المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

قلت: لا وجود لسلام الطويل في سند الحديث عند الحارث - المداوي لعلل الجامع الصغير وشرحي المناوي - جـ ٤

[أحمد بن الصديق الغماري]

الفصل: قلت: لا وجود لسلام الطويل في سند الحديث عند الحارث

قلت: لا وجود لسلام الطويل في سند الحديث عند الحارث بن أبي أسامة، فإنه قال في مسنده [34 - بغية]:

حدثنا عبد اللَّه بن عون ثنا محمد بن الفضل عن زيد العمى عن جعفر العبدى عن أبي سعيد الخدرى به.

وهكذا رواه ابن عبد البر في العلم [رقم: 92] من طريق عبد اللَّه بن محمد ابن عبد العزيز البغوى، ثنا عبد اللَّه بن عون به.

والذي رواه من طريق سلام الطويل وابن حبان في الضعفاء [1/ 336] فقال:

أخبرنا محمد بن المسيب ثنا زكريا بن يحيى الضرير ثنا سليمان بن سفيان ثنا سلام الطويل عن زيد العمى به.

‌فائدة

قال ابن العربى المعافرى في سراج المريدين، في الاسم التاسع والعشرين منه: لا يصح في فضل العالم على العابد حديث أصلًا اهـ.

كذا قال، وجل إطلاقاته في الحكم على الأحاديث باطل لعدم تضلعه من الحديث.

2402/ 5860 - "فَضْلُ العَالِمِ عَلَى العَابد كَفَضْلِ القَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الكَوَاكِبِ".

(حل) عن معاذ

قال في الكبير: قضية تصرف المصنف أنه لم يخرجه أحد من الستة، وليس كذلك، بل رواه أبو داود والنسائى وابن ماجه.

قلت: في هذا أمور، أحدها: أن هؤلاء لم يخرجوا هذا الحديث أصلًا من حديث معاذ بن جبل فعزوه إليهم كذب عليه وجهل بالحديث.

ثانيها: أنهم أخرجوا حديثا طويلًا في فضل العلم من حديث أبي الدرداء وقع

ص: 571

في أثنائه هذا اللفظ فهو عندهم قطعة من حديث آخر من رواية صحابى آخر لفظه عند أكثرهم: "من سلك طريقا يلتمس فيه علمًا سهل اللَّه له طريقا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضي بما يصنع، وإن العالم يستغفر له من في السموات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم. . . " الحديث.

ثالثها: الحديث لم يخرجه النسائى، بل خرجه الترمذى [رقم 2682]، وأبو داود [رقم 3641]، وابن ماجه [رقم 223].

2403/ 5862 - "فَضْلُ الْمُؤْمِنِ العَالِمِ عَلَى الْمُؤْمِنِ العَابِدِ سَبْعُوَن دَرَجَةً".

ابن عبد البر عن ابن عباس

قال الشارح: زاد في رواية: "ما بين كل درجتين حضر الفرس المضمر مائة عام".

قال في الكبير: قال الحافظ العراقى: سنده ضعيف، وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره لأشهر من ابن عبد البر وهو غفلة، فقد خرجه ابن عدى عن أبي هريرة.

قلت: هذا خطأ من وجوه، الأول: قوله: زاد في رواية، فإن ذلك في حديث أبي هريرة لا في حديث ابن عباس، وهما حديثان، فكان الواجب أن يقول: زاد في حديث آخر.

الثانى: قوله: إنه لم يره لأشهر من ابن عبد البر، ثم عزاه لابن عدى من حديث أبي هريرة، وهذا نهاية في الغفلة والتهور، فحديث أبي هريرة غير حديث ابن عباس.

الثالث: ليس ابن عدى أشهر من ابن عبد البر كما زعم.

ص: 572

الرابع: لو كان الحديث واحد لكان العزو إلى كتاب ابن عبد البر أولى، لأنه مصنف خاص بالعلم، وكتاب ابن عدى وإنما هو في الضعفاء ولو كان ذلك كذلك لكان العزو إلى ابن حبان أولى لأنه أشهر، وقد أخرجه في الضعفاء له أيضًا في ترجمة عبد اللَّه بن محرر [2/ 23].

2404/ 5864 - "فَضْلُ الْعِلْم أحَبُّ إليَّ مِنْ فَضْلِ العِبَادَةِ، وَخَيْرُ دِينِكُمُ الْوَرَعُ".

البزار (طس. ك) عن حذيفة (ك) عن سعد بن أبي وقاص

قال (ش): بإسناد ضعيف.

وقال في الكبير على حديث حذيفة: قال المنذرى: وإسناده لا بأس به، وقال في موضع آخر: حسن، ثم قال: ورواه الترمذى في العلل، ثم ذكر أنه سأل عنه البخارى فلم يعده محفوظًا وأورده ابن الجوزى في الواهيات، وقال: لا يصح، والمتهم بوضعه عبد اللَّه بن عبد القدوس.

قلت: فيه تناقض بين كلامه في الكبير والصغير، فإنه جزم فيه بأن سنده ضعيف ونقل في الكبير عن الحافظ المنذرى أنه قال: إسناده حسن، فإن كان في الصغير ذهب إلى ترجيح ما قاله ابن الجوزى ففيه أمران، أحدهما: أنه ترجيح بدون مرجح.

وثانيهما: أنه نقل عن ابن الجوزى: أنه موضوع لا ضعيف، ثم ما نقله عن ابن الجوزى فيه تناقض أيضًا، فإنه ذكر أنه أورده في الواهيات ثم نقل عنه أنه قال: والمتهم بوضعه عبد اللَّه، ولو صرح ابن الجوزى بهذا لأورده في الموضوعات لا في الواهيات، فالعبارة فيها تحريف من الشارح على عادته في التهور في النقل والكذب فيه، وإلا فهو تناقض ظاهر من ابن الجوزى، ثم إن النقل عند الشارح متضارب متباين فهو يحكى عن الحافظ المنذرى. أنه

ص: 573

حسن، وعن البخارى: أنه غير محفوظ، وعن ابن الجوزى: أنه واه أو موضوع، فكان الواجب أن يبين الصواب من هذه الأقوال المتضاربة ولكن ليس هذا بعشه، وليته لم يجنح في الصغير إلى ذلك الترجيح فإنه أخطأ فيه، فالحديث لا ينحط عن رتبة الحسن كما قال الحافظ المنذرى، بل قد صححه الحاكم في المستدرك [1/ 92] وأقره عليه الذهبى، وهو الواقع إن شاء اللَّه؛ لأن حديث سعد بن أبي وقاص على شرط الصحيح إلا أنه اختلف على الأعمش في سنده وفي إرساله ووصله، فرواه بكر بن بكار عن حمزة الزيات عن الأعمش عن رجل عن مصعب بن سعد عن أبيه.

