المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌رفع الأساس لفوائد حديث ابن عباس - الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني - جـ ٦

[الشوكاني]

فهرس الكتاب

- ‌بحث في الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم

- ‌جواب سؤالات وردت من بعض العلماء

- ‌جواب سؤالات وصلت من كوكبان

- ‌بحث في جواب سؤالات تتعلق بالصلاة

- ‌رفع الأساس لفوائد حديث ابن عباس

- ‌تحرير الدلائل على مقدار ما يجوز بين الإمام والمؤتم من الارتفاع والانخفاض والبعد والحائل

- ‌بحث في كثرة الجماعات في مسجد واحد

- ‌جواب عن الذكر في المسجد

- ‌سؤال: هل يجوز قراءة كتب الحديث كالأمهات في المساجد مع استماع الدين لا فطنة لهم؟ وجواب الشوكاني عليه

- ‌إشراق الطلعة في عدم الاعتداد بإدراك ركعة من الجمعة

- ‌اللمعة في الاعتداد بإدراك الركعة من الجمعة

- ‌ضرب القرعة في شرطية خطبة الجمعة

- ‌الدفعة في وجه ضرب القرعة

- ‌بحث في الكسوف

- ‌جواب على سؤال ورد من بعض أهل العلم يتضمن ثلاثة أبحاث:1 -بحث في المحاريب2 -بحث في الاستبراء3 -بحث في العمل بالرقومات

- ‌الصلاة على من عليه دين

- ‌شرح الصدور في تحريم رفع القبور

- ‌جواب سؤالات وردت من تهامة

- ‌سؤال عن لحوق ثواب القراءة المهداة من الأحياء إلى الأموات

- ‌إفادة السائل في العشر المسائل

الفصل: ‌رفع الأساس لفوائد حديث ابن عباس

‌رفع الأساس لفوائد حديث ابن عباس

تأليف محمد بن علي الشوكاني

حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه

محمد صبحي بن حسن حلاق

أبو مصعب

ص: 2777

وصف المخطوط:

عنوان الرسالة: (رفع الأساس لفوائد حديث ابن عباس).

موضوع الرسالة: في فكر الصلاة.

أول الرسالة: أورد شيخي العلامة محمد بن أحمد السودي حفظه الله سؤالا على مولاي المجتهد الذي أحيا الله به شريعة سيد المرسلين، وأخرج للمتعلمين من زوايا معانيها. ..

4 -

آخر الرسالة:. .. فالجواب في مثل عدد ركعات الإحدى الزيادة، وفي صفاتها تقديم الراجح من الروايات على المرجوح. وفي هذا المقدار كفاية. والله ولي التوفيق. تمت.

5 -

نوع الخط: خط نسخي جيد

6 -

الناسخ: المؤلف: محمد بن علي الشوكاني

7 -

عدد الصفحات 5 صفحات

8 -

المسطرة: الأولى: 28 سطرا

الثانية: 27 سطرا

الثالثة 27 سطرا

الرابعة 26 سطرا

الخامسة 19 سطرا

9 -

عدد الكلمات في السطر: 14 - 15 كلمة

10 -

الرسالة من المجلد الثاني من (الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني)

ص: 2779

أورد الشيخي العلامة محمد بن أحمد السودي (1) - حفظه الله - سؤال على مولاي المجتهد الذي أحيا الله به شريعة سيد المرسلين، وأخرج للمتعلمين من زوايا معانيها خبايا النفائس، واقتنص لهم من كبائس المعالي كرائمها المتصدر لتحرير مشكلاتها. محمد بن علي محمد الشوكاني - بارك الله في أيامه - كما بارك في الأولى آمين:

لفظه:

سؤال لمن نفع الله بعلومه، وجدد للعلم بوجوده ما درس من رسومه الحائز لقصب السبق في مضمار الكمال، الصائب سهل المطر عند إنكسار النضال في حديث الحبر ابن عباس عند الجماعة (2) بلفظ:"بت عند خالتي ميمونة. .. " الحديث بطوله، وهو أنه قد قبل بأنه يقتطف من ثمراته بضع وعشرون حكما، فرمت أن أنظمها في سلك تمامها، فما أورى لذهني زنادا، وصار أعند ذلك كقضية بين طرفيها كمال العناد، فليكن من مولاي - حفظه الله - إفادة السائل مع بيان وجه الدلالة، فهو في التحقيق مناط للحكم ورابطة، إما على جهة الاستقلال بيانه أو بواسطة.

(1) محمد بن أحمد بن سعد السودي ثم الصنعاني المولد والمنشأ والدار. ولد سنة 1178 ه حفظ القرآن. قال السوكاني في " البدر الطالع " رقم (407): ". .. ثم لازمني منذ ابتداء طلبه إلى انتهائه فقرأ علي في النحو الملحق وشرحها لبحرق، وشرحها للفاكهي ثم قال ولصاحب الترجمة أشعار فائقة. .. صار قاضي من قضاة مدينة صنعاء. توفي سنة 1236 هـ.

" البدر الطالع" رقم (407)، " التقصار "(ص 395)، "نيل الوطر "(2).

(2)

أخرجه البخاري في صحيحه رقم (689) ومسلم رقم (184) وأحمد (1) وأبو داود رقم (1365) والترمذي رقم (232) والنسائي (2 رقم 842).

ص: 2783

فأجاب بما سماه: (رفع الأساس لفوائد حديث ابن عباس)

لفظه:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الأمين، وآله الطاهرين وبعد:

فإنه وصل هذا من بعض الأعلام - كثر الله فوائده - فلنذكر أولا لفظ الحديث، ثم نذكر ما يستفاد منه.

