المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌ ‌ ‌كتاب الجهاد ‌ ‌مدخل * … كتاب الجهاد وَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ عَلَى مُكَلَّفٍ ذَكَرٍ حُرٍّ، فَإِنَّ - الفروع وتصحيح الفروع - جـ ١٠

[شمس الدين ابن مفلح - المرداوي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد العاشر

- ‌كتاب الديات

- ‌فصل: باب العاقلة وما تحمله

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: وَلَا تَحْمِلُ عَاقِلَةٌ عَمْدًا

- ‌فصل: باب كفارة القتل

- ‌مدخل

- ‌فصل: باب القسامة

- ‌مدخل

-

- ‌كتاب الحدود

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: وَإِنْ اجْتَمَعَتْ حُدُودٌ لِلَّهِ عز وجل فَإِنْ كَانَ فِيهَا قَتْلٌ اُسْتُوْفِيَ وَحْدَهُ

- ‌باب حد الزنا

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: وَلَا حَدَّ إلَّا بِتَغْيِيبِ حَشَفَةٍ أَصْلِيَّةٍ مِنْ خَصِيٍّ أَوْ فَحْلٍ أَوْ قَدْرِهَا لِعَدَمٍ

- ‌باب القذف

- ‌مدخل

- ‌فصل: صريح الْقَذْفِ

- ‌فَصْلٌ: وَهُوَ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ

- ‌باب حد المسكر

- ‌مدخل

- ‌باب التعزير

- ‌مدخل

- ‌باب السرقة

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: مَنْ دَخَلَ حِرْزًا فَبَلَعَ 2جَوْهَرَةً وَخَرَجَ

- ‌فَصْلٌ: وَيُقْطَعُ كُلُّ قَرِيبٍ بِسَرِقَةِ مَالِ قَرِيبِهِ إلَّا عَمُودَيْ نَسَبِهِ

- ‌باب حد قاطع الطريق

- ‌مدخل

- ‌باب قتال أهل البغي

- ‌مدخل

- ‌باب حكم المرتد

- ‌مدخل

- ‌فصل: ويكفر الساحر كاعتقاد حله

-

- ‌كتاب الجهاد

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: يَلْزَمُ كُلَّ أَحَدٍ إخْلَاصُ النِّيَّةِ لِلَّهِ عز وجل في الطاعات

- ‌فَصْلٌ: وَمَنْ أَسَرَ أَسِيرًا حَرُمَ عَلَى الْأَصَحِّ قَتْلُهُ

- ‌باب قسمة الغنيمة

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: وَيُبْدَأُ فِي قِسْمَةِ الْغَنِيمَةِ بِمَنْ تَقَدَّمَ وَبِمُسْتَحَقِّ السَّلَبِ

- ‌فَصْلٌ: ثُمَّ يُخَمَّسُ الْبَاقِي وَيُقَسَّمُ خُمُسُهُ خَمْسَةَ أسهم

- ‌فصل: فَيُقْسَمُ لِلرَّاجِلِ سَهْمٌ، وَلِلْفَارِسِ ثَلَاثَةٌ

- ‌باب حكم الأرضين المغنومة

- ‌مدخل

- ‌باب الأمان

- ‌مدخل

- ‌باب الهدنة

- ‌مدخل

- ‌باب عقد الذمة

- ‌مدخل

- ‌باب أحكام الذمة

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: وَيُمْنَعُونَ مَقَامَ الْحِجَازِ

- ‌فصل: وَإِنْ تَحَاكَمَ إلَيْنَا ذِمِّيَّانِ فَعَنْهُ يَلْزَمُ الْحُكْمُ، وَالْإِعْدَاءُ

- ‌باب الفيء

- ‌مدخل

-

- ‌كتاب الأطعمة

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: وَيَحِلُّ كُلُّ حَيَوَانٍ بَحْرِيٍّ إلَّا الضِّفْدَعَ

- ‌كتاب الصيد

- ‌مدخل

-

- ‌كتاب الأيمان

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: وَيَحْرُمُ الْحَلِفُ بِغَيْرِ اللَّهِ

- ‌فصل: وَيَشْتَرِطُ لِلْيَمِينِ الْمُنْعَقِدَة قَصْدُ عَقْدِهَا عَلَى مُسْتَقْبَلٍ

- ‌فَصْلٌ: مَنْ لَزِمَتْهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فَلَهُ إطْعَامُ عشرة مساكين

الفصل: ‌ ‌ ‌ ‌كتاب الجهاد ‌ ‌مدخل * … كتاب الجهاد وَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ عَلَى مُكَلَّفٍ ذَكَرٍ حُرٍّ، فَإِنَّ

‌كتاب الجهاد

‌مدخل

*

كتاب الجهاد

وَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ عَلَى مُكَلَّفٍ ذَكَرٍ حُرٍّ، فَإِنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ لَا يَلْزَمُ رَقِيقًا وَلَوْ أذن له1 سيده2 صَحِيحٍ، وَلَوْ أَعْوَرَ، وَاجِدٍ وَفِي الْمُحَرَّرِ: وَلَوْ مِنْ الْإِمَامِ مَا يَحْتَاجُهُ هُوَ وَأَهْلُهُ لِغَيْبَتِهِ، وَمَعَ مَسَافَةِ قَصْرٍ مَرْكُوبًا وَعَنْهُ: يَلْزَمُ عَاجِزًا بِبَدَنِهِ فِي مَالِهِ، اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ وَشَيْخُنَا كَحَجٍّ 3عَلَى مَعْضُوبٍ3، وَأَوْلَى. وَفِي الْمُذْهَبِ قَوْلُ: يَلْزَمُ أَعْرَجَ يَقْدِرُ عَلَى الْمَشْيِ، وَفِي الْبُلْغَةِ: يَلْزَمُ أَعْرَجَ يَسِيرًا، وَإِذَا قَامَ بِهِ طَائِفَةٌ كَانَ سُنَّةً فِي حَقِّ غَيْرِهِمْ، صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ، وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ غَيْرِهِ، وَأَنَّ مَا عدا القسمين هنا سنة،

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 ليست في الأصل.

2 في الأصل "سيد".

3 3في الأصل "عن مغصوب".

ص: 225

وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ: يَجِبُ الْجِهَادُ بِاللِّسَانِ، فَيَهْجُوهُمْ1 الشَّاعِرُ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ "اُهْجُ الْمُشْرِكِينَ" رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَحْمَدُ2، وَلَهُ3 بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّ كَعْبًا قَالَ له: إن الله أنزل في الشعر4 مَا أَنْزَلَ. فَقَالَ: "الْمُؤْمِنُ يُجَاهِدُ بِسَيْفِهِ وَلِسَانِهِ، وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَكَأَنَّمَا تَرْمُونَهُمْ بِهِ نَضْحُ النَّبْلِ". وَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ5 عَنْ عَمَّارٍ قَالَ: شَكَوْنَا إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم هِجَاءَ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ: "اُهْجُوهُمْ كَمَا6 يَهْجُونَكُمْ". وَذَكَرَ شَيْخُنَا الْأَمْرَ بِالْجِهَادِ فَمِنْهُ بِالْقَلْبِ وَالدَّعْوَةِ وَالْحُجَّةِ وَالْبَيَانِ وَالرَّأْيِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْبَدَنِ فَيَجِبُ بِغَايَةِ مَا يُمْكِنُهُ، وَالْحَرْبُ خُدْعَةٌ:

الرَّأْيُ قَبْلَ شَجَاعَةِ الشُّجْعَانِ

هُوَ أَوَّلٌ وَهِيَ7 الْمَحِلُّ الثَّانِي

فَإِذَا هُمَا اجْتَمَعَا لِعَبْدٍ مَرَّةً

بَلَغَا مِنْ الْعَلْيَاءِ كُلَّ مكان8

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 في "ر""فيهجرهم".

