الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ حَلَفَ بِكَلَامِ اللَّهِ، أَوْ الْمُصْحَفِ، أَوْ الْقُرْآنِ، أَوْ آيَةٍ فَكَفَّارَةٌ، وَمَنْصُوصُهُ: بِكُلِّ آيَةٍ إنْ قَدَرَ، وَعَنْهُ: أَوْ لَا. وَفِي الْفُصُولِ وَجْهٌ: بِكُلِّ حَرْفٍ. وَفِي الرَّوْضَةِ: أَمَّا بِالْمُصْحَفِ فكفارة واحدة، رواية واحدة.
فَصْلٌ: وَيَحْرُمُ الْحَلِفُ بِغَيْرِ اللَّهِ
،
وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ: لَأَنْ أَحْلِفَ بِاَللَّهِ كَاذِبًا أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَحْلِفَ بِغَيْرِهِ صَادِقًا1. قَالَ شَيْخُنَا: لِأَنَّ حَسَنَةَ التَّوْحِيدِ أَعْظَمُ مِنْ حَسَنَةِ الصِّدْقِ، وَسَيِّئَةَ الْكَذِبِ أَسْهَلُ مِنْ سَيِّئَةِ الشِّرْكِ.
وَقِيلَ: يُكْرَهُ وَلَا كَفَّارَةَ، وَقِيلَ: وَخَلْقُ اللَّهِ وَرِزْقُهُ يَمِينٌ، فَنِيَّةُ مَخْلُوقِهِ وَمَرْزُوقِهِ كَمَقْدُورِهِ، وَعَنْهُ: يَجُوزُ.
وَتَلْزَمُ حَالِفًا بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَالْتَزَمَ ابْنُ عَقِيلٍ، ونبي غيره،
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
يَمِينٌ بِالنِّيَّةِ فَلَيْسَ هُوَ دَاخِلٌ فِي ذَلِكَ، وَلَكِنْ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَمِينٌ هَلْ يُشْتَرَطُ فِيهِ النِّيَّةُ أَمْ لَا، وَقَدَّمَ عَدَمَ الِاشْتِرَاطِ
1 أخرجه عبد الرزاق في المصنف "8/469".
وَأَنَّ مَعْلُومَهُ يَمِينٌ لِدُخُولِ صِفَاتِهِ. قِيلَ لِأَحْمَدَ رحمه الله: يُكْرَهُ الْحَلِفُ بِعِتْقٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ شَيْءٍ؟ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، لِمَ لَا يَكْرَهُ؟ لَا يُحْلَفُ إلَّا بِاَللَّهِ. وَفِي تَحْرِيمِهِ وجهان "م 2".
واختار شيخنا التحريم وتعزيره "وم" وَاخْتَارَ فِي مَوْضِعٍ لَا يُكْرَهُ، وَأَنَّهُ قَوْلُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، لِأَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ بِمَخْلُوقٍ، وَلَمْ يَلْتَزِمْ لِغَيْرِ اللَّهِ شَيْئًا، وَإِنَّمَا الْتَزَمَ لِلَّهِ كَمَا يَلْتَزِمُ بِالنَّذْرِ، وَالِالْتِزَامُ لِلَّهِ أَبْلُغُ مِنْ الِالْتِزَامِ بِهِ، بِدَلِيلِ النَّذْرِ لَهُ وَالْيَمِينِ بِهِ، وَلِهَذَا لَمْ يُنْكِرْ الصَّحَابَةُ عَلَى مَنْ حَلَفَ بِذَلِكَ، كَمَا أَنْكَرُوا عَلَى مَنْ حَلَفَ بِالْكَعْبَةِ.
