المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

كَالدِّيبَاجِ الْمُنَقَّشِ رُؤْيَةُ وَجْهَيْهِ، وَكَذَا الْبِسَاطُ، وَفِي الثَّوْبِ الرَّقِيقِ كَالْكِرْبَاسِ - الغرر البهية في شرح البهجة الوردية - جـ ٢

[زكريا الأنصاري]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ الْجُمُعَةِ)

- ‌[شُرُوطُ صِحَّةِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[ضَابِطُ النَّاسِ فِي الْجُمُعَةِ سِتَّةُ أَقْسَامٍ]

- ‌[شُرُوطِ لُزُومِ الْجُمُعَةَ]

- ‌[آدَابُ الْجُمُعَةَ]

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ)

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْعِيدِ)

- ‌[خَاتِمَةٌ لُبْسُ الثِّيَابِ الْخَشِنَةِ لِغَيْرِ غَرَضٍ شَرْعِيٍّ]

- ‌[فَرْعٌ الْخُطَبُ الْمَشْرُوعَةُ عَشْرُ خُطَبٍ]

- ‌(تَنْبِيهٌ) إذَا رَأَى شَيْئًا مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْخُسُوفِ)

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ حُكْمِ (تَارِكِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بَابُ الْجَنَائِزِ)

- ‌[فَرْعٌ لَوْ مَاتَ أَقَارِبُهُ دُفْعَةً قُدِّمَ فِي التَّكْفِينِ وَغَيْرِهِ مِنْ يُسْرِعُ فَسَادُهُ]

- ‌[فَائِدَةٌ فِي سَبَبِ تَسْمِيَةِ مَنْ قُتِلَ قَبْلُ فِي حَرْبِ الْكُفَّارِ شَهِيدًا]

- ‌[فَرَعٌ حَضَرَ مَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَى الْمَيِّتِ]

- ‌(بَابُ الزَّكَاةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ زَكَاةِ (الْفِطْرَةِ)

- ‌(بَابُ الصِّيَامِ)

- ‌(بَابُ الِاعْتِكَافِ)

- ‌[أَرْكَانُهُ الِاعْتِكَافُ]

- ‌(بَابُ الْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ)

- ‌(بَابُ الْبَيْعِ)

- ‌(بَابُ الرِّبَا)

- ‌(فَصْلٌ فِي الْخِيَارِ)

- ‌[أَسْبَابُ الْخِيَارِ]

الفصل: كَالدِّيبَاجِ الْمُنَقَّشِ رُؤْيَةُ وَجْهَيْهِ، وَكَذَا الْبِسَاطُ، وَفِي الثَّوْبِ الرَّقِيقِ كَالْكِرْبَاسِ

كَالدِّيبَاجِ الْمُنَقَّشِ رُؤْيَةُ وَجْهَيْهِ، وَكَذَا الْبِسَاطُ، وَفِي الثَّوْبِ الرَّقِيقِ كَالْكِرْبَاسِ رُؤْيَةُ أَحَدِ وَجْهَيْهِ، وَفِي الْكُتُبِ، وَالْوَرَقِ الْبَيَاضُ، وَالْمُصْحَفِ رُؤْيَةُ جَمِيعِ الْأَوْرَاقِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْعَبَّادِيُّ: وَالْفُقَّاعُ يُفْتَحُ رَأْسُهُ فَيُنْظَرُ فِيهِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ، وَأَطْلَقَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ الْمُسَامَحَةَ بِهِ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي رَوْضَتِهِ، وَغَيْرِهَا وَزَادَ فِي فَتَاوِيهِ فَقَالَ: إنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ أَيْضًا لِمَشَقَّةِ رُؤْيَتِهِ وَلِأَنَّ بَقَاءَهُ فِي الْكُوزِ مِنْ مَصْلَحَتِهِ، وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الشَّاةِ الْمُذَكَّاةِ قَبْلَ سَلْخِهَا، وَلَا بَيْعَ جِلْدِهَا وَحْدَهُ، وَلَا بَيْعُ لَحْمِهَا كَذَلِكَ لِانْتِفَاءِ الرُّؤْيَةِ الْمُعْتَبَرَةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ مَسْمُوطَةً يَصِحُّ بَيْعُهَا؛ لِأَنَّ جَمِيعَهَا مَأْكُولٌ (أَوْ آجَرَ نَفْسَهُ، أَوْ اشْتَرَى) نَفْسَهُ فَيَصِحُّ، وَإِنْ لَمْ يَرَهَا بِأَنْ يَكُونَ أَعْمَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَجْهَلُهَا بَلْ الْبَصِيرُ لَا يَرَى بَعْضَ نَفْسِهِ (فَلَوْ بَانَ) التَّغَيُّرُ (بِمَا) أَيْ: فِيمَا (لَا يَغْلِبُ التَّغَيُّرُ فِي مِثْلِهِ) مِمَّا اشْتَرَاهُ مُعْتَمِدًا عَلَى رُؤْيَتِهِ السَّابِقَةِ، وَلَوْ بَانَ التَّغَيُّرُ (بِقَوْلِهِ) بِيَمِينِهِ (يُخَيَّرُ) بَيْنَ الْفَسْخِ، وَالْإِمْضَاءِ؛ لِأَنَّ الرُّؤْيَةَ السَّابِقَةَ كَالشَّرْطِ فِي الصِّفَاتِ الْكَائِنَةِ عِنْدَ الرُّؤْيَةِ فَإِذَا بَانَ فَوْتُ شَيْءٍ مِنْهَا كَانَ بِمَثَابَةِ الْخُلْفِ فِي الشَّرْطِ. وَاكْتَفَى بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَدَّعِي عَلَيْهِ عِلْمَهُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَرِضَاهُ بِهَا، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ كَدَعْوَى عِلْمِهِ لِعَيْبٍ، وَقَدْ عُلِمَ بِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ شُرُوطَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ غَيْرِ الرِّبَوِيِّ سِتَّةٌ: نَفْعُهُ، وَطَهَارَتُهُ، أَوْ إمْكَانُهَا، وَقُدْرَةُ تَسْلِيمِهِ، وَالْوِلَايَةُ عَلَيْهِ، وَالْعِلْمُ بِهِ وَرُؤْيَتُهُ. وَجَرَى عَلَى جَعْلِهَا سِتَّةً الْبَارِزِيُّ قَالَ الشَّارِحُ: وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ اشْتِرَاطَ الرُّؤْيَةِ دَاخِلٌ فِي اشْتِرَاطِ الْعِلْمِ فَإِنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِدُونِ رُؤْيَةٍ، وَلَوْ وَصَفَ فَوَرَاءَ الْوَصْفِ أُمُورٌ تَضِيقُ عَنْهَا الْعِبَارَةُ أَيْ: فَتَكُونُ الشُّرُوطُ خَمْسَةً كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ، وَغَيْرِهِ وَأُورِدَ عَلَى حَصْرِهَا فِي الْخَمْسَةِ، أَوْ السِّتَّةِ أَنَّهَا مَوْجُودَةٌ فِي حَرِيمِ الْمِلْكِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَحْدَهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ إحْدَاثُ حَرِيمٍ لِلْمِلْكِ فَالْوَجْهُ الصِّحَّةُ وَإِلَّا فَالْمَنْعُ رَاجِعٌ إلَى عَدَمِ قُدْرَةِ تَسْلِيمِهِ كَبَيْعِ بَعْضِ مُعَيَّنٍ مِنْ ثَوْبٍ يَنْقُصُ بِالْقَطْعِ

(بَابُ الرِّبَا)

(وَفِي طَعَامَيْنِ وَجَوْهَرَيْ ثَمَنٍ) هَذَا بَابُ الرِّبَا، وَهُوَ لُغَةً: الزِّيَادَةُ وَشَرْعًا عَقْدٌ عَلَى عِوَضٍ مَخْصُوصٍ غَيْرِ مَعْلُومِ التَّمَاثُلِ فِي مِعْيَارِ الشَّرْعِ حَالَةَ الْعَقْدِ أَوْ مَعَ تَأْخِيرٍ فِي الْبَدَلَيْنِ، أَوْ أَحَدِهِمَا، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعِ: رِبَا الْفَضْلِ، وَهُوَ زِيَادَةُ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ عَلَى الْآخَرِ، وَرِبَا الْيَدِ وَهُوَ الْبَيْعُ مَعَ تَأْخِيرِ قَبْضِ أَحَدِهِمَا وَرِبَا النَّسَاءِ، وَهُوَ الْبَيْعُ لِأَجَلٍ وَكُلٌّ مِنْهَا حَرَامٌ، وَالْأَصْلُ فِي تَحْرِيمِهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275] وَقَوْلُهُ {وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا} [البقرة: 278] وَخَبَرُ مُسْلِمٍ «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَهُ» وَتَقْرِيرُ كَلَامِ النَّاظِمِ إنَّمَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ فِي غَيْرِ طَعَامَيْنِ وَجَوْهَرِيِّ الثَّمَنِ بِمَا مَرَّ فَقَطْ، وَفِي طَعَامَيْنِ وَجَوْهَرِيِّ الثَّمَنِ بِمَا مَرَّ (مَعَ الْحُلُولِ وَتَقَابُضٍ لَدُنْ) بِفَتْحِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: فَيُنْظَرُ فِيهِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ) هَلْ يَأْتِي عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ فِي الْحَاشِيَةِ السَّابِقَةِ بِأَعْلَى الْهَامِشِ حَتَّى لَوْ عَلِمَ اخْتِلَافَ أَجْزَاءِ الظَّرْفِ لَمْ يَصِحَّ الْإِتْيَانُ وَهَلْ يَأْتِي أَيْضًا عَلَى كَلَامِ الْغَزَالِيِّ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ جِهَةِ الْقَدْرِ وَإِنَّمَا سَامَحَ بِالرُّؤْيَةِ، أَوْ يُسَامِحُ بِذَلِكَ أَيْضًا؟ فِيهِ نَظَرٌ.

(قَوْلُهُ: أَوْ أَجَرَ) يَنْبَغِي عَطْفُهُ عَلَى؛ نَظَرًا تَأَمَّلْهُ. (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ إلَخْ) كَذَلِكَ يَصِحُّ أَنْ يُكَاتِبَ نَفْسَهُ وَعَبْدَهُ، وَسَبَقَ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ وَإِجَارَتُهُ لِمَا رَآهُ قَبْلَ الْعَمَى وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا صِحَّةُ عِتْقِ مَنْ لَمْ يَرَهُ، وَكَذَا وَقْفُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَنْتَقِلُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى نَاشِرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَرَهَا) عُلِمَ مَا تَقَرَّرَ أَنَّ كُلَّ عَقْدٍ اُشْتُرِطَتْ فِيهِ الرُّؤْيَةُ لَا يَصِحُّ مِنْ الْأَعْمَى قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إلَّا شِرَاءَ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَبَيْعَ عَبْدِهِ مِنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ الْعِتْقُ وَفِيهِ وَقْفَةٌ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ الْبَصِيرَ مِثْلُهُ فِي ذَلِكَ حَجَرٌ

(قَوْلُهُ: عَقْدٌ عَلَى عِوَضٍ مَخْصُوصٍ إلَخْ) أَقُولُ: هَذَا الْحَدُّ غَيْرُ مَانِعٍ؛ إذْ يَدْخُلُ فِيهِ بَيْعُ صُبْرَةِ بُرٍّ بِصُبْرَةِ شَعِيرٍ جُزَافًا مَعَ الْحُلُولِ، وَالتَّقَابُضِ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَى الصُّبْرَتَيْنِ أَنَّهُ عِوَضٌ مَخْصُوصٌ غَيْرُ مَعْلُومِ التَّمَاثُلِ فِي مِعْيَارِ الشَّرْعِ مَعَ أَنَّهُ لَا رِبَا فِي ذَلِكَ وَلَيْسَ فِي الْحَدِّ مَا يَدُلُّ عَلَى تَقْيِيدِ اعْتِبَارِ التَّمَاثُلِ بِاتِّحَادِ الْجِنْسِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ أَلْ فِي التَّمَاثُلِ لِلْعَهْدِ أَيْ: التَّمَاثُلِ الْمُعْتَبَرِ شَرْعًا وَذَلِكَ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ وَلَيْسَ حَمْلُ أَلْ عَلَى الْعَهْدِ بِأَبْعَدَ مِنْ حَمْلِ الْعِوَضِ الْمَخْصُوصِ عَلَى الْأَنْوَاعِ الْمَخْصُوصَةِ الَّتِي هِيَ مَحَلُّ الرِّبَا فَلْيُتَأَمَّلْ. وَغَيْرُ جَامِعٍ؛ إذْ يَخْرُجُ عَنْهُ مَا لَوْ أَجَّلَا الْعِوَضَيْنِ أَوْ أَحَدَهُمَا وَتَقَابَضَا فِي الْمَجْلِسِ لِقِصَرِ الْأَجَلِ أَوْ لِلتَّبَرُّعِ بِالْإِقْبَاضِ مَعَ أَنَّ فِيهِ الرِّبَا وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّأْخِيرِ فِي الْعِوَضَيْنِ أَوْ فِي أَحَدِهِمَا أَعَمُّ مِنْ تَأْخِيرِ اسْتِحْقَاقِ الْقَبْضِ، أَوْ تَأْخِيرِ نَفْسِ الْقَبْضِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ تَأْخِيرِ)

ــ

[حاشية الشربيني]

بِالتَّفَتُّحِ فَيَكْفِي رُؤْيَةُ بَعْضِهِ كَمَا فِي حَوَاشِي الْمَنْهَجِ.

(قَوْلُهُ: مَسْمُوطَةً) قَالَ الْقَفَّالُ: وَكَذَا لَوْ بَاعَهَا قَبْلَ السَّمْطِ؛ لِأَنَّ جِلْدَهَا مَأْكُولٌ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ اللَّحْمِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ تَأْخِيرٍ) عَطْفٌ عَلَى مَحَلٍّ

[بَابُ الرِّبَا]

(قَوْلُهُ: عَلَى عِوَضٍ) أَيْ: عَقْدٌ وَاقِعٌ عَلَى عِوَضٍ غَيْرِ مَعْلُومِ التَّمَاثُلِ أَوْ وَاقِعٌ مَعَ تَأْخِيرٍ فِي الْبَدَلَيْنِ، أَوْ أَحَدِهِمَا فَيَشْمَلُ مُخْتَلِفَ الْجِنْسِ وَمُتَّحِدَهُ مَعْلُومَ التَّمَاثُلِ وَمَجْهُولَهُ.

(قَوْلُهُ: وَتَقَابُضٍ) وَلَوْ مِنْ سَيِّدِ الْعَاقِدِ أَوْ مُوَكِّلِهِ، أَوْ عَبْدِهِ أَوْ وَكِيلِهِ بِإِذْنِ الْعَاقِدِ فِي الْكُلِّ، أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ جُنُونِهِ إنْ بَقِيَ الْعَاقِدَانِ فِي الْمَجْلِسِ فِي الْجَمِيعِ خِلَافًا لِ سم فِي الْمَيِّت كَذَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَقَوْلُهُ: بَعْدَ مَوْتِهِ، أَوْ جُنُونِهِ لَا يَظْهَرُ فِيمَا إذَا كَانَ الْقَابِضُ الْعَبْدَ، أَوْ الْوَكِيلَ لِانْعِزَالِهِ بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ، وَالْعَبْدِ وَلَا وِلَايَةَ لَهُ فِيهِ. اهـ. شَيْخُنَا ذ عَنْ شَيْخِهِ شَمَّ قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ

ص: 412

الدَّالِ وَضَمِّهَا أَيْ عِنْدَ (مَجْلِسِهِ) أَيْ: الْعَقْدِ (قَبْلَ تَخَايَرَا) أَيْ: أَنْ يَخْتَارَ الْعَاقِدَانِ لُزُومَ الْعَقْدِ هَذَا فِي الْبَيْعِ لِأَحَدِهِمَا جِنْسُهُ لِغَيْرِ مِمَّا يُشَارِكُهُ فِي عِلَّةِ الرِّبَا كَبُرٍّ بِشَعِيرٍ

. (وَ) كَذَا فِي الْبَيْعِ (لَهْ بِجِنْسِهِ) كَبُرٍّ بِبُرٍّ (بِالْعِلْمِ) أَيْ مَعَ عِلْمِ الْعَاقِدَيْنِ (بِالْمُمَاثَلَهْ) بَيْنَهُمَا رَوَى مُسْلِمٌ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ مِثْلًا بِمِثْلٍ» وَأَنَّهُ قَالَ: «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلًا بِمِثْلٍ، سَوَاءٌ بِسَوَاءٍ يَدًا بِيَدٍ فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَجْنَاسُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ» أَيْ: مُقَابَضَةً قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَمِنْ لَازِمِهِ الْحُلُولُ، وَإِلَّا لَجَازَ تَأْخِيرُ التَّسْلِيمِ إلَى زَمَنِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ قَوْلَهُ، وَمِنْ لَازِمِهِ الْحُلُولُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَقَضِيَّةُ آخِرِ الْخَبَرِ الثَّانِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الطَّعَامِ بِالنَّقْدِ إلَّا مُقَابَضَةً لَكِنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ بِالْإِجْمَاعِ. وَعِلَّةُ الرِّبَا فِي الطَّعَامِ الطَّعْمُ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ فِي الْخَبَرِ الْأَوَّلِ الْحُكْمَ بِاسْمِ الطَّعَامِ الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى الْمَطْعُومِ، وَالْمُعَلَّقُ بِالْمُشْتَقِّ مُعَلَّلٌ بِمَا مِنْهُ الِاشْتِقَاقُ كَالْقَطْعِ، وَالْجِلْدِ الْمُعَلَّقَيْنِ بِاسْمِ السَّارِقِ، وَالزَّانِي، وَفِي جَوْهَرِيِّ الثَّمَنِ جَوْهَرِيَّتِهِ وَتَعْبِيرِ النَّظْمِ مُشْعِرٌ بِذَلِكَ، وَالطَّعَامُ

ــ

[حاشية العبادي]

يُمْكِنُ عَطْفُهُ عَلَى غَيْرُ مَعْلُومِ التَّمَاثُلِ أَيْ: أَوْ وَاقِعٌ مَعَ تَأْخِيرِهِ، وَإِنْ كَانَ مَعْلُومَ التَّمَاثُلِ سم

(قَوْلُهُ: مِثْلًا بِمِثْلٍ) يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ حَالًّا مِنْ قَبِيلِ يَدًا بِيَدٍ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ تَقْدِيرُ مِثْلًا بِمِثْلٍ حَالَ كَوْنِهِ مِثْلًا مَبِيعًا بِمَثَلٍ. (قَوْلُهُ: سَوَاءً بِسَوَاءٍ) يُحْتَمَلُ أَنَّهُ تَأْكِيدٌ لِمَا قَبْلَهُ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ مِثْلًا بِمِثْلٍ حَالٌ مُؤَكِّدَةٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُمَاثَلَةِ اتِّحَادُ الْجِنْسِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ) أَيْ يُبَاعُ بِهِ (قَوْلُهُ: يَدًا بِيَدِ) أَيْ: مُقَابَضَةً أَيْ: مُتَقَابِضَيْنِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ بِيَدٍ صِفَةً لِيَدٍ أَيْ: مُلْتَبِسَةٍ بِيَدٍ

ــ

[حاشية الشربيني]

وَيَكْفِي قَبْضُ وَارِثِ الْعَاقِدِ لِنَفْسِهِ إنْ كَانَ حَاضِرًا وَبَقِيَ الْعَاقِدَانِ فِي الْمَجْلِسِ فَإِنْ كَانَ غَائِبًا لَمْ يُعْتَبَرْ بَقَاءُ الْمَيِّتِ فِي الْمَجْلِسِ بَلْ الْمُعْتَبَرُ مَجْلِسُ الْوَارِثِ عِنْدَ بُلُوغِهِ الْخَبَرَ فَإِنْ تَعَدَّدَ اُعْتُبِرَ مَجْلِسُ الْأَخِيرِ قَالَ شَيْخُنَا: وَلَعَلَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَحْصُلْ قَبْضٌ مِمَّا قَبْلَهُ وَإِلَّا اُعْتُبِرَ مَجْلِسُ مَنْ حَصَلَ مِنْهُ الْقَبْضُ إنْ لَمْ يَتَوَقَّفْ الْقَبْضُ عَلَى مَنْ بَعْدَهُ. اهـ. قَالَ شَيْخُنَا ذ رحمه الله: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَارِثَ إذَا تَعَدَّدَ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِمَجْلِسِ الْعَقْدِ، أَوْ لَا فَفِي الْحَالَةِ الْأُولَى مَجْلِسُهُمْ مَجْلِسُ الْعَقْدِ، ثُمَّ إنْ أَقْبَضَ كُلٌّ مِنْهُمْ حِصَّتَهُ، أَوْ وَكَّلُوا وَاحِدًا مِنْهُمْ فِي الْإِقْبَاضِ كَفَى، ثُمَّ يُعَدُّ ذَلِكَ إنْ تَفَرَّقُوا جَمِيعًا قَبْلَ قَبْضِهِمْ مِنْ الْعَاقِدِ بَطَلَ الْعَقْدُ فَإِنْ بَقِيَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَقَبَضَ دَامَتْ الصِّحَّةُ فَلَوْ أُقْبِضَ الْبَعْضُ دُونَ الْبَعْضِ وَلَمْ يَحْصُلْ إذْنٌ بَطَلَ فِي نَصِيبِ مَنْ لَمْ يَقْبِضْ وَلَمْ يَأْذَنْ، وَأَمَّا فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ فَابْتِدَاءُ مَجْلِسِهِمْ مِنْ بُلُوغِهِمْ الْخَبَرَ فَيُوَكِّلُونَ فِي الْإِقْبَاضِ، ثُمَّ إنْ فَارَقُوا الْمَجْلِسَ إلَّا وَاحِدًا وَقَبَضَ دَامَتْ الصِّحَّةُ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ بَطَلَ الْعَقْدُ فَإِنْ وَكَّلَ بَعْضَهُمْ فِي الْإِقْبَاضِ دُونَ الْبَعْضِ وَفَارَقَ الْبَعْضُ الثَّانِي مَجْلِسَهُ بَطَلَ فِي حِصَّتِهِ فَقَطْ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا حَفِظَهُ اللَّهُ وَهُوَ مُفَادُ ع ش. اهـ. مِنْ هَامِشِ شَرْحِ الْمَحَلِّيِّ بِخَطِّ شَيْخِنَا ذ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. اهـ. وَقَوْلُ ق ل خِلَافًا لِ سم فِي الْمَيِّتِ عِبَارَةُ سم: حَاصِلُ مَا يُفِيدُهُ شَرْحُ الْمَنْهَجِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ قَبْضُ الْمَأْذُونِ قَبْلَ مُفَارَقَةِ الْآذِنِ الْمَجْلِسَ وَلَا يُشْتَرَطُ قَبْضُ الْوَارِثِينَ قَبْلَ مُفَارَقَةِ الْمُورَثَيْنِ الْمَيِّتَيْنِ قَالَ ع ش عَلَى م ر: وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمُورَثَ بِالْمَوْتِ خَرَجَ عَنْ أَهْلِيَّةِ الْخِطَابِ بِالْقَبْضِ وَعَدَمِهِ، وَالْتَحَقَ بِالْجَمَادَاتِ بِخِلَافِ الْآذِنِ. اهـ. هَذَا وَأَمَّا الْعَاقِدُ الْحَيُّ فَالْوَجْهُ أَنْ لَا يُعْتَبَرَ بَقَاؤُهُ فِي الْمَجْلِسِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ الْآخَرُ بَلْ هُوَ كَمَا فِي الْكَاتِبِ بِالْبَيْعِ لِلْغَائِبِ. اهـ. ق ل وَقَدْ مَرَّ فَرَاجِعْهُ.

(قَوْلُهُ: وَتَقَابُضٍ) أَيْ: الْقَبْضِ الْحَقِيقِيِّ لِلْعِوَضَيْنِ مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةُ الْقَبْضِ عَنْ نَفْسِهِ، أَوْ غَيْرِهِ، وَلَوْ مَعَ حَقِّ الْحَبْسِ فَلَا يَكْفِي الْإِبْرَاءُ وَلَا الْحَوَالَةُ وَيَبْطُلُ الْعَقْدُ بِمُجَرَّدِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا إجَازَةٌ قَبْلَ قَبْضٍ وَلَا يَكْفِي الضَّمَانُ وَإِنْ أُقْبِضَ الضَّامِنُ فِي الْمَجْلِسِ، لَكِنْ لَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ بِمُجَرَّدِهِ بَلْ إنْ حَصَلَ التَّقَابُضُ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ، وَالتَّخَايُرِ صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا. اهـ. ع ش بِالْمَعْنَى وَقَرَّرَهُ شَيْخُنَا ذ عَنْ شَيْخِهِ.

(قَوْلُهُ: قَبْلَ أَنْ تَخَايَرَا) قُدِّرَتْ أَنْ كَمَا قُدِّرَتْ فِي تَسْمَعَ بِالْمُعِيدِي وَتَخَايَرَا بِصِيغَةِ الْمَاضِي. اهـ. عِرَاقِيٌّ

(قَوْلُهُ: بِالْمُمَاثَلَةِ) أَيْ يَقِينًا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: مِثْلًا بِمِثْلٍ) أَيْ: حَالَةَ كَوْنِ الْمَطْعُومَيْنِ مِثْلًا مُقَابَلًا بِمِثْلٍ لَهُ أَيْ: مُتَمَاثِلَيْنِ فِي الْمِقْدَار بِاعْتِبَارِ الْكَيْلِ. (قَوْلُهُ: يَدًا بِيَدٍ) أَيْ: حَالَ كَوْنِهِمَا مَقْبُوضَيْنِ لِلْعَاقِدَيْنِ، أَوْ وَكِيلَيْهِمَا أَوْ وَارِثَيْهِمَا عَلَى مَا هُوَ مُبَيَّنٌ، وَفِي الْمُغْنِي فِي قَوْلِك بِعْته أَيْ: فُلَانًا يَدًا بِيَدٍ أَيْ: مُتَقَابِضَيْنِ أَنَّ يَدًا حَالٌ مِنْ الْفَاعِلِ، وَالْمَفْعُولِ وَبِيَدٍ بَيَانٌ قَالَ سِيبَوَيْهِ: كَمَا كَانَ لَك فِي سَقْيًا لَك بَيَانًا أَيْضًا فَيَتَعَلَّقُ بِمَحْذُوفٍ اُسْتُؤْنِفَ لِلتَّبْيِينِ وَفِيهِ فِي سَقْيًا لِزَيْدٍ التَّقْدِيرُ إرَادَتِي لِزَيْدِ. اهـ. وَلَعَلَّ التَّقْدِيرَ هُنَا تَقَابُضًا بِيَدٍ. اهـ. هَامِشُ شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: جَرَى عَلَى الْغَالِبِ) وَأَلْفَاظُ الشَّارِحِ إذَا وَرَدَتْ مِنْهُ تُحْمَلُ عَلَى الْغَالِبِ لَا عَلَى الْأُمُورِ النَّادِرَةِ فَلَا يُقَالُ: لَا يَلْزَمُ إرَادَةُ اللَّازِمِ غَالِبًا. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: وَفِي جَوْهَرِيِّ الثَّمَنِ جَوْهَرِيَّتُهُ) يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَوْهَرِ هُنَا الْحَقِيقَةُ وَقَوْلُهُمْ: وَفِي جَوْهَرَيْ الثَّمَنِ أَيْ: حَقِيقَتَيْ أَيْ: الْحَقِيقَتَانِ الْمَوْضُوعَانِ لِلثَّمَنِ، وَالْجَوْهَرِيَّةُ الْكَوْنُ حَقِيقَةٌ الثَّمَنِ. اهـ. مِنْ هَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ بِخَطِّ

ص: 413

مَا قُصِدَ لِطُعْمِ الْآدَمِيِّ اقْتِيَاتًا أَوْ تَأَدُّمًا، أَوْ تَفَكُّهًا، أَوْ تَدَاوِيًا وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرُوا الدَّوَاءَ فِيمَا يَتَنَاوَلُهُ الطَّعَامُ فِي الْأَيْمَانِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلهُ فِي الْعُرْفِ الْمَبْنِيَّةِ هِيَ عَلَيْهِ وَهَذِهِ الْأَقْسَامُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْخَبَرِ السَّابِقِ فَإِنَّهُ نَصَّ فِيهِ عَلَى الْبُرِّ، وَالشَّعِيرِ، وَالْمَقْصُودُ مِنْهُمَا التَّقَوُّتُ فَأُلْحِقَ بِهِمَا مَا فِي مَعْنَاهُمَا كَالْأَرُزِّ، وَالذُّرَةِ وَعَلَى التَّمْرِ، وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ التَّأَدُّمُ، وَالتَّفَكُّهُ فَأُلْحِقَ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ كَالزَّبِيبِ، وَالتِّينِ وَعَلَى الْمِلْحِ، وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ الْإِصْلَاحُ فَأُلْحِقَ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ كَالْمَصْطَكَى، وَالزَّنْجَبِيلِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ الْأَدْوِيَةِ، فَلَا رِبَا فِيمَا اخْتَصَّ بِهِ الْجِنُّ كَالْعَظْمِ، أَوْ الْبَهَائِمُ كَالْحَشِيشِ، وَالتِّبْنِ، أَوْ غَلَبَ تَنَاوُلُهَا لَهُ، أَوْ لَمْ يُقْصَدْ لِلطُّعْمِ كَالْجُلُودِ، وَالتُّرَابِ الْمَأْكُولِ سَفَهًا وَكَدُهْنِ الْكَتَّانِ وَدُهْنِ السَّمَكِ؛ لِأَنَّهُمَا مُعَدَّانِ لِلِاسْتِصْبَاحِ وَدُهْنُ السُّفُنِ لَا لِلْأَكْلِ.

وَلَا رِبَا فِي الْحَيَوَانِ، وَإِنْ جَازَ بَلْعُهُ كَصِغَارِ السَّمَكِ قَالُوا: لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ لِلْأَكْلِ عَلَى هَيْئَتِهِ، وَقَدْ «اشْتَرَى ابْنُ عُمَرَ بَعِيرًا بِبَعِيرَيْنِ بِأَمْرِهِ صلى الله عليه وسلم» ، بِخِلَافِ مَا يُؤْكَلُ نَادِرًا كَالْبَلُّوطِ، وَالطَّرْثُوثِ، وَالسَّقَمُونْيَا، وَالزَّعْفَرَانِ، وَالصَّمْغِ وَدُهْنِ الْبَنَفْسَجِ، وَالْوَرْدِ، وَكَذَا التُّرَابُ الْأَرْمَنِيُّ فَإِنَّهُ يُتَدَاوَى بِهِ. وَدَخَلَ فِي الطَّعَامِ الْمَاءُ الْعَذْبُ قَالَ تَعَالَى {وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي} [البقرة: 249] ، وَفِي جَوْهَرِيِّ الثَّمَنِ التِّبْرُ، وَالْمَضْرُوبُ، وَالْحُلِيُّ، وَالْأَوَانِي الْمُتَّخَذَةُ مِنْ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَثْمَانًا. وَتَرَكَ كَأَصْلِهِ ذِكْرَ غَالِبًا، وَإِنْ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ لِإِخْرَاجِ الْفُلُوسِ إذَا رَاجَتْ؛ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ بِجَوْهَرِيَّةِ الثَّمَنِ فَهِيَ كَغَيْرِهَا مِنْ الْعُرُوضِ إذَا جُعِلَتْ أَثْمَانًا، وَالْمُرَادُ بِالتَّقَابُضِ مَا يَعُمُّ الْقَبْضَ حَتَّى لَوْ كَانَ الْعِوَضُ مُعَيَّنًا كَفَى الِاسْتِقْلَالُ بِقَبْضِهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ الْقَبْضِ الْحَقِيقِيِّ فَلَا تَكْفِي الْحَوَالَةُ، وَإِنْ حَصَلَ الْقَبْضُ بِهَا فِي الْمَجْلِسِ وَتَكْفِي الْوَكَالَةُ إنْ قَبَضَ الْوَكِيلُ قَبْلَ مُفَارَقَةِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: أَوْ غَلَبَ تَنَاوُلُهَا إلَخْ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: كَالْقَتِّ فَإِنْ قُلْت نَفْيُ الدِّمَاءِ عَمَّا غَلَبَ تَنَاوُلُهَا لَهُ يُنَافِي تَصْرِيحَهُمْ بِثُبُوتِ الرِّبَا فِيمَا يَتَنَاوَلهُ الْآدَمِيُّ نَادِرًا قُلْت: يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ النَّادِرِ أَنْ لَا يَكُونَ تَنَاوُلُ غَيْرِ الْآدَمِيِّ لَهُ أَغْلَبُ فَلَا مُنَافَاةَ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ كَالْجُلُودِ) أَيْ: الْخَشِنَةِ. (قَوْلُهُ: قَالُوا: لِأَنَّهُ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى التَّوَقُّفِ، وَكَأَنَّ وَجْهَهُ عَدَمُ اتِّضَاحِ الدَّلِيلِ بِالنِّسْبَةِ لِصِغَارِ السَّمَكِ.

(قَوْلُهُ: وَتَكْفِي الْوَكَالَةُ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَكَذَا أَيْ يَكْفِي قَبْضُ الْوَارِثِ بَعْدَ مَوْتِ مُورَثِهِ فِي الْمَجْلِسِ. اهـ. أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْمَوْتِ فِي مَجْلِسِ مَوْتِ الْمُورَثِ عَلَى الْأَوْجَهِ بَلْ الْعِبْرَةُ بِمَجْلِسِ عِلْمِهِ م ر. (قَوْلُهُ: قَبْلَ مُفَارَقَةِ إلَخْ) قَالَ فِي الْعُبَابِ: إذَا تَفَرَّقَا، وَلَوْ كَرْهًا، أَوْ تَخَايَرَا قَبْلَ قَبْضِ الْكُلِّ بَطَلَ وَأَثِمَا بِالتَّفَرُّقِ طَوْعًا أَيْ: مَعَ التَّذَكُّرِ إنْ لَمْ يَتَفَاسَخَا قَبْلَهُ، أَوْ بَعْدَ قَبْضِ الْبَعْضِ بَطَلَ فِي الْبَاقِي وَهَلْ يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي؟ وُجُوهٌ ثَالِثِهَا: نَعَمْ إنْ جَهِلَ انْفِسَاخَ الْبَيْعِ بِذَلِكَ. اهـ. وَقَوْلُهُ: وَلَوْ كَرْهًا كَالْإِكْرَاهِ النِّسْيَانُ كَمَا فِي الْأُمِّ، وَالْجَهْلِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ نَعَمْ اعْتَمَدَ فِي الرَّوْضِ

ــ

[حاشية الشربيني]

الشَّنَوَانِيِّ رحمه الله (قَوْلُهُ: مَا قُصِدَ لِطُعْمِ الْآدَمِيِّ) بِأَنْ قُصِدَ بِهِ الْآدَمِيُّونَ خَاصَّةً، أَوْ كَانُوا أَظْهَرَ مَقَاصِدِهِ، سَوَاءٌ اخْتَصَّ بِتَنَاوُلِهِ الْآدَمِيُّونَ أَوْ غَلَبُوا فِيهِ. وَمِثْلُهُمَا فِي الْبَهَائِمِ، أَوْ اسْتَوَوْا فَهَذِهِ عَشَرَةٌ رِبَوِيَّةٌ مُطْلَقًا وَكَذَا إذَا اخْتَصَّ بِتَنَاوُلِهِ الْآدَمِيُّونَ، أَوْ غَلَبَ تَنَاوُلُهُمْ لَهُ، أَوْ اسْتَوَوْا مَعَ الْبَهَائِمِ فِي التَّنَاوُلِ، سَوَاءٌ قُصِدَ الْبَهَائِمُ اخْتِصَاصًا، أَوْ غَلَبَةً أَوْ اسْتَوَوْا فَيَكُونُ الرِّبَوِيُّ تِسْعَةَ عَشَرَ وَإِنْ اخْتَصَّ الْبَهَائِمُ بِأَكْلِهِ، أَوْ غَلَبَ أَكْلُهُمْ لَهُ فَغَيْرُ رِبَوِيٍّ، سَوَاءٌ اخْتَصَّ بِقَصْدِهِ الْبَهَائِمُ، أَوْ غَلَبَ قَصْدُهُمْ، أَوْ اسْتَوَوْا فَيَكُونُ حَاصِلُ الصُّوَرِ خَمْسَةٌ وَعِشْرِينَ تِسْعَةَ عَشْرَ رِبَوِيَّةٌ وَسِتَّةٌ غَيْرُ رِبَوِيَّةٍ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ الَّذِي لَا يُقْبَلُ غَيْرُهُ. اهـ. قُوَيْسَنِيٌّ. اهـ. مَرْصِفِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ وَبِتَأَمُّلِ كَلَامِ الشَّرْحِ مَعَ هَذَا يُعْلَمُ مَا فِيهِ تَدَبَّرْ وَقَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ هُوَ كَذَلِكَ فِي حَاشِيَةِ الْجَمَلِ عَلَى الْمَنْهَجِ وَبَيَّنَهُ أَتَمَّ بَيَانٍ.

(قَوْلُهُ: مَا قُصِدَ إلَخْ) أَيْ: مَا جَرَتْ عَادَةُ النَّاسِ بِتَحْصِيلِهِ لَا كُلِّ الْآدَمِيِّينَ بِشِرَاءٍ، أَوْ زِرَاعَةٍ، أَوْ ادِّخَارٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

(قَوْلُهُ: مَا قُصِدَ لِطُعْمِ الْآدَمِيِّ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَإِنْ لَمْ يُؤْكَلْ إلَّا نَادِرًا وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَ الْمَاوَرْدِيِّ: مَا كَانَ تَنَاوَلَ الْبَهَائِمِ لَهُ أَغْلَبَ فَهُوَ غَيْرُ رِبَوِيٍّ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ مَفْرُوضٌ فِيمَا لَمْ يُقْصَدْ لِطَعْمِ الْآدَمِيِّ غَالِبًا بِدَلِيلِ تَمْثِيلِهِ بِالْحَشِيشِ، وَالتِّبْنِ، وَالنَّوَى. اهـ. شَوْبَرِيٌّ عَنْ شَرْحِ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: فَأُلْحِقَ بِهِمَا مَا فِي مَعْنَاهُمَا) وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ أَنَّ تَحْرِيمَ الرِّبَا تَعَبُّدِيٌّ، وَالتَّعَبُّدِيُّ لَا يَدْخُلُ الْقِيَاسَ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِأَنَّهُ تَعَبُّدِيٌّ حُكْمٌ عَلَى الْمَجْمُوعِ بِحَيْثُ لَا يُزَادُ نَوْعٌ ثَالِثٌ عَلَى النَّقْدِ، وَالْمَطْعُومِ فَلَا يُنَافِي الْقِيَاسَ فِي بَعْضِ أَفْرَادِهِ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ.

(قَوْلُهُ: فِيمَا اخْتَصَّ بِهِ الْجِنُّ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْقَصْدُ فِي تَحْصِيلِهِ مِنْهُمْ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ لَهُمْ وَإِنْ لَمْ يَتَنَاوَلُوا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: أَوْ غَلَبَ إلَخْ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ الْآدَمِيُّونَ وَلَمْ يَكُونُوا أَغْلَبَ مَقَاصِدِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ. اهـ. وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: أَوْ غَلَبَ أَيْ: مِنْ حَيْثُ الْقَصْدُ مُطْلَقًا، أَوْ مِنْ حَيْثُ الْقَصْدُ مُطْلَقًا، أَوْ مِنْ حَيْثُ التَّنَاوُلُ مَعَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْقَصْدِ فَلَا اعْتِرَاضَ فَإِنْ اسْتَوَيَا فِيهِ قَصْدًا وَتَنَاوُلًا فَرِبَوِيٌّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا يُؤْكَلُ نَادِرًا) اُنْظُرْ مَا مُقَابِلُ هَذَا فِي كَلَامِهِ وَلَعَلَّهُ قَوْلَهُ: لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ لِلْأَكْلِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا يُؤْكَلْ نَادِرًا) أَيْ: فَإِنَّهُ رِبَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: الطُّرْثُوثِ) بِطَاءٍ مَفْتُوحَةٍ وَرَاءٍ سَاكِنَةٍ نَبْتٌ يُؤْكَلُ. اهـ. جَمَلٌ.

(قَوْلُهُ: الْأَرْمَنِيُّ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ، وَالْمِيمِ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَقَالَ النَّوَوِيُّ بِكَسْرِهِمَا نِسْبَةً إلَى إرْمِينْيَةَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَتَخْفِيفِ الْيَاءِ قَرْيَةٌ بِالرُّومِ وَجَزَمَ بِمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ ابْنُ النَّقِيبِ وَغَيْرُهُ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ.

(قَوْلُهُ: فَلَا يَكْفِي الْحَوَالَةُ) وَيَبْطُلُ بِهَا الْعَقْدُ كَمَا

ص: 414

الْمُوَكِّلِ الْمَجْلِسَ، وَلَوْ كَانَ الْعَاقِدُ عَبْدًا مَأْذُونًا فَقَبَضَ سَيِّدُهُ، أَوْ وَكِيلًا فَقَبَضَ مُوَكِّلُهُ لَمْ يَكْفِ. وَخَرَجَ بِقَبْلِ التَّخَايُرِ مَا إذَا لَمْ يَتَقَابَضَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ بِمَثَابَةِ التَّفَرُّقِ فَيَبْطُلُ الْعَقْدُ كَذَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا هُنَا لَكِنَّهُمَا قَالَا فِي الْخِيَارِ: لَوْ أَجَازَا فِي عَقْدِ الصَّرْفِ قَبْلَ التَّقَابُضِ فَوَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا تَلْغُو الْإِجَازَةُ؛ إذْ الْقَبْضُ مُعَلَّقٌ بِالْمَجْلِسِ، وَهُوَ بَاقٍ فَيَبْقَى حُكْمُهُ فِي الْخِيَارِ، وَالثَّانِي يَلْزَمُ الْعَقْدُ وَعَلَيْهِمَا التَّقَابُضُ وَصَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَمْ يَتَعَرَّضَا لِلْمَذْكُورِ هُنَا مِنْ الْبُطْلَانِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَا هُنَا مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَتَقَابَضَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ وَهُنَاكَ إذَا تَقَابَضَا قَبْلَهُ.

وَالْمُمَاثَلَةُ تُعْتَبَرُ (بِالْكَيْلِ فِي مَكِيلِ) غَالِبِ عَادَةِ (عَهْدِ الْمُصْطَفَى) صلى الله عليه وسلم (وَالْوَزْنِ فِي مَوْزُونِهِ) ، وَلَوْ كَانَ الْكَيْلُ، وَالْوَزْنُ بِمِكْيَالٍ وَمِيزَانٍ حَدَثَا بَعْدَهُ صلى الله عليه وسلم وَإِنْ لَمْ يُعْتَدْ الْكَيْلُ، وَالْوَزْنُ بِهِمَا كَقَصْعَةٍ، وَحَصَاةٍ وَذَلِكَ لِخَبَرِ «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَزْنًا بِوَزْنٍ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ كَيْلًا بِكَيْلٍ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، وَرَوَى أَبُو دَاوُد خَبَرَ «الْمِكْيَالُ مِكْيَالُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَالْمِيزَانُ أَهْلُ مَكَّةَ» وَلَمْ يُرِدْ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ لَا مِكْيَالَ، وَلَا مِيزَانَ إلَّا بِهِمَا لِجَوَازِ الْكَيْلِ، وَالْوَزْنِ بِغَيْرِهِمَا إجْمَاعًا وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِمَا يُكَالُ وَيُوزَنُ بِهِمَا، فَلَا يَكْفِي التَّمَاثُلُ فِي الْمَكِيلِ وَزْنًا، وَلَا عَكْسُهُ فَالذَّهَبُ، وَالْفِضَّةُ، وَالسَّمْنُ الْجَامِدُ وَنَحْوُهُ مَوْزُونَاتٌ، وَالتَّمْرُ، وَالْمِلْحُ، وَالسَّمْنُ الذَّائِبُ وَنَحْوُهُ مَكِيلَاتٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمِلْحُ قِطَعًا كِبَارًا فَمَوْزُونٌ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي. وَأَفْهَمَ كَلَامُهُمْ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ زِيَادَةُ قِيمَةِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَهُوَ كَذَلِكَ.

(وَتُقْتَفَى) أَيْ: تُتَّبَعُ (عَادَةُ أَرْضِ الْعَقْدِ) فِي كَوْنِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ مَكِيلًا، أَوْ مَوْزُونًا (إذْ) أَيْ حَيْثُ (لَا نَقْلَا) فِي أَنَّ الْمُعْتَادَ فِيهِ الْكَيْلِ، أَوْ الْوَزْنِ؛ إذْ الشَّيْءُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ حَدٌّ فِي الشَّرْعِ اُعْتُبِرَ بِالْعُرْفِ كَالْقَبْضِ، وَالْحِرْزِ وَنَحْوِهِمَا (قُلْتُ كَمَنْقُولِ التَّسَاوِي) بِأَنْ نُقِلَ أَنَّهُ كَانَ فِي عَهْدِهِ صلى الله عليه وسلم يُكَالُ تَارَةً

ــ

[حاشية العبادي]

عَدَمَ الْبُطْلَانِ بِالتَّفَرُّقِ كَرْهًا فَقَالَ: بَطَلَ الْعَقْدُ إنْ كَانَ أَيْ: تَفَرُّقُهُمَا عَنْ تَرَاضٍ. اهـ. وَلَمْ يَتَعَرَّضْ أَيْضًا لِلنِّسْيَانِ، وَالْجَهْلِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْإِكْرَاهِ لَائِحٌ؛ لِأَنَّ الْمُكْرَهَ لَمْ يُنْسَبْ لَهُ فِعْلٌ بِخِلَافِهِمَا وَعَلَى مَا اعْتَمَدَهُ يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ مَجْلِسُ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ وَيُوَكَّلُ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي إقْبَاضِ الْآخَرِ؛ إذْ لَا يُمْكِنُهُمَا التَّقَابُضُ بِأَنْفُسِهِمَا.

(قَوْلُهُ: الْمُوَكِّلِ الْمَجْلِسَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَكَذَا قَبْضُ الْوَارِثِ بَعْدَ مُورَثِهِ فِي الْمَجْلِسِ. اهـ. وَذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ مَا حَاصِلُهُ تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ الْوَارِثُ فِي الْمَجْلِسِ ش ع حَجَرٌ وَنَقَلَ م ر عَنْ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ خِلَافَ ذَلِكَ وَاعْتَمَدَهُ وَشَرَحْنَاهُ بِهَامِشِ شَرْحِ الْمِنْهَاجِ. (قَوْلُهُ: وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَا هُنَا إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ: الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْإِجَازَةَ تُبْطِلُ الْعَقْدَ وَإِنْ تَقَابَضَا بَعْدَهَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ.

(قَوْلُهُ: عَهْدِ الْمُصْطَفَى) أَيْ: بِاعْتِبَارِ الْمَدِينَةِ؛ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: فِي مَوْزُونِهِ) أَيْ: بِاعْتِبَارِ مَكَّةَ؛ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: وَالسَّمْنُ الْجَامِدُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر وَقَالَ فِي الرَّوْضِ: وَيُبَاعُ السَّمْنُ بِالسَّمْنِ وَزْنًا قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَقِيلَ: كَيْلًا وَقَالَ الْبَغَوِيّ: وَزْنًا إنْ كَانَ جَامِدًا، وَكَيْلًا إنْ كَانَ مَائِعًا قَالَهُ فِي الْأَصْلِ وَهُوَ تَوَسُّطٌ بَيْنَ وَجْهَيْنِ أَطْلَقَهُمَا الْعِرَاقِيُّونَ الْمَنْصُوصُ مِنْهُمَا الْوَزْنُ وَلَمْ يُصَحِّحَا شَيْئًا لَكِنَّهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ اسْتَحْسَنَ التَّوَسُّطَ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ اللَّبَنَ يُكَالُ مَعَ أَنَّهُ مَائِعٌ. اهـ. وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَا تَأْيِيدَ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ السَّمْنَ جَامِدٌ فِي الْأَصْلِ بِخِلَافِ اللَّبَنِ وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ لَا نَظَرَ لِلْأَصْلِ فِي ذَلِكَ بِدَلِيلِ الْجُبْنِ يُوزَنُ مَعَ أَنَّ أَصْلَهُ وَهُوَ اللَّبَنُ مَائِعٌ يُكَالُ وَدُهْنُ الْجَوْزِ يُكَالُ مَعَ أَنَّ أَصْلَهُ وَهُوَ الْجَوْزُ جَامِدٌ يُوزَنُ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي الشَّيْءِ بِحَالِهِ

ــ

[حاشية الشربيني]

سَبَقَ (قَوْلُهُ: لَمْ يَكْفِ) أَيْ: إنْ لَمْ يَكُنْ بِإِذْنٍ كَمَا مَرَّ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ) قَالَ م ر: إنَّهُ ضَعِيفٌ؛ إذْ هُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى رَأْيِ ابْنِ سُرَيْجٍ وَهُوَ لَا يَرَى أَنَّ التَّخَايُرَ بِمَنْزِلَةِ التَّفَرُّقِ. (قَوْلُهُ: وَأُجِيبَ إلَخْ) قَالَ م ر: هَذَا الْجَمْعُ غَيْرُ صَحِيحٍ وَإِنَّمَا هُوَ تَضْعِيفٌ لِكَلَامِهِمَا هُنَا. (قَوْلُهُ: صلى الله عليه وسلم الْمِكْيَالَ إلَخْ) اُنْظُرْ لَوْ كَانَ شَيْءٌ يُكَالُ بِالْمَدِينَةِ وَيُوزَنُ بِمَكَّةَ فِي عَهْدِهِ صلى الله عليه وسلم فَمَا الْعِبْرَةُ فِيهِ؟ كَذَا بِهَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ غَلَبَ فِيهِ أَحَدُهُمَا عُمِلَ بِهِ وَإِنْ اسْتَوَيَا، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ عَمِلَ بِالْعَادَةِ إلَّا فِيمَا يَأْتِي فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: فَلَا يَكْفِي إلَخْ) وَإِنْ سَاوَى كَيْلُهُ وَزْنَهُ عَلَى الْأَوْجَهِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي هَذَا الْبَابِ التَّعَبُّدُ. اهـ. حَجَرٌ شَرْحُ الْإِرْشَادِ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمِلْحُ إلَخْ) وَإِنْ أَمْكَنَ سَحْقُهَا حَجَرٌ.

