المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

113 - قال الله تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ - المحرر في أسباب نزول القرآن من خلال الكتب التسعة - جـ ٢

[خالد المزيني]

فهرس الكتاب

- ‌سورة هود

- ‌(5)

- ‌(114)

- ‌سورة الرعد

- ‌(13)

- ‌(43)

- ‌سورة إبراهيم

- ‌(27)

- ‌سورة الحجر

- ‌(24)

- ‌سورة النحل

- ‌(126)

- ‌سورة الإسراء

- ‌(56)

- ‌(57)

- ‌(59)

- ‌(80)

- ‌(85)

- ‌(110)

- ‌سورة الكهف

- ‌(28)

- ‌(109)

- ‌سورة مريم

- ‌(64)

- ‌(77)

- ‌(78)

- ‌(79)

- ‌(80)

- ‌سورة الحج

- ‌11

- ‌(19)

- ‌(39)

- ‌سورة المؤمنون

- ‌(76)

- ‌سورة النور

- ‌3

- ‌(6)

- ‌(7)

- ‌(8)

- ‌(9)

- ‌(11)

- ‌(22)

- ‌(33)

- ‌(58)

- ‌سورة الفرقان

- ‌(68)

- ‌(69)

- ‌(70)

- ‌سورة القصص

- ‌(56)

- ‌سورة العنكبوت

- ‌(8)

- ‌(51)

- ‌سورة الروم

- ‌1

- ‌3

- ‌(2)

- ‌(4)

- ‌(5)

- ‌سورة لقمان

- ‌(6)

- ‌13

- ‌(14)

- ‌(15)

- ‌سورة الأحزاب

- ‌(4)

- ‌(5)

- ‌(23)

- ‌(28)

- ‌(29)

- ‌(35)

- ‌(37)

- ‌(40)

- ‌(50)

- ‌(51)

- ‌(53)

- ‌(69)

- ‌سورة يس

- ‌(12)

- ‌سورة (ص)

- ‌1

- ‌سورة الزمر

- ‌(53)

- ‌(67)

- ‌سورة فصلت

- ‌(22)

- ‌(23)

- ‌(24)

- ‌سورة الشورى

- ‌(23)

- ‌سورة الزخرف

- ‌(57)

- ‌سورة الدخان

- ‌(10)

- ‌سورة الأحقاف

- ‌(10)

- ‌سورة الفتح

- ‌1

- ‌(18)

- ‌(24)

- ‌سورة الحجرات

- ‌1

- ‌(2)

- ‌(4)

- ‌6

- ‌(7)

- ‌(8)

- ‌(9)

- ‌(11)

- ‌(17)

- ‌سورة القمر

- ‌1

- ‌(2)

- ‌(48)

- ‌(49)

- ‌سورة الواقعة

- ‌(39)

- ‌(40)

- ‌(75)

- ‌(76)

- ‌(77)

- ‌(78)

- ‌(79)

- ‌(80)

- ‌(81)

- ‌(82)

- ‌سورة الحديد

- ‌(16)

- ‌(27)

- ‌(28)

- ‌(29)

- ‌سورة المجادلة

- ‌1

- ‌2

- ‌(3)

- ‌(4)

- ‌(8)

- ‌(13)

- ‌17

- ‌(14)

- ‌(15)

- ‌(16)

- ‌(18)

- ‌سورة الحشر

- ‌(5)

- ‌(9)

- ‌سورة الممتحنة

- ‌1

- ‌(8)

- ‌(10)

- ‌(11)

- ‌سورة الصف

- ‌1

- ‌2

- ‌(3)

- ‌(14)

- ‌سورة الجمعة

- ‌(11)

- ‌سورة المنافقون

- ‌1

- ‌سورة التغابن

- ‌(14)

- ‌سورة التحريم

- ‌1

- ‌(5)

- ‌سورة الجن

- ‌1

- ‌سورة المدثر

- ‌1

- ‌سورة القيامة

- ‌(16)

- ‌سورة النازعات

- ‌(42)

- ‌سورة عبس

- ‌1

- ‌(2)

- ‌سورة المطففين

- ‌1

- ‌سورة الضحى

- ‌1

- ‌(2)

- ‌(3)

- ‌سورة العلق

- ‌6

- ‌سورة القدر

- ‌1

- ‌(2)

- ‌(3)

- ‌سورة الكوثر

- ‌1

- ‌(2)

- ‌(3)

- ‌سورة المسد

- ‌1

- ‌(2)

- ‌سورة الإخلاص

- ‌2

- ‌(1)

- ‌(3)

- ‌(4)

