الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال أحمد: "لأن مكة ليست كغيرها، لكثرة الناس وازدحامها بهم، فمنعهم تضييق عليهم"(1).
وقال في حاشية ابن عابدين: "المرور بين يدي المصلي بحضرة الكعبة يجوز"(2).
أما المسجد النبوي: فيزدحم اليوم بالناس في زمن الحج وفي رمضان وفي الروضة الشريفة على مدار العام ولذلك فإنه يجوز المرور بين يدي المصلي فيه لأن منع الناس فيه مشقة عليهم وزيادة ازدحام، وهو السبب الذي قيل فيه بجواز المرور بين يدي المصلى في المسجد الحرام.
أما في غير الروضة الشريفة وغير أوقات الازدحام فإنه ينبغي ألا يمر الناس أمام المصلي وينبغي للمصلي أن يتخذ سترة له من عمود ونحوها لئلا يشغله الناس عن صلاته وإبعادًا للمار والمصلي عن الإثم، والله أعلم.
السعي بين الصفا والمروة:
التعريف: السعي في اللغة: من سعى يسعى سعيا: أي قصد أو عمل أو مشى أو عدا (3).
قال تعالى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: 9].
والصفا جمع صفاة وهي الصخرة والحجر الأملس، والمروة حجر أبيض براق.
(1) رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين (1/ 427)، والخرشى على خليل (1/ 279)، ونهاية المحتاج (2/ 52)، ومطالب أولى النهى للسيوطى (1/ 482).
(2)
حاشية ابن عابدين (2/ 534).
(3)
القاموس المحيط مادة: "سعى".
والمراد بالصفا والمروة الجبلان الصغيران اللذان على مقربة من الكعبة وقد أصبحا الآن ضمن بناء المسجد بعد التوسعة.
وفي الاصطلاح الشرعي: قطع المسافة بين الصفا والمروة سبع مرات ذهابًا وإيابًا بعد طواف في نسك حج أو عمرة.
الأصل في مشروعية السعي: دل على مشروعية السعي الكتاب والسنة.
أما الكتاب: فمن القرآن قوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيم} [البقرة: 158].
وأما السنة: فمنها ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سعى بين الصفا والمروة وقال: "اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي"(1).
وقد شرع السعي على مثال سعي السيدة هاجر أم إسماعيل فقد سعت بين الصفا والمروة سبع مرات لطلب الماء لابنها عندما أسكنها إبراهيم عليه السلام في هذا الوادى ونفد ما عندها من ماء حتى جاءها الغوث من الله حيث نبع ماء زمزم.
قال ابن عباس رضي الله عنهما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فذلك سعى الناس بينهما"(2).
حكم السعي: اختلف الفقهاء في حكم السعي بين الصفا والمروة:
1 -
ذهب المالكية والشافعية والحنابلة في المعتمد عندهم إلى أن السعي ركن من أركان الحج والعمرة لا يصحان بدونه.
2 -
وذهب الحنفية والحنابلة في رواية إلى أن السعي واجب في الحج والعمرة
(1) أخرجه أحمد في المسند (6/ 422)، والبيهقيُّ في سننه (5/ 97).
(2)
أخرجه البخاريُّ (4/ 116).
فمن تركه وجب عليه الدم.
3 -
وذهب الحنابلة في رواية أخرى إلى أن السعي سنة لا يجب بتركه شيء.
الأدلة:
1 -
استدل الجمهور بما يأتي:
أ- حديث عائشة رضي الله عنها قالت: "طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم وطاف المسلمون يعني بين الصفا والمروة فكانت سنة، فلعمري ما أتم الله حج من لم يطف بين الصفا والمروة"(1).
ب- حديث حبيبة بنت أبي تجراة قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي"(2).
جـ - أن السعي نسك في الحج والعمرة حيث فعله النبي صلى الله عليه وسلم ووصله بالطواف فكان ركنا فيها كالطواف.
2 -
واستدل الحنفية ومن معهم بما يأتي:
أ- قوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 158].
جاء في قراءة ابن مسعود: {ألا يطوف بهما} وهي لا تدل على القول بالركنية للسعي لأن ذلك غير قاطع في الإثبات للركنية وإنما أكثر ما فيها الدلالة على الوجوب لا على كونه لا يتم الحج إلا به.
وأجابوا عن قول عائشة بأنه معارض بقول من خالفه من الصحابة. وأما
(1) أخرجه البخاريُّ (3/ 7)، ومسلمٌ (2/ 928).
(2)
سبق تخريجه (ص:)