الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد دلّ على الاستحباب قوله صلى الله عليه وسلم: "مَن التقط لقطة فليُشهد عليها ذا عدل او ذوَيْ عدل"(ابو داود: اللقطة، باب: التعريف باللقطة، رقم: 1709).
فالتخيير في ان يُشهد عدلاً أو عدلين يقتضي عدم الوجوب، ولو كان الإشهاد واجباً لما اكتُفى بعدل واحد.
ويذكر للشهود بعض صفاتها ولا يستوعبها، ويكره له ان يزيد في البيان، وإن خشي من الإشهاد ان يعلم بها غير أمين، فيأخذها منه ظلماً، امتنع عليه الإشهاد.
تعريف اللقطة:
إذا وَجد المرء شيئا ضائعا بمعنى اللقطة الذي عرفت، يُنظر:
فإن كان شيئاً تافهاً: أي ليس من شأن الناس عادة - إذا فقدوه - ان يطلبوه ويبحثوا عنه، كاللقمة والتمرة ونحو ذلك، حسب عُرْف كل مكان وزمان، فإن الملتقط يتملك ذلك دون ان يعرف به او يتعرف عليه.
وقد دلّ على ذلك: حديث أنس رضى الله عنه قال: مّر النبي صلى الله عليه وسلم بتمرة في الطريق، قال:"لولا أني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها". (البخاري: اللقطة، باب: اذا وجد تمرة في الطريق، رقم: 2299. ومسلم: الزكاة، باب: تحريم الزكاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، رقم: 1071).
وإن كان شيئا ذا قيمة: أي من شان الناس أن يطلبوه إذا فقدوه ويبحثوا عنه، كان على الملتقط تعريفه، دلّ على ذلك صريح الأحاديث التي سبقت.
والأصح أن التعريف واجب، سواء أكان الالتقاط بقصد الحفظ فقط أم بقصد الحفظ ثم التملّك.
كيفية التعريف ومدته ومكانه:
اولاً: يتعرف على العين الملتقطة بما يميِّزها عن غيرها من الصفات، بحيث إذا جاء مَن يدعيها وسأله عن صفاتها استطاع ان يعرف هل هو صاحبها أمْ لا؟ فإذا دفعها كان على يقين انه دفعها لمستحقِّها.
فيتعرف على وعائها إن كان لها وعاء، وعلى رباطه إن كان له رباط، وهي
العفاص، والوكاء، كما يعرف عددها إن كانت ذات عدد، وجنسها ونوعها، وما الى ذلك من صفات كما ذكرت، تختلف باختلاف الشئ.
دلّ على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "اعرف وكاءها وعفاصها وعدّتها" وذلك انه سُئل عن لقطة الذهب والفضة، ومن شأنها أن تكون في وعاء مربوط ولها عدد، فيقاس على ذلك غيره من الصفات التي تتميز بها الأشياء وتتّضح.
ثانياً: إذا عرف صفاتها وميِّزاتها نادى عليها، ذاكراً بعض صفاتها التي من شأنها ان تنبّه فاقدها إليها، ولا يتوسع بذلك كي لا يعرف صفاتها مَن لا يستحقها فيدّعيها، وربما اخذها ظلماً وباطلاً.
ثالثاً: إذا كان الشئ ذا بال كبير، يتأسف عليه فاقده زمناً طويلاً، عرفه سنة كما ثبت في النص، لأنها لو كانت لمسافر يغلب أن لا يغيب عن مكان فقده اكثر من سنة. يعرفه كل يوم مرتين لمدة أسبوع، ثم كل يوم مرة اسبوعاً آخر، ثم كل اسبوع مرة ليتمّ سبعة اسابيع، ثم في كل شهر مرة.
وزيد في الأيام الأولى لأن الطلب يكون فيها أشد، وهذا التحديد اجتهاد استحبّه العلماء، وإلا فالمطلوب تعريف حسب العادة، بحيث ينتبه صاحب الحق الى حقه ويصل إليه.
فإذا كان الشئ ليس ذا بال كبير: فإنه يُعرَّف فترة يغلب على الظن أن صاحبه يكفّ عن طلبه، دلّ على ذلك قرائن الأحوال التي وردت فيها الأحاديث، فسؤال عن صرّة فيها مائة دينار، وسؤال عن ذهب وفضة، وسؤال عن ضالة الغنم والإبل ونحو ذلك، فكلها اشياء ذات قيمة، لا يكف فاقدها عن طلبها غالبا في اقل من سنة، والله تعالى اعلم.
رابعاً: يكون التعريف في الأماكن العامة والأسواق وعلى أبواب المساجد