أما لفظ الحديث: فهو عند الجماعة (1) كلهم بلفظ: عن ابن عباس قال: "بت عند خالتي ميمونة، فقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصلي من الليل، فقمت عن يساره، فأخذ برأسي وأقامني عن يمينه. وقد ثبت في رواية عند أحمد أن ابن عباس قال: أنه إذ ذاك في عشر سنين.

وأما ما يستفاد من هذا الحديث، ولفظ أبي داود (2) قال: "بت في بيت خالتي ميمونة، فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الليل فأطلق القرية فتوضأ، ثم أو كى القرية، ثم قام إلى الصلاة، فقمت فتوضأت كما توضأ، ثم جئت فقمت عن يساره، فأخذ بيميني، فأدراني من ورائه، فأقامني عن يميني، فصليت معه.

وفي رواية لأبي داود (3) قال: فأخذ برأسي، أو بذؤابتي، فأقامني عن يميني. وفي لفظ (4) له عن ابن عباس أنه رقد عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم فرآه اسيقظ فتسوق، وتوضأ وهو يقول:(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) حتى ختم السورة

(1) تقدم تخريجه في التعليقة المتقدمة آنفا.

(2)

في "السنن" رقم (610) وهو حديث صحيح.

(3)

في "السنن" رقم (610) وهو حديث صحيح

(4)

في "السنن" رقم (1353). وهو حديث صحيح.

ص: 2784

ثم قال فصلى ركعتين أطال فيهما القيام والركوع والسجود، ثم انصرف فنام حتى نفخ، ثم فعل ذلك ثلاثة مرات، ست ركعات، كل ذلك يستاك، ثم يتوضأ ويقرأ هؤلاء الآيات، ثم اوتر بثلاثة ركعات، فأتاه المؤذن حين طلع الفجر ثم صلى ركعتين، ثم خرج إلى الصلاة، وهو يقول:"اللهم اجعل في قلبي نورا" الحديث، وهو عند بقية الجماعة (1) بنحو هذا.

وأما ما يستفاد من هذا الحديث من الأحكام الشريعة فسأرقم ها هنا ما يخطر على البال، ويسعفه الذهن، من دون مراجعة شيء من شروح الحديث، فإذا وافق شيء مما أذكره ها هنا شيئا مما قد ذكره المتقدمون فذلك من اتفاق الخواطر، أما الوضوح المأخذ، أو لظهور الاستفادة، أو لكون العلوم التي بها تستخرج الأحكام، وتستنبط المسائل هي موجودة عند المتأخرين كما كانت موجودة عند من قبلهم [1ب].

فأقول - وبالله الثقة والاستعانة - وعليه التوكل -، جملة ما يحضرني من فوائد هذا الحديث الشريف خمس وخمسون فائدة.

الفائدة الأولى: جواز مبيت الصبي (2) المميز عند من كانت رحما له من النساء.

الفائدة الثانية: جواز إجتماع الزوجين في مكان، مع حضور صبي مميز (3)

(1) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (6316) ومسلم رقم (181).

(2)

قال القاضي عياض في " إكمال المعلم"(3): وفيه دليل تقريب القرابة والأصهار وتأنيسهم وبرهم، وإدناء من هو في هذا السن وكان حينئذ ابن عشر سنين من ذوي محارمه.

(3)

قال القاضي عياض في"إكمال المعلم"(3): وفيه جواز اضطجاع الرجال مع زوجاتهم بحضرة غيرهم ممن لا يستحينهم وقد جاء في بعض روايات هذا الحديث: بت عند خالتي ميمونة في ليلة كانت فيها حائضا وهذه الكلمة - وإن لم يصح طريقها - فهي صحيحة المعنى حسنة جدا، إذا لم يكن ابن عباس بطلب المبيت عند النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة خالية ولا يرسله أبوه على ما جاء في الحديث إلا في وقت يعلم أنه لا حاجة للنبي صلى الله عليه وسلم فيها، إذ كان لا يمكنه ذلك مع مبيته معها في وساد واحد، ولا يستعرض هو لأذاه. بمنعه مما يحتاج إليه من ذلك

ص: 2785

الفائدة الثالثة: قبول رواية (1) من تحمل صغيرا ورو ى كثيرا.

الفائدة الرابعة: مشروعية صلاة الليل (2)

الفائدة الخامسة: مشروعية الصلاة لمن قام في الليل من النوم.

الفائدة السادسة: مشروعية صلاة الرجل في البيت الذي ينام فيه (3)

الفائدة السابعة: جواز الصلاة في البيت الذي فيه امرأة إذا كانت زوجا له.

الفائدة الثامنة: جواز النوم قبل صلاة الوتر.

(1) انظر "السعي الحثيث إلى شرح اختصار علوم الحديث" د. عبد العزيز دخان (ص282 - 283).

(2)

لقوله تعالى: (قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا)[المزمل: 2].

* وقال صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل" من حديث أبي هريرة أخرجه مسلم رقم (202) والترمذي رقم (438) وقال حديث حسن صحيح، والنسائي رقم (1613) وأبو داود رقم (2429) وأحمد (2) والحاكم (1) وقال صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي وهو حديث صحيح.

وعن أبي هريرة قال: "سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الصلاة أفضل بعد المكتوبة؟ قال: الصلاة في جوف الليل ".

أخرجه مسلم رقم (203) وأحمد (2 و329) وابن خزيمة (2 رقم1134) والبيهقي (3).

