الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الخامس من الباب الرابع «الأفعال التي يرجع الاختلاف فيها الى أصل الاشتقاق»
لقد تتبعت قراءات القرآن واقتبست منها الافعال التي قرئت بوجهين مختلفين في أسلوب واحد وكان الخلاف فيها يرجع الى «أصل الاشتقاق» بمعنى أن مادة الكلمة في
القراءتين واحدة.
قد رتبت هذه الافعال حسب أصول الكلمات بغض النظر عن حروف الزيادة.
والفهرس التالي يمثل الافعال موضوع البحث:
فهرس الافعال التي يرجع الاختلاف فيها الى أصل الاشتقاق حسب حروف الهجاء مادة الكلمة/ مادة الكلمة/ مادة الكلمة/ مادة الكلمة/ مادة الكلمة/ آب/ ذكر/ ظهر/ كذب/ نوش/ أتى/ ذهب/ عجز/ كفل/ هجر/
أتل/ رأى/ عذر/ كمل/ ورث/ بدل/ ربت/ عزز/ لات/ وصى/ بلغ/ رتع/ عرش/ لحد/ وقد/ تبع/ ردم/ علم/ لقف/ وهن/ تخذ/ زفّ/ غشي/ لقى/ ثبت/ زلق/ فتح/ لمز// جرى/ زور/ فجر/ مارى// جمع/ سأل/ فدى/ متع// حرق/ سخر/ فرط/ مد// حرن/ سقط/ فقه/ مسك// حض/ سقى/ فطر/ مناة// سمع حل/ صار/ قتر/ موت// حمل/ صد/ قتل/ نبت// خرب/ صدر/ قدر/ نجى// خرج/ صدق/ قدم/ نزف// خصم/ صلى/ قرن/ نزل// خطأ/ صبر/ قطع/ نسخ// خطف/ ضعف/ قول/ نشا// دخل/ ضل/ قوم/ نظر// دفع/ طهر/ كبر/ نكس//
الأفعال التي يرجع الاختلاف فيها الى أصل الاشتقاق «إيابهم» من قوله تعالى: إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ (1).
قرأ «أبو جعفر» «ايابهم» بتشديد الياء، وهو مصدر «أيب» على وزن «فيعل» مثل:«بيطر» والاصل «أيوب» فاجتمعت الياء، والواو، وسبقت احداهما بالسكون، فانقلبت «الواو» «ياء» ثم ادغمت الياء في الياء، و «اياب» على وزن «فيعال» .
ومعنى «ايابهم» : رجوعهم بعد الموت.
وقرأ الباقون «ايابهم» بتخفيف الياء، مصدر «آب يؤب إيابا» بمعنى:
رجع، على وزن «قام يقوم قياما» (2).
«لآتوها» من قوله تعالى: وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطارِها ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْها (3).
قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو جعفر، وابن ذكوان بخلف عنه «لأتوها» بقصر الهمزة، أي بحذف الالف التي بعدها، على أنه فعل ماض من «الاتيان» على معنى: جاءوها، وقوى ذلك أنه لم يتعد الا الى مفعول واحد.
وقرأ الباقون «لآتوها» بمد الهمزة، أي باثبات الالف التي بعدها، على أنه فعل ماض، من باب الاعطاء، على معنى: لأعطوها السائلين، أي لم يمتنعوا منها، أي لو قيل لهم: كونوا على المسلمين لفعلوا ذلك وهو الوجه
(1) سورة الغاشية الآية 25
(2)
قال ابن الجزرى: وشد أيابهم ثبتا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 364.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 332 واتحاف فضلاء البشر ص 438.
(3)
سورة الاحزاب الآية 14
الثاني «لابن ذكوان» (1).
«بما آتاكم» من قوله تعالى: وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ (2).
قرأ «أبو عمرو» «أتاكم» بقصر الهمزة- أي بدون مد نهائيا- من «الاتيان» والفاعل ضمير مستتر تقديره «هو» يعود على «ما» والتقدير: ولا تفرحوا بالذي جاءكم.
وقرأ الباقون «آتاكم» بمد الهمزة، من «الايتاء» وهو الاعطاء، والفاعل ضمير مستتر تقديره «هو» يعود على لفظ الجلالة «الله» المتقدم ذكره في قوله تعالى: وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (3).
«ولا يأتل» من قوله تعالى: وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ (4).
قرأ «أبو جعفر» «ولا يتأل» بتاء مفتوحة بعد الياء، وبعدها همزة مفتوحة،
وبعدها لام مشددة مفتوحة على وزن «يتفع» بحذف لام الكلمة «مضارع» «تألى» بمعنى حلف.
قال «ابن الجزري» : وهي قراءة» عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة مولاه، وزيد بن أسلم، وهي من «الالية» على وزن «فعلية» وهو الحلف، أي ولا يتكلف الحلف، أو لا يحلف أولوا الفضل أن لا يؤتوا، ودل على حذف «لا» خلو الفعل من النون الثقيلة فانها تلزم في الايجاب» أهـ.
(1) قال ابن الجزرى: وقصر آتوها مدا من خلف دم انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 249.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 143.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 196.
(2)
سورة الحديد الآية 23
(3)
قال ابن الجزرى: أتاكم اقصرن حز انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 328.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 276 والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 311.
رقم الآية 21
(4)
سورة النور الآية 22
وقرأ الباقون «يأتل» بهمزة ساكنة بعد الياء، وبعدها تاء مفتوحة، وبعدها لام مكسورة مخففة على وزن «يفتح بحذف لام الكلمة» مضارع «ائتلى» من «الالية» وهي الحلف فالقراءتان بمعنى واحد.
وقال «ابن الجزري» : هذه القراءة اما من «ألوت» أي قصرت، أو من «آليت» أي حلفت، يقال: آلى، وأتلى، وتألى بمعنى فتكون القراءتان بمعنى أهـ (1).
«أن يبدلهما» من قوله تعالى: فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ (2).
«أن يبدله» من قوله تعالى: عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً (3).
«أن يبدلنا» من قوله تعالى: عَسى رَبُّنا أَنْ يُبْدِلَنا خَيْراً مِنْها (4).
قرأ «ابن كثير، وابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي، ويعقوب، وخلف العاشر» «يبدلهما، يبدله، يبدلنا» باسكان الباء، وتخفيف الدال، على أن الفعل مضارع «أبدل» الثلاثي المزيد بهمزة.
وقرأ الباقون الافعال الثلاثة بفتح الباء، وتشديد الدال، على أن الفعل مضارع «بدل» الثلاثي مضعف العين (5).
«وليبدلنهم» من قوله تعالى: وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً (6).
(1) قال ابن الجزرى: ويتأل خاف دم انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 211.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 72.
(2)
سورة الكهف الآية 81
(3)
سورة التحريم الآية 5
(4)
سورة ن الآية 32
(5)
قال ابن الجزرى:
ومع تحريم نون يبدلا خفف ظبا كنز دنا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 168.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 72.
والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 408، ج 2 ص 249، 299.
(6)
سورة النور الآية 55
قرأ «ابن كثير، وشعبة، ويعقوب» «وليبدلنهم» باسكان الباء الموحدة، وتخفيف الدال، مضارع «أبدل» الرباعي.
وقرأ الباقون بفتح الباء، وتشديد الدال، مضارع «بدل» مضعف العين (1).
المعنى: وعد الله المؤمنين الذين آمنوا بالله ظاهرا، وباطنا، وعملوا الصالحات ليجعلنهم خلفاء في الارض، متصرفين فيها تصرف الملوك في ممالكهم، كما استخلف عليها الذين من قبلهم، وليمكنن لهم دين الاسلام الذي ارتضاه لهم، وليبدلنهم من بعد خوفهم من أعدائهم الكفار آمنا منهم، بعد أن كانوا مستضعفين خائفين.
«أبلغكم» من قوله تعالى: أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ (2).
ومن قوله تعالى: أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ ناصِحٌ أَمِينٌ (3).
ومن قوله تعالى: قالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ (4).
قرأ «أبو عمرو» «أبلغكم» في المواضع المتقدمة، بسكون الباء، وتخفيف اللام، على أنه مضارع «أبلغ» ومنه قوله تعالى: فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ (5).
وقرأ الباقون «أبلغكم» بفتح الباء، وتشديد اللام. على أنه مضارع «بلغ» المضعف، ومنه قوله تعالى:
(1) قال ابن الجزرى:
ومع تحريم نون يبدلا خفف ظبا كنز دنا النور دلا صف ظن انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 215.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 79.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 142
(2)
سورة الاعراف الآية 62
(3)
سورة الاعراف الآية 68
(4)
سورة الاحقاف الآية 23
(5)
سورة هود الآية 57
يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ (1).
«البلوغ، والبلاغ» : الانتهاء الى أقصى المقصد، والمنتهى، مكانا كان، أو زمانا، أو أمرا من الامور المقدرة (2).
ويقال أبلغه» السلام، و «بلغه» بالالف والتشديد: أصله (3)«لنبوئنهم» من قوله تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً (4).
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «لنثوينهم» بثاء مثلثة ساكنة بعد النون، وتخفيف الواو، وبعدها ياء تحتية مفتوحة، على أنه مضارع من «الثواء» يقال: أثواه بالمكان: أقامه به، وأنزل فيه.
وقرأ الباقون «لنبوئنهم» بباء موحدة مفتوحة في مكان الثاء، وتشديد الواو، وبعدها همزة مفتوحة، على أنه مضارع من «التبوء» وهو الاقامة أيضا، يقال بوأه كذا اذا أنزل فيه، فالقراءتان متحدتان في المعنى (5).
«لا يتبعوكم» من قوله تعالى: وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَتَّبِعُوكُمْ (6).
«يتبعهم» من قوله تعالى: وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ (7).
قرأ «نافع» «لا يتبعوكم» في الاعراف، «يتبعهم» في الشعراء
(1) قال ابن الجزرى: أبلغ الخف حجا كلا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 77.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1 ص 467.
والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 242.
سورة المائدة الآية 67.
(2)
انظر: المفردات في غريب القرآن ص 60.
(3)
انظر: المصباح المنير ج 1 ص 61.
(4)
سورة العنكبوت الآية 58
(5)
قال ابن الجزرى: لنثوين الباء مبدلا شفا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 240.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 125.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 181.
(6)
سورة الاعراف الآية 193
(7)
سورة الشعراء الآية 224
باسكان التاء وفتح الباء، على أنه مضارع «تبع» الثلاثي.
وقرأ الباقون بفتح التاء المشددة، وكسر الباء في الموضعين على أنه مضارع «اتبع» (1).
قال «مكي بن أبي طالب» ت 437 هـ:
والقراءتان لغتان بمعنى، حكى «أبو زيد الانصاري» ت 215 هـ:
«رأيت القوم فاتبعتهم، اذا سبقوك فأسرعت نحوهم، وتبعتهم مثله» أهـ.
ثم قال: وقال بعض أهل اللغة: «تبعه» مخففا: اذا مضى خلفه، ولم يدركه، «واتبعه» مشددا: اذا مضى خلفه فأدركه» أهـ (2).
ويقال: «تبع» زيد عمرا «تبعا» من باب «تعب تعبا» مشى خلفه، أو مرّ به فمضى معه.
والمصلى «تبع» لامامه، والناس «تبع» له، ويكون واحدا، وجمعا، ويجوز جمعه على «اتباع» مثل:«سبب وأسباب» .
و «تتابعت» الاخبار: جاء بعضها اثر بعض بلا فصل.
و «تتبعت» أحواله: تطلبتها شيئا بعد شيء في مهلة و «التبعة» وزان «كلمة» : ما تطلبه من ظلامه ونحوها (3).
«لاتخذت» من قوله تعالى: قال لو شئت لتخذت عليه أجرا (4).
قرأ «ابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب» «لتخذت» بتخفيف التاء الاولى، وكسر الخاء من غير ألف وصل، على أنه فعل ماض من «تخذ، يتخذ» على وزن «علم، يعلم» .
(1) قال ابن الجزرى: يتبعوا كالظلة بالخف والفتح اتل انظر النشر في القراءات العشر ج 3 ص 85.
(2)
انظر: الكشف عن وجوه القراءات ج 1 ص 486.
(3)
انظر: المصباح المنير ج 1 ص 72.
(4)
سورة الكهف الآية 77
وقرأ الباقون «لاتخذت» بألف وصل، وتشديد التاء الاولى، وفتح الخاء، على أنه فعل ماض من «اتخذ» على وزن «افتعل» فأدغمت فاء الكلمة في تاء «افتعل» (1).
وقرأ ابن كثير، وحفص، ورويس» بخلف عنه، باظهار الذال عند التاء.
وقرأ الباقون بادغام الذال في التاء، وهو الوجه الثاني «لرويس» (2) «ويثبت» من قوله تعالى: يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ (3)
قرأ «ابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم، ويعقوب» «ويثبت» باسكان الثاء، وتخفيف الباء الموحدة، على أنه مضارع «أثبت» المزيدة بهمزة.
وقرأ الباقون «ويثبت» بفتح الثاء، وتشديد الباء، على أنه مضارع «ثبت» مضعف العين (4).
«مجريها» من قوله تعالى: وَقالَ ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها (5).
قرأ «حفص، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «مجريها» بفتح الميم، على أنه مصدر «جرى» الثلاثى.
(1) قال ابن الجزرى: تخذ الخا اكسر وخف حقا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 168.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 70.
والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 408.
(2)
قال ابن الجزرى:
وفي أخذت واتخذت عن درى
…
والخلف غث
(3)
سورة الرعد الآية 39
(4)
قال ابن الجزرى: يثبت خفف نص حق انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 132 والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 23.
والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 354.
(5)
سورة هود الآية 11
وقرأ الباقون «مجريها» بضم الميم، على أنه مصدر «أجرى» الرباعي (1).
«فاجمعوا» من قوله تعالى: فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ (2).
قرأ «رويس» بخلف عنه «فاجمعوا» بوصل الهمزة، وفتح الميم، على أنه فعل أمر من «جمع» الثلاثي ضد فرق، قال تعالى: فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتى (3).
وقيل: «جمع» و «أجمع» بمعنى واحد.
وقرأ الباقون «فأجمعوا» بقطع الهمزة مفتوحة، وكسر الميم، وهو الثاني «لرويس» على أنه فعل أمر من «أجمع» الرباعي، يقال:«أجمع» في المعاني نحو: أجمعت أمري «وجمع» في الاعيان مثل: جمعت القوم.
وقد يستعمل كل مكان الآخر (4).
«فأجمعوا» من قوله تعالى: فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا (5).
قرأ «أبو عمرو» فأجمعوا» بهمزة وصل بعد الفاء، وفتح الميم، على أنه فعل أمر من «جمع» الثلاثي ضد «فرق» بمعنى الضم، ويلزم منه الاحكام.
وقرأ الباقون «فأجمعوا» بهمزة قطع مفتوحة مع كسر الميم، على أنه فعل أمر من «أجمع» الرباعي.
(1) قال ابن الجزرى: مجرى اضمما صف كم سما.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 114 والكشف عن وجوه القراءات ج 1 ص 528 والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 317.
(2)
سورة يونس الآية 71
(3)
سورة طه الآية 60
(4)
قال ابن الجزرى: صل فاجمعوا وافتح غرا خلف انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 109.
والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 305.
وشرح طيبة النشر ص 312.
(5)
سورة طه الآية 64
وأعلم أن «جمع» الثلاثي يتعدى للحسي والمعنوي، تقول: جمعت القوم، وجمعت أمري.
وأن «أجمع» الرباعي لا يتعدى الا للمعنوي، تقول: أجمعت أمري، ولا تقول أجمعت القوم (1).
«لنحرقنه» من قوله تعالى: لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً (2).
قرأ «ابن وردان» «لنحرقنه» بفتح النون، واسكان الحاء، وضم الراء
مخففة، على أنه مضارع «حرق» الثلاثي، يقال: حرق الحديد بفتح الراء يحرقه بضمها: اذا برده بالمبرد.
وقرأ «ابن جماز» «لنحرقنه» بضم النون، واسكان الحاء، وكسر الراء مخففة، على أنه مضارع «أحرق» يقال: أحرقه بالنار احراقا، وأحرقه تحريقا.
وقرأ الباقون «لنحرقنه» بضم النون، وفتح الحاء، وكسر الراء مشددة، على أنه مضارع «حرق» مضعف الراء، للمبالغة في الحرق (3).
«يحزنك» من قوله تعالى: وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ (4).
ومن قوله تعالى: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ (5).
(1) قال ابن الجزرى: فاجمعوا صل وافتح الميم حلا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 183.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 100.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 20.
(2)
سورة طه الآية 97
(3)
قال ابن الجزرى:
نحرقن* خفف ثنا وافتح لضم واضممن* كسر اخلا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 187 والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 26
(4)
سورة آل عمران الآية 176
(5)
سورة المائدة الآية 41
ومن قوله تعالى: قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ (1).
ومن قوله تعالى: وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً (2).
ومن قوله تعالى: وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ (3).
ومن قوله تعالى: فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ (4).
«ليحزننى» من قوله تعالى: قالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ (5).
«يحزنهم» من قوله تعالى: لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ (6).
«ليحزن» من قوله تعالى: إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا (7).
قرأ «نافع» جميع هذه الافعال حيثما وقعت في القرآن الكريم، بضم الياء، وكسر الزاي، على أنه مضارع «أحزن» الثلاثي المزيدة بالهمزة نحو:
«أكرم يكرم» .
الا موضوع الانبياء رقم/ 103 فقد قرأه بفتح الياء، وضم الزاي، على أنه مضارع «حزن» الثلاثي نحو:«علم يعلم» ومنه قوله تعالى: وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (8).
وذلك جمعا بين اللغتين.
وقرأ «أبو جعفر» جميع هذه الافعال بفتح الياء، وضم الزاي الا موضع الانبياء (9).
فقد قرأه بضم الياء، وكسر الزاي، جمعا بين اللغتين أيضا.
(1) سورة الانعام الآية 33
(2)
سورة يونس الآية 65
(3)
سورة لقمان الآية 23
(4)
سورة يس الآية 76
(5)
سورة يوسف الآية 13
(6)
سورة الانبياء الآية 103
(7)
سورة المجادلة الآية 10
(8)
سورة البقرة الآية 38
(9)
رقم الآية 103
وقرأ الباقون جميع هذه الافعال بفتح الياء، وضم الزاي (1).
قال «الراغب» في مادة «حزن» «الحزن» بضم الحاء، وسكون الزاي، والحزن بفتح الحاء والزاي، خشونة في الارض، وخشونة في النفس لما يحصل فيه من الغم، ويضاده الفرح «أهـ (2)
«ولا تحاضون» من قوله تعالى: وَلا تَحَاضُّونَ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ (3).
قرأ «عاصم، وحمزة، والكسائي، وأبو جعفر، وخلف العاشر» «ولا تحاضون» بفتح الحاء، واثبات ألف بعدها، وهو فعل مضارع حذفت منه احدى التاءين تخفيفا، وأدغمت الضاد في الضاد، والأصل «تتحاضون» على وزن «تتفاعلون» أي يحض بعضكم بعضا على إطعام المسكين، ومعنى «يحض»:«يحرض ويحث» .
وقرأ الباقون «ولا تحضون» بضم الحاء، وحذف الالف التي بعدها، مضارع «حض» مضعف الثلاثى، مثل «رد برد» (4).
«فيحل، ومن يحلل» من قوله تعالى: فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى (5).
قرأ «الكسائي» بضم الحاء من «فيحل» واللام من «يحلل» على
(1) قال ابن الجزرى:
يحزن في الكل اضمما
…
مع كسر أم الانبيا ثما
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 18.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1 ص 365 واتحاف فضلاء البشر ص 182.
(2)
انظر: المفردات في غريب القرآن ص 115.
(3)
سورة الفجر الآية 18
(4)
قال ابن الجزرى: وتحضون ضم حا فافتح ومد نل شفا ثق انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 365.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 333.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 372.
(5)
سورة طه الآية 81
أنهما مضارعان من «حل يحل» بالضم: اذا نزل بالمكان، من قوله تعالى: أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ (1) والمعنى: فينزل عليكم غضبي ومن ينزل عليه غضبي فقد هوى، وهو خطاب لبنى اسرائيل.
وقرأ الباقون بكسر الحاء من «فيحل» واللام من «يحلل» على أنهما مضارعان من حل عليه الدين يحل بكسر الحاء أي وجب قضاؤه، ومنه قوله تعالى: وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ (2).
والمعنى: فيجب عليكم غضبى ومن يجب عليه غضبي فقد هوى (3).
«حملنا» من قوله تعالى: وَلكِنَّا حُمِّلْنا أَوْزاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ (4).
قرأ «نافع، وابن كثير، وابن عامر، وحفص، وأبو جعفر، ورويس» «حملنا» يضم الحاء، وكسر الميم مشددة، على أنه فعل ماض مبني للمجهول من «حمل» مضعف العين، متعد لاثنين: الاول «نا» وهي نائب فاعل، والثاني «أوزارا» .
وقرأ الباقون «حملنا» بفتح الحاء، والميم مخففة، على أنه فعل ماض ثلاثي مجرد مبني للمعلوم متعد لواحد، وهو «أوزارا» و «نا» فاعل (5).
(1) سورة الرعد الآية 31.
(2)
سورة هود الآية 39
(3)
قال ابن الجزرى: وضم كسر يحل مع يحلل دنا النشر في القراءات العشر ج 3 ص 185.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 103.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 24.
(4)
سورة طه الآية 87
(5)
قال ابن الجزرى:
وضم واكسر ثقل حملنا عفا
…
كم غن حرم
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 116.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 104.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 25.
«يخربون» من قوله تعالى: يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ (1).
قرأ «أبو عمرو» «يخربون» بفتح الخاء، وتشديد الراء، مضارع «خرب» مضعف العين، على معنى: التكثير للخراب.
وقرأ الباقون «يخربون» باسكان الخاء، وتخفيف الراء، مضارع «أخرب» الرباعي (2).
والقراءتان لغتان بمعنى واحد وهو «الهدم» قال «سيبويه» ت 180 هـ:
«ان معنى فعلت، وأفعلت، يتعاقبان، نحو: «أخربته، وخربته، وأفرحته، وفرحته» أهـ.
وقال «أبو عمرو بن العلاء» ت 154 هـ:
«ان معنى فعلت، وأفعلت، يتعاقبان، نحو: «أخربته، وخربته، وأفرحته، وفرحته» أهـ.
وقال «أبو عمرو بن العلاء» ت 154 هـ:
«يقال: أخربت الموضع: تركته خرابا، وخربته: هدمته» أهـ (3)«ونخرج» من قوله تعالى: وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً (4).
