الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب حكم المرتد
مدخل
…
باب حكم المرتد
مَنْ كَفَرَ طَوْعًا وَلَوْ هَازِلًا بَعْدَ إسْلَامِهِ، قِيلَ: طَوْعًا، وَقِيلَ: وَكَرْهًا وَالْأَصَحُّ بِحَقٍّ "م 1" فَمُرْتَدٌّ، بِأَنْ أَشْرَكَ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَوْ جَحَدَ صفة له 1 قَالَ فِي الْفُصُولِ: مُتَّفَقًا عَلَى إثْبَاتِهَا، أَوْ بَعْضِ كُتُبِهِ، أَوْ رُسُلِهِ، أَوْ سَبَّهُ، أَوْ رَسُولَهُ، أَوْ ادَّعَى النُّبُوَّةَ. قَالَ شَيْخُنَا: أَوْ كَانَ مُبْغِضًا لِرَسُولِهِ وَلِمَا جَاءَ بِهِ اتِّفَاقًا. وَقَالَ: أَوْ تَرَكَ إنْكَارَ مُنْكَرٍ بِقَلْبِهِ، أَوْ جَحَدَ حُكْمًا ظَاهِرًا مُجْمَعًا عَلَيْهِ، كَعِبَادَةٍ مِنْ الْخَمْسِ، أَوْ تَحْرِيمِ خَمْرٍ وَنَحْوِهِ، أَوْ شَكَّ فيه ومثله لا يجهله. قال
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
"مَسْأَلَةٌ 1" قَوْلُهُ: "وَمَنْ كَفَرَ طَوْعًا وَلَوْ هَازِلًا بَعْدَ إسْلَامِهِ، قِيلَ: طَوْعًا، وَقِيلَ: وَكَرْهًا، وَالْأَصَحُّ بِحَقٍّ" ، انْتَهَى.
ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الرِّعَايَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فَعَلَ ذَلِكَ بَعْدَ إسْلَامِهِ طَوْعًا، فَإِنَّهُ قَالَ: كُلُّ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ مُخْتَارٍ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا إلَى آخِرِهِ، انْتَهَى.
"قُلْت": ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ أَنَّ هَذِهِ الْأَحْكَامَ مُتَرَتِّبَةٌ عَلَيْهِ حَيْثُ حَكَمْنَا بِإِسْلَامِهِ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَوْلُهُ:"وَالْأَصَحُّ بِحَقٍّ". يَنْبَغِي أن يكون هذا بلا نزاع.
1 ليست في "ط".
شَيْخُنَا: وَلِهَذَا لَمْ يُكَفِّرْ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الرَّجُلَ الشَّاكَّ فِي قُدْرَةِ اللَّهِ وَإِعَادَتِهِ1، لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ بَلَاغِ الرِّسَالَةِ، وَأَنَّ مِنْهُ قَوْلَ عَائِشَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَهْمَا يَكْتُمُ النَّاسُ يَعْلَمُهُ اللَّهُ؟ قَالَ "نَعَمْ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الْجَنَائِزِ2 وَفِي أُصُولِ مُسْلِمٍ بِحَذْفِ "قَالَ"، قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ كَأَنَّهَا لَمَّا قَالَتْ ذَلِكَ صَدَّقَتْ نَفْسَهَا فقال: نعم.
وَحَمَلَ فِي الْفُنُونِ الْخَبَرَ الْأَوَّلَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ. قَالَ: وَيُحْمَلُ عَلَى قَوْلٍ من3 يَرَى أَنَّ الْعَقْلَ مُوجِبٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي مُهْلَةِ النَّظَرِ لَمْ يَتَكَامَلْ لَهُ النَّظَرُ.
وَقَدْ سَمِعَ أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ قِرَاءَةً أَنْكَرَهَا ثُمَّ سَمِعَ قِرَاءَةً سِوَاهَا وَأَخْبَرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَهُمَا فَقَرَآ عَلَيْهِ، فَحَسَّنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم شَأْنَهُمَا قَالَ: فَسَقَطَ فِي نَفْسِي مِنْ التَّكْذِيبِ وَلَا إذْ كُنْت فِي الْجَاهِلِيَّةِ. فَلَمَّا رَأَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَا قَدْ غَشِيَنِي ضَرَبَ فِي صَدْرِي فَفِضْت عَرَقًا وَكَأَنَّمَا أَنْظُرُ إلَى اللَّهِ3 فَرَقًا، فَقَالَ لِي يَا أُبَيّ أُرْسِلَ إلَيَّ أَنْ اقْرَأْ الْقُرْآنَ عَلَى حَرْفٍ الْحَدِيثَ، رواه مسلم4. قال
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 ينظر صحيح البخاري "3481" وصحيح مسلم "2756""25" ونص الحديث: "كان رجل يسرف على نفسه فلما حضره الموت قال لبنيه: إذا أنا مت فاحرقوني ثم اطحنوني ثم ذروني في الريح فوالله لئن قدر علي ربي لعذبني عذابا ما عذبه أحدا فلما مات فعل به ذلك فأمر الله الأرض فقال: اجمعي ما فيك منه ففعلت فإذا هو قائم فقال: ما حملك على ما صنعت؟ قال: يا رب خشيتك فغفر له".
2 برقم "974""103".
3 ليست في "ط".
4 في صحيحه "820""273" ومعنى قوله: فَسَقَطَ فِي نَفْسِي مِنْ التَّكْذِيبِ وَلَا إذْ كنت في الجاهلية أي: وسوس لي الشيطان تكذيبا للنبوة أشد مما كنت عليه في الجاهلية.
شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ: فِي الْإِجْمَاعِ إجْمَاعًا قَطْعِيًّا، وَذَكَرَ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ فَسَّقَهُ فَقَطْ. قَالَ: أَوْ جَعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ وَسَائِطَ يَتَوَكَّلُ عَلَيْهِمْ وَيَدْعُوهُمْ وَيَسْأَلُهُمْ "ع" قَالَ جَمَاعَةٌ: أَوْ سَجَدَ لِشَمْسٍ أَوْ قَمَرٍ. قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: أَوْ أَتَى بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ صَرِيحٍ فِي الِاسْتِهْزَاءِ بِالدِّينِ. قَالَ شَيْخُنَا: أَوْ تَوَهَّمَ أَنَّ مِنْ الصَّحَابَةِ أَوْ التَّابِعِينَ أَوْ تَابِعِيهِمْ قَاتَلَ مَعَ الْكُفَّارِ، أَوْ أَجَازَ ذَلِكَ1، وَقِيلَ: أَوْ كَذَبَ عَلَى نَبِيٍّ أَوْ أَصَرَّ فِي دَارِنَا عَلَى خَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ غَيْرَ مُسْتَحِلٍّ. وَقَالَ الْقَاضِي رَأَيْت بَعْضَ أَصْحَابِنَا يُكَفِّرُ جَاحِدَ تَحْرِيمِ النَّبِيذِ، وَالْمُسْكِرُ كُلُّهُ كَالْخَمْرِ، وَسَيَأْتِي رِوَايَةٌ فِي الْعَدَالَةِ2. قَالَ: وَلَا يُكَفَّرُ بِجَحْدِ قِيَاسٍ اتِّفَاقًا، لِلْخِلَافِ فِيهِ، بَلْ سُنَّةٌ ثَابِتَةٌ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ: لَوْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّي هَذَا فِي بَيْتِهِ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ، وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ كَفَرْتُمْ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد3، وَلِأَحْمَدَ وَمُسْلِمٍ وَغَيْرِهِمَا4: ضَلَلْتُمْ، هَذَا فِي جَاحِدِ السُّنَنِ. قَالَ وَلَمْ يُكَفِّرْهُ جُمْلَةً مِنْ التابعين والعراقيين بجحد سنة. قَالَ: وَلَا يُكَفَّرُ بِجَحْدِ قِيَاسٍ اتِّفَاقًا، لِلْخِلَافِ فِيهِ، بَلْ سُنَّةٌ ثَابِتَةٌ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ: لَوْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّي هَذَا فِي بَيْتِهِ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ، وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ كَفَرْتُمْ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَلِأَحْمَدَ وَمُسْلِمٍ وَغَيْرِهِمَا: ضَلَلْتُمْ، هَذَا فِي جَاحِدِ السُّنَنِ. قَالَ وَلَمْ يُكَفِّرْهُ جُمْلَةً مِنْ التَّابِعِينَ والعراقيين بجحد سنة. قَالَ وَمَنْ أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ وَأَسَرَّ الْكُفْرَ فَمُنَافِقٌ كافر كعبد الله بن أبي بن سَلُولَ وَإِنْ أَظْهَرَ أَنَّهُ قَائِمٌ بِالْوَاجِبِ وَفِي قلبه أنه5 لا يفعل فمنافق كَقَوْلِهِ فِي ثَعْلَبَةَ {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ} الآية [التوبة: 75] وَهَلْ يُكَفَّرُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ وَجْهٌ كُفْرُهُ أَنَّهُ شاق الله
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 الاختيارات الفقهية ص "307".
2 "11/323"
3 في سننه "550".
4 أحمد "3623" ومسلم "654""257" والنسائي في المجتبى "2/108" وابن ماجه "777".
5 في النسخ "أن".
ورسوله ورد رَسُولِ اللَّهِ فَكَفَرَ قَالَ: وَطَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا قَالُوا: كُلُّهُ كُفْرٌ لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ وَاَلَّذِي أَقُولُ: إنَّ مَا كَانَ مِنْ النِّفَاقِ فِي الْأَفْعَالِ لَا يُكَفِّرُ وَذَلِكَ فِيمَا سَأَلَهُ إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيم عَمَّنْ لَا يَخَافُ النِّفَاقَ عَلَى نَفْسِهِ فَقَالَ أَحْمَدُ: وَمَنْ يَأْمَنُ النِّفَاقَ؟
1فَبَيَّنَ أَنَّهُ يَكُونُ فِي غَالِبِ حَالِ الْإِنْسَانِ وَلَا يَدُلُّ عَلَى كُفْرِهِ وَفِي مَعْنَى النِّفَاقِ الرِّيَاءُ لِلنَّاسِ1 وَمُرَادُهُ بِذَلِكَ2 وَلَا يُكَفَّرُ بِهِ فَكَذَا هَذَا النِّفَاقُ أَوْ أَنَّهُ نِفَاقٌ فَهُوَ مِثْلُهُ وَلِأَحْمَدَ3 من حديث عقبة وعبد الله بن عمرو "أكثر مُنَافِقِي أُمَّتِي قُرَّاؤُهَا" وَالْمُرَادُ الرِّيَاءُ وَلَعَلَّ مُرَادَ مَنْ قَالَ كُلُّهُ كُفْرٌ غَيْرُ نَاقِلٍ عَنْ الْمِلَّةِ كَقَوْلِ أَحْمَدَ: كُفْرٌ دُونَ كُفْرٍ وَإِلَّا فضعيف جدا وَظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَالْأَصْحَابِ4 لَا يُكَفِّرُ منافق أسر الكفر قال:
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 2" قَوْلُهُ: وَإِنْ أَظْهَرَ أَنَّهُ قَائِمٌ بِالْوَاجِبِ وَفِي قَلْبِهِ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ فَنِفَاقٌ كَقَوْلِهِ فِي ثَعْلَبَةَ {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ} [التوبة: 75] الْآيَةَ، وَهَلْ يُكَفَّرُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ وَجْهٌ كُفْرُهُ أَنَّهُ شَاقَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَرَدَّ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ فَكَفَرَ، قَالَ: وَطَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا قَالُوا: كُلُّهُ كُفْرٌ، لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ، وَاَلَّذِي أَقُولُ: إنَّ مَا كَانَ مِنْ النِّفَاقِ فِي الْأَفْعَالِ لَا يُكَفَّرُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَالْأَصْحَابِ لَا يكفر إلا منافق أسر الكفر، انتهى.
1 1 ليست في "ر".
2 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".
3 في مسنده "17367" و"6633".
4 في "ط""وأصحابه".