(قَوْلُهُ: وَيُقْتَفَى إلَخْ) أَيْ: إنْ لَمْ يَكُنْ لِأَهْلِ الْحِجَازِ عُرْفٌ فِيهِ حَالَةَ الْبَيْعِ وَمِثْلُهُ مَنْقُولُ التَّسَاوِي وَمَا زَادَهُ الشَّرْحُ بَعْدَهُ كَمَا فِي التُّحْفَةِ وَشَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ، وَفِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لمر أَنَّ هَذِهِ مَقَالَةُ الْمُتَوَلِّي، لَكِنَّ تَعْلِيلَ الْأَصْحَابِ بِقَوْلِهِمْ لِظُهُورِ أَنَّهُ اطَّلَعَ إلَخْ يُخَالِفُهُ. اهـ. وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ: فِيمَا إذَا لَمْ يَتَسَاوَيَا إلَخْ) أَوْ جُهِلَ حَالُهُ، أَوْ لَمْ يَكُنْ فِي عَهْدِهِ صلى الله عليه وسلم أَوْ كَانَ وَلَمْ يَكُنْ بِالْحِجَازِ أَوْ لَمْ يُسْتَعْمَلْ

ص: 415

وَيُوزَنُ أُخْرَى عَلَى السَّوَاءِ فَإِنَّهُ يُتَّبَعُ فِيهِ عَادَةُ أَرْضِ الْعَقْدِ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ فِيمَا إذَا لَمْ يَتَسَاوَيَا وَلَمْ يُعْلَمْ الْغَالِبُ أَوْ عُلِمَ وَلَمْ يَتَعَيَّنْ، أَوْ تَعَيَّنَ وَنُسِيَ وَقَدْ يَشْمَلُهَا قَوْلُهُ: إذْ لَا نَقْلَ، أَمَّا إذَا عُلِمَ الْغَالِبُ فَهُوَ الْمُعْتَبَرُ (إلَّا جِرْمًا عَلَى التَّمْرِ لَهُ زِيَادَهْ) أَيْ: إلَّا إذَا حَرَّمَ لَهُ زِيَادَةً عَلَى جِرْمِ التَّمْرِ كَالْجَوْزِ (فَبَيْعُهُ بِالْوَزْنِ دُونَ الْعَادَهْ) ؛ إذْ لَمْ يُعْهَدْ الْكَيْلُ بِالْحِجَازِ فِيمَا زَادَ عَلَى جِرْمِ التَّمْرِ، وَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْضًا.

وَرَتَّبَ عَلَى اعْتِبَارِ الْعِلْمِ بِالْمُمَاثَلَةِ قَوْلَهُ (جُزَافَ) بِتَثْلِيثِ الْجِيمِ أَيْ: فَبَيْعُهُ (صُبْرَةٍ بِأُخْرَى) مِنْ جِنْسِهَا جُزَافًا (بَاطِلَهْ) ، وَإِنْ خَرَجَتَا، سَوَاءً لِانْتِفَاءِ الْعِلْمِ بِالْمُمَاثَلَةِ حَالَةَ الْعَقْدِ (لَا الْكَيْلَ بِالْكَيْلِ) أَيْ: لَا بَيْعَ صُبْرَةٍ بِصُبْرَةٍ كَيْلًا بِكَيْلِ (وَلَا مُكَايَلَهْ) فَيَصِحُّ حَيْثُ بَانَتَا سَوَاءً لِلْعِلْمِ بِالْمُمَاثَلَةِ تَفْصِيلًا حَالَةَ الْعَقْدِ، وَإِلَّا، فَلَا؛ لِأَنَّهُ قَابَلَ الْجُمْلَةَ بِالْجُمْلَةِ وَهُمَا مُتَفَاوِتَتَانِ كَذَا عَلَّلَ الصِّحَّةَ بِمَا ذَكَرَ الْقُونَوِيُّ تَبَعًا لِلطَّاوُسِيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ كَيْفَ تُعْلَمُ الْمُمَاثَلَةُ حَالَةَ الْعَقْدِ مَعَ احْتِمَالِ ظُهُورِ التَّفَاوُتِ بَعْدُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ مُسْتَثْنَاةٌ مِمَّا تَقَرَّرَ (وَالنَّقْدُ بِالنَّقْدِ بِوَزْنٍ) أَيْ: وَبَيْعُ صُبْرَةٍ مِنْهُ بِصُبْرَةٍ مِنْهُ وَزْنًا بِوَزْنٍ، أَوْ مُوَازَنَةً (كَهُوَ) أَيْ: كَبَيْعِ صُبْرَةٍ بِأُخْرَى (فِي الصُّورَتَيْنِ) أَيْ: كَيْلًا بِكَيْلٍ وَمُكَايَلَةً فَيَصِحُّ (حَيْثُ بَانَتَا سِوَى) دُونَ مَا إذَا تَفَاوَتَتَا فَقَوْلُهُ: حَيْثُ بَانَتَا سَوَا قَيْدٌ فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ وَقَوْلُهُ: وَالنَّقْدُ بِالنَّقْدِ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ الْحَاوِي: وَالدَّرَاهِمُ بِالدَّرَاهِمِ، لَكِنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ لَا الذَّهَبُ بِالْفِضَّةِ (أَوْ) بَيْعُ (صُبْرَةٍ) صَغِيرَةٍ (بِالْكَيْلِ) أَوْ بِالْوَزْنِ أَيْ: بِكَيْلِهَا فِيمَا يُكَالُ وَبِوَزْنِهَا فِيمَا يُوزَنُ (مِنْ) صُبْرَةٍ (كُبْرَى) ، وَفِي نُسْخَةٍ مِنْ أُخْرَى فَيَصِحُّ لِحُصُولِ الْمُمَاثَلَةِ (وَإِنْ تَفَرَّقَا) أَيْ الْعَاقِدَانِ، أَوْ تَخَايَرَا (وَلَمْ يُكَلْ) فِي الْمَكِيلِ (وَلَا وُزِنْ) فِي الْمَوْزُونِ لَكِنْ (بَعْدَ تَقَابُضٍ) لِلْجُمْلَتَيْنِ (فِي الِاثْنَيْنِ) أَيْ: الْبَيْعَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ أَيْ: بَيْعِ الصُّبْرَةِ بِالصُّبْرَةِ حَيْثُ بَانَتَا سَوَاءً، وَبَيْعِ الصَّغِيرَةِ بِكَيْلِهَا، أَوْ وَزْنِهَا مِنْ الْكَبِيرَةِ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْبَيْعِ (إذَنْ) أَيْ: حِينَ تَفَرَّقَا بِلَا كَيْلٍ، وَلَا وَزْنٍ لِحُصُولِ التَّقَابُضِ فِي الْمَجْلِسِ وَمَا فَضَلَ مِنْ الْكَبِيرَةِ بَعْدَ الْكَيْلِ، أَوْ الْوَزْنِ لِصَاحِبِهَا فَالْمُعْتَبَرُ فِي الْقَبْضِ هُنَا مَا يَنْقُلُ الضَّمَانَ فَقَطْ لَا مَا يُفِيدُ التَّصَرُّفَ أَيْضًا لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ قَبْضَ مَا بِيعَ مِقْدَارٌ إنَّمَا يَكُونُ بِالتَّقْدِيرِ وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ إذَنْ تَكْمِلَةٌ وَتَأْكِيدٌ

وَتُعْتَبَرُ الْمُمَاثَلَةُ فِي بَيْعِ الرِّبَوِيِّ بِجِنْسِهِ (حَالَ كَمَالِهِ) وَهِيَ كَوْنُهُ مُتَهَيِّئًا لِأَكْثَرِ الِانْتِفَاعَاتِ الْمَطْلُوبَةِ مِنْهُ كَاللَّبَنِ، أَوْ كَوْنُهُ عَلَى هَيْئَةٍ يَتَأَتَّى مَعَهَا

ــ

[حاشية العبادي]

لَا بِأَصْلِهِ وَأَيْضًا فَلَيْسَ غَرَضُ الشَّيْخِ تَوْجِيهَ السَّمْنِ حَالَتَيْ جُمُودِهِ وَمَائِعِيَّتِهِ بَلْ تَوْجِيهُهُ حَالَ مَائِعِيَّتِهِ رَدًّا عَلَى مَنْ قَالَ: إنَّهُ يُوزَنُ حِينَئِذٍ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: فِيمَا إذَا لَمْ يَتَسَاوَيَا) وَفِيمَا إذَا شَكَّ هَلْ كَانَ فِي عَصْرِهِ عليه الصلاة والسلام أَمْ حَدَثَ بَعْدَهُ، أَوْ عَلِمَ وُجُودَهُ فِي زَمَنِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ وُجُودَهُ بِالْحِجَازِ، أَوْ عَلِمَ وَلَمْ يَعْلَمْ أَهْلٌ كَانَ يُوزَنُ أَمْ يُكَالُ بِرّ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُعْلَمْ الْغَالِبُ) إنْ أَرَادَ وَلَمْ يُعْلَمْ أَنَّ أَحَدَهُمَا غَالِبٌ نَافَى قَوْلَهُ: لَمْ يَتَسَاوَيَا؛ إذْ مِنْ لَازِمِ عَدَمِ تَسَاوِيهِمَا غَلَبَةُ أَحَدِهِمَا، وَإِنْ أَرَادَ وَلَمْ يُعْلَمْ عَيْنُ الْغَالِبِ اتَّحَدَ هَذَا الْقِسْمُ مَعَ قَوْلِهِ: أَوْ عُلِمَ وَلَمْ يَتَعَيَّنْ؛ إذْ مَعْنَاهُ عُلِمَ أَنَّ أَحَدَهُمَا غَالِبٌ وَلَمْ يَتَعَيَّنْ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ عُلِمَ عَيْنُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُنَافِي قَوْلَهُ: وَلَمْ يَتَعَيَّنْ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِحَمْلِ قَوْلِهِ: لَمْ يَتَسَاوَيَا عَلَى مَعْنًى لَمْ يُعْلَمْ تَسَاوِيهِمَا فَإِنَّ عَدَمَ الْعِلْمِ بِالتَّسَاوِي صَادِقٌ مَعَ الْجَهْلِ بِالْحَالِ وَمَعَ الْعِلْمِ بِعَدَمِ التَّسَاوِي فَيَصِحُّ قَوْلُهُ: وَلَمْ يُعْلَمْ الْغَالِبُ أَيْ: لَمْ يُعْلَمْ أَنَّ أَحَدَهُمَا غَالِبٌ وَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ: لَمْ يَتَسَاوَيَا سم. (قَوْلُهُ: إذْ لَا نَقْلَ) بِأَنْ يُرَادَ لَا نَقْلَ مَعْلُومًا بِالْحَالِ فِيهِ.

(قَوْلُهُ: دُونَ الْعَادَةِ) أَيْ لِأَصْلِ الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ: أَيْ فَبَيْعَةُ صُبْرَةً) قَدَّرَهُ مُؤَنَّثًا لِيُنَاسِبَ بَاطِلَةً. (قَوْلُهُ: وَالنَّقْدُ بِالنَّقْدِ إلَخْ) الْأَحْسَنُ أَنْ يَكُونَ مِنْ مَدْخُولِ لَا وَيَكُونُ قَوْلُهُ: كَهُوَ إلَخْ حَالًا، وَالتَّقْدِيرُ وَلَا النَّقْدُ بِالنَّقْدِ حَالَةَ كَوْنِهِ مِثْلَ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِ الْعَاقِدَيْنِ مُوَازَنَةً، أَوْ وَزْنًا بِوَزْنٍ بِرّ.

(قَوْلُهُ: دُونَ مَا إذَا تَفَاوَتَتَا) وَفِي الرَّوْضِ بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا، وَإِنْ بَاعَ صُبْرَةَ بُرٍّ بِصُبْرَةِ شَعِيرٍ جُزَافًا جَازَ فَإِنْ بَاعَهَا بِهَا مُكَايَلَةً وَتَفَاضَلَتَا وَسَمَحَ رَبُّ الزَّائِدِ، أَوْ رَضِيَ رَبُّ النَّاقِصِ بِقَدْرِهِ أُقِرَّ أَيْ: الْبَيْعُ، وَإِلَّا فُسِخَ. (قَوْلُهُ: أَوْ بَيْعُ صُبْرَةٍ) عُطِفَ عَلَى لَا الْكَيْلُ بِالْكَيْلِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لَا مَا يُفِيدُ التَّصَرُّفَ) وَلِهَذَا أَيْضًا كَفَى الِاسْتِقْلَالُ

ــ

[حاشية الشربيني]

فِيهِ كَيْلٌ وَلَا وَزْنٌ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: فِيمَا إذَا لَمْ يَتَسَاوَيَا) أَيْ: لَمْ يُنْقَلْ تَسَاوِيهِمَا وَلَمْ يُعْلَمْ أَنَّ أَحَدَهُمَا غَالِبٌ بِالنَّقْلِ أَيْضًا، أَوْ نُقِلَ أَنَّ أَحَدَهُمَا غَالِبٌ وَلَمْ يَتَعَيَّنْ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: جُزَافُ إلَخْ) فَلَوْ عَلِمَا تَمَاثُلَ الصُّبْرَتَيْنِ جَازَ الْبَيْعُ وَلَا حَاجَةَ إلَى كَيْلٍ شَرْحُ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ بَانَتَا سَوَاءً) هَذَا فِي مُتَّحِدِ الْجِنْسِ أَمَّا مُخْتَلِفُهُ فَيَصِحُّ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ أَخَرَجَا سَوَاءً أَمْ لَا، لَكِنْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِمَنْ لَحِقَهُ الضَّرَرُ فَإِنْ سَمَحَ صَاحِبُ الزِّيَادَةِ بِهَا، أَوْ رَضِيَ الْآخَرُ بِتَرْكِهَا بَقِيَ الْعَقْدُ، وَإِلَّا فُسِخَ وَهَذَا هُوَ وَجْهُ تَقْيِيدِ الشَّرْحِ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ مِنْ جِنْسِهَا. اهـ. ق ل بِزِيَادَةٍ.

(قَوْلُهُ: لِلْعِلْمِ بِالْمُمَاثَلَةِ إلَخْ) أَيْ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الصِّحَّةَ إنَّمَا تَتَحَقَّقُ إذَا بَانَتَا سَوَاءٌ وَبِهِ يَنْدَفِعُ التَّنْظِيرُ فَلْيُتَأَمَّلْ فِيهِ.

(قَوْلُهُ: مَا يَنْقُلُ الضَّمَانَ) وَيَسْقُطُ حَقُّ حَبْسِ الثَّمَنِ شَرْحُ الْإِرْشَادِ

(قَوْلُهُ: وَهِيَ كَوْنُهُ مُنْتَهِيًا إلَخْ) أَيْ: مَعَ إمْكَانِ الْعِلْمِ بِالْمُمَاثَلَةِ فَلَا يَرِدُ أَنَّ مَا لَا جَفَافَ لَهُ كَالْقِثَّاءِ وَبَاقِي الْخَضْرَاوَاتِ لَا يُبَاعُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ

ص: 416

ادِّخَارُهُ كَالتَّمْرِ بِنَوَاهُ فَقَدْ «سُئِلَ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ فَقَالَ: أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إذَا يَبِسَ؟ فَقَالُوا: نَعَمْ فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ» ، وَفِي رِوَايَةٍ «فَلَا إذَنْ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ فِيهِ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْمُمَاثَلَةَ تُعْتَبَرُ عِنْدَ الْجَفَافِ وَقِيسَ بِالرُّطَبِ غَيْرُهُ وَمَثَّلَ لِحَالِ الْكَمَالِ بِقَوْلِهِ:(كَسَمْنٍ وَلَبَنْ) ، وَلَوْ حَامِضًا، وَرَائِبًا وَخَاثِرًا مَا لَمْ يَكُنْ مُغْلًى بِالنَّارِ، وَلَا يُبَالِي بِكَوْنِ مَا يَحْوِيهِ الْمِكْيَالُ مِنْ الْخَاثِرِ أَكْثَرَ وَزْنًا، لَكِنْ لَا يُبَاعُ الْحَلِيبُ إلَّا بَعْدَ سُكُونِ رَغْوَتِهِ (وَمَحْضِ مَخْضٍ) أَيْ: خَالِصٍ مَخِيضٍ بِإِضَافَةِ الصِّفَةِ إلَى الْمَوْصُوفِ أَيْ: وَكَمَخِيضٍ خَالِصٍ مِنْ الْمَاءِ، أَوْ نَحْوِهِ، بِخِلَافِ الْمَخْلُوطِ بِهِ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ بِمِثْلِهِ، وَلَا بِخَالِصٍ لِلْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ. وَلَمَّا كَانَ الْغَالِبُ خَلْطُ الْمَخِيضِ بِالْمَاءِ عَطَفَهُ عَلَى اللَّبَنِ، وَإِنْ كَانَ قِسْمًا مِنْهُ وَقَيَّدَهُ بِالْمَحْضِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ مُقَيَّدًا بِهِ أَيْضًا (وَ) مِثْلِ (الزَّبِيبِ، وَالتَّمِرْ مَعَ النَّوَى) فِيهِمَا، بِخِلَافِ مَا إذَا نُزِعَ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ لَا بَقَاءَ لَهُمَا، بِخِلَافِ الْمِشْمِشِ، وَالْخَوْخِ وَنَحْوِهِمَا؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي تَجْفِيفِهَا نَزْعُ النَّوَى.

وَحَرَّكَ مِيمَ التَّمْرِ لِلْوَقْفِ بِنَقْلِ حَرَكَةِ الرَّاءِ إلَيْهَا أَوْ لِلْوَزْنِ وَاخْتَارَ كَسْرَهَا؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي تَحْرِيكِ السَّاكِنِ وَلِأَنَّهُ أَنْسَبُ بِالرَّوِيِّ (وَمَاءِ رُمَّانٍ عُصِرْ) أَيْ وَكَعَصِيرِ رُمَّانٍ (وَعِنَبٍ وَرُطَبٍ وَقَصَبِ مَحْضٍ) أَيْ: خَالِصٍ مِنْ الْمَاءِ، وَالتَّصْرِيحُ هُنَا بِمَحْضٍ مِنْ زِيَادَتِهِ وَخَرَجَ بِهِ الْعَصِيرُ الْمَخْلُوطُ بِالْمَاءِ، أَوْ نَحْوِهِ (وَ) مِثْلِ (خَلِّ عِنَبٍ وَرُطَبِ) وَرُمَّانٍ وَقَصَبٍ إنْ جَاءَ مِنْهُمَا خَلٌّ، بِخِلَافِ خَلِّ الزَّبِيبِ، وَالتَّمْرِ؛ لِخَلْطِهِمَا بِالْمَاءِ فَيَمْتَنِعُ بَيْعُ خَلِّ كُلٍّ مِنْهُمَا بِمِثْلِهِ وَبِخَلِّ الْآخَرِ وَبَيْعُ خَلٍّ الرُّطَبِ بِخَلِّ التَّمْرِ وَخَلِّ الْعِنَبِ بِخَلِّ الزَّبِيبِ

ــ

[حاشية العبادي]

بِقَبْضِ الْمَبِيعِ الْمُعَيَّنِ وَإِنْ اسْتَحَقَّ الْبَائِعُ الْحَبْسَ حَجَرٌ

(قَوْلُهُ: فَقَالَ: أَيَنْقُصُ إلَخْ) وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام يَعْلَمُ أَنَّهُ يَنْقُصُ، إذَا يَبِسَ وَإِنَّمَا سَأَلَهُمْ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ عِلَّةَ الْمَنْعِ. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَكُنْ مُغْلًى بِالنَّارِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: بِخِلَافِ الْمُسَخَّنِ بِهَا بِلَا غَلَيَانٍ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ. اهـ. وَقَوْلُهُ: مَا لَمْ يَكُنْ أَيْ: اللَّبَنُ بِخِلَافِ السَّمْنِ فَإِنَّ نَارَهُ لَا تَضُرُّ؛ لِأَنَّهَا لِلتَّمْيِيزِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَفِي الْجَوَاهِرِ لَوْ عُقِدَتْ النَّارُ أَجْزَأَهُ السَّمْنُ لَمْ يَجُزْ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ.

(قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ بِمِثْلِهِ) وَتَقَدَّمَ قُبَيْلَ وَكُلَّ صَاعٍ أَنَّهُ لَوْ شَيَّبَ اللَّبَنَ بِالْمَاءِ بَطَلَ فَهَلْ الْمَخِيضُ مِنْهُ أَوْ يُفَرَّقُ فَيَصِحُّ هُنَا؟ . وَقَدْ بَحَثَ أَبُو زُرْعَةَ أَنَّ الْمَاءَ لَوْ قُصِدَ خَلْطَهُ بِاللَّبَنِ لِنَحْوِ حُمُوضَتِهِ، وَكَانَ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَخَلْطِ غَيْرِ الْمِسْكِ بِهِ لِلتَّرْكِيبِ. (قَوْلُهُ: لِلْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ) نَعَمْ يُعْفَى عَنْ يَسِيرِ مَا لَا يُؤَثِّرُ فِي الْكَيْلِ فِي مَخِيضٍ يَتَوَقَّفُ فَصْلُ الزُّبْدِ مِنْهُ عَلَيْهِ حَجَرٌ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ قِسْمًا مِنْهُ إلَخْ) أَيْ: وَأَيْضًا فَالْخَالِصُ مِنْ الْمَاءِ لَا يُبَاعُ بِاللَّبَنِ كَغَيْرِ الْخَالِصِ؛ لِأَنَّ اللَّبَنَ لَا يُبَاعُ بِمَا اتَّخَذَ مِنْهُ مِنْ سَمْنٍ وَمَخِيضٍ وَغَيْرِهِمَا. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا، إذَا نُزِعَ مِنْهُمَا) نَعَمْ لَوْ خُلِقَا بِلَا نَوًى جَازَ بِرّ. (قَوْلُهُ: وَمَاءِ رُمَّانٍ عُصِرَ) أَحْسَنُ مِنْ هَذَا قَوْلُ الْإِرْشَادِ وَعَصِيرُ كُلِّ مَطْعُومٍ وَخَلُّهُ بِلَا مَاءٍ أَيْ: فِيهِمَا بِرّ. (قَوْلُهُ: فَيَمْتَنِعُ بَيْعُ خَلِّ كُلٍّ مِنْهُمَا بِمِثْلِهِ وَبِخَلِّ الْآخَرِ) أَيْ:؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ، وَوَجْهُهُ فِي الثَّالِثَةِ كَوْنُ الْمَاءِ رِبَوِيًّا وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الطَّرَفَيْنِ أَقُولُ: هَذَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ أَمْرَانِ: الْأَوَّلُ مَا سَيَأْتِي أَنَّ الضِّمْنِيَّ، إذَا كَانَ فِي الطَّرَفَيْنِ لَا يَضُرُّ، الثَّانِي مَسْأَلَةُ الدَّارَيْنِ، إذَا كَانَ

ــ

[حاشية الشربيني]

اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْله فِيهِ إشَارَةٌ إلَخْ) قَالَ الرَّشِيدِيُّ: الْأَوْلَى فِيهِ إيمَاءٌ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ دَلَالَةِ الْإِيمَاءِ لَا الْإِشَارَةِ. اهـ. وَدَلَالَةُ الْإِيمَاءِ أَنْ يُفْهَمَ مِنْ عَرَضِ الْكَلَامِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَدُلَّ الْكَلَامُ عَلَيْهِ إجْمَالًا كَقَوْلِهِ: لَمْ أَتَنَاوَلْ شَيْئًا مِنْ الْأَمْسِ إلَى الْآنَ وَدَلَالَةُ الْإِشَارَةِ أَنْ يَدُلَّ الْكَلَامُ عَلَيْهِ إجْمَالًا كَقَوْلِهِ: تَصَدَّقَ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَهُوَ مِنْهُمْ. اهـ. بَعْضُ مَشَايِخِنَا.

(قَوْلُهُ: فِيهِ إشَارَةٌ إلَخْ) لِأَنَّ نُقْصَانَ الرُّطَبِ بِالْجَفَافِ، أَوْضَحُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ عَنْهُ فَكَانَ الْغَرَضُ مِنْ السُّؤَالِ الْإِشَارَةَ إلَى ذَلِكَ وَمِنْ ثَمَّ تَعْلَمُ أَنَّ امْتِنَاعَ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالْجَفَافِ لِتَحَقُّقِ النُّقْصَانِ وَامْتِنَاعَ الرُّطَبِ بِالرُّطَبِ لِجَهْلِ الْمُمَاثَلَةِ. اهـ. مم عَنْ الْإِسْنَوِيِّ.

(قَوْلُهُ: أَوْ خَاثِرًا) الْمُرَادُ مَا بَيْنَ الْحَلِيبِ، وَالرَّائِبِ. اهـ. شَرْحُ مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَكُنْ مُغْلًى بِالنَّارِ) وَفَارَقَ الْمَاءَ الْمَغْلِيَّ؛ لِأَنَّ الذَّاهِبَ مِنْهُ مَاءٌ مِنْ جِنْسِهِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

(قَوْلُهُ: أَكْثَرُ وَزْنًا) قِيلَ إنَّهُ أَكْثَرُ كَيْلًا أَيْضًا وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ لِتَسَاوِي الْمِكْيَالِ فِيهِمَا نَعَمْ أَكْثَرُ وَزْنًا، لَكِنْ لَا يُعْتَبَرُ الْوَزْنُ فِي الْكَيْلِ.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمَخْلُوطِ) أَيْ: لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَقَيَّدَهُ حَجَرٌ بِأَنْ لَا يَظْهَرُ فِي الْمِكْيَالِ فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ بِمِثْلِهِ إلَخْ) بَلْ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ مُطْلَقًا لِلْجَهْلِ بِاللَّبَنِ الْمَقْصُودِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا بِهَامِشِ الْمَحَلِّيِّ، وَفِي الْعُبَابِ وَغَيْرِهِ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ مَا خَالَطَهُ مَاءٌ. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ قِسْمًا مِنْهُ) أَيْ: مِنْ مُطْلَقِ اللَّبَنِ فَمُطْلَقُهُ قِسْمٌ، وَكُلٌّ مِنْ اللَّبَنِ بِحَالِهِ، وَالْحَامِضِ، وَالرَّائِبِ وَمَا بَعْدَهُ أَقْسَامٌ لَهُ وَكُلٌّ مِنْهَا مَعَ غَيْرِهِ قَسِيمٌ لَهُ.

(قَوْلُهُ: فَيَمْتَنِعُ بَيْعُ خَلِّ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَخْ) وَقَدْ نَظَمَ بَعْضُهُمْ مَسْأَلَةَ الْخُلُولِ بِقَوْلِهِ

مَسَائِلُ الْخُلُولِ عَشْرَةٌ حَصَرْت

فَخَمْسَةٌ حَلَّتْ وَخَمْسٌ حَرُمَتْ

مَسَائِلُ الْجَوَازِ خَلُّ الْعِنَبْ

بِمِثْلِهِ كَذَاك خَلُّ الرُّطَبْ

بِمِثْلِهِ أَيْضًا وَخَلُّ التَّمْرِ

بِخَلِّ أَعْنَابٍ نَفِيسِ الْقَدْرِ

وَخَلُّ أَعْنَابٍ بِخَلٍّ مِنْ رُطَبْ

وَهْوَ بِمَا مِنْ الزَّبِيبِ يُنْتَخَبْ

وَخَمْسَةُ الْحَظْرِ فَخَلٌّ مِنْ رُطَبْ

بِخَلِّ تَمْرٍ وَالزَّبِيبُ بِالْعِنَبْ

وَخَلُّ تَمْرٍ بَاطِلٌ بِمِثْلِهِ

وَمَعْ زَبِيبٍ بَاطِلٌ مِنْ أَصْلِهِ

خَلُّ زَبِيبٍ بَيْعُهُ بِخَلِّهِ

قَدْ حَرَّمُوهُ لَا تَقُلْ بِحِلِّهِ

(قَوْلُهُ: خَلُّ الْعِنَبِ بِخَلِّ الزَّبِيبِ) وَيَجُوزُ بَيْعُ عَصِيرِ الْعِنَبِ، أَوْ الرُّطَبِ بِمِثْلِهِ مُتَفَاضِلًا؛ لِأَنَّهُمَا جِنْسَانِ

ص: 417

؛ لِأَنَّ الْمَاءَ يَمْنَعُ الْعِلْمَ بِالْمُمَاثَلَةِ وَيَجُوزُ بَيْعُ كُلٍّ مِنْ خَلِّ الرُّطَبِ وَخَلِّ الْعِنَبِ بِمِثْلِهِ وَبِخَلِّ الْآخَرِ، وَكَذَا خَلُّ الرُّطَبِ بِخَلِّ الزَّبِيبِ وَخَلُّ الْعِنَبِ بِخَلِّ التَّمْرِ، وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ فِي إحْدَاهُمَا؛ لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ بَيْنَهُمَا غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ؛ لِأَنَّهَا جِنْسَانِ (وَ) مِثْلِ (سَائِرِ الثِّمَارِ) أَيْ: بَاقِيهَا (وَ) مِثْلِ (اللَّحْمِ إذَا جَفَّ بِدُونِ الْعَظْمِ) ؛ إذْ لَا يَتَعَلَّقُ بِبَقَائِهِ فِيهِ صَلَاحٌ، وَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ فِي بَيْعِ الطَّلْعِ بِالرُّطَبِ وَبِالتَّمْرِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: أَصَحُّهَا جَوَازُهُ بِطَلْعِ الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ وَيُشْتَرَطُ تَنَاهِي جَفَافِ اللَّحْمِ وَكُلِّ مَا يُوزَنُ، بِخِلَافِ التَّمْرِ وَكُلِّ مَا يُكَالُ؛ لِأَنَّ بَاقِي رُطُوبَةِ الْمَكِيلِ لَا تَظْهَرُ فِي الْكَيْلِ. وَقَلِيلُ الرُّطُوبَةِ يَظْهَرُ فِي الْوَزْنِ وَتَجُوزُ بَيْعُ الزَّيْتُونِ بِمِثْلِهِ حَالَ رُطُوبَتِهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَجِفُّ فَهُوَ مُسْتَثْنًى وَقَوْلُهُ: إذَا جَفَّ يَجُوزُ جَعْلُهُ قَيْدًا لِلَّحْمِ وَلِلثِّمَارِ وَيَجُوزُ جَعْلُهُ قَيْدًا لِلَّحْمِ فَقَطْ وَيُكْتَفَى عَنْهُ فِي الثِّمَارِ بِقِرَاءَتِهَا بِالْمُثَنَّاةِ (وَ) مِثْلِ (الْحَبِّ) كَالْبُرِّ، وَالشَّعِيرِ (كَذَا) أَيْ: جَافًّا.

(وَ) مِثْلِ (الْجَوْزِ، وَاللَّوْزِ) بِقَيْدٍ صَرَّحَ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ: (كَذَا) أَيْ: جَافَّيْنِ فَيُبَاعُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمِثْلِهِ (بِوَزْنِهِ) وَقِيلَ بِكَيْلِهِ وَقِيلَ بِالْوَزْنِ فِي الْجَوْزِ وَبِالْكَيْلِ فِي اللَّوْزِ؛ لِأَنَّ الْجَوْزَ أَكْبَرُ جِرْمًا مِنْ التَّمْرِ وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ وَبِهِ جَزَمَ الشَّيْخَانِ (وَ) مِثْلِ (اللُّبِّ مِنْ هَذَا وَذَا) أَيْ: مِنْ الْجَوْزِ، وَاللَّوْزِ (وَ) مِثْلِ (دُهْنِهِ) أَيْ: دُهْنِ لُبِّهِمَا فَعُلِمَ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لِلشَّيْءِ حَالَتَا كَمَالٍ فَأَكْثَرُ كَالْجَوْزِ يُعْتَبَرُ كَمَالُهُ

ــ

[حاشية العبادي]

فِيهِمَا بِئْرَانِ فَإِنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ كَذَا كَتَبَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ مَحَلَّ مَا سَيَأْتِي، إذَا كَانَ الضِّمْنِيُّ خَلْفَهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ غَيْرُ مُتَمَيِّزٍ فِي الْوَاقِعِ وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ مَاءَ الْبِئْرِ لَيْسَ مَقْصُودًا بِالذَّاتِ وَلَا كَالْجُزْءِ مِنْ الْمَقْصُودِ بِالذَّاتِ بِخِلَافِ مَاءِ الْخَلِّ.

(قَوْلُهُ: فَيَمْتَنِعُ بَيْعُ خَلِّ كُلٍّ مِنْهُمَا بِمِثْلِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ) يَنْبَغِي أَنْ لَا يُفَرَّقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَاءِ عَذْبًا، أَوْ غَيْرَ عَذْبٍ؛ لِأَنَّ الْجِنْسَ وَاحِدٌ، فَقَدْ وُجِدَ رِبَوِيٌّ وَاحِدٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَمَعَهُ شَيْءٌ آخَرُ وَذَلِكَ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ؛ إذْ لَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ الْآخَرُ رِبَوِيًّا، أَوْ لَا، وَأَمَّا فِي الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ عَذْبًا لِيَكُونَ رِبَوِيًّا فَيَكُونُ الْجِنْسُ الْوَاحِدُ وَهُوَ الْمَاءُ فِي الْجَانِبَيْنِ وَمَعَهُ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ الْخَلُّ فَتُحَقَّقُ الْقَاعِدَةُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَاءَ يَمْنَعُ إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ الْأُوَلِ، وَأَمَّا الْأَخِيرَتَانِ فَعَلَّلَهُمَا الرَّافِعِيُّ بِوُجُودِ الْمُفَاضَلَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ كَذَا كَتَبَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ، وَقَدْ يُقَالُ مَنْعُ الْعِلْمِ بِالْمُمَاثَلَةِ صَادِقٌ بِوُجُودِ الْمُفَاضَلَةِ فَكَلَامُ الشَّارِحِ شَامِلٌ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمَا جِنْسَانِ) فَهَذِهِ عَشْرُ مَسَائِلَ قَالَ الْجَوْجَرِيُّ: وَيَأْتِي مِثْلُهَا فِي عَصِيرِ ذَلِكَ بِرّ. (قَوْلُهُ: وَسَائِرِ الثِّمَارِ) فِي الْعُبَابِ كَالرَّوْضِ وَغَيْرِهِ وَمَا لَا يُكَالُ وَلَا يُوزَنُ كَبِطِّيخٍ وَقِثَّاءٍ أَيْ: وَسَفَرْجَلٍ وَأُتْرُجٍّ وَرُمَّانٍ وَنَحْوِهِمَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ يُبَاعُ بِغَيْرِ جِنْسِهِ مُتَفَاضِلًا، وَأَمَّا بِجِنْسِهِ فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَجِفُّ، وَلَوْ نَادِرًا كَمِشْمِشٍ وَخَوْخٍ، وَكُمَّثْرَى مُفَلَّقٍ بِيعَ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ جَافٍّ، وَإِنْ نُزِعَ نَوَاهُ لَا رَطْبًا كَمَا لَا يَجِفُّ مِنْهُ، وَمِنْ رُطَبٍ وَعِنَبٍ إلَّا الزَّيْتُونَ. اهـ. وَقَوْلُهُ: بِيعَ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ فِي شَرْحِهِ: وَهَلْ مِعْيَارُ مَا ذُكِرَ حِينَئِذٍ الْكَيْلُ، أَوْ الْوَزْنُ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ مُرَاعَاةُ حَالِ بَلَدِ الْبَيْعِ فِيهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَكْبَرَ جِرْمًا مِنْ التَّمْرِ وَإِلَّا فَالْوَزْنُ. ثُمَّ رَأَيْت الرَّافِعِيَّ رَجَّحَ عَلَى الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِجَوَازِ بَيْعِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ رَطْبًا أَنَّهُ إنْ لَمْ يُمْكِنْ كَيْلُهُ كَالْبِطِّيخِ، وَالْقِثَّاءِ بِيعَ وَزْنًا، وَإِنْ أَمْكَنَ كَالتُّفَّاحِ، وَالتِّينِ بِيعَ كَيْلًا. اهـ. وَهَذَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ لَهُ إنَّمَا كَانَ أَكْبَرَ جِرْمًا مِنْ التَّمْرِ مِعْيَارُهُ الْوَزْنُ فَالْأَوْجَهُ مَا ذَكَرْته. اهـ. وَنَظَرَ فِي قَوْلِهِ: كَغَيْرِهِ كَمِشْمِشٍ وَمَا بَعْدَهُ بِأَنَّهَا مُقَدَّرَةٌ، وَالْمُقْسَمُ مَا لَمْ يُقَدَّرْ بِكَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ، ثُمَّ أَوَّلُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلِ اللَّحْمِ، إذَا جَفَّ) قَالَ فِي الرَّوْضِ

ــ

[حاشية الشربيني]

لِإِفْرَاطِ التَّفَاوُتِ فِي الِاسْمِ، وَالصِّفَةِ قَالَهُ الشَّيْخَانِ وَكَذَا بَيْعُ الزَّبِيبِ بِخَلِّ الْعِنَبِ وَجَزَمَ السُّبْكِيُّ بِمَنْعِ بَيْعِ الزَّبِيبِ بِخَلِّ الْعِنَبِ؛ لِعَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ الشَّيْءِ بِمَا اُتُّخِذَ مِنْهُ وَيُؤْخَذُ مِمَّا قَالَهُ الشَّيْخَانِ أَنَّ مَحَلَّ امْتِنَاعِ بَيْعِ الشَّيْءِ بِمَا اتَّخَذَ مِنْهُ مَا لَمْ يَكُونَا كَامِلَيْنِ وَيُفْرَطُ التَّفَاوُتُ بَيْنَهُمَا فِيمَا ذَكَرَاهُ مِنْ الِاسْمِ، وَالصِّفَةِ، وَالْمَقْصُودِ. اهـ. حَجَرٌ لَكِنَّ السُّبْكِيَّ رَدَّ تَجْوِيزَ الشَّيْخَيْنِ الْمَذْكُورَ بِأَنَّهُمَا تَبِعَا مَا رَجَّحَهُ الْإِمَامُ وَأَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ ابْنِ الصَّبَّاغِ أَنَّهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ وَأَنَّ هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ قَالَ: وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِمَا بِحَالَةِ الْكَمَالِ أَنَّهُمَا جِنْسَانِ. اهـ. لَكِنَّ الَّذِي صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ الْأَوَّلُ. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَنْهَجِ وَمَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، لَكِنْ نَقَلَ الْعَلَّامَةُ الْعَبَّادِيُّ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ فِي حَاشِيَةِ الْعُبَابِ الْبُطْلَانَ وَهُوَ وَجِيهٌ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَمَا نُقِلَ عَنْ السُّبْكِيّ فِي خَلِّ الْعِنَبِ نَقَلَهُ عَنْهُ ق ل فِي عَصِيرِهِ أَيْضًا قَالَ: وَيُقَاسُ بِهِ خَلُّ الرُّطَبِ وَعَصِيرُهُ مَعَ التَّمْرِ وَعَكْسُهُمَا أَيْ: بَيْعُ الرُّطَبِ، وَالْعِنَبِ بِخَلِّ التَّمْرِ، وَالزَّبِيبِ. اهـ. وَقَالَ ح ل عَلَى الْمَنْهَجِ مَحَلُّ امْتِنَاعِ بَيْعِ الشَّيْءِ بِمَا اتَّخَذَ مِنْهُ إذَا كَانَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ مُشْتَمِلًا عَلَى الْمَأْخُوذِ كَالشَّيْرَجِ مَعَ السِّمْسِمِ، بِخِلَافِ مَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ كَالشَّيْرَجِ مَعَ الْكَسْبِ؛ لِأَنَّ الْكَسْبَ لَيْسَ مُشْتَمِلًا عَلَيْهِ. اهـ. وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الْعَصِيرِ مَعَ الْعِنَبِ دُونَ الْخَلِّ مَعَ الْعَصِيرِ؛ إذْ الْعَصِيرُ لَيْسَ مُشْتَمِلًا عَلَى الْخَلِّ وَلِذَا جَزَمَ ح ل بِصِحَّةِ بَيْعِ عَصِيرِ الْعِنَبِ مِثْلًا بِخَلِّهِ فَرَاجِعْهُ.

(قَوْلُهُ: وَسَائِرِ الثِّمَارِ) بِالْمُثَنَّاةِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الشَّرْحِ الْآتِي، وَلَوْ قُرِئَ بِالْمُثَلَّثَةِ لِيَشْمَلَ نَحْوَ الْقِثَّاءِ إذَا جَفَّ عَلَى نُدُورٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا ذ لَكَانَ أَفْيَدَ. (قَوْلُهُ: أَصَحُّهُمَا جَوَازُهُ إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ امْتِنَاعُ طَلْعِ الذُّكُورِ بِمِثْلِهِ. اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ رَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: بِطَلْعِ الذُّكُورِ) أَيْ: فِي طَلْعِ الذُّكُورِ أَيْ: فِي بَيْعِهِ بِالرُّطَبِ وَمَا بَعْدَهُ. اهـ. وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ أَصَحُّهَا جَوَازُهُ فِي طَلْعٍ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ تَنَاهِي إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ لِلِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمُصَنِّفِ حَيْثُ سَوَّى بَيْنَ اللَّحْمِ، وَالثِّمَارِ، وَالْحَبِّ فِي مُطْلَقِ الْجَفَافِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ لَا يَجِفُّ) أَيْ: لَا يَحْصُلُ لَهُ جَفَافٌ أَصْلًا مَعَ أَنَّ أَصْلَ الْجَفَافِ شَرْطٌ فِي الْمَكِيلِ وَمِنْهُ الزَّيْتُونُ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ مُسْتَثْنًى) أَيْ: مِنْ فَسَادِ بَيْعِ غَيْرِ مَا لَا يَحْصُلُ لَهُ جَفَافٌ وَإِنْ كَانَ مَا فِيهِ دُهْنِيَّةٌ لَا مَائِيَّةٌ فَإِنَّ ذَلِكَ إنَّمَا

ص: 418

صَحِيحًا وَلُبًّا وَدُهْنًا (لَا كُلِّ حَالٍ غَيْرَ مَا قُلْنَا) أَيْ: لَا كَكُلِّ حَالٍ (فُرِضْ) لِلْمَذْكُورَاتِ غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ كَدَقِيقٍ وَسَوِيقٍ وَجُبْنٍ، وَأَقِطٍ، وَمَصْلٍ، وَزُبْدٍ، وَقَصَبٍ، وَرُمَّانٍ وَزَبِيبِ وَتَمْرٍ بِلَا نَوًى كَمَا مَرَّ، وَخَلٍّ زَبِيبٍ وَتَمْرٍ وَعَصِيرِهِمَا، وَرُطَبٍ وَبُسْرٍ وَعِنَبٍ، وَحِصْرِمٍ، وَلَحْمٍ طَرِيٍّ وَجَافٍّ بِعَظْمِهِ فَلَا كَمَالَ فِيهَا، فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْهَا بِمِثْلِهِ، وَلَا بِمَا يَخْرُجُ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَخْرُجَ عَنْ كَوْنِهِ رِبَوِيًّا كَنُخَالَةٍ، وَمُسَوِّسٍ لَمْ يَبْقَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ اللُّبِّ وَذَلِكَ إمَّا لِخُرُوجِهِ عَنْ حَالِ الْكَمَالِ، أَوْ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِالْمُمَاثَلَةِ بِسَبَبِ التَّفَاوُتِ كَتَفَاوُتِ الدَّقِيقِ، وَالسَّوِيقِ فِي النُّعُومَةِ، وَالْجُبْنِ فِي خَلْطِ الْإِنْفَحَةِ، وَالْأَقِطِ فِي خَلْطِ الْمِلْحِ، وَالْمَصْلِ فِي خَلْطِ الدَّقِيقِ، وَالزُّبْدِ فِي خَلْطِ الْمَخِيضِ (وَمَا بِنَارٍ لَا لِتَمْيِيزٍ عُرِضْ) أَيْ: وَلَا كَكُلِّ مَا عُرِضَ عَلَى النَّارِ لَا لِلتَّمْيِيزِ بَلْ لِلْعَقْدِ، أَوْ لِلطَّبْخِ، أَوْ لِلشَّيِّ، أَوْ لِلْقَلْيِ كَالدِّبْسِ، وَالْفَانِيدِ، وَالسُّكَّرِ، وَاللِّبَأِ، وَالشِّوَاءِ، وَالْحِنْطَةِ الْمَقْلِيَّةِ، وَالنَّشَاءِ، وَالْخُبْزِ، فَلَا كَمَالَ فِيهِ؛ لِاخْتِلَافِ تَأْثِيرِ النَّارِ فِيهِ، بِخِلَافِ مَا عُرِضَ عَلَيْهَا لِلتَّمْيِيزِ كَالسَّمْنِ، وَالْعَسَلِ، وَالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ؛ لِأَنَّ النَّارَ فِي السَّمْنِ لِتَمْيِيزِ اللَّبَنِ، وَفِي الْعَسَلِ لِتَمْيِيزِ الشَّمْعِ، وَفِي الْأَخِيرَيْنِ لِتَمْيِيزِ الْغِشِّ.

وَلَوْ بِيعَ مِنْهَا شَيْءٌ قَبْلَ التَّمْيِيزِ بِمِثْلِهِ، أَوْ بِصَافٍ لَمْ يَصِحَّ لِقَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ الْآتِي بَيَانُهَا (كَسَلَمٍ) فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ فِيمَا عُرِضَ عَلَى النَّارِ لَا لِلتَّمْيِيزِ، فَلَا يَصِحُّ فِي السُّكَّرِ، وَالْفَانِيدِ، وَالدِّبْسِ، وَاللِّبَأِ، وَالْجِصِّ، وَالْآجُرِّ، وَهُوَ قَضِيَّةُ جَعْلِ الرَّافِعِيِّ فِيهَا وَجْهَيْ السَّلَمِ فِي الْخُبْزِ وَاعْتَمَدَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ، لَكِنْ حَذَفَ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ هَذَا التَّشْبِيهَ وَقَالَ: فِيهَا وَجْهَانِ وَصَحَّحَ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ الْجَوَازَ فِي كُلِّ مَا دَخَلَتْهُ نَارٌ لَطِيفَةٌ وَمَثَّلَ بِالسُّكَّرِ، وَالْفَانِيدِ، وَالدِّبْسِ، وَاللِّبَأِ، وَالْفَرْقُ عَلَى هَذَا بَيْنَ بَابَيْ الرِّبَا، وَالسَّلَمِ ضَيَّقَ بَابَ الرِّبَا، لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: قَلَّ مَنْ وَافَقَهُ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْبَابَيْنِ فِي هَذَا الْحُكْمِ وَقَوْلُهُ كَغَيْرِهِ: إنَّ نَارَهُ لَطِيفَةٌ خِلَافُ الْمُشَاهَدِ، وَهُوَ كَلَامُ مَنْ لَا عَهْدَ لَهُ بِعَمَلِ السُّكَّرِ. اهـ. وَيَجُوزُ بَيْعُ الْمَاءِ الْمَغْلِيِّ بِمِثْلِهِ صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ

(أَمَّا الْعَرَايَا فِي الرُّطَبْ دُونَ نِصَابِ الزَّكَوَاتِ كَالْعِنَبْ) أَيْ أَمَّا الْعَرَايَا وَهِيَ بَيْعُ الرُّطَبِ أَوْ الْعِنَبِ عَلَى شَجَرِهِ خَرْصًا بِمِثْلِهِ تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا كَيْلًا فِيمَا دُونَ نِصَابِ الزَّكَاةِ وَهُوَ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ كَمَا مَرَّ. (فِي يَابِسٍ)

ــ

[حاشية العبادي]

لَا رَطْبًا وَلَا مَمْلُوحًا بِمِلْحٍ يَظْهَرُ فِي الْوَزْنِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَرُطَبٍ) كَمَا أَنَّ الرُّطَبَ مِمَّا ذُكِرَ لَيْسَ فِي حَالَةِ كَمَالٍ كَذَلِكَ الْجَافُّ، إذَا خَرَجَ عَنْ الْجَفَافِ كَحِنْطَةٍ ابْتَلَّتْ بِرّ. (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ: عَدَمُ الْجَوَازِ إمَّا لِخُرُوجِهِ عَنْ حَالِ الْكَمَالِ، أَوْ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِالْمُمَاثَلَةِ فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ: لَا كُلِّ غَيْرِ مَا قُلْنَا مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ: حَالَ كَمَالِهِ كَسَمْنٍ وَلَبَنٍ إلَخْ فَهُوَ نَفْيٌ لِكَوْنِ ذَلِكَ حَالَةَ كَمَالٍ وَلِذَا قِيلَ قَالَ الشَّارِحُ قَبْلَ هَذَا: فَلَا كَمَالَ فِيهَا فَكَيْفَ يُنَاسِبُ أَنْ يَفْصِلَهُ الشَّارِحُ إلَى مَا خَرَجَ عَنْ حَالِ الْكَمَالِ وَإِلَى مَا عُدِمَ بِالْمُمَاثَلَةِ الْمُقْتَضِي لِأَنَّ هَذَا الْقِسْمَ لَمْ يَعُدْ حَالَ الْكَمَالِ، وَالْمَانِعُ فِيهِ شَيْءٌ آخَرُ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: فِي خَلْطِ الْمِلْحِ) يَنْبَغِي؛ أَخْذًا مِمَّا فِي أَعْلَى الْهَامِشِ فِي مَسْأَلَةِ اللَّحْمِ تَقْيِيدُهُ بِمِلْحٍ يَظْهَرُ فِي الْوَزْنِ هَذَا إنْ كَانَ مَوْزُونًا. (قَوْلُهُ: إنَّ نَارَهُ لَطِيفَةٌ) إنْ حُمِلَ قَوْلُهُمْ: لَطِيفَةٌ عَلَى مَعْنَى مَضْبُوطَةٍ فَلَا إشْكَالَ عَلَيْهِمْ

(قَوْلُهُ: أَمَّا الْعَرَايَا إلَخْ) أَقُولُ: لَا يَخْفَى إشْكَالُ تَرْكِيبِ الْمَتْنِ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِالْعَرَايَا مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: وَهِيَ بَيْعُ الرُّطَبِ إلَخْ صَارَ التَّقْدِيرُ أَمَّا بَيْعُ الرُّطَبِ إلَخْ فِي الرُّطَبِ إلَخْ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ أَوْ النَّخْلِ الَّذِي هُوَ الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ الْآتِي صَارَ التَّقْدِيرُ: أَمَّا النَّخْلُ فِي الرُّطَبِ إلَخْ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ أَيْضًا وَيُمْكِنُ أَنْ يُخْتَارَ الْأَوَّلُ وَيُجْعَلَ قَوْلُهُ: فِي الرُّطَبِ كَالْعِنَبِ حَالًا مُؤَكِّدَةً مِنْ الْعَرَايَا عَلَى قَوْلِ سِيبَوَيْهِ أَوْ مِنْ ضَمِيرِهَا فِي قَوْلِهِ فَرُخْصَتُهُ أَوْ تُجَرَّدُ الْعَرَايَا عَنْ بَعْضِ مَعْنَاهُ فَيُجْعَلُ بِمَعْنَى مُجَرَّدِ الْبَيْعِ فَقَوْلُهُ: فِي الرُّطَبِ إلَخْ حَالٌ مُؤَسِّسَةٌ فَالتَّقْدِيرُ عَلَى الْأَوَّلِ أَمَّا بَيْعُ الرُّطَبِ إلَخْ حَالَ كَوْنِهِ وَارِدًا أَوْ وَاقِعًا فِي الرُّطَبِ إلَخْ فَرُخْصَةٌ، أَوْ أَمَّا بَيْعُ الرُّطَبِ فَرُخْصَتُهُ هُوَ حَالَ كَوْنِهِ وَارِدًا، أَوْ وَاقِعًا فِي الرُّطَبِ إلَخْ وَعَلَى الثَّانِي أَمَّا الْبَيْعُ حَالَ كَوْنِهِ وَارِدًا، أَوْ وَاقِعًا فِي الرُّطَبِ إلَخْ، أَوْ أَمَّا الْبَيْعُ فَرُخْصَتُهُ حَالَ كَوْنِهِ فِي الرُّطَبِ إلَخْ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ يَبْقَى الْإِشْكَالُ فِي قَوْلِهِ: فِي يَابِسٍ إذْ لَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ الْعَرَايَا فِي الرُّطَبِ فِي يَابِسٍ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِجَعْلِ فِي لِلْمُصَاحَبَةِ، وَالتَّقْدِيرُ فِي الرُّطَبِ كَالْعِنَبِ مَعَ الْيَابِسِ مِنْهُمَا وَمَعْنَى وُرُودِ الْبَيْعِ، أَوْ وُقُوعِهِ فِي الرُّطَبِ مَعَ الْيَابِسِ تَعَلُّقُهُ بِمُقَابَلَةِ أَحَدِهِمَا مَعَ الْآخَرِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: دُونَ نِصَابٍ فَيَنْبَغِي جَعْلُهُ حَالًا مِنْ الرُّطَبِ كَالْعِنَبِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: تَمْرًا، أَوْ زَبِيبًا) أَيْ عَلَى الْأَرْضِ كَمَا قَيَّدَ بِهِ الشَّيْخَانِ.

