أَبُو حَامِدٍ، وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْحَدِيثِ بِأَنَّ الصَّفَّ الْأَوَّلَ أَفْضَلُ فَقَدَّمَهُمْ بِالسُّجُودِ، وَخَيَّرَ بَيْنَهُمَا جَمَاعَةً قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَرَجَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَتَبِعَهُ فِي الْمِنْهَاجِ، وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَغَيْرِهَا فَقَالَ هُوَ مُرَادُ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ

ص: 35

إلَى الْأُولَيَيْنِ قَالُوا: وَاخْتَارَ الْأَخِيرَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ أَقْرَبُ إلَى الْعَدُوِّ، فَهُوَ أَمْكَنُ حُرَّاسِهِ وَلِأَنَّهُ إذَا حَرَسَ كَانَ جُنَّةً لِمَنْ خَلْفَهُ وَلِأَنَّهُ يَمْنَعُ الْعَدُوَّ مَعْرِفَةَ حَالِ الْمُسْلِمِينَ وَهَذِهِ التَّوْجِيهَاتُ حَسَنَةٌ لَكِنَّهَا لَا تَصْدُقُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْكَيْفِيَّةِ الثَّالِثَةِ، وَالْأَمْرُ سَهْلٌ ثَمَّ عَلَى مَا اخْتَارَهُ هَلْ الْأَوْلَى الثَّالِثَةُ، أَوْ الرَّابِعَةُ قَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ وَالْغَزَالِيُّ وَآخَرُونَ: بِالثَّانِي، وَالْعِرَاقِيُّونَ: بِالْأُولَى وَلَفْظُ الشَّافِعِيِّ لَهُ أَدَلُّ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ

ثُمَّ أَخَذَ النَّاظِمُ فِي بَيَانِ النَّوْعَيْنِ الْآخَرَيْنِ، فَقَالَ:(وَحَيْثُ لَا) يَكُونُ الْعَدُوُّ (فِي وَجْهِهَا) أَيْ: الْقِبْلَةِ، أَوْ فُقِدَ شَرْطٌ مِمَّا مَرَّ (يُصَلِّي) أَيْ الْإِمَامُ (صَلَاةَ هَادِينَا) صلى الله عليه وسلم (بِبَطْنِ نَخْلِ) كَمَا رَوَاهَا الشَّيْخَانِ (بِفِرْقَتَيْنِ مَرَّتَيْنِ) كُلَّ مَرَّةٍ بِفِرْقَةٍ، وَيَنْحَازُ بِهَا إلَى حَيْثُ لَا يَبْلُغُهَا سِهَامُ الْعَدُوِّ وَتَكُونُ الْأُخْرَى فِي وَجْهِ الْعَدُوِّ سَوَاءٌ كَانَتْ رَكْعَتَيْنِ أَمْ ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا (جُعِلَا لَهُ) أَيْ: لِلْإِمَامِ (الصَّلَاةُ) أَيْ: صَلَاتُهُ (ثَانِيًا) مَعَ الْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ (تَنَفُّلَا) لِسُقُوطِ فَرْضِهِ بِالْأُولَى وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَهَذِهِ الصَّلَاةُ، وَإِنْ جَازَتْ فِي غَيْرِ الْخَوْفِ نُدِبَ إلَيْهَا فِيهِ عِنْدَ كَثْرَةِ الْمُسْلِمِينَ وَقِلَّةِ عَدَدِهِمْ وَخَوْفِ هُجُومِهِ عَلَيْهِمْ فِي الصَّلَاةِ (لَكِنْ صَلَاةُ ذِي) أَيْ: ذَاتِ (الرِّقَاعِ) وَهِيَ صَلَاتُهُ صلى الله عليه وسلم بِهَا كَمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (أَوْلَى مِنْ) صَلَاةِ (بَطْنِ نَخْلٍ) لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ صَلَاةِ الْمُفْتَرِضِ خَلْفَ الْمُتَنَفِّلِ وَلِأَنَّهَا أَخَفُّ وَأَعْدَلُ بَيْنَ الْفِرْقَتَيْنِ (وَهِيَ) أَيْ: صَلَاةُ ذَاتِ الرِّقَاعِ (أَنْ يُصَلَّى) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (بِكُلِّ فِرْقَةٍ لَهُمْ فِي رَكْعَهْ) وَكَانَ الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ كَالْحَاوِي: بِكُلِّ فِرْقَةٍ رَكْعَةً (مِنْ) الْفَرْضِ (الثُّنَائِيِّ) كَصُبْحٍ وَمَقْصُورَةٍ، وَالْأُخْرَى فِي وَجْهِ الْعَدُوِّ بِأَنْ يُصَلَّى بِفِرْقَةٍ رَكْعَةٌ، فَإِذَا فُرِغَ مِنْهَا فَارَقَتْهُ وَأَتَمَّتْ، ثُمَّ ذَهَبَتْ إلَى الْعَدُوِّ وَتَجِيءُ الْأُخْرَى، فَيُصَلَّى بِهَا الرَّكْعَةُ الثَّانِيَةُ، ثُمَّ تَتِمُّ ثَانِيَتُهَا كَمَا سَيَأْتِي، وَلَوْ لَمْ تُفَارِقْهُ الْأُولَى، بَلْ ذَهَبَتْ إلَى الْعَدُوِّ سَاكِتَةً وَجَاءَتْ الْأُخْرَى فَصَلَّتْ مَعَهُ الثَّانِيَةَ، فَلَمَّا سَلَّمَ ذَهَبَتْ إلَى الْعَدُوِّ وَجَاءَتْ الْأُولَى مَحَلَّ الصَّلَاةِ وَأَتَمَّتْ وَذَهَبَتْ إلَى الْعَدُوِّ وَجَاءَتْ الْأُخْرَى أَتَمَّتْ صَحَّ كَمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُ النَّظْمِ وَهَذِهِ رِوَايَةُ ابْنِ عُمَرَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ إلَخْ.) قَدْ يُشْكَلُ مَعَ هَذَا التَّوْجِيهِ اخْتِيَارُ الثَّالِثَةِ عَلَى الْأُولَى مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَدْ حَرَسَ فِيهِ الْمُقَدَّمُ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ إلَّا أَنَّ حِرَاسَةَ الْمُقَدَّمِ إنَّمَا هِيَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْكَيْفِيَّةِ الْأُولَى، وَفِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ الْكَيْفِيَّةِ الثَّالِثَةِ سم (قَوْلُهُ: مِنْ الْكَيْفِيَّةِ الثَّالِثَةِ) أَيْ: وَهِيَ أَنْ يَسْجُدَ الثَّانِي فِي الْأُولَى، وَالْأَوَّلُ فِي الثَّانِيَةِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا بِمَكَانِهِ، وَالرَّابِعَةُ هِيَ أَنْ يَسْجُدَ الثَّانِي بِمَكَانِهِ فِي الْأُولَى وَالْأَوَّلُ فِي الثَّانِيَةِ مَعَ تَأَخُّرِهِ، وَتَقَدَّمَ الثَّانِي سم (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَغَيْرِهِ) قَدْ يُقَالُ: قَضِيَّةُ تَوْجِيهِ اخْتِيَارِهِ الْأَخِيرَتَيْنِ، بِمَا تَقَدَّمَ تَرْجِيحُ مَا قَالَهُ الصَّيْدَلَانِيُّ، وَمَنْ تَبِعَهُ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي عَدَمِ صِدْقِ التَّوْجِيهَاتِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْكَيْفِيَّةِ الثَّالِثَةِ، وَإِنْ كَانَ فِيمَا قَبْلَهَا مِنْ عَدَمِ التَّحَوُّلِ التَّحَرُّزُ عَنْ الْحَرَكَاتِ الَّتِي لَا تُنَاسِبُ الصَّلَاةَ، وَمِنْ شَأْنِهَا أَنْ تَبْطُلَ، وَلَعَلَّ هَذَا التَّحَرُّزَ، وَجْهُ مَا قَالَهُ الْعِرَاقِيُّونَ، أَوْ مِنْهُ، فَلْيُتَأَمَّلْ.

سم

(قَوْلُهُ: أَوْ فُقِدَ شَرْطٌ مِمَّا مَرَّ) مِنْ جُمْلَةِ مَا مَرَّ كَثْرَةُ الْمُسْلِمِينَ، وَفَقْدُهَا، بِأَنْ يَتَمَلَّوْا، فَانْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ: الْآتِي عِنْدَ كَثْرَةِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّهُمَا مُتَنَافِيَانِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ أَنَّهَا عِنْدَ الْقِلَّةِ يَجُوزُ، وَإِنَّمَا تُسَنُّ عِنْدَ الْكَثْرَةِ، فَلْيُتَأَمَّلْ. سم (قَوْلُهُ: نُدِبَ إلَيْهَا) ، وَظَاهِرٌ أَنَّهَا مَنْدُوبَةٌ فِي الْأَمْنِ لِلْإِمَامِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مُعِيدًا (قَوْلُهُ: نُدِبَ إلَيْهَا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ:، وَقَوْلُهُمْ يُسَنُّ لِلْمُفْتَرِضِ أَنْ لَا يَقْتَدِيَ، بِالْمُتَنَفِّلِ لِيَخْرُجَ مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ مَحَلُّهُ فِي الْأَمْنِ، أَوْ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ الْمُعَادَةِ. اهـ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُطْلَبُ هُنَا الْخُرُوجُ مِنْ الْخِلَافِ، فَكَيْفَ يُقَالُ: فِيمَا يَأْتِي لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافٍ إلَخْ. إلَّا أَنْ يُجَابَ، بِالْحَاصِلِ الْمَذْكُورِ فِي الْحَاشِيَةِ الْأُخْرَى، وَقَوْلُهُ، أَوْ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ الْمُعَادَةِ أَيْ: فَالْإِمَامُ هُنَا، وَإِنْ كَانَ مُعِيدًا، وَالْمُعِيدُ مُتَنَفِّلٌ لَا يُسَنُّ عَدَمُ اقْتِدَاءِ الْمُفْتَرِضِ بِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ ذَاتِ) لَعَلَّ هَذَا التَّفْسِيرَ؛ لِأَنَّ ذَاتَ هِيَ عِبَارَتُهُمْ، وَهِيَ الْوَارِدَةُ، وَإِلَّا، فَالتَّعْبِيرُ بِذِي صَحِيحٌ لِإِمْكَانِ اعْتِبَارِ التَّذْكِيرِ (قَوْلُهُ: لِلْخُرُوجِ إلَخْ.) ثُمَّ قَالَ: وَلِأَنَّهَا أَخَفُّ إلَخْ. قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَالتَّعْلِيلُ بِالْأَوَّلِ لَا يُنَافِي مَا مَرَّ قُبَيْلَ النَّوْعِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي الْأَفْضَلِيَّةِ، وَثَمَّ فِي الِاسْتِحْبَابِ. اهـ.

وَأَرَادَ بِمَا مَرَّ مَا كَتَبْنَاهُ عَنْهُ عَلَى قَوْلِهِ: هُنَا نُدِبَ إلَيْهَا مِنْ قَوْلِنَا قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَقَوْلُهُمْ يُسَنُّ لِلْمُفْتَرِضِ إلَخْ. وَكَأَنَّ حَاصِلَ ذَلِكَ أَنَّ الْخُرُوجَ مِنْ الْخِلَافِ يُطْلَبُ بِالنِّسْبَةِ لِأَفْضَلِيَّةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ دُونَ اسْتِحْبَابِ بَطْنِ نَخْلٍ، فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ:، وَلِأَنَّهَا أَخَفُّ) لَعَلَّ وَجْهَهُ مِنْ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْفِرْقَتَيْنِ يُصَلِّي صَلَاةً كَامِلَةً عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ أَنَّ فِي ثَانِيَةِ كُلِّ فِرْقَةٍ انْفِرَادًا عَنْ الْإِمَامِ، وَإِنْ كَانَ حِسِّيًّا فَقَطْ بِالنِّسْبَةِ لِلْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ، وَالِانْفِرَادُ أَخَفُّ مِنْ الِارْتِبَاطِ الْمُوجِبِ لِمُرَاعَاةِ أَفْعَالِ الْإِمَامِ، وَالتَّقَيُّدِ بِهَا، أَوْ الْمُرَادُ أَنَّهَا أَخَفُّ فِي الْجُمْلَةِ أَيْ: بِالنِّسْبَةِ لِلْإِمَامِ إذْ لَا يَتَكَرَّرُ مِنْهُ هُنَا، وَيَتَكَرَّرُ مِنْهُ فِي بَطْنِ نَخْلٍ (قَوْلُهُ: وَأَعْدَلُ) لَعَلَّ وَجْهَهُ مَعَ أَنَّ كُلَّ فِرْقَةٍ تُصَلِّي جَمِيعَ الصَّلَاةِ بَعْضَهَا مَعَ الْإِمَامِ، وَبَعْضَهَا وَحْدَهَا أَنَّ تَأَخُّرَ الْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ يَنْجَبِرُ، بِتَشَهُّدِهَا، وَسَلَامِهَا مَعَ الْإِمَامِ هُنَا بِخِلَافِهِ فِي بَطْنِ نَخْلٍ، فَإِنَّهُ لَا جَابِرَ لِتَأَخُّرِهَا؛ لِأَنَّ كُلًّا يَتَشَهَّدُ، وَيُسَلِّمُ مَعَ الْإِمَامِ، فَلْيُتَأَمَّلْ.

سم (قَوْلُهُ: فَإِذَا فَرَغَ مِنْهَا، فَارَقَتْهُ) أَيْ: بِالنِّيَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ تُفَارِقْهُ الْأُولَى بَلْ ذَهَبَتْ إلَخْ.) ظَاهِرُهُ جَوَازُ الذَّهَابِ بِغَيْرِ نِيَّةٍ مُفَارِقَةٍ لَكِنْ فِي الْعُبَابِ مَا نَصُّهُ، وَلِلْأَوَّلِينَ أَنْ لَا يُتِمُّوا صَلَاتَهُمْ بَلْ يَنْوُوا مُفَارَقَةَ الْإِمَامِ، وَيَذْهَبُوا اتِّجَاهَ الْعَدُوِّ، وَيَقِفُوا سُكُوتًا إلَخْ. اهـ. وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ، وَلَوْ لَمْ يُتِمَّهَا الْمُقْتَدُونَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى بَلْ ذَهَبُوا، وَوَقَفُوا اتِّجَاهَ الْعَدُوِّ سُكُوتًا فِي الصَّلَاةِ إلَخْ. اهـ.

(قَوْلُهُ: كَمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُ النَّظْمِ) قَدْ يُشْكِلُ إفْهَامُهُ لَهُ مَعَ قَوْلِهِ: هُنَا، فَلَمَّا سَلَّمَ ذَهَبَتْ إلَى الْعَدُوِّ إلَخْ. الْمُقْتَضَى أَنَّ كُلًّا مِنْ الْفِرْقَتَيْنِ تُتِمُّ صَلَاتَهَا بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ، وَذَلِكَ يُنَافِي قَوْلَهُ الْآتِيَ الْمُتَعَلِّقَ بِذَلِكَ، وَلَحِقَتْ أَخِيرَةَ تَشَهُّدِهِ، فَلْيُتَأَمَّلْ.

ــ

[حاشية الشربيني]

ذَكَرَ الْحَدِيثَ، ثُمَّ ذَكَرَ الْكَيْفِيَّةَ الْأُخْرَى إعْلَامًا بِجَوَازِهَا أَيْضًا. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ.

(قَوْلُهُ: لَكِنَّهَا لَا تَصْدُقُ

ص: 36

، وَالْأَوْلَى رِوَايَةُ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ وَاخْتَارَهَا الشَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّهَا أَوْفَقُ لِلْقُرْآنِ لِإِشْعَارِ {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا} [النساء: 102] بِصَلَاةِ الْأُولَى وَلِأَنَّهَا أَلْيَقُ بِالصَّلَاةِ لِقِلَّةِ الْأَفْعَالِ وَلِأَنَّهَا أَحْوَطُ لِلْحَرْبِ، فَإِنَّهَا أَخَفُّ عَلَى الطَّائِفَتَيْنِ وَإِنَّمَا صَحَّتْ الصَّلَاةُ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ مَعَ كَثْرَةِ الْأَفْعَالِ فِيهَا بِلَا ضَرُورَةٍ لِصِحَّةِ الْخَبَرِ فِيهَا مَعَ عَدَمِ الْمُعَارَضَةِ؛ لِأَنَّ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ كَانَتْ فِي يَوْمٍ، وَالْأُخْرَى فِي يَوْمٍ آخَرَ وَدَعْوَى النَّسْخِ بَاطِلَةٌ لِاحْتِيَاجِهِ لِمَعْرِفَةِ التَّارِيخِ وَتَعَذُّرِ الْجَمْعِ، وَلَيْسَ هُنَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَالْإِعْلَامُ بِتَسْمِيَةِ هَذِهِ الصَّلَاةِ بِصَلَاةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ وَبِتَسْمِيَةِ مَا قَبْلَهَا بِصَلَاةِ بَطْنِ نَخْلٍ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ وَهُمَا مَوْضِعَانِ مِنْ نَجْدٍ وَسُمِّيَتْ الْغَزْوَةُ بِغَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ؛ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ لَفُّوا بِأَرْجُلِهِمْ الْخِرَقَ لَمَّا تَقَرَّحَتْ وَقِيلَ بِاسْمِ شَجَرَةٍ هُنَاكَ وَقِيلَ بِاسْمِ جَبَلٍ فِيهِ بَيَاضٌ وَحُمْرَةٌ وَسَوَادٌ يُقَالُ لَهُ الرِّقَاعُ وَقِيلَ: لِتَرْقِيعِ صَلَاتِهِمْ فِيهَا

(وَلَوْ) كَانَتْ صَلَاةُ ذَاتِ الرِّقَاعِ (فِي جُمُعَهْ) حَيْثُ وَقَعَ الْخَوْفُ بِبَلْدَةٍ، فَإِنَّهَا تَجُوزُ (إذَا بِأَرْبَعِينَ مِنْ كُلٍّ) مِنْ الْفِرْقَتَيْنِ (خَطَبْ) بِأَنْ خَطَبَ بِالْكُلِّ ثُمَّ فَرَّقَهُمْ فِرْقَتَيْنِ لَا تَنْقُصُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ أَرْبَعِينَ أَوْ بِطَائِفَةٍ وَجَعَلَ مِنْهُمَا أَرْبَعِينَ مَعَ كُلِّ فِرْقَةٍ، فَلَوْ خَطَبَ بِفِرْقَةٍ وَصَلَّى بِأُخْرَى، أَوْ نَقَصَ الْعَدَدُ فِيهِمَا، أَوْ فِي الْأُولَى لَمْ تَنْعَقِدْ الْجُمُعَةُ لِاشْتِرَاطِ الْعَدَدِ، وَالْخُطْبَةِ فِيهَا أَوْ فِي الثَّانِيَةِ، فَقِيلَ: كَذَلِكَ لِمَا ذُكِرَ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: كَمَا يُفْهِمُهُ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِإِفْهَامِهِ لِذَلِكَ أَنَّ إطْلَاقَهُ شَامِلٌ لَهُ، وَإِلَّا، فَإِفْهَامُهُ خُصُوصَ ذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: بِصَلَاةِ الْأُولَى) أَيْ: بِجَمِيعِ صَلَاتِهَا، وَهَذَا لَا يَصْدُقُ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ (قَوْلُهُ: وَالْإِعْلَامُ، بِتَسْمِيَةِ إلَخْ.) إنَّمَا أَرَادَ الْإِعْلَامَ؛ لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ فِي الْجُمْلَةِ لَيْسَتْ مِنْ زِيَادَتِهِ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي جُمُعَةٍ إذًا، بِأَرْبَعِينَ إلَخْ.) هَلْ يَجُوزُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْأَمْنِ فِيهِ كَلَامٌ ذَكَرْنَاهُ فِي هَامِشِ شَرْحِ الْإِرْشَادِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ خَطَبَ بِالْكُلِّ إلَخْ.) بَقِيَ مَا لَوْ خَطَبَ بِفِرْقَةٍ ثُمَّ صَلَّى، بِهِمْ رَكْعَةً، وَلَمَّا فَرَغَ مِنْهَا، فَارَقَتْهُ، وَأَتَمَّتْ ثُمَّ ذَهَبَتْ إلَى وَجْهِ الْعَدُوِّ ثُمَّ جَاءَتْ الْفِرْقَةُ الْأُخْرَى، فَخَطَبَ لَهُمْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ حَيْثُ كَانُوا فِي وَجْهِ الْعَدُوِّ ثُمَّ اقْتَدَوْا بِالْإِمَامِ فِي الثَّانِيَةِ ثُمَّ تُتِمُّ ثَانِيَتَهَا، فَهَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ جَوَازُهُ مَا لَمْ يُوجَدْ نَقْلٌ بِخِلَافِهِ، فَلْيُتَأَمَّلْ. سم (قَوْلُهُ: أَوْ نَقَصَ الْعَدَدُ فِيهِمَا) أَيْ: فِي الْفِرْقَتَيْنِ إلَخْ، وَعِبَارَةُ الْإِرْشَادِ، وَالنَّقْصُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ لَا يَضُرُّ، وَأَوَّلُهُ أَيْ: وَالْحَالُ أَنَّ الرَّكْعَةَ الْأُولَى صُلِّيَتْ، بِأَرْبَعِينَ. اهـ. أَيْ: وَلَمْ يَنْقُصُوا فِي ثَانِيَتِهِمْ أَيْضًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ لَا تَنْقُصَ الْفِرْقَةُ الْمُصَلِّيَةُ الرَّكْعَةَ الْأُولَى مَعَ الْإِمَامِ عَنْ أَرْبَعِينَ إلَى تَمَامِ صَلَاتِهِمْ، وَأَنْ لَا تَنْقُصَ الْفِرْقَةُ الْأُخْرَى عَنْ أَرْبَعِينَ حَالَ الْخُطْبَةِ، وَلَا يَضُرُّ النَّقْصُ بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ: نَقْصُ الْعَدَدِ فِيهَا (قَوْلُهُ: فَقِيلَ كَذَلِكَ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهَلْ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ انْتِظَارُ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ، وَاجِبَةٌ عَلَيْهِمْ، وَإِذَا سَلَّمَ، فَوَّتَ عَلَيْهِمْ الْوَاجِبَ الْأَقْرَبَ نَعَمْ؛ لِأَنَّ تَفْوِيتَ الْوَاجِبِ لَا يَجُوزُ عَلَى نَفْسِهِ، فَكَذَا عَلَى غَيْرِهِ، وَقَدْ يُقَالُ: هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا أَحَسَّ، بِدَاخِلٍ فِي رُكُوعِ

ــ

[حاشية الشربيني]

