الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جواب عن الذكر في المسجد
تأليف محمد بن علي الشوكاني
حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه محمد صبحي بن حسن حلاق
أبو مصعب
وصف المخطوط:
1 -
عنوان الرسالة: (جواب عن الذكر في المسجد).
2 -
موضوع الرسالة: في فقه الصلاة.
3 -
أول الرسالة: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده، وصلى الله على محمد وآله وصحبه، وبعد: فإنها وصلت إلي منظومة من علماء مدينة زبيد تتضمن السؤال عن الذكر في المسجد.
…
4 -
آخر الرسالة:. .. وسماء الأرض والجبال للذكر لا يكون إلا عن الجهر به كمل هذا من تحرير المجيب، وكان التحرير أول يوم من سنة (1207هـ) بعناية المجيب قرة عين المسلمين عز الدين محمد بن علي الشوكاني حفظه الله، ومكن لبسطته، ورفع درجته بحوله وقوته.
5 -
نوع الخط: خط نسخي جيد.
6 -
عدد الصفحات: 4 صفحات.
7 -
المسطر: الأولى: 36 سطرا. الثانية: 29 سطرا. الثالثة: 28 سطرا. الرابعة: 22 سطر.
8 -
عدد الكلمات في السطر: 14 كلمة.
9 -
الرسالة من المجلد الأول من (الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني).
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، وصلى الله على محمد وآله وصحبه، وبعد: فإنها وصلت إلي منظومة من علماء مدينة زبيد (1) تتضمن السؤال عن الذكر في المسجد، والتلميح إلى بعض علمائها بأنه منع من ذلك، ومنع من الصلاة بالمساجد في الليل، ومن صلاة العيد في المسجد فأجبت بما لفظه (2):
نظام هو الدر الثمين منضدا
…
يسائل عمن أم للذكر مسجدا
ولا شك أن الذكر في كل موطن
…
على كل حال شرعه قد تأكدا
به جاءت الأخبار نصا وظاهرا
…
وجاء به نص الكتاب مرددا
وما جاء للتعليم فيما علمته
…
خصوص ولا الإطلاق منها تقيدا
إذا لم يكن فيه تشوش خاطر
…
لمن صار في محرابه متعبدا
ولا بالغا حد الصراخ كأنه
…
نداء أصم ليس يعلم بالندا
ولا كان مصحوبا مشوبا ببدعة
…
يصير بها لحط الشريعة أرمدا
ومن قال ما جاز اجتماع بمسجد
…
لذكر فقل هات الدليل المشيدا
فقد جاء عن خير البرية فعله
…
وسل مرسلا إن ثبت عنه ومسندا
ومن قوله قد صح في غير دفتر
…
وقام إليه في المواطن مرشدا
وأي نزاع في هدى عن محمد
…
أتانا فدت نفسي ومالي محمدا
(1) زبيد: واد مشهور في تهامة ثم البحر الأحمر ومآتيه من جبال العدين وأودية بعدان والأودية النازلة من شرق وصاب. وهو من أخصب وديان اليمن تربة ونماء وتبلغ مساحته الزراعية 25 ألف هكتار.
وقد أطلق اسم الوادي على مدينة زبيد الواقعة في منتصفه وكانت تعرف قديما باسم (الحصيب) نسبة إلى الحصيب بن عبد شمس بن وائل بن الغوث بن حيدان بن يقطن بن عريب بن زهير بن أيمن بن الهميع بن سبا. انظر: " معجم البلدان والقبائل اليمنية "(ص 286 - 288).
(2)
انظر هذه الأبيات في ديوان الشوكاني (ص 159 - 160).
وإن قال وصف الجهر أوجب كونه
…
ابتداعا عنك ادعاء مجردا
وقد جاء عن جمع من الصحب أنه
…
بقول رسول الله والفعل شيدا
وكان به عرفان تتميم فرضه
…
كذلك قال الحبر قولا مجودا
وأقبح شيء نهي عبد مقرب
…
أراد بجوف الليل أن يتهجدا
يقوم إلى المحراب والناس نوم
…
ليركع للخلاق طورا ويسجدا
فذا باتفاق للخلائق منكر
…
وعن فعله رب البرية هددا
ومنع صلاة العيد من غير مقتض
…
قبيح إذا أم البرية مسجدا
وقد كان خير الرسل إلا لعاذر
…
يروح إلى نحو المصلى على المدى
وغير مناف للجواز فضيلة
…
لجنابه عند الهداة أولي الهدى
أخرج البخاري (1) من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله
(1) في صحيحه رقم (7405).