قرأ «أبو جعفر» «ويخرج» بياء تحتية مضمومة، وراء مفتوحة، على أنه مضارع «أخرج» الرباعي، مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره «هو» يعود على «طائره» المتقدم ذكره في قوله تعالى: وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وكِتاباً حال.
وقرأ «يعقوب» «ويخرج» بالياء التحتية المفتوحة، وراء مضمومة، على أنه مضارع «خرج» الثلاثى، مبنى للمعلوم، والفاعل ضمير مستتر
(1) سورة الحشر الآية 2
(2)
قال ابن الجزرى: يخربون الثقل حم انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 331 والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 281.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 316.
(3)
انظر: تفسير الشوكاني ج 5 ص 196.
(4)
سورة الاسراء الآية 13
تقديره «هو» يعود على «طائره» أيضا، و «كتابا» حال.
وقرأ الباقون «ونخرج» بنون العظمة مضمومة، وراء مكسورة، على انه مضارع «أخرج» الرباعي، مبني للمعلوم، والفاعل ضمير مستتر تقديره «نحن» يعود على الله تعالى، وقد جرى الكلام على نسق واحد، لان قبله وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِيلًا وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ و «كتابا» مفعول به (1).
«يخصمون» من قوله تعالى: ما يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ (2).
قرأ «ورش، وابن كثير» «يخصمون» بفتح الياء، والخاء، وتشديد الصاد.
«وابن ذكوان، وحفص، والكسائي، ويعقوب، وخلف العاشر» بفتح الياء، وكسر الخاء، وتشديد الصاد.
«وحمزة» بفتح الياء، واسكان الخاء، وتخفيف الصاد.
«وأبو جعفر» بفتح الياء، واسكان الخاء، وتشديد الصاد.
«وأبو عمرو» بفتح الياء، وتشديد الصاد، وله في الخاء الفتح واختلاسها.
«وهشام» بفتح الياء، وتشديد الصاد، وله في الخاء الفتح والكسر.
«وشعبة» بكسر الخاء، وتشديد الصاد، وله في الياء الفتح والكسر.
«وقالون» بفتح الياء، وتشديد الصاد، وله في الخاء الاسكان، والفتح والاختلاس.
(1) قال ابن الجزرى:
ونخرج الياء وثوى وفتح ضم
…
وضم راء ظن فتحها ثكم
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 149 والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 380 وشرح طيبة النشر ص 330.
(2)
سورة يس الآية 49
وحجة من أسكن الخاء، وخفف الصاد، أنه بناه على وزن «يفعلون» مضارع «خصم يخصم» فهو يتعدى الى مفعول مضمر محذوف، لدلالة الكلام عليه، تقديره: يخصم بعضهم بعضا، بدلالة ما حكى الله جل ذكره عنهم من مخاصمة بعضهم بعضا في غير هذا الموضع، فحذف المضاف، وهو بعض الاول، وقام الضمير المحذوف مقام بعض في الاعراب، فصار
ضميرا مرفوعا، فاستتر في الفعل، لان المضمر المرفوع لا ينفصل بعد الفعل، لا تقول: اختصم هم، ولا قام أنت، والضمير فاعل، والتقدير: يخصمون مجادلهم عند أنفسهم، وفي ظنهم، ثم حذف المفعول.
وحجة من اختلس حركة الخاء وأخفاها، أن أصله «يفتعلون» فالخاء مساكنة، فلما كانت ساكنة في الاصل في «يختصمون» وأدغمت التاء في الصاد لم يمكن أن يجتمع ساكنان: المشدد والخاء، فأعطاهما حركة مختلسة، أو مخفاة، ليدل بذلك أن أصل الخاء السكون.
وحجة من فتح الخاء، وشدد الصاد، أنه بناه على «يفتعلون» أي يختصمون، فأدغم التاء في الصاد، لقربهما في المخرج، اذ التاء تخرج من:
طرف اللسان، وأصول الثنايا العليا، والصاد تخرج من طرف اللسان، وأطراف الثنايا السفلى.
كما أنهما مشتركان في الصفتين الآتيتين وهما الهمس، والاصمات.
وحجة من كسر الخاء أنه لما أدغم التاء في الصاد، اجتمع ساكنان: الخاء والمشدد، فكسر الخاء لالتقاء الساكنين، ولم يلق حركة التاء على الخاء.
وحجة من كسر الياء، أنه على الاتباع لكسرة الخاء (1).
(1) قال ابن الجزرى:
ويا يخصموا اكسر خلف صا في الخاليا
…
خلف روى من ظبى واختلسا
بالخلف حط بدرا وسكن بخسا
…
بالخلف في ثبت وخففوا فتا
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 164.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 160.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 217.
«خطأ» من قوله تعالى: إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِيراً (1).
قرأ «ابن كثير» «خطأ» بكسر الخاء، وفتح الطاء، وألف ممدودة بعدها، على أنه مصدر «خاطأ، يخاطئ، خطأ» مثل: «قاتل، يقاتل، قتالا» .
قال «ابن مالك» : لفاعل الفعال والمفاعلة.
وقرأ «ابن ذكوان، وأبو جعفر، وهشام بخلف عنه» «خطأ» بفتح الخاء والطاء، من غير ألف، على أنه مصدر «خطئ، خطأ فهو خاطئ» : اذا تعمد، مثل:«تعب، يتعب، تعبا» .
والمشهور في مصدر «خطئ» «خطأ» كما قال «ابن مالك» :
وفعل اللازم بابه فعل
…
كفرح وكجوى وكشلل
وقرأ الباقون «خطأ» بكسر الخاء، وسكون الطاء، وهو الوجه الثاني «لهشام» ، على أنه مصدر «خطئ، خطأ» بمعنى: مجانبة الصواب، مثل:
أثم، اثما» (2).
قال ابن مالك:
وما أتى مخالفا لما مضى
…
فبابه النقل كسخط ورضى
«فتخطفه» من قوله تعالى: فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ (3).
قرأ «نافع، وأبو جعفر» «فتخطفه» بفتح الخاء، والطاء مشددة
(1) سورة الاسراء الآية 31
(2)
قال ابن الجزرى:
وفتح خطأ من له الخلف ثرا
…
حرك لهم والمك والمد ددى
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 151.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 45.
والمهذب في القراءات العشر ص 382.
(3)
سورة الحج الآية 31
على أنه مضارع «تخطف» والاصل «تتخطفه» فحذفت احدى التاءين تخفيفا.
وقرأ الباقون بسكون الخاء، وفتح الطاء مخففة، على أنه مضارع «خطف» بكسر العين، على وزن «فهم» (1).
المعنى: من يتخذ مع الله شريكا فقد سقط من أوج الايمان الى حضيض الكفر، فيصير بمنزلة من سقط من السماء فتخطفه الطير، وتعصف به الريح فتهوى به في مكان بعيد، حتى يصبح لا يرجى فلاحه.
«مدخلا» من قوله تعالى: وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيماً (2).
من قوله تعالى: لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ (3).
قرأ «نافع، وأبو جعفر» «مدخلا» في السورتين بفتح الميم على أنه مصدر أو اسم مكان من «دخل» الثلاثي، وعليه فيقدر له فعل ثلاثي مطاوع «لندخلكم» والتقدير: وندخلكم فتدخلون مدخلا، أو مكان دخول.
وقرأ الباقون «مدخلا» في الموضعين بضم الميم، على أنه مصدر، أو اسم مكان من «أدخل» الرباعي (4).
تنبيه: اتفق القراء العشرة على ضم الميم من «مدخل» من قوله تعالى:
(1) قال ابن الجزرى:
ليوفوا حرك اشدد صافية كتخطف اتل ثق النشر في القراءات العشر ج 3 ص 198.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 119.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 48.
(2)
سورة النساء الآية 31
(3)
سورة الحج الآية 59
(4)
قال ابن الجزرى: وفتح ضم مدخلا مدا كالحج انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 28.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1 ص 386.
والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 156.
وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ (1).
لأن قبله» أدخلني «وهو فعل رباعي فيكون «مدخل» مفعولا به».
«مدخلا» من قوله تعالى: لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغاراتٍ أَوْ مُدَّخَلًا (2).
قرأ «يعقوب» «مدخلا» بفتح الميم، واسكان الدال مخففة، على أنه اسم مكان من «دخل يدخل» الثلاثي.
وقرأ الباقون «مدخلا» بضم الميم وفتح الدال مشددة، على أنه اسم مكان من «ادخل» على وزن «افتعل» والاصل «مدتخلا» فأدغمت الدال في التاء، وذلك لوجود التجانس بينهما اذ يخرجان من طرف اللسان مع ما يليه من أصول الثنايا العليا.
كما أنهما مشتركان في الصفات الآتية:
الشدة، والاستفال، والانفتاح، والاصمات (3).
«دفع» من قوله تعالى: وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ (4).
ومن قوله تعالى: وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ (5).
قرأ «نافع، وأبو جعفر، ويعقوب» «دفاع» بكسر الدال، وفتح
(1) سورة الاسراء الآية 80
(2)
سورة التوبة الآية 57
(3)
قال ابن الجزرى:
ومدخلا مع الفتح لضم يلمز ضم الكسر في الكل ظلم انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 97.
والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 279.
وشرح طيبة النشر ص 307.
(4)
سورة البقرة الآية 251
(5)
سورة الحج الآية 40
الفاء، وألف بعدها، على أنها مصدر «دافع» نحو:«قاتل قتالا» (1).
وقرأ الباقون «دفع» بفتح الدال، واسكان الفاء من غير ألف، على أنها مصدر «دفع يدفع» (2) نحو:«فتح يفتح» (3).
جاء في «المفردات» : «الدفع» اذا عدّي ب «إلى» اقتضى معنى «الانالة» نحو قوله تعالى: فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ (4) واذا عدي ب «عن» اقتضى معنى «الحماية» نحو قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا (5). أهـ (6).
«يدافع» من قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا (7) قرأ «ابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب» «يدفع» بفتح الياء، واسكان الدال، وحذف الالف التي بعدها، وفتح الفاء، على أنه مضارع «دفع» الثلاثي.
وقرأ الباقون «يدافع» بضم الياء، وفتح الدال، واثبات ألف بعدها، وكسر الفاء، على أنه مضارع «دافع» والمفاعلة فيه ليست على بابها، بل هي من جانب واحد مثل «سافر» وانما المفاعلة لقصد المبالغة في الدفع عن
(1) قال ابن مالك: لفاعل الفعال
(2)
قال ابن مالك:
فعل قياس مصدر المعدى من ذى ثلاثة كرد ردا
(3)
قال ابن الجزرى: وكلا دفع واكسر اذ ثوى انظر: النشر في القراءات العشر ج 2 ص 436.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1 ص 304.
وحجة القراءات ص 140.
واتحاف فضلاء البشر ص 161
(4)
سورة النساء الآية 6.
(5)
سورة الحج الآية 38.
(6)
انظر: المفردات في غريب القرآن مادة «دفع» ص 170.
(7)
سورة الحج الآية 38
المؤمنين» (1).
«ليذكروا» من قوله تعالى: وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا (2).
من قوله تعالى: وَلَقَدْ صَرَّفْناهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا (3).
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «ليذكروا» في الموضعين بسكون الذال، وضم الكاف مخففة، على أنه مضارع «ذكر، يذكر» الثلاثي من الذكر ضد النسيان قال تعالى: فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ وَما يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ (4).
وقرأ الباقون «ليذّكّروا» بتشديد الذال، والكاف حالة كونهما مفتوحتين، على أنه مضارع «تذكر، يتذكر» مضعف العين، وأصله «يتذكر» فأبدلت التاء «ذالا» وأدغمت في الذال، وذلك لوجود التقارب بينهما في المخرج:
اذ التاء تخرج من طرف اللسان مع ما يليه من أصول الثنايا العليا.
والذال تخرج من طرف اللسان مع أطراف الثنايا العليا.
كما أنهما مشتركان في الصفات الآتية: الاستفال، والانفتاح، والاصمات.
والتذكر معناه: التيقظ، والمبالغة في الانتباه من الغفلة.
ومن قوله تعالى: وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (5).
(1) قال ابن الجزرى: يدفع في يدافع البصرى ومك
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 199.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 119.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 49.
(2)
سورة الاسراء الآية 41.
(3)
سورة الفرقان الآية 50
(4)
سورة المدثر الآية 55 - 56
(5)
قال ابن الجزرى: ليذكروا اضمم خففن معا شفا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 153.
والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 384.
وشرح طيبة النشر ص 332.
سورة القصص الآية 51.
«يذكر» من قوله تعالى: أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً (1).
قرأ «نافع، وابن عامر، وعاصم» «يذكر» باسكان الذال، وضم الكاف، على أنه مضارع «ذكر» من الذكر الذي يكون عقيب النسيان، والغفلة.
وقرأ الباقون «يذكر» بتشديد الذال، والكاف، على أنه مضارع «تذكر» وأصله «يتذكر» فأبدلت التاء ذالا، وأدغمت في الذال، والتذكر معناه:
التيقظ والمبالغة في الانتباه من الغفلة (2).
«أن يذكر» من قوله تعالى: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً (3).
قرأ «حمزة، وخلف العاشر» «يذكر» بتخفيف الذال مسكنة، وتخفيف الكاف مضمومة، على معنى الذكر لله تعالى، وهو مضارع «ذكر يذكر» الثلاثي المخفف.
وقر الباقون بتشديد الذال، والكاف مفتوحتين، على معنى: التذكر، والتدبر، والاعتبار مرة بعد مرة، وهو مضارع «تذكر» والاصل «يتذكر» فأدغمت التاء في الذال، لتقاربهما في المخرج، اذ التاء تخرج، من طرف اللسان، وأصول الثنايا العليا، والذال تخرج من طرف اللسان، وأطراف الثنايا العليا.
(1) سورة مريم الآية 67.
(2)
قال ابن الجزرى:
ليذكروا اضمم خففن معا شفا
…
وبعد أن فتى ومريم لما اذ كم
النشر في القراءات العشر ج 3 ص 177 والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 90 والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 10
(3)
سورة الفرقان الآية 62
كما أنهما متفقان في الصفات الآتية:
الاستفال، والانفتاح، والاصمات (1).
«ذكرتم» من قوله تعالى: قالُوا طائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ (2).
قرأ «أبو جعفر» «ذكرتم» بتخفيف الكاف، على أنه فعل ماض مبني للمجهول من «الذكر» وتاء المخاطبين نائب فاعل.
وقرأ الباقون «ذكرتم» بتشديد الكاف، على أنه فعل ماض مبني للمجهول من «التذكر» وتاء المخاطبين نائب فاعل (3).
«يذهب بالابصار» من قوله تعالى: يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ (4).
قرأ «أبو جعفر» «يذهب» بضم الياء، وكسر الهاء، مضارع «أذهب» الرباعي، والباء في «بالابصار» زائدة مثل قوله تعالى: تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ (5).
و «الابصار» مفعول به، والفاعل مستتر ضمير يعود على «سنا برقه» .
وقيل: الباء أصلية وهي بمعنى «من» والمفعول محذوف تقديره يذهب سنا برقه النور من الابصار.
(1) قال ابن الجزرى:
ليذكروا اضمم خففن معا شفا
…
وبعد أن فتى
النشر في القراءات العشر ج 3 ص 219.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 147.
(2)
سورة يس الآية 19.
(3)
قال ابن الجزرى: وافتح أئن ثق وذكرتم عنه خف انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 262.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 164.
(4)
سورة النور الآية 43
(5)
سورة المؤمنون الآية 10
وقرأ الباقون «يذهب» بفتح الياء، والهاء، مضارع «ذهب» الثلاثي،
والباء للتعدية، و «الابصار» مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره «هو» يعود على «سنا برقه» (1).
فلا تذهب نفسك» من قوله تعالى: فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ (2).
قرأ «أبو جعفر» «تذهب» بضم التاء، وكسر الهاء، مضارع «أذهب» معدى بالهمزة، والفاعل ضمير مستتر تقديره «أنت» والمراد به نبينا «محمد» صلى الله عليه وسلم المشار اليه في قوله تعالى: وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ (3).
و «نفسك» بالنصب، مفعول به «لتذهب» .
وقرأ الباقون «تذهب» بفتح التاء، والهاء، مضارع» ذهب «الثلاثي، و «نفسك» بالرفع فاعل.
والمعنى: أفمن زين له سوء عمله، فغلب عليه هواه، فرأى الباطل حقا، والقبيح حسنا، فأصبحت تغتم من أجله وتتحسر عليه، فلا تغتم ولا تحزن، ولا تهلك نفسك على تكذيبهم اياك، ولا يشتد أسفك على عدم قبولهم دعوتك، فما عليك الا البلاغ، وفي هذا تسلية له صلى الله عليه وسلم (4).
«يرتع ويلعب» من قوله تعالى: أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ (5).
(1) قال ابن الجزرى: يذهب ضم واكسر ثنا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 214.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 76.
(2)
سورة فاطر الآية 8
(3)
رقم الآية 4
(4)
قال ابن الجزرى: وتذهب ضم واكسر ثغبا نفسك غيره انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 259.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 158.
(5)
سورة يوسف الآية 12
«يرتع» القراء فيها على خمس مراتب:
الاولى: «لنافع، وأبي جعفر» «يرتع» بالياء من تحت، على اسناد الفعل الى نبى الله يوسف عليه السلام، وكسر العين من غير ياء، على أن الفعل مجزوم بحذف حرف العلة، وهو مضارع «ارتعى» على وزن «افتعل» من الرعي بمعنى المراعاة وهي الحفظ للشيء (1).
الثانية: «لعاصم، وحمزة، والكسائي، ويعقوب، وخلف العاشر» «يرتع» بالياء التحتية مع سكون العين، على أنه مضارع «رتع» الثلاثي صحيح الآخر مجزوم بالسكون.
يقال: «رتع، يرتع، ورتوعا» والاسم «الرتعة» .
«والرتع» : الاكل والشرب رغد في الريف (2).
الثالثة: «لأبي عمرو، وابن عامر» «نرتع» بالنون، وجزم العين فالنون لمناسبة قوله تعالى قبل: أَرْسِلْهُ مَعَنا وجزم العين سبق توجيهه.
الرابعة: «للبزى» «نرتع» بالنون، وكسر العين من غير ياء وقد تقدم ذلك.
الخامسة: «لقنبل» «نرتع» بالنون، وكسر العين، وله في الياء الحذف، والاثبات، وصلا ووقفا.
«ويلعب» قرأ «ابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر» «نلعب» بالنون، مناسبة لقوله تعالى قبل: أَرْسِلْهُ مَعَنا.
وقرأ الباقون «يلعب» بالياء التحتية، على اسناد الفعل الى نبي الله يوسف عليه السلام (3).
(1) انظر: تفسير البحر المحيط ج 5 ص 276.
(2)
انظر لسان العرب مادة «رتع» ج 8 ص 112.
(3)
قال ابن الجزرى:
يرتع ويلعب نون دا حز كيف يرتع كسر جزم دم مدا وقال: ويرتع يتق يوسف زن خلفا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 123.
حز كيف يرتع كسر جزم دم مدا والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 333.
وشرح طيبة النشر ص 318.
«ردما ائتوني» من قوله تعالى: فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ (1).
قرأ «شعبة» بخلف عنه بكسر تنوين «ردما» وهمزة ساكنة بعده وصلا، على أن «ائتوني» فعل أمر من الثلاثي بمعنى المجيء فان وقف على «ردما» وابتدأ «بائتوني» فانه يبتدئ بهمزة وصل مكسورة، وابدال الهمزة الساكنة بعدها ياء.
وقرأ الباقون، باسكان التنوين في «ردما» وهمزة قطع مفتوحة، وبعدها ألف ثابتة وصلا ووقفا، على أن «آتوني» فعل أمر من الرباعي، بمعنى اعطوني، وهو الوجه الثاني لشعبة (2).
«نرى» من قوله تعالى: وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما (3) قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «ويرى» بياء تحتية مفتوحة، وبعدها راء مفتوحة وألف بعدها ممالة، مضارع «رأي» الثلاثي، و «فرعون» بالرفع فاعل «يرى» و «هامان، وجنودهما» بالرفع أيضا عطفا على
(1) سورة الكهف الآية 95 - 96
(2)
قال ابن الجزرى:
آتون همز الوصل فيهما صدق* خلف انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 171.
والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 411.
وشرح طيبة النشر ص 341.
(3)
سورة القصص الآية 6
«فرعون» .
وقرأ الباقون «ونري» بنون مضمومة، وكسر الراء، وفتح الياء، مضارع «أرى» الرباعي، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره «نحن» وهو اخبار عن الله تعالى المعظم نفسه، وجاء الكلام على نسق ما قبله، لان قبله نَتْلُوهُ عَلَيْكَ، وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ،
و «فرعون» ، بالنصب مفعول «نرى» و «هامان، وجنودهما» بالنصب أيضا عطفا على «فرعون» (1).
«ماذا ترى» من قوله تعالى: فَانْظُرْ ماذا تَرى (2).
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «ترى» بضم التاء، وكسر الراء، وياء بعدها، وهو مشتق من «الرأي» الذي هو الاعتقاد في القلب.
وهو مضارع «أريته الشيء» اذا جعلته يعتقده.
فالمعنى: فانظر ماذا تحملني عليه من الرأي فيما قلت لك هل تصبر أو تجزع.
وهو يتعدى الى مفعولين يجوز الاقتصار على أحدهما مثل «أعطى» فالمفعول الهاء المحذوفة اذا جعلت «ما» مبتدأ، و «ذا» بمعنى الذي خبر «ما» أي ما الذي تريه.
ويجوز أن يكون «ماذا» مفعول أول «بترى» والمفعول الثاني محذوف، أي ماذا تريناه.
وقرأ الباقون «ترى» بفتح التاء، والراء، من «الرأي» الذي هو الاعتقاد في القلب أيضا، وهو مضارع «رأي» ويتعدى الى مفعول واحد، وهو «ماذا» على أنها اسم استفهام مفعول مقدم «لترى» أي أيّ شيء ترى.
ولا يحسن اضمار الهاء مع نصب «ماذا» «بترى» لان الهاء لا تحذف من غير الصلة، والصفة، الا في الشعر.
وليس «ترى» من رؤية العين، لانه لم يأمره أن يبصر شيئا ببصره،
(1) قال ابن الجزرى:
نرى اليا مع فتحية شفا
…
ورفعهم بعد الثلاث
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 233.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 110.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 172.