من أصحاب مَنْ أَخْرَجَ الْحَجَّاجَ عَنْ الْإِسْلَامِ لِأَنَّهُ أَخَافَ الْمَدِينَةَ وَانْتَهَكَ حَرَمَ اللَّهِ وَحَرَمَ رَسُولِهِ فَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ: يَزِيدُ وَنَحْوُهُ وَنَصُّ أَحْمَدَ خِلَافُ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّخْصِيصُ بِاللَّعْنَةِ خِلَافًا لِأَبِي الْحُسَيْنِ وَابْنِ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرِهِمَا وَقَالَ شيخنا ظاهر كلامه: الكراهة وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ مَنْ كان مصدقا بقلبه ولسانه وفعله هَذِهِ الْخِصَالَ يَعْنِي: الْأَرْبَعَ الَّتِي مَنْ كُنَّ فيه كان منافقا خالصا قال1: لَا يُكَفَّرُ وَلَا هُوَ مُنَافِقٌ يَخْلُدُ فِي النَّارِ فَإِنَّ إخْوَةَ يُوسُفَ وَغَيْرَهُمْ جَمَعُوا هَذِهِ الْخِصَالَ.
قَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ وَمَعْنَى الْخَبَرِ: أَنَّهُ يُشْبِهُ الْمُنَافِقَ فَإِنَّهُ أَظْهَرَ خِلَافَ مَا أَبْطَنَ قَالَ بَعْضُهُمْ وَمَنْ نَدَرَ ذَلِكَ مِنْهُ فَلَيْسَ دَاخِلًا فِي الْخَبَرِ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ إنَّمَا مَعْنَى هذا عند أهل العلم نفاق العمل قال جماعة: المراد به1 الْمُنَافِقُونَ الَّذِينَ كَانُوا زَمَنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ بَعْضُهُمْ مَعْنَاهُ: التَّحْذِيرُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَعْتَادَ هَذِهِ الْخِصَالَ فَيَخَافُ أَنْ يُفْضِيَ بِهِ إلَى حَقِيقَةِ النِّفَاقِ وَقَدْ ذُكِرَ مَعْنَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ أَوْ بَعْضِهَا فِي أَحَادِيثَ.
وَلَا يَكْفُرُ مَنْ حَكَى كُفْرًا سَمِعَهُ وَلَا يَعْتَقِدُهُ وَلَعَلَّ هَذَا "ع" وَرَوَى ابْنُ عَسَاكِرَ2 فِي تَرْجَمَةِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ هَنَّادٍ3 سَمِعْت يحيى بن خلف بن
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
هَذَا كُلُّهُ مِنْ كَلَامِ الْقَاضِي، وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ إلَّا مَنْ أَسَرَّ الْكُفْرَ لَا غَيْرَهُ، كَمَا قَالَ الْقَاضِي: إنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الإمام والأصحاب.
1 ليست في "ط".
2 في تاريخ دمشق مخطوطة دار البشير "15/371 – 372".
3 هو محمد بن سعيد بن هناد أبو غانم الخزاعي سكن بغداد وحدث بها "ت 69 هـ" تاريخ دمشق لابن عساكر مخطوطو دار البشير "15/371 -372".
الرَّبِيعِ الطَّرَسُوسِيَّ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إلَى مَالِكِ بن أنس وأنا شاهد فقال: ما بقول فِي رَجُلٍ يَقُولُ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ؟ فَقَالَ: كَافِرٌ زِنْدِيقٌ خُذُوهُ فَاقْتُلُوهُ. فَقَالَ الرَّجُلُ: إنَّمَا أَحْكِي كلاما سمعته فقال: إنما1 سمعته منك. وَفِي الِانْتِصَارِ: مَنْ تَزَيَّا بِزِيِّ كُفْرٍ مِنْ لُبْسِ غِيَارٍ وَشَدِّ زُنَّارٍ وَتَعْلِيقِ صَلِيبٍ بِصَدْرِهِ حَرُمَ وَلَمْ يُكَفَّرْ، وَفِي الْخِلَافِ: فِي إسْلَامِ كَافِرٍ بِالصَّلَاةِ ثَبَتَ أَنَّ لِلسِّيمَا2 حُكْمًا فِي الْأُصُولِ، لِأَنَّا لَوْ رَأَيْنَا رَجُلًا عَلَيْهِ زُنَّارٌ أَوْ عَسَلِيٌّ حُكِمَ بِكُفْرِهِ ظَاهِرًا، ثُمَّ ذَكَرَ قَوْلَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي الْمَقْتُولِ بِأَرْضِ حَرْبٍ: يستدل عليه بالختان والثياب. قال3: فَثَبَتَ أَنَّ لِلسِّيمَا حُكْمًا فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ فِي بَابِ الْحُكْمِ بِالْإِسْلَامِ وَالْكُفْرِ، كَذَا فِي مَسْأَلَتِنَا، قَالَ: وَبَعْضُهُمْ يُنْكِرُ هَذَا وَلَا يُسَلِّمُهُ. وَفِي الْفُصُولِ: إنْ شَهِدَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ كَانَ يُعَظِّمُ الصَّلِيبَ مِثْلَ أَنْ يُقَبِّلَهُ، وَيَتَقَرَّبَ بِقُرْبَانَاتِ أَهْلِ الْكُفْرِ وَيُكْثِرَ مِنْ بِيَعِهِمْ وَبُيُوتِ عِبَادَاتِهِمْ، احْتَمَلَ أَنَّهُ رِدَّةٌ، لِأَنَّ هَذِهِ أَفْعَالٌ تُفْعَلُ اعْتِقَادًا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَكُونَ اعْتِقَادًا، لِأَنَّهُ قَدْ يَفْعَلُ ذَلِكَ تَوَدُّدًا أَوْ تُقْيَةً لِغَرَضِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَالْأَوَّلُ أَرْجَحُ، لِأَنَّ الْمُسْتَهْزِئَ بِالْكُفْرِ يَكْفُرُ.
وَإِنْ كَانَ عَلَى ظَاهِرٍ يَمْنَعُ الْقَصْدَ، فَأَوْلَى أَنْ يَكُونَ الْفَاعِلُ لِأَفْعَالٍ مِنْ خَصَائِصِ الْكُفْرِ أَنْ يَكْفُرَ، مَعَ عَدَمِ ظَاهِرٍ يَدُلُّ على عدم القصد، بل الظاهر
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في الأصل "أنا".
2 السيماء والسيمياء والسمة: العلامة. القاموس "سوم".
3 ليست في "ط".
