الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثامن من الباب الرابع بين اسم الفاعل والصفة المشبهة
لقد تتبعت قراءات القرآن واقتبست منها الكلمات التي قرئت مرة على أنها «اسم فاعل» وأخرى على أنها «صفة مشبهة» وذلك في اسلوب واحد، وهي تتمثل في قراءات الكلمات الآتية:
«قاسية» من قوله تعالى: وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً (1).
قرأ «حمزة، والكسائي» «قسية» بحذف الالف التي بعد القاف، وتشديد الياء، على وزن «فعلية» صفة مشبهة، اذ أصلها «قسيية» ثم ادغمت الياء في الياء للتماثل، وذلك للمبالغة في وصف قلوب الكفار بالشدة، والقسوة، لان في صيغة «فعيل» معنى التكرير، والمبالغة.
أو لأن قلوب الكفار وصفت بالطبع عليها مثل الدرهم القسي أي المغشوش، وهو الذي يخالط فضته «نحاس أو رصاص» أو نحو ذلك.
وقرأ الباقون «قاسية» باثبات الالف، وتخفيف الياء، على أنها «اسم فاعل» من «قسى يقسو» .
ومنه قوله تعالى: فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ (2).
ومعنى «قاسية» : غليظة قد نزعت منها الرحمة، والرأفة، وأصبحت لا تؤثر فيها المواعظ، ولا تقبل ما يقال لها من نصح وارشاد (3).
(1) سورة المائدة الآية 13
(2)
سورة الزمر الآية 22
(3)
قال ابن الجزرى: واقصر اشدد يا قسية رضى انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 40.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1 ص 407 والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 182.
جاء في «المفردات» : «القسوة» : غلظ القلب: وأصله من حجر قاس، والمقاساة: معالجة ذلك. أهـ (1).
وجاء في «تاج العروس» : «قسا قلبه، يقسو، قسوا، وقسوة، وقساوة، وقساء» بالمد: «صلب، وغلظ» فهو قاس، وقوله تعالى: ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ (2).
أي غلظت، ويبست، فتأويل القسوة في القلب: ذهاب اللين، والرحمة، والخشوع منه.
وأصل القسوة: الصلابة من كل شيء. أهـ (3).
«زكية» من قوله تعالى: قالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ (4).
قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وأبو جعفر، ورويس» «زاكية»
باثبات ألف بعد الزاي، وتخفيف الياء، اسم فاعل من «زكى» بمعنى: طاهرة من الذنوب، وصالحة، لانها صغيرة، ولم تبلغ بعد حد التكليف.
وقرأ الباقون «زكية» بحذف الالف، وتشديد الياء، على وزن «عطية» صفة مشبهة من «الزكاء» بمعنى الطهارة (5).
«حمئة» من قوله تعالى:
حتى اذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة ووجد عندها قوما (6).
(1) انظر: المفردات مادة «قسو» ص 404.
(2)
سورة البقرة الآية 74.
(3)
انظر: تاج العروس مادة «قسو» ج 10 ص 293.
(4)
سورة الكهف الآية 74.
(5)
قال ابن الجزرى:
وامدد وخفف زاكية حبر مدا غث انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 166.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 68.
والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 406.
(6)
سورة الكهف الآية 86.
قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وحفص، ويعقوب» «حمئة» بالهمز من غير ألف، على أنها صفة مشبهة، مشتقة من «الحمأة» يقال: حمئت البر تحمأ حما فهي حمئة، اذا كان فيها الحمأ، وهو الطين الاسود.
قال «مكي بن أبي طالب» ت 437 هـ:
«سأل» «معاوية بن أبي سفيان» «كعب الأحبار» فقال له: اين تجد الشمس تغرب في التوراة؟
فقال: «تغرب في ماء وطين» فهذا يدل على أنها من «الحمأة» وقرأ الباقون «حامية» بألف بعد الحاء، وابدال الهمزة ياء مفتوحة، على أنها اسم فاعل من «حمى يحمي» أي حارة.
ولا تنافي بين القراءتين اذ لا مانع من أن تكون العين ذات طين أسود وفيها الحرارة (1).
«حاذرون» من قوله تعالى: وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حاذِرُونَ (2).
قرأ «ابن ذكوان، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر، وهشام بخلف عنه» «حاذرون» باثبات ألف بعد الحاء، اسم فاعل من «حذر» ومعنى «حاذرون» مستعدون بالسلاح وغيره من آلة الحرب.
وقرأ الباقون «حذرون» بحذف الالف، وهو الوجه الثاني» (3).
(1) قال ابن الجزرى:
حامية حمئة واهمز أفا عد حق النشر في القراءات العشر ج 3 ص 169 والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 73، 74.
والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 409.
(2)
سورة الشعراء الآية 56
(3)
قال ابن الجزرى: وحادروا امدد كفى لي الخلف من انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 222.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 93.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 151.
«فارهين» من قوله تعالى: وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ (1).
قرأ «ابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «فارهين» باثبات ألف بعد الفاء، على أنه اسم فاعل، بمعنى: حاذقين.
وقرأ الباقون «فرهين» بحذف الالف، على أنه صفة مشبهة بمعنى: أشرين أي بطرين (2).
«فاكهون» من قوله تعالى: إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ (3).
«فاكهين» من قوله تعالى: وَنَعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ (4).
ومن قوله تعالى: فاكِهِينَ بِما آتاهُمْ رَبُّهُمْ (5).
ومن قوله تعالى: وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ (6).
وقرأ «أبو جعفر» «فكهون، فكهين» في المواضع المذكورة أعلاه، بحذف الالف التي بعد الفاء، على أنه صفة مشبهة.
وقرأ «حفص، وابن عامر» بخلف عنه، موضع المطففين «فكهين» بحذف الالف التي بعد الفاء، مثل قراءة «أبي جعفر» .
وقرأ حفص، وابن عامر، موضع يس «فاكهون» وموضعي الدخان، والطور، «فاكهين» باثبات الالف التي بعد الفاء، على أنه اسم فاعل، مثل «لابن، وتامر» .
(1) سورة الشعراء الآية 149
(2)
قال ابن الجزرى: وفارهين كنز
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 223.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 96.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 151.
(3)
سورة يس الآية 55
(4)
سورة الدخان الآية 27
(5)
سورة الطور الآية 18
(6)
سورة المطففين الآية 31
وقرأ الباقون «فاكهون، وفاكهين» في المواضع الاربعة، باثبات الالف على أنه اسم فاعل (1).
«لابثين» من قوله تعالى: لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً (2).
قرأ «حمزة، وروح» «لبثين» بغير ألف بعد اللام، على وزن «فعلين» على أنه صفة مشبهة.
وقرأ الباقون «لابثين» بألف بعد اللام، على وزن «فاعلين» على أنه اسم فاعل (3).
(1) قال ابن الجزرى:
وفاكهون فاكهين اقصر ثنا
…
تطفيف كون الخلف عن ثرا
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 265.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 168، 226، 254، 327.
(2)
سورة النبأ الآية 23
(3)
قال ابن الجزرى: في لابثين القصر شد فز انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 356 والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 320 والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 359.