أخرجه الحاكم [1/ 92] ورواه الحسن بن على بن عفان عن خالد بن مخلد عن حمزة بن حبيب عن الأعمش فسمى الرجل فقال: عن الحكم عن مصعب أخرجه الحاكم أيضًا، ورواه محمد بن عبد اللَّه بن نمير عن خالد بن مخلد عن حمزة الزيات عن الأعمش عن مصعب بدون واسطة، أخرجه الحاكم في المستدرك [1/ 92] وأبو نعيم في رياضة المتعلمين، وهكذا قال عبد اللَّه بن أبي زياد عند الحكيم في الحادى والعشرين ومائتين من النوادر، وابن بهز أو فهد عند أبي الشيخ في الثواب، ومحمد بن عبد الوهاب الفراء عند البيهقى في الزهد [رقم: 821] كلهم عن خالد بن مخلد به بدون واسطة بين الأعمش ومصعب.

ورواه عبد اللَّه بن عبد القدوس عن الأعمش فقال: عن مطرف بن عبد اللَّه عن حذيفة بن اليمان. كما عزاه المصنف في المتن إليه.

ورواه جرير بن عبد الحميد عن الأعمش عن مطرف عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا دون حذيفة، كما ذكره أبو نعيم في الحلية [2/ 212].

ورواه أبو مسهر في نسخته عن أبي نوفل عن الأعمش عن أبي قلابة

ص: 574

عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا.

ولا مانع من أن يكون الحديث عند الأعمش بهذه الأسانيد، وعلى هذه الوجوه كلها فإن الحديث مشهور، وله طرق متعددة أخرى من حديث ابن عباس، وابن عمر، وأبي هريرة، وأنس، وغيرهم موصولا ومرسلا.

ومن مراسيله الصحاح: ما رواه ابن عبد البر [رقم: 96] من طريق وكيع عن سفيان عن عمرو بن قيس الملائى عن النبي صلى الله عليه وسلم به.

فالحديث صحيح لا شك فيه كما رمز له المصنف، والشارح مخطئ فيما نقل.

2405/ 5865 - "فَضْلُ القُرْآنِ عَلَى سَائِرِ الْكَلامِ كَفَضْلِ الرَّحْمَنِ عَلَى سَائِرِ خَلْقِهِ".

(ع) في معجمه (هب) عن أبي هريرة

قال في الكبير: وفيه أشعث الحدانى، قال الذهبى: ثقة، وشهر بن حوشب أورده الذهبى في الضعفاء وقال: قال ابن عدى: لا يحتج به، فظاهر صنيع المصنف أنه لم يخرجه أحد من الستة، وهو ذهول، فقد أخرجه الترمذى بلفظ:"فضل كلام اللَّه على سائر الكلام كفضل اللَّه على خلقه" لكن عذر المصنف أنه وقع في ذيل حديث فلم يتنبه له، ولفظه بتمامه: يقول الرب عز وجل: "من شغله القرآن عن ذكرى وعن مسألتى أعطيته أفضل ما أعطى السائلين، وفضل كلام اللَّه على سائر الكلام كفضل اللَّه على خلقه" قال ابن حجر في الفتح: ورجاله ثقات إلا عطية العوفى ففيه ضعف، وخرجه ابن على من رواية شهر بن حوشب عن أبي هريرة. . . إلخ.

قلت: يجب حمد اللَّه تعالى على السلامة من الوقوع في مثل هذا الهذيان، فبينما هو يحكم على المصنف بالذهول لأنه أغفل عزو الحديث إلى الترمذى، ويكذب أو لا فيقول: إنه في سنن الترمذى بلفظ: "فضل كلام اللَّه. . "

ص: 575

الحديث، إذ يتراجع فيبدى عذر المصنف في كون الحديث وقع عند الترمذى ذيلا لحديث، ولا يخفى ما في التعبير بكونه ذيلا من الهذيان والكلام الغث الساقط ثم يعود فيكذب نفسه ثانيا، إذ يورد هذا الذيل بزعمه بلفظ:"وفضل كلام اللَّه" بحرف "واو" العطف في أوله، ويسكت مع ذلك عن كون حديث الترمذى الطويل هو من حديث أبي سعيد الخدرى لا من حديث أبي هريرة المختصر المذكور هنا.

ويقول في الكبير: إن الحديث من رواية أشعث الحدانى، وشهر بن حوشب، ويقتصر في الصغير على ذكر شهر بن حوشب وحده، فالرجل أعجوبة من العجائب.

وبعد، فالحديث أخرجه أيضًا عبد اللَّه بن أحمد في كتاب السنة [رقم: 129]: من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن شهر بن حوشب عن أبي هريرة به. بزيادة "إن" في أوله.

وأخرجه أيضًا من طريق أبي بكر بن عياش [124] عن الأعمش عن الحسن مرسلًا: "فضل القرآن على الكلام كفضل اللَّه على عباده".

2406/ 5873 - "فَضْلُ غَازى الْبَحْرِ عَلَى غَازِى الْبَرِّ كَفَضْلِ غَازِى الْبَرِّ عَلَى القَاعِدِ في أهْلِهِ وَمَالِهِ".

(طب) عن أبي الدرداء

قلت: فيه نظر، فإن الطبرانى رواه من طريق محمد بن عيسى بن سميع وفيه خلاف عن عباد بن كثير عن ليث بن أبي سليم، وفيهما مقال عن يحيى بن عباد المخزومى عن أم الدرداء عن أبي الدرداء به.

ورواه ابن أبي شيبة [5/ 340] عن إسحاق بن منصور: ثنا هريم عن ليث عن يحيى بن عباد من قوله.

ص: 576

تنبيه: هذا الحديث والذي بعده في المتن حديث واحد فرقه المصنف وسنده واحد.