أَنَّهُ قَصْدٌ، وَجَزَمَ ابْنُ عَقِيلٍ قَبْلَ هَذَا بِأَنَّ مَنْ وُجِدَ مِنْهُ امْتِهَانٌ لِلْقُرْآنِ أَوْ خَمْصٌ1 مِنْهُ أَوْ طَلَبُ تَنَاقُضِهِ، أَوْ دَعْوَى أَنَّهُ مُخْتَلِفٌ أَوْ مُخْتَلِقٌ، أَوْ مَقْدُورٌ عَلَى مِثْلِهِ أَوْ إسْقَاطٌ لِحُرْمَتِهِ، كُلُّ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى كُفْرِهِ، فَيُقْتَلُ بَعْدَ التَّوْبَةِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ مَنْ قَالَ: إنَّ الْقُرْآنَ مَقْدُورٌ عَلَى مِثْلِهِ وَلَكِنَّ اللَّهَ مَنَعَ قُدْرَتَهُمْ، كَفَرَ بَلْ هُوَ مُعْجِزٌ بِنَفْسِهِ، وَالْعَجْزُ شَمَلَ الْخَلْقَ.
فَمَنْ ارْتَدَّ مُكَلَّفًا مُخْتَارًا رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً دُعِيَ وَاسْتُتِيبَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُضَيَّقَ عَلَيْهِ وَيُحْبَسَ، فَإِنْ أَصَرَّ قُتِلَ بِسَيْفٍ، وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ فِدَاءٍ عَنْهُ، لِأَنَّ كُفْرَهُ أَغْلَظُ، وَعَنْهُ: لَا تَجِبُ اسْتِتَابَتُهُ، وَعَنْهُ: وَلَا تأجيله.
ورسول الكفار لا يقتل ولو2 كَانَ مُرْتَدًّا، بِدَلِيلِ رَسُولَيْ مُسَيْلِمَةَ3، وَذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْهَدْيِ. قَالَ فِي الْفُنُونِ فِي مَوْلُودٍ بِرَأْسَيْنِ فَبَلَغَ، نَطَقَ أَحَدُهُمَا بِالْكُفْرِ وَالْآخَرُ بِالْإِسْلَامِ، إنْ نَطَقَا مَعًا فَفِي أَيِّهِمَا يَغْلِبُ؟ احْتِمَالَانِ، قال: والصحيح إن تقدم الإسلام فمرتد.
وَيَصِحُّ إسْلَامُ مُمَيِّزٍ عَقْلُهُ، وَرِدَّتُهُ وَعَنْهُ: لَهُ عَشْرٌ، وَقَالَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي، وَعَنْهُ: سَبْعٌ، وَعَنْهُ: حَتَّى يَبْلُغَ، وَعَنْهُ: يَصِحُّ إسْلَامُهُ وَهِيَ أَظْهَرُ وَالْمَذْهَبُ صِحَّتُهُمَا، وَعَلَيْهِنَّ: يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكُفَّارِ، قَالَ فِي الِانْتِصَارِ: وَيَتَوَلَّاهُ الْمُسْلِمُونَ وَيُدْفَنُ
بِمَقَابِرِهِمْ،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 التخامص: التجافي اللسان "خمص".
2 في "ط""وإن".
3 أخرجه أبو داود "2761" عن نعيم بن مسعود قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول لهما حين قرأ كتاب مسيلمة "ما تقولان أنتما" قالا: نقول كما قال. قال: "أما والله لولا أن الرسول لا تقتل لضربت أعناقكما".
وَأَنَّ فَرْضِيَّتَهُ مُتَرَتِّبَةٌ عَلَى صِحَّتِهِ، كَصِحَّتِهِ تَبَعًا، وَكَصَوْمِ مَرِيضٍ وَمُسَافِرٍ رَمَضَانَ، وَلَا يُقْتَلُ وَهُوَ سَكْرَانُ، إنْ صَحَّتْ رِدَّتُهُمَا حَتَّى يُسْتَتَابَا بَعْدَ بُلُوغٍ وَصَحْوٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَعِنْدَ الْخِرَقِيِّ فِي الثَّلَاثَةِ مِنْ رِدَّةِ سَكْرَانَ وَفِي الرَّوْضَةِ: تَصِحُّ رِدَّةُ مُمَيِّزٍ فَيُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ وَيَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْبُلَّغِ.
وَغَيْرُ الْمُمَيِّزِ يُنْتَظَرُ بُلُوغُهُ، فَإِنْ بَلَغَ مُرْتَدًّا قُتِلَ بَعْدَ الِاسْتِتَابَةِ. قَالَ: وَقِيلَ: لَا يُقْتَلُ حَتَّى يَبْلُغَ مُكَلَّفًا1، وَجَزَمَ أَنَّهُ إذَا زَنَى ابْنُ عَشْرٍ أَوْ بِنْتُ تِسْعٍ: لَا بَأْسَ بِالتَّعْزِيرِ.
