المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل: ويشترط لليمين المنعقدة قصد عقدها على مستقبل - الفروع وتصحيح الفروع - جـ ١٠

[شمس الدين ابن مفلح - المرداوي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد العاشر

- ‌كتاب الديات

- ‌فصل: باب العاقلة وما تحمله

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: وَلَا تَحْمِلُ عَاقِلَةٌ عَمْدًا

- ‌فصل: باب كفارة القتل

- ‌مدخل

- ‌فصل: باب القسامة

- ‌مدخل

-

- ‌كتاب الحدود

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: وَإِنْ اجْتَمَعَتْ حُدُودٌ لِلَّهِ عز وجل فَإِنْ كَانَ فِيهَا قَتْلٌ اُسْتُوْفِيَ وَحْدَهُ

- ‌باب حد الزنا

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: وَلَا حَدَّ إلَّا بِتَغْيِيبِ حَشَفَةٍ أَصْلِيَّةٍ مِنْ خَصِيٍّ أَوْ فَحْلٍ أَوْ قَدْرِهَا لِعَدَمٍ

- ‌باب القذف

- ‌مدخل

- ‌فصل: صريح الْقَذْفِ

- ‌فَصْلٌ: وَهُوَ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ

- ‌باب حد المسكر

- ‌مدخل

- ‌باب التعزير

- ‌مدخل

- ‌باب السرقة

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: مَنْ دَخَلَ حِرْزًا فَبَلَعَ 2جَوْهَرَةً وَخَرَجَ

- ‌فَصْلٌ: وَيُقْطَعُ كُلُّ قَرِيبٍ بِسَرِقَةِ مَالِ قَرِيبِهِ إلَّا عَمُودَيْ نَسَبِهِ

- ‌باب حد قاطع الطريق

- ‌مدخل

- ‌باب قتال أهل البغي

- ‌مدخل

- ‌باب حكم المرتد

- ‌مدخل

- ‌فصل: ويكفر الساحر كاعتقاد حله

-

- ‌كتاب الجهاد

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: يَلْزَمُ كُلَّ أَحَدٍ إخْلَاصُ النِّيَّةِ لِلَّهِ عز وجل في الطاعات

- ‌فَصْلٌ: وَمَنْ أَسَرَ أَسِيرًا حَرُمَ عَلَى الْأَصَحِّ قَتْلُهُ

- ‌باب قسمة الغنيمة

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: وَيُبْدَأُ فِي قِسْمَةِ الْغَنِيمَةِ بِمَنْ تَقَدَّمَ وَبِمُسْتَحَقِّ السَّلَبِ

- ‌فَصْلٌ: ثُمَّ يُخَمَّسُ الْبَاقِي وَيُقَسَّمُ خُمُسُهُ خَمْسَةَ أسهم

- ‌فصل: فَيُقْسَمُ لِلرَّاجِلِ سَهْمٌ، وَلِلْفَارِسِ ثَلَاثَةٌ

- ‌باب حكم الأرضين المغنومة

- ‌مدخل

- ‌باب الأمان

- ‌مدخل

- ‌باب الهدنة

- ‌مدخل

- ‌باب عقد الذمة

- ‌مدخل

- ‌باب أحكام الذمة

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: وَيُمْنَعُونَ مَقَامَ الْحِجَازِ

- ‌فصل: وَإِنْ تَحَاكَمَ إلَيْنَا ذِمِّيَّانِ فَعَنْهُ يَلْزَمُ الْحُكْمُ، وَالْإِعْدَاءُ

- ‌باب الفيء

- ‌مدخل

-

- ‌كتاب الأطعمة

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: وَيَحِلُّ كُلُّ حَيَوَانٍ بَحْرِيٍّ إلَّا الضِّفْدَعَ

- ‌كتاب الصيد

- ‌مدخل

-

- ‌كتاب الأيمان

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: وَيَحْرُمُ الْحَلِفُ بِغَيْرِ اللَّهِ

- ‌فصل: وَيَشْتَرِطُ لِلْيَمِينِ الْمُنْعَقِدَة قَصْدُ عَقْدِهَا عَلَى مُسْتَقْبَلٍ

- ‌فَصْلٌ: مَنْ لَزِمَتْهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فَلَهُ إطْعَامُ عشرة مساكين

الفصل: ‌فصل: ويشترط لليمين المنعقدة قصد عقدها على مستقبل

سُلَيْمَانَ بْنِ مُعَاذٍ هُوَ ابْنُ قَرْمٍ1، ضَعَّفَهُ غير أحمد وابن عدي.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 في النسخ الخطية "قشرم" وهو: أبو داود سليمان بن قرم بن معاذ التميمي الضبي النحوي قال يحيى بن معين والنسائي: ضعيف وقال في موضع آخر: ليس بشيء وقال أبو زرعة: ليس بذلك تهذيب الكمال "12/51".

