الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وترد العين المغصوبة إلى مكان غصبها، وكلفة الرد ونفقته إنما كون على الغاصب، لأن الردّ واجب عليه، وإذا كان لا يتم إلا بالنفقة كانت النفقة واجبة، إذ ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، كما هو معلوم.
وإنما يحصل الردّ في العين المغصوبة بوضعها بين يَدَيْ من غُصبت منه، بحيث يتمكن من أخذها وإثبات يده عليها، ويخرج عن الغصب في الحقوق الأُخرى بتمكين صاحب الحق مما غصب منه، وإزالة الموانع من إثبات يده عليه والاستفادة منه.
وإذا حصل الرد للمغصوب خرج الغاصب من حكم الغصب وبرئ من الضمان.
3 - ضمان المغصوب
إذا تلف في يد الغاصب:
إذا تلف المغصوب في يد الغاصب ضمنه، سواء أتلفه هو أم تلف بنفسه أو بآفة سماوية أو غير ذلك، لأنه متعدٍّ في إثبات يده عليه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"على اليد ما أخذت حتى تؤدِّيه". وهذا صريح في أنه مسؤول عن أداء ما أثبت يده عليه وردّه، فإذا عجز عن ردّه لهلاكه كان ضامناً له، وعليه أن يردّ بدله من مثل أو قيمة.
كيفية ضمان المغصوب:
إذا تلف المغصوب في يد الغاصب كان عليه أن يرد بدلاً عنه ما هو أقرب إليه وأشبه به:
فإن كان مثلياً وجب عليه ردّ المثل، لقوله تعالى:"وإن عاقبْتُم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به"(النحل: 126) أي بمثل ما وقع عليكم من الفعل الذي يستحق العقاب.
والمثلى من الأعيان: هو ما يوجد له في الأسواق مثيل لا يتفاوت عنه تفاوتاً يُلتفت إليه، والمثليات في هذه الأزمان كثيرة، لاسيما المصنوعات، لأنها تُصنع بآلة واحدة، ومن المثليات ما يُباع كيلاً كالزيت ونحوه، أو وزناً كالسكر ونحوه، وكذلك العدديات المتقاربة كالبيض والجوز، والذرعيات، وهي ما يباع بالذرع بالمقاييس المتعارفة كالثياب ونحوها، إذا كانت من نوع واحد.
فإذا كان المغصوب قيمياً، وهو ما لا مثيل له على النحو السابق، أو كان مثلياً ولكن تعذّر ردّ المثل، وجب ردّ القيمة بدلاً عن المغصوب نفسه، الذي وجب ردّه بذاه ما دام قائماً، دفعاً للضرر ما أمكن عن المغصوب منه.
ومن الاشياء القيمية الحيوانات، فكل واحد منها من نوعه يختلف عن الآخر في قيمته، لاختلاف الصفات المميزة له عن غيره.
وكذلك السيارات والدور وغيرها من الأمتعة التي تختلف قيمتها باختلاف مزاياها وصفاتها.
وإنما يتعذّر ردّ المثل في المثليات: إذا انقطع المثل من الأسواق، فلم يوجد بعد البحث عنه والسعي لتحصيله، أو وجد بثمن يزيد زيادة فاحشة عن مثله عادة، فلا يكلّف شراءه في هذه الحالة، وإنما يتوجب عليه ردّ القيمة.
القيمة الواجب ردّها:
إذا حكِم على الغاصب بقيمة المغصوب، لكونه قيمياً أو لتعذّر المثل، فما هي القيمة المقدّرة؟ والجواب:
- إذا كان المغصوب مثليا: وجب ردّ أقصى قيمة له من يوم الغصب إلى يوم تعذّر وجوده، إن كان موجوداً وقت التلف، فإن كان مفقوداً يوم التلف وجب ردّ أقصى قيمة له من يوم الغصب إلى يوم التلف.
- وإن كان قيمياً: وجب ردّ أقصى قيمة له من وقت الغصب إلى وقت التلف. فلو كان عند الغصب قيمته الفاً، ونزل سعره بعد ذلك، وجب الألف.
ولو كان عند الغصب خمسمائة، وارتفع في يوم من الأيام إلى ألف، ثم نزل الى سبعمائة، وجب الألف ايضاً، وهكذا.