2407/ 5875 - "فَضْلُ حَمَلَةِ الْقُرْآنِ عَلَى الَّذِي لَمْ يَحْمِلْهُ كَفَضْلِ الخَالِقِ عَلَى المخْلُوقِ".

(فر) عن ابن عباس

قلت: هذا حديث موضوع كان على المؤلف ألا يذكره هنا.

2408/ 5877 - "فَضْلُ قرَاءَة الْقُرْآنِ نَظَرًا عَلَى مَنْ يَقْرَؤُهُ ظَاهِرًا كَفَضْلِ الْفَرِيضَةِ عَلَى النَّافِلَةِ".

أبو عبيد القاسم بن سلام

زاد الشارح: الهروى في فضائله عن بعض الصحابة.

وكتب في الكبير مخرجه: أبا عبيدة بـ "التاء"، وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجًا لأحد من المشاهير، وليسى كذلك، بل رواه أبو نعيم والطبرانى والديلمى، وفيه بقية.

قلت: فيه أمور، الأول: أبو عبيد الذي خرج الحديث ليس هو بأبى عبيد الهروى كما يقول الشارح، ولا بأبى عبيدة كما يقول هو أيضًا في الكبير، بل هو أبو عبيد القاسم بن سلام البغدادى الإِمام الحافظ الكبير صاحب فضائل القرآن، والظهور والأمداد، وغيرها من المصنفات الكثيرة، وهو غير أبي عبيد أحمد بن محمد الهروى صاحب كتاب الغريب، وغير أبي عبيدة معمر بن المثنى اللغوى الشهير.

الثانى: قوله: ظاهر صنيع. . إلخ سخافة اعتاد ألا يعزو الحديث بدونها مع كذب وتدليس، فإنه لم ير الحديث عند أبي نعيم، ولا عند الطبرانى، وإنما أسنده الديلمى من طريقهما فقال [4342 - مكرر]

ص: 577

أخبرنا أبي أخبرنا سليمان بن إبراهيم بن محمد بن سليمان الحافظ والمطهر بن محمد بن جعفر قالا: أخبرنا أبو نعيم حدثنا الطبرانى ثنا على بن عبد العزيز ثنا أبو عبيد ثنا نعيم بن حماد عن بقية عن معاوية بن يحيى عن سليمان بن مسلم عن عبد اللَّه بن عبد الرحمن عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم به.

الثالث: أن هؤلاء المذكورين ليسوا أشهر من أبي عبيد.

الرابع: أنه كثيرا ما يتعقب المؤلف بقوله: فلان أخرجه من طريق فلان، فلو عزاه إلى الأصل لكان أولى، وهنا عدل عن ذلك كما ترى مع أن هؤلاء كلهم رووا الحديث من طريق أبي عبيد، ولكن لما كان الغرض هو التعقب وإظهار نقص المؤلف فهو يدور معه حيثما وجد.

الخامس: أنه أعله ببقية مع أن فيه من هو أضعف منه، وهو معاوية بن يحيى الصدفى.

والحديث خرجه أيضًا ابن شاهين في الترغيب [رقم 194]:

ثنا عبيد اللَّه بن بكير أنبأنا على بن عبد العزيز ثنا أبو عبيد به.

2409/ 5878 - "فَضَّلَ اللَّهُ قُرَيشًا بسَبعْ خصَال لَمْ يُعْطَهَا أحَدٌ قَبْلَهُمْ وَلا يُعْطَاهَا أحَدٌ بَعْدَهُمْ: فَضَّلَ اللَّهُ قُرَيشًا أنِّى منْهُمْ، وَأنَّ النُّبُوَّةَ فيهمْ، وَأنَّ الحجَامَةَ فيهمْ، وَأنَّ السقَايَةَ فيهمْ، وَنَصَرهُمْ عَلَى الفيل، وَعَبَدوا اللَّهَ عَشْرَ سنينَ لا يَعْبُدُهُ غَيْرُهُمْ، وَأنْزَلَ اللَّهُ فيهمْ سُورَةً منَ الْقُرآن لَمْ يُذْكَرْ فيهَا أحَدٌ غَيْرُهُمْ، {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ} ".

(تخ. طب. ك) والبيهقى في الخلافيات عن أم هانئ

قال في الكبير: قال الحاكم: صحيح، فرده الذهبى بأن يعقوب ضعيف -يعنى: ابن محمد الزهرى- وإبراهيم بن محمد بن ثابت صاحب مناكير هذا أنكرها، وقال الهيثمى: فيه من لم أعرفهم.

ص: 578

قلت: الهيثمى لم يقل: فيه من لم أعرفهم بميم الجمع، بل بدونها، والذهبى قد قال ذلك، ولكنه واهم فيما أرى في إبراهيم بن محمد بن ثابت، فإنه لم يذكره نفسه في الميزان، وإنما ذكر إبراهيم بن محمد بن ثابت الأنصارى، وقال: شيخ لعمرو بن أبي سلمة التنيسى ذو مناكير اهـ. وليس هذا هو المذكور في سند الحديث فإن هذا أنصارى، وذاك قرشى، وقد ذكره البخارى في التاريخ ولم يجرحه بشيء فقال [1/ 320]: إبراهيم بن محمد بن ثابت بن شرحبيل من بني عبد الدار بن قصى القرشى المدنى عن أبيه عن عقبة بن عامر الجهنى، ثم ذكر الرواة عنه، ثم قال: قال لي أبو مصعب:

ثنا إبراهيم عن عثمان بن عبد اللَّه بن أبي عتيق عن سعيد بن عمرو بن جعدة عن أبيه عن جدته أم هانئ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فضل اللَّه قريشا. . . " الحديث، قال: وقال لي الأويسى: حدثنى سليمان عن عثمان بن عبد اللَّه بن أبي عتيق عن ابن جعدة المخزومى عن ابن شهاب عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه، قال: وهذا بإرساله أشبه.

قلت: قد ورد موصولا أيضًا من حديث الزبير بن العوام كما ذكره المصنف في المتن بعد هذا، وأما يعقوب الزهرى فليس بضعيف على الإطلاق، فقد وثقه جماعة ووصفوه بالصدق إلا أنه كان يحدث عن الضعفاء والجاهيل فوجد في حديثه المناكير فضعفه لأجلها جماعة، ولهذا قال الحاكم الذي عرفه وخابر أمره: ثقة مأمون، وصحح له كما ترى، واللَّه أعلم.

