المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌حرف الراء 1845/ 4359 - " رَأتْ أمِّى حِينَ وَضَعَتْنِى سَطَعَ - المداوي لعلل الجامع الصغير وشرحي المناوي - جـ ٤

[أحمد بن الصديق الغماري]

الفصل: ‌ ‌حرف الراء 1845/ 4359 - " رَأتْ أمِّى حِينَ وَضَعَتْنِى سَطَعَ

‌حرف الراء

1845/ 4359 - " رَأتْ أمِّى حِينَ وَضَعَتْنِى سَطَعَ مِنْهَا نُورٌ أضَاءَتْ لَهُ قُصُورُ بصْرَى".

ابن سعد عن أبي العجفاء

قال في الكبير: وصنيع المصنف يصرح بأنه صحابى، وهو وهم، وإنما هو تابعى كبير روى عن عمر وغيره.

قلت: صنيع المصنف لا يصرح بذلك إلا لو كان كتابه مسندًا وشرط فيه ألا يورد إلا الصحيح الموصول، وإذ ليس كتابه كذلك فنسبة التصريح إلى صنيعه تَقَوُّلٌ وَكَذبٌ عليه، وكيف يخفى عليه أنه تابعى وقد نقله من الطبقات التي قال صاحبها [1/ 1، رقم 96]: أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء أخبرنا ثور بن يزيد عن أبي العجفاء.

وصغار أهل الحديث يعلمون أن ثور بن يزيد لم يدرك أحدًا من الصحابة.

1846/ 4361 - "رَأسُ الحِكْمَةِ مَخَافَةُ اللَّهِ تَعَالَى".

الحكيم وابن لال عن ابن مسعود

ص: 91

قال في الكبير: وكذا القضاعى في الشهاب عن ابن مسعود.

قلت: القضاعى لم يخرجه من حديث ابن مسعود، إنما خرجه [رقم: 55، 116] من حديث زيد بن خالد الجهنى أثناء خطبة طويلة، أما حديث ابن مسعود فأخرجه الحكيم في الأصل السابع والعشرين ومائتين بلفظ:"رأس العلم" بدل: "الحكمة"، وقد ذكرت أسانيده والاختلاف في رفعه ووقفه على ابن مسعود في مستخرجى على مسند الشهاب، وقد وهم الشارح أيضًا في قوله أنه خرجه في الشهاب، فإنه لم يُخَرِّج في الشهاب حديثًا، وإنما خَرَّجَ في مسنده.

1847/ 4362 - "رَأسُ الدِّين النَّصيحَةُ للَّهِ وَلِدِينِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِكِتَابِهِ، وَلأئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَلِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً".

سمويه (طس) عن ثوبان

قلت: أخرجه أيضًا الثقفى في الخامس من فوائده قال:

حدثنا أبو سعيد محمد بن موسى بن الفضل الصيرفى ثنا محمد بن يعقوب بن يوسف الأصم ثنا الربيع بن سليمان المرادى ثنا أيوب بن سويد الرملى حدثنى أمة بن يزيد عن أبي مصبح الحمصى عن ثوبان مرفوعًا: "رأس الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول اللَّه؟ قال: للَّه ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين، وللمسلمين عامة".

وأخرجه البندهى في شرح المقامات من طريق أبي محمد يحيى بن محمد بن صاعد: ثنا الربيع بن سليمان به.

وأخرجه أبو عمرو بن منده في الأول من فوائده قال:

أخبرنا أبو طاهر أحمد بن عمرو المصرى ثنا يونس بن عبد الأعلى الصدفى ثنا

ص: 92

أيوب بن سويد به.

وذكر ابن أبي حاتم في العلل أنه سأل أباه عن هذا الحديث فقال: إنه منكر اهـ.

قلت: وذلك من أجل أيوب بن سويد، وقد نقل الشارح ما فيه.

1848/ 4365 - "رَأسُ العَقْلِ بَعْدَ الإيمَانِ باللَّهِ التَّوَدُّدُ إِلَى النَّاسِ".

البزار، (هب) عن أبي هريرة

قال في الكبير: رواه البيهقى من حديث هشيم عن على بن زيد بن جدعان عن ابن المسيب عن أبي هريرة، ثم قال البيهقى: لم يسمعه هشيم من على، وهذا حديث يعرف بأشعث بن براز عن على بن زيد عن ابن المسيب عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فدلسه هشيم اهـ.

