المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب النهي عن انتهار الفقراء والضعفاء واليتيم والسائل ونحوهم، وإلانة القول لهم والتواضع معهم - الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية - جـ ٧

[ابن علان]

فهرس الكتاب

- ‌باب بيان ما يباح من الغيبة

- ‌باب أمر من سمع غيبة شيخه أو صاحبه أو غيرهما بردها وإبطالها

- ‌باب الغيبة بالقلب

- ‌باب كفارة الغيبة والتوبة منها

- ‌باب في النميمة

- ‌باب النهي عن نقل الحديث إلى ولاة الأمور إذا لم تدع إليه ضرورة لخوف مفسدة ونحوها

- ‌باب النهي عن الطعن في الأنساب الثابتة في ظاهر الشرع

- ‌باب النهي عن الافتخار

- ‌باب النهي عن إظهار الشماتة بالمسلم

- ‌باب تحريم احتقار المسلمين والسخرية منهم

- ‌باب غلظ تحريم شهادة الزور

- ‌باب النهي عن المنِّ بالعطيَّة ونحوها

- ‌باب النهي عن اللعن

- ‌فصل في جواز لعن أصحاب المعاصي غير المعينين والمعروفين

- ‌باب النهي عن انتهار الفقراء والضعفاء واليتيم والسائل ونحوهم، وإلانة القول لهم والتواضع معهم

- ‌باب في ألفاظ يكره استعمالها

- ‌فصل: في النهي عن سبِّ الريح

- ‌فصل: يكره سب الحمى

- ‌فصل: في النهي عن سب الديك

- ‌فصل: في النهي عن الدعاء بدعوى الجاهلية وذمّ استعمال ألفاظهم

- ‌فصل: يحرم سبُّ المسلم من غير سبب شرعي يجوِّز ذلك

- ‌فصل: في النهي أن يتناجى الرجلان إذا كان معهما ثالث وحده

- ‌فصل: في نهي المرأة أن تُخبر زوجها أو غيره بحسن بدن امرأة أخرى إذا لم تَدْعُ إليه حاجة شرعية من رغبة في زواجها ونحو ذلك

- ‌تتمة

- ‌باب النهي عن الكذب وبيان أقسامه

- ‌باب الحث على التثبت فيما يحكيه الإنسان والنهي عن التحديث بكل ما سمع إذا لم يظن صحته

- ‌باب التعريض والتورية

- ‌باب ما يقوله ويفعله من تكلم بكلام قبيح

- ‌باب في ألفاظ حكي عن جماعة من العلماء كراهتها وليست مكروهة

- ‌كتاب جامع الدعوات

- ‌باب في آداب الدعاء

- ‌باب دعاء الإنسان وتوسله بصالح عمله إلى الله تعالى

- ‌باب رفع اليدين في الدعاء ثم مسح الوجه بهما

- ‌باب استحباب تكرير الدعاء

- ‌باب الحث على حضور القلب في الدعاء

- ‌باب فضل الدعاء بظهر الغيب

- ‌باب استحباب الدعاء لمن أحسن إليه وصفة دعائه

- ‌باب استحباب طلب الدعاء من أهل الفضل وإن كان الطالب أفضل من المطلوب منه، والدعاء في المواضع الشريفة

- ‌باب نهي المكلف عن دعائه على نفسه وولده وخادمه وماله ونحوها

- ‌باب الدليل على أن دعاء المسلم يجاب بمطلوبه أو غيره وأنه لا يستعجل بالإجابة

- ‌كتاب الاستغفار

- ‌باب النهي عن صمت يوم إلى الليل

الفصل: ‌باب النهي عن انتهار الفقراء والضعفاء واليتيم والسائل ونحوهم، وإلانة القول لهم والتواضع معهم

عَشَّى أضيافه: يا غُنْثَر، وقد تقدَّم بيان هذا الحديث في "كتاب الأسماء".

وروينا في "صحيحيهما" أن جابراً صلى في ثوب واحد وثيابه موضوعة عنده، فقيل له: فعلتَ هذا؟ فقال: فعلتُه ليراني الجُهَّالُ مثلكم، وفي رواية: ليراني أحمقُ مثلُكَ.

‌باب النهي عن انتهار الفقراء والضعفاء واليتيم والسائل ونحوهم، وإلانة القول لهم والتواضع معهم

ــ

فصده المشركون وكان فيها بيعة الرضوان.

