الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة القيامة
191 -
قال الله تعالى: (لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ
(16)
إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19)
* سَبَبُ النُّزُولِ:
أخرج البخاري وأحمد ومسلم والترمذي والنَّسَائِي عن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما في قوله: (لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ) قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل جبريل بالوحي، وكان مما يحرك به لسانه وشفتيه، فيشتد عليه، وكان يعرف منه فأنزل الله الآية التي في:(لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ): (لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ) فإن علينا أن نجمعه في صدرك (وَقُرْآنَهُ (17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ: فإذا أنزلناه فاستمع. (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ) قال: إن علينا أن نُبَينَه. قال: وكان إذا أتاه جبريل أطرق، فإذا ذهب قرأه كما وعده اللَّه.
* دِرَاسَةُ السَّبَبِ:
هكذا جاء في سبب نزول هذه الآيات الكريمة. وقد أورد هذا الحديث جمهور أهل التأويل كالطبري والبغوي وابن العربي وابن عطية والقرطبي وابن
كثير والسعدي وابن عاشور.
قال الطبري: (يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم لا تحرك يا محمد بالقرآن لسانك لتعجل به.
واختلف أهل التأويل في السبب الذي من أجله قيل له: (لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ) فقال بعضهم: قيل له ذلك لأنه كان إذا نزل عليه منه شيء عجل به يريد حفظه من حبه إياه فقيل له: لا تعجل فإنا سنحفظه عليك) اهـ. ثم ساق حديث ابن عبَّاسٍ ورجحه.
قال ابن عطية: (وقال كثير من المفسرين وهو في صحيح البخاري عن ابن عبَّاسٍ: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يعالج من التنزيل شدة، وكان مما يحرك شفيته مخافة أن يذهب عنه ما يوحى إليه فنزلت الآية بسبب ذلك وأعلمه الله تعالى أنه يجمعه له في صدره) اهـ.
وقال ابن كثير: (هذا تعليم من الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم في كيفيه تلقيه الوحي من الملك فإنه كان يبادر إلى أخذه، ويسابق الملك في قراءته فأمره الله عز وجل إذا جاءه الملك بالوحي أن يستمع له وتكفل الله له أن يجمعه في صدره وأن ييسره لأدائه على الوجه الذي ألقاه إليه وأن يبينه له ويفسره ويوضحه) اهـ.
وقال السعدي: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا جاءه جبريل بالوحي وشرع في تلاوته، بادره النبي صلى الله عليه وسلم من الحرص قبل أن يفرغ وتلاه مع تلاوة جبريل إياه فنهاه الله عن ذلك وقال: (وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ)، وقال هنا:(لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ) ثم ضمن له تعالى أنه لا بد أن يحفظه ويقرأه ويجمعه اللَّه في صدره) اهـ.
وقال ابن عاشور: (هذه الآية وقعت هنا معترضة وسبب نزولها ما رواه البخاري ومسلم عن ابن عبَّاسٍ) اهـ. ثم ذكر الحديث.
وبما تقدم من أقوال المفسرين يتبين اتفاقهم على أن سبب نزول هذه الآيات هو استعجال النبي صلى الله عليه وسلم في تحفظ وتلاوة ما يُلقى إليه خشية تفلته ونسيانه.
* النتيجة:
أن الحديث المذكور هو سبب نزول هذه الآيات لصحة سنده، وصراحة ألفاظه بالنزول، وموافقته لسياق القرآن، واتفاق المفسرين على الاحتجاج به والله أعلم.
* * * * *
سورة النازعات