المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل: وإن تحاكم إلينا ذميان فعنه يلزم الحكم، والإعداء - الفروع وتصحيح الفروع - جـ ١٠

[شمس الدين ابن مفلح - المرداوي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد العاشر

- ‌كتاب الديات

- ‌فصل: باب العاقلة وما تحمله

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: وَلَا تَحْمِلُ عَاقِلَةٌ عَمْدًا

- ‌فصل: باب كفارة القتل

- ‌مدخل

- ‌فصل: باب القسامة

- ‌مدخل

-

- ‌كتاب الحدود

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: وَإِنْ اجْتَمَعَتْ حُدُودٌ لِلَّهِ عز وجل فَإِنْ كَانَ فِيهَا قَتْلٌ اُسْتُوْفِيَ وَحْدَهُ

- ‌باب حد الزنا

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: وَلَا حَدَّ إلَّا بِتَغْيِيبِ حَشَفَةٍ أَصْلِيَّةٍ مِنْ خَصِيٍّ أَوْ فَحْلٍ أَوْ قَدْرِهَا لِعَدَمٍ

- ‌باب القذف

- ‌مدخل

- ‌فصل: صريح الْقَذْفِ

- ‌فَصْلٌ: وَهُوَ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ

- ‌باب حد المسكر

- ‌مدخل

- ‌باب التعزير

- ‌مدخل

- ‌باب السرقة

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: مَنْ دَخَلَ حِرْزًا فَبَلَعَ 2جَوْهَرَةً وَخَرَجَ

- ‌فَصْلٌ: وَيُقْطَعُ كُلُّ قَرِيبٍ بِسَرِقَةِ مَالِ قَرِيبِهِ إلَّا عَمُودَيْ نَسَبِهِ

- ‌باب حد قاطع الطريق

- ‌مدخل

- ‌باب قتال أهل البغي

- ‌مدخل

- ‌باب حكم المرتد

- ‌مدخل

- ‌فصل: ويكفر الساحر كاعتقاد حله

-

- ‌كتاب الجهاد

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: يَلْزَمُ كُلَّ أَحَدٍ إخْلَاصُ النِّيَّةِ لِلَّهِ عز وجل في الطاعات

- ‌فَصْلٌ: وَمَنْ أَسَرَ أَسِيرًا حَرُمَ عَلَى الْأَصَحِّ قَتْلُهُ

- ‌باب قسمة الغنيمة

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: وَيُبْدَأُ فِي قِسْمَةِ الْغَنِيمَةِ بِمَنْ تَقَدَّمَ وَبِمُسْتَحَقِّ السَّلَبِ

- ‌فَصْلٌ: ثُمَّ يُخَمَّسُ الْبَاقِي وَيُقَسَّمُ خُمُسُهُ خَمْسَةَ أسهم

- ‌فصل: فَيُقْسَمُ لِلرَّاجِلِ سَهْمٌ، وَلِلْفَارِسِ ثَلَاثَةٌ

- ‌باب حكم الأرضين المغنومة

- ‌مدخل

- ‌باب الأمان

- ‌مدخل

- ‌باب الهدنة

- ‌مدخل

- ‌باب عقد الذمة

- ‌مدخل

- ‌باب أحكام الذمة

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: وَيُمْنَعُونَ مَقَامَ الْحِجَازِ

- ‌فصل: وَإِنْ تَحَاكَمَ إلَيْنَا ذِمِّيَّانِ فَعَنْهُ يَلْزَمُ الْحُكْمُ، وَالْإِعْدَاءُ

- ‌باب الفيء

- ‌مدخل

-

- ‌كتاب الأطعمة

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: وَيَحِلُّ كُلُّ حَيَوَانٍ بَحْرِيٍّ إلَّا الضِّفْدَعَ

- ‌كتاب الصيد

- ‌مدخل

-

- ‌كتاب الأيمان

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: وَيَحْرُمُ الْحَلِفُ بِغَيْرِ اللَّهِ

- ‌فصل: وَيَشْتَرِطُ لِلْيَمِينِ الْمُنْعَقِدَة قَصْدُ عَقْدِهَا عَلَى مُسْتَقْبَلٍ

- ‌فَصْلٌ: مَنْ لَزِمَتْهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فَلَهُ إطْعَامُ عشرة مساكين

الفصل: ‌فصل: وإن تحاكم إلينا ذميان فعنه يلزم الحكم، والإعداء

وَأَخَذَ كِفَايَتَهُ جَازَ، وَأَمَّا الضَّمَانُ الَّذِي يَأْخُذُهُ الْجُنْدُ وَلَا يُمْكِنُهُ دَفْعُهُ فَدَرْكُهُ1 عَلَى غَيْرِهِ، ولكن يلزمه نصح المسافر وحفظ ماله.

1 الدرك بالفتح ويسكن التبعة القاموس "درك".