(2)
سورة الصافات الآية 102
وانما أمره يدبر أمرا عرضه عليه يقول فيه برأيه وهو الذبح.
وليس ذلك من نبي الله «إبراهيم» لابنه «اسماعيل» على معنى الاستشارة له في أمر الله تعالى.
وانما هو على سبيل الامتحان للذبيح، هل سيصبر أو يجزع، ولذلك جاء الجواب بالصبر، يشير الى ذلك قوله تعالى:
قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (1).
ولا يحسن أن يكون «ترى» من العلم، لانه يلزم أن يتعدى الى مفعولين، وليس في الكلام غير مفعول واحد، وهو «ماذا» .
فلما امتنع ن يكون «ترى» من رؤية العين، أو من العلم، لم يبق الا أن يكون من «الرأي» الذي هو الاعتقاد في القلب (2).
«ربت» من قوله تعالى: فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ (3).
من قوله تعالى: فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ (4).
قرأ «أبو جعفر» «وربأت» في الموضعين بهمزة مفتوحة بعد الياء بمعنى ارتفعت، وهو فعل مهموز، يقال: فلان يربأ بنفسه عن كذا، بمعنى يرتفع.
وقرأ الباقون «وربت» في الموضعين بحذف الهمزة، بمعنى زادت من «ربا يربو» (5).
(1) رقم الآية 102
(2)
قال ابن الجزرى: ماذا ترى بالضم والكسر شفا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 271 والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 176.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 225.
(3)
سورة الحج الآية 5
(4)
سورة فصلت الآية 39
(5)
قال ابن الجزرى:
ربت قل رأبت ثرى معا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 196.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 44.
«يزفون» من قوله تعالى: فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ (1).
قرأ «حمزة» «يزفون» بضم الياء، على أنه مضارع «أزف» أخبر الله عنهم أنهم يحملون غيرهم على الاسراع، فالمفعول محذوف، والمعنى:
فأقبلوا اليه يحملون غيرهم على الاسراع: يحمل بعضهم بعضا على الاسراع.
والزفيف: الاسراع في الخطو مع مقاربة المشي.
قال «الاصمعى» ت 216 هـ يقال: «أزفت الابل، اذا حملتها على أن تزف أي تسرع» أهـ.
وقرأ الباقون «يزفون» بفتح الياء، مضارع «زفّ» بمعنى: عدا بسرعة، يقال: زفت الابل، اذا أسرعت (2).
«ليزلقونك» من قوله تعالى: وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ (3).
قرأ «نافع، وأبو جعفر» «ليزلقونك» بفتح الياء، مضارع «زلق» الثلاثي يقال: زلق عن موضعه: اذا تنحى.
وقرأ الباقون «ليزلقونك» بضم الياء، مضارع «أزلق» الرباعي، يقال: أزلقه عن موضعه: اذا نحاه (4).
جاء في تفسير الشوكاني: قال «الهروي» : معنى «ليزلقونك»
(1) سورة والصافات الآية 94
(2)
قال ابن الجزرى: يزفوا فز بضم انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 270.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 175 والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 225.
(3)
سورة ن الآية 51
(4)
قال ابن الجزرى: يزلق ضم غير مدا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 339 والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 299.
أي فيغتابونك بعيونهم فيزلقونك عن مقامك الذي أقامك الله فيه عداوة لك» أهـ.
وقال «الكلبي» ت 146 هـ:
«يزلقونك» أي يصرفونك عما أنت عليه من تبليغ الرسالة.
وقال «ابن عتيبة» ، عبد الله بن مسلم ت 276 هـ، «لا يريد الله أنهم يصيبونك بأعينهم كما يصيب «العائن» بعينه ما يعجبه، وانما أراد أنهم ينظرون اليك اذا قرأت القرآن نظرا شديدا بالعداوة، والبغضاء، يكاد يسقطك» أهـ (1).
«تزاور» من قوله تعالى: وترى الشمس اذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين (2).
قرأ «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «تزاور» بفتح الزاي مخففة، والف بعدها، وتخفيف الراء، على أنه مضارع «تزاور» وأصله «تتزاور» فحذفت منه احدى التاءين تخفيفا.
ومعنى «تزاور» : تميل.
وقرأ «ابن عامر، ويعقوب» «تزور» باسكان الزاي، وتشديد الراء بلا ألف «كتحمرّ» ، ومعنى «نزور» تنقبض عنهم، و «تزور» مضارع «أزور» مضعف اللام.
وقرأ الباقون «تزاور» بفتح الزاي مشددة، وألف بعدها، وتخفيف الراء، على أنه مضارع «تزاور» وأصله «تتزاور» فأدغمت التاء في الزاي، وذلك لقربهما.
اذ «التاء» تخرج من طرف اللسان مع ما يليه من أصول الثنايا العليا.
و «الزاي» تخرج من طرف اللسان مع أطراف الثنايا السفلى.
(1) انظر: تفسير الشوكاني ج 5 ص 277.
(2)
سورة الكهف الآية 17
كما أنهما مشتركان في الصفات التالية: الاستفال، والانفتاح، والاصمات (1).
تنبيه: «تحسبهم» من قوله تعالى: وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودٌ (2).
تقدم حكمة اثناء الحديث عن القراءات التي في قوله تعالى: يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ (3).
«يسألون» من قوله تعالى: يسائلون عن أنبائكم (4).
قرأ «رويس» «يساءلون» بتشديد السين المفتوحة، وألف بعدها، وأصلها «يتساءلون» فأدغمت التاء، في السين، لقربهما في المخرج، اذ التاء تخرج من طرف اللسان، وأصول الثنايا العليا، والسين تخرج من طرف اللسان، وأطراف الثنايا السفلى، كما أنهما مشتركان في الصفات التالية: الهمس، والاستفال، والانفتاح، والاصمات، ومعنى يتساءلون: يسأل بعضهم بعضا.
وقرأ الباقون «يسألون» بسكون السين، بعدها همزة بلا ألف، مضارع «سأل (5).
«سخريا» من قوله تعالى: فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي (6).
(1) قال ابن الجزري: وخفف تزاور الكوفى وتزور ظرف كم النشر في القراءات العشر ج 3 ص 159 والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 56.
والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 396.
(2)
سورة الكهف الآية 18
(3)
سورة البقرة الآية 273
(4)
سورة الاحزاب الآية 20
(5)
قال ابن الجزرى: ويسألون اشدد ومد غث انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 250.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 144.
(6)
سورة المؤمنون الآية 110
ومن قوله تعالى: أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ (1).
قرأ «نافع، وحمزة، والكسائي، وأبو جعفر، وخلف العاشر» «سخريا» بضم السين فيهما، وهو مصدر من «التسخير» وهو الخدمة، وقيل: هو بمعنى الهزء.
وقرأ الباقون بكسر السين فيهما، وهو مصدر من «السخرية» وهو الاستهزاء، ودليله قوله تعالى بعده: وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ (2).
فالضحك بالشيء نظير الاستهزاء به (3).
تنبيه: اتفق القراء العشرة على ضم السين في حرف الزخرف، وهو قوله تعالى: وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا (4).
لانه من السخرة.
«تساقط» من قوله تعالى: وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا (5).
قرأ «حفص» «تساقط» بضم التاء وتخفيف السين، وكسر القاف، على أنه مضارع «ساقط» والفاعل ضمير مستتر تقديره «هي» يعود على «النخلة» و «رطبا» مفعول به، و «جنيا» صفة.
(1) سورة ص الآية 63.
(2)
رقم الآية 110
(3)
قال ابن الجزرى: وضم كسرك سخريا كصاد ثاب أم شفا النشر في القراءات العشر ج 3 ص 207.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 66 والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 131.
(4)
سورة الزخرف الآية 32
(5)
سورة مريم الآية 25
وقرأ «حمزة» «تساقط» بفتح التاء، وتخفيف السين، وفتح القاف، على أنه مضارع «تساقط» والاصل «تتساقط» فحذف منه احدى التاءين تخفيفا، والفاعل ضمير مستتر يعود على النخلة، والمفعول مضمر تقديره: تساقط النخلة عليك تمرها، ورطبا حال، و «جنيا» صفة.
وقرأ «يعقوب» «يساقط» بالياء التحتية مفتوحة، على التذكير، وتشديد السين، وفتح القاف، على أنه مضارع «تساقط» والاصل «يتساقط» فأدغمت التاء في السين تخفيفا، والفاعل ضمير مستتر تقديره «هو» يعود على «الجذع» والمفعول محذوف، والتقدير: يساقط الجذع عليك تمرا، و «رطبا» حال، و «جنيا» صفة.
وشعبة له قراءتان: الاولى مثل قراءة «يعقوب» .
والثانية: «تساقط» بفتح التاء، وتشديد السين، وفتح القاف، على أنه مضارع «تساقط» والاصل «تتساقط» فأدغمت التاء في السين، والفاعل ضمير يعود على النخلة، والفاعل ضمير محذوف، و «رطبا» حال، وبهذه القراءة قرأ باقي القراء (1).
«نسقيكم» من قوله تعالى: وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ (2).
ومن قوله تعالى: وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِها (3).
قرأ «نافع، وابن عامر، وشعبة، ويعقوب» «نسقيكم» في الموضعين والنون المفتوحة، على أنه مضارع «سقي» الثلاثي، كما قال تعالى:
(1) قال ابن الجزرى:
خف تساقط في علا ذكر صدا
…
خلف ظبى وضم واكسر عد
انظر النشر في القراءات العشر ج ج 3 ص 175.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 87.
والمهذب في في القراءات العشر ج 2 ص 6 - 7.
(2)
سورة النحل الآية 66
(3)
سورة المؤمنون الآية 21
وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً (1).
وفاعل «نسقيكم» ضمير مستتر وجوبا تقديره «نحن» يعود على الله تعالى المتقدم ذكره في قوله تعالى: وَما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ (2).
وجرى الكلام على نسق واحد وهو اسناد الفعل الى المعظم نفسه.
وقرأ «أبو جعفر» «تسقيكم» في الموضعين، بالتاء الفوقية المفتوحة، على تأنيث الفعل، والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره «هي» يعود على «الانعام» وهي مؤنثة ولذلك جاز تأنيث الفعل.
وقرأ الباقون «نسقيكم» في الموضعين بالنون المضمومة، على أنه مضارع «أسقى» الرباعي، ومنه قوله تعالى: وَأَسْقَيْناكُمْ ماءً فُراتاً (3).
فان قيل: هل هناك فرق بين «سقى، وأسقى» ؟
القول: قال «الخليل بن أحمد الفراهيدي» ت 170 هـ وسيبويه، عمرو بن عثمان بن قنبر ت 180 هـ:
يقال: سقيته: ناولته فشرب، وأسقيته: جعلت له سقيا» أهـ.
وقال «أبو عبيدة معمر بن المثنى» ت 210 هـ:
«هما لغتان» أهـ وقال «أبو جعفر أحمد بن محمد النحاس» ت 338 هـ:
«سقيته، يكون بمعنى عرضته لان يشرب، وأسقيته، دعوت له
(1) سورة الانسان الآية 21
(2)
رقم الآية 64
(3)
قال ابن الجزرى:
ونون نسقيكم معا أنث ثنا
…
وضم صحب حبر
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 145.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 38 - 39.
والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 372، ج 2 ص 58.
سورة المرسلات الآية 27
بالسقيا، وأسقيته: جعلت له سقيا، وأسقيته: بمعنى «سقيته» عند «أبي عبيدة» أهـ (1).
فان قيل: ما وجه عود الضمير مذكرا في سورة «النحل» في قوله تعالى: مِمَّا فِي بُطُونِهِ.
أقول: هناك عدة توجيهات:
أحدها: أن الانعام تذكر، وتؤنث، فذكر الضمير على احدى اللغتين.
والثاني: أن الانعام جنس، فعاد الضمير اليه على المعنى.
والثالث: أن مفرد الانعام «نعم» والضمير عائد على مفرده.
والرابع: انه عائد على المذكور، فتقديره مما في بطون المذكور.
والخامس: أنه عائد على البعض الذي له لبن منها (2).
«ولا يسمع الصم» من قوله تعالى: وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ إِذا ما يُنْذَرُونَ (3).
قرأ «ابن عامر» تسمع» بتاء فوقية مضمومة، وكسر الميم. و «الصم» بنصب الميم، على أنه فعل مضارع من «أسمع» الرباعي، مسند الى ضمير المخاطب وهو النبي «محمد» صلى الله عليه وسلم، لتقدم لفظ الخطاب له في قوله تعالى: قُلْ إِنَّما أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ والفعل يتعدى الى مفعولين: فالصم مفعول أول، والدعاء مفعول ثان.
وقرأ الباقون «يسمع» بياء تحتية مفتوحة، وفتح الميم، و «الصم» برفع الميم، على أنه مضارع من «سمع» الثلاثي، و «الصم» فاعل، و «الدعاء» مفعول به (4).
(1) انظر: اعراب القرآن لابن النحاس ج 2 ص 216
(2)
انظر: اعراب القرآن للعكبرى ج 2 ص 800.
(3)
سورة الانبياء الآية 45
(4)
قال ابن الجزرى: يسمع ضم
خطابه واكسر وللصم انصبا
…
رفعا كسا
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 191.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 110.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 36.
«ولا تسمع الصم» من قوله تعالى: وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (1).
ومن قوله تعالى: وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (2).
وقرأ «ابن كثير» «يسمع» في الموضعين، بياء مفتوحة مع فتح الميم، على أنه فعل مضارع مبني للمعلوم من «سمع» الثلاثي، و «الصم» برفع الميم فاعل «يسمع» و «الدعاء» مفعول به، وذلك على الاخبار عن المعرضين عن سماع دعوة النبي صلى الله عليه وسلم لهم بالدخول في الاسلام، وفي ذلك نفي السماع عنهم (3).
والمعنى أنهم لا ينقادون الى الحق كما لا يسمع الاصم المعرض المدبر عن سماع ما يقال له، فلم يكفه أنه معرض عما يقال له حتى وصفه بالصمم، فهذا غاية امتناع سماع ما يقال له فشبههم في اعراضهم عن قبول ما يقال لهم من الاسلام بدعاء الاصم المعرض عن الشيء.
وقرأ الباقون «تسمع» بتاء مضمومة مع كسر الميم على أنه مضارع مبني للمعلوم من «أسمع» الرباعي، و «الصم» بفتح الميم مفعول أول، و «الدعاء» مفعول ثان، وفاعل «تسمع» ضمير مستتر تقديره «أنت» والمراد نبينا «محمد» صلى الله عليه وسلم المتقدم ذكره في قوله تعالى: إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى. فجرى الثاني على لفظ الاول من الخطاب.
«لا يسمعون» من قوله تعالى: لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى (4).
قرأ «حفص، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «لا يسمعون»
(1) سورة النمل الآية 80
(2)
سورة الروم الآية 52
(3)
قال ابن الجزرى:
يسمع ضم خطابه واكسر وللصم انصبا
…
رفعا كسا والعكس في النمل دبا كالكروم
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 230.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 106.
(4)
سورة الصافات الآية 8
بتشديد السين، والميم، على أن الاصل «يتسمعون» مضارع «تسمع» الذي هو مطاوع «سمع» مضعف العين، ثم أدغمت التاء في السين، لقربهما في المخرج، اذ «التاء» تخرج من طرف اللسان، وأصول الثنايا العليا، و «السين» تخرج من طرف اللسان، وأطراف الثنايا السفلى.
كما أنهما مشتركان في الصفات الآتية:
الهمس، والاستفال، والانفتاح، والاصمات.
وحسن حمله على «تسمع» لان «التسمع» قد يكون، ولا يكون معه ادراك سمع، واذا نفى «التسمع» عنهم، فقد نفى سمعهم من جهة «التسمع» ومن غيره، فذلك أبلغ في نفي السمع عنهم.
وقرأ الباقون «لا يسمعون» باسكان السين، وتخفيف الميم، على أنه مضارع «سمع» الثلاثي، والمعنى أنه نفى السمع عنهم، بدلالة قوله تعالى: إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ (1).
«يصدون» من قوله تعالى: إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (2).
قرأ «نافع، وابن عامر، والكسائي، وأبو جعفر، وخلف العاشر» «يصدون» بضم الصاد، مضارع «صد يصد» بضم العين، نحو:«قتل يقتل» .
ومعنى «يصدون» : يضحكون فرحا.
وقرأ الباقون، بكسر الصاد، مضارع «صد يصد» بكسر العين، نحو «جلس يجلس» (3).
(1) قال ابن الجزرى: وثقلى يسمعوا شفا عرف انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 269.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 172.
سورة الشعراء الآية 212 والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 221 سورة القراء 212.
(2)
سورة الزخرف الآية 57
(3)
قال ابن الجزرى: يصد ضم كسرا روى عم انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 296 والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 221 والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 260.
«يصدر الرعاء» من قوله تعالى: قالَتا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ (1).
قرأ «أبو عمرو، وابن عامر، وأبو جعفر» «يصدر» بفتح الياء، وضم الدال، مضارع «صدر يصدر» نحو:«نصر ينصر» وهو فعل لازم، و «الرعاء» فاعل، والمعنى: حتى يرجع الرعاء بمواشيهم.
وقرأ الباقون «يصدر» بضم الياء، وكسر الدال، مضارع «أصدر» الرباعي المعدى بالهمزة، و «الرعاء» فاعل، والمفعول محذوف، والمعنى: حتى يصرف الرعاء مواشيهم عن السقي (2).
«ان المصدقين والمصدقات» من قوله تعالى: إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً (3).
قرأ «ابن كثير، وشعبة» «المصدقين والمصدقات» بتخفيف الصاد فيهما، اسم فاعل من التصديق بالله وكتبه، ورسله ومعناه: ان المؤمنين والمؤمنات، لان الايمان والتصديق، بمعنى واحد.
وقرأ الباقون، بتشديد الصاد فيهما، اسم فاعل من «تصدق» والاصل:
«المتصدقين والمتصدقات» فأدغمت التاء في الصاد، لقربهما في المخرج، اذ «التاء» تخرج من طرف اللسان، وأصول الثنايا العليا، و «الصاد» تخرج من طرف اللسان، وأطراف الثنايا السفلى.
كما انهما مشتركان في صفتي: الهمس، والاصمات (4).
(1) سورة القصص الآية 23
(2)
قال ابن الجزرى: يصدر حز ثب كد بفتح الضم والكسر يضم انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 233.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 112.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 172.
(3)
سورة الحديد الآية 18
(4)
قال ابن الجزرى: وخفف صف دخل صادى مصدق انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 327.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 275 والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 310
«فصرهن» من قوله تعالى: قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ (1).
قرأ «حمزة، وأبو جعفر، ورويس، وخلف العاشر» «فصرهن» بكسر الصاد.
وقرأ الباقون بضم الصاد (2).
وجه الكسر في الصاد انه من «صار يصير» يقال صرت الشيء: أملته، وصرته قطعته.
وجه الضم أنه من «صار يصور» على معنى أملهن، او قطعهن، فاذا جعلته بمعنى أملهن: كان التقدير: أملهن اليك فقطعهن، واذا جعلته بمعنى قطعهن، كان التقدير: فخذ أربعة من الطير اليك فقطعهن.
اذا فكل من الكسر والضم في الصاد لغة بمعنى الميل والتقطيع.
وقيل: الكسر بمعنى: «قطعهن» والضم بمعنى: «أملهن وضمهن» (3) جاء في «المفردات» : «الصير» بتشديد الصاد، وسكون الياء:«الشق» وهو المصدر، ومنه قرئ «فصرهن» .
«وصار الى كذا» انتهى اليه، ومنه «صير الباب» لمصيره الذي ينتهي اليه في تنقله وتحركه قال تعالى: وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (4).
وصار عبارة عن التنقل من حال الى حال أهـ (5).
(1) سورة البقرة الآية 260
(2)
قال ابن الجزرى: فصرهن كسر الضم غث فتى ثما انظر: النشر في القراءات العشر ج 2 ص 438.
والمستنير في تخريج القراءات ج 1 ص 80.
والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 102.
وحجة القراءات ص 145.
واتحاف فضلاء البشر ص 163.
(3)
انظر: الكشف عن وجوه القراءات ج 1 ص 313
(4)
سورة المائدة الآية 18
(5)
انظر: المفردات في غريب القرآن مادة «صير» ص 290.
«وسيصلون» من قوله تعالى: إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً (1).
قرأ «ابن عامر، وشعبة» و «سيصلون» بضم الياء، على أنه مضارع مبني للمجهول من «أصلى» الثلاثي المزيد بالهمزة، والواو نائب فاعل، وهي المفعول الاول، وسعيرا مفعول ثان، ومنه قوله تعالى: سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً (2).
وقرأ الباقون «وسيصلون» بفتح الياء، على أنه مضارع مبني للفاعل من «صلا» الثلاثي، والواو فاعل، وسعيرا مفعول به، ومنه قوله تعالى: جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ (3).
قال «الراغب» : صلا: أصل الصلى لا يقاد النار، ويقال: صلى بالنار وبكذا أي بلى بها» أهـ (4).
«ويصلى» من قوله تعالى: وَيَصْلى سَعِيراً (5).
قرأ «نافع، وابن كثير، وابن عامر، والكسائي» «ويصلى» بضم الياء، وفتح الصاد، وتشديد اللام، مضارع «صلى» مضعف العين، مبنيا للمفعول، ونائب ضمير تقديره «هو» يعود على الذي أوتي كتابه وراء ظهره، المتقدم في قوله تعالى: وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ (6).
و «سعيرا» مفعول ثان «ليصلى» لانه عدى الى مفعولين بسبب التضعيف، الاول نائب فاعل، والثاني «سعيرا» .
وقرأ الباقون «ويصلى» بفتح الياء، وسكون الصاد، وتخفيف اللام،
(1) سورة النساء الآية 10
(2)
سورة النساء الآية 56
(3)
قال ابن الجزرى: يصلون ضم كم صبا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 25 سورة إبراهيم الآية 29 والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 151.
(4)
انظر: المفردات في غريب القرآن ص 285.
(5)
سورة الانشقاق الآية 12
(6)
رقم الآية 10
مضارع «صلى» مخففا، مبنيا للفاعل، يتعدى الى مفعول واحد، وهو «سعيرا» وفاعل «يصلى» ضمير يعود على الذي أوتى كتابه وراء ظهره (1).
«فيضاعفه» من قوله تعالى: فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً (2).
ومن قوله تعالى: فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (3).
«يضاعف» من قوله تعالى: وَاللَّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ (4).
«يضاعفه» من قوله تعالى: إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعِفْهُ لَكُمْ (5).