إلَخْ.) قَدْ يُقَالُ: الْمَقْصُودُ أَنْ يَكُونَ مَا ذُكِرَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى لِأَنَّهُ أَوَّلُ الِاشْتِغَالِ عَنْ الْقِتَالِ فَإِذَا لَمْ يَتَمَكَّنُوا فِيهِ ضَعُفَ عَزْمُهُمْ، وَحَمَلُوا مَا بَعْدَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى عَلَيْهَا تَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: بِبَلَدٍ) أَيْ: أَقَامُوا بِهَا. اهـ. (قَوْلُهُ: إذَا بِأَرْبَعِينَ إلَخْ.) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ سَمَاعُ أَرْبَعِينَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، وَلَا يَضُرُّ نَقْصُ الْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ، وَلَوْ فِي حَالِ التَّحَرُّمِ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِجُمُعَةٍ صَحِيحَةٍ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(وَقَالَ فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ) الْحَاصِلُ أَنَّ النَّقْصَ فِي الْفِرْقَةِ الْأُولَى يَضُرُّ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِي أُولَاهَا، أَوْ فِي ثَانِيَتِهَا، وَالنَّقْصُ فِي الثَّانِيَةِ لَا يَضُرُّ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِي أُولَاهَا، أَوْ فِي ثَانِيَتِهَا قَرَّرَهُ الشَّبْشِيرِيُّ. اهـ. ع ش، وَاغْتُفِرَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يُتَوَسَّعُ فِي الْخَوْفِ مَا لَا يُتَوَسَّعُ فِي غَيْرِهِ فَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمَسْبُوقَ فِي غَيْرِهِ يُشْتَرَطُ فِي إدْرَاكِهِ الْجُمُعَةَ بَقَاءُ الْعَدُوِّ، وَالْجَمَاعَةِ إلَى تَمَامِ الرَّكْعَةِ. اهـ. وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ سَمَاعُ ثَمَانِينَ فَأَكْثَرَ، وَإِحْرَامُ أَرْبَعِينَ مِنْهُمْ فِي كُلٍّ مِنْ الْفِرْقَتَيْنِ، وَيَضُرُّ نَقْصُهُمْ فِي الْفِرْقَةِ الْأُولَى فِي رَكْعَتَيْهَا لَا فِي الثَّانِيَةِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ كَمَا قَالَهُ الْجَوْجَرِيُّ، وَمَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ لِيَكُونَ لِاشْتِرَاطِ سَمَاعِ الثَّمَانِينَ فَائِدَةٌ، وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا م ر أَنَّهُ لَا يَضُرُّ النَّقْصُ حَالَ إحْرَامِهِمْ أَيْضًا، وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ. اهـ. قَالَ الرَّشِيدِيُّ، وَوَجْهُ مَا فِي م ر كَمَا فِي الْإِمْدَادِ أَنَّ صَلَاةَ الثَّانِيَةِ ابْتِدَاءُ إقَامَةِ جُمُعَةٍ فَاشْتَرَطْنَا فِيهَا السَّمَاعَ، وَالْعَدَدَ عِنْدَ الْخُطْبَةِ، ثُمَّ إذَا انْعَقَدَتْ صَارَتْ تَابِعَةً لِلْأُولَى فَاغْتُفِرَ النَّقْصُ مِنْ الْعَدَدِ مُرَاعَاةً لِلتَّبَعِيَّةِ، وَلَا يُمْكِنُ نَقْصٌ لِلسَّمَاعِ. اهـ. وَهُوَ كَمَا تَرَى لَا يَخْلُو عَنْ نَظَرٍ إذْ مُقْتَضَى الصَّيْرُورَةِ بَعْدَ الِانْعِقَادِ أَنَّهُ لَا يُغْتَفَرُ النَّقْصُ حَالَةَ الِانْعِقَادِ، وَمُقْتَضَى التَّبَعِيَّةِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ السَّمَاعِ، وَنُقِلَ عَنْ حَوَاشِي الْمَحَلِّيِّ أَنَّ النَّقْصَ فِي أُولَى كُلٍّ مِنْ الْفِرْقَتَيْنِ يَضُرُّ، وَفِي الثَّانِيَةِ لِكُلٍّ لَا يَضُرُّ لِلْحَاجَةِ مَعَ سَبْقِ انْعِقَادِهَا. اهـ. فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: إذَا بِأَرْبَعِينَ إلَخْ.) فِي الْحَلَبِيِّ عَلَى الْمَنْهَجِ هَلَّا قِيلَ: بِعَدَمِ اعْتِبَارِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ تَابِعَةٌ لِجُمُعَةٍ صَحِيحَةٍ؛ لِأَنَّ الْقَوْمَ فِي الْجُمُعَةِ لَوْ فَارَقُوا الْإِمَامَ، وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ، وَاقْتَدَى بِالْإِمَامِ وَاحِدٌ صَحَّتْ، وَفِي حَاشِيَةِ الشَّرْقَاوِيِّ عَلَى التَّحْرِيرِ شَرْطُهَا أَنْ يَسْمَعَ الْخُطْبَةَ أَرْبَعُونَ مِنْ الْفِرْقَةِ الْأُولَى، وَيَضُرُّ

ص: 37

النَّظْمِ وَأَصْلُهُ، وَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ لَا يَضُرُّ قَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ لِلْحَاجَةِ أَيْ: مَعَ سَبْقِ انْعِقَادِ الْجُمُعَةِ لِيُفَارِقَ النَّقْصَ فِي الْأُولَى، أَمَّا إقَامَةُ الْجُمُعَةِ بِصَلَاةِ بَطْنِ نَخْلٍ، فَلَا تَصِحُّ إذْ لَا تُقَامُ جُمُعَةٌ بَعْدَ أُخْرَى وَتَقَدَّمَ أَنَّهَا تَصِحُّ بِصَلَاةِ عُسْفَانَ

(وَ) لَوْ كَانَتْ صَلَاةُ ذَاتِ الرِّقَاعِ (فِي) الْفَرْضِ (الرُّبَاعِيِّ)، فَإِنَّهَا تَجُوزُ أَيْضًا (وَلَكِنْ بِسَبَبْ حَاجَةِ أَرْبَعٍ) أَيْ: حَاجَةِ تَفْرِيقِنَا إلَى أَرْبَعِ فِرَقٍ (لِكَوْنِ النِّصْفِ مِنَّا لِمَنْ حَارَبَنَا لَا يَكْفِي) كَأَنْ يَحْتَاجَ إلَى ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِنَا، فَيُصَلِّي بِكُلِّ فِرْقَةٍ رَكْعَةً وَهَذَا التَّعْلِيلُ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ كَفَى النِّصْفُ) مِنَّا مَنْ حَارَبَنَا (فَفِرْقَتَانِ أَوْلَى) مِنْ أَرْبَعِ فِرَقٍ لِئَلَّا يَزِيدَ الِانْتِظَارُ عَلَى الْمَنْقُولِ وَهُوَ انْتِظَارَانِ وَزَادَ قَوْلَهُ: أَوْلَى لِيُعْلَمَ أَنَّ تَقْيِيدَ التَّفْرِيقِ أَرْبَعًا بِالْحَاجَةِ إنَّمَا هُوَ عَلَى وَجْهِ النَّدْبِ لَا الْوُجُوبِ، وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (بِكُلِّ فِرْقَةٍ ثِنْتَانِ) أَيْ يُصَلَّى نَدْبًا بِكُلٍّ مِنْ الْفِرْقَتَيْنِ رَكْعَتَانِ طَلَبًا لِلْعَدْلِ، فَلَوْ صَلَّى بِفِرْقَةٍ رَكْعَةً وَبِالْأُخْرَى ثَلَاثًا أَوْ عَكْسَهُ صَحَّتْ مَعَ الْكَرَاهَةِ، وَيَسْجُدُ الْإِمَامُ، وَالثَّانِيَةُ لِلسَّهْوِ لِلْمُخَالَفَةِ بِالِانْتِظَارِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الشَّافِعِيِّ، وَالْأَصْحَابِ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ صَاحِبُ الشَّامِلِ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إذَا فَرَّقَهُمْ أَرْبَعًا يَسْجُدُونَ لِلسَّهْوِ انْتَهَى وَظَاهِرٌ أَنَّ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ: يَسْجُدُونَ غَيْرُ الْفِرْقَةِ الْأُولَى (وَتَمَّمُوهَا) أَيْ: وَتَمَّمَ غَيْرُ الْفِرْقَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْفِرْقَتَيْنِ، أَوْ الْفِرَقِ الصَّلَاةَ بَعْدَ مُفَارَقَةِ الْإِمَامِ، فَيَنْتَظِرُ الثَّانِيَةَ فِي قِيَامِهِ لِلرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، وَالثَّالِثَةَ فِي تَشَهُّدِهِ الْأَوَّلِ، أَوْ قِيَامَهُ لِلثَّالِثَةِ، وَهُوَ أَفْضَلُ، وَالرَّابِعَةَ فِي قِيَامِهِ لِلرَّابِعَةِ وَفِي تَشَهُّدِهِ

ــ

[حاشية العبادي]

الثَّانِيَةِ فِي الْأَمْنِ يَلْزَمُهُ انْتِظَارُهُ، وَيُجَابُ، بِأَنَّ الدَّاخِلَ مُقَصِّرٌ، بِتَأْخِيرِهِ، وَبِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي نَفْعٍ لِلْمُصَلِّينَ كَالْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ هُنَا، وَتَجْهَرُ الطَّائِفَةُ الْأُولَى فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُمْ مُنْفَرِدُونَ، وَلَا تَجْهَرُ الثَّانِيَةُ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُمْ مُقْتَدُونَ، وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي كُلِّ صَلَاةٍ جَهْرِيَّةٍ (فَرْعٌ)

لَوْ لَمْ تُمْكِنْهُ الْجُمُعَةُ، فَصَلَّى بِهِمْ الظُّهْرَ ثُمَّ أَمْكَنَهُ الْجُمُعَةُ قَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِمْ لَكِنْ تَجِبُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ مَعَهُمْ، وَلَوْ أَعَادَ لَمْ أَكْرَهْهُ، وَيُقَدِّمُ غَيْرَهُ، فَيَخْرُجُ مِنْ الْخِلَافِ حَكَاهُ الْعِمْرَانِيُّ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَقَوْلُهُ: وَلَوْ أَعَادَ أَيْ: إمَامُ الظُّهْرِ الْجُمُعَةَ (قَوْلُهُ:، وَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ لَا يَضُرُّ) أَيْ النَّقْصُ عَنْ أَرْبَعِينَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ قَبْلَ اقْتِدَائِهِمْ، أَوْ بَعْدَهُ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: أَيْ مَعَ سَبْقِ انْعِقَادِ إلَخْ.) كَانَ مُرَادُهُ بِسَبْقِ انْعِقَادِ الْجُمُعَةِ حُصُولَهَا لِلْفِرْقَةِ الْأُولَى، وَإِلَّا، فَنَقْصُ الْأُولَى فِي الْأَثْنَاءِ سَبَقَهُ الِانْعِقَادُ، وَمَعَ ذَلِكَ يَضُرُّ

(قَوْلُهُ: وَالثَّانِيَةُ لِلسَّهْوِ) بِخِلَافِ الْأُولَى فِي الصُّورَتَيْنِ لِمُفَارَقَتِهَا قَبْلَ الِانْتِظَارِ الْمُقْتَضِي لِلسُّجُودِ (قَوْلُهُ: بِالِانْتِظَارِ فِي غَيْرِ إلَخْ.) بِمُلَاحَظَةِ أَنَّ السُّجُودَ لِلِانْتِظَارِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ لَا لِتَطْوِيلِ الْقِيَامِ مِنْ حَيْثُ هُوَ تَطْوِيلُ الْقِيَامِ سَقَطَ مَا تُوُهِّمَ مِنْ أَنَّهُ لِتَطْوِيلِ الْقِيَامِ، وَاسْتَشْكَلَهُ، بِأَنَّ تَطْوِيلَ الْقِيَامِ مَطْلُوبٌ، فَكَيْفَ يَقْتَضِي السُّجُودَ (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ) ؛ لِأَنَّ الِانْتِظَارَ فِي الصَّلَاةِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَحَلُّهُ الرُّكُوعُ، وَالتَّشَهُّدُ الْأَخِيرُ كَذَا، بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ، وَقَضِيَّتُهُ مَشْرُوعِيَّةُ السُّجُودِ، وَإِنْ صَلَّى بِكُلِّ فِرْقَةٍ مِنْ الْفِرْقَتَيْنِ رَكْعَةً فِي الثَّانِيَةِ، أَوْ رَكْعَتَيْنِ فِي الرُّبَاعِيَّةِ مَعَ أَنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوهُ فِي ذَلِكَ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِكَوْنِ الِانْتِظَارِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي نِصْفِهَا، وَهُوَ إنَّمَا وَرَدَ فِي نِصْفِهَا مِنْ رَكْعَةٍ فِي الثُّنَائِيَّةِ، وَرَكْعَتَيْنِ فِي الرُّبَاعِيَّةِ، وَكَذَا الثُّلَاثِيَّةُ، فَلْيُتَأَمَّلْ.

وَعَلَى هَذَا يَظْهَرُ شُمُولُ الثَّانِيَةِ فِي قَوْلِهِ، وَيَسْجُدُ الْإِمَامُ، وَالثَّانِيَةُ لِلثَّانِيَةِ فِي الصُّورَتَيْنِ أَعْنِي مَا إذَا صَلَّى بِفِرْقَةٍ رَكْعَةً، وَبِالثَّانِيَةِ ثَلَاثًا، وَعَكْسُهُ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ فِيهَا اقْتَدَتْ بِهِ بَعْدَ الِانْتِظَارِ الْمُقْتَضِي لِلسُّجُودِ سم، وَقَوْلُهُ: إنَّمَا وَرَدَ فِي نِصْفِهَا، فَلَوْ صَلَّى فِي الْمَغْرِبِ، بِفِرْقَةٍ رَكْعَةً، وَبِالْأُخْرَى رَكْعَتَيْنِ، فَهَلْ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، وَظَاهِرُ سُكُوتِهِمْ عَنْهُ لَا مَعَ أَنَّهُ انْتِظَارٌ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ: نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ.) عِبَارَةُ الرَّوْضِ، فَإِنْ صَلَّى، بِفِرْقَةٍ رَكْعَةً، وَبِالثَّانِيَةِ ثَلَاثَةً، أَوْ عَكَسَ كُرِهَ، وَسَجَدَ الْإِمَامُ، وَالطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ سُجُودَ السَّهْوِ قَالَهُ صَاحِبُ الشَّامِلِ إلَخْ. اهـ. (قَوْلُهُ: غَيْرَ الْفِرْقَةِ الْأُولَى)

ــ

[حاشية الشربيني]

نَقْصُهُمْ عَنْ ذَلِكَ سَوَاءٌ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ، أَمَّا الْفِرْقَةُ الثَّانِيَةُ فَلَا يُشْتَرَطُ سَمَاعُهُمْ الْخُطْبَةَ، وَلَا يَضُرُّ نَقْصُهُمْ عَنْ أَرْبَعِينَ مُطْلَقًا سَوَاءٌ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ سَوَاءٌ حَالَ الْإِحْرَامِ، أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: لِلْحَاجَةِ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْأَمْنِ، وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ بَقَاءِ الْعَدَدِ، وَالْجَمَاعَةِ إلَى تَمَامِ الرَّكْعَةِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْبُجَيْرِمِيِّ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ أَنَّهَا تَصِحُّ إلَخْ.)، وَهِيَ أَوْلَى لِمَا فِي صَلَاةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ مِنْ التَّعَدُّدِ الصُّورِيِّ. اهـ. شَرْقَاوِيٌّ فَإِنَّهَا تَجُوزُ أَيْضًا أَيْ: حَتَّى عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ

(قَوْلُهُ: وَهُوَ انْتِظَارَانِ) أَيْ، وَلِئَلَّا تَزِيدَ مُدَّةُ الِانْتِظَارِ أَيْضًا، وَالتَّعْلِيلُ الْأَوَّلُ طَرِيقَةُ ابْنِ سُرَيْجٍ، وَلِذَا قَالَ بِالْبُطْلَانِ لِصَلَاةِ الْإِمَامِ بِالِانْتِظَارِ الثَّالِثِ الْوَاقِفِ فِي الرَّكْعَةِ الرَّابِعَةِ، وَالثَّانِي طَرِيقَةُ الْجُمْهُورِ، وَلِذَا قَالُوا بِالْبُطْلَانِ لِمَا ذُكِرَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، وَعَلَى قَوْلِهِمْ، وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا تَبْطُلُ بِمُضِيِّ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ، وَلَعَلَّهُ لِأَنَّهُ نَوَى الْمُبْطِلَ، وَشَرَعَ فِيهِ، وَالثَّانِي بِمُضِيِّ قَدْرِ رَكْعَةٍ مِنْ انْتِظَاره الثَّانِي؛ لِأَنَّ بِهِ يَتِمُّ مِقْدَارُ الِانْتِظَارِ الْوَارِدِ، وَهُوَ مَا يَسَعُ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ كُلُّ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِ الْبُطْلَانِ ذَكَرْنَاهُ لِلْإِيضَاحِ، وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ.

(قَوْلُهُ: بِالِانْتِظَارِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ)، فَيَكُونُ كَمَنْ قَنَتَ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ. اهـ. مِنْ الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ: نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ.) عِبَارَتُهَا هَكَذَا صَرَّحَ بِهِ أَصْحَابُنَا، وَنَقَلَهُ صَاحِبُ الشَّامِلِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ قَالَ: وَهَذَا يَدُلُّ إلَخْ. (قَوْلُهُ إذَا فَرَّقَهُمْ أَرْبَعًا إلَخْ.) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ لِحَاجَةٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَذَا بِهَامِشٍ صَحِيحٍ (قَوْلُهُ: يَسْجُدُونَ لِلسَّهْوِ) أَيْ لِلِانْتِظَارِ الْمَذْكُورِ، فَيَكُونُ كَمَنْ قَنَتَ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ، وَقَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ لِأَنَّهُ قِيلَ بِالْبُطْلَانِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ السَّاجِدُ هُوَ الْفِرْقَةَ الثَّانِيَةَ، أَوْ الرَّابِعَةَ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: فَيَنْتَظِرُ الثَّانِيَةَ إلَخْ.) ، وَلَوْ لَمْ يَنْتَظِرْهُمْ، وَأَدْرَكُوهُ فِي الرُّكُوعِ أَدْرَكُوا الرَّكْعَةَ. اهـ. رَوْضَةٌ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَفْضَلُ) ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ مَحَلُّ التَّطْوِيلِ (قَوْلُهُ:

ص: 38

لِيُسَلِّمَ بِهَا (وَ) الرَّكْعَةُ، أَوْ الرَّكَعَاتُ الَّتِي يُتَمِّمُ بِهَا غَيْرُ الْفِرْقَةِ الْأَخِيرَةِ الصَّلَاةَ (لَهُمْ كَالْمُفْرَدَهْ) عَنْ الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ لِانْقِطَاعِ الْقُدْوَةِ حِسًّا وَحُكْمًا، فَلَا يَلْحَقُهُمْ سَهْوُهُ، وَلَا يَتَحَمَّلُ سَهْوَهُمْ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَحِقَتْ أَخِيرَةٌ) أَيْ الْفِرْقَةُ الْأَخِيرَةُ (تَشَهُّدَهْ) الْأَخِيرَ وَهِيَ فِي تَخَلُّفِهَا مُقْتَدِيَةً بِهِ حُكْمًا، فَيَتَحَمَّلُ سَهْوَهَا، وَيَلْحَقُهَا سَهْوُهُ

(وَ) يُسَنُّ (فِي الْأَصَحِّ أَنْ يَكُونَ قَارِي) بِالْوَقْفِ بِلُغَةِ رَبِيعَةَ (وَذَا تَشَهُّدٍ) أَيْ: قَارِئًا وَمُتَشَهِّدًا (فِي الِانْتِظَارِ) لِفِرْقَةٍ، أَوْ أَكْثَرَ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْرَأْ أَوْ لَمْ يَتَشَهَّدْ، فَإِمَّا أَنْ يَسْكُتَ، أَوْ يَأْتِيَ بِغَيْرِ الْقِرَاءَةِ، وَالتَّشَهُّدِ وَكُلٌّ خِلَافُ السُّنَّةِ وَتُسَنُّ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ سُورَةٌ طَوِيلَةٌ يُطِيلُ فِيهَا الْقِرَاءَةَ إلَى مَجِيءِ الْفِرْقَةِ الْأُخْرَى، فَيَقْرَأُ مِنْهَا بِقَدْرِ الْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ قَصِيرَةٍ لِيَحْصُلَ لَهُمْ قِرَاءَتُهُمَا وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ الْمَزِيدُ عَلَى الْحَاوِي أَنَّهُ لَا يَقْرَأُ، وَلَا يَتَشَهَّدُ فِي الِانْتِظَارِ لِأَنَّهُ قَرَأَ مَعَ الْأُولَى وَخَصَّ غَيْرَ الْأَخِيرَةِ بِالسَّبْقِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَقْرَأَ أَيْضًا مَعَ غَيْرِ الْأُولَى، وَيَخُصَّ الْأَخِيرَةَ بِالتَّشَهُّدِ وَعَلَى هَذَا قَالُوا: يَشْتَغِلُ بِمَا شَاءَ مِنْ الذِّكْرِ كَالتَّسْبِيحِ وَغَيْرِهِ وَيُسَنُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُخَفِّفَ الْأُولَى وَيُسَنُّ لِلْفِرْقَةِ، أَوْ الْأَكْثَرِ أَنْ يُخَفِّفُوا مَا يَنْفَرِدُونَ بِهِ

(وَحَمْلُهُ) أَيْ: الْمُصَلِّي (السِّلَاحَ) الطَّاهِرَ إذَا لَمْ يَمْنَعْ رُكْنًا وَلَمْ يَتَأَذَّ بِهِ أَحَدٌ (فِيهَا) أَيْ: صَلَاةِ الْخَوْفِ (مُسْتَحَبْ إنْ ظَهَرَتْ سَلَامَةٌ) لَنَا مَعَ احْتِمَالِ الْخَطَرِ احْتِيَاطًا وَخُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ فِي وُجُوبِهِ وَأَكَّدَ ذَلِكَ، بَلْ أَفَادَ، فَائِدَةً بِقَوْلِهِ: مِنْ زِيَادَتِهِ (وَمَا وَجَبْ) قَالُوا؛ لِأَنَّ وَضْعَهُ لَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ، فَلَا يَجِبُ حَمْلُهُ كَسَائِرِ مَا لَا يُفْسِدُ تَرْكُهُ وَقِيَاسًا عَلَى صَلَاةِ الْأَمْنِ وَحَمَلُوا الْآيَةَ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ السِّلَاحُ النَّجِسُ، وَالْمَانِعُ مِنْ الرُّكْنِ كَالْحَدِيدِ الْمَانِعِ مِنْ الرُّكُوعِ، وَالْبَيْضَةُ الْمَانِعَةُ مِنْ مُبَاشَرَةِ الْجَبْهَةِ، فَيَحْرُمُ حَمْلُهَا، وَالسِّلَاحُ الْمُؤْذِي كَالرُّمْحِ وَسَطَ الْقَوْمِ، فَيُكْرَهُ حَمْلُهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَعِبَارَةُ غَيْرِهِمَا لَا يَجُوزُ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ كَذَلِكَ إذَا كَثُرَ بِهِ الْأَذَى، وَالْكَرَاهَةُ فِيمَا يُخَفْ انْتَهَى وَخَرَجَ بِظُهُورِ السَّلَامَةِ مَا إذَا ظَهَرَ الْهَلَاكُ، فَيَجِبُ حَمْلُهُ وَإِلَّا، فَهُوَ اسْتِسْلَامٌ لِلْكُفَّارِ وَهَذِهِ هِيَ الْفَائِدَةُ الَّتِي أَفَادَهَا قَوْلُهُ: وَمَا وَجَبَ إذْ لَوْلَاهُ لَمَا فُهِمَ الْوُجُوبُ بَلْ أَعَمُّ مِنْهُ، وَهُوَ عَدَمُ الِاسْتِحْبَابِ، وَلَيْسَ مُرَادًا وَقَضِيَّةُ عِبَارَتِهِ وُجُوبُ حَمْلِهِ أَيْضًا إذَا لَمْ تَظْهَرْ سَلَامَةٌ وَهَلَاكٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَالَ الْإِمَامُ وَوَضْعُ السِّلَاحِ بَيْنَ يَدَيْهِ كَحَمْلِهِ إنْ سَهُلَ تَنَاوُلُهُ

ــ

[حاشية العبادي]

لِمُفَارَقَتِهَا لَهُ قَبْلَ الِانْتِظَارِ الْمُقْتَضِي لِلسُّجُودِ

(قَوْلُهُ: وَكُلٌّ خِلَافُ السُّنَّةِ) أَيْ: فِي الصَّلَاةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ لَا هُنَا، بِخُصُوصِهِ حَتَّى يُقَالُ: حَاصِلُ الْكَلَامِ، وَمَآلُهُ الِاسْتِدْلَال عَلَى الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ، فَتَأَمَّلْهُ. سم (قَوْلُهُ: وَيَخُصُّ الْأَخِيرَةَ) أَيْ: الَّتِي تَارَةً تَكُونُ غَيْرَ الْأُولَى، وَتَارَةً بَعْضَ الْغَيْرِ، فَلِذَا عَبَّرَ بِشَخْصِ الْأَخِيرَةِ دُونَ شَخْصِهِ أَيْ: الْغَيْرِ، فَتَأَمَّلْهُ. فَقَدْ يُغْفَلُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: أَنْ يُخَفِّفَ الْأُولَى) لِاشْتِغَالِ قُلُوبِهِمْ، بِمَا هُمْ فِيهِ

(قَوْلُهُ: مَعَ احْتِمَالِ الْخَطَرِ إلَخْ.) قَضِيَّتُهُ عَدَمُ الِاسْتِحْبَابِ إنْ قُطِعَ بِانْتِفَاءِ الْخَطَرِ (قَوْلُهُ: بَلْ أَفَادَ فَائِدَةً)، وَسَيَأْتِي بَيَانُهَا (قَوْلُهُ: قَالُوا: لِأَنَّ، وَضْعَهُ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى قَوْلِ الْقُونَوِيِّ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ. اهـ.