ص: 444

‌فصل: وَيَشْتَرِطُ لِلْيَمِينِ الْمُنْعَقِدَة قَصْدُ عَقْدِهَا عَلَى مُسْتَقْبَلٍ

،

وَتَقَدَّمَ الْمُسْتَحِيلُ فِي طَلَاقِ الْمُسْتَقْبَلِ فَإِنْ حَلَفَ بِاَللَّهِ عَلَى مَاضٍ كَاذِبًا عَالِمًا كَذِبَهُ فَغَمُوسٌ، وَعَنْهُ: يُكَفِّرُ وَيَأْثَمُ، كَمَا يَلْزَمُهُ عِتْقٌ وَطَلَاقٌ وَظِهَارٌ وَحَرَامٌ وَنَذْرٌ، فَيُكَفِّرَ كَاذِبٌ فِي لِعَانِهِ، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ وَاحْتَجَّ غَيْرُ وَاحِدٍ عَلَى عَدَمِ التَّكْفِيرِ بِقَوْلِهِ {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً} [آل عمران: 77] الْآيَةَ، فَكَيْفَ يُقَالُ إنَّ الْجَزَاءَ غَيْرُ هَذَا وَإِنَّ الْكَفَّارَاتِ تُمَحِّصُ هَذَا. وَقَالَ شَيْخُنَا: مَنْ قَالَ يُكَفِّرُ الْغَمُوسُ، قَالَ يُكَفِّرُ الْغَمُوسُ فِي ذَلِكَ أَيْضًا، وَأَمَّا مَنْ قَالَ: لَا كَفَّارَةَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، أَوْ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ فِيهِ مَا الْتَزَمَهُ، فَالْمَاضِي أَوْلَى.

وَأَمَّا مَنْ قَالَ الْيَمِينُ الْغَمُوسُ بِاَللَّهِ لَا تُكَفَّرُ، وَأَنَّ الْيَمِينَ بِالنَّذْرِ وَالْكُفْرِ وَغَيْرِهِمَا يُكَفَّرُ، فَلَهُمْ فِي الْيَمِينِ الْغَمُوسِ بِذَلِكَ قولان:

ص: 444

أَحَدُهُمَا يَلْزَمُهُ مَا الْتَزَمَهُ مِنْ نَذْرٍ وَكُفْرٍ، وَغَيْرُهُمَا قَالَهُ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ وَبَعْضُ الْحَنْبَلِيَّةِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ: يَعْنِي الْحَنَفِيَّ فِي الْحَلِفِ بِالْكُفْرِ، وَقَالَهُ جَدُّنَا أَبُو الْبَرَكَاتِ فِي الْحَلِفِ بِالنَّذْرِ وَنَحْوِهِ، وَهَؤُلَاءِ يَحْتَجُّونَ بِقَوْلِهِ عليه السلام:"مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ غَيْرِ الْإِسْلَامِ كَاذِبًا فَهُوَ كَمَا قَالَ"1.