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "أن نبي الله كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه فقالت عائشة: لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أحب أن أكون عبدا شكورا، فلما كثر لحمه صلى جالسا، فإذا أرداد أن يركع قام فقرأ ثم ركع ".

أخرجه البخاري رقم (4837) ومسلم رقم (2820)

(3)

قال صلى الله عليه وسلم: "

فعليكم بالصلاة في بيوتكم فإن خير صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبه ".

أخرجه البخاري رقم (731) ومسلم رقم (213) من حديث زيد بن ثابت.

وأخرج مسلم في صحيحه رقم (2) عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده. فليجعل لبيته نصيبا من صلاته فإن الله جعل في بيته من صلاته خيرا ".

ص: 2786

الفائدة التاسعة: مشروعية إعداد ماء الوضوء في المكان الذي يبيت فيه الرجل.

الفائدة العاشرة: جواز الوضوء بالماء القليل الذي كان ساكنا قبل تحريكه للوضوء منه.

الفائدة الحادية عشرة: مشروعية عدم الاستعانه في الوضوء بأحد (1).

الفائدة الثانية عشرة: مشروعية. ......................................

(1) أخرج البخاري في صحيحه رقم (181) من حديث أسامة بن زيد: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أفاض من عرفة عدل إلى الشعب فقضى حاجته، قال أسامة بن زيد: فجعلت أصب عليه ويتوضأ، فقلت: يارسول الله أتصلي؟ فقال: المصلي أمامك ".

وأخرج البحاري في صحيحه رقم (182) وأطرافه رقم (203، 206، 363، 388، 4421، 5789، 5799). من حديث نافع بن جبير بن مطعم أخبره أنه سمع عروة بن المغيرة بن شعبة يحدث عن المغيرة بن شعبة أنه كان مع رسول الله في سفره وأنه ذهب لحاجة له وأن مغيرة جعل يصب الماء عليه وهو يتوضأ، فغسل وجهه ويديه ومسح على الخفين.

وقال ابن بطال: هذا من القربات التي يجوز للرجل أن يعملها عن غيره بخلاف الصلاة. قال: واستدل البخاري من صب الماء عليه عند الوضوء أنه يجوز للرجل أن يوضئه غيره.

انظر "فتح الباري"(1). قال النووي في "شرحه لصحيح مسلم"(3 - 169):

الاستعانة ثلاثة أقسام: أحدها: أن يستعين بغيره في إحضار الماء فلا كراهة فيه ولا نقص. الثاني: ان يستعين به في غسل الأعضاء ويباشر الاجنبي بنفسه غسل الأعضاء فهذا مكروه إلا لحاجة. الثالث: أن يصب عليه وهذا الأولى تركه وهل يسمى مكروها: فيه وجهان قال أصحابنا وغيرهم وإذا صب عليه وقف الصاب على يسار المتوضئ وقال الحافظ بن حجر في "فتح الباري"(1): بعد ذكر كلام النووي وتعقب بأنه إذا ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم فعله لا يكون خلاف الأولى، وأجيب بأنه قد يفعلهلبيان الجواز فلا يكون في حقه خلاف الأولى بخلاف غيره وقال الكرماني: إذا كان الأولى تركه كيف ينازع في كراهته؟ وأجيب بأن كل مكروه فعله خلاف الأولي من غير عكس، إذ المكروه يطلق على الحرام بخلاف الأخر.

ص: 2787

الاستياك لمن قام من النوم (1).

الفائدة الثالثة عشرة: مشروعية تكرير السواك والوضوء والصلاة عند كل قيام، إذا تكرر ذلك (2)

الفائدة الرابعة عشرة: مشروعية عدم ......................................................

(1) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء". أخرجه مالك في "الموطأ"(1 رقم 115) وأحمد (2، 517) والنسائي كما في "تحفة الأشراف" للمزي (9) وابن خزيمة رقم (140) وذكره البخاري تعليقا في صحيحه (4) باب رقم (27). وهو حديث صحيح.

وعن أبي هريرة قال: قال صلى الله عليه وسلم: "لولا أن أشق على المؤمنين لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة ". أخرجه البخاري رقم (878) ومسلم رقم (42) وأبو داود رقم (46) والترمذي رقم (22) والنسائي (1 رقم 7) وابن ماجه رقم (287) والدارمي (1).

وأما حكمه فهو سنة عند جماهير العلماء.

ويشتد استحبابه في خمسة أوقات:

1 -

عند الصلاة، سواء كان متطهرا بماء أو تراب أو غير متطهر كمن لم يجد ماء ولا تراب.

2 -

عند الوضوء.

3 -

عند قراءة القرآن.

4 -

عند الاستيقاظ من النوم.

5 -

عند تغير الفم.

قال ابن دقيق العيد في "الإمام في معرفة أحاديث الأحكام"(1، 380): السر فيه. أي في السواك عند الصلاة أنا مأمورون في كل حال من الأحوال التقرب إلى الله أن نكون في حالة كمال ونظاقة، إظهارا لشرف العبادة.

(2)

انظر التعليقة السابقة.

وانظر: "المحلي"(2).

وقال حذيفة رضي الله عنه: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام ليتهجد يشوص فاه بالسواك".

أخرجه البخاري رقم (889) ومسلم رقم (46).

ص: 2788

الإسراف بالماء في الوضوء (1)، فإنه توضأ ثلاثة مرات من القربة تؤكد ما في كل مرة، وتوضأ معه ابن عباس كوضوئه.