قلت: وأخرجه مسلم في صحيحه رقم (2675) والترمذي رقم (3603) وابن ماجه رقم (3822) وأحمد (3). قال القرطبي في " المفهم "(7/ 5 - 7) قوله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي ". قيل: معناه ظن الإجابة عند الدعاء، وظن المغفرة عند الاستغفار، ظن قبول الأعمال عند فعلها على شروطها تمسكا بصادق وعده وجزيل فضله ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم: " ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة ".
وكذلك ينبغي للتائب والمستغفر، وللعامل أن يجتهد في القيام بما عليه من ذلك، موقنا أن الله تعالى يقبل عمله، ويغفر ذنبه فإن الله تعالى قد وعد بقبول التوبة الصادقة، والأعمال الصالحة، فأما لو عمل هذه الأعمال وهو يعتقد، أو يظن أن الله تعالى لا يقبلها، وأنها لا تنفعه، فذلك هو القنوط من رحمة الله، واليأس من روح الله وهو من أعظم الكبائر، ومن مات على ذلك وصل إلى ما ظن منه.
فأما ظن المغفرة والرحمة مع الإصرار على المعصية، فذلك محض الجهل، والغرة وهو يجر إلى مذهب المرجئة. .. والظن: تغليب أحد المجوزين بسبب يقتضي التغليب، فلو خلا عن السبب المغلب لم يكن ظنا بل غرة وتمنيا.
" وأنا معه حين يذكرني " أصل الذكر: التنبه بالقلب للمذكور، والتيقظ له، ومنه قوله:(اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ)[البقرة: 40] أي تذكروها وهو في القرآن كثير، وسمي القول باللسان ذكرا لأنه دلالة على الذكر القلبي، غير أنه قد كثر اسم الذكر على القول اللساني حتى صار هو السابق للفهم وأصل مع الحضور والمشاهدة كما قال تعالى:(وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ)[الحديد: 4] أي مطلع عليكم ومحيط بكم وقد ينجر مع ذلك الحفظ والنصر، كما قيل في قوله تعالى:(إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى) أي أحفظكما ممن يريد كيدكما. وإذا تقرر هذا فيمكن أن يكون معني: " وأنا معه إذا ذكرني " أن ذكر الله في نسفه مفرغة مما سواه رفع الله عن قلبه الغفلات، والموانع، وصار كأنه يرى الله ويشاهده وهي: الحالة العليا التي هي: أن تذكر الله كأنك تراه فإن لم تصل إلى هذه الحالة، فلا أقل من أن يذكره وهو عالم بأن الله يسمعه ويراه، ومن كان هكذا كان الله له أنيسا إذا ناجاه، ومجيبا إذا دعاه وحافظا له من كل ما يتوقعه ويخشاه، ورفيقا به يوم يتوفاه، ومحلا له من الفردوس أعلاه وقوله:" فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي " النفس: اسم مشترك يطلق على نفس الحيوان، وهي المتوفاة بالموت والنوم، ويطلق ويراد به الدم، الله تعالى منزه عن ذينك المعنيين، ويطلق ويراد به ذات الشيء وحقيقته كما يقال: رأيت زيدا نفسه عينه أي ذاته، ويطلق ويراد به الغيب كما في قوله تعالى:(تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ)[المائدة: 116] أي: غيبك.
وسلم -: " أنا عند ظن عبدي بي [1]، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسي ذكرته في نفسي، وأن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه ". قال الأسيوطي: والذكر في ملأ لا يكون إلا على جهر. وأخرج مسلم (1) والترمذي (2) عن أبي هريرة أيضا، وأبي سعيد قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " ما من قوم يذكرون الله إلا حفت بهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة، نزلت عليهم السكينة،
(1) في صحيحه رقم (2700).
(2)
في " السنن " رقم (2945). قلت: وأخرجه اين ماجه رقم (225). وهو حديث صحيح.
وذكرهم الله فيمن عنده ".