وَيُقْتَلُ زِنْدِيقٌ، وَهُوَ الْمُنَافِقُ، وَمَنْ تَكَرَّرَتْ رِدَّتُهُ أَوْ كَفَرَ بسحره أو سب
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في النسخ الخطية "مطلقا" وجاء في هامش الأصل: "لعلها مكلفا" والمثبت من "ط"
اللَّهَ أَوْ رَسُولَهُ، نَقَلَ حَنْبَلٌ: أَوْ تَنَقَّصَهُ، وَقِيلَ: وَلَوْ تَعْرِيضًا، نَقَلَ حَنْبَلٌ: مَنْ عَرَّضَ بِشَيْءٍ مِنْ ذِكْرِ الرَّبِّ فَعَلَيْهِ الْقَتْلُ، مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا، وَأَنَّهُ مَذْهَبُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ. وَسَأَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ مَا الشَّتِيمَةُ الَّتِي يُقْتَلُ بِهَا؟ قَالَ: نَحْنُ نَرَى فِي التَّعْرِيضِ الْحَدَّ، قَالَ: فَكَانَ مَذْهَبُهُ فِيمَا يَجِبُ الْحَدُّ مِنْ الشَّتِيمَةِ التَّعْرِيضَ، وَعَنْهُ: تُقْبَلُ تَوْبَتُهُمْ كَغَيْرِهِمْ، وَعَنْهُ: لَا تُقْبَلُ إنْ تَكَرَّرَتْ ثَلَاثًا. وَفِي الْفُصُولِ عَنْ أَصْحَابِنَا فَلَا تُقْبَلُ إنْ سَبَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ لَمْ يَعْلَمْ إسْقَاطَهُ، وَأَنَّهُ يُقْبَلُ إنْ سَبَّ اللَّهَ، لِأَنَّهُ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ فِي خَالِصِ حَقِّهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهَا، لِأَنَّ الْخَالِقَ مُنَزَّهٌ عَنْ النَّقَائِصِ فَلَا يَلْحَقُ بِهِ، بِخِلَافِ الْمَخْلُوقِ، فَإِنَّهُ مَحَلٌّ لَهَا، فَلِهَذَا افْتَرَقَا، وَعَنْهُ: مِثْلُهُمْ مَنْ وُلِدَ عَلَى الْفِطْرَةِ ثُمَّ ارْتَدَّ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا: وَالْخِلَافُ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا مِنْ تَرْكِ قَتْلِهِمْ وَثُبُوتِ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ، فَأَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَإِنْ صَدَقَ قُبِلَ بِلَا خِلَافٍ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَالشَّيْخُ وَجَمَاعَةٌ. وَفِي إرْشَادِ ابْنِ عَقِيلٍ رِوَايَةٌ: لَا تُقْبَلُ تَوْبَةُ زِنْدِيقٍ بَاطِنًا، وَضَعَّفَهَا وَقَالَ: وَكَمَنْ تَظَاهَرَ بِالصَّلَاحِ إذَا أَتَى مَعْصِيَةً وَتَابَ1 مِنْهَا، وَأَنَّ قَتْلَ عَلِيٍّ زِنْدِيقًا لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ قَبُولِهَا كَتَوْبَةِ قَاطِعِ طَرِيقٍ بَعْدَ الْقُدْرَةِ. وَذَكَرَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ رِوَايَةً لَا تُقْبَلُ تَوْبَةُ دَاعِيَةٍ إلَى بِدْعَةٍ مُضِلَّةٍ، وَاخْتَارَهَا أَبُو إِسْحَاقَ بْنِ شَاقِلَا، وَفِي إرْشَادِ ابْنِ عَقِيلٍ: نَحْنُ لَا نَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ مطالبا بمظالم من أضل، وظاهر
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في "ط""وتاب".
كَلَامِ غَيْرِهِ: لَا مُطَالَبَةَ. قَالَ شَيْخُنَا: قَدْ بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ يَتُوبُ عَلَى أَئِمَّةِ الْكُفْرِ الَّذِينَ هُمْ أَعْظَمُ مِنْ أَئِمَّةِ الْبِدَعِ، وَفِي الرِّعَايَةِ: مَنْ كَفَرَ بِبِدْعَةٍ قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ، عَلَى الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: إنْ اعْتَرَفَ بِهَا، وَقِيلَ: لَا تُقْبَلُ مِنْ دَاعِيَةٍ، وَذَكَرَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ رِوَايَةً: لَا تُقْبَلُ تَوْبَةُ قَاتِلٍ، وَعَلَى قَبُولِهَا لَوْ اقْتَصَّ مِنْ الْقَاتِلِ أَوْ عَفَا عَنْهُ هَلْ يُطَالِبُهُ الْمَقْتُولُ فِي الْآخِرَةِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ "م 3"
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 3" قَوْلُهُ: "وَعَلَى قَبُولِهَا لَوْ اقْتَصَّ مِنْ الْقَاتِلِ أَوْ عَفَا عَنْهُ هَلْ يُطَالِبُهُ الْمَقْتُولُ فِي الْآخِرَةِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ"، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي الدَّاءِ وَالدَّوَاءِ. وَغَيْرِهِ بَعْدَ ذِكْرِ الْخِلَافِ. وَالتَّحْقِيقُ فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْقَتْلَ يَتَعَلَّقُ بِهِ ثَلَاثَةُ حُقُوقٍ: حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، وَحَقُّ الْمَقْتُولِ، وَحَقُّ الْوَلِيِّ فَإِذَا أَسْلَمَ الْقَاتِلُ نَفْسَهُ طَوْعًا وَاخْتِيَارًا إلَى الْوَلِيِّ، نَدَمًا عَلَى مَا فَعَلَ، وَخَوْفًا مِنْ اللَّهِ، وَتَوْبَةً نَصُوحًا، سَقَطَ حَقُّ اللَّهِ بِالتَّوْبَةِ، وَحَقُّ الْأَوْلِيَاءِ بِالِاسْتِيفَاءِ أَوْ الصُّلْحِ أَوْ الْعَفْوِ، وَبَقِيَ حَقُّ الْمَقْتُولِ يُعَوِّضُهُ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْ عَبْدِهِ التَّائِبِ الْمُحْسِنِ، وَيُصْلِحُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، فَلَا يَذْهَبُ حَقُّ هَذَا، وَلَا يُبْطِلُ تَوْبَةَ هَذَا، انْتَهَى. وَتَبِعَ فِي ذَلِكَ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ فَإِنَّهُ فَصَّلَ هَذَا التَّفْصِيلَ وَاخْتَارَهُ، وهو الصواب الذي لا شك فيه.
وَمَنْ أَظْهَرَ الْخَيْرَ وَأَبْطَنَ الْفِسْقَ فَكَالزِّنْدِيقِ فِي تَوْبَتِهِ، فِي قِيَاسِ الْمَذْهَبِ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَحَمَلَ رِوَايَةَ قَبُولِ تَوْبَةِ السَّاحِرِ عَلَى الْمُتَظَاهِرِ وَعَكْسُهُ بِعَكْسِهِ، يُؤَيِّدُهُ تَعْلِيلُهُمْ1 لِلرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ بِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ بِالتَّوْبَةِ سِوَى مَا يُظْهِرُهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ: تُقْبَلُ، وَهُوَ أَوْلَى فِي الْكُلِّ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْمُنَافِقِينَ {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [البقرة: 160] .
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في "ط""تدليلهم".
