الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تنبيه
وقع للحافظ في عزو هذا الحديث وهم، وهو منشأ أوهام الشارح، فإنه قال في التلخيص [2/ 56] على حديث أبي أمامة:"لا جمعة إلا بأربعين" ما نصه: لا أصل له بل روى البيهقى والطبرانى من حديثه: "على خمسين جمعة ليس فيما دون ذلك" زاد الطبرانى في الأوسط: "ولا تجب على من دون ذلك" وفي إسناده جعفر بن الزبير، وهو متروك، وهياج بن بسطام وهو متروك أيضًا، وفي طريق البيهقى النقاش المفسر وهو واه أيضًا اهـ.
فالبيهقى لم يخرج هذا الحديث في السنن أصلا كما يرهمه إطلاقه، فإما خرجه في الخلافيات أو غيره، وإما وهم الحافظ في عزوه إليه، فإن الحديث من طريق النقاش وباللفظ المذكور عند الدارقطنى فكأنه سبق قلم منه.
قال الدارقطنى [2/ 4]:
حدثنا محمد بن الحسن النقاش ثنا محمد بن عبد الرحمن السامى والحسين بن إدريس قالا: حدثنا خالد بن الهياج حدثنى أبي عن جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "على الخمسين جمعة ليس فيما دون ذلك"، قال الدارقطنى: جعفر بن الزبير متروك.
وهذا اللفظ هو الذي يقصده الشارح، وخلط فيه بين الدارقطنى والبيهقى، ولكن المصنف لم يرده، وإنما أراد ما ذكره الدارقطنى في سننه بعد هذا وهو الذي قدمت سنده ومتنه قبله.
2261/ 5452 - "عَلَى الرُّكْن اليمَانيِّ مَلَكٌ مُوَكَّل به مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوات وَالأرْضَ، فَإذَا مَرَرْتُم به فَقُولُوا: {رَبَنا آتنَا في الدُّنيَا حَسَنَةً وَفى الآخِرَةِ حَسَنةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}، فَإنَّهُ يَقُولُ: آمِينَ آمِينَ".
[(خط) عن ابن عباس (هب) عنه موقوفًا]
قال في الكبير: [(خط)] في ترجمة أبي محمد القرشى عن ابن عباس (هب) عنه موقوفًا.
قلت: قوله: في ترجمة أبي محمد القرشى لغو لا فائدة فيه أصلا سوى تسويد الورق، فإن أبا محمد القرشى نكرة في الأسماء ولا يهتدى إليه الباحث إلا بعد النظر في جميع تاريخ الخطيب، وهو في ترجمة عمرو بن إسحاق بن إبراهيم بن أحمد بن السكن أبي محمد القرشى، ثم إنه سكت عليه وهو من رواية محمد بن الفضل بن عطية عن كرز بن وبرة عن طاوس عن ابن عباس به. كذا وقع عند الخطيب محمد بن الفضل عن كرز.
ورواه أبو نعيم في الحلية [5/ 82] في ترجمة كرز من رواية محمد بن الفضل فقال: عن محمد بن سوقة عن كرز بن وبرة به، ومحمد بن الفضل متروك.
2262/ 5454 - "عَلَى الوَالى خَمْسُ خصَال: جَمْعُ الفَئ منْ حَقِّه، وَوَضْعُهُ في حَقِّه، وأنْ يَسْتَعينَ على أمُورهمْ بخَيْرِ مَنْ يَعْلَمُ، وَلا يُجَمِّرهُمْ فَيُهْلِكَهُمْ، وَلا يُؤَخِّرَ أمْرَ يَوْمٍ لِغَدٍ".
(عق) عن واثلة
قال في الكبير: وفيه جعفر بن مرزوق، قال في الميزان عن العقيلى: أحاديثه مناكير لا يتابع على شيء منها، ثم ساق له هذا الخبر، فما أوهمه صنيع المصنف من أن مخرجه العقيلى خرجه وأقره غير صواب.
قلت: هذا كذب على صنيع المصنف فإنه رمز له بالضعف أولا، ونص على أن كل ما في العقيلى فهو ضعيف.
ثانيًا: والحديث قال في سنده العقيلى [1/ 190]:
حدثنا محمد بن الفضل بالرى ثنا أحمد بن عبد الرحمن بن عبد اللَّه الدشتكى ثنا أبي أنبأنا جعفر بن مرزوق عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن واثلة بن الأسقع به.
2263/ 5461 - "عَلَى كُلِّ سُلامى من ابْنِ آدَمَ فِي كُلِّ يَوْمٍ صَدَقةٌ، وَيُجْزِئُ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ رَكْعَتَا الضُّحَى".
(طس) عن ابن عباس
قال في الكبير: وقضية تصرف المصنف أنه لم يخرجه أحد من الستة وهو إيهام فاضح وزللٌ لائح، فإن الشيخين روياه بأبسط من هذا، وهو:"كل سلامى من الناس عليه صدقة كل يوم"، الحديث الآتى في حرف الكاف.
قلت: انظر هذا وتعجب من صفاقة وجه هذا الرجل وقلة حيائه التي انفرد بها من بين بني آدم.
2264/ 5469 - "عَلِّقُوا السَّوْطَ حَيْثُ يَرَاهُ أَهْلُ البَيْتِ، فَإنَّهُ أدَبٌ لَهُمْ".
(عب. طب) عن ابن عباس
قال في الكبير: ورواه عنه البزار أيضًا لكنه قال: "حيث يراه الخادم" قال الهيثمى: وإسناد الطبرانى حسن اهـ. ورواه البخارى في أواخر الأدب المفرد عن ابن عباس بلفظ: "علق سوطك حيث يراه أهلك".
قلت: كلهم رووه من حديث داود بن على بن عبد اللَّه بن عباس عن أبيه عن جده.
ورواه البندهى في شرح المقامات من طريق الأوزاعى عن ابن عباس، هكذا وقع في الأصل وهو منقطع.
وفي الباب عن جابر بلفظ: "رحم اللَّه رجلا علق في بيته سوطا يؤدب به أهله" أخرجه ابن عدى في الكامل [4/ 336] من حديث عباد بن كثير الثقفى عن أبي الزبير عن جابر به، وعباد بن كثير ضعيف، وسبق حديث ابن عباس قبل حديث ابن عمر بلفظه.
2265/ 5470 - "عِلْمٌ لا يُقَالُ بِهِ كَكِنزٍ لا يُنفقْ منْهُ".
ابن عساكر عن ابن عمر
قلت: أخرجه أيضًا ابن عبد البر في العلم [رقم 778] من طريق محمد (1) ابن يحيى بن نافع: ثنا عيسى بن شعيب ثنا روح بن القاسم عن أيوب عن نافع عن ابن عمر به.
2266/ 5471 - "عِلْمٌ لا يَنْفَعُ كَكِنْزٍ لا يُنْفَقُ مِنْهُ".
القضاعى عن ابن مسعود
قال في الكبير: قال شارحه: غريب.
قلت: بل الغريب حمق العامرى وكلامه على الأحاديث بهواه ونظره وذوقه، فالحديث ليس بغريب، وإنما وهم راويه في جعله من حديث ابن مسعود وإنما هو من حديث أبي هريرة.
فالقضاعى خرجه من حديث إبراهيم بن مهدى [فتح الوهاب 1/ 234، رقم: 263]:
ثنا على بن مسهر عن إبراهيم الهجرى عن أبي الأحوص عن عبد اللَّه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم به، وإبراهيم بن مهدى قال ابن معين: جاء بمناكير، وقال الأزدى: له عن على بن مسهر أحاديث لا يتابع عليها.
قلت: وهذا منها فإن غيره قال: عن إبراهيم الهجرى عن أبي عياض عن أبي هريرة هكذا، أخرجه أحمد في مسنده [2/ 499]
ثنا عمار بن محمد -وهو ابن أخت سفيان الثورى- عن إبراهيم به بلفظ: "إن مثل علم لا ينفع كمثل كنز لا ينفق في شيل اللَّه" وكذلك قال مسعر عن إبراهيم، أخرجه أبو نعيم في الحلية من طريق حمص بن عمر العدنى
(1) هكذا في الأصل المخطوط، وفي المطبوع من العلم "عمر"
[7/ 228]:
ثنا مسعر عن إبراهيم الهجرى به بلفظ: "إن علمًا لا ينتفع به ككنز لا ينفق في سبيل اللَّه".
ويؤيده أيضًا كون الحديث ورد عن أبي هريرة من طرق أخرى، فرواه الطبرانى من طريق محمد بن عجلان عن المقبرى عن أبي هريرة به بلفظ:"العلم الذي لا يعمل به كالكنز الذي لا ينفق، أتعب صاحبه نفسه في جمعه ثم لم يصل إلى نفعه" أسنده ابن خير في فهرسته [ص: 5] من طريق الطبرانى ..
وله طريق آخر من رواية ابن لهيعة عن دراج أبي السمح عن عبد الرحمن بن حجيرة عن أبي هريرة به بلفظ: "مثل الذي يتعلم العلم ولا يحدث به كمثل الذي يكنز الكنز ولا ينفق منه".
أسنده ابن عبد البر [برقم: 774] من طريق ابن وهب عن ابن لهيعة، ومن طريق إسحاق بن الفرات عنه [برقم: 777]، ولا غرابة في الحديث، إنما العامرى يتكلم بهواه.
2267/ 5472 - "عَلَمُ الإِسْلام الصَّلاةُ، فَمَنْ فَرَّغَ لَهَا قَلْبَهُ وَحَافَظَ عَلَيْهَا بِحَدِّهَا وَوَقْتِهَا وَسُنَنِهَا فَهُوَ مُؤْمِنٌ".
(خط) وابن النجار عن أبي سعيد
قال في الكبير: رواه الخطيب في ترجمة عباد بن مرزوق، ثم قال: هذا الحديث غريب جدا اهـ. وفيه أبو يحيى القتات أورده الذهبى في الضعفاء ومحمد بن جعفر المدائنى أورده فيهم وقال: قال أحمد: لا أحدث عنه أبدا، وقال مرة: لا بأس به.
قلت: في هذا مصائب لا يأتي بها إلا مصاب مبتلى نسأل اللَّه العافية، أول ذلك: أن الحديث خرجه الخطيب [11/ 109] في ترجمة عباد بن على بن
مرزوق، فقوله: هو عباد بن مرزوق تدليس وتلبيس يريد به إخلال الناظر وإتعابه؛ لعدم الإخلاص.
الثانى: وهو من النوادر المضحكات التي يذيل بها على أخبار الحمقى والمغفلين: قوله: وفيه أبو يحيى القتات. . إلخ، فإن الذي في السند: أبو يحيى الثقاب بـ "الثاء" المثلثة ثم القاف ثم الباء الموحدة نسبة لثقب اللؤلؤ والجوهر، والمذكور في الضعفاء: أبو يحيى القتات بالقاف ثم تائين مثناتين، ولو فرضنا أن ذلك تحرف عليه في النسخة، فأبو يحيى القتات ذكر الذهبى في ترجمته: أنه يروى عن التابعين كمجاهد، وعطاء، والذي في سند هذا الحديث رواه عن محمد بن جعفر المدائنى عن حمزة الزيات عن أبي سفيان عن أبي نضرة عن أبي سعيد، فبينه وبين طبقة التابعين ثلاث وسائط، وأيضًا فإن القتات ذكر الذهبى في ترجمته أيضًا: أنه بقى إلى سنة ثلاثين ومائة، والثقاب المذكور في سند هذا الحديث ذكر الخطيب في ترجمته: أنه مات سنة تسع وثلاثمائة، وأنه ولد في سنة أربع ومائتين على ما قال هو عن نفسه يكون قد عاش مائة وخمس سنين، ومع هذا العمر الطويل فإنه ولد بعد القتات بأربع وسبعين سنة، وكل هذا واضح لا خفاء به.
الثالث: أن محمد بن جعفر المدائنى وإن ذكر في الضعفاء فقد وثقه قوم وخرج له مسلم في صحيحه كما ذكره الذهبى في نفس ترجمته من الميزان [3/ 499] فهو من رجال الصحيح.
الرابع: ومع ذلك فهو لم ينفرد به بل توبع عليه، بل ابن شاهين في الترغيب [رقم 45]:
حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمدانى أنا الحسن بن عتبة بن عبد الرحمن الكندى أنا بكار بن سعير (1) الفزارى أنا حمزة الزيات به.
(1) هكذا في الأصل، وفي المطبوع من ترغيب ابن شاهين: سفيان.
الخامس: أن علة الحديث هو حمزة الزيات صاحب القراءة، فإنه ضعيف بل من مشاهير الضعفاء؛ فالتعرض لذكر المدائنى والإعراض عنه من الجهل التام بالصناعة.
السادس: أنه استدرك على المصنف بالعزو إلى القضاعى فاقتضى أنه لم يخرجه غيره مع أن الديلمى خرجه أيضًا في مسند الفردوس وهو كتاب الشارح الذي يعتمد عليه عند كل حديث، وكذلك خرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان، وابن شاهين في الترغيب كما ذكرته، وكذلك في الأفراد له أيضًا، وقد ذكرت أسانيدهم في المستخرج على مسند الشهاب [فتح الوهاب 1/ 157].
وفي الباب عن على ولم يتعرض له الشارح أيضًا، ونحن نرى أن هذا ليس بعشه ولكن نعامله بمثل ما يعامل به غيره.
قال الدينورى في المجالسة:
ثنا محمد بن الحسين بن موسى ثنا أبي الحسين بن موسى عن أبيه موسى بن جعفر عن جعفر بن محمد عن أبيه عن على بن الحسين عن أبيه الحسين عن أبيه على عليهم السلام عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "علم الإيمان الصلاة فمن فرغ لها قلبه وحاذ عليها حدودها ووقتها فهو مؤمن".
2268/ 5473 - "علْمُ البَاطن سرٌّ من أسْرَار اللَّه عز وجل، وَحُكْمٌ مِنْ حُكْمِ اللَّهِ يقْذِفُهُ فِي قُلُوْبِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ".
(فر) عن على
قال في الكبير: ورواه أيضًا ابن شاهين وغيره.
قلت: الديلمى رواه من طريق أبي عبد الرحمن السلمى ثنا ابن شاهين فعزاه الشارح إليه جازما به على قاعدته في التهور، مع أن الذي خرجه جزما هو أبو عبد الرحمن السلمى فلو عزاه إليه لأصاب.
وهو من رواية دارم بن قبيصة عن يحيى بن الحسن بن زيد بن على عن أبيه عن جده عن الحسين بن على عن على به، ودارم بن قبيصة شيعى يروى عن الرضى، له مؤلفات، ضعفه بعض رجال الشيعة كما سبق.
وقد ورد الحديث من حديث حذيفة بهذا اللفظ رويناه مسلسلا بالسؤال عن علم الباطن.
وأخرجه الديلمى في مسند الفردوس كذلك من رواية الحسن عن حذيفة، فقال الحافظ في زهر الفردوس: هذا موضوع، والحسن ما لقى حذيفة أصلا اهـ.
وأورده المؤلف في ذيل الموضوعات -أعنى: حديث حذيفة- أما حديث على فأورده ابن الجوزى في الواهيات وقال: لا يصح وعامة رواته لا يعرفون، وسكت عليه الحافظ في زهر الفردوس فاللَّه أعلم.
2269/ 5474 - "عِلْمُ النَّسَبِ عِلْمٌ لا يَنْفَعُ وجَهَالَةٌ لا تَضُرُّ".
ابن عبد البر عن أبي هريرة
قال في الكبير: ورواه أبو نعيم في رياضة المتعلمين من حديث بقية عن ابن جريج عن عطاء عن أبي هريرة، قال الحافظ ابن رجب: وإسناده لا يصح وبقية دلسه عن غير ثقة، وقال ابن حجر: هذا الكلام روى مرفوعًا ولا يثبت وروى عن عمر أيضًا ولا يثبت.
قلت: الطريق الذي ذكره من عند أبي نعيم هو بعينه طريق ابن عبد البر، فإنه أخرجه من رواية أبي أيوب سليمان بن محمد الخزاعى [رقم: 3185] قال:
ثنا هشام بن خالد أبو مروان القرشى ثنا بقية عن ابن جريج عن عطاء عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل المسجد فرأى جمعا من الناس على رجل فقال: "وما هذا؟ قالوا: يا رسول اللَّه رجل علامة، قال: وما العلامة؟ قالوا: أعلم
الناس بأنساب العرب، وأعلم الناس بعربية، وأعلم الناس بشعر، وأعلم الناس بما اختلف فيه العرب، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: هذا علم لا ينفع وجهل لا يضر، وقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: العلم ثلاثة وما خلا فهو فضل علم: آية محكمة أو سنة قائمة أو فريضة عادلة" قال ابن عبد البر: في إسناد هذا الحديث رجلان لا يحتج بهما وهما سليمان وبقية اهـ.
قال الحافظ: وهذا الباطل لا يحتمله بقية وإن كان مدلسا فإن توبع عليه سليمان احتمل أن يكون بقية دلسه على ابن جريج اهـ.
قلت: لكن المنكر منه القصة التي هي سبب وروده على تلك الصفة، أما المرفوع منه فقد رواه ابن وهب في جامعه قال:
حدثنى هشام بن سعد عن زيد بن أسلم قال: "قيل عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ما أعلم فلان، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: بم؟ قيل: بأنساب الناس، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: علم لا ينفع، وجهالة لا تضر"، وهذا مرسل صحيح ثم وجدته موصولا من حديث ابن عمر في أمالى أبي القاسم التنوخى قال: حدثنا محمد بن المظفر من لفظه ثنا أبو القاسم عبد اللَّه بن جعفر التغلبى حدثنا جدى ثنا أبو عامر العقدى عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن ابن عمر قال: "سئل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن الأنساب، فقال: علم لا ينفع وجهل لا يضر"، لكن عبد اللَّه بن جعفر ضعفه الذهبى بالعمدة على المرسل ونفى ابن حزم في الجمهرة [ص 5] ثبوت هذا الخبر، وقال: إنه باطل ببرهانين، أحدهما: أنه لا يصح من جهة النقل أصلا، وما كان هكذا فحرام على كل ذى فن أن ينسبه إلى النبي صلى الله عليه وسلم خوف أن يتبوأ مقعده من النار؛ إذ تقول عليه ما لم يقل.
والثانى: أن البرهان قد قام بما ذكرناه آنفا على أن علم النسب علم ينفع وجهل يضر في الدنيا والآخرة، ولا يحل لسلم أن ينسب الباطل المتيقن إلى
رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وهذا من أكبر الكبائر. . إلخ ما قال وهو لا يرى المرسل شيئًا، أما من يحتج بالرسل فمرسل ابن وهب صحيح لا شك فيه واللَّه أعلم.
2270/ 5475 - "عَلَّمَنى جِبْريلُ الوُضُوءَ، وأمَرَنِى أَنْ أنْضَحَ تَحْتَ ثَوْبِى ممَا يَخْرُجُ مِنَ البَوْلِ بَعْدَ الوُضُوءِ".
(هـ) عن زيد بن حارثة
قال في الكبير: قال مغلطاى في شرح ابن ماجه: حديث إسناده ضعيف، ولما سئل عنه أبو حاتم قال: حديث كذب باطل اهـ. فتحسين المصنف له غفلة عن هذا.
قلت: لا بل نقلك لهذا غفلة عن كون الحديث حسنا كما قال المصنف فإن رجاله ثقات، وليس فيه إلا ابن لهيعة وحديثه عند المتأخرين حسن لا سيما مع وجود شواهده وهذا له شواهد كثيرة.
قال ابن ماجه [رقم 462]:
ثنا إبراهيم بن محمد الفريابى ثنا حسان بن عبد اللَّه ثنا ابن لهيعة عن عقيل عن الزهرى عن عروة قال: حدثنا أسامة بن زيد عن أبيه به.
ورواه أبو الحسن بن القطان من طريق عبد اللَّه بن يوسف التنيسى عن ابن لهيعة، وشواهده كثيرة منها حديث أبي هريرة:"إذا توضات فانتضح" رواه ابن ماجه.
وحديث الحكم بن سفيان الثقفى: "أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ كفًّا من ماء فنضح به فرجه بعد الوضوء"، وحديث جابر مثله وهما في ابن ماجه [رقم: 411] وغيره، وشواهد أخرى.
2271/ 5478 - "عَلِّمُوا أَبْنَاءَكُمْ السِّبَاحَةَ والرَّمْيَ، والمرْأةَ المغْزَلَ".
