المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(فصل في) بيان حكم (تارك الصلاة) - الغرر البهية في شرح البهجة الوردية - جـ ٢

[زكريا الأنصاري]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ الْجُمُعَةِ)

- ‌[شُرُوطُ صِحَّةِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[ضَابِطُ النَّاسِ فِي الْجُمُعَةِ سِتَّةُ أَقْسَامٍ]

- ‌[شُرُوطِ لُزُومِ الْجُمُعَةَ]

- ‌[آدَابُ الْجُمُعَةَ]

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ)

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْعِيدِ)

- ‌[خَاتِمَةٌ لُبْسُ الثِّيَابِ الْخَشِنَةِ لِغَيْرِ غَرَضٍ شَرْعِيٍّ]

- ‌[فَرْعٌ الْخُطَبُ الْمَشْرُوعَةُ عَشْرُ خُطَبٍ]

- ‌(تَنْبِيهٌ) إذَا رَأَى شَيْئًا مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْخُسُوفِ)

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ حُكْمِ (تَارِكِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بَابُ الْجَنَائِزِ)

- ‌[فَرْعٌ لَوْ مَاتَ أَقَارِبُهُ دُفْعَةً قُدِّمَ فِي التَّكْفِينِ وَغَيْرِهِ مِنْ يُسْرِعُ فَسَادُهُ]

- ‌[فَائِدَةٌ فِي سَبَبِ تَسْمِيَةِ مَنْ قُتِلَ قَبْلُ فِي حَرْبِ الْكُفَّارِ شَهِيدًا]

- ‌[فَرَعٌ حَضَرَ مَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَى الْمَيِّتِ]

- ‌(بَابُ الزَّكَاةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ زَكَاةِ (الْفِطْرَةِ)

- ‌(بَابُ الصِّيَامِ)

- ‌(بَابُ الِاعْتِكَافِ)

- ‌[أَرْكَانُهُ الِاعْتِكَافُ]

- ‌(بَابُ الْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ)

- ‌(بَابُ الْبَيْعِ)

- ‌(بَابُ الرِّبَا)

- ‌(فَصْلٌ فِي الْخِيَارِ)

- ‌[أَسْبَابُ الْخِيَارِ]

الفصل: ‌(فصل في) بيان حكم (تارك الصلاة)

الْمَجْمُوعِ، وَكَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا لَكِنَّهُمَا تَرَكَا لَفْظَ الْمُدَوَّرِ وَعَبَّرَا بِمَا يُفِيدُ مُغَايَرَةَ الْمُقَوَّرِ لِلْمُثَلَّثِ، كَمَا هُوَ كَذَلِكَ، وَالْحِكْمَةُ فِي الْأَمْرَيْنِ التَّفَاؤُلُ بِتَغَيُّرِ الْحَالِ إلَى الْخِصْبِ وَالسَّعَةِ رَوَى الدَّارَقُطْنِيّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم اسْتَسْقَى وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ لِيَتَحَوَّلَ الْقَحْطُ وَكَانَ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ الْفَأْلَ الْحَسَنَ» (كَذَا) يَتْرُكُ رِدَاءَهُ مُحَوَّلًا (حَتَّى نَزَعْ) أَيْ: إلَى أَنْ يَنْزِعَ ثِيَابَهُ بَعْدَ وُصُولِهِ مَنْزِلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم غَيَّرَهُ بَعْدَ التَّحْوِيلِ وَيَفْعَلُ النَّاسُ بِأَرْدِيَتِهِمْ كَفِعْلِ الْإِمَامِ وَإِذَا فَرَغَ الْخَطِيبُ مِنْ الدُّعَاءِ مُسْتَقْبِلًا أَقْبَلَ عَلَى الْقَوْمُ بِوَجْهِهِ وَحَثَّهُمْ عَلَى الطَّاعَةِ وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَدَعَا لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَقَرَأَ آيَةً، أَوْ آيَتَيْنِ وَقَالَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ.

(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ حُكْمِ (تَارِكِ الصَّلَاةِ)

الْمَفْرُوضَةِ وَهُوَ ضَرْبَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَتْرُكَهَا جَاحِدًا لِوُجُوبِهَا فَهَذَا مُرْتَدٌّ؛ لِإِنْكَارِهِ مَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي بَابِهِ وَثَانِيهمَا أَنْ يَتْرُكَهَا لِعُذْرٍ، أَوْ كَسَلٍ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (مَنْ أَخْرَجَ الصَّلَاةَ مِمَّا فُرِضَا) أَيْ: مِنْ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ (عَنْ وَقْتِهَا نَوْمًا وَنِسْيَانَا) أَيْ لِنَوْمٍ، أَوْ نِسْيَانٍ، أَوْ جَهْلٍ لِوُجُوبِهَا مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ فِي التَّعَلُّمِ (قَضَى) وُجُوبًا تِلْكَ الصَّلَاةَ قَضَاءً (مُوَسَّعًا) أَيْ: فِي أَيِّ وَقْتٍ شَاءَ، أَمَّا وُجُوبُ قَضَائِهَا فَلِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ، أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا» وَأَمَّا كَوْنُهُ مُوَسَّعًا فَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «فَاتَهُ الصُّبْحُ فَلَمْ يُصَلِّهَا حَتَّى خَرَجَ مِنْ الْوَادِي» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الْأَمْرَ بِقَضَائِهَا عِنْدَ تَذَكُّرِهَا فِي الْخَبَرِ الْأَوَّلِ لِلنَّدْبِ.

(وَإِنْ بِعَمْدٍ أَخَّرَا) أَيْ: الصَّلَاةَ (عَنْ وَقْتِ جَمْعٍ) لِلصَّلَاتَيْنِ (حَضَرًا، أَوْ سَفَرَا) إنْ كَانَتْ مِمَّا تُجْمَعُ وَعَنْ وَقْتِهَا إنْ كَانَتْ مِمَّا لَا تُجْمَعُ (أَوْ تَرَكَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ صَلَّى) مُحْدِثًا اُسْتُتِيبَ فَإِنْ لَمْ يَتُبْ قُتِلَ حَدًّا لَا كُفْرًا أَمَّا فِي تَرْكِ الصَّلَاةِ؛ فَلِأَنَّهُ تَعَالَى أَمَرَ بِقَتْلِ الْمُشْرِكِينَ، ثُمَّ قَالَ:{فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [التوبة: 5] فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ الْقَتْلُ عَنْهُمْ إلَّا بِهَذِهِ الثَّلَاثَةِ وَقَالَ «صلى الله عليه وسلم أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ فَقَدْ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَقَالَ «خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ فَمَنْ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَيَفْعَلُ النَّاسُ) قَالَ فِي الرَّوْضِ مِنْ زِيَادَتِهِ جُلُوسًا.

