الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإن اعاره للزراعة: ثم رجع المعير عن الإعارة قبل ان يدرك الزرع: فالصحيح ان للمستعير ان يبقيه الى ان يدرك ان كان ينقص قيمته بالقلع قبله، لأنه مال محترم، وله امد يدرك فيه بالعادة فينتظر، وللمعير اجرة المثل في هذه الحال على الصحيح.
ولا فرق في هذا بين ان تكون الإعارة مطلقة او مقيدة بمدة، الا انه في حال التقييد بمدة: اذا لم يدرك الزرع قبل انتهائها، لتقصير المستعير: كأن يتأخر بالزراعة، او يكون هناك مانع منها من ثلج او سيل ونحو ذلك، ثم يزرع في الأرض بعد زوال المانع ما لا يدرك غابا في المدة المتبقية، او يزرع غير ما استعار من اجله مما يبطئ اكثر منه، ففي هذه الحالات: للمعير ان يجبر المستعير على قلع الزرع وتسوية الأرض، وان نقص بسبب ذلك، لأنه متعد وظالم بفعله، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"ليس لعرق ظالم حق"(اخرجه ابو داود في الخراج والامارة والفئ، باب: في احياء الموات، رقم: 3073، والترمذي في الأحكام، باب: احياء ارض الموات، رقم: 1378).
5 - كيفية رد العين المستعارة:
يكون رد العين المستعارة الى المعير بحسب الشئ المستعار عرفا وعادة: فالأشياء المنقولة لابد من نقلها وتسليمها للمعير، ولاسيما اذا كانت نفيسة، فيختلف التسليم باختلاف نفاستها، كالجواهر والمعادن الثمينة، فربما اشترط تسليمها ليد المعير بنفسه، وربما اكتفى بردها الى منزله وتسليمها الى من ينوب منابه في قبضها، كالأوعية ونحوها.
واذا كانت العين المستعارة غير منقولة، كالأرض والدور ونحو ذلك، كفى فيها التخلية وازالة الموانع من استلامها والانتفاع منها.
6 - الاختلاف بين المعير والمستعير:
قد يختلف المعير مع المستعير في أُمور، من ذلك:
أ- الاختلاف في الرد: كأن يدعي المستعير انه رد العين على المعير، وينكر المعير ذلك ويقول: لم تردها على، فيُحلّف المعير على قوله ويصدّق
بيمينه، لأنه المنكر، والقاعدة في هذا: أّن البيَّنة - أي الشهود - على المدعي واليمين على من انكر. لأن الأصل عدم الرد اذ ثبت كون العارية في يد المستعير، فالأصل انها لا تزال في يده، فالمعير متمسك بالأصل بقوله، والقول المصدق هو قول من يتمسك بالأصل.
ب- الاختلاف في حال التلف: لو تلفت العين المستعارة، وادعى المستعير انها تلفت بالاستعمال المأذون فيه، وانكر المعير ذلك وقال: بل تلفت بغير الاستعمال، او باستعمال غير مأذون فيه، يصدق هنا المستعير بيمينه، لأنه من الصعب عليه ان يقيم بينة على قوله، اذ ليس من العادة ان يستعمل المستعار على ملأ من الناس حتى يشهدهم على التلف. ولأن الأصل براءة ذمته من الضمان، والمعير هنا يدعي الضمان وهو ينكره تمسكا بالأصل، والقول قول المنكر والمتمسك بالأصل بيمينه كما علمت، فيحلف المستعير على قوله ويبرأ من الضمان.
ج- الاختلاف في اصل العقد: كأن يدعي المالك الإجارة، ويدعي المنتفع الاستعارة. او ان يقول المنتفع: اعرتني، ويقول المالك: بل غصبته مني. فالأصح انه يصدق المالك بيمينه. فيحلف انه ما اعاره وانما اجره، او يحلف انه ما اعاره وانما غصب منه.
وانما كان القوم قول المالك لأن الأصل ان لا يأذن بالانتفاع فيما يملك الا بمقابل. فإذا حلف استحق اجرة المثل ان مضت مدة لها اجرة. فاذا كانت العين قائمة ردها، وان تلفت قبل الرد ضمنها المنتفع في دعوى الغصب. فإن كان ما يدعيه المالك من التضمين اكثر مما يدعيه المنتفع حلف المالك على الزيادة. وبيان ذلك ان العارية تضمن بقيمتها يوم التلف، والمغصوب يضمن بأعلى قيمه من يوم الغصب الى يوم التلف، فإذا كانت القيمة متساوية فقد اتفقا، والا حلف المالك على الزيادة، لأنهما لم يتفقا عليها.