المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌حكمة تشريع الوكالة: إن الله تعالى خلق الناس متفاوتين في المواهب - الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي - جـ ٧

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء السابع

- ‌المقدمة

- ‌الباب الأولالشفعة

- ‌حكمة المشروعية:

- ‌أركان الشفعة:

- ‌شروط الأخذ بالشفعة:

- ‌أحكام الشفعة:

- ‌الباب الثانيالمساقاة والمزارعة والمخابرة

- ‌وصف عقد المساقاة:

- ‌انتهاء المساقاة:

- ‌اختلاف العامل والمالك:

- ‌جواز المزارعة تبعا للمساقاة:

- ‌المخابرة باطلة مطلقا:

- ‌الباب الثالثالعَاريَّة

- ‌حكمة مشروعيتها:

- ‌حكم العاريَّة:

- ‌أركان عقد الإعارة

- ‌أحكام تتعلق بالعاريَّة

- ‌1 - حدود الانتفاع بالعين المستعارة:

- ‌2 - يد المستعير على العين المستعارة:

- ‌3 - نفقة المستعار ومؤونة رده:

- ‌4 - الرجوع بالعاريّة وردّها:

- ‌الرجوع بالأرض المعارة واستردادها:

- ‌5 - كيفية رد العين المستعارة:

- ‌6 - الاختلاف بين المعير والمستعير:

- ‌7 - انتهاء عقد العاريّة:

- ‌الباب الرابعالشركة

- ‌ مشروعيتها

- ‌حكمة تشريع الشركة:

- ‌أنواع الشركة والمشروع منها

- ‌شركة العِنان

- ‌شروطها:

- ‌ما يترتب على صحة العقد من آثار:

- ‌فساد الشركة وما يترتب عليه:

- ‌انتهاء عقد الشركة الصحيحة:

- ‌الباب الخامسالقراض"المضاربة

- ‌حكمة مشروعيته:

- ‌حكم عقد القراض:

- ‌انتهاء عقد المضاربة:

- ‌اختلاف العامل والمالك:

- ‌الباب السادسالوديعة

- ‌حكمة مشروعيتها:

- ‌حكمها:

- ‌أركان الوديعة وشروطها

- ‌ما يترتب على عقد الوديعة:

- ‌متى تُضمن الوديعة

- ‌الوديعة عند اثنين:

- ‌إيداع الأثنين عند واحد:

- ‌انتهاء الوديعة:

- ‌الباب السابعاللقطَة

- ‌حكمة التشريع:

- ‌حكمها:

- ‌لقطة الحيوان ولقطة غير الحيوان:

- ‌لُقّطة الحرم:

- ‌الإشهاد على الالتقاط:

- ‌تعريف اللقطة:

- ‌كيفية التعريف ومدته ومكانه:

- ‌نفقة التعريف:

- ‌تملّك اللقطة:

- ‌ يد الملتقط وحفظ اللقطة:

- ‌دفع اللقطة الى مدّعيها:

- ‌الباب الثامنالرَّهن

- ‌تعريفه:

- ‌الرهن في الحضر وحال وجود الكاتب:

- ‌حكم الرهن:

- ‌أركان عقد الرهن

- ‌رهن الولي والوصي وارتهانهما:

- ‌لزوم عقد الرهن:

- ‌كيفية قبض الرهن:

- ‌أحكام عقد الرهن

- ‌ ما يتعلق بالمرهون حال بقائه

- ‌ أولاً: حبس المرهون:

- ‌ ثانياً: حفظ الرهن ومؤونته:

- ‌ ثالثاً: يد المرتهن:

- ‌ رابعاً: الانتفاع بالمرهون:

- ‌ خامسا: التصرّف بالمرهون:

- ‌ سادسا: فِكاك الرهن وتسليمه وردّه بوفاء الدَّيْن:

- ‌ سابعاً: بيع المرهون:

- ‌ ما يتعلق بهلاك العين المرهونة واستهلاكها:

- ‌1. هلاكها بنفسها:

- ‌2. استهلاك العين المرهونة:

- ‌ ما يتعلق بنمَاء الرهن:

- ‌ أحكام فرعية تتعلق بالرهن:

- ‌أولاً: وضع المرهون على يد عدْل:

- ‌ثانياً: رهن العين المستعارة للرهن:

- ‌ثالثاً: الزيادة في المرهون أو الدَّيْن بعد تمام عقد الرهن:

- ‌رابعاً: تعدد أطراف الرهن:

- ‌الباب التاسعالكفالة والضمان

- ‌حكمة مشروعيتها:

- ‌أنواع الكفالة:

- ‌أركان الكفالة

- ‌أحكام الكفالة بالنفس

- ‌ كفالة بدن مَن عليه عقوبة:

- ‌أحكام الكفالة بالمال

- ‌ضمان الأعيان

- ‌الباب العاشرالوكَالَة

- ‌حكمة تشريع الوكالة:

- ‌حكمها:

- ‌الوكالة في حقوق الله تعالى:

- ‌الوكالة في حقوق العباد:

- ‌الوكالة في القصاص:

- ‌الوكالة في الشهادة والأيْمان والنذور:

- ‌الوكالة في الإيلاء واللعان والقسامة والظهار:

- ‌الوكالة في الإقرار:

- ‌الوكالة في تملّك المباحات

- ‌الوكالة في المحرّم:

- ‌حدود تصرفات الوكيل

- ‌1 - الوكالة في الخصومة:

- ‌2 - الوكيل بالقبض:

- ‌3 - الوكيل بالبيع والشراء:

- ‌حقوق العقد بالوكالة وحكمه

- ‌أحكام تتعلق بالوكالة

- ‌1 - توكيل الوكيل:

- ‌2 - التوكيل بجُعْل:

- ‌3 - صفة يد الوكيل:

- ‌4 - دعوى الوكالة:

- ‌5 - الوكالة في قضاء الدَّيْن:

- ‌6 - الوكالة لإثنين:

- ‌7 - اختلاف الموكِّل مع الوكيل:

- ‌انتهاء عقد الوكالة

- ‌الباب الحادي عشرالإكَراه

- ‌حقيقته ومعناه:

- ‌شروط تحقّق الإكراه:

- ‌ما يقع عليه الإكراه من التصرفات

- ‌أولاً: التصرفات الحسيّة

- ‌النوع الأول: ما يُباح بالإكراه

- ‌النوع الثاني: ما يرخَّص فيه بالإكراه

- ‌النوع الثالث: ما لا يُباح ولا يرخّص فيه

- ‌ثانياً: التصرفات الشرعية

- ‌ التصرفات الإنشائية التي لا تحتمل الفسخ:

- ‌ التصرفات الانشائية التي تحتمل الفسخ:

- ‌أثر الإكراه على الإقرارات

- ‌أثر الإكراه على التصرفات المخير فيها:

- ‌الباب الثاني عشرالغَصَب

- ‌أحكام الغصب

- ‌ الحكم الأُخروي:

- ‌ الحكم الدنيوي:

- ‌1 - تأديب الحاكم للغاصب:

- ‌2 - الكف عن الغصب فوراً:

- ‌3 - ضمان المغصوب

- ‌4 - تصرفات الغاصب بالعين المغصوبة:

- ‌5 - تغيّر العين المغصوبة:

- ‌6 - نقص المغصوب:

- ‌7 - زوائد المغصوب:

- ‌8 - منافع المغصوب:

- ‌9 - البناء على الأرض المغصوبة وغرسها أو زرعها:

- ‌10 - خلط المغصوب بغيره:

- ‌11 - ردّ المغصوب وإن تضرر الغاصب:

- ‌12 - اختلاف الغاصب والمغصوب منه:

الفصل: ‌ ‌حكمة تشريع الوكالة: إن الله تعالى خلق الناس متفاوتين في المواهب

‌حكمة تشريع الوكالة:

إن الله تعالى خلق الناس متفاوتين في المواهب والقدرات، وفتح لهم أبوب الرزق، ويسّر لكلٍّ منهم سبيلاً أو أكثر من سبل الكسب والمعاش.

فمن الناس مَن أوتي القدرة والكفاءة التي تجعله على استعداد لأن يباشر جميع أعماله بنفسه، إلا أنه قد تتوالى عليه الشواغل وتتزاحم عليه الأعمال، فيضطر إلى مساعدة الآخرين والاستعانة بهم.