- ‌الخاتمة

الفصل: 113 - قال الله تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ

113 -

قال الله تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ‌

(85)

* سَبَبُ النُّزُولِ:

1 -

أخرج البخاري وأحمد ومسلم والترمذي والنَّسَائِي عن عبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في حرث بالمدينة وهو يتوكأ على عسيب، فمر بنفر من اليهود، فقال بعضهم: سلوه عن الروح، وقال بعضهم: لا تسألوه، لا يسمعكم ما تكرهون، فقاموا إليه فقالوا: يا أبا القاسم، حدثنا عن الروح، فقام ساعة ينظر، فعرفت أنه يُوحى إليه، فتأخرت عنه حتى صعد الوحي، ثم قال:(وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي .. ).

2 -

أخرج أحمد والترمذي والنَّسَائِي عن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: قالت قريش لليهود، أعطونا شيئاً نسأل عنه هذا الرجل، فقالوا: سلوه عن الروح، فسألوه فنزلت:(وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا) قالوا: أُوتينا علماً كثيراً أُوتينا التوراة، ومن أُوتي التوراة فقد أُوتي خيراً كثيراً قال: فأنزل اللَّه عز وجل: (قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ).

ص: 667

* دِرَاسَةُ السَّبَبِ:

هكذا جاء في سبب نزول هذه الآية الكريمة. وقد أورد أكثر المفسرين حديث ابن مسعود رضي الله عنه وجعلوه سبب نزولها كالطبري والبغوي وابن العربي، وابن عطية، والقرطبي.

قال الطبري: (يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ويسألك الكفار باللَّه من أهل الكتاب عن الروح ما هي؟ قل لهم: الروح من أمر ربي، وما أُوتيتم أنتم وجميع الناس من العلم إلا قليلاً، وذُكر أن الذين سألوا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن الروح، فنزلت هذه الآية بمسألتهم إياه عنها كانوا قوماً من اليهود) اهـ.

وقال ابن عطية: (الضمير في يسألونك قيل هو لليهود وأن الآية مدنية

ثم ساق الحديث وقيل: الآية مكية والضمير لقريش) اهـ.

وذهب بعض أهل العلم إلى أن الآية مكية:

قال ابن كثير لما ساق حديث ابن مسعود: (وهذا السياق يقتضي فيما يظهر بادي الرأي أن هذه الآية مدنية، وأنها نزلت حين سأله اليهود عن ذلك بالمدينة مع أن السورة كلها مكية، وقد يجاب عن هذا بأنه قد تكون نزلت عليه بالمدينة مرة ثانية كما نزلت عليه بمكة قبل ذلك، أو أنه نزل عليه الوحي بأنه

ص: 668

يجيبهم عما سألوه بالآية المتقدم إنزالها عليه وهي هذه الآية (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ) ومما يدل على نزول هذه الآية بمكة ما قال الإمام أحمد حدثنا

) اهـ.

وقال ابن عاشور: (وقع هذه الآية بين الآي التي معها يقتضي نظمه أن مرجع ضمير (يَسْأَلُونَكَ) هو مرجع الضمائر المتقدمة فالسائلون عن الروح هم قريش .. ثم ذكر الحديث.

ثم قال: والجمهور على أن الجميع نزل بمكة.

وأما ما روي في صحيح البخاري عن ابن مسعود أنه قال: ثم ساق الحديث

فالجمع بينه وبين حديث ابن عبَّاسٍ المتقدم: أن اليهود لما سألوا النبي صلى الله عليه وسلم قد ظن النبي أنهم أقرب من قريش إلى فهم معنى الروح فانتظر أن ينزل عليه الوحي بما يجيبهم به أبين مما أجاب به قريشاً، فكرر اللَّه تعالى إنزال الآية التي نزلت بمكة، أو أمره أن يتلوها عليهم ليعلم أنهم وقريشاً سواء في العجز عن إدراك هذه الحقيقة أو أن الجواب لا يتغير). اهـ بتصرف.

وقال الحافظ ابن حجر في شرح حديث ابن مسعود: (وهذا يدل على أن نزول الآية وقع بالمدينة لكن روى الترمذي

ثم ساق حديث ابن عبَّاسٍ

ويمكن الجمع بأن يتعدد النزول بحمل سكوته في المرة الثانية على توقع مزيد بيان في ذلك، وإن ساغ هذا وإلا فما في الصحيح أصح) اهـ.

وخلاصة ما احتج به القائلون بأن سبب نزولها حديث ابن عبَّاسٍ ما يلي:

1 -

أن السورة كلها مكية، يعني أنها نزلت قبل سؤال اليهود.