وَالثَّانِي وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ مَا الْتَزَمَهُ فِي الْيَمِينِ الْغَمُوسِ إلَّا إذَا كَانَ يَلْزَمُهُ مَا الْتَزَمَهُ فِي الْيَمِينِ عَلَى الْمُسْتَقْبِلِ; لِأَنَّهُ فِي جَمِيعِ صُوَرِ الْأَيْمَانِ لَمْ يَقْصِدْ أَنْ يَصِيرَ كَافِرًا وَلَا نَاذِرًا وَلَا مُطَلِّقًا وَلَا مُعْتِقًا، لِأَنَّهُ إنَّمَا قَصْدُهُ فِي الْمَاضِي الْخَبَرِ التَّصْدِيقُ أَوْ التَّكْذِيبُ، وَأَكَّدَهُ بِالْيَمِينِ كَمَا يَقْصِدُ الْحَظَّ أَوْ الْمَنْعَ فِي الْأَمْرِ أَوْ النَّهْيَ، وَأَكَّدَهُ بِالْيَمِينِ، فَكَمَا قَالُوا يَجِبُ الْفَرْقُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بَيْنَ مَنْ قَصْدُهُ الْيَمِينَ وَقَصْدُهُ الْإِيقَاعَ، وَأَنَّ الْحَالِفَ لَا يَلْتَزِمُ وُقُوعَهُ عِنْدَ الْمُخَالَفَةِ، وَالْمَوْقِعُ يَلْتَزِمُ مَا يُرِيدُ وُقُوعَهُ عِنْدَ الْمُخَالَفَةِ، فَهَذَا الْفَرْقُ مَوْجُودٌ فِي التَّعْلِيقِ عَلَى الْمَاضِي، فَإِنَّهُ تَارَةً يَقْصِدُ الْيَمِينَ، وَتَارَةً يَقْصِدُ الْإِيقَاعَ، فَالْحَالِفُ يَكْرَهُ لُزُومَ الْجَزَاءِ، وَإِنْ حَنِثَ صَدَقَ أَوْ كَذَبَ لَمْ يَقْصِدْ إيقَاعَ مَا الْتَزَمَهُ إذَا كَذَبَ، كَمَا لَمْ يَقْصِدْ فِي الْحَظِّ وَالْمَنْعِ وَالشَّارِعُ لَمْ يَجْعَلْ مَنْ الْتَزَمَ شَيْئًا يَلْزَمُهُ، سَوَاءٌ بَرَّ أَوْ فَجَرَ، وَلِهَذَا لَمْ يُكَفِّرْ بِالْيَمِينِ الْغَمُوسِ إجْمَاعًا لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ نَفْيَ حُرْمَةِ الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ، لَكِنْ فَعَلَ كَبِيرَةً مَعَ اعْتِقَادِهِ أَنَّهَا كَبِيرَةً، وَالْقَوْلُ فِي الْخَبَرِ كَنَظَائِرِهِ كُفْرٌ دُونَ كفر، وقد يجتمع في

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 أخرجه البخاري "1363" ومسلم "110""176" من حديث ثابت بن الضحاك.

ص: 445

الْإِنْسَانِ شُعْبَةٌ مِنْ شُعَبِ الْكُفْرِ وَالنِّفَاقِ.

وَإِنْ عَقَدَهَا عَلَى مَاضٍ وَاخْتَارَ شَيْخُنَا: أَوْ مُسْتَقْبَلٍ ظَانًّا صِدْقَهُ فَلَمْ يَكُنْ، كَمَنْ حَلَفَ عَلَى غَيْرِهِ يَظُنُّ أَنَّهُ يُعْطِيهِ فَلَمْ يَفْعَلْ، أَوْ ظَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ خِلَافَ نِيَّةِ الْحَالِفِ وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَأَنَّ الْمَسْأَلَةَ عَلَى رِوَايَتَيْنِ كَمَنْ ظَنَّ امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً فَطَلَّقَهَا فَبَانَتْ امْرَأَتُهُ وَنَحْوَهَا مِمَّا يَتَعَارَضُ فِيهِ التَّعْيِينُ الظَّاهِرُ وَالْقَصْدُ، فَلَوْ كَانَتْ يَمِينُهُ بِطَلَاقِ ثَلَاثٍ ثُمَّ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مُقِرًّا بِمَا وَقَعَ أَوْ مُؤَكِّدًا لَهُ لَمْ يَقَعْ وَإِنْ كَانَ مَنْسِيًّا، فَقَدْ أَوْقَعَهُ بِمَنْ يَظُنُّهَا أَجْنَبِيَّةً، فَالْخِلَافُ قَالَهُ شَيْخُنَا، وَمِثْلُهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ بِحَلِفِهِ أَنَّ الْمُقْبِلَ زَيْدٌ أَوْ مَا كَانَ أَوْ كَانَ كَذَا فَكَمَنْ فَعَلَ مُسْتَقْبَلًا نَاسِيًا وَقَطَعَ جَمَاعَةٌ بِحِنْثِهِ فِي عِتْقٍ وَطَلَاقٍ، زَادَ فِي التَّبْصِرَةِ مِثْلَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ بعدها.

