الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6 - الوكالة لإثنين:
إذا وكّل وكيلين في تصرّف، فهل للواحد منهما أن يتصرّف فيما وُكِّلا فيه منفرداًَ عن الآخر؟
فإن كان قد نصّ في الوكالة على أن لكِّل منهما أن يتصرّف دون الآخر صحّ له ذلك، وكذلك إذا كان توكيلهما على التعاقب أو على انفراد، ولم يكن بلفظ واحد، جاز لكلٍّ منهما أن يتصرّف دون أن يرجع إلى صاحبه.
وإن كان التوكيل بلفظ واحد ينظر:
فإن كان يتعلق بأمر فيه بدل مالي، كالبيع والشراء وقبض الدَّيْن والنكاح والطلاق على مال، لم ينفرد أحدهما عن الآخر، ولو تصرّف توقف تصرّفه على إجازة الآخر، لأن هذه التصرفات تحتاج الى مزيد من الرأي، والموكِّل رضى برأيهما ولم يرضَ برأي أحدهما، واجتماعهما ممكن، فلا ينفذ تصرّف أحدهما دون الرجوع الى الآخر، لأن الموكّل لم يأذن به.
وإن كان التصرّف لا يتعلق بأمرٍ فيه بدل مالي، كالطلاق على غير مال وتسليم الهبة وقضاء الدَّيْن ونحو ذلك، فلكل واحد منهما أن ينفرد بالتصرّف، لأن هذه التصرفات لا تحتاج الى مزيد نظر ورأي، فتكون إضافة التوكيل إليهما تفويضاً بالتصرّف إلى كل واحد منهما على انفراده. وكذلك التوكيل بالخصومة لاثنين، لأن القصد منها إعلام القاضي بحق الموكِّل والمرافعة أمامه، وقد يكون في حضورهما معاً إخلال بذلك.
7 - اختلاف الموكِّل مع الوكيل:
قد يختلف الموكِّل مع الوكيل في بعض الأمور، فما هو الحكم عند الاختلاف؟ وأبرز هذه الأمور الاحوال التالية:
أ-الاختلاف في تلف ما في يد الوكيل:
علمنا أن الوكيل أمين، وأنه لا يضمن ما تلف في يده إلا إذا فرّط أو تعدّى. فإذا ادّعى الوكيل أنه تلف في يده ما وكّله ببيعه مثلاً، أو الثمن الذي وكّله بالشراء به، أو الثمن الذي قبضه له ونحو ذلك، فكذّبه الموكِّل بدعواه وقال: لم يتلف
شئ في يدك، فيصدَّق الوكيل بدعواه مع يمينه، لأنه أمين، والأصل عدم تضمينه، والتلف مما يتعذر إقامة البيِّنة عليه فلا يكلّف بها.
إلا إذا ادّعى أن التلف حصل بأمر ظاهر لا يخفى، كحريق أو غرق أو نهب، فيكلّف إقامة البيّنة على هذا الأمر، لأنه ليس مما يتعذّر إقامة البيّنة عليه، فإن لم يقم بيِّنة على ذلك كان ضامناً لما كان في يده.
ب- الاختلاف في التعدِّي أو التفريط:
إذا توافق الموكِّل والوكيل في دعوى التلف، ولكن اختلفا في التعدِّي وعدمه، كأن يدّعى الموكِّل مخالفة الوكيل شروطه، أو التقصير في الحفظ، أو الاستعمال لنفسه ونحو ذلك، مما يُعتبر تعدّياً من الوكيل أو تقصيراً منه، والوكيل ينكر ذلك ويدّعي أنه ما تعدّى ولا قصّر، فالمعتبر قول الوكيل مع يمينه، لأن الموكِّل يدّعى عليه الضمان وهو ينكره، والقول دائماً قول المنكر مع يمينه، فإذا حلف فلا ضمان عليه.
ج- الاختلاف في التصرف:
كأن يدّعي الوكيل أنه باع ما وُكِّل ببيعه وينكر الموكِّل البيع، أو يقول الوكيل: بعتُ وقبضتُ الثمن وتلف، ويقول الموكّل: بعتَ ولم تقبض الثمن. فالقول - أيضاً - قول الوكيل مع يمينه، لأنه يملك التصرّف بالبيع والقبض بالإذن، ومَن ملك تصرفاً ملك الإقرار به.
د- الاختلاف في الردّ:
أي ادّعى الوكيل أنه ردّ ما في يده من حقوق الموكِّل إليه، كما لو ادّعى ردّ العين التي وكَّله ببيعها، أو ردّ الثمن الذي باع به، وأنكر الموكِّل ذلك:
- فإن كانت الوكالة بغير جُعْل فالقول قول الوكيل بغير جعل فالقول قول الوكيل بيمينه، لأن قبضه للمال كان لصالح مالكه، فيُقبل قوله في ردّه.
- وإن كانت الوكالة بجُعْل: فوجهان: قيل: لا يقبل قوله، لأن قبضه للمال كان لصالح نفسه، وقيل: يُقبل قوله، لأن منفعته كانت بعمله لا بقبضه لمال الموكِّل، وهذا القول هو الأرجح.
هـ- الاختلاف في التوكيل:
إذا اختلف الوكيل مع الموكِّل في أصل الوكالة، فقال: وكّلتني بكذا، وقال الأصيل: لم أُوكِّلك:
- فإن كان قبل التصرّف: فلا خصومة، أي يُرَدُّ ترافعهما أمام القضاء، إذ لا فائدة من ذلك، لأن إنكار الموكِّل في هذه الحالة الوكالة عزل للوكيل لو حصل التوكيل.
- وإن كان بعد التصرّف: فالقول قول الموكِّل بيمينه، لأن الأصل عدم الإذن وعدم التوكيل، والوكَّيل يدّعيه والموكِّل ينكره، والمعتبر - كما علمنا - قول المنكِر بيمينه.
وتسمية الطرفين هنا وكيلاً وموكِّلاً مجاز، حسب دعوى مدّعي التوكيل.
والاختلاف في صفة الوكالة:
إذا توافق الموكِّل والوكيل على الوكالة، ولكن اختلفا في صفتها، كأن قال الوكيل مثلاً: وكّلتني بالبيع إلى أجل، وقال الموكِّل: بل نقداً، أو قال الوكيل: وكّلتني أن أشتري لك كذا بألف، فقال الموكّل: بل بخمسمائة، أو قال الوكيل: وكّلتني بشراء سيارة، فقال الموكِّل: بل بشراء دار، وهكذا.
فالقول قول الموكِّل مع يمينه، لأنه أعرف بحال الإذن الصادر منه، وأعلم بالعبارة التي نطق بها.