«يضاعفها» من قوله تعالى: وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها (6).
«يضاعف» وهو في أربعة مواضع نحو قوله تعالى: يُضاعَفُ لَهُمُ الْعَذابُ (7).
«ومضاعفة» من قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً (8).
قرأ «ابن كثير، وابن عامر، وأبو جعفر، ويعقوب» جميع الالفاظ المتقدمة حيثما وقعت في القرآن الكريم بحذف الالف التي بعد الضاد، وتشديد العين، على أنه مشتق من «ضعف» مشدد العين، للدلالة على التكثير.
(1) قال ابن الجزرى: يصلى اضمم اشدد كم رنا أهل دما انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 362 والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 329.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 367.
(2)
سورة البقرة الآية 245
(3)
سورة الحديد الآية 11
(4)
سورة البقرة الآية 261
(5)
سورة التغابن الآية 17
(6)
سورة النساء الآية 40
(7)
سورة هود الآية 20
(8)
سورة آل عمران الآية 130
وقرأ الباقون باثبات الالف، وتخفيف العين، على أنه مشتق من «ضاعف» (1).
«يضل» من قوله تعالى: إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا (2).
قرأ «حفص، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «يضل» بضم الياء، وفتح الضاد، وهو مضارع مبني للمفعول من «أضل» الرباعي، على معنى أن كبراءهم يحملونهم على
تأخير حرمة الشهر الحرام، فيضلونهم بذلك، و «الذين كفروا» نائب فاعل.
وقرأ «يعقوب» «يضل» بضم الياء، وكسر الضاد، على البناء للفاعل، وهو مضارع «أضل» أيضا، والفاعل ضمير على «الله تعالى» المتقدم ذكره في قوله تعالى: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً (3).
و «الذين كفروا» مفعول.
وقرأ الباقون «يضل» بفتح الياء، وكسر الضاد، على أنه مضارع «ضل» الثلاثي مبني للفاعل، و «الذين كفروا» فاعل، وأضيف الفعل الى الكفار، لانهم هم الضالون في أنفسهم بذلك تأخير، لانهم يحلون ما حرم الله (4).
«ليضلون» من قوله تعالى: وَإِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ بِأَهْوائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ (5).
(1) قال ابن الجزرى: وثقله وبابه ثوى كس دن انظر: النشر في القراءات العشر ج 2 ص 433.
(2)
سورة التوبة الآية 37
(3)
الآية 36
(4)
قال ابن الجزرى:
يضل فتح الضاد صحب
…
ضم يا صحب ظبى
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 96 والكشف عن وجوه القراءات ج 1 ص 277.
والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 502 وحجة القراءات ص 318.
(5)
سورة الانعام الآية 119
«ليضلوا» من قوله تعالى: رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ (1).
قرأ «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «ليضلون» ، «ليضلوا» بضم الياء، على أنه مضارع من «أضل» الرباعي، والواو فاعل، والمفعول محذوف، والتقدير: ليضلوا غيرهم.
وقرأ الباقون الفعلين بفتح الياء، على أنهما مضارع من «ضل» الثلاثي، وهو فعل لازم، والواو فاعل.
يقال: ضل فلان، وأضل غيره (2).
«ليضلوا» من قوله تعالى: وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ (3).
«ليضل» من قوله تعالى: ثانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ (4) ومن قوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ (5).
ومن قوله تعالى: وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ (6).
قرأ «ابن كثير، وأبو عمرو» «ليضلوا، ليضل» في جميع المواضع
المذكورة بفتح الياء، على أنها مضارع «ضل» الثلاثي، وهو فعل لازم، أي ليضلوا هم في أنفسهم.
وقرأ «رويس» «ليضلوا، ليضل» في جميع المواضع ما عدا موضع «لقمان» بفتح الياء، وقد سبق توجيه ذلك.
(1) سورة يونس الآية 88
(2)
قال ابن الجزرى: واضمم يضلوا مع يونس كفا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 61.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1 ص 449.
والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 223 - 307.
(3)
سورة إبراهيم الآية 30
(4)
سورة الحج الآية 9
(5)
سورة لقمان الآية 6
(6)
سورة الزمر الآية 8
أما موضع «لقمان» فقد قرأه بوجهين:
الاول: بفتح الياء، على أنه مضارع «ضل» الثلاثي.
والثاني: بفتح الياء، على أنه مضارع «أضل» الرباعي، وهو متعد الى مفعول محذوف، أي ليضلوا غيرهم.
وقرأ الباقون «ليضلوا، ليضل» في جميع المواضع، بضم الياء وقد سبق توجيه ذلك (1).
«يطهرن» من قوله تعالى: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ (2).
قرأ «شعبة، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «يطهره» بفتح الطاء والهاء مع التشديد فيهما، على أنه مضارع «تطهر» أي اغتسل، والاصل يتطهرون، فأدغمت التاء في الطاء، لوجود التجانس بينهما، لانهما يخرجان من مخرج واحد وهو: طرف اللسان مع أصول الثنايا العليا.
وقرأ الباقون «يطهرن» بسكون الطاء، وضم الهاء مخففة، على أنه مضارع «طهر» يقال: طهرت المرأة اذا شفيت من الحيض، واغتسلت (3).
المعنى: نهى الله تعالى الازواج عن مباشرة أزواجهم بالجماع أثناء
(1) قال ابن الجزرى:
يضل فتح الضم كالحج الزمر
حبر غنا
…
لقمان حبر وأتى عكس رويس
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 135.
والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 358، ج 2 ص 45، 134، 187 وشرح طيبة النشر ص 324.
(2)
سورة البقرة الآية 222
(3)
انظر: النشر في القراءات العشر ج 2 ص 430.
والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 91.
والمستنير في تخريج القراءات ج 1 ص 62 والكشف عن وجوه القراءات ج 1 ص 293.
واتحاف فضلاء البشر ص 157.
الحيض لما فيه من الضرر الشديد والاذى، ويكون ذلك سببا لكثير من الامراض التي أثبتها الطب الحديث، كما بين أنه ينبغي على الزوج أن لا يجامع امرأته الا بعد انقطاع دم الحيض تماما واغتسالها، وهذا ما يستفاد من قوله تعالى: فَإِذا تَطَهَّرْنَ أي اغتسلن بالماء بعد انقطاع الدم فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ أي من القبل فقط.
يقال: «طهرت المرأة» بضم الهاء «طهرا، وطهارة» ويقال أيضا: «طهرت» بفتح الهاء.
ويقال: «طهرته» بتشديد الهاء «فطهر» بضم الهاء «وتطهر» «واطهر» بتشديد الطاء، والهاء، فهو «طاهر، ومتطهر» والطهارة ضربان:
الاول: طهارة الجسم، قال تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا (1).
والثاني: طهارة النفس، قال تعالى: وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (2).
وقال «الزبيدى» : «الطهر» بضم الطاء: نقيض النجاسة «كالطهارة» بالفتح.
«والطهر» أيضا: نقيض الحيض، والمرأة طاهرة من الحيض، وطاهرة من النجاسة.
ويقال: «رجل طاهر، ورجال طاهرون، ونساء طاهرات» .
وفي «المحكم» : «طهرت» بتثليث الهاء: انقطع دمها، ورأت الطهر، واغتسلت من الحيض وغيره.
وقال «ثعلب» ت 291 هـ (3): «الفتح أرجح في «طهرت» أهـ (4)
(1) سورة المائدة الآية 6
(2)
سورة التوبة الآية 108.
(3)
هو: أحمد بن يحيى، المعروف بثعلب «أبو العباس» نحوي، لغوي، له عدة مصنفات، منها: المصون في النحو، واختلاف النحويين، ومعاني القرآن، ومعاني الشعر، وما ينصرف وما لا ينصرف، توفى ببغداد في جمادى الاول عام 291 هـ:
انظر ترجمته في معجم المؤلفين ج 2 ص 203.
(4)
انظر تاج العروس مادة «طهر» ج 3 ص 362.
«يظاهرون» من قوله تعالى: الذين يظاهرون منكم من نسائهم (1).
ومن قوله تعالى: والذين يظاهرون من نسائهم (2).
قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب» «يظهرون» في الموضعين، بفتح الياء، وتشديد الظاء، والهاء وفتحها من غير ألف بعد الظاء، على أنه مضارع «تظهر» على وزن «تفعل» بتشديد العين، والاصل «يتظهرون» على وزن «يتفعلون» ثم أدغمت التاء في الظاء، لقربهما في المخرج، اذ «التاء» تخرج من طرف اللسان، وأصول الثنايا العليا، و «الظاء» تخرج من طرف اللسان، وأطراف الثنايا العليا، كما أنهما مشتركان في صفة «الاصمات» .
وقرأ «عاصم» «يظاهرون» في الموضعين، بضم الياء، وتخفيف الظاء، والهاء وكسرها، وألف بعد الظاء، على أنه مضارع «ظاهر» على وزن «فاعل» .
وقرأ «ابن عامر، وحمزة، والكسائي، وأبو جعفر، وخلف العاشر» «يظاهرون» في الموضعين، بفتح الياء، وتشديد الظاء، وألف بعدها، مع
تخفيف الهاء وفتحها، على أنها مضارع «تظاهر» على وزن «تفاعل» والاصل «يتظاهرون» فأدغمت التاء في الظاء (3).
«تظاهرون» من قوله تعالى: وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم (4).
(1) سورة المجادلة الآية 2
(2)
سورة المجادلة الآية 3
(3)
قال ابن الجزرى:
وامدد وخف ها يظهروا كنز ثدى
…
وضم واكسر خفف الظا قل معا
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 328.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 278.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 313.
(4)
سورة الاحزاب الآية 4
قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وأبو جعفر» «تظهرون» بفتح التاء، وتشديد الظاء، وحذف الالف التي بعدها، وفتح الهاء وتشديدها، وهو مضارع «تظهر» على وزن «تفعل» وأصله «تتظهرون» فأدغمت التاء في الظاء، لقربها في المخرج، اذ التاء تخرج من طرف اللسان، وأصول الثنايا العليا، والظاء تخرج من طرف اللسان، وأطراف الثنايا العليا، كما أنهما مشتركان في صفة «الاصمات» .
وقرأ «ابن عامر» «تظاهرون» بفتح التاء، وتشديد الظاء، والف بعدها، وفتح الهاء وتخفيفها، وهو مضارع «تظاهر» على وزن «تفاعل» وأصله «تتظاهرون» فأدغمت التاء في الظاء.
وقرأ «عاصم» «تظاهرون» بضم التاء، وتخفيف الظاء، وألف بعدها، وكسر الهاء مخففة، وهو مضارع «ظاهر» على وزن «فاعل» .
وقرأ الباقون «تظاهرون» بفتح التاء، وتخفيف الظاء، وألف بعدها، وفتح الهاء مخففة، وهو مضارع «تظاهر» وأصله «تتظاهرون» فحذفت احدى التاءين تخفيفا (1).
«معاجزين» من قوله تعالى: وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ (2).
ومن قوله تعالى: وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ (3).
ومن قوله تعالى: وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ (4).
«قرأ ابن كثير، وأبو عمرو» «معجزين» بحذف الالف التي بعد العين،
(1) قال ابن الجزرى:
تظاهرون الضم والكسر نوى
…
وخفف الها كنز والظاء واقصر سما
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 248.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 141.
(2)
سورة الحج الآية 51
(3)
سورة سبأ الآية 5
(4)
سورة سبأ الآية 38
وتشديد الجيم، على أنه اسم فاعل من «عجزه» اذا ثبطه، والمعنى: مثبطين المؤمنين عن الدخول في الاسلام.
وقرأ الباقون «معاجزين» باثبات الالف، وتخفيف الجيم، على أنه اسم فاعل من «عاجزه» اذا سابقه فسبقه، وأصله يستعمل في مسابقة الخيل، لان كل واحد من المتسابقين يحاول سبق غيره، واظهار عجزه عن اللحاق به، ثم استعمل في المتخاصمين لان كل واحد يحاول اعجاز الآخر، وابطال حجته.
والمعنى: والذين سعوا في آياتنا معاجزين، أي محاولين ابطال ما نطقت به الآيات من الحجج والبراهين على ثبوت نبوة «محمد» صلى الله عليه وسلم، أولئك أصحاب الجحيم (1).
«المعذرون» من قوله تعالى: وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ (2).
قرأ «يعقوب» «المعذرون» بسكون العين، وكسر الذال مخففة، على أنه اسم فاعل من «أعذر» الرباعي.
وقرأ الباقون «المعذرون» بفتح العين، وكسر الذال مشددة، وهذه القراءة توجيهها يحتمل أمرين:
الاول: أن يكون اسم فاعل من «عذر» مضعف العين.
والثاني: أن يكون اسم فاعل من «اعتذر» فأدغمت التاء في الذال لوجود التقارب بينهما في المخرج، اذ التاء تخرج من طرف اللسان مع ما يليه من أصول الثنايا العليا.
والذال تخرج من طرف اللسان مع أطراف الثنايا العليا.
(1) قال ابن الجزرى:
واقصر ثم شد معاجزين الكل حبر انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 201.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 122.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 52.
(2)
سورة التوبة الآية 90
كما أنهما مشتركان في الصفات الآتية:
الشدة، والاستفال، والانفتاح، والاصمات (1).
«يعرشون» من قول الله تعالى: وَدَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَما كانُوا يَعْرِشُونَ (2).
وقوله تعالى: وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (3).
قرأ «شعبة، وابن عامر» «يعرشون» في الموضعين بضم الراء، نحو «نصر ينصر» (4).
وقرأ الباقون «يعرشون» بكسر الراء، نحو:«ضرب يضرب» (5).
وهما لغتان، يقال:«عرش يعرش» بكسر العين وضمها بمعنى «بنى» .
ونحن اذا ما نظرنا الى هاتين القراءتين وجدناهما ترجعان الى أصل الاشتقاق، حيث ان القراءة الاولى من «عرش يعرش» بفتح العين في الماضي، وضمها في المضارع نحو:«نصر ينصر» والقراءة الثانية من «عرش يعرش» بفتح العين في الماضي وكسرها في المضارع نحو: «ضرب يضرب» .
«العرش» في الاصل: شيء مسقف، وجمعه «عروش» قال تعالى: وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلى ما أَنْفَقَ فِيها وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها (6).
(1) قال ابن الجزرى: وظله المعذرون الخف انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 91 والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 283 وشرح طيبة النشر ص 308.
(2)
سورة الاعراف الآية 137
(3)
سورة النحل الآية 68
(4)
قال ابن الجزرى: يعرشوا معا بضم الكسر صاف كمشوا
(5)
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 79.
والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 250.
(6)
سورة الكهف الآية 42.
ومنه قيل: عرشت الكرم، وعرشته: اذا جعلت له كهيئة سقف.
ومنه قوله تعالى: وَدَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَما كانُوا يَعْرِشُونَ (1).
قال «أبو عبيدة معمر بن المثنى» ت 210 هـ: «يبنون» أهـ (2).
وجاء في المصباح: «العرش» : السرير، و «عرش» البيت: سقفه، و «العرش» أيضا: شبه بيت من جريد يجعل فوقه «الثمام» (3) والجمع «عروش»
مثل: «فلس، وفلوس» والعريش» مثله، وجمعه «عرش» بضمتين، نحو «بريد، وبرد» .
وكان «ابن عمر» رضي الله عنه يقطع التلبية اذا رأى «عروش مكة» يعني «البيوت» .
«وعريش» الكرم: ما يعمل مرتفعا يمتد عليه الكرم، والجمع «عرائش» .
و «عرشته» بالتثقيل: «عملت له عريشا» .
و «العريشة» بالهاء: «الهودج» والجمع «عرائش» أيضا أهـ (4).
«فعززنا» من قوله تعالى: فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ فَقالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ (5).
قرأ «شعبة» «فعززنا» بتخفيف الزاي الاولى، من «عز» بمعنى: غلب، ومنه قوله تعالى: وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ أي غلبني في الخطاب.
وهو متعد، ومفعوله محذوف، وهو المرسل اليهم، تقديره: فعززناهم بثالث، أي فغلبنا أهل القرية بثالث.
(1) سورة الاعراف الآية 137
(2)
انظر: المفردات في غريب القرآن ص 329.
(3)
الثمام: كغراب: نبت واحدته «ثمامة» وبيت مثموم مغطى به أهـ انظر: القاموس ج 4 ص 87.
(4)
انظر: المصباح المنير ج 2 ص 402
(5)
سورة يس الآية 14
وقرأ الباقون «فعززنا» بتشديد الزاي، من «عزز» بمعنى: القوة، أي فقويناهم بثالث، والمفعول أيضا محذوف، يعود على الرسولين، أي فقوينا المرسلين برسول ثالث (1).
المعنى: كان أهل «أنطاكية» (2) أيام نبي الله «عيسى» عليه السلام يعبدون
الاصنام ممن دون الله، فأرسل اليهم «عيسى» اثنين من الحواريين يبلغانهم شريعته، فطلب الرسولان من أهل أنطاكية عبادة الله، وترك عبادة الاصنام، فكذبوهما، فقواهما الله وشد أزرهما برسول ثالث، وهو «شمعون» رئيس الحواريين، فقالوا لهم انا اليكم مرسلون من قبل الله الواحد القهار.
«تعلمون» من قوله تعالى: وَلكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ (3).
قرأ «ابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «تعلمون» بضم التاء، وفتح العين، وكسر اللام مشددة، على أنه مضارع «علم» مضعف العين، فينصب مفعولين أولهما محذوف تقديره:«الناس» وثانيهما «الكتاب» .
وقرأ الباقون «تعلمون» بفتح التاء، واسكان العين، وفتح اللام مخففة، على أنه مضارع «علم» نحو «فهم» مخفف العين، وهو ينصب مفعولا واحدا، وهو «الكتاب» (4).
(1) قال ابن الجزرى: عززنا الخف صف انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 262.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 163
(2)
أنطاكية: مدينة عظيمة في الشمال الشرقي من البحر الابيض المتوسط فتحها الصحابي الجليل «أبو عبيدة بن الجراح» في خلافة «عمر بن الخطاب» رضي الله عنه، وكانت تابعة للروم وهي الآن تابعة لتركيا.
(3)
سورة آل عمران الآية 79
(4)
قال ابن الجزرى:
تعلمون ضم حرم واكسر وشد كنز انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 9 والكشف عن وجوه القراءات ج 1 ص 351.
«يغشي» من قوله تعالى: يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً (1).
ومن قوله تعالى: يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (2).
قرأ «شعبة، وحمزة، والكسائي، ويعقوب، وخلف العاشر» «يغشي» بفتح الغين، وتشديد الشين، على أنه مضارع «غشى» مضعف العين.
وقرأ الباقون «يغشي» باسكان الغين وتخفيف الشين، على أنه مضارع «أغشى» المزيد بالهمزة (3).
«والغشاء» : «الغطاء» وزنا ومعنى، وهو مشتق من «غشيت الشيء» بالتثقيل، اذا غطيته.
«والغشاوة» بالكسر: «الغطاء» أيضا «وغشى» الليل، من باب «تعب» و «أغشى» بالالف: أظلم (4).
«فتحنا» من قوله تعالى: فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ (5).
ومن قوله تعالى: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ (6).
(1) سورة الاعراف الآية 54
(2)
سورة الرعد الآية 3
(3)
قال ابن الجزرى:
يغشى معا
…
شد ظما صحبة
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 75.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1 ص 464.
والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 240.
(4)
انظر: المصباح المنير ج 1 ص 448.
(5)
سورة الانعام الآية 44
(6)
سورة الاعراف الآية 66
ومن قوله تعالى: فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ (1).
قرأ «ابن عامر وابن وردان» «فتحنا» في السور الثلاث بتشديد التاء، نحو «كرم» مضعف الثلاثي.
وقرأ «ابن جماز» بالتشديد في موضع «القمر» وبالتشديد والتخفيف في موضعي: «الانعام، والاعراف» .
وقرأ «روح» بالتشديد في موضع «القمر» وبالتخفيف في موضعي «الانعام، والاعراف» .
وقرأ «رويس» بالتشديد، والتخفيف في السور الثلاث وقرأ الباقون بالتخفيف في السور الثلاث (2).
والتخفيف، والتشديد لغتان، الا أن التشديد للدلالة على التكثير.
تنبيه: اتفق القراء العشر على القراءة بالتخفيف في لفظ «فتحنا» في غير المواضع المتقدمة، وقد وقع ذلك في قوله تعالى: وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (3).
وفي قوله تعالى: حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ إِذا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (4).
(1) سورة القمر الآية 11
(2)
قال ابن الجزرى:
فتحنا اشد كلف
خذه كالاعراف وخلفا ذق غدا
…
واقتربت كم ثق غلا الخلف شدا
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 50.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1 ص 432.
والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 207، 546، ج 2 ص 265.
(3)
سورة الحجر الآية 14
(4)
سورة المؤمنون الآية 77
وفي قوله تعالى: إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً (1).
وذلك لوقوع المفرد بعدها، والتشديد يقتضي التكثير.
ولأن القراءة سنة متبعة، ومبنية على التوقيف.
«الفتح» ازالة الاغلاق، والاشكال.
وذلك ضربان.
أحدهما: يدرك بالبصر، كفتح الباب، ونحوه، وكفتح القفل (2).
قال تعالى: وَلَمَّا فَتَحُوا مَتاعَهُمْ وَجَدُوا بِضاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ (3).
والثاني: يدرك بالبصيرة، كفتح الهم، وهو ازالة الغم.
وذلك ضروب:
الاول: في الامور الدنيوية كغم يفرج، وفقر يزال باعطاء المال ونحوه، قال تعالى: فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ (4).
والثاني: فتح المستغلق من العلوم، نحو قولك: فلا فتح من العلم بابا مغلقا (5).
«لا تفتح» من قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ (6).
قرأ «أبو عمرو» «لا تفتح» بتاء التأنيث، وسكون الفاء، وفتح التاء مخففة، على أنه مضارع «فتح» الثلاثي مبني للمجهول «وأبواب» نائب فاعل. وأنث الفعل لتأنيث نائب الفاعل.
(1) سورة الفتح الآية 1
(2)
القفل: بضم القاف، وسكون الفاء.
(3)
سورة يوسف الآية 65
(4)
سورة الانعام الآية 44.
(5)
انظر: المفردات مادة «فتح» ص 370.
(6)
سورة الاعراف الآية 40
وقرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «لا يفتح» بياء التذكير، وسكون الفاء، وفتح التاء مخففة، على أنه مضارع «فتح» الثلاثى مبني
للمجهول، «وأبواب» نائب فاعل، وذكر الفعل لا تأنيث «أبواب» غير حقيقي، وللفصل بين الفعل ونائب الفاعل بالجار والمجرور.