الفائدة الخامسة عشرة: مشروعية تلاوت هذا الآيه: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)(2) وما بعدها إلى آخر السورة حال الوضوء الواقع عند القيام من ....................................

(1) قال النووي في شرحه لصحيح مسلم (6): قوله: "ثم توضأ وضوءا حسنا بين الوضوءين " يعني لم يسرف ولم يقتر وكان بين ذلك قواما.

(2)

[آل عمران: 190 - 200].

قال ابن كثير في تفسيره (2): معنى الآية أنه يقول تعالى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) أي: هذه في ارتفاعها واتساعها وهذه انخفاضها وكثافتها واتضاعها وما فيها من الآيات المشاهدة العظيمة من كواكب سيارات، وثوابت وبحار، وجبال وقفار وأشجار ونبات وزروع وثمار وحيوان ومعادن ومنافع مختلفة الألوان والطعوم والروائح والخواص:(وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ) أي تعاقبهما وتقارضهما الطول والقصر، فتارة يطول هذا ويقصر هذا، ثم يعتدلان، ثم يأخذ هذا من هذا فيطول الذي كان قصيرا ويقصر الذي كان طويلا، وكل ذلك تقدير العزيز الحكيم ولهذا قال:(لِأُولِي الْأَلْبَابِ) أي العقول التامة الذكية التي تدرك الأشياء بحقائقها على جلياتها، وليسوا كالصم البكم الذين لا يعقلون الذين قال الله تعالى فيهم (وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) [يوسف: 105 - 106].

ثم قال ابن كثير بعد ذلك: "

وقد ذم الله تعالى من لا يعتبر بمخلوقاته الدالة على ذاته وصفاته وشرعه وقدره وآياته فقال: قال ابن كثير في تفسيره (2): معنى الآية أنه يقول تعالى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) أي: هذه في ارتفاعها واتساعها وهذه انخفاضها وكثافتها واتضاعها وما فيها من الآيات المشاهدة العظيمة من كواكب سيارات، وثوابت وبحار، وجبال وقفار وأشجار ونبات وزروع وثمار وحيوان ومعادن ومنافع مختلفة الألوان والطعوم والروائح والخواص:(وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ) أي تعاقبهما وتقارضهما الطول والقصر، فتارة يطول هذا ويقصر هذا، ثم يعتدلان، ثم يأخذ هذا من هذا فيطول الذي كان قصيرا ويقصر الذي كان طويلا، وكل ذلك تقدير العزيز الحكيم ولهذا قال:(لِأُولِي الْأَلْبَابِ) أي العقول التامة الذكية التي تدرك الأشياء بحقائقها على جلياتها، وليسوا كالصم البكم الذين لا يعقلون الذين قال الله تعالى فيهم (وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) [يوسف: 105 - 106]. ثم قال ابن كثير بعد ذلك:

"وقد ذم الله تعالى من لا يعتبر بمخلوقاته الدالة على ذاته وصفاته وشرعه وقدره وآياته فقال ثم قال ابن كثير بعد ذلك: "

وقد ذم الله تعالى من لا يعتبر بمخلوقاته الدالة على ذاته وصفاته وشرعه وقدره وآياته فقال: قال ابن كثير في تفسيره (2): معنى الآية أنه يقول تعالى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) أي: هذه في ارتفاعها واتساعها وهذه انخفاضها وكثافتها واتضاعها وما فيها من الآيات المشاهدة العظيمة من كواكب سيارات، وثوابت وبحار، وجبال وقفار وأشجار ونبات وزروع وثمار وحيوان ومعادن ومنافع مختلفة الألوان والطعوم والروائح والخواص:(وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ) أي تعاقبهما وتقارضهما الطول والقصر، فتارة يطول هذا ويقصر هذا، ثم يعتدلان، ثم يأخذ هذا من هذا فيطول الذي كان قصيرا ويقصر الذي كان طويلا، وكل ذلك تقدير العزيز الحكيم ولهذا قال:(لِأُولِي الْأَلْبَابِ) أي العقول التامة الذكية التي تدرك الأشياء بحقائقها على جلياتها، وليسوا كالصم البكم الذين لا يعقلون الذين قال الله تعالى فيهم (وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) [يوسف: 105 - 106]. ثم قال ابن كثير بعد ذلك:

" وقد ذم الله تعالى ما لا يعتبر بمخلوقاته الدالة على ذاته وصفاته وشرعه وقدره وآياته فقال: (وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) ومدح عباده المؤمنين: (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) قائلين: (رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا) أي ما خلقت هذا الخلق عبثا بل بالحق لتجزي الذين أساؤوا بما عملوا وتجزي الذين أحسنوا بالحسنى ثم نزهوه عن العبث وخلق الباطل فقالوا: (سُبْحَانَكَ) أي عن أن تخلق شيئا باطلا فقنا عذاب النار: يا من خلق الخلق بالحق والعدل يا من هو منزه عن النقائض والعيب والعبث قنا من عذاب النار بحولك وقوتك وقيضنا لأعمال ترضي بها عنا، ووفقنا لعمل صالح تهدينا به إلى جنات النعيم وتجيرنا به من عذابك الأليم ".

وانظر: "المجموع"(3).

ص: 2789

النوم (1)

الفائدة السادسة عشرة: مشروعية الإيتار بثلاث ركعات كما وقع في الرواية المذكورة (2).

الفائدة السابعة عشرة: مشروعية الإيتار بركعة، كما وقع في رواية لأبي داود (3)، ذكرها في باب صلاة الليل من حديث ابن عباس هذا بلفظ:"ثم قام فصلى سجدة واحدة فأوتر بها ".