(هب) عن ابن عمر
قال في الكبير: وقضية صنيع المصنف أن مخرجه البيهقى خرجه وسكت عليه والأمر بخلافه، بل تعقبه بما نصه: عبيد العطار منكر الحديث.
قلت: هذا كذب على صنيع المصنف فإنه رمز لضعفه.
2272/ 5479 - "عَلِّمُوا بَنِيْكُمُ الرَّمْيَ، فَإِنَّهُ نِكَايَةُ العَدُوِّ".
(فر) عن جابر
قال في الكبير: وفيه عبد اللَّه بن عبيدة قال الذهبى: ضعيف ووثقه غير واحد، ومنذر بن زياد قال الدارقطنى: متروك، ورواه عنه البزار أيضًا، وعنه تلقاه الديلمى فلو عزاه له لكان أولى.
قلت: ولو سكت الشارح عما لا يعلم لكان أولى وأستر لجهله، فهذه مرة أخرى يُذْكَرُ في السند رجل موصوف بالبزار فيجعله -هذا الجاهل- البزار صاحب المسند.
قال الديلمى [رقم 4008]:
أخبرنا عمر بن أحمد بن عمر البيع ثنا ابن البصرى ثنا أبو منصور محمد بن عيسى ثنا صالح بن أحمد الحافظ ثنا أبو اسحاق إبراهيم بن محمد بن يعقوب البزار ثنا عبد اللَّه بن عبيد ثنا محمد بن صالح ثنا منذر بن زياد عن محمد بن المنكدر عن جابر به.
فالبزار صاحب المسند اسمه: أحمد بن عمرو بن عبد الخالق وكنيته: أبو بكر، وهذا إبراهيم بن محمد وكنيته: أبو إسحاق.
2273/ 5480 - "عَلِّمُوا وَيَسِّرُوا وَلا تُعَسِّروا، وَبَشِّرُوا وَلا تُنَفِّرُوا، وَإِذَا غَضِبَ أحَدُكُم فَلْيَسْكُتْ".
(حم. خد) عن ابن عباس
قال في الكبير: رمز المصنف لصحته وليس بسديد، فقد قال الهيثمى: فيه ليث ابن سليم وهو مدلس ولم يخرج له مسلم إلا مقرونا بغيره.
قلت: الحديث في الصحيحين من حديث أنس دون آخره وله شواهد متعددة تقضى بأنه فوق الصحيح.
2274/ 5481 - "عَلِّمُوا وَلا تُعنِّفُوا، فَإنَّ المعَلِّمَ خَيْرٌ مِنَ المعَنِّفِ".
الحرث (عد. هب) عن أبي هريرة
قال في الكبير: وهو من رواية إسماعيل بن عياش عن حميد بن أبي سويد عن عطاء عن أبي هريرة.
ورواه عنه الآجرى أيضًا، وظاهر صنيع المصنف أن مخرجيه سكتوا عليه والأمر بخلافه، بل قال ابن عدى عقب إيراده: حميد منكر الحديث، والبيهقى: تفرد به حميد وهو منكر الحديث، قال الزركشى. . إلخ.
قلت: ما حكاه عن ظاهر صنيع المصنف باطل من أصله وكذب في الواقع، فإن المصنف رمز لضعفه، والآجرى ما خرجه في حملة العلم، وإنما خرجه في أخلاق حملة القرآن مع أنه من موضوع حملة العلم، فكأن الشارح تبين ذلك، وقد أخرجه أيضًا الطيالسى في مسنده [ص: 330]، وابن عبد البر في كتاب العلم [رقم 833]، وابن عدى [2/ 274] ما عقب الحديث بالكلام الذي نقله عنه ولكنه ذكر ذلك في ترجمة الرجل، وذكر الحديث في ضمنها، وليس هو يورد الأحاديث ثم يتعقبها كما نبهنا عليه مرارا.
2275/ 5482 - "عَلِّمُوا رِجَالَكُمْ سُورَةَ المائِدَةِ، وَعَلِّمُوا نِسَاءَكُمْ سُورَةَ النُّورِ".
(ص. هب) عن مجاهد مرسلا
قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أنه لا علة فيه غير الإرسال، والأمر بخلافه، ففيه عتاب بن بشير قال الذهبى: مختلف في توثيقه، وخصيف ضعفه أحمد وغيره.
قلت: هذا كذب على صنيع المصنف فإنه رمز له بالضعف.
2276/ 5485 - "عَلَيْكَ بالإيَاس ممَّا في أيْدى النَّاس، وإيَّاك وَالطَّمَعَ، فَإنَّهُ الفَقْرُ الحَاضِرُ، وَصَلِّ صَلاتَكَ وَأَنْتَ مُوَدِّعٌ، وَإيَّاكَ وَمَا يُعْتَذَرُ مِنْهُ".
(ك) عن سعد
قال الشارح: ظاهر صنيع المؤلف أنه ابن أبي وقاص لأنه المراد حيث أطلق، ولا كذلك، بل ذكر ابن منده أنه سعد بن عمارة.
قلت: هذا كذب صراح مقصود متعمد، فالحديث حديث سعد بن أبي وقاص، وابن منده ماقال شيئًا مما نقل عنه الشارح وسعد بن عمارة ورد عنه هذا الحديث موقوفًا من قوله بسند آخر، ومما يدلك على كذبه قوله في الكبير: قال الحاكم: صحيح، وتعقبه الذهبى بإن فيه محمد بن سعد المذكور وهو ضعيف، ونص على أن الحاكم رواه في كتاب الرقاق من المستدرك [4/ 326 - 327] فدل على أنه رآه في نفس المستدرك، والحديث مصرح فيه بأنه عن سعد بن أبي وقاص، إلا أنه كذب أيضًا في قوله: إن الذهبى تعقب الحاكم بأن فيه محمد بن سعد؛ فالذهبى لم يتعقب الحاكم بل سكت عليه، قال الحاكم [4/ 326، 327]:
حدثنا أبو بكر محمد بن داود بن سليمان الزاهد ثنا الحسن بن أحمد بن الليث ثنا عمرو بن عثمان السواق ثنا أبو عامر العقدى ثنا محمد بن أبي حميد عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه عن جده به.
وهكذا قال الحافظ العراقى في المغنى. رواه الحاكم من حديث سعد بن أبي وقاص كما قدمت نقله في حديث: "إذا صلى أحدكم".
وأما حديث سعد بن عمارة: فرواه البخارى في التاريخ [4/ 44 - 45]، وأحمد في كتاب الإيمان، والطبرانى في الكبير من رواية ابن إسحاق [6/ 5459] عن عبد اللَّه بن أبي بكر، ويحيى بن سعيد الأنصارى كلاهما عن سعد بن عمارة أحد بنى سعد بن بكر وكانت له صحبة أن رجلا قال له: عظنى رحمك اللَّه، قال: إذا أنت قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، فإنه لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا إيمان لمن لا صلاة له، واترك طلب كثير من الحاجات فإنه فقر حاضر، واجمع الإياس مما في أيدى الناس فإنه هو الغنى، وانظر ما يعتذر منه من القول والفعل فاجتبه فهذا حديث سعد بن عمارة، وهو مع كونه موقوفًا فلفظه مخالف للفظ حديث الباب، وقد وقع في سند حديث سعد بن أبي وقاص اضطراب بينته في المستخرج على مسند الشهاب.
2277/ 5486 - "عَلَيْكَ بِالْبَزِّ، فَإنَّ صَاحِبَ البَزِّ يُعْجِبُهُ أنْ يَكُونَ النَّاسُ بِخَيْرٍ وَفِى خِصْبٍ".
(خط) عن أبي هريرة
قلت: سكت عليه الشارح، وهو حديث كذب وهو من رواية محمد بن ذكوان حدثنى ابن لأبي هريرة أنه سمع جده أبا هريرة يقول:"سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم: بم تأمر أن أتجر؟ قال: عليك بالبز"، ومحمد بن ذكوان متروك منكر الحديث، وشيخه مجهول.
2278/ 5495 - "عَلَيْكَ بتَقْوَى اللَّه، فَإنَّها جمَاعُ كُلِّ خَيْر، وَعَلَيْكَ بالجهَاد، فَإنَّهُ رَهْبَانيَة المسْلمينَ، وَعَلَيْكَ بذْكر اللَّه وَتلاوَة كِتَابِ اللَّهِ، فَإنَّهُ نُورٌ لَكَ فِي الأَرْضِ، وَذِكْرٌ لَكَ فِي السَّمَاءِ،
واخْزُنْ لِسَانَكَ إلا مِنْ خَيْرٍ، فَإِنَّكَ بِذَلكَ تَغْلبُ الشَّيْطَانَ".
ابن الضريس (ع) عن أبي سعيد
قلت: أخرجه أيضًا أبو الليث السمرقندى في التنبيه، وعبد العزيز بن صابر وابن المغير في فوائدهما كلهم من رواية يعقوب بن عبد اللَّه العمى عن ليث عن مجاهد عن أبي سعيد به.
2279/ 5496 - "عَلَيْكَ بتَقْوَى اللَّه عز وجل مَا اسْتَطَعْتَ، وَاذْكُر اللَّهَ عِنْدَ كُلِّ حَجَر وَشَجَر، وَإِذَا عَملْتَ سَيِّئَةً فَأحْدِثْ عِنْدَهَا تَوْبَةً: السِّرُّ بِالسِّرِّ، وَالعَلانِيَةُ بِالْعَلانِيَةِ".
(حم) في الزهد (طب) عن معاذ
قلت: وهم المصنف في عزو هذا الحديث إلى زهد أحمد من حديث معاذ وإنما هو عنده عن عطاء بن يسار مرسلا كما ذكرت سنده ونبهت عليه سابقا عند حديث: "إذا عملت سيئة".
2280/ 5497 - "عَلَيْكَ بِحُسْنِ الخُلُقِ، فَإِنَّ أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا أحْسَنُهُم دِينًا".
(طب) عن معاذ
قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه عبد الغفار بن القاسم وهو وضاع اهـ. فكان ينبغى للمصنف حذفه.
قلت: ذلك لو انفرد به عبد الغفار، أما وأصل الحديث متواتر بلفظ:"أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا" -فلا.
2281/ 5498 - "عَلَيْكَ بحُسْن الخُلُقِ وَطُوْلِ الصَّمْتِ، فَوَالَّذِي نَفْسِى بِيَدِهِ مَا تَجَمَّلَ الخَلائِقُ بِمِثْلِهِمَا".
(ع) عن أنس
قال الشارح: بإسناد صحيح.
وقال في الكبير: قال الهيثمى: رجاله ثقات وأعاده بمحل آخر عازيا للبزار وقال: فيه بشار بن الحكم ضعيف، وقال المنذرى: رواه الطبرانى والبزار وأبو يعلى عن أنس بإسناد جيد رواته ثقات. . . إلخ.
قلت: في هذا أمران، أحدهما: أن ما ذكره في الكبير لا يقتضى الصحة التي حكم بها في الصغير كما بيناه مرارا.
ثانيهما: أن الحافظ المنذرى وهم في قوله: رجاله ثقات، وكأن الهيثمى قلده أولا ثم حقق السند ثانيا، فإن الحديث تفرد بروايته بشار بن الحكم كما قال البزار وغيره، وبشار قال أبو زرعة: منكر الحديث، وقال ابن حبان [المجروحين: 1/ 191]: منكر الحديث جدا ينفرد عن ثابت بأشياء ليس من حديثه كأنه ثابت آخر لا يكتب حديثه إلا على جهة التعجب، ثم قال: أخبرنا الحسن بن سفيان ثنا إبراهيم بن الحجاج ثنا بشار بن الحكم عن ثابت عن أنس به.
2282/ 5500 - "عَلَيْكَ بِرَكْعَتى الفَجْرِ، فَإنَّ فِيهِمَا فَضِيلَةٌ".
(طب) عن ابن عمر
قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه فقد قال الهيثمى: فيه محمد بن البيلمانى ضعيف.
قلت: له شواهد يرتقى بها إلى ما قال المصنف، منها: حديث أنس الآتى قريبًا بلفظ: "عليكم بركعتى الفجر فإن بينهما الرغائب".
2283/ 5505 - "عَلَيْكِ بالصَّلاة، فَإنَّهَا أَفْضَلُ الجِهَاِد، وَاهْجُرِى المَعَاصِى، فَإنَّهَا أفْضَلُ الهِجْرَةِ".
المحاملى في أماليه عن أم أنس
قال في الكبير: وقضية تصرف المؤلف أن هذا الحديث لم يخرجه أحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز وإلا لما أبعد النجعة، والأمر بخلافه، فقد خرجه الطبرانى وقال: ليست هي أم أنس بن مالك.
قلت: يأبى الشارح إلا أن يفضح نفسه، فلفظ الحديث عند الطبرانى [4/ 359] عنها قالت:"أتيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقلت: جعلك اللَّه في الرفيق الأعلى من الجنة وأنا معك، قال: أقيمى الصلاة فإنها أفضل الجهاد، واهجرى المعاصى فإنها أفضل الهجرة، واذكرى اللَّه كثيرا فإنه أحب الأعمال إلى اللَّه" هكذا رواه الطبرانى من طريق محمد بن إسماعيل الأنصارى عن موسى بن عمران بن أبي أنس عن جدته أم أنس.
ورواه أيضًا من طريق إسحاق بن إبراهيم بن نسطاس [25/ 313]:
حدثنى مربع عن أم أنس أنها قالت: "يا رسول اللَّه أوصنى، قال: اهجرى المعاصى فإنها أفضل الهجرة. . " الحديث، فذكره الطبرانى بلفظين ليس واحد منهما يدخل في هذا الحرف على اصطلاح المؤلف.
2284/ 5507 - "عَلَيْكُمْ بِالأَبْكَارِ، فَإنَّهُنَّ أَعْذَبُ أَفْوَاهًا، وأنْتَقُ أرْحَامًا وَأرْضَى بِاليَسِيرِ".
(هـ. هق) عن عويمر بن ساعدة
قال في الكبير: ثم إن ما جرى عليه المصنف من كون صحابى الحديث هو عويمر بن ساعدة تبع فيه الحافظ ابن حجر التابع للتهذيب، حيث جعل الحديث فيه من مسند عويمر بن ساعدة، قال الكمال بن أبي شريف: وهو ممنوع إنما هو عن عتبة بن عويمر بن ساعدة وليست له صحبة صرح به البغوى في شرح السنة، فالحديث مرسل، إلى هنا كلامه.
قلت: في اعتقاد الشارح ومذهبه أن كل من خالف المؤلف فالحق في جانبه كائنا من كان، وليت شعرى من جعل قول البغوى، وابن أبي شريف مقدما على قول من قال: إن صحابى الحديث هو والده عويمر بن ساعدة، وأن الحديث من مسنده؟! وَهُمْ جماعة أكبر وأعظم من البغوى، وابن أبي شريف، كالطبرانى وجماعة كما حكاه الحافظ، وعليهم اعتمد، على أن سند الحديث فيه اضطراب بينه الحافظ في الإصابة وغيره.
2285/ 5511 - "عَلَيْكُمْ بِالإثْمِدِ، فَإِنَّهُ يَجْلُو البَصَرَ وَيُنْبِتُ الشَّعْرَ".
(حل) عن ابن عباس
قال في الكبير: وفيه عبد اللَّه بن عثمان بن خثيم، قال في الميزان عن ابن معين: أحاديثه غير قوية، وأورد له هذا الخبر، ورواه عنه ابن خزيمة، وصححه ابن عبد البر والخطابى.
قلت: فيه أمور، الأول: أن عبد اللَّه بن عثمان لا وجود له في سند الحديث عند أبي نعيم في الحلية فإنه قال [3/ 343]:
حدثنا عبد اللَّه بن جعفر ثنا يونس بن حبيب ثنا أبو داود الطيالسى ثنا عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس به.
الثانى: أن عبد اللَّه بن عثمان المذكور روى هذا الحديث ولكن بلفظ: "إن خير أكحالكم الإثمد".
الثالث: أنه عزا تخريجه الحديث من طريقه لابن خزيمة وحكى تصحيحه عن ابن عبد البر والخطابى، وهو دائمًا يتعقب المصنف بالباطل على عزوه حديثا في الكتب الستة إلى غيرها، مع كونه واهما في ذلك.
وهذا الحديث خرجه أبو داود [رقم: 3887]، والترمذى [رقم: 1757]، والنسائى [8/ 150]، وابن ماجه [رقم: 3496]، كلهم من طريق عبد اللَّه المذكور عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، وأخرجه من هذا الطريق أيضًا أحمد [1/ 354]، وابن سعد [1: 2/ 171]، والترمذى أيضًا في الشمائل [رقم: 48]، وأبو يعلى [4/ 48]، والحاكم في المستدرك [4/ 208] وصححه الترمذى في سننه والحاكم، فالعدول عن كل هذا غاية في القصور.
2286/ 5512 - "عَلَيْكُمُ بِالإثْمِدِ عنْدَ النَّوْمِ، فَإنَّهُ يَجْلُو الْبَصَرَ وَيُنْبِتُ الشِّعْرَ".
(هـ) عن جابر (هـ. ك) عن ابن عمر
قال في الكبير على حديث جابر: وفيه سعيد بن سلام العطار، قال في الميزان عن ابن المدينى: يضع الحديث، ثم ساق له هذا الخبر، وقال على حديث ابن عمر: قال (ك): صحيح، وأقره الذهبى، لكنه قال: فيه عثمان بن عبد الملك صويلح.
قلت: كل هذا كذب فهى جمل صغيرة اشتملت على ثلاث كذبات:
الأولى: قوله: وفيه سعيد بن سلام العطار، فإنه لا وجود له في سند الحديث، قال ابن ماجه [رقم: 3496]:
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا عبد الرحيم بن سليمان عن إسماعيل بن مسلم عن محمد بن المنكدر به.
ورواه الترمذى في الشمائل [رقم: 50] بسند حسن فقال:
حدثنا أحمد بن منيع ثنا محمد بن يزيد عن محمد بن إسحاق عن محمد بن المنكدر به.
الثانية: قوله: قال في الميزان عن ابن المدينى: يضع الحديث ثم ساق له هذا
الخبر، فإنه لا ذكر لابن المدينى في ترجمته من الميزان، ولا أورد الذهبى فيها هذا الحديث، ونص الذهبى [2/ 141]:
سعيد بن سلام العطار من جيل عبد الرزاق روى عن: ثور بن يزيد وغيره وعنه: أبو مسلم الكجى، والكديمى والطبقة، كذبه ابن نمير، وقال البخارى: يذكر بوضع الحديث، وقال النسائى: بصرى ضعيف، وقال أحمد بن حنبل: كذاب، ومن منكراته عن ثور عن خالد بن معدان عن معاذ حديث:"استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان، فإن كل ذى نعمة محسود" انتهى.
الثالثة: قوله: وأقره الذهبى لكنه قال. . . إلخ.
فإن الذهبى أقره ولم يزد شيئًا وهذا من التعبير المتناقض؛ إذ "أقره" يقتضى أنه لم يقل شيئًا، وكونه قال: فيه عثمان معناه: أنه لم يقره.
2287/ 5516 - "عَلَيْكُمْ بالبَغيض النَّافعِ: التَّلْبينَةُ، وَالَّذي نَفْسِى بِيَدِهِ إنَّهُ ليَغْسِلُ بَطْنَ أحَدِكُمْ كَمَا يُغْسَلُ الوَسَخُ عَنْ وَجْهه بالمَاء".
(هـ. ك) عن عائشة
قال في الكبير: قال الحاكم: صحيح، وأقره الذهبى.
قلت: لكنه معلول، فقد أخرجه ابن حبان في الضعفاء في ترجمة أيمن بن نابل [1/ 183] وقال: إنه كان يخطئ وينفرد بما لا يتابع عليه، وكان ابن معين حسن الرأى فيه، والذي عندى: تنكب حديثه عند الاحتجاج إلا ما وافق الثقات، ثم أسند من طريق سويد بن سعيد: ثنا المعتمر بن سليمان ثنا أيمن عن فاطمة عن أم كلثوم عن عائشة رضي الله عنها فذكرت الحديث قالت: "وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى أحد من أهله لم تزل البُرْمَةُ (1) على النار حتى يأتى عليه أحد طرفيه، إما حياة وإما موت"، قال ابن حبان: ولست
(1) البُرْمَةُ: القِدْرُ من الحجر والجمع: برم. المصباح (ص 18).