2410/ 5884 - "فُضِّلْتُ عَلَى النَّاسِ بِأَرْبَعٍ: بِالسَّخَاءِ، وَالشَّجَاعَةِ، وَكَثْرَةِ الجِمَاِع، وَشِدَّةِ البَطْشِ".

(طس) والإسماعيلى في معجمه عن أنس

ص: 579

قال الشارح: ورجال الطبرانى موثقون.

وقال في الكبير: قال الهيثمى: إسناد الطبرانى رجاله موثقون اهـ. وغيره قول شيخه العراقى: رجاله ثقات، لكن في الميزان: أنه خبر منكر، رواه الطبرانى عن محمد بن هارون عن العباس بن الوليد عن مروان بن محمد عن سعيد ابن بشير عن قتادة عن أنس ومروان بن محمد هو الدمشقى الطاطرى كان مرجئًا وفيه خلاف، قال في اللسان: لا ذنب فيه لهذا الرجل، والظاهر أن الضعف من قبل سعيد بن بشير، اهـ. ومن ثم قال ابن الجوزى: حديث لا يصح.

قلت: خلط الشارح في هذا الكلام خلطا وأتى فيه بعجائب، أول ذلك: أنه نقل في الكبير عن ابن الجوزى، والذهبى: أن الحديث لا يصح، ثم اقتصر في الصغير على قوله: رجال الطبرانى موثقون، فكان فيه إيهام وتغرير.

الثانى: أنه قال: رجال الطبرانى موثقون، فأوهم أن رجاله غير رجال الإسماعيلي مع أن سند الحديث واحد عندهما كما نص هو على ذلك في الكبير.

الثالث: أنه قال عن الحافظ الهيثمى: وغيره قول شيخه العراقى: رجاله ثقات، وهذا حكم باطل على الهيثمى من وجوه، أحدها: أنه جزم بتقليده للعراقى في ذلك بدون دليل ولا برهان.

ثانيها: أن الهيثمى يفعل ذلك في جميع الأحاديث التي يوردها مما لم يورد العراقى عشرها ولا ربع عشرها، فمن قلد فيها إذ لم يذكرها العراقى؟

ثالثها: أنه قال: رجاله موثقون، والعراقى قال فيما نقله هو: رجاله ثقات، فدل على أن الهيثمى لم يقلد العراقى في العبارة، بل استعمل عبارة أخرى تدل على تيقظه واحتياطه، فإن الصواب أن يقال عن رجال هذا السند:

ص: 580

موثقون لا ثقات كما قررناه مرارا؛ لأنهم مختلف فيهم غير متفق على توثيقهم.

الرابع: أنه خلط بين كلام الذهبى والحافظ وجمعه من ترجمتين، وأوقع اسم الإشارة في كلام الحافظ على مروان بن محمد حيث نقل عنه أنه قال: لا ذنب فيه لهذا الرجل، والواقع أنه لم يذكره في ترجمته، ولا قال ذلك عنه وإنما قاله في ترجمة الحسين بن على النخعى، وإليك نص كلام الذهبى وكلام الحافظ، قال الذهبى في حرف الحاء من الميزان [1/ 543]: الحسين بن على النخعى كتب عنه الإسماعيلى: عمر وتغير لا يعتمد عليه، وأتى بخبر باطل فقال: حدثنا العباس بن الوليد الخلال ثنا مروان بن محمد ثنا سعيد عن قتادة عن أنس مرفوعًا: "فضلت بأربع. . . " الحديث، رواه عنه الإسماعيلى اهـ.

فقال الحافظ في اللسان [2/ 303]: هذا لا ذنب فيه لهذا الرجل، والظاهر أن الضعف من قبل سعيد، وهو ابن بشير، واللَّه أعلم. اهـ.

ثم أعاد الذهبى في ترجمة مروان بن محمد الدمشقى هذا الحديث فقال [4/ 93]: قال الطبرانى في معجمه الأوسط [رقم 6816]:

ثنا محمد بن هارون بن محمد بن بكار ثنا العباس بن الوليد الخلال ثنا مروان بن محمد، فذكر الحديث بسنده، ثم قال: هذا خبر منكر اهـ.

ولم يذكر الحافظ في اللسان هذه الترجمة أصلًا لأنها ليست من شرطه، فاعجب لهذا التخليط.

والحديث خرجه أيضًا الدينورى في كتاب المجالسة قال:

حدثنا أحمد بن عباد التميمى ثنا أبي عن مروان بن محمد الأسدى به مثله.

ص: 581

2411/ 5885 - "فُضِّلْتُ عَلَى آدَمَ بخصْلَتَين: كَانَ شَيْطَانى كَافرًا فَأعَانَنى اللَّهُ عَلَيه حَتَّى أسْلَمَ، وَكُنَّ أزْوَاجى عَوْنا لِي، وَكَانَ شَيْطَانُ آدَمَ كَافِرًا وَكَانَتْ زَوْجَتُهُ عَوْنًا عَلَى خَطِيئَتِهِ".

البيهقى في الدلائل عن ابن عمر

قلت: نقل الشارح أن في سنده محمد بن الوليد بن أبان، وهو وضاع كذاب، فكان حقه أن يصرح بوضعه ولا يقر الحافظ العراقى على قوله: إنه ضعيف، ثم عدم استدراكه العزو على المؤلف يدل على أنه لم يخرجه غير البيهقى مع أنه مخرج في أشهر الكتب وأكثرها تداولا كتاريخ الخطيب [3/ 331]، ومسند الفردوس للديلمى، بل هذا الأخير لا يكاد الشارح يغفل النقل عنه والعزو إليه.

2412/ 5888 - "فُضِّلَت الْمَرَأةُ عَلَى الرَّجُلِ بتِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ جُزْءًا مِنَ اللَّذَّةِ، وَلكِنَّ اللَّهَ ألْقَى عَلَيْهِنَّ الْحَيَاءَ".

(هب) عن أبي هريرة

قال في الكبير: وفيه داود مولى أبي مكمل، قال في الميزان: قال البخارى: منكر الحديث، ثم ساق له هذا الخبر، وأقول: فيه أيضًا ابن لهيعة، وأسامة بن زيد الليثى، قال الذهبى: فيه لين، ورواه الطبرانى والديلمى عن ابن عمرو.