الفائدة الثامنة عشرة: مشروعية الإيتار بسبع ركعات كما وقع في رواية لأبي داود (4) من حديث ابن عباس هذا، وذكرها في باب صلاة الليل. الفائدة التاسعة عشرة: مشروعية الإيتار بخمس ركعات، كما وقع أيضًا في رواية لأبي داود (5) من هذا الحديث، ذكرها في ذلك الباب أيضا

(1) قال الحافظ في "الفتح"(1): في: على رد من كره قراءة القرآن على غير طهارة، لأنه صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآيات بعد قيامه من النوم قبل أن يتوضأ وتعقبه ابن المنير وغيره بأن ذلك مفرع على أن النوم في حقه ينقض، وليس كذلك، لأنه قال:"تنام عيني ولا ينام قلبي" وأما كونه توضأ عقب ذلك فلعله جدد الوضوء أو أحدث بعد ذلك فتوضأ. قلت: وهو تعقب جيد بالنسبة إلى قول ابن بطال: بعد قيامه من النوم، لأنه لم يتعين كونه أحدث في النوم، لكن لما عقب ذلك بالوضوء كان ظاهرا كونه أحدث. ولا يلزم من كونه نومه لا ينقض وضوءه أن لا يقع منه حدث وهو نائم، نعم خصوصياته أنه إن وقع شعر به بخلاف غيره وما ادعوه من التجديد وغيره الأصل عدمه.

(2)

تقدم آنفا

(3)

في "السنن" رقم (1355) وهو حديث ضعيف.

(4)

في "السنن" رقم (1356) وهو حديث صحيح.

(5)

في "السنن" رقم (1357) وهو حديث صحيح

ص: 2790

الفائدة الموفية عشرين: أن جميع ما صلاه صلى الله عليه وسلم في تلك الليلة إحدى عشرة ركعة بالوتر، كما وقع في رواية لأبي داود (1) من حديث، ذكرها في ذلك الباب أيضا.

الفائدة الحادية والعشرون: أن جميع ما صلاه في تلك الليلة ثلاث عشرة ركعة بالوتر، كما وقع أيضًا في رواية لأبي داود (2) من حديثه في ذلك الباب أيضا.

الفائدة الثانية والعشرون: أنه كان آخر صلاته في هذه الليلة وترا، كما وقع في أكثر روايات (3) هذا الحديث.

الفائدة الثالثة والعشرون: أنه صلى بعد الوتر ركعتين، ثم خرج فصلى الغداة. (4)

الفائدة الرابعة والعشرون: أن جملة ما صلاه في تلك الليلة تسع ركعات، ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ثلاثا.

الفائدة الخامسة والعشرون: أنه صلى عشر ركعات، ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم أوتر [2أ] بواحدة. (5)

الفائدة السادسة والعشرون: أنه صلى في هذه الليلة ركعتين، ثم ركعتين، ثم

(1) في "السنن" رقم (1364) وهو حديث صحيح.

قلت: وأخرجه مسلم في صحيحه رقم (185).

(2)

في "السنن" رقم (1365) وهو حديث صحيح.

(3)

أخرجه مسلم في صحيحه رقم (130) من حديث عائشة قالت: كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل حتى يكون آخر صلاته وترا.

وأخرجه أبو داود رقم (1363) عن الأسود بن يزيد أنه دخل على عائشة فسألها عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل فقالت: كان يصلي ثلاث عشرة ركعة من الليل، ثم أنه صلى إحدى عشرة ركعة وترك ركعتين، ثم قبض صلى الله عليه وسلم حين قبض وهو يصلي من الليل تسع ركعات وكان آخر صلاته من الليل الوتر.

(4)

أخرجه البخاري رقم (1830) ومسلم رقم (182).

وأبو داود رقم (1364) وهو حديث صحيح.

(5)

أخرجه أبو داود في "السنن" رقم (1355) وهو حديث ضعيف.

ص: 2791

ركعتين، ثم ركعتين، ثم أوتر بخمس (1).

الفائدة السابعة والعشرون: أنه صلى في هذه الليلة ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، قال القعنبي: ست مرات، ثم أوتر (2). وهذه الروايات كلها مذكوره من حديث ابن عباس المذكور في مبيته عند خالته ميمونة تلك الليلة، روى ذلك أبو داود في باب صلاة الليل من سننه، وأكثر هذه الألفاظ موجوده في غير السنن من أمهات الست وغيرها.

الفائدة الثامنة والعشرون: في رواية من هذا الحديث عند أبي داود (3)، ذكرها في ذلك الباب أنه صلى إحدى عشرة ركعة بالوتر، ثم نام، فأتاه بلال فقال: الصلاة الصلاة يارسول الله، فقام، فركع ركعتين، ثم صلى بالناس، فأفادت هذا الرواية (4) أن

(1) أخرجه أبو داود في "السنن" رقم (1358) وهو حديث صحيح.

(2)

أخرجه أبو داود في "السنن"(1367) وهو حديث صحيح.

(3)

في "السنن" رقم (1364) وهو حديث صحيح.

قلت: واخرجه البخاري رقم (6316) ومسلم رقم (181).

(4)

أي رواية أبي داود في "السنن" رقم (1357) وفيه: "بت في بيت خالتي ميمونة بنت الحارس فصلى النبي صلى الله عليه وسلم العشاء، ثم جاء فصلى أربعا، ثم نام ثم قام يصلي فقمت عن يساره فأدراني فأقامني عن يمينه فصلى خمسا ثم نام حتى سمعت غطيطه، أوخطيطه، ثم قام فصلى ركعتين، ثم خرج فصلى الغداة. وهو حديث صحيح.