وقرأ الباقون «لا تفتح» بتاء التأنيث، وفتح الفاء، وتشديد التاء، على أنه مضارع «فتح» مضعف عين الكلمة، على معنى التكرير، والتكثير مرة بعد مرة (1).
«فتحت» من قوله تعالى: حَتَّى إِذا جاؤُها فُتِحَتْ أَبْوابُها (2).
ومن قوله تعالى: حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها (3).
ومن قوله تعالى: وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً (4).
قرأ «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «فتحت» في المواضع الثلاث، بتخفيف التاء، على أنه فعل ماض مبني للمجهول من «فتح» الثلاثي، و «أبوابها» و «السماء» نائب فاعل.
وقرأ الباقون «فتحت» بتشديد التاء، على أنه فعل ماض مبني للمجهول من «فتح» مضعف العين، والتشديد فيه معنى التكثير، والتكرير (5).
(1) قال ابن الجزرى: يفتح في روى وحز شفا يخف انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 73.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1 ص 462.
والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 238.
(2)
سورة الزمر الآية 71
(3)
سورة الزمر الآية 73
(4)
سورة النبأ الآية 19
(5)
قال ابن الجزرى: وفيها والنبأ فتحت الخف كفا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 282 والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 193 والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 241.
«تفجر» من قوله تعالى: وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً (1).
قرأ «عاصم، وحمزة، والكسائي، ويعقوب، وخلف العاشر» «تفجر» بفتح التاء، وسكون الفاء، وضم الجيم مخففة، على أنه مضارع «فجر» الثلاثي.
وقرأ الباقون «تفجر» بضم التاء، وفتح الفاء، وكسر الجيم مشددة، على أنه مضارع «فجر» مضعف العين، وذلك أنهم سألوا النبي عليه الصلاة والسلام كثرة «التفجير» فشددت العين ليدل التشديد على طلب تكرير الفعل (2).
تنبيه: «فتفجر» من قوله تعالى: فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً (3).
اتفق القراء العشرة على قراءته بالتشديد، من أجل قوله تعالى، «تفجيرا» .
«تفادوهم» من قوله تعالى: وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسارى تُفادُوهُمْ (4).
قرأ «نافع، وعاصم، والكسائي، وأبو جعفر، ويعقوب» تفادوهم» بضم التاء، وفتح الفاء، وألف بعدها، من «فادى» وهذه القراءة تحتمل أحد معنيين:
الاول: أن تكون المفاعلة على بابها، اذ الاصل فيها أن تكون بين
(1) سورة الاسراء الآية 90.
(2)
قال ابن الجزرى: تفخر الاولى كتقتل ظبا كفى انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 156 والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 50.
والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 390.
(3)
الآية 91
(4)
سورة البقرة الآية 85
فريقين
يدفع كل فريق من عنده من الاسرى للفريق الآخر، سواء كان العدد مماثلا، أو غير مماثل حسب الاتفاق الذي يتم بين الفريقين.
والثاني: أن تكون المفاعلة ليست على بابها مثل قول «ابن عباس» رضي الله عنه: «فاديت نفس» وحينئذ تتحد هذه القراءة في المعنى مع القراءة الآتية.
وقرأ الباقون «تفدوهم» بفتح التاء، واسكان الفاء، وحذف الالف بعدها، من «فدى» فالفعل من جانب واحد، اذ لا يكون كل واحد من الفريقين غالبا، وحينئذ فأحد الفريقين يفدي أصحابه من الفريق الآخر بمال أو غيره (1).
«الفدى، والفداء» : حفظ الانسان عن النائبة بما يبذله عنه، قال تعالى:
فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً (2).
ويقال: «فديته بمال» ، وفديته بنفسي»، «فاديته بكذا» ، قال تعالى: وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسارى تُفادُوهُمْ (3).
ويقال: «تفادى فلان من فلان» : أي تحامى من شيء بذله.
ويقال: «افتدى» اذا بذل عن نفسه، قال تعالى: فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ (4).
(1) انظر: النشر في القراءات العشر ج 2 ص 411.
والمهذب في القراءات العشر ج 1.
والمستنير في تخريج القراءات ج 1 ص 27 والكشف عن وجوه القراءات ج 1 ص 252.
واتحاف فضلاء البشر ص 141.
وحجة القراءات ص 105.
والتيسير في القراءات السبع ص 74.
قال ابن الجزرى: تفدوا تفادوا رد ظلل نال مدا
(2)
سورة «محمد» الآية 4.
(3)
سورة البقرة الآية 85.
(4)
سورة البقرة الآية 229.
«والمفاداة» : هو أن يرد «أسرى» العدو، ويسترجع منهم من في أيديهم (1).
ويقال: «فداه بنفسه» «يفديه فداء» ككساء، «وفدى» بالكسر مقصور، ويفتح.
وقال «الفراء» ت 207 هـ: (2).
«اذ فتحوا الفاء قصروا فقالوا «فدى لك، واذا كسروا الفاء مدوا، قال «متمم بن نويرة» :
فداء لممساك ابن أمي وخالتي
…
وأمي وما فوق الشراكين من نعلي
وربما كسروا الفاء وقصروا فقالوا: «هم فدى لك» أهـ (3).
وقال «علي بن سليمان الاخفش الصغير» ت 315 هـ: (4).
«لا يقصر «الفداء» بكسر الفاء الا للضرورة، وانما المقصود هو المفتوح الفاء» أهـ (5).
«مفرطون» من قوله تعالى: لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ (6).
قرأ «نافع» «مفرطون» بكسر الراء مخففة، على أنها اسم فاعل من
(1) انظر: المفردات في غريب القرآن مادة «فدى» ص 374.
(2)
هو يحيى بن زيدان بن عبد الله بن منظور، المعروف بالفراء الديلمي «أبو زكريا» أديب، نحوي، لغوي، ولد بالكوفة، وانتقل الى بغداد، وصاحب «الكسائي» وأدب ابن «المأمون» له عدة مصنفات توفي في طريق مكة عام 207 هـ:
انظر: معجم المؤلفين ج 13 ص 198.
(3)
انظر: تاج العروس مادة «فدى» ج 10 ص 277.
(4)
هو: علي بن سليمان بن الفضل، الاخفش الصغير، البغدادي، «أبو الحسن» نحوي، اخباري، لغوي، سمع «المبرد، وثعلب» وغيرهما، له عدة مصنفات منها: التثنية والجمع، وشرح كتاب سيبويه، وتفسير معاني القرآن، توفي ببغداد، وقد قارب الثمانين عام 315 هـ:
انظر: معجم المؤلفين ج 7 ص 104.
(5)
انظر: تاج العروس مادة «فدى» ج 10 ص 277.
(6)
سورة النحل الآية 62.
«أفرط» اذا جاوز الحد، يقال: كانوا مفرطين على أنفسهم في الذنوب.
وقال «مكي بن أبي طالب» ت 437:
«مفرطون» بكسر الراء، اسم فاعل من «أفرط» اذا أعجل، فمعناه: وأنهم معجلون الى النار، أي: سابقون اليها.
وقيل معناه: وأنهم ذوو إفراط الى النار أي: ذوو عجل اليها.
حكى «أبو زيد الانصارى» ت 215 هـ:
فرط الرجل أصحابه يفرطهم: اذا سبقهم، والفارط: المتقدم الى الماء وغيره» أهـ (1).
وقرأ «أبو جعفر» «مفرطون» بكسر الراء مشددة، على أنها اسم فاعل من «فرط» مضعف العين، بمعنى: قصرت، وضيعت، ومنه قوله تعالى: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ (2).
وقرأ الباقون «مفرطون» بفتح الراء مخففة، اسم مفعول من «أفرط» الرباعي.
قال «الفراء» ، يحيى بن زياد أبو زكريا ت 207 هـ:
معناه: منسيون في النار.
وقيل: منسيون، مضيعون، متركون، قال:
والعرب تقول: أفرطت منهم ناسا، أي: خلقتهم ونسيتهم» أهـ (3).
(1) انظر: الكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 38.
(2)
سورة الزمر الآية 56
(3)
انظر: لسان العرب مادة «فرط» ج 7 ص 370.
قال ابن الجزرى: ورا مفرطون اكسر مدا واشدد ثرا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 145.
والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 371. وشرح طيبة النشر ص 328.
«يتفطرن» من قوله تعالى: تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ (1).
ومن قوله تعالى: تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ (2).
قرأ «نافع، وابن كثير، وحفص، والكسائي، وأبو جعفر» «يتفطرن» في الموضعين، بتاء فوقية مفتوحة بعد الياء مع فتح الطاء وتشديدها، على أنه مضارع «تفطر» بمعنى تشقق، مطاوع «فطره» بالتشديد: اذا شقه مرة بعد أخرى.
وقرأ «أبو عمرو، وشعبة، ويعقوب» «ينفطرن» في الموضعين، بنون ساكنة بعد الياء مع كسر الطاء مخففة، على أنه مضارع «انفطر» بمعنى انشق، مطاوع «فطره» بالتخفيف اذا شقه.
وقرأ «ابن عامر، وحمزة، وخلف العاشر» موضع «مريم» «ينفطرن» مثل قراءة «أبي عمرو، ومن معه» وموضع «الشورى» «يتفطرون» مثل قراءة نافع، ومن معه (3).
«يفقهون» من قوله تعالى: وَجَدَ مِنْ دُونِهِما قَوْماً لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا (4).
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «يفقهون» على أن الفعل رباعي من «أفقه» غيره، أي: أفهمه ما يقوله، وهو متعد لمفعولين:
المفعول الثاني: قولا، والمفعول الاول محذوف، تقديره «أحدا» والمعنى:
لا يكادون يفهمون السامع كلامهم.
(1) سورة مريم الآية 90
(2)
سورة الشورى الآية 5
(3)
قال ابن الجزرى:
وينفطرن يتفطرن علم حرم رقا
…
الشورى شفا عن دون عم
النشر في القراءات العشر ج 3 ص 178.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 93.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 12.
(4)
سورة الكهف الآية 93
وقرأ الباقون «يفقهون» بفتح الياء، والقاف، على أن الفعل ثلاثي من «فقه» وهو يتعدى لمفعول واحد، وهو «قولا» والمعنى: لا يكادون يفهمون كلام غيرهم لجهلهم بلسان من يخاطبهم، وقلة فطنتهم (1).
«ولم يقتروا» من قوله تعالى: وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا (2).
قرأ «نافع، وابن عامر، وأبو جعفر» «يقتروا» بضم الياء، وكسر التاء، مضارع «أقتر» الرباعي، مثل:«أكرم يكرم» قال تعالى: وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ (3).
والمقتر اسم فاعل من «أقتر» وقرأ «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» بفتح الياء وضم التاء، مضارع «قتر» الثلاثي، مثل:«قتل يقتل» .
وقرأ «ابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب» بفتح الياء، وكسر التاء، مضارع «قتر» أيضا، مثل:«ضرب يضرب» (4).
(1) قال ابن الجزرى: يفقهوا ضم اكسرا شفا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 170.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 76.
والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 410.
(2)
سورة الفرقان الآية 67
(3)
سورة البقرة الآية 236
(4)
قال ابن الجزرى:
وعم ضم يقتروا والكسر ضم كوف انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 220.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 87.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 147.
«تقاتلوهم، يقاتلوكم، قاتلوكم» من قوله تعالى: وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ (1).
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» ولا تقاتلوهم، يقاتلوكم، قاتلوكم» بفتح تاء الفعل الاول، وياء الثاني، واسكان القاف فيهما، وضم التاء بعدها، وحذف الالف التي بعد القاف في الكلمات الثلاث، من «القتل» .
وقرأ الباقون باثبات الالف في الكلمات الثلاث مع ضم تاء الفعل الاول وياء الثاني، وفتح القاف فيهما مع كسر تاءيهما، من «القتال» (2).
«ويقتلون» من قوله تعالى: وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ (3).
قرأ «حمزة» «ويقتلون» الذي بعده: «الذين يأمرون بالقسط» الخ.
وقرأ «ويقاتلون» بضم الياء، وفتح القاف، وألف بعدها، وكسر التاء من «قاتل» والمفاعلة من الجانبين، لانه وقع قتال بين الطرفين: الكفار، والذين يأمرون بالقسط من الناس.
وقرأ الباقون «ويقتلون» بفتح الياء، واسكان القاف، وحذف الالف، على أنه مضارع من «قتل» (4).
وذلك عطفا على قوله تعالى أول الآية: وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ.
(1) سورة البقرة الآية 191
(2)
قال ابن الجزرى: لا تقتلوهم ومعا بعد شفا فاقصر انظر: النشر في القراءات العشر ج 2 ص 428.
والمستنير في تخريج القراءات ج 1 ص 53 والكشف عن وجوه القراءات ج 1 ص 285.
(3)
سورة آل عمران الآية 21
(4)
قال ابن الجزرى: يقاتلون الثان فز في يقتلوا
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 5.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1 ص 338.
والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 117.
وحجة القراءات ص 158.
والحجة في القراءات السبع ص 107.
فقد أخبر الله عن الكفار بقتلهم للأنبياء بغير حق فقتل من دونهم أسهل عليهم، ومن تجرأ على قتل «نبي» فهو على قتل من هو دون النبي من المؤمنين أجرأ، فحمل آخر الكلام على أوله في الاخبار عن الكفار بالقتل.
تنبيه: «ويقتلون» من قوله تعالى: وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ (1).
اتفق القراء العشرة على قراءته «ويقتلون» بفتح الياء، واسكان القاف، وحذف الالف على أنه مضارع من «قتل» ولم يرد فيه الخلاف الذي في «ويقتلون الذين يأمرون بالقسط» لان القراءة سنة متبعة، ومبنية على التلقي والتوقيف.
قال «الزبيدي» «قتله قتلا، وتقتالا، نقلهما الجوهري وقال «سيبويه» : «والتقتال: القتل، وهو بناء موضوع للتكثير» أماته بضرب، أو حجر، أو سم، فهو قاتل، وذلك مقتولا» أهـ (2).
«قتلوا» من قوله تعالى: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً (3).
ومن قوله تعالى: فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقاتَلُوا وَقُتِلُوا (4).
ومن قوله تعالى: قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ (5).
(1) سورة آل عمران الآية 21
(2)
انظر: تاج العروس شرح القاموس مادة «قتل» ج 8 ص 75.
(3)
سورة آل عمران الآية 169
(4)
سورة آل عمران الآية 195
(5)
سورة الانعام الآية 140
ومن قوله تعالى: وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ ماتُوا (1).
قرأ «ابن عامر» «قتلوا» في المواضع الاربع بتشديد التاء، على أن الفعل مضارع مبني للمجهول من «قتل» مضعف العين، والواو نائب فاعل، وذلك لارادة التكثير في القتل.
وقرأ «ابن كثير» بتشديد التاء في الموضع الاخير من آل عمران رقم/ 195 وكذا موضع الانعام رقم/ 140.
أما موضع آل عمران رقم/ 169، وكذا موضع الحج رقم/ 58.
فقد قرأهما بتخفيف التاء، على أنه مضارع مبني للمجهول من «قتل» الثلاثي مثل «نصر» وذلك جمعا بين اللغتين.
وقرأ الباقون بتخفيف التاء في المواضع الاربع (2).
تنبيه: «قتلوا» من قوله تعالى: وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ (3).
اتفق القراء العشرة على قراءته بالبناء للمجهول مع تخفيف التاء.
«وقتلوا» من قوله تعالى: أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا (4).
اتفق القراء العشرة على قراءته بالبناء للمجهول مع تشديد التاء.
(1) سورة الحج الآية 58
(2)
قال ابن الجزرى:
ما قتلوا شد ندى خلف وبعد كفلوا
…
كالحج والآخر والانعام دم كم
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 16 والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 142 واتحاف فضلاء البشر ص 181.
(3)
سورة محمد الآية 4
(4)
سورة الاحزاب الآية 61
وهذا ان دل على شيء فانما يدل على أن القراءة سنة متبعة ومبنية على التوقيف.
«ما قتلوا» من قوله تعالى: الَّذِينَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطاعُونا ما قُتِلُوا (1).
قرأ «هشام» بخلف عنه «ما قتلوا» بتشديد التاء، على أنه مضارع مبني للمجهول من «قتل» مضعف العين، والواو نائب فاعل، وذلك لارادة التكثير في القتل.
وقرأ الباقون «ما قتلوا» بتخفيف التاء، وهو الوجه الثاني لهشام، على أنه مضارع مبني للمجهول من «قتل» الثلاثي مثل «نصر» والواو نائب فاعل (2).
تنبيه: «وما قتلوا» من قوله تعالى: وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كانُوا غُزًّى لَوْ كانُوا عِنْدَنا ما ماتُوا وَما قُتِلُوا (3).
اتفق القراء العشرة على قراءته بتخفيف التاء مع البناء للمجهول.
وذلك اما لمناسبة «ما ماتوا» أو لان القتل في هذا الموضع ليس مختصا بسبيل الله بدليل «اذا ضربوا في الارض» لان المقصود به السفر في التجارة وقد روي عن «ابن عامر» أنه قال:
«ما كان من القتل في سبيل الله فهو بالتشديد» أي يجوز فيه التشديد.
(1) سورة آل عمران الآية 168
(2)
قال ابن الجزرى: ما قتلوا شد لدى خلف انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 16.
والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 142 واتحاف فضلاء البشر ص 181
(3)
سورة آل عمران الآية 156
«سنقتل» من قوله تعالى: قالَ سَنُقَتِّلُ أَبْناءَهُمْ (1).
قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو جعفر» «سنقتل» بفتح النون واسكان القاف، وضم التاء مخففة، على أنه مضارع «قتل يقتل» نحو:«نصر ينصر» وذلك على أصل الفعل الذي يدل على القلة، والكثرة.
وقرأ الباقون «سنقتل» بضم النون، وفتح القاف، وكسر التاء مشددة، على أنه مضارع «قتل» مضعف العين، الذي يدل على معنى التكثير مرة بعد مرة (2).
«يقتلون» من قوله تعالى: يُقَتِّلُونَ أَبْناءَكُمْ (3).
قرأ «نافع» «يقتلون» بفتح الياء، وسكون القاف، وكسر التاء مشددة، على أنه مضارع «قتل يقتل» نحو:«نصر ينصر» على الاصل، فهو يدل على القلة، والكثرة.
وقرأ الباقون «يقتلون» بضم الياء، وفتح القاف، وكسر التاء مشددة، على أنه مضارع «قتل» مضعف العين للمبالغة، اذ فيه معنى التكثير، قتل بعد قتل (4).
(1) سورة الاعراف الآية 127
(2)
قال ابن الجزرى:
سنقتل اضمما
…
واشدده واكسر ضمه كنز حما
النشر في القراءات العشر ج 3 ص 79.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1 ص 474.
والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 250.
(3)
سورة الاعراف الآية 141
(4)
قال ابن الجزرى:
سنقتل اضمما
…
واشدده واكسر ضمه كنز حما
ويقتلون عكسه انقل
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 80 والكشف عن وجوه القراءات ج 1 ص 474.
والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 251.
يقال: «قتلته قتلا» : أزهقت روحه، فهو «قتيل» والمرأة «قتيل» أيضا، اذا كان وصفا، فاذا حذف الموصوف جعل اسما ودخلت الهاء، نحو: رأيت «قتيلة» بني فلان، والجمع فيهما «قتلى» .
والقتلة: بكسر القاف: الهيئة، يقال: قتله قتلة سوء والقتلة بفتح القاف:
المرة.
ويقال قاتله مقاتلة، وقتالا، فهو «مقاتل» بالكسر اسم فاعل، والجمع «مقاتلون» و «مقاتلة» وبالفتح اسم مفعول.
و «المقاتلة» الذين يأخذون في القتال بفتح التاء، وكسرها لان الفعل واقع من كل واحد وعليه، فهو فاعل ومفعول في حالة واحدة.
وعبارة «سيبويه» في هذا الباب:
«باب الفاعلين والمفعولين اللذين يفعل كل واحد بصاحبه ما يفعله صاحبه به» (1).
وأما الذين يصلحون للقتال ولم يشرعوا في القتال فبالكسر لا غير، لان الفعل لم يقع عليهم، فلم يكونوا مفعولين، فلم يجز الفتح.
والمقتل: بفتح الميم، والتاء: الموضع الذي اذا أصيب لا يكاد صاحبه يسلم «كالصدغ» بضم الصاد، وسكون الدال (2).
«فقدرنا» من قوله تعالى: فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ (3).
قرأ «نافع، والكسائي، وأبو جعفر» «فقدرنا» بتشديد الدال، فعل ماض، من «التقدير» ، كأنه مرة بعد مرة.
(1) انظر: كتاب سيبويه ج 1 ص 37.
تنبيه: من الصيغ التي يجوز فيها الوجهان: فتح عين الكلمة وكسرها: «المكاتب، والمهادن» وهو كثير.
(2)
انظر: المصباح المنير ج 2 ص 490.
(3)
سورة المرسلات الآية 23
وقد أجمعوا على التشديد في قوله تعالى: مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (1).
وقرأ الباقون «فقدرنا» بتخفيف الدال، فعل ماض من «القدرة» (2).
وقال الكسائي، والفراء»:«هما لغتان بمعنى، تقول قدرت كذا، وقدرته» أهـ (3).
«قدر» من قوله تعالى: وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى (4).
قرأ «الكسائي» «قدر» بتخفيف الدال، على أنه فعل ماض من «القدرة» على ايجاد جميع المخلوقات من العدم، وعلى غير مثال سبق، الى غير ذلك مما يدل عليه لفظ «القدرة» ، فهو الفعال لما يريد، ولا يسأل عما يفعل.
وقرأ الباقون «قدر» بتشديد الدال، على أنه فعل ماض من «التقدير» .
والمعنى: قدر اجناس الاشياء، وأنواعها، وصفاتها، وأفعالها، وأقوالها، وآجالها، فهدى كل واحد منها الى ما يصدر عنه وينبغي له، ويسره لما خلق له، والهمة الى أمور دينه ودنياه (5).
(1) سورة عبس الآية 19
(2)
قال ابن الجزرى: ثقل قدرنا دم مدا انظر: في القراءات العشر ج 3 ص 355.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 317.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 358.
(3)
انظر: تفسير الشوكاني ج 5 ص 357.
(4)
سورة الاعلى الآية 3
(5)
قال ابن الجزرى: قدر الخف رفا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 363 والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 331.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 370.
وتفسير الشوكاني ج 5 ص 423.