قلت: هذا خطأ من وجوه، الأول: الموجود في سند الحديث أبو داود بأداة الكنية لا داود.

الثانى: ليس في سند الحديث ابن لهيعة، فإن الحديث رواه ابن المبارك:

ثنا أسامة بن زيد عن أبي داود عن أبي هريرة به.

ص: 582

ومن طريق ابن المبارك أورده الذهبى ورواه جماعة منهم: البندهى في شرح المقامات وآخرون.

الثالث: ولو فرضنا وجود ابن لهيعة في سنده فمثل هذا لا يعلل به مع وجود من هو قبله ممن هو أضعف منه.

الرابع: وكذلك أسامة بن زيد الليثى، فإنه وإن كان متكلما فيه فهو ثقة قد احتج به مسلم في صحيحه.

الخامس: أسامة بن زيد المذكور في السند ليس هو الليثى، بل وابن أسلم لأنه المعروف عند الإطلاق، وإن كان [ابن] المبارك روى عنهما معا، وهو أضعف من الليثى.

2413/ 5890 - "فُضُوحُ الدُّنْيَا أهْوَنُ مِنْ فُضُوح الآخرَة".

(طب) عن الفضل

قال في الكبير: وفيه القاسم بن يزيد، قال في الميزان عند العقيلى: حديث منكر، وقال العراقى: هذا الحديث منكر، وقال الهيثمى: فيه مجهولون، ورواه أبو يعلى بإسناد أصح من هذا؛ إذ غايته أن فيه عطاء بن مسلم، مختلف فيه، وبقية رجاله كما قال الهيثمى: ثقات، فلو عزاه المصنف إليه لكان أولى.

قلت: بل لو سكت الشارح لكان أولى، فإن هذا اللفظ قطعة من حديث طويل أخرجه جماعة منهم: الترمذى في الشمائل [رقم: 128] والبيهقى في السنن، وأبو بكر الشافعى في الغيلانيات، وابن سعد في الطبقات، والقضاعى في مسند الشهاب [رقم: 246] وجماعة، منهم من وقع في روايته هذا اللفظ، ومنهم من لم يقع فيه، فكيف يعزوه المؤلف لمن لم يقع عنده؟! وهب أنه كذلك ولم يعزه إليه فكان ماذا؟!

ص: 583

وقياسا على فعاله نقول: إن الترمذى خرجه في الشمائل من طريق عطاء بن مسلم المذكور، فكان أولى للشارح أن يعزوه إليه لا إلى أبي يعلى، بل خرجه ابن سعد في الطبقات من غير طريق عطاء أيضًا، ومن غير طريق القاسم المذكور، فكان عزوه إليه أولى وأولى، وقد ذكرت أسانيد هذا الحديث ومتونه بطولها في مستخرجى على مسند الشهاب [1/ 221 - 223].

2414/ 5919 - "في الجَنَّة مائَةُ دَرَجَة مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَين كَمَا بَيْنَ السَّمَاء وَالأرْض، وَالفرْدَوْسُ أعْلاهَا دَرَجَةً، وَمنْهَا تَفَجَّرُ أنْهَارُ الْجَنَّة الأرْبَعَةُ، وَمِنْ فَوْقِهَا يكونُ الْعَرْشُ، فَإذَا سَألْتُم اللَّه فَاسْألُوهُ الفِرْدَوْسَ".

(ش. حم. ت. ك) عن عبادة بن الصامت

قال في الكبير: قال المناوى: لم أقف عليه في الصحيحين، ولا أحدهما.

قلت: هذا النقل لا فائدة فيه، ولا معنى له سوى إيهام القراء أن الحديث غير مخرج في أحد الصحيحين، مع أنه في صحيح البخارى في مواضع منه بهذا اللفظ، بل لا بد أن يكون هذا النقل عن المناوى محرمًا، فإما أن يكون أراد من حديث عبادة بن الصامت، أو أراد معنى آخر لم يفهمه الشارح، وإلا فيبعد أن يقول ذلك المناوى.

والحديث في صحيح البخارى في كتاب الجهاد [رقم 2790]، وفي كتاب التوحيد [رقم: 7423]، ولكن من حديث أبي هريرة ولفظه: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من آمن باللَّه ورسوله وأقام الصلاة، وصام رمضان -كان حقا على اللَّه أن يدخله الجنة، هاجر في سبيل اللَّه أو جلس في أرضه التي ولد فيها، قالوا: يا رسول اللَّه أفلا نُنبئ الناس بذلك؟ قال: إن في الجنة مائة درجة أعدها اللَّه للمجاهدين في سبيله، كل درجتين ما بينهما كما بين السماء

ص: 584

والأرض، فإذا سألتم اللَّه فاسألوه الفردوس، فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة".

2415/ 5923 - "في الْخَيْلِ السَّائِمَةِ في كُلِّ فَرَس دينَارٌ".

(قط. هق) عن جابر

قال في الكبير: قضية تصرف المصنف أن مخرجه خرجه وسلمه والأمر بخلاف، بل قال الدارقطنى عقبه: تفرد به فورك بن الحضرمى، وهو ضعيف جدا ومن دونه ضعفاء.

قلت: هذا كذب على تصرف المصنف، فإنه رمز له بعلامة الضعف وما زاد على ذلك فهو لا يفعله؛ لأنه لا ينقل كلام الحفاظ بنصه من أول الكتاب إلى آخره.

2416/ 5927 - "في الرِّكَاز العُشْرُ".

أبو بكر بن أبي داود في جزء من حديثه عن ابن عمر

قلت: ما تكلم (ش) على هذا الحديث بشيء ولا أجاب عن معارضته للحديث الصحيح المذكور قبله، وهو حديث باطل كما قال ابن حبان في الضعفاء في ترجمة عبد اللَّه بن نافع فإنه قال [2/ 20]: وهو الذي روى عن أبيه عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "في الركاز العشر":

أخبرناه الحسن بن سفيان ثنا عبد اللَّه بن هارون الحمال ثنا ابن أبي فديك ثنا عبد اللَّه بن نافع، وهذا خبر باطل لا أصل له لا ينكر نفى صحته إلا من جهل صناعة العلم.

2417/ 5936 - "فِي اللَّبَنِ صَدَقَةٌ".

الرويانى عن أبي ذر

ص: 585

قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا الخلال والديلمى.

