الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الفيء
مدخل
…
بَابُ الْفَيْءِ
وَهُوَ مَا أُخِذَ مِنْ كَافِرٍ بِلَا قِتَالٍ، كَجِزْيَةٍ وَخَرَاجٍ وَعُشْرٍ، وَمَا تَرَكُوهُ فزعا أو مات ولا وارث له1.
قَالَ شَيْخُنَا: وَلَيْسَ لِلسُّلْطَانِ إطْلَاقُهُ دَائِمًا.
وَمَصْرِفُهُ مَصَالِحُ الْإِسْلَامِ، وَقِيلَ: لِلْمُقَاتِلَةِ، فَلَا يُفْرَدُ عَبْدٌ فِي الْأَصَحِّ، بَلْ يُزَادُ سَيِّدُهُ، وَاخْتَارَ أَبُو حَكِيمٍ وَشَيْخُنَا: لَا حَقَّ لِرَافِضَةٍ، وَذَكَرَهُ فِي الْهَدْيِ عَنْ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ، وَعَنْهُ: خَمْسَةٌ لِأَهْلِ الْخُمُسِ وَبَقِيَّتُهُ لِلْمَصَالِحِ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَأَبُو مُحَمَّدٍ يُوسُفُ الْجَوْزِيُّ، وَاخْتَارَ الْآجُرِّيُّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَسَّمَهُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ سَهْمًا، فَلَهُ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ، ثُمَّ خُمُسُ الْخُمُسِ، أَحَدٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا فِي الْمَصَالِحِ، وَبَقِيَّةُ خُمُسِ الْخُمُسِ لِأَهْلِ الْخُمُسِ.
وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كَشْفِ الْمُشْكِلِ فِيمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي الْخَبَرِ الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ مُسْنَدِ عُمَرَ رضي الله عنه: كَانَ مَا لَمْ يُوجِفْ عَلَيْهِ مِلْكًا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَاصَّةً2، هَذَا اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ مِنْ أَصْحَابِنَا وَهُوَ قَوْلُ "ش" وَذَهَبَ بَعْض أَصْحَابِنَا إلَى أَنَّ الْفَيْءَ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنَّمَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَأْخُذُ مِنْ نَصِيبِهِ مَا يَأْخُذُهُ وَيَجْعَلُ الْبَاقِيَ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ.
وَيَبْدَأُ بِالْأَهَمِّ فَالْأَهَمِّ، مِنْ الثُّغُورِ، ثُمَّ الْأَنْهَارِ وَالْقَنَاطِرِ، وَرِزْقِ قضاة
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 ليست في "ط".
2 أخرجه البخاري "7305" مسلم "1757""49".
وَمَنْ نَفْعُهُ عَامٌّ، ثُمَّ يُقَسِّمُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إلَّا الْعَبِيدَ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: يُقَدَّمُ الْمُحْتَاجُ، وَهِيَ أَصَحُّ عَنْهُ، قَالَهُ شَيْخُنَا: وَقِيلَ: بَعْدَ الْكِفَايَةِ يَدَّخِرُ مَا بَقِيَ، وَأَعْطَى أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه الْعَبِيدَ1، ذَكَرَهُ الْخَطَّابِيُّ. قَالَ: وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَحَدٌ لَقِينَاهُ فِي أَنَّ لَيْسَ لِلْمَمَالِيكِ فِي الْعَطَاءِ حَقٌّ وَلَا لِلْأَعْرَابِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُ الصَّدَقَةِ.
وَلَيْسَ لِوُلَاةِ الْفَيْءِ أَنْ يَسْتَأْثِرُوا مِنْهُ فَوْقَ الْحَاجَةِ كَالْإِقْطَاعِ يَصْرِفُونَهُ فِيمَا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ أَوْ إلَى مَنْ يَهْوُونَهُ، قَالَهُ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ، وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ الْآجُرِّيِّ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ قِيلَ لِأَحْمَدَ: هَؤُلَاءِ الْمَكَافِيفُ يَأْخُذُونَ مِنْ الدِّيوَانِ أَرْزَاقًا كَثِيرَةً تَطِيبُ لَهُمْ؟ قَالَ: كَيْفَ تَطِيبُ يُؤْثِرُونَهُمْ بِهَا.