ص: 348

‌فصل: وَإِنْ تَحَاكَمَ إلَيْنَا ذِمِّيَّانِ فَعَنْهُ يَلْزَمُ الْحُكْمُ، وَالْإِعْدَاءُ

،

كَذِمِّيٍّ وَمُسْلِمٍ، وَعَنْهُ: إنْ اخْتَلَفَتْ الْمِلَّةُ، وَعَنْهُ: يُخَيَّرُ إلَّا فِي حَقِّ آدَمِيٍّ، وَالْأَشْهَرُ: وَفِيهِ كَمُسْتَأْمَنِينَ، فَيَحْكُمُ وَيُعَدِّي بِطَلَبِ أَحَدِهِمَا "م 7" وعنه: باتفاقهما،

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

مَسْأَلَةٌ 7" قَوْلُهُ "وَإِنْ تَحَاكَمَ إلَيْنَا ذِمِّيَّانِ فَعَنْهُ يَلْزَمُ الْحُكْمُ، وَالْإِعْدَاءُ كَذِمِّيٍّ وَمُسْلِمٍ وَعَنْهُ: إنْ اخْتَلَفَتْ الْمِلَّةُ، وَعَنْهُ يُخَيَّرُ إلَّا فِي حَقِّ آدمي، والأشهر: وفيه كمستأمنين، فيحكم ويعدي بطلب أَحَدِهِمَا" انْتَهَى.

"إحْدَاهُنَّ": يَلْزَمُ الْحُكْمُ وَالْإِعْدَاءُ قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ.

"وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" يَلْزَمُهُ إنْ اخْتَلَفَتْ الملة وإلا خير.

"والرواية الثالثة": إن تطالبوا2 فِي حَقِّ آدَمِيٍّ لَزِمَ الْحُكْمُ، وَإِلَّا فَهُوَ مُخَيَّرٌ، قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَهُوَ أَصَحُّ عِنْدِي.

وَالرِّوَايَةُ الرَّابِعَةُ": يُخَيَّرُ فِي حَقِّ آدَمِيٍّ وَغَيْرِهِ: قَالَ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ الْأَشْهَرُ، وَكَذَا قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هُوَ الْمَشْهُورُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ3 وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي4 والشرح3

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

2 في "ط""تقاتلوا".

3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "10/491".

4 "13/250".

ص: 348

كَمُسْتَأْمَنِينَ. وَفِي الرَّوْضَةِ فِي إرْثِ الْمَجُوسِ: يُخَيَّرُ إذَا تَحَاكَمُوا إلَيْنَا وَاحْتَجَّ بِآيَةِ التَّخْيِيرِ1، وَظَاهِرُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُمْ عَلَى الْخِلَافِ، لِأَنَّهُمْ ذِمَّةٌ، وَيَلْزَمُهُمْ حُكْمُنَا لَا شَرِيعَتُنَا هَذِهِ الشَّرِيعَةُ، وَإِنْ لَمْ يَتَحَاكَمُوا إلَيْنَا فَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَتَّبِعَ شَيْئًا مِنْ أُمُورِهِمْ وَلَا يُدْعَوْنَ إلَى حُكْمِنَا أصلا2. نص على الكل.

وَلَا يُحَضِّرَ يَهُودِيًّا يَوْمَ سَبْتٍ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ أَيْ لِبَقَاءِ تَحْرِيمِهِ عَلَيْهِ، وَفِيهِ وَجْهَانِ، أَوْ مُطْلَقًا لِضَرَرِهِ بِإِفْسَادِ سَبْتِهِ، وَلِهَذَا لَا تُكْرَهُ امْرَأَتُهُ عَلَى إفْسَادِهِ مَعَ تَأَكُّدِ حَقِّهِ "م 8 و 9"، وقال 3ابن عقيل3: يحتمل أن السبت

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ "قُلْت": وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ من المذهب.

"مَسْأَلَةٌ 8 و 9" قَوْلُهُ "وَلَا يُحْضِرُ يَهُودِيًّا يَوْمَ سَبْتِهِ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، أَيْ لِبَقَاءِ تَحْرِيمِهِ عَلَيْهِ، وَفِيهِ وَجْهَانِ، أَوْ مُطْلَقًا، لِضَرَرِهِ بِإِفْسَادِ سَبْتِهِ، وَلِهَذَا لَا يُكْرِهُ امْرَأَتَهُ عَلَى إفْسَادِهِ مَعَ تَأَكُّدِ حَقِّهِ" انْتَهَى، فِي ضِمْنِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَسْأَلَتَانِ4.

"الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 8" إذَا قُلْنَا: لَا يُحْضِرُ الْيَهُودِيَّ يَوْمَ السَّبْتِ، فَهَلْ ذَلِكَ لِأَجْلِ بَقَاءِ تَحْرِيمِهِ عَلَيْهِمْ أَوْ مُطْلَقًا لِضَرَرِهِ بِإِفْسَادِ سَبْتِهِ؟ تَرَدَّدَ الْمُصَنِّفُ فِي ذَلِكَ:"قُلْت": الصَّوَابُ فِي ذَلِكَ أَنَّ عَدَمَ إحْضَارِهِ فِيهِ مُطْلَقًا، أَغْنَى سَوَاءٌ قُلْنَا بِبَقَاءِ تَحْرِيمِهِ أَوْ لِضَرَرِهِ بِإِفْسَادِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ وَيَحْتَمِلُ أنه لبقاء تحريمه عليهم.

1 هي قوله تعالى {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} [المائدة: 42]

2 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".

3 3 ليست في الأصل و"ط".

4 في النسخ الخطية "مسألتين" والصواب ما أثبتناه.

ص: 349

مُسْتَثْنًى مِنْ عَمَلٍ فِي إجَارَةٍ. قَالَ أَحْمَدُ1: حَدَّثَنَا يَزِيدُ أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ: سَمِعْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَمَةَ يُحَدِّثُ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ الْمُرَادِيِّ قَالَ: قَالَ يَهُودِيٌّ لِصَاحِبِهِ: اذْهَبْ بِنَا إلَى هَذَا النَّبِيِّ حتى نسأله عن هذه الآية {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ} [الإسراء: 101] فَقَالَ: لَا تَقُلْ لَهُ نَبِيٌّ، فَإِنَّهُ لَوْ سَمِعَك لَصَارَتْ لَهُ أَرْبَعَةُ أَعْيُنٍ. فَسَأَلَاهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم "لَا تُشْرِكُوا بِاَللَّهِ شَيْئًا، وَلَا تَسْرِقُوا، وَلَا تَزْنُوا، وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بِالْحَقِّ، وَلَا تَسْحَرُوا، وَلَا تَأْكُلُوا الرِّبَا، وَلَا تَمْشُوا بِبَرِيءٍ إلَى ذِي سُلْطَانٍ لِيَقْتُلَهُ، وَلَا تَقْذِفُوا مُحْصَنَةً أَوْ قَالَ: لَا تَفِرُّوا مِنْ الزَّحْفِ. شُعْبَةُ الشَّاكُّ وَأَنْتُمْ يَهُودُ عَلَيْكُمْ خَاصَّةً أَنْ لَا تَعْدُوَا فِي السَّبْتِ" فَقَبَّلَا يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، وَقَالَا: نَشْهَدُ أَنَّك نَبِيٌّ، قَالَ "فَمَا يَمْنَعُكُمَا أن تتبعاني" قالا: إن

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

"الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 9" هَلْ تَحْرِيمُ السَّبْتِ بَاقٍ مُسْتَمِرٍّ عَلَيْهِمْ إلَى الْآنَ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ 2وَشَرْحِهِ وَالنَّظْمِ2 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ: وَفِي بَقَاءِ تَحْرِيمِ السَّبْتِ عَلَيْهِمْ وَجْهَانِ انْتَهَى، قَالَ النَّاظِمُ: وَفَائِدَتُهَا3 حِلُّ صَيْدِهِ فِيهِ وَعَدَمِهِ، انْتَهَى. "قُلْت": وَكَذَا مِنْ فَائِدَتِهَا3 مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ عَدَمِ إحْضَارِهِمْ عَلَى رَأْيٍ.

"أَحَدُهُمَا" تَحْرِيمُهُ بَاقٍ عَلَيْهِمْ، 4وَيَحْمِلُهُ كَلَامُ ابْنِ عَقِيلٍ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ4 "قُلْت": وَظَاهِرُ حَالِهِمْ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ 4وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا بَيِّنَاهُ4.

"والوجه الثاني" انتفى التحريم عنهم.

1 في المسند "18092".

2 2 في "ط""وشرحه والنظم".

3 في "ط""فائدتها".

4 4 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".

ص: 350

دَاوُد عليه السلام دَعَا أَنْ لَا يَزَالَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ نَبِيٌّ، فَإِنَّا نَخْشَى إنْ أَسْلَمْنَا أَنْ تَقْتُلَنَا يَهُودُ. وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ1 وَصَحَّحَهُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَمَةَ تَكَلَّمَ فِيهِ. وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ، وَجُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْآيَاتِ الْمُعْجِزَاتِ وَالدَّلَالَاتِ، وَهِيَ الْعَصَا وَالْيَدُ وَالطُّوفَانُ وَالْجَرَادُ وَالْقُمَّلُ وَالضَّفَادِعُ وَالدَّمُ، فِي الثَّامِنِ وَالتَّاسِعِ أَقْوَالٌ.

وَلَا يَحْكُمُ إلَّا بِالْإِسْلَامِ.