(فَصْلٌ فِي حُكْمِ تَارِكِ الصَّلَاةِ)(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُفَرِّطَ كَالْعَامِدِ وَيَنْبَغِي أَنَّ النَّوْمَ أَوْ النِّسْيَانَ مَعَ التَّفْرِيطِ كَالْعِلْمِ وَالتَّعَمُّدِ. (قَوْلُهُ: رَوَاهُ الشَّيْخَانِ) قَدْ يُقَالُ: إنَّمَا أَخَّرَهَا إلَى الْخُرُوجِ مِنْ الْوَادِي لِعُذْرِ أَنَّ بِهِ شَيْطَانًا.

(قَوْلُهُ: إلَّا بِهَذِهِ الثَّلَاثَةِ) تُرَدُّ الزَّكَاةُ

ــ

[حاشية الشربيني]

شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: تَرَكَا لَفْظَ الْمُدَوَّرِ) أَيْ: وَذَكَرَا مَا هُوَ بِمَعْنَاهُ وَهُوَ الْمُقَوَّرُ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَيَفْعَلُ النَّاسُ) أَيْ: جُلُوسًا شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وَقِرَاءَةُ آيَةٍ أَوْ آيَتَيْنِ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْرَأَ عَقِبَ دُعَائِهِ قَوْله تَعَالَى {قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا} [يونس: 89] وَقَوْلُهُ: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ} [الأنبياء: 84] وَقَوْلُهُ: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} [الأنبياء: 88] وَمَا أَشْبَهَهَا مِنْ الْآيَاتِ تَفَاؤُلًا بِالْإِجَابَةِ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ.

[فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ تَارِكِ الصَّلَاةِ]

(قَوْلُهُ: فَصْلٌ) الْأَنْسَبُ التَّعْبِيرُ بِالْبَابِ لِعَدَمِ دُخُولِهِ فِيمَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ فِي الْفَرْضِ؛ وَلِأَنَّهُ تَرْكٌ وَمَا قَبْلَهُ فِعْلٌ ق ل. (قَوْلُهُ: تَارِكِ الصَّلَاةِ) خَرَجَ غَيْرُهَا فَالزَّكَاةُ وَالْحَجُّ يُقَاتَلُ عَلَيْهِمَا وَالصَّوْمُ يُحْبَسُ وَيُمْنَعُ الْأَكْلُ حَتَّى يَصُومَ قَالَهُ شَيْخُنَا ق ل. (قَوْلُهُ: جَاحِدًا) الْجُحُودُ إنْكَارُ مَا اعْتَرَفَ بِهِ الْمُنْكِرُ فَخَرَجَ بِهِ الْجَاهِلُ لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَحْوُهُ كَنَشْئِهِ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: فَهَذَا مُرْتَدٌّ) أَيْ: إنْ لَمْ يُعْذَرْ بِجَهْلِهِ بِأَنْ كَانَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا بِحَيْثُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ كَوْنَهُ كَذَلِكَ صَيَّرَهُ فِي حُكْمِ الْعَالِمِ فَيَكُونُ مُرْتَدًّا، وَإِلَّا عُذِرَ بِجَهْلِهِ وَلَا يَكُونُ مُرْتَدًّا. اهـ. م ر وَعِ ش وَحَجَرٌ. (قَوْلُهُ: مِمَّا فُرِضَا) أَيْ: أَصَالَةً لَا بِنَذْرٍ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي أَوْجَبَهَا عَلَى نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ نِسْيَانٍ) أَيْ: مَا لَمْ يَنْشَأْ عَنْ تَقْصِيرٍ كَلَعِبٍ بِنَرْدٍ.

(قَوْلُهُ: فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ الْقَتْلُ عَنْهُمْ) وَالْقَتْلُ بَاقٍ عَلَى حَقِيقَتِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْكُفْرِ وَالصَّلَاةِ، وَمَحْمُولٌ عَلَى الْمُقَاتَلَةِ الْوَارِدَةِ فِي حَدِيثِ «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ» بِالنِّسْبَةِ لِلزَّكَاةِ لَإِمْكَانِ أَخْذِهَا بِهَا فَأُبْقِيَتْ عَلَى حَالِهَا فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ فَانْدَفَعَ مَا فِي الْحَاشِيَةِ. تَدَبَّرْ. وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ بَعْدَ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ قُتِلَ لِآيَةِ {فَإِنْ تَابُوا} [التوبة: 5] وَخَبَرِ «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ» فَإِنَّهُمَا شَرَطَا فِي الْكَفِّ عَنْ الْقَتْلِ وَالْمُقَاتَلَةِ الْإِسْلَامَ وَإِقَامَةَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ، لَكِنَّ الزَّكَاةَ يُمْكِنُ أَخْذُهَا لِلْإِمَامِ وَلَوْ بِالْمُقَاتَلَةِ مِمَّنْ امْتَنَعُوا مِنْهَا وَقَاتَلُونَا فَكَانَتْ فِيهَا عَلَى حَقِيقَتِهَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ فِعْلُهَا بِالْمُقَاتَلَةِ فَكَانَتْ فِيهَا بِمَعْنَى الْقَتْلِ، فَعُلِمَ وُضُوحُ الْفَرْقِ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَذَا الصَّوْمُ فَإِنَّهُ إذَا عُلِمَ أَنَّهُ يُحْبَسُ طُولَ النَّهَارِ نَوَاهُ فَأَجْدَى الْحَبْسُ فِيهِ وَلَا كَذَلِكَ الصَّلَاةُ فَتَعَيَّنَ الْقَتْلُ فِي

ص: 73

جَاءَ بِهِنَّ كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ إنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ فَلَوْ كَفَرَ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ الْمَشِيئَةِ.

وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ «بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ» فَمَحْمُولٌ عَلَى تَرْكِهَا جُحْدًا، أَوْ عَلَى التَّغْلِيظِ أَوْ الْمُرَادُ بَيْنَ مَا يُوجِبُهُ الْكُفْرُ مِنْ وُجُوبِ الْقَتْلِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ إخْرَاجُ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِ الْجَمْعِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُهَا فِي الْعُذْرِ فَكَانَ شُبْهَةً فِي الْقَتْلِ وَأَمَّا فِي تَرْكِ الْوُضُوءِ؛ فَلِأَنَّهُ تَرَكٌ لِلصَّلَاةِ، وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ حَتَّى يُخْرِجَهَا عَنْ وَقْتِهَا أَوْ وَقْتِ الْجَمْعِ وَالْأَوْجَهُ قَتْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْهَا عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَهَاوِنٌ بِالدِّينِ فَغَلُظَ عَلَيْهِ وَيُقَاسُ بِالْوُضُوءِ سَائِرُ الشُّرُوطِ وَصَرَّحَ فِي الْبَيَانِ بِبَعْضِهَا فَقَالَ: لَوْ صَلَّى عُرْيَانًا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى السُّتْرَةِ، أَوْ الْفَرِيضَةِ قَاعِدًا بِلَا عُذْرٍ قُتِلَ وَمَحَلُّهُ فِيمَا لَا خِلَافَ فِيهِ، أَوْ فِيهِ خِلَافٌ وَاهٍ فَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ لَوْ تَرَكَ فَاقِدًا لِطَهُورَيْنِ الصَّلَاةَ مُتَعَمِّدًا، أَوْ مَسَّ شَافِعِيٌّ الذَّكَرَ، أَوْ لَمَسَ الْمَرْأَةَ، أَوْ تَوَضَّأَ وَلَمْ يَنْوِ وَصَلَّى مُتَعَمِّدًا لَا يُقْتَلُ؛ لِأَنَّ جَوَازَ صَلَاتِهِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ

(لَا) إنْ تَرَكَ (الْجُمُعَةَ) وَصَلَّى الظُّهْرَ بِلَا عُذْرٍ فَلَا يُقْتَلُ كَالصَّوْمِ، بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ لَهَا بَدَلًا وَأَعْذَارُهَا كَثِيرَةٌ.

وَهَذَا مَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَأَقَرَّهُ وَجَزَمَ الشَّاشِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ بِقَتْلِهِ؛ لِتَرْكِهَا بِلَا قَضَاءٍ إذْ الظُّهْرُ لَيْسَ قَضَاءً عَنْهَا وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي تَحْقِيقِهِ: إنَّهُ الْأَقْوَى قَالَ السُّبْكِيُّ: وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ مُوَافَقَتُهُ عَلَى اعْتِبَارِ وَقْتِ الضَّرُورَةِ مَعَ أَنَّ تَأْخِيرَ الظُّهْرِ إلَى ذَلِكَ حَرَامٌ عَلَى غَيْرِ الْمَعْذُورِ؛ لِحُصُولِ مُعْظَمِ الْمَقْصُودِ مِنْ فِعْلِ الظُّهْرِ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ وَفِعْلُهَا لَا يَحْصُلُ بِهِ الْمَقْصُودُ مِنْ الْجُمُعَةِ وَقَدْ عُرِفَ بِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ قَضَاءَ مَا تَرَكَهُ عَمْدًا مِنْ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ وَاجِبٌ عَلَى الْفَوْرِ وَهُوَ كَذَلِكَ بِإِجْمَاعِ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ؛ وَلِأَنَّهُ مَقْتُولٌ بِتَرْكِهَا؛ وَلِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ بِهِ وَجَوَابُ قَوْلِهِ: وَإِنْ بِعَمْدِ قَوْلُهُ (اُسْتُتِيبَ، ثُمَّ) اُسْتُحِقَّ (الْقَتْلَا) ، كَمَا تَقَرَّرَ وَذِكْرُ الِاسْتِتَابَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَالْمُرَادُ، كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّهُ يُطَالَبُ بِأَدَائِهَا

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ) أَيْ: مِنْ غَيْرِ عَذَابٍ بِدَلِيلِ مُقَابِلِهِ أَيْ: إلَّا لِمُقْتَضٍ آخَرَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ) أَيْ: تَارِكَ الْوُضُوءِ لَا يُقْتَلُ إلَخْ اعْتَمَدَهُ م ر. (قَوْلُهُ: لَوْ تَرَكَ فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ الصَّلَاةَ مُتَعَمِّدًا إلَخْ) أَيْ: وَلَمْ يُقَلِّدْ الْقَائِلَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ بِذَلِكَ شُبْهَةٌ دَافِعَةٌ لِلْقَتْلِ، أَمَّا لَوْ قَلَّدَهُ حَيْثُ صَحَّ تَقْلِيدُهُ فَلَا يَتَخَيَّلُ عَاقِلٌ أَنَّهُ يُقْتَلُ، فَاحْفَظْ ذَلِكَ وَاحْذَرْ خِلَافَهُ.

(قَوْلُهُ: بِقَتْلِهِ) قَالَ النَّاشِرِيُّ: قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَلَا يَسْقُطُ الْقَتْلُ إلَّا بِالتَّوْبَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا قَضَاءَ لَهَا. اهـ. وَفِي فَتَاوَى الشَّارِحِ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِالْجُمُعَةِ إذَا ضَاقَ وَقْتُهَا عَنْهَا وَعَنْ الْخُطْبَةِ (قَوْلُهُ: بِقَتْلِهِ) اعْتَمَدَهُ م ر. (قَوْلُهُ: إنَّهُ الْأَقْوَى) الَّذِي فِي الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ أَنَّهُ قَوِيٌّ بِرّ

ــ

[حاشية الشربيني]

حَدِّهَا. اهـ. (قَوْلُهُ: لَا يَرْتَفِعُ الْقَتْلُ إلَخْ) أَيْ: الْقَتْلُ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ مِنْ الْمُقَاتَلَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ) اعْتَمَدَهُ م ر. (قَوْلُهُ: عَنْ وَقْتِهَا) أَيْ: إنْ لَمْ تُجْمَعْ أَوْ وَقْتَ الْجَمْعِ إنْ جُمِعَتْ. (قَوْلُهُ: سَائِرُ الشُّرُوطِ) مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ خِلَافٌ كَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ فَإِنَّ لِلْمَالِكِيَّةِ قَوْلًا قَوِيًّا مَشْهُورًا: إنَّ إزَالَتَهَا لِلصَّلَاةِ سُنَّةٌ. اهـ. تُحْفَةٌ.