2 -

أن سياق الضمائر في الآيات كانت في قريش، وهذا منها في قوله:(يَسْأَلُونَكَ).

وأجابوا عن حديث ابن مسعود بما يلي:

1 -

أن الآية نزلت عليه في المدينة مرة ثانية.

2 -

أو نزل عليه الوحي بأن يجيبهم عما سألوه بالآية المتقدم إنزالها عليه.

ص: 669

وسأجيب مستعيناً باللَّه عما أوردوه من حجج فأقول:

قولهم: إن السورة كلها مكية قول لا يملكون لإثباته دليلاً صحيحاً صريحاً ألبتة ومن الخطأ عند بعض العلماء رحمهم الله أنه يدع أحاديث صحيحة صريحة قطعية الثبوت إلى أقوال ظنية لبعض العلماء منشأها ومردها الاستنباط المحض والاجتهاد الخاص الخالي من الدليل مما قادهم وقاد من تابعهم على أقوالهم إلى اختلاف كثير في علوم القرآن عموماً وفي أسباب النزول، والمكي والمدني خصوصًا.

وما نحن فيه هو من هذا الباب، فترى بعضهم يقول: إن هذه الآية مدنية، وآخر يقول: والجمهور على أن الجميع نزل بمكة.

وإذا أردت أن تعرف اختلافهم في تحديد ذلك فارجع لمقدمة ابن عاشور عند بداية سورة الإسراء لترى المزيد.

والمزعج في الموضوع أن هذه الاختلافات المجردة عن الدليل عادت بالإبطال والرد على الأحاديث الصحيحة، فأصبح دفعها ممكناً ولأدنى سبب حتى من بعض المحققين الثقات.

إذا تبين لك هذا فاعلم أنه لا يستطيع أحد مهما جلَّ قدره وعلا في العلم شأنه أن يقيم دليلاً على أن آيات السورة كلها مدنية أو مكية، نعم القول في بعضها ممكن لوجود القرائن والدلائل عليه، أما الجميع فلا.

وحينئذٍ فقد تم الانفكاك من حجتهم الأولى.

أما الثانية: وهي قوله: إن مرجع ضمير (يَسْأَلُونَكَ) هو مرجع الضمائر المتقدمة أي أنها في قريش.

فالجواب أن يقال: إن أقرب ضمير يعود على قريش قبل هذه الآية بينه وبينها ثمانِ آيات وهو قوله: (وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ).

ثم لو سلمنا بهذا: ألا يمكن أن يتنوع عود الضمائر بسبب تنوع القرائن كما هو كثير معروف عند العلماء حتى في الآية الواحدة فما بالك بآيات منفصلات؟

ص: 670

بل لو قال قائل: إن الناظر المتأمل في الآية يجد أنه لا صلة لها بالسابق واللاحق لم يكن قوله بعيداً من الصواب.

وسأذكر بعض الأحاديث عن عبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه ثم أقوم بالمقارنة بين حديثي ابن عبَّاسٍ وابن مسعود رضي الله عنهما.

قال عبد الرحمن بن يزيد سمعت عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: في بني إسرائيل والكهف ومريم: إنهن من العِتَاقِ الأُول، وهنّ من تِلادي.

وقال شقيق بن سلمة: خطبنا عبد الله بن مسعود فقال: واللَّه لقد أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعاً وسبعين سورة، واللَّه لقد علم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أني من أعلمهم بكتاب اللَّه، وما أنا بخيرهم.

قال شقيق: فجلست في الحلق أسمع ما يقولون، فما سمعتُ رادّا يقول غير ذلك.

وقال مسروق: قال عبد الله رضي الله عنه: واللَّه الذي لا إله غيره، ما أُنزلت سورة من كتاب اللَّه، إلا أنا أعلم أين نزلت، ولا أُنزلت آية من كتاب اللَّه، إلا أنا أعلم فيما أُنزلت، ولو أعلم أحدًا أعلمَ مني بكتاب الله تبلغه الإبل لركبتُ إليه.

وقد دلت هذه الأحاديث على أمور:

1 -

أن سورة الإسراء من أوائل ما حفظ ابن مسعود رضي الله عنه وعادة المرء

ص: 671

إتقان ما حفظ قديماً إتقاناً يفوق الحديث، أفكان يخفى على ابن مسعود بعد هذا قوله تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ

) أنها نزلت بسبب سؤال قريش.

مع أن ابن عبَّاسٍ في ذلك الوقت لم يولد بعد لأن عمره حين وفاة النبي صلى الله عليه وسلم كان ثلاثة عشر عاماً.

2 -

أن ابن مسعود تلقف من الفم الشريف بضعاً وسبعين سورة أي ما يجاوز ثلثي سور القرآن.