وَإِنْ تَعَاقَدُوا عُقُودًا فَاسِدَةً ثُمَّ أَسْلَمُوا أَوْ أَتَوْنَا وَتَقَايَضُوا2 مِنْ الطَّرَفَيْنِ لَمْ نَفْسَخْهُ وَنُعَامِلُهُمْ وَنَقْبِضُ ثَمَنَهُ مِنْهُمْ3 وَإِلَّا فَسَخْنَاهُ، وَقِيلَ: إنْ ارْتَفَعُوا بَعْدَ أَنْ أَلْزَمَهُمْ حَاكِمُهُمْ بِالْقَبْضِ نَفَّذَ وَهَذَا لِالْتِزَامِهِمْ بِحُكْمِهِ، لَا لُزُومِهِ لَهُمْ، كَقَوْلِ الْمَاوَرْدِيُّ، وَالْأَشْهَرُ: لَا، لِأَنَّ حُكْمَهُ لَغْوٌ لِعَدَمِ الشَّرْطِ وَهُوَ الْإِسْلَامُ.

وَعِنْدَ "هـ" يَجُوزُ أَنْ يُقَلَّدَ الْكَافِرُ الْقَضَاءَ بَيْنَ أَهْلِ دِينِهِ، وَهَذَا لَمْ تَجْرِ بِهِ عَادَةُ النَّاسِ3، بَلْ قَدْ يَقَعُ تَقْلِيدُ رِيَاسَةٍ وَزَعَامَةٍ، وَعَنْهُ: فِي الْخَمْرِ الْمَقْبُوضَةِ دُونَ ثَمَنِهَا يَدْفَعُهُ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ أَوْ وَارِثِهِ، بِخِلَافِ خِنْزِيرٍ لحرمة عينه.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 النسائي "7/111" الترمذي "2733".

2 في "ط""تقايضوا".

3 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".

ص: 351

وَإِنْ أَسْلَمَ الْوَارِثُ فَلَهُ الثَّمَنُ، قَالَهُ فِي الْمُسْتَوْعَبِ وَالْمُبْهِجِ وَالتَّرْغِيبِ، لِثُبُوتِهِ قَبْلَ إسْلَامِهِ، نَقَلَهُ أَبُو دَاوُد وَاحْتَجَّ بِهِ فِي الِانْتِصَارِ بِأَنَّهَا تُضْمَنُ وَأَنَّهَا مَالٌ لَهُمْ. قَالَ أَحْمَدُ: مَا يُعْجِبنِي الْحُكْمُ بَيْنَهُمْ فِي خَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ وَنَحْوِهِ، وَيَحْكُمُ فِي ثَمَنِهِ، وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ: يَسْتَحْلِفُهُمْ بِالْكَنِيسَةِ وَيَغْلُظُ عَلَيْهِمْ بِمَا يُعَظِّمُونَ بِهِ وَبِاَللَّهِ، وَإِذَا حَضَرَ عِنْدَهُ وَوَجَبَتْ الْيَمِينُ لَمْ يَجُزْ إرْسَالُهُ إلَيْهِمْ يُحَلِّفُونَهُ، وَإِنْ حَلَّفُوهُ ثُمَّ جَاءُوا قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ إلَيْهِ بِأَيْمَانِهِمْ أَجُزْأَهُ.

وَإِنْ تَبَايَعُوا بِرِبًا فِي سُوقِنَا مُنِعُوا، لِأَنَّهُ عَائِدٌ بِفَسَادِ نَقْدِنَا، وَكَذَا إنْ أَظْهَرُوا بَيْعَ مَأْكُولٍ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ، كَشِوَاءٍ، مُنِعُوا، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّمُوا الرَّمْيَ، وَظَاهِرُهُ: لَا فِي غَيْرِ سُوقِنَا، أَيْ إنْ اعْتَقَدُوا حِلَّهُ. وَفِي الِانْتِصَارِ لَوْ اعْتَقَدُوا بَيْعَ دِرْهَمٍ بِدِرْهَمَيْنِ يَتَخَرَّجُ أَنْ يُقَرُّوا عَلَى وَجْهٍ لَنَا.

وَمَنْ أَبَى بَذْلَ الْجِزْيَةِ أَوْ الصِّغَارَ قَالَهُ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ أَوْ الْتِزَامَ حُكْمِنَا، أَوْ قَاتَلَنَا، وَالْأَشْهَرُ: أَوْ لَحِقَ بِدَارِ حَرْبٍ مُقِيمًا بِهَا1. انْتَقَضَ عَهْدُهُ، وَإِنْ ذَكَرَ اللَّهَ أَوْ كِتَابَهُ أَوْ دِينَهُ أَوْ رَسُولَهُ بِسُوءٍ، أَوْ تَجَسَّسَ لِلْكُفَّارِ أَوْ آوَى جَاسُوسًا، أَوْ قَتَلَ مُسْلِمًا أَوْ فَتَنْهَ عَنْ دِينِهِ، أَوْ قَطَعَ عَلَيْهِ الطَّرِيقَ أَوْ زَنَى بِمُسْلِمَةٍ قَالَ شَيْخُنَا: وَلَوْ لَمْ يَثْبُتْ بِبَيِّنَةٍ بَلْ اُشْتُهِرَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ أَصَابَهَا بِنِكَاحٍ، فَنَصُّهُ: يَنْتَقِضُ، وَنَصُّهُ: إنْ سَحَرَهُ فآذاه في تصرفه أو قذفه

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".

