الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ودليل هذا:
1 -
ما رواه جابر رضى الله عنه: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الشفعة في كل شِرْك: في ارض او ربع او حائط .. "(اخرجه مسلم في المساقاة، باب: الشفعة، رقم: 1608).
[شرك: شئ مشترك. ربع: دار. حائط: بستان]
2 -
ان الأخذ بالشفعة ثبت بالنص على خلاف القياس في العقار، فلا يلحق به غيره ولا يُقاس عليه ما ليس في معناه، لأن الشفعة شرعت لدفع ضرر سوء الجِوار على الدوام، وما ينقل ويحول لا يدوم الضرر فيه.
ويلحق بالعقار البناء والشجر اذا بيعا مع الأرض تبعا للأرض.
ويشترط في العقار ونحوه حتى تثبت فيه الشفعة: ان يكون قابلا للقسمة.
والعقار القابل للقسمة هو الذي إذا قسم كان قسم منه صالحا لتحقيق المنفعة المقصودة منه، فإذا ابطلت القسمة منفعته كان غير قابل للقسمة، وبالتالي لا يثبت فيه حق الشفعة، وذلك كحمام صغير وطاحون صغيرة ونحو ذلك.
ودليل ذلك:
انه صلى الله عليه وسلم قضى بالشفعة في كل ما لم يقسم، فاذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة. وهذا يدل على ان الشفعة فيما يمكن ان يقسم ما دام لم يقسم.
وكذلك: الشفعة انما ثبتت لدفع ضرر مؤنة القسمة واستحداث المرافق، وذلك لا يوجد الا فيما يقبل القسمة.
وقيل: تثبت الشفعة في العقار ونحوه فيما لم يقسم، ولو كان غير قابل للقسمة، لعموم قوله: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة فيما لم يقسم، ولأن الشفعة شُرعت لإزالة ضرر المشاركة، وهذا المعنى في الذي لا يقسم آكد، لأن الضرر فيه يتأبد عند ذلك.
شروط الأخذ بالشفعة:
علمت اركان الشفعة وما يشترط في كل ركن منها، ونذكر لك الآن بعض الشروط الأخرى التي لابد منها حتى يثبت حق الأخذ بالشفعة، وهي:
1 -
ان يزول مِلْك الشريك الأول عن المشفوع فيه ويزول حقه فيه، فلو باع الشريك حصته لغير شريكه، وشرط لنفسه الخيار، فلا تثبت الشفعة مدة الخيار، وكذلك لو شرط الخيار للبائع والمشتري، لأن المبيع لم يخرج من ملك البائع في هذه المدة، فإذا انتهت المدة ولم يختر فسخ البيع فقد تم البيع وثبتت الشفعة.
اما لو شرط الخيار للمشتري وحده فإن الشفيع له ان يأخذ الشقص بالشفعة فور عقد البيع، لأن البيع قد خرج من ملك الشريك الأول بمجرد العقد وعدم شرط الخيار لنفسه.
وكذلك لا يثبت الأخذ بالشفعة اذا تبين فساد عقد التمليك وبطلانه، لأن ملك البائع ايضا لم يزل عن البيع.
2 -
ان يكون الشفيع مالكا لما يشفع به عند عقد تمليك الشريك الجديد، وان يستمر ملْكه ذلك الى ان يقضي له بالشفعة على الأصح.
فلو اخرج الشفيع الشقص عن ملكه ببيع او هبة او نحو ذلك، قبل ان يقضي له بالشفعة، بطل حقه، سواء اكان عالما بهذا ام جاهلا وسواء اطالب بالشفعة ام لم يطالب، لزوال سبب الأخذ بالشفعة وهو الشركة.
وفي هذه الحالة لو طالب الشريك الجديد - وهو المتملك من الشفيع - ان يأخذ هو بالشفعة ما كان للشفيع ان يأخذه، فليس له ذلك، لأنه لم يكن مالكا لما يشفع به عند عقد التمليك الأول.
ويستثنى من هذا: ما اذا مات الشفيع قبل القضاء له بالشفعة، فإن لوارثه ان يأخذ بها، مع انه لم يكن مالكا لما يشفع به عند البيع ونحوه، لأن الشفعة من الحقوق التي تورث وسواء اكان ذلك قبل طلب المورث الشفيع للشفعة ام بعدها.
3 -
ان لا يظهر من الشفيع ما يدل على اعراضه عن الأخذ بالشفعة، وذلك بأن يعلن رضاه بتمليك الشريك الجديد، او يكون منه ما يدل على عدم رغبته بالشفعة من قول او فعل او سكوت، كأن يحصل عقد البيع امامه، فيقوم ويغادر المجلس
دون ان يطالب بالشفعة، او يبلغه خبر التمليك فلا يطالب بالشفعة زمنا طويلا من غير عذر ففي هذه الحالات ليس له ان يعود ويطالب بالشفعة.
إلا ان هناك حالات له ان يطالب فيها بالشفعة رغم ظهور الاعراض منه، وهي:
أ-
…
ان لا يُخبر بحقيقة العوض الذي حصل به التمليك، كما لو اخبر انه مائة الف مثلا، فأعرض عن الطلب ثم تبين له بعد ذلك انه تسعون مثلا، لأن اعراضه اولا لم يكن عن رضا منه، وانما لارتفاع العوض فلم يكن اعراضه دليل الرضا بالشريك الجديد.
ب- ان يخبر ان المشتري فلان، فلا يطالب بالشفعة، ثم يتبين له انه غير، فله ان يطالب بها، لأنه قد يرغب في مشاركة انسان ولا يرغب بمشاركة آخر، ولهذا لم يطلب اولا، ولم يكن ذلك بتقصير منه.
ج- ان يخبر بأن العوض معجل، ثم يتبين له انه مؤجل، فله ان يطالب بالشفعة ولو ظهر منه إعراض اولا، اذ قد يقدر على اخذ الشقص بمؤجل، ولا يقدر على اخذه بمعجل.
د- ان لا يخبر بقدر المبيع حقيقة، كما لو اخبر ان المبيع نصف الشقص فتبين انه جميعه، او ان المبيع الشقص كله فتبين انه جزء منه، فإذا ظهر منه الإعراض اولا حق له ان يطالب بعد تبين الحقيقة، لأنه قد يرغب بتملك قدر معين ولا يرغب بتملك قدر غيره.
4 -
ان يبادر الشفيع الى الطلب بالشفعة بحسب الإمكان، وذلك ان حق الشفعة حق فوري، لأنه ثبت على خلاف القياس كما علمت، فهو حق ضعيف وقد جاء في الحديث:"الشفعة كحل العقال"(اخرجه ابن ماجه في الشفعة، باب: طلب الشفعة، رقم: 2500).
ومعناه: انها تفوت ان لم يبادر الى طلبها، كما ان البعير يشرد فورا اذا حل عقاله، أي رباطه، ولذا يجب على الشفيع المبادرة الى الطلب بها عند علمه بانتقال الملك من شريكه الى غيره حسب العادة وقدر الإمكان، فلو علم