وأخرج مسلم (1) والحاكم (2)، واللفظ له عن أبي هريرة أيضًا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " إن لله ملائكة سيارة، وفضلاء يلتمسون مجالس الذكر في الأرض، فإذا أتوا على مجلس ذكر حف بعضهم بعضا بأجنحتهم إلى السماء فيقول الله: من أين جئتم؟ فيقول: ربنا جئنا من عند عبادك يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك ويهللونك ويسألونك الجنة. فيقول: وهل رأوها؟ فيقولون: لا يارب. فيقول: فكيف لو رأوها!؟ فيقول: ومم يستجيرونني وهو أعلم؟ فيقول: من النار، فيقول: هل رأوها؟ فيقولون: لا، فيقول: فكيف لو رأوها! ثم يقول: اشهدوا أني قد غفرت لهم وأعطيتهم ما سألوني، وأجرتهم مما استجاروني فيقول: ربنا إن فيهم عبدا خطاء جلس إليهم وليس معهم فيقول: وهو أيضًا قد غفرت له هم القوم لا يشقى بهم جليسهم ". وأخرجه البخاري (3) أيضا.
وأخرج مسلم (4) والترمذي (5) من حديث معاوية بن أبي سفيان: " أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خرج على حلقة من أصحابه فقال: ما يجلسكم؟ قالوا: جلسنا نذكر الله ونحمده فقال: إنه أتاني جبريل فأخبرني أن الله يباهي بكم الملائكة ".
وأخرج الشيخان (6) من حديث ابن عباس قال: إن رفع الصوت لخير ذكر حين
(1) في صحيحه رقم (2689).
(2)
في " المستدرك "(1/ 495).
(3)
في صحيحه رقم (6408).
(4)
في صحيحه رقم (2701).
(5)
في " السنن "(3379). وقال: حديث حسن غريب. قلت: وأخرجه النسائي (8/ 249). وهو حديث صحيح.
(6)
أخرجه البخاري في صحيحه رقم (841) ومسلم في صحيحه رقم (583) واللفظ للبخاري.
اختلف العلماء رحمهم الله في مشروعية الجهر بالذكر التكبير وغيره عقب الصلوات الخمس على قولين: القول الأول: يشرع الجهر بالذكر، التكبير وغيره عقب السلام في الصلوات المفروضة وهو قول الحنابلة والظاهرية وبعض الحنفية إذا لم يشوش على غيره. حاشية ابن عابدين (1/ 530، 660).
قال في " كشاف القناع "(1/ 427) وقال الشيخ - ابن تيمية: ويستحب الجهر بالتسبيح والتحميد والتكبير عقب كل صلاة. وقال في " المبدع "(1) ويسحب الجهر بذلك.
وقال ابن تيمية في " مجموع الفتاوى "(22): وفي الصحيح أن رفع الصوت بالتكبير عقب انصراف الناس من المكتوبة كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنهم كانوا يعرفون انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك. وقال ابن حزم في " المحلى "(4): ورفع الصوت بالتكبير إثر كل صلاة حسن. واستدلوا بما يأتي: حديث ابن عباس وقد تقدم وهو حديث صحيح. ما ورد في الحديث القدسي: " وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم " وقد تقدم، وهو حديث صحيح. القول الثاني: وهو الراجح. والله أعلم. لا يشرع الجهر بالذكر عقب الصلاة. وهو قول المالكية والشافعية وبعض الحنفية والحنابلة.
انظر: " المبدع "(1).
جاء في كتاب " كفاية الطالب الرباني "(2)
فائدة: قال القرافي كره مالك رضي الله عنه وجماعة من العلماء لأئمة المساجد والجماعات: الدعاء عقب الصلاة المكتوبة جهرا للحاضرين. قال النووي في" المجموع "(3): إن الذكر والدعاء بعد الصلاة يستحب أن يسر بهما إلا أن يكون إماما يريد تعليم فيجهر ليتعلموا فإذا تعلموا أو كانوا عالمين أسره. وقال النووي في شرحه لصحيح مسلم (5): وحمل الشافعي رحمه الله هذا الحديث على أنه جهر وقتا حتى يعلمهم صفة الذكر لا أنهم جهورا دائما قال فاختار للإمام والمأموم أن يذكر الله تعالى بعد الفراغ من الصلاة ويخفيان ذلك إلا أن يكون إماما يريد أن يتعلم منه فيجهر حتى يعلم أنه قد تعلم منه ثم يسير. وانظر: " فتح الباري "(2/ 326) و" الأم " للشافعي (1) واستدلوا بما يأتي. حمل الحديث - ابن عباس - على التعليم. قولة تعالى: (وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا)[الإسراء: 110]. خوف الرياء والعجب. وانظر: " المجموع "(3). " الأم " للشافعي (1/ 150).
ينصرف الناس من المكتوبة. كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم -
قال: كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته (1).