وَكُلُّ يَمِينٍ مُكَفَّرَةٌ كَالْيَمِينِ بِاَللَّهِ، قَالَ شَيْخُنَا: حَتَّى عِتْقٌ وَطَلَاقٌ وَأَنَّ هَلْ فِيهِمَا لَغْوٌ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَمُرَادُهُ مَا سَبَقَ، وَإِنْ جَرَى عَلَى لِسَانِهِ وَلَمْ يَقْصِدْهَا لَا وَاَللَّهِ وَبَلَى وَاَللَّهِ; فَلَا كَفَّارَةَ، عَلَى الأصح، وعنه:

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 446

فِي الْمَاضِي، وَهَلْ هِيَ لَغْوُ الْيَمِينِ أَوْ الْمَسْأَلَةُ قَبْلَهَا؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ "م 4" وَقِيلَ: هُمَا.

قَالَتْ عَائِشَةُ "أَيْمَانُ اللَّغْوِ مَا كَانَ فِي الْمِرَاءِ وَالْهَزْلِ وَالْمُزَاحَةِ وَالْحَدِيثِ الَّذِي لَا يَعْقِدُ عَلَيْهِ الْقَلْبُ"، وَأَيْمَانُ الْكَفَّارَةِ كُلُّ يَمِينٍ حَلَفَ عليها على حد مِنْ الْأَمْرِ فِي غَضَبٍ أَوْ غَيْرِهِ1 إسْنَادُهُ جَيِّدٌ، احْتَجَّ بِهِ أَصْحَابُنَا، وَذَكَر أَحْمَدُ أَوَّلَهُ فِيمَا خَرَّجَهُ فِي مَحْبِسِهِ.

وَمَنْ قَالَ فِي يَمِينٍ مُكَفَّرَةٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ مُتَّصِلًا، وَعَنْهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: وَمَعَ فَصْلٍ يَسِيرٍ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ، وَعَنْهُ: وَفِي الْمَجْلِسِ، وَهُوَ فِي الْإِرْشَادِ2 عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، وَفِي الْمُبْهِجِ: وَلَوْ تَكَلَّمَ، قَدَّمَ الِاسْتِثْنَاءَ عَلَى الْجَزَاءِ أَوْ أَخَّرَهُ، فَعَلَ أَوْ تَرَكَ، لَمْ تَلْزَمْهُ كَفَّارَةٌ قال أحمد:

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

مَسْأَلَةٌ 4" قَوْلُهُ: "وَهَلْ هِيَ لَغْوُ الْيَمِينِ أَوْ الْمَسْأَلَةُ قَبْلَهَا، فِيهِ رِوَايَتَانِ"، انْتَهَى.

يَعْنِي هَلْ لَغْوُ الْيَمِينِ أَنْ يَجْرِيَ عَلَى لِسَانِهِ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ قَوْلِ لَا وَاَللَّهِ وَبَلَى وَاَللَّهِ أَوْ هُوَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى شَيْءٍ يَظُنُّهُ فَيُبَيَّنُ بِخِلَافِهِ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ.

"إحْدَاهُمَا": هُوَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى شَيْءٍ يَظُنُّهُ فَيُبَيَّنُ بِخِلَافِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُقْنِعِ3، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ.

"وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" هُوَ قَوْلُهُ: لَا وَاَللَّهِ وَبَلَى وَاَللَّهِ وَنَحْوِهِ إذَا جَرَى عَلَى لِسَانِهِ وَلَمْ يَقْصِدْهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَالْعُدَّةِ مَعَ أَنَّ كَلَامَهُ فِي العدة يحتمل أن يعود إلى الصورتين.

1 أخرجه عبد الرزاق في المصنف "15952" مختصرا والبيهقي في السنن الكبرى "10/84".

2 ص "409".

3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "27/475".