ص: 352

فَلَا، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ فِيهِمَا رِوَايَتَيْنِ. وَفِي الْوَسِيلَةِ: إنْ لَمْ تَنْقُضْهُ فِي غَيْرِ الْأَرْبَعَةِ الْأُوَلِ وَشَرَطَ وَجْهَانِ، وَإِنْ أَبَى1 مَا مُنِعَ مِنْهُ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ فَهَلْ يَلْزَمُ تَرْكُهُ بِعَقْدِ الذِّمَّةِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ "م 10"، فَإِنْ لَزِمَ أَوْ شَرَطَ تَرْكَهُ فَفِي نَقْضِهِ وَجْهَانِ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَتَيْنِ "م 11" وَذَكَرَ أَيْضًا فِي مُنَاظَرَاتِهِ في

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

مَسْأَلَةٌ 10" قَوْلُهُ "وَإِنْ أَبَى مَا مَنَعَ مِنْهُ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ فَهَلْ يَلْزَمُ تَرْكُهُ بِعَقْدِ الذِّمَّةِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ" انْتَهَى.

يَعْنِي إذَا أَبَى تَرَكَ مَا مُنِعَ مِنْهُ مِنْ عَدَمِ إظْهَارِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَالصَّلِيبِ وَرَفْعِ الصَّوْتِ بِكِتَابَةٍ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَضَرْبَ النَّاقُوسِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ أَيْضًا وَنَحْوِ ذَلِكَ، عَلَى مَا يَأْتِي2 فِي نَقْلِ كَلَامِ صَاحِبِ الرِّعَايَةِ، فَهَلْ يَلْزَمُهُمْ تَرْكُهُ بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الذِّمَّةِ عَلَيْهِمْ، أَوْ لَا بُدَّ مِنْ شَرْطِهِ عَلَيْهِمْ؟ أُطْلِقَ الْخِلَافُ، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي، وَلَكِنَّ أَوَّلَ الْكَلَامِ لَيْسَ بِمُسْتَقِيمٍ. "أَحَدُهُمَا": يَلْزَمُهُمْ تَرْكُهُ بِمُجَرَّدِ عَقْدِهَا عَلَيْهِمْ.

"وَالْوَجْهُ الثَّانِي": لَا يَلْزَمُهُمْ إلَّا بِشَرْطِهِ عَلَيْهِمْ، وَهُوَ الصَّوَابُ.

"مَسْأَلَةٌ 11" قَوْلُهُ: "فَإِنْ لَزِمَ أَوْ شَرَطَ تَرْكَهُ فَفِي نَقْضِهِ وَجْهَانِ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَتَيْنِ" انْتَهَى. أَيْ فَفِي نَقْضِ الْعَهْدِ بِفِعْلِ ذَلِكَ وَجْهَانِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ.

"أَحَدُهُمَا" لَا يُنْتَقَضُ عَهْدُهُمْ بِفِعْلِ ذَلِكَ وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ الشَّارِحُ: هُوَ قَوْلُ غَيْرِ الْخِرَقِيِّ مِنْ أَصْحَابِنَا، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هَذَا اخْتِيَارُ الْأَكْثَرِ وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ3 وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمَا، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ.

1 في النسخ الخطية "أتى" والمثبت من "ط".

2 ص "354".

3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "10/506".

ص: 353

رَجْمِ يَهُودِيَّيْنِ زَنَيَا: يَحْتَمِلُ لِنَقْضِ الْعَهْدِ، وَيُنْتَقَضُ بِإِظْهَارِ مَا أُخِذَ عَلَيْهِمْ سَتْرُهُ مِمَّا هُوَ دَيْنٌ لَهُمْ فَكَيْفَ بِإِظْهَارِ مَا لَيْسَ بِدَيْنٍ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ الْخِلَافَ مَعَ الشَّرْطِ فَقَطْ.