2 أخرجه أحمد في المسند "18526" بهذا اللفظ وعلقه البخاري "4124" بصيغة الجزم وأخرجه البخاري "3213" ومسلم "2486" وأحمد في المسند "18650" بلفظ "هاجهم – أو اهجهم – فإن جبريل معك" من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه.

3 أي أحمد في المسند برقم "15785" من حديث كعب بن مالك.

4 في "ر" و"ط""الشعراء".

5 في المسند "18314" بلفظ "قولوا لهم كما يقولون لكم".

6 في "ط""ما".

7 في "ر""وهو".

8 الأبيات للمتنبي في ديوانه ص "441".

ص: 226

قال وعلى الرسول1 أَنْ يُحَرِّضَهُمْ عَلَى الْجِهَادِ، وَيُقَاتِلَ بِهِمْ عَدُوَّهُ بِدُعَائِهِمْ وَرَأْيِهِمْ وَفِعْلِهِمْ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُمْكِنُ الِاسْتِعَانَةُ بِهِ عَلَى الْجِهَادِ، وَيَفْعَلُ مَعَ بَرٍّ وَفَاجِرٍ يَحْفَظَانِ الْمُسْلِمِينَ، لَا مُخَذِّلٍ وَنَحْوِهِ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا:"إنَّ اللَّهَ لَيُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ" مُخْتَصَرٌ مِنْ الصَّحِيحَيْنِ2.

وَيُقَدَّمُ الْقَوِيُّ مِنْهُمَا، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ، كُلَّ عَامٍ مَرَّةً إلَّا لِمَانِعٍ بِطَرِيقٍ، وَلَا يُعْتَبَرُ أَمْنُهَا فَإِنَّ وَضَعْهُ عَلَى الْخَوْفِ، وَعَنْهُ: يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ لِحَاجَةٍ، وَعَنْهُ: وَمَصْلَحَةٍ كَرَجَاءِ إسْلَامٍ، نَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ: لَوْ اخْتَلَفُوا عَلَى رَجُلَيْنِ لَمْ يَتَعَطَّلْ الْغَزْوُ وَالْحَجُّ. هَذَانِ3 بَابَانِ لَا يَدْفَعُهُمَا شَيْءٌ أَصْلًا وَمَا يُبَالِي مِنْ قَسْمِ الْفَيْءِ أَوْ مِنْ4 وَلِيِّهِمَا، وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: يَجِبُ الْجِهَادُ بِلَا إمَامٍ إذَا صَاحُوا النَّفِيرَ، وَسَأَلَهُ أَبُو دَاوُد: بِلَادٌ غَلَبَ عَلَيْهَا رَجُلٌ 5فَنَزَلَ الْبِلَادَ يُغْزِي بِأَهْلِهَا5، يَغْزُو مَعَهُمْ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْت: يَشْتَرِي مِنْ سَبْيِهِ؟ قَالَ: دَعْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ: الْغَزْوُ لَيْسَ مِثْلَ شِرَاءِ السَّبْيِ، الْغَزْوُ دَفْعٌ عَنْ الْمُسْلِمِينَ لا يترك لشيء، فيتوجه في6 سبيه كمن غزا بلا إذن.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 في "ط""الأمير" وجاء في الأصل تعد لفظة الرسول: صلى الله عليه وسلم.

2 البخاري "3062" ومسلم "111""178".

3 في الأصل "هذا".

4 ليست في الأصل.

5 5 وردتهذه االعبارة في مسائل أبي داود ص "234" هكذا "فترك والبلاد يغزو بأهلها".

6 في "ط""من".

ص: 227

وَمَنْ حُصِرَ1 بَلَدُهُ أَوْ هُوَ عَدُوٌّ أَوْ اسْتَنْفَرَهُ مَنْ لَهُ اسْتِنْفَارُهُ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِوُجُوبِهِ. وَفِي الْبُلْغَةِ: يَتَعَيَّنُ فِي مَوْضِعَيْنِ: إذَا الْتَقَيَا، وَالثَّانِي إذَا نَزَلُوا بَلَدَهُ إلَّا لِحَاجَةِ حِفْظِ أَهْلٍ أَوْ مَالٍ، وَالثَّانِي مَنْ يَمْنَعُهُ الْأَمِيرُ، وَيَلْزَمُ الْعَبْدَ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، هَذَا فِي الْقَرِيبِ، أَمَّا مِنْ عَلَى مَسَافَةِ قَصْرٍ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا مَعَ عَدَمِ الْكِفَايَةِ، وَلَوْ نُودِيَ بِالصَّلَاةِ وَالنَّفِيرِ صَلَّى وَنَفَرَ، وَمَعَ قُرْبِ الْعَدُوِّ يَنْفِرُ وَيُصَلِّي رَاكِبًا أَفْضَلُ، وَلَا يَنْفِرُ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ، وَلَا بَعْدَ الْإِقَامَةِ، نَصَّ عَلَى الثَّلَاثِ، وَنَقَلَ أَبُو داود أيضا في

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 في "ط""حضر".

ص: 228

الْأَخِيرَةِ: يَنْفِرُ إنْ كَانَ عَلَيْهِ وَقْتٌ، قُلْت: لَا يَدْرِي نَفِيرٌ حَقٌّ أَمْ لَا؟ قَالَ: إذَا نَادَوْا بِالنَّفِيرِ فَهُوَ حَقٌّ، قُلْت: إنَّ أَكْثَرَ النَّفِيرِ لَا يَكُونُ حَقًّا قَالَ: يَنْفِرُ يَكُونُ يَعْرِفُ مَجِيءَ عَدُوِّهِمْ كَيْفَ هُوَ.

وَمَنْ لَمْ يَنْفِرْ عَلَى فَرَسٍ حَبِيسٍ عِنْدَهُ إبْقَاءً عَلَيْهِ فَلَا بَأْسَ، وَإِنْ تَرَكَهُ لِشُغْلِهِ بِحَاجَةٍ أَعْطَاهُ مَنْ يَنْفِرُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَغْزُ عَلَيْهِ كُلَّ غَزَاةٍ لِيُرِيحَهُ فَلَا بَأْسَ، قُلْت: يَتَقَدَّمُ فِي الْغَارَةِ أَوْ يَتَأَخَّرُ فِي السَّاقَةِ؟ قَالَ: مَا كَانَ أَحْوَطَ، مَا يَصْنَعُ بِالْغَنَائِمِ إنَّمَا يُرَادُ سَلَامَةُ الْمُسْلِمِينَ.

وَقَالَ الْقَاضِي قَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي السُّنَنِ: فِي النَّفِيرِ وَقْتَ الْخُطْبَةِ. إذَا لَمْ يُسْتَغَاثُوا وَلَمْ يَتَيَقَّنُوا أَمْرَ الْعَدُوِّ: لَمْ يَنْفِرُوا حَتَّى يُصَلُّوا، قَالَ: وَلَا تَنْفِرُ الْخَيْلُ إلَّا عَلَى حَقِيقَةٍ، وَيَتَوَجَّهُ أَوْ خَوْفٍ، لِلْخَبَرِ1، قَالَ: وَلَا يَنْفِرُ عَلَى غُلَامٍ آبِقٍ، لَا يَهْلَكُ النَّاسُ بِسَبَبِهِ.