وَاخْتَارَ شَيْخُنَا فِيمَنْ حَلَفَ بِعِتْقٍ وَطَلَاقٍ وَحَنِثَ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يُوقِعَهُ أَوْ يكفر كحلفه بالله ليوقعنه، وذكر أَنَّ الطَّلَاقَ يَلْزَمُنِي وَنَحْوَهُ يَمِينٌ بِاتِّفَاقِ الْعُقَلَاءِ وَالْأُمَمِ وَالْفُقَهَاءِ وَخَرَّجَهُ عَلَى نُصُوصٍ لِأَحْمَدَ وَهُوَ خِلَافُ صَرِيحِهَا، وَذَكَر أَنَّهُ إنْ حَلَفَ بِهِ نَحْوَ: الطَّلَاقُ لِي لَازِمٌ وَنَوَى النَّذْرَ كَفَّرَ، عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ.
وَأَيْمَانُ الْبَيْعَةِ رَتَّبَهَا الْحَجَّاجُ، ضمنها يمينا بالله وعتقا وطلاقا وصدقة
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 2" قَوْلُهُ: "وَفِي تَحْرِيمِهِ وَجْهَانِ"، انْتَهَى.
يَعْنِي الْحَلِفَ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقَ.
"أَحَدُهُمَا" يَحْرُمُ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَقَالَ: وَيُعَزَّرُ، وَفِيهِ قُوَّةٌ، لَا سِيَّمَا فِي الطَّلَاقِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ.
"وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يَحْرُمُ بَلْ يُكْرَهُ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَيْضًا فِي مَوْضِعٍ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ، وَقَالَ: هُوَ قَوْلُ غَيْرِ واحد من أصحابنا، وهو الصواب.
مَالٍ وَقِيلَ: وَحَجًّا، فَمَنْ قَالَ: أَيْمَانُ الْبَيْعَةِ تَلْزَمُنِي، وَلَا نِيَّةَ فَلَغْوٌ، وَإِنْ نَوَاهَا وَقِيلَ وَلَوْ جَهِلَهَا لَزِمَتْهُ: وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ عِتْقٌ وَطَلَاقٌ، وَقِيلَ: وَصَدَقَةٌ. وَفِي التَّرْغِيبِ إنْ عَلِمَهَا لَزِمَهُ عِتْقٌ وَطَلَاقٌ.
وَأَيْمَانِ الْمُسْلِمِينَ يَلْزَمُهُ عِتْقٌ وَطَلَاقٌ عِتْقٌ وَطَلَاقٌ وَظِهَارٌ وَيَمِينٌ بِاَللَّهِ، بِنِيَّةِ ذَلِكَ، فَفِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ الْوَجْهَانِ، وَيَتَوَجَّهُ فِي جَاهِلٍ مَا تَقَدَّمَ، وَأَلْزَمَ الْقَاضِي الْحَالِفَ بِالْكُلِّ وَلَوْ لَمْ يَنْوِ.
وَمَنْ حَلَفَ بِأَحَدِهَا فَقَالَ آخَرُ يَمِينِي فِي يَمِينِكَ فِي يَمِينِكَ أَوْ عَلَيْهَا أو مثلها
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يَنْوِي الْتِزَامَ مِثْلِهَا لَزِمَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي طَلَاقٍ وَفِي الْمُكَفِّرَةِ الْمُكَفِّرَةُ الْوَجْهَانِ.
قَالَ شَيْخُنَا: كَذَا أَنَا مَعَكَ، يَنْوِي فِي يَمِينِهِ، وَمَنْ حَلَفَ بِكُفْرِهِ، كَقَوْلِهِ هُوَ كَافِرٌ أَوْ أَكْفُرُ بِاَللَّهِ أَوْ بَرِئَ مِنْ الْإِسْلَامِ، أَوْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْ يَسْتَحِلُّ الزِّنَا أَوْ تَرْكَ الصَّلَاةَ، أَوْ لَا يَرَاهُ اللَّهُ بموضع كذا ونحو ذلك منجزا أو معلقا.