ص: 447

قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ "إذَا اسْتَثْنَى بَعْدَ سَنَةٍ فَلَهُ ثُنْيَاهُ"1 لَيْسَ هُوَ فِي الْأَيْمَانِ إنَّمَا تَأْوِيلُهُ قَوْلُ اللَّهِ {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} [الكهف: 23، 24] فَهَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ الْكَذِبِ; لِأَنَّ الْكَذِبَ لَيْسَ فِيهِ كَفَّارَةٌ، وَهُوَ أَشَدُّ مِنْ الْيَمِينِ، لِأَنَّ الْيَمِينَ تُكَفَّرُ وَالْكَذِبُ لَا يُكَفَّرُ.

قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: فَائِدَةُ الِاسْتِثْنَاءِ خُرُوجُهُ مِنْ الْكَذِبِ، قَالَ مُوسَى {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِراً} [الكهف: 69] وَلَمْ يَصْبِرْ فَسَلِمَ مِنْهُ بِالِاسْتِثْنَاءِ، وَكَلَامُهُمْ يَقْتَضِي إنْ رَدَّهُ إلَى يَمِينِهِ لَمْ يَنْفَعْهُ، لِوُقُوعِهَا وَتَبْيِينِ مَشِيئَةِ اللَّهِ، وَاحْتَجَّ بِهِ الْمَوْقِعُ فِي أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ.

قَالَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ وَمَشِيئَةِ اللَّهِ: تَحْقِيقُ مَذْهَبِنَا 2إنها يَقِفُ2 عَلَى إيجَادِ فِعْلٍ أَوْ تَرْكِهِ، فَالْمَشِيئَةُ مُتَعَلِّقَةٌ عَلَى الْفِعْلِ، فَإِذَا وَجَدَ3 ذَلِكَ تَبَيَّنَّا أَنَّهُ شَاءَ وَإِلَّا فَلَا، وَفِي الطَّلَاقِ الْمَشِيئَةُ انْطَبَقَتْ عَلَى اللَّفْظِ بِحُكْمِهِ الْمَوْضُوعِ لَهُ وَهُوَ الْوُقُوعُ، وَيُعْتَبَرُ نُطْقُهُ إلَّا مِنْ مَظْلُومٍ خَائِفٍ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ، وَلَمْ يَقُلْ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: خَائِفٍ، وَفِي اعْتِبَارِ قَصْدِ الِاسْتِثْنَاءِ وَجْهَانِ، فَائِدَتُهُمَا فِيمَنْ سَبَقَ عَلَى لِسَانِهِ عَادَةً، أَوْ أَتَى به تبركا "م 5" ولم

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

"مَسْأَلَةٌ 5" قَوْلُهُ: "وَفِي اعْتِبَارِ قَصْدِ الِاسْتِثْنَاءِ وَجْهَانِ، فَائِدَتُهُمَا4 فِيمَنْ سَبَقَ عَلَى لِسَانِهِ عَادَةً أَوْ أَتَى بِهِ تَبَرُّكًا"، انْتَهَى.

"أَحَدُهُمَا" يَعْتَبِرُ قَصْدَ الِاسْتِثْنَاءِ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَجَزَمَ بِهِ فِي 5الْمُسْتَوْعِبِ و5

1 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى "10/80".

2 2 في "ط""إنما يقف".

3 بعدها في "ط""ذلك".

4 في النسخ "فائدته" والمثبت من "ط".

5 5 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".

ص: 448

يَعْتَبِرْهُ شَيْخُنَا، وَلَوْ أَرَادَ تَحْقِيقًا لِإِرَادَتِهِ وَنَحْوَهُ، لِعُمُومِ الْمَشِيئَةِ.

وَفِي التَّرْغِيبِ وَجْهٌ: يَعْتَبِرُ قَصْدَ الِاسْتِثْنَاءِ أَوَّلَ كَلَامِهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ إنْ أَرَادَ اللَّهُ وَقَصَدَ بِالْإِرَادَةِ الْمَشِيئَةَ، لَا مَحَبَّتَهُ وَأَمْرَهُ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا.

وَإِنْ شَكَّ فِي الِاسْتِثْنَاءِ فَالْأَصْلُ عَدَمُهُ. وَقَالَ شَيْخُنَا: إلَّا مِمَّنْ عَادَتْهُ الِاسْتِثْنَاءُ وَاحْتَجَّ بِالْمُسْتَحَاضَةِ تَعْمَلُ بِالْعَادَةِ وَالتَّمْيِيزِ وَلَمْ تَجْلِسْ أَقَلَّ الْحَيْضِ، وَالْأَصْلُ وُجُوبُ الْعِبَادَةُ.