ــ

[حاشية الشربيني]

يَمْتَنِعُ كَوْنُهُ رَطْبًا؛ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِمَا فِيهِ مَائِيَّةٌ وَلَا يَمْتَنِعُ كَوْنُهُ غَيْرَ جَافٍّ، وَالشَّرْطُ إنَّمَا هُوَ الْجَفَافُ تَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: وَلَا بِمَا يَخْرُجُ مِنْهُ) يُفِيدُ أَنَّ غَيْرَ مَا ذَكَرَهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: وَالْأَقِطِ فِي خَلْطِ الْمِلْحِ) أَيْ: الْقِطَعِ الصَّغِيرَةِ.

(قَوْلُهُ: فَلَا كَمَالَ فِيهِ) فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْهَا بِجِنْسِهِ وَلَا بَعْضِهَا بِبَعْضٍ؛ لِعَدَمِ الْكَمَالِ الَّذِي تُعْتَبَرُ الْمُمَاثَلَةُ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَقَوْلُهُ بِجِنْسِهِ أَيْ: أَصْلِهِ. (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ م ر وَحَجَرٌ. (قَوْلُهُ: لَطِيفَةٌ) أَيْ: مُنْضَبِطَةٌ. اهـ. م ر وَلَعَلَّ انْضِبَاطَهَا وَإِنْ كَفَى فِي بَيَانِ الْمُسْلَمِ فِيهِ لَا يَكْفِي فِي عِلْمِ الْمُمَاثَلَةِ يَقِينًا.

(قَوْلُهُ: وَمَثَّلَ بِالسُّكَّرِ إلَخْ) مِثْلُهُ مَاءُ الْوَرْدِ، وَالشَّمْعُ، وَالزُّجَاجُ، وَالْآجُرُّ الَّذِي كَمُلَ نُضْجُهُ، وَالْخَزَفُ، وَالْفَحْمُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْمَسْمُوطُ؛ لِأَنَّ النَّارَ لَا تَعْمَلُ فِيهِ عَمَلًا لَهُ تَأْثِيرٌ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ

(قَوْلُهُ: دُونَ نِصَابِ الزَّكَوَاتِ) بِأَنْ يُنْقِصَ عَنْهُ قَدْرًا يَزِيدُ عَلَى مَا يَقَعُ بِهِ التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ، فَلَا يَكْفِي نَقْصُ مُدٍّ إذْ لَا يُسَمَّى نَقْصًا عُرْفًا اهـ مِنْ حَوَاشِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: بَيْعُ الرُّطَبِ إلَخْ) أَيْ: إذَا بَدَا صَلَاحُ كُلٍّ

ص: 419

مِنْ ذَلِكَ (فَرُخْصَةٌ) مِنْ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ لِأَنَّهُ «صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ وَرَخَّصَ فِي الْعَرَايَا أَنْ تُبَاعَ بِخَرْصِهَا يَأْكُلُهَا أَهْلُهَا رُطَبًا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَرَوَيَا أَيْضًا أَنَّهُ «أَرْخَصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ أَوْ فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ» ، شَكَّ دَاوُد بْنُ الْحُصَيْنِ أَحَدُ رُوَاتِهِ فَأَخَذَ الشَّافِعِيُّ بِالْأَقَلِّ وَقِيسَ بِالتَّمْرِ الْعِنَبُ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا زَكَوِيٌّ يُمْكِنُ خَرْصُهُ وَيُدَّخَرُ يَابِسُهُ، وَمِثْلُهُمَا الْبُسْرُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِخِلَافِ سَائِرِ الثِّمَارِ كَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ؛ لِأَنَّهَا مُتَفَرِّقَةٌ مَسْتُورَةٌ بِالْأَوْرَاقِ فَلَا يُمْكِنُ خَرْصُهَا (لَا) فِي (الزَّائِدِ) عَلَى مَا دُونَ النِّصَابِ (فِي صَفْقَةٍ) وَاحِدَةٍ فَلَا يُرَخَّصُ فِيهِ فَيَبْطُلُ الْبَيْعُ فِي الْكُلِّ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ بِخِلَافِ الزَّائِدِ فِي صَفْقَتَيْنِ فَأَكْثَرَ سَوَاءٌ تَعَدَّدَتْ الصَّفْقَةُ بِتَعَدُّدِ الْعَاقِدِ أَمْ بِتَعَدُّدِ الْعَقْدِ وَلَا يَضُرُّ زِيَادَتُهُ عَلَى ذَلِكَ رَطَبًا إذَا كَانَ دُونَهُ يَابِسًا كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ فِي يَابِسٍ وَمَا تَقَرَّرَ ثَابِتٌ (لِمُعْدِمٍ) مِنْ أَعْدَمَ الرَّجُلُ أَيْ افْتَقَرَ أَيْ لِفَقِيرٍ (وَوَاجِدِ) أَيْ غَنِيٍّ لِإِطْلَاقِ الْأَخْبَارِ فِيهِ وَمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ:«أَنَّ رِجَالًا مُحْتَاجِينَ مِنْ الْأَنْصَارِ شَكَوْا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الرُّطَبَ يَأْتِي وَلَا نَقْدَ بِأَيْدِيهِمْ يَبْتَاعُونَ بِهِ رُطَبًا يَأْكُلُونَهُ مَعَ النَّاسِ وَعِنْدَهُمْ فَضْلُ قُوتِهِمْ مِنْ التَّمْرِ فَرَخَّصَ لَهُمْ أَنْ يَبْتَاعُوا الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا مِنْ التَّمْرِ» أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ هَذَا حِكْمَةُ الْمَشْرُوعِيَّةِ، ثُمَّ قَدْ يَعُمُّ الْحُكْمُ كَمَا فِي الرَّمَلِ وَالِاضْطِبَاعِ فِي الطَّوَافِ وَسَكَتَ عَنْ اشْتِرَاطِ التَّقَابُضِ وَالتَّمَاثُلِ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا مَرَّ، فَإِنْ تَلِفَ الرُّطَبُ بِأَكْلٍ أَوْ غَيْرِهِ فَذَاكَ وَإِنْ يَبِسَ وَظَهَرَ تَفَاوُتٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّمْرِ فَإِنْ كَانَ قَدْرَ مَا يَقَعُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ لَمْ يَضُرَّ وَإِلَّا فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ وَقَبْضُ مَا عَلَى الشَّجَرِ بِالتَّخْلِيَةِ وَمَا عَلَى الْأَرْضِ بِالْكَيْلِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي وَقَوْلُهُ: لِمُعْدَمٍ وَوَاجِدٍ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ بَيْعُ كُلٍّ مِنْ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ بِمِثْلِهِ عَلَى الشَّجَرِ أَوْ الْأَرْضِ لِانْتِفَاءِ حَاجَةِ الرُّخْصَةِ وَهِيَ تَحْصِيلُ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ، وَأَنَّهُ يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ عَلَى الْأَرْضِ بِمِثْلِهِ يَابِسًا إذْ مِنْ جُمْلَةِ الْمَعَانِي فِيهَا أَكْلُهُ طَرِيًّا عَلَى التَّدْرِيجِ وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا وَأَنَّهُ يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ عَلَى الشَّجَرِ بِمِثْلِهِ يَابِسًا خَرْصًا؛ لِئَلَّا يَعْظُمَ الْغَرَرُ فِي الْبَيْعِ، وَالْعَرَايَا جَمْعُ عَرِيَّةٍ وَهِيَ لُغَةً النَّخْلَةُ؛ لِأَنَّهَا أُعْرِيَتْ أَيْ أُفْرِدَتْ مِنْ بَاقِي النَّخِيلِ فَتَسْمِيَةُ الْعَقْدِ بِذَلِكَ مَجَازٌ عَنْ أَصْلِ مَا عُقِدَ عَلَيْهِ.

وَلَمَّا قَدَّمَ اعْتِبَارَ الْمُمَاثَلَةِ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ وَعَدَمَ اعْتِبَارِهَا فِي غَيْرِهِ أَخَذَ فِي بَيَانِهِمَا فَقَالَ (وَمَا يُخَالِفْ لِسِوَاهُ) بِزِيَادَةِ اللَّامِ أَيْ وَمَا يُخَالِفُ غَيْرَهُ (فِي اسْمِهِ) وَإِنْ اتَّحَدَ أَصْلُهُمَا كَقَلْبِ الْغَنَمِ مَعَ كَبِدِهِ وَسَنَامِ الْإِبِلِ مَعَ مُخِّهِ (أَوْ) يُخَالِفُهُ فِي (أَصْلِهِ) وَإِنْ اتَّحَدَ اسْمُهُمَا كَلَحْمِ الْغَنَمِ مَعَ لَحْمِ الْبَقَرِ وَالْبَرِّيِّ مَعَ الْبَحْرِيِّ وَالْأَهْلِيِّ مَعَ الْوَحْشِيِّ وَدَقِيقِ الْبُرِّ مَعَ دَقِيقِ الشَّعِيرِ وَدُهْنِ الْجَوْزِ مَعَ دُهْنِ اللَّوْزِ وَخَلِّ الْعِنَبِ مَعَ خَلِّ الرُّطَبِ (فَغَيْرُ جِنْسٍ سَمِّهِ) فَهُمَا جِنْسَانِ فَيُبَاعُ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ مُتَفَاضِلًا وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ بِالْمَنْطُوقِ بِجَعْلِ أَوْ مَانِعَةَ خُلُوٍّ وَبِمَفْهُومِ الْأَوْلَى حُصُولُ التَّغَايُرِ بِاخْتِلَافِ الِاسْمِ وَالْأَصْلِ مَعًا وَأَمَّا لَحْمُ الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ بَقَرٍ وَغَنَمٍ مَثَلًا فَهَلْ يُجْعَلُ جِنْسًا بِرَأْسِهِ أَوْ يُجْعَلُ مَعَ لَحْمِ أَبَوَيْهِ كَالْجِنْسِ الْوَاحِدِ احْتِيَاطًا فَيَحْرُمُ بَيْعُ لَحْمِهِ بِلَحْمِهِمَا مُتَفَاضِلًا؟ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ وَيَظْهَرُ الثَّانِي لِضِيقِ الْبَابِ.

(وَسُكَّرًا) أَحْمَرَ وَنَبَاتًا (وَالْقَطْرَ) النَّبَاتَ وَالْمُكَرَّرَ (وَالطَّبَرْزَذَا) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ: السُّكَّرَ الْأَبْيَضَ الْمُعْتَادَ (وَحِّدْ) أَيْ: اُحْكُمْ بِأَنَّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ؛ لِاتِّحَادِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَرَخَّصَ فِي الْعَرَايَا) الْمُنَاسِبُ إرَادَةُ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (قَوْلُهُ: فِي الْكُلِّ) وَلَا تُفَرَّقُ الصَّفْقَةُ (قَوْلُهُ: وَمَا عَلَى الْأَرْضِ بِالْكَيْلِ) لَعَلَّ اعْتِبَارَ الْكَيْلِ لِحُصُولِ الْقَبْضِ الْمُفِيدِ لِحِلِّ التَّصَرُّفِ لَا لِمُجَرَّدِ صِحَّةِ الْعَقْدِ وَالْخُرُوجِ عَنْ الرِّبَا إذْ يَكْفِي فِي ذَلِكَ الْقَبْضُ الْمُفِيدُ لِلضَّمَانِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى نَحْوِ الْكَيْلِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا) فِيهِ بَحْثٌ إذْ لَوْ اشْتَرَى عَلَى التَّدْرِيجِ مَا يَأْكُلُهُ أَوَّلًا فَأَوَّلًا لَمْ يَنْتِفْ عَنْهُ ذَلِكَ الْمَعْنَى فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِمِثْلِهِ يَابِسًا خَرْصًا) أَيْ بِأَنْ يُحْزَرَ قَدْرُ الْيَابِسِ مِنْ غَيْرِ كَيْلٍ لَهُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ تَعْبِيرُ شَرْحِ الرَّوْضِ بِقَوْلِهِ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: كَيْلًا أَنَّهُ يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ بِقَدْرِهِ يَابِسًا خَرْصًا وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِئَلَّا يَعْظُمَ الْغَرَرُ فِي الْبَيْعِ اهـ وَبِهَذَا يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا اشْتِبَاهَ لِهَذَا بِقَوْلِهِ السَّابِقِ بِمِثْلِهِ عَلَى الشَّجَرِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ هُنَاكَ الرُّطَبُ، وَالثَّمَنَ هُنَا التَّمْرُ الْيَابِسُ لَكِنَّهُ لَمْ يَكْمُلْ بَلْ حُزِرَ قَدْرُهُ (قَوْلُهُ: خَرْصًا) أَيْ: أَوْ عَلَى الشَّجَرِ كَمَا اقْتَضَاهُ تَقْيِيدُ الشَّيْخَيْنِ التَّمْرَ وَالزَّبِيبَ بِكَوْنِهِمَا عَلَى الْأَرْضِ وَقَدْ يُقَالُ قَوْلُهُ: خَرْصًا يَشْمَلُ مَا عَلَى الشَّجَرِ (قَوْلُهُ: مَجَازٌ عَنْ أَصْلِ مَا عُقِدَ عَلَيْهِ) هَذَا ظَاهِرٌ بِحَسَبِ اللُّغَةِ، أَمَّا بِحَسَبِ اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ فَقَدْ يُقَالُ: إنَّ إطْلَاقَهَا عَلَى الْعَقْدِ حَقِيقَةٌ.

(قَوْلُهُ: فِي اسْمِهِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَالْكَبِدُ وَالطِّحَالُ وَالْقَلْبُ وَالْكِرْشُ وَالرِّئَةُ وَالْمُخُّ أَجْنَاسٌ أَيْ: وَلَوْ كَانَتْ مِنْ حَيَوَانٍ وَاحِدٍ كَمَا فِي شَرْحِهِ وَشَحْمُ الظَّهْرِ، أَوْ الْبَطْنِ وَالسَّنَامُ أَجْنَاسٌ وَكَذَا الرَّأْسُ وَالْأَكَارِعُ أَيْ: جِنْسَانِ (قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ الثَّانِي) اعْتَمَدَهُ م ر.

ــ

[حاشية الشربيني]

مِنْهُمَا. اهـ. نَاشِرِيٌّ (قَوْلُهُ: خَرْصًا) وَيَكْفِي خَارِصٌ وَاحِدٌ ثِقَةٌ فَإِنْ تُرِكَ حَتَّى جَفَّ فَظَهَرَ فِيهِ تَفَاوُتٌ فَوْقَ مَا يَقَعُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ بَانَ بُطْلَانُ الْعَقْدِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ وَقَوْلُهُ وَيَكْفِي خَارِصٌ وَاحِدٌ أَيْ: هُنَا بِخِلَافِ الزَّكَاةِ وَيَكْفِي الْوَاحِدُ هُنَا وَلَوْ كَانَ أَحَدُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ. اهـ. نَاشِرِيٌّ. (قَوْلُهُ: فِي يَابِسٍ) وَلَوْ عَلَى الشَّجَرِ بِأَنْ يَبِيعَ بِهِ مُكَايَلَةً (قَوْلُهُ: فِي يَابِسٍ) لَعَلَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ دُونَ نِصَابِ الزَّكَاةِ، وَعِبَارَةُ الْحَاوِي: وَالْعَرَايَا فِي الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ دُونَ نِصَابِ الزَّكَاةِ فِي الْجَفَافِ رُخْصَةٌ. (قَوْلُهُ: الْبُسْرُ) بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: عَلَى ذَلِكَ) أَيْ: مَا دُونَ النِّصَابِ وَقَوْلُهُ دُونَهُ أَيْ: النِّصَابِ. (قَوْلُهُ: كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ: فِي يَابِسٍ) يُفِيدُ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ دُونَ نِصَابٍ أَيْ الْعَرَايَا رُخْصَةٌ فِي الرُّطَبِ إذَا كَانَ دُونَ نِصَابٍ مِنْ يَابِسٍ وَهُوَ خِلَافُ مَا قَرَّرَهُ الْمُحَشِّي فَانْظُرْهُ

(قَوْلُهُ: بِالذَّالِ) أَيْ: الْأَخِيرَةُ، أَمَّا الَّتِي قَبْلَهَا فَهِيَ زَايٌ فِي جَمِيعِ مَا رَأَيْته إلَّا فِي

ص: 420

أَصْلِهَا وَهُوَ الْقَصَبُ، وَاخْتِلَافُ اسْمِهَا لِاخْتِلَافِ نَوْعِهَا لَا جِنْسِهَا إذْ لِكُلٍّ سُكَّرٌ وَأَفَادَ بِعُدُولِهِ عَنْ تَعْبِيرِ الْحَاوِي بِالنَّبَاتِ أَنَّ السُّكَّرَ شَامِلٌ لَهُ وَأَنَّ الْقَطْرَ بِنَوْعَيْهِ مَعَ ذِكْرِ جِنْسٍ كَمَا تَقَرَّرَ وَمِثْلُهَا الْخُبْزُ وَالدَّقِيقُ وَنَحْوُهُمَا فَمَحَلُّ قَوْلِهِمْ وَمَا خَالَفَ غَيْرَهُ فِي اسْمِهِ جِنْسَانِ إذَا لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا أَصْلًا لِلْآخَرِ، وَالْغَرَضُ بَيَانُ اتِّحَادِ جِنْسِهَا لِيُعْلَمَ امْتِنَاعُ بَيْعِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ لِكَوْنِهَا مَعْرُوضَةً عَلَى النَّارِ لَا لِلتَّمْيِيزِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَأَمَّا السُّكَّرُ وَالْفَانِيدُ فَجِنْسَانِ عَلَى الْأَظْهَرِ لِاخْتِلَافِ قَصَبِهِمَا قَالَ بَعْضُهُمْ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْفَانِيدِ الْعَسَلَ الْمُرْسَلَ فَإِنَّهُ مَعَ السُّكَّرِ مُخْتَلِفُ الْقَصَبِ؛ لِأَنَّهُ يُتَّخَذُ مِنْ قَصَبٍ قَلِيلِ الْحَلَاوَةِ كَأَعَالِي الْعِيدَانِ، وَالسُّكَّرُ يُطْبَخُ مِنْ أَسَافِلِهَا وَأَوْسَاطِهَا؛ لِشِدَّةِ حَلَاوَتِهَا وَالْعَسَلُ الْمُرْسَلُ مَعَ الْقُطَارَةِ جِنْسٌ وَاحِدٌ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ.

(وَدَرُّ الضَّأْنِ وَالْمِعْزَى) أَيْ لَبَنُهُمَا (كَذَا) أَيْ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَكَذَا لَحْمُهَا لِتَنَاوُلِ اسْمِ الْغَنَمِ لَهُمَا كَتَنَاوُلِ اسْمِ الْبَقَرِ لِلْجَامُوسِ وَالْعِرَابِ.

(وَزَيْتُ زَيْتُونٍ مَعَ الْفُجْلِيِّ) أَيْ: مَعَ زَيْتِ الْفُجْلِ بِضَمِّ الْفَاءِ (جِنْسَانِ) كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ لِاخْتِلَافِ أَصْلِهِمَا (كَالْبِطِّيخِ) الْأَصْفَرِ (وَ) الْبِطِّيخِ (الْهِنْدِيِّ) أَيْ: الْأَخْضَرِ فَإِنَّهُمَا جِنْسَانِ لِاخْتِلَافِهِمَا صُورَةً وَطَعْمًا وَطَبْعًا وَكَالتَّمْرِ الْمَعْرُوفِ مَعَ التَّمْرِ الْهِنْدِيِّ، وَكَذَا الْقِثَّاءُ مَعَ الْخِيَارِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ.

، ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَغَيْرِهَا مِمَّا شَارَكَهَا فِي الْبُطْلَانِ فَقَالَ (وَعِنْدَ جَمْعِ الْعَقْدِ) الْوَاحِدِ (جِنْسًا) وَاحِدًا (رِبَوِيّ) بِالْوَقْفِ بِلُغَةِ رَبِيعَةَ أَيْ: رِبَوِيًّا (فِي طَرَفَيْهِ) أَيْ الْعَقْدِ إمَّا حَقِيقَةً فِيهِمَا أَوْ حَقِيقَةً فِي أَحَدِهِمَا وَضِمْنًا فِي الْآخَرِ كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ الضِّمْنُ حُوِيَ فِي طَرَفٍ لَا فِيهِمَا) أَيْ وَلَوْ وُجِدَ الرِّبَوِيُّ ضِمْنًا فِي أَحَدِ طَرَفَيْهِ لَا فِي طَرَفَيْهِ مَعًا (وَاخْتَلَفَا جِنْسٌ) أَيْ وَقَدْ اخْتَلَفَ جِنْسُ الْمَبِيعِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ كَمُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ أَوْ ثَوْبٍ بِمِثْلِهِمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا كَمُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ بِمُدَّيْنِ أَوْ دِرْهَمَيْنِ، (أَوْ) اخْتَلَفَ (النَّوْعُ) كَذَلِكَ كَمُدِّ عَجْوَةٍ وَمُدٍّ صَيْحَانِيٍّ بِمِثْلِهِمَا أَوْ بِمُدَّيْ عَجْوَةٍ أَوْ صَيْحَانِيٍّ بَطَلَ الْعَقْدُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ «أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِقِلَادَةٍ فِيهَا خَرَزٌ وَذَهَبٌ تُبَاعُ بِتِسْعَةِ دَنَانِيرَ فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالذَّهَبِ الَّذِي فِي الْقِلَادَةِ فَنُزِعَ وَحْدَهُ، ثُمَّ قَالَ: الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَزْنًا بِوَزْنٍ» وَفِي رِوَايَةٍ «لَا تُبَاعُ حَتَّى تُفْصَلَ» ؛ وَلِأَنَّ قَضِيَّةَ اشْتِمَالِ أَحَدِ طَرَفَيْ الْعَقْدِ عَلَى مَالَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ تَوْزِيعُ مَا فِي الْآخَرِ عَلَيْهِمَا اعْتِبَارًا بِالْقِيمَةِ كَمَا فِي بَيْعِ شِقْصٍ مَشْفُوعٍ وَسَيْفٍ بِأَلْفٍ وَقِيمَةُ الشِّقْصِ مِائَةٌ وَالسَّيْفِ خَمْسُونَ فَإِنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُ الشِّقْصَ بِثُلُثَيْ الثَّمَنِ، وَالتَّوْزِيعَ هُنَا يُؤَدِّي إلَى الْمُفَاضَلَةِ أَوْ الْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ فَفِي بَيْعِ مُدٍّ وَدِرْهَمٍ بِمُدَّيْنِ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْمُدِّ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: لِاخْتِلَافِ نَوْعِهَا) قَدْ يُقَالُ هَذَا لَا يَمْنَعُ وُرُودَهَا عَلَى قَوْلِهِ وَمَا يُخَالِفُ لِسِوَاهُ فِي اسْمِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِالنَّبَاتِ) أَيْ: إلَى الْفِطْرِ إذَا لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا أَصْلًا لِلْآخَرِ يَرِدُ عَلَيْهِ عَصِيرُ الْعِنَبِ مَعَ خَلِّهِ فَإِنَّهُمَا جِنْسَانِ وَكَذَا الْمَخِيضُ مَعَ السَّمْنِ جِنْسَانِ. (قَوْلُهُ: أَحَدُهُمَا أَصْلًا إلَخْ) كَمَا كَانَ الدَّقِيقُ أَصْلًا لِلْخُبْزِ. (قَوْلُهُ: لِيُعْلَمَ امْتِنَاعُ إلَخْ) لَا لِيَجُوزَ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ بِشَرْطِ التَّمَاثُلِ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ. (قَوْلُهُ: قَالَ بَعْضُهُمْ الظَّاهِرُ إلَخْ) هَذَا قَدْ يُرَدُّ بِمَا ذَكَرُوهُ فِي التَّبَسُّطِ مِنْ الْغَنِيمَةِ حَيْثُ قَالُوا يُتَبَسَّطُ مِنْ الْمُعْتَادِ كَالْعَسَلِ وَالْعِنَبِ لَا مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ نَادِرًا كَالْفَانِيدِ وَالسُّكَّرِ وَالِاعْتِذَارُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَسَلِ الْعَسَلُ النَّحْلُ، وَبِالْفَانِيدِ الْعَسَلُ لَا يَخْفَى مَا فِيهِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَأَقُولُ: هَذَا الْمَذْكُورُ فِي التَّبَسُّطِ لَا يُنَافِي أَنَّهُ أَرَادَ هُنَا مَا ذُكِرَ وَلَعَلَّهُ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِلَفْظِ قَدْ. (قَوْلُهُ: الْعَسَلَ الْمُرْسَلَ) قَالَ فِي الْقُوتِ اسْمُ الْعَسَلِ يَخْتَصُّ بِعَسَلِ الْفُجْلِ وَإِطْلَاقُهُ عَلَى غَيْرِهِ مَجَازٌ وَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِعَسَلِ النَّحْلِ مُتَفَاضِلًا بِرّ. (قَوْلُهُ: كَأَعَالِي الْعِيدَانِ) قَدْ يَسْتَشْكِلُ أَنَّ أَعَالِيَ الْعِيدَانِ وَأَسَافِلَهَا جِنْسَانِ. (قَوْلُهُ: لِاخْتِلَافِ أَصْلِهِمَا) قَالَ الْجَوْجَرِيُّ وَكَذَا اسْمُهُمَا؛ لِأَنَّ زَيْتَ الْفُجْلِ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ إلَّا مُقَيَّدًا وَجَعَلَ نَظِيرَ التَّعْلِيلِ جَارِيًا فِي التَّعْلِيلِ الْآتِي. (فَرْعٌ) بَيَاضُ الْبَيْضِ وَصَفَارُهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَالرُّويَانِيُّ وَدُهْنُ الْبَانِ وَالْوَرْدِ وَالْبَنَفْسَجِ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ أَصْلَهَا وَاحِدٌ وَهُوَ الشَّيْرَجُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ فِي الْقُوتِ بِرّ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ الضِّمْنُ) حَوَى فِيهِ ضَمِيرُ الرِّبَوِيِّ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ وُجِدَ الرِّبَوِيُّ) أَيْ: الْجِنْسِيُّ الرِّبَوِيُّ. (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا) ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ. (قَوْلُهُ: فَيُقَابِلُهُ ثُلُثَا الْمُدَّيْنِ) .

ــ

[حاشية الشربيني]

شَرْحِ الرَّوْضِ فَهِيَ ذَالٌ مُعْجَمَةٌ أَيْضًا قَالَ النَّاشِرِيُّ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لِمُجَاوَرَتِهِ الطَّبَرَ وَهِيَ الْحَدِيدَةُ الَّتِي يُقْطَعُ بِهَا قَصَبُ السُّكَّرِ أَوْ الْحَدِيدَةُ الَّتِي يُجَرَّدُ بِهَا الْأَبَاطِيحُ اهـ فَلْيُحَرَّرْ ذَلِكَ كُلُّهُ. (قَوْلُهُ: عَنْ تَعْبِيرِ الْحَاوِي) حَيْثُ قَالَ كَالسُّكَّرِ وَالنَّبَاتِ وَالطَّبَرِ زد

(قَوْلُهُ: عَجْوَةٍ) اسْمٌ لِنَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ تَمْرِ الْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ الْعَجْوَةَ الْمَعْرُوفَةَ؛ لِأَنَّهَا مَوْزُونَةٌ لَا مَكِيلَةٌ وَالْمُدُّ مِنْ الْمَكِيلِ. اهـ. ق ل بِزِيَادَةٍ. (قَوْلُهُ:؛ وَلِأَنَّ قَضِيَّتَهُ إلَخْ) أَيْ: لَازِمَهُ وَحَقَّهُ ذَلِكَ اهـ جَمَلٌ. (قَوْلُهُ: يُؤَدِّي إلَى الْمُفَاضَلَةِ) أَيْ: فِي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ صُورَةً وَقَوْلُهُ: أَوْ الْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ أَيْ: فِي تِسْعِ صُوَرٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الْجِنْسِ فِيهِ سِتُّ صُوَرٍ فِيهَا الْمُفَاضَلَةُ الْمُحَقَّقَةُ وَثَلَاثٌ فِيهَا الْجَهْلُ بِالْمُمَاثَلَةِ، وَكَذَا صُوَرُ النَّوْعِ وَصُوَرُ الصِّفَةِ فَمَتَى فُرِضَ الْمُدُّ الَّذِي مَعَ الدِّرْهَمِ أَزْيَدَ أَوْ أَنْقَصَ قِيمَةً فَالْمُفَاضَلَةُ

ص: 421

الَّذِي مَعَ الدِّرْهَمِ أَكْثَرَ مِنْ دِرْهَمٍ كَدِرْهَمَيْنِ فَالْمُدُّ ثُلُثَا طَرَفِهِ فَيُقَابِلُهُ ثُلُثَا الْمُدَّيْنِ أَوْ دُونَهُ كَنِصْفٍ، فَالْمُدُّ ثُلُثُ طَرَفِهِ فَيُقَابِلُهُ ثُلُثُ الْمُدَّيْنِ فَتَلْزَمُ الْمُفَاضَلَةُ أَوْ مِثْلُهُ فَالْمُمَاثَلَةُ مَجْهُولَةٌ؛ لِأَنَّهَا تَعْتَمِدُ التَّقْوِيمَ وَهُوَ تَخْمِينٌ قَدْ يُخْطِئ.

وَخَرَجَ بِمَا قَالَهُ مَا لَوْ جَمَعَ ذَلِكَ عَقْدَانِ بِأَنْ قُوبِلَ كُلُّ جِنْسٍ بِجِنْسِهِ أَوْ بِالْآخَرِ وَمَا لَوْ جَمَعَ عَقْدٌ جِنْسَيْنِ كَصَاعِ بُرٍّ وَصَاعِ شَعِيرٍ بِصَاعَيْ تَمْرٍ وَكَدِينَارٍ وَدِرْهَمٍ بِصَاعَيْ بُرٍّ وَشَعِيرٍ وَمَا لَوْ جَمَعَ جِنْسًا غَيْرَ رِبَوِيٍّ كَثَوْبٍ وَسَيْفٍ بِثَوْبَيْنِ أَوْ رِبَوِيًّا لَكِنَّهُ وُجِدَ فِي أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ فَقَطْ كَثَوْبٍ وَدِرْهَمٍ بِثَوْبَيْنِ أَوْ وُجِدَ فِيهِمَا لَكِنْ ضِمْنًا وَهُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ كَأَصْلِهِ فِي قَوْلِهِ لَا فِيهِمَا كَسِمْسِمٍ بِسِمْسِمٍ وَشَاةٍ بِشَاةٍ فَإِنَّ الدُّهْنَ وَاللَّحْمَ مَوْجُودَانِ فِي الطَّرَفَيْنِ ضِمْنًا فَيَصِحُّ الْعَقْدُ إذْ الْعِوَضَانِ مُتَجَانِسَانِ فِي صِفَتِهِمَا النَّاجِزَةِ فَلَا حَاجَةَ إلَى تَفْرِيقِ الْأَجْزَاءِ بَلْ يُعَدُّ كُلٌّ جِنْسًا وَاحِدًا بِرَأْسِهِ بِخِلَافِ وُجُودِهِ فِي أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ كَسِمْسِمٍ بِدُهْنِهِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ جَعْلُ الدُّهْنِ سِمْسِمًا، وَلَا السِّمْسِمِ مُخَالِفًا لِلدُّهْنِ مَعَ اشْتِمَالِهِ عَلَيْهِ فَبَيْنَهُمَا مُجَانَسَةٌ، وَهِيَ فِي الدُّهْنِيَّةِ فَيُحْتَاجُ إلَى اعْتِبَارِهَا فَلَا يُعَدُّ جِنْسًا وَاحِدًا فَأَحْوَجَ إلَى التَّفْرِيقِ وَخَرَجَ أَيْضًا مَا لَوْ جَمَعَ عَقْدٌ رِبَوِيًّا بِلَا اخْتِلَافِ جِنْسٍ أَوْ نَوْعٍ كَمُدَّيْ عَجْوَةٍ بِمِثْلِهِمَا وَأَرَادَ بِاخْتِلَافِ النَّوْعِ مَا يَشْمَلُ اخْتِلَافَ الصِّفَةِ؛ لِيَدْخُلَ فِي الْبُطْلَانِ بَيْعُ الصَّحِيحِ وَالْمُكَسَّرِ بِهِمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا إذَا تَفَاوَتَا فِي الْقِيمَةِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ:

ــ

[حاشية العبادي]

وَذَلِكَ مُدٌّ وَثُلُثٌ فَقَدْ بِيعَ مُدٌّ بِمُدٍّ وَثُلُثٍ. (قَوْلُهُ: فَيُقَابِلُهُ ثُلُثُ الْمُدَّيْنِ) أَيْ: وَهُوَ ثُلُثَا مُدٍّ فَقَدْ بِيعَ بِثُلُثَيْ مُدٍّ. (قَوْلُهُ: فَلَزِمَ الْمُفَاضَلَةُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَالْكَلَامُ فِي بَيْعِ الْمُعَيَّنِ فَلَا يَشْكُلُ بِمَا سَيَأْتِي فِي الصُّلْحِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَخَمْسُونَ دِينَارًا فَصَالَحَهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَلْفَيْ دِرْهَمٍ جَازَ اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي جَرَيَانِ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ بَيْنَ بَيْعِ الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَسْأَلَةَ الصُّلْحِ الْمَذْكُورَةَ إذْ لَا مُعَاوَضَةَ فِيهَا بِالنِّسْبَةِ لِأَلْفِ الدَّرَاهِمِ بَلْ هُوَ اسْتِيفَاءٌ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَوْ وُجِدَ فِيهِمَا لَكِنْ ضِمْنًا وَهُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ كَأَصْلِهِ فِي قَوْلِهِ لَا فِيهِمَا إلَخْ) يَقْتَضِي أَنَّهُ فِي نَحْوِ السِّمْسِمِ بِالسِّمْسِمِ لَمْ يَجْمَعْ الْعَقْدُ رِبَوِيًّا فِي الطَّرَفَيْنِ حَقِيقَةً وَإِلَّا لَمْ يَخْرُجْ بِقَوْلِهِ: لَا فِيهِمَا وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ جَمْعُهُ لِذَلِكَ مِمَّا لَا شُبْهَةَ فِيهِ إذْ السِّمْسِمُ رِبَوِيٌّ وَهُوَ فِي الطَّرَفَيْنِ حَقِيقَةٌ بَلْ فِي نَحْوِ السِّمْسِمِ بِالشَّيْرَجِ قَدْ جَمَعَ الْعَقْدُ رِبَوِيًّا فِي الطَّرَفَيْنِ حَقِيقَةً فَإِنَّهُمَا قَطْعًا رِبَوِيَّانِ وَهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ وَلَوْ جَعَلَ قَوْلَهُ وَلَوْ الضِّمْنُ حَوَى مُتَعَلِّقًا بِمَا بَعْدَهُ وَالْمَعْنَى وَلَوْ كَانَ اخْتِلَافُ جِنْسِ الْمَبِيعِ ضِمْنِيًّا فِي أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ لَا فِيهِمَا وَحِينَئِذٍ يَخْرُجُ نَحْوُ السِّمْسِمِ بِالسِّمْسِمِ؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الْمَبِيعِ ضِمْنِيٌّ فِي الطَّرَفَيْنِ إذْ السِّمْسِمُ فِي كُلِّ طَرَفٍ مُشْتَمِلٌ عَلَى دُهْنٍ وَغَيْرِهِ فَلَا يَلْزَمُ الْمَحْذُورُ الَّذِي قُلْنَاهُ لَكَانَ مُمْكِنًا فَلْيُتَأَمَّلْ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمَعْنَى، أَوْ وُجِدَ الْجِنْسُ الْوَاحِدُ الرِّبَوِيُّ مَعَ اخْتِلَافِ جِنْسِ الْمَبِيعِ فِيهِمَا لَكِنْ ضِمْنًا وَنَحْوُ السِّمْسِمِ بِالسِّمْسِمِ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ جَمْعُ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ الرِّبَوِيِّ مَعَ اخْتِلَافِ جِنْسِ الْمَبِيعِ إلَّا ضِمْنًا فِي الطَّرَفَيْنِ وَلَا غُبَارَ عَلَى ذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ سم.

(قَوْلُهُ: بَلْ يُعَدُّ كُلٌّ جِنْسًا إلَخْ) أَيْ: يُعَدُّ السِّمْسِمُ الَّذِي هُوَ الْمُثَمَّنُ جِنْسًا وَاحِدًا وَلَا يُفَرَّقُ بِأَنْ يُنْظَرَ إلَى دُهْنِيَّتِهِ مَعَ كَسْبِهِ وَكَذَا الثَّمَنُ يُعَدُّ جِنْسًا وَاحِدًا إلَخْ بِرّ. (قَوْلُهُ: إذَا تَفَاوَتَا فِي الْقِيمَةِ) أَيْ: بِأَنْ تَنْقُصَ قِيمَةُ الْمُكَسَّرَةِ عَنْ الصِّحَاحِ وَلِذَا لَمَّا قَالَ الرَّوْضُ أَوْ مُكَسَّرَةٌ تَنْقُصُ قَالَ فِي شَرْحِهِ قِيمَتُهَا عَنْ الصِّحَاحِ اهـ لَكِنَّ تَعْبِيرَهُ هُنَا بِالتَّفَاوُتِ وَبِالْقِيمَةِ يَشْمَلُ مَا إذَا زَادَتْ قِيمَةُ الْمُكَسَّرَةِ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْغَالِبِ. (قَوْلُهُ: إذَا تَفَاوَتَا) وَإِنَّمَا لَمْ يُشْتَرَطْ فِي الِاخْتِلَافِ بِالْجِنْسِ وَالنَّوْعِ تَفَاوُتُ الْقِيمَةِ بَلْ الضَّرَرُ مُطْلَقًا بِخِلَافِ الِاخْتِلَافِ بِالصِّفَةِ؛ لِأَنَّ الْجِنْسَ وَالنَّوْعَ مَظِنَّةُ الِاخْتِلَافِ فَاكْتُفِيَ بِالْمَظِنَّةِ وَإِنْ فُرِضَ التَّسَاوِي وَلَا كَذَلِكَ الصِّفَةُ وَلِذَلِكَ جَرَى لَنَا وَجْهٌ بِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِصِفَةِ الصِّحَّةِ ذَكَرَ ذَلِكَ الْجَوْجَرِيُّ. (قَوْلُهُ: فِي الْقِيمَةِ) بِأَنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْمُكَسَّرِ

ــ

[حاشية الشربيني]

مُحَقَّقَةٌ وَفِي هَذَا سِتُّ صُوَرٍ مَتَى فَرَضْته مِثْلَهُ قِيمَةً فَالْمُمَاثَلَةُ الثَّلَاثَةُ مَجْهُولَةٌ؛ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ تَخْمِينٌ وَفِيهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ، وَكَذَا يُقَالُ فِي صُوَرِ النَّوْعِ وَصُوَرِ الصِّفَةِ يُسْتَثْنَى مِنْ صُوَرِ الْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ الَّتِي فِي الصِّفَةِ فَإِنَّهَا صَحِيحَةٌ وَمِثْلُهَا ثَلَاثَةُ النَّوْعِ عَلَى خِلَافِ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ قُوبِلَ إلَخْ) أَيْ: فَالدَّافِعُ لِلْفَسَادِ تَعَدُّدُ الْعَقْدِ بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ بِخِلَافِ تَعَدُّدِهِ بِتَعَدُّدِ الْعَاقِدِ لِوُجُودِ التَّخْمِينِ مَعَهُ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: لِيَدْخُلَ فِي الْبُطْلَانِ بَيْعُ الصَّحِيحِ وَالْمُكَسَّرِ) بِهِمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا إذَا تَفَاوَتَا فِي الْقِيمَةِ هَذَا إنْ لَمْ يَخْتَلِطْ الصَّحِيحُ بِالْمُكَسَّرِ فَإِنْ كَانَا مُخْتَلِطَيْنِ لَمْ يَضُرَّهُ مُطْلَقًا وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْقِيمَةُ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا إنْ اخْتَلَفَا جِنْسًا ضَرَّ مُطْلَقًا مُتَمَيِّزَيْنِ أَوْ مُخْتَلِطَيْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْخَلِيطُ قَدْرًا لَا يُقْصَدُ إخْرَاجُهُ وَإِنْ ظَهَرَ بِهِ تَفَاوُتٌ فِي الْمِكْيَالِ وَإِنْ اخْتَلَفَا نَوْعًا ضَرَّ مُتَمَيِّزَيْنِ لَا مُخْتَلِطَيْنِ وَإِنْ اخْتَلَفَا صِفَةً ضَرَّ مُتَمَيِّزَيْنِ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْقِيمَةِ لَا عِنْدَ اسْتِوَائِهَا فَإِنْ كَانَا مُخْتَلِطَيْنِ لَمْ يَضُرَّ مُطْلَقًا وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْقِيمَةُ اهـ مِنْ حَاشِيَةِ الشَّوْبَرِيِّ عَلَى التَّحْرِيرِ وَس ل وَقَدْ يُؤْخَذُ مَا ذَكَرَاهُ فِي الصِّفَةِ مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: إذَا الْخَلْطُ انْتَفَى إلَخْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّوْعِ مَا يَشْمَلُ الصِّفَةَ وَمَثَّلَ لَهَا الشَّارِحُ بِالْجَيِّدِ وَالرَّدِيءِ وَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ جَرَى فِيهَا عَلَى ضَعِيفٍ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ فِي النَّوْعِ. (قَوْلُهُ: إذَا تَفَاوَتَا فِي الْقِيمَةِ) قِيلَ إنَّهُ قَيْدٌ فِي اخْتِلَافِ الصِّفَةِ فَقَطْ وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ ع ش عَلَى م ر أَنَّهُ قَيْدٌ فِي اخْتِلَافِ الصِّفَةِ وَالنَّوْعِ فَيَكُونُ مُحْتَرَزُهُ مَا لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّدِيءِ مُسَاوِيَةً لِقِيمَةِ الْجَيِّدِ سَوَاءٌ الصِّفَةُ وَالنَّوْعُ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ فِي ذَلِكَ وَهُوَ فِي سِتِّ صُوَرٍ؛ لِأَنَّ الرَّدِيءَ صِفَةً أَوْ نَوْعًا الْمُسَاوِيَ لِقِيمَةِ الْجَيِّدِ إمَّا أَنْ يُبَاعَ مَعَ الْجَيِّدِ بِمِثْلِهِمَا أَوْ بِرَدِيئَيْنِ أَوْ بِجَيِّدَيْنِ وَيَبْطُلُ عَلَى هَذَا فِي إحْدَى وَعِشْرِينَ فَالْحَاصِلُ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ صُورَةً؛ لِأَنَّ الْمُدَّ الَّذِي مَعَ الدِّرْهَمِ إمَّا مُسَاوٍ أَوْ زَائِدٌ أَوْ أَنْقَصُ فَهَذِهِ ثَلَاثَةٌ وَالْمُقَابِلُ إمَّا مُدٌّ وَدِرْهَمٌ أَوْ مُدَّانِ أَوْ دِرْهَمَانِ فَهَذِهِ تِسْعٌ

ص: 422

(إذَا الْخَلْطُ انْتَفَى فِي أَحَدِ النَّوْعَيْنِ بِالْآخَرِ) بِأَنْ تَمَيَّزَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ مَا إذَا وُجِدَ الْخَلْطُ كَمَا لَوْ بَاعَ صَاعَ حِنْطَةٍ بَيْضَاءَ بِمِثْلِهِ وَفِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا حِنْطَةٌ سَمْرَاءُ أَوْ بَاعَ صَاعَ حِنْطَةٍ مَخْلُوطَةٍ مِنْ جَيِّدٍ وَرَدِيءٍ بِمِثْلِهِ أَوْ بِجَيِّدٍ أَوْ بِرَدِيءٍ فَيَصِحُّ؛ لِأَنَّ التَّوْزِيعَ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ تَمْيِيزِ أَحَدِ النَّوْعَيْنِ عَنْ الْآخَرِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا قَلَّتْ حَبَّاتُ الْآخَرِ بِحَيْثُ لَوْ مُيِّزَ لَمْ يَظْهَرْ فِي الْمِكْيَالِ وَمِثْلُهُ خَلْطُ أَحَدِ الْجِنْسَيْنِ بِالْآخَرِ وَإِنْ اقْتَضَتْ عِبَارَةُ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ خِلَافَهُ فَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا لَوْ بَاعَ صَاعَ حِنْطَةٍ بِمِثْلِهِ وَفِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا زَوَانٍ، أَوْ عُقَدُ تِبْنٍ، أَوْ مَدَرٌ، أَوْ حَبَّاتُ شَعِيرٍ لَمْ يَجُزْ.