وَلَعَلَّ وَجْهَ التَّوَقُّفِ كَمَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ الْجَوْجَرِيُّ أَنَّ الْقِيَاسَ الْمَذْكُورَ يَرْجِعُ الْأَصْلُ وَالْفَرْعُ فِيهِ إلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ، وَحَمْلِ السِّلَاحِ حَيْثُ قِيلَ: بِوُجُوبِهِ، أَوْ اسْتِحْبَابِهِ إنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ لِمَصْلَحَةِ الشَّخْصِ نَفْسِهِ، وَالِاحْتِيَاطِ فِي شَأْنِ الْعَدُوِّ بِرّ (قَوْلُهُ:، وَقِيَاسًا عَلَى إلَخْ.) فِيهِ نَظَرٌ لِظُهُورِ الْفَرْقِ (قَوْلُهُ: إذَا كَثُرَ بِهِ الْأَذَى) ، وَهُوَ مُسَلَّمٌ إذَا ظَنَّ الْأَذَى م ر (قَوْلُهُ: بَلْ عَدَمُهُ) ، وَهُوَ عَدَمُ الِاسْتِحْبَابِ أَقُولُ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالِاسْتِحْبَابِ عِنْدَ السَّلَامَةِ يُفْهَمُ مِنْهُ الِاسْتِحْبَابُ عِنْدَ ظُهُورِ الْهَلَاكِ، بِالْأَوْلَى، أَوْ الْوُجُوبِ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ ظُهُورَ الْهَلَاكِ أَحْوَجُ إلَى الْحَمْلِ مِنْ ظُهُورِ السَّلَامَةِ، فَكَيْفَ مَعَ ذِكْرِ الِاسْتِحْبَابِ فِي الْأَدْنَى يُفْهَمُ مِنْهُ عَدَمُهُ فِي الْأَعْلَى، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ، بِوَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ الْأَعَمُّ، بِالنَّظَرِ لِمُجَرَّدِ الْعِبَارَةِ، وَعَدَمِ مُلَاحَظَةِ الْمَعْنَى، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ يَسْبِقُ إلَى الْفَهْمِ عَدَمُ الِاسْتِحْبَابِ إذَا انْتَفَى هَذَا الْقَيْدُ، وَالثَّانِي أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ، بِعَدَمِ الِاسْتِحْبَابِ مَعْنَى الْإِبَاحَةِ بَلْ الْمَعْنَى الشَّامِلَ لِوُجُوبِ الْفِعْلِ وَكَرَاهَةِ التَّرْكِ، فَالْمَعْنَى لَوْلَاهُ لَمَا فُهِمَ الْوُجُوبُ بِخُصُوصِهِ بَلْ فُهِمَ عَدَمُ الِاسْتِحْبَابِ، بِالْمَعْنَى الصَّادِقِ بِهِ، وَبِغَيْرِهِ كَكَرَاهَةِ التَّرْكِ ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا الشِّهَابَ اعْتَرَضَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُجِبْ عَنْهُ.

وَقَدْ عَرَفْت جَوَابَهُ ثُمَّ، وَجَّهَ قَوْلَهُ: وَمَا وَجَبَ بِغَيْرِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى مُقَابِلِ الِاسْتِحْبَابِ عِنْدَ ظُهُورِ السَّلَامَةِ، وَهُوَ الْقَوْلُ، بِالْوُجُوبِ، فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ تَظْهَرْ السَّلَامَةُ إلَخْ.) أَيْ: عِنْدَ ظُهُورِ الْهَلَاكِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ) قَدْ يُجَابُ عَنْ هَذَا، بِأَنَّ الْمَفْهُومَ فِيهِ تَفْصِيلٌ

ــ

[حاشية الشربيني]

فَلَا يَلْحَقُهُمْ سَهْوُهُ) أَيْ بِغَيْرِ الِانْتِظَارِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ، أَمَّا هُوَ فَقَدْ مَرَّ أَنَّهُمْ يَسْجُدُونَ لَهُ، وَفَائِدَةُ عَدَمِ اللُّحُوقِ أَنَّهُمْ لَوْ قَصَدُوا بِسُجُودِهِمْ خُصُوصَ الِانْتِظَارِ لَمْ يَكُنْ فِي صَلَاتِهِمْ نَقْصٌ بِسَهْوِ الْإِمَامِ فِي غَيْرِهِ تَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: لَا، وَصْفُهُ لِيُفْسِدَ الصَّلَاةَ) أَيْ: حَتَّى عِنْدَ الْقَائِلِ بِالْوُجُوبِ، وَمَا لَا يُفْسِدُ تَرْكُهُ لَا يَجِبُ حَمْلُهُ هَذَا بِالنَّظَرِ لِلصَّلَاةِ، وَأَمَّا بِالنَّظَرِ لِمَصْلَحَةِ الشَّخْصِ فَلَا، وَجْهَ لِلْوُجُوبِ؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهَا ظَهَرَتْ السَّلَامَةُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَا شَكَّ إلَخْ.) مَا لَمْ يَخَفْ عَلَى نَفْسِهِ الْأَذَى، وَإِلَّا جَازَ، وَعِبَارَةُ ز ي، وَكَذَا لَوْ آذَى غَيْرَهُ، فَيَجِبُ حَمْلُهُ حِفْظًا لِنَفْسِهِ، وَلَا نَظَرَ لِضَرَرِ غَيْرِهِ أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ الِاضْطِرَارِ حَيْثُ قَدَّمَ نَفْسَهُ، وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ دَفْعُهُ لِمُضْطَرٍّ آخَرَ. اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ حَمْلُهُ) ، وَتَجِبُ الْإِعَادَةُ إنْ اخْتَلَّ بِلُبْسِهِ، وَاجِبٌ كَلُبْسِ الْبَيْضَةِ الْمَانِعِ مِنْ السُّجُودِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا، وَبَيْنَ

ص: 39

كَالْمَحْمُولِ انْتَهَى بَلْ يَتَعَيَّنُ إنْ مَنَعَ حَمْلُهُ الصِّحَّةَ قَالَ فِي الْأُمِّ، وَالسِّلَاحُ كَسَيْفٍ وَرُمْحٍ وَقَوْسٍ وَتُرْسٍ وَمِنْطَقَةٍ وَجَعْبَةٍ وَنَحْوِهَا، فَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ كَجٍّ مِنْ أَنَّ التُّرْسَ، وَالدِّرْعَ لَيْسَا مِنْ السِّلَاحِ مُخَالِفٌ لِذَلِكَ وَلِمَا ذَكَرَهُ قَبْلُ مِنْ أَنَّ الْبَيْضَةَ مِنْهُ، وَالدِّرْعُ كَالْبَيْضَةِ بِلَا شَكٍّ

(وَسُنَّ فِي الْمَغْرِبِ أَنْ يُصَلَّى ثِنْتَانِ) أَيْ: رَكْعَتَانِ (لَا بِمَنْ تَلَتْ، بَلْ أَوْلَى) أَيْ: لَا بِالْفِرْقَةِ الَّتِي تَلَتْ الْأُولَى، بَلْ بِالْأُولَى وَيُصَلَّى بِالثَّانِيَةِ رَكْعَةٌ؛ لِأَنَّ السَّابِقَةَ أَحَقُّ بِالتَّفْضِيلِ؛ وَلِأَنَّ فِي عَكْسِهِ الْمَفْضُولَ، بَلْ الْمَكْرُوهَ كَمَا فِي الْأُمِّ تَكْلِيفُ الثَّانِيَةِ تَشَهُّدًا زَائِدًا، وَاللَّائِقُ بِالْحَالِ التَّخْفِيفُ

(وَنَظْرَةٌ) بِضَمِّ النُّونِ أَيْ: وَسُنَّ انْتِظَارُ الْإِمَامِ (لِفِرْقَةٍ سَتَقْتَدِي) بِهِ وَهِيَ الثَّانِيَةُ (فِي ثَالِثِ الْقِيَامِ) مِنْ الْمَغْرِبِ (لَا) فِي (التَّشَهُّدِ) الْأَوَّلِ، فَانْتِظَارُهُ لَهَا فِي قِيَامِ الثَّالِثَةِ أَفْضَلُ مِنْهُ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ مَحَلُّ التَّطْوِيلِ بِخِلَافِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَلِأَنَّهُ يَنْتَظِرُ فِي الثُّنَائِيَّةِ قَائِمًا، فَكَذَا هُنَا، وَلَوْ أَخَّرَ الْكَلَامَ عَلَى حَمْلِ السِّلَاحِ عَنْ مَسْأَلَةِ الْمَغْرِبِ كَانَ أَوْلَى

، ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ الْحَالَةِ الَّتِي يَنْتَهِي فِيهَا الْخَوْفُ إلَى حَيْثُ لَا يَتَمَكَّنُ أَحَدٌ مِنْ تَرْكِ الْقِتَالِ بِأَنْ الْتَحَمَ الْقِتَالُ وَالْعَدُوُّ كَثِيرٌ أَوْ اشْتَدَّ الْخَوْفُ وَلَمْ يُؤْمَنْ هُجُومُهُ إذَا انْقَسَمْنَا، فَقَالَ (وَحَيْثُ لَا يُمْكِنُ، أَوْ حِلًّا يَفِرْ) بِكَسْرِ الْحَاءِ (مِنْ الْعِدَا) بِكَسْرِ الْعَيْنِ أَفْصَحُ مِنْ ضَمِّهَا أَيْ الْأَعْدَاءِ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ:، وَهُوَ جَمْعٌ لَا نَظِيرَ لَهُ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: وَلَمْ يَأْتِ فَعَلٌ فِي النُّعُوتِ إلَّا عِدَى أَيْ: وَحَيْثُ لَا يُمْكِنُ أَحَدًا الْكَفُّ عَنْ الْمُقَاتَلَةِ أَوْ حَيْثُ يَفِرُّ أَحَدٌ فِرَارًا حَلَالًا مِنْ الْأَعْدَاءِ

(وَالنَّارِ، وَالْمَاءِ) ، وَالسَّيْلِ، وَالسَّبُعِ وَنَحْوِهَا أَيْ: مِنْ وَاحِدٍ مِنْهَا (عُذِرْ مُومٍ) أَيْ: فِي إيمَائِهِ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، وَيَجْعَلُ السُّجُودَ أَخْفَضَ مِنْ الرُّكُوعِ، وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي كُلِّ صَلَاةٍ يَخَافُ فَوْتَهَا كَصَلَاةِ الْعِيدِ، وَالْخُسُوفِ بِخِلَافِ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ وَقَضِيَّةُ هَذَا كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجْرِي فِي الْفَائِتَةِ إلَّا إذَا خِيفَ فَوْتُهَا بِالْمَوْتِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَ) عُذِرَ (رَاكِبٌ) لِلدَّابَّةِ (وَذُو أَفْعَالٍ كَثِيرَةٍ) كَضَرَبَاتٍ مُتَوَالِيَةٍ

(وَتَارِكُ اسْتِقْبَالٍ) لِلْقِبْلَةِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ بِسَبَبِ الْعَدُوِّ، فَيُصَلِّي كَيْفَ أَمْكَنَ رَاكِبًا وَمَاشِيًا وَتَارِكًا لِلْقِبْلَةِ لِلضَّرُورَةِ وَقَالَ تَعَالَى:{فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: 239] قَالَ ابْنُ عُمَرَ مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ وَغَيْرَ مُسْتَقْبِلِيهَا قَالَ نَافِعٌ: لَا أَرَاهُ إلَّا مَرْفُوعًا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَيَسْتَوِي فِي جَوَازِ تَرْكِ الِاسْتِقْبَالِ الرَّاكِبُ، وَالْمَاشِي، فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمَاشِي الِاسْتِقْبَالُ فِي التَّحَرُّمِ وَالرُّكُوعِ، وَالسُّجُودِ، وَلَا وَضْعُ جَبْهَتِهِ عَلَى الْأَرْضِ بِخِلَافِهِ فِي نَفْلِ السَّفَرِ كَمَا مَرَّ لِمَا فِي تَكْلِيفِهِ ذَلِكَ هُنَا مِنْ تَعَرُّضِهِ لِلْهِلَالِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ:، وَلَوْ أَمْكَنَ الِاسْتِقْبَالُ بِتَرْكِ الْقِيَامِ لِرُكُوبِهِ رَكِبَ؛ لِأَنَّ الِاسْتِقْبَالَ آكَدُ بِدَلِيلِ النَّفْلِ، وَأَمَّا تَرْكُ الِاسْتِقْبَالِ لِجِمَاحِ الدَّابَّةِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَالدِّرْعُ كَالْبَيْضَةِ إلَخْ.) قَدْ يُجْمَعُ، بِأَنَّ كَلَامَ الْأُمِّ فِي الْمُرَادِ هُنَا بِالسِّلَاحِ، وَكَلَامَ ابْنِ كَجٍّ فِي بَيَانِ حَقِيقَةِ السِّلَاحِ ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الرَّوْضِ ذِكْرَ مَا يُخَالِفُ مَا هُنَا، وَعِبَارَتُهُ مَعَ الرَّوْضِ، وَالتُّرْسِ، وَالدِّرْعِ لَيْسَ كُلٌّ مِنْهُمَا، بِسِلَاحٍ يُسَنُّ حَمْلُهُ بَلْ يُكْرَهُ لِكَوْنِهِ ثَقِيلًا يَشْغَلُ عَنْ الصَّلَاةِ كَالْجَعْبَةِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالْبَنْدَنِيجِيِّ، فَلَا يُنَافِي ذَلِكَ إطْلَاقَ الْقَوْلِ، بِأَنَّهُمَا مِنْ السِّلَاحِ إذْ لَيْسَ كُلُّ سِلَاحٍ يُسَنُّ حَمْلُهُ فِي الصَّلَاةِ اهـ. فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: عَنْ مَسْأَلَةِ الْمَغْرِبِ) ؛ لِأَنَّهَا مِنْ تَتِمَّةِ مَا قَبْلَهُ

(قَوْلُهُ: وَحَيْثُ لَا يُمْكِنُ) مُقَابِلُ إنْ أَمْكَنَ الْكَفُّ السَّابِقُ

(قَوْلُهُ: عُذِرَ إلَخْ.) الْمُتَّجَهُ أَنَّهُ مَا دَامَ يَرْجُو الْأَمْنَ، وَزَوَالَ الْمَانِعِ لَيْسَ لَهُ فِعْلُ هَذِهِ الصَّلَاةِ قَبْلَ ضِيقِ الْوَقْت، وَإِلَّا، فَلَهُ فِعْلُهَا، وَلَوْ أَوَّلَ الْوَقْتِ نَظِيرَ الْمُتَّجَهِ فِي صَلَاةِ، فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ م ر، وَلْيُنْظَرْ فِيمَا لَوْ وَجَبَ قَضَاءُ هَذِهِ الصَّلَاةِ كَأَنْ تَنَجَّسَ سِلَاحُهُ، وَعَجَزَ عَنْ إلْقَائِهِ هَلْ يَجُوزُ فِعْلُ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ) أَيْ: وَإِنْ كَانَتْ تَقَعُ شُكْرًا إذَا سُقُوا قَبْلَهَا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: فَإِنَّهُ لَا يَفُوتُ. اهـ.

قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَمِنْ ذَلِكَ يُؤْخَذُ أَنَّهَا تُشْرَعُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ كَسُنَّةِ الْفَرِيضَةِ، وَالتَّرَاوِيحِ. اهـ. (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا خِيفَ إلَخْ.) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَأَنَّهَا أَيْ: وَمِنْ ذَلِكَ يُؤْخَذُ أَنَّهَا لَا تُشْرَعُ فِي الْفَائِتَةِ بِعُذْرٍ إلَّا إذَا خِيفَ فَوْتُهَا بِالْمَوْتِ. اهـ. وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ بِعُذِرَ أَنَّ الْفَائِتَةَ، بِغَيْرِ عُذْرٍ لَيْسَتْ كَذَلِكَ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُشْرَعَ فِيهَا فِي الْحَالِ وُجُوبًا لِوُجُوبِ قَضَائِهَا عَلَى الْفَوْرِ مَعَ إجْزَاءِ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ، وَإِغْنَائِهَا عَنْ الْقَضَاءِ، فَلْيُتَأَمَّلْ. وَقَوْلُهُ: بِالْمَوْتِ هَلْ يَلْتَحِقُ بِهِ الْجُنُونُ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ حُصُولُ جُنُونٍ مُتَّصِلٍ، بِالْمَوْتِ شُرِعَتْ حِينَئِذٍ، وَفِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا شُرِعَتْ لِخَوْفِ الْفَوَاتِ بِالْمَوْتِ، وَإِنْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ اتِّصَالُ الْجُنُونِ بِالْمَوْتِ لَمْ تُشْرَعْ، فَلْيُتَأَمَّلْ. م ر

(قَوْلُهُ: بِسَبَبِ الْعَدُوِّ) يَنْبَغِي أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا ذُكِرَ، فَخَرَجَ تَارِكُهُ، بِغَيْرِ ذَلِكَ كَجِمَاحِ الدَّابَّةِ عَلَى مَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: وَغَيْرَ مُسْتَقْبِلِهَا) لَيْسَ مِنْ تَفْسِيرِ الْآيَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ زِيَادَةُ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ نَبَّهَ عَلَيْهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِرّ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا تَرْكُهُ الِاسْتِقْبَالَ إلَخْ.) فِي الرَّوْضِ، وَلَوْ صَلَّى عَلَى الْأَرْضِ، فَحَدَثَ الْخَوْفُ الْمُلْجِئُ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْعِصَابَةِ فَوْقَ جِرَاحَةٍ يَشُقُّ نَزْعُهَا عَنْهَا حَيْثُ يُصَلِّي، وَلَا إعَادَةَ نُدْرَةُ مَا هُنَا ع ش (قَوْلُهُ: لَيْسَا مِنْ السِّلَاحِ) أَيْ الَّذِي يُسَنُّ حَمْلُهُ لِأَنَّهُ الَّذِي يُقْتَلُ بِهِ، وَهُمَا مِمَّا يُدْفَعُ بِهِ، وَاَلَّذِي يُسَنُّ حَمْلُهُ الْأَوَّلُ لَا الثَّانِي فَلَيْسَ كُلُّ سِلَاحٍ يُسَنُّ حَمْلُهُ فِي الصَّلَاةِ. اهـ.