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُبْدَأَ بِالْمُهَاجِرِينَ ثُمَّ الْأَنْصَارِ، وَيُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم،
وَفِي جَوَازِ تَفْضِيلِهِ بَيْنَهُمْ بِالسَّابِقَةِ2 رِوَايَتَانِ "م 1" وظاهر كلامه: لا
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
"مَسْأَلَةٌ 1" قَوْلُهُ: "وَفِي جَوَازِ تَفْضِيلِهِ بَيْنَهُمْ بِالسَّابِقَةِ رِوَايَتَانِ"، انْتَهَى.
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي3 وَالْكَافِي4 وَالْمُقْنِعِ5 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ4 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ.
1 ذكره البيهقي في السنن الكبرى "6/348".
2 سيأتي لاحقا.
3 "9/300 – 301".
4 "5/551".
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "10/332- 333".
تَفْضِيلَ، لِفِعْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَعَ جَوَازِهِ وَذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ،
وَلَا حَقَّ لِمَنْ حَدَثَ بِهِ زَمَنٌ وَنَحْوُهُ فِي الْأَصَحِّ،
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
"إحْدَاهُمَا" لَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ بَيْنَهُمْ، بَلْ تَجِبُ التَّسْوِيَةُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ.
"وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ": يَجُوزُ لِمَعْنًى فِيهِمْ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَنَظْمِ نِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ، قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ: وَالصَّحِيحُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ ذَلِكَ مُفَوَّضٌ إلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ فَيَفْعَلُ مَا يَرَاهُ، انْتَهَى، "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ، فَقَدْ فَعَلَهُ عُمَرُ وَعُثْمَانُ، وَلَمْ يُفَضِّلْ أَبُو بَكْرٍ وعلي رضوان الله عليهم أجمعين1.
1 قال أبو عبيد في الأموال "649" وقد كان رأى عمر الأول التفضيل على السوابق والغناء عن الإسلام وهذا هو المشهور من رأيه وكان رأى أبي بكر التسوية وكذلك يروى عن علي التسوية أيضا.
وَإِنْ مَاتَ مَنْ حَلَّ عَطَاؤُهُ فَإِرْثٌ.
وَلِزَوْجَةِ الْجُنْدِيِّ وَذُرِّيَّتِهِ كِفَايَتُهُمْ، وَيَسْقُطُ حَقُّ أُنْثَى يَتَزَوَّجُهَا، وإن1 بَلَغَ بَنُوهُ2 أَهْلًا لِلْقِتَالِ فُرِضَ لَهُمْ بِطَلَبِهِمْ. وَفِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: وَالْحَاجَةُ إلَيْهِمْ.
وَبَيْتُ الْمَالِ مِلْكٌ لِلْمُسْلِمِينَ يَضْمَنُهُ مُتْلِفُهُ، وَيَحْرُمُ3 إلَّا بِإِذْنِ إمَامٍ، ذَكَرَهُ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ، وَذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ، وَفِيهِ: لَا يَجُوزُ لَهُ الصَّدَقَةُ وَيُسَلِّمُهُ لِلْإِمَامِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ فِي السَّرِقَةِ مِنْهُ. وَقَالَهُ شَيْخُنَا: وَأَنَّهُ لَوْ أَتْلَفَهُ ضَمِنَهُ، وَكَذَا قَالَ فِي وَقْفٍ عَلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ، كَمَسْجِدٍ أَوْ مُوصًى بِهِ لِجِهَةٍ عَامَّةٍ، قَالَ: وَلَا يُتَصَوَّرُ فِي الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ عَدَدٍ مَوْصُوفٍ غير
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
"تَنْبِيهٌ" فَسَّرَ فِي شَرْحِ الْمُحَرَّرِ السَّابِقَةِ بِالْإِسْلَامِ، وَفَسَّرَهَا فِي الرِّعَايَةِ بِالْإِسْلَامِ أَوْ الْهِجْرَةِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ السابقة لا تختص بِالْإِسْلَامِ وَالْهِجْرَةِ، بَلْ مَا اسْتَحَقَّ بِهِ الْفَضِيلَةَ، كَتَقَدُّمِ الْإِسْلَامِ وَالْهِجْرَةِ، وَحُضُورِ مَشْهَدٍ لَمْ يَشْهَدْهُ غَيْرُهُ، كَبَدْرٍ وَالْحُدَيْبِيَةِ وَنَحْوِهِمَا، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَلَمْ يُقَيِّدْ ذَلِكَ بِالسَّبْقِ فِي الْمُغْنِي4 وَالْكَافِي5 وَالْمُقْنِعِ6 وَالشَّرْحِ6 وَغَيْرِهِمْ. وَفِي الرِّعَايَةِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ، الثَّالِثَةُ الْفَرْقُ، فَيَجُوزُ فِي السَّابِقَةِ فَقَطْ.
