الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ليلا كان له تأخير ذلك الى النهار، وان كان مريضا او غائبا عن البلد فليوكل بذلك او ليشهد على طلبه، فإن قصر فيما هو قادر عليه سقط حقه على الأظهر.
ولا يشترط لثبوت الحق حكم حاكم ولا حضور المشتري ولا رضاه، واحضار الثمن، وانما يشترط طلبها بلفظ يدل على الأخذ بها، كتملكت او اخذت بالشفعة.
ويشترط تسليم العوض الى المشتري، او رضاه بأن يكون في ذمة الشفيع، واذا لم يحصل هذا وقضى له القاضي بالشفعة ملك بها في الأصح.
أحكام الشفعة:
1 -
سقوط حق الشفعة:
علمنا أن حق الشُفعة حق ضعيف، ولذا يتعرض للسقوط بأقل الأسباب، ومن هذه الأسباب ما علم مما مر: كالإعراض عن الطلب بها، وكذلك عدم المبادرة اليها، وخروج الشقص عن ملكه قبل الحكم بها، ونحو ذلك.
ومن ذلك ايضا: الصلح عن الشفعة على عوض، كما لو صالح الشفيع المشتري على شئ من مال ليترك له الشقص الذي اشتراه، فإن الصلح باطل، ولا يستحق شيئا من العوض، وبالتالي سقط حقه في الشفعة.
2 -
تصرف المشتري في المشفوع فيه:
على من اشترى شقصا من عقار او دار ان يتريث في التصرف فيما اشتراه، حتى يتبين له موقف الشفيع من حيث المطالبة بالشفعة او التنازل عنها، لأن حق الشفيع متقدم على حقه، واستقرار ملكه فيما اشتراه متوقف على اسقاط الشفيع حقه في الشفعة.
فإذا تصرف المشتري قبل طلب الشفيع او تبين الحال كان تصرفه صحيحا ونافذا، لأنه يتصرف في ملكه وان لم يلزم ويستقر. ولكن هل يبطل تصرفه ذلك حق الشفيع؟
والجواب: ان ذلك لا يبطل حقه، بل للشفيع ان ينقض كل تصرف لا شفعة
فيه لو وجد ابتداء، كالهبة والوقف والاجارة، وان يأخذ الشقص بالشُفعة، لأن حقه سابق على هذه التصرفات، فلا يبطل بها.
واما اذا كان التصرف الجديد مما تثبت به الشُفعة ايضا، كالبيع مثلا ونحوه من التمليك بعوض، كان له الخيار: بين ان يأخذ الشقص بالشُفعة بناء على التصرف الجديد، وبين ان ينقضه ويأخذ بالحق الثابت له اولا.
وفائدة هذا التخيير: ان العوض قد يكون في أحدهما اقل او ايسر في جنسه عليه، فيختار ما فيه مصلحته.
ولو تصرف المشتري في الشقص تصرفا يزيد فيه او ينقص منه:
- كما لو زرع الأرض او غرس فيها او بنى، كان للشفيع ان يكلفه قلع ما فعل وتسوية الأرض، لأنه متعد في فعله، وله ان يأخذ الغراس او البناء بقيمته مقلوعا.
- ولو كان في الأرض بناء او شجر، فهدم البناء او قطع الشجر، فللشفيع اخذ الشقص بما يخصه من الثمن، بعد نقص قيمة البناء او الشجر يوم العقد، لأنهما - وان كانا تابعين للأرض - صارا مقابلين بشئ من الثمن لأنه قصد اتلافهما.
وكذلك الحال لو تلف بعض الأرض بغرق أوانهيار، فإنه يسقط من الثمن ما يقابل القسم التالف منها، لأنه بعض الأصل.
اما لو تلف البناء او الشجر بغير صنع احد: كان للشفيع ان يأخذ الأرض بكل الثمن او يدعها، ولا يسقط شئ من الثمن، لأن البناء والشجر تابع للأرض، ويدخلان معها في البيع ولو لم يذكر في العقد، فلا يقابلهما شئ من الثمن بخصوصهما.