م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ فَلَا مُخَالَفَةَ تَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: فِي إيمَائِهِ بِالرُّكُوعِ) ، وَيَكْفِيهِ أَقَلُّ إيمَاءٍ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى أَزْيَدَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْحَاجَةِ) بِأَنْ عَجَزَ عَنْهُمَا كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ، وَالْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ: وَيَجْرِي ذَلِكَ إلَخْ.) مِثْلُهُ بَقِيَّةُ الْأَنْوَاعِ السَّابِقَةِ فِيمَا يُطْلَبُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ) إلَّا إذَا خِيفَ فَوْتُهَا بِالْمَوْتِ ع ش (قَوْلُهُ: فِي الْفَائِتَةِ) أَيْ بِعُذْرٍ بِخِلَافِ مَا فَاتَ بِلَا عُذْرٍ. اهـ. م ر

ص: 40

فَيَبْطُلُ إنْ طَالَ الزَّمَنُ كَمَا فِي غَيْرِ الْخَوْفِ

(وَ) عُذِرَ (الْمُقْتَدِي) بِالْإِمَامِ (مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْجِهَهْ) كَالْمُصَلِّينَ فِي الْكَعْبَةِ وَحَوْلِهَا وَمَعَ تَقَدُّمِهِ عَلَى إمَامِهِ قَالَ الْأَصْحَابُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ: وَصَلَاةُ الْجَمَاعَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَفْضَلُ مِنْ الِانْفِرَادِ كَحَالَةِ الْأَمْنِ لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ فِي فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ

(وَ) عُذِرَ (مُمْسِكُ السِّلَاحِ، أَوْ مَا أَشْبَهَهُ) كَالثَّوْبِ (مُلَطَّخًا) بِدَمٍ (عِنْدَ احْتِيَاجِهِ) إلَى حَمْلِهِ لِخَوْفِ الْهَلَاكِ

(وَمَا يُعْذَرُ) الْمُصَلِّي (فِي صِيَاحِهِ) إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ، بَلْ سُكُوتُهُ أَهْيَبُ وَخَرَجَ بِالْفِرَارِ الْحَلَالُ تَابِعُ الْمُنْهَزِمِ لِأَنَّهُ مُحَصِّلٌ لَا فَارٌّ إذْ لَا خَوْفَ، وَالْفِرَارُ الْحَرَامُ كَأَنْ لَا يَزِيدَ الْعَدُوُّ عَلَى ضِعْفِنَا أَوْ يَجِدَ لَهُ، وَهُوَ فِي صَلَاتِهِ مَعْدِلًا عَنْ النَّارِ، أَوْ نَحْوِهَا إذْ الرُّخَصُ لَا تُنَاطُ بِالْمَعَاصِي وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ: فِي التَّيَمُّمِ، أَوْ كَقِتَالٍ وَفِرَارٍ حِلًّا وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ ذَكَرَهُ ثَمَّةَ لِبَيَانِ سُقُوطِ الْقَضَاءِ بِذَلِكَ وَهُنَا لِبَيَانِ التَّرَخُّصِ بِتَرْكِ بَعْضِ الْوَاجِبَاتِ

(وَتَمَّمَا مُسَافِرٌ) لَوْ تَرَكَ قَوْلَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ مُسَافِرٌ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمُقِيمَ كَذَلِكَ، وَالْمَعْنَى وَتَمَّمَ مَنْ خَافَ فَوْتَ الْوُقُوفِ (فِي حَجِّهِ صَلَاتَهُ)، وَلَا يُصَلِّيهَا صَلَاةً شِدَّةَ الْخَوْفِ (وَإِنْ وُقُوفُ عَرَفَاتٍ فَاتَهُ) بِاشْتِغَالِهِ بِإِتْمَامِهَا. وَرَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ الْحَجِّ وَلِأَنَّ وَقْتَهَا بِخِلَافِ وَقْتِهِ وَلِأَنَّهُ مُحَصِّلٌ لَا خَائِفٌ وَقِيلَ: يُصَلِّيهَا صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِمَا فِي فَوْتِ الْحَجِّ مِنْ الضَّرَرِ (قُلْتُ وَتَأْخِيرُ الصَّلَاةِ) لِيَأْتِيَ بِالْوُقُوفِ هُوَ (الْحَقُّ) وَصَوَّبَهُ النَّوَوِيُّ (فَالْحَجُّ فِي قَضَائِهِ يَشُقُّ) أَيْ: فَإِنَّ الْحَجَّ يَشُقُّ فِي قَضَائِهِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ وَقَدْ عَهِدْنَا تَأْخِيرَهَا بِمَا هُوَ أَسْهَلُ مِنْ مَشَقَّةِ قَضَاءِ الْحَجِّ وَهَذَا التَّأْخِيرُ عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ صَرَّحَ بِهِ فِي الْكِفَايَةِ وَقَوْلُ النَّظْمِ مِنْ زِيَادَتِهِ فِي حَجَّةٍ

ــ

[حاشية العبادي]

رَكِبَ، وَبَنَى، وَإِنْ رَكِبَ احْتِيَاطًا أَعَادَ إنْ أَمِنَ نَزَلَ، وَبَنَى إنْ لَمْ يَسْتَدْبِرْ فِي نُزُولِهِ، وَكُرِهَ انْحِرَافُهُ، فَإِنْ أَخَّرَ النُّزُولَ بَطَلَتْ. اهـ.

وَقَوْلُهُ: وَكُرِهَ انْحِرَافُهُ أَيْ عَنْ الْقِبْلَةِ فِي نُزُولِهِ يَمْنَةً، وَيَسْرَةً، وَلَا تَبْطُلُ بِهِ صَلَاتُهُ قَالَهُ فِي شَرْحِهِ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَتَحَوَّلَ إنْ انْحَرَفَ مُخْتَارًا، فَفِي الِاقْتِصَارِ عَلَى الْكَرَاهَةِ نَظَرٌ بَلْ لَا يَبْعُدُ الْبُطْلَانُ، أَوْ غَيْرَ مُخْتَارٍ، فَفِي إثْبَاتِ الْكَرَاهَةِ نَظَرٌ

(قَوْلُهُ: كَحَالَةِ الْأَمْنِ) أَيْ: فَإِنَّ الْجَمَاعَةَ فِيهَا أَفْضَلُ، وَذِكْرُ الْأَفْضَلِيَّةِ فِيهِ، بِتَقْدِيرِ دَلَالَتِهَا عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ لَا يُنَافِي أَنَّهَا فِي الْأَمْنِ فَرْضُ كِفَايَةٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِيهِ الْإِقْدَامُ عَلَيْهَا سُنَّةً، فَتَصْدُقُ الْأَفْضَلِيَّةُ فِي الْجُمْلَةِ

(قَوْلُهُ: عِنْدَ احْتِيَاجِهِ) هُوَ مُرْتَبِطٌ، بِكُلِّ مَا سَلَفَ كَمَا صَنَعَ صَاحِبُ الْإِرْشَادِ، وَأَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ، بِتَقْدِيرِهِ فِيمَا سَلَفَ بِرّ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ وُقُوفُ) أَيْ: وَإِنْ، فَاتَهُ وُقُوفٌ، فَوُقُوفٌ، فَاعِلٌ لِفَاتَ مُقَدَّرًا (قَوْلُهُ: قُلْت، وَتَأْخِيرُ إلَخْ.) ، وَعِبَارَتُهُ شَامِلَةٌ لِمَنْ تَعَمَّدَ تَأْخِيرَ الْإِحْرَامِ إلَى أَنْ بَقِيَ مَا لَا يَسَعُ الصَّلَاةَ مَعَ إدْرَاكِ الْوُقُوفِ، وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ ذَلِكَ لَكِنَّهُ اخْتَارَ الْإِحْرَامَ بَعْدَ أَنْ بَقِيَ مَا لَا يَسَعُ مَا ذُكِرَ مَعَ عِلْمِهِ، بِالْحَالِ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي جَوَازِ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ، وَوُجُوبِهِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: وَتَأْخِيرُ الصَّلَاةِ) شَامِلٌ لِلصَّلَوَاتِ الْكَثِيرَةِ كَأَنْ كَانَ إنْ لَمْ يَتْرُكْ الصَّلَوَاتِ مِنْ حِينِ إحْرَامِهِ مِنْ مِيقَاتِ بَلَدِهِ مَثَلًا لَمْ يُدْرِكْ الْوُقُوفَ لَكِنْ قَدْ يَقَعُ لَهُمْ التَّصْوِيرُ، بِالْعِشَاءِ، فَلْيُنْظَرْ (قَوْلُهُ: بِمَا هُوَ أَسْهَلُ) كَمَا فِي الْجَمْعِ بِرّ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: إنْ طَالَ) أَيْ: عُرْفًا. اهـ. م ر، وَغَيْرُهُ.

(قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الْخَوْفِ) أَيْ: نَفْلِ السَّفَرِ

(قَوْلُهُ: كَأَنْ لَا يَزِيدَ الْعَدُوُّ إلَخْ.) فَلَوْ صَلَّوْا صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ هَارِبِينَ مِنْ الْعَدُوِّ لِظَنِّهِمْ أَنَّهُ أَزْيَدُ مِنْ ضِعْفِهِمْ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ ضِعْفُهُمْ، وَجَبَ الْقَضَاءُ إذْ لَا يَجُوزُ الْهُرُوبُ مِنْهُ حِينَئِذٍ. اهـ. مَرْصَفِيٌّ عَنْ الشَّيْخِ الْعَرُوسِيِّ، وَصَلَاةُ شِدَّةِ الْخَوْفِ قَيْدٌ فِي اشْتِرَاطِ الزِّيَادَةِ عَلَى الضِّعْفِ، أَمَّا صَلَاةُ ذَاتِ الرِّقَاعِ، وَعُسْفَانَ، فَيَجُوزَانِ، وَإِنْ لَمْ يَزِدْ عَلَى الضِّعْفِ لِكَوْنِ التَّغَيُّرِ فِيهِمَا دُونَهُ فِي شِدَّةِ الْخَوْفِ. اهـ. مَرْصَفِيٌّ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ وُقُوفُ عَرَفَاتٍ فَاتَهُ) مِثْلُهُ إنْقَاذُ الْغَرِيقِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَبْدَهُ، وَلَا دَابَّتَهُ، وَنَحْوَهُمَا، وَخَوْفُ صَائِلٍ عَلَى غَيْرِ نَفْسِهِ، أَوْ مَالِهِ، وَخَوْفُ انْفِجَارِ مَيِّتٍ فَلَا يُصَلِّي صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ، بَلْ يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْغَرِيقُ عَبْدَهُ، أَوْ دَابَّتَهُ، أَوْ خَافَ الصَّائِلَ عَلَى نَفْسِهِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ لِخَوْفِ فَوَاتِ مَا هُوَ حَاصِلٌ لَهُ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ لِأَنَّهُ يَخَافُ فَوَاتَ مَا كَانَ حَاصِلًا لِغَيْرِهِ. اهـ. م ر وَق ل (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ مُحَصِّلُ إلَخْ.) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ خُطِفَ نَعْلَهُ، وَهُوَ يُصَلِّي لَمْ تَجُزْ لَهُ صَلَاةُ شِدَّةِ الْخَوْفِ لِأَنَّهُ غَيْرُ خَائِفٍ، بَلْ مُحَصِّلٌ نَعَمْ لَهُ قَطْعُ الصَّلَاةِ، وَالْأَخْذُ فِي طَلَبِهِ. اهـ. سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ، وَمِثْلُهُ فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ عَنْ بِرّ، وَخَالَفَ م ر فَقَالَ يُصَلِّي صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ، وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّهُ يَخَافُ ضَيَاعَهَا فَيُقَيَّدُ بِذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَخَفْهُ، بَلْ كَانَ يَحْصُلُ لَهُ مَشَقَّةٌ فِي تَحْصِيلِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي الْقَلْيُوبِيِّ عَلَى الْجَلَالِ عَطْفًا عَلَى مَا تَجُوزُ صَلَاةُ شِدَّةِ الْخَوْفِ لَهُ مَا نَصُّهُ، أَوْ خَاطِفُ نَحْوِ نَعْلِهِ إنْ خَافَ ضَيَاعَ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا. اهـ. وَهُوَ صَرِيحٌ فِي التَّوْجِيهِ الْمَذْكُورِ، وَبِهِ يُجْمَعُ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ فَتَدَبَّرْ. قَالَ ق ل، وَيُؤْخَذُ مِنْ إلْحَاقِ نَحْوِ مَسْأَلَةِ خَطْفِ النَّعْلِ بِشِدَّةِ الْخَوْفِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمَأْمُومَ قَطْعُ قُدْوَتِهِ عَنْ الْإِمَامِ، وَأَنَّهُ لَا يَضُرُّ بُعْدُ مَسَافَتِهِ عَنْهُ، وَلَا تَأَخُّرُهُ عَنْهُ كَمَا مَشَى عَلَيْهِ حَجَرٌ وَالْخَطِيبُ، وسم، وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ شَيْخُنَا. اهـ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ: يُصَلِّيهَا) أَيْ:؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ الَّذِي يَلْحَقُهُ بِفَوَاتِ الْحَجِّ لَا يَنْقُصُ عَنْ ضَرَرِ الْحَبْسِ أَيَّامًا فِي حَقِّ الْمَدْيُونِ، وَقَدْ جَوَّزُوهَا لَهُ لِذَلِكَ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يُصَلِّيهَا صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَيَنْبَغِي فِي الْمُحْرِمِ إذَا جَوَّزْنَا لَهُ ذَلِكَ أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَ الْمُقْصِرِ بِالتَّأْخِيرِ، وَغَيْرِهِ، فَيَقْضِي الْمُقْصِرُ. اهـ. نَاشِرِيٌ (قَوْلُهُ: قُلْت إلَخْ.) هَذَا

ص: 41

يُخْرِجُ مَنْ عَزَمَ عَلَى الْحَجِّ، فَلَيْسَ لَهُ التَّأْخِيرُ، وَلَا يَأْتِي فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ

ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ اسْتِعْمَالِ النَّجِسِ، وَالْحَرِيرِ، وَالنَّقْدَيْنِ، فَقَالَ (وَحِلُّ الِاسْتِعْمَالِ) مُبْتَدَأٌ (مِنْ مَضْرُورِ) خَبَرُهُ وَفِي نُسْخَةٍ لِلْمَضْرُورِ هِيَ أَوْلَى وَعِبَارَةُ الْحَاوِي لِلضَّرُورَةِ (لِلْجِلْدِ) صِلَةُ الِاسْتِعْمَالِ (مِنْ كَلْبٍ وَمِنْ خِنْزِيرِ) حَالٌ مِنْ الْجِلْدِ أَيْ: وَحِلُّ اسْتِعْمَالِ الْجِلْدِ حَالَةَ كَوْنِهِ مِنْ كَلْبٍ وَخِنْزِيرٍ ثَابِتٌ لِلْمَضْرُورِ لَهُ كَدَفْعِ حَرٍّ وَبَرْدٍ يُخْشَى مِنْهُمَا ضَرَرٌ وَفَجْأَةُ قِتَالٍ مَعَ فَقْدِ غَيْرِهِ كَأَكْلِ الْمَيْتَةِ لِلِاضْطِرَارِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَضْرُورِ، وَلَوْ فِي غَيْرِ بَدَنِهِ وَثَوْبِهِ إلَّا فِيمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ:(وَأَنْ يُغَشَّى بِهِمَا الْكِلَابُ) عَطْفًا عَلَى مَضْرُورٍ أَيْ: وَحِلُّ اسْتِعْمَالِ جِلْدَيْ الْكَلْبِ، وَالْخِنْزِيرِ ثَابِتٌ لِلْمَضْرُورِ لِتَغْشِيَةِ الْكَلْبِ بِهِمَا، وَلَوْ بِلَا ضَرُورَةٍ.

وَكَذَا الْخِنْزِيرُ بِأَنْ يُغَشَّى كُلٌّ مِنْهُمَا جِلْدَهُ، أَوْ بِجِلْدِ الْآخَرِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي التَّغْلِيظِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ كَذَا أَطْلَقُوهُ وَلَعَلَّ مُرَادَهُمْ كَلْبٌ يُقْتَنَى وَخِنْزِيرٌ لَا يُؤْمَرُ بِقَتْلِهِ، فَإِنَّ فِيهِ خِلَافًا وَتَفْصِيلًا ذَكَرُوهُ فِي السِّيَرِ وَكَأَنَّ النَّاظِمَ وَأَصْلَهُ تَرَكَا تَغْشِيَةَ الْخِنْزِيرِ لِإِشْكَالِهَا بِامْتِنَاعِ اقْتِنَائِهِ، وَالْمُغَشَّى مُقْتَنًى وَأُجِيبَ بِمَنْعِ كَوْنِهِ مُقْتَنِيًا بِذَلِكَ، وَلَوْ سُلِّمَ، فَيَأْثَمُ بِالِاقْتِنَاءِ لَا بِالتَّغْشِيَةِ، أَوْ يُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى الْمُضْطَرِّ يَتَزَوَّدُ بِهِ لِيَأْكُلَهُ كَمَا يَتَزَوَّدُ بِالْمَيْتَةِ، أَوْ عَلَى خَنَازِيرِ أَهْلِ الذِّمَّةِ، فَإِنَّهُمْ يُقَرُّونَ عَلَيْهَا كَمَا يُقَرُّونَ عَلَى اقْتِنَاءِ الْخَمْرِ وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْمَجْمُوعِ بِكَلَامِهِ السَّابِقِ، وَالْجَوَابُ الْأَوَّلُ بِشِقَّيْهِ يَقْتَضِي حِلَّ التَّغْشِيَةِ، وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ الِاقْتِنَاءُ وِفَاقًا لِإِطْلَاقِ الْجُمْهُورِ السَّابِقِ، أَمَّا تَغْشِيَةُ غَيْرِ الْكَلْبِ، وَالْخِنْزِيرِ بِجِلْدِهِمَا، فَحَرَامٌ

(وَ) أَنْ يُغَشَّى (بِجُلُودِ الْمَيْتَةِ الدَّوَابُّ) أَيْ: وَحِلُّ اسْتِعْمَالِ جُلُودِ الْمَيْتَةِ غَيْرِ الْكَلْبِ، وَالْخِنْزِيرِ وَفَرْعِ أَحَدِهِمَا ثَابِتٌ لِتَغْشِيَةِ الدَّوَابِّ بِهَا، وَالدَّوَابُّ شَامِلَةٌ لِلْكَلْبِ، وَالْخِنْزِيرِ، فَيَحِلُّ تَغْشِيَتُهُمَا بِجُلُودِ غَيْرِهِمَا مَعَ أَنَّهُ مَفْهُومٌ بِالْأَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ: وَأَنْ يُغَشَّى بِهِمَا الْكِلَابُ وَخَرَجَ بِالدَّوَابِّ الْآدَمِيُّ، فَلَا تَحِلُّ تَغْشِيَتُهُ بِجُلُودِ الْمَيْتَةِ إلَّا لِضَرُورَةٍ وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ جِلْدُ الْآدَمِيِّ، فَلَا يَحِلُّ تَغْشِيَةُ غَيْرِهِ بِهِ إلَّا لِذَلِكَ أَيْضًا

(وَالنَّجِسِ) أَيْ: وَحِلُّ الِاسْتِعْمَالِ لِلنَّجِسِ (الْعَيْنِيِّ) كَوَدَكِ الْمَيْتَةِ ثَابِتٌ مَعَ الْكَرَاهَةِ (لِلسِّرَاجِ) يَعْنِي: لِلِاسْتِصْبَاحِ كَمَا فِي الْمُتَنَجِّسِ لِمَا رَوَى الطَّحَاوِيُّ فِي بَيَانِ الْمُشْكِلِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ، فَقَالَ إنْ كَانَ جَامِدًا فَأَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا، وَإِنْ كَانَ مَائِعًا، فَاسْتَصْحِبُوا بِهِ، أَوْ فَانْتَفِعُوا بِهِ» وَقَالَ: رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَمَا يُصِيبُ بَدَنَ الْإِنْسَانِ، أَوْ ثَوْبَهُ مِنْ الدُّخَانِ عِنْدَ الْقُرْبِ مِنْ السِّرَاجِ قَلِيلٌ، وَهُوَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ كَمَا مَرَّ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِ الشَّيْخَيْنِ حِلُّ الِاسْتِصْبَاحِ بِدُهْنِ الْكَلْبِ، وَالْخِنْزِيرِ وَقِيَاسُ تَفَارِيعِهِ فِي الْبَابِ مَنْعُهُ. اهـ.

وَبِالْمَنْعِ صَرَّحَ صَاحِبُ الْبَيَانِ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْأَذْرَعِيُّ وَأَقَرَّهُ، ثُمَّ قَالَ: وَيُسْتَثْنَى

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: مِنْ مَضْرُورٍ) يُمْكِنُ جَعْلُهَا لِلتَّعْلِيلِ أَيْ ثَابِتٌ مِنْ الْمَضْرُورِ أَيْ لِأَجْلِهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَضْرُورِ) أَيْ: فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ اسْتِعْمَالُهُ، وَلَوْ إلَخْ. (قَوْلُهُ: ثَابِتٌ لِلْمَضْرُورِ) ظَاهِرُهُ يُخْرِجُ الْمُحْتَاجَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِلَا ضَرُورَةٍ) ظَاهِرُهُ، وَلَا حَاجَةَ (قَوْلُهُ: أَهْلُ الذِّمَّةِ) اُنْظُرْ كَيْفَ تَصْوِيرُ ذَلِكَ مَعَ الْحُكْمِ بِأَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ (قَوْلُهُ: يُقَرُّونَ عَلَيْهَا) فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ إقْرَارَهُمْ عَلَيْهَا لَا يَقْتَضِي الْحِلَّ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ (قَوْلُهُ: بِجِلْدِهِمَا) أَيْ: الْكَلْبِ، وَالْخِنْزِيرِ

(قَوْلُهُ: وَأَنْ يُغَشَّى، بِجُلُودِ إلَخْ.) هَلْ يُكْرَهُ جِلْدُ الْآدَمِيِّ اُنْظُرْ الْحَرْبِيَّ (قَوْلُهُ: اُنْظُرْ الْحَرْبِيَّ) الَّذِي اعْتَمَدَهُ م ر الْحُرْمَةُ (قَوْلُهُ: تَغْشِيَةُ غَيْرِهِ إلَخْ.) الْأَحْسَنُ، فَلَا تَحِلُّ التَّغْشِيَةُ بِهِ إلَّا لِذَلِكَ أَيْضًا بِرّ أَيْ: لِيُفِيدَ مَنْعَ تَغْشِيَةِ غَيْرِ صَاحِبِهِ مِنْ الْآدَمِيِّينَ، بِهِ أَيْضًا بَلْ لَا يَبْعُدُ مَنْعُ صَاحِبِهِ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ لِحَقِّ اللَّهِ، بِخِلَافِ مُجَرَّدِ وَضْعِهِ عَلَى مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ: إلَّا، بِذَلِكَ أَيْضًا) أَيْ: لِضَرُورَةٍ، فَهَلْ مِنْهَا خَوْفُ هَلَاكِ مُحْتَرَمٍ غَيْرِ الْآدَمِيِّ كَمَا شَمِلَتْهُ الْعِبَارَةُ

(قَوْلُهُ: مَعَ الْكَرَاهَةِ) يَنْبَغِي إلَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ الْقَوِيَّةِ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْمُتَنَجِّسِ) لَكِنَّ الْكَرَاهَةَ فِي الْأَوَّلِ أَشَدُّ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: لِمَا رَوَى الطَّحَاوِيُّ) مُتَعَلِّقٌ، بِالْمُتَنَجِّسِ (قَوْلُهُ: بِدُهْنٍ الْكَلْبِ) ، وَمِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ الدُّهْنُ الْمُتَنَجِّسُ، بِمُغَلَّظٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ تَطْهِيرُهُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: صَاحِبُ الْبَيَانِ) ، وَكَذَا الْفُورَانِيُّ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلٌ ثَالِثٌ مُقَابِلٌ لِلْقَوْلَيْنِ أَعْنِي التَّتْمِيمَ، وَصَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: يُخْرِجُ مَنْ عَزَمَ إلَخْ.) ، وَيُخْرِجُ الْعُمْرَةَ لِعَدَمِ فَوَاتِهَا، وَاعْتَمَدَ م ر أَنَّ الْعُمْرَةَ الْمَنْذُورَةَ فِي، وَقْتٍ مُعَيَّنٍ كَالْحَجِّ، وَفِيهِ نَظَرٌ. اهـ. ق ل أَيْ: لِأَنَّهُ لَا يَشُقُّ قَضَاؤُهَا لِأَنَّهُ إذَا خَرَجَ الْوَقْتُ الْمُعَيَّنُ يُتِمُّهَا قَضَاءً بِخِلَافِ الْحَجِّ إذَا فَاتَ، وَقْتُهُ تَحَلَّلَ، وَقَضَى مِنْ قَابِلٍ. اهـ. سم

(قَوْلُهُ: يُخْشَى مِنْهُمَا ضَرَرٌ) هَذَا يُفِيدُ كَمَا بِهَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالضَّرُورَةِ الْحَاجَة (قَوْلُهُ: لَا بِالتَّغْشِيَةِ) قَدْ يُقَالُ: إنَّ التَّغْشِيَةَ أَدَّتْ إلَى مُحَرَّمٍ فَهِيَ حَرَامٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهَا مِنْ حَيْثُ هِيَ تَغْشِيَةٌ غَيْرُ مُحَرَّمَةٍ، وَإِنْ حَرُمَتْ مِنْ حَيْثُ تَأْدِيَتُهَا إلَى الْمُحَرَّمِ، وَفِيهِ شَيْءٌ. اهـ. شَيْخُنَا ذ (قَوْلُهُ: أَمَّا تَغْشِيَةُ إلَخْ.) بِخِلَافِ فَرْشِهَا لِلْجُلُوسِ عَلَيْهَا، فَيَجُوزُ. اهـ. سم عَنْ حَجَرٍ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ. اهـ. ع ش عَلَى م ر فَيُفِيدُ حُرْمَةَ الِاسْتِعْمَالِ لِغَيْرِ الضَّرُورَةِ السَّابِقَةِ بِغَيْرِ الْفَرْشِ. اهـ

(قَوْلُهُ: جِلْدُ الْآدَمِيِّ) ، وَلَوْ حَرْبِيًّا خِلَافًا لِحَجَرٍ. اهـ. ع ش

(قَوْلُهُ: وَالنَّجِسِ إلَخْ.) الظَّاهِرُ أَنَّ الْخَمْرَةَ غَيْرُ الْمُحْتَرَمَةِ لَيْسَتْ مِنْهُ لِوُجُوبِ إرَاقَتِهَا حَرِّرْهُ (قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى إلَخْ.) إلَّا إذَا اُحْتِيجَ لِإِدْخَالِ النَّجَاسَةِ، وَلَمْ تُلَوِّثْ كَمَا اعْتَمَدَهُ م ر فِي إدْخَالِ الدُّهْنِ النَّجِسِ فِيهَا لِحَاجَةٍ كَالِاسْتِصْبَاحِ بِهِ. اهـ.

