الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أركان عقد الإعارة
للإعارة أركان اربعة، وهي: المُعير، والمستعير، والصيغة، والشئ المستعار، ولكلٍّ منها شروط، واليك بيانها:
1 -
المعير:
وهو الذي يبيح لغيره الانتفاع بالعين التي في حوزته، ويشترط فيه:
أ- أن يكون مالكاً للمنفعة في العين المُعارة، سواء أكان يملك العين ام لا يملكها، كالمستأجر - مثلا- والموصى له او الموقوفة عليه، فكل منهم له ان يعير العين المستأجر لها او الموصي له بمنفعتها او الموقوفة عليه، لأنه يملك منفعتها، والإعارة ترد على المنفعة لا على العين، ولذا ليس للمستعير ان يعير العين التي استعارها، لأنه لا يملك منفعتها، وانما ابيح له الانتفاع بها.
ب- أن يكون ممن يصح تبرعه، فلا تصح الإعارة من الصبي ولا من المجنون، كما لا تصحّ من المحجور عليه بسفه أو فلس اذا كانت المنفعة تقابل بعوَض، وذلك لأن الإعارة تبّرع بالمنفعة، وهؤلاء ليسوا من اهل التبرع.
ج- أن يكون مختاراً، فلا تصحّ الإعارة من مُكرَه عليها، لأن المنفعة المبذولة مال، لأنها تقابل بعوض، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"لا يحلّ مال امرئ مسلم الا عن طيب نفس"(اخرجه الدارقطني في البيوع، الحديث: 91).
2 -
المستعير:
وهو الذي أُبيح له الانتفاع بالعين المُعارة، ويشترط فيه شرطان:
أ - ان يكون أهلا للتبرع عليه بعقد، أي تصحّ عبارته شرعا ويعتدّ بها وهو البالغ
العاقل، فلا تصحّ الإعارة لصبي او مجنون، لأن كلاٍّ منهما لا يعتبر قوله شرعا، فإذا احتيج الى اعارتهما تولى ذلك عنهما وليُّهما.
ب- ان يكون معيّناً، فلو قال لإثنين: أعرتُ احدكما كتابي، او قال لجماعة: اعرت احدكم كتابي، لم تصحّ الإعارة، لأن المستعير غير معين.
3 -
صيغة عقد العاريَّة:
وهي العبارة التي تدل على هذا العقد من الإيجاب والقبول، ولا يُشترط اللفظ من المعير والمستعير، بل يكفي اللفظ من أحدهما والفعل من الآخر، بما يدل على إذن مالك المنفعة بإباحتها لغيره، فلو قال المالك: خذ هذا الكتاب واقرأ به، او: اعرتك هذا الكتاب، فاستلمه المستعير، صحّت الإعارة، وكذلك لو قال المستعير: اعرني كذا، فسلّمه اليه المالك، صحّ العقد.
ولابد فيها من اللفظ من احد المتعاقدين، فلو اخذ المستعير المتاع دون كلام، وسكت المعير، لم تصح الإعارة، ولم يترتب عليها إباحة الانتفاع للمتسعير.
ولا يشترط التتابع بين طرفي الصيغة، فلو قال: اعرني كذا، ودفعه اليه بعد زمن، صح ذلك، ما لم يوجد ما يدل على الرجوع من المعير او الرد من المستعير.
وتصح الإعارة مطلقة عن الوقت والشرط، كما تصح معلقة على شرط ومقيدة بوقت، كما لو قال له: اعرتك داري هذه لتسكنها سنة، او ان خرج منها فلان الذي يسكنها، وذلك لأن الاعارة ليست بعقد تمليك حتى لا تقبل التعليق والتوقيت، وانما هي اباحة انتفاع كما علمت.
4 -
المستعار:
وهو العين التي تُباح منفعتها للمتسعير، ويشترط فيها:
أ - ان تكون منفعتها ملْكاً للمُعير كما علمت، فلا تصحّ اعارة المستعير لغير.
ب- ان تكون يمكن الانتفاع بها، فلا تصحّ اعارة ثياب لا تقي من حرٍّ ولا برد او لا تستر عورة، كما لا تصح اعارة دابّة مريضة مرضاً مزمناً للركوب، وكذلك
سيارة لا محرّك فيها، لأن عقد العاريَّة يرد على المنفعة، ولا منفعة في مثل ذلك، فيكون عقدا على غير معقود عليه.
ولا يشترط وجود النفع عند العقد على الصحيح، فلو اعاره مهرا صغيرا للركوب صح ذلك، ان كانت الاعارة مطلقة، او مقيدة بزمن يمكن ان يصبح المهر فيه صالحا للركوب. وكذلك لو اعاره ثوبا غير صالح للبس ولكن يمكن اصلاحه، ونحو ذلك.
ج- ان يكون الانتفاع بها مباحا شرعا، فلا تصح اعارة آلات اللهو، ولا اعارة حلي لامرأة تتزين به امام الأجانب، ولا اناء ليصنع فيه خمر، او سكين ليذبح بها خنزير للأكل، او سلاح لمن يعتدي به على معصوم الدم، ونحو ذلك، لأن، مثل هذا الانتفاع حرام وممنوع شرعاً.
د- ان يكون الانتفاع بها لا ينقص عينها، كالثياب والدور والأواني ونحو ذلك. فإذا كان الانتفاع بها ينقصها لم تصح اعارتها، وعليه: فلا اعارة لشمعة ليستضاء بها، او صابون للتنظيف ونحو ذلك، لأن الانتفاع بها يكون باستهلاكها وتلف عينها شيئا فشيئا.