وَمَنْ كَانَ حِنْثُهُ فِي يَمِينِهِ خَيْرًا اُسْتُحِبَّ، وَقَدَّمَ فِي التَّرْغِيبِ أَنَّ بِرَّهُ وَإِقَامَتَهُ عَلَى يَمِينِهِ أَوْلَى، وَلَا يُسْتَحَبُّ تَكْرَارُ حَلِفِهِ فَقِيلَ: يُكْرَهُ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا يُكْثِرُ الْحَلِفَ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ، وَإِنْ دُعِيَ. مُحِقٌّ لِلْيَمِينِ عِنْدَ حَاكِمٍ فَالْأَوْلَى افْتِدَاءُ نَفْسِهِ، وَقِيلَ: يُكْرَهُ حَلِفُهُ، وَقِيلَ: مُبَاحٌ، وَنَقَلَهُ حَنْبَلٌ كَعِنْدَ غَيْرِ حَاكِمٍ وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ: يُسْتَحَبُّ لمصلحة، كزيادة طمأنينة وتوكيدا لأمر وغيره،

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

البلغة وَالنَّظْمِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ، وَصَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَاشْتَرَطَ الْقَاضِي وَأَبُو الْبَرَكَاتِ وَغَيْرُهُمَا مَعَ الِاتِّصَالِ أَنْ يَنْوِيَ الِاسْتِثْنَاءَ قَبْلَ تَمَامِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَظَاهِرُ بَحْثِ أَبِي مُحَمَّدٍ أَنَّ الْمُشْتَرَطَ قَصْدُ الِاسْتِثْنَاءِ فَقَطْ، حَتَّى لَوْ نَوَى عِنْدَ تَمَامِ يَمِينِهِ صَحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ، قَالَ: وَفِيهِ نَظَرٌ، انْتَهَى.

"وَالْوَجْهُ الثَّانِي": لَا يَعْتَبِرُ قَصْدَ الِاسْتِثْنَاءِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَصَاحِبِ المقنع1 والمحرر2 وَجَمَاعَةٍ، وَذَكَر ابْنُ الْبَنَّا وَبَنَاهُ عَلَى أَنَّ لَغْوَ الْيَمِينِ عِنْدَنَا صَحِيحٌ، وَهُوَ مَا كَانَ عَلَى الْمَاضِي وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تقي الدين.

1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "27/488".

2 ليست في "ط".

ص: 449

وَمِنْهُ قَوْلُهُ عليه السلام لِعُمَرَ رضي الله عنه عن صلاة العصر: "وَاَللَّهِ مَا صَلَّيْتهَا" 1 تَطْبِيبًا مِنْهُ لِقَلْبِهِ، وَكَذَا قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي كِتَابِهِ الْهَدْيِ عَنْ قِصَّةِ الْحُدَيْبِيَةِ، فِيهَا جَوَازُ الْحَلِفِ بَلْ اسْتِحْبَابُهُ عَلَى الْخَيْرِ الدِّينِيِّ الَّذِي يُرِيدُ تَأْكِيدَهُ، وَقَدْ حُفِظَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْحَلِفُ فِي أَكْثَرِ مِنْ ثَمَانِينَ مَوْضِعًا، وَأَمَرَهُ اللَّهُ بِالْحَلِفِ عَلَى تَصْدِيقِ مَا أَخْبَرَهُ فِي ثَلَاثِ مَوَاضِعَ مِنْ الْقُرْآنِ، فِي سُورَةِ سَبَأٍ وَيُونُسَ وَالتَّغَابُنِ2.

وَإِنْ قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَبْدُ فُلَانٍ حُرٌّ، أَوْ مَالُهُ صَدَقَةٌ وَنَحْوَهُ، وَفَعَلَهُ، فَلَغْوٌ، وَعَنْهُ: يُكَفِّرُ كَنَذْرِ مَعْصِيَةٍ، وَإِنْ حَرَّمَ حَلَالًا غَيْرَ زَوْجَتِهِ، نَحْوَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ عَلَيَّ حَرَامٌ، وَلَا زَوْجَةَ لَهُ، لَمْ يحرم ويكفر إن

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

"تَنْبِيهٌ" قَوْلُهُ: "نَحْوَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ لَا زَوْجَةَ لَهُ" كَذَا فِي النُّسَخِ، وَصَوَابُهُ "وَلَا زَوْجَةَ لَهُ" بِإِسْقَاطِ الْأَلْفِ قَبْلَ الْوَاوِ وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِئَلَّا يَشْمَلَهَا كلامه.