ص: 42

مِنْ الْبِقَاعِ الْمَسَاجِدُ بِلَا شَكٍّ، وَفِي النَّفْسِ مِنْ تَجْوِيزِهِ لِغَيْرِ مَالِكِ الدَّارِ مِنْ مُسْتَأْجِرٍ وَمُسْتَعِيرٍ وَنَحْوِهِمَا شَيْءٌ، فَإِنَّهُ يُؤَدِّي مَعَ طُولِ الْمُدَّةِ إلَى تَنْجِيسِ الْجُدُرِ، وَالسُّقُوفِ بِدُخَانِهِ. اهـ.

(وَلِلسَّمَادِ) أَيْ: وَحِلُّ اسْتِعْمَالِ النَّجِسِ الْعَيْنِيِّ ثَابِتٌ لِتَسْمِيدِ الْأَرْضِ مَعَ الْكَرَاهَةِ بِأَنْ يُجْعَلَ فِيهَا السَّمَادُ أَيْ: السِّرْجِينُ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ وَتَعْبِيرُ الْحَاوِي بِقَوْلِهِ لِلِاسْتِصْبَاحِ وَتَسْمِيدِ الْأَرْضِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ النَّظْمِ بِمَا ذَكَرَهُ

(قُلْت: وَالْعِلَاجِ) أَيْ: وَحِلُّ اسْتِعْمَالِ النَّجِسِ الْعَيْنِيِّ ثَابِتٌ لِلتَّدَاوِي بِهِ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ وَهَذَا فِي غَيْرِ شُرْبِ الْخَمْرِ بِقَرِينَةِ مَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ مَعَ أَنَّ مَا زَادَهُ هُنَا يُعْلَمُ مِمَّا هُنَاكَ وَمِنْ بَابِ الْأَطْعِمَةِ، وَيَحِلُّ طَلْيُ السُّفُنِ بِشَحْمِ الْمَيْتَةِ وَاِتِّخَاذِ صَابُونٍ مِنْ الزَّيْتِ النَّجِسِ، فَيُسْتَعْمَلُ، وَلَا يُبَاعُ وَإِطْعَامُ الْمَيْتَةِ لِلْكِلَابِ، وَالطُّيُورِ الصَّائِدَةِ وَغَيْرِهَا وَإِطْعَامُ الطَّعَامِ الْمُتَنَجِّسِ لِلدَّوَابِّ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ

(وَعَارِضٍ) عَطْفٌ عَلَى النَّجِسِ الْعَيْنِيِّ أَيْ وَحِلُّ الِاسْتِعْمَالِ لِمَا عَرَضَ (تَنْجِيسُهُ) كَالثَّوْبِ الْمُتَنَجِّسِ ثَابِتٌ (لِلْكُلِّ) أَيْ: لِكُلٍّ مِنْ الْآدَمِيِّ، وَالدَّوَابِّ (فِي سَائِرِ الْوُجُوهِ) أَيْ: كُلِّهَا مِنْ بَدَنٍ وَغَيْرِهِ فِي حَالَتَيْ الِاخْتِيَارِ وَالِاضْطِرَارِ؛ لِأَنَّ نَجَاسَتَهُ عَارِضَةٌ سَهْلَةُ الْإِزَالَةِ، وَلَا يَخْفَى تَقْيِيدُهُ فِي الْآدَمِيِّ حَالَةَ الِاخْتِيَارِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ رُطُوبَةٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَالظَّاهِرُ تَحْرِيمُ الْعُبُورِيَّةِ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ الْمُكْثِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَيْهِ (لَا الْمُصَلِّي) وَنَحْوِهِ، فَيَحْرُمُ لُبْسُهُ الثَّوْبَ الْمُتَنَجِّسَ فِي الْغَرَضِ لِاسْتِلْزَامِهِ قَطْعَهُ، وَهُوَ مُحْرِمٌ دُونَ النَّافِلَةِ لِجَوَازِ قَطْعِهَا وَحُرْمَةُ إنْشَائِهَا، وَالِاسْتِمْرَارُ فِيهَا إنَّمَا هُوَ لِاشْتِغَالِهِ بِعِبَادَةٍ فَاسِدَةٍ لَا لِلُبْسِهِ الْمُتَنَجِّسَ كَمَا لَوْ صَلَّاهَا مُحْدِثًا، فَإِنَّهُ يُعَاقَبُ عَلَى الْفِعْلِ الْفَاسِدِ لَا عَلَى تَرْكِ الْوُضُوءِ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ وَتَصْرِيحُ النَّظْمِ بِالْعَيْنِيِّ وَبِقَوْلِهِ فِي سَائِرِ الْوُجُوهِ: لَا الْمُصَلِّي مِنْ زِيَادَتِهِ

(، وَالْقَزِّ) هُوَ نَوْعٌ مِنْ الْحَرِيرِ صَرَّحَ بِهِ، وَإِنْ شَمِلَهُ قَوْلُهُ:(وَالْحَرِيرِ) لِلْخِلَافِ فِيهِ لِأَنَّهُ كَمَدِّ اللَّوْنِ لَيْسَ مِنْ ثِيَابِ الزِّينَةِ (أَوْ مَا الْأَكْثَرُ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ كُلٍّ مِنْ الْقَزِّ، وَالْحَرِيرِ، وَالْمَعْنَى وَحِلُّ اسْتِعْمَالِ الْحَرِيرِ مِنْ قَزٍّ وَغَيْرِهِ، أَوْ مَا أَكْثَرَهُ فِي الْوَزْنِ مِنْ الْحَرِيرِ ثَابِتٌ فِي حَقِّ الرَّجُلِ، وَالْخُنْثَى عِنْدَ فَقْدِ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ (لِحَاجَةٍ كَحَرْبٍ تَذْعَرُ) بِفَتْحِ التَّاءِ، وَالْعَيْنِ وَبِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ: تَفْزَعُ (وَحِكَّةٍ وَجَرَبٍ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: الْمَسَاجِدِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: إنْ لَوَّثَ. اهـ.

وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ نَعَمْ يَحْرُمُ ذَلِكَ فِي الْمَسْجِدِ مُطْلَقًا كَحُرْمَةِ إدْخَالِ النَّجَاسَةِ فِيهِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ، وَمَنْ قَيَّدَ بِإِنْ لَوَّثَ يُحْمَلُ مَفْهُومُهُ عَلَى مَا إذَا اُحْتِيجَ لِلْإِسْرَاجِ بِهِ فِيهِ. اهـ. وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ امْتِنَاعُ مَا يُلَوِّثُ بِنَفْسِهِ، أَوْ دُخَانِهِ، وَإِنْ قَلَّ مَعَ الْحَاجَةِ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ، وَإِنْ دَلَّ كَلَامُ الْإِسْنَوِيِّ عَلَى الْجَوَازِ عِنْدَ التَّلْوِيثِ بِقَلِيلِ الدُّخَانِ، وَلَوْ بِلَا حَاجَةٍ، بِاسْتِثْنَاءِ الْمَسَاجِدِ أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ (قَوْلُهُ: لِغَيْرِ مَالِكِ الدَّارِ إلَخْ.) يُتَّجَهُ مَنْعُهُ حَيْثُ نَقَصَ الْقِيمَةَ، أَوْ الْأُجْرَةَ، أَوْ فَوَّتَ غَرَضًا إلَّا بِقَرِينَةِ حَالٍ، أَوْ مَقَالٍ

(قَوْلُهُ: الْأَرْضُ مَعَ الْكَرَاهَةِ) أَيْ: لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ فِيمَا يَظْهَرُ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ) ظَاهِرُ الْحُرْمَةِ عِنْدَ عَدَمِ الْحَاجَةِ، وَلَا يَخْفَى إشْكَالُهُ ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ قَالَ فِي قَوْلِ الْعُبَابِ: لِحَاجَةٍ قَرِيبَةٍ مِنْ الضَّرُورَةِ مَا نَصُّهُ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ كَالْإِمَامِ لَكِنَّهُ حَذَفَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ، وَيُوَجَّهُ حَذْفُهُ، وَإِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَا وَجْهَ لِحَذْفِهِ، بِأَنَّ سَبَبَهُ الْإِعْلَامُ، بِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى مُطْلَقِ الْحَاجَةِ، وَإِنْ لَمْ تَقْرُبْ مِنْ الضَّرُورَةِ عَلَى أَنَّ ظَاهِرَ عِبَارَةِ بَعْضِهِمْ الْجَوَازُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُحْتَاجَ إلَيْهِ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ إذْ الْحُرْمَةُ عِنْدَ عَدَمِ الْحَاجَةِ لَا يَظْهَرُ وَجْهُهَا؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ لَا تَعَبُّدَ عَلَيْهَا، وَلَيْسَتْ مُتَّصِلَةً بِثَوْبٍ، وَلَا بَدَنٍ، وَظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّ قَوْلَهُ لِحَاجَةٍ إلَخْ. تَقْيِيدٌ لِلْكَرَاهَةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَإِنْ اشْتَرَطْنَا ذَلِكَ لِلْجَوَازِ؛ لِأَنَّهُ إذَا وُجِدَتْ الْحَاجَةُ الْقَرِيبَةُ مِنْ الضَّرُورَةِ زَالَتْ الْكَرَاهَةُ كَمَا هُوَ جَلِيٌّ مِمَّا مَرَّ. اهـ.

(قَوْلُهُ: لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ زِبْلِ مَا نَجَاسَتُهُ مُغَلَّظَةٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ إلَخْ.) ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَجَوُّزًا حَيْثُ أَطْلَقَ اسْمَ الْمَعْنَى، وَأَرَادَ الْمَصْدَرَ فِي كُلٍّ مِنْ السِّرَاجِ وَالسَّمَادِ كَذَا، بِخَطِّ شَيْخِنَا

(قَوْلُهُ: بِشَحْمِ الْمَيْتَةِ) يَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ الْمُغَلَّظَةِ

(قَوْلُهُ: كَالثَّوْبِ الْمُتَنَجِّسِ) يَنْبَغِي، وَلَوْ بِمُغَلَّظٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَمْكَنَ تَطْهِيرُهُ خَفَّ أَمْرُهُ (قَوْلُهُ: حَالَةَ الِاخْتِيَارِ) بِخِلَافِ حَالَةِ الِاضْطِرَارِ إلَى لُبْسِهِ (قَوْلُهُ:، وَالظَّاهِرُ تَحْرِيمُ إلَخْ.) هُوَ الْمُعْتَمَدُ م ر (قَوْلُهُ: الْعُبُورِيَّةِ) كَأَنَّ ضَمِيرَ بِهِ لِلرَّطْبِ كَذَا، بِخَطِّ شَيْخِنَا، وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لِعَارِضِ التَّنْجِيسِ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَيْهِ) أَيْ: الْعُبُورِ، بِخِلَافِهِ مَعَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، وَيُتَّجَهُ اعْتِبَارُ الْحَاجَةِ إلَى لُبْسِ الْمُتَنَجِّسِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: لَا لِلُبْسِهِ الْمُتَنَجِّسِ إلَخْ.) قَدْ يُقَالُ: تَحْرِيمُ لُبْسِهِ فِي الْفَرْضِ إنَّمَا هُوَ بِقَطْعِهِ لَا لِلُبْسِهِ كَمَا لَوْ قَطَعَهُ، بِنَحْوِ تَعَمُّدِ الْأَكْلِ

(قَوْلُهُ: فِي الْوَزْنِ مِنْ الْحَرِيرِ) لَا فِي مُجَرَّدِ النَّظَرِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ فَقْدِ مَا يَقُومُ إلَخْ.) يُفِيدُ اعْتِبَارُ هَذَا الْقَيْدَ فِي جَمِيعِ الْمَعْطُوفَاتِ.

ــ

[حاشية الشربيني]

سم عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: لِغَيْرِ مَالِكِ الدَّارِ) قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ يَحِلُّ تَنْجِيسُ مِلْكِ غَيْرِهِ، وَمَوْقُوفٌ بِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ كَالْوَقُودِ بِالسِّرْجِينِ فِي الْبُيُوتِ، وَتَرْبِيَةِ نَحْوِ الدَّجَاجِ فِيهَا. اهـ.

(قَوْلُهُ:، وَالْقَزِّ) الْقَزُّ مَا قَطَعَتْهُ الدُّودَةُ، وَخَرَجَتْ مِنْهُ حَيَّةً، وَلَا يُمْكِنُ حَلُّهُ عَنْهَا، بَلْ يُغْزَلُ كَالْكَتَّانِ، وَالْإِبْرَيْسَمِ الَّذِي حُلَّ مِنْ عَلَى الدُّودَةِ بَعْدَ مَوْتِهَا فِيهِ. اهـ. عَمِيرَةٌ عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ: فِي الْوَزْنِ) رُدَّ عَلَى الْقَفَّالِ الْقَائِلِ إنْ ظَهَرَ الْحَرِيرُ فِي الْمُرْكَبِ حَرُمَ، وَإِنْ قَلَّ وَزْنُهُ، وَإِنْ اسْتَتَرَ لَمْ يَحْرُمْ، وَإِنْ كَثُرَ وَزْنُهُ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: لِحَاجَةٍ) كَذَا فِي الرَّوْضِ، وَفِي الرَّوْضَةِ لِضَرُورَةٍ، وَبِهَامِشِ شَرْحِهِ دَلَّ عَنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ لِمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يَكْفِي الْخَوْفُ مِمَّا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ كَالْخَوْفِ عَلَى الْعُضْوِ، أَوْ الْمَنْفَعَةِ أَوْ الْمَرَضِ الشَّدِيدِ، وَيَشْهَدُ لَهُ جَوَازُهُ لِلْحَكَّةِ، وَالْجَرَبِ. اهـ.، وَدَخَلَ فِي الْحَاجَةِ سَتْرُ الْعَوْرَةِ بِهِ

ص: 43

وَقَمْلِ) وَحَرٍّ وَبَرْدٍ يُخْشَى مِنْهُمَا ضَرَرٌ، وَلَوْ فِي حَضَرٍ دَفْعًا لِلضَّرَرِ «وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَرْخَصَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ لِحَكَّةٍ كَانَتْ بِهِمَا» ، وَفِي رِوَايَةٍ «فِي السَّفَرِ لِحَكَّةٍ، أَوْ وَجَعٍ كَانَ بِهِمَا وَأَرْخَصَ لَهُمَا فِي غَزَاةٍ فِي لُبْسِهِ لِلْقَمْلِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَالْمَعْنَى يَقْتَضِي عَدَمَ تَقْيِيدِ ذَلِكَ بِالسَّفَرِ، وَإِنْ ذَكَرَهُ الرَّاوِي حِكَايَةً لِلْوَاقِعَةِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ الرِّوَايَاتُ فِي الرُّخْصَةِ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَالزُّبَيْرِ يَظْهَرُ أَنَّهَا مَرَّةً وَاحِدَةً اجْتَمَعَ عَلَيْهِمَا الْحَكَّةُ، وَالْقَمْلُ فِي السَّفَرِ وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يُقَالُ الْمُقْتَضِي لِلتَّرْخِيصِ إنَّمَا هُوَ اجْتِمَاعُ الثَّلَاثَةِ، وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا بِمَنْزِلَتِهَا، فَيَنْبَغِي اقْتِصَارُ الرُّخْصَةِ عَلَى مَجْمُوعِهَا، وَلَا تَثْبُتُ فِي بَعْضِهَا إلَّا بِدَلِيلٍ. اهـ.

وَيُجَابُ بَعْدَ تَسْلِيمِ ظُهُورِ أَنَّهَا مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ بِمَنْعِ كَوْنِ أَحَدِهَا لَيْسَ بِمَنْزِلَتِهَا فِي الْحَاجَةِ الَّتِي عُهِدَ إنَاطَةُ الْحُكْمِ بِهَا مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِإِفْرَادِهَا فِي الْقُوَّةِ، وَالضَّعْفِ، بَلْ كَثِيرًا مَا تَكُونُ الْحَاجَةُ فِي أَحَدِهَا لِبَعْضِ النَّاسِ أَقْوَى مِنْهَا فِي الثَّلَاثَةِ لِبَعْضٍ آخَرَ، أَمَّا اسْتِعْمَالُهُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ فِي حَقِّ مَنْ ذُكِرَ، فَحَرَامٌ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ حُذَيْفَةَ «لَا تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ، وَلَا الدِّيبَاجَ» وَخَبَرِ الْبُخَارِيِّ عَنْهُ أَيْضًا «نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ، وَالدِّيبَاجِ وَأَنْ نَجْلِسَ عَلَيْهِ» وَخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَخَذَ فِي يَمِينِهِ قِطْعَةَ حَرِيرٍ، وَفِي شِمَالِهِ قِطْعَةَ ذَهَبٍ وَقَالَ: هَذَانِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي حِلٌّ لِإِنَاثِهِمْ» وَأُلْحِقَ بِالذُّكُورِ الْخَنَاثَى احْتِيَاطًا، وَالتَّقْيِيدُ فِي خَبَرِ الْبُخَارِيِّ بِاللُّبْسِ، وَالْجُلُوسِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، فَيَحْرُمُ غَيْرُهُمَا مِنْ أَنْوَاعِ الِاسْتِعْمَالِ كَسَتْرٍ وَتَدَثُّرٍ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ خَبَرُ أَبِي دَاوُد قَالَ الْإِمَامُ: وَكَانَ فِيهِ مَعَ مَعْنَى الْخُيَلَاءِ أَنَّهُ ثَوْبُ رَفَاهِيَةٍ وَزِينَةٍ وَإِبْدَاءُ زِيٍّ يَلِيقُ بِالنِّسَاءِ دُونَ شَهَامَةِ الرِّجَالِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهَذَا حَسَنٌ لَكِنَّهُ لَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، فَفِي الْأُمِّ، وَلَا أَكْرَهُ لُبْسَ اللُّؤْلُؤَ لِلرَّجُلِ إلَّا لِلْأَدَبِ وَإِنَّهُ مِنْ زِيِّ النِّسَاءِ لَا لِلتَّحْرِيمِ. اهـ.

وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُقْتَضِي لِلتَّحْرِيمِ فِي كَلَامِ الْإِمَامِ مُتَعَدِّدٌ، وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ، أَمَّا مَا أَكْثَرُهُ غَيْرُ حَرِيرٍ، أَوْ تَسَاوَى فِيهِ الْحَرِيرُ وَغَيْرُهُ، فَلَا يَحْرُمُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى ثَوْبَ حَرِيرٍ، وَالْأَصْلُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: فِي حَقِّ مَنْ ذُكِرَ فَحَرَامٌ) نَقَلَ فِي الْخَادِمِ عَنْ الشَّيْخِ عِزِّ الدِّينِ تَحْرِيمَ اتِّخَاذِهِ أَنْفًا. اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ اتِّخَاذَهُ لِغَرَضِ الِاسْتِعْمَالِ، فَلَا إشْكَالَ بِرّ (قَوْلُهُ: أَنْوَاعُ الِاسْتِعْمَالِ) فَرْعُ مُجَرَّدِ الْمَشْيِ عَلَى الْحَرِيرِ يَنْبَغِي عَدَمُ تَحْرِيمِهِ؛ لِأَنَّهُ يُفَارِقُهُ حَالًا، وَلَا يُعَدُّ اسْتِعْمَالًا لَهُ، فَلَوْ اتَّخَذَ الْحَرِيرَ، وَمَشَى عَلَيْهِ يَنْبَغِي التَّحْرِيمُ مِنْ حَيْثُ الِاتِّخَاذُ، وَإِنْ لَمْ يَحْرُمْ الْمَشْيُ عَلَيْهِ لَا يُقَالُ: حَيْثُ لَمْ يَحْرُمْ الْمَشْيُ عَلَيْهِ، فَيَنْبَغِي جَوَازُ اتِّخَاذِهِ لِجَوَازِ الْمَشْيِ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ اتَّخَذَهُ لِاسْتِعْمَالِ مَنْ يَحِلُّ لَهُ اسْتِعْمَالُهُ لِأَنَّا نَقُولُ غَرَضُ الْمَشْيِ عَلَيْهِ غَرَضٌ ضَعِيفٌ لَا اعْتِبَارَ بِهِ، وَمِنْ شَأْنِهِ أَنْ لَا يُحْتَاجَ إلَيْهِ، وَلَا يَتَعَلَّقَ بِهِ غَرَضٌ، فَإِنْ فُرِضَ أَنَّ بِهِ عِلَّةً يُحْتَاجُ فِي مُدَاوَاتِهَا إلَى الْمَشْيِ عَلَيْهِ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا كَلَامَ فِي جَوَازِ اتِّخَاذِهِ حِينَئِذٍ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَفِي الْأُمِّ إلَخْ.) قَدْ يُسْتَشْكَلُ مَا فِي الْأُمِّ، بِأَنَّ قَضِيَّةَ أَنَّهُ مِنْ زِيِّ النِّسَاءِ تَحْرِيمُهُ، بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ تَحْرِيمِ التَّشْبِيهِ، بِهِنَّ ثُمَّ رَأَيْت مَا يَأْتِي فِي آخِرِ الْبَابِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ مِنْ جِنْسِ زِيِّ النِّسَاءِ لَا أَنَّهُ زِيٌّ مُخْتَصٌّ بِهِنَّ، فَلَا إشْكَالَ (قَوْلُهُ: أَوْ تَسَاوَى فِيهِ الْحَرِيرُ إلَخْ.) ، وَلَوْ شَكَّ فِي التَّسَاوِي، فَهَلْ يَحْرُمُ، أَوْ يَحِلُّ اخْتَلَفَ فِيهِ نُسَخُ الْأَنْوَارِ، وَعِبَارَتُهُ فِي إحْدَى النُّسْخَتَيْنِ، وَإِذَا شَكَّ حَرُمَ، وَغَلَبَةُ الظَّنِّ فِي الْغَلَبَةِ كَافِيَةٌ، وَلَا يُشْتَرَطُ الْيَقِينُ. اهـ.