أدرى فاطمة هذه من هي، والخبر منكر بالمرة، وقد قال وكيع: عن أيمن بن نابل عن امرأة من قريش يقال لها: كلثوم عن عائشة، ولم يذكر فاطمة ولا قال: أم كلثوم، وقال يحيى بن سليم: عن أيمن بن نابل عمن ذكره عن عائشة، وهذا التخليط كله من سوء حفظ أيمن، كان يخطئ ويحدث على الوهم (1) والحسبان اهـ.
قلت: وقد وثقه جماعة وروى له البخارى متابعة، ولكنه لا ينفرد بما لا يتابع عليه، وقد تفرد بزيادة بسم اللَّه وباللَّه في التشهد، ولم يقل ذلك أحد غيره.
2288/ 5523 - "عَلَيْكُمْ بِالدُّلجةِ، فَإنَّ الأَرْضَ تُطْوَى بِاللَّيْلِ".
(د. ك. هق) عن أنس
قال في الكبير: قال الحاكم: على شرطهما، وأقره الذهبى في موضع، وقال في آخر: إن سلم عن مسلم بن خالد بن يزيد العمرى فجيد.
قلت: في هذا أمور، الأول: قوله: أقره في موضع وقال في آخر. . . إلخ -يفيد أنه خرجه في الموضعين بسند واحد، فسكت عليه الذهبى في موضع وتعقبه في آخر، والواقع أنه أخرجه بسندين: فالأول [1/ 445] من طريق الليث بن سعد عن عقيل عن ابن شهاب عن أنس، وهذا الذي أقره الذهبى.
والثانى: من رواية خالد بن يزيد العمرى [2/ 114]:
ثنا أبو جعفر الرازى عن الربيع بن أنس عن أنس، وهذا الذي نقل الشارح أن الذهبى تعقبه.
الثانى: أن الذهبى لم يقل شيئًا، وإنما الذي قال ذلك هو الحاكم بنفسه والذهبى إنما حكى كلامه ملخصا قال الحاكم: قد كنت أمليت في كتاب
(1) في الضعفاء لابن حبان: على التوهم.
المناسك من هذا الكتاب حديث رويم بن يزيد المقرى عن الليث عن عقيل عن الزهرى عن أنس، وجهدت إذ ذاك أن أجد له شاهدا فلم أجد، وهذا شاهده إن سلم من خالد بن يزيد العمرى.
الثالث: أنه قال: عن مسلم بن خالد، وإنما هو خالد.
والحديث أخرجه أيضًا الطحاوى في مشكل الآثار، وأبو نعيم في الحلية [9/ 250]، كلاهما من طريق الليث.
ورواه الطحاوى من حديث مالك عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعًا: "إذا سافرتم في الخصب فأعطوا الإبل حقها، وعليكم بالدلجة، فإن الأرض تطوى بالليل" وأصل الحديث في صحيح مسلم، وسنن أبي داود [رقم: 2571]، والترمذى، وهو عند الطحاوى أيضًا وسبق في المتن، ورواه ابن السنى في اليوم واللية [رقم: 955] من حديث جابر مطولا وذلك في باب: ما يقول إذا تغولت الغيلان.
2289/ 5527 - "عَلَيْكُمْ بِالسَّرَارى، فَإنَّهُنَّ مُبَاركَاتُ الأرْحَام".
(طس. ك) عن أبي الدرداء (د) في مراسيله عن رجل من بنى هاشم مرسلا
قلت: تكلم الشارح في الكبير على هذا الحديث، وحكى أن ابن الجوزى أورده في الموضوعات، وسكت عن تعقب المصنف له، وكل ما نقله الشارح في كلامه على هذا الحديث فهو من عند المصنف في اللآلئ إلا أنه وقع للمصنف هنا ما يجب النظر فيه فإنه قال هنا: إن العدنى وأبا داود رويا الحديث عن رجل من بنى هاشم مرسلًا، والذي نقله في الآلئ يفيد أن العدنى خرجه عن رجل من بنى هاشم وهو موصول، وأبو داود خرجه في مراسله [رقم: 205] عن الزبير بن سعيد الهاشمى مرسلًا؛ لأن أبا داود رواه عن كثير بن عبيد عن بقية بن المبارك عن الزبير بن سعيد الهاشمى.
وأما العدنى فقال:
حدثنا بشر هو ابن السرى ثنا الزبير بن سعيد الهاشمى حدثنى ابن عم لى من بنى هاشم، فاقتضى هذا أنه موصول، وأيضًا المسند لا يخرج فيه المرسل، وإنما يخرج فيه الأحاديث المسندة واللَّه أعلم.
2290/ 5540 - "عَلَيْكُم بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ مَحْسَمَة لِلْعُروقِ وَمَذْهَبَةٌ لِلأشِرْ".
أبو نعيم في الطب عن شداد بن أوس
قال الشارح: بفتح فضم. قلت: هذا من أعجب تحريف يسمع، ومعرفته بديهى للعوام فضلًا عن أهل العلم، وإنه بفتح فسكون.
2291/ 5555 - "عَلَيْكُمْ بألبَانِ البَقَر، فَإِنَّها تَرُمُ منْ كُلِّ الشَّجَر، وَهُوَ دَوَاءٌ منْ كُلِّ دَاءٍ".
ابن عساكر عن طارق بن شهاب
قلت: حرف ابن العربى المعافرى هذا الحديث فقال في كتاب السراج: "فإنها تبرئ من السحر"، ونسبه لابن مسعود موقوفًا، وقال: إنه لا يصح، وهذا تحريف لا شك فيه والحديث عن ابن مسعود مرفوعًا وسنده صحيح.
2292/ 5569 - "عَلَيْكُمْ بشَوابِّ النِّسَاء، فَإنَّهُنَّ أَطْيَبُ أفْوَاهًا، وَأنْتَقُ بُطُونًا وَأَسْخَنُ أقْبَالًا".
الشيرازى في الألقاب عن بشر بن عاصم عن أبيه عن جده
قال في الكبير: هو يسير بمثناة تحتية مضمومة فمهملة مصغرًا على ما في نسخ، وفي بعضها: بشر بموحدة تحتية فمعجمة غير مصغر ابن عاصم بن سفيان الثقفى عن أبيه سفيان بن عبد اللَّه الثقفى عن جده عبد اللَّه الطائفى، هكذا
ساقه بعضهم، قال الكمال بن أبي شريف في كتاب من روى عن أبيه عن جده: لم أعرف يسيرا ولا أباه ولا جده، ولم أجده أيضًا في ثقات التابعين لابن حبان اهـ. وهذا بناء على أنه يسير بمثناه تحتية، أما على أنه بشر بموحدة فمعجمة، وهو ما في التقريب كأصله فهو معروف من ثقات الطبقة الثالثة.
قلت: في هذا أمران، أحدهما: أن صحابى الحديث هو سفيان بن عبد اللَّه الثقفى لا والده عبد اللَّه.
ثانيهما: أن نسخ المتن متفقة على بشر بالباء الموحدة، والشين المعجمة، والوهم إنما وقع من ابن أبي شريف، فأحب الشارح أن يلصقه ببعض نسخ المتن على عادته في إلصاق كل عيب بالمؤلف، وسلب كل فضل عنه، أما النسخة المطبوعة مع الشرح فإنما تبع مصححها ما في الشرح.
2293/ 5570 - "عَلَيْكُمْ بِصَلاةِ اللَّيل وَلَوْ رَكْعَةً وَاحدَةً".
(حم) في الزهد، وابن نصر، زاد الشارح: في الصلاة (طب) عن ابن عباس
قلت: وهم المصنف في عزوه هذا الحديث إلى أحمد، فإن الذي رواه هو ابنه في زوائد الزهد قال [ص/ 22]:
حدثنا محمد بن عباد المكى أخبرنا حاتم يعنى: ابن إسماعيل عن ابن عجلان عن حسين بن عبد اللَّه عن عكرمة عن ابن عباس به.
والشارح لا يعلم أن لابن نصر كتاب الصلاة منفردا عن كتاب قيام الليل فتراه دائمًا يعزو أحاديث قيام الليل لكتاب الصلاة فيهم في ذلك.
2294/ 5571 - "عَلَيْكُمْ بِغُسْلِ الدُّبُر، فَإنَّه مَذْهَبَة للْبَاسُورِ".
ابن السنى، وأبو نعيم عن ابن عمر
قال في الكبير: وأورده في الميزان في ترجمة عثمان بن مطر من حديثه، ونقل عن جمع تضعيفه، وأن حديثه منكر، ولا يثبت، وساقه في اللسان في ترجمة عمر بن عبد العزيز الهاشمى، وقال: شيخ مجهول له أحاديث مناكير لا يتابع عليها.
قلت: هذا خلط حديث بحديث، فالذي في ترجمة عثمان بن مطر هو حديث الباب من رواية ابن عمر، والذي في ترجمة عمر بن عبد العزيز هو حديث آخر من رواية على رواه الخطيب في المتفق من طريق محمد بن سلمة البزار الفرغانى عن عمر بن عبد العزيز الهاشمى عن يونس بن أبي إسحاق عن أبيه عن الحارث عن على به مثله.
وأما حديث ابن عمر: فأخرجه أيضًا ابن حبان في الضعفاء في ترجمة عثمان ابن مطر فقال [2/ 100]:
حدثنا الحسن بن سفيان ثنا محمد بن أبان الواسطى ثنا عثمان بن مطر الشيبانى عن الحسن بن أبي جعفر عن على أبي الحكم عن نافع عن ابن عمر به، وقال في عثمان بن مطر: كان ممن يروى الموضوعات عن الأثبات، لا يحل الاحتجاج به.
قلت: وقد ورد شاهد له أخرجه أحمد في مسنده [6/ 93]:
حدثنا على بن إسحاق قال: أنا عبد اللَّه قال: أنا الأوزاعى حدثنى شداد أبو عمار عن عائشة: "أن نسوة من أهل البصرة دخلن عليها فأمرتهن أن يستنجين بالماء، وقالت: مرن أزواجكن بذلك، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعله، وهو شفاء من الباسور".
عائشة تقوله أو أبو عمار، ورواه الترمذى [رقم 19]، والنسائى [كبرى 1/ 73، مجتبى 1/ 42 - 43] من حديث معاذة عنها دون ذكر الشفاء من الباسور.
2295/ 5574 - "عَلَيْكُمْ بِلِبَاسِ الصُّوْف، تَجِدُونَ حَلاوَةَ الإِيْمَانِ فِي قُلُوبِكُمْ".
(ك. هب) عن أبي أمامة
قلت: هكذا أخرجه الحاكم [1/ 28]، والبيهقى مختصرا [رقم 6151]، وأخرجه ابن النقور في فوائده، وأورده ابن الجوزى في الموضوعات [3/ 48] من طريق الخطيب مطولا بزيادة تنادى ببطلانه ووضعه، فكان الواجب على المصنف ألا يذكره هنا فإنه مما تفرد به محمد بن يونس الكديمى وهو متهم.
2296/ 5579 - "عَلَيْكُمْ بهَذَا العلْم قَبْلَ أنْ يقْبَضَ، وَقَبْلَ أنْ يُرْفَعَ، العَالِمُ والمتَعَلِّمُ شَرِيكَانِ فِي الأجْرِ، وَلا خَيْرَ فِي سَائِرِ النَّاسِ".
(هـ) عن أبي أمامة
قلت: أخرجه أيضًا الآجرى في العلم، والحاكم في علوم الحديث [رقم: 90]، وابن عبد البر في العلم [36، 37]، كلهم من طريق هشام ابن عمار:
أخبرنا صدقة بن خالد أخبرنا عثمان بن أبي العاتكة عن على بن زيد عن القاسم عن أبي أمامة به.
2297/ 5581 - "عَلَيْكُم بهَذه الخَمْس: سُبْحَانَ اللَّه، وَالحَمْدُ للَّهِ، وَلا إلَهَ إلا اللَّهُ، وَاللَّهُ أكْبَرُ، وَلا حَوْلَ وَلا قوَةَ إلا باللَّه".
(طب) عن أبي موسى
قال في الكبير: رمز المصنف لصحته، وهو زلل فاحش فقد أعله الهيثمى وغيره بأن فيه جرير بن أيوب، وهو ضعيف جدا.
قلت: لا يلزم من وجود الضعيف في السند ضعف الحديث، فهذا المعنى -وهو الأمر بالذكر المذكور- ورد من طرق متعددة صحيحة تقدم بعضها.
2298/ 5582 - "عَلَيكُم بهَذه الشَّجَرةِ المُبَارَكَةِ زَيْتِ الزَّيْتُونِ، فَتَداوَوا بِهِ، فَإنَّهُ مَصَحَّةٌ مِنَ البَاسُور".
(طب) وأبو نعيم عن عقبة بن عامر
قلت: أخرجه أيضًا ابن أبي حاتم في العلل [2/ 279]، والثعلبى في التفسير كلهم من طريق يحيى بن عثمان بن صالح:
ثنا أبي ثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة بن عامر به، ونقل أبو حاتم عن أبيه أنه قال: هذا كذب.
2299/ 5587 - "عَلَيْكُنَّ بالتَّسْبيح وَالتَّهْليل وَالتَّقْديس، وَاعْقدْنَ بِالأنَامِلِ، فَإنَّهُنَّ مَسْئُولاتٌ مُسْتَنطقَاتٌ، وَلا تَغْفَلْنَ فَتَنْسَيْنَ الرَّحْمَةَ".
(ت. ك) عن يسيرة
قال في الكبير: وظاهر اقتصار المصنف على الترمذى أنه انفرد به من بين الستة وليس كذلك، فقد رواه أبو داود في الصلاة، ولم يضعفه.
قلت: هذا تلبيس من الشارح، فإن أبا داود خرجه بلفظ لا يدخل في هذا الكتاب ولفظه [رقم 1501] عن حُمَيضةَ بنت ياسر عن يسيرة أخبرتها:"أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهن أن يراعين بالتكبير والتقديس والتهليل وأن يعقدن بالأنامل فإنهن مسئولات مستنطقات".
2300/ 5592 - "عَلِيٌّ بَابُ حِطَّةٍ، مَنْ دَخَلَ مِنْهُ كَانَ مُؤْمِنًا، وَمَنْ خَرَجَ مِنْهَ كَانَ كَافِرًا".
(قط) في الأفراد عن ابن عباس
قال في الكبير: قضية صنيع المصنف أن الدارقطنى خرجه وسكت عليه، والأمر بخلافه، بل قال: تفرد به حسين الأشقر عن شريك وليس بالقوى.
قلت: هذا كذب على صنيع المؤلف، فإنه رمز له بالضعف، ولو لم يفعل لما كان شيء واردا عليه، فإنه غير ملزم بنقل كلام المخرجين، ولا يفعله أحد من الناس إلا نادرًا، وأما من جهة التفرد، فإن ذكره جهل من الشارح وغفلة؛ إذ موضوع كتاب الأفراد هو: بيان ما تفرد به الرواة.
والحديث أخرجه أيضًا الديلمى في مسند الفردوس من طريق الدارقطنى:
حدثنا أحمد بن محمد بن أبي بكر ثنا محمد بن على بن خلف ثنا حسين الأشقر ثنا شريك عن الأعمش عن عطاء عن ابن عباس به.
2301/ 5597 - "عَلِيٌّ مِنَى بمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى، إلَّا أنَّهُ لا نَبِيَّ بَعْدِى".
أبو بكر المطيرى في جزئه عن أبي سعيد
قال في الكبير: قضية صنيع المصنف أنه لم يره لأشهر ولا أعلى منه وإلا لما أبعد النجعة إليه، وهو ذهول، فقد أخرجه أحمد، والبزار، قال الهيثمى: رجال أحمد رجال الصحيح.
قلت: كذب الشارح على الحديث، وعلى الهيثمى، فلفظه عند أحمد [3/ 32]، والبزار [كشف الأستار برقم: 2526]: عن أبي سعيد قال: "قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لعلى: أنت منى بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدى".
وأما الهيثمى فقال: وفيه عطية العوفى، وثقه ابن معين وضعفه أحمد وجماعة، وبقية رجال أحمد رجال الصحيح، فلا لفظ الحديث كما زعم، ولا لفظ الهيثمى أيضًا.
2302/ 5599 - "عَلِيٌّ يَزْهَرُ في الْجَنَّة ككَواكِبِ الصُّبْحِ لأهْلِ الدُّنْيَا".
البيهقى في فضائل الصحابة، (فر) عن أنس
قال في الكبير: ورواه عنه الحاكم، ومن طريقه وعنه أورده الديلمى مصرحا فلو عزاه إليه لكان أولى، قال ابن الجوزى في العلل: حديث لا يصح، فيه يحيى الفاطمى متهم، وإبراهيم بن يحيى متروك.
قلت: ظاهر إطلاقه العزو إلى الحاكم يوهم أنه في المستدرك، والواقع أنه في التاريخ. ثم إن قوله: ومن طريقه وعنه، ألفاظ متناقضة بحسب اصطلاح أهل الحديث كما بينته مرارا، وأما قوله: مصرحا فلغو لا فائدة فيه. قال الديلمى [رقم 4178]:
أخبرنا ابن خلف إذنا أنا الحاكم حدثنا محمد بن سليمان بن منصور ثنا إبراهيم ابن على الترمذى ثنا يحيى بن الفاطمى ثنا إبراهيم بن محمد عن حماد بن سلمة عن حميد عن أنس به.
2303/ 5607 - "عَمَّارُ تَقْتُلُه الفِئَةُ البَاغِيَةُ".
(حل) عن أبي قتادة
قال في الكبير: وكذا الخطيب عن أبي قتادة، قال: وفي الباب أبو أيوب رفعه: "تقتل عمار الفئة الباغية".
قلت: هذا خطأ من وجهين، أحدهما: أن الحديث بهذا اللفظ الذي استدركه مخرج في صحيح مسلم [رقم: 2236] من حديث أم سلمة، كما أن حديث أبي قتادة مخرج فيه أيضًا، ولكنه بلفظ:"أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمار: تقتلك الفئة الباغية".
ثانيهما: أن قوله: وفي الباب أبو أيوب، يوهم أنه ليس في الباب غيره
مع أن الحديث متواتر من رواية أبي سعيد، وأم سلمة، وحذيفة، وابن مسعود، وعمار، وعمرو بن العاص، وابنه عبد اللَّه، وعمرو بن حزم، وخزيمة بن ثابت، وعثمان بن عفان، وأنس، وأبي هريرة، وأبي رافع، وجابر بن عبد اللَّه، ومعاوية بن صخر، وعبد اللَّه بن عباس، وزيد بن أبي أوفى الأسلمى، وجابر بن سمرة وأبي اليسر كعب بن عمرو، وزياد بن العزة، وكعب بن مالك، وأبي أمامة الباهلى، وعائشة.
2304/ 5609 - "عُمَرُ بنُ الخَطَّاب سرَاجُ أهْل الجنَّة".
البزار عن ابن عمر، حل عن أبي هريرة ابن عساكر عن الصعب بن جثامة
ذكر في الكبير: أن في حديث ابن عمر عبد اللَّه بن إبراهيم الغفارى، وهو ضعيف وأن حديث أبي هريرة تفرد به الواقدى عن مالك.
قلت: الحديث كأنه موضوع وضعه عبد اللَّه بن إبراهيم الغفارى، وكان مولعا بوضع فضائل الشيخين رضي الله عنهما، بل فيهما أحاديث أخرى، وكأن الواقدى سرقه منه وركب له إسنادًا آخر أو أدخل عليه أو ألصق به، فهو على كل حال باطل، وقد أخرج حديث ابن عمر أيضًا الثقفى في الثانى من الثقفيات قال:
حدثنا أبو الحسين محمد بن الحسين بن محمد بن الفضل القطان ببغداد ثنا إسماعيل بن محمد الصفار ثنا الحسن بن عرفة العبدى حدثنى عبد اللَّه بن إبراهيم الغفارى عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر به.
وأخرجه أيضًا الخطيب في التاريخ [12/ 49] من طريق أبي القاسم على بن الفتح بن محمد القطان، ومن طريق إسماعيل بن محمد الصفار [49/ 12] كلاهما عن الحسن بن عرفة به، والحديث في جزئه.
أما حديث أبي هريرة: فخرجه أبو نعيم في الحلية [6/ 333] عن الطبرانى:
ثنا عبيد اللَّه بن محمد العمرى ثنا بكر بن عبد، الوهاب حدثنى محمد بن عمر الواقدى عن مالك عن ابن شهاب حدثنى سعيد بن المسيب حدثنى أبو هريرة به مرفوعًا، وما هذا من حديث مالك ولا ابن شهاب، فاللَّه أعلم.