وَلَوْ نَادَى: الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ، لِحَادِثَةٍ فَيُشَاوِرُ فِيهَا لَمْ يَتَأَخَّرْ أَحَدٌ بِلَا عُذْرٍ وَجِهَادُ الْمُجَاوِرِ مُتَعَيَّنٌ نَصَّ عَلَيْهِ إلَّا لِحَاجَةٍ، وَمَعَ التَّسَاوِي جِهَادُ أَهْلِ الْكِتَابِ أَفْضَلُ، وَفِي الْبَحْرِ أَفْضَلُ، وَفِي الْخَبَرِ:"لَهُ أَجْرُ شَهِيدَيْنِ"2، ذَكَرَهُ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الله، وإذا 3غزا فيه فأراد رجل أن3 يقيم بالساحل لم يجز

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 هو – والله أعلم – ما أخرجه البخاري "1834" ومسلم "1353""445" مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لا هجرة ولكن جهاد ونية استنفرتم فانفروا......" الحديث.

2 أخرجه أبو داود "2493" عن أم حرام عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قال: "المائد في البحر الذي يصيبه القيء له أجر شهيد والغرق له أجر شهيدين".

3 3 في "ط""غزا فيه فأراد رجل".

ص: 229

إلَّا بِإِذْنِ الْوَالِي عَلَى كُلِّ الْمَرَاكِبِ، نَقَلَهُ أَبُو دَاوُد قُلْت: مَتَى يَتَقَدَّمُ الرَّجُلُ بِلَا إذْنٍ؟ قَالَ: إذَا صَارَ بِأَرْضِ الْإِسْلَامِ، قُلْت: إنه صار وربما تعرض العلج للرجل وللحطاب1؟ قَالَ: لَا يَتَقَدَّمُ حَتَّى يَأْمَنَ، ثُمَّ تَلَا {وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ} [النور: 62] قُلْت: أَذِنَ لَهُ فِي أَرْضِ الْخَوْفِ يَتَقَدَّمُ لَهُ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَدْ يَبْعَثُ الْمُبَشِّرَ وَفِي الْحَاجَةِ. قُلْت: الْمُتَسَرِّعُ يُقَدَّمُ فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ الرَّجُلُ؟ قَالَ: مَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُخَطِّي إلَيْهِ كَذَا فِي عِدَّةِ نُسَخٍ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ لَا يَتَلَقَّاهُ.

وَسَأَلَهُ أَيْضًا: فِي الْمَرْكَبِ مِنْ يَتَعَرَّى وَمَنْ يَغْتَابُ النَّاسَ؟ قَالَ: يَغْزُو مَعَهُمْ 2وَيَأْمُرُهُمْ. قَالَ أَحْمَدُ: أَكْرَهُ الْحَرَسَ بِالْجَرَسِ. قُلْت: فَيَحْرُسُ الرَّجُلُ مَعَهُمْ2 وَلَا يَنْتَهُونَ؟ قَالَ: يَحْرُسُ وَلَا يَضْرِبُ بِهِ. سُئِلَ عَنْ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالتَّكْبِيرِ فِي الْحَرَسِ، قَالَ: الَّذِي نَهَى عَنْهُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي السَّفَرِ، فَأَمَّا أَنْ يَكُونُوا فِي الْحَرَسِ 3يُرِيدُونَ الْعَدُوَّ أَيْ عِنْدَنَا عُدَّةٌ3 فَلَا بَأْسَ. قِيلَ: يَحْرُسُ رَاجِلًا أَوْ رَاكِبًا؟ قَالَ: مَا يَكُونُ أَنْكَى، قُلْت: هُوَ حِيَالُ حصن

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

.

1 في "ط""للخطيب".

2 2 ليست في "ر".

3 3 وردت هذه العبارة في مسائل أبي داود ص "254" هكذا "يرون العدو أن عندنا عدة".

ص: 230

يَحْرُسُ لَا يَخْرُجُ أَهْلُ الْحِصْنِ. قَالَ: هَذَا راكبا أفضل.

وَيُسْتَحَبُّ تَشْيِيعُ غَازٍ، لَا تَلْقِيهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ هَنَّأَهُ بِالسَّلَامَةِ مِنْ الشَّهَادَةِ وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ حَجٌّ وَأَنَّهُ يَقْصِدُهُ لِلسَّلَامِ، وَنَقَلَ عَنْهُ فِي حَجِّ: لَا إلَّا إنْ كَانَ قَصَدَهُ أَوْ كان1 ذَا عِلْمٍ أَوْ هَاشِمِيًّا أَوْ2 مَنْ يُخَافُ شَرُّهُ. وَشَيَّعَ أَحْمَدَ أُمَّةٌ3 لِحَجٍّ، وَنَقَلَ ابْنَاهُ أَنَّهُ قَالَ لَهُمَا: اُكْتُبَا اسْمَ مَنْ سَلَّمَ عَلَيْنَا مِمَّنْ حَجَّ حَتَّى إذَا قَدِمَ سَلَّمْنَا عَلَيْهِ. قَالَ الْقَاضِي: جَعَلَهُ مُقَابَلَةً، وَلَمْ يَسْتَحِبَّ أَنْ يَبْدَأَهُمْ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: مَحْمُولٌ عَلَى صِيَانَةِ الْعِلْمِ لَا عَلَى الْكِبْرِ، وَفِي الْفُنُونِ: تَحْسُنُ التَّهْنِئَةُ بِالْقُدُومِ لِلْمُسَافِرِ، كَالْمَرْضَى تَحْسُنُ تَهْنِئَةُ كُلٍّ مِنْهُمْ بِسَلَامَتِهِ. وَفِي نِهَايَةِ أَبِي الْمَعَالِي: تُسْتَحَبُّ زِيَارَةُ الْقَادِمِ وَأَنَّهُ يُحْمَلُ قَوْلُ أَحْمَدَ وَقِيلَ لَهُ: أَلَا تَعُودُ فُلَانًا؟ قَالَ: إنَّهُ لَا يَعُودُنَا. عَلَى أَنَّهُ صَاحِبُ بِدْعَةٍ. أَوْ مَانِعُ زَكَاةٍ، ذَكَرَهُ4. وَفِي الرِّعَايَةِ: أَنَّ الْقَاضِيَ يُوَدِّعُ الْغَازِيَ وَالْحَاجَّ مَا لَمْ يَشْغَلْهُ عَنْ الْحُكْمِ. وَرَوَى سَعِيدٌ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ عَنْ الْحَكَمِ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لو يعلم المقيمون ما للحاج عليهم5 مِنْ الْحَقِّ لَأَتَوْهُمْ حَتَّى يُقَبِّلُوا رَوَاحِلَهُمْ، لِأَنَّهُمْ وفد الله في جميع الناس

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 ليست في "ر" و"ط".

2 بعدها في الأصل "من".

3 في "ط""أمة".

4 بعدها في الأصل بياض بقدر كلمة.

5 في "ط""عليه".

ص: 231

حَجَّاجٌ هُوَ ابْنُ أَرْطَاةَ ضَعِيفٌ مُدَلِّسٌ. وَالْحَكَمُ هو ابن عتيبة1، لَمْ يَلْقَ ابْنَ عَبَّاسٍ.

وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي أَوَّلِ الْجُزْءِ الثَّانِي مِنْ بَهْجَةِ الْمَجَالِسِ: قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: لَا تَلَقَّوْا الْحَاجَّ وَلَا تُشَيِّعُوهُمْ2.