3 -
نقص الثمن على المشتري او الزيادة فيه:
إذ حط البائع بعض الثمن عن المشتري او زاد فيه، وأراد الشفيع الأخذ بالشفعة، فهل يستفيد من هذا النقص او تلزمه تلك الزيادة؟ والجواب:
- اذا كانت الزيادة او النقص بعد لزوم البيع واستقراره، كما اذا كان البيع باتا لا خيار فيه، وتفرق العاقدان من المجلس، او كان ذلك بعد انتهاء مدة الخيار إن
كان مشروطا، لم يلحق ذلك الشفيع، لأن نقص الثمن في هذه الحال يكون بمثابة هبة من البائع للمشتري، والزيادة فيه بمثابة هبة من المشتري للبائع، ولا صلة لهذا بالثمن لأن العقد قد تم قبل ذلك.
- واذا كانت الزيادة او النقص قبل لزوم البيع واستقراره، كما لو كانت في مجلس العقد وقبل التفرق، او كانت في مدة الخيار ان كان مشروطا، لحق ذلك الشفيع، فينحط عنه من الثمن ما حطه البائع، كما يلزمه ما زاد فيه المشتري، لأن ذلك يعتبر لاحقا للعقد وجزءا منه، طالما انه وقع قبل لزوم العقد واستقراره.
4 -
أخذ ما بيع مؤجلا:
اذا باع الشريك نصيبه بثمن الى اجل، وطلب الشفيع ان يأخذ بالشفعة، فهل يستفيد من تأجيل الثمن؟ والجواب:
ان الشفيع في هذه الحالة يخير: بين ان يأخذ بالشفعة في الحال ويعجل الثمن، وبين ان يؤجل الأخذ بالشفعة الى حلول الاجل، فإذا حل الأجل، دفع الثمن وأخذ المبيع، ولا يسقط حقه بهذا التأخير لأنه معذور به، لأننا لو ألزمناه الأخذ في الحال مع تعجيل الثمن كان في ذلك إضرار به، لأن الأجل غالبا ما يقابل بقسط من الثمن، فما بيع مؤجلا يغلب ان يكون ثمنه اكثر مما بيع حالا. ولو اجزنا له ان يأخذ الشقص المبيع في الحال بالثمن المؤجل كان في ذلك إضرار وقد لا يرضى المشتري - الذي سيدفع هو الثمن للبائع، ويأخذ الثمن من الشفيع - قد لا يرضى ان يبيعه الى اجل باختياره، فإذا الزمناه بذلك اضررنا به، فكان في تخييره على ما ذكر دفع للضرر عن الجانبين.
ولو رضى المشتري ان ياخذ الشفيع الشفعة في الحال، وان يؤجل الثمن الى وقت حلوله، فأبى الشفيع الا ان يؤجل الأخذ الى وقت الحلول، بطل حقه في الشفعة على الأصح.
5 -
اختلاف المشتري والشفيع:
قد يختلف الشفيع والمشتري في قدر الثمن، فيقول الشفيع: اشتريته بألف مثلا، ويقول المشتري: اشتريته بألف ومائة، ولا بينة على ذلك، يصدق المشتري
بيمينه، لأنه اعلم بما باشره من الشراء وما دفعه من الثمن، ولأن الشفيع يدعي عليه الاستحقاق بالأقل وهو ينكر ذلك، والقول دائما قول المنكر بيمينه، فإذا نكل المشتري في اليمين - أي امتنع من الحلف - حلف الشفيع على مدعاه، واخذ الشقص بما حلف عليه.
واذا اختلفا في البيع اصلا، فأنكر المشتري الشراء والشفيع يدعيه، فيصدق المشتري بيمينه، لأن الأصل عدم الشراء، إلا اذا اعترف الشريك القديم بالبيع.
وكذلك الحال لو انكر المشتري كون الشفيع الطالب شريكا، فيحلف على نفي العلم بشركته، لأن الأصل عدمها والقول قول من يتمسك بالأصل.
**********