ــ

[حاشية الشربيني]

وَلَوْ فِي الْخَلْوَةِ إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ، وَكَذَا سَتْرُ مَا زَادَ عَلَيْهَا عِنْدَ الْخُرُوجِ إلَى النَّاسِ. اهـ. مِنْ هَامِشِهِ أَيْضًا، وَبَعْضُهُ فِي شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ: وَقَمْلٌ لَا يُحْتَمَلُ أَذَاهُ عَادَةً) ، وَإِنْ لَمْ يَصِرْ كَالدَّاءِ الْمُحْتَاجِ لِدَوَاءٍ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: يُخْشَى مِنْهُمَا ضَرَرٌ) أَيْ: يُبِيحُ التَّيَمُّمَ، وَأُلْحِقَ بِهِ الْأَلَمُ الشَّدِيدُ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: أَمَّا اسْتِعْمَالُهُ إلَخْ.) ، وَلَوْ بِالْجُلُوسِ تَحْتَهُ، وَإِنْ ارْتَفَعَ جِدًّا. اهـ. حَجَرٌ، وَقَالَ م ر لَا يَحْرُمُ كَالْجُلُوسِ تَحْتَ السَّقْفِ الْمُذَهَّبِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَرْتَفِعْ كَالنَّامُوسِيَّةِ، فَيَحْرُمُ، وَحَيْثُ حَرُمَ الْجُلُوسُ تَحْتَهُ حَرُمَ فِي ظِلِّهِ، وَإِنْ كَانَ مَائِلًا عَنْهُ. اهـ. مَدَنِيٌّ بِإِيضَاحٍ، وَجَزْمٍ ق ل بِحُرْمَةِ الْجُلُوسِ تَحْتَ السَّقْفِ الْمُذَهَّبِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: فَحَرَامٌ) سَوَاءٌ افْتِرَاشُهُ، وَتَوَسُّدُهُ أَوْ النَّوْمُ عَلَيْهِ، وَغَيْرُهَا، وَنُقِلَ عَنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ حِلُّ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ لَكِنَّهُ خِلَافُ الصَّحِيحِ مِنْ مَذْهَبِهِمْ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ، وَشَرْحِهِ. اهـ. مَدَنِيٌّ (قَوْلُهُ: يَلِيقُ بِالنِّسَاءِ) ضَبَطَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ مَا يَحْرُمُ التَّشَبُّهُ بِهِنَّ فِيهِ بِأَنَّهُ مَا كَانَ مَخْصُوصًا بِهِنَّ فِي جِنْسِهِ، وَهَيْئَتِهِ، أَوْ غَالِبًا فِي زِيِّهِنَّ، وَكَذَا يُقَالُ: فِي عَكْسِهِ فَإِنَّ تَشَبُّهَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ حَرَامٌ فِي مِثْلِ مَا ذُكِرَ. اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: مِنْ زِيِّ النِّسَاءِ) أَيْ مِنْ جِنْسِ زِيِّهِنَّ غَيْرِ الْخَاصِّ بِهِنَّ، وَلَا الْغَالِبِ فِيهِنَّ فَهُوَ مِنْ جِنْسِ زِيِّ الرِّجَالِ أَيْضًا. اهـ. رَشِيدِيٌّ فَيُفِيدُ أَنَّ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَ الرِّجَالِ، وَالنِّسَاءِ عَلَى السَّوَاءِ مَكْرُوهٌ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُجَابُ إلَخْ.) يُؤْخَذُ مِمَّا كَتَبْنَاهُ بَعْدَ جَوَابٍ آخَرَ. اهـ.

(قَوْلُهُ: أَمَّا مَا أَكْثَرُهُ غَيْرُ حَرِيرٍ إلَخْ.) سَوَاءٌ اخْتَلَطَ الْحَرِيرُ بِغَيْرِهِ، أَوْ كَانَ كُلٌّ فِي جَانِبٍ م ر سم (قَوْلُهُ: أَوْ تَسَاوَى فِيهِ الْحَرِيرُ إلَخْ.) ، وَلَوْ عَلِمَ عَدَمَ الِاسْتِوَاءِ، وَشَكَّ هَلْ الْأَكْثَرُ مِنْ الْحَرِيرِ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ شَيْئًا، وَشَكَّ هَلْ هُمَا مُسْتَوِيَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا أَكْثَرُ، أَوْ هَلْ هُمَا مُسْتَوِيَانِ، أَوْ الْحَرِيرُ أَكْثَرُ حَرُمَ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ هَلْ هُمَا مُسْتَوِيَانِ، أَوْ غَيْرُ الْحَرِيرِ أَكْثَرُ فَلَا يَحْرُمُ كَذَا، وَجَدْته بِخَطِّي بِبَعْضِ الْهَوَامِشِ عَنْ بَعْضِ الْأَشْيَاخِ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى ثَوْبَ حَرِيرٍ) ، وَالْأَصْلُ الْحِلُّ يَعْنِي: أَنَّ النَّهْيَ إنَّمَا

ص: 44

الْحِلُّ، وَفِي أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ إنَّمَا «نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ الثَّوْبِ الْمُصْمَتِ مِنْ الْحَرِيرِ» ، فَأَمَّا الْعَلَمُ وَسَدَى الثَّوْبِ، فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَالْمُصْمَتُ الْخَالِصُ، وَالْعَلَمُ الطِّرَازُ وَنَحْوُهُ وَاعْلَمْ أَنَّ الْحَكَّةَ هِيَ الْجَرَبُ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ، فَلَا يَلِيقُ ذِكْرُهُمَا مَعًا نَعَمْ فَسَّرَهَا بَعْضُهُمْ بِالْجَرَبِ الْيَابِسِ، فَذِكْرُهُ بَعْدَهَا مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ، وَالْحَاوِي تَرَكَهُ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهَا وَكَانَ النَّاظِمُ رَأَى أَنَّ قَوْلَ الْحَاوِي: كَجَرَبٍ يُقْرَأُ بِالْحَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ بِالْجِيمِ وَفَتْحِ الرَّاءِ، فَذَكَرَهُمَا مَعًا

(وَالْحَشْوِ) أَيْ: وَحِلُّ اسْتِعْمَالِ الْحَرِيرِ ثَابِتٌ لِلْحَاجَةِ كَمَا مَرَّ وَلِلْحَشْوِ بِهِ بِأَنْ يَحْشُوَ بِهِ قَبَاءً، أَوْ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ الْحَشْوَ لَيْسَ ثَوْبًا مَنْسُوجًا، وَلَا يُعَدُّ صَاحِبُهُ لَابِسَ حَرِيرٍ وَبِهَذَا فَارَقَ تَحْرِيمَ الْبِطَانَةِ، وَيَحِلُّ الْجُلُوسُ عَلَى الْحَرِيرِ بِحَائِلٍ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَصَوَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا اتَّفَقَ فِي دَعْوَةٍ وَنَحْوِهَا، أَمَّا لَوْ اتَّخَذَ لَهُ حَصِيرًا مِنْ حَرِيرٍ، فَالْوَجْهُ التَّحْرِيمُ وَإِنْ بَسَطَ فَوْقَهَا شَيْئًا لِمَا فِيهِ مِنْ السَّرَفِ وَاسْتِعْمَالِ الْحَرِيرِ لَا مَحَالَةَ. اهـ.

، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْحَابِ قَالَ الْإِمَامُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ حِلُّ لُبْسِ ثَوْبٍ ظِهَارَتُهُ وَبِطَانَتُهُ قُطْنٌ وَفِي وَسَطِهِ حَرِيرٌ مَنْسُوجٌ وَفِيهِ نَظَرٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ أَرَادَ بِهِ الثَّوْبَ الْحَائِلَ بَيْنَهُمَا، فَالْوَجْهُ تَحْرِيمُهُ لِأَنَّهُ لَابِسُ ثَوْبٍ حَرِيرٍ، بَلْ هُوَ أَبْلَغُ فِي السَّرَفِ. اهـ.

وَيُؤَيِّدُهُ تَعْلِيلُهُمْ السَّابِقُ فِي الْحَشْوِ وَيُؤَيِّدُ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ حِلُّ اسْتِعْمَالِ إنَاءِ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ إذَا غُشِيَ بِنُحَاسٍ وَحِلُّ الْجُلُوسِ عَلَى الْحَرِيرِ بِحَائِلٍ، فَإِنْ فَرَّقَ بِأَنَّ الثَّوْبَ مَحْمُولٌ لِلْبَدَنِ بِخِلَافِ الْإِنَاءِ، وَالْفُرُشِ أُجِيبَ بِأَنَّ الْحَرِيرَ تَوَسَّعُوا فِيهِ أَكْثَرَ مِنْ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ وَبِأَنَّ الْمَعْنَى فِي حُرْمَتِهِ الِاسْتِعْمَالُ، وَالْخُيَلَاءُ لَا الْحَمْلُ، وَذَلِكَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْمَحْمُولِ، وَالْمَفْرُوشِ مَا لَمْ يَمْنَعْ مَانِعٌ، فَالْأَوْلَى الْأَخْذُ بِظَاهِرِ كَلَامِهِمْ وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ عِزِّ الدِّينِ فِي مُخْتَصَرِ النِّهَايَةِ جَازَ عَلَى الظَّاهِرِ مِنْ كَلَامِهِمْ وَفِيهِ احْتِمَالٌ

(وَالْكَعْبَةِ) أَيْ وَحِلُّ اسْتِعْمَالِ الْحَرِيرِ ثَابِتٌ لِلْكَعْبَةِ بِأَنْ يَسْتُرَهَا بِهِ لِثُبُوتِهِ عَنْ فِعْلِ السَّلَفِ، وَالْخَلَفِ تَعْظِيمًا لَهَا بِخِلَافِ سَتْرِ غَيْرِهَا بِهِ، فَإِنَّهُ يَحْرُمُ فَفِي الرَّوْضَةِ يَحْرُمُ تَنْجِيدُ الْبُيُوتِ أَيْ: تَزْيِينُهَا بِالْحَرِيرِ، وَالثَّوْبِ الْمُصَوَّرِ وَيُكْرَهُ بِغَيْرِهَا (أَوْ لِلطِّفْلِ) إلَى الْبُلُوغِ، فَإِنَّهُ لَائِقٌ بِحَالِهِ إذْ لَيْسَ لَهُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَيَحِلُّ الْجُلُوسُ عَلَى الْحَرِيرِ، بِحَائِلٍ) ، وَكَذَا يَحِلُّ الِاسْتِنَادُ إلَيْهِ كَالِاسْتِنَادِ إلَى الْمِخَدَّةِ، بِحَائِلٍ، وَأَمَّا النَّامُوسِيَّةُ الْمَنْصُوبَةُ تَحْتَ الْجِدَارِ، فَلَهُ أَنْ يَسْتَنِدَ إلَيْهَا، بِلَا حَائِلٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْرُمُ الِاسْتِعْمَالُ، وَهَذَا لَا يُعَدُّ اسْتِعْمَالًا لَهَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُوضَعْ لِلِاسْتِنَادِ إلَيْهَا بَلْ لِلدُّخُولِ تَحْتَهَا مَفْتُوحَةً كَذَا جَزَمَ بِهِ م ر فِي تَقْرِيرِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يَحْرُمُ الْجُلُوسُ فَوْقَهَا مَفْرُوشَةً عَلَى الْأَرْضِ، وَالتَّدَثُّرُ بِهَا (قَوْلُهُ: عَلَى الْحَرِيرِ، بِحَائِلٍ) مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ ظِهَارَةُ اللِّحَافِ حَرِيرًا دُونَ بِطَانَتِهِ، فَقَلَبَهُ، وَجَلَسَ عَلَى بِطَانَتِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَغَطَّى بِهِ، بِحَيْثُ كَانَ الْمُمَاسُّ لِبَدَنِهِ بِطَانَتَهُ دُونَ ظِهَارَتِهِ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ مُسْتَعْمِلًا لَهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ (قَوْلُهُ: بِحَائِلٍ) ، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَغَطَّى، بِلِحَافٍ ظِهَارَتُهُ حَرِيرًا، وَسَتَرَهَا بِثَوْبٍ، فَيَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ مُسْتَعْمِلًا لِلْحَرِيرِ م ر

(قَوْلُهُ: الْمُصَوَّرُ)، بِصُورَةٍ مُحَرَّمَةٍ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: إذْ لَيْسَ إلَخْ.) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَيْنِ التَّعْلِيلَيْنِ أَنَّ الْجَوَازَ لِلصَّبِيِّ لَا يَخْتَصُّ، بِاللُّبْسِ بَلْ عَامٌّ فِي سَائِرِ وُجُوهِ الِاسْتِعْمَالِ، فَلِلْمَوْلَى تَمْكِينُهُ مِنْ الْجَمِيعِ

ــ

[حاشية الشربيني]

وَرَدَ فِيمَا يُسَمَّى ثَوْبَ حَرِيرٍ فَإِنَّ النَّهْيَ عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ أَيْ: لَيْسَ شَيْءٌ يُسَمَّى حَرِيرًا، وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ، وَالْأَصْلُ الْحِلُّ فِيمَا لَمْ يُنْهَ عَنْهُ تَأَمَّلْهُ لِيَنْدَفِعَ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ التَّنَافِي بَيْنَ قَوْلِهِ: هُنَا، وَالْأَصْلُ الْحِلُّ، وَقَوْلُهُمْ فِيمَا شَكَّ فِيهِ أَنَّهُ يَحْرُمُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْحَرِيرِ الْحُرْمَةُ أَيْ: الْأَصْلُ فِيمَا يُسَمَّى ثَوْبَ حَرِيرٍ الْحُرْمَةُ، وَمَا شَكَّ فِيهِ يُحْتَمَلُ أَنْ يُسَمَّى ذَلِكَ فَتَدَبَّرْ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا شَكَّ فِيهِ هُنَا حَيْثُ حَرُمَ، وَمَا شَكَّ فِيهِ فِي الْإِنَاءِ الْمُضَبَّبِ حَيْثُ حَلَّ أَنَّ الْإِنَاءَ ثَبَتَ لَهُ الْحِلُّ فِي نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ ذَاتَهُ مُتَحَقِّقَةٌ بِدُونِ الضَّبَّةِ بِخِلَافِ الثَّوْبِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ؛ لِأَنَّ ذَاتَهُ مُرَكَّبَةٌ مِنْ الْحَرِيرِ، وَغَيْرِهِ، وَلَا غُبَارَ عَلَى هَذَا إلَّا مَا قَالَهُ ع ش مِنْ أَنْ الْمُطَرَّزَ بِالْحَرِيرِ بِالْإِبْرَةِ الْمَشْكُوكَ فِيهِ ثَبَتَ لَهُ الْحِلُّ قَبْلَ التَّطْرِيزِ فَكَانَ مُقْتَضَى الْفَرْقِ الْحِلُّ مَعَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ الْحُرْمَةُ. اهـ. إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ التَّطْرِيزَ بِالْإِبْرَةِ يَجْعَلُ الْحَرِيرَ كَأَنَّهُ مِنْ أَصْلِهِ فَلِذَا يُنْظَرُ لِحَالِهِ الْآنَ بِخِلَافِ التَّضْبِيبِ تَدَبَّرْ. لَكِنْ فِي ق ل عَلَى قَوْلِ الْمِنْهَاجِ، وَيَحْرُمُ الْمُرَكَّبُ مِنْ إبْرَيْسَمٍ، وَغَيْرِهِ إنْ زَادَ وَزْنُ الْإِبْرَيْسَمِ مَا نَصُّهُ، وَلَوْ احْتِمَالًا لِأَنَّهُ لَيْسَ طَارِئًا عَلَى الثَّوْبِ، وَلِذَلِكَ لَوْ شَكَّ فِي زِيَادَةِ وَزْنِ الْمُطَرَّزِ لَمْ يَحْرُمْ كَمَا فِي الضَّبَّةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَسَدَى الثَّوْبِ) السَّدَا بِوَزْنِ الْحَصَى مَا يُمَدُّ طُولًا فِي النَّسْجِ، وَاللُّحْمَةُ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: الْخَالِصُ) لَعَلَّهُ أُلْحِقَ بِهِ مَا غَالِبُهُ حَرِيرٌ. اهـ.

(قَوْلُهُ: الْخَالِصُ) الْمُرَادُ بِهِ مَا يَشْمَلُ مَا أَكْثَرُهُ حَرِيرٌ فَيُقَيَّدُ جَوَازُ الطِّرَازِ، وَالسَّدَا بِمَا إذَا اسْتَوَى الْحَرِيرُ مَعَ غَيْرِهِ، أَوْ غَلَبَ غَيْرُ الْحَرِيرِ. اهـ. شَرْقَاوِيٌّ عَلَى التَّحْرِيرِ

(قَوْلُهُ: وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ عِزِّ الدِّينِ إلَخْ.) أَيْ: بَدَلَ قَوْلِ الْإِمَامِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ حِلُّ إلَخْ. وَلَوْ قَدَّمَ عِبَارَةَ الشَّيْخِ عِزِّ الدِّينِ بِجَانِبِ مَقَالَةِ الْإِمَامِ كَمَا صَنَعَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ كَانَ أَوْلَى

(قَوْلُهُ: لِلْكَعْبَةِ) ، وَكَذَا قُبُورُ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. اهـ. م ر

ص: 45

شَهَامَةٌ تُنَافِيهَا وَلِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّوَوِيُّ فِي كُتُبِهِ وَصَحَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحَيْهِ تَحْرِيمَهُ بَعْدَ السَّبْعِ كَيْ لَا يَعْتَادَهُ، وَفِي الْمَجْمُوعِ لَوْ ضُبِطَ بِالتَّمْيِيزِ عَلَى هَذَا كَانَ حَسَنًا وَصَحَّحَ ابْنُ الصَّلَاحِ تَحْرِيمَهُ مُطْلَقًا لِتَغْلِيظٍ وَرَدَ فِيهِ عَنْ عُمَرَ وَلِظَاهِرِ خَبَرِ «هَذَانِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي» قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ يَوْمِ الْعِيدِ، أَمَّا فِيهِ، فَيَحِلُّ تَزْيِينُهُمْ بِهِ وَبِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ قَطْعًا لِأَنَّهُ يَوْمُ زِينَةٍ وَلَيْسَ عَلَى الصَّبِيِّ تَعَبُّدٌ وَتَعْبِيرُهُمْ بِالطِّفْلِ أَوْ الصَّبِيِّ يُخْرِجُ الْمَجْنُونَ وَتَعْلِيلُهُمْ يُدْخِلُهُ وِفَاقًا لِمَا صَرَّحَ بِهِ الْغَزَالِيُّ

(وَالرَّقْمِ) أَيْ: التَّطْرِيزِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْحَاوِي أَيْ: وَحِلُّ اسْتِعْمَالِ الْحَرِيرِ ثَابِتٌ لِتَطْرِيزِ ثَوْبِ الرَّجُلِ وَالْخُنْثَى بِهِ (وَالتَّرْقِيعِ) أَيْ وَلِتَرْقِيعِهِ بِهِ إذَا لَمْ يُجَاوِزْ كُلٌّ مِنْهُمَا أَرْبَعَ أَصَابِعَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا لِخَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ السَّابِقِ مَعَ خَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ عُمَرَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ إلَّا مَوْضِعَ أُصْبُعٍ، أَوْ أُصْبُعَيْنِ، أَوْ ثَلَاثٍ، أَوْ أَرْبَعٍ» قَالَ السُّبْكِيُّ، وَالتَّطْرِيزُ جَعْلُ الطِّرَازِ مُرَكَّبًا عَلَى الثَّوْبِ، أَمَّا الْمُطَرَّزُ بِالْإِبْرَةِ، فَهَلْ هُوَ كَالطِّرَازِ لِأَنَّهُ زَائِدٌ عَلَى الثَّوْبِ، أَوْ كَالْمَنْسُوجِ حَتَّى يَكُونَ مَعَ الثَّوْبِ كَالْمُرَكَّبِ مِنْ حَرِيرٍ وَغَيْرِهِ لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ كَالْمَنْسُوجِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالطِّرَازِ

(وَالتَّطَرُّفِ) أَيْ: وَحِلُّ الْحَرِيرِ ثَابِتٌ لِتَطْرِيفِ ثَوْبٍ مِنْ ذَكَرٍ أَيْ: جَعَلَ طَرَفَهُ مُسَجَّفًا بِحَرِيرٍ كَالطَّوْقِ وَطَرَفَيْ الْكُمِّ، وَالذَّيْلِ، وَالْفَرْجَيْنِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَهُ جُبَّةٌ يَلْبَسُهَا لَهَا لِبْنَةٌ مِنْ دِيبَاجٍ وَفَرْجَاهَا مَكْفُوفَانِ بِالدِّيبَاجِ» وَاللِّبْنَةُ بِكَسْرِ اللَّامِ وَسُكُونِ الْبَاءِ رُقْعَةٌ فِي جَيْبِ الْقَمِيصِ أَيْ طَوْقِهِ وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «كَانَ لَهُ جُبَّةٌ مَكْفُوفَةُ الْجَيْبِ، وَالْكُمَّيْنِ، وَالْفَرْجَيْنِ بِالدِّيبَاجِ» ، وَالْمَكْفُوفُ الَّذِي جُعِلَ لَهُ كُفَّةٌ بِضَمِّ الْكَافِ أَيْ: سِجَافٌ وَقَيَّدَ الشَّيْخَانِ حِلَّ التَّطَرُّفِ بِقَدْرِ الْعَادَةِ قَالَ السُّبْكِيُّ، وَلَا مَعْنَى لَهُ مَعَ ضَبْطِ التَّطْرِيزِ بِأَرْبَعِ أَصَابِعَ، وَالصَّحِيحُ ضَبْطُهُمَا بِأَرْبَعِ أَصَابِعَ لِخَبَرِ عُمَرَ السَّابِقِ وَوَافَقَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَفَرَّقَ الشَّارِحُ فِي تَحْرِيرِهِ بِأَنَّ التَّطْرِيفَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ:، وَالرَّقْمُ، وَالتَّرْقِيعُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَظَاهِرٌ أَنَّ شَرْطَ جَوَازِهِمَا أَنْ لَا يَكْثُرَ مَحَالُّهُمَا، بِحَيْثُ يَزِيدُ الْحَرِيرُ عَلَى غَيْرِهِ، وَزْنًا لَكِنْ نَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ، وَغَيْرُهُ عَنْ الْحَلِيمِيِّ أَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى طِرَازَيْنِ كُلُّ طِرَازٍ عَلَى كُمٍّ، وَأَنَّ كُلَّ طِرَازٍ لَا يَزِيدُ عَلَى أُصْبُعَيْنِ لِيَكُونَ مَجْمُوعُهُمَا أَرْبَعَ أَصَابِعَ. اهـ. مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَيَتَحَصَّلُ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ الطِّرَازُ الْوَاحِدُ إذَا زَادَ عَلَى أَرْبَعِ أَصَابِعَ، وَلَا يَمْتَنِعُ الْأَكْثَرُ إذَا لَمْ يَزِدْ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى ذَلِكَ إلَّا إذَا زَادَ مَجْمُوعُهَا عَلَى بَقِيَّةِ الثَّوْبِ (قَوْلُهُ: أَرْبَعِ أَصَابِعَ) فِي الْخَادِمِ عَنْ حِكَايَةِ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضِ الْمَشَايِخِ أَنَّ الْمُرَادَ أَصَابِعُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ أَطْوَلُ مِنْ غَيْرِهَا. اهـ. وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُغْتَفَرَ قَدْرُ الْأَصَابِعِ الْأَرْبَعِ طُولًا، وَعَرْضًا فَقَطْ دُونَ زِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِاعْتِبَارِ أَطْوَلِيَّتِهَا عَلَى غَيْرِهَا مَعْنًى كَمَا لَا يَخْفَى، فَتَأَمَّلْهُ، وَقَدْ يُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ قَوْلِهِ: فِي الْخَبَرِ إلَّا مَوْضِعَ أُصْبُعٍ إلَخْ. فَتَأَمَّلْهُ. بِلُطْفٍ (قَوْلُهُ:، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ إلَخْ.) اعْتَمَدَهُ م ر

(قَوْلُهُ: بِأَنَّ التَّطْرِيفَ إلَخْ.) يُرَدُّ التَّرْقِيعُ، فَإِنَّهُ أَيْضًا مَحَلُّ حَاجَةٍ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِهِ مَا كَانَ لِلزِّينَةِ، فَمَا كَانَ لِلْحَاجَةِ كَالتَّطْرِيفِ، وَهَذَا مُتَّجَهٌ، فَيَجُوزُ زِيَادَةُ الرُّقْعَةِ الْوَاحِدَةِ عَلَى أَرْبَعِ أَصَابِعَ، بِحَسَبِ الْحَاجَةِ كَسَدِّ خَرْقِ الثَّوْبِ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِ اعْتِبَارِ الْحَاجَةِ فِي التَّطْرِيفِ أَنَّهُ يَجُوزُ قَدْرُ الْحَاجَةِ، وَإِنْ زَادَ عَلَى وَزْنِ الثَّوْبِ، وَيُتَصَوَّرُ فِي تَطْرِيفِ ثَوْبٍ رَقِيقٍ، بِدِيبَاجٍ غَلِيظٍ ثَقِيلٍ، وَذَلِكَ مَحَلُّ نَظَرٍ ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ حَكَى أَنَّهُ اعْتَرَضَ الْفَرْقَ الْمَذْكُورَ، بِأَنَّ التَّرْقِيعَ مَحَلُّ حَاجَةٍ لَا سِيَّمَا لِتَقْطِيعِ الثَّوْبِ، وَهُوَ مُقَيَّدٌ، بِالْأَرْبَعِ ثُمَّ أَجَابَ، بِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى التَّطْرِيفِ لِخُصُوصِ الْحَرِيرِ، فَإِنَّهُ لَا يُمْسِكُ مَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُطَرَّفَ، وَهُوَ الثَّوْبُ عَنْ التَّقْطِيعِ إلَّا الْحَرِيرَ، بِخِلَافِ التَّرْقِيعِ، فَإِنَّهُ غَالِبًا إنَّمَا يَكُونُ فِي بَالٍ، أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ، فَلَا يُحْتَاجُ إلَى خُصُوصِ الْحَرِيرِ، وَخُصَّ فِيهِ، بِقَدْرِ أَرْبَعِ أَصَابِعَ فَقَطْ. اهـ.

وَكُلٌّ مِنْ الِاعْتِرَاضِ، وَالْجَوَابِ يَدُلُّ عَلَى شُمُولِ التَّرْقِيعِ الْمُقَيَّدِ، بِالْأَرْبَعِ لِمَا كَانَ، بِالْحَاجَةِ، وَقَدْ يُمْنَعُ ذَلِكَ، فَلْيُتَأَمَّلْ.

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ) مُعْتَمَدٌ م ر (قَوْلُهُ: وَبِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ) أَيْ: الْحُلِيِّ مِنْهُمَا بِخِلَافِ مَا لَيْسَ بِحُلِيٍّ كَالْخَنْجَرِ مَثَلًا. اهـ ع ش

(قَوْلُهُ: وَالرَّقْمِ إلَخْ.) حَاصِلُ الْمُعْتَمَدِ أَنَّ الطِّرَازَ، وَهُوَ مَا رُكِّبَ مِنْ الْحَرِيرِ عَلَى الثَّوْبِ بِغَيْرِ الْإِبْرَةِ كَالْأَشْرِطَةِ الَّتِي تَجْعَلُهَا الْقَوَّاصَةُ عَلَى بَشْوَتِهِمْ يَحِلُّ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ كُلُّ رُقْعَةٍ بِقَدْرِ أَرْبَعِ أَصَابِعَ عَرْضًا، وَإِنْ زَادَ طُولُهَا، وَكَذَا التَّرْقِيعُ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ كُلُّ رُقْعَةٍ بِقَدْرِ أَرْبَعِ أَصَابِعَ طُولًا، وَعَرْضًا. اهـ.، وَيُشْتَرَطُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى وَزْنِ الثَّوْبِ، وَالْإِحْرَامِ، وَأَمَّا مَا رُكِّبَ بِالْإِبْرَةِ كَالْمُرَكَّبِ عَلَى الْمِنْسَجِ فَالْعِبْرَةُ فِيهِ بِالْوَزْنِ فَإِنْ زَادَ عَلَى وَزْنِ الثَّوْبِ حَرُمَ، وَإِلَّا فَلَا، وَمِنْ ذَلِكَ الْمِنْشَفَةُ الْمُرَكَّبُ عَلَيْهَا حَرِيرٌ، وَأَمَّا التَّطْرِيفُ أَيْ: التَّسْجِيفُ، فَيَحِلُّ إذَا كَانَ السِّجَافُ قَدْرَ عَادَةِ أَمْثَالِهِ، وَإِنْ انْتَقَلَ عَنْهُ فَلَا يُكَلَّفُ الْمُتَنَقَّلُ إلَيْهِ بِخِلَافِ عَكْسِهِ لِأَنَّهُ وُضِعَ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي بَاطِنِ الثَّوْبِ، أَوْ ظَاهِرِهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّطْرِيفِ، وَمَا قَبْلَهُ أَنَّ التَّطْرِيفَ مَحَلُّ حَاجَةٍ، وَقَدْ تَمَسُّ الْحَاجَةُ لِلزِّيَادَةِ عَلَى الْأَرْبَعِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ فَإِنَّهُ مُجَرَّدُ زِينَةٍ فَتُقَيَّدُ بِالْأَرْبَعِ. اهـ. شَرْقَاوِيٌّ وَم ر، وع ش.

وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ التَّرْقِيعَ لَوْ كَانَ لِحَاجَةٍ كَانَ كَالتَّطْرِيفِ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُهُ ع ش عَلَى م ر قَالَ سم، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ التَّرْقِيعَ لِحَاجَةِ أَوْلَى بِالْجَوَازِ مِنْ التَّطْرِيفِ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَيْهِ أَتَمُّ، وَنَفْعَهُ أَقْوَى، وَأَجَابَ عَنْهُ فِي الْحَاشِيَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يُجَاوِزْ إلَخْ.) فَإِنْ جَاوَزَ ذَلِكَ حَرُمَ، وَإِنْ لَمْ يَزِدْ وَزْنُهُ عَلَى وَزْنِ الثَّوْبِ لِأَنَّهُ لِلزِّينَةِ. اهـ. سم

(قَوْلُهُ: بِقَدْرِ الْعَادَةِ) الْغَالِبَةِ لِأَمْثَالِهِ

ص: 46

مَحَلُّ حَاجَةٍ وَقَدْ تَمَسُّ الْحَاجَةُ لِلزِّيَادَةِ عَلَى الْأَرْبَعِ بِخِلَافِ التَّطْرِيزِ، فَإِنَّهُ مُجَرَّدُ زِينَةٍ، فَيَتَقَيَّدُ بِالْأَرْبَعِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَكَالتَّطْرِيفِ طَرَفَا الْعِمَامَةِ إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا قَدْرَ شِبْرٍ وَفَرَّقَ بَيْنَ كُلِّ أَرْبَعِ أَصَابِعَ بِمِقْدَارِ قَلَمٍ مِنْ كَتَّانٍ أَوْ قُطْنٍ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ حِلُّ الثَّوْبِ الْمَخِيطِ بِالْحَرِيرِ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَيُفَارِقُ مَا نُسِجَ بِالذَّهَبِ، أَوْ زُرَّ بِأَزْرَارِهِ بِأَنَّ خُيَلَاءَهُ أَكْثَرُ، وَلَا يَجِيءُ هُنَا تَفْصِيلُ الْمُضَبَّبِ، فَإِنَّ الْحَرِيرَ أَهْوَنُ مِنْ الْأَوَانِي وَلِهَذَا حَلَّ لِلنِّسَاءِ دُونَهَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ:، وَيَحِلُّ مِنْهُ خَيْطُ السُّبْحَةِ وَخَرَجَ بِالْحَرِيرِ غَيْرُهُ، فَيَحِلُّ مُطْلَقًا حَتَّى الثَّوْبُ الْأَحْمَرُ، وَالْأَخْضَرُ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْمَصُوغَاتِ بِلَا كَرَاهَةٍ نَعَمْ يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ لُبْسُ الْمُزَعْفَرِ دُونَ الْمُعَصْفَرِ عَلَى الْمَنْصُوصِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ، وَالصَّوَابُ تَحْرِيمُ الْمُعَصْفَرِ عَلَيْهِ أَيْضًا لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الَّتِي لَوْ بَلَغَتْ الشَّافِعِيَّ لَقَالَ بِهَا أَوْصَانَا بِالْعَمَلِ بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ، وَالْخُنْثَى فِيهِ كَالرَّجُلِ

(وَ) حِلُّ اسْتِعْمَالِ (وَرِقٍ) بِكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ فِضَّةٍ ثَابِتَةٌ فِي حَقِّ مَنْ ذُكِرَ (لِخَاتَمٍ) لِلِاتِّبَاعِ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَلِلْإِجْمَاعِ وَلُبْسُهُ سُنَّةٌ، وَالْأَفْضَلُ جَعْلُهُ فِي الْيَمِينِ وَجَعْلُ فَصِّهِ مِنْ بَاطِنِ كَفِّهِ، وَلَا يُكْرَهُ نَقْشُهُ بِاسْمِ اللَّهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا:، وَلَوْ اتَّخَذَ خَوَاتِمَ كَثِيرَةً لِيَلْبَسَ الْوَاحِدَ مِنْهَا بَعْدَ الْوَاحِدِ جَازَ عَلَى الْمَذْهَبِ وَفِيهِ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: رَمْزٌ إلَى مَنْعِ لُبْسِهِ أَكْثَرَ مِنْ خَاتَمٍ جُمْلَةً، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ تَفَقُّهًا وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ اسْتِعْمَالَهُ الْفِضَّةَ حَرَامٌ إلَّا مَا وَرَدَّتْ الرُّخْصَةُ بِهِ وَلَمْ تَرِدْ إلَّا فِي خَاتَمٍ وَاحِدٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الدَّارِمِيِّ: وَيُكْرَهُ لِلرَّجُلِ لُبْسُ فَوْقَ خَاتَمَيْنِ وَقَوْلُ الْخُوَارِزْمِيِّ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ لُبْسُ زَوْجِ خَاتَمٍ فِي يَدٍ وَفَرْدٍ فِي كُلِّ يَدٍ وَزَوْجٍ فِي يَدٍ وَفَرْدٍ فِي أُخْرَى وَإِنْ لَبِسَ زَوْجَيْنِ فِي كُلِّ يَدٍ قَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ لَا يَجُوزُ إلَّا لِلنِّسَاءِ قَالَ: وَعَلَى قِيَاسِهِ لَوْ تَخَتَّمَ فِي غَيْرِ الْخِنْصَرِ، فَفِي حَالِهِ وَجْهَانِ قُلْت أَصَحُّهُمَا التَّحْرِيمُ لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْهُ وَلِمَا فِيهِ مِنْ التَّشْبِيهِ بِالنِّسَاءِ. اهـ.

وَاَلَّذِي فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَدَمُ التَّحْرِيمِ، فَفِيهِ، وَالسُّنَّةُ لِلرَّجُلِ جَعْلُ خَاتَمِهِ فِي الْخِنْصَرِ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ مِنْ الِامْتِهَانِ فِيمَا يَتَعَاطَى بِالْيَدِ لِكَوْنِهِ طَرَفًا وَلِأَنَّهُ لَا يَشْغَلُ الْيَدَ عَمَّا تَتَنَاوَلُهُ مِنْ أَشْغَالِهَا بِخِلَافِ غَيْرِ الْخِنْصَرِ وَيُكْرَهُ لَهُ جَعْلُهُ فِي الْوُسْطَى وَالسَّبَّابَةِ لِلْحَدِيثِ وَهِيَ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ. اهـ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْقُصَ الْخَاتَمُ عَنْ مِثْقَالٍ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَابْنِ حِبَّانَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِلَّابِسِ خَاتَمَ حَدِيدٍ: مَا لِي أَرَى عَلَيْك حِلْيَةَ أَهْلِ النَّارِ، فَطَرَحَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ أَيٍّ شَيْءٍ أَتَّخِذُهُ قَالَ: مِنْ فِضَّةٍ، وَلَا تُبْلِغْهُ مِثْقَالًا» . اهـ.، وَالْخَبَرُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ.) الْأَوْجَهُ اعْتِبَارُ الْوَزْنِ هُنَا كَغَيْرِهِ، وَكَلَامُهُ فِي الْمُرَكَّبِ مِنْ الْحَرِيرِ، وَغَيْرِهِ، وَاعْتِبَارُ الْوَزْنِ فِيهِ شَامِلٌ لِمَا كَانَ الْحَرِيرُ شَائِعًا مَعَ غَيْرِهِ، وَلِمَا إذَا تَمَحَّضَ فِي بَعْضِ أَجْزَاءِ الثَّوْبِ م ر (قَوْلُهُ: وَالْأَخْضَرُ، وَغَيْرُهُمَا) شَامِلٌ لِلْأَسْوَدِ الْمَصْبُوغِ قَبْلَ النَّسْجِ، أَوْ بَعْدَهُ، فَلَا يُكْرَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ م ر (قَوْلُهُ: لُبْسُ الْمُزَعْفَرِ) حُكْمُهُ حُكْمُ الْحَرِيرِ حَتَّى لَوْ صُبِغَ، بِالزَّعْفَرَانِ أَكْثَرُهُ حَرُمَ حَجَرٌ

(قَوْلُهُ: رَمَزَ إلَى مَنْعِ لُبْسِهِ أَكْثَرَ مِنْ خَاتَمٍ) يَجُوزُ تَعْدَادُهُ اتِّخَاذًا، وَلُبْسًا، فَالضَّابِطُ فِيهِ أَيْضًا أَنْ لَا يُعَدَّ إسْرَافًا م ر (قَوْلُهُ: وَهَذَا يُنَافِيهِ إلَخْ) وَإِذَا جَوَّزْنَا اثْنَيْنِ، فَأَكْثَرَ دَفْعَةً، وَجَبَتْ فِيهَا الزَّكَاةُ لِكَرَاهَتِهَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: زَوْجَيْنِ فِي كُلِّ يَدٍ) لَا يَشْمَلُ زَوْجًا فِي كُلِّ يَدٍ إلَّا أَنْ يُرِيدَ، بِقَوْلِهِ فِي كُلِّ يَدٍ مَجْمُوعَ الْيَدَيْنِ، فَلْيُحَرَّرْ.

ــ

[حاشية الشربيني]

اهـ. مَدَنِيٌّ (قَوْلُهُ:، وَكَالتَّطْرِيفِ طَرَفَا الْعِمَامَةِ) أَيْ: الْمُنْفَصِلَيْنِ عَنْهَا، وَقَدْ خِيطَا بِهَا، وَإِلَّا فَهُمَا مِنْ الْمَنْسُوجِ، وَالْعِبْرَةُ فِيهِ بِالْوَزْنِ كَمَا مَرَّ اهـ ع ش لَكِنْ فِي التَّقْيِيدِ بِقَدْرِ شِبْرٍ حِينَئِذٍ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ التَّطْرِيفَ لَا يَتَقَيَّدُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: خَيْطُ السُّبْحَةِ) ، وَكَذَا شِرَابَتُهَا تَبَعًا لَهُ كَذَا نُقِلَ عَنْ م ر، وَمِنْهُ يَظْهَرُ تَقْيِيدُ الشُّرَّابَةِ بِمَا كَانَتْ مِنْ الْخَيْطِ فَلْيُحَرَّرْ ثُمَّ رَأَيْت الشَّرْقَاوِيَّ عَلَى التَّحْرِيرِ قَالَ إنَّ الشُّرَّابَةَ الَّتِي عِنْدَ الْقِبِّيعَةِ إذَا كَانَتْ طَرَفَ الْخَيْطِ حَلَّتْ، وَإِلَّا فَلَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَمَا بَيْنَ الْحَبَّاتِ مِنْ الشَّرَارِيبِ حَرَامٌ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ أَصْلِ الْخَيْطِ قَالَ م ر، وَيَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ الْحَرِيرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْسُوجًا بِدَلِيلِ اسْتِثْنَاءِ خَيْطِ السُّبْحَةِ، وَلِيقَةِ الدَّوَاةِ. اهـ.

وَفِي كِيسِ الدَّرَاهِمِ خِلَافٌ قَالَ بِحُرْمَتِهِ م ر وَأَتْبَاعُهُ، وَبِحِلِّهِ حَجَرُ فِي التُّحْفَةِ، وَشَرْحُ الْعُبَابِ. اهـ. (قَوْلُهُ: قَالَ الْبَيْهَقِيُّ إلَخْ.) ضَعِيفٌ م ر

(قَوْلُهُ: وَرِقٍ) فِي الْمَجْمُوعِ كُلُّ مَا كَانَ عَلَى فَعَلٌ بِكَسْرِ الْعَيْنِ، وَفَتْحِ الْفَاءِ جَازَ إسْكَانُ ثَانِيهِ مَعَ فَتْح أَوَّلِهِ، وَكَسْرِهِ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ، وَذَلِكَ كَوَرِقٍ، وَوَرِكٍ، وَكَتِفٍ فَإِنْ كَانَ الْحَرْفُ الثَّانِي، أَوْ الثَّالِثُ حَرْفَ حَلْقٍ جَازَ فِيهِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ الثَّلَاثَةُ الْمَذْكُورَةُ، وَالرَّابِعُ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ، وَثَانِيه كَفَخِذٍ، وَحُرُوفُ الْحَلْقِ الْعَيْنُ، وَالْغَيْنُ، وَالْخَاءُ، وَالْحَاءُ، وَالْهَمْزَةُ. اهـ. (قَوْلُهُ: لِخَاتَمٍ) ، وَيَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ تَمْوِيهُهُ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مَنّهُ شَيْءٌ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ. اهـ. عَمِيرَةُ. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ.

(قَوْلُهُ: إلَى مَنْعِ إلَخْ.) أَيْ: لِلرِّجَالِ بِخِلَافِ النِّسَاءِ، فَيَجُوزُ. اهـ. مَدَنِيٌّ (قَوْلُهُ: فَوْقَ خَاتَمَيْنِ) لَفْظَةُ فَوْقَ صِلَةٌ؛ لِأَنَّ لُبْسَ الِاثْنَيْنِ مَكْرُوهٌ أَيْضًا. اهـ. هـ مَدَنِيٌّ عَنْ الْإِمْدَادِ، وَالنِّهَايَةِ، وَغَيْرِهِمَا، وَاعْتَمَدَ حَجَرٌ الْحُرْمَةَ فِي التَّعَدُّدِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الْخُوَارِزْمِيِّ إلَخْ.) اعْتَمَدَ جَوَازَ لُبْس خَاتَمَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ فِي الْيَدِ الْوَاحِدَةِ حَيْثُ لَاقَ بِهِ ذَلِكَ بِحَسَبِ عَادَةِ أَمْثَالِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَلِقْ بِهِ فَهُوَ كَمَا أَسْرَفَ فِي زِنَةِ الْوَاحِدِ، فَيَحْرُمُ قَالَ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي جَوَازِ الْخَاتَمِ، وَفِي تَعَدُّدِهِ كَوْنُ قَدْرِهِ، وَتَعَدُّدِهِ لَائِقًا بِهِ، وَوَافَقَ عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي كَرَاهَةُ ذَلِكَ لِلْخِلَافِ فِي حُرْمَتِهِ فَتَجِبُ الزَّكَاةُ لِوُجُوبِهَا فِي الْمَكْرُوهِ، وَأَنَّهُ إذَا لَمْ يَلِقْ حَرُمَ فَتَجِبُ الزَّكَاةُ، وَأَنَّهُ لَوْ اتَّخَذَهُمَا بِقَصْدِ أَنْ يَلْبَسَ

ص: 47

ضَعَّفَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحَيْ الْمُهَذَّبِ وَمُسْلِمٍ، فَعَلَيْهِ يَنْبَغِي الضَّبْطُ بِمَا لَا يُعَدُّ إسْرَافًا فِي الْعُرْفِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ الْخُوَارِزْمِيُّ وَغَيْرُهُ فِي الْخَلْخَالِ وَقَدْ أَفْتَيْت بِذَلِكَ قَالَ النَّوَوِيُّ، وَلَا يُكْرَهُ لُبْسُ خَاتَمِ الرَّصَاصِ، وَالنُّحَاسِ، وَالْحَدِيدِ عَلَى الْأَصَحِّ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «الْتَمِسْ، وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ» ، وَأَمَّا الْخَبَرُ الْأَوَّلُ، فَتَقَدَّمَ أَنَّهُ ضَعِيفٌ وَخَرَجَ بِالْخَاتَمِ غَيْرُهُ كَدُمْلَجٍ وَسِوَارٍ وَطَوْقٍ، فَيَحْرُمُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ الْجُمْهُورِ

(وَمُصْحَفِ) بِجَرِّهِ عَطْفًا عَلَى خَاتَمٍ (تَحْلِيَةً) بِنَصْبِهِ تَمْيِيزًا أَيْ: وَحِلُّ اسْتِعْمَالِ الْفِضَّةِ فِي حَقِّ مَنْ ذُكِرَ ثَابِتٌ لِلْمُصْحَفِ مِنْ جِهَةِ التَّحْلِيَةِ أَيْ: ثَابِتٌ لِتَحْلِيَتِهِ بِهَا وَكَذَا إغْلَاقُهُ الْمُنْفَصِلُ عَنْهُ إكْرَامًا لَهُ وَخَرَجَ بِتَحْلِيَةِ الْمُصْحَفِ تَحْلِيَةُ سَائِرِ الْكُتُبِ، وَالْكَعْبَةِ، وَالْمَسَاجِدِ وَنَحْوِهَا بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ وَتَعْلِيقُ قَنَادِيلِهِمَا بِهَا، فَيَحْرُمُ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِي مَعْنَى الْمُصْحَفِ؛ وَلِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ السَّلَفِ بِخِلَافِ كِسْوَةِ الْكَعْبَةِ بِالْحَرِيرِ.