وَفِي قِصَّةٍ تَخَلُّفَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ3 تَهْنِئَةُ مَنْ تَجَدَّدَتْ لَهُ نِعْمَةٌ دِينِيَّةٌ. وَالْقِيَامُ إلَيْهِ وَمُصَافَحَتُهُ، وَإِعْطَاءُ الْبَشِيرِ، وَأَمَّا تَهْنِئَةُ مَنْ تَجَدَّدَتْ لَهُ نِعْمَةٌ دُنْيَوِيَّةٌ فَهُوَ4 مِنْ عُرْفٍ وَعَادَةٍ أيضا، لكن5 الظَّاهِرُ أَنَّهُ مُحْدِثٌ. قَالَ فِي كِتَابِ الْهَدْيِ: هُوَ جَائِزٌ وَلَمْ يَقُلْ بِاسْتِحْبَابِهِ، كَمَا ذَكَرَهُ فِي النِّعْمَةِ الدِّينِيَّةِ، قَالَ: وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ لَهُ: لِيُهَنِّئَك6 مَا أَعْطَاك اللَّهُ، وَمَا مَنَّ اللَّهُ بِهِ عَلَيْك فَإِنَّ فِيهِ تَوْلِيَةَ النِّعْمَةِ رَبَّهَا، وَالدُّعَاءُ لِمَنْ نَالَهَا بِالتَّهَنِّي بِهَا.

وَذَكَرَ الْآجُرِّيُّ اسْتِحْبَابَ تَشْيِيعِ الْحَاجِّ وَوَدَاعِهِ وَمَسْأَلَتِهِ أَنْ يَدْعُوَ لَهُ، نَقَلَ الْفَضْلُ بْنُ زِيَادٍ: 7مَا سَمِعْنَا7 أَنْ يُدْعَى لِلْغَازِي إذَا قَفَلَ، وَأَمَّا الْحَاجُّ فَسَمِعْنَا "عَنْ" ابْنِ عُمَرَ وَأَبِي قِلَابَةَ8: وأن الناس ليدعون. وقال ابن أصرم:

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 في "ر" و"ط""عيينة".

2 لم نقف عليه.

3 القصة أخرجها البخاري "4418" ومسلم "2769""53" من روابة ربيعو بن كعب عن أبيه.

4 بعدها في "ط""من".

5 في "ط""لأنه".

6 في "ط""ليهنئك".

7 7 في "ر""ثنا إسماعيل".

8 أثر ابن عمر أخرجه عبد الرزاق في المصنف "9266" وابن أبي شيبة في المصنق "4/108" بلفظ: كان يقول للحاج إذا قدم تقبل الله نسكك وأعظم أجرك وأخلف نفقتك. ==. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

== وأثر أبي قلابة أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف "4/108" أنه لقي رجلا رجع من العمرة فقال: بر العمل بر العمل.

ص: 232

سَمِعْته يَقُولُ لِرَجُلٍ: تَقَبَّلَ اللَّهُ حَجَّك، وَزَكَّى عَمَلَك، وَرَزَقَنَا وَإِيَّاكَ الْعَوْدَ إلَى بَيْتِهِ الْحَرَامِ. وَفِي الْغُنْيَةِ: تَقَبَّلَ اللَّهُ سَعْيَك، وَأَعْظَمَ أَجْرَك، وأخلف نفقتك; لأنه روي عن عمر1.

وَتُكَفِّرُ الشَّهَادَةُ غَيْرَ الدَّيْنِ. قَالَ شَيْخُنَا: وَغَيْرَ مَظَالِمِ الْعِبَادِ كَقَتْلٍ وَظُلْمٍ وَزَكَاةٍ وَحَجٍّ أَخَّرَهُمَا وَقَالَ شَيْخُنَا: وَمَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ الْحَجَّ يُسْقِطُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ فَإِنَّهُ يُسْتَتَابُ، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ، وَلَا يَسْقُطُ حَقُّ الْآدَمِيِّ مِنْ دَمٍ أَوْ مَالٍ أَوْ عِرْضٍ، بِالْحَجِّ "ع".

وَقَالَ الْآجُرِّيُّ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْخَبَرَ: إنَّ الشَّهَادَةَ تُكَفِّرُ غَيْرَ الدَّيْنِ2، قَالَ: هَذَا إنَّمَا هُوَ لِمَنْ تَهَاوَنَ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ، أَمَّا مَنْ اسْتَدَانَ دَيْنًا وَأَنْفَقَهُ فِي غَيْرِ سَرَفٍ وَلَا تَبْذِيرٍ ثُمَّ لَمْ يُمْكِنْهُ قَضَاؤُهُ فَإِنَّ اللَّهَ يَقْضِيه عَنْهُ، مَاتَ أَوْ قُتِلَ.

وَتُكَفِّرُ طَهَارَةٌ وَصَلَاةٌ وَرَمَضَانُ وَعَرَفَةُ وَعَاشُورَاءُ الصَّغَائِرَ. فَقَطْ، قَالَ شَيْخُنَا: وَكَذَا حَجٌّ; لِأَنَّ الصَّلَاةَ وَرَمَضَانَ أَعْظَمُ مِنْهُ، وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ، وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: بِرُّ الْوَالِدَيْنِ كَفَّارَةٌ لِلْكَبَائِرِ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ3 أَوْ الصَّحِيحِ: "الْعُمْرَةُ إلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا" قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ كِبَارَ الطَّاعَاتِ يُكَفِّرُ اللَّهُ مَا بَيْنَهُمَا لأنه لم يقل كفارة لصغار

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 لم أقف عليه وروي عن ابن عمر كما سبق في التخريج الذي قبله.

2 أخرجه مسلم في صحيحه "1886""119" عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين".

3 البخاري "1773" وَمُسْلِمٍ "1349""437" مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.

ص: 233

ذُنُوبِهِ، بَلْ إطْلَاقُهُ يَتَنَاوَلُ الصَّغَائِرَ وَالْكَبَائِرَ قَالَ: وَقَوْلُهُ: "الْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إلَّا الْجَنَّةُ" 1 أَيْ زَادَتْ قِيمَتُهُ فَلَمْ يُقَاوِمْهُ شَيْءٌ مِنْ الدُّنْيَا، وَقَوْلُهُ:"فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ" 2 أَيْ أَيَّامَ الْحَجِّ فَيَرْجِعُ وَلَا ذَنْبَ لَهُ، وَبَقِيَ حَجُّهُ فَاضِلًا لَهُ، لِأَنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ. وَالْمَذْهَبُ: لَا تَذْهَبُ، وَقَالَ فِي سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ: لَمَّا نَزَّهَ اللَّهَ تَعَالَى عَمَّا لا يجوز له3 نَزَّهَهُ مِنْ خَطَايَاهُ كُلِّهَا الَّتِي تَجُوزُ عَلَيْهِ.

يُقَالُ: بَرِرْت أَبِي بِكَسْرِ الرَّاءِ أَبَرُّهُ بِضَمِّهَا مَعَ فَتْحِ الْبَاءِ بِرًّا وَأَنَا بَرٌّ بِهِ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَبَارٌّ، وَجَمْعُ الْبَرِّ الْأَبْرَارُ، وَجَمْعُ الْبَارِّ الْبَرَرَةُ. وَهُوَ الْإِحْسَانُ وَفِعْلُ الْجَمِيلِ وَمَا يَسُرُّ.

قَالَ شَيْخُنَا: مَنْ عَرَفَ أَنَّ الْأَعْمَالَ الظاهرة4 تعظيم قدرها بما5 في القلوب من5 الْإِيمَانُ وَهُوَ مُتَفَاضِلٌ لَا يَعْلَمُ مَقَادِيرَهُ إلَّا اللَّهُ تَعَالَى، عَرَفَ أَنَّ مَا قَالَهُ الرَّسُولُ حَقٌّ، وَلَمْ يَضْرِبْ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ، وَقَدْ يَفْعَلُ النَّوْعُ الْوَاحِدُ بِكَمَالِ إخْلَاصٍ وَعُبُودِيَّةٍ فَيُغْفَرُ لَهُ به كبائر كصاحب السجلات6، والبغي

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 هو من تمام الحديث السابق.

2 تقدم تخريجه "6/72".

3 في "ط""عليه".

4 في "ر""الطاهرة".

5 ليست في "ط".

6 أخرجه الترمذي في سننه "2639" عن عمرو بن العاص يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إن الله سيخلص رجلا من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة فينشر علي تسعة وتسعين سجلا مثل مد يقول: أتنكر من هذا شيئا"؟ الحديث وفيه: "فطاشت السجلات وثقلت البطاقة فلا يثقل مع اسم الله شيء".

ص: 234

الَّتِي سَقَتْ الْكَلْبَ فَغَفَرَ لَهَا1 كَذَا قَالَ.

وَلِمُسْلِمٍ2 مِنْ حَدِيثِ عُثْمَانَ "مَا مِنْ امْرِئٍ تَحْضُرُهُ صَلَاةٌ مَكْتُوبَةٌ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهَا وَخُشُوعَهَا وَرُكُوعَهَا إلَّا كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا قَبْلَهَا مِنْ الذُّنُوبِ مَا لَمْ يَأْتِ كَبِيرَةً وَذَلِكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ". وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا "الْعُمْرَةُ إلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إلَّا الْجَنَّةُ" وَعَنْهُ أَيْضًا مَرْفُوعًا "مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَمَا ولدته أمه" متفق عليهما3.

وَتَمَامُ الرِّبَاطِ أَرْبَعُونَ يَوْمًا، قَالَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَيُسْتَحَبُّ وَلَوْ سَاعَةً نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَالَ الْآجُرِّيُّ: أَقَلُّهُ سَاعَةٌ، وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ مَقَامٍ بِمَكَّةَ، وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا "ع"، وَالصَّلَاةُ بِهَا أَفْضَلُ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ، قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: فَأَمَّا فَضْلُ الصلاة فهذا4 شَيْءٌ خَاصَّةً، فَضْلٌ لِهَذِهِ الْمَسَاجِدِ، قَالَ أَحْمَدُ إذَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي شَيْءٍ فَانْظُرُوا مَا عَلَيْهِ الثَّغْرُ، فَإِنَّ الْحَقَّ مَعَهُمْ.

وَأَفْضَلُهُ بِأَشَدِّهَا خوفا. ويكره نقل الذرية أو5 النساء إلَيْهِ، وَنَهَى أَحْمَدُ عَنْهُ، فَذَكَرَ لَهُ أَبُو دَاوُد مَنَعَةَ طَرَسُوسَ وَغَيْرِهَا، فَكَرِهَهُ، وَنَهَى عَنْهُ، قلت:

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 أخرجه البخاري "3467" ومسلم "2245""155" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "بينما كلب يطيف بركية كا يقتله العطش إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل فنزعت موقها فسقته فغفر لها به".

2 في صحيحه "228""7".

3 الحديث الأول: تقدم ص "233" والثاني تقدم "6/72".

4 في "ر" و"ط""هذا".

5 في "ط""و".

ص: 235

تَخَافُ عَلَيْهِ الْإِثْمَ؟ قَالَ: كَيْفَ لَا أَخَافُ وَهُوَ يَعْرِضُ بِذُرِّيَّتِهِ1 لِلْمُشْرِكِينَ، قِيلَ لَهُ: فَأَنْطَاكْيَةُ؟ قَالَ: لَا يَنْقُلُهُمْ إلَيْهَا فَإِنَّهُ قَدْ أُغِيرَ عَلَيْهِمْ مُنْذُ سِنِينَ قَرِيبَةً مِنْ السَّاحِلِ، الشَّامُ كُلُّهَا إذَا وَقَعَتْ الْفِتْنَةُ فَلَيْسَ لِأَهْلِ خُرَاسَانَ عِنْدَهُمْ قَدْرٌ يَقُولُهُ فِي الِانْتِقَالِ إلَيْهَا بِالْعِيَالِ، قِيلَ: فَالْأَحَادِيثُ "إنَّ اللَّهَ تَكَفَّلَ لِي بِالشَّامِ"2 فَقَالَ: مَا أَكْثَرُ مَا جَاءَ فِيهِ. قُلْت: فَلَعَلَّهَا فِي الثُّغُورِ؟ قَالَ: إلَّا أَنْ تَكُونَ الْأَحَادِيثُ فِي الثُّغُورِ. وَذَكَرْت لَهُ مَرَّةً هَذَا أَنَّ هَذَا فِي الثُّغُورِ فَأَنْكَرَهُ وَقَالَ: الْأَرْضُ الْمُقَدَّسَةُ أَيْنَ هِيَ؟ وَلَا يَزَالُ أَهْلُ الْغَرْبِ ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ، هُمْ أَهْلُ الشَّامِ.

وَقُعُودُهُ عَلَيْهِمْ أَفْضَلُ، وَالتَّزْوِيجُ بِهِ أَسْهَلُ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: يَنْتَقِلُ بِأَهْلِهِ إلَى مَدِينَةٍ تَكُونُ مَعْقِلًا لِلْمُسْلِمِينَ كَأَنْطَاكْيَةَ وَالرَّمْلَةِ وَدِمَشْقَ. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ بِشْرِ بْنِ مُوسَى: يُسْتَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ: بَيْتُ الْمَقْدِسِ.

وَمَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ حَرُمَ قِتَالُهُ قَبْلَهَا، وَيَجِبُ ضَرُورَةً وَيُسَنُّ دَعْوَةُ مَنْ بَلَغَهُ، وَعَنْهُ: قَدْ بَلَغَتْ الدَّعْوَةُ كُلَّ أحد، فإن دعا لا بأس

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 في الأصل "بلدته".

2 أخرجه الطبراني في المعجم الكبير "18/627" عن العرباض بن سارية رضي الله عنه في حديث طويل.

ص: 236

وَمَنْ عَجَزَ عَنْ إظْهَارِ دِينِهِ بِدَارُ حَرْبٍ يَغْلِبُ فِيهَا حُكْمُ الْكُفْرِ زَادَ بَعْضُهُمْ: أَوْ بَلَدِ بُغَاةٍ أَوْ بِدْعَةٍ كَرَفْضٍ وَاعْتِزَالٍ وَطَاقَ الْهِجْرَةَ لَزِمَتْهُ، وَلَوْ فِي عِدَّةٍ بِلَا رَاحِلَةٍ وَلَا مَحْرَمٍ، وَعَلَّلَ الْقَاضِي الْوُجُوبَ بِتَحْرِيمِ الْكَسْبِ عَلَيْهِ هُنَاكَ، لِاخْتِلَاطِ الْأَمْوَالِ، لِأَخْذِهِمْ مِنْ غَيْرِ جِهَتِهِ وَوَضْعِهِ فِي غَيْرِ حَقِّهِ. قِيلَ لِلْقَاضِي: فَيَلْزَمُهُ السَّفَرُ إلَى بَلَدٍ غَلَبَتْ الْبِدَعُ لِلْإِنْكَارِ؟ فَقَالَ: يَلْزَمُهُ بِلَا مَشَقَّةٍ. وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي قَوْلِهِ {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ} [النساء: 88] عَنْ الْقَاضِي: إنَّ الْهِجْرَةَ كَانَتْ فَرْضًا إلَى أَنْ فُتِحَتْ مَكَّةُ، كَذَا قَالَ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ فِي الْحَجِّ بِمَحْرَمٍ: إنْ أَمِنَتْ1 عَلَى نَفْسِهَا مِنْ الْفِتْنَةِ فِي دِينِهَا لَمْ تُهَاجِرْ إلَّا بِمَحْرَمٍ. وَفِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ إذَا أَمْكَنَهَا إظْهَارُ دِينِهَا وَأَمِنَتْهُمْ عَلَى نَفْسِهَا لَمْ يُبَحْ إلَّا بِمَحْرَمٍ، كَالْحَجِّ، فَإِنْ لَمْ تَأْمَنْهُمْ جَازَ الْخُرُوجُ حَتَّى وَحْدَهَا بِخِلَافِ الْحَجِّ.

