الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب حد المسكر
مدخل
…
باب حد المسكر
كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ يَحْرُمُ شُرْبُ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ، نَقَلَ ذَلِكَ الْجَمَاعَةُ مُطْلَقًا، وَلَوْ لِعَطَشٍ بِخِلَافِ الْمَاءِ النَّجِسِ، إلَّا لِدَفْعِ لُقْمَةٍ غُصَّ بِهَا وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَخَافَ تَلَفًا، وَيُقَدِّمُ بَوْلًا، وَيُقَدِّمُ عَلَيْهِمَا مَاءً نَجِسًا، وَأَبَاحَ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ مِنْ نَقِيعِ التَّمْرِ إذَا طُبِخَ مَا دُونَ الْمُسْكِرِ1، قَالَ الْخَلَّالُ: فُتْيَاهُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حنيفة.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في "ط""المسكر".
فَإِذَا شَرِبَهُ مُسْلِمٌ مُكَلَّفٌ عَالِمًا أَنَّ كَثِيرَهُ يسكر ويصدق مختارا لحله، لمكره1، وَعَنْهُ: لَا، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، ذَكَرَهُمَا فِي التَّعْلِيقِ، قَالَ: كَمَا لَا يُبَاحُ لِمُضْطَرٍّ، فَفِي حَدِّهِ رِوَايَتَانِ، قَالَهُ فِي الْوَاضِحِ "م 1"، وَالصَّبْرُ أَفْضَلُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَكَذَا كُلُّ مَا جَازَ فعله للمكره، ذكره القاضي وغيره. قال شَيْخُنَا: يُرَخِّصُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ فِيمَا يُكْرَهُ عَلَيْهِ2 مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ، لِحَقِّ اللَّهِ عز وجل، كَأَكْلِ الْمَيْتَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ الْإِمَامِ أحمد رحمه الله.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
"مَسْأَلَةٌ 1" قَوْلُهُ: "فَإِذَا شَرِبَهُ مُسْلِمٌ مُكَلَّفٌ عَالِمًا أَنَّ كَثِيرَهُ يُسْكِرُ "وَيُصَدَّقُ"3 مُخْتَارًا لِحِلِّهِ كَمُكْرَهٍ، وَعَنْهُ: لَا، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، فَفِي حَدِّهِ روايتان، قاله في4 الْوَاضِحِ"، انْتَهَى. يَعْنِي إذَا قُلْنَا لَا يَحِلُّ لِمُكْرَهٍ وَشَرِبَهُ مُكْرَهًا فَفِي حَدِّهِ رِوَايَتَانِ فِي الواضح.
1 في "ط""كمكره".
2 ليست في "ر".
3 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".
4 ليست في "ط".
وَيَثْبُتُ بِإِقْرَارِ مَرَّةٍ، كَحَدِّ الْقَذْفِ، وَعَنْهُ: مَرَّتَيْنِ، نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، وَجَعَلَ أَبُو الْخَطَّابِ بَقِيَّةَ الْحُدُودِ بِمَرَّتَيْنِ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ فِي حَدِّ الْخَمْرِ بِمَرَّتَيْنِ، وَإِنْ سَلَّمْنَا فَلِأَنَّهُ لَا يَتَضَمَّنُ إتْلَافًا، بِخِلَافِ حَدِّ السَّرِقَةِ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ حَدِّ الْقَذْفِ وَغَيْرِهِ إلَّا بِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ، كَالْقَوَدِ، فَدَلَّ عَلَى رِوَايَةٍ فِيهِ، وَهَذَا مُتَّجَهٌ أو بعدلين1، وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ قَوْلُهُمَا عَالِمًا تَحْرِيمَهُ مُخْتَارًا، كَدَعْوَاهُ إكراها أو جهله بسكره،
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
"قُلْت": الصَّوَابُ عَدَمُ الْحَدِّ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يُرِدْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إطْلَاقَ الْخِلَافِ، لِلِاخْتِلَافِ فِي التَّرْجِيحِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ حِكَايَتَهُ فِي الْجُمْلَةِ، وَقَدْ قَطَعَ فِي الْمُغْنِي2 3 وَالشَّرْحِ4 وَغَيْرِهِمَا أَنَّ الْمُكْرَهَ لَا يُحَدُّ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيّ وَغَيْرُهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ سَوَاءٌ قُلْنَا يَحِلُّ لِلْمُكْرَهِ أَمْ لَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
"وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ": يُحَدُّ الْمُكْرَهُ. اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي وُجُوبِ الْحَدِّ وَعَدَمِهِ في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
تَنْبِيهَاتٌ:
"أَحَدُهَا" ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي حَدِّهِ إذَا قُلْنَا إنَّهَا لَا تَحِلُّ لَهُ إذَا أُكْرِهَ عَلَيْهَا، وَالْمَجْدُ وَابْنُ حَمْدَانَ وَصَاحِبُ الْحَاوِي وَالنَّاظِمُ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ حَكَوْا الْخِلَافَ فِي حَدِّهِ، لَمْ يُفَصِّلُوا، وَكَذَا الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا قَطَعُوا بِعَدَمِ الْحَدِّ وَلَمْ يُفَرِّقُوا.