(كَآلَةِ الْحُرُوبِ) أَيْ: كَمَا تَحِلُّ التَّحْلِيَةُ بِالْفِضَّةِ لِآلَةِ الْحُرُوبِ الْمَلْبُوسَةِ (لِرَاكِبٍ كَالسَّيْفِ) ، وَالرُّمْحِ وَالسَّهْمِ، وَالْمِنْطَقَةِ وَالرَّانِّ، وَالْخُفِّ؛ لِأَنَّهَا تَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلِخَبَرِ «كَانَتْ قَبِيعَةُ سَيْفِهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ فِضَّةٍ» (لَا) تَحْلِيَةُ آلَةِ (الْمَرْكُوبِ) كَسَرْجٍ وَلِجَامٍ وَرِكَابٍ وَثُفْرٍ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَلْبُوسَةٍ لِلرَّاكِبِ كَالْأَوَانِي، وَلَوْ تَرَكَ كَالْحَاوِي قَوْلَهُ: لِرَاكِبٍ كَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ الْمَاشِيَ وَلَعَلَّ فِي مُقَابَلَتِهِ لَهُ بِالْمَرْكُوبِ رَمْزًا إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الرَّاكِبُ فِعْلًا أَوْ قُوَّةً، فَيَشْمَلُ الْمَاشِيَ خَرَجَ بِالْوَرِقِ الذَّهَبُ، فَلَا يَحِلُّ مِنْهُ لِمَنْ ذُكِرَ شَيْءٌ مِمَّا مَرَّ لِعُمُومِ الْمَنْعِ فِيهِ

(وَ) حِلُّ اسْتِعْمَالِ (ذَهَبٍ كَفِضَّةٍ) ثَابِتٌ (لِلرَّجُلِ لِأَجْلِ تَمْوِيهٍ) أَيْ: تَطْلِيَةٍ بِشَرْطٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ: (إذَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْ ذَاكَ شَيْءٌ) بِالنَّارِ كَمَا مَرَّ فِي الْأَوَانِي كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا هُنَاكَ.

لَكِنَّ فِيهِمَا فِي بَابِ زَكَاةِ النَّقْدَيْنِ هَلْ لِلرَّجُلِ تَمْوِيهُ الْخَاتَمِ، وَالسَّيْفِ وَغَيْرِهِمَا بِذَهَبٍ لَا يَحْصُلُ مِنْهُ شَيْءٌ بِالنَّارِ وَجْهَانِ وَبِالتَّحْرِيمِ أَجَابَ الْعِرَاقِيُّونَ وَقَضِيَّتُهُ تَصْحِيحُ الْمَنْعِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ، فَلْيُحْمَلْ الْحِلُّ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمُمَوَّهِ، وَالْمَنْعُ عَلَى نَفْسِ التَّمْوِيهِ، أَوْ يُحْمَلْ الْحِلُّ عَلَى الْأَوَانِي، وَالْمَنْعُ عَلَى الْمَلْبُوسِ أَيْ: لِاتِّصَالِهِ بِالْبَدَنِ وَشِدَّةِ مُلَازَمَتِهِ لَهُ بِخِلَافِ الْأَوَانِي وَحَمْلُهُ الْأَوَّلُ يُنَاسِبُهُ قَوْلُ الْمَجْمُوعِ: وَتَمْوِيهُ بَيْتِهِ وَجِدَارِهِ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ حَرَامٌ قَطْعًا، ثُمَّ إنْ حَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ بِالنَّارِ حَرُمَ اسْتِدَامَتُهُ وَإِلَّا، فَلَا

(وَ) لِأَجْلِ (اتِّخَاذِ أُنْمُلَهْ فَقَطْ لِكُلِّ أُصْبُعٍ، وَ) اتِّخَاذُ (الْأَنْفِ لَهُ) أَيْ: لِلرَّجُلِ (وَسِنِّهِ) وَجَازَ لَهُ بِالذَّهَبِ وَإِنْ أَمْكَنَ بِالْفِضَّةِ لِأَنَّهُ لَا يَصْدَأُ، وَلَا يُفْسِدُ الْمَنْبَتَ وَقَدْ «أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَرْفَجَةَ بْنَ أَسْعَدَ بْنِ صَفْوَانَ التَّمِيمِيَّ لَمَّا أُصِيبَ أَنْفُهُ يَوْمَ الْكِلَابِ، فَاِتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ وَرِقٍ، فَأَنْتَنَ عَلَيْهِ بِاِتِّخَاذِ أَنْفٍ مِنْ ذَهَبٍ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ وَشَدَّ عُثْمَانُ وَغَيْرُهُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: فِي حَقِّ مَنْ ذُكِرَ) كَذَا الذَّهَبُ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: لِرَاكِبٍ) مُتَعَلِّقٌ، بِالْمَلْبُوسَةِ (قَوْلُهُ: شَيْءٌ مِمَّا مَرَّ) شَمِلَ تَحْلِيَةَ الْمُصْحَفِ، بِالذَّهَبِ، فَيَمْتَنِعُ، وَهُوَ كَذَلِكَ نَعَمْ يَجُوزُ كِتَابَتُهُ، بِالذَّهَبِ كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ، وَالْكَلَامُ فِي غَيْرِ الْمَرْأَةِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِي مُصْحَفِ الْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ: لِمَنْ ذُكِرَ) ، وَهُوَ الرَّجُلُ، وَالْخُنْثَى بِرّ

(قَوْلُهُ: لِأَجْلِ تَمْوِيهٍ) شَامِلٌ لِتَمْوِيهِ مُصْحَفِ الرَّجُلِ، بِالذَّهَبِ، وَسَائِرِ الْكُتُبِ لَهُ بِهِ، أَوْ بِالْفِضَّةِ (قَوْلُهُ: وَحَمْلُهُ الْأَوَّلُ هُوَ الْمُتَّجَهُ) ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِي تَمْوِيهِ مُصْحَفِ الرَّجُلِ، وَنَحْوِهِ بِالذَّهَبِ، وَتَمْوِيهِ سَائِرِ الْكُتُبِ مُطْلَقًا

(قَوْلُهُ: الْأَنْفُ) لَا يَبْعُدُ أَنَّ الْأُذُنَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: يَوْمَ الْكُلَابِ) ، بِضَمِّ الْكَافِ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْوَاحِدَ بَعْدَ الْوَاحِدِ فَلَا حُرْمَةَ فِي ذَلِكَ الِاتِّخَاذِ، وَلَا كَرَاهَةَ فَلَا زَكَاةَ، وَإِنْ خَالَفَ، وَاسْتَعْمَلَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ فِي يَدٍ وَاحِدَةٍ، وَإِنَّ هَذَا الِاسْتِعْمَالَ لَا يُغَيِّرُ حُكْمَ الِاتِّخَاذِ، وَبِالْعَكْسِ بِأَنَّ اتِّخَاذَهَا بِقَصْدِ لُبْسِ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ فِي يَدِهِ، أَوْ حَرُمَ، وَلَا يُغَيِّرُ ذَلِكَ الِاقْتِصَارُ عَلَى لُبْسِ وَاحِدٍ فَقَطْ، ثُمَّ قَالَ م ر يَنْبَغِي الْكَرَاهَةُ فِي مَسْأَلَةِ اتِّخَاذِهِمَا السَّابِقَةِ. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ.

وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ الْعِبْرَةُ فِي عَدَدِهِ، وَقَدْرِهِ، وَمَحَلِّهِ بِعَادَةِ أَمْثَالِهِ فَفِي الْفَقِيهِ الْخِنْصَرُ، وَحْدَهُ، وَفِي الْعَامِّيِّ نَحْوُ الْإِبْهَامِ مَعَهُ، وَخَرَجَ بِهِ الْخَتْمُ، فَيَحْرُمُ (قَوْلُهُ: بِمَا لَا يُعَدُّ إسْرَافًا إلَخْ.) هَذَا مُخْتَلِفٌ بِاخْتِلَافِ عَادَةِ أَمْثَالِهِ تَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: كَآلَةِ الْحُرُوبِ) أَيْ: تَحِلُّ بِالْفِضَّةِ، وَلَوْ بِالتَّمْوِيهِ، وَإِنْ حَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْمَحَلِّيُّ غَيْرَ مُقَاتِلٍ. اهـ. ق ل وَم ر قَالَ م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ مَنْ حَلَّ لَهُ التَّحْلِيَةُ حَلَّ لَهُ الِاسْتِعْمَالُ فَظَاهِرُهُ جَوَازُ الِاسْتِعْمَالِ لِغَيْرِ الْمُقَاتِلِ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: كَآلَةِ الْحُرُوبِ) ظَاهِرُهُ حِلُّ ذَلِكَ لِمَنْ قَصْدُهُ الْجِهَادُ، وَغَيْرِهِ، وَلِمَنْ يُتَصَوَّرُ مِنْهُ، وَمَنْ لَا يُتَصَوَّرُ، وَالثَّانِي بَعِيدٌ. اهـ. نَاشِرِيٌ (قَوْلُهُ:«قَبِيعَةُ سَيْفِهِ صلى الله عليه وسلم» ) الْقَبِيعَةُ بِفَتْحِ الْقَافِ، وَكَسْرِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ هِيَ الَّتِي تَكُونُ عَلَى رَأْسِ قَائِمِ السَّيْفِ، وَطَرَفِ مِقْبَضِهِ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ. اهـ. (قَوْلُهُ: لَا تَحْلِيَةُ آلَةِ الْمَرْكُوبِ) ، وَيَحْرُمُ أَيْضًا إلْبَاسُ الْحَرِيرِ لِلدَّوَابِّ م ر سم عَلَى الْمَنْهَجِ

(قَوْلُهُ: ابْنُ أَبِي أَسْعَدَ) الَّذِي فِي الْمُهَذَّبِ ابْنُ أَسْعَدَ. اهـ. وَعِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ هُوَ عَرْفَجَةُ بْنُ أَسْعَدَ بْنِ كَرْبِ بْنِ صَفْوَانَ التَّمِيمِيُّ الْعُطَارِدِيُّ. اهـ. (قَوْلُهُ: الْكُلَابِ) بِضَمِّ الْكَافِ، وَتَخْفِيفِ اللَّامِ، وَهُوَ يَوْمٌ مَعْرُوفٌ مِنْ أَيَّامِ الْجَاهِلِيَّةِ كَانَتْ لَهُمْ فِيهِ، وَقْعَةٌ مَشْهُورَةٌ، وَالْكُلَابُ اسْمٌ لِمَاءٍ مِنْ مِيَاهِ الْعَرَبِ كَانَتْ عِنْدَهُ

ص: 48

أَسْنَانَهُمْ بِهِ وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ.

وَخَرَجَ بِالْأُنْمُلَةِ غَيْرُهَا كَالْيَدِ، وَالْأُصْبُعِ وَأُنْمُلَتَيْهِ، فَلَا يَجُوزُ اتِّخَاذُهَا مِنْ ذَهَبٍ، وَلَا فِضَّةٍ؛ لِأَنَّهَا لَا تَعْمَلُ، فَتَكُونُ لِلزِّينَةِ بِخِلَافِ الْأُنْمُلَةِ الْوَاحِدَةِ، وَلَوْ لِكُلِّ الْأَصَابِعِ كَمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ: لِكُلِّ أُصْبُعٍ، فَزِيَادَتُهُ فَقَطْ تَأْكِيدٌ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ حِلُّ اسْتِعْمَالِ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ لِلضَّرُورَةِ حَتَّى إذَا فَاجَأَتْهُ الْحَرْبُ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُمَا حَلَّ اسْتِعْمَالُهُمَا وَذَكَرَهُ لِلرَّجُلِ وَضَمِيرَيْهِ فِي لَهُ وَسِنَّهْ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَلَوْ تَرَكَهُ كَانَ أَوْلَى لِأَنَّهُ مَعَ كَوْنِهِ مَفْهُومًا مِمَّا يَأْتِي يُوهِمُ إخْرَاجَ الْخُنْثَى مَعَ أَنَّهُ مِثْلُ

(وَالْخَاتَمَ امْنَعْ سِنَّهْ) مِنْ الذَّهَبِ، وَهُوَ الشُّعْبَةُ الَّتِي يَسْتَمْسِكُ بِهَا الْفَصُّ لِعُمُومِ أَدِلَّةِ الْمَنْعِ وَلِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ وَقَالَ الْإِمَامُ لَا يَبْعُدُ إلْحَاقُ قَلِيلِهِ بِصَغِيرِ ضَبَّةِ الْإِنَاءِ وَفَرَّقَ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ الْخَاتَمَ أَدْوَمُ اسْتِعْمَالًا مِنْ الْإِنَاءِ

(وَلِلنِّسَا) أَيْ: وَحِلُّ اسْتِعْمَالِ الْحَرِيرِ، وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ثَابِتٌ لِلنِّسَاءِ (لِغَيْرِ فَرْشِهِنَّهْ وَآلَةِ الْحُرُوبِ) لَهُنَّ، فَيَحِلُّ لَهُنَّ لُبْسُ الْحَرِيرِ، وَالتَّحْلِيَةُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ حَتَّى فِي مُصْحَفِهِنَّ وَغِلَافِهِ الْمُنْفَصِلِ وَاِتِّخَاذُ النِّعَالِ مِنْهُمَا لِإِطْلَاقِ خَبَرِ «هَذَانِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي حِلٌّ لِإِنَاثِهِمْ» ، أَمَّا افْتِرَاشُهُنَّ الْحَرِيرَ، فَحَرَامٌ كَالْأَوَانِي لِلسَّرَفِ، وَالْخُيَلَاءِ بِخِلَافِ اللُّبْسِ، فَإِنَّهُ لِلزِّينَةِ كَالتَّحَلِّي وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ حِلَّهُ قَالَ: وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ لِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ السَّابِقِ، وَأَمَّا تَحْلِيَةٌ آلَةِ الْحَرْبِ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ لَهُنًّ، فَحَرَامٌ لِمَا فِيهِ مِنْ تَشْبِيهِهِنَّ بِالرِّجَالِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا:، وَأَمَّا التَّاجُ، فَقَالُوا إنْ جَرَتْ عَادَةُ النِّسَاءِ بِلُبْسِهِ جَازَ وَإِلَّا، فَهُوَ لِبَاسُ عُظَمَاءِ الْفُرْسِ، فَيَحْرُمُ وَكَأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِعَادَةِ أَهْلِ النَّوَاحِي، فَحَيْثُ جَرَتْ عَادَتُهُنَّ بِلُبْسِهِ جَازَ وَحَيْثُ لَمْ تَجْرِ لَا تَجُوزُ حَذَرًا مِنْ التَّشْبِيهِ بِالرِّجَالِ وَذَكَرَ نَحْوَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فِي مَوْضِعٍ وَقَالَ فِيهِ فِي آخَرَ:، وَالْمُخْتَارُ، بَلْ الصَّوَابُ حِلُّهُ بِلَا تَرْدِيدٍ لِعُمُومِ الْخَبَرِ وَلِدُخُولِهِ فِي اسْمِ الْحُلِيِّ، وَأَمَّا الدَّرَاهِمُ، وَالدَّنَانِيرُ الَّتِي تُثْقَبُ وَتُجْعَلُ فِي الْقِلَادَةِ، فَصَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا تَحْرِيمَهَا لِبَقَاءِ صُورَةِ النَّقْدِ وَصَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ حِلَّهَا؛ لِأَنَّهَا حُلِيٌّ وَهَذَا هُوَ الْوَجْهُ (مَا لَمْ تُسْرِفْ) أَيْ: النِّسَاءِ فِي التَّحَلِّي، فَإِنْ أَسْرَفْنَ حَرُمَ كَخَلْخَالٍ زِنَتُهُ مِائَتَا دِينَارٍ وَفِي مَعْنَاهُ إسْرَافُ الرِّجَالِ فِيمَا يَحِلُّ لَهُمْ مِنْ التَّحْلِيَةِ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى (قُلْت: وَفِي الْآلَةِ) أَيْ: وَفِي تَحْلِيَةِ آلَةِ الْحَرْبِ لَهُنَّ (وَجْهٌ اُصْطُفِيَ) أَيْ: اُخْتِيرَ اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُعْتَمَدِ قَالَ:؛ لِأَنَّ الْمُحَارَبَةَ جَائِزَةٌ لَهُنَّ فِي الْجُمْلَةِ وَفِي تَجْوِيزِهَا تَجْوِيزُ لُبْسِ آلَتِهَا وَإِذَا جَازَ اسْتِعْمَالُهَا غَيْرَ مُحَلَّاةٍ جَازَ مَعَ التَّحْلِيَةِ؛ لِأَنَّ التَّحَلِّيَ لَهُنَّ أَجْوَزُ مِنْهُ لِلرِّجَالِ قَالَ الرَّافِعِيُّ هَذَا هُوَ الْحَقُّ وَكَوْنُهُ مِنْ مَلَابِسِ الرِّجَالِ إنَّمَا يَقْتَضِي الْكَرَاهَةَ لَا التَّحْرِيمَ كَاللُّؤْلُؤِ لِلرِّجَالِ، فَفِي الْأُمِّ لَا أَكْرَهُهُ لَهُ إلَّا لِلْأَدَبِ وَإِنَّهُ مِنْ زِيِّ النِّسَاءِ لَا لِلتَّحْرِيمِ، فَلَمْ يُحَرِّمْ زِيَّهُنَّ عَلَى الرِّجَالِ وَإِنَّمَا كَرِهَهُ، فَكَذَا حُكْمُ الْعَكْسِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ الصَّوَابُ أَنَّ تَشْبِيهَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ وَعَكْسَهُ حَرَامٌ لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «لَعَنَ اللَّهُ الْمُتَشَبِّهِينَ بِالنِّسَاءِ مِنْ الرِّجَالِ، وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنْ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ.»

وَقَدْ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ بِتَحْرِيمِهِ بَعْدَ هَذَا بِأَسْطُرٍ، وَأَمَّا نَصُّهُ فِي الْأُمِّ، فَلَيْسَ مُخَالِفًا لِهَذَا؛ لِأَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ مِنْ جِنْسِ زِيِّ النِّسَاءِ لَا أَنَّهُ زِيُّ لُبْسٍ مُخْتَصٍّ بِهِنَّ انْتَهَى وَيُجَابُ عَنْ تَوْجِيهِ صَاحِبِ الْمُعْتَمَدِ بِأَنَّهُ إنَّمَا جَوَّزَ لَهُنَّ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ) ، فَإِنْ قُلْت مِنْ أَيْنَ عُلِمَ ذَلِكَ

(قَوْلُهُ: فِي مُصْحَفِهِنَّ) لَوْ حَلَّتْ الْمَرْأَةُ مُصْحَفَهَا، بِذَهَبٍ يَتَحَصَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ ثُمَّ بَاعَتْهُ لِلرَّجُلِ، فَهَلْ يَحِلُّ لَهُ اسْتِعْمَالُهُ، وَالْقِرَاءَةُ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا، فَهُوَ لِبَاسٌ إلَخْ.) قَضِيَّةُ هَذَا حُرْمَةُ تَشَبُّهِهِنَّ، بِالرِّجَالِ، وَإِنْ حَرُمَ عَلَى الرِّجَالِ مَا تَشَبَّهْنَ، بِهِمْ فِيهِ لِظُهُورِ حُرْمَةِ تَاجِ الذَّهَبِ، أَوْ الْفِضَّةِ عَلَى الرِّجَالِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّ التَّاجَ مِنْ غَيْرِ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ عَادَةُ عُظَمَاءِ الْفُرْسِ، فَحَرُمَ عَلَى النِّسَاءِ تَاجُ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُهُ، وَتَاجُ مِثْلِهِ، وَإِنْ اخْتَلَفَ جِنْسُهُمَا (قَوْلُهُ: وَقَالَ فِيهِ: إلَخْ.) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: الصَّوَابُ حِلُّهُ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: وَأَصْلُهَا تَحْرِيمُهُ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: لِبَقَاءِ صُورَةِ النَّقْدِ) ، بِخِلَافِ مَا إذَا جُعِلَ لَهَا عُرًى، فَتَحِلُّ لِعَدَمِ صُورَةِ النَّقْدِ م ر (قَوْلُهُ: مِنْ التَّحْلِيَةِ) مِنْ ذَلِكَ الْخَاتَمِ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْوَقْعَةِ فَسُمِّيَ ذَلِكَ الْيَوْمُ يَوْمَ الْكُلَابِ. اهـ. مَجْمُوعٌ (قَوْلُهُ: وَأُنْمُلَتَيْهِ) عِبَارَةُ الشَّرْقَاوِيِّ عَلَى التَّحْرِيرِ، وَأَمَّا الْأُنْمُلَتَانِ فَإِنْ كَانَتَا مِنْ أَعْلَى الْأُصْبُعِ جَازَ اتِّخَاذُهُمَا لِوُجُودِ الْعَمَلِ بِوَاسِطَةِ الْأُنْمُلَةِ السُّفْلَى، أَوْ مِنْ أَسْفَلِهِ امْتَنَعَ لِعَدَمِ الْعَمَلِ. اهـ. فَيُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَيْهِ بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ. اهـ.

، وَعِبَارَةُ م ر كَالشَّارِحِ فِي الْأُنْمُلَتَيْنِ، وَالتَّعْلِيلِ، وَوَجَّهَ شَيْخُنَا ذ مَنْعَ الْأُنْمُلَتَيْنِ بِقَوْلِهِ لِكَوْنِ كُلٍّ لَا يَتَحَرَّك عَلَى حِدَتِهِ فَالْعُلْيَا مِنْهُمَا غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهَا حِينَئِذٍ، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَدَخَلَ فِي الْأُنْمُلَةِ أُنْمُلَةُ الْإِبْهَامِ فَتَحِلُّ، وَتَحْرُمُ الْأُنْمُلَةُ مُطْلَقًا فِي الْأُصْبُعِ الْأَشَلِّ لِعَدَمِ الْعَمَلِ كَمَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ

(قَوْلُهُ: لِغَيْرِ فَرْشِهِنَّهْ) مِثْلُهُ الْغِطَاءُ، فَيَحْرُمُ كَمَا قَالَهُ الْقُونَوِيُّ ق ل (قَوْلُهُ: لِغَيْرِ فَرْشِهِنَّهْ) فَفَرْشُهُ حَرَامٌ عَلَيْهِنَّ، وَكَذَا الْجُلُوسُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَالتَّحْلِيَةُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ) فِي الشَّرْقَاوِيِّ عَلَى التَّحْرِيرِ أَمَّا الْمَنْسُوجُ، وَالْمُمَوَّهُ بِذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ، وَكَذَا الْمُطَرَّزُ بِهِمَا، أَوْ بِأَحَدِهِمَا، فَيَحِلُّ لَهَا لُبْسُهُ فَقَطْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهَا فَرْشُهُ، وَالْجُلُوسُ عَلَيْهِ، وَغَيْرُهُمَا مِنْ سَائِرِ وُجُوهِ الِاسْتِعْمَالِ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ الْحِلِّ التَّزَيُّنُ الدَّاعِي إلَى الْمَيْلِ إلَيْهِنَّ، وَلَا يُوجَدُ فِي غَيْرِ اللُّبْسِ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَصَحَّحَ إلَخْ.) يُحْمَلُ عَلَى مَا لَهُ عُرًى، وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، وَقَوْلُهُ: صَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ. يُحْمَلُ عَلَى مَا لَهُ عُرًى، وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ قَالَ ع ش، وَفِي شُمُولِهَا لِلْحَرِيرِ نَظَرٌ أَيْ: لِأَنَّهَا لَا تَخْرُجُ بِهِ عَنْ صُورَةِ النَّقْدِ إلَى صُورَةِ الْحُلِيِّ. اهـ. (قَوْلُهُ: إنَّهُ مِنْ جِنْسِ إلَخْ.) بِخِلَافِ لُبْسِ آلَةِ الْحَرْبِ فَإِنَّهَا مُخْتَصَّةٌ

ص: 49