وَتَوْبَةُ كُلِّ كَافِرٍ إتْيَانُهُ بِالشَّهَادَتَيْنِ مَعَ إقْرَارِهِ بِمَا جَحَدَهُ مِنْ نَبِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ قَوْلُهُ: أَنَا مُسْلِمٌ وَلَا يُعْتَبَرُ فِي الْأَصَحِّ إقرار مرتد بما جحده، لِصِحَّةِ الشَّهَادَتَيْنِ مِنْ مُسْلِمٍ، وَمِنْهُ بِخِلَافِ تَوْبَةٍ مِنْ بِدْعَةٍ، ذَكَرَهُ فِيهَا جَمَاعَةٌ، وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ فِي الرَّجُلِ يُشْهَدُ عَلَيْهِ بِالْبِدْعَةِ فَيَجْحَدُ: لَيْسَتْ لَهُ تَوْبَةٌ، إنَّمَا التَّوْبَةُ لِمَنْ اعْتَرَفَ، فَأَمَّا مَنْ جَحَدَ فَلَا، وَعَنْهُ: يُغْنِي قَوْلُهُ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، عَنْ كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ، وَعَنْهُ: مِنْ مُقِرٍّ بِهِ، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ: يَكْفِي التَّوْحِيدُ مِمَّنْ لَا يُقِرُّ بِهِ كَوَثَنِيٍّ لِظَاهِرِ الْأَخْبَارِ1، وَلِخَبَرِ أسامة2 وقتله
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 سيذكره بعضها ابن قندس قريبا.
2 والحديث بتمامه قال: بعثنا رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَى الحرقة القوم فهزمناهم فلحقت أنا ورجل من الأنصار رجلا منهم فلما غشيناه قال: لا إله إلا الله فكف الأنصاري فطعنته برمحي حتى قتلته فلما قدمنا بلغ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "يَا أسامة أقتلته بعد ما قال: لا إله إلا الله"؟ قلت كان متعوذا فما زال يكررها حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم رواه البخاري "4269" ومسلم "69".
الْكَافِرَ الْحَرْبِيَّ بَعْدَ قَوْلِهِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، لِأَنَّهُ مَصْحُوبٌ بِمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْإِسْلَامُ، وَمُسْتَلْزِمٌ لَهُ، وِفَاقًا لِلشَّافِعِيَّةِ 1وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ1: يَكْفِي مُطْلَقًا، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ فِي حَدِيثَيْ جُنْدُبٍ2 وَأُسَامَةَ، قَالَ فِيهِ: إنَّ الْإِنْسَانَ إذَا قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ عَصَمَ بِهَا دَمَهُ، وَلَوْ ظَنَّ السَّامِعُ أَنَّهُ قَالَهَا فَرَقًا مِنْ السَّيْفِ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ مُطْلَقًا.
وَإِنْ أُكْرِهَ ذِمِّيٌّ عَلَى إقْرَارِهِ بِهِ لَمْ يَصِحَّ، لِأَنَّهُ ظُلْمٌ وَفِي الانتصار
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
تَنْبِيهٌ" قَوْلُهُ: "وَإِنْ أُكْرِهَ حَرْبِيٌّ3 عَلَى إقْرَارِهِ بِهِ لَمْ يَصِحَّ كَذَا فِي النُّسَخِ، وَصَوَابُهُ وإن أكره ذمي وبعضهم أصلحها كذلك".
1 1 ليست في "ر".
2 لعله ما أخرجه البخاري "5827" ومسلم "94""153" عن ألي ذر أنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وعليه ثوب أبيض وهو نائم ثم أتيته وقد استيقظ فقال: "ما من عبد قال: لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة....." الحديث.
3 يبدو أن صاحب التصحيح وابن قندس قد اعتمدا على نسخة من الفروع فيها: "وإن أكره حبي" وفي حاشية النسخة "د" ذكر خلاف النسخ.
احْتِمَالٌ، وَفِيهِ: يَصِيرُ مُسْلِمًا بِكِتَابَةِ الشَّهَادَةِ.
وَيَكْفِي جَحْدُهُ لِرِدَّتِهِ بَعْدَ إقْرَارِهِ بِهَا فِي الْأَصَحِّ كَرُجُوعِهِ عَنْ حَدٍّ لَا بَعْدَ بَيِّنَةٍ بَلْ يُجَدِّدُ إسْلَامَهُ، قَالَ جَمَاعَةٌ: يَأْتِي بِالشَّهَادَتَيْنِ وَفِي الْمُنْتَخَبِ الْخِلَافُ. نَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ فِيمَنْ أَسْلَمَ ثُمَّ تَهَوَّدَ أَوْ تَنَصَّرَ فَشَهِدَ عَلَيْهِ عُدُولٌ فَقَالَ: لَمْ أَفْعَلْ وَأَنَا مُسْلِمٌ، قُبِلَ قَوْلُهُ، هُوَ أَكْثَرُ عِنْدِي مِنْ الشُّهُودِ، قَالَ شَيْخُنَا: اتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ أَنَّ الْمُرْتَدَّ إذَا أَسْلَمَ عَصَمَ دَمَهُ وَمَالَهُ وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ حَاكِمٌ، بَلْ مَذْهَبُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ و "هـ ش" أن من شَهِدَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِالرِّدَّةِ فَأَنْكَرَ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ، وَلَا يَحْتَاجُ أَنْ يُقِرَّ بِمَا شُهِدَ بِهِ عَلَيْهِ، فَإِذَا لَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ عَدْلٌ لَمْ يَفْتَقِرْ الْحُكْمُ إلَى إقْرَارِهِ "ع" بَلْ إخْرَاجُهُ إلَى ذَلِكَ قَدْ يَكُونُ كَذِبًا، وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ بِنَاءُ حُكْمٍ عَلَى هَذَا الْإِقْرَارِ، كَإِقْرَارِ الصَّحِيحِ فَإِنَّهُ قَدْ
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عَلِمَ أَنَّهُ لَقَّنَهُ وَأَنَّهُ فَعَلَهُ خَوْفَ الْقَتْلِ وَهُوَ إقْرَارُ تَلْجِئَةٍ، نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ فِي الْيَهُودِيِّ إذَا قَالَ: قَدْ أَسْلَمْت أَوْ أَنَا مُسْلِمٌ يُجْبَرُ عَلَيْهِ: قَدْ عَلِمَ مَا يُرَادُ مِنْهُ.