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَغَيْرُهُ: يَلْزَمُ أَهْلَ الذِّمَّةِ مَا ذكر في شروط عمر1، وذكره2 ابْنُ رَزِينٍ، لَكِنْ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: مَنْ أَقَامَ مِنْ الرُّومِ فِي مَدَائِنِ الشَّامِ لَزِمَتْهُمْ هَذِهِ الشُّرُوطُ، شُرِطَتْ عَلَيْهِمْ أَمْ لَا؟ قَالَ: وَمَا عَدَا الشَّامَ فَقَالَ الْخِرَقِيُّ: إنْ شُرِطَ عَلَيْهِمْ فِي عَقْدِ الذِّمَّةِ انْتَقَضَ الْعَهْدُ بِمُخَالَفَتِهِ وَإِلَّا فَلَا، لِأَنَّهُ قَالَ: وَمَنْ نَقَضَ الْعَهْدَ بِمُخَالَفَةِ شَيْءٍ مِمَّا صُولِحُوا عَلَيْهِ حَلَّ مَالُهُ وَدَمُهُ، وَقَالَ شَيْخُنَا فِي نَصْرَانِيٍّ لَعَنَ مُسْلِمًا: تَجِبُ عُقُوبَتُهُ بِمَا يَرْدَعُهُ وَأَمْثَالَهُ عَنْ ذَلِكَ.

وَفِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ قَوْلٌ: يُقْتَلُ، لَكِنَّ الْمَعْرُوفَ فِي الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ، وَمَنْ نَقَضَهُ بِلُحُوقِهِ بِدَارِ حَرْبٍ فَكَأَسِيرٍ حَرْبِيٍّ، وَمَنْ

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

"وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يُنْتَقَضُ إنْ كَانَ مَشْرُوطًا عَلَيْهِمْ، وكذا الحكم لو لزم من غير شَرْطٍ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِ: وَإِنْ أَظْهَرَ خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا أَوْ صَلِيبًا أَوْ رَفَعَ صَوْتَهُ بِكِتَابَةٍ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ عِنْدَ مَوْتَاهُمْ أَوْ ضَرَبَ نَاقُوسًا بَيْنَ المسلمين أو علا 3بناءه عَلَّى3 بِنَاءَ جَارٍ مُسْلِمٍ أَوْ رَكِبَ الْخَيْلَ أَوْ حَدَّثَ فِي الْإِسْلَامِ بِيعَةً أَوْ كَنِيسَةً، أَوْ أَقَامَ بِالْحِجَازِ، أَوْ دَخَلَ الْحَرَمَ وَنَحْوَ ذَلِكَ عُزِّرَ، وَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِمْ تَرْكَ ذَلِكَ انْتَقَضَ عَهْدُ فَاعِلِهِ، وَقِيلَ: بَلْ يُعَزَّرُ، انْتَهَى.

1 تقدم تخريجه ص "331".

2 في "ط""كذا".

3 3 ليست في "ط".

ص: 354

نَقَضَهُ يُغَيِّرُهُ فَنَصُّهُ يُقْتَلُ، قِيلَ: يَتَعَيَّنُ قَتْلُهُ، وَالْأَشْهَرُ يُخَيَّرُ فِيهِ كَحَرْبِيٍّ "م 12" وَذَكَرَ1 أَبُو الْفَرَجِ أَنَّ مَا فِيهِ ضَرَرٌ عَلَيْنَا أَوْ ما في شروط عمر2 يَلْزَمُهُ تَرْكُهُ وَيُنْتَقَضُ بِفِعْلِهِ. وَيَحْرُمُ بِإِسْلَامِهِ قَتْلُهُ، ذكره جماعة. وفي المستوعب: رقه "وهـ ش" وَإِنْ رُقَّ ثُمَّ أَسْلَمَ بَقِيَ رِقُّهُ، وقيل: من

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

"مَسْأَلَةٌ 12" قَوْلُهُ: "وَإِنْ نَقَضَهُ بِغَيْرِهِ فَنَصُّهُ: يُقْتَلُ، قِيلَ: يَتَعَيَّنُ "قَتْلُهُ"3 وَالْأَشْهَرُ: يُخَيَّرُ فِيهِ كَحَرْبِيٍّ"، انتهى. يَعْنِي إذَا انْتَقَضَ الْعَهْدُ بِغَيْرِ اللُّحُوقِ بِدَارِ الْحَرْبِ. "أَحَدُهُمَا": يَتَعَيَّنُ قَتْلُهُ، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِمْ: وَهُوَ الْمَنْصُوصُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَغَيْرِهِ.

"وَالْقَوْلُ الثَّانِي": يُخَيَّرُ فِيهِ كَحَرْبِيٍّ، قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَهُوَ الْأَشْهَرُ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي4 وَالْمُقْنِعِ5 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ5 وَغَيْرِهِ "قُلْت": وَهُوَ الصَّحِيحُ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ.

"تَنْبِيهٌ" قَوْلُهُ "قِيلَ يَتَعَيَّنُ قَتْلُهُ وَالْأَشْهَرُ يُخَيَّرُ فِيهِ" هَذَانِ الْقَوْلَانِ تَفْسِيرٌ لِلنَّصِّ، هَذَا الَّذِي يَظْهَرُ لِي، أَوْ يَكُونُ قَوْلُهُ:"وَالْأَشْهَرُ يُخَيَّرُ فِيهِ" مُقَابِلٌ لِلنُّصُوصِ، وَهُوَ مُصْطَلَحُ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَكَلَامُهُمْ صَحِيحٌ فِي ذَلِكَ، لَكِنْ يَبْقَى قَوْلُ الْمُصَنِّفِ "قِيلَ يَتَعَيَّنُ قَتْلُهُ" مُفَسِّرٌ لِلنَّصِّ فَقَطْ، وَإِتْيَانُهُ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ نكتة، وتقدم معنى ذلك في المقدمة6.