2305/ 5610 - "عُمَرُ مَعِى، وَأنَا مَعَ عُمَرَ، والحَقُّ بَعْدِى مَعَ عُمَرَ حَيْثُ كَانَ".
(طب. عد) عن الفضل بن عباس
قال الشارح: وفي إسناده مجهول، وقال في الكبير: قال الهيثمى: وفيه من لم أعرفه.
قلت: في هذا أمور، أحدها: أن قوله: في إسناده مجهول -أخذه من قول الحافظ نور الدين: فيه من لم أعرفه، وقد مرَّ بنا أن هذا غلط، وبيَّنا وجهه مرارًا.
ثانيها: أن الحديث خرجه الترمذى في الشمائل بهذا اللفظ [رقم 128] إلا أنه وقع عنده أثناء حديث طويل، وكذلك هو عند جماعة (1) بل هو عند مخرجيه (2) المذكورين هنا كذلك، ولعل المؤلف اختصره، فكان الواجب على الشارح أن ينبه على ذلك لاسيما وهو لا يغفل عن مثل هذا التعقب لكن بالباطل والغلط، فإذا جاء موضع الكلام بالحق سكت.
ثالثها: أن الحديث باطل موضوع، وسياقه الطويل المنكر يدل عليه، ومن أقبح ما في المؤلف رحمه الله وغفر له- أنه إذا رأى في الحديث الطويل ما يدل على وضعه اقتصر منه على الجملة الصغيرة التي ليس فيها ما يدل على
(1) أخرجه العقيلى (3/ 482 - 483)، والبيهقى في الدلائل (7/ 180).
(2)
أخرجه ابن عدى (4/ 150) من حديث ابن عباس، والطبرانى في الكبير (18/ 718).
ذلك، وهو ما لا ينقضى عجبى منه مع أنه مر قبيل الكذب على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فلا أدرى ما معتمده في ذلك، فهدا الحديث من وقف عليه بتمامه جزم بأنه موضوع على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وقد ذكرته بتمامه وأطلت في إيراد طرقه وأسانيده في مستخرجى على مسند الشهاب [1/ 221 - 223]، وفي مستخرجى على شمائل الترمذى في باب: اتكاء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وسيأتى الكلام عليه قريبًا [ص 232] أيضًا في حرف الفاء في حديث: "فضوح الدنيا أهون من فضوح الآخرة" وبهذه الترجمة ذكره القضاعى في مسند الشهاب [رقم: 246].
2306/ 5613 - "عُمْرَةٌ في رَمَضَانَ تَعْدلُ حجَّةً".
(حم. خ) عن جابر، (حم. ق. د. هـ) عن ابن عباس (د. ت. هـ) عن أم معقل (هـ) عن وهب بن خنبش (طب) عن الزبير
قال في الكبير: وهب بن خنبس بمعجمة ونون وموحدة تحتية ومهملة وزن جعفر، ثم قال: وخرجه البزار عن على وأنس.
قلت: في هذا أوهام، الأول: وهب بن خنبش آخره معجمة لا مهملة اتفاقا.
الثانى: لم يخرج البزار حديث أنس إنما خرج حديث على [البحر الزخار برقم: 636]، أما حديث أنس فخرجه البخارى في التاريخ الكبير [1/ 291] والطبرانى فيه أيضًا [1/ 722].
الثالث: استدراكه حديث على وأنس يفيد أنه ليس في الباب غيرهما مع أن في الباب عن جماعة آخرين منهم: يوسف بن عبد اللَّه بن سلام، وأبو معقل، وعبد اللَّه بن الزبير وعروة البارقى، والفضل بن عباس، وأبو طليق والأحمرى ومرسلا عن: عكرمة، ومجاهد، وبكر بن عبد اللَّه المزنى، وقد
عده المؤلف لأجل هذه الطرق من المتواتر، وذكره في الأزهار المتناثرة [رقم 51] فخفى ذلك على الشارح.
2307/ 5614 - "عُمْرَةٌ في رَمَضَانَ كَحجَّةٍ مَعِى".
سمويه عن أنس
قال في الكبير: وفيه داود بن يزيد الأودى ضعفه أحمد، وابن معين، والنسائى وغيرهم، وهلال بن زيد قال في الميزان عن ابن حبان: في حديثه مناكير، وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره لأحد من المشاهير، وهو عجيب فقد خرجه الطبرانى والحاكم والبزار باللفظ المذكور، بل هو عند مسلم على الشك بلفظ:"عمرة في رمضان تقضى حجة أو حجة معى" وعزاه ابن العربى في شرح الترمذى إلى أبي داود بغير شك كما هنا، وقال: إنه صحيح.
قلت: في هذا أخطاء فاحشة، الأول: قوله: وداود بن يزيد الأودى، فإن داود لم يرو حديث أنس هذا، وإنما وقع في سند حديث وهب بن خنبش السابق، فإنه رواه عن الشعبى عن وهب لكنه قال: عن هرم بن خنبش بدل وهب كما نص على ذلك الترمذى في جامعه [رقم: 939]، وقد أسنده الذهبى [2/ 22] من طريقه بهذا الإسناد بلفظ:"عمرة في رمضان كحجة معى" فلما رأى ذلك الشارح زعم أنه في سند حديث أنس المذكور في الباب، وإنما فيه هلال بن زيد فإنه الذي رواه عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الثانى: قوله: فقد خرجه الطبرانى والحاكم والبزار باللفظ المذكور، فإن الحاكم والبزار ما رويا حديث أنس، ولا روياه بهذا اللفظ أيضًا، بل رواه الحاكم من حديث أم معقل [1/ 482] بلفظ:"إن الحج والعمرة من سبيل اللَّه، وإن عمرة في رمضان تعدل حجة أو تجزئ بحجة".
الثالث: قوله: بل هو عند مسلم على الشك بلفظ "عمرة في رمضان تقضى حجة أو حجة معى" فإن هذا من التدليس أو الكذب، فمسلم ما رواه من حديث أنس أولا، ولا ذكره بلفظ الباب ثانيا، ولا باللفظ الذي ذكره الشارح ثالثا، بل قال [1256/ 222]:
حدثنا أحمد بن عبدة الضبى ثنا يزيد بن زريع ثنا حبيب المعلم عن عطاء عن ابن عباس: "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لامرأة من الأنصار يقال لها: أم سنان: ما منعك أن تكونى حججت معنا؟ قالت: ناضحان كانا لأبي فلان -زوجها- حج هو وابنه على أحدهما، وكان الآخر يسقى عليه غلامنا، قال: فعمرة في رمضان تقضى حجة أو حجة معى" اهـ. فهو حديث آخر بسياق آخر لا يدخل في الكتاب.
الرابع: قوله: وعزاه ابن العربى في شرح الترمذى إلى أبي داود من غير شك كما هنا فإنه تدليس أيضًا؛ إذ ابن العربى تكلم على أصل الحديث، ولم يورد لفظه وعبارته في شرح الترمذى [4/ 164]، ورواه عبد الرزاق عن الأوزاعى عن يحيى بن أبي كثير عن معقل عن أمه قالت:"قلت: يا رسول اللَّه، إنى أريد الحج فعجز جملي، قال: اعتمرى في رمضان" قال ابن العربى: وقد روى فيه: "تعدل حجة معى" رواه أبو داود وهو صحيح اهـ.
ولفظ أبي داود [رقم 1990] من حديث ابن عباس في قصة: "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لزوج المرأة التي بعثت تسأله ما يعدل حجة معه: أقرئها السلام ورحمة اللَّه وبركاته وأخبرها أنها تعدل حجة معى" يعنى: عمرة في رمضان.
2308/ 5615 - "عَمَلُ الأبْرَارِ مِنْ الرِّجَال الخيَاطَةُ، وَعَمَلُ الأبْرَارِ مِنَ النِّسَاءِ المغْزَلُ".
تمام (خط)، وابن عساكر عن سهل بن سعد
قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أن مخرجه الخطيب خرجه وأقره، والأمر بخلافه، بل قدح في سنده فعقبه بأن أبا داود النخعى أحد رواته كذاب وضاع، وحكم ابن الجوزى بوضعه، ولم يتعقبه المؤلف إلا بإيراد حديث تمام أن موسى أى أحد رواته متروك ولم يزد على ذلك.
قلت: كذب الشارح على الخطيب كذبا صراحا، فإنه ما قدح في سند الحديث، ولا تعرض له بشطر كلمة، وإنما رواه [5/ 15] من حديث ابن عباس موقوفًا ومن حديث سهل مرفوعًا ثم شرع يورد ما قيل في أبي داود النخعى من عبارات الجرح والتضعيف كما هو شأنه في كل ترجمة، فإن التاريخ مؤلف في تراجم الرجال وبيان حالهم لا في الأحاديث، والكلام عليها، فالتعرض لكونه طعن في الحديث أو سكت عليه من جهل الشارح أو تعنته الممقوت، ثم إن المصنف رمز للحديث بعلامة الضعيف، فكان الشارح كاذبا عليه وعلى صنيعه.
نعم، المصنف يلام على ذكر الحديث في هذا الكتاب فإنه موضوع لا شك فيه وأما كون ابن الجوزى حكم بوضعه ولم يتعقبه المؤلف إلا بطريق تمام، فهو كلام فاسد يدل على جهل الشارح وتعنته أيضًا، فابن الجوزى أورد الحديث [2/ 251] من طريق أبي داود النخعى عن أبي حازم عن سهل بن سعد، وقال: لا يصح لأن أبا داود كذاب، فاقتضى ذلك حصر التهمة فيه، وأنه هو الواضع له، فتعقبه المؤلف بأنه ورد من غير طريقه، وذلك أن تماما خرجه [669 - ترتيبه] من طريق موسى بن إبراهيم المروزى عن مالك بن أنس عن أبي حازم به، ولكن موسى متروك اهـ.
وليس معنى هذا أن المؤلف يميل إلى إثبات الحديث، فإن أمره مكشوف وليس هو من أحاديث مالك جزما، وإنما غرض المؤلف مجرد التعقب بأن أبا داود النخعى لم ينفرد به وأن غيره من الوضاعين رواه أيضًا، فكأن أحدهما وضعه والآخر سرقه.
2309/ 5618 - "عَمَلٌ قَلِيلٌ فِي سُنَّة خَيْرٌ مِنْ عَمَل كَثِيرٍ فِي بِدْعَةٍ".
الرافعى عن أبي هريرة (فر)
زاد الشارح في الكبير: وكذا القضاعى، والدارمى عن ابن مسعود.
قال في الكبير: وفيه أبان بن يزيد العطار لينه القطان.
قلت: في هذا أوهام، الأول: أن القضاعى لم يروه من حديث ابن مسعود بل رواه من مرسل الحسن فقال [رقم: 1270]:
أخبرنا أبو القاسم هبة اللَّه بن إبراهيم الخولانى أنا على بن الحسين بن بندار ثنا الحسين بن محمد بن مودود، ثنا أبو الأشعث ثنا حزم بن أبي حزم قال: سمعت الحسن يقول: بلغنا أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "عمل قليل. . . " وذكره، وهكذا رواه السمرقندى في التنبيه من رواية عوف عن الحسن، والطوسى في أماليه من رواية يونس بن عبيد عنه أيضًا:
الثانى: أن الدارمى خرجه عن ابن مسعود موقوفًا عليه غير مرفوع فقال [1/ 72]:
أخبرنا موسى بن خالد ثنا عيسى بن يونس عن الأعمش عن عمارة ومالك بن الحارث عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد اللَّه بن مسعود قال: "القصد في السنة خير من الاجتهاد في البدعة"، وهكذا رواه الحاكم [1/ 103]، والبيهقى [3/ 19] عنه من رواية عبد اللَّه بن نمير عن الأعمش به.
الثالث: قوله عقب الاستدراك: وفيه أبان بن يزيد العطار، فإنه صريح بأنه موجود في سند الجميع، وقد عرفت ما في ذلك، وأبان المذكور إنما هو في سند حديث ابن مسعود المرفوع الذي خرجه الديلمى بقوله:
أخبرنا أبي ثنا محمد بن عثمان الغرقسانى ثنا أبو طاهر بن سلمة ثنا أحمد بن
الحسن الحافظ ثنا أبو نصر محمد بن محمد السختيانى ثنا عبد الصمد بن الفضل ثنا على بن محمد المنجورى عن أبان بن يزيد عن قتادة عن ابن مسعود به.
2310/ 5626 - "عِنْدَ اللَّه خَزَائنُ الْخَيْر والشَّرِّ مَفَاتيْحُهَا الرِّجَالُ، فَطُوبَى لمنْ جعَلَهُ اللَّهُ مفْتَاحًا للخَيْرِ مِغْلاقُا للشَّرِّ، وَوَيْلٌ لمنْ جَعَلَهُ اللَّهُ مِفْتَاحًا للشَّرِّ مِغْلاقًا للخَيْرِ".
(طب) والضياء عن سهل بن سعد
قلت: سكت عليه الشارح، وفي بعض نسخ المتن الرمز له بعلامة الصحيح وكأنه اعتمد في ذلك إخراج الضياء له في المختارة وهو غريب، فإن الطبرانى خرجه من رواية معتمر بن سليمان عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبي حازم عن سهل به، وعبد الرحمن بن زيد ضعيف، وفي هذا السند انقطاع، فإن معتمرا رواه عن محمد بن عقبة عن عبد الرحمن بن زيد [6/ 5812] ومحمد بن عقبة كما بينه البخارى في التاريخ الكبير [1/ 200].
قال ابن حبان [المجروحين 2/ 279]: منكر الحديث جدا، والحديث خرجه البخارى في التاربخ الكبير [1/ 200] عن على بن المدينى عن معتمر بن سليمان سمع محمد بن عقبة به، لكنه قال: عن أبي حازم دون ذكر عبد الرحمن بن زيد، ثم رواه البخارى من طريق عبد الأعلى بن حماد عن معتمر فقال: عن عقبة بن محمد، بدل: محمد بن عقبة عن عبد الرحمن بن زيد عن أبي حازم (1)، قال البخارى: وعبد الرحمن لا يصح حديثه اهـ.
2311/ 5627 - "عِنْدَ اللَّهِ عِلْمُ أمَيَّة بن أبِى الصَّلْتِ".
(طب) عن الشريد بن سويد
(1) وأخرجه الطبرانى أيضًا (6/ 5956) عن محمد بن بكير الحضرمى عن معتمر به مثله.
قال في الكبير: ظاهره أن هذا لا يوجد مخرجًا لأحد من الستة، وهو ذهول عجيب، فقد خرجه الإمام مسلم باللفظ المزبور عن شريد المذكور كما في الفردوس وغيره.
قلت: كذب الشارح، بل الذي عند مسلم [رقم 2255] عن الشريد قال:"ردفت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوما فقال: هل معك من شعر أمية بن أبى الصلت شيء؟ قلت: نعم، قال: هيه، فأنشدته بيتا، فقال: هيه، ثم أنشدته بيتا، فقال: هيه، حتى أنشدته مائة بيت"، فهذا حديث ومتن الباب حديث آخر.
2312/ 5628 - "عِنْدَ اتِّخَاذِ الأَغْنِياءِ الدَّجَاجَ يَأذَنُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَلاكِ الْقرَى".
(هـ) عن أبي هريرة
قال في الكبير: وما ذكر من أن لفظ الحديث هكذا هو ما في نسخ الكتاب، ولكن في الفردوس وغيره ما نصه:"عند اتخاذ الأغنياء الدجاج هلاك الفقراء ويأذن اللَّه عز وجل بهلاك القرى" اهـ. فسقط من قلم المصنف لفظ: "هلاك الفقراء" ثم نقل عن السخاوى أنه ضعيف، وعن المؤلف أنه قال في الديوان (1) تبعا للدميرى: إنه واه.
قلت: من عجيب تهور الشارح وتجاهله أن يجعل رواية مخرج غير المعزو إليه في الكتاب حجة على رواية الكتاب، فلفظ الحديث عند ابن ماجه كما ذكره المؤلف ولم يسقط من قلمه شيء، وإنما حصل السقط في مروءة الشارح وعقله، قال ابن ماجه [رقم: 2307]:
(1) في المطبوع من الفيض: الميزان، وفي المخطوط كتب المؤلف رحمه الله "الميزان" ثم طمس عليها وكتب فوقها "الديوان".
ثنا محمد بن إسماعيل ثنا عثمان بن عبد الرحمن ثنا على بن عروة عن المقبرى عن أبي هريرة قال: "أمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الأغنياء باتخاذ الغنم، وأمر الفقراء باتخاذ الدجاج، وقال: عند اتخاذ الأغنياء الدجاج يأذن اللَّه بهلاك القرى" اهـ. ثم إن الحديث باطل موضوع كما قال ابن حبان، وابن الجوزى في الموضوعات [2/ 304]، والذهبى وأمره واضح مكشوف، فاعجب لمن يقول: إنه ضعيف أو واه، فإن قوله بالغ الضعف واه.
2313/ 5632 - "عُنْوانُ كِتَابِ المؤْمِنِ يَوْمَ القِيَامَةِ حُسْنُ ثَنَاءِ النَّاسِ".
(فر) عن أبي هريرة
قال في الكبير: وفيه محمد بن الحسن الأزدى، قال الذهبى: قال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به، ومحمد بن كثير المصيصى ضعفه أحمد.
قلت: المذكور في السند: محمد بن الحسن الأسَدى بفتح السين المهملة لا الأزْدى بسكون الزاى المعجمة وهو الذي تكلم فيه ابن حبان، بل هذا هو المعروف بالتل، وهو ثقة من رجال الصحيح وإن تكلم فيه، قال الديلمى [رقم: 4128]:
أخبرنا أبي عن الحسين بن صالح بن عمر بن عبد العزيز الدينورى عن أبي الفتح منصور بن ربيعة عن أبي القاسم عيسى بن أحمد بن زيد عن عمر بن سهل عن سعيد بن عمرو عن أحمد بن يحيى الأودى عن محمد بن الحسن الأسدى عن محمد بن كثير المصيصى عن الأوزاعى عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة به.
وله طريق آخر من حديث جعفر الصادق معضلًا أخرجه الطوسى في الثانى
من أماليه من طريق محمد بن عبد اللَّه بن جعفر الحميرى عن أبيه عن أحمد ابن أبي بكر عبد اللَّه البرقى عن شريف بن سابق عن أبي العباس الفضل بن عبد الملك عن جعفر بن محمد قال: "قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أول عنوان صحيفة المؤمن بعد موته ما يقول الناس فيه إن خيرا فخير، وإن شرا فشر، وأول تحفة المؤمن أن يغفر له ولمن تبع جنازته".
2314/ 5633 - "عُنْوَانُ صَحِيفَةِ المُؤْمِنِ حُبُّ عَلِيِّ بنِ أبِي طَالِبٍ".
(خط) عن أنس
قال الشارح: قال الذهبى: موضوع.
وقال في الكبير: وفيه أبو الفرج أحمد بن محمد بن جورى العكبرى، قال الخطيب: في حديثه مناكير، قال الذهبى: قلت: له حديث موضوع اهـ. كأنه يشير إلى هذا.
قلت: جزم في الصغير بأن الذهبى قال: موضوع، وأبان في الكبير أنه لم يتعرض لهذا الحديث، وإنما قال: له حديث موضوع، فظن الشارح أنه يريد هذا الحديث ثم جعل ظنه محققا، فنسب في الصغير إلى الذهبى أنه قال: موضوع، وفي هذا من التهور وقلة الأمانة ما يتعجب منه المتعجب، لا سيما وكلام الذهبى كالصريح في أنه لم يقصد هذا الحديث.
فإنه قال في الميزان [1/ 133]: أحمد بن محمد بن جورى العكبرى عن خيثمة بحديث موضوع اهـ. وهذا الحديث لم يروه عن خيثمة بل رواه عن إبراهيم بن عبد اللَّه بن مهران الرملى:
ثنا ميمون بن مهران بن مخلد بن أبان الكاتب ثنا أبو النعمان عارم بن الفضل
ثنا قدامة بن النعمان عن الزهرى عن أنس به، فدل على أن الذهبى يريد بكلامه هذا حديثا آخر، وإن نص على أن هذا باطل في ترجمة قدامة بن النعمان [3/ 386]، لكن الشارح لم ينقل إلا كلامه في ترجمة أحمد بن محمد بن جورى، ولو وقف على كلامه في ترجمة قدامة لطول الكتاب بذكره، ثم إنه يستغرب من المؤلف ذكر هذا الحديث هنا مع أنه جزم ببطلانه ووضعه فأورده في ذيل اللآلئ، ونقل عن ابن الجوزى أنه قال في الواهيات: لا أصل له وابن جورى يحدث عن مجاهيل اهـ. فكان الواجب ألا يذكره في هذا الكتاب، وكان على الشارح أن ينبه على ذلك، ولكنه يسكت في محل الحاجة ويتكلم فيما لا يعنيه فيأتى بالطامات.