وأخرج البزار (2) والحاكم في المستدرك (3)، وقال: صحيح عن جابر قال: خرج علينا النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: " يا أيها الناس، إن لله سرايا من الملائكة تحل وتقف على مجالس الذكر، في الأرض فارتعوا في رياض الجنة، قالوا: وأين رياض الجنة؟ قال: مجالس الذكر ".
وأخرج البيهقي (4) عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا: قالوا: وما رياض الجنة؟ قال: حلق الذكر ". وأخرج .............................
(1) قال القاضي عياض في " إكمال المعلم بفوائد مسلم "(2/ 535) والظاهر أنه لم يكن يحضر الجماعة وكان يعلمها بمشاهدة ذلك ولأنه كان صغيرا ممن لا يواظب على صلاة الجماعة، ولا يلزمه ذلك.
قال الحافظ في " الفتح "(2): " وقال غيره: يحتمل أن يكون حاضرا في أواخر الصفوف فكان لا يعرف انقضاءها بالتسليم، وإنما كان يعرف بالتكبير ".
(2)
عزاه إليه الهيثمي في " المجمع "(10/ 77).
(3)
في " المستدرك "(1/ 494) وصححه الحاكم وتعقبه الذهبي بقوله: (عمر ضعيف).
قال الهيثمي في " المجمع "(10/ 77): " رواه أبو يعلى، والبزار وفيه عمر بن عبد الله مولى عفرة وقد وثقه غير واحد. وضعفه جماعة، وبقية رجال الصحيح ".
وهو حديث ضعيف.
(4)
في " شعب الإيمان " رقم (529).
البيهقي (1) عن عبد اللهبن مغفل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " ما من قوم يجتمعون يذكرون الله إلا ناداهم مناد من السماء: قوموا لكم، فقد بدلت سيئاتكم حسنات ".
وأخرج البيهقي في الشعب (2) عن أبي الجوزاء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " أكثروا ذكر الله حتى يقول المنافقون [2] أنكم مراؤون " هذا مرسل. أخرج الحاكم (3)، صححه، والبيهقي في الشعب (4) عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " أكثر ذكر الله حتى يقولوا مجنون ".
وأخرج بقي بن مخلد (5) عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مر بمجلسين يدعون الله ويرغبون إليه، والآخر يعلمون العلم. فقال:" كل المجلسين خير، وأحدهما أفضل من الآخر ". وأخرج البيهقي (6) عن أبي سعيد الخدري عن النبي
(1) في " شعب الإيمان " رقم (533).
قلت: وأخرجه الطبراني في " الأوسط " رقم (3744) وفي " الدعاء " رقم (1920). وأورده الهيثمي في " المجمع "(10/ 80) وقال رواه الطبراني " و" الأوسط ". ورجالهما رجال الصحيح.
قلت: إسناده حسن.
(2)
(1/ 397رقم 527). وقال هذا مرسل.
(3)
في " المستدرك "(1/ 499).
وقال الحاكم: هذه صحيفة للمصريين صحيحة الإسناد، وأبو الهيثم سليمان بن عتبة العثواري من ثقات أهل مصر.
قلت: جمهور الحفاظ على تضعيف هذه الصحيفة. ودراج ضعيف في روايته عن أبي الهيثم خاصة. والخلاصة أن الحديث ضعيف.
(4)
(1 رقم 526).
(5)
ما زال مخطوطا فيهما أعلم.
(6)
في " الشعب "(1 رقم 535).
قلت: وأخرجه أحمد في مسنده (3). بسند ضعيف.
- صلى الله عليه وآله وسلم قال: " يقول الرب تعالى يوم القيامة: سيعلم أهل الجمع اليوم من أهل الكرم، فقيل: من أهل الكرم يا رسول الله؟ قال: مجالس الذكر في المساجد ".
وأخرج البزار (1) والبيهقي (2) بسند صحيح عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " عبدي إذا ذكرتني خاليا ذكرتك خاليا، وإذا ذكرتني في ملأ ذكرتك في ملأ خير منهم وأكثر ".
وأخرج البيهقي (3) عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل يقال له ذو البجادين: " إنه أواه " وذلك أنه كان يذكر الله.
(1) في مسنده (4 رقم 3065 - كشف).
وأورده الهيثمي في " المجمع "(10/ 78) وقال رواه البزار ورجاله رجال الصحيح غير بشر بن معاذ العقدي وهو ثقة.
