الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والأحاديث في هذا الباب كثيرة، وفيما ذكرته كفاية، والإجماع منعقد عليه.
باب النهي عن المنِّ بالعطيَّة ونحوها
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى} [البقرة: 264] قال
ــ
نزول البلاء عليهم وفي الحديث ما كانوا عليه من الأدب معه صلى الله عليه وسلم والمحبة والشفقة عليه وفيه أن الواعظ والمفيد ينبغي له أن يتحرى التكرار والمبالغة وإتعاب النفس في الإفادة حتى يرحمه السامعون والمستفيدون. قوله: (والأحاديث في الباب كثيرة) أورد منها جملة مستكثرة الحافظ المنذري في الترغيب والترهيب قبيل كتاب الحدود. قوله: (والإجماع منعقد عليه) أي على غلط التحريم المترجم به والله أعلم.
باب النهي عن المن بالعطية ونحوها
المن بالعطية الاعتداد بها على من أعطاه أو يذكرها لمن لا يحب الآخذ إطلاعه عليها وهو مذموم يفسد ثواب العطية. قوله: (بالمن) قال الواحدي هو أن يمن بما أعطى وقال الكلبي بالمن على الله تعالى في صدقته اهـ. وقوله: (والأذى) أي للمتصدق عليه بأن ينهره أو يعيره أو يشتمه فهذا مثل المن في إسقاط الثواب والأجر وليس ظاهر الآية أنه يبطل الأجر المن والأذى معادون أحدهما لأن مدلول الآية طلب اتقاء كل منهما على أن قضية كلام سفيان أنهما متلازمان فإنه قال هما أن تقول قد أعطيت فما شكرت قال السيوطي في الإكليل قال النووي في المجموع يحرم المن بالصدقة فلو من بها بطل ثوابه للآية واستشكل ذلك ابن عطية بأن العقيدة أن السيئات لا تبطل الحسنات وقال غيره تمسك المعتزلة بهذه الآية في أصلهم أن السيئة تبطل الحسنة واستنبط العلم العراقي من هذه الآية دليلاً لقاعدة أن المانع الطارئ كالمقارن لأن الله تعالى جعل طريان المن والأذى بعد الصدقة كمقارنة الرياء لها في الابتداء قال ثم إن الله ضرب مثالين: "أحدهما" للمقارن المبطل في الابتداء في قوله {فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ} الآية فهذا فيه أن الوابل الذي نزل قارنه الصفوان وهو الحجر الصلد وعليه التراب اليسير فأذهبه الوابل فلم يبق محل يقبل النبات
المفسرون: أي لا تبطلوا ثوابها.
وروينا في "صحيح مسلم" عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يوْمَ القِيامَةِ وَلا يَنْظُرُ إلَيهِمْ وَلا يُزكيهِم ولهُمْ عَذَابٌ أليم" فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات، قال أبو ذر: خابوا وخسروا من هم يا رسول الله؟ قال: "المُسْبِلُ، والمنَّانُ،
ــ
وينتفع بهذا الوابل كذلك الرياء وعدم
الإيمان إذا قارنا إنفاق المال "الثاني" الطارئ في الدوام وأنه يفسد الشيء من أصله بقوله {أيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ} الآية فمعناها إن هذه الجنة لما تعطل الانتفاع بها بالاحتراق عند كبر صاحبها وضعفه وضعف ذريته فهو أحوج ما يكون إليها فكذلك طريان المن والأذى يحبطان أجر المتصدق أحوج ما يكون إليه يوم فقره وفاقته اهـ. قوله: (وروينا في صحيح مسلم الخ) رواه أحمد وأصحاب السنن الأربعة كما في الجامع الصغير. قوله: (ثلاثة) أي من النّاس أو أصناف ثلاثة أو هو مبتدأ أو جاز الابتداء به لما ذكر. قوله: (لا يكلمهم الله الخ) قال المصنف هو على لفظ الآية الكريمة قيل معنى لا يكلمهم أي لا يكلمهم تكليم أهل الخير وبإظهار الرضى بل بكلام السخط والغضب وقيل المراد الإعراض عنهم وقال جمهور المفسرين لا يكلمهم كلاماً ينفعهم ويسرهم وقيل لا يرسل إليهم الملائكة بالتحية ومعنى (لا ينظر إليهم) أي يعرض عنهم ونظره تعالى لعباده رحمته ولطفه بهم ومعنى (لا يزكيهم) لا يطهرهم من دنس الذنوب وقال الزجاجي وغيره معناه لا يثني عليهم (ولهم عذاب أليم) مؤلم قال الواحدي هو العذاب الذي يخلص إلى قلوبهم وجعه قال والعذاب كل ما يعني الإنسان ويشق عليه. قوله: (المسبل) اسم فاعل من الإسبال أي إرخاء نحو الإزار والقميص والعدبة على وجه الخيلاء كما جاء مفسراً في الحديث الآخر لا ينظر الله إلى من يجر ثوبه خيلاء والخيلاء الكبر وهذا التقييد بالجر خيلاء يخصص عموم المسبل ويدل على أن المراد بالوعيد من جره خيلاء قول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وقد قال إن أحد شقي إزاري ليسترخي إذا لم أتعاهده لست منهم إذ كان جره لغير الخيلاء بل جاء في رواية إنك لست ممن