قلت: في هذا أمران، أحدهما: أن الديلمى رواه من طريق الرويانى فلم يبق فائدة لعزوه إليه، إلا إذا قيل: رواه من طريقه وبدون ذلك فيه إيهام قبيح.

ثانيهما: أن عزوه للخلال فضيحة عظيمة وداهية كبيرة في تحقق جهل الشارح بهذا الفن وعظم تهوره وتخليطه كما سبق له نظير ذلك مرارا في رجال متعددين، كالبزار وأبي يعلى والطبرى والشيرازى، فكل نسبة أو كنية تشابه كنية حافظ [أو] نسبته فصاحبها هو ذلك الحافظ المشهور المخرج وإن اختلف الاسم، وتباعد التاريخ كما بَيَّنَاهُ مرارا، وكما وقع هنا، فإن الديلمى قال في مسند الفردوس [رقم: 4373]:

أخبرنا الحسين بن عبد الملك الخلال أخبرنا الفضل الرازى أخبرنا ابن فناكى أخبرنا محمد بن هارون الرويانى ثنا بشر بن آدم ابن بنت أزهر السمان ثنا أبو عاصم ثنا موسى بن عبيدة ثنا عمران بن أبي أنس عن مالك بن أوس بن الحدثان عن أبي ذر به.

فالخلال المخرج صاحب المصنفات اسمه: أحمد بن محمد بن هارون، وهذا اسمه: الحسين بن عبد الملك، وأبو بكر الخلال المخرج مات سنة إحدى عشرة وثلاثمائة، والمذكور في هذا السند المسمى حسين بن عبد الملك هو شيخ للديلمى المولود بعد السبعين وأربعمائة، وحيث وافقت نسبته نسبة الخلال المتقدم فهو هو في نظر هذا الشارح المتهور، وإن اختلف الاسم وتباين التاريخ.

2418/ 5949 - "فِي ثَقِيف كَذَّابٌ وَمُبِيرٌ".

(ت) عن ابن عمر (طب) عن سلامة بن الحر

ص: 586

قال في الكبير: رمز المصنف لصحته، وليس كما قال، ففيه من طريق الترمذى عبد اللَّه بن عصم، قال ابن حبان: منكر الحديث، وخبر الطبرانى أعله الهيثمى بأن فيه نسوة مساتير.

قلت: لو سكت الشارح لكان أستر لجهله، فإنه لا يعود من التعقب على المصنف إلا بالفضيحة، فعبد اللَّه بن عصم الذي في حديث ابن عمر، وإن قال ابن حبان فيه: إنه منكر الحديث، فقد ناقض هو نفسه فيه فذكره في الثقات ووثقه أيضًا ابن معين والعجلى، وقال أبو زرعة: لا بأس به، وقال أبو حاتم: شيخ، ولهذا حسن له الترمذى هذا الحديث، وهو كما قال بالنسبة لهذا الطريق وحده، فهذا انضم إليه حديث سلامة بن الحر الذي هو على شرط الحسن أيضًا، فالمتن صحيح بلا خلاف فكيف وهو في صحيح مسلم من حديث أسماء بنت أبي بكر [رقم: 2545] بلفظ: "إن في ثقيف كذابا ومبيرا" كما سبق للمصنف في حرف الألف؟! فهو إذًا فوق الصحيح المتفق عليه، بيد أن الشارح لا يفهم من هذا الفن شيئًا ولا يريح الناس من التعب ولا نفسه من الفضول.

2419/ 5956 - "فِي كِتَابِ اللَّهِ ثَمَانُ آيَاتٍ لِلْعَينِ: الفَاتِحَةُ، وآيَةُ الْكُرْسِيِّ".

(فر) عن عمران بن حصين

قال في الكبير: ورواه عنه الميدانى أيضًا.

قلت: هذا مخرج جديد اختلقه الشارح كأنه لما رأى هذه النسبة في رجال الإسناد عند الديلمى تعشقها للعزو، فأضاف إليها التخريج أو ذهب وهمه من الأمثال للميدانى إلى مصنف آخر في الحديث للميدانى البعيد عن هذا الميدان، والمقصود أنه لا يوجد في الدنيا ميدانى حافظ مسند مصنف يعزى إليه

ص: 587

إلا في وهم هذا الشارح المسكين.

قال الديلمى في مسند الفردوس [رقم: 4372]:

أخبرنا أبي أخبرنا أبو الحسن الميدانى أخبرنا ابن إبراهيم بن على الآملى بالرى حدثنا أبو حامد أحمد بن محمد بن أحمد بن ماينا الحافظ ببخارى أخبرنا محمد بن إدريس البغدادى أخبرنا إبراهيم بن أحمد المستملى ثنا على بن طاهر ثنا أحمد بن محمد بن مخلد ثنا أحمد بن محمد الهاشمى عن محمد بن صالح الكتبي عن جعفر بن محمد البصرى عن زياد الأعلم عن الحسن عن عمران رفعه: "في كتاب اللَّه عز وجل ثمان آيات للعين لا يقرؤها عبد في دار فيصيبهم ذلك اليوم عين أنس أو جن: فاتحة الكتاب سبع آيات، وآية الكرسى".

2420/ 5957 - "فِي كُلِّ إشَارَة في التَّشَهُّدِ (1) عَشْرُ حَسَنَات".

المؤمل بن إهاب في جزئه عن عقبة بن عامر

قلت: قال المؤمل في جزئه:

حدثنا زيد بن الحبان ثنا ابن لهيعة عن عبد اللَّه بن هبيرة عن أبي عشانة عن عقبة بن عامر به.

2421/ 5958 - "في كُلِّ ذَات كَبد حَرَّى أجْرٌ".

(حم. هـ) عن سراقة بن مالك (حم) عن ابن عمرو

قال في الكبير وسببه كما في مسند أبي يعلى، "قيل: يا رسول اللَّه، الضوال ترد علينا هل لنا أجر أن نسقيها؟ قال: نعم. . . " ثم ذكره، وقضية اقتصار المصنف على ابن ماجه أنه تفرد به، وهو ذهول، فقد خرجه الشيخان معا البخارى في بدء الخلق، وفي باب: الآبار عن أبي هريرة بلفظ:

(1) في المطبوع من الفيض: "فِي الصَّلاةِ".