وقد وضحتها الرواية التي أخرجه أبو داود رقم (1364) وقد تقدمت.

وقال المحدث الألباني في "صفة صلاة النبي"(ص122): ثبتت هاتان الركعتان في صحيح مسلم وغيره، وهما تنافيان قوله صلى الله عليه وسلم:"أجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا" رواه الخاري ومسلم، وقد اختلف العلماء في التوفيق في الحدثين على وجوه لم يترجح عندي شيئا منها، والأحوط تركهما اتباعا للأمر.

ثم وقفت على حديث صحيح يأمر بالركعتين بعد الوتر، فالتقى الأمر بالفعل وثبت مشروعية الركعتين للناس جميعا، والأمر الأولى يحمل على الاستحباب فلا منافاه. وانظر"الصحيحه" رقم (1993).

ص: 2792

الركعتين المذكورتين في الرواية الآخرى هما ركعتا الفجر.

الفائدة التاسعة والعشرون: أنه ثبت في رواية من هذا الحديث عند أبي داود (1) أنه قال: بت عند خالتي ميمونة، فجاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد ما أمسى فقال: أصلى الغلام؟ قالوا: نعم. فيه مشروعية الاستفهام عن صلاة من لم يبلغ الحلم.

الفائدة الموفية ثلاثين: أنه يشرع للمؤذن أن يأتي الإمام فيؤذنه بالصلاة.

الفائدة الحادية والثلاثون: مشروعية تطويل صلاة الليل، لقول ابن عباس في رواية (2): فصلى ركعتين أطال فيهما القيام والركوع والسجود. الفائدة الثانية والثلاثون: مشروعية صلاة ركعتين (3) الفجر في البيت قبل الخروج إلى الصلاة.

الفائدة الثلاثة والثلاثون: مشروعية الاستنثارفي الوضوء لمن قام من النوم (4)، كما وقع في رواية لأبي داود من هذا الحديث، ذكرها في ذلك الباب.

الفائدة الرابعة والثلاثون: أنه يشرع تأخير صلاة ركعتي الفحر حين يفرغ المؤذن من الآذان، كما وقع في رواية لأبي. ........................

(1) في "السنن" رقم (1356) وهو حديث صحيح.

(2)

أخرجه أبو داود رقم (1353).

(3)

انظر الرويات السابقة.

(4)

الاستنثار: وهو استفعال من النثر بالنون والمثلثة وهو طرح الماء الذي يستنشقه المتوضئ أي يجذبه بريح أنفه لتنظيف ما في داخله فيخرج ريح أنفه سواء أكان بإعانة يده أم لا.

انظر: "فتح الباري"(1).

أخرج البخاري رقم (161) وطرفه (162) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: "من توضأ فليستنثر، ومن استجمر فليوتر ".

ص: 2793

داود (1) من هذا الحديث، ذكرها في ذلك الباب بلفظ: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما سكت المؤذن، فصلى: سجدتيين خففتين. الفائدة الخامسة والثلاثون: أنه لا يشرع بعد آذان الفجر إلا صلاة ركعتين الفجر فقط، فلا يفعل بين الآذان والصلاة زيادة عليهما، لما ثبت في رواية لأبي داود (2) من هذا الحديث، ذكرها في ذلك الباب بلفظ: ثم يجلس يعني بعدما صلى ركعتين، حتى صلى الصبح.

الفائدة السادسة والثلاثون: أنه يشرع دعاء عند الخروج إلى الصلاة. بما دعا به النبي صلى الله عليه وسلم من قوله: " اللهم أجعل في قلبي نورا إلى آخر الحديث "، كما وقع في بعض رويات (3) حديث ابن عباس هذا.

الفائدة السابعة والثلاثون: أنه يجوز أن ينام الرجل وامرأته، وصبي مميز (4) على فراش واحد، فإن ابن عباس في هذا الحديث كما في رواية لأبي داود (5)، ذكرها في ذلك الباب قال: فاضطجعت في عرض الوسادة، واضجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهله في طولها.

الفائدة الثامنة والثلاثون: أن صلاة الجماعة تنعقد باثنين (6).

الفائدة التاسعة والثلاثون: أنها تصح الجماعة إذا إنضم إلى الإمام صبي فقط (7)[2ب].

الفائدة الموفية أربعين: أنها تصح الجماعة في النوافل (8).

(1) في "السنن" رقم (1355) وهو حديث.

(2)

في "السنن" رقم (1355) وهو حديث ضعيف.

(3)

أخرجه البخاري رقم (6316) ومسلم رقم (181).

(4)

هذا الصبي في هذه الرواية هو من محارم ميمونة، بل هو ابن أختها.

(5)

في "السنن" رقم (1367) وهو حديث صحيح.

(6)

انظر الروايات السابقة. وقال ابن قدامة في "المغني"(3): وتنعقد الجماعة باثنين فصاعدا لا نعلم فيه خلافا.

(7)

انظر الروايات السابقة. وقال ابن قدامة في "المغني"(3): وتنعقد الجماعة باثنين فصاعدا لا نعلم فيه خلافا.

(8)

ومنها ما أخرجه البخاري في صحيحه رقم (731، 6113 و7290) ومسلم رقم (213/ 214 / 781).

من حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: احتجر رسول الله حجرة مخصفة، فصلى فيها فتتبع إليه رجال، وجاءوا يصلون بصلاته.

