الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لهُ" ومعلوم أنه كان له ثوب يَلْبَسُهُ، وأنه كان يضع العصا في وقت النوم وغيره، وبالله التوفيق.
باب ما يقوله ويفعله من تكلم بكلام قبيح
قال الله تعالى: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} [فصلت: 36] وقال تعالى: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200) إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} [الأعراف: 200، 201]
ــ
المصنف قلت ودليل جواز المبالغة الخ اعتراض على تفصيل الغزالي -أي وإنه لا تحرم المبالغة مطلقاً- فلذا أطلق فقال في أذكار الأذكار وتكره المبالغة كقلت له مائة مرة وليس كما فهم بل هو تقرير له لأنه صلى الله عليه وسلم لم يقل عنهما ذلك إلا بعد علمه وقوعه منهما فإطلاق الجلال الكراهة ليس في محله اهـ. وأما المبالغة في المدح والإطراء فلا يلحق بالكذب على الصحيح ولا ترد به الشهادة لأن الكاذب يوهم الكذب بخلاف الشاعر إنما ذكر صناعة قال في الزواجر وعلى هذا فلا فرق بين القليل والكثير قال الشيخان بعد نقلهما ذلك عن القفال والصيدلاني وهذا حسن بالغ اهـ. والله سبحانه وتعالى أعلم.
باب ما يقول ويفعله من تكلم بكلام قبيح
قوله: ({وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ} الخ) تقدم الكلام عليها في باب ما يقول إذا عرض له شيطان أو خافه وفي باب ما يقول إذا غضب. قوله: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا} قال ابن عطية قال الكسائي الطيف اللمم والطائف ما طاف حول الإنسان وكيف هذا وقد قال الأعشى:
ويصبح عن غيب السرى وكأنها
…
ألم بها من طائف الجن أولق
اهـ قال في النهر لا يتعجب من تفسير الكسائي الطائف بما طاف حول الإنسان بهذا البيت لأنه صح فيه معنى ما قاله الكسائي لأنه إن كان تعجبه حيث خصص الإنسان فالذي قاله الأعشى تشبيه لأنه قال كأنها وإن كان تعجبه من حيث فسر بأنه ما طاف
وقال تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا
فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا
ــ
حول الإنسان فطائفة الجن يصح أن يقال ما
طاف حول الإنسان وشبه هو الناقة في سرعتها ونشاطها وقطعها الفيافي عجلة بحالتها إذا ألم بها أولق من طائف الجن وقريء طيف مخفف من طيف كما قالوا ميت في ميت ثم النزغ من الشيطان أخف من مس الطائف من الشيطان لأن النزغ أدنى حركة والمس الإصابة والطائف ما يطوف به ويدور عليه فهو أبلغ لا محالة فحال المتقين في ذلك غير حال الرسول فحيث كان الكلام للرسول كان الشرط بلفظ أن الموضوعة للتردد وحيث كان للمتقين كان بلفظ إذا الموضوعة للتحقيق أو الترجيح وعلى هذا فالنزغ يمكن أن يقع وأن لا يقع والمس واقع لا محالة أو مرجح وقوعه وهو إلصاق البشرة وهو هنا استعارة وفي تلك الجملة أمره صلى الله عليه وسلم بالاستعاذة وهنا جاءت الجملة خبرية في ضمنها الشرط وجاء الجزاء تذكروا فدل على تمكن مس الطائف حتى حصل نسيان فتذكروا ما نسوه فالمعنى تذكروا ما أمر به تعالى وما نهى عنه وبنفس التذكر حصل إبصارهم وفاجأهم إبصار الحق والسداد فاتبعوه وطردوا عنهم مس الطائف واتقوا كل ما يتقى اهـ. بيسير تلخيص. قوله: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً} قال في النهر نزلت بسبب نبهان التمار أتته امرأة تشتري تمراً فقبلها وضمها ثم ندم وقيل ضرب على عجزها قال ابن عباس الفاحشة الزنى وظلم النفس ما دون ذلك من النظر واللمسة. وقوله: {وَلَمْ يُصِرُّوا} معطوف على فاستغفروا والإصرار على الذنب المداومة عليه وعدم التوبة منه ويحدث نفسه أنه ما قدر عليه فعله ولا ينوي توبة ولا يرجو وعداً لحسن ظنه ولا يخاف وعيداً على سوء عمله هذا حقيقة الإصرار ومقام هذا العتو والاستكبار ويخاف على مثل هذا سوء الخاتمة لأنه سالك طريقها والعياذ بالله وفي الحديث ما أصر من استغفر وإن عاد في اليوم مائة مرة وقيل الإصرار إتيان الذنب عمداً إصراراً حتى يتوب منه، وأصل الإصرار الثبات على الشيء وقيل الإصرار موافقة المعصية إذا هم العبد بها ذكره ابن رسلان في شرح جمع الجوامع. وقوله:{وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ} من فيه استفهام بمعنى النفي والجملة اعتراض بين المتعاطفين
وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} [آل عمران: 135، 136].