(2)
في " الشعب "(1/ 406 رقم 551).
وقال: ومنها الذكر الخفي وهو ضربان: أحدهما: الذكر في النفس وقد قال الله عز وجل: (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً)[الأعراف: 205]. والآخر: ما دار به اللسان ولم يسمعه إلا صاحبه قال النبي صلى الله عليه وسلم: " خير الذكر الخفي وخير الرزق ما يكفي ".
(3)
في " الشعب "(1/ 416رقم 580).
وفي " الشعب ": وذلك أنه كان يكثر ذكر الله بالقرآن والدعاء وفي رواية رقم (581) ذو النجادين قال: أبو أحمد إنما هو البجادين قال البيهقي رحمه الله هو كما قال. وإنما سمي بذلك لأنه لما أسلم نزع ثيابه فأعطته أمه بجادا من شعر مر فشقه باثنين فاتزر بأحدهما وارتدى الآخر فسمي بذلك. وإسناده مرسل.
وأخرج البيهقي (1) عن جابر أن رجلا كان يرفع صوته بالذكر. فقال رجل: لو أن هذا خفض من صوته، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:" إنه أواه ".
وأخرج البيهقي (2) عن زيد بن أسلم قال: قال ابن الأذرع: انطلقت مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليلة فمر برجل في المسجد يرفع صوته، قلت: يا رسول الله، عسى أن يكون هذا مرائيا، قال:" لا ولكنه أواه ". وأخرج الحاكم (3) عن شداد بن أوس. قال: أنا عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذ قال: " ارفعوا ايديكم فقولوا: لا إله إلا الله " ففعلنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:" اللهم إنك بعثتني بهذه الكلمة، وأمرتني بها، ووعدتني عليها الجنة إنك لا تخلف الميعاد، ثم قال: أبشروا فإن الله قد غفر لكم ".
وأخرج البزار (4) عن أنس النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: " إن لله سيارة من الملائكة يطلبون حلق الذكر، فإذا توا عليهم حفوا بهم، فيقول الله تعالى غشوهم
(1) في " الشعب "(1/ 418 رقم 585).
(2)
في " الشعب "(1/ 416 رقم 581). قلت: وأخرجه أحمد (4/ 337) من طريق هشام بن سعد، به. وأورده الهيثمي في " " المجمع " (9) وقال رواه أحمد ورجال الصحيح.
(3)
في " المستدرك "(1/ 501) وسكت عليه الحاكم وقال الذهبي: راشد ضعفه الدارقطني وغيره ووثقه دحيم.
قلت: وأخرجه أحمد (4) وقال الهيثمي في " مجمع الزوائد "(1) وقال: رواه أحمد والطبراني والبزار ورجاله موثقون.
وأورده الهيثمي في " المجمع "(10/ 18) وعزاه لأحمد فقط وقال: فيه راشد بن داود وقد وثقه غير واحد وفيه ضعيف، وبقية رجاله ثقات.
(4)
في مسنده (4 - 5 رقم 3062 - كشف).
وأورده الهيثمي في " المجمع "(10/ 77) وقال رواه البزار من طريق زائذة بن أبي الرقاد عن زياد النميري، وكلاهما وثق على ضعفه فعاد هذا إسناده حسن.
برحمتي، فهم الجلساء لا يشقى جليسهم ".
وأخرج الطبراني (1)، وابن جرير (2) عن عبد الله بن سهل حنيف، قال: نزلت على رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم وهو في بعض أبياته: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ)(3) الآية فخرج يلتمسهم، فوجد قوما يذكرون الله تعالى، فلما رآهم جلس معهم.
وأخرج أحمد (4) قال: كان سلمان في عصابة يذكرون الله فمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فكفوا فقال: " إني رأيت الرحمة تنزل عليكم فأجببت أن أشارككم فيها ". وأخرج الأصبهاني (5) عن أبي رزين العقيلي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال له: " ألا أدلك على ملاك الأرض الذي تصيب به خير الدنيا والآخرة؟ قال: بلى، قال: عليك بمجالس الذكر، وإذا خلوت فحرك لسانك [3] بذكر الله ".
وأخرج ابن أبي الدنيا (6)، والبيهقي (7)، والأصبهاني (8) عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " لأن أجلس مع قوم يذكرون الله بعد صلاة الصبح إلى أن تطلع الشمس أحب إلي مما طلعت عليه الشمس، ولأن أجلس مع قوم يذكرون الله
(1) عزاه إليه السيوطي في " الدر المنثور"(5/ 381).