قلت: لا أدرى هل كلام البيهقى كما نقل الشارح أو فيه تحريف وزيادة ونقص، فإن هشيما مدلس قد لا يكون سمع الحديث من على بن زيد، ورواه عنه بالعنعنة، لا سيما وقد قال أحمد: إنه لم يسمع منه شيئًا ولكنه ثقة ثقة، والثقة لا يوصل المراسيل، فكيف يتهم بهذا؟ فإن أشعث بن براز ما رواه إلا مرسلا، وأيضًا فإن الحديث لم يروه عن أشعث بن براز وحده، بل رواه أيضا غيره موصولًا، فلو فرضنا أن هشيما دلسه فالواجب ألا يكون عنده عن أشعث بن براز بل عن غيره، فقد رواه الطبرانى في مكارم الأخلاق [رقم: 139]، وابن شاهين في الترغيب، والبزار، والقضاعى في مسند الشهاب [رقم: 200] كلهم من رواية عبيد بن عمرو الحنفى ثنا على بن زيد به موصولًا، نعم، أخرجه ابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق من رواية هشيم عن على به مرسلا يذكر أبا هريرة، فلعل البيهقى رواه من هذا الوجه مرسلا وتكلم عليه، فنقل الشارح كلامه من سند المرسل إلى سند الموصول

ص: 93

وهذا أقل شيء يضعه في التحريف والتبديل.

أما رواية أشعث فأخرجها أبو الليث في التنبيه قال:

حدثنا محمد بن الفضل ثنا فارس بن مردويه ثنا محمد بن الفضيل عن زيد بن الحُباب العُكْلى عن أشعث البصرى عن على بن زيد عن سعيد بن المسيب مرسلا مطولا ولفظه: "رأس العقل بعد الإيمان باللَّه مداراةٌ، والتودد إلى الناس، وما هلك رجل عن مشورة، وما سعد رجل باستغنائه برأى، وإذا أراد اللَّه أن يهلك عبدا كان أول ما يفسد منه رأيه، وإن أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة، وإن أهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة" وأخرجها البيهقى أيضًا، وسيأتى ذكرها أيضًا قريبًا.

1849/ 4367 - "رَأسُ الْعَقْل بَعْدَ الإيمَان باللَّه التَّوَدُّدُ إِلَى النَّاس، وَأهْلُ التَّوَدُّد في الدُّنْيَا لَهُمْ دَرَجَة في الجَنَّة، وَمَنْ كَانَت لَهُ في الجنَّة دَرَجَةٌ فَهُوَ في الجنَّة، وَنصْفُ العلْم حُسْنُ المَسْألَة، وَالاقْتصَادُ في المَعيشَة نصْفُ العَيْش، يُبْقى نصْفَ النَّفَقَة، وَرَكْعَتَان منْ رَجُل وَرع أَفْضَلُ منْ ألْف رَكْعَة منْ مُخْلط، وَمَا تَمَّ دينُ إنْسَان قَطٌّ حَتَّى يَتمَّ عَقْلُهُ، وَالدُّعَاءُ يَرُدُّ الأمْرَ، وَصَدَقَةُ السِّرِّ تُطْفئُ غَضَبَ الرَّبِّ، وَصَدَقةُ العَلانيَة تَقى مَيْتَةَ السُّوء، وَصَنَائعُ المَعْرُوف إِلَى النَّاس تَقى صَاحبَهَا مَصَارعَ السُّوء: الآفَات وَالْهَلَكَات، وَأهْلُ المَعْرُوف في الدُّنْيَا هُمْ أهْلُ المعْرُوف في الآخرَة، وَالْمَعْروفُ يَنْقَطِعُ فِيمَا بَيْنَ النَّاس وَلا يَنْقَطِعُ فِيمَا بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ مَنِ افْتَعَلَهُ".

(هب) عن أنس

قلت: أخرجه أيضًا أبو نعيم في التاريخ [1/ 211] قال:

حدثنا أبي ثنا محمد بن أحمد بن يزيد (ح)

ص: 94

وحدثنا أبو محمد بن حيان ثنا خالى وغيره قالوا: حدثنا سمعان بن بحر العسكرى ثنا إسحاق بن محمد بن إسحاق ثنا أبي عن يونس بن عبيد عن الحسن عن أنس به.

وسمعان اسمه: إسماعيل بن بحر أبو على، وفي ترجمته خرجه أبو نعيم [3/ 203]، والحديث باطل، والحمل فيه عليه كما قال البيهقى أو على شيخه.