ومن الناس مَن لم يؤتَ من القدرة والكفاءة ما يؤهله للقيام بأعمال قد يكون وبأمسِّ الحاجة إليها.

وقد تكون لديه القدرة والكفاءة، ولكن تنقصه الخبرة في عمل من الأعمال أو مصلحة من المصالح.

ومنهم مَن يكون صاحب حق، ولكنه لم يؤتَ من الحجة واللسن، والفصاحة والبيان، ما يجعله قادراً على أن يظهر حقه ويدافع عن نفسه، وقد يكون خصمه الحن منه في حجته، فيقلب باطله حقاً.

من اجل ذلك كله كانت الحجة ماسة لكثير من الناس ان يعتمد على غيره، ويستفيد من خبراته في بعض اعماله، قليلة كانت ام كثيرة، فكانت المصلحة في تشريع الوكالة، سدا للحاجة وتيسيرا للمعاملة، ورفعا للحرج الذي جاء شرع الله تعالى برفعه اذ قال:"ما جعل عليكم في الدين من حرج"(الحج: 78).

‌حكمها:

قلنا: إن الوكالة جائزة ومشروعة، والأصل فيها الإباحة.

وقد تكون مندوبة: إن كانت إعانة على مندوب.

وقد تكون مكروهة: إن كان فيها إعانة على مكروه.

وقد تكون حراما: إن كان فيها إعانة على أمر محرم.

وقد تكون واجبة: إن توقف عليها دفع ضرر عن الموكل، كما إذا وكله بشراء طعام مضطر إليه، وهو عاجز عن شرائه.

ص: 167

أركان الوكالة

للوكالة أركان أربعة، هي: الموكِّل والوكيل وصيغة العقد، والموكِّل فيه.

الركن الأول: الموكِّل:

وهو الذي يستعين بغيره، ليقوم ببعض التصرفات نيابة عنه. ويُشترط فيه: صحة مباشرته للتصرّف الذي وكل فيه بملك أو ولاية.

أي أن يكون له شرعاً حق التصرّف فيما أذن لغيره أن يقوم به، ويعتبر الشرع تصرّفه صحيحاً ويبني عليه آثاره وأحكامه.

فإذا كان لا تصحّ مباشرته لما أذن بالتصرّف فيه لم يصحّ توكيله، لأنه الأصل، وإذا كان الأصل غير قادر على التصرّف، فنائبه غير قادر عليه من باب أولى.

فلمالك المال أن يوكِّل في التصرّف فيه، إذا كان بالغاً عاقلاً نافذ التصرف، أي غير محجور عليه، لأنه يتصرّف في ملكه.

وكذلك لولىّ المال - كالأب والجدّ والوصي - أن يوكل غيره ليتصرف بمال من تحته ولايته، لأنه يملك هو مباشرة ذلك بسبب الولاية.

وللرجل البالغ العاقل أن يوكل أحداً في تزويجه، لأنه يملك مباشرة ذلك بنفسه.

ولوليّ البكر العدل أن يوكِّل في نكاح ابنته أو غيرها ممّن تحت ولايته، لأنه يصحّ منه مباشرة ذلك بنفسه.

ص: 168

وعليه:

فلا يصحّ توكيل الصبي أو المجنون أو المغمى عليه مطلقاً، لأنهم لا تصحّ منهم مباشرة التصرفات شرعاً.

ولا يصحّ توكيل المحجور عليه لسفه في تصرّف مالي، لأنه لا يملك مباشرته.

ولا يصحّ للأب الفاسق أن يوكل في تزويج ابنته، لأنه لا يملك مباشرة ذلك بنفسه، وكذلك غيره من الأولياء.

والمرأة لا يصحّ منها أن تباشر عقد زواجها بنفسها، فكذلك لا يصحّ توكيلها فيه.

والمحرم بحج أو عمرة لا يجوز له أن يعقد زواج لنفسه، فكذلك لا يصحّ أن يوكِّل مَن يعقد له ذلك حال إحرامه، فلو وكّله ليعقد له بعد الإحرام صحّ.