«لا تقدموا» من قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ (1).
قرأ «يعقوب» «لا تقدموا» بفتح التاء، والدال، وذلك على حذف احدى التاءين، لان الاصل «تتقدموا» ومضارع «تقدم» .
وقرأ الباقون بضم التاء، وكسر الدال، مضارع «قدم» مضعف العين ومعنى الآية: لا تقطعوا أمرا دون الله ورسوله، ولا تتعجلوا به (2).
«وقرن» من قوله تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ (3).
قرأ «نافع، وعاصم، وأبو جعفر» «وقرن» بفتح القاف، على أنه فعل أمر من «قررن» بكسر الراء الاولى «يقررن» بفتحها، والامر منه «اقررن» حذفت منه الراء الثانية
تخفيفا، ثم نقلت فتحة الراء الى القاف. ثم حذفت همزة الوصل للاستغناء عنها بفتحة القاف، فصار الفعل «قرن» على وزن «فعل» بحذف لام الكلمة.
وقرأ الباقون «وقرن» بكسر القاف، على أنه فعل أمر مشتق من القرار وهو السكون، يقال:«قر في المكان يقر» على وزن «فعل يفعل» مثل: «جلس يجلس» والامر منه «أقررن» بكسر الراء الاولى، وسكون الثانية، ثم حذفت الراء الثانية تخفيفا، ثم نقلت كسرة الراء الى القاف، ثم حذفت همزة الوصل للاستغناء عنها بكسرة القاف، فصار الفعل «قرن» على وزن «فعن» بحذف لام الكلمة (4).
(1) سورة الحجرات الآية 1
(2)
قال ابن الجزرى: تقدموا ضموا كسروا لا الحضرمي
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 310.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 247.
(3)
سورة الاحزاب الآية 33
(4)
قال ابن الجزرى: وفتح قرن نل مدا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 251.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 146.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 197.
ومشكل اعراب القرآن ج 2 ص 196.
«وتقطعوا» من قوله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ (1).
قرأ «يعقوب» «وتقطعوا» بفتح التاء، وسكون القاف، وفتح الطاء مخففة، مضارع «قطع» الثلاثي، من «القطع» .
يقال: قطعت الصديق «قطيعة» : هجرته، و «قطعته عن حقه»: منعته.
قرأ الباقون «وتقطعوا» بضم التاء، وفتح القاف، وكسر الطاء مشددة، مضارع «قطع» مضعف العين، من «التقطيع» والتضعيف للتكثير (2).
«تقول» من قوله تعالى: أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِباً (3).
قرأ «يعقوب» تقول» بفتح القاف، وتشديد الواو، مضارع «تقول» على وزن «تفعل» مضعف العين، والاصل «فتقول» فحذفت احدى التاءين تخفيفا، وهو مشتق من «التقول» وهو «الكذب» ، فيكون «كذبا» مفعولا به «لتقول» وقرأ الباقون «تقول» بضم القاف، واسكان الواو، مضارع «قال» من «القول» وعلى هذه القراءة يكون «كذبا» مصدرا مؤكدا «لتقول» لان الكذب نوع من القول، أو صفة لمصدر محذوف، أي قولا كذبا (4).
(1) سورة محمد الآية 22
(2)
قال ابن الجزرى: والحضرمي تقطعوا كتفعلوا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 307.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 239.
(3)
سورة الجن الآية 5
(4)
قال ابن الجزرى: تقول فتح الضم والثقل ظمى انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 344.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 308.
«مقاما» من قوله تعالى: أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً (1).
قرأ «ابن كثير» «مقاما» بضم الميم الاولى، على أنه مصدر ميمي، أو اسم مكان من «أقام» الرباعي، أي خير اقامة، أو مكان اقامة.
وقرأ الباقون «مقاما» بفتح الميم، على أنه مصدر ميمي، أو اسم مكان من «قام» الثلاثى، أي خير قياما أو مكان قيام (2).
المعنى: كان فقراء الصحابة في خشونة عيش، ورثاثة ملبس، وكان الكفار في سعة عيش، وفاخر ملبس، فقال كبيرهم وهو «النضر بن الحارث»: أي الفريقين له المنزل البهيج، والمسكن الانيق، والمجلس الحسن؟
أنحن أم أنتم يا أتباع «محمد» ؟
إن الله لا شك يحبنا أكثر منكم، لأنه أكرمنا، وأنعم علينا بطيبات الحياة الدنيا، وزينتها، اذا فنحن عند الله خير منكم، فنزلت هذه الآية: وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا.
«لا مقام» من قوله تعالى: وَإِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ يا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لَكُمْ (3).
قرأ «حفص» «لا مقام» بضم الميم الاولى، على أنها اسم مكان من «أقام» الرباعي، أي لا مكان اقامة لكم، أو مصدر من «أقام» الرباعي أيضا، والمعنى: لا اقامة لكم.
وقرأ الباقون «لا مقام» بفتح الميم، على أنها اسم مكان من «قام»
(1) سورة مريم الآية 73
(2)
قال ابن الجزرى: مقاما اضمم هام زد
النشر في القراءات العشر ج 3 ص 178.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 91.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 11.
(3)
سورة الاحزاب الآية 13
أي لا مكان قيام لكم، أو مصدر من «قام» الثلاثي أيضا، والمعنى: لا قيام لكم (1).
المعنى: يقول الله تعالى: «اذكروا ايها المؤمنون ما حدث في غزوة
الاحزاب: اذ قالت طائفة من المنافقين لاهل المدينة المقاتلين: يا أهل يثرب لا جدوى من اقامتكم بظاهر المدينة على الذل والهوان، معرضين أنفسكم للقتل والاسر على أيدي كفار مكة، فارجعوا الى منازلكم، فان ذلك أسلم لكم.
«مقام أمين» من قوله تعالى: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ (2).
قرأ «نافع، وابن عامر، وأبو جعفر» «مقام» بضم الميم الاولى، على أنه اسم مكان من «أقام» أو مصدر ميمي على حذف مضاف والتقدير في موضع اقامة وقرأ الباقون «مقام» بفتح الميم على أنه اسم مكان من «قام» كأنه اسم للمجلس، كما قال تعالى: فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ (3).
ووصفه بالامن يدل على أنه اسم مكان.
تنبيه: اتفق القراء العشرة على قراءة الحرف الأول من هذه السورة، وهو قوله تعالى: وَزُرُوعٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ (4).
بفتح الميم، لان المراد به المكان، ولذلك قيد الناظم موضع الخلاف بالثاني، فقال: دخان الثان عم (5).
(1) قال ابن الجزرى: مقام ضم عد انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 249.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 142.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 195.
(2)
سورة الدخان الآية 51.
(3)
سورة القمر الآية 55.
(4)
سورة رقم الآية 26.
(5)
قال ابن الجزرى: مقام ضم عد مقام الثان عم انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 299.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 227.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 265.
«كبيرا» من قوله تعالى: وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً (1).
قرأ «عاصم، وهشام» بخلف عنه «كبيرا» بالباء الموحدة، من «الكبر» أي أشد اللعن، أو أعظمه، ولما كان «الكبر» مثل «العظم» في المعنى، وكان كل شيء كبيرا عظيما دل العظم على الكثرة، وعلى الكبر، من هذا يتبين ان القراءة بالباء تضمنت المعنيين جميعا: الكبر، والكثرة.
وقرأ الباقون «كثيرا» بالثاء المثلثة، من الكثرة، على معنى أنهم يلعنون مرة بعد مرة، بدلالة قوله تعالى:
إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (2).
«يكذبون» من قوله تعالى: وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ (3).
قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وأبو جعفر، ويعقوب» يكذبون» بضم الياء، وفتح الكاف، وكسر الذال مشددة، على أنه مضارع «كذب» المضعف، من التكذيب لله، ورسوله، وقد عدى بالتضعيف، والمفعول محذوف تقديره «يكذبونه» .
وقرأ الباقون «بفتح الياء، وسكون الكاف، وكسر الذال مخففة، على أنه مضارع «كذب» اللازم، وهو من الكذب الذي اتصفوا به كما أخبر الله عنهم (4).
(1) قال ابن الجزرى: كثيرا ثاه بالي الخلف نل انظر: النشر في القراءات العشر ج ص 253.
والمهذب في القراءات العشر ج ص 149.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 199.
(2)
سورة البقرة ص 159.
(3)
سورة البقرة الآية 10.
(4)
ابن الجزرى: اضمم شد يكذبونا كما سما انظر: النشر في القراءات العشر ج 2 ص 392.
والمستنير في تخريج القراءات ج 1 ص 15.
والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 48.
واتحاف فضلاء البشر ص 129.
قال «الزبيدي» (1) في مادة «كذب» : يقال «كذب، يكذب» من باب «ضرب يضرب» «كذبا» ككتف.
يقول «الزبيدي» : قال شيخنا: وهو غريب في المصادر، حتى قالوا: انه لم يأت مصدر على هذا الوزن الا ألفاظا قليلة حصرها «القزاز» في جامعه في أحد عشر حرفا لا تزيد عليها، فذكر «اللعب» ، «والضحك» «والكذب» وغيره وأما الاسماء التي ليست بمصادر فتأتي على هذا الوزن كثيرة أهـ (2).
يقال: «كذب، كذابا» مثل: «كتب كتابا» قال «الكسائي» : أهل اليمن يجعلون المصدر من «فعل» - مخفف العين- «فعالا» أهـ وفي «الصحاح» : وقوله تعالى: وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذَّاباً (3).
هو أحد مصادر المشدد، لان مصدره قد يجيء على «تفعيل» كالتكليم، وعلى «فعال» بتشديد العين- مثل «كذاب» وعلى «تفعلة» مثل «توصية» وعلى «مفعل» مثل:«ومزقناهم كل ممزق» أهـ (4).
«لا يكذبونك» من قوله تعالى: قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ (5).
قرأ «نافع، والكسائي» «لا يكذبونك» بضم الياء، واسكان الكاف،
(1) هو: محمد بن محمد بن محمد بن عبد الرزاق الحسيني، الزبيدي، لغوي، نحوي، محدث، اصولي، اديب، ناظم، ناثر، مؤرخ، نسابة، مشارك في عدة علوم اصله من واسط في العراق، ومولده في بلجرام في الشمال الغربي من الهند، ومنشأة في زبيد باليمن، رحل الى الحجاز، واقام بمصر، فاشتهر فضله وكاتبه ملوك الحجاز، والهند، واليمن، والشام، والعراق، والمغرب الاقصى، والقرك، والسودان، والجزائر، وله عدة مصنفات.
توفي في مصر في شعبان عام 1205 هـ الموافق 1791 م.
انظر: معجم المؤلفين ج 11 ص 282.
(2)
انظر: تاج العروس ج 1 ص 447.
(3)
سورة النبأ/ 28.
(4)
انظر: تاج العروس ج 1 ص 448.
(5)
سورة الأنعام الآية 33.
وتخفيف الذال، على أنه مضارع «أكذب» على وزن «أفعل» على معنى: لا يجدونك كاذبا لانهم يعرفونك بالصدق، فهو من باب «أحمدت الرجل» وجدته محمودا.
حكى «الكسائي» عن العرب «أكذبت الرجل» اذا أخبرت أنه جاء بكذب.
وحكى «قطرب» : «أكذبت الرجل» دللت على كذبه.
وقيل معنى ذلك: أنهم لا يجعلونك كذابا اذ لم يجربوا عليك ذلك.
وقرأ الباقون «لا يكذبونك» بضم الياء، وفتح الكاف، وتشديد الذال، على أنه مضارع «كذب» مضعف الثلاثي، على معنى: أنهم لا ينسبونك الى الكذب، كما يقال:«فسقته وخطأته» أي نسبته الى الفسق والى الكذب.
اذ فيكون المعنى: أنهم لا يقدرون أن ينسبوك الى الكذب فيما جئت به (1).
«ولا كذابا» من قوله تعالى: لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا كِذَّاباً (2).
قرأ «الكسائي» «ولا كذابا» بتخفيف الذال، على وزن «فعال» مثل «كتاب» على أنه مصدر «كذب كذابا» مخفف العين، نحو:«كتب كتابا» .
وقرأ الباقون «ولا كذابا» بتشديد الذال، على وزن «فعال» على أنه مصدر «كذب كذابا» مضعف العين (3).
(1) قال ابن الجزرى: وخف يكذب اقل دم.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 50.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1 ص 430.
والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 205.
(2)
سورة النبأ الآية 35.
(3)
قال ابن الجزرى: خف لا كذاب دم. انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 356.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 320.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 359.
تنبيه:
«ولا كذابا» الذي فيه الخلاف هو الموضع الثاني في هذه السورة وهو المسبوق «بلا» .
أما الموضع الاول غير المسبوق بلا، وهو قوله تعالى: وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذَّاباً (1).
فقد اتفق القراء على قراءته بتشديد الذال لوجود فعله معه.
«وكفلها» من قوله تعالى: فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا (2).
قرأ «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «وكفلها» بتشديد الفاء، على أنه فعل ماض من «كفل» مضعف الفاء، وفاعل «كفل» ضمير يعود على «ربها» والهاء مفعول ثان مقدم، و «زكريا» مفعول أول مؤخر، والتقدير: جعل الله زكريا عليه السلام كافلا مريم، أي ضامنا مصالحها.
وقرأ الباقون «وكفلها» بتخفيف الفاء، والفاعل «زكريا» عليه السلام، والهاء مفعول به، أي كفل زكريا يا مريم (3).
قال «الراغب» : في مادة «كفل» الكفالة الضمان، تقول تكفلت بكذا وكفلته فلانا، وقرئ «وكفلها زكريا» بتشديد الفاء، أي كفلها الله تعالى، ومن خفف- أي الفاء- جعل الفعل زكريا، والمعنى تضمنها» أهـ (4).
وقال «الزبيدي» في مادة «كفل» : «والكافل» : العائل، يكفل انسانا، أي يعوله، ومنه قوله تعالى: وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا- بتخفيف الفاء-
(1) سورة النبأ الآية 28.
(2)
سورة آل عمران الآية 37.
(3)
قال ابن الجزرى: كفلها الثقل كفى.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 6.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1 ص 341.
وحجة القراءات ص 161.
(4)
انظر: المفردات في غريب القرآن ص 436.
وهي قراءة غير الكوفيين، والمعنى: ضمن القيام بأمرها، و «كفله» - بتشديد الفاء- تكفيلا، وبه قرأ «الكوفيون» الآية، أي كفل الله زكريا اياها، أي ضمنها حتى تكفل بحضانتها» أهـ (1).
«ولتكملوا» من قوله تعالى: وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ (2).
قرأ «شعبة، ويعقوب» «ولتكملوا» بفتح الكاف وتشديد الميم، على أنه مضارع «كمل» مضعف العين.
وقرأ الباقون «ولتكملوا» باسكان الكاف، وتخفيف الميم، على أنه مضارع «أكمل» المزيد بالهمزة (3).
وكمال الشيء: «حصول ما فيه الغرض منه» (4).
قال «الزبيدي» : «كمل» فيه ثلاث لغات: فتح العين، وضمها، وكسرها.
وقال «الجوهري» : «الكسر» أردؤها. أهـ (5).
«لا يلتكم» من قوله تعالى: وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمالِكُمْ شَيْئاً (6).
قرأ «أبو عمرو، ويعقوب» «لا يألتكم» بهمزة ساكنة بعد الياء، وقبل
(1) انظر: تاج العروس شرح القاموس ج 8 ص 99.
(2)
سورة البقرة الآية 185.
(3)
قال ابن الجزرى: لتكملوا اشددن ظنا صحا.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 2 ص 427.
والمستنير في تخريج القراءات ج 1 ص 51.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1 ص 283.
(4)
المفردات في غريب القرآن مادة «كمل» ص 441.
(5)
انظر: تاج العروس مادة «كمل» ج 8 ص 104.
(6)
سورة الحجرات الآية 14.
اللام، مضارع «ألته» بفتح العين «يألته» بكسرها، مثل:«صدف يصدف» وهي لغة «غطفان» .
ومنه قوله تعالى: وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ (1).
وقرأ الباقون «لا يلتكم» بكسر اللام من غير همزة، مضارع «لاته يليته» مثل «باع يبيع» و «كال يكيل» وهي لغة «أهل الحجاز» .
والمعنى: لا ينقصكم من أعمالكم شيئا (2).
«يلحدون» من قوله تعالى: وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ (3).
ومن قوله تعالى: لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ (4).
ومن قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا (5).
قرأ «حمزة» «يلحدون» في السور الثلاث، بفتح الياء، والحاء، على أنه مضارع «لحد» الثلاثي.
وقرأ «الكسائي، وخلف العاشر» موضع النحل بفتح الياء، والحاء، وقد سبق توجيهه.
وقرأ موضعي «الاعراف، وفصلت» بضم الياء، وكسر الحاء، على أنه مضارع «الحد» الرباعي.
(1) سورة الطور الآية 21.
(2)
قال ابن الجزرى: يألتكم البصري.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 311.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 249.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 284.
(3)
سورة الأعراف الآية 180.
(4)
سورة النحل الآية 103.
(5)
سورة فصلت الآية 40.
وقرأ الباقون في السور الثلاث بضم الياء، وكسر الحاء.
ولحد، وألحد لغتان بمعنى واحد وهو: العدول عن الاستقامة، ومنه قيل:
«اللحد» ، لانه اذا حفر يمال به الى جانب القبر (1).
يقال: «اللحد» بفتح اللام: الشق في جانب القبر، والجمع «لحود» مثل:
«فلس وفلوس» .
و «اللحد» بضم اللام لغة، وجمعه «الحاد» مثل:«قفل وأقفال» .
و «لحدت» اللحد «لحدا» من باب «نفع ينفع نفعا» .
و «ألحدته» «إلحادا» : حفرته.
و «لحدت» الميت و «ألحدته» : جعلته في «اللحد» .
و «لحد» الرجل في الدين «لحدا» و «ألحد» «إلحادا» : طعن.
وقال «أبو عبيدة معمر بن المثنى» ت 210 هـ:
«ألحد» «إلحادا» : جادل، ومارى، و «لحد»: جار وظلم، و «الحد» في الحرم بالالف: استحل حرمته وانهكها.
و «الملتحد» بفتح الحاء: اسم الموضع وهو الملجأ. أهـ (2).
«تلقف» من قوله تعالى: فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ (3).
ومن قوله تعالى: وَأَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ ما صَنَعُوا (4).
(1) قال ابن الجزرى:
وضم يلحدون والكسر انفتح
…
كفصلت فشا
وفي النحل رجح فتى
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 84.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1 ص 484.
والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 258.
(2)
انظر: المصباح المنير ج 2 ص 550.
(3)
سورة الأعراف الآية 117.
(4)
سورة طه الآية 69.
ومن قوله تعالى: فَأَلْقى مُوسى عَصاهُ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ (1) قرأ «البزي» بخلف عنه «تلقف» بتشديد التاء حالة وصل «تلقف» بما قبلها، وبفتح اللام، وتشديد القاف مطلقا.
وعند الابتداء «بتلقف» يخفف التاء، ويفتح اللام، ويشدد القاف، على أنه مضارع «تلقف» المضعف (2).
وقرأ «حفص» «تلقف» بسكون اللام، وتخفيف القاف، على أنه مضارع «لقف» نحو:«علم يعلم» يقال: لقفت الشيء: أخذته بسرعة.
وقرأ الباقون «تلقف» بفتح اللام، وتشديد القاف، مضارع «تلقف» المضعف وهو الوجه الثاني «للبزي» (3).
«تلقف» من قوله تعالى: وَأَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ ما صَنَعُوا (4).
قرأ «ابن ذكوان» «تلقف» بفتح اللام، وتشديد القاف، ورفع الفاء، على أنه مضارع من «تلقف يتلقف» والرفع على الاستئناف أي فانها تلقف، أي تبتلع.
وقرأ «حفص» «تلقف» باسكان اللام، وتخفيف القاف، وجزم الفاء في جواب الامر وهو قوله تعالى: وَأَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ وهو مضارع «لقف يلقف» .
(1) سورة الشعراء الآية 45.
(2)
قال ابن الجزرى: في الوصل تاتيمموا اشدد تلقف الى قوله: وفي الكل اختلف عنه.
(3)
قال ابن الجزرى: وخففا تلقف كلا عد انظر: النشر في القراءات العشر ج 1 ص 473.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1 ص 473.
والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 248.
(4)
سورة طه الآية 69.
وقرأ الباقون «تلقف» بفتح اللام، وتشديد القاف، وجزم الفاء على أنه مضارع وجزم في جواب الامر (1) وهو مضارع «تلقف يتلقف» .
«يلقاه» من قوله تعالى: وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً (2).
قرأ «ابن عامر، وأبو جعفر» «يلقاه» بضم الياء، وفتح اللام، وتشديد القاف، على أنه مضارع «لقى» مضعف العين، مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره «هو» يعود على «الانسان» المتقدم ذكره في قوله تعالى:«وكل انسان» وهو المفعول الاول، والهاء التي في «يلقاه» مفعوله الثاني، وهي عائدة على «كتابا» و «منشورا» صفة الى «كتابا» .
وقد أجمع القراء على التشديد في قوله تعالى: وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً (3).
وقرأ الباقون «يلقاه» بفتح الياء، وتخفيف القاف، وسكون اللام، على أنه مضارع «لقى» الثلاثي، والفاعل ضمير مستتر تقديره «هو» يعود على
صاحب الكتاب وهو الانسان المتقدم ذكره، والضمير في «يلقاه» مفعول به، وهو عائد على «كتابا» و «منشورا» صفة الى «كتابا» (4).
«ويلقون» من قوله تعالى: وَيُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَسَلاماً (5).
(1) قال ابن الجزرى: وارفع جزم تلقف لابن ذكوان وعى وقال: وخففا تلقف كلا عد النشر في القراءات العشر ج 3 ص 183.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 101.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 21.
(2)
سورة الاسراء الآية 13.
(3)
سورة الانسان الآية 11.
(4)
قال ابن الجزرى: يلقى اضمم اشدد كم ثنا.
النشر في القراءات العشر ج 3 ص 149.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 43.
والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 380.
(5)
سورة الفرقان الآية 75.
قرأ «نافع» وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وحفص، وأبو جعفر، ويعقوب» «ويلقون» بضم الياء، وفتح اللام، وتشديد القاف، على أنه مضارع «لقى» مضعف العين، وهو فعل مضارع مبني للمجهول يتعدى الى مفعولين: الاول: الواو التي في «يلقون» وهي نائب فاعل، والثاني:«تحية» .
