الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل السابع من الباب الرابع بين اسم الفاعل وامثلة المبالغة
لقد تتبعت قراءات القرآن واقتبست منها الكلمات التي قرئت مرة على أنها «اسم فاعل» وأخرى على أنها «صيغة مبالغة» وذلك في أسلوب واحد، وهي تتمثل في قراءات الكلمات الآتية:
«مالك» من قوله تعالى: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (1).
قرأ «عاصم، والكسائي، ويعقوب، وخلف العاشر» «مالك» باثبات ألف بعد الميم، على أنه «اسم فاعل» من «ملك» و «المالك» بالالف: هو المتصرف في الاعيان المملوكة كيف يشاء.
وقرأ الباقون «ملك» بحذف الالف، وكسر اللام والكاف، على وزن «حذر» على أنه صيغة مبالغة.
و «الملك» بحذف الالف: هو المتصرف بالامر، والنهي في المأمورين (2).
تنبيه: «مالك» من قوله تعالى: قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ (3).
اتفق القراء العشرة على قراءته «مالك» باثبات ألف بعد الميم، وفتح الكاف.
(1) سورة الفاتحة الآية 4.
(2)
قال ابن الجزري: مالك نل ظلا روى
انظر: النشر في القراءات العشر ج 1 ص 370.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1 ص 26.
والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 45.
(3)
سورة آل عمران الآية 26.
قال «الراغب» في مادة «ملك» : «الملك» بفتح الميم، وكسر اللام. هو المتصرف بالامر، والنهي، في الجمهور، وذلك يختص بسياسة الناطقين، ولهذا يقال:«ملك الناس» ولا يقال «ملك الاشياء» .
وقوله تعالى: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ فتقديره: الملك في يوم الدين، وذلك لقوله تعالى: لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ (1).
وقال بعضهم: «الملك» بفتح الميم، وكسر اللام: اسم لكل من يملك السياسة.
«والملك» بضم الميم، وسكون اللام: الحق الدائم لله، فلذلك قال تعالى:
لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ (2) أهـ وقال «الزبيدي» في مادة «ملك» يقال: ملكه يملكه ملكا» مثلثة (3)«والملك» بفتح الميم، واللام: واحد الملائكة» أهـ (4).
«عقدتم» من قوله تعالى: لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ (5).
قرأ «شعبة، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «عقدتم» بحذف الالف التي بعد العين، وتخفيف القاف، على وزن «قتلتم» وذلك على أصل الفعل.
قال «الراغب» في مادة «عقد» : العقد: الجمع بين أطراف الشيء، وستعمل ذلك في الاجسام الصلبة كعقد الحبل، ثم يستعار ذلك للمعاني نحو عقد البيع، والعهد، وغيرهما، فيقال: عقدته، وعقدت يمينه، وعقادته،
(1) سورة غافر الآية 16
(2)
انظر: المفردات في غريب القرآن ص 472.
(3)
انظر: تاج العروس ج 7 ص 180
(4)
انظر: تاج العروس ج 7 ص 182
(5)
سورة المائدة الآية 89
وتعاقدنا» أهـ (1).
وقرأ «ابن ذكوان» «عاقدتم» باثبات ألف بعد العين، وتخفيف القاف، على وزن «قاتلتم» على أن المراد به المرة الواحدة من العقد فيكون بمعنى «عقدتم» وحينئذ تكون المفاعلة ليست على بابها فتتحد هذه القراءة مع القراءة السابقة في المعنى.
وقرأ الباقون «عقدتم» بحذف الالف، وتشديد القاف، وذلك للتكثير على معنى: عقد بعد عقد، فالتشديد يدل على كثرة الايمان.
«ساحر» من قوله تعالى: يَأْتُوكَ بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ (2).
ومن قوله تعالى: وَقالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ (3).
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «سحار» في الموضعين، بألف بعد السين، وبفتح الحاء وتشديدها، وألف بعدها، على وزن «فعال» للمبالغة، ويقوى ذلك أنه قد وصف به «عليم» فدل على التناهي في علم السحر.
وقرأ الباقون «ساحر» بألف بعد السين، وكسر الحاء مخففة، على وزن «فاعل» «وساحر» تجمع على «سحرة» مثل:«فاجر وفجرة» وقد قال تعالى:
فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ (4).
وقال تعالى: فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ (5).
واسم فاعل من «سحر» «ساحر» (6).
(1) قال ابن الجزرى: عقد المد منى وخففا من صحبة انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 44.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1 ص 417.
والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 195.
(2)
سورة الاعراف الآية 112
(3)
سورة يونس الآية 79
(4)
سورة طه الآية 70
(5)
سورة الاعراف الآية 116
(6)
قال ابن الجزرى:
وسحر شفا
…
مع يونس في ساحر
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 78.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1 ص 471.
والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 247.
تنبيه: «سحار» من قوله تعالى: يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ (1).
اتفق القراء العشرة على قراءته على وزن «فعال» للمبالغة.
لانه جواب لقول «فرعون» فيما استشارهم فيه من أمر «موسى» عليه السلام بعد قوله: إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ رقم/ 34 فأجابوه بما هو أبلغ من قوله رعاية لمراده، بخلاف التي في الاعراف فان ذلك جواب لقولهم فتناسب اللفظان، وأما التي في يونس فهي أيضا جواب من فرعون لهم حيث قالوا: إِنَّ هذا لَسِحْرٌ مُبِينٌ رقم/ 76.
مهمة: قال صاحب دليل الحيران:
«بكل ساحر» في سورتي الاعراف، ويونس، وذكره في «المقنع» في باب ما اختلفت فيه مصاحف أهل الامصار فقال في الاعراف: وفي بعضها يعني بعض المصاحف «يأتوك بكل سحار عليم» الالف بعد الحاء، وفي بعضها «ساحر» الالف قبل الحاء.
ثم قال في «يونس» : وفي بعضها «وقال فرعون ائتوني بكل سحار» الالف بعد الحاء، وفي بعضها «سحر» بغير ألف» أهـ.
ومثله «لأبي داود» وقد خالف الشيخان بين الموضعين كما ترى في النقل، ولكن المتحصل في كل منهما ثلاثة أوجه:
حذف الالف، وثبته، وهذان الوجهان هما اللذان ذكرهما صاحب المورد، واليهما الاشارة بقول الناظم:
الوجه الثالث: ثبت الالف متأخرا عن الحاء.
وهذا ومقابله هما المشار اليهما بقول الناظم:
«وهل يلي الحا أو قبيلها اختلف» .
أي هل يلي الالف الحاء، أو هو قبلها؟
(1) سورة الشعراء الآية 37
ثم أجاب عنه بأن المصاحف اختلفت في ذلك، وهذا الخلاف مفرع على أحد وجهي الخلاف المتقدم بالاثبات، ومقابله، وانما أعاد الناظم في الشطر الاول الخلاف الذي في المورد، ولم يقتصر على الخلاف الذي ذكره في الشطر الثاني مع أنه هو المقصود بالذات لئلا يتوهم من الاقتصار على الخلاف بتقدم الالف وتأخرها في هذين الموضعين خروجهما من الخلاف المذكور في المورد بالحذف والاثبات» أهـ (1).
«عالم الغيب» من قوله تعالى: قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عالِمِ الْغَيْبِ (2).
قرأ «نافع، وابن عامر، وأبو جعفر، ورويس» «عالم» برفع الميم على وزن «فاعل» على أنه خبر لمبتدإ محذوف، أي هو عالم، أو على أنه مبتدأ،
والخبر قوله تعالى بعد لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ.
و «فاعل» أكثر في الاستعمال من «فعال» ومنه قوله تعالى: عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ (3).
وقوله: عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً (4).
وقرأ «حمزة، والكسائي» «علام» بتشديد اللام، وخفض الميم، على وزن «فعال» الذي للمبالغة في العلم بالغيب وغيره، ومنه قوله تعالى:
قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (5).
وهذه القراءة على أن «علام» صفة «لربي» أو صفة «لله» المتقدم ذكره أول السورة في قوله تعالى:
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ (6).
وقرأ الباقون وهم: «ابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم، وروج، وخلف العاشر» «عالم» بخفض الميم، على وزن «فاعل» على أنه صفة «لربي»
(1) انظر: دليل الحيران شرح مورد الظمآن ص 561 - 562.
(2)
سورة سبأ الآية 3
(3)
سورة الانعام الآية 73
(4)
سورة الجن الآية 26
(5)
سورة سبأ الآية 48
(6)
الآية 1
أو «لله» (1).
«خشعا» من قوله تعالى: خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ (2).
قرأ «أبو عمرو، وحمزة، والكسائي، ويعقوب، خلف العاشر» «خاشعا» بفتح الخاء، وألف بعدها، وكسر الشين مخففة، على وزن «فاعل» على الافراد.
وقرأ الباقون «خشعا» بضم الخاء، وحذف الالف، وفتح الشين مشددة، على وزن «فعل» مضعف العين، نحو:«راكع وركع» جمع «خاشع» (3).
(1) قال ابن الجزرى: عالم علام ربا فز وارفع الخفض غنا عم انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 253.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 150.
والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 201.
(2)
سورة القمر الآية 7
(3)
قال ابن الجزرى: وخاشعا في خشعا شفا حما انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 319.
والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 264 والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 297.