قوله: (وروينا في صحيحيهما أن جابراً صلى في ثوب واحد) أي مشتملاً به كما في مسلم يعني ملتحفاً به أي اشتمالاً ليس باشتمال الصماء المنهي عنه وفيه دليل لجواز الصلاة في ثوب واحد مع وجود الثياب لكن الأفضل أن يزيد على ثوب عند الإمكان وإنما فعل جابر هذا للتعليم كما قال أردت أن يدخل على الخ. قوله: (فقيل له) القائل له عبادة بن الصامت راوي الحديث. قوله: (ليراني الجهال) أي فيقتدوا بي ويعلموا جواز ذلك بالسؤال عن مستندي في ذلك فأبين أنه من قوله صلى الله عليه وسلم فالمقصود المتسبب عن الرواية من السؤال والوقوف على حقيقة الحال (وفي رواية ليراني أحمق) وفي رواية لمسلم وهي في حديث أبي اليسر المذكور آخر صحيح مسلم قال -أي عبادة- فقال -أي جابر- بيده في صدري هكذا وفرق بين أصابعه فقوسها أردت أن يدخل على الأحمق مثلك فيراني كيف اصنع فيصنع مثله، قال المصنف المراد بالأحمق هنا الجاهل وحقيقة الجاهل من يعمل ما يضره مع علمه بقبحه وهذا جوز مثل هذا اللفظ للتعزير والتأديب وزجر المتعلم وتنبيهه ولأن لفظة الأحمق والظالم قل من ينفك من الاتصاف بمعناهما وهذه الألفاظ التي يؤدب بها المتقون والورعون من استحق التأديب والتوبيخ والإغلاظ في القول لا بما يقوله غيرهم من ألفاظ السفه اهـ.

باب النهي عن انتهار الفقراء والضعفاء واليتيم والسائل ونحوهم وإلانة القول لهم

ص: 66

قال الله تعالى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ} [الضحى: 9 - 10] {وَلَا تَطْرُدِ

الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ}

إلى قوله تعالى: {فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنعام: 52] وقال تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ} [الكهف: 28] وقال تعالى: {وَاخْفِضْ

ــ

قوله: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ} أي لا تحقره وقال الزجاج لا تقهره على ماله فتذهب بحقه لضعفه كما كانت العرب تفعله في أموال اليتامى تأخذ أموالهم وتظلمهم حقوقهم وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير بيت المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه وشر بيت المسلمين بيت فيه يتيم يساء إليه ثم قال بأصبعه أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا رواه البخاري في الأدب وابن ماجه وأبو نعيم في الحلية. قوله: {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ} قال المفسرون يريد السائل على الباب يقول لا تنهره ولا تزجره إذا سألك فإما أن تطعمه وإما أن ترده رداً ليناً يقال نهره وانتهره إذا استقبله بكلام يزجره قال قتادة رد السائل برحمة ولين وقال إبراهيم بن أدهم نعم القوم السؤال يحملون زادنا إلى الآخرة وقال إبراهيم السائل بريد الآخرة يجيء إلى باب أحدكم فيقول هل توجهون

إلى أهليكم بشيء وروي عن الحسن في قوله تعالى: {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ} قال طالب العلم. قوله: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ} قال سعد بن أبي وقاص نزلت فينا ستة في وفي ابن مسعود وصهيب وعمار والمقداد وبلال قالت قريش إنا لا نرضى أن نكون لهؤلاء أتباعاً فاطردهم عنك فوقع في نفس النبي صلى الله عليه وسلم ما شاء الله فنزلت رواه ابن حبان والحاكم ووقع في تفسير البيضاوي روي أنهم قالوا لو طردت هؤلاء الأعبد يعنون فقراء المسلمين كعمار وصهيب وخباب وسلمان جلسنا إليك الخ ومثله في الكواشي وقال الحافظ العسقلاني أخرجه البيهقي في الشعب والواحدي في الأسباب وقد استشكل ذكر سلمان في الخبر بأن السورة مكية كلها وقيل إلا ست آيات ليس هذه منها وسلمان إنما أسلم بالمدينة فكيف ذكر في قصة وقعت قبل الهجرة ولعل هذا سبب عدم إيراد الحافظ السيوطي له في كتاب أسباب النزول له في جملة الأقوال والله أعلم، وقوله {يَدْعُونَ رَبَّهُمْ}

