الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة النور
12
3
- قال اللَّه تعالى: (الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (3)
* سَبَبُ النُّزُولِ:
1 -
أخرج الترمذي وأبو داود والنَّسَائِي من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال: كان رجل يُقال له مرثد بن أبي مرثد، وكان رجلاً يحمل الأسرى من مكة حتى يأتي بهم المدينة، قال: وكانت امرأة بغيٌ بمكة يُقال لها عناق، وكانت صديقة له، وأنه كان وعد رجلاً من أَسارى مكة يحمله، قال: فجئت حتى انتهيت إلى ظل حائط من حوائط مكة في ليلة مقمرة، قال: فجاءت عناق فأبصرت سواد ظلي بجنب الحائط فلما انتهت إليَّ عرفت، فقالت: مرثد؟ فقلت: مرثد. فقالت: مرحباً وأهلاً هَلُمَّ فبت عندنا الليلة. قال: قلت: يا عناقُ حرم اللَّه الزنا، قالت: يا أهل الخيام، هذا الرجل يحمل أُسراءَكم، قال: فتبعني ثمانية، وسلكت الخندمة فانتهيت إلى كهف أو غار فدخلت، فجاؤوا حتى قاموا على رأسي فبالوا فظل بولهم على رأسي، وعماهم اللَّه عني، قال: ثم رجعوا ورجعت إلى صاحبي فحملته وكان رجلاً ثقيلاً حتى انتهيت إلى الإذخر،
ففككتُ عنه أكبُلَه فجعلت أحمله ويعينني حتى قدمت المدينة فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول اللَّه أنكح عناقاً؟ مرتين، فأمسك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فلم يردَّ عليَّ شيئاً حتى نزلت:(الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ) فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (يا مرثد الزاني لا ينكح إلا زانيةً أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زانٍ أو مشرك فلا تنكحها).
2 -
وأخرج النَّسَائِي وأحمد عن عبد اللَّه بن عمرو رضي الله عنه قال: كانت امرأة يُقال لها أم مهزول، وكانت بجيادٍ وكانت تسافح، فأراد رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن يتزوجها، فأنزل اللَّه عز وجل:(وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ).
* دِرَاسَةُ السَّبَبِ:
هكذا جاء في سبب نزول هذه الآية وقد أورد بعض المفسرين هذين الحديثين ومعهما غيرهما عند تفسيرها منهم الطبري والبغوي وابن العربي وابن عطية والقرطبي وابن كثير.
قال الطبري: (اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك فقال بعضهم: نزلت هذه الآية في بعض من استأذن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في نكاح نسوة كن معروفات بالزنا من أهل الشرك، وكن أصحاب رايات يكرين أنفسهن فأنزل اللَّه تحريمهن على المؤمنين) اهـ.
وذهب ابن عاشور إلى أن الآية نزلت بسبب مرثد الغنوي فقال: (وسبب نزول هذه الآية ما رواه أبو داود والترمذي وحسنه أنه كان رجل يقال له مرثد ابن أبي مرثد الغنوي من المسلمين فذكر الحديث بكماله
…
حتى قال: فتبين أن هذه الآية نزلت جوابًا عن سؤال مرثد ابن أبي مرثد هل يتزوج عناق) اهـ.
وعندي - واللَّه أعلم - أنه يمكن أن تكون كنية عناق أمَّ مهزول وحينئذٍ يكون المراد من الحديثين امرأة واحدة.
فإن لم يكن الأمر كذلك فلا مانع أن تكون الآية نازلةً جواباً لسؤال أحد
المؤمنين رسول الله صلى الله عليه وسلم واستئذانه إياه في نكاح إحدى المرأتين، فإن هذا القدر قد اتفق عليه المفسرون، وكلامهم يدور في فلكه والله أعلم.
* النتيجة:
أن الآية نزلت فيمن استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في نكاح من كن معروفات بالزنى، وذلك لدلالة لفظ الآية، وأقوال المفسرين والأحاديث المروية على ذلك والله أعلم.
* * * * *