1850/ 4369 - "رَأسُ الْعَقْل بَعْدَ الإيمَان باللَّه التَّوَدُّدُ إِلَى النَّاس، وَمَا يَسْتَغْنى رَجُلٌ عَنْ مَشُورَة، وَإِنَّ أَهْلَ الْمَعْرُوف في الدُّنْيَا هُمْ أهْلُ الْمَعْرُوفِ فِى الآخِرَةِ، وَإنَّ أَهْلَ المُنْكَرِ فِى الدُّنْيَا هُمْ أهْلُ المُنْكَرِ فِى الآخِرَةِ".

(هب) عن سعيد بن المسيب

قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أنه لا علة له غير الإرسال والأمر بخلافه، فقد قال الذهبى في المهذب: مرسل وضعيف، وقال ابن الجوزى: من منكر، وأقول: فيه محمد بن عمرو أبو جعفر قال الذهبى: مجهول، ويحيى بن جعفر أورده الذهبى في ذيل الضعفاء والمتروكين وقال: مجهول، وزيد بن الحباب قال في الكاشف: لم يكن به بأس وقد يتهم، والأشعث بن براز ضعفوه، وعلى بن زيد بن جذعان قال أحمد وغيره: ليس بشيء، وبه يعرف أن إسناده عدم مع كونه مرسلا.

قلت: في هذا عدة أخطاء فاحشة، أولها: أن ظاهر صنيع المصنف لا يفيد ما قاله الشارح من سلامته من العلل غير الإرسال، بل هو مجرد تَقَوُّلٌ عليه وَتَهَوُّرٌ فِي الكلام.

الثانى: أن محمد بن عمرو أبا جعفر لم يقل الذهبى فيه: مجهول، بل

ص: 95

ذلك كذب على الذهبى وقلب لحقيقة ما قاله، فإنه نقل ذلك عن أبي حاتم ثم رده عليه ولفظه: محمد بن عمرو بن عتبة أبو جعفر الكوفى عن حسين الأشعر مجهول.

قلت: بل هو مشهور صالح الأمر حدث عنه ابن الأعرابى والأصم، وسمع أبا نعيم ونحوه اهـ.

فالذهبى نقل كونه مجهولا عن أبي حاتم كما هو اصطلاحه ثم رده بأنه معروف صالح، فاقتصر الشارح على كلام أبي حاتم المردود ونسبه للذهبى، ولم ينقل رده عليه، وهذا أقصى ما يمكن من التهور والتخبط والخطإ.

الثالث: أن يحيى بن جعفر ذكره الذهبى في الميزان المتداول المشهور، وذكر ما نقله الشارح فيه، فالعزو إلى ذيل الضعفاء والمتروكين لا يخفى ما فيه من التدليس والإيهام.

الرابع: أن زيد بن الحباب ثقة من رجال مسلم، وقد أثنى عليه الحفاظ ووثقوه ووصفوه بالحفظ والضبط للألفاظ، إلا أن بعضهم ذكر أن روايته عن المجاهيل خاصة فيها المناكير، وهذا بعد تسليمه بتلك المناكير من المجاهيل لا منه، ومعاذ اللَّه أن يتهم زبد بن الحباب أو يقول ذلك الذهبى عنه، فقد ذكره في الميزان فقال: زيد بن الحباب العابد، الثقة صدوق جوَّال، وقد قال ابن معين: أحاديثه عن الثورى مقلوبة، وقد وثقه ابن معين مرة. . . إلخ ما ذكره. فلا يتصور أن يقول عنه في الكاشف: إنه متهم، وقد ذكره أيضًا في طبقات الحفاظ ووصفه بالزاهد المحدث الجوال الرَحَّال ثم قال آخر ترجمته: وهو ثقة وغيره أقوى منه اهـ.

وهذا مسلم مقبول، أما كونه متهما كما يفتريه الشارح فلا.

ص: 96

الخامس: أن الحديث ورد من غير طريق هؤلاء كلهم، فأخرجه جماعة كما ذكرته قريبًا من طرق عن عبيد بن عمرو الحنفى عن على بن زيد به فسقط كل ما هَذَى به الشارح في تعليل الحديث بالمذكورين.

السادس: أن الحديث له شواهد من حديث أنس وعلى وغيرهما، فلا يكون عدمًا معها وإنما العدم التالف كلام الشارح ونقله.

1851/ 4371 - "رَأسُ العَقْلِ بَعْدَ الإيمَان بِاللَّه الْحَياءُ وَحُسْنُ الْخُلُقِ".

(فر) عن أنس

قال الشارح: بإسناد ضعيف.