(قَوْلُهُ: وَصَلَّى الظُّهْرَ) مِثْلُهُ مَا إذَا قَالَ: أُصَلِّيهَا ظُهْرًا، أَمَّا إذَا لَمْ يُصَلِّ وَلَمْ يَقُلْ ذَلِكَ فَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِعَدَمِ قَتْلِهِ بِالْجُمُعَةِ حَتَّى لَا يُقْتَلَ إلَّا إنْ أَخَّرَ الظُّهْرَ عَنْ وَقْتِ الضَّرُورَةِ بَلْ يُقْتَلُ بِمُجَرَّدِ ضِيقِ الْوَقْتِ اتِّفَاقًا. اهـ. شَيْخُنَا. اهـ. مَرْصَفِيٌّ. (قَوْلُهُ: بِقَتْلِهِ) أَيْ: إنْ لَمْ يَبْقَ مَا يَسَعُ الْخُطْبَةَ وَالْجُمُعَةَ وَأَصَرَّ عَلَى عَدَمِ فِعْلِهَا فَإِنْ تَابَ لَمْ يُقْتَلْ. اهـ. مِنْ هَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ وَمِثْلُهُ فِي فَتَاوَى الشَّارِحِ وَبِهِ قَالَ م ر سم. (قَوْلُهُ: بِقَتْلِهِ) أَيْ: إنْ لَمْ يَتُبْ فَإِنْ تَابَ وَقَالَ: أُصَلِّي الْجُمُعَةَ الْقَابِلَةَ لَكِنَّهُ لَمْ يُصَلِّ ظُهْرَ ذَلِكَ الْيَوْمِ أَفْتَى م ر بِأَنَّهُ يُقْتَلُ إنْ امْتَنَعَ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَأَنَّ مَحَلَّ امْتِنَاعِ الْقَتْلِ بِالْقَضَاءِ إنْ لَمْ يُهَدَّدْ بِهِ أَوْ بِأَصْلِهِ كَمَا هُنَا فَإِنَّ التَّهْدِيدَ عَلَى الْجُمُعَةِ تَهْدِيدٌ عَلَى تَرْكِ بَدَلِهَا لِقِيَامِهِ مَقَامَهَا. اهـ.

ع ش الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ وَقْتِ الْعَصْرِ فَحَرِّرْ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ: لِأَنَّ فِعْلَ الظُّهْرِ بَدَلَهَا كَفِعْلِ الصَّلَاةِ قَضَاءً. (قَوْلُهُ: وَقْتَ الضَّرُورَةِ) الْمُرَادُ بِهِ وَقْتُ الْعُذْرِ؛ لِأَنَّ وَقْتَ الضَّرُورَةِ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ. اهـ. ق ل. (قَوْلُهُ: بِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ: مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ نَوْمًا وَنِسْيَانًا قَضَى مُوَسَّعًا. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ مَقْتُولٌ بِتَرْكِهَا) يُفِيدُ أَنْ يُقْتَلَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُؤْمَرْ بِفِعْلِهَا عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ عَلَى الْفَوْرِ شَامِلٌ لِذَلِكَ وَبِهِ قَالَ م ر حَيْثُ قَالَ: يُقْتَلُ مَتَى قَالَ: تَعَمَّدْت تَرْكَهَا بِلَا عُذْرٍ لِتَحَقُّقِ التَّأْخِيرِ وَخَالَفَ حَجَرٌ فَقَالَ: لَا يُقْتَلُ إلَّا إذَا تُوُعِّدَ بِالْقَتْلِ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ وَاعْتَمَدَهُ ع ش. اهـ.

ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ مَا فِيهِ الْخِلَافُ هُوَ مَا إذَا قَالَ: تَعَمَّدْت تَرْكَهَا، وَالْكَلَامُ هُنَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ إلَخْ) إنَّمَا قَالَ: الْمُرَادُ؛ لِأَنَّ صَرِيحَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْقَتْلِ بَعْدَ الِاسْتِتَابَةِ وَهُوَ خِلَافُ الْمُرَادِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: أَنْ يُطَالَبَ بِأَدَائِهَا إلَخْ) وَلَا يُقَالُ: إنَّ الْمَقْضِيَّةَ لَا يُقْتَلُ بِهَا وَقَدْ قُلْتُمْ: لَا يُقْتَلُ إلَّا إنْ أَخْرَجَهَا عَنْ جَمِيعِ أَوْقَاتِهَا فَتَصِيرُ مَقْضِيَّةً؛ لِأَنَّ الْمَقْضِيَّةَ لَا يُقْتَلُ بِهَا إذَا لَمْ يَتَوَعَّدْ عَلَيْهَا فِي وَقْتِهَا. اهـ. جَمَلٌ. (قَوْلُهُ: إنَّهُ يُطَالَبُ وَيُتَوَعَّدُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْقَتْلِ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الطَّلَبِ وَالتَّوَعُّدِ وَمِثْلُهُ فِي هَذَا التَّعْبِيرِ م ر وَاقْتَصَرَ حَجَرٌ عَلَى التَّوَعُّدِ وَفِي الْجَمَلِ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَيْ: شَرْحِ الْمَنْهَجِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَمْرِ وَالتَّهْدِيدِ وَأَنَّهُ لَا يُقْتَلُ إلَّا بَعْدَ ذَلِكَ وَنَقَلَ شَيْخُنَا أَنَّهُ يَكْتَفِي بِالْأَمْرِ وَفِي كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ تَقْدِيمُ الطَّلَبِ

ص: 74

إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ وَيُتَوَعَّدُ بِالْقَتْلِ إنْ أَخْرَجَهَا عَنْهُ.