1 في "ط""أو عدلين".
2 "12/499".
3 ليسن في "ط".
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "26/425".
ويعزر من جهل تحريمه لقرب عهد بإسلام، ذَكَرَهُ فِي الْبُلْغَةِ كَالْحَدِّ. وَفِي الْفُصُولِ وَالْبُلْغَةِ: مُخْتَارًا، وَلَا يُسْأَلُ عَمَّا وَرَاءَهُ. وَفِي عُيُونِ المسائل: يثبت بعدلين يشهدان أَنَّهُ شَرِبَ مُسْكِرًا، وَلَا يَسْتَفْسِرُهُمَا الْحَاكِمُ عَمَّا شَرِبَ، لِأَنَّ كُلَّ مُسْكِرٍ يُوجِبُ الْحَدَّ فَدَلَّ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَرَهُ الْحَاكِمُ مُوجِبًا اسْتَفْسَرَهُمَا.
فَعَلَى الْحُرِّ الْحَدُّ ثَمَانُونَ جَلْدَةً، وَجَوَّزَهَا شَيْخُنَا لِلْمَصْلَحَةِ وَأَنَّهُ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ، وَعَنْهُ أَرْبَعُونَ اخْتَارَهُ، أَبُو بَكْرٍ وَالشَّيْخُ وَغَيْرُهُمَا، وَضَرَبَ عَلِيٌّ النَّجَاشِيَّ بِشُرْبِهِ فِي رَمَضَانَ ثَمَانِينَ، ثُمَّ حَبَسَهُ، ثُمَّ عِشْرِينَ مِنْ الْغَدِ1. نَقَلَ صَالِحٌ: أَذْهَبُ إلَيْهِ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: يَغْلُظُ 2عَلَيْهِ، كَمَنْ قَتَلَ فِي الْحَرَمِ، وَاخْتَارَ أَبُو بَكْرٍ يُعَزَّرُ بِعَشْرَةٍ فَأَقَلَّ. وفي المغني23: عزره بعشرين لفطره،
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
"الثَّانِي" قَوْلُهُ: "وَيُعَزَّرُ مَنْ جَهِلَ تَحْرِيمَهُ لِقُرْبِ عَهْدٍ بِإِسْلَامٍ، ذَكَرَهُ فِي الْبُلْغَةِ"، انْتَهَى.
صَوَابُهُ: "وَلَا يُعَزَّرُ" بِزِيَادَةِ لَا، وَهُوَ فِي الْبُلْغَةِ كذلك، والمعنى يساعده.
1 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى "8/321".
2 2ليست في "ط".
3 ص "69".
وَالرَّقِيقُ نِصْفُهُ وَعَنْهُ: يُحَدُّ ذِمِّيٌّ لَا حَرْبِيٌّ، وَقِيلَ: إنْ سَكِرَ، وَالْمَذْهَبُ: لَا. قَالَ فِي الْبُلْغَةِ: وَلَوْ رَضِيَ بِحُكْمِنَا، لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ بِالِانْقِيَادِ فِي مُخَالَفَةِ دِينِهِ.
وَيُحَدُّ مَنْ احْتَقَنَ بِهَا، فِي الْمَنْصُوصِ، كَمَا لَوْ اسْتَعَطَ أَوْ عَجَنَ دَقِيقًا فَأَكَلَهُ. وَفِي الْمُغْنِي1: وَلَمْ يَخْبِزْ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: أَوْ تَمَضْمَضَ حُدَّ. وَذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ قَوْلًا ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ بَعِيدٌ، وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: إنْ وَصَلَ جَوْفَهُ حُدَّ.
وَيَحْرُمُ الْعَصِيرُ إذَا غَلَى، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَعَنْهُ: إذَا غَلَى أكرهه و2إنْ لَمْ يُسْكِرْ فَإِذَا أَسْكَرَ فَحَرَامٌ، وَعَنْهُ الوقف فيما نش3، والمنصوص: يَحْرُمُ مَا تَمَّ لَهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، زَادَ بَعْضُهُمْ: بِلَيَالِيِهَا، وَإِذَا طُبِخَ قَبْلَ التَّحْرِيمِ حَلَّ إنْ ذَهَبَ ثُلُثَاهُ وَبَقِيَ ثُلُثُهُ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ. وفي المغني4: أو لم يسكر. وله
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
وَالثَّالِثُ" قَوْلُهُ: "وَيَحْرُمُ الْعَصِيرُ إذَا غَلَى نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَعَنْهُ إذَا غَلَى أَكْرَهُهُ وَإِنْ لَمْ يُسْكِرْ"، انْتَهَى.
صَوَابُهُ "إنْ لَمْ يُسْكِرْ" بِإِسْقَاطِ الواو.
