الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الدليل على أن دعاء المسلم يجاب بمطلوبه أو غيره وأنه لا يستعجل بالإجابة
قال الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ
ــ
لكم أي لا تدعوا على من ذكر كي لا توافقوا ساعة الإجابة فتندموا.
باب الدليل على أن دعاء المسلم يجاب بمطلوبه
أي إما عاجلاً أو آجلاً كما تقدم عن دعوتي موسى وزكريا عليهما السلام وإجابة كل منهما بعد مدة مديدة من الأعوام (أو) يجاب (بغير مطلوبه) أي من بلاء يصرف عنه كان في علم الله تعالى لولا الدعاء لنزل به أو ثواب يدخر للعبد عند ربه (وإنه) أي المسلم الداعي (لا يستعجل بالإجابة) فإن لكل شيء أجلاً مسمى في علم الله ولكل أجل كتاب.
وسحاب الخير لها مطر
…
فإذا جاء الأبان تجي
قوله: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي} الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم والجواب {فَإِنِّي قَرِيبٌ} ) على إضمار فقل: إني قريب والقرب هنا عبارة عن سماعه لدعائهم. وقوله: (أجيب) راعى ضمير المتكلم وهو أكثر في كلام العرب من مراعاة الخبر كقوله: أنا رجل آمر بالمعروف ويجوز يأمر بالياء على مراعاة الغيبة. قوله: {دَعْوَةَ الدَّاعِ} أي دعاءه والهاء في دعوة هنا ليست دالة على الوحدة بل مصدر مبني على فعلة كرحمة قال في النهر والظاهر عموم الداعي وقد ثبت بصريح العقل وصحيح النقل أن بعض الداعين لا يجيبه الله إلى ما سأل فهو مقيد بمن شاء الله أن يجيبه اهـ. وعلى ما أشار إليه المصنف في معنى الإجابة وإنها تكون بالمطلوب تارة وبغيره أخرى فالداعي باق على عمومه ودعوته مجابة إما بالمطلوب أو بالثواب قال ابن عطاء الله في الحكم إذا فتح لك باب السؤال فقد فتح لك باب الإجابة وأصله حديث ابن أبي شيبة عن ابن عمر مرفوعاً من
إِذَا دَعَانِ} [البقرة: 186] وقال تعالى: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60].
وروينا في كتاب الترمذي عن عُبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما على الأرْضِ مُسْلِمٌ يَدْعُو الله تعالى بدَعْوَةٍ إلَاّ آتاهُ الله إيَّاها، أوْ صَرَفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَها ما لَمْ يَدْعُ بإثْمٍ أوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ، فقال رجَل من القوم: إذاً نُكْثرُ، قال: اللهُ أكثَرُ" قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
ورواه الحاكم أبو عبد الله في "المستدرك على الصحيحين" من رواية أبي سعيد الخدري،
ــ
فتح له منكم باب الدعاء فتحت له أبواب الإجابة والله أعلم. قوله: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} أي اعبدوني أثبكم على العبادة وجاء الدعاء بمعنى العبادة كثيراً ويقوي هذا التأويل قوله {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي} كذا في النهر وتفسير الجلالين. قوله: (روينا في كتاب الترمذي) وفي رواية للترمذي أيضاً من حديث أبي هريرة فإما أن تعجل له في الدنيا وإما أن يدخر له في الآخرة وإما أن يكفر عنه من ذنوبه بقدر ما دعا. قوله: (إلا آتاه الله إياها) أي في الحال أو بعد زمن. قوله: (أو صرف عنه من السوء مثلها) أي إن لم يقدر إجابة الدعاء صرف عنه ما قضي عليه من بلاء معلق بعدم الدعاء ويكون دفع ذلك البلاء عنه مثل حصول ما طلبه. قوله: (ما لم يدع بإثم) أي محرم وقد تقدم في أول باب آداب الدعاء تفصيل مبسوط فيه
فراجعه وقد نقل ابن حجر الهيتمي في شرح المشكاة ما تقدم في ذلك الباب عن القرافي وتعقبه في كثير منه. قوله: (أو قطيعة رحم) هو لكونه من جملة الدعاء الحرام من عطف الخاص على العام مبالغة في التعيير على قطيعة الرحم ولو بالدعاء المعلوم حرمته مما من كقوله: اللهم افعل بفلان كذا وهو رحمه وليس بظالم له أما الرحم الظالم فيجوز الدعاء بقدر ظلمه. قوله: (إذاً كثر) أي إذا كان الدعاء لا يرد منه شيء ولا يخيب الداعي في شيء منه نكثر من الدعاء لعظيم فوائده. قوله: (الله أكثر) بالمثلثة أي ثواباً وعطاء مما في نفوسكم فأكثروا ما شئتم فإنه يقابل دعوتكم بما هو منها أكثر وأجل. قوله: (ورواه الحاكم الخ) وقال صحيح الإسناد. قوله: