الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإن1 ارْتَدَّ أَهْلُ بَلَدٍ وَجَرَى فِيهِ حُكْمُهُمْ فَدَارُ حَرْبٍ فَيَغْنَمُ مَا لَهُمْ، وَوَلَدٌ حَدَثَ بَعْدَ الردة.
1 في "ط""وإذا".
فصل: ويكفر الساحر كاعتقاد حله
،
وعنه: لا2، اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّبْصِرَةِ، وَكَفَّرَهُ أَبُو بَكْرٍ بِعَمَلِهِ، قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: وَهُوَ أَشَدُّ تَحْرِيمًا. وَحَمَلَ ابْنُ عَقِيلٍ كَلَامَ أَحْمَدَ فِي كُفْرِهِ عَلَى مُعْتَقَدِهِ، وَأَنَّ فَاعِلَهُ يفسق ويقتل
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
انْتَهَى. يَعْنِي بِهِ مَنْ وُلِدَ فِي حَالِ رِدَّةِ الزَّوْجَيْنِ إذَا لَحِقَا بِدَارِ الْحَرْبِ وَقُلْنَا بِاسْتِرْقَاقِهِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُقْنِعِ3 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ4 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالزَّرْكَشِيِّ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ.
"إحْدَاهُمَا" يُقِرُّونَ بِجِزْيَةٍ، كَأَهْلِ الذِّمَّةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي رِوَايَتَيْهِ وَغَيْرِهِ.
"وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ": لَا يُقِرُّونَ، فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ إلَّا الْإِسْلَامُ أَوْ السَّيْفُ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي5، لِاقْتِصَارِهِمَا عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَهِيَ رِوَايَةُ الْفَضْلِ بْنِ زِيَادٍ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ والخلاصة. وقال في المغني6
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
2 ليست في "ط".
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "27/161".
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "27/162 - 163".
5 "5/327".
6 في "ق""عمله".
حَدًّا، فَعَلَى الْأَوْلَى يُقْتَلُ.
وَهُوَ مَنْ يَرْكَبُ مِكْنَسَةً فَتَسِيرُ بِهِ فِي الْهَوَاءِ وَنَحْوِهِ، وَكَذَا قِيلَ فِي مُعَزِّمٍ عَلَى الْجِنِّ وَيَجْمَعُهَا بِزَعْمِهِ، و1أنه يأمرها فتطيعه1 وَكَاهِنٍ وَعَرَّافٍ، وَقِيلَ: يُعَزَّرُ "م 5" وَقِيلَ وَلَوْ بقتل. وفي التَّرْغِيبِ: الْكَاهِنُ وَالْمُنَجِّمُ كَالسَّاحِرِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا، وَإِنَّ ابْنَ عَقِيلٍ فَسَّقَهُ فَقَطْ إنْ قَالَ أَصَبْت بِحَدْسِي وَفَرَاهَتِي2، فَإِنْ أَوْهَمَ قَوْمًا بِطَرِيقَتِهِ أَنَّهُ يعلم الغيب فللإمام قتله لسعيه
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ مَعَ حِكَايَتِهِمَا الرِّوَايَتَيْنِ: إذَا وَقَعَ أَبُو الْوَلَدِ فِي الْأَسْرِ بَعْدَ لُحُوقِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ أَوْ وَهُوَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لَمْ يُقِرَّ بِهَا، لِانْتِقَالِهِ إلَى الْكُفْرِ بَعْدَ نُزُولِ القرآن، انتهى. قال الزركشي. وهي طريقة3، لم أرها لغيره.
"مَسْأَلَةٌ 5" قَوْلُهُ بَعْدَ ذِكْرِهِ حُكْمَ السَّاحِرِ الَّذِي يَرْكَبُ الْمِكْنَسَةَ فَتَسِيرُ بِهِ فِي الْهَوَاءِ وَنَحْوِهِ "وَكَذَا قِيلَ فِي مُعَزِّمٍ عَلَى الْجِنِّ وَيَجْمَعُهَا بِزَعْمِهِ وَأَنَّهُ يَأْمُرُهَا فَتُعْطِيه، وَكَاهِنٍ وَعَرَّافٍ، وَقِيلَ: يعزر" انتهى. يعني هل4 السَّاحِرَ وَالْكَاهِنَ وَالْعَرَّافَ هَلْ يَلْحَقُونَ بِالسَّحَرَةِ الَّذِينَ يُقْتَلُونَ، أَمْ يُعَزَّرُونَ فَقَطْ؟ حَكَى فِي ذَلِكَ خِلَافًا، وَأَطْلَقَهُ، وَأَطْلَقَهُمَا أَيْضًا فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ.
"أَحَدُهُمَا": لَا يُكَفَّرُ بِذَلِكَ وَلَا يُقْتَلُ، بَلْ يُعَزَّرُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ: هَذَا قَوْلُ غَيْرِ أَبِي الْخَطَّابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ5 وَالشَّرْحِ5 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ، قَالَ فِي البلغة: وإن كان
1 1ليست في "ط".
2 فره فراهة: حذق القاموس "فره".
3 في "ط""روايته".
4 في "ط""هذا".
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "27/181".
بِالْفَسَادِ. قَالَ شَيْخُنَا: التَّنْجِيمُ كَالِاسْتِدْلَالِ بِالْأَحْوَالِ الْفَلَكِيَّةِ عَلَى الْحَوَادِثِ الْأَرْضِيَّةِ مِنْ السِّحْرِ، قَالَ وَيَحْرُمُ إجْمَاعًا. وَأَقَرَّ أَوَّلُهُمْ وَآخِرُهُمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَدْفَعُ عَنْ أَهْلِ الْعِبَادَةِ1 وَالدُّعَاءِ بِبَرَكَتِهِ مَا زَعَمُوا أَنَّ الْأَفْلَاكَ تُوجِبُهُ، وَأَنَّ لَهُمْ مِنْ ثَوَابِ الدَّارَيْنِ مَا لَا تَقْوَى الْأَفْلَاكُ أَنْ تَجْلِبَهُ.
وَمَنْ سَحَرَ بِالْأَدْوِيَةِ وَالتَّدْخِينِ وَسَقْيِ مُضِرٍّ عُزِّرَ، وَقِيلَ وَلَوْ بِقَتْلٍ. وَقَالَ الْقَاضِي وَالْحَلْوَانِيُّ: إنْ قَالَ سِحْرِي يَنْفَعُ وَأَقْدِرُ عَلَى الْقَتْلِ بِهِ قُتِلَ، وَلَوْ لَمْ يَقْتُلْ بِهِ، وَيُقَادُ مِنْهُ إنْ قَتَلَ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا، وَإِلَّا الدِّيَةُ.
وَالْمُشَعْبِذُ وَالْقَائِلُ بِزَجْرِ الطَّيْرِ وَالضَّارِبُ بِحَصًى وَشَعِيرٍ وَقِدَاحٍ إنْ لَمْ يَعْتَقِدْ إبَاحَتَهُ وَأَنَّهُ يَعْلَمُ بِهِ عُزِّرَ، وَكُفَّ عَنْهُ وَإِلَّا كُفِّرَ.
وَيَحْرُمُ طَلْسَمٌ وَرُقْيَةٌ بِغَيْرِ عَرَبِيٍّ، وَقِيلَ: يُكْرَهُ، وتوقف الإمام أحمد في
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
سِحْرًا بِسَقْيِ أَدْوِيَةٍ فَلَا يُكَفَّرُ بِذَلِكَ وَلَا يُقْتَلُ. إلَّا أَنْ يَقْتُلَ بِهِ فَيَجِبُ الْقَوَدُ إنْ كَانَ يَقْتُلُ غَالِبًا وَإِلَّا فَالدِّيَةُ، انْتَهَى.
"وَالْوَجْهُ الثَّانِي": حُكْمُهُمْ حُكْمُ السَّحَرَةِ الَّذِينَ يُقْتَلُونَ، قَالَهُ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُمَا، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: الْكَاهِنُ وَالْمُنَجِّمُ كَالسَّاحِرِ عند أصحابنا، وأن ابن عقيل فسقه فقط، كَمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ. وَقَالَ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ: أَوْ عَمِلَ سِحْرًا يَدَّعِي بِهِ إحْضَارَ الْجِنِّ وَطَاعَتَهُ2 فِيمَا شَاءَ فَمُرْتَدٌّ، وَقَالَ فِي الْعَرَّافِ والكاهن وقيل: هما كالساحر.
1 في "ر""العبادات".
2 في "ح""طاوعته".
الْحَلِّ بِسِحْرٍ، وَفِيهِ وَجْهَانِ "م 6".
وَسَأَلَهُ مُهَنَّا عمن تأتيه مسحورة فيطلقه عنها، قال: لَا بَأْسَ. قَالَ الْخَلَّالُ: إنَّمَا كَرِهَ1 أَحْمَدُ فِعَالَهُ، وَلَا يَرَى بِهِ بَأْسًا، كَمَا بَيَّنَهُ مُهَنَّا، وَهَذَا مِنْ الضَّرُورَةِ الَّتِي يُبِيحُ فِعْلَهَا.
وَلَا يُقْتَلُ سَاحِرٌ كِتَابِيٌّ، عَلَى الْأَصَحِّ. وَفِي التَّبْصِرَةِ: إنْ اعْتَقَدُوا جَوَازَهُ، وَإِنْ قَتَلَ بِهِ أُقِيدَ كَمَا تَقَدَّمَ. وَتَقَدَّمَ إنْ سَحَرَ مُسْلِمًا. وفي عيون المسائل
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
"مَسْأَلَةٌ 6" قَوْلُهُ: "وَتَوَقَّفَ أَحْمَدُ فِي الْحِلِّ بِسِحْرٍ، وَفِيهِ وَجْهَانِ،" انْتَهَى.
"أَحَدُهُمَا": يَجُوزُ، قَالَ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3: تَوَقَّفَ أَحْمَدُ فِي الْحِلِّ، وَهُوَ إلَى الْجَوَازِ أَمْيَلُ، وَسَأَلَهُ مُهَنَّا عَمَّنْ تَأْتِيه مَسْحُورَةٌ فَيَقْطَعُهُ4 عَنْهَا، قَالَ: لَا بَأْسَ، قَالَ الخلال: إنَّمَا كَرِهَ فِعَالَهُ5 وَلَا يَرَى بِهِ بَأْسًا، كَمَا بَيَّنَهُ مُهَنَّا، وَهَذَا مِنْ الضَّرُورَةِ الَّتِي يُبِيحُ فِعْلَهَا، انْتَهَى. قَالَ فِي آدَابِ الْمُسْتَوْعِبِ: وَحِلُّ السِّحْرِ عَنْ الْمَسْحُورِ جَائِزٌ، انْتَهَى.
"وَالْوَجْهُ الثَّانِي": لَا يَجُوزُ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: وَيَحْرُمُ الْعَطْفُ وَالرَّبْطُ، وَكَذَا الْحِلُّ بِسِحْرٍ، وَقِيلَ: يُكْرَهُ الْحَلُّ، وَقِيلَ: يُبَاحُ بِكَلَامٍ مُبَاحٍ. وَقَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: وَيَجُوزُ حَلُّهُ بِقُرْآنٍ أَوْ بِكَلَامٍ مُبَاحٍ غَيْرِهِ، انْتَهَى، فَدَلَّ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا يُبَاحُ بِسِحْرٍ، قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَغَيْرِهِ: وَلَا بَأْسَ بِحَلِّ السِّحْرِ بِقُرْآنٍ أَوْ ذِكْرٍ أَوْ كَلَامٍ حَسَنٍ، وَإِنْ حَلَّهُ بِشَيْءٍ مِنْ السِّحْرِ فَعَنْهُ التَّوَقُّفُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا بَأْسَ بِهِ، لِأَنَّهُ مَحْضُ نَفْعٍ لأخيه المسلم، انتهى.
1 بعدها في "ط""أحمد".
2 "12/304".
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "27/192".
4 في "ط""فيقطع".
5 في "ط""فعله".
أَنَّ السَّاحِرَ يُكَفَّرُ، وَهَلْ تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ثُمَّ قَالَ: وَمِنْ السِّحْرِ السَّعْيُ بِالنَّمِيمَةِ وَالْإِفْسَادُ بَيْنَ النَّاسِ وَذَلِكَ شَائِعٌ عَامٌّ فِي النَّاسِ.
وَنَحْوُ مَا حُكِيَ أَنَّ امْرَأَةً أَرَادَتْ إفْسَادًا بَيْنَ زَوْجَيْنِ فَقَالَتْ لِلزَّوْجَةِ: إنَّ زَوْجَك يُعْرِضُ عَنْك، وَقَدْ سُحِرَ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ عَنْك، وَأَنَا أَسْحَرُهُ لَك حَتَّى لَا يُرِيدَ غَيْرَك، وَلَكِنْ أُرِيدُ أَنْ تَأْخُذِي مِنْ شَعْرِ حَلْقِهِ بِالْمُوسَى ثَلَاثَ شَعَرَاتٍ إذَا نَامَ، فَإِنَّ بِهَا يَتِمُّ الْأَمْرُ، وَذَهَبَتْ إلَى الرَّجُلِ فَقَالَتْ لَهُ: إنَّ امْرَأَتَك قَدْ عُلِّقَتْ بِغَيْرِك وَعَزَمَتْ عَلَى قَتْلِك وَأَعَدَّتْ لَك مُوسَى فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ لِنَحْرِك فَأَشْفَقْت لِشَأْنِك وَلَقَدْ لَزِمَنِي نُصْحُك. فَتَنَاوَمَ الرَّجُلُ فِي فِرَاشِهِ، فَلَمَّا ظَنَّتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ قد نام عمدت إلى الْمُوسَى1 وَأَهْوَتْ بِهَا إلَى حَلْقِهِ لِأَخْذِ الشَّعْرِ، فَفَتَحَ الرَّجُلُ عَيْنَيْهِ فَرَآهَا فَقَامَ إلَيْهَا وَقَتَلَهَا. وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ ذَلِكَ رُوِيَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ: بَاعَ رَجُلٌ غُلَامًا عَلَى أَنَّهُ نَمَّامٌ، فَاشْتَرَاهُ الْمُشْتَرِي عَلَى ذَلِكَ، فَسَعَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ بِذَلِكَ، وَفِي آخِرِ الْقِصَّةِ: فَجَاءَ أَوْلِيَاؤُهَا فَقَتَلُوهُ، فَوَقَعَ الْقِتَالُ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ. ثُمَّ قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: فَأَمَّا مَنْ يَسْحَرُ بِالْأَدْوِيَةِ وَالتَّدْخِينِ وَسَقْيِ شَيْءٍ مُضِرٍّ فَلَا يُكَفَّرُ وَلَا يُقْتَلُ وَيُعَزَّرُ بِمَا يَرْدَعُهُ. وَمَا قَالَهُ غَرِيبٌ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ يَقْصِدُ الْأَذَى بِكَلَامِهِ وَعَمَلِهِ عَلَى وَجْهِ الْمَكْرِ وَالْحِيلَةِ فَأَشْبَهَ السِّحْرَ، وَلِهَذَا يُعْلَمُ بِالْعَادَةِ وَالْعُرْفِ أَنَّهُ2 يُؤَثِّرُ وَيُنْتِجُ مَا يَعْمَلُهُ السِّحْرُ أَوْ أَكْثَرُ، فَيُعْطَى حكمه، تسوية بين المتماثلين أو المتقاربين،
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 ليست في "ط".
2 في "ر""لا".
لَا سِيَّمَا إنْ قُلْنَا بِقَتْلِ الْآمِرِ بِالْقَتْلِ، عَلَى رِوَايَةٍ سَبَقَتْ1، فَهُنَا أَوْلَى، أَوْ الْمُمْسِكُ 2لِمَنْ يُقْتَلُ2 فَهَذَا مِثْلُهُ، وَلِهَذَا ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ: يُفْسِدُ النَّمَّامُ وَالْكَذَّابُ فِي سَاعَةٍ مَا لَا يُفْسِدُ السَّاحِرُ فِي سَنَةٍ. رَأَيْت بَعْضَهُمْ حَكَاهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَكْثَمَ قَالَ: النَّمَّامُ شَرٌّ مِنْ السَّاحِرِ يَعْمَلُ النَّمَّامُ فِي سَاعَةٍ مَا لَا يَعْمَلُهُ السَّاحِرُ فِي شَهْرٍ، لَكِنْ يُقَالُ: السَّاحِرُ، إنَّمَا كَفَرَ لِوَصْفِ السِّحْرِ، وَهُوَ أَمْرٌ خَاصٌّ، وَدَلِيلُهُ خَاصٌّ، وَهَذَا لَيْسَ بِسَاحِرٍ، وَإِنَّمَا يُؤَثِّرُ عَمَلُهُ مَا يُؤَثِّرُهُ فَيُعْطَى حُكْمَهُ، إلَّا فِيمَا اخْتَصَّ بِهِ مِنْ الْكُفْرِ وَعَدَمِ قَبُولِ التَّوْبَةِ، وَلَعَلَّ هَذَا الْقَوْلَ أَوْجَهُ مِنْ تَعْزِيرِهِ فَقَطْ.
فَظَهَرَ مِمَّا سَبَقَ أَنَّهُ رِوَايَةٌ مُخَرَّجَةٌ مِنْ الْمُمْسِكِ وَالْآمِرِ، وَسَبَقَتْ الْمَسْأَلَةُ فِي التعزير3.
وَمَنْ أَطْلَقَ الشَّارِعَ4 كُفْرَهُ لِدَعْوَاهُ5، غَيْرَ أَبِيهِ وَمَنْ أَتَى عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ، فَقِيلَ كَفَرَ النِّعْمَةَ، وَقِيلَ: قَارَبَ الْكُفْرَ، وَذَكَرَ ابْنُ حَامِدٍ رِوَايَتَيْنِ:
"إحْدَاهُمَا" تَشْدِيدٌ وَتَأْكِيدٌ، نَقَلَ حَنْبَلٌ: كُفْرٌ دُونَ كُفْرٍ، لَا يُخْرِجُ عَنْ6 الْإِسْلَامِ.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 "9" 363".
2 2 ليست في "ر".
3 "115".
4 بعدها في "ط""عليه".
5 في "ط""لدعواه".
6 في النسخ الخطية "من" والمثبت من "ط".
"وَالثَّانِيَةُ" يَجِبُ التَّوَقُّفُ وَلَا يُقْطَعُ بِأَنَّهُ لَا يُنْقَلُ عَنْ الْمِلَّةِ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ وَابْنِ الْحَكَمِ "م 7".
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
"مَسْأَلَةٌ 7" قَوْلُهُ: وَمَنْ أطلق الشارع كفره كدعواه1 غَيْرَ أَبِيهِ، وَمَنْ أَتَى عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقِيلَ: كَفَرَ النِّعْمَةَ، وَقِيلَ: قَارَبَ الْكُفْرَ، وَذَكَرَ ابْنُ حَامِدٍ رِوَايَتَيْنِ.
"إحْدَاهُمَا" تَشْدِيدٌ وَتَأْكِيدٌ. نَقَلَ حَنْبَلٌ كُفْرٌ دُونَ كُفْرٍ، لَا يُخْرِجُ عَنْ الْإِسْلَامِ. "وَالثَّانِيَةُ" يَجِبُ التَّوَقُّفُ وَلَا يُقْطَعُ بِأَنَّهُ لَا يُنْقَلُ عَنْ الْمِلَّةِ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رَوِيَّةِ صَالِحٍ وَابْنِ الْحَكَمِ، انْتَهَى.
"أَحَدُهُمَا" كُفْرُ نِعْمَةٍ، وَقَالَ بِهِ طَوَائِفُ مِنْ الْعُلَمَاءِ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَالْمُحَدِّثِينَ، وَذَكَرَهُ ابْنُ رَجَبٍ2 فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ جَمَاعَةٍ، وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ.
"وَالثَّانِي" قَارَبَ الْكُفْرَ، وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ فِي قَوْلِهِ "مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ3 فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ4" أي جحد تصديقه بكذبهم، قال:5 وَقَدْ يَكُونُ عَلَى هَذَا إذَا اعْتَقَدَ تَصْدِيقَهُمْ بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ بِتَكْذِيبِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَهُمْ كُفْرَ حَقِيقَةٍ، انْتَهَى.
وَالصَّوَابُ رِوَايَةُ حنبل، وإنَّمَا6 أَتَى بِهِ تَشْدِيدًا وَتَأْكِيدًا، وَقَدْ بَوَّبَ عَلَى ذَلِكَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ بَابًا7، وَنَصَّ أَنَّ بَعْضَ الْكُفْرِ دُونَ بَعْضٍ، وَنَصَّ عَلَيْهِمَا أئمة الحديث،
1 في "ط""لدعواه".
2 في النسخ الخطية "المجد" والمثبت من "ط".
3 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".
4 أخرجه أحمد في مسنده "9536" والحاكم في المستدرك "1/8" من حديث أبي هيريرة.
5 ليست في "ط".
6 في "ط""أنه".
7 انظر صحيح البخاري كتاب الإيمان باب كفران العشير وكفر دون كفر وذلك قبل حديث "29".
وإن أسلم أبوا1 حَمْلٍ أَوْ طِفْلٍ أَوْ أَحَدِهِمَا لَا جَدِّهِ وَجَدَّتِهِ، وَالْمَنْصُوصُ: أَوْ مُمَيِّزٌ لَمْ يَبْلُغْ، نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: لَمْ يَبْلُغْ عَشْرًا، فَمُسْلِمٌ، وَكَذَا إنْ سَبَاهُ مُسْلِمٌ مُنْفَرِدًا، وَعَنْهُ: كَافِرٌ، كَسَبْيِهِ مَعَهُمَا عَلَى الْأَصَحِّ، وَإِنْ سُبِيَ مَعَ أَحَدِهِمَا فَمُسْلِمٌ، وَعَنْهُ: يَتْبَعُ أَبَاهُ، وَعَنْهُ: الْمَسْبِيُّ مَعَهُ مِنْهُمَا، اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ.
وَيَتْبَعُ سَابِيًا ذِمِّيًّا كَمُسْلِمٍ، وَقِيلَ: إنْ سَبَاهُ مُنْفَرِدًا فَمُسْلِمٌ. وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ وَالْفَضْلُ بْنُ زِيَادٍ: يَتْبَعُ مَالِكًا مُسْلِمًا كَسَبْيٍ، اخْتَارَهُ شَيْخُنَا، وَإِنْ مَاتَا أَوْ أَحَدُهُمَا فِي دَارِنَا، وَقِيلَ: أَوْ دَارِ حَرْبٍ فَمُسْلِمٌ، عَلَى الْأَصَحِّ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَجَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ إلا المحرر، فيؤخذ رواية. وفي
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
قَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ: وَلِلْعُلَمَاءِ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ مَسَالِكُ مُتَعَدِّدَةٌ، مِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهَا عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مُسْتَحِلًّا، مِنْهُمْ مَالِكٌ وَإِسْحَاقُ، وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهَا عَلَى التَّغْلِيظِ وَالْكُفْرِ الَّذِي لَا يَنْقُلُ عَنْ الْمِلَّةِ، مِنْهُمْ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٌ، قَالَ النَّخَعِيُّ: هُوَ كُفْرٌ بِالنِّعَمِ وَنَقَلَ عَنْ أَحْمَدَ، وَقَالَهُ طَاوُسٌ. وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ إنْكَارُ مَنْ سَمَّى شَارِبَ الْخَمْرِ كافرا وكذلك2 أَنْكَرَ الْقَاضِي جَوَازَ إطْلَاقِ اسْمِ كُفْرِ النِّعْمَةِ عَلَى أَهْلِ الْكَبَائِرِ، وَحَكَى ابْنُ حَامِدٍ عَنْ أَحْمَدَ جَوَازَ إطْلَاقِ الْكُفْرِ وَالشِّرْكِ عَلَى بَعْضِ الذُّنُوبِ الَّتِي لَا تَخْرُجُ عَنْ الْمِلَّةِ، وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ كَانَ يَتَوَقَّى الْكَلَامَ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ النُّصُوصِ تَوَرُّعًا، وَيَمُرُّهَا كَمَا جَاءَتْ مِنْ غَيْرِ تَفْسِيرٍ، مَعَ اعْتِقَادِهِمْ أَنَّ الْمَعَاصِيَ لا تخرج عن الملة، انتهى ملخصا
1 في الأصل و"ط""وأبو".
2 في "ط""لذلك".
الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ رِوَايَةٌ: لَا بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا. نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ فِي يَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ مَاتَ وَلَهُ وَلَدٌ صَغِيرٌ: فَهُوَ مُسْلِمٌ إذَا مَاتَ أَبَوَاهُ وَيَرِثُ أَبَوَيْهِ. وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ إنْ كَفَلَهُ الْمُسْلِمُونَ فَمُسْلِمٌ وَيَرِثُ الْوَلَدُ الْمَيِّتَ لِعَدَمِ تَقَدُّمِ الْإِسْلَامِ، وَاخْتِلَافِ الدِّينِ لَيْسَ مِنْ جِهَتِهِ، كَالطَّلَاقِ فِي الْمَرَضِ، وَلِأَنَّهُ يَرِثُ إجْمَاعًا، فَلَا يَسْقُطُ بِمُخْتَلَفٍ فِيهِ، وَهُوَ الْإِسْلَامُ، وَكَمَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِأُمِّ وَلَدِهِ، وَلِأَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ حُصُولُ إرْثِهِ قَبْلَ اخْتِلَافِ الدِّينِ، كَمَا قَالَ الْكُلُّ: إنَّ الدِّينَ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَيِّتُ مَالِكًا لَهُ يَوْمَ الْمَوْتِ، لَكِنْ فِي حكم المالك، كذا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَقَالَ: فَإِنْ قِيلَ: نَقَلَ الْكَحَّالُ وَجَعْفَرٌ فِي نَصْرَانِيٍّ مَاتَ عَنْ نَصْرَانِيَّةٍ حَامِلٍ فَأَسْلَمَتْ ثُمَّ وَلَدَتْ لَا تَرِثُ: "إنَّمَا تَرِثُ بِالْوِلَادَةِ وَحَكَمَ بِالْإِسْلَامِ، قِيلَ يَحْتَمِلُ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ هَذَا رِوَايَةَ: لَا يَرِثُ" وَإِنَّهُ الْقِيَاسُ، وَيُحْتَمَلُ التَّفْرِقَةُ وَأَنَّهُ ظَاهِرُ تَعْلِيلِ أَحْمَدَ، لِقُوَّةِ الْمَانِعِ، لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ بِأَمْرٍ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ وَهُوَ إسْلَامُ أُمِّهِ، وَهُوَ حَمْلٌ، وَالْمَسْقَطُ ضَعِيفٌ، لِلْخِلَافِ فِي إسْلَامِهِ بِالْمَوْتِ، وَلَوْ كَانَ الْحَمْلُ لَا يَرِثُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى التَّخْرِيجِ، وَلَا هَذَا الْفَرْقِ. وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْفُصُولِ إرْثَهُ، فَظَاهِرُهُ كَالطِّفْلِ. وَذَكَرَ أَيْضًا فِي كِتَابِ الرِّوَايَتَيْنِ: فِي إرْثِ الطِّفْلِ رِوَايَتَيْنِ. وَظَاهِرُ الْفُصُولِ أَنَّهُ كَمَنْ أَسْلَمَ قَبْلَ قَسْمِ التَّرِكَةِ.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقَالَ فِي مَكَان آخَرَ بَعْدَ رِوَايَةِ الْكَحَّالِ: جَعَلَ تَجَدُّدَ الْإِسْلَامِ مَانِعًا مِنْ إرْثِهِ مَعَ كَوْنِنَا نَجْعَلُ لِلْحَمْلِ حُكْمًا فِي بَابِ الْإِرْثِ، وَذَلِكَ أَنَّ مِنْ أَصْلِهِ أَنْ يُوَرَّثَ الْقَرِيبُ الْكَافِرُ إذَا أَسْلَمَ قَبْلَ الْقَسْمِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: قَيَّدَ ذَلِكَ بِمَا إذَا أَسْلَمَتْ أُمُّهُ قَبْلَ الْوَضْعِ، فَإِنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَصِيرُ مُسْلِمًا بِلَا رَيْبٍ، قَالَ: وَتَعْلِيلُ ابْنِ عَقِيلٍ ضَعِيفٌ.
وَأَطْفَالُ الْكُفَّارِ1 فِي النَّارِ، وَعَنْهُ الْوَقْفُ، وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْجَنَّةِ كَأَطْفَالِ المسلمين. ومن بلغ منهم مجنونا، واختار
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
تَنْبِيهٌ" قَوْلُهُ: "وَأَطْفَالُ الْكُفَّارِ فِي النَّارِ، وَعَنْهُ الْوَقْفُ، وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الجنة" انتهى. قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ فِي2 نِهَايَةِ الْمُبْتَدِئِينَ: وَعَنْهُ الْوَقْفُ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْمَقْدِسِيُّ، انْتَهَى. فَخَالَفَ الْمُصَنِّفُ فِي النَّقْلِ عَنْ ابْنِ عَقِيلٍ وَابْنِ الْجَوْزِيِّ، وَزَادَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ، وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي الْمُغْنِي3 أَنَّهُ نَقَلَ رِوَايَةَ الْوَقْفِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهَا. وَقَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ اللَّهِ كَتِيله فِي كِتَابِ الْعُدَّةِ: ذَكَرَ شَيْخُ مشايخي في المغني3 في4 الْجِهَادِ أَنَّ أَحْمَدَ سُئِلَ عَنْ أَوْلَادِ الْمَجُوسِ يَمُوتُ أَحَدُهُمْ وَهُوَ ابْنُ خَمْسِ سِنِينَ؟ فَقَالَ: يُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ لِقَوْلِهِ عليه السلام: "فأبواه يهودانه وينصرانه5 ويُمَجِّسَانِهِ"6 يَعْنِي أَنَّهُمَا لَمْ يُمَجِّسَاهُ فَبَقِيَ عَلَى الْفِطْرَةِ. وَسُئِلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ: أَذْهَبُ إلَى قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم "الله أعلم بما
1 في "ط""الكافر".
2 ليست في "ط".
3 "13/254".
4 بعدها في "ط""كتاب".
5 ليست في "ط".
6 أخرجه البخاري "1358" ومسلم "2658" من حديث أبي هريرة.
شَيْخُنَا تَكْلِيفَهُمْ فِي1 الْقِيَامَةِ، لِلْأَخْبَارِ2 وَمِثْلُهُمْ مَنْ بَلَغَ مِنْهُمْ مَجْنُونًا، فَإِنْ جُنَّ بَعْدَ بُلُوغِهِ فَوَجْهَانِ "م 8".
وَظَاهِرُهُ يَتْبَعُ أَبَوَيْهِ بِالْإِسْلَامِ كَصَغِيرٍ، فَيُعَايَا بِهَا. وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ فِيمَنْ وُلِدَ أَعْمَى أَبْكَمَ أَصَمَّ وَصَارَ رَجُلًا: وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَيِّتِ هُوَ مَعَ أَبَوَيْهِ وَإِنْ كَانَا مُشْرِكَيْنِ ثُمَّ أَسْلَمَا بَعْدَ مَا صَارَ رَجُلًا، قَالَ: هُوَ مَعَهُمَا، وَيَتَوَجَّهُ مِثْلَهُمَا مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ، وَقَالَهُ شَيْخُنَا وَذَكَرَ فِي الْفُنُونِ عَنْ أَصْحَابِنَا: لَا يُعَاقَبُ، قَالَ: وَإِذَا مَنَعَ حَائِلُ البعد شروط التكليف فأولى
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
كَانُوا عَامِلِينَ"3، وَقَالَ أَيْضًا الْإِمَامُ أَحْمَدُ، نَحْنُ نَمُرُّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ عَلَى مَا جَاءَتْ وَلَا نَقُولُ شَيْئًا، انْتَهَى. وَلَمْ أَرَ ذَلِكَ فِي الْمُغْنِي4.
"مَسْأَلَةٌ 8" قَوْلُهُ: "وَمِثْلُهُمْ مَنْ بَلَغَ مَجْنُونًا، فَإِنْ جُنَّ بَعْدَ بُلُوغِهِ فَوَجْهَانِ"، انْتَهَى. "أَحَدُهُمَا" هُوَ فِي النَّارِ وَإِنْ قُلْنَا أَطْفَالُ الْكُفَّارِ فِي الْجَنَّةِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ إذَا جُنَّ بَعْدَ تَكْلِيفِهِ، وَهُوَ الصَّوَابُ، حَيْثُ تَمَكَّنَ مِنْ الْإِسْلَامِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَغَيْرِهِمْ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" هُوَ كَأَطْفَالِ الْكُفَّارِ، وَلَعَلَّ الْخِلَافَ إذَا جُنَّ قَرِيبًا مِنْ الْبُلُوغِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ، بَعْدَ بُلُوغِهِ، فِيهِ إيهَامٌ، وَالصَّوَابُ مَا قُلْنَاهُ بِحَيْثُ إنْ يَتَمَكَّنَ مِنْ الْإِسْلَامِ.
5فَهَذِهِ ثَمَانُ مسائل في هذا الباب5.
1 بعدها في "ر""يوم".
2 منها ما ذكر ابن تيمية في مجموع الفتاوى "4/246" عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: "إذا كان يوم القيامة فإن الله يمتحنهم ويبعث إليهم رسولا في عرصة القيامة فمن أجابه أدخله الجنة ومن عصاه أدخله النار".
3 أخرجه البخاري "1384" ومسلم "2659" من حديث أبي هريرة.
4 بل هو فيه انظر المغني "13/254".
5 5 ليست في "ط".
فِيهِمَا، وَلِعَدَمِ جَوَازِ إرْسَالِ رَسُولٍ إلَيْهِمَا بِخِلَافِ أُولَئِكَ، وَقَالَ: إنَّ عَفْوَ اللَّهِ عَنْ الَّذِي كَانَ يُعَامِلُ وَيَتَجَاوَزُ لِأَنَّهُ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ وَعَمِلَ بِخَصْلَةٍ مِنْ الْخَيْرِ. وَفِي نِهَايَةِ الْمُبْتَدِئِ: لَا يُعَاقَبُ، وَقِيلَ: بَلَى إنْ قِيلَ بِحَظْرِ الْأَفْعَالِ قَبْلَ الشَّرْعِ. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: يُعَاقَبُ مُطْلَقًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَيَحْسَبُ الْأِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً} [القيامة:36] وَهُوَ عَامٌّ، وَلِأَنَّ اللَّهَ مَا أَخْلَى عَصْرَهُ مِنْ قَائِمٍ لَهُ بِحُجَّةٍ، كَذَا قَالَ. وَلِأَحْمَدَ وَمُسْلِمٍ1 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا "وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِاَلَّذِي أُرْسِلْت بِهِ إلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ" قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: خَصَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لِلتَّنْبِيهِ لِأَنَّ لَهُمْ كِتَابًا، قَالَ: وَفِي مَفْهُومِهِ إنْ لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةُ الْإِسْلَامِ فَهُوَ مَعْذُورٌ، قَالَ: وَهَذَا جَارٍ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ لَا حُكْمَ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ، عَلَى الصَّحِيحِ.
قَالَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى فِي قَوْلِهِ: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} [الإسراء: 15] فِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَعْرِفَةَ اللَّهِ لَا تَجِبُ عَقْلًا، وَإِنَّمَا تَجِبُ بِالشَّرْعِ، وَهُوَ بِعْثَةُ الرُّسُلِ وَأَنَّهُ لَوْ مَاتَ الْإِنْسَانُ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يُقْطَعْ عَلَيْهِ بِالنَّارِ. قَالَ: وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يُعَذَّبُ فِيمَا طَرِيقُهُ السَّمْعُ إلَّا بِقِيَامِ حُجَّةِ السَّمْعِ مِنْ جِهَةِ الرَّسُولِ وَلِهَذَا قَالُوا: لَوْ أَسْلَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْحَرْبِ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَلَمْ يَسْمَعْ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَنَحْوِهًا لَمْ يَلْزَمْهُ قضاء شيء منها،
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 أحمد "8609" ومسلم "153""240".
لِأَنَّهَا لَمْ تَلْزَمْهُ إلَّا بَعْدَ قِيَامِ حُجَّةِ السَّمْعِ. وَالْأَصْلُ فِيهِ قِصَّةُ أَهْلِ قُبَاءَ حِينَ اسْتَدَارُوا إلَى الْكَعْبَةِ وَلَمْ يَسْتَأْنِفُوا1.
وَلَوْ أَسْلَمَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِفَرْضِ الصَّلَاةِ قَالُوا: عَلَيْهِ الْقَضَاءُ; لِأَنَّهُ قَدْ رَأَى النَّاسَ يُصَلُّونَ فِي الْمَسَاجِدِ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، وَذَلِكَ دَعَا إلَيْهَا، ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ، فَدَلَّ عَلَى مُوَافَقَتِهِ.
وَالْمَشْهُورُ فِي أُصُولِ الدِّينِ عَنْ أَصْحَابِنَا أَنَّ مَعْرِفَةَ اللَّهِ تَعَالَى وَجَبَتْ شَرْعًا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: عَقْلًا، وَهِيَ أَوَّلُ وَاجِبٍ لِنَفْسِهِ، وَيَجِبُ قَبْلَهَا النَّظَرُ لِتَوَقُّفِهَا عَلَيْهِ، فَهُوَ أَوَّلُ وَاجِبٍ لِغَيْرِهِ، وَلَا يَقَعَانِ ضَرُورَةً، وَقِيلَ: بَلَى، وَكَذَا إنْ أُعْدِمَا2 أَوْ أَحَدُهُمَا بِلَا مَوْتٍ، كَزِنَا ذِمِّيَّةٍ وَلَوْ بِكَافِرٍ، أَوْ اشْتِبَاهِ وَلَدٍ مُسْلِمٍ بِوَلَدٍ كَافِرٍ، نَصَّ عَلَيْهِمَا، قَالَ الْقَاضِي: أَوْ وُجِدَ بِدَارِ حَرْبٍ، وَقَالَ فِي مَسْأَلَةِ الِاشْتِبَاهِ: تَكُونُ الْقَافَةُ فِي هَذَا؟ قَالَ: مَا أَحْسَنَهُ، وَإِنْ لَمْ يُكَفِّرَا وَلَدَهُمَا وَمَاتَ طِفْلًا دُفِنَ فِي مَقَابِرِنَا، نَصَّ عليه واحتج
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 تقدم تخريجه "2/130".
2 في "ط""أعدما".
بِقَوْلِهِ "فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ" 1 قَالَ صَاحِبُ النَّظْمِ. كَلَقِيطٍ، وَيَتَوَجَّهُ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا.
وَيَدُلُّ عَلَى خِلَافِ النَّصِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا "مَا مِنْ مَوْلُودٍ إلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُشَرِّكَانِهِ" فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْت لَوْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ؟ قَالَ: "اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2. وَفِي مُسْلِمٍ3 "عَلَى هَذِهِ الْمِلَّةِ حَتَّى يُبَيِّنَ عَنْهُ لِسَانُهُ" وفسر أحمد
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 تقدم تخريجه ص "215".
2 تقدم تخريجه ص "216".
3 في صحيحه "2658""23".
الْفِطْرَةَ فَقَالَ: الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ1 النَّاسَ عَلَيْهَا، شقي أو سعيد.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 ليست في "د".