1 في الأصل "وذكره".

2 تقدم تخريجه ص "331".

3 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".

4 "5/617".

5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "10/508 - 509".

6 "1/16".

ص: 355

نَقَضَ عَهْدَهُ بِغَيْرِ قِتَالِنَا1 أُلْحِقَ بِمَأْمَنِهِ، وَالْمُرَادُ بِتَحْرِيمِ الْقَتْلِ غَيْرُ السَّابِّ، وَأَنَّهُ فِيهِ الْخِلَافُ الَّذِي فِي الْمُرْتَدِّ، وَلِهَذَا اقْتَصَرَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى أَنَّ ساب النبي صلى الله عليه وسلم يقتل وَلَوْ أَسْلَمَ، وَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْبَنَّاءِ فِي الْخِصَالِ.

وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّهُ صَحِيحُ الْمَذْهَبِ، وَذَكَرَ مَا تَقَدَّمَ فِي قَذْفِ أُمِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَأَنَّ اقْتِصَارَ السَّامِرِيِّ عَلَى هَذَا مَعَ ذِكْرِهِ الْخِلَافَ فِي تَوْبَةِ الْمُسْلِمِ السَّابِّ فِيهِ خَلَلٌ، لِأَنَّهُ ذَكَرَ مَا فِي الْإِرْشَادِ2 وَالْهِدَايَةِ، وَأَنَّ عَكْسَ هَذِهِ رِوَايَةٌ تَقَدَّمَتْ، ذكرها جماعة، وأنه قَدْ تَوَجَّهَ بِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ وَقَعَ3 غَلَطًا مِنْ الْمُسْلِمِ لَا اعْتِقَادًا لَهُ، وَتَقَدَّمَ حَدُّ الزِّنَا وَتَقَدَّمَ حُكْمُ مَالِهِ.

وَفِي الْخِلَافِ فِيمَنْ انْتَقَضَ عَهْدُهُ وَتَابَ أَنَّهُ يُخَيَّرُ فِيهِ كَالْأَسِيرِ، وَحُمِلَ كَلَامُ أَحْمَدَ أَنَّهُ يُقْتَلُ إنْ الْإِمَامُ رَآهُ مَصْلَحَةً3، ثُمَّ ذَكَرَ الْوَجْهَيْنِ فِي مَالِهِ، وَإِنَّ سَابَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُقْتَلُ لِأَنَّهُ قَذْفٌ لِمَيِّتٍ فَلَا يَسْقُطُ بِتَوْبَةٍ.

وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ كَلَامَ الْقَاضِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ ثَابَ بِغَيْرِ الْإِسْلَامِ، لِأَنَّهُ لَوْ 4نَقَضَ الْعَهْدَ4 بِغَيْرِ السَّبِّ ثُمَّ أَسْلَمَ لَمْ يُخَيَّرْ فِيهِ. وَفِي الرِّعَايَةِ فِيمَا إذَا قُتِلَ مَالُهُ فَيْءٌ إذَنْ، وَعَنْهُ إرْثٌ، فَإِذَنْ إنْ تَابَ قَبْلَ قَتْلِهِ دُفِعَ إلَيْهِ، وَإِنْ مَاتَ فَلِوَارِثِهِ،

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 في الأصل "ما لنا".

2 ص "521".

3 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".

4 4 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".

ص: 356

وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّ أَحْمَدَ قَالَ فِي ذِمِّيٍّ فَجَرَ بِمُسْلِمَةٍ: يُقْتَلُ قِيلَ لَهُ: فَإِنْ أَسْلَمَ؟ قَالَ: يُقْتَلُ، هَذَا قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ، وَأَنَّ عَلَى قَوْلِنَا يُخَيَّرُ الْإِمَامُ فِيهِ تُشْرَعُ اسْتِتَابَتُهُ بِالْعَوْدِ إلَى الذِّمَّةِ، لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِهَا جَائِزٌ بَعْدَ هَذَا لَكِنْ لَا تَجِبُ هَذِهِ الِاسْتِتَابَةُ رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَإِنْ أَوْجَبْنَاهَا بِالْإِسْلَامِ عَلَى رِوَايَةٍ، وَأَنَّ عَلَى رِوَايَةٍ ذَكَرَهَا الْخَابِيُّ يَسْقُطُ الْقَتْلُ بِإِسْلَامِ الذِّمِّيِّ مَعَ أَنَّهُ لَا يُسْتَتَابُ كَأَسِيرٍ حَرْبِيٍّ.