ص: 67

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قيل الظاهر أن المراد منه يسألون ويلجأون إليه ويقصدونه بالدعاء والرغبة، وقوله بالغداة والعشي كناية عن الزمان الدائم ولا يراد بهما خصوص زمنهما كما تقول الحمد لله بكرة وأصيلاً تريد على كل حال فكنى بالغداة عن النهار وبالعشي عن الليل أو خصهما بالذكر لأن الشغل غالب فيهما على الناس ومن كان يغلب عليه الذكر في هذين الوقتين كان الذكر في وقت الفراغ أغلب عليه، وقوله يريدون جملة حالية وذو الحال الواو في يدعون وهي فاعل والعامل في الحال يدعون، وقوله وجهه كناية عن الله تعالى إذ الجسمانية تستحيل بالنسبة إليه، وفي قوله يريدون وجهه -أي لا شيئاً من أعراض الدنيا- شهادة لهم بالإخلاص وقد سبق بعض الكلام على هذه الجملة من الآية في باب إذكار المساء والصباح، وقوله {مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} قال السيوطي في الجلالين إن كان باطنهم غير مرضي اهـ. أي لو كان ذلك على سبيل الفرض مع قطع النظر عن الإخبار عنهم بما في أول الآية أما مع النظر إلى ذلك فلا يستقيم هذا التفسير لأن الله عز وجل شهد لهم بأنهم يريدون بعبادتهم وجهه وهذه شهادة بحسن باطنهم فلا يحسن أن يقال إن كان باطنهم غير مرضي لأنه فرض مخالف لما أخبر الله به من خلوص بواطنهم ونياتهم الله عز وجل وفي وقع في الكشاف نحو ذلك فتعقبه أبو حيان بما ذكره، ومن في قوله من شيء زائدة وهو في موضع المبتدأ ومن حسابهم في موضع الحال وعليك في موضع الخبر كأنه قيل ما شيء من حسابهم كائن عليك والمعنى نفي حسابهم عنه وجوابه قوله فتطردهم فينتفي الطرد كأنه قيل لا حساب عليك فكيف يكون طرد ولما نفى حسابهم عليه نفى حسابه عليهم في قوله وما من حسابك عليهم من شيء، وفي الكشاف إن قلت ما كفى قوله ما عليك من حسابهم من شيء حتى ضم إليه وما من حسابك عليهم من شيء قلت قد جعلت الجملتان بمنزلة جملة واحدة وقصد بهما مؤدى واحد وهو المعني في قوله {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} ولا يستقل بهذا المعنى إلا الجملتان كأنه قيل لا تؤاخذ أنت ولا هم بحساب صاحبه اهـ. وتعقب بأن قوله لا تؤاخذ أنت الخ تركيب غريب وإصلاح التركيب أن يقال لا يؤاخذ واحد منكم ولا منهم بحساب صاحبه أو لا تؤاخذ أنت بحسابهم ولا هم

بحسابك. وقوله {فَتَكُونَ

ص: 68

جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الحجر: 88].

وروينا في "صحيح مسلم" عن عائذ بن عمرو -بالذال المعجمة- الصحابي رضي الله عنه: أن أبا سفيان أتى على سلمانَ وصهيبٍ وبلالٍ في نفر، فقالوا: ما أخذتْ سيوفُ الله من عنق عدوِّ الله مأخذَها، فقال أبو بكر رضي الله عنه: أتقولون هذا لشيخ قريش وسيِّدهم، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال:"يا أبا بَكْرٍ لَعَلَّكَ أغضَبْتَهُمْ؟ لَئِنْ كُنْتَ أغْضَبْتَهُمْ لَقَدْ أغْضَبْتَ رَبَّكَ" فأتاهم فقال: يا إخوتاه أغضبتُكم؟ فقالوا: لا.

قلت: قولهم: مأخذها، بفتح الخاء: أي لم تستوف حقها من عنقه لسوء فَعَالِهِ.

ــ

مِنَ الظَّالِمِينَ} وهو جواب للنهي في قوله {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ} فصار جواب كل من النهي ومن النفي ما يناسبه.

قوله: (وروينا في صحيح مسلم أن أبا سفيان الخ) هذا الإتيان كان وهو كافر في الهدنة بعد صلح الحديبية. قوله: (يا أبا بكر لعلك أغضبتهم الخ) قال المصنف في الحديث فضيلة ظاهرة لسلمان ورفقته هؤلاء وفيه مراعاة قلوب الضعفاء وأهل الدين وإكرامهم وملاطفتهم. قوله: (لا يغفر الله لك يا أخي) قال المصنف أما قولهم يا أخي فضبطوه بضم الهمزة على التصغير وهو تصغير تحبيب وترفيق وملاطفة وفي بعض النسخ بفتحها قال القاضي قد روي عن أبي بكر أنه نهى عن مثل هذه الصيغة وقال قل عافاك الله رحمك الله لا تزد لا أي لا تقل قبل الدعاء لا فتصير صورته صورة نفي الدعاء قال بعضهم قل لا ويغفر الله لك اهـ. وفي المحرر في النحو للفخر الرازي روي عن أبي بكر الصديق أنه دخل السوق فقال لبياع أتبيع هذا الثوب فقال لا عافاك الله فقال له أبو بكر لو علمتم علمتم قل لا وعافاك الله وهذا من لطائف النحو لأنه عند حذف الواو يوهم كونه دعاء عليه وعند ذكر الواو لا يبقى ذلك الاحتمال اهـ. قوله: (مأخذها بفتح الخاء) هذا أحد الوجهين حكاهما المصنف في شرح مسلم في ضبطه والثاني بالمد وكسر الخاء.

ص: 69