وَضَبَطَ الْإِمَامُ الْمَنْعَ بِأَنْ يَكُونَ قَدْرًا لَوْ مُيِّزَ لَظَهَرَ فِي الْمِكْيَالِ فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَمْ يَضُرَّ، وَكَذَا لَوْ كَانَ فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا دِقَاقُ تِبْنٍ أَوْ قَلِيلُ تُرَابٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَظْهَرُ فِي الْمِكْيَالِ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ مَوْزُونًا بِجِنْسِهِ وَفِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا قَلِيلُ تُرَابٍ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَثِّرُ فِي الْوَزْنِ وَلَوْ بَاعَ حِنْطَةً بِشَعِيرٍ وَفِيهِمَا

ــ

[حاشية العبادي]

أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: إذَا الْخَلْطُ إلَخْ) تَقْيِيدٌ لِلنَّوْعِ. (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَقِلَّ حَبَّاتُ الْآخَرِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَأَنْ لَا تَقِلَّ كَذَلِكَ وَلِهَذَا عَلَّلَ الرَّافِعِيُّ الصِّحَّةَ بِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي الْبُطْلَانِ هِيَ التَّوْزِيعُ وَلَا تَوْزِيعَ عِنْدَ الِاخْتِلَاطِ نَعَمْ هَذَا التَّقْيِيدُ مُسَلَّمٌ فِي الْجِنْسِ وَهُوَ مَنْقُولُ الْأَصْحَابِ فِيهِ وَالْفَرْقُ وَاضِحٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَكُونَ قَدْرًا لَوْ مُيِّزَ لَظَهَرَ إلَخْ) لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ هَذَا أَنْ يُنْظَرَ إلَى مَا يَحْوِيهِ كُلُّ صَاعٍ مَثَلًا فَيُعْتَبَرُ ظُهُورُهُ وَعَدَمُهُ فَإِنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ مَا يَحْوِيهِ الْمِكْيَالُ فَتَارَةً قَدْ يَحْتَوِي عَلَى كَثِيرٍ مِنْ الْخَلِيطِ وَتَارَةً عَلَى الْقَلِيلِ، بَلْ الْمُرَادُ النَّظَرُ إلَى مِقْدَارِ الْخَلِيطِ الَّذِي خُلِطَ عَلَيْهِ الْمَبِيعُ لَوْ مُيِّزَ جَمِيعُهُ هَلْ يَظْهَرُ فِي الْمِكْيَالِ نَقْصٌ لَوْ كِيلَ الْخَالِصُ عَلَى انْفِرَادِهِ أَمْ لَا؟ قَالَ السُّبْكِيُّ وَلَوْ كَانَ النُّقْصَانُ لَا يَتَبَيَّنُ فِي الْمِقْدَارِ الْيَسِيرِ وَيَتَبَيَّنُ فِي الْكَثِيرِ قَالَ الْإِمَامُ فَالْمُمْتَنِعُ النُّقْصَانُ فَإِنْ كَانَ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ بِحَيْثُ لَوْ مُيِّزَ التُّرَابُ مِنْهُ لَمْ يَبْنِ النَّقْصُ صَحَّ وَإِنْ كَانَ لَوْ جُمِعَ لَمَلَأَ صَاعًا، أَوْ آصُعًا فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ. اهـ. بِرّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَظْهَرُ فِي الْمِكْيَالِ) لَوْ كَانَ يَظْهَرُ فِيهِ لَكِنْ لَا قِيمَةَ لَهُ وَكَانَ الْخَالِصُ مِنْهُ مَعْلُوم الْمُمَاثَلَةِ فَيَنْبَغِي الصِّحَّةُ.

ــ

[حاشية الشربيني]

فِي الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالصِّفَةِ فَهَذِهِ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ.

(قَوْلُهُ: إذَا تَفَاوَتَا فِي الْقِيمَةِ) قَيْدٌ فِي اخْتِلَافِ الصِّفَةِ فَقَطْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ صَنِيعِهِ، أَمَّا اخْتِلَافُ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ فَالْعَقْدُ بَاطِلٌ فِيهِمَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُمَا مَظِنَّةُ الِاخْتِلَافِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: أَيْضًا إذَا تَفَاوَتَا فِي الْقِيمَةِ) قَالَ الطَّبَلَاوِيُّ لَمْ يَنْظُرُوا إلَى الْقِيمَةِ فِي بَابِ الرِّبَا وَإِنَّمَا نَظَرُوا إلَى مِعْيَارِ الشَّرْعِ حَتَّى يَصِحَّ بَيْعُ الرِّبَوِيِّ بِجِنْسِهِ الْجَيِّدِ مَعَ الْمُمَاثَلَةِ إلَّا فِي قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ فَإِنَّهُمْ نَظَرُوا إلَى الْقِيمَةِ عِنْدَ اخْتِلَافِ الصِّفَةِ لِيَتَأَتَّى التَّوْزِيعُ اهـ جَمَلٌ. (قَوْلُهُ: إذَا تَفَاوَتَا فِي الْقِيمَةِ) أَيْ بِالتَّقْوِيمِ فَإِنْ تَسَاوَيَا فِيهَا بِالتَّقْوِيمِ صَحَّ وَاعْتَبَرَ ق ل التَّفَاوُتَ وَالتَّسَاوِيَ بِالْوَاقِعِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِحَوَاشِي الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: إذَا تَفَاوَتَا فِي الْقِيمَةِ) بِخِلَافِ مَا إذَا تَسَاوَيَا؛ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ وَإِنْ كَانَ تَخْمِينًا إلَّا أَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ قِيَمُ الْأَشْيَاءِ فَهِيَ أَضْبَطُ مِنْ غَيْرِهَا. اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ تَمَيَّزَ أَحَدُهُمَا إلَخْ) مَعْنَى التَّمْيِيزِ أَنْ يَتَبَيَّنَ ذَلِكَ لِلنَّاظِرِ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَأَمُّلٍ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ عِنْدَ التَّمَيُّزِ كُلُّ نَوْعٍ مَقْصُودٌ فِي ذَاتِهِ وَعِنْدَ الِاخْتِلَاطِ الْمَقْصُودُ الْجُمْلَةُ دُونَ كُلِّ نَوْعٍ. اهـ. شَرْحُ الْمُسْنَدِ.

(قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ إلَخْ) عِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ نَعَمْ يُغْتَفَرُ فِي الْجِنْسِ الْحَبَّاتُ الْيَسِيرَةُ مِنْ جِنْسٍ آخَرَ يَحْنَثُ لَا يَظْهَرُ فِي الْمِكْيَالِ وَفِي النَّوْعِ وَإِنْ كَثُرَتْ مَا لَمْ يَتَسَاوَ مِقْدَارُ النَّوْعَيْنِ وَإِلَّا كَبَيْعِ صَاعَيْنِ مَعْقِلِيٍّ وَصَيْحَانِيٍّ مُخْتَلِطَيْنِ بِصَاعَيْنِ مَعْقِلِيٍّ وَصَيْحَانِيٍّ فَلَا يَصِحُّ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ الصِّحَّةَ تَبَعًا لِمَنْ ذَكَرَ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَقَوْلُهُ: الصِّحَّةُ أَيْ: فِي اخْتِلَاطِ النَّوْعَيْنِ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الصِّفَةُ أَيْضًا اهـ وَحَاصِلُ الْمُعْتَمَدِ أَنَّهُ إنْ لَمْ تَكُنْ الصِّفَةُ مُخَالِفَةً فِي الْقِيمَةِ فَلَا فَسَادَ إذْ بِاسْتِوَاءِ الْقِيمَةِ مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ تَنْتَفِي الْجَهَالَةُ، وَكَذَا الْإِفْسَادُ فِي الْمُخْتَلِطِ إنْ اتَّحَدَ الْجِنْسُ أَوْ قَلَّ الْخَلِيطُ بِحَيْثُ لَا يَظْهَرُ فِي الْمِيزَانِ لِانْتِفَاءِ الْجَهَالَةِ فِي الْأَوَّلِ وَاغْتِفَارِهَا فِي الثَّانِي لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ هَذَا مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَقَوْلُهُ: بِحَيْثُ إلَخْ مُخَالِفٌ لِمَا عَلَيْهِ م ر لَكِنَّهُ مُوَافِقٌ لمر الْكَبِيرِ كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ إلَخْ) أَيْ فِي التَّقْيِيدِ بِعَدَمِ الْخَلْطِ إلَّا فِي ضَابِطِهِ لِمَا سَيَأْتِي.

(قَوْلُهُ: مَا لَوْ بَاعَ مَوْزُونًا بِجِنْسِهِ) فِي التُّحْفَةِ يَبْطُلُ بِبَيْعِ دِينَارٍ مَثَلًا فِيهِ ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ بِمِثْلِهِ أَوْ بِأَحَدِهِمَا وَلَوْ خَالِصًا وَإِنْ قَلَّ الْخَلِيطُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَثِّرُ فِي الْوَزْنِ مُطْلَقًا فَإِنْ فُرِضَ عَدَمُ تَأْثِيرِهِ فِيهِ وَلَمْ يَظْهَرْ بِهِ تَفَاوُتٌ فِي الْقِيمَةِ صَحَّ اهـ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا مِنْ خَلْطِ أَحَدِ الْجِنْسَيْنِ بِالْآخَرِ وَشَرْطُ صِحَّتِهِ أَنْ لَا يُقْصَدَ إخْرَاجَهُ لِلِاسْتِعْمَالِ إلَّا أَنْ يُخَصَّ هَذَا بِغَيْرِ النَّقْدِ كَتَمْثِيلِ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ وَلَوْ بَاعَ حِنْطَةً بِشَعِيرٍ إلَخْ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ التَّحْلِيلَ مِنْ النَّقْدِ مَقْصُودٌ إنْ أَثَّرَ فِي الْوَزْنِ وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ الْجِنْسَ لَا نَظَرَ فِيهِ لِلتَّفَاوُتِ فِي الْقِيمَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ النَّظَرَ لَهَا هُنَا لِأَجْلِ أَنْ يَكُونَ مَقْصُودًا إلَّا لِمَا مَرَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُتَمَاثِلًا أَوْ لَا فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّهُ رُبَّمَا أَفَادَ ذَلِكَ قَوْلُ شَارِحِ الْمُسْنَدِ وَأَمَّا التَّمَوُّلُ فَلِأَنَّهُ مُفْرَدًا غَيْرُ مَقْصُودٍ اهـ فَإِنَّ ذَلِكَ مُنْتَفٍ فِي النَّقْدَيْنِ. اهـ. ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا الْعَلَّامَةَ الذَّهَبِيَّ رحمه الله نَقَلَ عَنْ ابْنِ النَّقِيبِ فِي السِّرَاجِ عَلَى نُكَتِ الْبَهْجَةِ وَالْمِنْهَاجِ أَنَّهُ مَتَى لَمْ يَظْهَرْ فِي الْمِيزَانِ صَحَّ الْبَيْعُ اتِّفَاقًا وَمِثْلُهُ فِي حَاشِيَةِ الشِّهَابِ عَمِيرَةَ عَلَى الْمَحَلِّيِّ قَالَ ع ش فَلَمْ يُفَصِّلْ فِي الْقَلِيلِ الَّذِي لَا يُؤَثِّرُ فِي الْوَزْنِ بَيْنَ مَا لَهُ قِيمَةٌ وَمَا لَا قِيمَةَ لَهُ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ بَاعَ حِنْطَةً بِشَعِيرٍ إلَخْ) يُعْلَمُ مِنْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا لَوْ

ص: 423

أَوْ فِي أَحَدِهِمَا حَبَّاتٌ مِنْ الْآخَرِ يَسِيرَةٌ صَحَّ وَإِنْ كَثُرَتْ لَمْ يَصِحَّ قَالَ الْإِمَامُ وَلَا يُضْبَطُ ذَلِكَ بِالتَّأْثِيرِ فِي الْكَيْلِ وَلَا بِالتَّمَوُّلِ بَلْ يُضْبَطُ الْكَثِيرُ بِأَنْ يَكُونَ الشَّعِيرُ الْمُخَالِطُ لِلْحِنْطَةِ قَدْرًا يُقْصَدُ تَمْيِيزُهُ؛ لِيُسْتَعْمَلَ شَعِيرًا وَكَذَا بِالْعَكْسِ اهـ وَإِنَّمَا غَايَرَ الْإِمَامُ بَيْنَ ضَبْطِ هَذَا وَمَا مَرَّ مَعَ أَنَّ الْمُدْرَكَ وَاحِدٌ؛ لِاخْتِلَافِ جِنْسِ الْعِوَضَيْنِ هُنَا وَاتِّحَادِهِ فِيمَا مَرَّ فَأَثَّرَ فِيهِ مَا ظَهَرَ فِي الْمِكْيَالِ وَإِطْلَاقُهُمْ بُطْلَانَ بَيْعِ الْهَرَوِيِّ وَهُوَ نَقْدٌ فِيهِ ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ بِمِثْلِهِ أَوْ بِأَحَدِ التِّبْرَيْنِ عَلَى الْخُلُوصِ قَدْ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَثُرَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَالْوَجْهُ بَقَاؤُهُ عَلَى إطْلَاقِهِ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا، وَإِنْ قَلَّ يُؤَثِّرُ فِي الْوَزْنِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْكَيْلِ.

(لَا إنْ بَاعَ دَارًا بِنُضَارٍ) بِضَمِّ النُّونِ أَيْ بِذَهَبٍ (فَانْجَلَا) أَيْ انْكَشَفَ (مَعْدِنُهُ) أَيْ: النُّضَارِ (فِيهَا) أَيْ الدَّارِ فَلَا يَبْطُلُ؛ لِأَنَّ الْمَعْدِنَ تَابِعٌ بِالْإِضَافَةِ إلَى مَقْصُودِ الدَّارِ فَالْمُقَابَلَةُ بَيْنَ الدَّارِ وَالذَّهَبِ خَاصَّةٌ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَ الْمَعْدِنَ كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ فَانْجَلَى مَعْدِنُهُ؛ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ بِالْمُقَابَلَةِ حِينَئِذٍ وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ الرَّوْضَةِ: كَأَصْلِهَا فِي الْأَلْفَاظِ الْمُطْلَقَةِ لَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا فِيهِ مَعْدِنُ ذَهَبٍ بِذَهَبٍ مِنْ جِهَةِ الرِّبَا فَإِنْ قُلْت لَا وَجْهَ لِلْفَرْقِ إذْ لَا أَثَرَ لِلْجَهْلِ بِالْمُفْسِدِ فِي بَابِ الرِّبَا قُلْت: لَا أَثَرَ لَهُ فِي غَيْرِ التَّابِعِ أَمَّا التَّابِعُ فَقَدْ يُتَسَامَحُ بِجَهْلِهِ وَالْمَعْدِنُ مِنْ تَوَابِعِ الْأَرْضِ كَالْحَمْلِ يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ.

(وَلَا) إنْ بَاعَ (دَارًا لَهَا بِئْرٌ بِهَا مَاءٌ) عَذْبٌ (بِدَارٍ مِثْلَهَا) فَلَا يَبْطُلُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمَاءَ وَإِنْ اُعْتُبِرَ عِلْمُ الْعَاقِدَيْنِ بِهِ تَابِعٌ بِالْإِضَافَةِ إلَى مَقْصُودِ الدَّارِ؛ لِعَدَمِ تَوَجُّهِ الْقَصْدِ إلَيْهِ غَالِبًا بِخِلَافِ الْمَعْدِنِ وَلَا يُنَافِي كَوْنُهُ تَابِعًا بِالْإِضَافَةِ كَوْنَهُ مَقْصُودًا فِي نَفْسِهِ حَتَّى يُشْتَرَطَ التَّعَرُّضُ لَهُ فِي الْبَيْعِ لِيَدْخُلَ فِيهِ فَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي الْأَلْفَاظِ الْمُطْلَقَةِ لَا يَصِحُّ بَيْعُ دَارٍ فِيهَا بِئْرُ مَاءٍ مَا لَمْ يَنُصَّ عَلَى بَيْعِ الْمَاءِ وَإِلَّا فَيَخْتَلِطُ الْمَاءُ الْمَوْجُودُ لِلْبَائِعِ بِمَا يَحْدُثُ لِلْمُشْتَرِي وَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ تَابِعٌ بِالْإِضَافَةِ اُغْتُفِرَ مِنْ جِهَةِ الرِّبَا وَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَقْصُودٌ فِي نَفْسِهِ اُعْتُبِرَ التَّعَرُّضُ لَهُ فِي الْبَيْعِ لِيَدْخُلَ فِيهِ.

وَعَطَفَ عَلَى قَوْلِهِ وَعِنْدَ جَمْعِ الْعَقْدِ قَوْلَهُ (أَوْ بَاعَهُ بِالْحَيَوَانِ اللَّحْمَ) وَلَوْ لَحْمَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: لَا إنْ بَاعَ دَارًا بِنُضَارٍ إلَخْ) اُسْتُشْكِلَ بِعَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ ذَاتِ لَبَنٍ بِذَاتِ لَبَنٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الشَّرْعَ جَعَلَ اللَّبَنَ فِي الضَّرْعِ كَهُوَ فِي الْإِنَاءِ. (فَرْعٌ) اشْتَرَى بِذَهَبٍ دَارًا مُوِّهَتْ بِذَهَبٍ يَحْصُلُ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ لَمْ يَجُزْ بِرّ وَقَوْلُهُ: ذَاتِ لَبَنٍ بِذَاتِ لَبَنٍ أَيْ: وَإِنْ جُهِلَ وُجُودُ اللَّبَنِ.

(قَوْلُهُ: بِبِئْرٍ بِهَا مَاءٌ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْمُرَادُ الْبِئْرُ التَّابِعَةُ، وَأَمَّا غَيْرُهَا فَالْمَاءُ فِيهَا كَالْمَاءِ فِي الْآنِيَةِ بِرّ

(قَوْلُهُ: أَوْ بَاعَهُ بِالْحَيَوَانِ) يَنْبَغِي الْحَيِّ

ــ

[حاشية الشربيني]

بَاعَ صَاعَ حِنْطَةٍ بِمِثْلِهِ إلَخْ وَقَوْلِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ مَوْزُونًا إلَخْ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ وَهُوَ اخْتِلَافُ جِنْسِ الْعِوَضَيْنِ فِي هَذِهِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ مَا ظَهَرَ فِي الْمِكْيَالِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ: لَوْ بَاعَ صَاعَ حِنْطَةٍ بِمِثْلِهِ فَإِنَّهُ؛ لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ أَثَّرَ فِيهِ ذَلِكَ وَبِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ مَوْزُونًا بِجِنْسِهِ وَاخْتَلَطَ أَحَدُ الْجِنْسَيْنِ بِشَيْءٍ مِنْ الْآخَرِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فَيَضُرُّ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: وَلَا يُضْبَطُ ذَلِكَ إلَخْ) أَمَّا التَّأْثِيرُ فِي الْكَيْلِ فَلِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ غَيْرُ مَرْعِيَّةٍ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ، وَأَمَّا التَّمَوُّلُ فَلِأَنَّهُ مُفْرَدٌ. اهـ. شَرْحُ الْمُسْنَدِ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ يَكُونَ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر الصَّغِيرُ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَاعْتَمَدَ وَالِدُهُ التَّفَاوُتَ فِي الْمِكْيَالِ كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ (قَوْلُهُ: قَدْ يُحْمَلُ إلَخْ) أَيْ: وَيَكُونُ كَلَامُ الْإِمَامِ مُتَنَاوِلًا لَهُ فَيُضْبَطُ بِأَنْ يَكُونَ الْمُخَالِطُ قَدْرًا يُقْصَدُ تَمْيِيزُهُ لِيُسْتَعْمَلَ وَحْدَهُ (قَوْلُهُ: بَقَاؤُهُ عَلَى إطْلَاقِهِ) أَيْ وَيَكُونُ دَاخِلًا فِي قَوْلِ الْإِمَامِ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ مَوْزُونًا إلَخْ فَيَكُونُ خَارِجًا مِنْ الْمَكِيلِ فَلَا يَكُونُ شَرْطُ خَلْطِ أَحَدِ الْجِنْسَيْنِ أَنْ لَا يَكُونَ الْمُخَالِطُ قَدْرًا يُقْصَدُ إلَخْ مُطْلَقًا بَلْ إذَا كَانَا مَكِيلَيْنِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَا مَوْزُونَيْنِ؛ لِأَنَّ الْخَلِيطَ وَإِنْ قَلَّ يُؤَثِّرُ فِي الْوَزْنِ وَانْظُرْ لِمَ اعْتَبَرَ التَّأْثِيرَ فِي الْوَزْنِ دُونَ الْكَيْلِ فِي خَلْطِ أَحَدِ الْجِنْسَيْنِ بِالْآخَرِ؟ فَلْيُحَرَّرْ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْكَيْلِ يُفْهِمُ أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي خَلْطِ أَحَدِ الْجِنْسَيْنِ بِالْآخَرِ التَّأْثِيرُ فِي الْكَيْلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَكُونُ قَدْرًا يُقْصَدُ تَمْيِيزُهُ كَمَا مَرَّ فَلْيُتَأَمَّلْ وَفِي الرَّشِيدِيِّ عَلَى م ر أَنَّ شَرْطَ التَّمْيِيزِ إنَّمَا هُوَ قَيْدٌ فِي غَيْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ إذْ الْقَاعِدَةُ جَارِيَةٌ فِيهِمَا مَعَ الِاخْتِلَاطِ وَإِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِي نَحْوِ الْحُبُوبِ اهـ فَلْيُحَرَّرْ هَلْ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ قَيْدٌ، وَكَذَا الْحُبُوبُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَلَّ يُؤَثِّرُ فِي الْوَزْنِ إلَخْ) فَإِنْ فُرِضَ أَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ لَمْ يَضُرَّ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ أَوْ لَا عَلَى مَا فِي ع ش وَالشِّهَابِ عَمِيرَةَ عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَالنُّكَتِ لِابْنِ النَّقِيبِ وَقَيَّدَ م ر وَحَجَرٌ بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ قِيمَةٌ وَاسْتَشْكَلَهُ ع ش بِأَنَّهُ لَا نَظَرَ لَهَا عِنْدَ التَّمَاثُلِ وَزْنًا فَكَأَنَّهُ بَاعَهُ ذَهَبًا خَالِصًا بِذَهَبٍ خَالِصٍ

(قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي كَوْنَهُ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ تَابِعٌ بِالْإِضَافَةِ إلَى مَقْصُودِ الدَّارِ اُغْتُفِرَ مِنْ جِهَةِ الرِّبَا وَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَقْصُودٌ فِي نَفْسِهِ اُعْتُبِرَ التَّعَرُّضُ لَهُ فِي الْبَيْعِ لِيَدْخُلَ فِيهِ وَبِهَذَا سَقَطَ مَا قِيلَ إنَّ التَّابِعَ إذَا صَرَّحَ بِهِ يَمْنَعُ صِحَّةَ الْبَيْعِ كَالْحَمْلِ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ أَيْ: لِأَنَّ الْحَمْلَ وَنَحْوَهُ مُتَمَحِّضُ التَّبَعِيَّةِ فَكَانَ التَّصْرِيحُ بِهِ مُفْسِدًا فَهَذَا وَجْهُ سُقُوطِهِ. اهـ. سم اهـ مِنْ هَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ بَاعَهُ بِالْحَيَوَانِ اللَّحْمَ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ تَعَبُّدِيٌّ

ص: 424

سَمَكٍ بَطَلَ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ كَلَحْمِ غَنْمٍ بِغَنَمٍ، أَمْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ مِنْ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ كَلَحْمِ غَنْمٍ بِبَقَرٍ، أَوْ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّهُ «صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ أَنْ تُبَاعَ الشَّاةُ بِاللَّحْمِ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ: إسْنَادُهُ صَحِيحٌ «وَنَهَى عَنْ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ مُرْسَلًا وَأَسْنَدَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ سَلَمَةَ السَّاعِدِيِّ وَكَاللَّحْمِ فِي ذَلِكَ سَائِرُ أَجْزَاءِ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولَةِ كَالطِّحَالِ وَالْكُلْيَةِ وَالْكَبِدِ وَالْجِلْدِ قَبْلَ الدَّبْغِ، أَمَّا بَيْعُ بَيْضِ الدَّجَاجِ وَنَحْوِهِ أَوْ اللَّبَنِ بِالْحَيَوَانِ فَجَائِزٌ عَلَى الْأَصَحِّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَالْخَبَرِ مَنْعُ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالسَّمَكِ وَالْجَرَادِ وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ الْخِصَالِ وَفَرَضَهُ فِي بَيْعِ لَحْمِ الْحِيتَانِ بِالْحِيتَانِ وَبَيْعِ لَحْمِ الْجَرَادِ بِالْجَرَادِ فَمَا قِيلَ: مِنْ أَنَّهُ يَنْبَغِي جَوَازُ بَيْعِ السَّمَكِ الصَّغِيرِ بِلَحْمِ السَّمَكِ مُخَالِفٌ لِذَلِكَ.

(أَوْ بِفُرْقَةِ الْأُمِّ وَأُمِّ الْأُمِّ لَوْ لَمْ تَكُ أُمٌّ وَأَبٍ) بِجَرِّهِ عَطْفًا عَلَى أُمِّ الْأُمِّ، وَلَوْ قَدَّمَهُ عَلَى لَوْ لَمْ تَكُ أُمٌّ كَانَ أَوْلَى. (وَالْفَرْعِ) بِجَرِّهِ عَطْفًا عَلَى الْأُمِّ أَيْ أَوْ بَاعَ بَيْعًا مُلْتَبِسًا بِالْفُرْقَةِ بَيْنَ الْأُمِّ وَفَرْعِهَا بِأَنْ بَاعَهَا دُونَهُ أَوْ عَكْسُهُ أَوْ بَيْنَ أُمِّ الْأُمِّ وَالْأَبِ وَإِنْ عَلَوْا، وَبَيْنَ الْفَرْعِ عِنْدَ فَقْدِ الْأُمِّ بِأَنْ بَاعَهُمَا دُونَهُ أَوْ عَكْسَهُ بَطَلَ، وَإِنْ رَضُوا بِالْفُرْقَةِ لِلْعَجْزِ عَنْ التَّسْلِيمِ شَرْعًا بِالْمَنْعِ مِنْهَا قَالَ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَقَالَ: «مَلْعُونٌ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدٍ وَوَلَدِهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد هَذَا إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ. (مِنْ قَبْلِ تَمْيِيزٍ) لِلْفَرْعِ وَضَبَطُوا سِنَّهُ (بِنَحْوِ سَبْعِ) سِنِينَ، أَمَّا إذَا وَقَعَ بَعْدَهُ فَيَجُوزُ التَّفْرِيقُ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ؛ لِاسْتِقْلَالِ الْفَرْعِ حِينَئِذٍ بَعْضَ اسْتِقْلَالٍ، وَخَبَرُ:«لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا قِيلَ: إلَى مَتَى قَالَ حَتَّى يَبْلُغَ الْغُلَامُ وَتَحِيضَ الْجَارِيَةُ» ضَعِيفٌ وَأَفْهَمَ تَعْبِيرُهُ بِالتَّمْيِيزِ أَنَّ ذَلِكَ فِي الْآدَمِيِّينَ فَيَجُوزُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْبَهِيمَةِ وَوَلَدِهَا بَعْدَ اسْتِغْنَائِهِ عَنْ اللَّبَنِ لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ إلَّا لِغَرَضٍ صَحِيحٍ كَالذَّبْحِ.

وَأَمَّا قَبْلَ اسْتِغْنَائِهِ فَيَحْرُمُ التَّفْرِيقُ بِغَيْرِ ذَبْحِ الْوَلَدِ وَيَبْطُلُ الْعَقْدُ وَأَفْهَمَ

ــ

[حاشية العبادي]

لِإِخْرَاجِ نَحْوِ السَّمَكِ الْمَيِّتِ. (قَوْلُهُ: اللَّحْمِ) نَعَمْ بَحَثَ جَمْعٌ حِلَّ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِالسَّمَكِ الْمَيِّتِ وَفِيهِ نَظَرٌ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: وَالْجِلْدِ قَبْلَ الدَّبْغِ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَلَا بِجِلْدٍ لَمْ يُدْبَغْ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَكَانَ مِمَّا يُؤْكَلُ غَالِبًا كَجِلْدِ سَمِيطٍ وَدَجَاجٍ بِخِلَافِ مَا إذَا دُبِغَ، أَوْ لَمْ يُؤْكَلْ غَالِبًا. (قَوْلُهُ: بَيْعُ اللَّحْمِ بِالسَّمَكِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَأَمَّا بَيْعُ السَّمَكِ الْحَيِّ بِمِثْلِهِ فَإِنْ جَوَّزْنَا ابْتِلَاعَهُ حَيًّا لَمْ يَجُزْ وَإِلَّا جَازَ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَالرَّاجِحُ خِلَافُهُ كَمَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ: بِالْفُرْقَةِ إلَخْ) لَوْ كَانَ التَّفْرِيقُ بِالْبَيْعِ فِيمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ الصِّحَّةَ بِرّ. (فَرْعٌ) . لَوْ كَانَ لَهُ أُمٌّ وَجَدَّةٌ مَثَلًا فَبَاعَهُ مَعَ أُمِّهِ فَمَاتَتْ الْأُمُّ فِي الْمَجْلِسِ مَثَلًا فَهَلْ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ نَظَرًا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَأَنَّهُ بِيعَ وَلَا أُمَّ لَهُ بِدُونِ جَدَّتِهِ فِيهِ نَظَرٌ وَيَظْهَرُ عَدَمُ الِانْفِسَاخِ وَيُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَيَحْرُمُ التَّفْرِيقُ بِغَيْرِ ذَبْحِ الْوَلَدِ وَيَبْطُلُ الْعَقْدُ) شَمِلَ التَّفْرِيقُ بِغَيْرِ ذَبْحِ الْوَلَدِ التَّفْرِيقَ بِالْبَيْعِ وَلَوْ لِغَرَضِ الذَّبْحِ فَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ بُطْلَانُهُ وَهُوَ وَجِيهٌ جِدًّا لَكِنْ عَبَّرَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِأَنَّهُ يَحِلُّ الْبَيْعُ لِغَرَضِ الذَّبْحِ اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ إذْ قَدْ يَتَأَخَّرُ ذَبْحُهُ، أَوْ لَا يُوَفَّى الْمُشْتَرِي بِهِ فَلَا يَنْدَفِعُ الضَّرَرُ وَشَرْطُ ذَبْحِهِ فِي الْعَقْدِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُفْسِدًا وَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ بَاعَ الْأُمَّ، أَوْ الْوَلَدَ حَيْثُ حَرُمَ التَّفْرِيقُ بِشَرْطِ الْعِتْقِ وَهُوَ بَاطِلٌ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ فَالْوَجْهُ الْبُطْلَانُ هُنَا سَوَاءٌ شُرِطَ ذَبْحُهُ فِي الْعَقْدِ أَمْ لَا

ــ

[حاشية الشربيني]

كَالرِّبَا اهـ حَوَاشِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: بِالْحَيَوَانِ) أَيْ: الْحَيِّ فَخَرَجَ السَّمَكُ وَالْجَرَادُ الْمَيِّتُ. اهـ. جَمَلٌ وَهُوَ مَنْقُولٌ عَنْ م ر قَالَ سم وَبَيْعُ السَّمَكَةِ الْحَيَّةِ بِمِثْلِهَا قَالَ الْمُتَوَلِّي: إنْ جَوَّزْنَا ابْتِلَاعَهُ حَيًّا لَمْ يَجُزْ وَإِلَّا جَازَ اهـ وَقَوْلُ الْجَمَلِ فَخَرَجَ السَّمَكُ وَالْجَرَادُ الْمَيِّتُ أَيْ: فَإِنَّهُ لَحْمٌ فَإِنْ بِيعَ بِجِنْسِهِ لَمْ يَصِحَّ لِعَدَمِ تَأَتِّي الْمُمَاثَلَةِ أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهِ صَحَّ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الْمُمَاثَلَةِ وَإِنَّمَا لَمْ تَتَأَتَّ الْمُمَاثَلَةُ فِي الْأَوَّلِ؛ لِاشْتِمَالِ السَّمَكِ وَالْجَرَادِ عَلَى غَيْرِ اللَّحْمِ. (قَوْلُهُ: السَّمَكِ الصَّغِيرِ) لَعَلَّ وَجْهَ التَّخْصِيصِ جَوَازُ ابْتِلَاعِ الصَّغِيرِ فَهُوَ لَحْمٌ لَا حَيَوَانٌ.

(قَوْلُهُ: وَأَبٍ) فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَنَّ الْأَبَ وَإِنْ عَلَا وَلَوْ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ كَالْأُمِّ عِنْدَ عَدَمِهَا وَالْجَدَّةُ كَذَلِكَ وَتُقَدَّمُ الْجَدَّةُ وَلَوْ مِنْ الْأُمِّ عَلَيْهَا مِنْ الْأَبِ إذَا اجْتَمَعَتَا فَيَحْرُمُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ وَإِذَا اجْتَمَعَ الْأَبُ وَإِنْ عَلَا وَالْجَدَّةُ وَلَوْ مِنْ الْأُمِّ وَإِنْ عَلَتْ فَهُمَا سَوَاءٌ فَيُبَاعُ مَعَ أَيِّهِمَا وَلَا يُقَدَّمُ أَبٌ مِنْ الْأُمِّ عَلَيْهِ مِنْ الْأَبِ وَخَالَفَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا فِيهِ وَلَا يَحْرُمُ التَّفْرِيقُ فِي بَقِيَّةِ الْمَحَارِمِ. (قَوْلُهُ: أَيْ: أَوْ بَاعَ إلَخْ) وَكَالْبَيْعِ سَفَرٌ فِيهِ وَحْشَةٌ وَلَوْ مَعَ زَوْجِهَا فَيَحْرُمُ التَّفْرِيقُ بِهِ أَيْضًا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: بَيْنَ الْأُمِّ وَفَرْعِهَا) أَيْ: وَلَوْ كَانَ مُسْلِمًا تَبَعًا لِأَبِيهِ وَهِيَ كَافِرَةٌ كَمَا فِي م ر (قَوْلُهُ: «يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ) أَيْ: فِي جَنَّةٍ فَلَا يُقَالُ إنَّ التَّفْرِيقَ وَاقِعٌ هُنَاكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ} [عبس: 34] إلَخْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي الْمَوْقِفِ اهـ مِنْ زَوَاجِرِ حَجَرٍ. (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ سَبْعٍ) اعْتَمَدَ شَيْخُنَا م ر فِي شَرْحِهِ كَابْنِ حَجَرٍ وَشَيْخِنَا فِي حَاشِيَتِهِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ أَنَّ التَّمْيِيزَ الْمُعْتَبَرَ هُنَا بِأَنْ يَأْكُلَ وَحْدَهُ وَيَشْرَبَ وَحْدَهُ وَيَسْتَنْجِيَ وَحْدَهُ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ سَبْعَ سِنِينَ وَفَارَقَ الصَّلَاةَ حَيْثُ اُعْتُبِرَ فِيهَا السَّبْعُ مَعَ ذَلِكَ بِأَنَّ فِيهَا نَوْعَ تَكْلِيفٍ وَاعْتَمَدَ الْخَطِيبُ اعْتِبَارَ السَّبْعِ

ص: 425

مَا ذَكَرَهُ مِنْ بُطْلَانِ الْبَيْعِ لِلتَّفْرِيقِ بَيْنَ أُمِّ الْأُمِّ وَالْأَبِ، وَبَيَّنَ الْفَرْعُ صِحَّةَ بَيْعِ أَحَدِهِمَا وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الْفَرْعِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا أَحَدُهُمَا فَبَاعَهُ أَوْ الْفَرْعَ بَطَلَ الْبَيْعُ لِلْفُرْقَةِ، فَعَطْفُهُ الْأَبَ بِالْوَاوِ أَحْسَنُ مِنْ عَطْفِ الْحَاوِي لَهُ بِأَوْ وَأَشَارَ ابْنُ الصَّبَّاغِ إلَى أَنَّهُ لَوْ بَاعَ الْأُمَّ مَعَ بَعْضِ الْوَلَدِ لَمْ يَصِحَّ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفْرِيقِ فِي بَعْضِ الْأَزْمِنَةِ وَيُقَاسُ بِهِ بَيْعُ الْوَلَدِ مَعَ بَعْضِ الْأُمِّ وَمِثْلُهُ بَيْعُ بَعْضِ أَحَدِهِمَا وَحْدَهُ أَوْ مَعَ بَعْضِ الْآخَرِ إلَّا أَنْ يَتَسَاوَى الْبَعْضَانِ فَلَا مَنْعَ وَفِي جَوَازِ التَّفْرِيقِ بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْمَنْعُ وَأَلْحَقَ الْغَزَالِيُّ فِي فَتَاوِيهِ التَّفْرِيقَ بِالسَّفَرِ بِالْبَيْعِ فِي عَدَمِ الْجَوَازِ قَالَ الْقَاضِي: وَالْفَرْعُ الْمَجْنُونُ كَالصَّغِيرِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَيَنْتَهِي التَّحْرِيمُ بِإِفَاقَتِهِ، وَلَوْلَا زِيَادَةُ النَّاظِمِ نَحْوَ سَبْعٍ لَشَمِلِهِ كَلَامُهُ، وَلَوْ كَانَتْ الْأُمُّ لِوَاحِدٍ وَفَرْعُهَا لِآخَرَ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا بَيْعُ مِلْكِهِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا حُرًّا فَلِمَالِكِ الرَّقِيقِ بَيْعُهُ وَخَرَجَ بِالْأُمِّ وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهَا غَيْرُهُمْ كَالْأُخْتِ وَأَبِي الْأُمِّ وَسَائِرِ الْمَحَارِمِ إلَّا أُمَّ الْأَبِ فَكَالْأُمِّ عَلَى الْأَصَحِّ (كَهِبَةٍ) وَهَدِيَّةٍ وَقَرْضٍ وَنَحْوِهَا (وَالْقَسْمِ) بِفَتْحِ الْقَافِ أَيْ: الْقِسْمَةِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهَا يَبْطُلُ بِالْفُرْقَةِ قَبْلَ التَّمْيِيزِ كَالْبَيْعِ، بَلْ الْقِسْمَةُ بَيْعٌ لَكِنَّهَا لَمَّا غَايَرَتْهُ لَفْظًا صَحَّ تَنْظِيرُهُ بِهَا (لَا الْوَصِيَّهْ) فَلَا تَبْطُلُ بِالْفُرْقَةِ؛ لِعَدَمِ الضَّرَرِ فِي الْحَالِ وَلَعَلَّ مَوْتَ الْمُوصِي يَكُونُ بَعْدَ زَمَنِ التَّحْرِيمِ (وَ) لَا (الْعِتْقِ) فَلَا يَبْطُلُ بِالْفُرْقَةِ إذْ مَنْ عَتَقَ مَلَكَ نَفْسَهُ فَلَهُ مُلَازَمَةُ الْآخَرِ قَالَ فِي الِاسْتِقْصَاءِ، وَلَوْ أَسْلَمَ الْأَبُ الْمَمْلُوكُ وَتَخَلَّفَتْ الْأُمُّ وَبَيْنَهُمَا صَغِيرٌ وَالْمَالِكُ كَافِرٌ أُمِرَ بِإِزَالَةِ الْمِلْكِ فِي الْأَبِ وَالصَّغِيرِ وَجَازَ التَّفْرِيقُ لِلضَّرُورَةِ قَالَ الشَّيْخُ نَجْمُ الدِّينِ الْبَالِسِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ مَاتَ الْأَبُ يُبَاعُ الْفَرْعُ؛ لِلضَّرُورَةِ.

(وَالْوَاحِدِ) مِمَّنْ لَا يَجُوزُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا (فِي الرَّهْنِيَّهْ صَحَّتْ) أَيْ صَحَّتْ رَهْنِيَّتُهُ؛ لِأَنَّهَا لَا تُوجِبُ فُرْقَةً لِبَقَاءِ الْمِلْكِ وَيَجُوزُ عَوْدُ ضَمِيرِ صَحَّتْ عَلَى الْوَصِيَّةِ، وَتَالِيَيْهَا (وَ) إنْ اُحْتِيجَ إلَى بَيْعِ الْمَرْهُونِ فِي الدَّيْنِ (بِيعَا) أَيْ: الْمَرْهُونُ وَالْآخَرُ مَعًا حَذَرًا مِنْ التَّفْرِيقِ (وَيُوَزِّعُ الثَّمَنْ) عَلَيْهِمَا (بِقِيمَةِ الْكُلِّ وَقِيمَةِ الرَّهْنْ) بِتَحْرِيكِ الْهَاءِ لِلْوَزْنِ وَفَتْحِهَا لِمُنَاسَبَةِ الرَّوِيِّ أَيْ يُحْسَبُ قِيمَةُ مَجْمُوعِ الْمَرْهُونِ وَالْآخَرِ وَقِيمَةُ الْمَرْهُونِ وَحْدَهُ بِأَنْ يُقَوَّمَ حَاضِنًا أَوْ مَحْضُونًا؛ لِأَنَّهُ رَهْنٌ كَذَلِكَ وَلِهَذَا لَوْ حَدَثَ فَرْعٌ لِمَرْهُونِهِ بَعْدَ الرَّهْنِ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ زِنًا وَبِيعَا قُوِّمَتْ فَارِغَةً عَنْ الْفَرْعِ فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْمَرْهُونِ مِائَةً وَقِيمَتُهُ مَعَ الْآخَرِ مِائَةً وَعِشْرِينَ كَانَ سُدُسُ الثَّمَنِ فِي مُقَابَلَةِ الْآخَرِ وَخَمْسَةُ أَسْدَاسِهِ فِي مُقَابَلَةِ الْمَرْهُونِ (قُلْتُ وَقَوْلِي قِيمَةُ الرَّهْنِ هُنَا أَوْلَى مِنْ) قَوْلِ الْحَاوِي وَغَيْرِهِ: قِيمَةُ (الْأُمِّ) إذْ قَدْ يَكُونُ الْمَرْهُونُ الْفَرْعَ (كَذَا) نَقَلْته (عَنْ شَيْخِنَا) الْبَارِزِيِّ.

(أَوْ) كَانَ (مَعَهُ) أَيْ: الْبَيْعِ (شَرْطٌ هُوَ مَقْصُودٌ وَلَا يُوجِبُهُ) الْعَقْدُ كَشَرْطِ أَنْ لَا يُقْبَضَ الْمَبِيعُ أَوْ لَا يُتَصَرَّفَ فِيهِ أَوْ يَحْصُدَ الْبَائِعُ الزَّرْعَ أَوْ يَخِيطَ الثَّوْبَ بَطَلَ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّهُ «صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ» رَوَاهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي أَحْكَامِهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَرَوَى أَبُو دَاوُد بِهَذَا السَّنَدِ «لَا يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ وَلَا

ــ

[حاشية العبادي]

كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ هُنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ: فِي عَدَمِ الْجَوَازِ) وَطَرْدُهُ بَيْنَ الْوَلَدِ وَالزَّوْجَةِ وَلَوْ حُرَّةً بِخِلَافِ الْمُطَلَّقَةِ لِإِمْكَانِ اتِّبَاعِهَا لَهُ بِرّ. (قَوْلُهُ: لَشَمِلَهُ كَلَامُهُ) يُمْكِنُ أَنْ يَشْمَلَهُ مَعَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِفَاقَةَ مِنْ نَحْوِ السَّبْعِ بِجَامِعِ مَظِنَّةِ التَّمْيِيزِ. (قَوْلُهُ: وَفَرْعُهَا لِآخَرَ) كَمَا لَوْ أَوْصَى بِمَا تَحْمِلُهُ أُمُّهُ لِزَيْدٍ. (قَوْلُهُ: كَالْأُخْتِ وَأَبِي الْأُمِّ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَالْجَدُّ لِلْأُمِّ أَلْحَقَهُ الْمُتَوَلِّي بِالْجَدِّ لِلْأَبِ وَالْمَاوَرْدِيُّ بِسَائِرِ الْمَحَارِمِ اهـ وَعَلَى قَوْلِ الْمُتَوَلِّي يَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ مَعَ الْأَبِ أَنْ يَجُوزَ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدِهِمَا. (قَوْلُهُ: إلَّا أُمَّ الْأَبِ فَكَأُمِّ الْأُمِّ) لَوْ وُجِدَتْ أُمُّ الْأَبِ مَعَ أُمِّ الْأُمِّ وَمَعَ الْأَبِ فَيَنْبَغِي جَوَازُ التَّفْرِيقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا عَدَا وَاحِدًا مِنْهُمْ. (قَوْلُهُ: فَكَأُمِّ الْأُمِّ) أَيْ: عِنْدَ فَقْدِ الْأَبِ س ش بِرّ. (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّ مَوْتَ الْمُوصِي إلَخْ) قَدْ بَرَزَ مِنْ هَذَا إلَى أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ الْمَوْتُ قَبْلَ التَّمْيِيزِ بَطَلَتْ وَهُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: يُبَاعُ الْفَرْعُ لِلضَّرُورَةِ) قَالَ الْجَوْجَرِيُّ لَوْ قِيلَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يُؤْمَرُ بِإِزَالَةِ الْمِلْكِ عَنْ الْأُمِّ وَالْوَلَدِ مَعًا كَمَا فِي الْمَرْهُونِ لَكَانَ أَوْلَى بِرّ.

(قَوْلُهُ: فَتَحْرِيكُ الْهَاءِ لُغَةٌ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ مُطْلَقَ التَّحْرِيكِ هُوَ اللُّغَةُ لَا خُصُوصَ الْفَتْحِ بِرّ. (قَوْلُهُ: لِمُنَاسِبَةِ الرَّوِيِّ) يُفْهِمُ أَنَّ الْفَتْحَ لَيْسَ فِي تِلْكَ اللُّغَةِ وَلَمْ يُبَيِّنْ أَمْرَهَا.

. (قَوْلُهُ: وَلَا يُوجِبُهُ) أَعَمُّ مِنْ أَنْ يُوجِبَ

ــ

[حاشية الشربيني]

هُنَا كَالصَّلَاةِ وَاكْتَفَى بَعْضُهُمْ بِفَهْمِ الْخِطَابِ وَرَدِّ الْجَوَابِ وَلَوْ قَبْلَ السَّبْعِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَتَسَاوَى الْبَعْضَانِ) أَيْ: وَقَدْ بَاعَهُمَا لِمُشْتَرٍ وَاحِدٍ قِيلَ وَعَلَيْهِ التَّسْوِيَةُ فِي الْمُهَايَأَةِ إذَا وَقَعَتْ وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ التَّفْرِيقُ إلَّا بِإِزَالَةِ الْمِلْكِ كَمَا فِي الرَّشِيدِيِّ وَقَدْ يُقَالُ يُلْحَقُ هَذَا بِالسَّفَرِ الَّذِي فِيهِ وَحْشَةٌ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: بِالسَّفَرِ) أَيْ: الَّذِي فِيهِ وَحْشَةٌ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: وَأَبُ الْأُمِّ) فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَنَّهُ كَالْأُمِّ فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: وَأَبُ الْأُمِّ) تَقَدَّمَ عَنْ ق ل خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: لَا الْوَصِيَّهْ) وَلَوْ وَهَبَ فَرْعَهُ أَمَةً حَائِلَةً فَحَمَلَتْ عِنْدَ الْفَرْعِ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَلِلْأَصْلِ الرُّجُوعُ فِي الْأُمِّ إذْ لَوْ مُنِعَ مِنْهُ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ شَيْءٌ. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ نَقْلًا عَنْ م ر

(قَوْلُهُ: لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ) أَيْ: مَعَ تَعَلُّقِ حَقِّهِ بِالْعَيْنِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: أَوْلَى) وَحُمِلَ قَوْلُهُمْ: قِيمَةُ الْأُمِّ عَلَى التَّمْثِيلِ أَوْ هُوَ لِلْغَالِبِ شَرْحُ إرْشَادٍ.

(قَوْلُهُ: صلى الله عليه وسلم «لَا يَحِلُّ سَلَفٌ» ) هَلْ الْمُرَادُ بِهِ شَرْطُ السَّلَفِ أَيْ: الْقَرْضِ فَيَكُونُ مَا بَعْدَهُ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ؟ (قَوْلُهُ: «عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ» ) قَسَّمَهُ بَعْضُهُمْ فَقَالَ: الشَّرْطُ

ص: 426

شَرْطٌ وَبَيْعٌ» وَظَاهِرُهُمَا امْتِنَاعُ كُلِّ شَرْطٍ لَكِنْ فُهِمَ مِنْهُمَا أَنَّ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ تَأْدِيَتُهُ إلَى بَقَاءِ عَلَقَةٍ بَعْدَ الْعَقْدِ قَدْ يَثُورُ بِسَبَبِهَا نِزَاعٌ بَيْنَ الْعَاقِدَيْنِ وَقَدْ يُفْضِي إلَى فَوَاتِ مَقْصُودِ الْعَقْدِ فَحَيْثُ انْتَفَى هَذَا الْمَعْنَى صَحَّ الشَّرْطُ وَقَدْ وَرَدَ فِي بَعْضِ الشُّرُوطِ نُصُوصٌ بِصِحَّتِهَا وَسَتَأْتِي (وَإِنْ أُزِيلَ) الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ، وَلَوْ فِي الْمَجْلِسِ فَإِنَّ الْبَيْعَ يَبْطُلُ إذْ الْعَقْدُ الْفَاسِدُ لَا عِبْرَةَ بِهِ فَلَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا بِقَوْلِهِمَا أَزَلْنَا الشَّرْطَ فَقَوْلُهُ (بَطَلَا) رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ وَعِنْدَ جَمْعِ الْعَقْدِ وَمَا بَعْدَهُ إلَى هُنَا إلَّا مَا اسْتَثْنَى كَمَا تَقَرَّرَ وَخَرَجَ بِالْمَقْصُودِ أَيْ مَا فِيهِ غَرَضٌ مَا لَا غَرَضَ فِيهِ فَيَلْغُو فِي نَفْسِهِ وَلَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ كَشَرْطِ أَنْ لَا يَأْكُلَ إلَّا الْهَرِيسَةَ أَوْ لَا يَلْبَسَ إلَّا الْخَزَّ أَوْ الْكَتَّانَ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْمِنْهَاجِ.

وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ، ثُمَّ قَالَ لَكِنْ فِي التَّتِمَّةِ أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ إلْزَامَ مَا لَيْسَ بِلَازِمٍ كَمَا لَوْ بَاعَ بِشَرْطِ أَنْ يُصَلِّي النَّوَافِلَ فَسَدَ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّهُ أَوْجَبَ مَا لَيْسَ بِلَازِمٍ قَالَ: وَقَضِيَّتُهُ فَسَادُ الْعَقْدِ فِي مَسْأَلَةِ الْهَرِيسَةِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ تَصْرِيحًا بِالْبُطْلَانِ وَإِنَّمَا يُوجَدُ مِنْ مُقْتَضَى كَلَامِ التَّتِمَّةِ وَهُوَ عَجِيبٌ فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ فَقَالَ وَإِذَا بَاعَهُ الْعَبْدَ عَلَى أَنْ لَا يَبِيعَهُ مِنْ فُلَانٍ أَوْ عَلَى أَنْ يَبِيعَهُ مِنْهُ أَوْ عَلَى أَنْ لَا يَسْتَخْدِمَهُ أَوْ عَلَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ كَذَا وَكَذَا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ فَتَلَخَّصَ أَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ فِي اشْتِرَاطِ مَا لَا غَرَضَ فِيهِ الْبُطْلَانُ، وَأَنَّ الرَّافِعِيَّ لَمْ يَطَّلِعْ فِيهِ إلَّا عَلَى كَلَامِ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ الْمَعْدُودِينَ فِي الْمُصَنَّفِينَ لَا فِي أَصْحَابِ الْوُجُوهِ وَقَدْ جَزَمَ بِالصِّحَّةِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ لِكَوْنِ الْقَائِلِ بِهَا اثْنَيْنِ وَبِالْبُطْلَانِ وَاحِدًا عَلَى مَا تَحَصَّلَ لَهُ فِي مَبْسُوطِهِ وَهَذَا أَمْرٌ صَعْبٌ يُورِثُ رِيبَةً فِي الْإِفْتَاءِ بِكَثِيرٍ مِنْ كَلَامِهِ قَالَ وَقَدْ اخْتَارَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَابْنُ الرِّفْعَةِ فِي: لَا يَأْكُلَ إلَّا الْهَرِيسَةَ أَنَّهُ يُقْرَأُ بِتَاءِ الْخِطَابِ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا غَرَضَ فِيهِ أَصْلًا بِخِلَافِ مَا إذَا قُرِئَ بِالْيَاءِ آخِرُ الْحُرُوفِ فَقَدْ يُتَخَيَّلُ فِيهِ الْإِفْسَادُ؛ لِأَنَّهُ يَنْفَعُ الْعَبْدَ كَالْإِعْتَاقِ وَمَا قَالَاهُ بَعِيدٌ عَنْ السِّيَاقِ لَكِنَّهُ صَحِيحٌ نَقْلًا كَمَا بَيَّنْته انْتَهَى وَخَرَجَ بِمَا لَا يُوجِبُهُ الْعَقْدُ مَا يُوجِبُهُ كَالْقَبْضِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ

ــ

[حاشية العبادي]

خِلَافَهُ أَوَّلَا. (قَوْلُهُ: فَقَالَ وَإِذَا بَاعَهُ إلَخْ) لَا يُقَالُ هَذِهِ الصُّورَةُ الَّتِي نَقَلَهَا عَنْ النَّصِّ لَمْ تَتَعَيَّنْ لِانْتِفَاءِ الْغَرَضِ، بَلْ بَعْضُهَا الْغَرَضُ فِيهِ ظَاهِرٌ وَبَعْضُهَا الْغَرَضُ فِيهِ قَرِيبٌ وَبَعْضُهَا مُخَالِفٌ مُقْتَضَى الْعَقْدِ، فَكَيْفَ يُسْتَنْتَجُ مِنْهَا أَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ فِي اشْتِرَاطِ مَا لَا غَرَضَ فِيهِ الْبُطْلَانُ؟ ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الصُّورَةُ الْأَخِيرَةُ نَظِيرُ مَا قَالَ الشَّيْخَانِ فِيهِ أَنَّهُ لَا غَرَضَ فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ فِيهَا تَقْدِيرًا لِلنَّفَقَةِ، أَوْ اشْتِرَاطَ شَيْءٍ فِيهَا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَنْفَعُ الْعَبْدَ كَالْإِعْتَاقِ) قَدْ يُسْتَشْكَلُ بِأَنَّ شَرْطَ الْإِعْتَاقِ صَحِيحٌ فَكَيْفَ يَقِيسُ بِهِ مَا يُتَخَيَّلُ فِيهِ الْإِفْسَادُ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْغَرَضَ تَشْبِيهُهُ بِهِ فِي مُجَرَّدِ كَوْنِهِ نَافِعًا لَهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْحُكْمِ لِمَعْنًى آخَرَ؟ .

ــ

[حاشية الشربيني]

إمَّا أَنْ يَقْتَضِيَهُ مُطْلَقُ الْعَقْدِ كَالْقَبْضِ وَالِانْتِفَاعِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ أَوْ لَا، الْأَوَّلُ لَا يَضُرُّ وَالثَّانِي إمَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِمَصْلَحَةِ الْعَقْدِ كَشَرْطِ الرَّهْنِ أَوْ الْإِشْهَادِ وَالْأَوْصَافِ الْمَقْصُودَةِ مِنْ الْكِتَابَةِ وَالْخِيَاطَةِ وَالْخِيَارِ وَنَحْوِ ذَلِكَ أَوْ لَا الْأَوَّلُ لَا يُفْسِدُهُ وَيَصِحُّ الشَّرْطُ فِي نَفْسِهِ وَالثَّانِي إمَّا أَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ غَرَضٌ يُورِثُ تَنَازُعًا كَشَرْطِ أَنْ لَا يَأْكُلَ إلَّا كَذَا فَهُوَ لَاغٍ وَالْعَقْدُ صَحِيحٌ وَالثَّانِي وَهُوَ الْفَاسِدُ الْمُفْسِدُ كَالْأُمُورِ الَّتِي تُنَافِي مُقْتَضَاهُ نَحْوِ عَدَمِ الْقَبْضِ وَالتَّصَرُّفِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُمْ: الْحَاصِلُ أَنَّ الْمُفْسِدَةَ كُلُّ شَرْطٍ مَقْصُودٍ لَا يُوجِبُهُ الْعَقْدُ وَلَيْسَ مِنْ مَصَالِحِهِ. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ إذَا كَانَ الشَّارِطُ لِعَدَمِ الْقَبْضِ هُوَ الْمُشْتَرِي كَمَا لَوْ شَرَطَ الزَّوْجُ فِي النِّكَاحِ أَنَّهُ لَا يَطَأُ وَكَمَا لَوْ اشْتَرَى طَعَامًا وَشَرَطَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ يُطْعِمُهُ لِلْغَيْرِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ لَا إنْ شَرَطَهُ الْبَائِعُ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ.

وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ ذَلِكَ الشَّرْطَ يُؤَدِّي إلَى اسْتِمْرَارِ ضَمَانِ الْبَائِعِ هُنَا وَعَدَمِ وُثُوقِهِ بِمِلْكِ الثَّمَنِ وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَيْهِ وَبِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى التَّسْلِيمِ شَرْطٌ فِي الْبَيْعِ وَهُوَ بِالْقَبْضِ فَشَرْطُ عَدَمِهِ مُفْسِدٌ وَلَيْسَ الْوَطْءُ فِي النِّكَاحِ كَذَلِكَ وَمِثْلُهُ أَكْلُ الْمَبِيعِ فِي صُورَةِ مَا إذَا اشْتَرَى طَعَامًا وَشَرَطَ عَلَى نَفْسِهِ إلَخْ لِحُصُولِ الْقَبْضِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ إبَاحَةٌ كَمَا سَيَأْتِي فِيهِ. (قَوْلُهُ: فِي بَعْضِ الشُّرُوطِ إلَخْ) هُوَ مَا أَوْجَبَهُ الْعَقْدُ أَوْ كَانَ مِنْ مَصَالِحِهِ أَوْ شَرْطًا لِصِحَّتِهِ أَوْ لَا غَرَضَ فِيهِ كَالْقَبْضِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ أَوْ الْكِتَابَةِ وَالْخِيَاطَةِ أَوْ قَطْعِ الثَّمَرَةِ أَوْ كَوْنِهِ لَا يَأْكُلُ إلَّا كَذَا. (قَوْلُهُ: وَقَدْ اخْتَارَ) قَالَ م ر وَحَجَرٌ: الصَّحِيحُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْفَوْقِيَّةِ وَالتَّحْتِيَّةِ لِانْتِفَاءِ غَرَضِ الْبَائِعِ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ يَدِهِ فِي تَعْيِينِ غِذَائِهِ مَعَ أَنَّهُ يَحْصُلُ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ مِنْ إطْعَامِهِ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَأَجَابَ الزَّرْكَشِيُّ عَمَّا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ مَا فِي التَّتِمَّةِ مَحَلُّهُ فِيمَا لَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ أَصْلًا، وَمَسْأَلَتُنَا فِيمَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ فِي الْجُمْلَةِ إذْ نَفَقَةُ الرَّقِيقِ مُقَدَّرَةٌ بِالْكِفَايَةِ وَقَدْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَدَاءَهَا مِنْ أَحَدِ الْأَنْوَاعِ الَّتِي تَتَأَدَّى هِيَ بِبَعْضِهَا فَيَصِحُّ وَلَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ أَحَدُهَا فَأَشْبَهَ خِصَالَ الْكَفَّارَةِ لَا يَتَعَيَّنُ أَحَدُهَا بِالتَّعْيِينِ قَالَ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: فِي الْأُمِّ عَلَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ كَذَا، وَكَذَا فَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى التَّقْدِيرِ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ وَإِلَى أَنَّهُ يَجْمَعُ لَهُ بَيْنَ إدَامَيْنِ أَوْ نَوْعَيْنِ مِنْ الْأَطْعِمَةِ وَذَلِكَ لَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ فَإِذَا شَرَطَ فَقَدْ شَرَطَ مَا لَا يَلْزَمُهُ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ فَأَبْطَلَهُ.

ص: 427

وَالِانْتِفَاعِ فَهُوَ مُؤَكِّدٌ لِمُقْتَضَاهُ.

(لَا شَرْطُ إشْهَادٍ) فَإِنَّهُ لَا يُبْطِلُ الْعَقْدَ وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ الشُّهُودُ لِلْأَمْرِ بِهِ قَالَ تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: 282] وَلِأَنَّهُ مِنْ مَصْلَحَةِ الْعَقْدِ (وَحُكْمُ الْمُرْتَهَنْ) بِفَتْحِ الْهَاءِ بِمَعْنَى الرَّهْنِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْحَاوِي (كَذَا) أَيْ يَبْطُلُ بِشَرْطٍ مَقْصُودٍ لَا يُوجِبُهُ عَقْدُ الرَّهْنِ كَشَرْطِ أَنْ يَنْتَفِعَ الْمُرْتَهِنُ بِالْمَرْهُونِ أَوْ لَا يَتَقَدَّمَ بِثَمَنِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ أَوْ لَا يُبَاعُ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَإِنْ أُزِيلَ الشَّرْطُ لَا بِشَرْطِ الْإِشْهَادِ.

(وَ) لَا شَرْطُ (مَعْلُومِ كَفِيلٌ بِالثَّمَنْ وَ) مَعْلُومِ (أَجَلٍ وَرَهْنِ غَيْرِ الْمُشْتَرَى) بِفَتْحِ الرَّاءِ لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ فِي مُعَامَلَةِ مَنْ لَا يَرْضَى إلَّا بِهِ وَقَالَ تَعَالَى {إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [البقرة: 282] أَيْ مُعَيَّنٍ {فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: 282] وَقَالَ تَعَالَى {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283] وَخَرَجَ بِمَعْلُومِ الثَّلَاثَةُ مَجْهُولُهَا وَفَرَّقُوا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الشُّهُودِ بِتَفَاوُتِ الْأَغْرَاضِ فِيهَا بِخِلَافِهِمْ إذْ الْحَقُّ يَثْبُتُ بِأَيِّ شُهُودٍ كَانُوا وَلَمْ يُبَالُوا بِكَوْنِ بَعْضِ الشُّهُودِ قَدْ يَكُونُ أَوْجَهَ وَقَوْلُهُ: أَسْرَعُ قَبُولًا وَالْعِلْمُ فِي الرَّهْنِ بِمُشَاهَدَةِ الْمَرْهُونِ أَوْ وَصْفِهِ بِصِفَاتِ السَّلَمِ وَفِي الْكَفِيلِ بِمُشَاهَدَتِهِ أَوْ بِذِكْرِ اسْمِهِ وَنَسَبِهِ وَلَا يَكْفِي وَصْفُهُ كَمُوسِرٍ ثِقَةٍ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ: وَلَوْ قِيلَ الِاكْتِفَاءُ بِالْوَصْفِ أَوْلَى مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِمُشَاهَدَةِ مَنْ لَا يُعْرَفُ حَالُهُ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا وَيُعْتَبَرُ كَوْنُ الثَّمَنِ فِي الذِّمَّةِ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ لِيَخْرُجَ الْمُعَيَّنُ كَأَنْ قَالَ بِعْتُك بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ عَلَى أَنْ يَكْفُلَك بِهَا فُلَانٌ أَوْ تُسَلِّمَهَا لِي وَقْتَ كَذَا أَوْ تَرْهَنَ بِهَا كَذَا فَإِنَّ الْعَقْدَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا رِفْقٌ شُرِعَ لِتَحْصِيلِ الْحَقِّ، وَالْمُعَيَّنُ حَاصِلٌ وَكَالثَّمَنِ فِي ذَلِكَ الْمُثَمَّنُ بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا كَأَنْ شَرَطَ كَفِيلًا بِدَيْنٍ آخَرَ فَيَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مَقْصُودٌ لَا يُوجِبُهُ الْعَقْدُ وَلَيْسَ مِنْ مَصَالِحِهِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ الْحُكْمُ بِالثَّمَنِ، وَلَوْ سَلِمَ تَقْيِيدُهُ بِهِ فَلَا يَخْتَصُّ بِالْكَفِيلِ وَلِهَذَا أَخَّرَهُ الْحَاوِي عَنْ الثَّلَاثَةِ وَخَرَجَ بِغَيْرِ الْمُشْتَرِي رَهْنُ الْمُشْتَرَى أَيْ الْمَبِيعِ فَلَا يَصِحُّ، فَلَوْ شَرَطَ رَهْنَهُ بِالثَّمَنِ بَطَلَ الْبَيْعُ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى شَرْطِ رَهْنِ مَا لَمْ يَمْلِكْهُ بَعْدُ وَلِأَنَّ مُقْتَضَى الْعَقْدِ تَمَكُّنُ الْمُشْتَرِي مِنْ التَّصَرُّفِ وَهُوَ مُنَافٍ لَهُ سَوَاءٌ شَرَطَ أَنْ يُرْهِنَهُ إيَّاهُ بَعْدَ قَبْضِهِ أَمْ قَبْلَهُ فَإِنْ رَهَنَهُ بَعْدَ قَبْضِهِ بِلَا شَرْطٍ صَحَّ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي وَكَلَامُهُ كَغَيْرِهِ يَقْتَضِي صِحَّةَ التَّأْجِيلِ بِأَلْفِ سَنَةٍ وَنَحْوِهَا لَكِنْ نَقَلَ الرَّافِعِيُّ عَنْ الرُّويَانِيِّ أَنَّ تَأْجِيلَ الثَّمَنِ بِأَلْفِ سَنَةٍ لَا يَصِحُّ وَوَافَقَهُ النَّوَوِيُّ وَجَعَلَ الْمَعْنَى فِيهِ كَوْنَ هَذِهِ الْمُدَّةِ مِمَّا يَبْعُدُ بَقَاءُ الدُّنْيَا إلَيْهَا وَفِي الْكِفَايَةِ لِابْنِ الرِّفْعَةِ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ حُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّ أَكْثَرَ مَا يُؤَجَّلُ بِهِ الثَّمَنُ خَمْسُمِائَةِ سَنَةٍ.

(وَبِتَعَذُّرٍ) لِمَا يُمْكِنُ تَعَذُّرُهُ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ وَهُوَ الْإِشْهَادُ وَالْكَفِيلُ وَالرَّهْنُ كَأَنْ مَاتَ الْمُشْتَرِي

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَقَالَ تَعَالَى) {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283] قَدْ يُقَالُ لَا دَلَالَةَ فِيهِ إلَّا مُجَرَّدُ جَوَازِ الرَّهْنِ وَالْإِقْبَاضِ لَا عَلَى جَوَازِ شَرْطِهِ فِي الْعَقْدِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْأَوَّلِ الثَّانِي اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ دَلَّ عَلَى جَوَازِ الرَّهْنِ وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ الْمَشْرُوطِ فَيَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الشَّرْطِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ يَذْكُرُ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ) يَنْبَغِي عِنْدَ الْعِلْمِ بِهِ لَا مُطْلَقًا وَإِلَّا كَانَ مَجْهُولًا. (قَوْلُهُ: لَا يَتَقَيَّدُ الْحُكْمُ) أَيْ: جَوَازُ الشَّرْطِ وَقَوْلُهُ: بِالثَّمَنِ، بَلْ يَجْرِي أَيْضًا فِي الْمُثَمَّنِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَخْتَصُّ إلَخْ) فَكَيْفَ خَصَّصَهُ الْمُصَنِّفُ بِالْكَفِيلِ؟ (قَوْلُهُ: بِالْكَفِيلِ) بَلْ يَتَجَاوَزُهُ إلَى الْأَجَلِ وَالرَّهْنِ. (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا أَخَّرَهُ) أَيْ: الثَّمَنَ. (قَوْلُهُ: أَيْ: الْمَبِيعِ) لَك أَنْ تَقُولَ الثَّمَنُ كَالْمَبِيعِ فِي ذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا وَالْبَيْعُ فِي الذِّمَّةِ فَيُشْتَرَطُ رَهْنُ الثَّمَنِ عَلَى الْمَبِيعِ فَهَلَّا حَمَلَ الْمُشْتَرَى عَلَى مَا يَشْمَلُ الثَّمَنَ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ نَقَلَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر. (قَوْلُهُ: بِأَلْفِ سَنَةٍ لَا يَصِحُّ إلَخْ) وَاسْتُشْكِلَ مَنْعُ التَّأْجِيلِ بِهَذِهِ الْمُدَّةِ بِأَنَّا نَعْلَمُ أَنَّ الْأَجَلَ يَسْقُطُ قَبْلَهَا بِمَوْتِ الْمَدِينِ وَيَنْتَقِلُ الْحَقُّ لِصَاحِبِهِ أَيْ: فَلَا يُؤَثِّرُ التَّأْجِيلُ بِهَا وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ التَّأْجِيلَ بِهَا فَاسِدٌ لِاسْتِحَالَتِهِ لِعِلْمِنَا بِسُقُوطِ الْأَجَلِ قَبْلَ تَمَامِهِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الْغَرَرِ.

(قَوْلُهُ: وَبِتَعَذُّرٍ لِمَا يُمْكِنُ) احْتِرَازٌ عَنْ الْأَجَلِ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ تَعَذُّرُهُ. (قَوْلُهُ: كَأَنْ مَاتَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَنْ يُشْهِدَ) تَصْرِيحٌ بِأَنَّ وَارِثَ الْمُشْتَرِي لَا يَقُومُ مَقَامَهُ وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ قَبُولُ إشْهَادِ الْوَارِثِ، بَلْ لَهُ الْفَسْخُ مَعَ بَذْلِ الْوَارِثِ الْإِشْهَادَ وَيَأْتِي أَنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُ بِمَوْتِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ إعْتَاقِ الْمَبِيعِ الْمَشْرُوطِ إعْتَاقُهُ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَى الْعِتْقِ وَهَلْ مَوْتُ الْمُشْتَرِي

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: لَا شَرْطُ إشْهَادٍ) مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الشَّرْطَ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ فَيَكُونُ الْمُرَادُ شَرْطَ الْإِشْهَادِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْعَقْدِ بَعْدَ جَرَيَانِهِ إذْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُشْرَطَ فِي الْعَقْدِ الْإِشْهَادُ عَلَى صُدُورِهِ، وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ قَوْلُهُ: وَبِشَرْطِ الْإِشْهَادِ أَيْ: عَلَى جَرَيَانِهِ الْعَقْدَ وَهِيَ تُفِيدُ مَا ذُكِرَ اهـ جَمَلٌ.

(قَوْلُهُ: وَبَيْنَ الشُّهُودِ) حَتَّى لَوْ عُيِّنُوا لَمْ يَتَعَيَّنُوا وَجَازَ إبْدَالُهُمْ وَلَوْ حَالَ شَهَادَتِهِمْ ق ل. (قَوْلُهُ: وَفِي الْكَفِيلِ بِمُشَاهَدَتِهِ) لِأَدَائِهَا غَالِبًا لِمَعْرِفَةِ حَالِ الشَّخْصِ صُعُوبَةً وَسُهُولَةً وَبِهَذَا فَارَقَ عَدَمَ الِاكْتِفَاءِ بِمُشَاهَدَةِ الْقُرْآنِ فِي الصَّدَاقِ فِيمَا إذَا أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ آيَاتٍ مِنْ الْقُرْآنِ حَيْثُ قَالَ الرَّافِعِيُّ: لَا بُدَّ مِنْ عِلْمِهَا فَإِنْ أَرَاهَا مِقْدَارًا مِنْ الْمُصْحَفِ فَقَالَ مِنْ هُنَا إلَى هُنَا فَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ الرَّازِيّ يَكْفِي ذَلِكَ وَلَك أَنْ تَقُولَ: لَا يَكْفِي إذَا لَمْ تَعْرِفْ صُعُوبَتَهُ وَلَا سُهُولَتَهُ زَادَ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ فَقَالَ الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي اهـ ق ل وَنَاشِرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَا يَكْفِي وَصْفُهُ إلَخْ) إذْ الْأَحْرَارُ لَا تَلْزَمُ فِي الذِّمَّةِ لِانْتِفَاءِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ بِخِلَافِ الْمَرْهُونِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ وَهَذَا جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَقَدْ يَكُونُ الضَّامِنُ رَقِيقًا مَعَ صِحَّةِ الْتِزَامِهِ فِي الذِّمَّةِ وَصِحَّةِ ضَمَانِهِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَأَيْضًا فَكَمْ مِنْ مُوسِرٍ يَكُونُ مُمَاطِلًا فَالنَّاسُ مُخْتَلِفُونَ فِي الْإِيفَاءِ وَإِنْ اتَّفَقُوا يَسَارًا وَعَدَالَةً فَانْدَفَعَ بَحْثُ الرَّافِعِيِّ الْمَذْكُورُ. اهـ. شَرْحُ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْعَقْدَ بَاطِلٌ) وَهَذَا فِي غَيْرِ ضَمَانِ الدَّرْكِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ مَعَهُ الْعَقْدُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: وَكَالثَّمَنِ فِي ذَلِكَ) أَيْ: فِي شَرْطِ الْكَفِيلِ وَالرَّهْنِ وَالْأَجَلِ وَقَوْلُهُ: الْمُثَمَّنُ أَيْ: فِي الذِّمَّةِ وَلَا يُقَالُ إنَّهُ سَلَمٌ وَسَيَأْتِي؛ لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ انْعِقَادُ بَيْعِ مَا بِيعَ فِي الذِّمَّةِ بِلَفْظِ الْبَيْعِ بَيْعًا لَا سَلَمًا. اهـ. قُوَيْسَنِيٌّ. اهـ. مَرْصِفِيٌّ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ) أَيْ: بَعْدَمَا مَضَى وَهُوَ الْآنَ. اهـ. شِهَابٌ. (قَوْلُهُ: خَمْسَمِائَةِ سَنَةٍ) وَإِنْ تُيُقِّنَ سُقُوطُهُ بِمَوْتِ الْمُشْتَرِي إذْ هُوَ ظَنٌّ نَاشِئٌ مِنْ الْعَادَةِ وَهِيَ غَيْرُ قَطْعِيَّةٍ بِخِلَافِ عَدَمِ بَقَاءِ.

ص: 428

قَبْلَ أَنْ يُشْهِدَ أَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِشْهَادِ أَوْ الرَّهْنِ أَوْ مَاتَ الْكَفِيلُ أَوْ امْتَنَعَ أَوْ تَلِفَ الرَّهْنُ أَوْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ دَبَّرَهُ (وَعَيْبٍ) لِمَا يُمْكِنُ تَعَيُّبُهُ مِنْهَا وَهُوَ الرَّهْنُ (خُيِّرَا) أَيْ الْبَائِعُ لِفَوَاتِ شَرْطِهِ وَالْخِيَارُ عَلَى الْفَوْرِ؛ لِأَنَّهُ خِيَارُ نَقْصٍ وَلَا يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْقِيَامِ بِمَا شَرَطَ لِزَوَالِ الضَّرَرِ بِالْفَسْخِ وَلَا يَقُومُ رَهْنٌ أَوْ كَفِيلٌ آخَرُ مَقَامَ الْمُعَيَّنِ، أَمَّا افْتِقَارُ الْكَفِيلِ فَلَا يَثْبُتُ بِهِ خِيَارٌ (لَا إنْ تَعَيَّبْ) أَيْ: الرَّهْنُ (بَعْدَ قَبْضٍ) لَهُ (أَوْ حَصَلْ) لَهُ بَعْدَ قَبْضِهِ (هُلْكٌ) وَقَدْ اطَّلَعَ فِيهِ الْبَائِعُ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ فَلَا يُخَيَّرُ إذْ الْفَسْخُ إنَّمَا يَثْبُتُ إذَا أَمْكَنَهُ رَدُّ الرَّهْنِ كَمَا أَخَذَهُ وَلَا أَرْشَ لَهُ أَيْضًا.

(وَ) لَا شَرْطُ (تَخْيِيرُ ثَلَاثٍ) مِنْ الْأَيَّامِ (وَأَقَلْ) مِنْهَا فَإِنَّهُ لَا يُبْطِلُ الْبَيْعَ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «ذُكِرَ رَجُلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ يُخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ فَقَالَ لَهُ مَنْ بَايَعَتْ فَقُلْ لَهُ لَا خِلَابَةَ» وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ بِلَفْظِ «إذَا بَايَعَتْ فَقُلْ: لَا خِلَابَةَ، ثُمَّ أَنْتَ بِالْخِيَارِ فِي كُلِّ سِلْعَةٍ ابْتَعْتهَا ثَلَاثَ لَيَالٍ» وَفِي رِوَايَةٍ لِلدَّارَقُطْنِيِّ عَنْ عُمَرَ «فَجَعَلَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عُهْدَةً ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ» وَسُمِّيَ الرَّجُلُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ حِبَّانَ بْنَ مُنْقِذٍ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْمُوَحَّدَةِ وَفِي الَّتِي قَبْلَهَا مُنْقِذًا وَالِدُهُ بِالْمُعْجَمَةِ وَبِهِ جَزَمَ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي مُبْهَمَاتِهِ وَبِالْأَوَّلِ جَزَمَ الْبَيْهَقِيُّ وَالنَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَهُمَا صَحَابِيَّانِ أَنْصَارِيَّانِ، وَخِلَابَةُ بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: الْغَبْنُ وَالْخَدِيعَةُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا اُشْتُهِرَ فِي الشَّرْعِ أَنَّ مَعْنَى لَا خِلَابَةَ اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْهُ الْعَاقِدَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا لَمْ يَثْبُتْ الْخِيَارُ وَاَلَّذِي فِي الْخَبَرِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَبْلَ الرَّهْنِ كَمَوْتِهِ قَبْلَ الْإِشْهَادِ، أَوْ يُفَرَّقُ بِتَعَيُّنِ الْمَرْهُونِ بِخِلَافِ الشُّهُودِ فَإِنَّهُمْ وَإِنْ عُيِّنُوا لَا يَتَعَيَّنُونَ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَوَّلُ غَيْرُ بَعِيدٍ.

(قَوْلُهُ: أَوْ مَاتَ الْكَفِيلُ) يَنْبَغِي قَبْلَ الْكَفَالَةِ فَلَا أَثَرَ لِمَوْتِهِ بَعْدَهَا كَتَلَفِ الرَّهْنِ بَعْدَ الْقَبْضِ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي) أَيْ: قَبْلَ الْقَبْضِ، أَمَّا بَعْدَهُ فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا لَمْ يَنْفُذْ، أَوْ مُوسِرًا فَقِيَاسُ مَا تَقَرَّرَ فِي الرَّهْنِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ أَنَّهُ يَنْفُذُ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ لِتَكُونَ رَهْنًا مَكَانَهُ لَكِنْ هَلْ يَتَخَيَّرُ هُنَا أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ تَلِفَ الرَّهْنُ) أَيْ: قَبْلَ الْقَبْضِ لِمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: أَوْ دَبَّرَهُ) أَيْ: قَبْلَ الْقَبْضِ ح ج ش ع. (قَوْلُهُ: وَعَيْبٍ) أَيْ: قَبْلَ الْقَبْضِ. (قَوْلُهُ: لَا إنْ تَعَيَّبَ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ أَمَّا إذَا تَلِفَ، أَوْ تَعَيَّبَ بَعْدَ الْقَبْضِ فَلَا خِيَارَ لَهُ نَعَمْ إنْ اسْتَنَدَ إلَى سَبَبٍ سَابِقٍ كَرِدَّةٍ وَسَرِقَةٍ سَابِقَتَيْنِ فَلَهُ الْخِيَارُ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ اطَّلَعَ إلَخْ) كَأَنَّ وَجْهَ هَذَا التَّقْيِيدِ الَّذِي تَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّ هَذِهِ الْحَالَةَ هِيَ الَّتِي يُتَوَهَّمُ فِيهَا ثُبُوتُ الْخِيَارِ حَتَّى يُحْوِجَ إلَى نَفْيِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُخَيَّرُ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ نَعَمْ إنْ كَانَ الْهَلَاكُ يُوجِبُ الْقِيمَةَ فَأَخَذَهَا الْمُرْتَهِنُ رَهْنًا ثُمَّ عَلِمَ بِالْعَيْبِ فَلَهُ الْخِيَارُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ اهـ ثُمَّ قَالَ وَهَلَاكُ بَعْضِ الْمَرْهُونِ بَعْدَ قَبْضِهِ كَهَلَاكِ كُلِّهِ فَلَوْ ارْتَهَنَ عَبْدَيْنِ مَثَلًا وَقَبَضَ أَحَدَهُمَا وَتَلِفَ فِي يَدِهِ وَتَلِفَ الْآخَرُ فِي يَدِ الرَّاهِنِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فَلَا خِيَارَ لَهُ لِفَوَاتِ رَدِّ مَا تَلِفَ فِي يَدِهِ اهـ أَيْ: وَكَذَا لَوْ تَلِفَ الْآخَرُ فِي يَدِهِ هُوَ أَوْ بَقِيَ فِيهَا أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ وَفِي الْعُبَابِ وَإِذَا أَسْقَطَ الرَّهْنَ، أَوْ الضَّمَانَ مُسْتَحِقُّهُمَا سَقَطَا أَيْ: كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ وَصَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُمَا وَكَذَا لَوْ أَسْقَطَهُمَا الدَّائِنُ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُسْتَقِلٌّ فَجَازَ إفْرَادُ شَرْطِهِ بِالْإِسْقَاطِ وَبِهِ فَارَقَ إسْقَاطَ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّهُ صِفَةٌ تَابِعَةٌ فَلَمْ يُمْكِنْ إسْقَاطُهُ مَعَ بَقَاءِ مَتْبُوعِهِ.

(قَوْلُهُ: وَالِدَهُ) بِالنَّصْبِ بَدَلٌ أَوْ بَيَانٌ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْهُ الْعَاقِدَانِ، أَوْ أَحَدُهُمَا لَمْ يَثْبُتْ الْخِيَارُ) كَذَا عَبَّرَ الشَّيْخَانِ وَهُوَ يُشْعِرُ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ عِنْدَ جَهْلِ الْعَاقِدَيْنِ، أَوْ أَحَدِهِمَا بِمَعْنَاهَا لَكِنْ عَبَّرَ فِي الْعُبَابِ بِقَوْلِهِ فَإِنْ أَطْلَقَهَا الْمُتَبَايِعَانِ صَحَّ الْبَيْعُ وَخُيِّرَا ثَلَاثًا إنْ عَلِمَا مَعْنَاهَا وَإِلَّا بَطَلَ اهـ

ــ

[حاشية الشربيني]

الدُّنْيَا فَإِنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ الْأَدِلَّةِ فَالظَّنُّ فِيهِ أَقْوَى. اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: أَوْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي) أَوْ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِصِفَةٍ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ وَيَرُدُّهُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ آخِرًا. (قَوْلُهُ: أَوْ امْتَنَعَ) أَيْ: أَوْ أَعْسَرَ. اهـ. سم وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَوْ ظَهَرَ أَنَّهُ مُعْسِرٌ اهـ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ تَعْلِيلَهُمْ بِأَنَّ الْمُشَاهَدَةَ تُؤَدِّي إلَى مَعْرِفَةِ حَالِ الشَّخْصِ صُعُوبَةً وَسُهُولَةً يَقْتَضِي عَدَمَ الْخِيَارِ سِيَّمَا مَعَ قَوْلِ بَعْضِهِمْ: إنَّهُ مُقَصِّرٌ بِتَرْكِ الْبَحْثِ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: وَعَيْبٍ) أَيْ: وُجِدَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا بَعْدَهُ إلَّا أَنْ اسْتَنَدَ لِسَبَبٍ قَبْلَهُ كَقَتْلِهِ بِرِدَّةٍ سَابِقَةٍ أَوْ بِظُهُورِ عَيْبٍ قَدِيمٍ جَهِلَهُ الْبَائِعُ وَلَوْ بَعْدَ الْقَبْضِ كَأَنْ بَانَ جَانِيًا وَإِنْ تَابَ وَفَدَى لَهُ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: بَعْدَ قَبْضِهِ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ أُخِّرَ بَعْدَ قَبْضٍ عَنْهُمَا كَانَ أَوْلَى.

(قَوْلُهُ: مِنْ الْأَيَّامِ) أَيْ: فَلَا تُعْتَبَرُ اللَّيَالِيُ حَتَّى لَوْ كَانَتْ الْمُدَّةُ ثَلَاثَةً مِنْ الْأَيَّامِ وَلَيْلَتَيْنِ لَمْ تَصِحَّ الزِّيَادَةُ. اهـ. شَيْخُنَا وَتَدْخُلُ الثَّلَاثُ الْمَشْرُوطَةُ لِلضَّرُورَةِ نَعَمْ لَوْ شُرِطَ ثَلَاثَةٌ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ لَمْ تَدْخُلْ اللَّيْلَةُ التَّالِيَةُ لِلْيَوْمِ الثَّالِثِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ مَسْحِ الْخُفِّ اهـ شَرْحُ م ر اهـ جَمَلٌ فَإِنْ وَقَعَ الِاشْتِرَاطُ فِي نِصْفِ اللَّيْلِ انْقَضَى بِغُرُوبِ شَمْسِ يَوْمِ تَالِيهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ اهـ مِنْهُ أَيْضًا وَكَتَبَ ق ل عَلَى قَوْلِ الْمَحَلِّيِّ وَتَدْخُلُ اللَّيَالِيُ لِلضَّرُورَةِ هُوَ حَيْثُ كَانَتْ اللَّيَالِيُ دَاخِلَةً فِي الْمُدَّةِ وَإِلَّا فَلَا فَلَوْ شُرِطَ وَقْتَ الْفَجْرِ الْخِيَارُ يَوْمًا لَمْ تَدْخُلْ اللَّيْلَةُ الَّتِي تَلِيهِ أَوْ يَوْمَيْنِ لَمْ تَدْخُلْ اللَّيْلَةُ الثَّانِيَةُ أَوْ ثَلَاثًا لَمْ تَدْخُلْ اللَّيْلَةُ الثَّالِثَةُ فَإِنْ شُرِطَ دُخُولُ وَاحِدَةٍ مِنْهَا بَطَلَ الْعَقْدُ وَفَارَقَ دُخُولَهَا فِي مَسْحِ الْخُفِّ بِالنَّصِّ عَلَيْهَا فِيهِ اهـ وَقَوْلُهُ بَطَلَ مُسَلَّمٌ فِي الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ فَقَطْ. اهـ. شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: «لَا خِلَابَةَ» ) فِي الْمِصْبَاحِ خَلَبَهُ يَخْلِبُهُ مِنْ بَابَيْ ضَرَبَ وَقَتَلَ خَدَعَهُ وَالِاسْمُ الْخِلَابَةُ بِالْكَسْرِ. اهـ. جَمَلٌ. (قَوْلُهُ: عُهْدَةً) أَيْ رَجْعَةٌ. (قَوْلُهُ: وَبِالْمُوَحَّدَةِ) أَيْ مَعَ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ اهـ.

ص: 429

اشْتِرَاطُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَقِيسَ بِهِ الْبَائِعُ وَيَصْدُقُ ذَلِكَ بِاشْتِرَاطِهِمَا مَعًا وَخَرَجَ بِالثَّلَاثَةِ مَا فَوْقَهَا وَشَرْطُ الْخِيَارِ مُطْلَقًا كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ الْخِيَارِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَيَقْتَصِرُ عَلَى مَوْرِدِ النَّصِّ وَجَازَ أَقَلُّ مِنْهَا بِالْأَوْلَى فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ مِمَّا يَتَسَارَعُ فَسَادُهُ فِي الْمُدَّةِ الْمَشْرُوطَةِ بَطَلَ الْبَيْعُ (يُبْدَا) بِالْإِسْكَانِ لِلْوَزْنِ أَيْ: وَيُبْدَأُ بِمُدَّةِ التَّخْيِيرِ (مِنْ الْعَقْدِ) لَا مِنْ التَّفَرُّقِ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَهُ بِالشَّرْطِ وَقَدْ وُجِدَ فِي الْعَقْدِ، وَلَا بُعْدَ فِي ثُبُوتِهِ إلَى التَّفَرُّقِ بِجِهَتَيْ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ كَمَا يَثْبُتُ بِجِهَتَيْ الْخُلْفِ وَالْعَيْبِ وَلِأَنَّ التَّفَرُّقَ مَجْهُولٌ فَاعْتِبَارُهُ يُؤَدِّي إلَى جَهَالَةِ ابْتِدَاءِ الْمُدَّةِ فَلَوْ شُرِطَ ابْتِدَاؤُهَا مِنْهُ بَطَلَ الْعَقْدُ لِلْغَرَرِ أَوْ مِنْ الْغَدِ مَثَلًا فَكَذَلِكَ وَإِلَّا لَأَدَّى إلَى جَوَازِهِ بَعْدَ لُزُومِهِ وَلِهَذَا لَوْ أَسْقَطَا أَوَّلَهَا سَقَطَ الْكُلُّ أَوْ شَرَطَاهُ فِي الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ دُونَ الثَّانِي بَطَلَ الْعَقْدُ، وَلَوْ شَرَطَاهُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ التَّفَرُّقِ حُسِبَتْ الْمُدَّةُ مِنْ وَقْتِ الشَّرْطِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا.

(وَالْإِبْهَام) فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ وَفِي الْمُخَيَّرِ فِيهِ (أَبِي) أَيْ مُنِعَ لِلْغَرَرِ فَلَوْ شُرِطَ الْخِيَارُ مُطْلَقًا أَوْ قَدَّرَاهُ بِمُدَّةٍ مَجْهُولَةٍ كَبَعْضِ يَوْمٍ أَوْ إلَى أَنْ يَجِيءَ زَيْدٌ أَوْ شَرَطَاهُ فِي أَحَدِ الْمَبِيعَيْنِ مُبْهَمًا بَطَلَ الْعَقْدُ، وَلَوْ قَالَا إلَى يَوْمٍ أَوْ إلَى سَاعَةٍ صَحَّ وَيُحْمَلُ عَلَى يَوْمِ الْعَقْدِ فَإِنْ عُقِدَ نِصْفَ النَّهَارِ

ــ

[حاشية العبادي]

وَظَاهِرُهُ بُطْلَانُ الْبَيْعِ عِنْدَ الْجَهْلِ وَوُجِّهَ بِأَنَّهُ كَمَا لَوْ شَرَطَ خِيَارًا مَجْهُولًا. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَأَدَّى إلَى جَوَازِهِ إلَخْ) قَدْ يَنْتَفِي هَذَا إذَا اسْتَمَرَّ فِي الْمَجْلِسِ إلَى الْغَدِ إلَّا أَنْ يُرَادَ التَّأْدِيَةُ مِنْ حَيْثُ الشَّرْطُ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ لُزُومِهِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَإِنْ أَسْقَطَ خِيَارَ الثَّالِثِ لَمْ يَسْقُطْ مَا قَبْلَهُ، أَوْ خِيَارَ الثَّانِي بِشَرْطِ أَنْ يَبْقَى الثَّالِثُ سَقَطَ خِيَارُ الْيَوْمَيْنِ جَمِيعًا إلَخْ اهـ، وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ قَالُوا وَاللَّفْظُ لِلرَّوْضِ: وَلَوْ أَسْقَطَ الْمَدْيُونُ الْأَجَلَ لَمْ يَسْقُطْ كَإِسْقَاطِ الصِّحَّةِ وَالْجَوْدَةِ، أَوْ الدَّائِنُ شَرْطَ الرَّهْنِ وَالضَّمِينَ سَقَطَ. اهـ. وَعَلَّلُوا عَدَمَ السُّقُوطِ فِي الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ الْأُولَى بِأَنَّهَا صِفَةٌ تَابِعَةٌ، وَالصِّفَةَ لَا تُفْرَدُ بِالْإِسْقَاطِ وَالسُّقُوطَ فِي الْأَمْرَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ بِأَنَّ كُلًّا مُسْتَقِلٌّ فَيُفْرَدُ شَرْطُهُ بِالْإِسْقَاطِ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْخِيَارَ مُسْتَقِلٌّ حَتَّى سَقَطَ بِالْإِسْقَاطِ فَلْيُتَأَمَّلْ مَعْنَى الِاسْتِقْلَالِ. (قَوْلُهُ: الْمَبِيعَيْنِ مُبْهَمًا) بِخِلَافِهِ مُعَيَّنًا فَيَصِحُّ قَالَ فِي الرَّوْضِ. (فَرْعٌ) .

وَإِنْ خَصَّصَ أَحَدَ الْعَبْدَيْنِ لَا بِعَيْنِهِ بِالْخِيَارِ أَوْ بِزِيَادَةٍ فِيهِ لَمْ يَصِحَّ فَإِذَا عَيَّنَهُ صَحَّ وَإِذَا شَرَطَهُ فِيهِمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ رَدُّ أَحَدِهِمَا وَإِنْ تَلِفَ الْآخَرُ اهـ أَيْ: بِخِلَافِ مَا إذَا شَرَطَهُ فِي أَحَدِهِمَا مُعَيَّنًا فَلَهُ رَدُّهُ وَحْدَهُ كَمَا أَفْهَمَهُ التَّقْيِيدُ بِمُبْهَمًا فَهُنَا تُفَرَّقُ الصَّفْقَةُ عَلَى الْبَائِعِ. (قَوْلُهُ: أَوْ سَاعَةٍ) يُحْتَمَلُ حَمْلُ السَّاعَةِ عَلَى اللَّحْظَةِ مَا لَمْ يَقْصِدَا غَيْرَهَا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَقَدَ نِصْفَ النَّهَارِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ فَفِي الْيَوْمِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ إنْ كَانَ الْعَقْدُ فِي نِصْفِ النَّهَارِ ثَبَتَ الْخِيَارُ إلَى أَنْ يَنْتَصِفَ النَّهَارُ مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي وَتَدْخُلُ اللَّيْلَةُ فِي حُكْمِ الْخِيَارِ لِلضَّرُورَةِ وَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ فِي اللَّيْلِ ثَبَتَ الْخِيَارُ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ الْيَوْمِ الْمُتَّصِلِ بِذَلِكَ اللَّيْلِ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ انْتَهَتْ وَهِيَ كَالصَّرِيحَةِ فِي أَنَّهُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ تَدْخُلُ بَقِيَّةُ اللَّيْلِ فِي الْخِيَارِ تَبَعًا لِلْيَوْمِ لِلضَّرُورَةِ وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ دُخُولَ تِلْكَ الْبَقِيَّةِ وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ أَنَّهَا لَا تَدْخُلُ إلَّا بِالشَّرْطِ وَقَوْلُهُ: فِي الصُّورَةِ الْأُولَى تَدْخُلُ اللَّيْلَةُ فِي حُكْمِ الْخِيَارِ لِلضَّرُورَةِ قِيلَ قَضِيَّةُ

ــ

[حاشية الشربيني]

جَمَلٌ. (قَوْلُهُ: اشْتِرَاطُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي إلَخْ) وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ اشْتِرَاطُهُ مِنْ الْمُبْتَدِئِ وَيُوَافِقُهُ عَلَيْهِ الْآخَرُ وَلَوْ بِقَوْلِهِ: قَبِلْت عَلَى ذَلِكَ أَوْ بِعْت عَلَى ذَلِكَ فَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ عَلَى ذَلِكَ كَمَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَنَبَّهَ عَلَيْهِ بَعْضُ مَشَايِخِنَا خِلَافًا لِمَا فِي حَوَاشِي الْمَنْهَجِ فَلْتُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: مِنْ الْعَقْدِ) قَالَ الْمَحَلِّيُّ وَلَوْ شُرِطَ الْخِيَارُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ التَّفَرُّقِ حُسِبَتْ الْمُدَّةُ مِنْ وَقْتِ الشَّرْطِ قَالَ ق ل هُوَ الْمُعْتَمَدُ سَوَاءٌ مَضَى قَبْلَ الشَّرْطِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ؛ لِأَنَّ خِيَارَ الْمَجْلِسِ لَا ضَابِطَ لَهُ اهـ وَقَدْ تَرَدَّدَ سم فِي ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ رَأَيْته فِي الْخَادِمِ نَقَلَ أَنَّ ابْنَ الرِّفْعَةِ أَبْدَى احْتِمَالَيْنِ فِي إلْغَاءِ الشَّرْطِ وَصِحَّتِهِ فِيمَا إذَا شُرِطَ الْخِيَارُ بَعْدَ مُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْمَجْلِسِ وَأَنَّ النَّوَوِيَّ جَزَمَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِأَنَّا إذَا قُلْنَا ابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ أَيْ: الْوَاقِعِ فِيهِ الشَّرْطُ وَشَرَطَا فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ اُعْتُبِرَ مِنْ حِينِ الشَّرْطِ اهـ كَذَا بِهَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضَةِ.

(قَوْلُهُ: لَوْ أَسْقَطَا أَوَّلَهَا) أَيْ: بَعْدَ اشْتِرَاطِ الْخِيَارِ ثَلَاثَةً وَقَوْلُهُ: أَوْ شَرَطَاهُ أَيْ: ابْتِدَاءً بِخِلَافِ مَا لَوْ أَسْقَطَا الثَّالِثَ دُونَ الثَّانِي بَعْدَ الِاشْتِرَاطِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ وَلَا بُطْلَانَ. (قَوْلُهُ: حُسِبَتْ الْمُدَّةُ مِنْ وَقْتِ الشَّرْطِ) وَلَوْ مَضَى مَا شَرَطَاهُ وَهُمَا بِالْمَجْلِسِ فَإِنْ كَانَ الْمَشْرُوطُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ امْتَنَعَ شَرْطُ مُدَّةٍ أُخْرَى كَثِيرَةً أَوْ قَلِيلَةً أَوْ كَانَ دُونَ الثَّلَاثِ جَازَ شَرْطُ مَا بَقِيَ مِنْهَا فَقَطْ فَإِنْ شَرَطَا أَكْثَرَ بَطَلَ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ كَشَرْطِهِ فِي الْعَقْدِ كَذَا بِهَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ لَوْ شَرَطَا يَوْمًا، ثُمَّ تَفَرَّقَا عَقِبَ الشَّرْطِ، ثُمَّ قَبْلَ فَرَاغِ الْيَوْمِ شَرَطَا يَوْمًا آخَرَ مَثَلًا جَازَ وَهَكَذَا إلَى تَمَامِ الثَّلَاثِ اهـ وَلْيُنْظَرْ إذَا شَرَطَا فِي آخِرِ الْيَوْمِ الثَّانِي ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ هَلْ يَبْطُلُ الْعَقْدُ كَمَا لَوْ فَعَلَا ذَلِكَ بِالْمَجْلِسِ كَمَا نَقَلْنَاهُ عَنْ هَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ؟ الظَّاهِرُ الْبُطْلَانُ؛ لِأَنَّ خِيَارَ الشَّرْطِ كَخِيَارِ الْمَجْلِسِ فَلْيُحَرَّرْ، ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ الشَّارِحِ الْآتِيَ وَمَا شُرِطَ فِيهِمَا مِمَّا يُفْسِدُ الْعَقْدَ كَالْمُقْتَرِنِ بِهِ.