وفيه: "أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة".

ص: 2794

الفائدة الحادية والأربعون: أنها تصح دخول المؤتم في الجماعة، بعد إحرام الإمام. الفائدة الثانية والأربعون: أن نية الإمامه من الإمام تصح بعد الشروع في الصلاة منفردا (1).

الفائدة الثالثة والأربعون: أن المؤتم إذا وقف في غير موضع وقوف المؤتم الواحد جاهلا فلا تبطل صلاته بذلك (2).

الفائدة الرابعة والأربعون: أنه يشرع للإمام إذا وقف بعض المؤتمين في غير موضع الوقوف أن يرشده إلى موضع الوقوف. (3).

الفائدة الخامسة والأربعون: أن الإرشاد إلى موضع الوقوف إذا لم يتمكن منه المصلي ألا يفعل أو أفعال كان عليه ذلك.

الفائدة السادسة والأربعون: أن الفعل الطويل المتكرر لا يبطل به صلاة المصلي إذا كان للإرشاد؛ فإنه صلى الله عليه وآله وسلم وضع يده على رأس ابن عباس، ثم أخذ بإذنه فأداره من يساره إلى جهة اليمنى (4). الفائدة السابعة والأربعون: أن في بعض الروايات أنه وضع يده على رأسه (5)، وفي

(1) انظر "المغني" لابن قدامة (3): قال: ولو أحرم منفردا ثم جاء آخر فصلى معه، فنوى إمامته، صح في النفل، نص عليه أحمد واحتج بحديث ابن عباس.

(2)

قال ابن قدامة في "المغني"(3): إذا كان المؤموم واحدا فكبر عن يسار الإمام، أداره الإمام عن يمينه ولم تبطل تحريمته.

(3)

قال ابن قدامة في "المغني"(3): إذا كان المؤموم واحدا فكبر عن يسار الإمام، أداره الإمام عن يمينه ولم تبطل تحريمته.

(4)

انظر "المغني" لبن قدامة (3، 55).

(5)

أخرجه أبو داود في "السنن" رقم (1367). وهو حديث صحيح.

ص: 2795

بعضها أنه أخذ برأسه، وفي بعضها أخذ بذؤابته (1)، وفي بعضها أنه أخذ بأذنه (2)

(1) تقدم في بداية الرسالة.

(2)

أخرجه البخاري في صحيحه رقم (992) عن ابن عباس أنه بات عند ميمونة - وهي خالته - فاضطجعت في عرض وسادة، واضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهله في طولها، فنام حتى انتصف الليل أو قريبا منه، فاستيقظ يمسح النوم عن وجهه ثم قرأ عشر آيات من آل عمران ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شن معلقة فتوضأ فأحسن الوضوء، ثم قام يصلي، فصنعت مثله، فقمت إلى جنبه، فوضع يده اليمنة على رأسه وأخذ بأذني يفتلها، ثم صلى ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ركعتين ثم أوتر، ثم أضطجع حتى جاءه المؤذن فقام فصلى ركعتين ثم خرج فصلى الصبح.

قال الحافظ ابن حجر في "الفتح"(2): وفيه:

مبيت الصغير عند محرمه وإن كان زوجها عندها.

وجواز الاضطجاع مع المرأة الحائض، وترك الاحتشام في ذلك بحضرة الصغير وإن كان مميزا أو مراهقا. وفيه صحة صلاة الصبي.

وفيه جواز فتل أذنه لتأنيسه وإيقاظه وقد قيل إن المتعلم إذا تعوهد بفتل أذنه كان أذكى لفهمه.

وفيه فضل صلاة الليل ولا سيما في النصف الثاني.

وفيه البداءة بالسواك واستحبابه عند كل وضوء وعند كل صلاة.

وفيه جواز الاغتراف من الماء القليل لأن الإناء المذكور كان قصعة أو صفحة.

وفيه استحباب القليل من الماء في التطهير مع حصول الإسباغ.

وفيه بيان فضل ابن عباس وقوة فهمه وحرصه على تعلم أمر الدين وحسن تأتيه في ذلك.

وفيه اتخاذ مؤذون راتب للمسجد.

وفيه إعلام المؤذن الإمام بحضور وقت الصلاة، واستدعاؤها لها.

وفيه مشروعية الجماعة في النافلة.

وفيه الائتمام بمن لم ينو الإمامه.

وفيه بيان موقف الإمام والمأموم.

وفيه: قال ابن بطال: واستنبط البخاري منه أنه لما جاز للمصلي أن يستعين بيده في صلاته فيما يختص بغيره كانت استعانته في أمر نفسه ليتقوى بذلك على صلاته وينشط لها إذا احتج إليه أولى وانظر فتح الباري" (3 - 72) الباب رقم (21) استعانة اليد في الصلاة إذا كان من أمر الصلاة.

ص: 2796

وفي بعضها أنه أخذ بيمينه (1)، فأفاد ذلك أنه لا يتعين أن يكون الأخذ بعضو مخصوص، بل يأخذ بأي عضو كان من الذي وقف في غير موقفه.

الفائدة الثامنة والأربعون: أنه يديره من خلفه، ولا يديره من بين يده، لأن ابن عباس قال: فأدارني من ورائه (2).

الفائدة التاسعة والأربعون: أن هذا الحكم أعني: إرشاد من وقف في غير موقفه إلى موقفه كما ثبت في الصبي الذي رفع عنه قلم التكليف، فهو أيضًا يثبت في المكلف بفحوى الخطاب، لأنه مكلف با لأحكام، فكان في إرشاد الصبي دليل على مشروعية إرشاد المكلف بالطريق الأولى (3).