1 "12/498".
2 ليست في "ط".
3 أي غلى المصباح "نش".
4 "12/514".
وَضْعُ تَمْرٍ وَنَحْوِهِ فِي مَاءٍ لِتَحْلِيَتِهِ مَا لَمْ يَشْتَدَّ أَوْ تَتِمَّ ثَلَاثٌ، نَصَّ عَلَيْهِ.
نَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ: إذَا نَقَعَ زَبِيبًا أَوْ تَمْرَ هِنْدِيٍّ أَوْ عُنَّابًا وَنَحْوَهُ لِدَوَاءٍ غَدْوَةً، وَيَشْرَبُهُ عَشِيَّةً، أَوْ عَشِيَّةً وَيَشْرَبُهُ غَدْوَةً: هَذَا نَبِيذٌ أَكْرَهُهُ، وَلَكِنْ يَطْبُخُهُ وَيَشْرَبُهُ عَلَى الْمَكَانِ، فَهَذَا لَيْسَ نَبِيذًا.
وَإِنْ غَلَى الْعِنَبُ وَهُوَ عِنَبٌ فَلَا بَأْسَ بِهِ، نَقَلَهُ أَبُو دَاوُد، وَيُبَاحُ فُقَّاعٌ1، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ لِأَنَّهُ لَا يُسْكِرُ، وَيَفْسُدُ إذَا بَقِيَ، وَعَنْهُ: يُكْرَهُ. وَفِي الْوَسِيلَةِ رِوَايَةٌ: يَحْرُمُ، وَجَعَلَ أَحْمَدُ وَضْعَ زَبِيبٍ فِي خَرْدَلٍ كَعَصِيرٍ. وَأَنَّهُ إنْ صُبَّ فِيهِ 2خَلٌّ أُكِلَ2.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
وَالرَّابِعُ" قَوْلُهُ: "وَنَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ إذَا نَقَعَ زَبِيبًا أَوْ تَمْرَ هِنْدِيٍّ وَعُنَّابًا وَنَحْوَهُ"، انْتَهَى.
قَالَ ابْنُ مُغَلِّي كَذَا وَقَعَ فِي النُّسَخِ بِأَوْ، وَإِنَّمَا هُوَ بِالْوَاوِ وَالْكَرَاهَةُ لِأَجْلِ الْخَلِيطَيْنِ ذَكَرَهَا جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَبَوَّبَ أَبُو بَكْرٍ فِي زَادِ الْمُسَافِرِ بَابَ الْقَوْلِ فِي تَحْرِيمِ الْخَلِيطَيْنِ وَذَكَرَهَا فِيهِ انْتَهَى وَيَظْهَرُ لِي أنه لا اعتراض على المصنف وأن
1 الفقاع: شراب يتخذ من الشعير سمي به لما يعلوه من الزبد. اللسان "فقع".
2 2في الأصل "حل أكله".
وَيُكْرَهُ الْخَلِيطَانِ، كَنَبِيذٍ تَمْرٍ وَزَبِيبٍ أَوْ مُذِيبٍ1 وَحْدَهُ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَعَنْهُ: يَحْرُمُ، اخْتَارَهُ فِي التنبيه، وعنه: لا يكره، اختار2 فِي التَّرْغِيبِ وَاخْتَارَهُ فِي الْمُغْنِي3، مَا لَمْ يَحْتَمِلْ إسْكَارَهُ.
وَلَهُ الِانْتِبَاذُ فِي دَبًا وَحَنْتَمٍ وَنَقِيرٍ وَمُزَفَّتٍ.
وَفِي كِتَابِ الْهَدْيِ رِوَايَةٌ: يَحْرُمُ، وَعَنْهُ: يُكْرَهُ، وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ. قَالَهُ الْخَلَّالُ. وَعَنْهُ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَوْعِيَةِ، إلَّا سِقَاءً يُوكَى حَيْثُ بَلَغَ الشَّرَابُ، وَلَا يُتْرَكُ يَتَنَفَّسُ، نَقَلَهُ جَمَاعَةٌ، وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد: لَا يُعْجِبُنِي إلَّا هُوَ، ونقل جماعة أنه كره السقاء الغليظ والله أعلم.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
كَلَامَهُ فِي الْخَلِيطَيْنِ وَاضِحٌ وَتَقْدِيرُهُ إذَا نَقَعَ زَبِيبًا وَعُنَّابًا أَوْ تَمْرَ هِنْدِيٍّ وَعُنَّابًا وَنَحْوَهُ، وَهَذَا وَافٍ بِالْخَلِيطَيْنِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
4فَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ فِي هَذَا الباب4.
1 في "ط""مذنب" والمذنب: التمر الذي بدأ فيه الإرطاب من قبل ذنبه يقال: ذنببت البسرة فهي مذنبة المطلع ص "390".
2 في الأصل و"ط""واختاره".
3 "12/517".
4 4 ليست في "ط".