الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب المرتد، باب: من قال في المرتد يستتاب مكانه فإن تاب والا قتل: 8/ 206. وذكر البخاري جزءا منه تعليقا في صحيحه: الكفالة، باب: الكفالة في القرض والديون بالأبدان وغيرها).
[إحنة: حقد او بغض. استطرقت: أتيتُ ليلاً. بغلس: الغلس ظلمة آخر الليل. كففت فرسي: منعته عن الجري. تواطؤوا: توافقوا واجتمعوا في قولهم. فجز: فقطع. ثؤلول كفر: الثؤلول هو ما يخرج على الجلد من حَبّات زائدة عنه، فشبّه به لشذوذه وخروجه عن الاستقامة. أطلع رأسه: أظهر كفره. فاحسمه: فاقطعه واقطع به دابر الشرّ].
وقد يستأنس لها بقوله تعالى على لسان يعقوب عليه السلام: (لن ارسله معكم حتى تُؤُْتوني مَوْثقاً مِنَ الله لتأتُينَّي به)(يوسف: 66).
2 -
والكفالة بالبدن قد تكون كفالة ببدن مَن عليه مال، وقد تكون كفالة ببدن مَن عليه عقوبة.
أما كفالة بدن مَن عليه مال: فهي صحيحة مطلقاً إذا كانت تكفّلاً بإحضار مَنْ عليه مال، سواء أعلم بمقدار المال ام لا، لأنه تكفّل بالبدن ولم يتكفل بالمال، ولهذا لا يُطالَب بالمال، وإنما يطالب بإحضار المكفول، وإنما يشترط أن يكون المال الذي في ذمّة المكفول مما يصحّ ضمانه على ما علمت عند الكلام عن المكفول به.
وأما
كفالة بدن مَن عليه عقوبة:
فيُنظر:
فإن كانت العقوبة حقاً لآدمي، كقصاص وحدّ قذف - فإنهما حق للآدمي، لأن القصاص بدل النفس وحدّ القذف لدفع العار عنه - فإنها صحيحة، لأنها كفالة بحق لازم، فأشبهت الكفالة بالمال.
وإن كانت العقوبة حقاً لله تعالى، كحدّ الخمر والسرقة والزنا، فلا تصحّ، لأن الحدود مبناها على الدرء - أي الدفع - والإسقاط، طالما أنها حقوق لله تعالى، فالمطلوب منّا سترها والسعي في دفعها ما أمكن، وقطع الوسائل المؤدية إليها، والكفالة بها إظهار لها وسعي في تأكيدها وتوسيعها فلا تصحّ.
3 -
أحكام أُخرى تتعلق بالكفالة بالبدن، منها:
1= مكان تسليم المكفول ووقته: فإذا شرط الكفيل وقتاً معيناً لتسليم المكفول لزمه احضاره فيه اذا طالب المكفول له بإحضاره، وفاء بما التزمه، فإذا احضره فقد وفى ما عليه، وان لم يحضره حبسه الحاكم لامتناعه عن إيفاء ما استحق عليه.
فإن غاب المكفول - وجهل الكفيل مكانه - لم يلزمه إحضاره، لعذره في ذلك، ويقبل قوله في دعوى جهالة مكانه بيمينه.
وإن علم مكانه لزمه إحضاره، إن أمِنَ على نفسه في الطريق وغلبت السلامة، ويُمهل مدة الذهاب والإياب حسب العادة والإمكان.
فإن مضت المدة التي أمهله إياها ولم يحضر المكفول حبسه ايضاً إلا إذا أدّى ما على المكفول من الدَّيْن، لأنه مقصِّر في تسليم ما وجب عليه تسليمه وهو المكفول.
وإذا حبسه استمر بحبسه إلى أن يتعذر إحضار الغائب، بموت أو جهل بموضعه أو بإقامته عند مَن يحميه ويمنعه من أن يصل إليه أحد.
وإذا أدى الدين حتى لا يُحبس، ثم جاء الغائب المكفول، كان له استرداد ما أدّاه إن كان باقياً على حاله، أو بدله إن كان قد استهلك، لأنه ليس متبرعاً بأدائه، هذا من حيث الزمان.
وأما من حيث مكان التسليم: فإن كان الكفيل قد عَيَّن مكاناً لتسليم المكفول تعيّن إن كان صالحاً للتسليم، تبعاً لشرطه، فإن لم يكن صالحا لذلك، أو كان له مؤونة حُمل على اقرب مكان اليه، ويشترط في هذا إذن المكفول، فإن لم يأذن فسدت، وإذا لم يعيّن مكاناً للتسليم فمكانه مكان الكفالة إن كان صالحاً لذلك، وإن لم يكن صالحاً تعيَّن أقرب مكان لمكان الكفالة يصلح لهذا.
2 -
يبرأ الكفيل إذا سلم المكفول في مكان التسليم على ما علمت، ويُشترط أن لا يكون هناك حائل يمنع المكفول له من الوصول الى حقه، لقيام الكفيل بما التزمه، فإذا سلّمه في موضع التسليم، وكان هناك حائل يمنعه من الوصول الى حقه، كذى منعة يمنعه منه، فلا يبرأ الكفيل، لعدم حصول المقصود بتسليمه.
فإذا سلّمه في غير مكان التسليم، ولم يرضَ المكفول له ان يتسلمه، فلا يجبر على استلامه اذا امتنع لغرض، كأن يكون له في مكان التسليم بيِّنة أو مَن يعينه على الوصول إلى حقه فإن لم يكن له غرض في امتناعه أجبره الحاكم على استلامه، فإن أبى استلمه عنه، فإن فقد الحاكم اشهد الكفيل على تسليمه له، وبرئ.
وكما يبرأ الكفيل إذا سلم المكفول بالشروط السابقة يبرأ أيضاً إذا سلم المكفول نفسه، فإن أبى استلامه أجبر على ذلك على ما سبق من تفصيل في تسليم الكفيل له. ولا يكفي مجرد حضور المكفول، بل لا بدّ من أن يقول: سّلمت نفسي عن فلان.
3= ويبرأ الكفيل فيما إذا مات المكفول ودُفن، أو توارى ولم يعرف محله، ولا يُطالب بما عليه من حق، لأنه التزم إحضار المكفول، ولم يضمن ما عليه من حقوق.
4= لو شرط في الكفالة بالنفس: أنه إن عجز الكفيل عن إحضار المكفول ضمن ما عليه من الحق بطلت الكفالة على الاصح. لأنه شرط ينافي مقتضى الكفالة بالنفس، لأن مقتضاها عدم الغرم بالمال، لأنها ليست ضماناً بالمال.
5= يبرأ الكفيل من المطالبة بإحضار المكفول اذا أبرأه المكفول له من ذلك، لأنه ملتزم بإحضره لحق المكفول له، وقد تنازل عن حقه، فلا مطالبة.
6= يشترط في الكفالة بالنفس رضا المكفول على الأصح، لأن الكفيل فيها لا
يغرم المال عند العجز، فلا فائدة لها إذن إلا احضار المكفول ولا يلزمه الحضور مع الكفيل إذا لم يكن راضياً بكفالته له.
والأصح أنه لا يشترط رضا المكفول له، لأنها وثيقة له فتصحّ من غير رضاه كالشهادة، وكذلك هي التزام حق له من غير عوض يدفعه، فلا يعتبر رضاه فيها.