(قَوْلُهُ: وَيُحْمَلُ عَلَى يَوْمِ الْعَقْدِ) أَيْ: إنْ وَقَعَ مُقَارِنًا لِلْفَجْرِ. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: أَوْ سَاعَةٍ صَحَّ) وَإِنْ عَرَفَا السَّاعَةَ الْفَلَكِيَّةَ وَقَصَدَاهَا حُمِلَ عَلَيْهَا فَإِنْ لَمْ يَعْرِفَاهَا وَقَصَدَاهَا بَطَلَ الْعَقْدُ لِقَصْدِهِمَا

ص: 430

فَإِلَى مِثْلِهِ وَتَدْخُلُ اللَّيْلَةُ لِلضَّرُورَةِ كَذَا قَالَهُ فِي التَّتِمَّةِ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْإِجَارَةِ لَمْ يَجْعَلْ الْيَوْمَ مَحْمُولًا عَلَى يَوْمِ الْعَقْدِ وَلَمْ يَظْهَرْ فَرْقٌ بَيْنَهُمَا انْتَهَى وَلَيْسَ كَمَا قَالَ بَلْ مَا فِي الْإِجَارَةِ نَظِيرُ مَا هُنَا وَبِتَقْدِيرِ صِحَّةِ مَا قَالَهُ يَظْهَرُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْإِجَارَةَ أَصْلٌ، وَالْخِيَارَ تَبَعٌ فَاغْتُفِرَ فِي مُدَّتِهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي مُدَّتِهَا وَخِيَارُ الشَّرْطِ يَثْبُتُ بِاشْتِرَاطِ الْعَاقِدَيْنِ (لِعَاقِدٍ) ، وَلَوْ وَكِيلًا وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ فِي اشْتِرَاطِهِ لَهُ مُوَكِّلُهُ فَيَثْبُتُ لِلْبَائِعِ وَلِلْمُشْتَرِي وَلَهُمَا وَيَجُوزُ أَنْ يُشْتَرَطَ لِأَحَدِهِمَا خِيَارُ يَوْمٍ وَلِلْآخَرِ خِيَارُ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ مُوَكِّلُهُ فِي شَرْطِ الْخِيَارِ وَأَطْلَقَ فَشَرَطَهُ الْوَكِيلُ مُطْلَقًا وَلَمْ يَقُلْ لِي وَلَا لِمُوَكِّلِي فَالْأَصَحُّ ثُبُوتُهُ لِلْوَكِيلِ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ مُعْظَمَ أَحْكَامِ الْعَقْدِ مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ وَحْدَهُ (وَآذِنٍ) أَيْ وَيَثْبُتُ بِإِذْنِ الْعَاقِدِ أَيْ مُوَكِّلِهِ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي اشْتِرَاطِهِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَضُرُّهُ (وَأَجْنَبِيّ) غَيْرِ الْعَاقِدِ وَالْمُوَكِّلُ كَالْعَبْدِ الْمَبِيعِ إنْ كَانَ الْعَاقِدُ غَيْرَ وَكِيلٍ أَوْ وَكِيلًا وَأَذِنَ لَهُ مُوَكِّلُهُ فِي اشْتِرَاطِهِ لِأَجْنَبِيٍّ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ قَدْ تَدْعُو إلَى ذَلِكَ لِكَوْنِ الْأَجْنَبِيِّ أَعْرَفَ بِالْمَبِيعِ سَوَاءٌ اشْتَرَطَاهُ لِوَاحِدٍ أَمْ أَحَدُهُمَا لِوَاحِدٍ وَالْآخَرُ لِآخَرَ وَلَا يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ اشْتِرَاطُهُ لِلْمُشْتَرِي وَلَا لِلْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ اشْتِرَاطُهُ لِلْبَائِعِ فَإِنْ خَالَفَ بَطَلَ الْعَقْدُ.

(وَلْيَقْتَصِرْ) أَيْ الْخِيَارُ (عَلَى الَّذِي يُشْرَطُ لَهُ) مِنْ الْعَاقِدِ وَالْمُوَكِّلِ وَالْأَجْنَبِيِّ (حَسْبُ) أَيْ فَقَطْ فَلَوْ شُرِطَ لِلْعَاقِدِ لَمْ يَثْبُتْ لِمُوَكِّلِهِ أَوْ لِمُوَكِّلِهِ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ وَلَا لِأَجْنَبِيٍّ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ لَمْ يَثْبُتْ لِغَيْرِهِ أَوْ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ لَمْ يَثْبُتْ لِلْآخَرِ (وَمَوْتُ الْأَجْنَبِيِّ نَقَلَهْ) أَيْ وَبِمَوْتِهِ يَنْتَقِلُ الْخِيَارُ (لِمَنْ) وَقَعَ (لَهُ الْعَقْدُ) لَا لِوَرَثَتِهِ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ ثَبَتَ لَهُ بِالشَّرْطِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَدْخَلٌ فِي الْعَقْدِ وَلَمْ يُشْرَطْ لِوَرَثَتِهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ: انْتِقَالُهُ لِلْمُوَكِّلِ لَا لِلْوَكِيلِ وَهُوَ وَجْهٌ جَرَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ كَأَكْثَرِ شُرَّاحِ الْحَاوِي وَالْأَصَحُّ انْتِقَالُهُ لِلْوَكِيلِ فَإِنْ مَاتَ انْتَقَلَ لِمُوَكِّلِهِ وَخَرَجَ بِالْأَجْنَبِيِّ مَوْتُ الْعَاقِدِ فَيَنْتَقِلُ بِهِ الْخِيَارُ لِوَرَثَتِهِ

ــ

[حاشية العبادي]

هَذِهِ الْعِلَّةِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْعَقْدُ وَقْتَ الْفَجْرِ وَشَرَطَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَا تَدْخُلُ اللَّيْلَةُ الْأَخِيرَةُ اهـ وَهُوَ ظَاهِرٌ.

(قَوْلُهُ: فَاغْتُفِرَ فِي مُدَّتِهِ إلَخْ) لِمَ كَانَ ذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ الِاغْتِفَارِ؟ (قَوْلُهُ: وَأَجْنَبِيٍّ) وَالْوَجْهُ اشْتِرَاطُ تَكْلِيفِ الْأَجْنَبِيِّ لَا رُشْدِهِ وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ فِعْلُ الْأَحَظِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ شَرْطَ الْخِيَارِ تَمْلِيكٌ لَهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ أَيْضًا وَعَلَيْهِ يَكْفِي عَدَمُ الرَّدِّ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ تَمْلِيكًا حَقِيقِيًّا حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: وَأَجْنَبِيٍّ) بِشَرْطِ بُلُوغِهِ لَا رُشْدِهِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. (قَوْلُهُ: وَمَوْتُ الْأَجْنَبِيِّ إلَخْ) اُنْظُرْ لَوْ جُنَّ الْأَجْنَبِيُّ فَهَلْ يَقُومُ وَلِيُّهُ مَقَامَهُ، أَوْ كَيْفَ الْحَالُ؟ (قَوْلُهُ: انْتِقَالُهُ لِلْمُوَكِّلِ) لِأَنَّ لَهُ الْعَقْدَ.

ــ

[حاشية الشربيني]

مَجْهُولًا فَإِنْ لَمْ يَقْصِدَاهَا حُمِلَ عَلَى لَحْظَةٍ قَالَ سم وَاللَّحْظَةُ لَا قَدْرَ لَهَا مَعْلُومٌ فَيَبْطُلُ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَاللَّحْظَةُ أَقَلُّ زَمَنٍ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا قَبْلَهُ فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: وَتَدْخُلُ اللَّيْلَةُ) فَإِنْ أَخْرَجَهَا بَطَلَ الْعَقْدُ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْإِجَارَةِ لَمْ يُجْعَلْ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ لَيْسَ كَمَا قَالَ بَلْ مَا فِي الْإِجَارَةِ نَظِيرُ مَا هُنَا وَبِتَقْدِيرِ صِحَّةِ مَا قَالَهُ يَظْهَرُ الْفَرْقُ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ هُنَا اهـ، ثُمَّ رَأَيْت ذَلِكَ فِي عِدَّةِ نُسَخٍ مِنْ الشَّارِحِ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يُجْعَلْ الْيَوْمُ مَحْمُولًا عَلَى يَوْمِ الْعَقْدِ) أَيْ: وَتَدْخُلُ اللَّيْلَةُ تَبَعًا. اهـ. حَجَرٌ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ عَقْدَ الْإِجَارَةِ لَوْ وَقَعَ وَقْتَ الظُّهْرِ امْتَنَعَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الِانْتِفَاعُ لَيْلًا لِعَدَمِ شُمُولِ الْإِجَارَةِ لَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: خِيَارُ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ) أَيْ مِنْهُمَا أَوْ مِنْهَا الْيَوْمُ الْأَوَّلُ لَا أَنَّهُ مَنْفِيٌّ خِيَارُهُ عَمَّنْ شُرِطَ لَهُ الْيَوْمَانِ أَوْ الثَّلَاثَةُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُبْطِلٌ لِلْعَقْدِ كَمَا تَقَدَّمَ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

(قَوْلُهُ: وَأَجْنَبِيٍّ) قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ الْمُرَادُ مِنْ شَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ إيقَاعُ أَثَرِهِ مِنْ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ بِدَلِيلِ صِحَّةِ شَرْطِهِ لِمُحْرِمٍ فِي شِرَاءِ صَيْدٍ وَلِكَافِرٍ فِي شِرَاءِ عَبْدٍ مُسْلِمٍ، وَأَمَّا نَفْسُ الْخِيَارِ فَهُوَ لِلشَّارِطِ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَا يَضُرُّ فَقْدُ ثَمَرَتِهِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّهُ مَنَعَ نَفْسَهُ مِنْهَا بِجَعْلِهَا لِغَيْرِهِ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ صَرِيحًا أُمُورٌ مِنْهَا قَوْلُ الرَّوْضَةِ شَرْطُ الْخِيَارِ لِلْأَجْنَبِيِّ مُبْطِلٌ لِلْعَقْدِ عَلَى الْأَظْهَرِ مَعَ كَوْنِ الْأَظْهَرِ عَدَمَ الْإِبْطَالِ فَيُحْمَلُ مَا فِي الرَّوْضَةِ عَلَى نَفْسِ الْخِيَارِ وَمَا هُنَا عَلَى أَثَرِهِ وَمِنْهَا قَوْلُ الْبَغَوِيّ لَوْ كَانَ بَائِعُ الصَّيْدِ مُحْرِمًا أَيْ: بِأَنْ وَرِثَهُ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَخْرُجُ عَنْ مِلْكِهِ بِالْإِحْرَامِ لِدُخُولِهِ قَهْرًا كَمَا مَرَّ أَوْ بَائِعُ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ كَافِرًا لَمْ يَجُزْ شَرْطُ الْخِيَارِ لِنَفْسِهِ مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ صِحَّةِ شَرْطِهِ لِمُحْرِمٍ إلَخْ وَمِنْهَا عَدَمُ إرْثِ الْخِيَارِ عَنْ الْأَجْنَبِيِّ لَوْ مَاتَ أَوْ نَقَلَهُ لِوَلِيِّهِ لَوْ جُنَّ مَثَلًا وَمِنْهَا مِلْكُ الْمَبِيعِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ إذْ لَا قَائِلَ بِأَنَّهُ لِلْأَجْنَبِيِّ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يُتَّجَهُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ وَلَا يَجُوزُ الْعُدُولُ عَنْهُ اهـ وَمَا قَالَهُ تَبِعَ فِيهِ سَيِّدَنَا شَيْخَ الْإِسْلَامِ وَقَالَتْ حَوَاشِيهِ: لَمْ يُسْبَقْ إلَيْهِ بَلْ بَيْنَ الْخِيَارِ وَأَثَرِهِ تَلَازُمٌ. (قَوْلُهُ: وَالْمُوَكِّلِ وَالْأَجْنَبِيِّ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ اشْتِرَاطُهُ لِلثَّلَاثَةِ وَإِلَّا لَثَبَتَ لِلْمُنِيبِ وَالنَّائِبِ. (قَوْلُهُ: نَقْلَهْ) أَيْ: لِمَنْ وَقَعَ لَهُ الْعَقْدُ أَوْ لِوَارِثِهِ أَوْ لِوَلِيِّهِ بِزَوَالِ الْأَهْلِيَّةِ بِإِغْمَاءٍ أَوْ سُكْرٍ أَوْ جُنُونٍ وَإِذَا انْتَقَلَ بِزَوَالِ الْأَهْلِيَّةِ لَا يَعُودُ بِعَوْدِهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا نَقْلَ إذَا لَمْ يَيْأَسْ مِنْ عَوْدِهَا زَمَنَ الْخِيَارِ وَيَتَصَرَّفُ عَنْهُ الْحَاكِمُ إنْ لَمْ يَكُنْ وَلِيٌّ أَوْ الْوَلِيُّ إنْ كَانَ وَيَكُونُ تَصَرُّفُهُمَا حِينَئِذٍ مِنْ بَابِ النِّيَابَةِ بِحَيْثُ إذَا صَارَ أَهْلًا عَادَ لَهُ الْخِيَارُ، وَأَمَّا إذَا أَيِسَ مِنْ عَوْدِهَا فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ انْتَقَلَ الْخِيَارُ لِوَلِيِّهِ وَلَا يَعُودُ بِعَوْدِهَا

ص: 431

إنْ عَقَدَ لِنَفْسِهِ وَإِلَّا فَلِمُوَكِّلِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي فَصْلِهِ.

(وَيَسْتَثْنُونَ) مِنْ بُطْلَانِ الْبَيْعِ بِالشَّرْطِ أَيْضًا وَفِي نُسْخَةٍ كَذَا اسْتَثْنَى (أَنْ يَشْرِطَ) الْبَائِعُ (أَنْ يَبْرَا) بِالْجَزْمِ بِأَنْ عَلَى لُغَةٍ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ بِالْمَبِيعِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: أَوْ أَنْ لَا يَرُدَّ بِعَيْبٍ فَلَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ (فَعَنْ عَيْبٍ بَطْن) بِزِيَادَةِ بَطَنَ عَلَى الْحَاوِي أَيْ فَيَبْرَأُ عَنْ عَيْبٍ بَاطِنٍ أَيْ خَفِيٍّ مَوْجُودٍ عِنْدَ الْعَقْدِ (لَا يَعْلَمُ) بِهِ (الْبَائِعُ فِي ذِي رُوحِ) أَيْ حَيَوَانٍ لِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ وَصَحَّحَهُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ بَاعَ عَبْدًا لَهُ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ بِالْبَرَاءَةِ فَقَالَ لَهُ الْمُشْتَرِي بِهِ دَاءٌ لَمْ تُسَمِّهِ لِي فَاخْتَصَمَا إلَى عُثْمَانَ فَقَضَى عَلَى ابْنِ عُمَرَ أَنْ يَحْلِفَ لَقَدْ بَاعَهُ الْعَبْدَ وَمَا بِهِ دَاءٌ يَعْلَمُهُ فَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ، وَارْتَجَعَ الْعَبْدَ فَبَاعَهُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ وَفِي الشَّامِلِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ كَمَا أَوْرَدَهُ الرَّافِعِيُّ وَأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ تَرَكْت الْيَمِينَ لِلَّهِ فَعَوَّضَنِي اللَّهُ عَنْهَا دَلَّ قَضَاءُ عُثْمَانَ رضي الله عنه عَلَى الْبَرَاءَةِ فِي صُورَةِ الْحَيَوَانِ الْمَذْكُورَةِ وَقَدْ وَافَقَ اجْتِهَادُهُ فِيهَا اجْتِهَادَ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه وَقَالَ الْحَيَوَانُ: يَتَغَذَّى فِي الصِّحَّةِ وَالسَّقَمِ وَتَحَوَّلْ طِبَاعِهِ فَقَلَّمَا يَنْفَكُّ عَنْ عَيْبٍ خَفِيٍّ أَوْ ظَاهِرٍ أَيْ فَيَحْتَاجُ الْبَائِعُ فِيهِ إلَى شَرْطِ الْبَرَاءَةِ لِيَثِقَ بِلُزُومِ الْبَيْعِ فِيمَا لَا يَعْلَمُهُ مِنْ الْخَفِيِّ دُونَ مَا يَعْلَمُهُ مُطْلَقًا فِي حَيَوَانٍ أَوْ غَيْرِهِ لِتَلْبِيسِهِ فِيهِ وَمَا لَا يَعْلَمُهُ مِنْ الظَّاهِرِ فِيهِمَا لِنُدْرَةِ خَفَائِهِ عَلَيْهِ أَوْ مِنْ الْخَفِيِّ فِي غَيْرِ الْحَيَوَانِ كَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ إذْ الْغَالِبُ عَدَمُ تَغَيُّرِهِ بِخِلَافِ الْحَيَوَانِ وَلِلْمُشْتَرِي مَعَ شَرْطِ الْبَرَاءَةِ الرَّدُّ بِعَيْبٍ حَدَثَ قَبْلَ الْقَبْضِ لِانْصِرَافِ الشَّرْطِ إلَى الْمَوْجُودِ عِنْدَ الْعَقْدِ، أَمَّا لَوْ شَرَطَ الْبَرَاءَةَ عَنْ عَيْبٍ عَيَّنَهُ فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُعَايَنُ كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَالْإِبَاقِ بَرِئَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ ذِكْرَهُ إعْلَامٌ بِهِ وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُعَايَنُ كَالْبَرَصِ فَإِنْ أَرَاهُ قَدْرَهُ وَمَوْضِعُهُ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا فَهُوَ كَشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مُطْلَقًا فَلَا يَبْرَأُ مِنْهُ لِتَفَاوُتِ الْأَغْرَاضِ بِاخْتِلَافِ قَدْرِهِ وَمَوْضِعِهِ وَحَيْثُ بَطَلَ شَرْطُ الْبَرَاءَةِ لَمْ يَبْطُلْ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ يُؤَكِّدُ الْعَقْدَ وَيُوَافِقُ ظَاهِرَ الْحَالِ وَهُوَ السَّلَامَةُ مِنْ الْعُيُوبِ.

(وَ) يَسْتَثْنُونَ أَنْ يَشْرُطَ الْبَائِعُ (الْعِتْقَ) لِلْمَبِيعِ مُطْلَقًا أَوْ عَنْ الْمُشْتَرِي فَلَا يَبْطُلُ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَى الْعِتْقِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها اشْتَرَتْ بَرِيرَةَ وَشَرَطَ مَوَالِيهَا أَنْ تَعْتِقَهَا وَيَكُونَ وَلَاؤُهَا لَهُمْ فَلَمْ يُنْكِرْ صلى الله عليه وسلم إلَّا شَرْطَ الْوَلَاءِ لَهُمْ بِقَوْلِهِ: مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إلَى آخِرِهِ» ، أَمَّا لَوْ شَرَطَ إعْتَاقَ غَيْرِ الْمَبِيعِ أَوْ إعْتَاقَ الْمَبِيعِ لَكِنْ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ وَكَذَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِتَعَذُّرِ الْوَفَاءِ بِالشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ قَبْلَ إعْتَاقِهِ قَالَهُ الْقَاضِي قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَيَحْتَمِلُ الصِّحَّةَ وَيَكُونُ شَرْطُهُ تَوْكِيدًا لِلْمَعْنَى، وَلَوْ شُرِطَ إعْتَاقُ بَعْضِهِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ الْمُتَّجَهُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَقَدْ وَافَقَ اجْتِهَادَهُ إلَخْ) بِنَصْبِهِ وَرَفْعِ اجْتِهَادِ الشَّافِعِيِّ. (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ بَطَلَ شَرْطُ الْبَرَاءَةِ إلَخْ) أَيْ: كَشَرْطِ الْبَرَاءَةِ عَمَّا يَحْدُثُ مِنْ الْعُيُوبِ.

(قَوْلُهُ: وَكَذَا إذَا كَانَ الْبَيْعُ إلَخْ) أَيْ: يَبْطُلُ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلِمُوَكِّلِهِ) أَيْ: إنْ كَانَ وَكِيلًا فَإِنْ كَانَ وَلِيًّا انْتَقَلَ لِلْحَاكِمِ إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَلِيٌّ آخَرُ كَالْجَدِّ بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ. اهـ. م ر وَعِ ش. (قَوْلُهُ: فَلِمُوَكِّلِهِ) هَذَا إنْ مَاتَ الْوَكِيلُ كَمَا ذَكَرَهُ، أَمَّا لَوْ عَزَلَهُ الْمُوَكِّلُ فَلَا يَنْتَقِلُ لَهُ بِمَوْتِهِ. اهـ. مَرْصِفِيٌّ.

(قَوْلُهُ: بَاطِنٍ) الْمُرَادُ بِهِ مَا يَعْسُرُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ وَالظَّاهِرُ بِخِلَافِهِ قَالَهُ حَجَرٌ وَتَبِعَهُ ز ي وم وَقِيلَ الْبَاطِنُ مَا يُوجَدُ فِي مَحَلٍّ لَا تَجِبُ رُؤْيَتُهُ فِي الْبَيْعِ لِأَجْلِ الْبَيْعِ وَالظَّاهِرُ بِخِلَافِهِ وَجَرَى عَلَيْهِ سم. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: مَوْجُودٍ عِنْدَ الْعَقْدِ) وَيُصَدَّقُ الْبَائِعُ فِي وُجُودِهِ بِيَمِينِهِ كَذَا فِي م ر وَانْظُرْهُ مَعَ كَوْنِ شَرْطِ بَرَاءَةِ الْبَائِعِ عَدَمَ عِلْمِهِ بِالْعَيْبِ إلَّا أَنْ يُقَالَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَدَّعِي أَنَّ هَذَا الْعَيْبَ مِمَّا يَخْفَى زَمَنًا مَعْلُومًا، ثُمَّ يَظْهَرُ فَكَانَ وَقْتَ الْعَقْدِ مَوْجُودًا لَكِنَّهُ خَفِيٌّ لَمْ أَعْلَمْهُ وَفِيهِ أَنَّهُ حِينَئِذٍ مِمَّا يُرْجَعُ فِيهِ لِأَهْلِ الْخِبْرَةِ فَحَرِّرْهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ قَدْ لَا يُوجَدُوا أَوْ يَخْتَلِفُوا قَالَهُ بَعْضُ الْمَشَايِخِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ وَافَقَ إلَخْ) فَلَيْسَ مُقَلِّدًا لَهُ؛ لِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ لَا يُقَلِّدُ مِثْلَهُ وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ إنَّ الْقَضِيَّةَ انْتَشَرَتْ بَيْنَ الصَّحَابَةِ فَصَارَ إجْمَاعًا سُكُوتِيًّا لَا يُنَافِي الِاجْتِهَادَ إذْ الْإِجْمَاعُ السُّكُوتِيُّ مَحَلُّ خِلَافٍ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَرَاهُ قَدْرَهُ وَمَوْضِعَهُ إلَخْ) لَوْ قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي فِي بِطِّيخَةٍ هِيَ قَرْعَةٌ مَثَلًا، ثُمَّ وَجَدَهَا كَذَلِكَ اعْتَمَدَ ز ي أَنَّهُ لَا رَدَّ لَهُ وَمِثْلُهُ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: أَنْ يَشْتَرِطَ الْبَائِعُ) مِثْلُهُ الْوَاهِبُ كَمَا نَقَلَهُ حَجَرٌ قَالَ وَيُتَّجَهُ أَنَّ الْمُقْرِضَ كَذَلِكَ فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: الْبَائِعُ) لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَبْتَدِئَ الْبَائِعُ بِالشَّرْطِ وَيُوَافِقَهُ الْمُشْتَرِي وَبَيْنَ أَنْ يَبْتَدِئَ الْمُشْتَرِي وَيُوَافِقَهُ الْبَائِعُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. اهـ. سم عَلَى حَجَرٍ. اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ) قَالَ م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ الْمُعْتَمَدُ الْبُطْلَانُ وَقَالَ حَجَرٌ مَحَلُّ الْبُطْلَانِ حَيْثُ قَصَدَ شَرْطَ إنْشَاءِ الْعِتْقِ

ص: 432

الصِّحَّةُ لَكِنْ يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْمِقْدَارِ الْمَشْرُوطِ، وَلَوْ شَرَطَ مَعَ الْعِتْقِ الْوَلَاءَ لَهُ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ لِمُخَالَفَتِهِ مَا تَقَرَّرَ فِي الشَّرْعِ مِنْ أَنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ، وَأَمَّا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فِي خَبَرِ بَرِيرَةَ لِعَائِشَةَ:«وَاشْتَرِطِي لَهُمْ الْوَلَاءَ» فَأَجَابَ عَنْهُ الْأَقَلُّ بِأَنَّ رَاوِيَهُ هِشَامًا تَفَرَّدَ بِهِ فَيُحْتَمَلُ عَلَى وَهْمٍ وَقَعَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَا يَأْذَنُ فِيمَا لَا يَجُوزُ وَالْأَكْثَرُ بِأَنَّ الشَّرْطَ لَمْ يَقَعْ فِي الْعَقْدِ وَبِأَنَّهُ خَاصٌّ بِقِصَّةِ عَائِشَةَ لِمَصْلَحَةِ قَطْعِ عَادَتِهِمْ كَمَا خَصَّ فَسْخَ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ بِالصَّحَابَةِ لِمَصْلَحَةِ بَيَانِ جَوَازِهَا فِي أَشْهُرِهِ وَبِأَنَّ لَهُمْ بِمَعْنَى عَلَيْهِمْ كَمَا فِي {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: 7](تَنْبِيهٌ) .

قَضِيَّةُ كَلَامِ النَّظْمِ كَأَصْلِهِ صِحَّةُ بَيْعِ بَعْضِ الْعَبْدِ بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لَكِنْ نُقِلَ عَنْ الْمَعِينِ لِلْيَمَنِيِّ التَّصْرِيحُ بِبُطْلَانِهِ وَلَمْ أَرَهُ فِيهِ وَلِمَا حَكَاهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ حِكَايَةِ بَعْضِهِمْ لَهُ قَالَ إنْ صَحَّ فَهُوَ فِي غَيْرِ الْمُبَعَّضِ وَفِي غَيْرِ مَنْ لَهُ بَاقِيهِ اهـ وَمِثْلُ مَنْ لَهُ بَاقِيهِ مَنْ لَيْسَ لَهُ بَاقِيهِ وَهُوَ مُوسِرٌ (لَا) أَنْ يُشْرَطَ إعْتَاقُهُ (غَدًا) أَوْ نَحْوَهُ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ (عَلَى الصَّحِيحِ وَ) لَا أَنْ يُشْرَطَ (الْوَقْفَ وَ) لَا (التَّدْبِيرَ وَ) لَا (الْمُكَاتَبَهْ) لَهُ إذْ لَمْ يَحْصُلْ فِي كُلٍّ مِنْهَا مَا يَتَشَوَّفُ إلَيْهِ الشَّارِعُ مِنْ الْعِتْقِ النَّاجِزِ وَلِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يَقْتَضِيهَا بِخِلَافِ الْعِتْقِ النَّاجِزِ كَمَا فِي الْقَرِيبِ وَقِيلَ يَصِحُّ فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ كَشَرْطِ الْعِتْقِ فَلَوْ أَخَّرَ عَنْهَا كُلِّهَا قَوْلَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الصَّحِيحِ لَأَفَادَ ذَلِكَ (وَلِلَّذِي بَاعَ بِهِ) أَيْ: بِشَرْطِ الْإِعْتَاقِ (الْمُطَالَبَهْ) أَيْ مُطَالَبَةُ الْمُشْتَرِي بِالْإِعْتَاقِ إذَا لَمْ يَعْتِقْ سَوَاءٌ قُلْنَا إنَّ الْحَقَّ فِيهِ لَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ أَمْ لِلَّهِ تَعَالَى كَالْمُلْتَزِمِ بِالنَّذْرِ وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ يُثَابُ عَلَى شَرْطِهِ وَلَهُ غَرَضٌ فِي تَحْصِيلِهِ وَلِذَلِكَ قَدْ يُسَامَحُ فِي الثَّمَنِ (وَيُجْبِرُ الْقَاضِي) الْمُشْتَرِيَ عَلَى الْإِعْتَاقِ إنْ امْتَنَعَ مِنْهُ وَلَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَقَّ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى الِامْتِنَاعِ صَارَ كَالْمُولِي فَيَعْتِقُ عَلَيْهِ الْقَاضِي كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي وَقَوَّاهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَقِيلَ يَحْبِسُهُ حَتَّى يُعْتِقَهُ (وَلَيْسَ مُجْزِئًا) عَنْ الْإِعْتَاقِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: لَكِنْ يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ إلَخْ) قَدْ يُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ عِتْقَ بَعْضِ الْمَمْلُوكِ لِلْمُعْتِقِ مُعَيَّنًا كَانَ أَوْ مُبْهَمًا يَسْرِي إلَى الْبَاقِي فَالْمَقْصُودُ مِنْ عِتْقِ الْجَمِيعِ حَاصِلٌ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ وَكَانَ كَشَرْطِ عِتْقِ الْجَمِيعِ إلَّا أَنْ يُوَجَّهَ الِاشْتِرَاطُ بِتَفَاوُتِ الْغَرَضِ وَالْمُطَالَبَةِ الثَّابِتَةِ لِلْحَاكِمِ وَالْبَائِعِ بِالتَّعْيِينِ وَالْإِبْهَامِ فَيَفْسُدُ الْبَيْعُ عَلَى هَذَا عِنْدَ عَدَمِ التَّعْيِينِ كَسَائِرِ الشُّرُوطِ الْمَجْهُولَةِ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الشَّرْطَ لَمْ يَقَعْ فِي الْعَقْدِ) قَدْ يُقَالُ هَذَا لَا يُخَلِّصُ مِنْ الْإِشْكَالِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ خَارِجُ الْعَقْدِ إمَّا لَغْوٌ أَوْ مُمْتَنِعٌ وَكِلَاهُمَا يُنَزَّهُ عَنْ الْإِذْنِ فِيهِ مَقَامُهُ صلى الله عليه وسلم فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لَأَفَادَ ذَلِكَ) قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْقَيْدَ الْمُتَوَسِّطَ يَجُوزُ رُجُوعُهُ لِمَا بَعْدَهُ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مُجْزِئًا إلَخْ) لَكِنْ لَوْ مَاتَ قَبْلَ الْإِعْتَاقِ عَتَقَتْ بِالْإِيلَادِ وَأَجْزَأَ عِتْقُهَا حِينَئِذٍ عَنْ الْإِعْتَاقِ الْمَشْرُوطِ م ر.

ــ

[حاشية الشربيني]

وَإِلَّا صَحَّ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ شَرَطَ مَعَ الْعِتْقِ الْوَلَاءَ لَهُ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ هَذَا فِي غَيْرِ الْبَيْعِ الضِّمْنِيِّ، أَمَّا فِيهِ كَأَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي عَلَى كَذَا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْوَلَاءُ لَك فَيَصِحُّ الْعَقْدُ وَيَلْغُو الشَّرْطُ وَيَقَعُ الْعِتْقُ عَنْ الْمُسْتَدْعِي وَتَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْكَفَّارَةِ نَقْلًا عَنْ التَّتِمَّةِ اهـ قَالَ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ فِي حَوَاشِي الرَّوْضِ: لَا اسْتِثْنَاءَ لِأَنَّهُ حَيْثُ لَزِمَتْ الْقِيمَةُ كَانَ لُزُومُهَا دَلِيلًا عَلَى فَسَادِ الْبَيْعِ اهـ قَالَ ع ش أَيْ: فَيَعْتِقُ فِي الْبَيْعِ الضِّمْنِيِّ لِإِتْيَانِهِ بِصِيغَةِ الْعِتْقِ وَكَثِيرًا مَا تَجِبُ الْقِيمَةُ مُتَرَتِّبَةً عَلَى الْعِتْقِ بِدُونِ الْبَيْعِ اهـ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: الْمُتَّجَهُ الصِّحَّةُ) وَلَهُ بَيْعُ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ عِتْقَهُ مِنْهُ قَبْلَ عِتْقِ مَا شَرَطَهُ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَلَوْ اشْتَرَى بَعْضَهُ بِشَرْطِ عِتْقِ بَعْضِهِ صَحَّ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: فَأَجَابَ عَنْهُ الْأَقَلُّ إلَخْ) هَذَا مَنْقُولٌ عَنْ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ وَرَأَيْته عَنْهُ فِي الْمَعْرِفَةِ لِلْبَيْهَقِيِّ. اهـ. قَسْطَلَّانِيٌّ عَلَى الْبُخَارِيِّ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الشَّرْطَ لَمْ يَقَعْ فِي الْعَقْدِ) لَعَلَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ شَرْطٌ فِي الْعَقْدِ حَتَّى يَفْسُدَ، وَالْأَمْرُ فِي الْحَدِيثِ لِلْإِبَاحَةِ وَهُوَ عَلَى وَجْهِ التَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَنْفَعُهُمْ فَوُجُودُهُ كَعَدَمِهِ وَكَأَنَّهُ قَالَ: اشْتَرِطِي أَوْ لَا تَشْتَرِطِي فَذَلِكَ لَا يُفِيدُهُمْ.

وَيُؤَيِّدُ هَذَا قَوْلُهُ: فِي رِوَايَةٍ «اشْتَرِيهَا وَدَعِيهِمْ يَشْتَرِطُونَ مَا شَاءُوا» ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَبِأَنَّهُ خَاصٌّ إلَخْ تَعَقَّبَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ بِأَنَّ التَّخْصِيصَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِدَلِيلٍ. اهـ. قَسْطَلَّانِيٌّ عَلَى الْبُخَارِيِّ مَعَ تَغْيِيرٍ وَقَدْ يُقَالُ النَّهْيُ عَنْ بَيْعِ وَشَرْطِ الْمُتَقَدِّمِ دَلِيلٌ لِلتَّخْصِيصِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَبِأَنَّهُ خَاصٌّ إلَخْ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ هَذَا أَحْسَنُ الْأَجْوِبَةِ. اهـ. قُوَيْسَنِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَبِأَنَّ لَهُمْ بِمَعْنَى عَلَيْهِمْ) قَالَ النَّوَوِيُّ تَأْوِيلُ اللَّامِ بِمَعْنَى عَلَى هُنَا ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّهُ عليه السلام أَنْكَرَ الِاشْتِرَاطَ وَلَوْ كَانَتْ بِمَعْنَى عَلَى لَمْ يُنْكِرْهُ اهـ ق س. (قَوْلُهُ: صِحَّةُ بَيْعِ الْعَبْدِ إلَخْ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُبَعَّضًا وَبِيعَ لِغَيْرِ مَنْ لَهُ بَاقِيهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ. اهـ. سم وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ م ر وَلَوْ بَاعَ بَعْضَهُ بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ صَحَّ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْبَهْجَةِ وَأَصْلِهَا.

(قَوْلُهُ: كَمَا فِي التَّقْرِيبِ) يَعْنِي أَنَّ الْبَيْعَ بِشَرْطِ الْعِتْقِ كَمَا يُعَلَّلُ بِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ يُعَلَّلُ بِمُشَابَهَتِهِ لِلْبَيْعِ لِمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ اقْتِضَاءُ الْعَقْدِ الْعِتْقَ اهـ. (قَوْلُهُ: وَلِلَّذِي بَاعَ إلَخْ) وَمِنْهُ وَارِثُهُ وَالْحَاكِمُ لَا غَيْرُهُمْ مِنْ الْآحَادِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمَنْهَجِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ اهـ قَالَ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ مَعَ قَوْلِنَا لَا يَجِبُ الْإِعْتَاقُ عَلَى الْفَوْرِ فَإِنَّهُ لَا مَعْصِيَةَ لِيَكُونَ مِنْ بَابِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مُجْزِئًا إلَخْ)

ص: 433

(إيلَادُهَا) أَيْ: الْأَمَةِ الْمَبِيعَةِ بِشَرْطِ الْإِعْتَاقِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِعْتَاقٍ وَإِنَّمَا هُوَ سَبَبُ اسْتِحْقَاقِ عِتْقٍ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَلَوْ مَاتَ الْمَشْرُوطُ إعْتَاقُهُ قَبْلَ الْإِعْتَاقِ لَمْ يَلْزَمْ الْمُشْتَرِيَ غَيْرُ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ غَيْرَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ قَدْرُ التَّفَاوُتِ وَلَا يَتَخَيَّرُ الْبَائِعُ بَيْنَ الْإِجَازَةِ بِالثَّمَنِ وَبَيْنَ الْفَسْخِ بِرَدِّهِ وَالرُّجُوعِ عَلَى الْمُشْتَرِي بِقِيمَةِ الْمَبِيعِ (لَكِنْ لَهُ) أَيْ: لِلْمُشْتَرِي (أَنْ يَطَأَ) أَيْ: الْمَبِيعَ بِشَرْطِ الْإِعْتَاقِ إذَا كَانَ أَمَةً قَبْلَ أَنْ يَعْتِقَهُ (وَالْكَسْبُ) أَيْ وَلَهُ قَبْلَ أَنْ يَعْتِقَهُ كَسْبُهُ (وَاسْتِخْدَامُهُ وَقِيمَتُهْ بِقَتْلِهِ) ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَلَا يُكَلَّفُ صَرْفَهَا إلَى شِرَاءِ رَقِيقٍ آخَرَ لِيَعْتِقَهُ، وَلَوْ جَنَى قَبْلَ إعْتَاقِهِ لَزِمَهُ فِدَاؤُهُ كَأُمِّ الْوَلَدِ وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِمْ: إنَّ لَهُ أَنْ يَطَأَ وَيَسْتَخْدِمَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْإِعْتَاقُ فَوْرًا وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ إذَا طَلَبَهُ مِنْهُ الْحَاكِمُ أَوْ الْبَائِعُ أَوْ ظَنَّ فَوَاتَهُ لَوْ لَمْ يَأْتِ بِهِ فَلَوْ مَاتَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ إعْتَاقِهِ فَالْقِيَاسُ أَنَّ وَارِثَهُ يَقُومُ مَقَامَهُ (وَبَيْعِهِ) أَيْ: الْمَشْرُوطِ إعْتَاقُهُ (لَا نُثْبِتُهْ) ؛ لِأَنَّهُ يُفَوِّتُ الْإِعْتَاقَ وَكَالْبَيْعِ الْهِبَةُ وَالْوَقْفُ وَنَحْوُهُمَا وَدَخَلَ فِي كَلَامِهِ بَيْعُهُ بِشَرْطِ الْإِعْتَاقِ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ فَلَيْسَ لَهُ نَقْلُهُ لِغَيْرِهِ (كَالْعِتْقِ تَكْفِيرًا) أَيْ كَإِعْتَاقِهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ فَلَا تُثْبِتُهُ لِاسْتِحْقَاقِهِ الْعِتْقَ بِجِهَةِ الشَّرْطِ فَلَا يُصْرَفُ إلَى غَيْرِهَا كَمَا لَا يَعْتِقُ الْمَنْذُورُ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَفِي إجَارَتِهِ احْتِمَالَانِ لِلدَّارِمِيِّ صَحَّحَ مِنْهُمَا النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ الْمَنْعَ وَفِيهِ لَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً حَامِلًا بِشَرْطِ الْعِتْقِ فَوَلَدَتْ، ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَهَلْ يَتْبَعُهَا الْوَلَدُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا ابْنُ كَجٍّ الْأَصَحُّ لَا يَتْبَعُهَا قَالَ الدَّارِمِيُّ وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّهُ هَلْ لِلْحَمْلِ حُكْمٌ أَمْ لَا وَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ حُكْمًا فَلَا يَتْبَعُهَا.

(وَ) لَا شَرْطُ (وَصْفٍ يُطْلَبَنْ) أَيْ يُقْصَدُ فِي الْبَيْعِ (كَكَوْنِهَا) أَيْ الْأَمَةِ أَوْ لِدَاتِهَا (حَامِلًا أَوْ ذَاتَ لَبَنْ) فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَصْلَحَةِ الْعَقْدِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالثَّمَنِ وَلِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِإِنْشَاءِ مَا يَتَجَدَّدُ بَلْ هُوَ الْتِزَامُ صِفَةٍ نَاجِزَةٍ فَلَا يُؤَدِّي إلَى الْمُنَازَعَةِ كَمَا لَا يُؤَدِّي إلَيْهَا مَا لَا غَرَضَ فِيهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ شُرِطَ أَنَّهَا لَا تُدِرُّ كُلَّ يَوْمٍ كَذَا لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ كَمَا لَوْ شُرِطَ كَوْنُ الْعَبْدِ يَكْتُبُ كُلَّ يَوْمٍ كَذَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَنْضَبِطُ (لَا بَيْعُ حَامِلٍ بِحُرٍّ) أَوْ بِرَقِيقٍ لِغَيْرِ مَالِكِهَا فَلَا يَصِحُّ، وَلَوْ بِيعَتْ لِمَالِكِ الرَّقِيقِ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ فِيهِمَا لَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ فَكَأَنَّهُ اسْتَثْنَى وَاسْتُشْكِلَ بِصِحَّةِ بَيْعِ الدَّارِ الْمُؤَجَّرَةِ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ مَعَ أَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَا تَدْخُلُ فَكَأَنَّهُ اسْتَثْنَاهَا وَيُجَابُ بِأَنَّ الْحَمْلَ أَشَدُّ اتِّصَالًا مِنْ الْمَنْفَعَةِ بِدَلِيلِ جَوَازِ إفْرَادِهَا بِالْعَقْدِ عَلَيْهَا بِخِلَافِهِ فَصَحَّ اسْتِثْنَاؤُهَا شَرْعًا دُونَهُ (أَوْ) بَيْعُهُ (لَهَا) أَيْ لِلْحَامِلِ (مِنْ دُونِ حَمْلٍ) لَهَا بَطَلَ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ فَلَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ كَأَعْضَاءِ الْحَيَوَانِ.

وَيُفَارِقُ صِحَّةَ بَيْعِ الشَّجَرَةِ دُونَ ثَمَرَتِهَا بِتَيَقُّنِ وُجُودِ الثَّمَرَةِ وَالْعِلْمِ بِصِفَاتِهَا بِخِلَافِ الْحَمْلِ (أَوْ) بَيْعُهُ (لَهَا وَحَمْلَهَا) بَطَلَ لِجَعْلِهِ الْحَمْلَ الْمَجْهُولَ مَبِيعًا بِخِلَافِ بَيْعِهَا بِشَرْطِ كَوْنِهَا حَامِلًا كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْحَامِلِيَّةَ وَصْفًا تَابِعًا وَبِخِلَافِ بَيْعِ الْجُبَّةِ وَحَشْوِهَا أَوْ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَبَيْعُهُ لَا تُثْبِتُهُ) وَقَدْ يُتَّجَهُ أَيْضًا مَنْعُ بَيْعِهِ وَهِبَتِهِ مِنْ نَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ عَقْدَ عَتَاقَةٍ وَيُفَارِقُ الْمُسْتَوْلَدَةَ بِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ الْعِتْقَ نَاجِزًا غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ لُزُومَ تَنْجِيزِهِ مَوْقُوفٌ عَلَى مُطَالَبَةِ الْحَاكِمِ، أَوْ الْبَائِعِ، أَوْ خَوْفِ الْفَوَاتِ م ر. (قَوْلُهُ: كَالْعِتْقِ تَكْفِيرًا) كَأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ نَفَذَ الْعِتْقُ وَلَمْ يَقَعْ عَنْهَا وَهَلْ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ عَنْ كَفَّارَةِ الْمُشْتَرِي كَمَا شَمِلَهُ قَوْلُهُ السَّابِقُ، أَوْ عَنْ الْمُشْتَرِي.

(قَوْلُهُ: شَرْعًا) قَضِيَّتُهُ عَدَمُ صِحَّةِ اسْتِثْنَائِهَا شَرْطًا وَقَدْ يُوَجَّهُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَقَدْ صَرَّحُوا بِهَذِهِ الْقَضِيَّةِ قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ مَصْلَحَةِ الْعَقْدِ كَاسْتِثْنَاءِ سُكْنَى الدَّارِ شَهْرًا، أَوْ نَحْوَهُ فَفَاسِدٌ يُفْسِدُ الْبَيْعَ اهـ. (قَوْلُهُ: لَهَا وَحَمْلِهَا) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ بِدُونِ إعَادَةِ الْجَارِّ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ

ــ

[حاشية الشربيني]

فَلَوْ أَوْلَدَهَا طُولِبَ بِالْإِعْتَاقِ مَا لَمْ يَمُتْ. (قَوْلُهُ: إيلَادُهَا) فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ عِتْقِهَا عَتَقَتْ بِمَوْتِهِ عَنْ الشَّرْطِ. اهـ. م ر وَعِ ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: قَدْرُ التَّفَاوُتِ) أَيْ: بَيْنَ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ كَذَلِكَ قَدْ يُتَسَامَحُ فِي الثَّمَنِ.

(قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِمْ إلَخْ) يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْوَطْءُ وَالِاسْتِخْدَامُ بَعْدَ الطَّلَبِ لِحُرْمَةِ تَأْخِيرِ الْعِتْقِ بَعْدَ الطَّلَبِ اهـ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ ذَلِكَ ذُو جِهَتَيْنِ كَمَا فِي النَّاشِرِيِّ (قَوْلُهُ: لَا تُثْبِتُهُ) وَيَعْتِقُ عَنْ الشَّرْطِ فَلَا يَلْغُو إلَّا وَصْفُ كَوْنِهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: فَوَلَدَتْ، ثُمَّ أَعْتَقَهَا إلَخْ)، أَمَّا لَوْ أَعْتَقَهَا حَامِلًا فَيَتْبَعُهَا حَمْلُهَا (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ حُكْمًا) بِدَلِيلِ إيجَابِ الْحَوَامِلِ فِي الدِّيَاتِ. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ: الْأَصَحُّ إلَخْ) يَشْكُلُ عَلَيْهِ مَا لَوْ عَلَّقَ عِتْقَ الْحَامِلِ بِصِفَةٍ فَإِنَّهُ يَتْبَعُهَا وَلَدُهَا إنْ كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ التَّعْلِيقِ أَوْ الصِّفَةِ وَمَا لَوْ رَهَنَهَا فَإِنَّهَا تُبَاعُ بِحَمْلِهَا قَبْلَ الِانْفِصَالِ وَمَعَهُ بَعْدَهُ كَمَا نَقَلَهُ ع ش عَنْ بَابَيْ التَّدْبِيرِ وَالرَّهْنِ مِنْ الرَّوْضِ وَشَرْحِ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْوَاقِعَ هُنَا وَهُوَ حَمْلُ مُجَرَّدِ الشَّرْطِ فَقَطْ دُونَ الْوَصْفِ وَهُوَ الْعِتْقُ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ وَقَعَ وَهُوَ حَمْلُ نَفْسِ التَّعْلِيقِ وَنَفْسِ الرَّهْنِ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: بِإِنْشَاءِ مَا يَتَجَدَّدُ) كَإِدْرَارِ كُلِّ يَوْمٍ كَذَا. (قَوْلُهُ: بِحُرٍّ) قَالَ شَيْخُنَا ز ي كَحَجَرٍ مِثْلُهُ الْحَمْلُ النَّجِسُ نَحْوُ كَلْبٍ وَخَالَفَهُمَا شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَلَوْ تَبَيَّنَ الْحَمْلُ بِالْحُرِّ أَوْ غَيْرِهِ بَعْدَ الْبَيْعِ تَبَيَّنَ بُطْلَانُهُ إنْ عُلِمَ وُجُودُهُ حَالَ الْبَيْعِ بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَقَلَّ وَإِلَّا فَلَا وَهُوَ لِلْمُشْتَرِي فِي غَيْرِ نَحْوِ الْحُرِّ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَقَوْلُهُ: لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَقَلَّ أَيْ: أَوْ لِأَرْبَعِ سِنِينَ فَأَقَلَّ وَلَمْ تُوطَأْ وَطْئًا يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْهُ كَمَا فِي م ر. (قَوْلُهُ: لِجَعْلِهِ الْحَمْلَ الْمَجْهُولَ مَبِيعًا) وَذَلِكَ مُبْطِلٌ؛ لِأَنَّ قَضِيَّةَ جَعْلِهِ الْبَيْعَ عَيْنَيْنِ تَوْزِيعُ الثَّمَنِ عَلَيْهِمَا وَهُوَ مَجْهُولٌ

ص: 434

الْجِدَارِ وَأُسِّهِ لِدُخُولِ الْحَشْوِ فِي مُسَمَّى الْجُبَّةِ وَالْأُسِّ فِي مُسَمَّى الْجِدَارِ فَلَا يَضُرُّ ذِكْرُهُمَا بِخِلَافِ الْحَمْلِ وَدُخُولِهِ تَبَعًا فِيمَا إذَا بَاعَ حَامِلًا لَا يَسْتَلْزِمُ دُخُولَهُ فِي مُسَمَّى اللَّفْظِ وَكَبِعْتُكَهَا وَحَمْلَهَا بِعْتُكهَا بِحَمْلِهَا أَوْ مَعَ حَمْلِهَا قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَلَوْ قَالَ بِعْتُك الْجُبَّةَ بِحَشْوِهَا بِالْبَاءِ فَقِيلَ عَلَى الْخِلَافِ فِي بَيْعِ الدَّابَّةِ بِحَمْلِهَا وَقِيلَ يَصِحُّ قَطْعًا وَصَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْحَشْوَ دَاخِلٌ فِي مُسَمَّى الْجُبَّةِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ اسْتَقَرَّ رَأْيِي عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْوَاوِ وَالْبَاءِ فَمَعَ الْوَاوِ يَبْطُلُ مِثْلُ: وَحَمْلَهَا وَحَشْوَهَا وَأُسَّهُ وَمَعَ الْبَاءِ يَصِحُّ مِثْلُ بِحَمْلِهَا وَبِحَشْوِهَا وَبِأُسِّهِ وَاللُّغَةُ تَقْتَضِيهِ وَكَلَامُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ لَا يُخَالِفُهُ إلَّا فِي الْأُسِّ فَلَعَلَّ قَائِلَهُ لَمْ يُحَرِّرْ الْعِبَارَةَ فَلْيُنَزَّلْ كَلَامُ الْأَصْحَابِ عَلَى مَا قُلْته. اهـ. (أَوْ) بَيْعُهَا مَعَ (مَا بِضَرْعِهَا) مِنْ اللَّبَنِ بَطَلَ؛ لِأَنَّ اللَّبَنَ مَقْصُودٌ وَهُوَ غَيْرُ مَعْلُومٍ فَهُوَ كَبَيْعِ الدَّابَّةِ وَحَمْلِهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ شُرِطَ أَنَّهَا لَبُونٌ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ وَصْفُ اللَّبُونِ بِهِ وَهُوَ مَعْلُومٌ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ بِالْأَوْلَى عَلَى مَا قَرَّرْته بِهِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ مَا فِي ضَرْعِهَا وَحْدَهُ مَعَ أَنَّهُ يَصِحُّ تَقْرِيرُ كَلَامِهِ عَلَيْهِ بَلْ هُوَ ظَاهِرٌ فِيهِ لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَوْلَى فَيُنَاسِبُ مَا قَبْلَهُ وَلِيُفِيدَ حُكْمَ الْمَسْأَلَتَيْنِ مَعًا هُنَا.