وَتُسَنُّ لِقَادِرٍ. وَذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ: تَجِبُ عَلَيْهِ، وَأَطْلَقَ. وفي

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 في "ط""إذا".

ص: 237

الْمُسْتَوْعِبِ: لَا تُسَنُّ لِامْرَأَةٍ بِلَا رُفْقَةٍ، وَلَا يُعِيدُ مَا صَلَّى مَنْ لَزِمَتْهُ، وَلَا يُوصَفُ الْعَاجِزُ عَنْهَا بِاسْتِحْبَابٍ. وَقَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ فِي قَوْلِ مُجَاشِعِ بْنِ مَسْعُودٍ1 السُّلَمِيِّ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَخِيهِ مُجَالِدٍ2 يُبَايِعُك عَلَى الْهِجْرَةِ. فَقَالَ:"لَا هِجْرَةَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ وَلَكِنْ أُبَايِعُهُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ وَالْجِهَادِ" 3 وَلِلْبُخَارِيِّ4: قُلْت: بَايِعْنَا عَلَى الْهِجْرَةِ، فَقَالَ "مَضَتْ الْهِجْرَةُ لِأَهْلِهَا". وَلِمُسْلِمٍ5 "إنَّ الْهِجْرَةَ مَضَتْ لِأَهْلِهَا، وَلَكِنْ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْجِهَادِ وَالْخَيْرِ" قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: إنَّمَا كَانَتْ الْهِجْرَةُ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ إلَى الْمَدِينَةِ لِيَعْبُدَ اللَّهَ مُطْمَئِنًّا، فَلَمَّا فُتِحَتْ مَكَّةُ كَانَتْ عِبَادَةُ اللَّهِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ، إذْ لَوْ فَسَحَ فِي الْهِجْرَةِ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ لَضَاقَتْ الْمَدِينَةُ وَخَلَتْ الْأَرْضُ مِنْ سُكَّانِهَا، كَذَا قَالَ.

وَلَا تَجِبُ الْهِجْرَةُ مِنْ بَيْنِ أَهْلِ الْمَعَاصِي، وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ:{إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ} [العنكبوت: 56] أَنَّ الْمَعْنَى إذَا عُمِلَ بِالْمَعَاصِي فِي أَرْضٍ فَاخْرُجُوا مِنْهَا6. وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ7. وَهَذَا خلاف

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 هو مجاشع بن مسعود السلمي له صحبة قتل يوم الجمل سنة "36 هـ" تهذيب الكمال "7/34".

2 هو أبو معبد مجالد بن مسعود السلمي له صحبة قتل يوم الجمل "36 هـ" تهذيب الكمال "7/36".

3 أخرجه البخاري "4305" و"4306" ومسلم "1863""84".

4 في صحيحه "2962" و"2963" من حديث مجاشع رضي الله عنه.

5 في صحيحه "1863""83" من حديث مجاشع رضي الله عنه.

6 لم أفق عليه عن ابن عباس مسندا وإنما وجدناه من قول سعيد ين جبير أخرجه عبد الرزاق في تفسيره "2/2/99" والطبري في تفسيره "21/9" وابن أبي حاتم في تفسيره "17397".

7 أخرجه الطبري في تفسيره "21/9" وابن أبي حاتم في تفسيره "17398".

ص: 238

ظاهر1 صلى الله عليه وسلم: "مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ"2 الْحَدِيثَ وَعَلَى هَذَا الْعَمَلُ.

وَيَحْرُمُ بِلَا إذْنِ وَالِدٍ مُسْلِمٍ، قَالَ أَحْمَدُ فِيمَنْ لَهُ أُمٌّ: اُنْظُرْ سُرُورَهَا، فَإِنْ أَذِنَتْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ فِي قَلْبِهَا وَإِلَّا فلا تغز. وفي الحرية وجهان "م 1" لَا جَدٌّ وَجَدَّةٌ ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ وَلَا تَحْضُرُنِي الْآنَ عَنْ أَحْمَدَ وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ وَاحْتِمَالٌ فِي الْجَدِّ أَبِي الْأَبِ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: اتَّفَقُوا أَنَّ بِرَّ الْوَالِدَيْنِ فَرْضٌ وَاتَّفَقُوا أَنَّ بِرَّ الْجَدِّ فَرْضٌ. وَإِنْ تَعَيَّنَ وَفِي الرَّوْضَةِ: أَوْ كَانَ فَرْضَ كِفَايَةٍ فَلَا إذْنَ.

وَلَا غَرِيمَ لَا وَفَاءَ لَهُ. وَفِي الرِّعَايَةِ وَجْهٌ: لا يستأذن مع تأجيله، قال

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

"مَسْأَلَةٌ 1" قَوْلُهُ: "وَفِي الْحُرِّيَّةِ وَجْهَانِ"، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْكَافِي3 وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ، وَظَاهِرُ الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ5 إطْلَاقُ الْخِلَافِ أَيْضًا.

1 أخرجه مسلم "49""78" من حديث أبي سعيد رضي الله عنه.

2 ليست في "ط".

3 "5/457".

4 "13/26".

5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "10/43 – 44".

ص: 239

أَحْمَدُ: يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ الْعِلْمِ مَا يَقُومُ بِهِ دِينُهُ، قِيلَ لَهُ: فَكُلُّ1 الْعِلْمِ يُقِيمُ بِهِ دِينُهُ، قَالَ: الْفَرْضُ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ فِي نَفْسِهِ صَلَاتُهُ وَصِيَامُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَهَذَا خَاصَّةً يَطْلُبُهُ بِلَا إذْنٍ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ فِيمَنْ لَا يَأْذَنُ لَهُ أَبَوَاهُ: يَطْلُبُ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا يَنْفَعُهُ، الْعِلْمُ لَا يَعْدِلُهُ شَيْءٌ. وَفِي الرِّعَايَةِ: مَنْ لَزِمَهُ التَّعَلُّمُ، وَقِيلَ: أَوْ كَانَ فَرْضَ كِفَايَةٍ، وَقِيلَ: أَوْ نَفْلًا وَلَا يَحْصُلُ بِبَلَدِهِ فَلَهُ السَّفَرُ لِطَلَبِهِ بِلَا إذْنِ أَبَوَيْهِ.