وفي الانتصار: و1الطاغوت لَأَفْعَلَنَّهُ، لِتَعْظِيمِهِ لَهُ، مَعْنَاهُ: عَظَّمْته إنْ فَعَلْته وَفَعَلَهُ لَمْ يُكَفِّرْ، وَيَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ، بِخِلَافِ: هُوَ فَاسِقٌ إنْ فَعَلَهُ، لِإِبَاحَتِهِ فِي حَالٍّ، وَعَنْهُ: لَا كَفَّارَةَ. اخْتَارَهُ الشَّيْخُ، وَكَذَا عِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ وَحْدَهُ: مَحَوْت الْمُصْحَفَ، لِإِسْقَاطِهِ حَرَّمْته، وَكَذَا عِنْدَهُ: عَصَيْت اللَّهَ فِي كُلِّ مَا أَمَرَنِي، وَاخْتَارَهُ فِي الْمُحَرَّرِ.
وَإِنْ قَالَ: لَعَمْرِي، أَوْ قَطَعَ اللَّهُ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، أَدْخَلَهُ اللَّهُ النَّارَ، فَلَغْوٌ. نَصَّ عَلَيْهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ إبْرَارُ قَسَمٍ، فِي الْأَصَحِّ. كَإِجَابَةِ سُؤَالٍ بِاَللَّهِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: إنَّمَا يَجِبُ عَلَى مُعِينٍ، فَلَا تَجِبُ إجَابَةُ سائل يقسم على الناس،
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في النسخ الخطية "أو" والمثبت من "ط".
وَسَبَقَ فِي الزَّكَاةِ1.
وَإِنْ قَالَ: بِاَللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ، فَيَمِينٌ. وَفِي الْمُغْنِي2: إلَّا أَنْ يَنْوِيَ، وَأَسْأَلُك بِاَللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ يَعْمَلُ بِنِيَّتِهِ، وَيَتَوَجَّهُ فِي إطْلَاقِهِ وجهان "م 3"
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
"مَسْأَلَةٌ 3" قَوْلُهُ: "وَأَسْأَلُك بِاَللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ، يَعْمَلُ بِنِيَّتِهِ، ويتوجه في إطلاقه
1 "4/307".
2 "13/458".
وَالْكَفَّارَةُ عَلَى الْحَالِفِ، وَحُكِيَ عَنْهُ: عَلَى الْمُحْنِثِ، وَرَوَى مَا يَدُلُّ عَلَى إجَابَةِ مَنْ سَأَلَ بِاَللَّهِ، فَرَوَى أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ1 وَقَالَ حَسَنٌ
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
وَجْهَانِ"، انْتَهَى.
"قُلْت": الصَّوَابُ عَدَمُ انْعِقَادِ الْيَمِينِ مع الإطلاق.
1 أحمد "2116" والنسائي المجتبى "5/83" والترمذي "1652".
غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ "وَأُخْبِرُكُمْ بِشَرِّ النَّاسِ"؟ قُلْنَا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:"الَّذِي يُسْأَلُ بِاَللَّهِ وَلَا يُعْطِي بِهِ" حَدِيثٌ حَسَنٌ لَهُ طَرِيقَانِ، فِي أَحَدِهِمَا ابْنُ لَهِيعَةَ، وَالْأُخْرَى جَيِّدَةٌ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُد1 بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ "وَمَنْ سَأَلَكُمْ بِوَجْهِ اللَّهِ فَأَعْطُوهُ" وَفِي لَفْظٍ "مَنْ سَأَلَكُمْ بِاَللَّهِ فَأَعْطُوهُ" وَلَهُ2 مِثْلُهَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَفِيهِمَا:"وَمَنْ اسْتَعَاذَكُمْ بِاَللَّهِ فَأَعِيذُوهُ" وَهُمَا حَدِيثَانِ جَيِّدَانِ، وَلَهُ3 مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ "لَا تَسْأَلْ بوجه الله إلا الجنة" من رواية
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في سننه "5108".
2 سنن أبي داود "5109".
3 سنن أبي داود "1671".