(وَحَيْثُمَا) بِزِيَادَةِ مَا أَيْ: وَحَيْثُ (فَسَدْ) أَيْ الْبَيْعُ لِفَقْدِ شَرْطٍ أَوْ لِشَرْطٍ فَاسِدٍ (مَعْ قَبْضِ مُشْتَرٍ) لِلْمَبِيعِ، وَلَوْ بِإِذْنِ الْبَائِعِ (فَكَالْغَصْبِ) بِمَعْنَى الْمَغْصُوبِ؛ لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ كُلَّ لَحْظَةٍ بِرَدِّهِ (فَرْد) أَيْ فَيَرُدُّهُ وُجُوبًا وَعَلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ مُؤْنَةُ رَدِّهِ وَضَمَانُهُ عِنْدَ تَلَفِهِ بِالْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيِّ وَبِأَقْصَى الْقِيَمِ فِي الْمُتَقَوِّمِ مِنْ وَقْتِ الْقَبْضِ إلَى وَقْتِ التَّلَفِ وَأَرْشُ نَقْصِهِ لِلتَّعَيُّبِ وَأُجْرَةُ مِثْلِهِ لِلْمَنْفَعَةِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَوْفِهَا وَضَمَانُ زَوَائِدِهِ كَنِتَاجٍ وَتَعَلُّمِ حِرْفَةٍ وَغَيْرِهِمَا وَلَا يَجُوزُ حَبْسُهُ لِاسْتِرْدَادِ الثَّمَنِ وَلَا يَتَقَدَّمُ بِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ وَلَا يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْفَسَادِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ.

(وَالْوَطْءُ) لِلْأَمَةِ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُشْتَرِي فِي الشِّرَاءِ الْفَاسِدِ (شُبْهَةٌ) يُثْبِتُ النَّسَبَ وَالْمَهْرَ وَأَرْشَ الْبَكَارَةِ وَحُرِّيَّةَ الْوَلَدِ وَقِيمَتَهُ يَوْمَ الْوِلَادَةِ إنْ خَرَجَ حَيًّا لِلْإِتْلَافِ لَا الْحَدِّ وَإِنْ عَلِمَا

ــ

[حاشية العبادي]

الصَّنِيعِ وَقَدْ أَجَازَهُ ابْنُ مَالِكٍ وَمَنْ وَافَقَهُ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَبَيْضُ الطَّيْرِ كَالْحَمْلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ اهـ.

(قَوْلُهُ: الْمَسْأَلَتَيْنِ مَعًا) إنْ أَرَادَ بِالْمَسْأَلَتَيْنِ هَذِهِ وَمَا قَبْلَهَا فَوَاضِحٌ وَإِنْ أَرَادَ بِهِمَا مَنْعَ بَيْعِهَا مَعَ مَا بِضَرْعِهَا وَبَيْعَ مَا بِضَرْعِهَا وَحْدَهُ فَإِنْ كَانَ وَجْهُ إفَادَةِ الْمَسْأَلَتَيْنِ حِينَئِذٍ أَنَّ الثَّانِيَةَ تُعْلَمُ مِنْ الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ إذَا بَطَلَ بَيْعُهَا مَعَ مَا بِضَرْعِهَا لِكَوْنِهِ مَجْهُولًا عُلِمَ مِنْهُ بُطْلَانُ بَيْعِ مَا بِضَرْعِهَا وَحْدَهُ لِكَوْنِهِ مَجْهُولًا؛ لِأَنَّ الْجَهْلَ إذَا مَنَعَ بَيْعَ الشَّيْءِ مَعَ غَيْرِهِ مَنَعَ أَيْضًا بَيْعَهُ وَحْدَهُ فَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الثَّانِيَةَ أَيْضًا تُعْلَمُ مِنْ الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ إذَا بَطَلَ بَيْعُ الشَّيْءِ وَحْدَهُ لِلْجَهْلِ بَطَلَ بَيْعُهُ مَعَ غَيْرِهِ لِذَلِكَ فَلَا يَصِحُّ التَّعْلِيلُ بِقَوْلِهِ وَلِيُفِيدَ إلَخْ وَإِنْ كَانَ وَجْهُهُ شَيْئًا آخَرَ فَلْيُحَرَّرْ.

(قَوْلُهُ: لِفَقْدِ شَرْطٍ) إنْ أُرِيدَ بِهِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ شَمِلَ الرُّكْنَ. (قَوْلُهُ: أَيْ: فَيَرُدُّهُ وُجُوبًا) أَقُولُ يَنْبَغِي عَدَمُ الْوُجُوبِ إذَا عُلِمَ مِنْ الْبَائِعِ رِضَاهُ بِبَقَائِهِ تَحْتَ يَدِهِ، بَلْ وَجَوَازُ الِانْتِفَاعِ بِهِ بِنَحْوِ اسْتِخْدَامٍ وَاسْتِعْمَالٍ إذَا عُلِمَ مِنْهُ رِضَاهُ بِذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا تَجِبَ حِينَئِذٍ أُجْرَةُ الْمَنْفَعَةِ حَيْثُ اُسْتُنِدَ فِي الِانْتِفَاعِ إلَى الرِّضَا دُونَ الْبَيْعِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ حَبْسُهُ إلَخْ) هَذَا يُخَالِفُ الْحَبْسَ لِلْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ فَإِنَّ الْغَاصِبَ إذَا غَرِمَ الْقِيمَةَ لِلْحَيْلُولَةِ كَانَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ حَبْسُ الْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ حَتَّى تُرَدَّ إلَيْهِ الْقِيمَةُ فَلْيُطْلَبْ الْفَرْقُ بِرّ يُتَأَمَّلْ هَلْ يُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْغَاصِبَ أُخِذَتْ مِنْهُ الْقِيمَةُ قَهْرًا وَهَذَا دَفَعَ الثَّمَنَ مُخْتَارًا عَلَى أَنَّ جَوَازَ الْحَبْسِ لِلْغَاصِبِ هُوَ مَا فِي الْمَتْنِ فِي بَابِ الْغَصْبِ وَعَلَيْهِ يُحْتَاجُ لِلْفَرْقِ وَالصَّحِيحُ خِلَافُهُ كَمَا سَيَأْتِي فَهُوَ مُسَاوٍ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَا.

(قَوْلُهُ: وَقِيمَتُهُ يَوْمَ الْوِلَادَةِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ نَعَمْ إنْ كَانَ الْبَائِعُ عَالِمًا

ــ

[حاشية الشربيني]

فَيُؤَدِّي لِلْجَهْلِ بِالثَّمَنِ. (قَوْلُهُ: وَالْأُسِّ فِي مُسَمَّى الْجِدَارِ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي الْأُسِّ الَّذِي هُوَ طَرَفُ الْجِدَارِ الثَّابِتِ فِي الْأَرْضِ، أَمَّا الْأَرْضُ الْحَامِلَةُ لِذَلِكَ فَلَا مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ الصِّحَّةُ فِيمَا لَوْ قَصَدَ ذَلِكَ بِالْأُسِّ وَيُغْتَفَرُ عَدَمُ رُؤْيَتِهِ لِلتَّعَذُّرِ فَلْيُرَاجَعْ. اهـ. ع ش.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ حَبْسُهُ إلَخْ) مِثْلُهُ الْبَائِعُ لَا يَجُوزُ لَهُ حَبْسُ الثَّمَنِ لِاسْتِرْدَادِ الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا سَلَّمَ بِاخْتِيَارِهِ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ يَحْبِسُ الْمَغْصُوبَ لِاسْتِرْدَادِ الْقِيمَةِ لِأَخْذِهَا مِنْهُ قَهْرًا. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ حَبْسُهُ إلَخْ) نَعَمْ لَوْ كَانَ مِمَّنْ يَتَصَرَّفُ بِالْمَصْلَحَةِ كَالْوَكِيلِ وَخَشِيَ فَوَاتَ الثَّمَنِ فَلَهُ الْحَبْسُ لِلِاسْتِرْدَادِ اهـ مِنْ الْمُحَرَّرِ (قَوْلُهُ: كَنِتَاجٍ وَتَعَلُّمِ حِرْفَةٍ) عِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ كَنِتَاجٍ وَمَنْفَعَةٍ كَحِرْفَةٍ وَعَلَيْهِ أُجْرَتُهُ تِلْكَ الْمُدَّةَ وَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ فِيهَا. اهـ. وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَمَا حَدَثَ مِنْ الزَّوَائِدِ كَالسِّمَنِ وَتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ اهـ وَلَعَلَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ إذَا نَسِيَ مَا تَعَلَّمَهُ عِنْدَهُ ضَمِنَ نَقْصَهُ.

(قَوْلُهُ: وَالْمَهْرَ) أَيْ: مَهْرَ بِكْرٍ لِلِاسْتِمْتَاعِ بِبِكْرٍ وَأَرْشَ الْبَكَارَةِ لِإِتْلَافِهَا فَهُمَا سَبَبَانِ مُخْتَلِفَانِ فَلَمْ يَضْمَنْ أَرْشَهَا مَرَّتَيْنِ حَجَرٌ شَرْحُ الْإِرْشَادِ قَالَ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ فِي صَحِيحِهِ لَوْ أَزَالَهَا بِأُصْبُعِهِ، ثُمَّ طَلَّقَ بِخِلَافِهَا فِي صَحِيحِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ مَضْمُونٌ فِيهِ إذْ لَوْ أَرَادَ الرَّدَّ بِعَيْبٍ بَعْدَ إزَالَتِهَا لَمْ يَجِبْ إلَّا غُرْمُ أَرْشِهَا وَإِنَّمَا وَجَبَ مَعَهُ مَهْرُ ثَيِّبٍ فِيمَا لَوْ اشْتَرَى بِكْرًا مَغْصُوبَةً وَوَطِئَهَا جَاهِلًا؛ لِأَنَّهُ لَا عَقْدَ هُنَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ حَتَّى يَلْحَقَ بِصَحِيحِهِ وَفِيمَا مَرَّ عَقْدٌ اُخْتُلِفَ فِيهِ فَلَحِقَ بِصَحِيحِهِ الْمَضْمُونَةُ فِيهِ كَمَا تَقَرَّرَ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ وُجُوبِ مَهْرِ بِكْرٍ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ بِدُونِ أَرْشِ بَكَارَةٍ هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَهُ ع ش وَحِّ ل فِيمَا يَأْتِي وَصَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ فِي الْمَنْهَجِ فِي آخِرِ فَصْلِ التَّفْوِيضِ خِلَافًا لِمَا اعْتَمَدَهُ م ر هُنَا مِنْ وُجُوبِ مَهْرِ ثَيِّبٍ وَأَرْشِ بَكَارَةٍ.

وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا عَقْدَ هُنَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ إلَخْ يَعْنِي أَنَّ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ لَمَّا كَانَ عَقْدًا مُخْتَلَفًا فِيهِ أُلْحِقَ بِصَحِيحِهِ فِي إيجَابِ أَرْشِ بَكَارَةٍ لِأَنَّ الْبَكَارَةَ مَضْمُونَةٌ

ص: 435

بِالْفَسَادِ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي حُصُولِ الْمِلْكِ بِذَلِكَ نَعَمْ إنْ كَانَ الشِّرَاءُ بِمَا لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ عِنْدَ أَحَدٍ كَدَمٍ وَمَيْتَةٍ وَكَانَا عَالِمَيْنِ بِالْفَسَادِ فَالْوَطْءُ لَيْسَ بِشُبْهَةٍ بَلْ زِنًا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا الظَّاهِرُ أَنَّ عِلْمَ الْمُشْتَرِي وَحْدَهُ كَعِلْمِهِمَا (وَيُحْتَمَلْ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ بِمَعْنَى يَصِحُّ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْحَاوِي (مَا لَمْ يَجِبْ) أَيْ الْعَقْدُ أَيْ: مُدَّةَ عَدَمِ وُجُوبِهِ أَيْ لُزُومِهِ وَهِيَ زَمَنُ خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ. (شَرْطُ خِيَارٍ وَأَجَلْ) ابْتِدَاءً وَزِيَادَةً فِيهِمَا إلَّا شَرْطَ الْأَوَّلِ فِي زَمَنِهِ فَلَا يُمْكِنُ ابْتِدَاءً (وَأَنْ يُزَادَ مُثْمَنٌ) أَيْ فِيهِ (وَفِي الثَّمَنْ) إذْ مَجْلِسُ الْعَقْدِ كَنَفْسِ الْعَقْدِ وَلِهَذَا صَلَحَ لِتَعْيِينِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ وَعِوَضِ الصَّرْفِ وَقِيسَ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ خِيَارُ الشَّرْطِ بِجَامِعِ عَدَمِ الِاسْتِقْرَارِ وَقَدْ يُحْتَاجُ فِي تَقَرُّرِهِ إلَى هَذِهِ الْأُمُورِ وَمَا شُرِطَ فِيهِمَا مِمَّا يُفْسِدُ الْعَقْدَ كَالْمُقْتَرِنِ بِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ جَوَازُ ذَلِكَ لِلْعَاقِدِ وَالْمُوَكِّلِ وَمَنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ الْخِيَارُ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي الْوَارِثِ بِالنِّسْبَةِ لِزِيَادَةِ الثَّمَنِ وَبِهِ يُقَاسُ غَيْرُهُ أَمَّا بَعْدَ اللُّزُومِ فَلَا يُحْتَمَلُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَإِلَّا لَوَجَبَتْ الزِّيَادَةُ بَعْدَهُ عَلَى الشَّفِيعِ كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ الزِّيَادَةُ قَبْلَهُ.

ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَان أَشْيَاءَ تَحْرُمُ عَلَى الْعَالِمِ بِالنَّهْيِ عَنْهَا وَلَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ عِنْدَهَا لِرُجُوعِ النَّهْيِ إلَى مَعْنًى يَقْتَرِنُ بِهِ فَقَالَ (وَيَحْرُمُ التَّسْعِيرُ) فِي الْقُوتِ وَغَيْرِهِ بِأَنْ يُعَيِّنَ الْإِمَامُ قَدْرًا مِنْ الثَّمَنِ لَا يُزَادُ عَلَيْهِ (فِي كُلِّ زَمَنْ) حَتَّى وَقْتِ الْغَلَاءِ لِلتَّضْيِيقِ؛ وَلِأَنَّ «السِّعْرَ غَلَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا يَا رَسُولَ

ــ

[حاشية العبادي]

بِالْفَسَادِ فَهُوَ غَارٌّ أَفَلَا يَغْرَمُ لَهُ الْمُشْتَرِي الْقِيمَةَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ غَرِمَهَا عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ غَارًّا ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ اهـ كَلَامُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَيْضًا عَالِمًا بِالْفَسَادِ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا تَغْرِيرَ مِنْ الْبَائِعِ وَإِنْ كَانَ عَالِمًا مَعَ عِلْمِ الْمُشْتَرِي أَيْضًا فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: يَثْبُتُ النَّسَبُ وَالْمَهْرُ وَأَرْشُ الْبَكَارَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَحَيْثُ لَا حَدَّ يَجِبُ الْمَهْرُ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِالْإِذْنِ الَّذِي يَتَضَمَّنُهُ التَّمْلِيكُ الْفَاسِدُ اهـ. (قَوْلُهُ: إلَّا شَرْطَ الْأَوَّلِ) أَيْ: الْخِيَارَ فِي زَمَنِهِ أَيْ: زَمَنِ ذَلِكَ الْمَشْرُوطِ لَا الْخِيَارِ مُطْلَقًا فَشَرْطُ خِيَارِ الشَّرْطِ فِي زَمَنِهِ لَا يُمْكِنُ ابْتِدَاءً وَكَذَا خِيَارُ الْمَجْلِسِ، بَلْ لَا مَعْنَى لِشَرْطِهِ مُطْلَقًا وَإِلَّا فَشَرْطُ الْخِيَارِ فِي الْجُمْلَةِ يُمْكِنُ ابْتِدَاءً فِي زَمَنِهِ كَمَا لَوْ شُرِطَ خِيَارُ الشَّرْطِ ابْتِدَاءً فِي زَمَنِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُمْكِنُ ابْتِدَاءً) بِخِلَافِ الثَّانِي الَّذِي هُوَ الْأَجَلُ فَإِنَّهُ مُمْكِنٌ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ ابْتِدَاءً وَزِيَادَةً

(قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ التَّسْعِيرُ) قَالَ الْجَوْجَرِيُّ الْجَوَازُ عَلَى

ــ

[حاشية الشربيني]

فِيهِ كَمَا أَنَّ النِّكَاحَ فِي الْفَاسِدِ أُلْحِقَ بِصَحِيحِهِ فِي وُجُوبِ مَهْرِ بِكْرٍ لِوُجُوبِهِ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ الْخَالِي عَنْ مُسَمًّى صَحِيحٍ، وَأَمَّا وُجُوبُ مَهْرِ بِكْرٍ فَلَيْسَ مِنْ حَيْثُ الْبَيْعُ الْفَاسِدُ بَلْ مِنْ حَيْثُ وَطْءُ الشُّبْهَةِ فَلَا يُقَالُ قَضِيَّةُ إلْحَاقِهِ بِصَحِيحِهِ عَدَمُ وُجُوبِ مَهْرِ بِكْرٍ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْغَصْبِ فَإِنَّمَا وَجَبَ فِيهَا مَعَ أَرْشِ الْبَكَارَةِ مَهْرُ ثَيِّبٍ؛ لِأَنَّ جِهَةَ الْغَصْبِ جِهَةٌ وَاحِدَةٌ فَلَوْ أَوْجَبَتْ مَهْرَ بِكْرٍ لَتَضَاعَفَ غُرْمُ الْبَكَارَةِ مَرَّتَيْنِ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ بِخِلَافِ الْجِهَةِ الْمُضَمَّنَةِ فِي الشِّرَاءِ الْفَاسِدِ فَإِنَّهَا لَمَّا اخْتَلَفَتْ بِسَبَبِ جَرَيَانِ الْخِلَافِ فِي الْمِلْكِ لَمْ يَلْزَمْ عَلَيْهِ إيجَابُ مُقَابِلِ الْبَكَارَةِ مَرَّتَيْنِ إذْ الْمُوجِبُ لِمَهْرِ الْبِكْرِ وَطْءُ الشُّبْهَةِ لِأَنَّهُ اسْتَمْتَعَ بِهَا بِكْرًا وَلِأَرْشِ الْبَكَارَةِ إزَالَةُ الْجِلْدَةِ. اهـ. ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ وَزّ ي. اهـ. جَمَلٌ عَلَى الْمَنْهَجِ قَبْلَ بَابِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ م ر هُنَا وَالرَّشِيدِيُّ عَلَيْهِ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر لِلْمِنْهَاجِ وَلَوْ كَانَتْ أَيْ: الْأَمَةُ الْمَوْطُوءَةُ فِي شِرَاءٍ فَاسِدٍ بِكْرًا فَهُوَ مَهْرُ بِكْرٍ كَالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَأَرْشُ بَكَارَةٍ لِإِتْلَافِهَا بِخِلَافِهِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ إذْ فَاسِدُ كُلِّ عَقْدٍ كَصَحِيحِهِ فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ وَأَرْشُ الْبَكَارَةِ مَضْمُونٌ فِي صَحِيحِ الْبَيْعِ بِخِلَافِ صَحِيحِ النِّكَاحِ وَهَذَا مَا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَابْنُ الْعِمَادِ وَالْأَصَحُّ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وُجُوبُ مَهْرِ مِثْلِ ثَيِّبٍ وَأَرْشُ بَكَارَةٍ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي فِي الْغَصْبِ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى بِكْرًا مَغْصُوبَةً وَوَطِئَهَا جَاهِلًا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَعَ أَرْشِ الْبَكَارَةِ مَهْرُ ثَيِّبٍ لِوُجُودِ الْعَقْدِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ حُصُولُ الْمِلْكِ بِهِ كَالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ اهـ وَقَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ إلَخْ لَعَلَّهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ غَاصِبًا فَلَا يَضْمَنُ مَا فَوَّتَهُ الَّذِي هُوَ مَهْرُ بِكْرٍ بِخِلَافِ مَا هُنَا وَقَوْلُهُ: كَمَا فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ يَقْتَضِي أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَقْبُوضَةِ وَالْمَوْطُوءَةِ بِالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ؛ لِأَنَّهَا الْمُخْتَلَفُ فِي وَاجِبِهَا. اهـ. ع ش، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضَةِ فَإِنْ كَانَتْ الْأَمَةُ بِكْرًا فَمَهْرُ بِكْرٍ لِلتَّمَتُّعِ بِهَا وَقِيَاسًا عَلَى النِّكَاحِ الْفَاسِدِ بِجَامِعِ التَّوَصُّلِ إلَى وَطْءٍ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ وَأَرْشُ الْبَكَارَةِ لِإِتْلَافِهَا بِخِلَافِهِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ؛ لِأَنَّ فَاسِدَ كُلِّ عَقْدٍ كَصَحِيحِهِ فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ وَأَرْشَ الْبَكَارَةِ مَضْمُونٌ فِي صَحِيحِ الْبَيْعِ دُونَ صَحِيحِ النِّكَاحِ إذْ لَوْ أَزَالَ الْمُشْتَرِي بَكَارَتَهَا بِوَطْءٍ أَوْ غَيْرِهِ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ، ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ الرَّدُّ بِغَيْرِ أَرْشٍ.

وَلَوْ أَزَالَهَا بِأُصْبُعِهِ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ، ثُمَّ طَلَّقَهَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ إيجَابِ مَهْرِ بِكْرٍ لَا يُخَالِفُ مَا فِي الْغَصْبِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى بِكْرًا مَغْصُوبَةً وَوَطِئَهَا جَاهِلًا لَزِمَهُ مَعَ أَرْشِ الْبَكَارَةِ مَهْرُ ثَيِّبٍ لِوُجُودِ الْعَقْدِ الْمُخْتَلَفِ فِي حُصُولِ الْمِلْكِ فِيهِ هُنَا كَمَا فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ اهـ وَقَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ لَهُ الرَّدُّ بِغَيْرِ أَرْشِ الْبَكَارَةِ مَفْهُومُهُ جَوَازُ الرَّدِّ بِالْأَرْشِ فَلْيُرَاجَعْ هَذَا الْإِطْلَاقُ مِمَّا يَأْتِي فِيمَا يَمْنَعُ الرَّدَّ وَمَا لَا يَمْنَعُ. اهـ. سم بِهَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ وَكَتَبَ الرَّشِيدِيُّ عَلَى قَوْلِ م ر وَعَلَى الْأَوَّلِ إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ الْأَوَّلَ وَالثَّانِيَ إنَّمَا هُمَا فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ، أَمَّا الشِّرَاءُ الْفَاسِدُ فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا قَوْلٌ وَاحِدٌ وَلَا كَلَامَ فِيهِ فَالصَّوَابُ إسْقَاطُ قَوْلِهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ وَهَذَا الْفَرْقُ لِشَرْحِ الرَّوْضِ وَهُوَ يَقْتَضِي عَكْسَ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ كَمَا لَا يَخْفَى وَيَقْتَضِي أَنَّ عَقْدَ الْبَيْعِ لَوْ كَانَ مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ يَجِبُ فِيهِ مَهْرُ ثَيِّبٍ اهـ فَلْيُحَرَّرْ الْوَجْهُ الصَّحِيحُ لِمَا هُنَا.

(قَوْلُهُ: حَتَّى وَقْتِ الْغَلَاءِ)

ص: 436

اللَّهِ سَعِّرْ لَنَا فَقَالَ إنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُسَعِّرُ الْقَابِضُ الْبَاسِطُ الرَّازِقُ وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَلْقَى رَبِّي وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يَطْلُبُنِي بِمَظْلِمَةٍ بِدَمٍ وَلَا مَالٍ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ مَعَ ذَلِكَ جَزَمَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا بِأَنَّهُ يُعَزَّرُ مُخَالِفُ الْإِمَامِ.

(وَ) يَحْرُمُ (حَكْرُ) بِفَتْحِ الْحَاءِ أَيْ احْتِكَارُ (قُوتٍ) كَتَمْرٍ وَزَبِيبٍ وَشَعِيرٍ لِلتَّضْيِيقِ وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ: «لَا يَحْتَكِرُ إلَّا خَاطِئٌ» أَيْ آثِمٌ وَذَلِكَ بِأَنْ (اشْتَرَاهُ فِي) وَقْتِ (الْغَلَا) وَحَبَسَهُ (لِبَيْعِهِ الضَّعْفَا) بِفَتْحِ الضَّادِ وَإِسْكَانِ الْعَيْنِ جَمْعُ ضَعِيفٍ بِأَكْثَرَ مِمَّا اشْتَرَاهُ بِهِ (إذَا السِّعْرُ غَلَا) فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِهِ كَغَلَّةِ ضَيْعَتِهِ أَوْ اشْتَرَاهُ وَقْتَ الرُّخْصِ لِيَبِيعَهُ وَقْتَ الْغَلَاءِ أَوْ اشْتَرَى وَقْتَ الْغَلَاءِ لِنَفْسِهِ وَعِيَالِهِ أَوْ لِيَبِيعَهُ بِمِثْلِ مَا اشْتَرَاهُ بِهِ أَوْ أَقَلَّ لَمْ يَحْرُمْ وَالْأَوْلَى أَنْ يَبِيعَ مِنْ ذَلِكَ مَا فَضَلَ عَنْ كِفَايَتِهِ وَكِفَايَةِ عِيَالِهِ أَيْ: سَنَةً كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ فِي السِّيَرِ وَفِي كَرَاهَةِ إمْسَاكِهِ وَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَتَفْسِيرُ احْتِكَارِ الْقُوتِ بِمَا ذُكِرَ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ، وَذِكْرُهُ الضَّعْفَى جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فَإِنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ غَيْرِهِمْ وَخَرَجَ بِالْقُوتِ غَيْرُهُ فَلَا يَحْرُمُ احْتِكَارُهُ وَغَلَا فِي كَلَامِهِ بِالْمُهْمَلَةِ وَيَجُوزُ قِرَاءَتُهُ بِالْمُعْجَمَةِ؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ وَمَا ذَكَرَ فِي التَّصْرِيحِ مَصْدَرٌ.

(وَ) يَحْرُمُ (بَيْعُ حَاضِرٍ مَتَاعَ بَادِي) قَدِمَ بِهِ وَ (حَاجَتُهُ تَعُمُّ) أَهْلَ الْبَلَدِ لِيَبِيعَهُ بِسِعْرِ يَوْمِهِ فَيَقُولُ الْحَاضِرُ: اُتْرُكْهُ عِنْدِي لِأَبِيعَهُ بِالتَّدْرِيجِ (بِازْدِيَادِ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ» زَادَ مُسْلِمٌ: «دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ» وَالْمَعْنَى فِيهِ التَّضْيِيقُ عَلَى النَّاسِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَتَاعُ قُوتًا أَمْ لَا ظَهَرَ بِبَيْعِهِ سَعَةٌ فِي الْبَلَدِ أَمْ لَمْ يَظْهَرْ لِقِلَّتِهِ فَإِنْ لَمْ تَعُمَّ حَاجَتُهُ كَأَنْ لَمْ يُحْتَجْ إلَيْهِ إلَّا نَادِرًا أَوْ عَمَّتْ وَقَصَدَ الْبَادِي بَيْعَهُ بِالتَّدْرِيجِ فَسَأَلَهُ الْحَاضِرُ أَنْ يُفَوِّضَهُ إلَيْهِ وَقَالَ الْبَادِي ابْتِدَاءً أَتْرُكُهُ عِنْدَكَ لِتَبِيعَهُ بِالتَّدْرِيجِ أَوْ قَصَدَ بَيْعَهُ بِسِعْرِ يَوْمِهِ فَقَالَ لَهُ: اُتْرُكْهُ عِنْدِي لِأَبِيعَهُ كَذَلِكَ لَمْ يَحْرُمْ وَلَا سَبِيلَ إلَى مَنْعِ الْمَالِكِ مِنْ ذَلِكَ وَالتَّقْيِيدُ بِعُمُومِ الْحَاجَةِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ، وَلَوْ اسْتَشَارَهُ الْبَدْوِيُّ فِيمَا فِيهِ حَظُّهُ فَهَلْ يُرْشِدُهُ إلَى الِادِّخَارِ وَالْبَيْعِ بِالتَّدْرِيجِ؟ وَجْهَانِ وَحَكَى ابْنُ كَجٍّ عَنْ أَبِي الطَّيِّبِ بْنِ سَلَمَةَ وَأَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ أَنَّهُ يَجِبُ بَذْلًا لِلنَّصِيحَةِ وَعَنْ ابْنِ الْوَكِيلِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ تَوْسِيعًا عَلَى النَّاسِ، وَلَوْ قَدِمَ الْبَادِي يُرِيدُ الشِّرَاءَ فَتَعَرَّضَ لَهُ حَاضِرٌ يُرِيدُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ رَخِيصًا فَهَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْبَيْعِ؟ تَرَدَّدَ فِيهِ فِي الْمَطْلَبِ وَاخْتَارَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ الْمَنْعَ وَالْحَاضِرُ سَاكِنُ الْحَاضِرَةِ وَهِيَ الْمُدُنُ وَالْقُرَى وَالرِّيفُ وَهِيَ أَرْضٌ فِيهَا زَرْعٌ وَخِصْبٌ وَالْبَادِي سَاكِنُ الْبَادِيَةِ وَهِيَ خِلَافُ الْحَاضِرَةِ وَالتَّعْبِيرُ بِالْحَاضِرِ وَالْبَادِي جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَالْمُرَادُ أَيُّ شَخْصٍ كَانَ.

(وَ) يَحْرُمُ (مُشْتَرَى) بِمَعْنَى اشْتِرَاءٍ (مَالِ غَرِيبٍ) قَبْلَ وُصُولِهِ السُّوقَ (مَا دَرَى مَا سِعْرُهُ لَكِنْ لِغَبْنٍ) حَصَلَ لَهُ (خُيِّرَا) عَلَى

ــ

[حاشية العبادي]

الْقَوْلِ بِهِ مَخْصُوصٌ بِالْأَطْعِمَةِ وَلَوْ لِلدَّوَابِّ بِرّ.

(قَوْلُهُ: قُوتٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضَةِ فَلَا يَعُمُّ جَمِيعَ الْأَطْعِمَةِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى أَنْ يَبِيعَ إلَخْ) قَالَ فِي الْعُبَابِ عَقِبَهُ فَإِنْ خَافَ جَائِحَةً فِي زَرْعِ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ فَلَهُ أَيْ: بِلَا كَرَاهَةٍ قَطْعًا إمْسَاكُ كِفَايَتِهَا نَعَمْ إذَا اشْتَدَّ ضَرَرُ النَّاسِ لَزِمَهُ بَيْعُهُ أَيْ: مَا فَضَلَ عَنْ كِفَايَتِهِ سَنَةً فَإِنْ أَبَى أُجْبِرَ اهـ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَنْ عِنْدَهُ طَعَامٌ وَاضْطُرَّ النَّاسُ إلَيْهِ وَلَمْ يَجِدُوا غَيْرَهُ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُمْ وَمِمَّنْ نَقَلَ الْإِجْمَاعَ النَّوَوِيُّ. اهـ. وَسَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي مَبْحَثِ الِاضْطِرَارِ أَنَّهُ إذَا تَحَقَّقَ لَمْ يُبْقَ لِلْمَالِكِ كِفَايَةُ سَنَةٍ فَكَلَامُهُمْ هُنَا فِيمَا إذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ اهـ وَهُوَ حَقٌّ لَا شَكَّ فِيهِ. (قَوْلُهُ: وَفِي كَرَاهَةِ إمْسَاكِهِ) أَيْ: مَا فَضَلَ عَنْ كِفَايَتِهِ وَجْهَانِ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضَةِ الظَّاهِرُ مِنْهُمَا الْمَنْعُ. (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالْقُوتِ غَيْرُهُ) قَالَ فِي الْعُبَابِ وَأَلْحَقَ الْغَزَالِيُّ بِالْقُوتِ كُلَّ مَا يُعِينُ عَلَيْهِ كَاللَّحْمِ وَالْفَوَاكِهِ وَصَرَّحَ الْقَاضِي بِالْكَرَاهَةِ فِي الثِّيَابِ اهـ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ التَّخْصِيصُ بِالْأَقْوَاتِ فِيهِ نَظَرٌ وَيَنْبَغِي جَرَيَانُهُ فِي الثِّيَابِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا لِسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَدَفْعِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَصَرَّحَ الْقَاضِي فِي الثَّوْبِ بِالْكَرَاهَةِ وَيَنْبَغِي تَنْزِيلُهُ عَلَى التَّحْرِيمِ وَيَجِبُ الْجَزْمُ بِأَنَّ احْتِكَارَ الْمِلْحِ كَالْقُوتِ اهـ وَقَالَ السُّبْكِيُّ عِنْدِي أَنَّهُ فِي وَقْتِ الضَّرُورَةِ يَحْرُمُ احْتِكَارُ مَا بِالنَّاسِ ضَرُورَةٌ إلَيْهِ وَهُوَ فِي غُنْيَةٍ عَنْهُ اهـ قِيلَ وَالْأَوْجَهُ أَنَّ عَلَفَ الدَّوَابِّ كَالْقُوتِ. اهـ. قُلْت يُمْكِنُ إدْخَالُهُ فِي الْقُوتِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا يَعُمُّ قُوتَ الدَّوَابِّ.

(قَوْلُهُ: وَبَيْعُ حَاضِرٍ) لَوْ كَانَ الْبَادِي عَالِمًا بِالنَّهْيِ فَيَظْهَرُ تَحْرِيمُ مُوَافَقَةِ الْحَاضِرِ كَمَا لَوْ تَبَايَعَ وَقْتَ الْجُمُعَةِ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ وَمَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ بِرّ. (قَوْلُهُ: وَبَيْعُ حَاضِرٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِرْشَادِ وَصُدَّ جَالِبُ مِثْلِهِ أَيْ: مِثْلِ الْقُوتِ فِي الْحَاجَةِ عَنْ تَعْجِيلِ بَيْعٍ اهـ وَفِي شَرْحِهِ الصَّغِيرِ لِلشِّهَابِ وَيَخْتَصُّ التَّحْرِيمُ بِالصَّادِ، وَغَرَضُ الرِّبْحِ لِلْجَالِبِ دَفْعُ الْإِثْمِ عَنْهُ، وَالْإِعَانَةُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ غَيْرُ مُحَقَّقَةٍ لِانْقِضَائِهَا بِانْقِضَاءِ كَلَامِ الصَّادِ إذْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُجِبْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ بِخِلَافِ نَحْوِ لَعِبِ شَافِعِيٍّ بِالشِّطْرَنْجِ مَعَ حَنَفِيٍّ إذْ لَا يَتَأَتَّى إلَّا مِنْ اجْتِمَاعِهِمَا اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: حَاجَتُهُ) أَيْ: الْحَاجَةُ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: عِنْدِي) أَوْ عِنْدَك، أَوْ عِنْدَ زَيْدٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْبَيْعِ تَرَدُّدٌ إلَخْ) وَقَدْ يُقَالُ قِيَاسُ الْبَيْعِ أَنْ يُقَيَّدَ الشِّرَاءُ بِكَوْنِهِ بِمَتَاعٍ تَعُمُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ قَالَ صَاحِبُ التَّعْجِيزِ وَالشِّرَاءُ لِلْبَادِي بِأَرْخَصَ كَالْبَيْعِ لَهُ بِأَغْلَى اهـ وَفَرَّقَ الْجَوْجَرِيُّ بِأَنَّ مَسْأَلَةَ الْبَيْعِ مَفْرُوضَةٌ فِيمَا تَعُمُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الشِّرَاءِ فَإِنَّهُ فِي الْغَالِبِ بِالنُّقُودِ وَلَيْسَتْ فِي مَعْنَى مَا تَعُمُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ فَإِنْ فُرِضَ أَنَّهُ يَشْتَرِي بِعَرْضٍ تَعُمُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ فَهِيَ صُورَةٌ نَادِرَةٌ بِرّ. (قَوْلُهُ: فِي صَحِيحِهِ الْمَنْعُ) أَيْ: الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ أَيْ: اخْتَارَ التَّحْرِيمَ وَلِذَا عَبَّرَ غَيْرُهُ بَدَلَ الْمَنْعِ بِالْإِثْمِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ: الرِّيفُ أَرْضٌ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: قَبْلَ وُصُولِهِ السُّوقَ)

ــ

[حاشية الشربيني]

رَدٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ حِينَئِذٍ. اهـ.

(قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَجِبُ) أَيْ يَسْكُتُ لَا أَنَّهُ يُخَيِّرُهُ بِخِلَافِ نَصِيحَتِهِ. اهـ. م ر. (قَوْلُهُ: لَا يَجِبُ) قَضِيَّةُ قَوْلِهِ تَوْسِيعًا أَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ نَصِيحَتُهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: الْمَنْعُ) أَيْ التَّحْرِيمُ هَذَا الِاخْتِيَارُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ م ر

(قَوْلُهُ: بِمَعْنَى اشْتِرَاءٍ) وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي بَعْضَ الْجَالِبِينَ مِنْ بَعْضٍ قَبْلَ دُخُولِهِمْ

ص: 437

الْفَوْرِ بَعْدَ قُدُومِهِ وَمَعْرِفَتِهِ بِالسِّعْرِ قَالَ: صلى الله عليه وسلم «لَا تَلَقُّوا الرُّكْبَانَ لِلْبَيْعِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ «لَا تَلَقُّوا السِّلَعَ حَتَّى يُهْبَطَ بِهَا إلَى الْأَسْوَاقِ فَمَنْ تَلَقَّاهَا فَصَاحِبُ السِّلْعَةِ بِالْخِيَارِ» وَالْمَعْنَى فِيهِ غَبْنُهُمْ سَوَاءٌ أَخْبَرَ الْمُشْتَرِي كَاذِبًا أَمْ لَمْ يُخْبِرْ قَصَدَ التَّلَقِّيَ أَمْ لَا كَأَنْ خَرَجَ لِصَيْدٍ أَوْ غَيْرِهِ فَرَآهُمْ فَاشْتَرَى مِنْهُمْ؛ لِشُمُولِ الْمَعْنَى فَإِنْ لَمْ يَغْبِنُوا كَأَنْ اشْتَرَاهُ مِنْهُمْ بِسِعْرِ الْبَلَدِ أَوْ بِدُونِهِ وَهُمْ عَالِمُونَ بِهِ، وَالْتَمَسُوا مِنْهُ الشِّرَاءَ، وَلَوْ جَاهِلِينَ بِالسِّعْرِ فَلَا خِيَارَ لَهُمْ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يَأْثَمُ، وَلَوْ لَمْ يَعْرِفُوا الْغَبْنَ حَتَّى رَخُصَ السِّعْرُ وَعَادَ إلَى مَا بَاعُوا بِهِ فَهَلْ يَسْتَمِرُّ الْخِيَارُ؟ وَجْهَانِ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ مُنْشَؤُهُمَا اعْتِبَارُ الِابْتِدَاءِ أَوْ الِانْتِهَاءِ وَكَلَامُ الشَّاشِيِّ يَقْتَضِي عَدَمَ اسْتِمْرَارِهِ وَالْأَوْجَهُ اسْتِمْرَارُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْخَبَرِ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْإِسْنَوِيِّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَقَدْ يُؤَيَّدُ الْأَوَّلُ بِتَصْحِيحِهِمْ فِي خِيَارِ التَّصْرِيَةِ عَدَمَ ثُبُوتِهِ فِيمَا لَوْ دَرَّ اللَّبَنُ عَلَى الْحَدِّ الَّذِي أَشْعَرَتْ بِهِ التَّصْرِيَةُ وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّدْلِيسَ هُنَا فَوَّتَ زِيَادَةً فِي الْعِوَضِ قَبْلَ الرُّخْصِ بِخِلَافِهِ ثَمَّةَ فَإِنَّهُ لَمْ يُفَوِّتْ شَيْئًا، وَلَوْ تَلَقَّاهُمْ وَبَاعَهُمْ مَا يَقْصِدُونَهُ مِنْ الْبَلَدِ فَهَلْ هُوَ كَالشِّرَاءِ؟ وَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا بِلَا تَرْجِيحٍ صَحَّحَ مِنْهُمَا الْأَذْرَعِيُّ الْجَوَازَ، ثُمَّ قَالَ وَفِيهِ وَقْفَةٌ لِلْمَعْنَى وَلِخَبَرِ «دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ» وَالتَّعْبِيرُ بِالْغَرِيبِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَالْمُرَادُ أَيُّ شَخْصٍ كَانَ.

(وَ) يَحْرُمُ (رَفْعُهُ فِي ثَمَنٍ) أَيْ ثَمَنِ الْمَعْرُوضِ عَلَى الْبَيْعِ لَا لِلرَّغْبَةِ فِي شِرَائِهِ بَلْ (لِلْخُدْعَهْ) بِفَتْحِ الْخَاءِ وَضَمِّهَا أَيْ خُدْعَةِ غَيْرِهِ وَهُوَ النَّجْشُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْ النَّجْشِ» وَالْمَعْنَى فِيهِ الْإِيذَاءُ وَقَيَّدَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الثَّمَنِ بِالرَّفْعِ عَمَّا تُسَاوِيهِ الْعَيْنُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ رَفَعَ عِنْدَ نَقْصِ الْقِيمَةِ وَلَا رَغْبَةَ لَهُ جَازَ، وَكَلَامُ غَيْرِهِ يُخَالِفُهُ (مِنْ غَيْرِ تَخْيِيرٍ) لِلْمُشْتَرِي، وَلَوْ كَانَ الرَّفْعُ بِمُوَاطَأَةِ الْبَائِعِ لِتَفْرِيطِهِ حَيْثُ لَمْ يَتَأَمَّلْ وَلَمْ يُرَاجِعْ أَهْلَ الْخِبْرَةِ وَنَظِيرُهُ إخْبَارُهُ بِأَنَّهُ أَعْطَى فِي السِّلْعَةِ كَذَا كَاذِبًا فَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي وَفَارَقَ ثُبُوتَهُ بِالتَّصْرِيَةِ كَمَا سَيَأْتِي بِأَنَّ التَّغْرِيرَ ثَمَّ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ وَهُنَا خَارِجَهُ.

(وَ) يَحْرُمُ (سَوْمُ السِّلْعَهْ) أَيْ سَوْمُهُ لَهَا عَلَى سَوْمِ غَيْرِهِ بِأَنْ يَرْغَبَ مَنْ أَخَذَ شَيْئًا لِيَشْتَرِيَهُ فِي رَدِّهِ لِيَبِيعَهُ خَيْرًا مِنْهُ بِمِثْلِ ثَمَنِهِ أَوْ مِثْلَهُ بِأَقَلَّ أَوْ يَرْغَبَ مَالِكُهُ فِي اسْتِرْدَادِهِ لِيَشْتَرِيَهُ مِنْهُ بِأَكْثَرَ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَسُومُ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ» وَهُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ وَالْمَعْنَى فِيهِ الْإِيذَاءُ وَذِكْرُ الْأَخِ فِي الْخَبَرِ لَيْسَ لِلتَّقَيُّدِ بَلْ لِلرِّقَّةِ وَالْعَطْفِ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يَحْرُمُ (بَعْدَ قَرَارِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ) لَا قَبْلَهُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَضِيَّتُهُ ثُبُوتُ التَّحْرِيمِ وَالْخِيَارِ بَعْدَ دُخُولِ الْبَلَدِ وَقَبْلَ دُخُولِ السُّوقِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ فِي الْخَبَرِ: «حَتَّى يَهْبِطَ بِهَا إلَى السُّوقِ» لَكِنَّ حَاصِلَ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضَةِ خِلَافُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ وُصُولِهِ السُّوقَ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ كَغَيْرِهِ قَبْلَ دُخُولِ الْبَلَدَ قَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِهِ وَخَرَجَ بِقَبْلَ دُخُولِ الْبَلَدِ التَّلَقِّي بَعْدَ دُخُولِهِ فَلَا يَحْرُمُ ثَمَّ قَالَ وَكَذَا لَا خِيَارَ لَهُمْ إذَا كَانَ التَّلَقِّي بَعْدَ دُخُولِ الْبَلَدِ وَلَوْ خَارِجَ السُّوقِ لِإِمْكَانِ مَعْرِفَتِهِمْ الْأَسْعَارَ مِنْ غَيْرِ الْمُتَلَقِّينَ لَكِنَّ ظَاهِرَ الْخَبَرِ يَقْتَضِي خِلَافَهُ وَقَدْ يُقَالُ يُوَافِقُهُ قَوْلُ ابْنِ الْمُنْذِرِ وَجَمَاعَةٍ أَنَّهُ يَحْرُمُ التَّلَقِّي خَارِجَ السُّوقِ وَيُمْنَعُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ التَّحْرِيمِ ثُبُوتُ الْخِيَارِ اهـ وَمَحَلُّ التَّحْرِيمِ خَارِجَ السُّوقِ إنْ غَبَنُوا كَمَا فِي خَارِجِ الْبَلَدِ الَّذِي أُخِذَ عَدَمُ الْحُرْمَةِ فِيهِ عِنْدَ عَدَمِ الْغَبْنِ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: مَا سِعْرُهُ) لَا يَبْعُدُ أَنْ يَجُوزَ فِي مَا الزِّيَادَةُ فَيُنْصَبُ سِعْرُهُ كَمَا يَجُوزُ الِاسْتِفْهَامِيَّة فِيهِ فَيُرْفَعُ سِعْرُهُ. (قَوْلُهُ: وَجْهَانِ) يَنْبَغِي عَلَى الْمَنْعِ أَنَّ مَحَلَّهُ مَا إذَا بَاعَهُمْ بِأَكْثَرَ مِنْ سِعْرِ الْبَلَدِ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَهُمْ بِدُونِهِ، أَوْ بِمِثْلِهِ وَكَذَا بِأَكْثَرَ وَهُمْ عَالِمُونَ عَلَى قِيَاسِ مَا تَقَدَّمَ فِي الشِّرَاءِ مِنْهُمْ. (قَوْلُهُ: وَفِيهِ وَقْفَةٌ) اعْتَمَدَهُ م ر.

(قَوْلُهُ: لِلْخُدْعَةِ) وَكَذَا لِغَيْرِ غَرَضٍ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الْخُدْعَةَ، أَوْ لِنَفْعِ الْمَالِكِ وَلَوْ نَحْوَ يَتِيمٍ. (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ غَيْرِهِ يُخَالِفُهُ) اعْتَمَدَهُ م ر.

(قَوْلُهُ: لِيَشْتَرِيَهُ مِنْهُ بِأَكْثَرَ) يُتَّجَهُ أَنَّهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ أَنَّ الِاسْتِرْدَادَ مِنْ آخِذٍ لَا يَكُونُ إلَّا بِأَكْثَرَ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَكْثَرِ وَالْمِثْلِ وَالدُّونِ فِيمَا يَظْهَرُ لِوُجُودِ الْإِيذَاءِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَحْرُمُ بَعْدَ إلَخْ) وَكَالْبَيْعِ فِي جَمِيعِ مَا تَقَرَّرَ فِيهِ الْإِجَارَةُ وَالْعَارِيَّةَ أَخَذَا مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَا يُخْتَصَرُ ذَلِكَ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، بَلْ مَنْ أَنْعَمَ بِإِسْكَانِ حَانُوتِهِ لِشَخْصٍ لَمْ يَجُزْ لِغَيْرِهِ طَلَبُ ذَلِكَ مِنْ مَالِكِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ جَرَيَانُ مَا يَأْتِي فِي الْبَيْعِ عَلَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ عَلَى الشِّرَاءِ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْبَلَدَ. اهـ. حَجَرٌ قَالَ ع ش وَلَوْ قِيلَ بِعَدَمِ الْحُرْمَةِ فِي هَذِهِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا سِيَّمَا عِنْدَ حَاجَةِ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي. (قَوْلُهُ: غَبْنُهُمْ) أَيْ بِالْفِعْلِ فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ وَالْحُرْمَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَقَوْلُهُ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ احْتِمَالُ غَبْنِهِمْ يُحْمَلُ عَلَى هَذَا أَوْ لَفْظَةُ احْتِمَالٍ زَائِدَةٌ. (قَوْلُهُ: وَهُمْ عَالِمُونَ بِهِ) وَلَوْ بِإِخْبَارِهِ كَاذِبًا بِأَنْ صَدَّقُوهُ أَوْ أَخْبَرَهُمْ صَادِقًا فَلَا حُرْمَةَ وَلَا خِيَارَ وَإِنْ اشْتَرَى مِنْهُمْ بِالْغَبْنِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَلْيُحَرَّرْ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ وَقْفَةٍ، ثُمَّ رَأَيْت فِي التُّحْفَةِ أَنَّهُ يَثْبُتُ الْخِيَارُ سَوَاءٌ أَخْبَرَ كَاذِبًا أَمْ لَمْ يُخْبِرْ عَلَى الْأَصَحِّ. (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَهُمْ عَالِمُونَ) وَتَمَكُّنُهُمْ مِنْ الْعِلْمِ كَالْعِلْمِ إنْ كَانَ بَعْدَ دُخُولِهِمْ الْبَلَدَ وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَتَمَكَّنُوا وَلَوْ بَعْدَ دُخُولِ الْبَلَدِ أَوْ تَمَكَّنُوا قَبْلَ الدُّخُولِ فَيَحْرُمُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: فَلَا خِيَارَ لَهُمْ) وَإِنْ جَهِلُوا السِّعْرَ وَغُبِنُوا ق ل (قَوْلُهُ: عَدَمَ اسْتِمْرَارِهِ) قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ: فَوَّتَ زِيَادَةً إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هَذَا لَا يَقْتَضِي الْخِيَارَ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِمْ مِنْ اسْتِدْرَاكِ تِلْكَ الزِّيَادَةِ بَعْدَ وُجُودِ الرُّخْصِ وَقَدْ يُقَالُ بِتَمْكِينِهِمْ بِانْتِظَارِ ارْتِفَاعِ السِّعْرِ وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ عَدَمُ الْخِيَارِ. اهـ. سم. (قَوْلُهُ: وَبَاعَهُمْ) أَيْ: بِغَيْرِ طَلَبِهِمْ

.