وَيَحْرُمُ بِلَا إذْنِ إمَامٍ إلَّا لِحَاجَةٍ، نَصَّ عَلَيْهِ2. وَفِي الْمُغْنِي وَفُرْصَةٌ يَخَافُ فَوْتَهَا، وَفِي الرَّوْضَةِ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ فِيهِ، فَعَنْهُ: لَا يَجُوزُ، وَعَنْهُ جَوَازُهُ بِكُلِّ حَالٍ ظَاهِرًا وَخُفْيَةً وَعُصْبَةً وَآحَادًا وَجَيْشًا وَسَرِيَّةً، وَفِي الْخِلَافِ فِي الْجُمُعَةِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ: الْغَزْوُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقِيمَهُ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى الِانْفِرَادِ، وَلَا دُخُولُ دَارِ حَرْبٍ بِلَا إذْنِ إمَامٍ وَلَهُمْ إذَا كَانُوا مَنَعَةً فِعْلُهُ وَدُخُولُهَا بِلَا إذْنِهِ، وَمَنْ أَخَذَ مَا يَسْتَعِينُ بِهِ فِي غَزَاةٍ مُعَيَّنَةٍ فَالْفَاضِلُ لَهُ، وَإِلَّا فِي الْغَزْوِ.

وَإِنْ أَخَذَ دَابَّةً غير عارية أو3 حبيس لغزوه4 عليها ملكها به، نقله

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

"أَحَدُهُمَا": لَا يَجِبُ اسْتِئْذَانُ مَنْ أَحَدُ أَبَوَيْهِ غير حر في الجهاد، وهو احتمال فِي الْمُغْنِي5 وَالشَّرْحِ6 وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ والمنور وغيرهم.

1 في الأصل "وكل".

2 بعدها في "ر" و"ط""وفي المغني".

3 في "ر" و"ط""و".

4 في "ط""لغزوة".

5 "13/26".

6 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "10/43 – 44".

ص: 240

الْجَمَاعَةُ وَمِثْلُهَا سِلَاحٌ وَغَيْرُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ الْوَقْفُ، قِيلَ لِأَحْمَدَ: الرَّجُلُ يَحْمِلُ وَيُعْطِي نَفَقَةً يَخْلُفُ شَيْئًا؟ قَالَ: لَا فَإِذَا غَزَا فَهُوَ مِلْكُهُ، وَاحْتَجَّ بِخَبَرِ عُمَرَ1، قَالَ: وَلَا يَحِلُّ لَهُ بِالنَّفِيرِ. وَنَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ: لَا يُعْطِي أَهْلَهُ إلَّا أَنْ يَصِيرَ إلَى رَأْسِ مَغْزَاهُ، وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ عَنْ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ: إذَا بَلَغْت وَادِي الْقُرَى2 فَهُوَ كَمَالِكٍ3، قَالَ: إذَا بَلَغَهُ كَمَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ بَعَثَ4 لِأَهْلِهِ نَفَقَةً، وَقِيلَ: مَلَكَهُ لَا يَتَّخِذُ مِنْهُ سُفْرَةً وَلَا يُطْعِمُ أَحَدًا وَلَا يُعِيرُهُ وَلَا أَهْلَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ: نَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ لَا يَغْزُو عَلَى مَا لَيْسَ لَهُ، وَلَا يَسْأَلُ أَحَدًا إلَّا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ وَلَا إشْرَافِ5 نَفْسٍ، وَقِيلَ لَهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد الْمَسْأَلَةُ فِي الْحِمْلَانِ؟ فَقَالَ: أَكْرَهُ الْمَسْأَلَةَ فِي كُلِّ شيء.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

"وَالْوَجْهُ الثَّانِي": الْأَبَوَانِ الرَّقِيقَانِ فِي الِاسْتِئْذَانِ كَالْحُرَّيْنِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَصَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ6 وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَالزَّرْكَشِيِّ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَمَنْ أَحَدُ أَبَوَيْهِ مُسْلِمٌ وَقِيلَ أَوْ رَقِيقٌ لَمْ يَتَطَوَّعْ بِلَا إذْنِهِ، وَمَعَ رِقِّهِمَا فِيهِ وَجْهَانِ، فَقَدَّمَ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا رَقِيقًا جَوَازَ التَّطَوُّعِ، وَأَطْلَقَ فيما إذا كانا رقيقين الخلاف

1 أخرجه البخاري "2971" ومسلم "1621""3" أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه حمل على فرس في سبيل الله فوجده يباع فأراد أن يبتاعه فسأل رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "لا تبتعه ولا تعد في صدقتك".

2 وادي القرى: بين المدينة والشام من أعمال المدينة كثير القرى معجم البلدان "4/878".

3 أخرجه سعيد بن منصور في السنن "2/140".

4 في "ط""بعثه".

5 في الأصل "إسراف".

6 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "10/43 – 44".

ص: 241

وَيَحْرُمُ فِرَارُ مُسْلِمِينَ وَلَوْ ظَنُّوا التَّلَفَ مِنْ مِثْلَيْهِمْ لِغَيْرِ تَحْرِيفٍ لِقِتَالٍ أَوْ تَحَيُّزٍ إلَى فِئَةٍ وَلَوْ بَعُدَتْ، وَيَجُوزُ مَعَ الزِّيَادَةِ وَهُوَ أَوْلَى، مَعَ ظَنِّ التَّلَفِ بِتَرْكِهِ، وَأَطْلَقَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي النَّسْخِ اسْتِحْبَابَ الثَّبَاتِ لِلزَّائِدِ، وَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ1: حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَنْبَأَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ مُعَاذٍ قَالَ: أَوْصَانِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِعَشْرِ كَلِمَاتٍ قَالَ "لَا تُشْرِكْ بِاَللَّهِ شَيْئًا وَإِنْ قُتِلْت وَحُرِّقْت، وَلَا تَعُقَّنَّ وَالِدَيْك وَإِنْ أَمَرَاك أَنْ تَخْرُجَ مِنْ أهلك ومالك2، وَلَا تَتْرُكَنَّ صَلَاةً مَكْتُوبَةً مُتَعَمِّدًا، فَإِنَّ مَنْ تَرَكَ صَلَاةً مَكْتُوبَةً مُتَعَمِّدًا فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ اللَّهِ، وَلَا تَشْرَبَنَّ خَمْرًا، فَإِنَّهُ رَأْسُ كُلِّ فَاحِشَةٍ، وَإِيَّاكَ وَالْمَعْصِيَةَ، فَإِنَّ الْمَعْصِيَةَ تُحِلُّ سَخَطَ اللَّهِ، وَإِيَّاكَ وَالْفِرَارَ مِنْ الزَّحْفِ وَإِنْ هَلَكَ النَّاسُ، وَإِذَا أَصَابَ النَّاسَ مَوْتٌ وَأَنْتَ فِيهِمْ فَاثْبُتْ، وَأَنْفِقْ عَلَى عِيَالِك مِنْ طَوْلِك، وَلَا تَرْفَعْ عَنْهُمْ عَصَاك أَدَبًا، وَأَخِفْهُمْ فِي اللَّهِ" إسْمَاعِيلُ عَنْ الْحِمْصِيِّينَ حُجَّةٌ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالْأَكْثَرِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ لَمْ يُدْرِك مُعَاذًا.

وَإِنْ ظُنَّ الظَّفْرُ بِالثَّبَاتِ ثَبَتُوا، وَقِيلَ: لُزُومًا، وَإِنْ ظن الهلاك فيهما

1 في المسند "22075".

2 في الأصل "ملكك".