ويستثنى من هذا الشرط:

الأعمى، فإنه لا يصحّ أن يباشر البيع والشراء ونحوهما مما يتوقف على الرؤية كما علمت، ويصح أن يوكّل في ذلك للضرورة، لأنه لو لم يصحّ توكيله فيها - والحال أنه لا تصحّ مباشرته لها - لكان في ذلك حرج عليه شديد.

الركن الثاني: الوكيل:

وهو الذي يقوم بالتصرّف نيابة عن غيره، بإذن منه وتوكيل.

ويشترط فيه ايضاً: أن تصحّ مباشره للتصرّف المأذون فيه لنفسه: فإذا كان التصرّف الموكِّل فيه لا يصحّ أن يباشره لنفسه لم يصحّ توكيله فيه، لأن تصرّف الإنسان لنفسه أقوى من تصرفه لغيره، لأنه يتصرّف لنفسه بطريق الأصالة، ويتصرف لغيره بطريق النيابة، والأصالة أقوى من النيابة، فإذا كان غير قادر على التصرّف بالأقوى، فهو غير قادر عليه بالأضعف من باب أولى.

وبناءاً عليه:

فلا تصحّ الوكالة للصبي والمجنون والمغمى عليه، لعدم صحة مباشرتهم التصرفات كما علمت، ويصحّ توكيل الصبي المميِّز في حج تطوع وذبح أُضحية

ص: 169

وتفرقة زكاة، لأن هذه التصرفات تصحّ منه لنفسه.

والسفيه، لا يكون وكيلاً في التصرفات المالية.

والأعمى، لا يصحّ أن يكون وكيلاً في تصرّف تتوقف صحته على الرؤية.

والمحرم بحج أو عمرة لا يصح أن يوكِّل في عقد نكاح، وكذلك المرأة، لأنهما لا تصحّ منهما مباشرة ذلك لأنفسهما.

ويستثنى من هذا: توكيل الصبي المميز المأمون في الإذن بدخول الدار وإيصال هدية ونحوها على الصحيح، لتسامح السلف في ذلك، فيعتمد قوله فيها.

وكذلك يعتمد قوله في إخباره بدعوة صاحب الوليمة، والفاسق وغير المسلم في هذا كالصبي، قال النووي رحمه الله تعالى: لا أعلم في جواز اعتمادهما خلافاً.

ويُشترط في الوكيل أيضاً: أن يكون معيّناً، فلو قال لاثنين: وكّلت أحدكما ببيع داري، لم يصح، وكذلك لو قال: وكّلت ببيع داري كلّ من أراد بيعها.

ويشترط في الوكيل أيضاً أن يكون عدلاً، إذا كان وكيلاً عن القاضي، أو كان وكيلاً عن الولىَّ في بيع مال مَن كان تحت ولايته.

الركن الثالث: صيغة عقد الوكالة:

وهي الإيجاب والقبول، ويشترط فيها شرطان، وهما:

1 -

أن يكون من الموكِّل لفظ يدل على رضاه بالتوكيل، صراحة أو كناية، لأن المكلَّف ممنوع من التصرّف في حق غيره الا برضاه.

فالصريح: كقوله: وكّلتك ببيع داري، أو فوّضت إليك أمر بيعه.

والكناية: كقوله: أقمتك مقامي في ببيعه، أو أنبتك.

وينوب في الوكالة الكتابة والرسالة مناب النطق.

ويكفي من الوكيل ما يدل على القبول، ولا يشترط فيه اللفظ، بل يكفي الفعل، لأن التوكل إباحة للتصرّف ورفع للحجر الذي كان قبلها، فأشبه إباحة الطعام للضيف، فلا يشترط فيها القبول لفظاً.

ص: 170

2 -

عدم تعليقها بشرط على الأصح، كأن يقول: إن جاء زيد من سفره فأنت وكيلي بكذا، أو: إذا جاء شهر رمضان فقد وكّلتك بكذا، وذلك لأن في التعليق جهالة فاحشة، فلا تصحّ الوكالة معه.

فإذا تصرّف الوكيل في هذه الحالة عند وجود الشرط صحّ تصرّفه، لوجود الإذن في التصرّف.

ولا مانع من تعليق التصرّف إذا كانت الوكالة منجزة، كما إذا قال له: وكّلتك في بيع داري، على أن تبيعه عند قدوم فلان، أو إذا جاء شهر كذا.