ص: 450

فَعَلَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: يَحْرُمُ حَتَّى يُكَفِّرَ، وَكَذَا تَعْلِيقُهُ بِشَرْطٍ، نَحْوَ إنْ أَكَلْته فَهُوَ عَلَيَّ حَرَامٌ، نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ، قَالَ فِي الِانْتِصَارِ: وَطَعَامِي عَلَيَّ كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ.

وَالْيَمِينُ تَنْقَسِمُ إلَى أَحْكَامِ التَّكْلِيفِ الْخَمْسَةِ، وَهَلْ يُسْتَحَبُّ عَلَى فِعْلِ طَاعَةٍ أَوْ تَرْكِ مَعْصِيَةٍ؟ فِيهِ وَجْهَانِ "م 6" وَلَا تُغَيِّرُ حُكْمَ الْمَحْلُوفِ، وَفِي الِانْتِصَارِ: يَحْرُمُ حِنْثُهُ وَقَصْدُهُ لَا الْمَحْلُوفُ فِي نَفْسِهِ ولا ما رآه خيرا.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

"مَسْأَلَةٌ 6" قَوْلُهُ: "وَالْيَمِينُ تَنْقَسِمُ إلَى أَحْكَامِ التَّكْلِيفِ الْخَمْسَةِ، وَهَلْ يُسْتَحَبُّ عَلَى فِعْلِ طَاعَةٍ أَوْ تَرْكِ مَعْصِيَةٍ؟ فِيهِ وَجْهَانِ"، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَشَرْحِ الْوَجِيزِ.

"إحْدَاهُمَا" لَا يُسْتَحَبُّ، صَحَّحَهُ النَّاظِمُ فَقَالَ:

وَلَا نَدْبَ فِي الْإِيلَاءِ لِيَفْعَلَ طَاعَةً

وَلَا تَرْكَ عِصْيَانٍ عَلَى الْمُتَجَوِّدَةِ

وَإِلَيْهِ مَيْلُ شَارِحِ الْوَجِيزِ.

"وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يُسْتَحَبُّ، اخْتَارَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. "قُلْت" وَهُوَ الصَّوَابُ. فَهَذِهِ سِتُّ مَسَائِلَ في هذا الباب

1 "13/441".

2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "27/424".

ص: 451

وَفِي الْإِفْصَاحِ: يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِالطَّاعَةِ، وَأَنَّهُ عِنْدَ أَحْمَدَ لَا يَجُوزُ عُدُولُ الْقَادِرِ إلَى الْكَفَّارَةِ "ش م" قَالَ شَيْخُنَا: لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إنَّهَا تُوجِبُ إيجَابًا أَوْ تُحَرِّمُ تَحْرِيمًا لَا تَرْفَعُهُ الْكَفَّارَةُ، قَالَ: وَالْعُقُودُ وَالْعُهُودُ مُتَقَارِبَةُ الْمَعْنَى أَوْ مُتَّفِقَةٌ فَإِذَا قَالَ: أُعَاهِدُ اللَّهَ أَنِّي أَحُجُّ الْعَامَ، فَهُوَ نَذْرٌ وَعَهْدٌ وَيَمِينٌ، وَلَوْ قَالَ: أَنْ لَا أُكَلِّمَ زَيْدًا، فَيَمِينٌ وَعَهْدٌ، لَا نَذْرٌ، فَالْأَيْمَانُ إنْ تَضَمَّنَتْ مَعْنَى النَّذْرِ، هُوَ أَنْ يَلْتَزِمَ لِلَّهِ قُرْبَةً، لَزِمَهُ الْوَفَاءُ، وَهِيَ عَقْدٌ وَعَهْدٌ وَمُعَاهَدَةٌ لِلَّهِ، لِأَنَّهُ الْتَزَمَ لِلَّهِ مَا يَطْلُبُهُ اللَّهُ مِنْهُ1، وَإِنْ تَضَمَّنَتْ مَعْنَى الْعُقُودِ الَّتِي بَيْنَ النَّاسِ، وَهُوَ أَنْ يَلْتَزِمَ كُلٌّ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ لِلْآخَرِ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ، فَمُعَاقَدَةٌ وَمُعَاهَدَةٌ، يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهَا، ثُمَّ إنْ كَانَ الْعَقْدُ لَازِمًا لَمْ يَجُزْ نَقْضُهُ، وَإِلَّا خُيِّرَ، وَلَا كَفَّارَةَ فِي ذَلِكَ لِعِظَمِهِ.