والحديث أسنده الخطيب [4/ 410] عن أحمد بن محمد بن جورى من طريقين، أحدهما: عن أبي نعيم عنه، وقد خرجه الديلمى في مسند الفردوس عن الحداد عن أبي نعيم فهو المخرج الأول للحديث.
2315/ 5636 - "عُودُوا المرْضَى وَاتَّبِعُوا الجَنَائزَ تُذَكِّرْكُمُ الآخرَةَ".
(حم. حب. هق) عن أبي سعيد
قلت: أخرجه أيضًا ابن المبارك في الزهد [ص 83 - 84] قال: أخبرنا همام عن قتادة عن أبي عيسى الأسوارى عن أبي سعيد به.
ورواه البخارى في الأدب المفرد [رقم 518]:
حدثنا موسى بن إسماعيل ثنا أبان بن يزيد ثنا قتادة به.
وفي الباب عن عوف بن مالك رواه الطبرانى في الكبير مختصرا [18/ 66]، وهو في نسخة أبي صالح: كاتب الليث مطولا من روايته عن ابن وهب عن يزيد بن عياض عن الأعرج عن أبي هريرة.
2316/ 5637 - "عُودُوا المرْضَى وَمُرُوهُمْ فَلْيَدْعُوا لَكُمْ، فَإنَّ دَعْوَة المرِيضِ مُسْتَجَابَةٌ وَذَنْبَهُ مَغْفُورٌ".
(طس) عن أنس
قال في الكبير: وضعفه المنذرى.
قلت: أى: لأنه من رواية عبد الرحمن بن قيس الضبى، وهو ضعيف. ومن طريقه أيضًا أخرجه الثقفى في الخامس من الثقفيات قال:
حدثنا محمد بن إبراهيم بن جعفر الجرجانى إملاء أنا محمد بن الحسين بن الحسين النيسابورى ثنا سهل بن عمار العتكى ثنا عبد الرحمن بن قيس ثنا هلال بن عبد الرحمن ثنا عطاء بن أبي ميمون أبو معاذ عن أنس به مثله، وله شاهد من حديث عمر تقدم في حرف الهمزة بلفظ:"إذا دخلت على مريض فمره يدعو لك. . . " الحديث.
2317/ 5639 - "عَوِّدُوا قُلوبكم التَّرقُّبَ، وَأكْثِرُوا التَّفَكُّرَ وَالاعْتِبَار".
(فر) عن الحكم بن عمير
قال في الكبير: وفيه يحيى بن سعيد العطار، قال ابن عدى: بَيِّنُ الضعف، وعيسى بن إبراهيم القرشى، قال ابن معين: ليس بشيء، وتركه أبو حاتم، وموسى بن أبي حبيب ضعفه أبو حاتم.
قلت: لا دخل ليحيى بن سعيد العطار فيه، وإنما علته موسى بن أبي حبيب أو الراوى عنه فقد قال الذهبى [4/ 202] في موسى: له عن الحكم بن عمير رجل قيل: له صحبة، والذي أرى أنه لم يلقه، وموسى مع ضعفه متأخر عن لقى صحابى كبير، وإنما عرف له رواية عن على بن الحسين اهـ.
وقال أبو حاتم [3/ 125] في ترجمة الحكم بن عمير: روى عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يذكر السماع ولا اللقاء- أحاديث منكرة من رواية ابن أخيه موسى بن أبي حبيب، وهو ذاهب الحديث، ويروى عن موسى عيسى بن إبراهيم وهو ذاهب الحديث اهـ.
وعلى كل فالحديث باطل موضوع كان على المصنف ألا يذكره، ثم إن الذي رأيته في زهر الفردوس:"وأكثروا التفكر والبكاء" بدل: و"الاعتبار"، وهو عند الديلمى من طريق ابن السنى [رقم: 4011]:
ثنا أبو عروبة ثنا محمد بن المصفى ثنا يحيى بن سعيد العطار أخبرنا عيسى بن إبراهيم القرشى عن موسى بن أبي حبيب عن عمه الحكم بن عمير به.
2318/ 5645 - "عُوَيمِرُ حكيمُ أمَّتِى، وَجُنْدَبُ طَرِيدُ أمَّتِى يَعِيشُ وَحْدَهُ وَيمُوتُ وَحْدَهُ".
الحارث عن أبي المثنى المليكى مرسلًا
قال في الكبير: لعل صوابه: الأملوكى بفتح الهمزة وسكون الميم وضم اللام وآخره كاف نسبة. . . إلخ.
قلت: هذا وهم من وجهين، أحدهما: الأملوكى بضم الهمزة لا بفتحها (1).
ثانيهما: قوله: لعل صوابه الأملوكى -عبارة توهم أن الخطأ فيه وقع من المؤلف، وليس كذلك، بل هو في مسند الحارث بن أبي أسامة: المليكى كما نقله المؤلف.
قال الحارث:
حدثنا داود بن رشيد ثنا محمد بن حرب عن صفوان عن أبي المثنى المليكى به، هكذا هو بخط الحافظ نور الدين في زوائد مسند الحارث المسمى بغية
(1) وقد نص على ذلك السمعانى في الأنساب (1/ 208).
الباحث [رقم: 1022]، وهكذا يقوله كثير من الرواة، وإن خَطَّأَ أبو حاتم [4/ 468] من يقول ذلك وجزم بأنه الأملوكى.
2319/ 5646 - "عِيَادَةُ المرِيضِ أعْظَمُ أجْرًا مِنَ اتِّباع الجنَائز".
(فر) عن ابن عمر
قال في الكبير: ورواه عنه عبد الرزاق وأبو الشيخ وغيرهما.
قلت: الشارح كذاب جاهل بل أجهل خلق اللَّه بالرجال على الإطلاق فهذه طامة لا يأتى بها من شم للعلم، بل وللعقل رائحة، نسأل اللَّه السلامة والعافية من الوقوع في مثل هذه الفضيحة، فاسمع من أين أخذ كون عبد الرزاق خرج الحديث، وتعجب من جهله ومن كذبه في قوله: وغيرهما، قال الديلمى [4111 - مكرر]:
أخبرنا الحداد أخبرنا عبد الرزاق الخطيب أخبرنا أبو الشيخ حدثنا أحمد بن جعفر الحمال ثنا يعقوب بن إسحاق ثنا عبد الرحمن بن علقمة ثنا محمد بن الفضل عن أبي عبد اللَّه القرشى في أبي مجلز عن ابن عمر به.
فلما وقع في السند ذكر عبد الرزاق جعله هذا الجاهل عبد الرزاق الصنعانى الإمام الكبير المتقدم الوفاة الذي توفى سنة إحدى عشرة ومائتين مع أن المذكور في السند يروى عن أبي الشيخ الذي كانت وفاته سنة تسع وستين وثلاثمائة، والراوى عنه هو أبو على الحداد الذي كانت وفاته سنة خمس عشرة وخمسمائة، فاعجب لغفلة هذا الرجل مع أن عبد الرزاق المذكور في السند موصوف بالخطيب، وعبد الرزاق الصنعانى لا يوصف بذلك، هذا والحديث في نقدى باطل موضوع.
2320/ 5647 - "عَيْنَان لا تَمَسُّهُمَا النَّارُ أبَدا: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ".
(ع) والضياء عن أنس
قلت: وهم الشارح فكتب في نسخته رمز الترمذى بدل رمز أبي يعلى، ثم قال في الكبير: وعزاه الذهبى لأبي داود، قال المناوى: -يعنى: الشرف- وهو وهم، وعزاه الهيثمى لأبي يعلى، وقال المنذرى: رجاله ثقات اهـ.
والحديث لم يخرجه الترمذى إلا من حديث ابن عباس، وما عزاه المصنف له إنما عزاه لأبي يعلى كما في نسخ المتن.
2321/ 5648 - "عَيْنَان لا تَريَانِ النَّارِ: عينٌ بَكَتْ وَجَلًا مِن خَشْيَةِ اللَّه، وعَينٌ بَاتَتْ تكلأَ في سَبيل اللَّه".
(طس) عن أنس
قال في الكبير: وفيه زافر بن سليمان قال ابن عدى: لا يتابع على حديثه، وشبيب بن بشر أورده الذهبى في الضعفاء، وقال: قال أبو حاتم: لين الحديث.
قلت: ليس كل من يورده الذهبى في الميزان ضعيفا، فإنه التزم أن يورد كل من تكلم فيه بحق أو بباطل، وشبيب صدوق يقع منه بعض الخطإ، وقد وثقه ابن معين وغيره، فلا ينبغى أن يعلل به الحديث أصلا لاسيما وهو ثابت من طرق أخرى حققت عدم وقوع الخطإ منه فيه.
والحديث أخرجه أيضًا أبو نعيم في الحلية [7/ 119] عن أبي الشيخ:
ثنا محمد بن شعيب ثنا الحسن بن على الخلال ثنا زافر بن سليمان الكوفى عن سفيان عن إسرائيل عن شبيب عن أنس به.
2322/ 5649 - "عَيْنَان لا تُصيبهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيل اللَّه".
(ت) عن ابن عباس
قال الشارح: وإسناده ضعيف، وقال في الكبير: رواه (ت) من حديث عطاء الخراسانى عن ابن عباس، وذكر أن الترمذى قال في العلل: سألت البخارى. . . إلخ.
قلت: ما نقله من قول البخارى في عطاء الخراسانى هو معتمده في الحكم بضعف سنده، وهو خطأ منه، فإن الحديث حسنه الترمذى [رقم 1639] وهو كذلك لو انفرد به عطاء، فإنه ثقة من رجال مسلم فكيف مع تعدد طرقه؟! ثم إن قوله في الكبير: إن الترمذى رواه من حديث عطاء الخراسانى عن ابن عباس -غلط أيضًا، بل الترمذى رواه من حديث عطاء الخراسانى عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس، ولو رواه من حديث الخراسانى عن ابن عباس لنص على انقطاعه وإرساله، فإن الخراسانى لم يلق ابن عباس، ولا أحدا من الصحابة إلا أنس بن مالك فيما قيل (1)، وقد رواه عثمان بن عطاء الخراسانى عن أبيه فقال: عن ابن عباس، دون ذكر عطاء بن أبي رباح كما حكاه أبو نعيم في الحلية بعد أن أخرج هذا الحديث من روايته عن عطاء بن أبي رباح (2) كالجادة ولكن عثمان ضعيف فلا عبرة بقوله فضلا عن مخالفته.
2323/ 5650 - "العَائِدُ فِي هبتِه كَالعَائد في قَيْئه".
(حم. ق. د. ن. هـ) عن ابن عباس
قلت: هذا الحديث يروى عن ابن عباس من طرق، كما أنه يروى عن النبي
(1) انظر جامع التحصيل (ص 238).
(2)
انظر مسند الشهاب (رقم 320)، وفتح الوهاب (1/ 298)، عن عثمان به مثل رواية الترمذى.
-صلى الله عليه وسلم من حديث جماعة من الصحابة منهم: عمر بن الخطاب، وابنه عبد اللَّه، وعبد اللَّه بن عمرو بن العاص، وأبو هريرة، وجابر، وأنس بن مالك، وأبو بكر الصديق، وبعض الصحابة، ومرسلا عن طاوس والحسن، وقد ذكرت أسانيد الجميع مع طرق حديث ابن عباس في مستخرجى على مسند الشهاب [1/ 260].
2324/ 5652 - "العَارِيَةُ مُؤَدَّاةٌ، والمنيحَةُ مَرْدُودَةٌ والدَّيْنُ مَقْضِيٌّ، والزَّعِيمُ غَارِمٌ".
(حم. د. ت. هـ) والضياء عن أبي أمامة
قال في الكبير: قال الهيثمى: رجال أحمد ثقات.
وقال ابن حجر: فيه إسماعيل بن عياش رواه عن شامى، وهو شرحبيل بن مسلم، وضعفه به ابن حزم ولم يصب، وهو عند الترمذى في الوصايا أتم سياقا، كذا ذكره في تخريج الرافعى، لكنه جزم في تخريج الهداية بضعفه.
قلت: هذا غلط فاحش من وجهين، أحدهما: أن الحافظ نور الدين لم يذكر حديث أبي أمامة هذا ولا تكلم عليه، ولا يمكن أن يورده لأنه ليس من الزوائد، بل هو من الأحاديث المخرجة في السنن الأربعة، وإنما أورد [4/ 145] حديث سعيد عمن سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:"ألا إن العارية مؤداة. . " الحديث، وقال: رواه أحمد ورجاله ثقات اهـ.
وسعيد هو المقبرى كما هو مصرح به في المسند، فإن أحمد قال [5/ 293]:
حدثنا على بن إسحاق أنا ابن المبارك ثنا عبد الرحمن بن جابر (1) قال: حدثنى سعيد بن أبي سعيد عمن سمع النبي صلى الله عليه وسلم به، وهذا الذي سمع النبي صلى الله عليه وسلم
(1) هكذا في المخطوط وفي مسند أحمد (5/ 293): عبد الرحمن بن يزيد عن جابر.
هو أنس بن مالك كما بينه الطبرانى في مسند الشاميين فقال:
حدثنا أحمد بن أنس بن مالك ثنا هشام بن عمار ثنا محمد بن شعيب ثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن سعيد المقبرى عن أنس بن مالك قال: إنى تحت ناقة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يسيل على لعابها فسمعته يقول، وذكره.
فهذا حديث آخر خلاف حديث الباب الذي تكلم عليه الحافظ، فإنه من رواية إسماعيل بن عياش: ثنا شرحبيل بن مسلم قال: سمعت أبا أمامة فذكره، رواه الطيالسى في مسنده [ص 154] عن إسماعيل بن عياش ورواه أهل السنن وغيرهم من طريق جماعة عنه.
ثانيهما: أن الحافظ لم يختلف قوله في هذا الحديث ولا جزم في تخريج أحاديث الهداية بضعفه كما افتراه عليه الشارح، وإنما ذلك من قلة درايته وسوء فهمه، قال الحافظ في إتمام الدراية لتخريج أحاديث الهداية ما نصه: أخرجه أبو داود [رقم 3565]، والترمذى [رقم 1265]، وأحمد [5/ 267]، والطيالسى [ص 154]، وابن أبي شيبة [6/ 145]، وعبد الرزاق [8/ 181]، وأبو يعلى، والدارقطنى [3/ 40 - 41] من حديث أبي أمامة، وأخرجه الطبرانى في مسند الشاميين من حديث أنس بن مالك، وابن عدى من حديث ابن عباس [1/ 314] في ترجمة إسماعيل بن زياد، وهو ضعيف اهـ. فقوله: وهو ضعيف راجع إلى إسماعيل بن زياد الذي خرج ابن عدى حديث ابن عباس في ترجمته، فيكون الضعيف حديث ابن عباس لا حديث أبي أمامة، والعجب أن الحافظ ذكر هذا أيضًا بِأَبْيَنَ منه في تخريج أحاديث الرافعى الذي نقل منه الشارح أوله وترك آخره، فإنه قال بعدما نقله عنه الشارح بسطرين أو ثلاثة [3/ 47] ما نصه: وقد رواه ابن ماجه [رقم 2399] والطبرانى في مسند
الشاميين من طريق سعيد بن أبي سعيد عن أنس، وأخرجه ابن عدى من حديث ابن عباس في ترجمة إسماعيل بن زياد السكونى وضعفه. . . إلخ كلامه، أى: وضعف ابن عدى إسماعيل بن زياد الذي خرج في ترجمته حديث ابن عباس، فيكون أيضًا ضعيفا من أجل ضعف راويه، أما حديث أبي أمامة فما ضعفه الحافظ أصلا.
2325/ 5653 - "العَافِيَةُ عَشَرَةُ أجْزَاءٍ: تِسْعَةٌ فِي الصَّمْتِ وَالعَاشِرُ فِي العُزْلَةِ عَنِ النَّاسِ"
(فر) عن ابن عباس
قال في الكبير: قال الحافظ العراقى: هذا حديث منكر.
قلت: بل هو موضوع، والحافظ العراقى تارة يحجم عن التصريح بالوضع فيعبر بالمنكر، وتارة يعبر بالمنكر عن الموضوع كسائر الحفاظ، والحديث موضوع بلا شك، قال الديلمى [رقم 4231]:
أخبرنا أبي أخبرنا أبو الحسن الإمام ثنا عثمان بن أحمد ثنا محمد بن عمر بن حفص ثنا إسحاق بن الفيض ثنا أحمد بن جميل عن السلمى عن الخطاب عن داود بن سريج عن ابن عباس به، فحال السند كما ترى، والمتن ظاهر البطلان.
2326/ 5654 - "العَافيةُ عَشْرَةُ أجْزَاء: تِسْعَة فِي طَلَبِ المعِيشَة، وَجُزْء فِي سَائِرِ الأشْيَاءِ".
(فر) عن أنس
قلت: هذا كذب، والعجب من المصنف في إيراد مثل هذه الأكاذيب المكشوفة الركيكة المتناقضة الظاهرة الوضع والبطلان، قال الديلمى [رقم: 4053]:
أخبرنا أبي أخبرنا محمد بن الحسين السعيدى ثنا أبو سعد خلف بن عبد الرحمن الرازى -قدم همدان- ثنا محمد بن جعفر ثنا محمد بن أحمد الصفار ثنا محمد بن معاذ بن فروة ثنا سحبان بن جنهان ثنا على بن إبراهيم ثنا حماد ابن سلمة عن ثابت عن أنس به.
2327/ 5655 - "الْعَالِمُ أمِينُ اللَّهِ فِي الأرْضِ".
ابن عبد البر في العلم عن معاذ
قال في الكبير: قال الحافظ العراقى: سنده ضعيف اهـ. وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجًا لأحد ممن وضع لهم الرموز، وإلا لم أبعد النجعة، مع أن أبا يعلى والديلمى خرجاه باللفظ المزبور.
قلت: أما كون أبي يعلى خرجه فكذب من الشارح، وأما الديلمى فنعم، قد أخرجه من طريق الحاكم في التاريخ [رقم 4204] قال:
حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى ثنا زكرياء بن داود البزاز ثنا أحمد بن سفيان ثنا عيسى بن إبراهيم عن الحكم الأيلى عن عبادة بن نسى عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ به.
ولكن تقديم الديلمى في العزو على ابن عبد البر من جهل الشارح أو تعنته، بل الصواب والأفضل ما فعل المؤلف، فإن مصنفات ابن عبد البر معتبرة وأحاديثها نقية بخلاف مسند الفردوس، فإنه مجموعة أكاذيب وأباطيل وموضوعات، والأحاديث الثابتة فيه مما انفرد به أعز من الكبريت الأحمر وأندر من الغراب الأبقع، فما يقول: إن العزو إليه أولى إلا مثل الشارح.
2328/ 5656 - "العَالِمُ وَالمتَعَلِّمُ شَرِيكَانِ فِي الخَيْرِ، وَسَائِرُ النَّاسِ لا خَيْرَ فِيهِ".
(طب) عن أبي الدرداء
قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، وليس ذا منه بحسن، فقد أعله الهيثمى بأن فيه معاوية بن يحيى الصدفى، قال ابن معين: هالك ليس بشيء.
قلت: قدمنا مرارا أن الحافظ الهيثمى يحكم على الحديث بالنسبة للطريق التي أمامه فقط، غير ناظر إلى ما فيه من العلل، ولا إلى ماله من الشواهد والمتابعات لذلك قد يقول عن حديث: إنه صحيح أو حسن ويكون في الواقع ضعيفا، بل باطلا؛ لكونه معلولا بعلة لا تظهر من ذلك السند بل من أسانيد أخرى ليس من شرط الهيثمى أن يبحث عنها أو يتعرض لها لأنها ليست من موضوع كتابه، وقد يقول عن الحديث: إنه ضعيف ويكون حسنا أو صحيحا لوجوده من طرق أخرى ليست هي أيضًا من شرط الهيثمى ولا من موضوع كتابه.
أما المؤلف فإنه يحكم على المتن من حيث هو لا باعتبار سند مخرج واحد وطريق واحد، وإنما لا يذكر المخرجين والطرق أحيانا؛ لاختلاف ألفاظ المتن الذي يحكم عليه اصطلاح كتابه أن يكرره مرارا ويفرقه في مواضع بحسب أول لفظه كما هو معلوم.