ودليل قراءة التشديد اجماع القراء عليه في قوله تعالى في سورة الانسان رقم/ 11 وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً.
وقرأ الباقون «ويلقون» بفتح الياء، وسكون اللام، وتخفيف القاف، على أنه مضارع «لقى» الثلاثى، وهو فعل مضارع مبني للمعلوم، يتعدى الى مفعول واحد، وهو «تحية» والواو فاعل.
والقراءتان ترجعان الى معنى واحد، لانهم اذا تلقوا التحية فقد لقوها، واذا ألقوها فقد تلقوها (1).
«يلاقوا» من قوله تعالى: حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (2).
ومن قوله تعالى: حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (3).
ومن قوله تعالى: حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (4).
قرأ «أبو جعفر» «يلقوا» بفتح الياء التحتية، واسكان اللام، وفتح القاف، مضارع «لقى» الثلاثي.
وقرأ الباقون «يلاقوا» بضم الياء، وفتح اللام، وضم القاف، على أنه مضارع «لاقى» على وزن «فاعل» من الملاقاة (5).
(1) قال ابن الجزرى: يلقوا يلقوا ضم كم سما عتا.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 221.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 87.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 148.
(2)
سورة الزخرف الآية 83.
(3)
سورة الطور الآية 45.
(4)
سورة المعارج الآية 42.
(5)
قال ابن الجزرى: يلاقوا كلها يلقوا ثنا.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 296.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 223.
«يلمزك» من قوله تعالى: وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ (1).
«يلمزون» من قوله تعالى: الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ (2).
«تلمزوا» من قوله تعالى: وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ (3).
قرأ «يعقوب» «يلمزك، يلمزون، تلمزوا» بضم الميم، على أنه مضارع «لمز يلمز» من باب «نصر ينصر» .
واللمز: الاغتياب، وتتبع المعاب.
وقرأ الباقون الالفاظ الثلاثة بكسر الميم، على أنه مضارع «لمز يلمز» من باب «ضرب يضرب» (4).
«أفتمارونه» من قوله تعالى: أَفَتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى (5).
قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وعاصم، وأبو جعفر» «افتمارونه» بضم التاء، وفتح الميم، وألف بعدها، مضارع «مارى يماري» اذا جادله، والمعنى: أفتجادلونه فيما علمه، ورآه، كما قال تعالى:
يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ ما تَبَيَّنَ (6).
وقرأ الباقون «أفتمرونه» بفتح التاء، وسكون الميم، وحذف الالف، مضارع «مرى يمري» اذا جحد، والمعنى: أفتجحدونه على ما يرى،
(1) سورة التوبة الآية 58.
(2)
سورة التوبة الآية 79.
(3)
سورة الحجرات الآية 11.
(4)
قال ابن الجزرى: يلمز ضم الكسر في الكل ظلم.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 97.
والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 279.
وشرح طيبة النشر ص 307.
(5)
سورة النجم الآية 19.
(6)
سورة الانفال الآية 6.
اذ كان شأن المشركين الجحود لما يأتيهم به النبي «محمد» صلى الله عليه وسلم، فحمل على ذلك.
والقراءتان متداخلتان، لان من جادل في ابطال شيء فقد جحده، ومن جحد شيئا جادل في ابطاله (1).
«فأمتعه» من قوله تعالى: قالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا (2).
قرأ «ابن عامر» «فأمتعه» باسكان الميم، وتخفيف التاء، على أنه مضارع «أمتع» المعدى بالهمز والمعنى: يخبر الله تعالى بأنه سيمتع الكفار بالرزق في الدنيا، وهذا النعيم الذي يجدونه اذا ما قيس بنعيم الدار الآخرة الذي لا ينقطع أبدا يعتبر نعيما ومتاعا قليلا، ثم بعد ذلك يكون مأواهم النار وبئس المصير.
وقرأ الباقون «فأمتعه» بفتح الميم، وتشديد التاء، على أنه مضارع «متع» المعدى بالتضعيف (3).
(1) قال ابن الجزرى: تمروا تماروا حبر عم نصنا.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 317.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 258.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 294.
(2)
سورة البقرة الآية 126.
(3)
انظر: النشر في القراءات ج 1 ص 418.
والمستنير في تخريج القراءات ج 1 ص 38.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1 ص 265.
والحجة في القراءات السبع ص 87.
وحجة القراءات ص 114.
واتحاف فضلاء البشر ص 148.
وتفسير البحر المحيط ج 1 ص 384.
قال ابن الجزرى: وخف امتعه كم.
«المتاع» : انتفاع ممتد الوقت (1) يقال متعه الله بالصحة، وأمتعه، ومنها قوله تعالى: فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا حيث قرئ لفظ «فأمتعه» بتشديد التاء، وبتخفيفها.
ويقال لما ينتفع به في البيت «متاع» قال تعالى: وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ (2).
«والمتاع» : المنفعة، قال تعالى: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيها مَتاعٌ لَكُمْ (3).
«والمتاع» : كل ما تمتعت به من الحوائج (4).
وقال «الأزهري» ت 370 هـ: (5)«المتاع» في الاصل كل شيء ينتفع به، ويتبلغ به ويتزود» أهـ وجمع «متاع» «أمتعة» (6).
«يمدونهم» من قوله تعالى: وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ (7).
قرأ «نافع، وأبو جعفر» «يمدونهم» بضم الياء، وكسر الميم، على أنه مضارع «أمد يمد» المزيد بهمزة.
(1) انظر: المفردات في غريب القرآن مادة «متع» ص 461.
(2)
سورة الرعد الآية 17.
(3)
سورة النور الآية 29.
(4)
انظر: تاج العروس مادة «متع» ج 5 س 507.
(5)
هو: محمد بن احمد بن الازهر بن طلحة بن نوح بن الازهر «الاهزي» «الهروى» الشافعي، «ابو منصور» اديب لغوي، ولد في «هراة» بخراسان، وعنى بالفقه اولا، ثم غلب عليه علم العربية، فرحل في طلبه، وقصد القبائل، وتوسع في اخبارهم، له عدة مصنفات منها:
تهذيب اللغة، والتقريب في التفسير، والزاهر في غرائب الالفاظ، وعلل القراءات، توفى في «بهراة» في ربيع الآخر عام 370 هـ: انظر ترجمته في معجم المؤلفين ج 8 ص 230.
(6)
انظر: تاج العروس مادة «متع» ج 5 ص 507.
(7)
سورة الأعراف الآية 202.
وقرأ الباقون «يمدونهم» بفتح الياء، وضم الميم، على أنه مضارع «مد يمد» مضعف الثلاثي. (1)
ومد، وأمد: لغتان، يقال: مددت في الشر، ومنه قوله تعالى: اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (2).
ويقال: أمددت في الخير، ومنه قوله تعالى: وَأَمْدَدْناهُمْ بِفاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (3).
يقال: «مددت» الدواة «مدا» من باب «قتل يقتل قتلا» :
جعلت فيها «المداد» . و «أمددتها» بالالف «لغة» .
و «مددت» من الدواة، و «استمددت» منها: أخذت منها بالقلم للكتابة، و «مد» البحر «مدا»: زاد، و «مدة» غيره «مدا»: زاده، و «أمد» بالالف، و «أمده» غيره، يستعمل الثلاثى، والرباعى لازمين، ومتعديين (4).
«يمسكون» من قوله تعالى: وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ (5).
قرأ «شعبة» «يمسكون» بسكون الميم، وتخفيف السين، على أنه مضارع «أمسك» ومنه قوله تعالى: أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ (6).
وقوله تعالى: لا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً (7).
(1) قال ابن الجزرى: وضم واكسر يمدون لضم ثدى ام.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 87.
والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 262. والكشف عن وجوه القراءات ج 1 ص 487
(2)
سورة البقرة الآية 15.
(3)
سورة الطور الآية 22.
(4)
انظر: المصباح المنير ج 2 ص 566.
(5)
سورة الأعراف الآية 170.
(6)
سورة الأحزاب الآية 37.
(7)
سورة البقرة الآية 31.
وقرأ الباقون «يمسكون» بفتح الميم، وتشديد السين، على أنه مضارع «مسك» مضعف العين، بمعنى:«تمسك» فالتشديد على التكثير، والتكرير للتمسك بكتاب الله تعالى، وفيه معنى التأكيد، وهو من مسك الامر، أي لزمه، فالتمسك بكتاب الله والدين يحتاج الى الملازمة والتكرير، فالتشديد يدل عليه (1).
يقال: «مسكت بالشيء مسكا» من باب «ضرب يضرب ضربا» و «تمسك» و «امتسكت» و «استمسكت» بمعنى: أخذت به، وتعلقت، واعتصمت.
و «أمسكته» بيدي «امساكا» : قبضته باليد (2).
و «أمسكت» عن الامر: كففت عنه.
و «أمسكت» المتاع على نفسي: حبسته (3).
و «استمسك» البول: انحبس (4).
و «استمسك» الرجل على الراحلة: استطاع الركوب (5).
«ولا تمسكوا» من قوله تعالى: وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ (6).
قرأ «أبو عمرو، ويعقوب» «ولا تمسكوا» بفتح الميم، وتشديد السين، مضارع «مسك» مضعف العين، والواو فاعل.
وقرأ الباقون «ولا تمسكوا» باسكان الميم، وتخفيف السين، مضارع
(1) قال ابن الجزرى: وصف يمسك خف انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 83.
والكشف عن وجوه القراءات العشر ج 1 ص 482.
والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 257.
(2)
قال تعالى: فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ البقرة/ 229.
(3)
قال تعالى: وَيُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ الحج/ 65.
(4)
قال تعالى: فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ الزخرف/ 43.
(5)
انظر: المصباح المنير ج 2 ص 573.
(6)
سورة الممتحنة الآية 10.
«أمسك» الرباعي، والواو فاعل (1).
«ومناة» من قوله تعالى: وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى (2).
قرأ «ابن كثير» «ومناءة» بهمزة مفتوحة بعد الالف، فيصير المد عنده متصلا فيمد حسب مذهبه.
وهي مشتقة من «النوء» وهو المطر، لانهم كانوا يستمطرون عندها الانواء.
وقرأ الباقون «ومناة» بغير همزة: وهي مشتقة من «منى يمنى» أي صب، لان دماء النحائر كانت تصب عندها.
والقراءتان بمعنى واحد: وهو: صنم لبني هلال، وقال «ابن هشام» صنم هذيل وخزاعة.
ووقف عليها جميع القراء بالهاء تبعا للرسم (3).
«متم» من قوله تعالى: وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (4).
ومن قوله تعالى: وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ (5).
(1) قال ابن الجزرى: تمسكوا الثقل حما انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 333.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 285.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 319.
(2)
سورة النجم الآية 20.
(3)
قال ابن الجزرى: مناة الهمز دل انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 308.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 259.
وتفسير الشركاني ج 5 ص 108.
(4)
سورة آل عمران الآية 157.
(5)
سورة آل عمران الآية 158.
ومن قوله تعالى: أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً (1).
«متنا» من قوله تعالى: قالُوا أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (2).
ومن قوله تعالى: أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (3).
ومن قوله تعالى: أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَدِينُونَ (4).
ومن قوله تعالى: أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ (5).
ومن قوله تعالى: وَكانُوا يَقُولُونَ أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (6).
«مت» من قوله تعالى: قالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا (7).
ومن قوله تعالى: وَيَقُولُ الْإِنْسانُ أَإِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (8).
ومن قوله تعالى: وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ (9).
قرأ «نافع، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» بكسر الميم في ذلك كله.
وقرأ «حفص» بكسر الميم في ذلك كله الا موضعي سورة آل عمران، فقد قرأهما بضم الميم.
(1) سورة المؤمنون الآية 35.
(2)
سورة المؤمنون الآية 82.
(3)
سورة الصافات الآية 16.
(4)
سورة الصافات الآية 53.
(5)
سورة ق الآية 2.
(6)
سورة الواقعة الآية 47.
(7)
سورة مريم الآية 23.
(8)
سورة مريم الآية 66.
(9)
سورة الانبياء الآية 34.
وقرأ الباقون بضم الميم في الجميع (1).
والقراءتان ترجعان الى أصل الاشتقاق:
فالاولى وهي كسر الميم، من «مات يمات» نحو:«خاف يخاف» الأجوف.
ومن باب «فهم يفهم» والاصل «موت» بفتح فاء الكلمة، وكسر عينها، فاذا اسند الى ضمير الرفع المتحرك قيل «مت» بكسر فاء الكلمة، وذلك لاننا
نقلنا حركة العين الى الفاء، بعد حذف حركة الفاء، ثم حذفنا الواو للساكنين.
والثانية وهي بضم الميم، من «مات يموت» نحو:«قام يقوم» الأجوف من باب «نصر ينصر» .
وأصل «مات» «موت» تحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا.
وأصل «يموت» «يموت» بضم عين الكلمة، فنقلت ضمتها الى الساكنين قبلها.
«تنبت» من قوله تعالى: تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ (2).
قرأ «ابن كثير، وأبو عمرو، ورويس» «تنبت» بضم التاء، وكسر الباء، على أنه مضارع «أنبت» الرباعي، وتكون الباء في «بالدهن» زائدة، لان الفعل يتعدى اذا كان رباعيا بغير حرف، كأنه قال: تنبت الدهن، لكن دلت الباء على ملازمة الانبات للدهن، كما قال تعالى: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ (3).
(1) قال ابن الجزرى:
اكسر ضما هنا في متم شفا أرى
…
وحيث جا صحب اتى
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 15.
واتحاف فضلاء البشر 181.
(2)
سورة المؤمنون الآية 20.
(3)
سورة العلق الآية 1.
فأتى بالباء، و «اقرأ» يتعدى بغير حرف، لكن دلت الباء على الامر بملازمة القراءة.
ويجوز أن تكون الباء على هذه القراءة غير زائدة، لكنها متعلقة بمفعول محذوف، تقديره: ينبت ثمرها بالدهن، أي وفيه الدهن، كما يقال: خرج بثيابه، وركب بسلاحه: ف «بالدهن» على هذا التقدير في موضع الحال، كما كان «بثيابه وبسلاحه» في موضع الحال.
وقرأ الباقون «تنبت» بفتح التاء، وضم الباء، على أنه مضارع «نبت» الثلاثي اللازم، فتكون الباء في «بالدهن» للتعدية، لان الفعل غير متعد وقد
قالوا: نبت الزرع وأنبت، بمعنى واحد، فتكون القراءتان على هذه اللغة بمعنى واحد (1).
«ينجيكم» من قوله تعالى: قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ (2).
ومن قوله تعالى: قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْها (3).
«ننجيك» من قوله تعالى: فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ (4).
«ننجي» من قوله تعالى: ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا (5).
ومن قوله تعالى: ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا (6).
«ننج» من قوله تعالى: كَذلِكَ حَقًّا عَلَيْنا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ (7).
(1) قال ابن الجزرى: تنبت اضمم واكسر الضم غنا حبر النشر في القراءات العشر ج 3 ص 204.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 57.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 127.
(2)
سورة الأنعام الآية 63.
(3)
سورة الأنعام الآية 64.
(4)
سورة يونس الآية 92.
(5)
سورة يونس الآية 103.
(6)
سورة مريم الآية 72.
(7)
سورة يونس الآية 103.
«لمنجوهم» من قوله تعالى: إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ (1).
«لننجينه» من قوله تعالى: لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ (2).
«منجوك» من قوله تعالى: إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ (3).
«ينجي» من قوله تعالى: وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفازَتِهِمْ (4).
«تنجيكم» من قوله تعالى: هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ (5).
هذه احدى عشرة كلمة وقع فيها خلاف القراء العشرة بين التخفيف والتشديد: فالتخفيف على أن الاشتقاق من «أنجى» الرباعي والتشديد على أنه من «نجى» مضعف الثلاثي.
واليك قراءة القراء العشرة في هذه الكلمات:
قرأ «يعقوب» بالتخفيف في عشرة مواضع، وبالتشديد في موضع الزمر فقط.
وقرأ «نافع، وأبو عمرو» بالتخفيف في الموضع الثاني من الانعام، وفي موضع الصف، وبالتشديد في التسعة الباقية.
وقرأ «ابن كثير» بالتخفيف في الموضع الثاني من الانعام، وفي الموضع الثاني من العنكبوت، وفي موضع الصف، وبالتشديد في الثمانية الباقية.
وقرأ «ابن ذكوان» بالتخفيف في الموضع الثاني من الانعام، وبالتشديد في العشرة الباقية.
وقرأ «حمزة، وخلف العاشر» بالتخفيف في الحجر، وموضعي العنكبوت، والزمر، والصف، وبالتشديد في الستة الباقية.
وقرأ «الكسائي» بالتخفيف في الموضع الاخير من يونس، وموضع
(1) سورة الحجر الآية 59.
(2)
سورة العنكبوت الآية 22.
(3)
سورة العنكبوت الآية 33.
(4)
سورة الزمر الآية 61.
(5)
سورة الصف الآية 10.
الحجر، ومريم، وموضعي العنكبوت، والزمر، والصف، وبالتشديد في الاربعة الباقية.
وقرأ «شعبة» بالتخفيف في الموضع الثاني من العنكبوت، وبالتشديد في العشرة الباقية.
وقرأ «شعبة» بالتخفيف في الموضع الثاني من العنكبوت، وبالتشديد في التسعة الباقية.
وقرأ «هشام» بالتشديد في الاحد عشر موضعا (1).
تنبيه: «ننجي» من قوله تعالى: وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (2).
قرأ «ابن عامر، وشعبة» «نجي» بحذف النون الثانية، وتشديد الجيم، على أنه مضارع «نجى» وأصله «ننجى» حذفت نونه الثانية لاخفائها عند الجيم، كما حذفت التاء الثانية في «تتظاهرون» لادغامها في الظاء، والفعل مسند الى ضمير العظمة لمناسبة قوله تعالى قبل:
(1) قال ابن الجزرى: وننج الخف كيف وقعا
ظل وفى الثان من حق وفى
…
كاف ظبى رضى تحت صاد شرف
والحجر اولى العنكبا ظلم شفا
…
والثان صحبة ظهير دلفا
ويونس الاخرى على ظبى دعا
…
وثقل صف كم
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 53.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1 ص 435.
والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 309، 310، 311، 364، ج 2 ص 122، 123، 192، 286.
(2)
سورة الأنبياء الآية 88.
فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ.
وأعلم أن جميع علماء الرسم قد اتفقوا على حذف النون الثانية في هذا الموضع من سورة الانبياء، وكذلك في سورة يوسف من قوله تعالى:
فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ (1).
وقد أشار الى ذلك الناظم بقوله:
والنون من ننجي في الانبياء
…
كل وفى الصديق للاخفاء
قال صاحب دليل الحيران: «وحاصل التعليل الذي أشار اليه الناظم أن الجيم لما كانت من الحروف التي تخفى عندها النون الساكنة قراءة، وكان
الاخفاء قريبا من الادغام حذفت النون المخفاة في «ننجي» من الرسم كما حذفت النون المدغمة من الرسم في نحو «عم يتساءلون» فاذا ضبطت «ننجي» في السورتين ألحقت النون الساكنة بالحمراء، وأعربتها من علامة السكون، وأعربت الجيم من علامة التشديد كما ذكره «الداني» أهـ (2).
وقرأ الباقون «ننجي» بضم النون الاولى، وسكون الثانية، وتخفيف الجيم، على أنه مضارع «أنجى» مسند الى ضمير العظمة لمناسبة قوله تعالى:
فَاسْتَجَبْنا لَهُ وحذفت منه النون الثانية رسما لكونها مخفاة (3).
«ويتناجون» من قوله تعالى: وَيَتَناجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ (4).
قرأ «حمزة، ورويس» «وينتجون» بنون ساكنة بعد الياء، وقبل
(1) سورة رقم 110.
(2)
انظر: دليل الحيران شرح مورد الظمآن ص 150.
(3)
قال ابن الجزرى:
(4)
سورة المجادلة الآية 8.
ننجى احذف اشدد لي مضى* ضن انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 193.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 113.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 40.
التاء، وضم الجيم بلا ألف، على وزن «يفتعون» مثل «ينتهون» وهو مشتق من «النجوى» وهي «السر» وأصله «ينتجيون» على وزن «يفتعلون» نقلت ضمة الياء لثقلها الى الجحيم، ثم حذفت الياء لسكونها مع سكون الواو.
وقرأ الباقون «ويتناجون» بتاء، ونون مفتوحتين، وألف بعد النون، وفتح الجيم، وهو مشتق من «التناجي» بمعنى «السر» أيضا، وهو مضارع «تناجى القوم يتناجون» على وزن يتفاعلون» وأصله «يتناجون» على وزن «يتفاعلون» مثل «يتضاربون» فلما تحركت الياء وانفتح ما قبلها قلبت ألفا، ثم حذفت
الالف لسكونها وسكون الواو بعدها، وبقيت فتحة الجيم لتدل على الالف المحذوفة (1).
«فلا تتناجوا» من قوله تعالى: فَلا تَتَناجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ (2).
قرأ «رويس» «فلا تنتجوا» بنون ساكنة بين التاءين، وضم الجيم بلا ألف، على وزن «تفتعوا» مثل:«تنتهوا» وهو مشتق من النجوى، وهي «السر» ويقال في تصريفها ما قيل في «ويتناجون» في الآية رقم 8.
وقرأ الباقون «فلا تتناجون» بتاءين خفيفتين، ونون، وألف، وجيم مفتوحة وتوجيهها كتوجيه «ويتناجون» في الآية رقم 8 (3).
«ينزفون» من قوله تعالى: لا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ (4).
(1) قال ابن الجزرى: وينتجوا كينتهوا غدا فز انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 329.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 278.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 314.
(2)
سورة المجادلة الآية 9.
(3)
قال ابن الجزرى: تنتجوا غث.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 329.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 279.
(4)
سورة الصافات الآية 47.
من قوله تعالى: لا يُصَدَّعُونَ عَنْها وَلا يُنْزِفُونَ (1).
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «ينزفون» في الموضعين، بضم الياء، وكسر الزاي، على أنه مضارع «أنزف ينزف» اذا سكر، والمعنى:
ولا هم عن الخمر يسكرون فتزول عقولهم، أي تبعد عقولهم، كما تفعل خمر الدنيا.
وقيل: هو من «أنزف ينزف» اذا فرغ شرابه
والمعنى: ولا هم عن الخمر ينفذ شرابهم كما ينفد شراب الدنيا، فالمعنى الاول من نفاد العقل، والثاني من نفاد الشراب.