وقال في الكبير: فيه يحيى بن راشد، قال الذهبى: ضعفه النسائى.

قلت: الحديث لا يعل بيحيى بن راشد، لأن في السند قبله راويًا كذابًا، وهو عبد اللَّه بن محمد بن وهب الدينورى الحافظ، فإنه كان كذابًا وضاعًا، فالحديث موضوع، ويحيى بن راشد منه بريء.

قال الديلمى:

أخبرنا عبدوس إجازة أخبرنا الحسين بن فنجويه ثنا ابن سنبه ثنا عبد اللَّه بن محمد بن وهب ثنا أحمد بن ثابت الجحدرى ثنا يحيى بن راشد الأسلمى ثنا عبد اللَّه بن هلال المازنى ثنا موسى بن أنس عن أبيه به.

1852/ 4373 - "رَأسُ هَذَا الأمْرِ الإسْلامُ، وَمَنْ أسْلَمَ سَلمَ، وَعَمُودُه الصَّلاةُ، وَذُرْوَةُ سَنَامهِ الْجِهَادُ، لا يَنَالُهُ إلا أفْضَلُهُمْ".

(طب) عن معاذ

رمز المصنف لصحته، وقال الشارح: سنده حسن

ص: 97

قلت: من نظر إلى ظاهر سند الحديث يرى الحكم بحسنه بعيدًا؛ لأنه من رواية على بن زيد عن القاسم عن أبي أمامة عن معاذ، وعلى بن زيد وشيخه ضعيفان، لا سيما القاسم فإنه أشد ضعفًا من ابن جذعان.

ومن هذا الوجه أخرجه أيضًا إسماعيل الصفار في جزئه قال:

حدثنا محمد بن صالح أبو بكر ثنا قحيم ثنا الواجد ثنا عثمان بن أبي العاتكة عن على بن زيد به مثله.

لكن من نظر إلى طرق الحديث ومتنه علم أنه صحيح كما حكم به المصنف، فإن المتن المذكور هنا قطعة من حديث معاذ الطويل المعروف الذي خرجه أحمد والترمذى والنسائى وابن ماجه، وآخرون من رواية أبي وائل عن معاذ، وأبو وائل وإن كان مختلفًا في سماعه من معاذ إلا أنه أدركه بالسن، وليس من البعيد أن يكون سمع منه، ولذلك قال الترمذى عن الحديث أنه حسن صحيح.

وله طريق آخر من رواية شهر بن حوشب عن معاذ، أخرجه أحمد [5/ 231]، والبزار، والطبرانى [2/ 63، رقم 115]، وشهر فيه مقال ولم يسمع من معاذ إلا أن الحديث ورد من روايته عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ أخرجه أحمد بنحوه.

وله طريق آخر أيضًا من رواية ميمون بن أبي شيبة عن معاذ، أخرجه البيهقى في الشعب (1) وغيره، وميمون قد قيل: إنه لم يسمع من أحد من الصحابة، إلا أن هذه الطرق الكثيرة تثبت شهرة الحديث عن معاذ وصحته عنه كما حكم به الترمذى والمصنف، والحديث إنما يحكم عليه بالنظر إلى مجموع

(1) لم أجد في الباب السادس والعشرين من شعب الإيمان -وهو باب في الجهاد- رواية ميمون بن أبي شيبة، وإنما رواية شعبة عن الحكم عن عروة بن النزال أو النزال بن عروة عن معاذ، انظر (4/ 13، رقم 4225) ولعله في مكان آخر من الشعب، واللَّه أعلم.

ص: 98

طرقه لا إلى بعضها فقط.

1853/ 4375 - "رَاصُّوا صُفُوفكُمْ، وَقَارِبُوا بَيْنَهَا، وَحَاذُوا بِالأعْنَاقِ".

(ن) عن أنس

قال في الكبير: وظاهر اقتصاره على النسائى أنه تفرد بإخراجه عن الستة، وليس كذلك، فقد رواه أبو داود في الصلاة باللفظ المزبور.

قلت: كلا ليس هو عنده باللفظ المزبور، بل بلفظ:"رُصُّوا" بضم الراء وبدون ألف بعدها، وهذا موضعه حرف الراء مع الصاد، وهو لا يزال الآن في حرف الواء بعدها ألف ثم صاد.

ثم عند أبي داود فيه زيادة: "فوالذى نفسى بيده إنى لأرى الشيطان يدخل من خلل الصف كأنها الحَذَف" اهـ. فأين هو اللفظ المزبور؟!.