وهذا الحديث هو صحيح عن أبي الدرداء موقوفًا عليه من طرق، كذلك أخرجه أحمد في الزهد [ص 169] من رواية جبير بن نفير، وابنه عبد اللَّه بن أحمد في زوائده [ص 169]، وأبو نعيم في الحلية [1/ 212 - 213]، وابن عبد البر في العلم [رقم 138، 140] من رواية سالم بن أبي الجعد، وابن المبارك في الزهد [ص 191]، والآجرى في العلم، وعبد اللَّه بن أحمد في زوائد الزهد [ص 170] من رواية خالد بن معدان، وأبو نعيم في الحلية [1/ 212] من رواية نعمان بن عامر كلهم عن أبي الدرداء به من قوله، وخالفهم معاوية بن يحيى فرواه عن يونس بن ميسرة عن أبي إدريس الخولانى
عن أبي الدرداء مرفوعًا (1)، فوجب أن تكون روايته ضعيفة منكرة لهذه المخالفة، إلا أن إثبات الأجر أو الخير للعالم والمتعلم ونفيه عن سائر الناس حكم شرعى لا يعرف من غير توقيف، فأبو الدرداء إذا حدث بهذا مرارا من قوله لا يدل على أنه ليس هو عنده مرفوعًا، ولا على أنه لم يحدث به كذلك، بل قد عرف من عادتهم أنهم يحدثون أحيانا بالحديث المرفوع ولا يرفعونه وربما تكرر ذلك منهم ولا يبينون رفعه إلا عند السؤال، ويؤيد كونه مرفوعًا وروده كذلك من طرق أخرى فقد أخرجه ابن ماجه [رقم 228]، والآجرى، والبزار، والخطيب [2/ 212]، وابن عبد البر [رقم 136، 137] كلهم من رواية على بن زيد عن القاسم عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
وأخرجه الطبرانى في الكبير [10/ 10461]، وأبو نعيم في الحلية [1/ 376] من طريق الربيع بن بدر عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد اللَّه عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.
وأخرجه أبو بكر بن خير الإشبيلى في فهرسته [ص 6] من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو من رواية زيد بن عبد اللَّه بن مسعود الهاشمى عن الحسن بن محمد المعروف بأبى المعمر عن الحسن بن الصباح عن عثمان بن عمر عن يونس عن الزهرى عن قبيصة عن أبي هريرة.
وأخرجه ابن عبد البر في العلم [رقم 133] من حديث أبي سعيد الخدرى، لكنه وهم من بعض رواته لأنه بسند حديث أبي الدرداء، ويشهد له مع هذا حديث:"الدنيا ملعونة"، وهو حديث حسن أو صحيح كما سبق.
2329/ 5657 - "العَالمُ إذَا أرَادَ بعلْمه وَجْهَ اللَّهِ هَابَهُ كُلُّ شَيءٍ، وَإذَا أرَادَ أنْ يكْثِرَ بِهِ الكُنُوزَ هَابَ مِنْ كُلِّ شَيءٍ".
(فر) عن أنس
(1) انظر مسند الشهاب للقضاعى (رقم 279)، وانظر فتح الوهاب للمؤلف (1/ 246).
قال في الكبير: وفيه الحسن بن عمرو القيسى، قال الذهبى: مجهول.
قلت: هو حديث موضوع باطل يتعجب من المصنف في ذكره، رواه الديلمى [رقم 4201]:
عن بنجير عن جعفر الأبهرى عن أبي القاسم على بن أحمد بن إبراهيم الحافظ عن أحمد بن محمد بن مهدى الأهوازى عن الحسن بن عمرو القيسى المروزى عن مقاتل بن صالح الخراسانى عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس به.
2330/ 5658 - "العَالِمُ سُلْطَانُ اللَّه فِي الأرْضِ، فَمَنْ وَقَعَ فِيهِ فَقَدْ هَلَكَ".
(فر) عن أبي ذر
قلت: هذا كذب مكشوف وليس له عند الديلمى إسناد كما ذكر الشارح.
2331/ 5659 - "العَالمُ والعلْمُ وَالعَمَلُ في الجَنَّة، فَإذَا لَمْ يَعْمَل العَالمُ بمَا يَعْلَم كَانَ العِلْمُ وَالعَمَلُ فِي الجَنَّةِ، وَكَانَ العَالِمُ فِي النَّارِ".
(فر) عن أبي هريرة
قلت: والكذاب والكذب، ولا سيما على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في النار، فإذا ثبت الكذب في الحديث كان الحديث الصحيح في الجنة والكذاب على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في النار كمفترى هذا الحديث قبحه اللَّه.
قال الشارح في الكبير: فيه الحسن بن زياد أى اللؤلؤى، قال الذهبى: كذبه ابن معين وأبو داود.
قلت: هذا غلط من وجوه، أحدها: أن الحسن بن زياد اللؤلؤى وإن
كذبوه فإنه لا يحتمل مثل هذا الباطل.
ثانيهما: أن المذكور في السند ليس هو اللؤلؤى، فإن اللؤلؤى من أصحاب أبي حنيفة، وهذا الخبر رواه أبو نعيم عن أبي بكر الطلحى عن الحضرمى عن الحسن بن زياد فهو أصغر من صاحب أبي حنيفة.
ثالثها: أن علة الحديث ظاهرة كالشمس لمن له خبرة بالحديث، فإن الحسن ابن زياد رواه عن سليمان بن عمرو عن نعيم المجمر عن أبي هريرة، وسليمان ابن عمرو هو أبو داود النخعى، وهو من مشاهير الوضاعين.
2332/ 5667 - "العَبْدُ مِنَ اللَّهِ، وَهُوَ مِنْهُ مَا لَمْ يَخْدِمْ، فَإذَا خَدَمَ وَقَعَ عَلَيْهِ الحِسَابُ".
(ص. هب) عن أبي الدرداء
قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، وفيه إسماعيل بن عياش وفيه خلاف.
قلت: ومع كونه وثق فقد ورد من غير طريقه، كما سأذكره، وقد أخرج الحديث من طريقه أيضًا الدينورى في المجالسة فقال:
حدثنا أبو قلابة ثنا داود ابن عمرو ثنا إسماعيل بن عياش عن مطعم بن المقدام الصنعانى عن محمد بن واسع الأزدى قال: كتب أبو الدرداء إلى سلمان:
من أبي الدرداء إلى سلمان، أما بعد: يا أخى إنى أنبئتُ أنك اشتريت خادما، وإنى سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:"العبد من اللَّه. . . " وذكر مثله.
وأما متابعة إسماعيل بن عياش فأخرجها الديلمى من طريق أبي بكر بن شاذان [رقم: 4260] قال:
حدثنا أحمد بن سليمان بن ريان ثنا هشام بن عمار ثنا صدقة بن خالد ثنا ابن جابر عن محمد بن واسع عن أبي الدرداء أنه كتب إلى سلمان: يا أخى أنبئت. . فذكر مثله.
2333/ 5671 - "العَبْدُ الْمُطِيعُ لِوَالِدَيْهِ وَلِرَبِّهِ فِي أعْلَى علِّيِّينَ".
(فر) عن أنس
قال الشارح: وإسناده ضعيف.
وقال في الكبير: ورواه عنه أبو نعيم وعنه تلقاه الديلمى مصرحا فلو عزاه للأصل لكان أولى.
قلت: هذا غلط من وجهين، الأول: أن الديلمى لم يخرجه من طريق أبي نعيم بل قال الديلمى [رقم: 4071]:
أخبرنا أبي حدثنا أبو طالب الحسينى ثنا إسماعيل بن الحسن بن محمد الحسينى النقيب ثنا محمد بن على بن الفضل الخزاعى أخبرنا على بن محمد بن محمد ابن عقبة الكوفى ثنا الخضر بن أبان ثنا أبو هدبة عن أنس به بلفظ: "العبد المطيع لوالديه، والمطيع لرب العالمين في أعلى عليين" اهـ.
فذكر أبي نعيم من أكاذيب الشارح.
الثانى: أن الحديث ليس بضعيف كما قال الشارح، بل هو موضوع لا يشك فيه من له خبرة بالحديث، وحال أبي هدبة أشهر من أن يخفى.
2334/ 5673 - "العُتُلُ الزَّنِيمُ الفَاحِشُ اللَّئِيمُ".
ابن أبي حاتم عن موسى بن عقبة مرسلًا
قال في الكبير: فظاهر صنيع المصنف أنه لم يره لأعلى ولا أحق بالعزو من
ابن أبي حاتم ولا مسندا وهو ذهول عجيب، فقد خرجه الإمام أحمد عن عبد اللَّه بن غنم الأشعرى، قال ابن منده: وله صحبة.
قلت: في هذا أمور، الأول: الكذب، فإن الحديث الذي خرجه أحمد غير هذا، قال أحمد [4/ 227]:
حدثنا وكيع ثنا عبد الحميد (1) عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم قال: "سئل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن العتل الزنيم، فقال: هو الشديد الخلق المصحح الأكول الشروب الواجد للطعام والشراب، الظلوم للناس رحيب الجوف" اهـ. فأين هذا من حديث الباب؟!.
الثانى: أن هذا الحديث مرسل أيضًا، فإن عبد الرحمن بن غنم ليس بصحابى على الصحيح.
الثالث: أن هذا المتن الذي خرجه أحمد مرسلا قد ذكره المصنف قبل هذا مسندا من حديث أبي الدرداء، وعزاه لابن مردويه.
الرابع: أن ابن غنم اسمه: عبد الرحمن لا عبد اللَّه.
2335/ 5677 - "العَجَمُ يَبْدَءُونَ بِكِبَارِهِمْ إذَا كَتَبُوا، فَإِذَا كَتَبَ أحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأ بِنَفْسِهِ".
(فر) عن أبي هريرة
قال في الكبير: وفيه محمد بن عبد الرحمن المقدسى، قال الذهبى في الضعفاء: متهم، وفي الباب: ابن عباس، وجابر، وأبو ذر، وأنس، وأبو رمثة، وعائشة، والجهدمة، وأبو الطفيل، وجابر بن سمرة، وغيرهم.
(1) في المطبوع من المسند: عبد الرحمن.
قلت: في هذا أمران، أحدهما: ليس في الباب هؤلاء بل ولا واحد منهم، والشارح يهرف بما لا يعرف، وكأنه رأى الديلمى أو غيره ذكر ذلك فظن أن المراد أن كل هؤلاء رووا هذا الحديث، وليس الأمر كذلك، بل إن كان أحد من الحفاظ ذكر هؤلاء فغرضه أنهم كانوا يكتبون فيبدءون بأنفسهم.
ثانيهما: أغفل الشارح كون ابن الجوزى ذكر هذا الحديث في الموضوعات [3/ 81]، فأورده من عند العقيلى ثم من رواية محمد بن عبد الرحمن -القشيرى- وهو المقدسى عن مسعر بن كدام عن المقبرى عن أبي هريرة به، ثم نقل عن العقيلى أنه قال: محمد بن عبد الرحمن القشيرى مجهول بالنقل، وحديثه منكر ليس له أصل ولا يتابع عليه اهـ. وتعقبه المؤلف بوروده من وجه آخر من حديث أبي الدرداء عند الطبرانى في الأوسط [رقم 2347]، ومن حديث النعمان بن بشير عنده في الكبير وهو مختصر، وبفعل بعض الصحابة، كالعلاء بن الحضرمى مع النبي صلى الله عليه وسلم، وابن عمر مع أبيه، وأبي عبيدة بن الجراح، وخالد بن الوليد مع عمر بن الخطاب أيضًا، ويقول سلمان الفارسى رضي الله عنه: لم يكن أحد أعظم حرمة من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وكان أصحابه إذا كتبوا إليه يكتبون: من فلان إلى محمد رسول اللَّه.
أخرجه البيهقى [10/ 130]، وذكر أسانيد هذه الآثار كلها في اللآلئ [2/ 292 - 291]، وقال في التعقبات بعد حكاية نقد ابن الجوزى:
قلت: له شاهد أخرجه أبو داود [5134، 5135] والحاكم وصححه [3/ 636، 4/ 273] عن العلاء الحضرمى أنه كان عامل النبي صلى الله عليه وسلم على البحرين، فكان إذا كتب إليه بدأ بنفسه اهـ.
قلت: وفي صحة هذا الخبر نظر، والمقصود أن قول الشارح: وفي الباب. . إلخ من ذكرهم -لا أصل له.
2336/ 5682 - "العِدَةُ دَيْنٌ".
(طس) عن على، وعن ابن مسعود
قال في الكبير: ورواه القضاعى في الشهاب بهذا اللفظ، وقال: إنه حديث حسن.
قلت: القضاعى لا يخرج في الشهاب، ولا ينص على حسن ولا ضعف وإنما خرجه في مسند الشهاب، وما قال: حسن ولا يقول ذلك، لأنه ليس بحسن، ثم إن ظاهر صنيع المصنف في قوله: عن على وعن ابن مسعود بتكرار حرف "عن" دون الاكتفاء بواو العطف -أن له عند الطبرانى عن كل واحد منهما سندا، والواقع أن السند إليهما واحد، فقد قال الطبرانى في الصغير [رقم: 411]:
ثنا حمزة بن داود بن سيمان بن الحكم بن الحجاج الثقفى المؤدب، حدثنا سعيد بن مالك ثنا عبد اللَّه بن محمد بن أبي الأشعث ثنا الأعمش عن إبراهيم عن علقمة والأسود عن على وعبد اللَّه بن مسعود معا عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ورواه القضاعى [رقم: 7] من طريق أبي الحسن على بن عبد اللَّه قال:
حدثنا أبو يعلى حمزة بن داود به فقال: عن على وحده.
نعم له سند آخر عن على من رواية أهل البيت.
2337/ 5683 - "العدَةُ دَيْنٌ، وَيْلٌ لمنْ وَعَدَ ثُمَّ أخْلَفَ، وَيْلٌ لمنْ وَعَدَ ثُمَّ أخْلَفَ، وَيْلٌ لمنْ وَعَدَ ثُمَ أخْلَف".
ابن عساكر عن على
قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أن هذا لم يخرجه أحد من المشاهير، وهو عجيب: فقد خرجه أبو نعيم وغيره.
قلت: هذا كذب على أبي نعيم، بل أبو نعيم خرجه بلفظ:"العدة عطية"، وقد ذكره المؤلف بعد هذا وعزاه إليه، والشارح رأى الديلمى أسنده من طريق أبي نعيم فعزاه إليه، وأطلق فأفاد أنه عنده في الحلية، وليس هو فيه، فكان عليه أن يقول: رواه الديلمى من طريق أبي نعيم، وسند هذا الحديث هو سند الذي قبله.
2338/ 5685 - "العَدْلُ حَسَنٌ، وَلكنْ في الأمَرَاء أحْسَنُ، السَّخَاءُ حَسَنٌ، وَلكنْ في الأغْنيَاء أحْسَنُ، الوَرعُ حَسَنٌ، وَلَكنْ في العُلَمَاءُ أحْسَنُ، الصَّبَرُ حَسَنٌ، وَلَكنْ في الفُقَراءُ أحْسَنُ، التَّوْبَةُ حَسَنٌ، وَلكِنْ فِي الشَّبَابِ أحْسَنُ، الْحَيَاءُ حَسَنٌ، وَلكِنْ فِي النِّسَاءِ أحْسَنُ".
(فر) عن على
قلت: والصدق حسن، ولكن في حديث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أحسن، والتحقيق حسن، ولكن في نقل الحديث أحسن، والكذب قبيح ولكن على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أقبح، والتهور قبيح، ولكن في نقل الحديث أقبح، فالعجب العجاب من المؤلف الذي يدعى أنه صان كتابه عن كل ما انفرد به وضاع أو كذاب ثم لا يستحى من إيراد مثل هذا الباطل البين.
قال الديلمى [رقم 4258]-المخرج لكل خرافة وبلية لا بارك اللَّه فيه ولا في أبيه الذي سبقه لجمع هذه الأكاذيب-:
أخبرنا أحمد بن نصر أخبرنا أبو الفرج بن أبي سعيد الوراق حدثنا عبد الرحمن بن حمادى ثنا على بن محمد الأديب ثنا عبدان بن يزيد الدقيقى ثنا
إبراهيم بن الحسين ثنا موسى بن إسماعيل المنقرى ثنا وهيب بن الورد ثنا أبو الزبير المكى عن جابر بن عبد اللَّه قال: "دخلت على على بن أبي طالب فقلت: ما علامة المؤمن؟ قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: ما علامة المؤمن؟ قال: ستة أشياء حسن ولكن في ستة من الناس أحسن: العدل حسن. . . " وذكره. وكأن واضعه قبحه اللَّه كان أعجميا يخبر عن المبتدإ المؤنث بالمذكر، فقال:"ستة أشياء حسن، والتوبة حسن"، وهذا لسان أعجمى غير عربى، ومن سياق المتن يعلم أن المؤلف كما أخطأ في إيراد مثل هذا الباطل أخطأ في موضعه، فإن موضعه على اصطلاحه حرف السين.
2339/ 5687 - "العَرَبُ للْعَرَبِ أكْفَاءٌ، وَالمَوَالِى أكْفَاءٌ للْمَوالِى إلا حَائِكٌ أو حَجَّامٌ".
(هق) عن عائشة
قلت: ما نطق بهذا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وعجبا للفقهاء من الحفاظ الذين يفرحون بمثل هذا ويوردونه محتجين به لمذهبهم، وقد ورد من وجوه أخرى كلها من أكاذيب المغرضين.
2340/ 5690 - "العُرْفُ يَنْقَطِعُ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ وَلا يَنْقَطِعُ فِيمَا بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ مَنْ فَعَلَهُ".
(فر) عن أبي اليسر
قال في الكبير: وفيه يونس، أورده الذهبى في الضعفاء وقال: مجهول.
قلت: ليت الشارح لم يفضح نفسه بالتعرض للكلام في الرجال، فيونس ابن عبيد المذكور في السند هو الإمام المشهور الثقة، صاحب الحسن البصرى، وهو من رجال الصحيح، والذي ذكره الذهبى رجل آخر هو أكبر
من هذا، لأن الذهبى قال: يونس بن عبيد كوفى، حدث عن البراء بن عازب لا يدرى من هو، وقد ذكره ابن حبان في الثقات. . إلخ، والذي في سند الحديث رواه عن الحسن، قال الديلمى [4267]:
أخبرنا الكاقجى إجازة ثنا أبو سعيد بن شاذان ثنا محمد بن عبد اللَّه الأصبهانى الصفار ثنا إسماعيل بن بحر العسكرى -ولقبه سمعان- ثنا إسحاق بن محمد بن إسحاق العمى ثنا أبي عن يونس بن عبيد عن الحسن عن أنس به، كذا وقع في أصلنا عن أنس خلاف ما في الجامع الصغير عن أبي اليسر، والحديث منكر.
2341/ 5693 - "العُطَاسُ منَ اللَّه وَالْتَثَاؤُبُ منَ الشَّيْطَان، فَإذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَضَعْ يَدَهُ عَلَى فيه، وَإذَا قَالَ: آه آه، فَإنَّ الشَّيْطَانَ يَضْحَكُ مِنْ جَوْفِه، وَإنَّ اللَّهَ عز وجل يُحب العُطَاسَ وَيكْرَهُ التَثَاؤُبَ".
(ت) وابن السنى في عمل اليوم والليلة عن أبي هريرة
قال في الكبير: رمز المؤلف لحسنه، وليس كما قال، فقد جزم الحافظ ابن حجر في الفتح بضعف سنده.
قلت: هذا كذب على الحافظ، ما أشار إلى ضعفه فضلا عن جزمه بذلك، وإنما ضعف الحافظ الحديث الآتى بعد هذا، وكيف يضعف هذا وهو في الصحيحين وغيرهما من طرق متعددة عن ابن أبي ذنب وغبره عن سعيد المقبرى عن أبيه عن أبي هريرة كما ذكره الحافظ نفسه؟!
غاية ما في الأمر أن الترمذى حسن هذه الرواية لأنها وقعت له من رواية ابن عجلان عن سعيد المقبرى عن أبي هريرة دون أبيه، ثم رواه الترمذى [رقم: 2747] من طريق يزيد بن هارون عن ابن أبي ذئب عن سعيد المقبرى عن أبيه
عن أبي هريرة ثم قال (ت): هذا حديث صحيح، وهو أصح من حديث ابن عجلان، وابن أبي ذئب أحفظ لحديث سعيد المقبرى وأثبت من ابن عجلان، ثم اسند عن يحيى بن سعيد قال: قال محمد بن عجلان: أحاديث سعيد المقبرى روى بعضها سعيد عن أبي هريرة وبعضها سعيد عن رجل عن أبي هريرة، فاختلطت على فجعلتها عن سعيد عن أبي هريرة اهـ.