(2)
في " جامع البيان "(9جـ 15/ 235).
(3)
[الكهف: 28].
(4)
في الزهد كما في " الدر المنثور "(5).
(5)
في " الترغيب والترهيب "(2/ 172رقم 1375).
وأخرجه أبو نعيم في " الحلية "(1/ 366 و367).
(6)
لم أعثر عليه؟!
(7)
في" الشعب "(1/ 409 رقم 559) وفي " السنن "(8/ 79).
(8)
في " الترغيب والترهيب "(2/ 176 رقم 1380). بسند ضعيف.
بعد العصر إلى أن تغيب الشمس أحب إلى من الدنيا وما فيها ".
وأخرج أحمد (1) وأبو داود (2)، والترمذي (3) وصححه، والنسائي (4)، وابن ماجه (5) عن السائب أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:" جاءني جبريل فقال: مر أصحابك أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية ".
وأخرج الحاكم (6) عن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: " من دخل السوق فقال لا إله إلا الله وحده لاشريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير كبت له ألف ألف حسنة، ومحي عنه ألف ألف سئية ورفع له ألف ألف درجة، وبني له بيتا في الجنة ".
وأخرج المروزي عن عبيد بن عمير قال: كان عمر يكبر في بيته فيكبر أهل المسجد، فيكبر أهل السوق حتى ترتج منى تكبيرا (7)
وأخرج أيضًا عن ميمون بن مهران قال: أدركت الناس وإنهم ليكبروا في العشر حتى كنت أشبهه بالأمواج من كثرتها " (8).
(1) في " المسند "(4/ 55).
(2)
في " السنن " رقم (1814).
(3)
في " السنن " رقم (829).
(4)
في " السنن " رقم (6/ 162).
(5)
في " السنن " رقم (2922). وهو حديث حسن.
(6)
في " المستدرك "(1/ 538). بسند ضعيف.
(7)
أخرجه البخاري في صحيحه معلقا (2/ 416الباب رقم 12 التكبير أيام مني، وإذا غدا إلى عرفة ".
(8)
أخرجه البخاري في صحيحه معلقا (2/ 457 رقم الباب 11) فضل العمل في أيام التشريق.
قال الحافظ في " الفتح "(2/ 462): " وقد اشتملت هذه الآثار على وجود التكبير عقب الصلوات وغير ذلك من الأحوال، وفيه اختلاف بين العلماء في مراضع: فمنهم من قصر التكبير على أعقاب الصلوات، ومنهم من خص ذلك بالمكتوبات دون النوافل، ومنهم من خصه بالرجال دون النساء، وبالجماعة دون المنفرد، وبالمؤداة دون المقضية، وبالقيم دون المسافر وبساكن المصر دون القرية وظاهر اختيار البخاري شمول ذلك للجميع. انظر: " المحلى " (7) و" المغني" (3/ 293).
وأخرج البيهقي (1) عن ابن مسعود قال: " إن الجبل لينادي الجبل باسمه فلان هل مر بك اليوم ذاكر؟، فإن قال نعم أستبشر، قم قرأ عبد الله: (لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ. .. الآية) (2) وقال: أتسمعون الزور، ولا تسمعون الخير ". وأخرج ابن جرير في تفسيره (3) عن ابن عباس في قوله تعالى: (فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ)(4) قال: إن المؤمن إذا مات بكى عليه من الأرض الموضع الذي يصلي فيه ". واخرج ابن أبي الدنيا (5) عن أبي عبيد قال: " إن المؤمن إذا مات تنادت بقاع الأرض: عبد الله المؤمن مات، فتبكي عليه الأرض والسماء، فيقول الرحمن: ما يبكيكما على عبدي؟ فيقولان: ربنا لم يمش في ناحية منا قط إلا وهو يذكر. وسماع الأرض والجبال للذكر لا يكون إلا عن الجهر به.
كمل هذا من تحرير المجيب، وكان التحرير أول يوم من سنة 1207.
بعناية المجيب قرة عين المسلمين، عز الدين محمد بن علي الشوكاني - حفظه الله ومكن لبسطته، ورفع درجته بحوله وقوته -. آمين.
(1) في " الشعب "(1 رقم 538).
(2)
[مريم: 90].
(3)
في " جامع البيان "(13جـ 25 - 125).
(4)
[الدخان: 29].
(5)
عزاه إليه السيوطي في" الدر المنثور "(7/ 413).