ص: 588

"في كل ذات كبد رطبة أجر" ومسلم في الحيوان عنه كمثل معناه، وعذر المصنف أنه في ذيل حديث المومسة التي سقت الكلب فلم يتفطن له.

قلت: وتفطنت أنت له فعجبا لك ما أحفظك، بل عذر المصنف أنه عاقل غير مجنون وعالم غير جاهل، ثم ما عزاه لأبي يعلى من سبب ورود الحديث إبعاد في النجعة فإنه كذلك عند الأصلين المعزو إليهما وهما: مسند أحمد وسنن ابن ماجه، فلئن كان للمؤلف عذر كما زعمه الشارح في عدم عزوه إلى الصحيحين، فهو لا عذر له أصلًا في عزو سببه إلى أبي يعلى مع وجوده في الأصلين المذكورين، مع أن المؤلف ليس له حق أن يذكر عزوا في غير موضعه، وإنما الشارح يلصق به عيوبا ثم يتفضل عليه بالاعتذار عنه فجزاه اللَّه على ذلك.

2422/ 5962 - "فِي كُلِّ قَرْنٍ مِنْ أمَّتِى سَابِقُونَ".

الحكيم عن أنس

قال في الكبير: ورواه أبو نعيم والديلمى عن ابن عباس، فما أوهمه عدول المصنف للحكيم من أنه لا يوجد لأحد من المشاهير غير جيد.

قلت: في هذا أخطاء، الأول: أن هذا الحديث ليس هو من حديث أنس عند الحكيم، بل هو عنده من مرسل محمد بن عجلان، قال في الأصل الخامس والأربعين ومائة:

حدثنا أبي رحمه الله قال: حدثنا محمد بن الحسن ثنا عبد اللَّه بن المبارك قال: حدثنا ليث بن سعد عن محمد بن عجلان قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. . . فذكره.

وهكذا نقله المصنف في الخبر الدال أيضًا فما وقع هنا فهو سبق قلم أو سهو من الكاتب، فكان على الشارح أن ينبه على ذلك لا سيما وهو ينقل من النوادر كما نقل منها في الكلام على نفس هذا الحديث.

ص: 589

الثانى: أن أبا نعيم والديلمى لم يروياه من حديث ابن عباس، بل من حديث عبد اللَّه بن عمرو كما سأذكره.

الثالث: أنه أطلق العزو إلى أبي نعيم لأنه رآه في مسند الفردوس مخرجًا من طريقه فلم يعرف في أي كتاب هو من كتب أبي نعيم مع أنه في الحلية في خطبتها وهو كثير النقل من الحلية فكان العزو إلى الأصل مع التبيين أولى، بل أوجب.

قال أبو نعيم [1/ 8]:

حدثنا عبد اللَّه بن جعفر ثنا إسماعيل بن عبد اللَّه ثنا سعيد بن أبي مريم ثنا يحيى بن أيوب عن ابن عجلان عن عياض بن عبد اللَّه عن عبد اللَّه بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لكل قرن من أمتى سابقون".

أما الديلمى فقال [4375 - مكرر]:

أخبرنا الحداد أخبرنا أبو نعيم حدثنا ابن فارس ثنا إسماعيل بن سمويه ثنا سعيد بن أبي مريم عن يحيى بن أيوب عن ابن عجلان بسنده، إلا أنه ذكره بلفظ:"في كل" بـ "الفاء".

الرابع: أن أبا نعيم خرجه بلفظ: "لكل" بـ "اللام" كما ذكرناه، وقد ذكره المصنف في حرف اللام، وعزاه لأبي نعيم كما سيأتى إن شاء اللَّه، فلم يبق الإيهام إلا في قلم الشارح مع الجرأة والجهل والخطإ.

2423/ 5964 - "في لَيْلَة النِّصْفِ مْن شَعْبَانَ يُوحِى اللَّهُ إِلَى مَلَكِ الْمَوْتِ بِقَبْضِ كُلِّ نَفْسٍ يُرِيدُ قَبْضَهَا في تلْكَ السَّنَة".

الدينورى في المجالسة عن راشد بن سعد مرسلًا

قال في الكبير: كتاب المجالسة في عدة أسفار.

ص: 590

قلت: لا بل هو في سفر واحد، وإنما هو في أربعة وعشرين جزءً حديثيا كانت عندى منه نسخة في مجلد متوسط غير مجزأة وضاعت مني، ثم وقعت إلى منه نسخة أخرى في مجلد كبير مجزأة على أربعة وعشرين جزءً، ثم إن هذا الحديث لم يسلك فيه المصنف طريقه في الترتيب، فإن هذا بعض حديث عند مخرجه.

قال الدينورى:

حدثنا أحمد بن خليد بن يزيد بن عبد اللَّه الكندى ثنا أبو اليمان الحكم بن نافع ثنا أبو بكر بن أبي مريم عن راشد بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن اللَّه تبارك وتعالى يطلع إلى عباده ليلة النصف من شعبان فيغفر لخلقه كلهم إلا المشرك والمشاحن، وفيها يوحى اللَّه عز وجل إلى ملك الموت بقبض كل نفس يريد قبضها في تلك السنة" اهـ.

فالظاهر أن المصنف لم ينقل الحديث من الأصل، وإنما قلد فيه من نقله فتصرف فيه واختصره.

2424/ 5966 - "في هَذَا مَرَّةً، وَفِي هَذَا مَرَّةً، يَعْنِي: القُرْآنَ وَالشِّعْرَ".

ابن الأنبارى في الوقف عن أبي بكرة

قلت: هذا حديث باطل لأنه من رواية الكديمى وهو متهم.

قال ابن الأنبارى في الوقف والابتداء:

حدثنا الكديمى ثنا محمد بن عبيد اللَّه العتبى قال: حدثنا أبي عن المسيب بن شريك عن عبد الوهاب بن عبيد اللَّه بن أبي بكرة عن أبيه عن أبي بكرة قال: "كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أعرابي ينشده، فقلت يا رسول اللَّه أشعرا أم قرآنا؟ قال: في هذا. . " وذكره.

ص: 591

2425/ 5972 - "الفَارُّ منَ الطَّاعُونِ كَالْفَارِّ مِنَ الزَّحْفِ، وَمَنْ صَبَرَ فِيهِ كَانَ لَهُ أجْرُ شَهِيدٍ".