وَفِي مُفْرَدَاتِ أَبِي يَعْلَى الصَّغِيرِ: لَا خِلَافَ أَنَّ الْكَافِرَ لَوْ قَالَ: أَنَا مُسْلِمٌ وَلَا أَنْطِقُ بِالشَّهَادَةِ يُقْبَلُ مِنْهُ وَلَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ، وَإِنْ شَهِدَ أَنَّهُ
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كَفَرَ وَادَّعَى الْإِكْرَاهَ قُبِلَ مِنْهُ1 مَعَ الْقَرِينَةِ فَقَطْ، لِأَنَّ إنْكَارَهُ لِلرِّدَّةِ يَمْنَعُهَا، وَلَوْ شُهِدَ عَلَيْهِ بِكَلِمَةِ كُفْرٍ فَادَّعَاهُ قُبِلَ مُطْلَقًا، فِي الْأَصَحِّ، لِأَنَّ تَصْدِيقَهُ لَيْسَ فِيهِ تَكْذِيبٌ لِلْبَيِّنَةِ.
وَمَنْ أَسْلَمَ وَقَالَ لَمْ أُرِدْهُ أَوْ2 لَمْ اعْتَقِدْهُ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ، وَعَنْهُ: بَلَى وَعَنْهُ: إنْ ظَهَرَ صِدْقُهُ، وَعَنْهُ: يُقْبَلُ مِنْ صَغِيرٍ، قَالَ أَحْمَدُ فِيمَنْ قَالَ لِكَافِرٍ: أَسْلِمْ وَخُذْ أَلْفًا فَأَسْلَمَ وَلَمْ يُعْطِهِ فَأَبَى الْإِسْلَامَ: يُقْتَلُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَفِيَ، قَالَ: وَإِنْ أَسْلَمَ عَلَى صَلَاتَيْنِ قُبِلَ مِنْهُ وَأُمِرَ بِالْخَمْسِ.
وَعَنْ غَالِبٍ الْقَطَّانِ3 عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ أَرْسَلَ ابْنَهُ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إنَّ أَبِي جَعَلَ لِقَوْمِهِ مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ عَلَى أَنْ يُسْلِمُوا، فَأَسْلَمُوا وَحَسُنَ إسْلَامُهُمْ، ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَرْتَجِعَهَا مِنْهُمْ، أَفَهُوَ أَحَقُّ بِهَا أَمْ هُمْ؟ قَالَ إنْ بَدَا لَهُ أَنْ يُسْلِمَهَا إلَيْهِمْ فَلْيُسْلِمْهَا، "وَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يَرْتَجِعَهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مِنْهُمْ، فَإِنْ أَسْلَمُوا فَلَهُمْ إسْلَامُهُمْ وَإِنْ لَمْ يُسْلِمُوا قُوتِلُوا عَلَى الْإِسْلَامِ" وَقَالَ: إنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ، وَهُوَ عَرِيفٌ4 عَلَى الْمَاءِ، وإنه
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".
2 في الأصل "و".
3 هو أبو سليمان غالب بن خطاف القطان بن أبي غيلان مولى عبد الله بن عامر بن كريز القرشي قال أحمد عنه ثقة ثقة سير أعلام النبلاء "6/205".
4 العريف كأمير وهو من يعرف بأصحابه ورئيس القوم أو النقيب القاموس "عرف".
يَسْأَلُك أَنْ تَجْعَلَ لِي الْعِرَافَةَ بَعْدَهُ، فَقَالَ "إنَّ الْعِرَافَةَ حَقٌّ، لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ عُرَفَاءَ، وَلَكِنَّ الْعُرَفَاءَ فِي النَّارِ" رَوَاهُ أَبُو دَاوُد1 وَإِسْنَادُهُ مَنْ لَا يُحْتَجُّ بِهِ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ: إنَّ مَنْ أَعْطَى رَجُلًا عَلَى أَنْ يَفْعَلَ أَمْرًا مَفْرُوضًا عَلَيْهِ فَإِنَّ لِلْمُعْطَى ارْتِجَاعَهُ مِنْهُ، وَلَمْ يُشَارِطْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمُؤَلَّفَةَ "قُلُوبُهُمْ" عَلَى أَنْ يُسْلِمُوا فَيُعْطِيهِمْ جُعْلًا عَلَى الْإِسْلَامِ، وَإِنَّمَا أَعْطَاهُمْ عَطَايَا بأتة2 يَتَأَلَّفُهُمْ، وَفِي الْعِرَافَةِ مَصْلَحَةُ النَّاسِ، وَفِيهِ التَّحْذِيرُ مِنْ التَّعْرِيضِ لِلرِّيَاسَةِ وَالتَّأَمُّرِ عَلَى النَّاسِ، لِمَا فِيهِ مِنْ الْفِتْنَةِ، وَأَنَّهُ إذَا لَمْ يَقُمْ بِحَقِّهِ وَلَمْ يُؤَدِّ الْأَمَانَةَ فِيهِ أَثِمَ. وَلَا يَبْطُلُ إحْصَانُ قَذْفٍ وَرَجْمٍ بِرِدَّةٍ، فَإِذَا أَتَى بِهِمَا بَعْدَ إسْلَامِهِ حُدَّ، خِلَافًا لِكِتَابِ ابْنِ رزين في إحصان رجم.
1 في سننه "2934".
2 في "ر" و"ط""بأنه".
فَصْلٌ: وَالْمَذْهَبُ3 أَنَّ مَالَ الْمُرْتَدِّ فَيْءٌ مِنْ مَوْتِهِ،
وَعَنْهُ: مِنْ رِدَّتِهِ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَأَبُو إِسْحَاقَ وَصَاحِبُ التَّبْصِرَةِ وَالطَّرِيقُ الْأَقْرَبُ. وَعَنْهُ نَتَبَيَّنُهُ مِنْهَا بِمَوْتِهِ مُرْتَدًّا، فَعَلَى الْأَوْلَى يُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ وَقَالَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَأَبُو الْخَطَّابِ وَأَبُو الْحُسَيْنِ وَأَبُو الْفَرَجِ، وَفِي الْوَسِيلَةِ نَصَّ عَلَيْهِ. نَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ: يُمْنَعُ مِنْهُ، فَإِذَا قُتِلَ صَارَ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَاخْتَارَ
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
3 في "ط""والمذهب".