وَأَمَّا الْمُسْلِمُ فَإِنَّهُ إذَا قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ اُسْتُتِيبَ، وَمَعَ هَذَا فَمَنْ يَقْبَلُهَا قَدْ يُجَوِّزُهَا وَلَا يُوجِبُهَا، لَكِنَّ الْمَنْصُوصَ عَنْ أَصْحَابِ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّهُ لَا يُقَالُ لَهُ أَسْلَمَ فَإِنْ أَسْلَمَ لَمْ يُقْتَلْ1، وَحُكِيَ عَنْهُ أَنَّ الْمُسْلِمَ يُسْتَتَابُ وَتُقْبَلُ تَوْبَتُهُ، وَخَرَجَ عَنْهُ فِي الذِّمِّيِّ يُسْتَتَابُ، وَهُوَ بَعِيدٌ. وَقَالَ شَيْخُنَا فِيمَنْ قَهَرَ مُسْلِمِينَ وَنَقَلَهُمْ إلَى دَارِ حَرْبٍ: ظَاهِرُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ يُقْتَلُ بَعْدَ إسْلَامِهِ، وَأَنَّهُ أَشْبَهَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، كَالْمُحَارَبِ.

وَلَا يُنْتَقَضُ عَهْدُ ذُرِّيَّتِهِ كَنِسَائِهِ، سَوَاءٌ2 لَحِقُوا بِدَارُ حَرْبٍ أَوْ لَا، لِأَنَّهُمْ لَمْ يَنْقُضُوا الْعَهْدَ، نَقَلَهُ عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ. وَفِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: بَلَى، كَحَادِثٍ بَعْدَ نَقْضِهِ بِدَارِ حَرْبٍ. 3نَقَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَلَمْ يُقَيِّدْهُ فِي الْفُصُولِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمَا بدار حرب3، وفي

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 في الأصل "يقبل".

2 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".

3 3ليست في الأصل.

ص: 357

الْعُمْدَةِ: يُنْتَقَضُ فِي ذُرِّيَّتِهِ إنْ أَلْحَقَهُمْ بِدَارِ حَرْبٍ.

وَمَنْ عَلِمَ مِنْهُمْ بِنَقْضِهِ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ فَفِيهِ وَجْهَانِ "م 13"، وَيُنْتَقَضُ فِي هُدْنَةٍ فِي ذُرِّيَّتِهِ وَعَهْدُ مَنْ لَمْ يُنْكِرْ أَوْ لَمْ يَعْتَزِلْ عَنْهُ، أَوْ لَمْ يُخْبِرْ الْإِمَامَ. ثُمَّ إذَا أَعْلَمُوا الْإِمَامَ أَقَرَّهُمْ بِتَسْلِيمِ النَّاقِضِ أَوْ تَمْيِيزِهِمْ عَنْهُمْ، فَإِنْ أَبَى الْقَادِرُ انْتَقَضَ وَإِلَّا فَكَأَسِيرٍ.

وَمَنْ أُسِرَ مِنْهُمْ فَادَّعَى أَنَّهُ مِمَّنْ لَمْ يَنْقُضْ وَأَشْكَلَ صُدِّقَ، وَمَنْ جَاءَنَا بِأَمَانٍ فَحَصَلَ لَهُ ذُرِّيَّةٌ ثُمَّ نَقَضَ الْعَهْدَ فَكَذِمِّيٍّ، ذَكَرَهُ فِي الْمُنْتَخَبِ.

وَيُمْنَعُ مِنْ شِرَاءِ الْمُصْحَفِ، وَلَا يَصِحُّ. وَفِي الْمُغْنِي1 وَغَيْرِهِ: وَحَدِيثٍ وَفِقْهٍ، وَقِيلَ: فِيهِمَا وَجْهَانِ، وَاقْتَصَرَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ عَلَى الْمُصْحَفِ وَسُنَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَكَرِهَ أَحْمَدُ بَيْعَهُ ثَوْبًا مَكْتُوبًا فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ وَتَعْلِيمُ الْقُرْآنِ، لَا الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

وَتَخْرُجُ نَصْرَانِيَّةٌ لِشِرَاءِ زُنَّارِهَا وَلَا يَشْتَرِيه مُسْلِمٌ لَهَا. والله سبحانه أعلم.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

مَسْأَلَةٌ 13" قَوْلُهُ: "وَمَنْ عُلِمَ مِنْهُمْ بِنَقْضِهِ وَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ فَفِيهِ وَجْهَانِ"، انْتَهَى.

"أَحَدُهُمَا" يُنْتَقَضُ عَهْدُهُ أَيْضًا، كَالْهُدْنَةِ، جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَقَدَّمَهُ فِي الْكُبْرَى.

"وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يُنْتَقَضُ.

فَهَذِهِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ.

1 "13/251".

ص: 358