الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة النازعات
192 -
قال اللَّه تعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا
(42)
فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا (43) إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا (44) إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا (45) كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا (46)
* سَبَبُ النُّزُولِ:
أخرج النَّسَائِي عن طارق بن شهاب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يزال يذكر من شأن الساعة حتى نزلت: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا) الآية كلها.
* دِرَاسَةُ السَّبَبِ:
هكذا جاء في شأن هذه الآية. وقد ذكر هذا الحديث الطبري فقط، أما سائر المفسرين فلم يذكروا هذا الحديث بنصه، لكن ذكروا أن المشركين سألوه عن ذلك.
قال الطبري: (يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: يسألك يا محمد هؤلاء المكذبون بالبعث عن الساعة التي تبعث فيها الموتى من قبورهم متى قيامها وظهورها) اهـ. بتصرف يسير.
وقال ابن عطية: (نزلت بسبب أن قريشاً كانت تلح في البحث عن وقت الساعة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبرهم بها ويتوعدهم بها ويكثر من ذلك) اهـ.
وقال القرطبي: (قال ابن عبَّاسٍ: سأل مشركو مكة رسول الله صلى الله عليه وسلم متى تكون الساعة استهزاء فأنزل اللَّه عز وجل الآية) اهـ.
وقال السعدي: (أي يسألك المتعنتون المكذبون بالبعث عن الساعة متى وقوعها فأجابهم اللَّه بقوله: (فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا) أي: ما الفائدة لك ولهم في ذكرها ومعرفة وقت مجيئها فليس تحت ذلك نتيجة، ولهذا لما كان علم العباد للساعة ليس لهم فيه مصلحة دينية ولا دنيوية بل المصلحة في إخفائه عليهم طوى علم ذلك عن جميع الخلق واستأثر بعلمه) اهـ.
وقال ابن عاشور: (استئناف بياني منشؤه أن المشركين كانوا يسألون عن وقت حلول الساعة التي يتوعدهم بها النبي صلى الله عليه وسلم كما حكاه الله عنهم غير مرة في القرآن كقوله: (وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ).
وعندي - والله أعلم - أن الحديث المذكور ليس سببًا لنزول الآيات الكريمة لأن سياقه لا يوافق سياق الآية، وبيان ذلك أن الآية دلت على وجود سؤال بقوله:(يَسْأَلُونَكَ) بينما الحديث خلا من ذكر السؤال، وفي الحديث أنه كان لا يزال يذكر من شأن الساعة، بينما خلت الآية من بيان ذلك.
ولعل هذا هو السبب الذي حمل المفسرين على الإعراض عن ذكره، ولو كان مناسبًا لذلك ما تركوه كما هو شأنهم في كثير من الأسباب.
والأمر المؤكد هو ما ذكره المفسرون من أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُسأل عن الساعة لأن الله أخبرنا عن ذلك بقوله: (يَسْأَلُونَكَ) لكن قصة السؤال هنا لم يروها أحد من أصحاب الكتب التسعة التي يدور عليها نطاق البحث والله أعلم.
* النتيجة:
أن الحديث المذكور ليس سببًا لنزول الآية الكريمة لمخالفة سياقه لسياق القرآن، وإعراض المفسرين عنه، والكلام الذي في سنده واللَّه أعلم.
* * * * *
سورة عبس