إذا أضفت هذا إلى قوله: ولقد علم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أني من أعلمهم بكتاب الله. فاجتمع العلم والحفظ والتميز والصحبة في حقه رضي الله عنه أفيمكن أن يقدم قول غيره على قوله مع كل هذا؟

3 -

أنه يقسم وهو صادق بارٌّ بدون قسم أنه ما أُنزلت سورة من كتاب اللَّه إلا وهو يعلم أين نزلت؟ أي هل هي في مكة أو في المدينة؟ هل هي قبل الهجرة أم بعد الهجرة؟

ويقسم أنه يعلم فيما أُنزلت؟ في جواب المشركين أو اليهود أو النصارى؟

ويؤكد هذا كله بأنه لو يعلم أحداً أعلم بكتاب اللَّه منه تبلغه الإبل لركب إليه.

فهذه العبارات القوية، والجمل الصادقة الواثقة منه رضي الله عنه تنادي أهل التفسير خصوصًا والمشتغلين بالقرآن عموماً أن لكم مراجع علميةً فلا تتجاوزوها وحدوداً فلا تعتدوها.

وإذا أردنا المقارنة بين الحديثين تبين ما يلي:

1 -

أن حديث ابن مسعود رضي الله عنه صحيح الإسناد لا مطعن فيه بوجه من الوجوه قد روي في أصح كتابين بعد كتاب اللَّه عز وجل، وليس الأمر كذلك في حديث ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما فكيف إذا كان حديث ابن عبَّاسٍ قد اختلف في وصله وإرساله.

2 -

أن ابن مسعود كان بصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن القصة، وليس الأمر كذلك بالنسبة لابن عبَّاسٍ، وقد قيل: ليس الشاهد كالغائب.

3 -

أن حديث ابن مسعود تضمن تفصيلاً خلا منه حديث ابن عبَّاسٍ وفيه: فقام ساعة ينظر فعرفت أنه يُوحى إليه فتأخرت عنه حتى صعد الوحى، والتفصيل دليل على الضبط والإتقان، والعلم التام بما حدث.

ص: 672

4 -

أن الآية لو نزلت بسبب حديث ابن عبَّاسٍ، فلماذا يعيد اليهود السؤال عن ذلك بالمدينة مرة ثانية، لا سيما أن اليهود قد علموا جواب اللَّه للمشركين في مكة حسبما يدل عليه حديث ابن عبَّاسٍ ولهذا قالوا بعد نزول الآية: أُوتينا علماً كثيراً، أُوتينا التوراة.

وبهذا يظهر ويتبين أن سبب نزول الآية الكريمة هو حديث ابن مسعود لما تقدم.

بقي أن أجيب عن أدلتهم في الجمع بين السببين وخلاصتها:

أن الآية نزلت عليه في المدينة مرة ثانية، وهذا غريب، إذ ما الفائدة؟

وما هي الحكمة أن تنزل عليه الآية مرة ثانية، وهي محفوظة في صدره،؟ مع أنه لا يوجد دليل يدل على تكرر النزول، والأصل عدمه.

ولو كانت الآية قد نزلت قبل ذلك لأجابهم بها حين سألوه عن الروح، ولم ينزل الوحي لذلك.

الثانية: أنه نزل عليه الوحي بأن يجيبهم عما سألوه بالآية المتقدم إنزالها عليه، وأضاف ابن عاشور:(أن النبي ظن أنهم أقرب من قريش إلى فهم معنى الروح) وهذا أغرب من سابقه والأمر لا يخلو من حالين:

الأولى: أن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أن قريشاً أخذوا السؤال من اليهود كما دلّ عليه حديث ابن عبَّاسٍ وحينئذٍ فالجواب للفريقين، وعلى هذا ينتفي تعليل ابن عاشور.

الثانية: أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم أن قريشًا أخذوا السؤال من اليهود وهذا بعيد لأن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يعرف ما عند قومه من العلم، وما عند غيرهم من أهل الكتاب، ويعلم الصلات بين الطرفين حق العلم، وإذا كان كذلك فلماذا لم يتلو الآية على اليهود حين سألوه، واضطر لانتظار الوحي؟

وإذا كنا نقول بأن سبب النزول حديث ابن مسعود فإنه ينتفي الاحتمال ويرتفع الإشكال ويندفع الحالان.

* النتيجة:

أن سبب نزول الآية الكريمة حديث ابن مسعود لصحة سنده، وموافقته لسياق القرآن، واحتجاج أكثر المفسرين به واللَّه أعلم.

* * * * *

ص: 673