الفائدة الموفية خمسين: أن إرشاد من وقف في غير موقفه، كما ثبت في النوافل يثبت في الفرائض، بفحوى الخطاب (4)، فكان في إرشاد المصلي إلى موقفه بالطريق الأولى.

الفائدة الحادية والخمسون: أن هذا الإرشاد كما ثبت في الوقوف على اليسار ثبت أيضًا في الوقوف في غير الموقف المشروع، كأن يقف قدام الإمام، أو خلفه، بحيث يتمكن الإمام من إرشاده، فهذا يستفاد من الحديث بفحوى خطابه، لأن المواضع التي لا يشرع الوقوف فيها متناوبة الأقدام، فما ثبت من الأحكام لبعضها ثبت للبعض الآخر.

الفائدة الثانية والخمسون: أن صلاة النافلة تصح من الصبي لأن تقريره صلى الله عليه وسلم بل تعليمه له يفيد ذلك.

الفائدة الثالثة والخمسون: أن هذا الحديث قد أفاد أن صلاة الفريضة تصح من غير

(1) أخرجه مسلم في صحيحه رقم (185).

(2)

انظر الروايات السابقة.

(3)

انظر "المغني"(3 - 56).

(4)

تقدم توضيح معناه.

ص: 2797

المكلف بفحوى الخطاب، فكان تقريره صلى الله عليه وآله وسلم لصلاة الصبي نافلة دليل على صحة صلاته فريضة بالطريق الأولى.

الفائدة الرابعة والخمسون: أن موقف المؤتم الواحد عن يمين الإمام (1).

الفائدة الخامسة والخمسون: أن هذا الحديث يرد على من صلى عن يسار الإمام صحة صلاته، مستدلا [3أ] بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يأمر ابن عباس بإعادة التكبيرة، لأنا نقول إدارته من ذلك الموضع قد أفادة أنه ليس بموضع له، وعلى فرض أنه قد كان (2) كبر ولم يعد التكبير بعد الإدارة، ولا أنكر ذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد الفراغ من الصلاة، فغاية ما في هذا أن الجهل عذر للجاهل، فلا يكون عذرا لغيره.

فهذه خمس وخمسون فائدة مشتملة على خمسة وخمسين حكما، والزيادة عليها ممكنه وذلك بأن يجمع ألفاظ روايات هذا الحديث كلها من الأمهات وغيرها، فأنها عند ذلك تكثر الفوائد، وتتعدد الأحكام. ولعلى ما قاله المنذري في مختصر السنن (3) في باب (4) الرجلين يؤم أحدهما الآخر أنه قد أخذ من حديث ابن عباس هذا ما يقارب عشرين حكما، مبنيا على ما يستفاد من بعض طرقه، أوم من طريقة واحدة من طرقه.

(1) ذكره الخطابي في "معالم السنن"(1) فقد قال: فيه أنواع من الفقه - يقصد حديث ابن عباس - منها:

أن الصلاة في الجماعة في النوافل جائزة.

أن الاثنين جماعة.

أن المأموم يقوم على يمين الإمام إذا كانا اثنين

جواز العمل اليسير في الصلاة.

جواز الاثنين بصلاة من لم ينو الإمامة فيها.

(2)

انظر "المغني"(3) وقد تقد التعليق على ذلك.

(3)

(1 - 316).

(4)

الباب رقم (1).

ص: 2798

فأن قلت: قد عرفنا ما ذكرته من هذه الفوائد، فكيف الجمع بين الروايات المختلفة كما وقع في صفة الإدارة، وفي اختلاف عدد الركعات، واختلاف صفاتها؟ قلت: أما ما وقع في صفة الإدارة فيمكن، الجمع بأن ذلك وقع كله في تلك الليلة، لأنه يمكن أن يضع يده على رأسه، ثم يأخذ بذؤابته، ثم بأذنه، ثم بيده. وأما اختلاف عدد الركعات وصفاتها فإذا أمكن الجمع بتعدد الواقعة فهو أولى من الترجيح، وغير ممتنع أن يبيت ابن عباس عند خالته ليالي متعددة، ويصلي النبي صلى الله عليه وآله وسلم بتلك اليالي صلوات مختلفة.

وأما إذا تعذر الجمع بتعدد (1) الواقعة، وذلك بأن يثبت من طريق صحيحة أنه لم يبيت عندها إلا تلك الليلة فقط، فالواجب في مثل عدد الركعات الإحدى الزيادة، وفي صفاتها تقديم الراجح من الروايات من المرجوح. وفي هذا المقدار كفاية.

والله ولي التوفيق. تمت.

(1) قال الحافظ في "الفتح"(2): والحاصل أن قصة مبيت ابن عباس يغلب على الظن عدم تعددها فلهذا ينبغي الاعتناء بالجمع بين مختلف الروايات فيها، ولا شك أن الأخذ بمكا اتفق عليه الأكثر والأحفظ أولى مما خلافهم فيه من هو دونهم ولا سيما أن زاد أو نقص، والمحقق من عدد صلاته في تلك الليلة إحدى عشرة، وأما رواية ثلاثة عشرة فيحتمل منها ستة العشاء.

وجمع الكراماني بين ما اختلف من روايات قصة ابن عباس هذه باحتمال أن يكون بعض رواته ذكر القدر الذي اقتد ابن عباس به فيه وفصله عما لم يقتد به فيه، وبعضهم ذكر الجميع مجملا.

ص: 2799