وروينا في "صحيحي البخاري ومسلم" عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ حَلَفَ فقالَ في حَلِفِهِ: باللَاّتِ وَالْعُزَّى، فَلْيَقُلْ: لا إلهَ إلَاّ الله،
ــ
فيها ترفيق للنفس وداعية إلى رجاء الله وسعة عفوه واختصاصه بغفران الذنب اهـ. وقوله: {وَهُمْ يَعْلَمُونَ} قال البيضاوي حال من يصروا أي لم يصروا على قبيح فعلهم عالمين به. وقوله: ({أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ} الخ) خبر عن قوله: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً} إن أعرب الذين مبتدأ وجملة مستأنفة مبينة لما قبلها إن عطف على المتقين أو على الذين ينفقون ولا يلزم من إعداد الجنة للمتقين والتائبين جزاء لهم أن لا يدخلها المصرون كما لا يلزم من إعداد النار للكافرين جزاء لهم أن لا يدخلها غيرهم وتنكير جنات على الأول يدل على أن ما لهم دون ما للمتقين الموصوفين بتلك الصفات المذكورة في قوله: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ} والخ وكفاك فارقاً بين القبيلين أنه فصل آيتهم بأن بين أنهم محسنون مستوجبون لمحبة الله تعالى إذ حافظوا على حدود الشرع وتخطوا إلى التخصيص بمكارمه وفصل هذه الآية بقوله {وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} لأن المتدارك لتقصيره كالعامل لتحصيل بعض ما فوت على نفسه وكم بين المحسن والمتدارك والمحبوب والأجير ولعل تبديل لفظ الجزاء بالأجر لهذه النكتة
والمخصوص بالمدح محذوف تقديره {وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} ذلك يعني المغفرة والجنان اهـ. قوله: (وروينا في صحيحي البخاري ومسلم) ورواه أبو داود والترمذي والنسائي كما في تيسير الوصول. قوله: (من حلف فقال في حلفه باللات والعزى فليقل لا إله إلا الله) قال المصنف إنما أمر بقول لا إله إلا الله لأنه تعاطى صورة تعظيم الأصنام حين حلف قال أصحابنا إذا حلف باللات والعزى أو بغيرهما من الأصنام أو قال إن فعلت كذا فأنا يهودي أو نصراني أو بريء من دين الإسلام أو نحو ذلك لم تنعقد يمينه بل يجب عليه أن يستغفر الله تعالى ويقول لا إله إلا الله
وَمَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ: تَعَالَ أُقَامِرْكَ، فَلْيَتَصَدَّقْ".