وكذلك لا مانع من تقييدها بوقت، كأن يقول له: أنت وكيلي لمدة شهر، فتصحّ الوكالة، وتنتهي بانتهاء الشهر، وليس للوكيل أن يتصرف بعده.

الركن الرابع: الموكَّل فيه:

وهو التصرف الذي يقوم به الوكيل نيابة عن الموكِّل.

ويشترط فيه شروط هي:

1 -

أن يكون حق التصرف فيه ثابتاً للموكل عند التوكيل، كما لو وكّله ببيع ما يملكه عند التوكيل، أو وكّله بما لا ولاية عليه كتأجير دار الصبي الذي تحت ولايته، والتي يملكها الصبي عند عقد الوكالة، فإن الولي يملك التصرّف في ذلك. وعليه: فلا يصحّ أن يوكّل بالتصرّف فيما لا يملكه، أو فيما سيملكه، كما لو وكّل ببيع دار صديقه - مثلاً - وهو لا يملكها، أو وكّل ببيع دار زيد التي سيشتريها منه، أو وكّل بطلاق فلانة التي سيتزوجها، فإن الوكالة غير صحيحة في ذلك كله، لأنه لا يحقّ له ان يباشر ذلك بنفسه حين التوكيل، فكيف يستنيب غيره فيه.

أما لو وكّله في التصرّف فيما سيملكه بعد التوكيل تبعاً لما يملكه حال التوكيل: فإن الوكالة صحيحة، كما لو وكّله ببيع ما ستثمره أشجاره، فيصحّ ذلك، لأنه يملك الأصل وهي الأشجار، وكذلك لو وكّله ببيع ما عنده من أثواب وما سيشتريه أيضاً منها، صحّ توكيله في بيع ما لم يملكه عند التوكيل

ص: 171

تبعاً لما كان يملكه. ولو وكّله ببيع متاع، وأن يشتري له بثمنه شيئاً، صحّ التوكيل بالشراء على الأشْهَرِ.

2 -

أن يكون الموكِّل فيه معلوماً ولو من بعض الوجوه، فإن الضرر بذلك يقلّ والجهالة ترتفع نوعاً ما. ولا يشترط العلم به من كل الوجوه، لصعوبة ذلك، ولأن الوكالة شرعت للحاجة، وذلك يقتضي المسامحة فيها.

فلو قال: وكّلتك في بيع أموالي، واستيفاء ديوني، واسترداد ودائعي - مثلاً - صحّ ذلك، وإن جهل الأموال، والديون ومَن هي عليه، والودائع ومَن هي عنده، لأن الضرر فيها قليل، والموكِّل فيه صار معلوماً من بعض الوجوه.

وأما لو قال: وكّلتك في كل قليل وكثير من أُموري، أو فوّضت إليك كل شئ، أو أنت وكيلي فتصرف كيف شئت، لم يصحّ التوكيل، لكثرة الضرر، وجهالة الموكِّل فيه من كل وجه.

وعليه فلا يصحّ ما يسمى اليوم بالوكالة العامة، وإن أضرارها ظاهرة، حيث يتصرف الوكيل احياناً في أشياء لا يرغب الموكّل تصرفه فيها.

وكذلك لو قال: وكّلتك ببيع بعض مالي، دون أن يعيّن هذا البعض، لكثرة الجهالة وفحش الغرر.

3 -

أن يكون الموكِّل فيه قابلاً للنيابة، فلا يصحّ التوكيل فيما لا يقبل النيابة، ولذا لا تصح الوكالة في العبادات البدنية المحضة كالصلاة والصوم، لأن حكمة تشريعها الابتلاء والاختبار بمجاهدة النفس، وذلك لا يحصل بفعل غير المكلف بها.

ويصح التوكيل في العبادات التي تشترط القدرة البدنية لأدائها لا لوجوبها كالحج والعمرة، عند العجز عن القيام بها.

وكذلك يصحّ التوكيل فيما هو من تمام العبادات المالية والإعانة عليها، كتوزيع الزكاة على مستحقّيها، وتفرقة مال منذور أو كفّارة وكذلك ذبح الأضحية والهَدْى وشاة الوليمة ونحو ذلك.

ص: 172