ص: 242

قَاتَلُوا، وَعَنْهُ: لُزُومًا، قَالَ أَحْمَدُ: مَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُسْتَأْسَرَ1. وَقَالَ: فَلْيُقَاتِلْ أَحَبُّ إلَيَّ، الْأَسْرُ شَدِيدٌ، وَقَالَ عَمَّارٌ يَقُولُ: مَنْ اسْتَأْسَرَ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ2. فَلِهَذَا3 قَالَ الْآجُرِّيُّ: يَأْثَمُ وَأَنَّهُ قَوْلُ أَحْمَدَ، قَالَ أَحْمَدُ: وَإِذَا أَرَادُوا ضَرْبَ عُنُقِهِ لَا يَمُدُّ رَقَبَتَهُ وَلَا يُعِينُ عَلَى نَفْسِهِ بِشَيْءٍ، فَلَا يُعْطِيهِمْ سَيْفَهُ لِيُقْتَلَ بِهِ وَيَقُولُ لِأَنَّهُ أَقْطَعُ. وَلَا يَقُولُ: ابْدَءُوا بِي، وَلَوْ أُسِرَ هُوَ وَابْنُهُ لَمْ يَقُلْ قَدِّمُوا ابْنِي بَيْنَ يَدَيَّ. وَيَصْبِرُ، قَالَ: وَيُقَاتِلُ، وَلَوْ أعطوه الأمان، قد لا يقون4، وَقِيلَ لَهُ: إذَا أُسِرَ أَلَهُ أَنْ يُقَاتِلَهُمْ؟ قَالَ: إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يَقْوَى بِهِمْ، قَالَ: وَلَوْ حَمَلَ عَلَى الْعَدُوِّ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَنْجُو لَمْ يُعِنْ عَلَى قَتْلِ نَفْسِهِ، وَقِيلَ لَهُ: يَحْمِلُ الرَّجُلُ عَلَى مِائَةٍ؟ قَالَ: إذَا كَانَ مَعَ فُرْسَانٍ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا يُسْتَحَبُّ انْغِمَاسُهُ لِمَنْفَعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَإِلَّا نَهَى عَنْهُ، وَهُوَ مِنْ التَّهْلُكَةِ. وَفِي الْمُنْتَخَبِ: لَا يَلْزَمُ ثَبَاتُ وَاحِدٍ لِاثْنَيْنِ عَلَى الِانْفِرَادِ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالنَّصِيحَةِ وَنِهَايَةِ أَبِي الْمَعَالِي وَالطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ وَالْمُوجَزِ وَغَيْرِهَا: يَلْزَمُ وَنَقَلَهُ الْأَثْرَمُ وَأَبُو طَالِبٍ.

وَإِنْ اشْتَعَلَ مَرْكَبُهُمْ نَارًا فَعَلُوا5 مَا رَأَوْا السَّلَامَةَ فِيهِ 6وَإِلَّا خُيِّرُوا، كَظَنِّ السَّلَامَةِ6 فِي الْمَقَامِ وَالْوُقُوعِ فِي الْمَاءِ ظَنًّا مُتَسَاوِيًا، وَعَنْهُ: يَلْزَمُ

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 في "ر""يساسروا".

2 لم أقف عليه.

3 في الأصل "فلذا".

4 في الأصل "لا يفوت".

5 في الأصل "عملوا".

6 6 ليست في "ر".

ص: 243

الْمُقَامُ نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ. وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَةً وَصَحَّحَهَا: يَحْرُمُ. وَقَالَ شَيْخُنَا: جِهَادُ الدَّافِعِ لِلْكُفَّارِ يَتَعَيَّنُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ، وَيَحْرُمُ فِيهِ الْفِرَارُ مِنْ مِثْلَيْهِمْ; لِأَنَّهُ جِهَادُ ضَرُورَةٍ لَا اخْتِيَارٍ، وَثَبَتُوا يَوْمَ أُحُدٍ وَالْأَحْزَابِ وُجُوبًا، وَكَذَا لما قدم التتار1 دِمَشْقَ.

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى مَرْفُوعًا "لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ وَسَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2.

وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه قَالَ فِي كِتَابِهِ إلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ رضي الله عنه: احْرِصْ عَلَى الْمَوْتِ تُوهَبُ لَك الْحَيَاةُ3. وَأَخَذَهُ الشَّاعِرُ فَقَالَ4:

تَأَخَّرْتُ أَسْتَبْقِي الْحَيَاةَ فَلَمْ أَجِدْ

لِنَفْسِي حَيَاةً مِثْلَ أَنْ أَتَقَدَّمَا

وَمِنْ هَذَا قَوْلُ الْخَنْسَاءِ5:

يُهِينُ النُّفُوسَ وَهَوْنُ النُّفُوسِ

عِنْدَ الْكَرِيهَةِ أَوْقَى لها

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 في "ط""التتر".

2 البخاري "3025" ومسلم "1742""20".

3 ذكره ابن قتيبة في عيون الأخبار "1/125" ونسبه إلى يزيد بن مهلب.

كما ذكره المرزوقي في ديوان الحماسة "1/197" ونسبه إلى الحصين بن حمام المري.

4 ديوانها ص "121".

5 ليست في "ق".

ص: 244

وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: الْجُرْأَةُ وَالْجُبْنُ غَرَائِزُ يَضَعُهُمَا اللَّهُ حَيْثُ يَشَاءُ. فَالْجَبَانُ يَفِرُّ عَنْ أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ، وَالْجَرِيءُ يُقَاتِلُ عَمَّنْ لَا يَئُوبُ بِهِ إلَى رَحْلِهِ1، قَالَ الشَّاعِرُ2:

يَفِرُّ جَبَانُ الْقَوْمِ عَنْ عُرْسِ3 نَفْسِهِ

وَيَحْمِي شُجَاعُ الْقَوْمِ مَنْ لَا يُنَاسِبُهْ

وَيُرْزَقُ مَعْرُوفَ الْجَوَادِ عَدُوُّهُ

ويحرم معروف البخيل أقاربه

وقال4 آخَرَ5:

وَخَارِجٍ أَخْرَجَهُ حُبُّ الطَّمَعْ

فَرَّ مِنْ الْمَوْتِ وَفِي الْمَوْتِ وَقَعْ

مَنْ كَانَ يَهْوَى أَهْلَهُ فَلَا رَجَعْ

وَكَانَ مُعَاوِيَةُ يَتَمَثَّلُ بِهَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ:

أَكَانَ الْجَبَانُ يَرَى أَنَّهُ

سَيُقْتَلُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْأَجَلْ

وَقَدْ تُدْرِكُ الْحَادِثَاتُ الْجَبَانَ

وَيَسْلَمُ مِنْهَا الشُّجَاعُ الْبَطَلْ6

وَمِنْ أَشْعَارِ الْجُبَنَاءِ7:

أَضْحَتْ تُشَجِّعُنِي هِنْدٌ وَقَدْ عَلِمَتْ

أَنَّ الشَّجَاعَةَ مَقْرُونٌ بها العطب

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 أخرجه مالك في الموطأ "2/364" وأخرجه بنحوه سعيد بن منصور في السنن "2/208" والبيهقي في السنن الكبرى "9/170 – 171".

2 ذكره في عيون الأخبار "1/72" والعقد الفريد "1/139" ولم ينسباه.

3 العرس: امرأة الرجل القاموس "عرس".

4 في "ط""قول".

5 ذكره في عيون الأخبار "1/183" وعزاه إلى فارس في جيش شيبة الخارجي ولم يسمه.

6 أورد البيتين المبرد في الكامل "3/1359" وعزاهما إلى معاوية رضي الله عنه.

7 ذكرها ابن قتيبة في عيون الأخبار "1/164" والمرزوقي في حماسة "2/778" ولم ينسباه.

ص: 245