الشَّيْخُ وَقْفَ تَصَرُّفِهِ، وَأَنَّهُ يُتْرَكُ عِنْدَ ثِقَةٍ، كَالرِّوَايَةِ الثَّالِثَةِ، وَجَعَلَ فِي التَّرْغِيبِ كَلَامَ الْقَاضِي وَالشَّيْخِ وَاحِدًا، وَكَذَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ، وَتَبِعَهُ ابْنُ الْبَنَّا وَغَيْرُهُ، وَأَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ، لَكِنْ لَمْ يَقُولُوا يُتْرَكُ عِنْدَ ثِقَةٍ بَلْ قَالُوا: يُمْنَعُ مِنْهُ وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ يوقف، فإن أسلم نفذ1 وَإِلَّا بَطَلَ، وَأَنَّ الْحَاكِمَ يَحْفَظُ بَقِيَّةَ مَالِهِ. قَالُوا: فَإِنْ مَاتَ مُرْتَدًّا بَطَلَتْ، تَغْلِيظًا عَلَيْهِ بِقَطْعِ ثَوَابِهِ، بِخِلَافِ الْمَرِيضِ، وَقِيلَ: إنْ لَمْ يَبْلُغْ تَبَرُّعُهُ الثُّلُثَ صَحَّ. وَفِي الْمُحَرَّرِ: عَلَى الْأَوْلَى تَنْفُذُ مُعَاوَضَتُهُ وَيُقِرُّ بِيَدِهِ، وَتُوقَفُ تَبَرُّعَاتُهُ، وَتُرَدُّ بِمَوْتِهِ مُرْتَدًّا، وَعَلَى الرِّوَايَتَيْنِ يُقْضَى دَيْنُهُ وَيُنْفَقُ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ. وَعَلَى الثَّانِيَةِ يُتْرَكُ بِبَيْتِ الْمَالِ وَلَا صِحَّةَ وَلَا نَفَقَةَ. وَلَا يُقْضَى دَيْنٌ مُتَجَدِّدٌ فِي الرِّدَّةِ، فَإِنْ أَسْلَمَ رُدَّ عَلَيْهِ2 مِلْكًا جَدِيدًا وَيَمْلِكُ بِأَسْبَابِ التَّمَلُّكِ إنْ بَقِيَ مِلْكُهُ وَإِلَّا فَلَا. وَاحْتَجَّ بِهِ فِي الْفُصُولِ عَلَى بَقَاءِ مِلْكِهِ، وَأَنَّ الدَّوَامَ أَوْلَى. وَعَلَى رِوَايَةٍ يَرِثُهُ مُسْلِمٌ أَوْ أَهْلُ دِينِهِ الَّذِي اخْتَارَهُ فَكَمُسْلِمٍ فِيهِ. وَفِي الِانْتِصَارِ: لَا قَطْعَ بِسَرِقَتِهِ لِعَدَمِ عِصْمَتِهِ، وَيَضْمَنُ مَا أَتْلَفَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: إنْ فَعَلَهُ بِدَارِ حَرْبٍ أَوْ فِي جَمَاعَةٍ مُرْتَدَّةٍ مُمْتَنِعَةٍ فَلَا، اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ وَالشَّيْخُ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا، لِفِعْلِ الصَّحَابَةِ وَكَالْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ إجْمَاعًا. قَالَ: وَإِنَّ المرتد تحت حكمنا ليس محاربا يضمن
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في "ط""بعد" وفي "ر""نفذه".
2 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".
إجْمَاعًا "وَقِيلَ هُمْ كَبُغَاةٍ".
وَيُؤْخَذُ بِحَدِّ فِعْلِهِ فِي رِدَّتِهِ. نَصَّ عَلَيْهِ، كَقَبْلِهَا، وَظَاهِرُ نَقْلِ مُهَنَّا وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ. إنْ أَسْلَمَ فَلَا كَعِبَادَتِهِ، نَقَلَ مُهَنَّا فِي مُرْتَدٍّ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَقَتَلَ بِهَا رَجُلًا مُسْلِمًا ثُمَّ عَادَ وَقَدْ أَسْلَمَ فَأَخَذَهُ وَلِيُّهُ، هَلْ عَلَيْهِ قَوَدٌ؟ فَقَالَ: قَدْ زَالَ عَنْهُ الْحُكْمُ، لِأَنَّهُ قَتَلَهُ وَهُوَ مُشْرِكٌ، وَكَذَلِكَ إنْ سَرَقَ وَهُوَ مُشْرِكٌ، فَقِيلَ لَهُ: فَيَذْهَبُ دَمُ الرَّجُلِ؟ فَقَالَ مَا أَقُولُ فِي هَذَا شَيْئًا. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى إسْقَاطِ الْعِبَادَاتِ، وَكَذَا قَالَ الْقَاضِي ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي إسْقَاطَ الْقَضَاءِ; لِأَنَّهُ أَسْقَطَ الْحَدَّ، وَهُوَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَتَوَقَّفَ عَنْ الْقِصَاصِ وَعَنْهُ: الْوَقْفُ، وَمَتَى لَحِقَ بِدَارِ حَرْبٍ فَهُوَ وَمَا مَعَهُ كَحَرْبِيٍّ، وَالْمَنْصُوصُ لَا يَتَنَجَّزُ جَعْلَ مَا بِدَارِنَا فَيْئًا إنْ لَمْ يَصِرْ فَيْئًا بِرِدَّتِهِ.
وَإِنْ لَحِقَ زَوْجَانِ مُرْتَدَّانِ بِدَارِ حَرْبٍ لَمْ يُسْتَرَقَّا وَلَا أَوْلَادُهُمَا، كَوَلَدِ مَنْ أُسِرَ مِنْ ذِمَّةٍ، وَمَنْ لَمْ يُسْلِمْ قُتِلَ، وَيَجُوزُ فِي الْمَنْصُوصِ. وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَتَيْنِ، اسْتِرْقَاقُ الْحَادِثِ فِي الرِّدَّةِ، وَعِنْدَ الشَّيْخِ وَالْحَمْلُ وَقْتَهَا، وَهَلْ يُقِرُّ بِجِزْيَةٍ أَمْ الْإِسْلَامِ وَيُرَقُّ أَوْ القتل؟ وفيه روايتان "م 4".
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 4" قَوْلُهُ "وَهَلْ يُقِرُّ بِجِزْيَةٍ أَمْ الْإِسْلَامِ ويرق، أو القتل؟ فيه روايتان"