فَإِنْ أَصَرَّ وَأَخْرَجَهَا اسْتَحَقَّ الْقَتْلَ فَيُسْتَتَابُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَسْوَأَ مِنْ الْمُرْتَدِّ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ فَتَعْبِيرُ النَّوَوِيِّ بِأَنَّهُ يُقْتَلُ بِتَرْكِهَا إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ مَحْمُولٌ عَلَى مُقَدِّمَاتِ الْقَتْلِ وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ، بَلْ يُعَزَّرُ وَيُحْبَسُ حَتَّى يُصَلِّيَ كَتَرْكِ الصَّوْمِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَلِخَبَرِ «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: الثَّيِّبُ الزَّانِي وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ» ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِتَرْكِ الْقَضَاءِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْقِيَاسَ مَتْرُوكٌ بِالنُّصُوصِ وَالْخَبَرُ عَامٌّ مَخْصُوصٌ بِمَا ذَكَرْنَا وَقَتْلُهُ خَارِجَ الْوَقْتِ إنَّمَا هُوَ لِلتَّرْكِ بِلَا عُذْرٍ عَلَى أَنَّا نَمْنَعُ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ لِتَرْكِ الْقَضَاءِ مُطْلَقًا، كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَالْمَجْمُوعِ أَنَّ اسْتِتَابَتَهُ وَاجِبَةٌ كَالْمُرْتَدِّ لَكِنْ صَحَّحَ فِي التَّحْقِيقِ نَدْبَهَا وَعَلَيْهِ فَرَّقَ فِي الْمُهِمَّاتِ بِأَنَّ الرِّدَّةَ تُخَلِّدُ فِي النَّارِ فَوَجَبَ إنْقَاذُهُ مِنْهَا بِخِلَافِ تَرْكِ الصَّلَاةِ وَتَكْفِي اسْتِتَابَتُهُ فِي الْحَالِ لِأَنَّ تَأْخِيرَهَا يُفَوِّتُ صَلَوَاتٍ وَقِيلَ: يُمْهَلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَالْقَوْلَانِ فِي النَّدْبِ وَقِيلَ: فِي الْوُجُوبِ وَذَكَرَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَوْ قَتَلَهُ فِي مُدَّةِ الِاسْتِتَابَةِ إنْسَانٌ أَثِمَ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَقَاتِلِ الْمُرْتَدِّ وَأَنَّهُ لَوْ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: فَإِنْ تَابَ) أَيْ: بِأَنْ أَتَى بِتِلْكَ الصَّلَاةِ الْمَتْرُوكَةِ لَكِنْ هَذَا لَا يَكْفِي فِي الْجُمُعَةِ فَقَدْ قَالَ النَّاشِرِيُّ: فِيهَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَلَا يَسْقُطُ الْقَتْلُ إلَّا بِالتَّوْبَةِ؛ لِأَنَّ لَا قَضَاءَ لَهَا. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ) أَيْ: فَإِنَّهُ يُفْعَلُ بِهِ ذَلِكَ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ الزَّكَاةُ قَهْرًا بِرّ. (قَوْلُهُ: كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي) فِيهِ إشَارَةٌ لِقَوْلِهِ الْآتِي: وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ: تَرَكْتُهَا بِلَا عُذْرٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فِي التَّحْقِيقِ نَدْبُهَا) قَدْ يُشْكِلُ النَّدْبُ بِأَنَّ الِاسْتِتَابَةَ أَمْرٌ بِمَعْرُوفٍ وَهُوَ وَاجِبٌ. (قَوْلُهُ: وَالْقَوْلَانِ فِي النَّدْبِ) وَقِيلَ: فِي الْوُجُوبِ قَالَ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ عَقِبَ هَذَا: وَالْمَعْنَى أَنَّ الِاسْتِتَابَةَ فِي الْحَالِ أَوْ بَعْدَ الثَّلَاثِ مُسْتَحَبَّةٌ وَقِيلَ: وَاجِبَةٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: فِي مُدَّةِ الِاسْتِتَابَةِ) ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِمُدَّةِ الِاسْتِتَابَةِ وَقْتُ الِاسْتِتَابَةِ وَمُطَالَبَتُهُ بِفِعْلِهَا مِنْ الْحَالِ أَوْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ عَلَى الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ لَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ عَنْ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ، فَإِنْ أَصَرَّ وَأَخْرَجَهَا اسْتَحَقَّ الْقَتْلَ فَيُسْتَتَابُ أَنَّهُ لَوْ قَتَلَهُ إنْسَانٌ قَبْلَ الِاسْتِتَابَةِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ أَيْضًا إذَا كَانَ بَعْدَ إخْرَاجِهَا وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِمُدَّةِ الِاسْتِتَابَةِ مِنْ حِينِ إخْرَاجِهَا إلَى قَتْلِهِ فَيَشْمَلُ مَا قَبْلَ الِاسْتِتَابَةِ

ــ

[حاشية الشربيني]

لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي الْقَتْلِ بِلَا خِلَافٍ بَلْ مَتَى اعْتَرَفَ بِتَعَمُّدِ إخْرَاجِهَا عَنْ وَقْتِهَا اسْتَحَقَّ الْقَتْلَ وَإِنَّمَا اشْتَرَطُوا الْمُطَالَبَةَ لِلِاطِّلَاعِ عَلَى مُرَادِهِ بِالتَّأْخِيرِ وَلِيَعْرِفَ مَشْرُوعِيَّةَ الْقَتْلِ فَإِنَّهُ قَدْ لَا يَعْرِفُ اهـ.

وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَالتَّوَعُّدُ بِالْقَتْلِ إنْ لَمْ يَفْعَلْ كَالْآمِرِ وَلَا يَحْتَاجُ لِجَمْعِهِمَا خِلَافًا لِمَا فِي الْمَنْهَجِ. اهـ. وَاعْتَمَدَ ع ش أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي قَتْلِهِ مِنْ تَقَدُّمِ الطَّلَبِ فِي الْوَقْتِ كَمَا قَالَهُ حَجَرٌ خِلَافًا لِمَرِّ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَيْضًا إنَّهُ يُطَالَبُ إلَخْ) هَلْ الْمُرَادُ بِوَقْتِ الْمُطَالَبَةِ وَالتَّوَعُّدِ الْوَقْتُ الْأَصْلِيُّ أَوْ مَا يَشْمَلُ وَقْتَ الضَّرُورَةِ؟ وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ الْوَقْتِ هُوَ الْأَصْلِيُّ فَالْمُطَالَبَةُ وَالتَّوَعُّدُ فِيهِ ثُمَّ إذَا أَخْرَجَهَا عَنْهُ لَا يُقْتَلُ حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُ الضَّرُورَةِ. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَهَذَا الْمُتَبَادَرُ هُوَ الظَّاهِرُ إذْ تَأْخِيرُ قَتْلِهِ عَنْ وَقْتِ الضَّرُورَةِ إنَّمَا هُوَ لِلشُّبْهَةِ وَأَصْلُ التَّعَدِّي إنَّمَا هُوَ بِإِخْرَاجِهَا عَنْ وَقْتِهَا الْأَصْلِيِّ وَلِذَلِكَ أَمَرَ بِفِعْلِهَا فِيهِ وَتَوَعَّدَ عَلَى إخْرَاجِهَا عَنْهُ لَا عَلَى إخْرَاجِهَا عَنْ وَقْتِ الضَّرُورَةِ فَتَدَبَّرْ ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ تَكْفِي الِاسْتِتَابَةُ وَلَوْ كَانَ الْبَاقِي مِنْ الْوَقْتِ الْأَصْلِيِّ مَا يَسَعُ رَكْعَةً. اهـ.