واعلم أن من تكلم بحرام أو فعله، وجب عليه المبادرة إلى التوبة، ولها ثلاثة أركان: أن يقلعَ في الحال عن المعصية، وأن يندمَ على ما فعل، وأن يعزم أن لا يعود إليها أبداً، فإن تعلَّق بالمعصية حق آدمي، وجب عليه مع
ــ
ولا كفارة عليه سواء فعله أم لا هذا مذهب مالك والشافعي وجماهير العلماء وقال أبو حنيفة تجب الكفارة في كل ذلك إلا في قوله أنا مبتدع أو بريء من النبي صلى الله عليه وسلم أو واليهودية واحتج أن الله تعالى أوجب على المظاهر كفارة لأنه منكر من القول وزور والحلف بهذه الأشياء منكر من القول وزور واحتج أصحابنا والجمهور بظاهر هذا الحديث فإنه صلى الله عليه وسلم إنما أمره بقول لا إله إلا الله فلم يذكر الكفارة ولأن الأصل عدمها حتى يثبت فيها شرع وأما قياسهم على المظاهر فينتقض بما استثنوه اهـ. وقد تقدم في أوائل باب في ألفاظ يكره استعمالها. فصل يتعلق بهذا المقام فليكن منك ببال والحاصل أن من حلف بما ذكر فإن أراد تعظيمه كتعظيمه لله عز وجل أو الخروج مما علق الخروج عليه ولو في المآل كفر في الحال ويجب عليه الإسلام وإن لم يرد ذلك كان عاصياً بهذا اللفظ الشنيع ووجب عليه التوبة منه ولا تجب عليه الكفارة في الحالين عند الجمهور. قوله: (ومن قال لصاحبه تعال أقامرك فليتصدق) قال العلماء أمر بالصدقة تكفيراً لخطيئته في كلامه بهذه المعصية قال الخطابي معناه فليتصدق بمقدار ما أراد أن يقامر به والصواب الذي عليه المحققون وهو ظاهر الحديث أنه لا يختص بذلك المقدار بل يتصدق بما تيسر مما ينطلق عليه اسم الصدقة ويؤيده رواية لمسلم من طريق معمر فليتصدق بشيء قال القاضي عياض في الحديث دلالة لمذهب الجمهور أن العزم على المعصية إذا استقر في القلب كان ذنباً ويكتب عليه بخلاف الخاطر الذي لا يستقر في القلب وقد سبق تحقيق المسألة. قوله: (إن من تكلم بحرام) أي بقول حرام صغيرة كان ككذب على غير النبي صلى الله عليه وسلم ولا يترتب عليه حد
الثلاثة رابع، وهو رد الظلامة إلى صاحبها أو تحصيل البراءة منها، وقد تقدَّم بيان هذا، وإذا تاب من ذنب، فينبغي أن يتوبَ من جميع الذنوب، فلو اقتصر على التوبة من ذنب صحت توبته منه، وإذا تاب من ذنب توبة صحيحة كما ذكرنا ثم عاد إليه في وقت، أثم بالثاني، ووجب عليه التوبة منه، ولم تبطل توبته من الأول، هذا مذهب أهل السنة، خلافاً للمعتزلة في المسألتين، وبالله التوفيق.
ــ
ولا ضرر ولا مصلحة أو كبيرة من غيبة أو نميمة وتقدم الكلام على ما يتعلق بالتوبة في كفارة الغيبة والتوبة منها. قوله: (وهو رد الظلامة) أي المظلمة إن بقي عينها وإن تلفت فبدلها من مثل أو قيمة. قوله: (فلو اقتصر على
…
ذنب واحد) أي مع الإصرار على غيره (صحت التوبة) عندنا معاشر الأشاعرة قالوا للإجماع على أن من أسلم تائباً عن كفره مع إصراره على بعض معاصيه صح إسلامه وتوبته ولأن حقيقتها ليس إلا الإقلاع والندم والعزم وقد وجدت. قوله: (توبة صحيحة) بأن وجد أركانها من الندم والإقلاع والعزم على عدم العود إلى مثل ذلك الذنب. وكقوله: (ولم تبطل توبته من الأول) أي لأنها قد وجدت وتحققت بوجود حقيقتها والشيء بعد تحققه لا يرتفع من أصله. قوله: (خلافاً للمعتزلة في المسألتين) قال في شرح المقاصد شبهة أبي هاشم أي من المعتزلة في قوله شرط صحة التوبة تعميمها لكل معصية إن الّندم عليها يجب أن يكون لقبحها وهو شامل للمعاصي كلها فلا يتحقق الندم على قبيح مع الإصرار على قبيح، وأجيب بأن الشامل للكل هو القبح لا قبحها والتحقيق على ما ذكره صاحب التجريد هو أن الدواعي إلى الندم عن القبائح وإن اشتركت في كون الندم على القبح لكن يجوز أن يترجح بعض الدواعي بأمور تنضم إليه كعظم المعصية أو قلة غلبة الهوى فيها فيبعثه ذلك الترجيح على الندم عن هذا البعض خاصة دون البعض الآخر لانتفاء ترجيح الداعي بالنسبة إليه ولا يلزم من ذلك