والمقصود: أن الحديث صحيح المتن حسن الإسناد لأجل ما ذكر، وما قاله الشارح جهل بأن الحديث في الصحيحين من جهة، وكذب على الحافظ من أخرى.
2342/ 5694 - "العُطَاسُ، وَالنُّعَاسُ، وَالتَثَاؤُبُ فِي الصَّلاةِ، وَالحَيْضُ، وَالْقَئُ، وَالرُّعَافُ مِنَ الشَّيْطَانِ".
(ت) عن دينار
قال في الكبير: قيل: هو دينار القراظ بظاء معجمة، الخزاعى المدنى، تابعى كثير الإرسال: قال المناوى: ومدار الحديث على شريك، وفيه مقال معروف، فظاهر صنيع المصنف أن الترمذى تفرد به عن الستة، وليس كذلك، بل رواه ابن ماجه أيضًا في الصلاة عن دينار المذكور.
قلت: هذا خطأ من وجوه، الأول: أن دينارا هذا لم يقل أحد أنه القراظ، بل هذا غير هذا كما يعلم من كتب الرجال، وحكاية ذلك إنما هو كذب الشارح.
الثانى: أن علة الحديث ليس هو شريكا، بل هو أبو اليقظان عثمان بن عمير، فإنه مجمع على ضعفه، وشريك ثقة من رجال الصحيح، وما أظن الشرف المناوى قال ذلك، وإنما هو من وهم الشارح عليه.
الثالث: أن ابن ماجه لم يخرجه بهذا اللفظ، ولا وقع في روايته ذكر العطاس أصلا بل لفظه "البزاق، والمخاط، والحيض، والنعاس في الصلاة من الشيطان" وقد ذكره المصنف في حرف الباء سابقا وعزاه لابن ماجه.
2343/ 5704 - "العُلَمَاءُ قَادَةٌ، وَالمتَّقُونَ سَادَةٌ، وَمُجَالَسَتُهُمْ زِيَادَةٌ".
ابن النجار عن أنس
قال الشارح: ورواه الطبرانى عن ابن عباس بسند صحيح.
وقال في الكبير: ورواه الطبرانى في حديث طويل، قال الهيثمى: رجاله موثقون.
قلت: هذا خطأ فاحش من وجوه، الأول: قوله في الصغير: ورواه الطبرانى عن ابن عباس، فإنه كذب ما رواه عن ابن عباس، وإنما رواه عن ابن مسعود [9/ 105].
الثانى: قوله ذلك أيضًا يفيد: أنه رواه مرفوعًا كما هو في المتن، وإنما رواه عن ابن مسعود موقوفًا عليه من قوله.
الثالث: قوله في الصغير: بسند صحيح مع نقله في الكبير عن الهيثمى أنه قال: رجاله موثقون، ومعنى أنهم ضعفاء لكنهم وثقوا أى اختلف فيهم، وما كان سنده كذلك لا يكون صحيحًا.
الرابع: قوله في الكبير: ورواه الطبرانى في حديث طويل، فإنه يفيد أنه رواه مرفوعًا ومن حديث أنس، والأمر بخلاف ذلك، ونص الحافظ نور الدين في الزوائد الذي منه نقل الشارح هكذا، وعن عبد اللَّه بن مسعود أنه كان يقول:"المتقون سادة، والفقهاء قادة ومجالستهم زيادة"، قلت: ذكر هذا في حديث طويل رواه الطبرانى في الكبير ورجاله موثقون انتهى.
فاعجب لأمانة الشارح ومقدار تهوره، نسأل اللَّه السلامة.
ثم إن أثر ابن مسعود الطويل الذي أشار إليه الحافظ الهيثمى أخرجه أحمد في الزهد [ص 201] قال:
حدثنا عبد اللَّه بن يزيد ثنا سعيد -يعنى: ابن أبي أيوب- ثنى عبد اللَّه بن الوليد قال: سمعت عبد الرحمن بن حجيرة يحدث عن أبيه عن عبد اللَّه بن مسعود أنه كان يقول: "إنكم في ممر الليل والثهار في آجال منقوصة وأعمال محفوظة، والموت يأتى بغتة فمن يزرع خيرا يوشك أن يحصد رغبة، ومن يزرع شرًا يوشك أن يحصد ندامة، ولكل زارع مثل ما زرع لا يسبق بطئ بحظه، ولا يدرك مريض ما لم يقدر له، فمن أعطى خيرا فاللَّه تعالى أعطاه، ومن وقى شرا فاللَّه تعالى وقاه، والمتقون سادة. . "، وذكر مثله.
ورواه أبو نعيم في الحلية [1/ 133 - 134]:
ثنا محمد بن أحمد بن الحسين ثنا بشر بن موسى ثنا أبو عبد الرحمن المقرئ، هو عبد اللَّه بن يزيد به.
وقد ورد موقوفًا أيضًا على عبد اللَّه بن بسر المازنى قال البيهقى في الزهد [رقم 458]:
أخبرنا أبو أسامة محمد بن أحمد بن محمد بن القاسم المقرى الهروى بمكة أنبأنا الحسن بن رشيق المصرى ثنا محمد بن زريق بن جامع ثنا الحسين بن الفضل بن أبي حديرة ثنا المؤمل بن سعيد بن يوسف اليمامى قال: سمعت عبد اللَّه بن بسر المازنى صاحب النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "المتقون سادة والعلماء قادة، ومجالستهم عبادة، بل ذلك زيادة، وأنتم في ممر الليل والنهار في الآجال منقوصة، وأعمال محفوظة فأعدوا الزاد فكأنكم بالمعاد".
ثم إن حديث أنس خرجه أيضًا ابن حبان في الضعفاء فقال [3/ 18]:
حدثنا أحمد بن محمد بن الأزهر ثنا عيسى بن إسماعيل البغدادى ثنا مجاشع
ابن عمرو ثنا الليث بن سعد عن الزهرى عن أنس به، ولفظه:"الأنبياء سادة أهل الجنة والشهداء قواد أهل الجنة وحملة القرآن عرفاء أهل الجنة" ومجاشع وضاع، لكن للحديث طريق آخر من حديث على عليه السلام أخرجه الدارقطنى في سننه آخر البيوع [3/ 80]، والقضاعى في مسند الشهاب [رقم: 307]، والديلمى في مسند الفردوس [رقم: 402] والطوسى في أماليه أو السابع عشر كلهم من طريق إسحاق بن أحمد بن بهلول:
ثنا أبي ثنا الهيثم بن موسى عن عبد العزيز بن الحصين بن الترجمان عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن الحارث عن على عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الأنبياء قادة، والفقهاء سادة ومجالستهم زيادة" زاد الديلمى: "وأنتم في ممر الليل والنهار في آجال منقوصة، وأعمال محفوظة، والموت يأتيكم بغتة. . . " إلخ ما سبق عن ابن مسعود، وذلك مما يدل على أن الأصل في الحديث الوقف إما عن على وإما عن ابن مسعود ثم رفعه الضعفاء، وقد ورد عن على مرفوعًا أيضًا من وجه آخر أخرجه الطوسى في الثامن من أماليه بلفظ:"المتقون سادة، والفقهاء قادة، والجلوس إليهم عبادة" وقد ذكرت سنده في المستخرج.
2344/ 5710 - "العِلْمُ ثَلاثَةٌ: كِتَابٌ نَاطِقٌ، وَسُنَّةٌ مَاضِيَةٌ، وَلا أدْرِى".
(فر) عن ابن عمر
قال في الكبير: ظاهره أن الديلمى رفعه، وهو ذهول، بل صرح في الفردوس بعدم رفعه.
قلت: هو كذلك في مسند الفردوس موقوفًا والمؤلف واهم في عزوه إليه مرفوعًا، وهو عند الديلمى من طريق أبي نعيم [3/ 40]:
ثنا أبو عمرو بن حمدان ثنا الحسين بن سفيان ثنا إبراهيم بن المنذر ثنا عمر بن عصام، وكان من كبار أصحاب مالك عن مالك عن نافع عن ابن عمر به من قوله، وهو مشهور من رواية أبي حذافة السهمى أحمد بن إسماعيل عن مالك بهذا السند أيضًا موقوفًا رواه عند ابن صاعد وغيره، لكن أورده الذهبى في ترجمة محمد بن حمدون النيسابورى من تذكرة الحفاظ [3/ 808] من روايته عن أبي حذافة السهمى عن مالك عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم به، ثم قال: هذا لم يصح مسندا، ولا هو مما عد في مناكير أبي حذافة السهمى، فما أدرى كيف هذا وكأنه موقوف اهـ.
قلت: وقد أورده هو أيضًا في الميزان في ترجمة أبي حذافة [1/ 84] موقوفًا على ابن عمر، فكان الرفع وقع وهما ممن دونه، ولمالك فيه سند آخر عن ابن عمر موقوفًا أيضًا أخرجه ابن عبد البر [رقم: 1387] من رواية سعيد بن داود عن مالك عن داود بن الحصين عن طاويس عن ابن عمر به.
2345/ 5711 - "العِلْمُ حَيَاةُ الإسْلام وعمَادُ الإيمَان، وَمَنْ عَلَّمَ عِلْمًا أتَمَ اللَّهُ لَهُ أجْرَهُ وَمَنْ تَعَلَّمَ فَعَمِلَ عَلَّمَهُ اللَّهُ مَا لَمْ يَعْلَمْ".
أبو الشيخ عن ابن عباس
قلت: تصرف المؤلف في متن هذا الحديث ولفظه عند مخرجه أبي الشيخ على ما في مسند الفردوس للديلمى من طريقه [رقم 4010]: "العلم حياة الإِسلام وعماد الإيمان ومن علم علمًا أنمى -بدل قول المؤلف: أتم اللَّه له- أجره إلى يوم القيامة، ومن تعلم علمًا فعمل به كان حقا على اللَّه أن يعلمه ما لم يكن يعلم".
قال أبو الشيخ:
ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ثنا سعيد بن عمرو السكونى ثنا بقية عن أبي
مكرم بن حميد عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس به.
وجويبر متروك، والضحاك لم يلق ابن عباس، وشيخ بقية ما عرفته.
فائدة: هذا الحديث هو بمعنى الحديث المتداول: "من عمل بما علم ورثه اللَّه علم ما يعلم" ذكره الغزالى في الإحياء فقال عنه الحافظ العراقى [1/ 403 - إتحاف]: خرجه أبو نعيم في الحلية وضعفه اهـ. وهذا منه غريب، فإن أبا نعيم خرجه عن عثمان بن محمد العثمانى [10/ 14 - 15]:
حدثنى أحمد بن عبد اللَّه بن سليمان القرشى قال: سمعت أبا الحسن على ابن صالح بن هلال القرشى يقول: حدثنا أحمد بن أصرم المزنى العقيلى قال: سمعت يحيى بن معين يقول: التقى أحمد بن حنبل وأحمد بن أبي الحوارى بمكة فقال أحمد بن حنبل لأحمد بن أبي الحوارى: يا أحمد، حدثنا بحكاية سمعتها من أستاذك أبي سليمان الدارانى، فقال: يا أحمد قل: سبحان اللَّه بلا عجيب، فقال أحمد: سبحان اللَّه وطولها بلا عجب، فقال أحمد بن أبي الحوارى: سمعت أبا سليمان يقول: إذا اعتقدت النفوس على ترك الآثام جالت في الملكوت وعادت إلى ذلك العبد بطرائف الحكمة من غير أن يؤدى إليها عالم علمًا، قال: فقام أحمد بن حنبل ثلاثا وجلس ثلاثًا، وقال: ما سمعت في الإِسلام حكاية أعجب من هذه إليَّ ثم ذكر أحمد بن حنبل: عن يزيد بن هارون عن حميد الطويل عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من عمل بما علم ورثه اللَّه علم ما لم يعلم" ثم قال لأحمد بن أبي الحوارى: صدقت يا أحمد، وصدق شيخك، ثم قال أبو نعيم: ذكر أحمد بن حنبل هذا الكلام عن بعض التابعين عن عيسى بن مريم عليه السلام [فوهم بعض الرواة أنه ذكره عن النبي صلى الله عليه وسلم](1) فوضع هذا الإسناد عليه؛ لسهولته وقربه، وهذا الحديث لا يحتمل بهذا الإسناد عن أحمد بن حنبل اهـ.
(1) ما بين المعكوفتين زيادة من الحلية.
فهذا من أبي نعيم إبطال للحديث لا تضعيف له، وقد حكم بوضعه أيضًا الحافظ السخاوى تبعًا لأبي نعيم حسبما فهمه من كلامه السابق فقال في شرح الألفية عند الكلام على حديث:"من كثرت صلاته بالليل": ما نصه: والظاهر أنهم توهموه حديثا، وحملهم الشره ومحبة الظهور على ادعاء سماعه، وهم صنف من الوضاعين، كما وقع لبعضهم حين سمع الإِمام أحمد يذكر عن بعض التابعين ما نسبه لعيسى عليه السلام:"من عمل بما علم ورثه اللَّه علم ما لم يعلم"، فتوهمه كما ذكره أبو نعيم عن النبي صلى الله عليه وسلم، فوضع له عن الإِمام أحمد سندًا وجلالة الإِمام تنبو عن هذا اهـ.
2346/ 5713 - "العلْمُ خَليلُ المؤْمن، وَالْعَقْلُ دَليلُهُ، وَالْعَمَلُ قَيِّمُهُ، والعِلْمُ وَزِيرُهُ، وَالْصَّبْرُ أَمِيرُ جُنُودِهِ، وَالرِّفْقُ وَالِدُهُ، وَاللِّينُ أخُوهُ".
(هب) عن الحسن مرسلًا
قال في الكبير: قضية صنيع المصنف أنه لا علة فيه سوى الإرسال، وليس كذلك؛ بل هو مع إرساله ضعيف؛ إذ فيه سوار بن عبد اللَّه العنبرى، قال الثورى: ليس بشيء، وعبد الرحمن بن عثمان أبو بحر البكراوى، قال أحمد: طرح الناس حديثه.
سأل الحافظ العراقى: ورواه أبو الشيخ في الثواب عن أنس، وكذا الديلمى في الفردوس وأبو نعيم في الحلية عن أنس بسند ضعيف، والقضاعى في مسند الشهاب عن أبي الدرداء وأبي هريرة، وكلاهما ضعيف اهـ. وبه يعرف أن اقتصار المصنف على رواية إرساله تقصير أو قصور.
قلت: في هذا أمور، الأول: قوله: ظاهر صنيع المصنف أنه لا علة فيه. . إلخ -كذب، فإن صنيع المصنف صريح في أن له علة غير الإرسال
لأنه رمز له بالضعف، والمرسل قد يكون صحيحًا أو حسنًا إلى مرسله ثم فوق المرسل له حكم آخر على ما هو معروف.
الثانى: أن قوله: وكذا الديلمى، وأبو نعيم في الحلية، هو من زيادته في كلام العراقى، فإن العراقى لم يقل ذلك وحاشاه من الكذب كما يتضح من الوجه بعده.
الثالث: أن أبا نعيم لم يخرج هذا الحديث في الحلية، وإنما أسنده الديلمى من طريقه فظن الشارح أنه في الحلية وجزم بذلك وأدخله في كلام الحافظ العراقى، فكان كذبا مركبا على كذب.
الرابع: أن إعراض المصنف عن العزو إلى هؤلاء واقتصاره على عزو المرسل الذي خرجه البيهقى ليس من تقصيره، ولا من قصوره، وإنما ذلك منه ذهاب إلى تقوية الحديث لأن سند المرسل وإن كان فيه من ذكر الشارح فهو أنظف من الأسانيد التي أشار إليها الحافظ العراقى، فإن جميعها من رواية الكذابين الوضاعين.
أما حديث أنس فهو من رواية محمد بن زكريا الغلابى وهو وضاع، وأما حديث أبي هريرة فهو من رواية محمد بن فوز عن معاذ بن أنس، وكلاهما متهم، وقد اتهمهما الذهبى بوضع هذا الحديث، وأما حديث أبي الدرداء ففيه من لا يعرف، وقد زعم البيهقى أنه لا يخرج في كتابه حديثا يعلم أنه موضوع، فلذلك مع كون سند المرسل كما قلنا آثره المؤلف، والحديث على كل حال باطل موضوع سواء من طريق البيهقى أو طريق غيره وإنما هو من كلام وهب بن منبه، كذلك أخرجه ابن شاهين في الترغيب [رقم 248] عنه، فأخذ ذلك الضعفاء وركبوا له الأسانيد ورفعوه.
2347/ 5714 - "الْعِلْمُ خَيْرٌ مِنَ الْعِبَادَةِ، وَمَلاكُ الدِّينِ الوَرَعُ".
ابن عبد البر عن أبي هريرة
قال في الكبير: ورواه الديلمى عن عبادة.
قلت: لا فائدة في هذا الاستدراك، فإن حديث عبادة ذكره المؤلف بعد هذا مباشرة، وعزاه لأبي الشيخ الذي من طريقه خرجه الديلمى، وإنما فصله المؤلف عن هذا لأن فيه زيادة:"والعالم من يعمل".
2348/ 5716 - "العلْمُ دينٌ، وَالصَّلاةُ دينٌ، فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأخُذُونَ هَذَا العِلْمَ وَكَيْفَ تُصَلُّونَ هَذِهِ الصَّلاةَ، فَإنَّكُمْ تُسْأَلُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ".
(فر) عن ابن عمر
قلت: هذا حديث باطل وأصله: "إن هذا العلم دين" كما سبق في حرف الألف، وهو أيضًا باطل مرفوعًا، وإنما هو من كلام ابن سيرين أخذه الضعفاء، فنوعوا له الأسانيد والألفاظ.
2349/ 5720 - "العِلْمُ وَالمالُ يَسْتُرانِ كُلَّ عَيْبٍ، وَالْجَهْلُ وَالْفَقْر يَكْشِفَانِ كُلَّ عَيْبٍ".
(فر) عن ابن عباس
قال الشارح: بإسناد حسن.
قلت: بل هو ضعيف، وأخشى أن يكون باطلًا، قال الديلمى [رقم 4200]:
أخبرنا عبدوس أخبرنا أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الحافظ إجازة أخبرنا عبد اللَّه بن موسى ثنا على بن جعفر العبادانى ثنا محمد بن يوسف ثنا الأصمعى سمعت الرشيد يقول: حدثنى أبي عن جدى عن على بن عبد اللَّه ابن عباس عن أبيه عن ابن عباس به.
2350/ 5721 - "العِلْمُ لا يَحِلُّ مَنْعُهُ".
(فر) عن أبي هريرة
قلت: كذا هو في المتن وفي الشرح الكبير، ووقع للشارح في الصغير أنه عن أنس وذلك خطأ، والصواب عن أبي هريرة كما في المتن وإن كان الحديث واردا عن أنس أخرجه من حديثه القضاعى في مسند الشهاب [رقم: 84] من رواية عمر بن شاكر عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أي شيء لا يحل منعه؟ فقال بعضهم: الملح، وقال آخر: النار، فلما أعياهم قالوا: اللَّه ورسوله أعلم، قال: ذلك العلم لا يحل منعه"، وعمر بن شاكر ضعيف، أما حديث أبي هريرة فقد ذكر الشارح علته.
2351/ 5722 - "العَمُّ وَالِدٌ".
(ص) عن عبد اللَّه الوراق مرسلًا
قلت: وأخرجه ابن وهب في جامعه عن ابن شهاب مرسلًا أيضًا فقال:
وأخبرنى يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال: بلغنا -واللَّه أعلم- أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "العم أب إذا لم يكن دونه أب، والخالة أم إذا لم تكن أم دونها" وهذا سند صحيح إلى ابن شهاب، وكأن سعيد بن منصور خرجه من وجه ضعيف فلذلك رمز المؤلف لضعفه.
2352/ 5723 - "العَمَائمُ تِيجَانُ الْعَرَبِ، وَالاحْتِبَاءُ حِيطَانُهَا، وَجُلُوسُ المؤْمِنِ في المَسْجِدِ رِبَاطُهُ".