فَفِي هَذَا الباب مسألة واحدة.
1 في "ط""إذا".
2 في "ر""بقوة".
3 أي الأخذ منه.
4 "9/301".
5 "5/551".
6 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "10/323 - 335".
مُعِينٍ أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا: نَحْوَ بَيْتِ الْمَالِ والمباحات والوقف على مطلق، سَوَاءٌ تَعَيَّنَ الْمُسْتَحِقُّ بِالْإِعْطَاءِ أَوْ بِالِاسْتِعْمَالِ أَوْ بِالْفَرْضِ وَالتَّنْزِيلِ أَوْ غَيْرِهِ، فَإِنَّ الْمَالِكَ يَعْتَبِرُ كَوْنَهُ مُعَيَّنًا، وَلَكِنْ هُوَ مُبَاحٌ أَوْ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْمُبَاحِ وَالْمَمْلُوكِ، بِخِلَافِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ مَعْنَيَيْنِ1، وَذَكَرَ الْقَاضِي وَابْنُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ: أَنَّ الْمَالِكَ غَيْرُ مُعِينٍ. وَفِي الْمُغْنِي2 فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ بِلَا إذْنٍ: مَالُ بَيْتِ الْمَالِ مَمْلُوكٌ لِلْمُسْلِمِينَ.
وَلِلْإِمَامِ تَعْيِينُ مَصَارِفِهِ وَتَرْتِيبُهَا3، فَافْتَقَرَ إلَى إذْنِهِ وَقَالَ شَيْخُنَا فِي عُمَّالِهِ: إذَا اخْتَانُوا مِنْهُ وَقَبِلُوا هَدِيَّةً وَرِشْوَةً مِمَّنْ فُرِضَ لَهُ دُونَ أُجْرَتِهِ أَوْ دُونَ كِفَايَتِهِ وَعِيَالِهِ بِالْمَعْرُوفِ لَمْ يُسْتَخْرَجْ مِنْهُ ذَلِكَ الْقَدْرُ، قَالَ: وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَجُوزُ لَهُمْ أَخْذٌ خِيَانَةً فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْإِمَامَ الْإِعْطَاءُ، فَهُوَ كَأَخْذِ الْمُضَارِبِ حِصَّتَهُ أَوْ الْغَرِيمِ دَيْنَهُ بِلَا إذْنٍ، فَلَا فَائِدَةَ فِي اسْتِخْرَاجِهِ وَرَدِّهِ إلَيْهِمْ، بَلْ إنْ لَمْ يَصْرِفْهُ الْإِمَامُ مَصَارِفَهُ الشَّرْعِيَّةَ لَمْ يُعَنْ عَلَى ذَلِكَ.
قَالَ: وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ عُمَرَ شَاطَرَ عُمَّالَهُ4 كَسَعْدٍ وَخَالِدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَلَمْ يَتَّهِمْهُمْ بِخِيَانَةِ بَيِّنَةٍ، بَلْ بِمُحَابَاةٍ اقْتَضَتْ أَنْ جَعَلَ أَمْوَالَهُمْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، قَالَ: وَمَنْ عَلِمَ تَحْرِيمَ بَعْضِ مَا وَرِثَهُ أو غيره
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في "ط""معنيين".
2 "8/183".
3 في الأصل "ترتيبهما".
4 أخرجه أبو عبيد في الأموال "664".
وَجَهِلَ قَدْرَهُ قَسَمَهُ نِصْفَيْنِ. وَقِيلَ لِلْقَاضِي فِي مَسْأَلَةِ مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ: شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ سَرَقَ خَرِيطَةً1 مِنْ بَيْتِ الْمَالِ2، فَقَالَ: لَوْ كَانَ هَذَا صَحِيحًا لَمْ يَقْدَحْ فِي عَدَالَتِهِ، لِأَنَّ بَيْتَ الْمَالِ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَعَلَّهُ أَخَذَ ذَلِكَ لحاجة وتأويل فلا يوجب رد خبره والله أعلم.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 الخريطة: شبه كيس يشرج من أديم وخرق والجمع خرائط مثل: كريمة المصباح "خرط".
2 ذكره هذا الإمام ابذهبي عند ترجمته شهر بن حوشب انظر سير أعلام النبلاء "4/375".