وَلَوْ حَلَفَ لَا يَغْدِرُ كَفَّرَ لِلْقَسَمِ لَا لِغَدْرِهِ، مَعَ أَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا تَرْفَعُ إثْمَهُ بَلْ يَتَقَرَّبُ بِالطَّاعَاتِ، قَالَ: وَهَذِهِ أَيْمَانٌ بِنَصِّ الْقُرْآنِ، وَلَمْ يَفْرِضْ اللَّهُ مَا يَحِلُّ عُقْدَتَهَا إجْمَاعًا.

نَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ: قَالَ اللَّهُ: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1] قَالَ: الْعُهُودُ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: الْعَهْدُ شَدِيدٌ فِي عَشَرَةِ مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، وَيَتَقَرَّبُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى إذَا حَلَفَ بِالْعَهْدِ بِكُلِّ مَا اسْتَطَاعَ، وَيُكَفِّرُ إذَا حَنِثَ بأكثر من

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 بعدها في "ط""الوفاء".

ص: 452

كَفَّارَةٍ يَمِينٍ، قَالَ فِي الْمُغْنِي1: إنْ حَلَّ الْيَمِينُ عَلَى مُبَاحٍ مُبَاحٌ2، وَأَنَّ قَوْله تَعَالَى:{وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} [النحل: 91] أَيْ فِي الْعُهُودِ وَالْمَوَاثِيقِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ} [النحل: 91] الْآيَةَ، وَقَوْلُهُ:{أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1] وَالْعَهْدُ يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ، بِغَيْرِ خِلَافٍ فَمَعَ الْيَمِينِ أَوْلَى.

وَنَهَى عَنْ نَقْضِ الْيَمِينِ، وَيَقْتَضِي التَّحْرِيمَ، وَضَرَبَ لَهُمْ الْمَثَلَ، وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْحِلَّ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ لَا يَدْخُلُهُ هَذَا، قَالَ شَيْخُنَا: مِنْ جِنْسِهِمَا لَفْظُ الذِّمَّةِ. وَقَوْلُهُمْ: هَذَا فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ أَصْلُهُ مِنْ هَذَا أَيْ فِيمَا لَزِمَهُ بِعَهْدِهِ وَعَقْدِهِ، قَالَ فِي الْفُنُونِ: الذِّمَمُ هِيَ الْعُهُودُ وَالْأَمَانَاتُ، وَفِي الْوَاضِحِ: وَمِنْهُ أَهْلُ الذِّمَّةِ، وَذِمَّةُ فُلَانٍ، قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي طَرِيقَتِهِ: الذِّمَّةُ لَا تَمْلِكُ، لِأَنَّهَا الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ لُغَةً، وَفِي الشَّرْعِ وَصَفٌّ يَصِيرُ بِهِ الْمُكَلَّفُ أَهْلًا لِلِالْتِزَامِ وَالْإِلْزَامِ، وَلِهَذَا لَوْ اشْتَرَى فِي ذِمَّتِهِ مِنْ آخَرَ صَحَّ، وَإِنَّمَا يَمْلِكُ الْحَقَّ الثَّابِتَ فِيهَا.

وَقِيلَ لَهُ: الذِّمَّةُ صِفَةٌ فَتَفُوتَ بِالْمَوْتِ فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ دَيْنِهِ، فَقَالَ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهَا صِفَةٌ، بَلْ عِبَارَةٌ عَنْ الِالْتِزَامِ وَلَمْ يَفُتْ. وَقَالَ فِي الْفُنُونِ: الذِّمَّةُ

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 "13/444".

2 ليست في "ط".

ص: 453