القضاعى فر عن على
قال في الكبير: قال العامرى: غريب، وقال السخاوى: سنده ضعيف، أي: وذلك لأن فيه حنظلة السدوسى، قال الذهبى: تركه القطان وضعفه النسائى، ورواه أيضًا أبو نعيم، وعنه تلقاه الديلمى فلو عزاه المصنف للأصل
كان أولى اهـ.
واقتصر الشارح في الصغير على إيراد صدر الحديث وهو قوله: "العمائم تيجان العرب"، ثم قال: وتمامه عند مخرجه القضاعى: "والاحتباء حيطانها. . . " إلخ ما في المتن.
قلت: وهم في هذا الحديث المصنف والشارح، أما المصنف: ففي عزوه إلى مسند الفردوس من حديث على، وما خرجه الديلمى من حديث على وإنما خرجه من حديث ابن عباس.
وأما الشارح فمن وجوه، الأول: قوله: وذلك لأن فيه حنظلة السدوسى، فإن حديث على لا وجود لحنظلة فيه، قال القضاعى [رقم 68]:
أخبرنا أبو الفتح محمد بن الحسين العطار البغدادى قدم علينا أنبأنا عبد اللَّه بن محمد المخلدى ثنا عمر بن الحسن الشيبانى ثنا محمد بن خلف بن عبد السلام ثنا موسى بن إبراهيم المروزى ثنا موسى بن جعفر عن أبيه عن جده عن أبيه عن على به، وإنما علته موسى بن إبراهيم المروزى فإنه متروك، أما حنظلة السدوسى فهو في سند حديث ابن عباس، فإن الديلمى أخرجه من طريقه [رقم 4244] عن طاوس عن ابن عباس به مثله.
الثانى: قوله: ورواه أيضًا أبو نعيم. . . إلخ، فإنه ما رآه عند أبي نعيم ولا عرف في أي كتاب خرجه، وكون الديلمى أسند من طريقه لا يجوز العزو إليه كما نبهنا عليه مرارا.
الثالث: كونه نقل عن العامرى أنه قال: غريب، وأقره فإن العامرى ساقط عن درجة الاعتبار والحديث ليس بغريب بل له طرق عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الرابع: قونه في الصغير: وتمامه عند مخرجه. . . إلخ، فإن المصنف ذكره بتمامه وإنما الوهم منه.
2353/ 5724 - "العَمَائِمُ تِيجَانُ العَرَبِ فَإذَا وَضَعُوا العَمَائِمَ وَضَعُوا عِزَّهُمْ".
(فر) عن ابن عباس
قال في الكبير: لفظ رواية الديلمى فيما وقفت عليه من نسخ قديمة مصححة بخط ابن حجر وغيره: "فإذا وضعوا العمائم وضع اللَّه عزهم"، ثم خرج من طريق آخر:"العمائم وقار للمؤمنين وعز للعرب، فإذا وضعت العرب عمائمها فقد خلعت عزتها" ثم قال: وفيه عتاب بن حرب، قال الذهبى: قال الفلاس ضعيف جدًا، ومن ثم جزم السخاوى بضعف سنده ورواه عنه أيضًا ابن السنى، قال الزين العراقى: وفيه عبد اللَّه بن حميد ضعيف.
قلت: فيه أمور، الأول: الكذب في قوله: لفظ رواية الديلمى: "وضع اللَّه عزهم"، فإن لفظ رواية الديلمى هو ما نقله المؤلف، كذا في أصلنا، وكذا هو في نقل الحافظ السخاوى في المقاصد الحسنة [ص 466]، فنحن ثلاثة أولى من واحد لو كان غير الشارح أما هو فواحد منا بملء الأرض من مثله والحمد للَّه.
الثانى: الكذب في قوله: فيما وقفت عليه من نسخ قديمة مصححة بخط ابن حجر، فإنه ما وقف إلا على نسخة واحدة ولا صحح الحافظ من الكتاب المذكور نسخا متعددة، وإنما الرجل لا يستحى من الكذب ولا يبالى بما يقول.
الثالث: أنه قال: وفيه عتاب بن حرب ضعفه الفلاس جدا، ثم قال: ورواه عنه أيضًا ابن السنى، قال العراقى: وفيه عبد اللَّه بن حميد ضعيف، فأفاد هذا أن طريق الديلمى غير طريق ابن السنى وأن للحديث طريقين: في أحدهما عتاب بن حرب وفي الآخر عبد اللَّه بن حميد مع أن الرجلين كلاهما في سند واحد، وكلاهما في سند ابن السنى الذي أخرجه الديلمى
من طريقه [رقم: 4247] فقال: أخبرنا الدونى أخبرنا الكسار أخبرنا ابن السنى ثنا أحمد بن يحيى بن زهر عن محمد بن سفيان بن أبي الزرد عن عتاب بن حرب عن عبد اللَّه بن أبي حميد عن أبي المليح عن ابن عباس به.
الرابع: أن هذا النقل عن العراقى باطل أو محرف.
الخامس: قوله: ثم خرج من طريق آخر: "العمائم وقار للمؤمنين"، فإن قوله: من طريق آخر في الكلام على حديث ابن عباس يوهم أنه من طريق آخر عنه، والواقع أن هذا حديث آخر من حديث عمران بن حصين، قال الديلمى [4247 - هامش]:
أخبرنا أبي وأحمد بن نصر قالا: أخبرنا أبو الفرج البجلى أخبرنا ابن لال ثنا محمد بن عبد الواحد ثنا إبراهيم بن الحسين ثنا مسلم بن إبراهيم ثنا عمر بن نبهان ثنا حميد بن هلال عن عمران بن حصين به.
2354/ 5725 - "العمَامَةُ عَلَى القَلَنْسُوَة فَصْلُ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ المشْرِكِينَ، يُعْطَى يَوْمَ القِيَامَةِ بِكُلِّ كُورَةٍ يُدَوِّرُهَا عَلَى رَأسِهِ نُورًا".
الباوردى عن ركانة
قال في الكبير: ليس له -يعنى: ركانة- غير هذا الحديث كما في التقريب كأصله.
قلت: تعود قلم الشارح ولسانه الكذب والخطأ فلم يبق يستحى من ذلك ولا يتحرج منه، بل استوى عنده الصدق والكذب والخطأ والصواب، فما ذكره هنا خطأ وكذب، فإن الحافظ لم يتعرض في التقريب مما نقله عنه الشارح ونصه: ركانة بضم أوله وتخفيف الكاف ابن عبد يزيد بن هاشم بن عبد المطلب بن عبد مناف المطلبى من مسلمة الفتح، نزل المدينة ومات في أول خلافة معاوية اهـ. هذا نصه بالحرف، وأما أصله: فنص فيه على خلاف ما نقل عنه الشارح فقال: له أحاديث، وكذا قال ابن الأثير: وله عن النبي صلى الله عليه وسلم-
أحاديث منها: حديث في مصارعة النبي صلى الله عليه وسلم فذكره مطولًا ثم قال: ومن حديثه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن لكل دين خلقا وخلق هذا الدين الحياء".
قلت: وله في السنن حديثه المعروف في الطلاق وهو أنه طلق امرأته سهيمة ألبتة فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك الحديث، وله غير هذا، بل حديثه المذكور هنا مخرج من وجه آخر عند أبي داود [رقم: 4078] والترمذى [رقم: 1784] بلفظ: "فرق ما بيننا وبين المشركين العمائم على القلانس"، كما سيأتى قريبًا وهو أصل الحديث، والزيادة المذكورة في هذه الرواية باطلة.
2355/ 5735 - "العُمْرَتَان تُكَفِّران مَا بَيْنَهُمَا، وَالحجُّ المبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إلَّا الجنَّةَ، وَمَا سَبَّحَ الحَاجُّ منْ تَسْبِيحَة ولا هَلَّلَ مِنْ تَهْلِيلَةٍ وَلا كَبَّرَ مِنْ تَكْبِيرَةٍ إلَّا يُبَشَّرُ بِهَا تَبْشِيرَةً".
(هب) عن أبي هريرة
قال الشارح: بإسناد فيه مجهول.
وقال في الكبير: فيه من لم أعرفهم ولم أرهم في كتب الرجال.
قلت: قارن بين خبره في الصغير وخبره في الكبير، وتعجب من صدقه وأمانته فلا يدرى أهو كاذب في قوله: فيه مجهول واحد كما ذكر في الصغير أو فيه جماعة كما ذكر في الكبير، ثم إنه لا يلزم من عدم معرفته إياهم، وكونه لم يجدهم في كتب الرجال أن يكونوا مجاهيل أو يكونوا مجهولا واحدا كما يقول في الصغير.
2356/ 5739 - "العَنْكَبُوتُ شَيْطَانٌ مَسَخَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَاقْتُلُوهُ".
(عد) عن ابن عمر
قال في الكبير: قضية تصرف المصنف أن ابن عدى خرجه وأقره، والأمر بخلافه، فإنه أورده في ترجمة مسلمة بن على الخشنى، وقال: عامة حديثه غير محفوظ.
قلت: هذا كذب على صنيع المؤلف، فإنه رمز لضعف الحديث، ثم هو كلام يدل على جهل عميق وتعنت سخيف، فإن ابن عدى ليس موضوع كتابه الكلام على الحديث وإنما موضوعه: الكلام على ضعفاء الرجال، ومن العجيب أن الشارح نقل هذا في اللآلئ المصنوعة للمؤلف [1/ 161] كما نقل منه أيضًا سند الحديث المذكور في المتن قبل هذا وهو مرسل يزيد بن مرثد الذي خرجه أبو داود في المراسيل [رقم: 500، 504] ولكن هكذا الحسد وصفاقة الوجه يوقعان صاحبهما في المخازى.
2357/ 5740 - "العَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلاةُ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ".
(حم. ت. ن. هـ. حب. ك) عن بريدة
قال في الكبير: فظاهر كلام المصنف أنه لم يروه من الأربعة إلا ذانك وليس كذلك بل رووه جميعًا.
قلت: انظر إلى هذا العجب العجاب فالمؤلف عزاه للثلاثة فأسقط هو منهم ذكر ابن ماجه، فكان الغلط منه لا من المؤلف، أما أبو داود فلم يخرجه أصلًا فهو غلط آخر فخفف اللَّه بشارحنا ما نزل به.
2358/ 5741 - "الْعِيَافَةُ وَالطِّيَرةُ وَالطَّرْقُ مِنَ الْجِبْتِ".
(د) عن قبيصة
قال الشارح: مصغرا.
وقال في الكبير: بفتح القاف وكسر الموحدة ابن برمة الأسدى: قال في التقريب كأصله: مختلف في صحبته.
قلت: كتب اللَّه على هذا الرجل أن يخطئ كيفما دار وأينما تكلم، فقوله في الصغير: مصغرا -خطأ، والصواب: ما ذكره في الكبير وأنه بفتح القاف،
ثم قوله في الكبير: ابن برمة. . . إلخ خطأ أيضًا، بل هو: قبيصة بن مخارق صحابي متفق عليه، وهو المقصود عند الإطلاق.
والحديث خرجه أيضًا أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 158]:
ثنا أحمد بن جعفر بن مالك ثنا بشر بن موسى ثنا هوذة بن خليفة ثنا عوف عن حيان عن قطن بن قبيصة عن أبيه به.
وأخرجه البغوى [12/ 177] من طريق أبي الحسين بن بشران: أنا إسماعيل بن محمد الصفار أنا أحمد بن مصور الرمادى أنا عبد الرزاق أنا معمر عن عوف العبدى عن حيان عن قطن به.
2359/ 5742 - "العِيَادَةُ فُواقُ نَاقَةٍ".
(هب) عن أنس
قال في الكبير: ورواه عنه الديلمى بلا سند.
قلت: هذا خطأ في التعبير؛ إذ لا يقال فيما ذكره المحدث بلا سند: رواه وإنما يقال: ذكره؛ إذ الرواية هي نقل الحديث بالإسناد.
2360/ 5743 - "الْعيدَانِ وَاجِبَانِ عَلَى كُلِّ حَالِمٍ مِنْ ذَكَرٍ وَأنْثَى".
(فر) عن ابن عباس
قال الشارح: بإسناد ضعيف.
قلت: بل هو حديث موضوع أخرجه الديلمى [رقم 4248] من طريق ابن شاهين ثم من رواية عمرو بن شمر عن محمد بن سوقة عن عبد الرحمن بن سابط عن ابن عباس، وعمرو بن شمر رافضى كذاب.
2361/ 5747 - "العَيْنُ حَقٌ يَحْضُرُهَا الشَّيْطَانُ وَحَسَدُ ابْنِ آدَمَ".
الكجى في سننه عن أبي هريرة
قال في الكبير: وكذا خرجه القضاعى، ثم قال: وقضية تصرف المصنف. . . إلخ سخافته المعروفة.
قلت: أما القضاعى فكذب عليه الشارح، فإنه ما خرج هذا الحديث، وأما أحمد فخرجه [2/ 439] كما هنا فكان ماذا إذا لم يعزه المؤلف إليه؟!.
2362/ 5748 - "العَيْنُ تُدْخِلُ الرَّجُلَ الْقَبْرَ، وتُدْخِلُ الجَمَلَ الْقِدْرَ".
(عد. حل) عن جابر (عد) عن أبي ذر
قال الشارح: وما ذكر من أن لفظ الحديث: "العين تدخل" هو ما وقع في نسخ الكتاب، والذي في أصوله الصحيحة:"العين حق تدخل. . . " إلخ، فسقط لفظ:"حق" من قلم المصنف سهوا، ثم رمز للحديث بأنه رواه ابن على وأبو نعيم في الحلية عن أبي ذر، وقال في الكبير: رواه ابن عدى وأبو نعيم في الحلية عن جابر عن أبي ذر.
قلت: في هذا من عجائب تخليطه وأوهامه أمور، الأول: أن ما زعمه من أن لفظ الحديث: "العين حق تدخل. . " إلخ، وهم منه بل لفظه هو ما ذكره المصنف دون لفظة "حق".
الثانى: أن ما زعمه من أنه كذلك في أصوله الصحيحة كذب منه وافتراء، فإنه ما رأى أصوله الصحيحة ولا السقيمة، وإنما رآه في المقاصد الحسنة للسخاوى كذلك، فقدَّر أن السخاوى أرجح نقلا من المؤلف وأضبط للعداوة والبغضاء الذي في نفسه للمؤلف، فادعى أنه في الأصول الصحيحة كذلك، والأصول الصحيحة إنما فيها ما نقله المؤلف، كذلك هو في الحلية (ص 90 من الجزء السابع)، وفي تاريخ الخطيب (ص 244 من التاسع)، وفي مسند
الشهاب للقضاعى [رقم 1057] من طريق أبي نعيم، وابن عدى وليس عند واحد منهم لفظة "حق".
الثالث: أن المصنف عزا الحديث لابن عدى، وأبي نعيم عن جابر ولابن عدى أيضًا عن أبي ذر، فأسقط الشارح في صغيره ذكر جابر، وذكر ابن عدى الثانى وجعل الحديث من تخريج ابن عدى وأبي نعيم عن أبي ذر ولا يوجد في الحلية لأبي نعيم إلا عن جابر وكأن غلطه هذا ملصقا بالمؤلف، فإن من يرى الرموز في شرحه يظن أنها رموز المؤلف، والواقع أنه دخلها الحذف والإيصال من تخليط الشارح.
الرابع: أنه ذهب في الكبير مذهبا آخر في التخليط فجعله من تخريج ابن عدى وأبي نعيم عن جابر عن أبي ذر فكأنه من رواية صحابي عن مثله، ثم عقب ذلك بأن حديث أبي ذر من رواية شعيب بن أيوب أيضًا فصار ذلك مؤكدًا لكونه يقصد أن الحديث من رواية جابر عن أبي ذر، وهذا نهاية ما يدركه المرءُ إذا اجتهد في إرادة التخليط.
2363/ 5749 - "العَيْنُ وِكَاءُ السَّه، فَمَنْ نَامَ فَلْيَتَوَضَّأ".
(حم. هـ) عن على
قال في الكبير: رمز المصنف لصحته وليس كما قال، فقد قال عبد الحق: حديث على هذا ليس بمتصل، قال ابن القطان: هو كما قال لكن بقى عليه أن يبين أنه من رواية بقية وهو ضعيف عن الوضين وهو واهٍ، فهاتان علتان مانعتان من تصحيحه اهـ. وقال الباجى: حديث منكر، وقال ابن حجر: أعله أبو زرعة وأبو حاتم بالانقطاع بين على والتابعى.
قلت: فيه أمور، الأول: أن المصنف لم يرمز له بعلامة الصحيح.
الثانى: وعلى فرض أنه صححه فليس كلام غيره حجة عليه ولا مقدما على
قوله حتى يكون مؤيدا بالدليل المسلم، وما هنا ليس كذلك لوجوه، أحدها: أن ابن القطان رجل يتعنت في الحكم على الأحاديث ويتشدد تشديدا لا يوافقه عليه أحد ممن قبله، ولا ممن بعده.
ثانيها -وهو مما يؤيد قولنا فيه- أنه قال في بقية: إنه ضعيف، وبقية ليس بضعيف على التحقيق فيه بل هو ثقة من رجال مسلم، وإنما هو مدلس يدلس [تدليس] التسوية فيرد من حديثه ما عنعن فيه خاصة ويقبل منه ما صرح فيه بالتحديث كهذا، فإنه قال فيه: حدثنى الوضين كما عند أحمد وغيره.
ثالثها: وهو كالذى قبله أنه زعم في الوضين بن عطاء أنه واه، وذلك باطل، بل الوضين وثقه ابن معين وأحمد بن حنبل، ودحيم، وقال أبو داود: صالح الحديث وذكره ابن حبان في الثقات، فكيف يقال لمن وثقه هؤلاء: إنه واه، ولكن من تشديد ابن القطان أنه اختار عبارة الجوزجانى ورجحها على قول هؤلا الأئمة مع أن الجوزجانى لو انفرد وما خولف لما قبل جرحه لأنه نفسه ضعيف لبدعته، وكونه قد عرف عنه أنه يضعف بالتشهى والعقيدة، ويرمى من هو على خلاف بدعته بالضعف وإن كان ثقة، فهذا يطرح لا يقل قوله، فكيف يقدم على قول الأئمة العدول الثقات؟! وقد قال الساجى: رأيت أبا داود أدخل هذا الحديث في كتاب السنن، ولا أراه ذكره فيه إلا وهو عنده صحيح.
رابعها: أن ما زعمه عبد الحق من الانقطاع مردود، فإن الصحيح أن عبد الرحمن بن عائذ سمع من على عليه السلام، وإن نفى ذلك أبو زرعة ورفيقه فقد تعقبه الحافظ بأنه يروى عن عمر كما جزم به البخارى، فكيف لا يروى عن على وقد تأخر بعده؛ بحيث لو ولد في آخر خلافة عمر لصح سماعه من على فكيف وقد سمع من عمر؟!
خامسها: وإذا عرف بطلان قول عبد الحق وابن القطان، فقول المصنف صحيح لا غبار عليه وقد صحح الحديث الساجى، ونسب ذلك إلى أبي داود وحسنه جماعة من الأئمة والحفاظ منهم: ابن المنذرى، وابن الصلاح، والنووى.
الثالث: أن الشارح دلس على عادته، فإنه نقل عن الحافظ: أن أبا زرعة وأبا حاتم أعلَّاه بالانقطاع وسكت مع [أن] الحافظ تعقب ذلك بقوله: وفيه نظر. . . إلخ ما سبق.
الرابع: أنه قال في الصغير: إسناده ضعيف، ووهم المؤلف حيث صححه، فإن غايته أنه حسن لشواهده اهـ. وهذا الكلام مع كون آخره يناقض أوله فهو تراجع وتناقض بالنسبة لما في الكبير أيضًا، فإن الحسن من نوع الصحيح، والفرق بينهما إنما هو تدقيق اصطلاحى.
والحديث خرجه أيضًا الحاكم في علوم الحديث [ص 133] من طريق إبراهيم ابن موسى الفراء:
ثنا بقية عن الوضين بن عطاء عن محفوظ بن علقمة عن عبد الرحمن بن عائذ عن على به، ثم قال الحاكم: هذا حديث مروى من غير وجه، ولم يذكر فيه:"فمن نام فليتوضأ" غير إبراهيم بن موسى الرازى، وهو ثقة مأمون.
قلت: وليس الأمر كما قال، بل رواه جماعة عن بقية بالزيادة المذكورة منهم: على بن بحر عند أحمد بن حنبل [1/ 111]، وحكيم بن سيف، ويزيد بن عبد ربه عند الطحاوى في مشكل الآثار.
* * *