والاحسن أن يحمل على نفاد الشراب، لان نفاد العقل قد نفاه الله عن خمر الجنة في قوله تعالى: لا فِيها غَوْلٌ أي لا تغتال عقولهم فتذهبها، فلو حمل «ينزفون» على نفاد العقل لكان المعنى مكررا، وحمله على معنيين أولى.
وأما الذي في الواقعة فيحتمل وجهين، لانه ليس قبله نفي عن نفاد العقل بالخمر، كما جاء في سورة الصافات.
وقرأ «عاصم» موضع والصاغات «ينزفون» بضم الياء، وفتح الزاي، مضارع «نزف الرجل» بمعنى سكر، وذهب عقله.
ورده الى ما لم يسم فاعله لغة مشهورة في أفعال قليلة أتت على لفظ ما لم يسم فاعله (2).
(1) سورة الواقعة الآية 19.
(2)
مثل: «زهى فلان علينا» ولا يقال «زها» و «نخى» من النخوة، و «عنيت بالشيء» ولا يقال:
«عنيت» و «نتجت الناقة» ولا يقال: «نتجت» و «اولعت بالامر» و «ارعدت» و «سقط في يدي» و «اهرع الرجل» الخ.
انظر: المزهر في اللغة للسيوطي ج 2 ص 233، 234.
ولم تأت على لفظ ما سمى فاعله.
والمعنى: ولا هم عن خمر الجنة يسكرون.
وقرأ موضع الواقعة «ينزفون» بضم الياء، وكسر الزاي، على أنه مضارع «أنزف ينزف» اذا سكر.
وقرأ الباقون «ينزفون» في الموضعين، بضم الياء، وفتح الزاي، مضارع «نزف الرجل» بمعنى سكر، وذهب عقله (1).
«ينزل» من قوله تعالى: أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ (2).
اختلف القراء في «ينزل» وبابه، اذا كان فعلا مضارعا بغير همزة، مضموم الاول، مبنيا للفاعل، أو المفعول، أوله تاء، أو ياء، أو نون، حيث أتى في القرآن الكريم.
«فابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب» يسكنون النون. ويخففون الزاي على أنه مضارع «أنزل» المعدى بالهمزة، الا قوله تعالى في الحجر: وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (3).
فلا خلاف بين القراء في تشديده، لانه أريد به المرة بعد المرة.
وافقهم «حمزة، والكسائي، وخلف» على قول الله تعالى: وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ في لقمان (4).
وقول الله تعالى: وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ بالشورى (5).
(1) قال ابن الجزرى: زا ينزفون اكسر شفا الاخرى كفا.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 270.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 174، 269.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 224.
(2)
سورة البقرة الآية 19.
(3)
سورة الحجر الآية 21.
(4)
سورة لقمان الآية 34.
(5)
سورة الشورى الآية 28.
وخالف «أبو عمرو، ويعقوب» أصلهما في قوله تعالى: قُلْ إِنَّ اللَّهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ بالانعام (1) فشدداه، ولم يخففه سوى «ابن كثير» وخالف «ابن كثير» أصله في موضعي الاسراء وهما:
وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ (2)، حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ (3) فشددهما، ولم يخفف الزاي فيهما سوى «أبي عمرو، ويعقوب» .
وخالف «يعقوب» أصله في الموضع الاخير من النحل وهو قوله: وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ (4) فشدده، ولم يخففه سوى «ابن كثير، وأبي عمرو» .
وأما الموضع الاول من سورة النحل وهو قوله تعالى: يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ (5).
فقد قرأه «ابن كثير، وأبو عمرو، ورويس» بتخفيف الزاي المكسورة واسكان النون، على أنه مضارع «أنزل» و «الملائكة» بالنصب مفعول به.
وقرأ «روح» «تنزل» بتاء مثناة من فوق مفتوحة، ونون مفتوحة، وزاي مفتوحة مشددة: مضارع «تنزل» حذفت منه التاء، و «الملائكة» بالرفع فاعل.
وقرأ الباقون «ينزل» بتشديد الزاي المكسورة، وفتح، النون، مضارع «نزل» و «الملائكة» بالنصب مفعول به (6).
وقرأ باقي القراء غير من ذكر «ينزل وبابه» بفتح النون، وتشديد
(1) سورة الانعام الآية 37.
(2)
سورة الاسراء الآية 82.
(3)
سورة الاسراء الآية 93.
(4)
سورة النحل الآية 101
(5)
سورة النحل 2.
(6)
قال ابن الجزرى: ينزل مع ما بعد مثل القدر عن روح.
الزاي، على أنه مضارع «نزل» المعدى بالتضعيف (1).
وخرج بقيد المضارع، الماضي نحو «وما أنزل الله» وبالمضموم الأول نحو:«وما ينزل من السماء» وبغير همزة نحو: وَمَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ (2).
تنبيه: قوله تعالى: وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (3).
اتفق القراء العشرة على ضم النون الأولى وفتح الثانية، وتشديد الزاي.
ولم يجر فيها الخلاف الذي في نظائرها، لانه أريد به الانزال المرة بعد المرة، ولان القراءة سنة متبعة.
والنزول في الاصل: هو انحطاط من «علو» (4).
«ونزل» بتخفيف الزاي تتعدى بحرف الجر، يقال:«نزل عليهم، ونزل بهم، ونزل عن دابته، ونزل في مكان كذا» .
ومصدر «نزل» مخفف الزاي «نزولا» .
وأما مصدر «نزل» مضعف العين فهو «التنزيل» .
ومصدر «أنزل» الرباعي فهو «الانزال» (5).
(1) قال ابن الجزرى:
ينزل كلا خف حق
…
لا الحجر والانعام أن ينزل دق
لاسرى حما والنحل الاخرى حزدفا
…
والغيث مع منزلها حق شفا
انظر: النشر في القراءات العشر ج 2 ص 411.
واتحاف فضلاء البشر ص 143 والمستنير في تخريج القراءات ج 1 ص 30 والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 64.
(2)
سورة الانعام الآية 93
(3)
سورة الحجر الآية 21
(4)
انظر: المفردات في غريب القرآن ص 488.
(5)
انظر: تاج العروس ج 8 ص 133.
«منزلين» من قوله تعالى:
إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ (1).
قرأ «ابن عامر» «منزلين» بفتح النون، وتشديد الزاي، على أنه اسم مفعول من «نزل» الثلاثي مضعف العين.
وقرأ الباقون «منزلين» بسكون النون، وتخفيف الزاي: على أنه اسم مفعول من «نزل» الثلاثي المزيد بالهمزة (2).
وهما لغتان بمعنى واحد، وقيل: التشديد للتكثير، أو للتدرج قيل: ان الله أمدهم أولا بألف، ثم صاروا ثلاثة آلاف.
والقراءتان ترجعان الى أصل الاشتقاق:
فالاولى اسم مفعول من «نزل» الثلاثي مضعف العين.
والثانية اسم مفعول من «أنزل» الثلاثي المزيد بالهمزة.
«منزلها» من قوله تعالى: قالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُها عَلَيْكُمْ (3).
قرأ «ابن كثير، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي، ويعقوب، وخلف العاشر» «منزلها» بسكون النون، وكسر الزاي مخففة، على أنها اسم فاعل من «أنزل» الرباعي، وهو فعل ثلاثي مزيد بالهمزة.
وقرأ الباقون «منزلها» بفتح النون، وكسر الزاي مشددة، على أنها اسم فاعل من «نزل» مضعف الثلاثي (4).
(1) سورة آل عمران الآية 124
(2)
قال ابن الجزرى: واشددوا منزلين منزلون كبدوا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 12.
والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 134 واتحاف فضلاء البشر ص 179.
(3)
سورة المائدة الآية 115
(4)
قال ابن الجزرى: والغيث مع منزلها حق شفا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 47 والكشف عن وجوه القراءات ج 1 ص 423.
والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 199
«ينزل الملائكة» من قوله تعالى: يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ (1).
قرأ «ابن كثير، وأبو عمرو، ورويس» «ينزل» باسكان النون، وتخفيف الزاي المكسورة، على أنها مضارع «أنزل» الرباعي، و «الملائكة» بالنصب مفعول به.
وقرأ «روح» «تنزل» بتاء مثناة من فوق مفتوحة: ونون مفتوحة، وزاي مفتوحة مشددة، مضارع «تنزل» والأصل «تتنزل» فحذفت احدى التاءين تخفيفا، و «الملائكة» بالرفع فاعل.
وقرأ الباقون «ينزل» بفتح النون، وتشديد الزاي المكسورة، مضارع «نزل» مضعف الثلاثي، و «الملائكة» بالنصب مفعول به (2).
«منزلون» من قوله تعالى: إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلى أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ (3).
قرأ «ابن عامر» «منزلون» بفتح النون، وتشديد الزاي، على أنه اسم فاعل من «نزل» مضعف العين.
وقرأ الباقون «منزلون» باسكان النون، وتخفيف الزاي، على أنه اسم فاعل من «أنزل» الرباعي المزيد بهمزة (4).
(1) سورة النحل الآية 2
(2)
قال ابن الجزرى: ينزل كلا خف حق وقال: ينزل مع ما بعد مثل القدر عن روح انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 141 والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 366.
وشرح طيبة النشر ص 326.
(3)
سورة العنكبوت الآية 34
(4)
قال ابن الجزرى: واشددوا منزلين منزلون كبدوا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 238 والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 123.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 179،
«ننسخ» من قوله تعالى: ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها (1).
قرأ «ابن عامر» بخلف عن هشام «ما ننسخ» بضم النون الاولى: وكسر السين، مضارع «أنسخ» قال «مكي بن أبي طالب» ت 437 هـ:
«على جعله رباعيا من «أنسخت الكتاب» على معنى: وجدته منسوخا، مثل: أحمدت الرجل، وجدته محمودا، وأبخلت الرجل، وجدته بخيلا.
ولا يجوز أن يكون «أنسخت» بمعنى «نسخت» اذ لم يسمع ذلك. ولا يحسن أن تكون الهمزة للتعدي، لان المعنى يتغير، ويصير المعنى: ما نسختك يا محمد من آية، وانساخه اياها إنزالها عليه فيصير المعنى: ما ننزل عليك من آية أو ننسخها نأت بخير منها: يؤول المعنى الى أن كل آية أنزلت أتى بخير منها، فيصير القرآن كله منسوخا، وهذا لا يمكن، لانه لم ينسخ الا اليسير من القرآن، فلما امتنع أن يكون «أفعل» و «فعل» فيه بمعنى، اذ لم يسمع، وامتنع أن تكون الهمزة للتعدي، لفساد المعنى، لم يبق الا أن يكون من باب «أحمدته وأبخلته» وجدته محمودا وبخيلا» أهـ (2).
وقرأ الباقون «ما ننسخ» بفتح النون، والسين: على أنه مضارع «نسخ» على معنى ما نرفع من حكم آية ونبقي تلاوتها نأت بخير منها لكم أو مثلها.
ويحتمل أن يكون المعنى: ما نرفع من حكم آية وتلاوتها، أو نسكها يا «محمد» فلا تحفظ تلاوتها، نأت بخير منها، أو مثلها (3).
(1) سورة البقرة الآية 106
(2)
انظر: الكشف عن وجوه القراءات ج 1 ص 257
(3)
قال ابن الجزرى:
ننسخ ضم واكسر من لسن* خلف انظر: النشر لابن الجزرى ج 2 ص 414.
والمستنير في تخريج القراءات ج 1 ص 33.
والمهذب في القراءات العشر وتوجيهها ج 1 ص 69.
وتفسير القرطبي ج 2 ص 67.
واتحاف فضلاء البشر ص 145.
يطلق النسخ في اللغة على عدة معان منها:
1 -
«النقل» قال «الزمخشري» ت 538 هـ: (1).
«يقال: نسخت كتابي من كتاب فلان: اذا نقلته منه» (2).
2 -
«الازالة» «تقول العرب نسخت الشمس الظل، وانتسخته، ازالته، والمعنى أذهبت الظل، وحلت محله» (3).
وفي اصطلاح علماء الاصول يطلق النسخ على عدة معان أيضا أحدها:
1 -
قال «أبو اسحاق الأسفراييني» :
«هو بيان انتهاء حكم شرعي بطريق شرعي متراخ عنه» (4).
شرح التعريف: قوله: «بيان» المراد به بيان الشارع «والبيان» : جنس في التعريف يشمل كل بيان، سواء كان بيان انتهاء: أو بيان ابتداء.
وقوله: «انتهاء حكم» أي انهاء تعلقه بأفعال المكلفين، وهو قيد في التعريف لاخراج «التخصيص» لانه بيان، وذلك لعدم تعليق الحكم بالمخرج ابتداء.
وقوله «شرعي» قيد ثان لاخراج انتهاء الحكم العقلي، أي البراءة الاصلية بابتداء شرع الاحكام: لانه لا يسمى نسخا.
وقوله: «بطريق شرعي» قيد لبيان أن النسخ لا يكون الا بدليل شرعي.
وقوله: «متراخ عنه» قيد أيضا لبيان أن الناسخ لا بد أن يكون متأخرا في الورود عن المنسوخ» أهـ (5).
(1) هو محمود بن عمر الخوارزمي، الزمخشري «أبو القاسم، جار الله» مفسر، محدث، متكلم، نحوي، لغوي: بياني، أديب، مشارك في عدة علوم، ولد بزمخشر من قرى «خوارزم» وقدم بغداد، ورحل الى «مكة» فجاور بها فسمى جار الله. وله عدة مصنفات توفي 538 هـ:
انظر ترجمته في معجم المؤلفين ج 12 ص 186.
(2)
انظر: أساس البلاغة ج 2 ص 438.
(3)
انظر: تاج العروس ج 2 ص 282.
(4)
انظر: مختصر صفوة البيان ج 2 ص 43.
(5)
انظر: في رحاب القرآن ج 2 ص 202.
«ينشئوا» من قوله تعالى: أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ (1).
قرأ «حفص، وحمزة، والكسائي: وخلف العاشر» «ينشئوا» بضم الياء، وفتح النون، وتشديد الشين، مضارع «نشأ» مضعف العين، مبنيا للمفعول، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره «هو» يعود على «من» و «في الحلية» متعلق ب «ينشئوا» .
وقرأ الباقون «ينشؤا» بفتح الياء، وسكون النون، وتخفيف الشين، مضارع «نشأ» الثلاثي: مبنيا للفاعل، والفاعل ضمير مستتر يعود على «من» و «في الحلية» متعلق ب «ينشئوا» (2).
«انظرونا» من قوله تعالى: يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ (3).
قرأ «حمزة» «أنظرونا» بهمزة قطع مفتوحة، وكسر الظاء، على أنه فعل أمر، من «الانظار» وهو: التأخير، والامهال.
ومنه قوله تعالى: قالَ أَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (4).
وقرأ الباقون «انظرونا» بهمزة وصل، تسقط في الدرج، وتثبيت مضمومة في الابتداء، مع ضم الظاء، على أنه فعل أمر من «النظر» وهو الابصار بالعين، أي: انظروا الينا (5).
(1) سورة الزخرف الآية 18
(2)
قال ابن الجزرى: وينشؤا الضم وثقل عن شفا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 293.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 217.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 255.
(3)
سورة الحديد الآية 13
(4)
سورة الاعراف الآية 14
(5)
قال ابن الجزرى: قطع انظرونا واكسر الضم فرا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 327.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 274.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 309.
«ننكسه» من قوله تعالى: «وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ» . (1)
قرأ «عاصم، وحمزة» «ننكسه» بضم النون الاولى: وفتح الثانية: وكسر الكاف مشددة، مضارع «نكس» بتضعيف العين، للتكثير، وذلك إشارة الى تعدد الرد من الشباب الى الكهولة، الى الشيخوخة، الى الهرم.
وقرأ الباقون، بفتح النون الاولى، واسكان الثانية، وضم الكاف مخففة، مضارع «نكس» بالتخفيف: أي ومن نطل عمره نرده من قوة الشباب الى ضعف الهرم. (2)
المعنى: ومن نطل عمره ننكسه في الخلق، أي نبدل خلقته، فلم يزل يتزايد ضعفه، وتضعف قواه، حتى يعود الى حالة شبيهة بحالة الطفل في ضعف الجسد، أفلا يعقلون؟
«التناوش» من قوله تعالى: «وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ» . (3)
قرأ «ابو عمرو، وشعبة، وحمزة، والكسائى، وخلف العاشر» «التناوش» بهمزة مضمومة بعد الالف: فيصير المد عندهم متصلا، وهو مشتق من «تتأش» اذا طلب، فالمعنى: وكيف يكون لهم طلب الايمان في الآخرة، وهو المكان البعيد.
وقرأ الباقون «التناوش» بواو مضمومة بلا همز، وهو مشتق من «ناش
ينوش» اذا تناول، فالمعنى: وكيف يكون لهم تناول الايمان من مكان
(1) سورة يس الآية 68
(2)
قال ابن الجزرى: ننكسه ضم حرك اشدد كسر ضم نل فز انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 366.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 169.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 220.
(3)
سورة سبأ الآية 52.
بعيد وهو الآخرة. (1)
«تهجرون» من قوله تعالى: «مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِراً تَهْجُرُونَ» . (2)
قرأ «نافع» «تهجرون» بضم التاء، وكسر الجيم، على أنه مضارع «أهجر» الرباعى، وهو مشتق من «الهجر» بضم الهاء: وهو الهذيان، وما لا خير فيه من الكلام.
وقرأ الباقون بفتح التاء: وضم الجيم، على أنه مضارع «هجر» الثلاثى، وهو مشتق من «الهجر» بفتح الهاء، أي تهجرون آيات الله فلا تؤمنون بها. (3)
«نورث» من قوله تعالى: تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا». (4)
قرأ «رويس» «نورث» بفتح الواو، وتشديد الراء، مضارع «ورث» مضعف العين.
وقرأ الباقون «نورث» بسكون الواو، وكسر الراء مخففة، مضارع «اورث» معدى بالهمزة. (5)
المعنى: تلك الجنة التى جمعت كل الوان النعيم، وفيها ما تشتهي
(1) قال ابن الجزرى: والتناوش همزت حز صحبة انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 258 والمهذب فى القراءات العشر ج 2 ص 157.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 208.
(2)
سورة المؤمنون الآية 67
(3)
قال ابن الجزرى: وتهجرون اضمم أفا مع كسر ضم انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 205.
والمهذب في القراءات ج 2 ص 61.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 129.
(4)
سورة مريم الآية 63.
(5)
قال ابن الجزرى: وشد نورث غث انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 177.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 10.
الأنفس وتلذ الاعين، يبقيها الله متاعا طيبا، ورزقا حسنا، وميراثا مستحقا ان اتصفوا بالتقوى من عباده المؤمنين.
«موص» من قوله تعالى: «فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ» . (1)
قرأ «شعبة» : وحمزة، والكسائى، ويعقوب، وخلف العاشر «موص» بفتح الواو، وتشديد الصاد، على أنه اسم فاعل من «وصى» .
وقرأ الباقون «موص» باسكان الواو، وتخفيف الصاد، على أنه اسم فاعل من «أوصى» . (2)
«يوقد» من قوله تعالى: «الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة» . (3)
قرأ «شعبة» : وحمزة، والكسائى، ويعقوب، وخلف العاشر «توقد» بتاء فوقية مضمومة، وواو ساكنة مدية بعدها مع تخفيف القاف، ورفع الدال، وهو
(1) سورة البقرة الآية 182
(2)
قال ابن الجزرى: موص ظعن صحبة ثقل انظر: النشر في القراءات العشر ج 2 ص 426.
والمستنير في تخريج القراءات ج 1 ص 48.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1 ص 282.
(3)
سورة النور الآية 35
فعل مضارع مبني للمجهول: ونائب فاعله ضمير مستتر تقديره «هي» يعود على «الزجاجة» وأنث الفعل لان لفظ «الزجاجة» مؤنث.
وقرأ «ابن كثير، وأبو عمرو، وأبو جعفر، ويعقوب» «توقد» بتاء مفتوحة، وواو مفتوحة مع تشديد القاف، وفتح الدال، على وزن «تفعل» وهو فعل ماض، والفاعل ضمير مستتر يعود على «الزجاجة» أيضا.
وقرأ الباقون وهم: «نافع، وابن عامر، وحفص» «يوقد» بياء تحتية مضمومة، وواو ساكنة مدية بعدها مع تخفيف القاف، والدال، وهو فعل مضارع مبني للمجهول من «أوقد» الرباعي، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره «هو» يعود على «المصباح» المتقدم ذكره. (1)
«موهن كيد» من قوله تعالى: «ذلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكافِرِينَ» . (2)
قرأ «ابن عامر، وشعبة، وحمزة، والكسائى: ويعقوب، وخلف العاشر» «موهن» بسكون الواو، وتخفيف الهاء، والتنوين، على أنه اسم فاعل من «أوهن فهو موهن» مثل:«أيقن يوقن فهو موقن» و «كيد» بالنصب، مفعول به، واعلم أن التنوين في «موهم» على الاصل في اسم الفاعل اذا أريد به الحال، او الاستقبال.
وقرأ «حفص» «موهن» بسكون الواو: وتخفيف الهاء، من غير تنوين، على أنه اسم فاعل من «أوهن» الرباعى، وحذف التنوين، للاضافة والتخفيف، و «كيد» بالخفض على الاضافة، وقد جاء القرآن بحذف التنوين من اسم فاعل مع الاضافة في نحو قوله تعالى:«إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ» . (3)
وقرأ الباقون «موهن» بفتح الواو، وتشديد الهاء، والتنوين، على أنه اسم فاعل من «وهن» مضعف العين نحو:«قتل يقتل فهو مقتل» و «كيد» بالنصب مفعول به.
واعلم أن في التشديد معنى التكرير، فهو توهين بعد توهين، وذلك أن
التشديد انما وقع لتكرار الفعل: وذلك ما ذكره الله من تثبيت أقدام المؤمنين بالغيث، وربطه على قلوبهم، وتقليله اياهم في أعينهم عند القتال، فذلك منه شيء بعد شيء، وحال بعد حال، وفي وقت بعد وقت، فكان الاولى
(1) قال ابن الجزرى: يوقد أنث صحبة تفعلا حق لنا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 213.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 75.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 138.
(2)
سورة الانفال الآية 18
(3)
سورة الطلاق الآية 3
بالفعل أن يشدد لتردد هذه الافعال، فكأنه أوقع «الوهن» بكيد الكافرين مرة بعد مرة. (1)
(1) قال ابن الجزرى
موهن خفف ظبى كنز ولا ينون
…
مع خفض كيد عد
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 89.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1 ص 490.
والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 264.
وحجة القراءات لابن زنجلة ص 309.