(حم) عن جابر

قال في الكبير: قال الحافظ: جاء من حديث جابر بإسناد ضعيف، ومن حديث جابر بإسناد جيد اهـ. وقد أورده المصنف من حديث جابر واقتصر عليه ثم لم يكتف بذلك حتى رمز لصحته فانعكس عليه الحال.

قلت: الحال انعكس عليك لا عليه، فإنه رمز لهذا الحديث بعلامة الضعف لأنه من رواية عمرو بن جابر الحضرمى عن جابر، هذا من جهة، ومن جهة فإن حديث عائشة ليس هو مثل حديث جابر لأنه ليس فيه:"ومن صبر عليه كان له أجر شهيد".

قال أحمد [6/ 82]:

حدثنا يحيى بن إسحاق ثنا جعفر بن كيسان حدثتنى عمرة بنت قيس العدوية قالت: سمعت عائشة تقول: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "الفار من الطاعون كالفار من الزحف".

2426/ 5978 - "الفَخذُ عَوْرَةٌ".

(ت) عن جرهد، وعن ابن عباس

قال الشارح: جرهد بضم الجيم وسكون الراء وفتح الهاء، زاد في الكبير: أن حديثه خرجه أيضًا البخارى في التاريخ وأبو داود وأحمد والطبرانى، وأن حديث ابن عباس خرجه أيضًا أحمد وعبد بن حميد، وضعفه البخارى في التاريخ، وقال ابن حجر في المقدمة: فيه اضطراب، وقال في الإصابة: اختلفوا في إسناده اختلافا كثيرا وصححه ابن حبان مع ذلك، رواه البخارى في تاريخه وأحمد والطبرانى وغيرهم عن محمد بن جحش مرفوعًا، وعلقه

ص: 592

البخارى في الصحيح، ومما تقرر عرف أن اقتصار المؤلف على عزوه للترمذى وحده غير جيد.

قلت: فيه أمور، الأول: جرهد بفتح الجيم والهاء كجعفر، وهذا هو المشهور وضبطه بعضهم أيضًا بضم الجيم والهاء معا كسنبل، أمَّا ضم الجيم وفتح الهاء كما قال الشارح، فهو من أخطائه اللازمة لقلمه.

الثانى: لفظ حديث محمد بن جحش: " غلط فخذك، فإن الفخذ عورة" وكذلك لفظ حديث ابن عباس عند الآخرين: "غلط فخذك، فإن فخذ الرجل من عورته".

وقد ذكرهما المصنف في حرف الغين سابقا.

الثالث: لم يقل أحد أن الاستقصاء في العزو واجب على العالم أو شرط في العزو والتخريج ولا هو داخل في إمكان مخلوق، بل كل واحد يعزو إلى من تيسر له الاطلاع عليه، غاية ما في الباب أنه من الأفضل عندهم إذا كان الحديث في الصحيحين خاصة ألا يعزى إلى غيرهما، فما يقوله هذا الرجل إنما هو من جهله.

الرابع: قد أخرج هذا الحديث جماعة يطول تتبعهم، منهم: الطيالسى [ص 162 - 163] والدارمى [2/ 281]، والحاكم [4/ 180] والبيهقى [2/ 228]، وأبو نعيم، والطحاوى في مشكل الآثار، والديلمى في مسند الفردوس [رقم: 4431] وآخرون، بل عزاه الحافظ لأشهر الكتب وهو موطأ مالك، كما أنه ورد أيضًا من حديث قبيصة، وعلي بن أبي طالب، فعدم عزو الشارح لهؤلاء غير جيد أيضًا.

2427/ 5979 - "الفَخْرُ وَالخُيَلاءُ فِي أهْلِ الإِبِلِ، وَالسَّكِينَةُ وَالوَقَارُ في أهْلِ الغَنَمِ".

(حم) عن أبي سعيد

ص: 593

قال في الكبير: ظاهره أن ذا لا يوجد مخرجًا في أحد الصحيحين وهو ذهول، فقد عزاه في الفردوس لهما معا بلفظ:"الفخر والخيلاء في الفدادين من أهل الوبر، والسكينة في أهل الغنم" اهـ. بنصه، ثم رأيته فيه في كتاب الأنبياء كما ذكره.

قلت: كذبت واللَّه، ما رأيته كذلك ولا خرجه البخارى لا في الأنبياء ولا في غيره كذلك، بل خرجه في بدء الخلق أولًا لا في الأنبياء، ومن حديث أبي هريرة ثانيا لامن حديث أبي سعيد، وأول الحديث عنده لفظ آخر ثالثا لا هذا اللفظ.

قال البخارى [رقم: 3301]:

حدثنا عبد اللَّه بن يوسف أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "رأس الكفر نحو المشرق، والفخر والخيلاء في أهل الخيل والإبل والفدادين أهل الوبر، والسكينة في أهل الغنم".

وهكذا أخرجه مسلم [52/ 91]، فهذا حديث آخر من حديث أبي هريرة، وأول حرف الراء، وقد ذكره المصنف سابقا في "الراء" وعزاه لمالك والشيخين، ولكن الشارح عدم الحياء قليل الدين.

2428/ 5980 - "الفِرَارُ مِنَ الطَّاعُونِ كَالفِرَارِ مِنَ الزَّحْفِ".

ابن سعد عن عائشة

قال في الكبير: وقضية كلام المؤلف أنه لم يره مخرجًا لأشهر ولا أحق بالعزو من ابن سعد، وإلا لما أبعد النجعة والأمر بخلافه، فقد رواه أحمد بما تتضمن المعنى المذكور وزيادة، ولفظه:"الفار من الطاعون كالفار من الزحف والصابر فيه له أجر شهيد" اهـ. فالعدول عنه غير سديد.

قلت: بل كذبك غير سديد، فأحمد رواه [6/ 82] بلفظ اسم الفاعل

ص: 594

وهو: "الفار من الطاعون"، وبدون زيادة ذكر "الصابر"، وقد قدمه المؤلف في موضعه قريبًا من الفاء بعدها ألف، وابن سعد [8/ 490] خرجه بلفظ المصدر كما ترى، ولذلك أعاده المؤلف هنا؛ وإذ أعمى الشارح جهله عن رؤية هذا التدقيق، فكان الأولى له أن يسكت.

* * *

ص: 595