سم عَلَى حَجَرٍ الظَّاهِرُ إبْدَالُ الِاسْتِتَابَةِ بِالتَّوَعُّدِ وَمَعَ ذَلِكَ هُوَ ضَعِيفٌ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَبَقَ. (قَوْلُهُ: إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ) مُتَعَلِّقٌ بِأَدَائِهَا فَتَكْفِي الْمُطَالَبَةُ وَلَوْ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ إلَى أَنْ يَبْقَى بَعْدَ الْأَمْرِ مَا يَسَعُهَا وَطُهْرَهَا. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ لَكِنْ يُخَالِفُهُ قَوْلُ م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَفِي وَقْتِ الْأَمْرِ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا إذَا بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ زَمَنٌ يَسَعُ مِقْدَارَ الْفَرِيضَةِ وَالطَّهَارَةِ وَالثَّانِي إذَا بَقِيَ زَمَنٌ يَسَعُ رَكْعَةً اهـ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ فِي آخِرِهِ لَا فِي أَوَّلِهِ فَلْيُحَرَّرْ وَجَزَمَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ بِمَا قَالَهُ الْبِرْمَاوِيُّ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَابَ، وَإِلَّا قُتِلَ) يُفِيدُ أَنَّ هَذَا الْقَتْلَ لَا يُضَاهِي الْحُدُودَ الَّتِي وُضِعَتْ عُقُوبَةً عَلَى مَعْصِيَةٍ سَابِقَةٍ بَلْ هُوَ حَمْلٌ عَلَى مَا تَوَجَّهَ عَلَيْهِ مِنْ الْحَقِّ فَلِذَا أُسْقِطَ بِالتَّوْبَةِ. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ.

(قَوْلُهُ: مَحْمُولٌ إلَخْ)، وَإِلَّا فَهُوَ لَا يُقْتَلُ إلَّا إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ سَوَاءٌ الْوَقْتُ الْحَقِيقِيُّ أَوْ وَقْتُ الْعُذْرِ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: لِلتَّرْكِ بِلَا عُذْرٍ) أَيْ: لَا لِتَرْكِ الْقَضَاءِ. (قَوْلُهُ: تَرْكُ الْقَضَاءِ مُطْلَقًا) بَلْ إنْ لَمْ يَقُلْ تَرَكْتُهَا بِلَا عُذْرٍ وَفِيهِ أَنَّ الْقَتْلَ فِيمَا ذُكِرَ لَيْسَ بِتَرْكِ الْقَضَاءِ بَلْ بِإِخْرَاجِ الْمُؤَدَّاةِ إلَّا إنْ اُعْتُبِرَ قَوْلُهُ: وَلَا أُرِيدُ فِعْلَهَا قَيْدًا لَا بُدَّ مِنْهُ لَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ عَلَى الْمَذْهَبِ نَعَمْ إنْ رُوعِيَ فِي الْمَنْعِ مُقَابِلَ الْمَذْهَبِ صَحَّ وَكَفَى. تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: إنَّ اسْتِتَابَتَهُ وَاجِبَةٌ) هَذَا هُوَ الْوَجْهُ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى الْإِمَامِ وَالْآحَادِ، فَيَنْبَغِي وُجُوبُ الِاسْتِتَابَةِ عَلَى الْجَمِيعِ وَإِنْ كَانَ فِي حَقِّ الْإِمَامِ آكَدُ وَيَنْبَغِي حَمْلُ الْقَوْلِ بِنَدْبِهَا عَلَى أَنَّهُ مِنْ حَيْثُ جَوَازُ الْقَتْلِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ جَوَازُ الْقَتْلِ عَلَيْهَا فَلَا يُنَافِي وُجُوبَهَا مِنْ حَيْثُ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ، فَلْيُتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ لَا يَنْبَغِي الْخُرُوجُ عَنْهُ. اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ.

(قَوْلُهُ: وَتَكْفِي اسْتِتَابَتُهُ فِي الْحَالِ) أَيْ: لَا يَجِبُ فِيهَا التَّأْخِيرُ كَمَا فِي الْقَوْلِ الْمُقَابِلِ وَإِنْ كَانَتْ وَاجِبَةً فِي الْحَالِ عَلَى قَوْلِ الْوُجُوبِ. تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فِي الْحَالِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَالِاسْتِحْبَابِ. اهـ. ق ل. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ قَتَلَهُ فِي مُدَّةِ الِاسْتِتَابَةِ إلَخْ) أَيْ: وَلَمْ يَقُلْ حِينَ الِاسْتِتَابَةِ: أَفْعَلُهَا، وَإِلَّا قُتِلَ بِهِ كَمَا أَجَابَ بِهِ م ر. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: فِي مُدَّةِ الِاسْتِتَابَةِ) مِثْلُهُ قَبْلَهَا بَعْدَ أَمْرِ الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ: أَثِمَ وَلَا ضَمَانَ) أَيْ: لِلِافْتِيَاتِ عَلَى الْإِمَامِ إنْ قُلْنَا: إنَّ

ص: 75

جُنَّ أَوْ سَكِرَ قَبْلَ فِعْلِ الصَّلَاةِ لَمْ يُقْتَلْ فَإِنْ قُتِلَ وَجَبَ الْقَوَدُ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْمُرْتَدِّ لَا قَوَدَ عَلَى قَاتِلِهِ؛ لِقِيَامِ الْكُفْرِ وَأَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِتَرْكِ الْمَنْذُورَةِ.

وَأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ الْإِمَامُ قَتْلَهُ فَقَالَ: صَلَّيْت فِي بَيْتِي تَرَكَهُ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ عَلَى صَلَاتِهِ وَأَنَّهُ لَوْ تَرَكَ الصَّلَاةَ وَقَالَ: تَرَكْتُهَا نَاسِيًا أَوْ لِلْبَرْدِ، أَوْ لِعَدَمِ الْمَاءِ أَوْ لِنَجَاسَةٍ كَانَتْ عَلَيَّ وَنَحْوَهَا مِنْ الْأَعْذَارِ صَحِيحَةً كَانَتْ الْأَعْذَارُ، أَوْ بَاطِلَةً يُقَالُ لَهُ: صَلِّ فَإِنْ امْتَنَعَ لَمْ يُقْتَلْ عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ تَعَمُّدَهُ تَأْخِيرَهَا عَنْ الْوَقْتِ وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ: تَرَكْتهَا بِلَا عُذْرٍ وَلَا أُرِيدُ فِعْلَهَا قُتِلَ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَقُلْ: وَلَا أُرِيدُ فِعْلَهَا عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِتَحَقُّقِ جِنَايَتِهِ وَهَذَا مَفْهُومٌ مِنْ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ وُجُوبِ الْقَوَدِ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ فِي جُنُونِهِ، أَوْ سُكْرِهِ كَأَنَّهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ قَدْ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ الْقَتْلُ وَعَانَدَ بِالتَّرْكِ وَبِكُلِّ حَالٍ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الِاسْتِتَابَةَ وَاجِبَةٌ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: فَإِنْ قُتِلَ وَجَبَ الْقَوَدُ) هَلْ كَذَلِكَ مَا لَوْ قُتِلَ بِدُونِ تَوَعُّدِهِ فِي الْوَقْتِ فَيَجِبُ الْقَوَدُ أَوْ تَجِبُ الدِّيَةُ وَيُعَزَّرُ، وَلَعَلَّ الْوَجْهَ وُجُوبُ الْقَوَدِ لِعَدَمِ تَوَجُّهِ الْقَتْلِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَجَبَ الْقَوَدُ) سَيَأْتِي مَا فِيهِ. (قَوْلُهُ: بِتَرْكِ الْمَنْذُورَةِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِلشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ. (قَوْلُهُ: فَقَالَ صَلَّيْت فِي بَيْتِي إلَخْ) عِبَارَةُ الْعُبَابِ لَا إنْ قَالَ: صَلَّيْتُ فِي بَيْتِي وَأَمْكَنَ أَوْ سَأُصَلِّيهَا. اهـ. وَقَوْلُهُ: أَوْ سَأُصَلِّيهَا أَيْ: كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ وَغَيْرِهَا. (قَوْلُهُ: يُقَالُ لَهُ) أَيْ: وُجُوبًا فِي الْعُذْرِ الْبَاطِلِ وَنَدْبًا فِي الصَّحِيحِ فِيمَا يَظْهَرُ قَالَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّهُ لَوْ قَالَ إلَى قَوْلِهِ: قُتِلَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ أُمِرَ بِهَا عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ اشْتِرَاطَ الْأَمْرِ بِهَا عِنْدَ الضِّيقِ لِيَتَحَقَّقَ خِيَانَتَهُ، وَهَذَا تَحَقَّقَتْ خِيَانَتُهُ بِاعْتِرَافِهِ وَيَحْتَمِلُ تَقْيِيدَهُ بِمَا إذَا كَانَ أُمِرَ بِهَا عِنْدَ الضِّيقِ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْوَجْهُ الْمُوَافِقُ لِظَاهِرِ عِبَارَةِ الْمَجْمُوعِ وَلِلْمَعْنَى وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ حَيْثُ اشْتَرَطْنَا - فِي غَيْرِ ذَلِكَ - أَمْرَهُ وَتَهْدِيدَهُ فِي الْوَقْتِ لَا فَرْقَ بَيْنَ صُدُورِهِمَا مِنْ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ أَوْ مِنْ الْآحَادِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّهُ لَوْ قَالَ إلَخْ) هَذَا مَا وَعَدَهُ آنِفًا بِرّ. (قَوْلُهُ: فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ قَدْ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ الْقَتْلُ) أَيْ: أَمَّا إذَا كَانَ قَدْ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ الْقَتْلُ فَلَا وَجْهَ لِضَمَانِهِ مُطْلَقًا فَضْلًا عَنْ وُجُوبِ الْقَوَدِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُهْدَرًا فَلْيُتَأَمَّلْ

ــ

[حاشية الشربيني]

وُجُوبُ الِاسْتِتَابَةِ وَالْإِمْهَالِ لَيْسَ وُجُوبَ الشُّرُوطِ فَإِنْ قُلْنَا: إنَّ وُجُوبَهَا وُجُوبُ الشُّرُوطِ فَلَا يَنْبَغِي إلَّا الضَّمَانُ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ النَّدْبِ فَلَيْسَ إلَّا الْإِثْمُ لِلِافْتِيَاتِ كَذَا قَرَّرَهُ الْقُوَيْسَنِيُّ وَالْمَرْصَفِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْإِثْمَ يَكُونُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى لِتَفْوِيتِ الْوَاجِبِ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ: أَثِمَ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ قُلْنَا بِوُجُوبِ الِاسْتِتَابَةِ وَالْإِمْهَالِ، وَهُوَ مُشْكِلٌ مَعَ الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الْإِمْهَالِ وَفِي ح ل عَلَى الْمَنْهَجِ أَنَّهُ لَوْ قَتَلَهُ إنْسَانٌ فِي مُدَّةِ الِاسْتِتَابَةِ أَوْ قَبْلَهَا وَقُلْنَا بِوُجُوبِ ذَلِكَ فَلَا يَنْبَغِي إلَّا الضَّمَانُ. اهـ. أَيْ إنْ قُلْنَا: إنَّ ذَلِكَ وَجَبَ وُجُوبَ الشُّرُوطِ لَكِنْ يُخَالِفُهُ كَلَامُ سم السَّابِقُ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: فَقَالَ: صَلَّيْتُ) وَإِنْ تَحَقَّقْنَا كَذِبَهُ لِاحْتِمَالِ طُرُوُّ حَالَةٍ تُجَوِّزُ الصَّلَاةَ بِالْإِيمَاءِ. اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ: صَحِيحَةً إلَخْ) وَإِنْ ظُنَّ كَذِبُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا عُلِمَ. اهـ. بَعْضُ الْحَوَاشِي. (قَوْلُهُ: صَحِيحَةً كَانَتْ الْأَعْذَارُ) كَالنِّسْيَانِ وَقَوْلُهُ: أَوْ بَاطِلَةً كَالتَّرْكِ لِلْبَرْدِ أَوْ عَدَمِ الْمَاءِ أَوْ النَّجَاسَةِ شَرْحُ الرَّوْضِ.