ص: 438

بِأَنْ كَانَ إذْ ذَاكَ يُنَادِي عَلَيْهِ لِطَلَبِ الزِّيَادَةِ وَقَرَارِ الثَّمَنِ بِالتَّرَاضِي بِهِ صَرِيحًا بِخِلَافِ السُّكُوتِ وَغَيْرِ الصَّرِيحِ.

(وَ) يَحْرُمُ (الْبَيْعُ) عَلَى الْبَيْعِ قَبْلَ لُزُومِهِ بِأَنْ يَرْغَبَ الْمُشْتَرِي فِي الْفَسْخِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِيَبِيعَهُ خَيْرًا مِنْهُ بِمِثْلِ ثَمَنِهِ أَوْ مِثْلَهُ بِأَقَلَّ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ» زَادَ النَّسَائِيّ «حَتَّى يَبْتَاعَ أَوْ يَذَرَ» وَالْمَعْنَى فِيهِ الْإِيذَاءُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَشَرَطَ ابْنُ كَجٍّ لِتَحْرِيمِ ذَلِكَ أَنْ لَا يَفْرُطَ غَبْنُ الْمُشْتَرِي فَإِنْ أَفْرَطَ فَلَهُ أَنْ يُعَرِّفَهُ وَيَبِيعَ عَلَى بَيْعِهِ؛ لِأَنَّهُ ضَرْبٌ مِنْ النَّصِيحَةِ، قَالَ النَّوَوِيُّ انْفَرَدَ بِذَلِكَ ابْنُ كَجٍّ وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ إطْلَاقِ الْحَدِيثِ فَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي اخْتِلَافِ الْحَدِيثِ عَلَى نَهْيِ الرَّجُلِ أَنْ يَبِيعَ الْمُشْتَرِيَ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ سِلْعَةً مِثْلَ الَّتِي اشْتَرَاهَا خَشْيَةَ أَنْ يَرُدَّ الْأُولَى وَظَاهِرٌ أَنَّ خِيَارَ الشَّرْطِ فِيمَا قَالَهُ كَخِيَارِ الْمَجْلِسِ.

(وَ) يَحْرُمُ (الشِّرَا) عَلَى الشِّرَاءِ قَبْلَ لُزُومِهِ بِأَنْ يَرْغَبَ الْبَائِعُ فِي الْفَسْخِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِيَشْتَرِيَهُ مِنْهُ بِأَكْثَرَ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْبَيْعِ عَلَى الْبَيْعِ وَفِي مُسْلِمٍ «الْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ فَلَا يَحِلُّ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَبْتَاعَ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ وَلَا يَخْطُبَ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَذَرَ» وَذِكْرُ الْمُؤْمِنِ لَيْسَ لِلتَّقْيِيدِ؛ بَلْ لِأَنَّهُ أَسْرَعُ امْتِثَالًا وَتَوْجِيهُ ذِكْرِ الْأَخِ فِيمَا مَرَّ يَأْتِي هُنَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيَحْرُمُ طَلَبُ السِّلْعَةِ مِنْ الْمُشْتَرِي بِزِيَادَةِ رِبْحٍ وَالْبَائِعُ حَاضِرٌ لِأَدَائِهِ إلَى الْفَسْخِ أَوْ النَّدَمِ (عَلَى الْجَمِيعِ) أَيْ السَّوْمِ وَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ أَيْ: يَحْرُمُ السَّوْمُ عَلَى السَّوْمِ وَالْبَيْعُ عَلَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءُ عَلَى الشِّرَاءِ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ فِيهَا مَنْ يَتَأَذَّى بِهَا فَيَرْتَفِعُ التَّحْرِيمُ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ وَهَلْ شَرْطُ التَّحْرِيمِ تَحْقِيقُ مَا وَعَدَ بِهِ مِنْ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ؟ يَظْهَرُ اشْتِرَاطُهُ عَلَى تَعْلِيلِ حُرْمَةِ الْبَيْعِ عَلَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ عَلَى الشِّرَاءِ بِالتَّسَبُّبِ إلَيْهِمَا دُونَ تَعْلِيلِهِمَا بِكَوْنِ ذَلِكَ إفْسَادًا لِلْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ مُطْلَقًا؛ لِوُجُودِ الْمَعْنَى السَّابِقِ وَهُوَ الْإِيذَاءُ بِكُلِّ تَقْدِيرٍ.

، ثُمَّ أَخَذَ النَّاظِمُ فِي بَيَانِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ؛ لِأَنَّهُ إمَّا فِي الْأَحْكَامِ أَوْ فِي الِابْتِدَاءِ أَوْ فِي الدَّوَامِ وَقَدْ ذَكَرَهَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ فَقَالَ (وَصَحَّ) الْبَيْعُ (بِالْقِسْطِ) مِنْ الْمُسَمَّى (إذَا عَقْدٌ) وَاحِدٌ (جَمَعْ عَقْدَيْنِ خُلْفُ الْحُكْمِ فِيهِمَا وَقَعْ) كَبِعْتُكَ عَبْدِي وَأَجَرْتُك دَارِي سَنَةً بِكَذَا أَوْ بِعْتُك كَذَا فِي ذِمَّتِي سَلَمًا وَأَجَرْتُك دَارِي شَهْرًا بِكَذَا فَيَصِحُّ كُلٌّ مِنْهُمَا بِقِسْطِهِ مِنْ الْمُسَمَّى إذَا وُزِّعَ عَلَى قِيمَةِ الْمَبِيعِ أَوْ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَأُجْرَةِ الدَّارِ لِصِحَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا فَلَا يَضُرُّ الْجَمْعُ وَلَا أَثَرَ لِاخْتِلَافِ الْحُكْمِ فِي ذَلِكَ كَمَا لَا أَثَرَ لَهُ فِي بَيْعٍ مَشْفُوعٍ وَسَيْفٍ وَاخْتِلَافِ الْحُكْمِ فِي الْمِثَالَيْنِ بِاشْتِرَاطِ التَّأْقِيتِ فِي الْإِجَارَةِ وَبُطْلَانِ الْبَيْعِ وَالسَّلَمِ بِهِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ أَحَدُ الْعَقْدَيْنِ جَائِزًا كَالْبَيْعِ وَالْجِعَالَةِ إذْ لَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْمُسَابَقَةِ

ــ

[حاشية العبادي]

فِي الْإِجَارَةِ عَلَى الْإِجَارَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ حَجَرٍ ش ع. (قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ إذْ ذَاكَ إلَخْ) بَيَانٌ لِقَوْلِهِ لِمَا قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ لُزُومِهِ) لَوْ كَانَ بَعْدَ اللُّزُومِ لَكِنْ هُنَاكَ تَمَكَّنَ مِنْ الْإِقَالَةِ بِسَبَبِ مُحَابَاةٍ، أَوْ خَوْفٍ فَالْوَجْهُ التَّحْرِيمُ كَمَا بَحَثَهُ الْجَوْجَرِيُّ وَقَالَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُشَكَّ فِيهِ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ لُزُومِهِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ أَوْ بَعْدَ اللُّزُومِ وَوُجِدَ بِالْمَبِيعِ عَيْبٌ وَلَمْ يَكُنْ التَّأْخِيرُ مُضِرًّا حَجَرٌ ش. (قَوْلُهُ: بِمِثْلِ ثَمَنِهِ إلَخْ) وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ ذِكْرَهُمْ الْمِثْلَ وَالْأَقَلَّ وَالْأَكْثَرَ هُنَا أَيْ: فِي الْبَيْعِ عَلَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ عَلَى الشِّرَاءِ لَيْسَ لِلتَّقْيِيدِ، بَلْ لِلْغَالِبِ ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ بَحَثَ بَعْضَ ذَلِكَ فَقَالَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَطْلُبَهَا مِنْ الْبَائِعِ بِزِيَادَةٍ، أَوْ بِالثَّمَنِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ حَجَرٌ ع. (قَوْلُهُ: حَتَّى يَبْتَاعَ) يُتَأَمَّلْ مَعْنَاهُ. (قَوْلُهُ: خَشْيَةَ أَنْ يَرُدَّ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ أَنَّهُ يَأْخُذُهُمَا مَعًا فَلَا تَحْرِيمَ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَذَكَرَ الدَّارِمِيُّ أَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ مِنْ جِنْسٍ آخَرَ جَازَ إلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ بِهِ عَنْ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: لِيَشْتَرِيَهُ مِنْهُ بِأَكْثَرَ) سَوَاءٌ طَلَبَ الْمُشْتَرِي الشِّرَاءَ، أَوْ سَأَلَهُ فِيهِ الْبَائِعُ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ يَظْهَرُ تَرْجِيحُهُ وَإِنْ رَجَّحَ الْأَذْرَعِيُّ خِلَافَهُ؛ لِأَنَّ الْمَلْحَظَ الْإِيذَاءُ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِيهِمَا حَجَرٌ ع. (قَوْلُهُ: أَوْ النَّدَمِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا بَعْدَ اللُّزُومِ وَمَا قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَأْذَنَ فِيهَا مَنْ يَتَأَذَّى بِهَا) يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْعَاقِدُ وَلِيًّا، أَوْ وَصِيًّا، أَوْ وَكِيلًا، أَوْ نَحْوَهُ فَلَا عِبْرَةَ بِإِذْنِهِ إنْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْمَالِكِ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ.

(قَوْلُهُ: مَا لَوْ كَانَ أَحَدُ الْعَقْدَيْنِ جَائِزًا) قِيلَ لَيْسَ السَّبَبُ حِينَئِذٍ فِي الْمَنْعِ جَوَازَ أَحَدِهِمَا، بَلْ تَنَافِيَ أَحْكَامِهِمَا وَقَدْ يَرُدُّهُ جَوَازُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالسَّلَمِ مَعَ تَنَافِي أَحْكَامِهِمَا بِنَحْوِ اشْتِرَاطِ قَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ فِي السَّلَمِ دُونَ الْمَبِيعِ إلَّا أَنْ تُجْعَلَ الْعِلَّةُ مَجْمُوعَ الْجَوَازِ وَالِاخْتِلَافِ. (قَوْلُهُ: إذْ لَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِعَدَمِ إمْكَانِ الْجَمْعِ فَإِنْ أُرِيدَ أَنَّ الْعَقْدَ الْوَاحِدَ لَا يُمْكِنُ اتِّصَافُهُ بِالْجَوَازِ وَاللُّزُومِ مَعًا فَقَدْ يُقَالُ لَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ بِاعْتِبَارَيْنِ وَجِهَتَيْنِ.

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: حَتَّى يَبْتَاعَ إلَخْ) لَعَلَّ مَعْنَاهُ حَتَّى يَنْظُرَ مَا يَئُولُ إلَيْهِ الْأَمْرُ بِأَنْ يَبْتَاعَ أَيْ: يَلْزَمَ الْبَيْعُ فَيَتْرُكَهُ أَوْ يَذَرَ أَيْ: يَفْسَخَ الْبَيْعَ فَيَبِيعَهُ غَيْرَهُ فَهُوَ غَايَةٌ لِمُدَّةِ مَنْعِ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ فِي الْحَدِيثِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ تَوَقُّفُ الْمُحَشِّي. (قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَفْرُطَ غَبْنُ الْمُشْتَرِي) نَعَمْ تَعْرِيفُ الْمَغْبُونِ بِغَبْنِهِ لَا مَحْذُورَ فِيهِ إنْ نَشَأَ الْغَبْنُ عَنْ نَحْوِ غِشِّ الْبَائِعِ لِإِثْمِهِ حِينَئِذٍ فَلَمْ يُبَالِ بِإِضْرَارِهِ. اهـ. تُحْفَةٌ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الْحَدِيثِ) وَلَا يُزَالُ الضَّرَرُ بِالضَّرَرِ. (قَوْلُهُ: مَنْ يَتَأَذَّى بِهَا) هَذَا إنْ كَانَ الْآذِنُ مَالِكًا فَإِنْ كَانَ وَلِيًّا أَوْ وَصِيًّا أَوْ وَكِيلًا أَوْ نَحْوَهُ فَلَا عِبْرَةَ بِإِذْنِهِ إنْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْمَالِكِ، كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ سم.

(قَوْلُهُ: وَصَحَّ الْبَيْعُ بِالْقِسْطِ إلَخْ) وَلَا يَضُرُّ الْجَهْلُ بِمَا يَخُصُّ كُلًّا عِنْدَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ الْجُمْلَةُ وَلَا يُفْضِي هُنَا إلَى تَنَازُعٍ. (قَوْلُهُ: كَالْبَيْعِ وَالْجِعَالَةِ) أَيْ: وَكَإِجَارَةٍ وَجِعَالَةٍ الْمُرَادُ بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ يَقْتَضِيَانِ الْقَبْضَ فِي الْمَجْلِسِ كَالرِّبَوِيِّ وَالسَّلَمِ وَإِجَارَةِ الذِّمَّةِ، أَمَّا بَيْعُ الْمُعَيَّنِ وَإِجَارَةُ الْمُعَيَّنِ فَيَصِحُّ جَمْعُهُمَا مَعَ الْجِعَالَةِ فَحِينَئِذٍ مَدَارُ الصِّحَّةِ عَلَى إمْكَانِ الْجَمْعِ وَمَدَارُ الْفَسَادِ عَلَى عَدَمِهِ وَلَيْسَ الْمَدَارُ عَلَى

ص: 439

وَتَقْيِيدُهُمْ الْعَقْدَيْنِ بِاخْتِلَافِهِمَا حُكْمًا لِبَيَانِ مَحَلِّ الْخِلَافِ فَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ مُتَّفِقَيْنِ كَشَرِكَةٍ وَقِرَاضٍ كَأَنْ خَلَطَ أَلْفَيْنِ لَهُ بِأَلْفٍ لِغَيْرِهِ وَقَالَ: شَارَكْتُك عَلَى أَحَدِهِمَا وَقَارَضْتُك عَلَى الْآخَرِ فَقَبِلَ صَحَّ جَزْمًا لِرُجُوعِهِمَا إلَى الْإِذْنِ فِي التَّصَرُّفِ (أَوْ الْحَلَالَ وَالْحَرَامَ يَجْمَعُ) أَيْ أَوْ يَجْمَعُ الْعَقْدُ حَلَالًا أَيْ: قَابِلًا لِذَلِكَ الْعَقْدِ وَحَرَامًا أَيْ غَيْرَ قَابِلٍ لَهُ فَيَصِحُّ فِي الْحَلَالِ دُونَ الْحَرَامِ إعْطَاءً لِكُلٍّ مِنْهُمَا حُكْمَهُ.

(نَحْوُ كِتَابَةٍ وَبَيْعٍ) بِأَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ كَاتَبْتُك عَلَى نَجْمَيْنِ وَبِعْتُك كَذَا بِأَلْفٍ فَالْكِتَابَةُ تَصِحُّ بِقِسْطِهَا مِنْ الْمُسَمَّى، وَالْبَيْعُ (يُدْفَعُ) أَيْ يَبْطُلُ لِتَقَدُّمِ أَحَدِ شِقَّيْهِ عَلَى مَصِيرِ الْعَبْدِ مِنْ أَهْلِ مُبَايَعَةِ السَّيِّدِ وَنَحْوُ بَيْعِهِ خَلًّا وَخَمْرًا أَوْ عَبْدَهُ وَحُرًّا أَوْ شَاتَه وَخِنْزِيرًا فَيَصِحُّ فِي الْحَلَالِ فَقَطْ بِقِسْطِهِ وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْحَرَامُ مَجْهُولًا لِيَتَأَتَّى التَّقْسِيطُ فَلَوْ قَالَ: بِعْتُك هَذَا الْعَبْدَ وَعَبْدًا آخَرَ بَطَلَ فِيهِمَا وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْحَرَامِ عِنْدَ مَنْ يَرَى لَهُ قِيمَةً كَذَا صَحَّحَهُ الْغَزَالِيُّ وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ التَّقْدِيرَ بِالشَّبَهِ فَيُقَدِّرُ الْخَمْرَ خَلًّا وَالْخِنْزِيرَ شَاةً، وَلَوْ كَانَ الْحَرَامُ غَيْرَ مَقْصُودٍ كَالدَّمِ فَيَظْهَرُ أَنَّ الصِّحَّةَ بِكُلِّ الثَّمَنِ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُمْ فِي النِّكَاحِ وَالْخُلْعِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الْقِسْمِ مَا إذَا أَجَرَ الرَّاهِنُ الْعَيْنَ الْمَرْهُونَةَ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى مَحَلِّ الدَّيْنِ وَمَا إذَا اسْتَعَارَ شَيْئًا لِيَرْهَنَهُ بِدَيْنٍ فَزَادَ عَلَيْهِ وَمَا إذَا زَادَ فِي الْعَرَايَا عَلَى الْقَدْرِ الْجَائِزِ أَوْ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ فَاضِلٍ فِي الرِّبَوِيِّ حَيْثُ مَنَعْنَاهُ كَمُدَبَّرٍ بِمَدِينٍ مِنْهُ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَبْطُلُ فِي جَمِيعِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَالْقَوْلُ بِالصِّحَّةِ فِي الْحَلَالِ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ.

لَكِنَّ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ آخِرًا الْبُطْلَانُ كَمَا قَالَهُ الرَّبِيعُ تَغْلِيبًا لِلْحُرْمَةِ وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: إنَّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ (أَوْ كَانَ) أَيْ حَصَلَ (فِي الْبَعْضِ) مِنْ الْمَبِيعِ (انْفِسَاخٌ) فَيَصِحُّ فِي بَعْضِهِ الْآخَرِ بِقِسْطِهِ مِنْ الْمُسَمَّى إذَا وُزِّعَ عَلَيْهِمَا (وَتَلَفْ قَابِلِ إفْرَادٍ بِعَقْدٍ كَالسَّقَفْ) بِتَحْرِيكِ الْقَافِ لِلْوَزْنِ وَفَتْحِهَا لِلْخِفَّةِ وَالْمُنَاسَبَةِ أَيْ كَسَقْفِ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ فَإِنَّهُ إذَا تَلِفَ حَرْقًا أَوْ نَحْوَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ انْفَسَخَ الْعَقْدُ فِيهِ وَاسْتَمَرَّتْ صِحَّتُهُ فِي الْبَاقِي بِقِسْطِهِ مِنْ الْمُسَمَّى إذَا وُزِّعَ عَلَى قِيمَتِهِ وَقِيمَةِ التَّالِفِ وَلَا تَضُرُّ جَهَالَةُ الثَّمَنِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَتَقْيِيدُهُمْ الْعَقْدَيْنِ إلَخْ) لَمْ يَذْكُرْ مُحْتَرَزَ الْعَقْدَيْنِ وَقَالَ غَيْرُهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ يَخْرُجُ بِهِ مَا لَوْ جَمَعَ عَقْدٌ وَاحِدٌ مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ كَمَا لَوْ بَاعَ صَاعًا مِنْ الشَّعِيرِ وَثَوْبًا بِصَاعِ حِنْطَةٍ فَإِنَّ مَا يُقَابِلُ الْحِنْطَةَ مِنْ الشَّعِيرِ يُشْتَرَطُ قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ وَمَا يُقَابِلُ الثَّوْبَ لَا يُشْتَرَطُ قَالَ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ يَعْنِي الْإِرْشَادَ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فِي الْأَحْكَامِ وَقَدْ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ بِجَرَيَانِ قَوْلَيْ التَّفْرِيقِ فِيهِ، وَكَذَا لَوْ بَاعَ عَبْدَيْنِ وَشَرَطَ الْخِيَارَ فِي أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ، أَوْ فِي أَحَدِهِمَا الْخِيَارَ يَوْمَيْنِ وَفِي الْآخَرِ ثَلَاثًا فَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فِي الْأَحْكَامِ فَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ: عَقْدَيْنِ لَتَنَاوَلَ ذَلِكَ بِرّ. (قَوْلُهُ: صَحَّ جَزْمًا) وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْجَائِزَيْنِ يُسَامَحُ فِيهِمَا وَيُتَوَسَّعُ بِخِلَافِ اللَّازِمَيْنِ بِرّ. (قَوْلُهُ: بِقِسْطِهَا) هَلْ يُوَزِّعُ قِسْطَهَا عَلَى النَّجْمَيْنِ بِالسَّوِيَّةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ هَذَا الْكَلَامِ، أَوْ يَحْتَاجُ إلَى الْبَيَانِ كَأَنْ يَقُولَ: عَلَى نَجْمَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ مَثَلًا؟ فِيهِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْحَرَامُ مَجْهُولًا) جَعَلَ فِي الْعُبَابِ مِنْ صُوَرِ الْمَسْأَلَةِ بَيْعَ مَعْلُومٍ وَمَجْهُولٍ يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ كَمَرْئِيٍّ وَغَيْرِهِ وَعَلَيْهِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْحَرَامُ مَجْهُولًا أَيْ: بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ كَمَا يُشْعِرُ بِذَلِكَ تَمْثِيلُهُ. (قَوْلُهُ: وَالْخِنْزِيرُ شَاةً) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضَةِ أَيْ: شَاةُ عَنْزٍ لَا شَاةُ ضَأْنٍ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْعَنْزَ فِي الشَّكْلِ. (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ آخِرًا الْبُطْلَانُ) اُنْظُرْ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ بَاعَ عَبْدَهُ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ أَلْفٍ تُقْسَمُ عَلَى الْمَبِيعِ وَغَيْرِهِ؟ بِرّ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ مَا ذُكِرَ ثَمَنًا مَجْهُولٌ حَالًا ثُمَّ ابْتِدَاءً وَمَا ذُكِرَ ثَمَنًا هُنَا غَيْرُ مَجْهُولٍ وَأَمَّا ثَمَنُ الْحَلَالِ فَجَهْلُهُ ضِمْنِيٌّ لَا قَصْدِيٌّ.

ــ

[حاشية الشربيني]

الِاتِّفَاقِ فِي الْجَوَازِ وَاللُّزُومِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهِمَا. اهـ. شَيْخُنَا. اهـ. جَمَلٌ عَلَى الْمَنْهَجِ، وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا أَيْ: ز ي الصِّحَّةَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْجِعَالَةِ وَالْمَبِيعِ الْمُعَيَّنِ اهـ أَيْ: أَمَّا الَّذِي فِي الذِّمَّةِ وَهُوَ بِلَفْظِ السَّلَمِ فَلَا يَصِحُّ جَمْعُهُ مَعَ الْجِعَالَةِ لِاقْتِضَائِهِ قَبْضَ الْعِوَضِ فِي الْمَجْلِسِ دُونَهَا فَلْيُتَأَمَّلْ لَكِنْ عَلَى هَذَا لَا يَصِحُّ الْجَمْعُ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالسَّلَمِ لِلِاخْتِلَافِ الْمَذْكُورِ مَعَ تَصْرِيحِهِمْ بِصِحَّتِهِ وَنَقَلَ سم عَلَى التُّحْفَةِ عَنْ م ر عَنْ وَالِدِهِ أَنَّ الْعِلَّةَ مَجْمُوعُ الِاخْتِلَافِ جَوَازًا وَلُزُومًا وَأَحْكَامًا وَعَلَيْهِ لَا إشْكَالَ بِوَجْهٍ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ جَمْعُهُمَا مَعَ الْجِعَالَةِ) أَيْ: وَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ فِيهِمَا مِنْ التَّأْقِيتِ وَالتَّقْدِيرِ بِمَحَلِّ عَمَلٍ بِخِلَافِ الْجِعَالَةِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ مُتَّفِقَيْنِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا ذ رحمه الله مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ اتِّفَاقُ الْأَحْكَامِ إلَّا فِي الْجَائِزَيْنِ وَهُوَ مُقْتَضَى مَا نَقَلَهُ الْمُحَشِّي عَنْ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ فَلْيُحَرَّرْ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: فَيَظْهَرُ إلَخْ) وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْمُعْتَمَدِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِغَيْرِ الْمَقْصُودِ أَوْ جَاهِلًا بِهِ كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ س ل وَاسْتَظْهَرَهُ ز ي وَنَظَرَ فِيهِ سم لِلُحُوقِ الضَّرَرِ لِلْمُشْتَرِي. (قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى إلَخْ) قَالَ م ر لِخُرُوجِهِ بِالزِّيَادَةِ عَنْ الْوَلَايَةِ عَلَى الْعَقْدِ فَلَمْ يُمْكِنْ التَّبْعِيضُ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ الَّذِي رَجَعَ إلَخْ) رُدَّ بِأَنَّ الْمُتَأَخِّرَ إنَّمَا يَكُونُ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ إذَا تَأَخَّرَ الْإِفْتَاءُ بِهِ وَلَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ، أَمَّا إذَا ذَكَرَهُ فِي مَقَامِ الِاسْتِنْبَاطِ وَالتَّرْجِيحِ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِالرُّجُوعِ عَنْ الْأَوَّلِ فَلَا. اهـ. م ر (قَوْلُهُ: إذَا وُزِّعَ عَلَى قِيمَتِهِ وَقِيمَةِ التَّالِفِ) فَيُقَوَّمُ

ص: 440

الطَّارِئَةُ كَمَا لَا يَضُرُّ سُقُوطُ بَعْضِهِ لِأَرْشِ الْعَيْبِ وَخَرَجَ بِتَلَفِ مَا يُفْرَدُ بِالْعَقْدِ سُقُوطُ يَدِ الْمَبِيعِ وَعَمَى عَيْنِهِ وَاضْطِرَابُ سَقْفِهِ وَنَحْوُهَا فَلَا تَقْسِيطَ فِيهَا إذْ لَا انْفِسَاخَ بِذَلِكَ لِبَقَاءِ عَيْنِ الْمَبِيعِ وَالْيَدِ وَالْإِبْصَارِ وَثَبَاتِ السَّقْفِ وَنَحْوِهَا لَا يُفْرَدُ بِالْعَقْدِ فَفَوَاتُهَا لَا يُثْبِتُ الِانْفِسَاخَ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ؛ لِيَرْضَى بِالْمَبِيعِ بِكُلِّ الثَّمَنِ أَوْ يَفْسَخَ وَيَسْتَرِدَّ الثَّمَنَ كَمَا سَيَأْتِي.

(كَنِسْبَةِ الثُّلْثِ مِنْ الْمُحَابَأَهْ) بِالْهَمْزِ لِلْوَزْنِ (فِي مَرَضِهْ) بِإِسْكَانِ الْهَاءِ إجْرَاءً لِلْوَصْلِ مَجْرَى الْوَقْفِ أَيْ صَحَّ الْبَيْعُ فِي بَعْضِ الْمَبِيعِ بِالْقِسْطِ فِيمَا مَرَّ كَمَا يَصِحُّ فِي بَعْضِهِ بِنِسْبَةِ ثُلُثِ مَالِ الْمُحَابِي مِنْ الْمُحَابَاةِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِقِسْطِهِ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَ بِمُحَابَاةٍ تَزِيدُ عَلَى ثُلُثِ تَرِكَتِهِ وَلَمْ تُجِزْهَا وَرَثَتُهُ بَطَلَ الْبَيْعُ فِي بَعْضِ الْمَبِيعِ وَيَرْجِعُ إلَى الْمُشْتَرِي مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الثَّمَنِ فَتَدُورُ الْمَسْأَلَةُ؛ لِتَوَقُّفِ الْعِلْمِ بِمَا يَنْفُذُ فِيهِ الْبَيْعُ عَلَى الْعِلْمِ بِقَدْرِ التَّرِكَةِ وَالْعِلْمِ بِقَدْرِهَا عَلَى الْعِلْمِ بِالْمُقَابِلِ وَالْعِلْمِ بِالْمُقَابِلِ عَلَى الْعِلْمِ بِمَا يَنْفُذُ فِيهِ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ مَا يَنْفُذُ فِيهِ الْبَيْعُ يَخْرُجُ مِنْ التَّرِكَةِ وَمَا يُقَابِلُهُ مِنْ الثَّمَنِ يَدْخُلُ فِيهَا وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَا يَنْفُذُ فِيهِ الْبَيْعُ يَزِيدُ بِزِيَادَةِ التَّرِكَةِ وَيَنْقُصُ بِنُقْصَانِهَا، وَأَنَّ التَّرِكَةَ تَزِيدُ بِزِيَادَةِ الْمُقَابِلِ الدَّاخِلِ وَالْمُقَابِلَ يَزِيدُ بِزِيَادَةِ الْمَبِيعِ وَطَرِيقُ مَعْرِفَةِ الْمَقْصُودِ أَنْ يُقَالَ: صَحَّ الْبَيْعُ فِي قَدْرِ نِسْبَةِ الثُّلُثِ مِنْ الْمُحَابَاةِ بِقِسْطِهِ مِنْ الثَّمَنِ كَمَا سَيَأْتِي إيضَاحُهُ (وَخَيَّرُوا) فِي صُوَرِ تَجْزِئَةِ الْمَبِيعِ بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ (لِلتَّجْزِئَهْ) أَيْ لِأَجْلِهَا (مُشْتَرِيًا) كَمَا لَوْ اشْتَرَى حَلَالًا وَحَرَامًا وَجَهِلَ الْحَالَ أَوْ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ وَتَلِفَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ قَبْضِهِ أَوْ بَاعَ الْمَرِيضَ أَوْ اشْتَرَى بِمُحَابَاةٍ تَزِيدُ عَلَى الثُّلُثِ.

نَعَمْ إنْ كَانَ الْحَرَامُ غَيْرَ مَقْصُودٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا خِيَارَ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُقَابَلٍ بِشَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ كَمَا مَرَّ، أَمَّا الْعَالِمُ بِالْحَالِ فَلَا خِيَارَ لَهُ لِتَقْصِيرِهِ وَقَوْلُهُ: لِلتَّجْزِئَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَبَيْعُهُ) أَيْ: الْمُحَابِي فِي مَرَضِ مَوْتِهِ (مَا قِيمَتُهْ ثَلَاثَةٌ) مِنْ الْمَئِينِ مَثَلًا (بِوَاحِدٍ) مِنْهَا (نُثَبِّتُهْ) أَيْ الْبَيْعَ (فِي نِصْفِ مَا بَاعَ بِنِصْفِ الثَّمَنِ إنْ كَانَ لَا مَالًا سِوَاهُ) أَيْ سِوَى مَا بَاعَهُ (يَقْتَنِي) أَيْ يُمْلَكُ؛ لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ مِائَتَانِ، وَثُلُثَ الْمَالِ مِائَةٌ وَنِسْبَتُهُ مِنْهَا النِّصْفُ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ فَالْمُحَابَاةُ مِائَةٌ وَيَبْقَى لِلْوَرَثَةِ نِصْفُ الْمَبِيعِ الْمُسَاوِي مِائَةً وَخَمْسِينَ وَيَحْصُلُ لَهُمْ مِنْ الثَّمَنِ خَمْسُونَ فَالْمَجْمُوعُ ضِعْفُ الْمُحَابَاةِ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ: إنْ كَانَ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَخَرَجَ بِهِ مَا إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ سِوَاهُ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ فِي كُلِّ الْمَبِيعِ إنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ وَإِلَّا فَفِيمَا يَحْتَمِلُهُ ثُلُثُ مَالِهِ.

(وَ) بَيْعُهُ (مَا يُسَاوِي مِائَتَيْنِ بِمِائَهْ صِحَّتُهُ فِي الثُّلُثَيْنِ) مِنْ الْمَبِيعِ (مُجْزِئَهْ) ؛ لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ مِائَةٌ وَثُلُثَ الْمَالِ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ وَنِسْبَتَهُ مِنْهَا الثُّلُثَانِ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ فِي ثُلُثَيْ الْمَبِيعِ بِثُلُثَيْ الثَّمَنِ فَالْمُحَابَاةُ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ وَيَبْقَى لِلْوَرَثَةِ ثُلُثُ الْمَبِيعِ الْمُسَاوِي سِتَّةً وَسِتِّينَ وَثُلُثَيْنِ وَيَحْصُلُ لَهُمْ مِنْ الثَّمَنِ مِثْلُ ذَلِكَ فَالْمَجْمُوعُ ضِعْفُ الْمُحَابَاةِ (وَ) بَيْعُهُ (فِيهِمَا)

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: أَنْ يُقَالَ صَحَّ الْبَيْعُ إلَخْ) أَيْ: لِأَنَّهُ يَكُونُ التَّبَرُّعُ الْحَاصِلُ بِالْمُحَابَاةِ حِينَئِذٍ هُوَ قَدْرُ الثُّلُثِ فَقَطْ بِرّ. (قَوْلُهُ: مُشْتَرِيًا) خَرَجَ الْبَائِعُ فَلَا خِيَارَ لَهُ قَالُوا لِتَعَدِّيهِ حَيْثُ أَقْدَمَ عَلَى بَيْعِ الْحَلَالِ وَغَيْرِهِ وَهَذِهِ الْعِلَّةُ تَتَخَلَّفُ فِي حَالَةِ جَهْلِهِ وَفِي حَالَةِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فِي الدَّوَامِ وَاَلَّذِي اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ عَدَمُ الْخِيَارِ فِيهِمَا بِرّ.

ــ

[حاشية الشربيني]

الْبَاقِي وَحْدَهُ وَيُوَزَّعُ الثَّمَنُ عَلَيْهِ وَعَلَى التَّالِفِ إلَّا أَنَّهُ يُقَوَّمُ مَعَ التَّالِفِ؛ لِأَنَّ التَّالِفَ لَمْ يَقَعْ بِاخْتِيَارِ الْبَائِعِ وَلَا الْمُشْتَرِي كَذَا نُقِلَ عَنْ طب وَاسْتَقَرَّ بِهِ ع ش. (قَوْلُهُ: بَطَلَ الْبَيْعُ إلَخْ) هَذَا مَا اخْتَارَهُ بَعْضُ الْحُسَّابِ وَهُوَ الْأَقْوَى فِي الْمَعْنَى وَهُوَ أَنَّهُ إذَا ارْتَدَّ بَعْضُ الْمَبِيعِ ارْتَدَّ إلَى الْمُشْتَرِي مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الثَّمَنِ فَتَدُورُ الْمَسْأَلَةُ وَقِيلَ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ يَصِحُّ فِي قَدْرِ مَا يَحْتَمِلُهُ الثُّلُثُ وَمَا يُوَازِي الثُّمَنَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَيَبْطُلُ فِي الْبَاقِي فَيَصِحُّ فِي ثُلُثَيْ الْعَبْدِ بِالْعَشَرَةِ وَيَبْقَى مَعَ الْوَرَثَةِ الثُّمُنُ وَثُلُثُ الْعَبْدِ وَذَلِكَ مِثْلَا الْمُحَابَاةِ وَهِيَ عَشَرَةٌ وَلَا دَوْرَ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ.

(قَوْلُهُ: فِي قَدْرِ نِسْبَةِ الثُّلُثِ مِنْ الْمُحَابَاةِ) ؛ لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ مُعْتَبَرَةٌ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنْ لَمْ تَزِدْ عَلَيْهِ فَلَا اعْتِرَاضَ وَإِلَّا وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ ارْتَدَّ الْبَيْعُ فِي بَعْضِ الْمَبِيعِ إلَخْ مَا فِي الشَّرْحِ فَيُحْتَاجُ إلَى أَنْ يُقَالَ صَحَّ الْبَيْعُ فِي قَدْرِ نِسْبَةِ الثُّلُثِ مِنْ الْمُحَابَاةِ بِقِسْطِهِ مِنْ الثَّمَنِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: فَبَيْعُهُ إلَخْ) حَاصِلُهُ إنْ تَفَرَّقَ ثُلُثُ الْمَالِ وَقَدْرُ الْمُحَابَاةِ فَإِنْ كَانَ نِصْفَهَا صَحَّ الْبَيْعُ فِي نِصْفِ الْمَبِيعِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ فَبِأَكْثَرَ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ فَبِأَقَلَّ فَإِذَا بَاعَ عَبْدًا يُسَاوِي ثَلَاثِينَ بِعَشَرَةٍ وَلَا مَالَ لَهُ سِوَاهُ فَثُلُثُ الْمَالِ عَشَرَةٌ، وَالْمُحَابَاةُ عِشْرُونَ وَالْعَشَرَةُ نِصْفُ الْعِشْرِينَ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ فِي نِصْفِ الْعَبْدِ وَقِيمَتُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَهُوَ خَمْسَةٌ فَكَأَنَّهُ اشْتَرَى سُدُسَهُ بِخَمْسَةٍ وَوَصَّى لَهُ بِثُلُثِهِ يَبْقَى مَعَ الْوَرَثَةِ نِصْفُ الْعَبْدِ وَقِيمَتُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَنِصْفُ الثَّمَنِ وَهُوَ خَمْسَةٌ فَالْمَبْلَغُ عِشْرُونَ وَذَلِكَ مِثْلَا الْمُحَابَاةِ وَهَذَا إذَا أُرِيدَ الْعِلْمُ بِطَرِيقِ النِّسْبَةِ كَمَا سَلَكَهُ الْمُصَنِّفُ فَإِنْ أُرِيدَ بِطَرِيقِ الْجَبْرِ قُلْت صَحَّ الْبَيْعُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْعَبْدِ بِثُلُثِ شَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ مِثْلُ ثُلُثِ الْعَبْدِ وَبَقِيَ لِلْوَرَثَةِ عَبْدٌ

ص: 441

أَيْ فِي الصُّورَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ صَحِيحٌ (فِي الثُّلْثِ إنْ كُلَّ الْعِوَضْ أَتْلَفَ) الْمُحَابِي، لِنُقْصَانِ مَالِهِ بِقَدْرِ الْمُتْلَفِ وَصِحَّتُهُ تَكُونُ بِالطَّرِيقَةِ الْمَذْكُورَةِ وَهِيَ نِسْبَةُ الثُّلُثِ مِنْ الْمُحَابَاةِ لَكِنْ بَعْدَ حَطِّ التَّالِفِ فَلَوْ أَتْلَفَ الْمِائَةَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى رَجَعَ مَالُهُ إلَى مِائَتَيْنِ وَثُلُثُهُمَا سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ وَنِسْبَتُهُ مِنْ الْمُحَابَاةِ الثُّلُثُ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ فِي ثُلُثِ الْمَبِيعِ بِثُلُثِ الثَّمَنِ فَالْمُحَابَاة سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ وَيَبْقَى لِلْوَرَثَةِ ثُلُثَا الْمَبِيعِ الْمُسَاوِيَانِ مِائَتَيْنِ، فَإِذَا رَدُّوا الْفَاضِلَ مِنْ الثَّمَنِ وَهُوَ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ إلَى الْمُشْتَرِي يَبْقَى لَهُمْ مِائَةٌ وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ وَذَلِكَ ضِعْفُ الْمُحَابَاةِ وَإِنْ أَتْلَفَهَا فِي الثَّانِيَةِ رَجَعَ مَالُهُ إلَى مِائَةٍ وَثُلُثُهَا ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ وَنِسْبَتُهُ مِنْ الْمُحَابَاةِ الثُّلُثُ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ فِي ثُلُثِ الْمَبِيعِ بِثُلُثِ الثَّمَنِ فَالْمُحَابَاة ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ وَيَبْقَى لِلْوَرَثَةِ ثُلُثَا الْمَبِيعِ الْمُسَاوِيَانِ مِائَةً وَثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ وَثُلُثًا، فَإِذَا رَدُّوا الْفَاضِلَ مِنْ الثَّمَنِ وَهُوَ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ إلَى الْمُشْتَرِي يَبْقَى لَهُمْ مِثْلُ ذَلِكَ وَهُوَ ضِعْفُ الْمُحَابَاةِ وَقَوْلُهُ:(وَالْبَعْضُ بِنِسْبَةِ يُفَضْ) مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْ وَإِنْ أَتْلَفَ الْمُحَابِي بَعْضَ الْعِوَضِ فَالْمَبِيعُ يُفَضُّ أَيْ: يُفَرَّقُ بِمَعْنَى يُقَسَّطُ صِحَّةً وَفَسَادًا بِالنِّسْبَةِ الْمَذْكُورَةِ، فَلَوْ أَتْلَفَ ثَلَاثِينَ مِنْ الْمِائَةِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى رَجَعَ مَالُهُ إلَى مِائَتَيْنِ وَسَبْعِينَ وَنِسْبَةُ ثُلُثِهَا مِنْ الْمُحَابَاةِ تِسْعَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ عِشْرِينَ جُزْءًا فَيَصِحُّ الْبَيْعُ مِنْ الْعَبْدِ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ بِمِثْلِ ذَلِكَ مِنْ الثَّمَنِ وَهُوَ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ فَقَدْ حَصَلَ لِلْمُشْتَرِي مِنْ الْعَبْدِ تِسْعَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ عِشْرِينَ جُزْءًا وَهِيَ تُسَاوِي مِائَةً وَخَمْسَةً وَثَلَاثِينَ فَالْمُحَابَاةُ تِسْعُونَ وَبَقِيَ لِلْوَرَثَةِ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ الْمَبِيعِ تُسَاوِي مِائَةً وَخَمْسَةً وَسِتِّينَ وَقَدْ بَقِيَ عِنْدَهُمْ سَبْعُونَ، فَإِذَا رَدُّوا الْفَاضِلَ مِنْ الثَّمَنِ وَهُوَ خَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ إلَى الْمُشْتَرِي يَبْقَى لَهُمْ مِائَةٌ وَثَمَانُونَ وَهُوَ ضِعْفُ الْمُحَابَاةِ وَإِنْ أَتْلَفَ خَمْسِينَ مِنْ الْمِائَةِ فِي الثَّانِيَةِ رَجَعَ مَالُهُ إلَى مِائَةٍ وَخَمْسِينَ وَنِسْبَةُ ثُلُثِهَا مِنْ الْمُحَابَاةِ النِّصْفُ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ فِي النِّصْفِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَهُوَ خَمْسُونَ فَالْمُحَابَاةُ خَمْسُونَ وَيَبْقَى لِلْوَرَثَةِ نِصْفُ الْمَبِيعِ الْمُسَاوِي مِائَةً وَقَدْ بَقِيَ عِنْدَهُمْ خَمْسُونَ، فَإِذَا رَدُّوا الْفَاضِلَ مِنْ الثَّمَنِ وَهُوَ خَمْسُونَ إلَى الْمُشْتَرِي يَبْقَى لَهُمْ مِائَةٌ وَهِيَ ضِعْفُ الْمُحَابَاةِ.

(وَالْعَقْدَ عَدِّدْهُ بِأَنْ عُدِّدَ مَنْ قَدْ عَقَدَ الْعَقْدَ) بَائِعًا أَوْ مُشْتَرِيًا أَصْلًا أَوْ وَكِيلًا كَبِعْنَاكَ هَذَا بِكَذَا فَيَقْبَلُ مِنْهُمَا أَوْ بِعْتُكُمَا هَذَا بِكَذَا فَيَقْبَلَانِ مِنْهُ فَيَجُوزُ إفْرَادُ كُلِّ نَصِيبٍ بِالرَّدِّ وَإِذَا بَانَ نَصِيبُ أَحَدِ الْبَائِعَيْنِ حُرًّا مَثَلًا فَلَا خِلَافَ فِي صِحَّةِ بَيْعِ نَصِيبِ الْآخَرِ، وَلَوْ بَاعَ اثْنَانِ مِنْ اثْنَيْنِ كَانَ الْعَقْدُ أَرْبَعَةً وَجْهُ اعْتِبَارِ الْوَكِيلِ دُونَ الْمُوَكِّلِ أَنَّ أَحْكَامَ الْعَقْدِ تَتَعَلَّقُ بِهِ نَعَمْ الْعِبْرَةُ بِعَكْسِهِ فِي الشُّفْعَةِ وَالرَّهْنِ؛ لِأَنَّ مَدَارَ الشُّفْعَةِ عَلَى

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَالْعَقْدُ عَدَدُهُ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ فَلَوْ اشْتَرَى لِرَجُلَيْنِ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا الرَّدُّ بِالْعَيْبِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى وَمَاتَ عَنْ ابْنَيْنِ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا الرَّدُّ بِالْعَيْبِ وَلَوْ اشْتَرَيَا لَهُ رَدَّ عَقْدَ أَحَدِهِمَا وَلَوْ بَاعَ لَهُمَا لَمْ يَرُدَّ نَصِيبَ أَحَدِهِمَا، أَوْ بَاعَا لَهُ رَدَّ وَحَيْثُ لَا رَدَّ فَلِكُلٍّ أَيْ: مِمَّنْ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الرَّدُّ مِنْ أَحَدِ الْمُوَكِّلَيْنِ، أَوْ الِابْنَيْنِ، أَوْ الْمُشْتَرِي الْأَرْشُ أَيْ: عَلَى الْبَائِعِ وَلَوْ لَمْ يَيْأَسْ مِنْ رَدِّ صَاحِبِهِ أَيْ: لِظُهُورِ تَعَذُّرِ الرَّدِّ. اهـ.

ــ

[حاشية الشربيني]

إلَّا شَيْئًا لَكِنَّ بَعْضَ النَّقْصِ انْجَبَرَ بِثُلُثِ الشَّيْءِ الْعَائِدِ فَالْمُحَابَاةُ ثُلُثُ شَيْءٍ وَالْبَاقِي لَهُمْ عَبْدٌ إلَّا ثُلُثَيْ شَيْءٍ يَعْدِلُهُ ضِعْفُ الْمُحَابَاةِ وَهُوَ شَيْءٌ وَثُلُثُ شَيْءٍ فَأُجْبِرَ وَقَابَلَ فَيَكُونُ عَبْدٌ يَعْدِلُ شَيْئَيْنِ فَالشَّيْءُ نِصْفُ عَبْدٍ فَيَصِحُّ فِي نِصْفِ الْعَبْدِ وَهُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَهُوَ خَمْسَةٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قَضِيَّةُ التَّوْزِيعِ فَالْمُحَابَاةُ عَشْرَةٌ وَيَبْقَى لِلْوَرَثَةِ نِصْفُ الْعَبْدِ وَنِصْفُ الثَّمَنِ وَذَلِكَ مِثْلَا الْمُحَابَاةُ اهـ مِنْ شَرْح الرَّوْضَة.

(قَوْلُهُ أَتْلَفَ الْمُحَابِي) أَيْ: الْمَرِيضُ، ثُمَّ مَاتَ. (قَوْلُهُ بِقَدْرِ الْمُتْلَفِ) ، أَمَّا مَا صَحَّ فِيهِ الْبَيْعُ فَهُوَ مِلْكُهُ وَقَدْ أَتْلَفَهُ، وَأَمَّا مَا بَطَلَ فِيهِ فَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ فَيَنْقُصُ قَدْرُ غُرْمِهِ مِنْ مَالِهِ. (قَوْلُهُ لَكِنْ بَعْدَ حَطِّ التَّالِفِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ الثُّلُثُ أَيْ: يُعْتَبَرُ ثُلُثُ مَا عَدَا التَّالِفَ وَيُنْسَبُ لِلْمُحَابَاةِ. (قَوْلُهُ وَالْعَقْدُ عَدَدُهُ إلَخْ) تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَتَعَدَّدُ فِي الرِّبَوِيِّ الْمَبِيعِ بِجِنْسِهِ إلَّا بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ. (قَوْلُهُ أَوْ وَكِيلًا) وَمِثْلُهُ الْوَلِيُّ فَلَوْ بَاعَ وَلِيُّ مَوْلَيَيْنِ أَوْ وَلِيَّانِ لِمَوْلًى تَعَدَّدَتْ الصَّفْقَةُ فِي الثَّانِيَةِ فَلِلْمُشْتَرِي رَدُّ حِصَّةِ أَحَدِ الْوَلِيَّيْنِ دُونَ الْأُولَى اهـ عِ ش وَكَالْوَلِيِّ الْقَيِّمُ وَالْحَاكِمُ فِي مَحَاجِيرِهِمْ. اهـ. ق ل (قَوْلُهُ فَيَقْبَلُ مِنْهُمَا) فَإِنْ قَبِلَ مِنْ أَحَدِهِمَا لَمْ يَصِحَّ مِنْهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِعَدَمِ الْمُطَابَقَةِ ق ل عَلَى الْجَلَال.

(قَوْلُهُ وَلَوْ بَاعَ إلَخْ) وَلَوْ بَاعَ ثَلَاثَةً مِنْ ثَلَاثَةٍ كَانَ الْعَقْدُ تِسْعَةً فَلِكُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ أَنْ يَرُدَّ تُسْعَ الْمَبِيعِ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْبَائِعِينَ الثَّلَاثَةِ اهـ شَرْح الرَّوْضَة وَقِيَاسُهُ فِي مِثَالِ الشَّارِح أَنَّ لِكُلٍّ مِنْ الِاثْنَيْنِ أَنْ يَرُدَّ رُبْعَ الْمَبِيعِ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْبَائِعِينَ. (قَوْلُهُ فِي الشُّفْعَةِ وَالرَّهْنِ) فَمِثَالُ الشُّفْعَةِ بِاعْتِبَارِ تَعَدُّدِ الْمِلْكِ مَا لَوْ وَكَّلَ اثْنَانِ وَاحِدًا فِي بَيْعِ نَصِيبِهِمَا مِنْ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ ثَالِثٍ فَلِلثَّالِثِ أَخْذُ نَصِيبِ أَحَدِ الْمَالِكَيْنِ دُونَ الْآخَرِ نَظَرًا لِتَعَدُّدِ الْمِلْكِ وَلَا نَظَرَ لِاتِّحَادِ الْوَكِيلِ الْبَائِعِ وَمِثَالُهَا بِاعْتِبَارِ اتِّحَادِ الْمِلْكِ وَلَوْ وَكَّلَ وَاحِدٌ اثْنَيْنِ فِي بَيْعِ نَصِيبِهِ مِنْ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ فَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ أَخْذُ بَعْضِ الْحِصَّةِ دُونَ بَعْضٍ نَظَرًا لِاتِّحَادِ الْمِلْكِ وَلَا نَظَرَ لِتَعَدُّدِ الْعَاقِدِ بَلْ يَأْخُذُ الْكُلَّ أَوْ يَتْرُكُهُ وَمِثَالُ الرَّهْنِ بِاعْتِبَارِ تَعَدُّدِ الدَّيْنِ.

ص: 442