قَالَ الْقَاضِي: الْمُرَادُ بِهِ الدِّينُ، مِنْ كُفْرٍ أَوْ إسْلَامٍ، قَالَ: وَقَدْ فَسَّرَ أَحْمَدُ هَذَا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَذَكَرَ الْأَثْرَمُ: مَعْنَاهُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ حِينَ أَخَذَهُمْ مِنْ صُلْبِ آدَمَ {وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: 172] وَبِأَنَّ لَهُ صَانِعًا وَمُدَبِّرًا وَإِنْ عَبَدَ شَيْئًا غَيْرَهُ وَسَمَّاهُ بِغَيْرِ اسْمِهِ وَأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ عَلَى الْإِسْلَامِ; لِأَنَّ الْيَهُودِيَّ يَرِثُهُ وَلَدُهُ الطِّفْلُ، إجْمَاعًا، وَنَقَلَ يُوسُفُ: الْفِطْرَةُ الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ الْعِبَادَ عَلَيْهَا، وَقِيلَ لَهُ فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ: هِيَ الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ النَّاسَ عَلَيْهَا الْفِطْرَةُ الْأُولَى1؟ قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ ابْنُ حَامِدٍ: اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي تَعْذِيبِ أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ وَالْكَلَامُ منه في ذلك مبني على2 مَقَالَتُهُ فِي تَفْسِيرِ الْفِطْرَةِ. ثُمَّ ذَكَرَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: الْمُرَادُ بِهِ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ مَا لَمْ يُعْلَمْ لَهُ أَبَوَانِ كَافِرَانِ، وَلَا يَتَنَاوَلُ مَنْ وُلِدَ بَيْنَ كَافِرَيْنِ لِأَنَّهُ انْعَقَدَ كَافِرًا، كَذَا قَالَ.
وَإِنْ بَلَغَ مُمْسِكًا عَنْ إسْلَامٍ وَكُفْرٍ قُتِلَ قَاتِلُهُ، وَفِيهِ احْتِمَالٌ، وَقِيلَ: يُقْتَلُ إنْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ بِمَا تَقَدَّمَ، لَا بِالدَّارِ. ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ.
وَمَنْ قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ لَمْ يَجُزْ تَعْزِيرُهُ، فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ، لِأَنَّهُ لَمْ يَجِبْ غَيْرُ الْقَتْلِ وَقَدْ سَقَطَ، وَالْحَدُّ إذَا سَقَطَ بِالتَّوْبَةِ أَوْ اُسْتُوْفِيَ لَمْ تَجُزْ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ، كَسَائِرِ الْحُدُودِ. وَقَالَ شَيْخُنَا فِيمَنْ شَفَعَ عِنْدَهُ فِي شَخْصٍ فَقَالَ: لو جاء
1 ليست في "ط".
2 بعدها في "ط""ما".
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَشْفَعُ فِيهِ مَا قُبِلَ1، إنْ تَابَ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ قُتِلَ2، لَا قَبْلَهَا، فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ فِيهِمَا، وَيَسُوغُ تَعْزِيرُهُ، وَهَذَا اخْتِيَارُ الْمَالِكِيَّةِ يُعَزَّرُ بَعْدَ التَّوْبَةِ.
وَوَجَّهَ شَيْخُنَا هَذَا الْمَعْنَى فِي مَكَان آخَرَ بِأَنْ قَتْلَهُ مِنْ حَيْثُ هُوَ رَسُولٌ حَقٌّ لِلَّهِ، وَقَدْ سَقَطَ فَيُعَزَّرُ لِحَقِّ الْبَشَرِيَّةِ كَتَعْزِيرِ سَابِّ الْمُؤْمِنِينَ بَعْدَ إسْلَامِهِ، قَالَ: وَمَنْ لَمْ يُعَاقِبْهُ بِشَيْءٍ قَالَ: انْدَرَجَ حَقُّ الْبَشَرِيَّةِ فِي حَقِّ الرِّسَالَةِ، فَإِنَّ الْجَرِيمَةَ الْوَاحِدَةَ إذَا أَوْجَبَتْ الْقَتْلَ لَمْ يَجِبْ غَيْرُهُ، عِنْدَ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ، وَلِهَذَا انْدَرَجَ حَقُّ اللَّهِ فِي حَقِّ الْآدَمِيِّ بِعَفْوِهِ عَنْ قَوَدٍ وَحَدِّ قَذْفٍ، قَالَ: وَفِي الْأَصْلَيْنِ خِلَافٌ، فَمَذْهَبُ "م": يُعَزَّرُ الْقَاتِلُ بَعْدَ الْعَفْوِ، وَمَذْهَبُ "هـ": لَا يَسْقُطُ حَدُّ الْقَذْفِ بِالْعَفْوِ، وَلِهَذَا تَرَدَّدَ مَنْ أَسْقَطَ الْقَتْلَ بِالْإِسْلَامِ، هَلْ يُؤَدَّبُ حَدًّا أَوْ تَعْزِيرًا عَلَى خُصُوصِ الْقَذْفِ وَالسَّبِّ؟ تَقَدَّمَ احْتِمَالٌ يُعَزَّرُ لِحَقِّ السَّلْطَنَةِ بَعْدَ عَفْوِ الْآدَمِيِّ، لِلتَّهْذِيبِ وَالتَّقْوِيمِ3، فَدَلَّ مِنْ التَّعْلِيلِ عَلَى تَعْزِيرِ الْمُرْتَدِّ، وَهُوَ مِنْ الْقَاضِي اعْتِبَارٌ لِلْمَصْلَحَةِ الْمُرْسَلَةِ عَلَى عَادَتِهِ. وفي الأحكام السلطانية: وأما إن4 لَمْ يَتُبْ أَوْ تَابَ وَلَمْ تُقْبَلْ ظَاهِرًا قُتِلَ فَقَطْ، جَعَلَهُ الْأَصْحَابُ أَصْلًا، لِعَدَمِ الْجَلْدِ مع الرجم 5والله أعلم5.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في "ر""ما أقبل".
2 في الأصل "قبل".
3 ص "106".
4 في الأصل "من" وفي "ط""إذا".
5 5 ليست في "ر" و"ط".