الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
183 -
قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ
(14)
* سَبَبُ النُّزُولِ:
أخرج النَّسَائِي عن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: لما أراد اللَّه عز وجل أن يرفع عيسى عليه السلام إلى السماء، خرج على أصحابه وهم في بيت اثنا عشر رجلاً، ورأسه يقطر ماءً، فقال: أيُّكم يُلقى شبهي عليه، فيقتل مكاني، فيكون معي في درجتي؟ فقام شاب من أحدثهم سنًا، فقال: أنا. فقال: اجلس. ثم أعاد عليهم. فقام الشاب فقال: أنا. فقال: اجلس، ثم أعاد عليهم الثالثة، فقال الشاب: أنا، فقال عيسى عليه السلام: نعم أنت، فأُلقي عليه شبه عيسى عليه السلام ثم رُفع عيسى من روزنةٍ كانت في البيت إلى السماء، وجاء الطلب من اليهود، فأخذوا الشاب للشبه. فقتلوه ثم صلبوه، فتفرقوا ثلاث فرق. فقالت فرقة: كان فينا الله عز وجل ما شاء ثم صعد إلى السماء وهؤلاء اليعقوبية. وقالت فرقة: كان فينا ابن اللَّه ما شاء اللَّه ثم رفعه الله إليه وهؤلاء النسطوريَّة. وقالت طائفة: كان فينا عبد اللَّه ورسوله ما شاء اللَّه ثم رفعه فهؤلاء المسلمون. فتظاهرت الكافرتان على المسلمة فقتلوها فلم يزل الإسلام
طامسًا حتى بعث الله محمدًا صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل: (فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ) يعني: الطائفة التي كفرت في زمان عيسى عليه السلام والطائفة التي آمنت في زمان عيسى (فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ) بإظهار محمد صلى الله عليه وسلم دينهم على دين الكفار (فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ).
* دِرَاسَةُ السَّبَبِ:
هكذا جاء في تفسير هذه الآية وقد ذكر الطبري وابن كثير الحديث بكماله إلا أن الطبري لم يشر في حديثه إلى الآية، وإنما ساقها قصصًا كسائر الحديث.
أما ابن كثير فلم يذكر النزول أيضًا، لكن الآية في سياقه بين قوسين فلعل هذا ناشئ عن الطباعة الحديثة.
أما البغوي فساقه مختصرًا وجاء في سياقه فذلك قوله تعالى: (فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ).
وإذا كان الأمر كما تقدم من إعراض أكثر المفسرين عن ذكر هذا الحديث، وحتى من ذكره لا يذكر فيه النزول فهذا برهان مبين على أن الحديث
ليس له صلة بالنزول وأن قول الراوي فيه: فأنزل الله عز وجل. إنما هو في باب التفسير ليس إلا وكيف لا يكون كذلك والحديث فيه عن نبي الله عيسى عليه الصلاة والسلام وأتباعه على دينه. ومع كون الحديث موقوفاً على ابن عباس رضي الله عنه ليس لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فيه ذكر فابن عبَّاسٍ كان معروفاً بالأخذ عن بني إسرائيل، ففسر هذه الآية بما يعلمه من أخبارهم واللَّه أعلم.
* النتيجة:
أن الحديث المذكور ليس سبباً لنزول الآية لإعراض المفسرين عن ذكره، كما أن التصريح بالنزول غير محفوظ ولا يلائم سياق القرآن واللَّه أعلم.
* * * * *
سورة الجمعة