(قَوْلُهُ: تَعَمُّدُهُ تَأْخِيرَهَا إلَخْ) أَيْ: بِغَيْرِ عُذْرٍ شَرْحُ الرَّوْضِ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: وَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ نَأْمُرَهُ بِهَا بَعْدَ ذِكْرِ الْعُذْرِ وُجُوبًا فِي الْعُذْرِ الْبَاطِلِ وَنَدْبًا فِي الصَّحِيحِ فِيمَا يَظْهَرُ بِأَنْ نَقُولَ لَهُ: صَلِّ فَإِنْ امْتَنَعَ لَمْ يُقْتَلْ لِذَلِكَ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّهُ لَوْ قَالَ: تَرَكْتُهَا بِلَا عُذْرٍ إلَخْ) أَيْ: وَلَمْ يُؤْمَرْ أَوْ يُتَوَعَّدْ عَلَيْهَا قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِهَا، وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ حِينَئِذٍ لِقَوْلِهِ: تَرَكَهَا بِلَا عُذْرٍ وَلَا خِلَافَ فِي قَتْلِهِ بَيْنَ الْمَذْهَبِ وَمُقَابِلِهِ بَلْ لَا حَاجَةَ لِذِكْرِهَا؛ لِأَنَّهَا مَوْضُوعُ الْبَابِ فَقَوْلُ م ر فِيهَا: يُقْتَلُ وَإِنْ لَمْ يُطْلَبْ مِنْهُ فِعْلُهَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِصَرِيحِ هَذِهِ الْعِبَارَةِ، وَكَوْنُهُ ضَعِيفًا أَوْ قَوِيًّا شَيْءٌ آخَرُ، فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: قُتِلَ) أَيْ: إنْ طُلِبَ مِنْهُ فِعْلُهَا فِي الْوَقْتِ كَمَا قَالَهُ حَجَرٌ وَاعْتَمَدَهُ ع ش وَقَالَ م ر: يُقْتَلُ وَإِنْ لَمْ يُطْلَبْ مِنْهُ فِعْلُهَا فِي الْوَقْتِ لِتَحَقُّقِ جِنَايَتِهِ. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ بِزِيَادَةٍ.

(قَوْلُهُ: فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ إلَخْ) بِأَنْ لَمْ يَتَوَجَّهْ عَلَيْهِ الْقَتْلُ أَصْلًا أَوْ تَوَجَّهَ وَلَمْ يُعَانَدُ بِأَنْ صَلَّى بِالْفِعْلِ الصَّلَاةَ الْمَتْرُوكَةَ فَإِنَّ تَوْبَتَهُ إنَّمَا تَحْصُلُ بِفِعْلِهَا عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَوْ وَعَدَ بِفِعْلِهَا كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الْعُبَابِ. اهـ. جَمَلٌ فَمَتَى لَمْ يَفْعَلْ وَلَمْ يَقُلْ يُقَالُ: إنَّهُ عَانَدَ بِالتَّرْكِ. (قَوْلُهُ: وَعَانَدَ إلَخْ) احْتِرَازٌ عَمَّا إذَا قَالَ: أُصَلِّي بَعْدَ. (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَعَانَدَ) يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا تَوَجَّهَ عَلَيْهِ الْقَتْلُ وَلَمْ يُعَانِدْ بِأَنْ لَمْ يُسْتَتَبْ أَصْلًا أَوْ أُمْهِلَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَقُتِلَ فِيهَا يُقْتَلُ قَاتِلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِتَوَجُّهِ الْقَتْلِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَبِكُلِّ حَالٍ فِيهِ دَلَالَةٌ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْقَوَدِ إنَّمَا هُوَ لِعَدَمِ اسْتِتَابَتِهِ فَيُفِيدُ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ وُجُوبَ الشُّرُوطِ وَهَذَا يُنَافِي قَوْلَهُ سَابِقًا فَإِنْ أَصَرَّ وَأَخْرَجَهَا اسْتَحَقَّ الْقَتْلَ فَيُسْتَتَابُ؛ لِأَنَّهُ مَعَ اسْتِحْقَاقِ الْقَتْلِ قَبْلَ الِاسْتِتَابَةِ لَا وَجْهَ لِوُجُوبِهَا فِي اسْتِحْقَاقِهِ وَالْوَجْهُ حَمْلُ مَا هُنَا عَلَى مَا إذَا جُنَّ أَوْ سَكِرَ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِ الضَّرُورَةِ فَلْيُحَرَّرْ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَإِنَّمَا يُقْتَلُ بَعْدَ اسْتِتَابَتِهِ وَعَبَّارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: ثُمَّ يُضْرَبُ عُنُقُهُ أَيْ: مِنْ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ فِي ذَلِكَ لَا غَيْرِهِمَا وَلَوْ مِنْ أَهْلِ السَّطْوَةِ فَإِنْ قَتَلَهُ غَيْرُهُمَا بَعْدَ الْأَمْرِ وَلَوْ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ وَلَيْسَ مِثْلُهُ لَمْ يُقْتَلْ بِهِ إلَّا إنْ قَتَلَهُ فِي حَالَةِ جُنُونِهِ أَوْ سُكْرِهِ اهـ.

وَهُوَ زَائِدُ الْإِشْكَالِ وَقَدْ أَشَارَ سم فِي حَاشِيَةِ التُّحْفَةِ إلَى عَدَمِ اسْتِقَامَةِ قَوْلِ الشَّارِحِ هُنَا وَبِكُلِّ حَالٍ فِيهِ دَلَالَةٌ إلَخْ حَيْثُ نَقَلَهُ، ثُمَّ قَالَ وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ فِي مُدَّةِ الِاسْتِتَابَةِ ظَاهِرُهُ عَدَمُ الضَّمَانِ وَإِنْ قُلْنَا بِوُجُوبِ التَّوْبَة الَّذِي هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ كَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ الْقَتْلَ فَهُوَ مُهْدَرٌ بِالنِّسْبَةِ لِقَاتِلِهِ الَّذِي لَيْسَ هُوَ مِثْلُهُ. اهـ.

ص: 76