1854/ 4379 - "رَأيْتُ إبْرَاهيمَ لَيْلَة أسْريَ بي فَقَالَ: يَا مُحَمَّد أقْرئ أمَّتكَ السَّلامَ، وأخْبرْهُم أنَّ الْجَنَّةَ طَيِّبَةُ التّرْبَة، عَذْبَةُ الْمَاء، وأنَّهَا قيعَانٌ، وَغراسهَا: سُبْحَانَ اللَّه، والْحَمْدُ للَّهِ، وَلا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، واللَّهُ أكْبَرُ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلا بِاللَّهِ".

(طب) عن ابن مسعود

قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه عبد الرحمن بن إسحاق أبو شيبة الكوفى، وهو ضعيف، ورواه الترمذى باختصار الحوقلة.

قلت: الترمذى رواه بلفظ: "لقيت" لا بلفظ: "رأيت"، والحديث أخرجه الطبرانى في الثلاثة، وذكره المصنف في أول "الفانيد في حلاوة الأسانيد"، وترجم عليه بحديث من رواية نبينا صلى الله عليه وسلم عن إبراهيم [الخليل](1) عليه الصلاة والسلام، ثم أسنده من طريق الطبرانى قال:

(1) في المخطوط: خليل.

ص: 99

حدثنا على بن الحسين بن المثنى الجهنى التسترى ثنا محمد بن الحارث الخزاز البغدادى ثنا سيار بن حاتم ثنا عبد الواحد بن زياد عن عبد الرحمن بن إسحاق عن القاسم بن عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن مسعود عن أبيه عن جده به، وقال: تفرد به سيار.

ورواه الخطيب في التاريخ من طريق الطبرانى بهذا الإسناد، ورواه الترمذى عن عبد اللَّه بن أبي زياد: ثنا سيار به.

ثم قال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، كذا قال، وهو غريب إن ثبت أنه قال: حسن، فإن عبد الرحمن بن إسحاق منكر الحديث متفق على ضعفه، وعبد الرحمن لم يسمع من أبيه في قول الأكثرين، لأنه لما توفي والده كان صغيرًا ابن ست سنين أو نحوها، وقيل: لم يسمع منه إلا حديثا واحدًا: "محرم الحلال كمحلل الحرام"؛ فإن ثبت تحسينه عن الترمذى فلعله اعتمد على ما ذكره من أن في الباب عن أبي أيوب أيضًا، واللَّه أعلم.

1855/ 4381 - "رأيْتُ جِبْرِيلَ لَهُ سُتُّمَائةُ جَنَاح".

(طب) عن ابن مسعود

قال في الكبير: هذا كالصريح في أنه لا يوجد في الصحيحين، وإلا لما ساغ العدول للطبرانى والأمر بخلافه، فقد رواه البخارى في تفسير النجم، ورواه مسلم في الإيمان من حديث ابن مسعود بلفظ:"أن النبي رأى جبريل له ستمائة جناح" وبلفظ: "رأى جبريل في صورته له ستمائة جناح".

قلت: انظر إلى هذا وتعجب من غفلة الشارح بل تغافله المقصود، فهو يعلم أن كتاب المصنف خاص بالأحاديث القولية التي هي من قول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ولفظه وصيغته ثم يتعقب عليه بالأحاديث التي هي من قول عبد اللَّه بن مسعود وصيغته، وإن كان الكل مرفوعًا إلا أن المصنف أفرد كتابه لقسم المرفوع

ص: 100

الذي هو من لفظه صلى الله عليه وسلم لا من لفظ غيره.

1856/ 4384 - "رَأيْتُ خَدِيجَةَ عَلَى نَهْر مِنْ أنْهَارِ الْجَنَّةِ فِي بَيْتٍ من قَصَبٍ، لا لَغو فِيهِ وَلا نَصَب".

(طب) عن جابر

قال الشارح: وإسناده صحيح، واقتصار المؤلف على حسنه تقصير.

قلت: اعتمد الشارح في هذا على ما نقله في الكبير عن الحافظ الهيثمى أنه قال: رجاله رجال الصحيح غير مجالد بن سعيد وقد وثق اهـ. فلو كان الشارح من أهل الحديث لعلم أن قول الهيثمى: رجاله رجال الصحيح لو لم يستثن منه لما دل على صحة الإسناد، لأنه لا يلزم من كون رجال السند رجال الصحيح أن يكون الحديث صحيحًا فقد يكون الرجال كذلك والحديث باطل موضوع، كما هو موجود بكثرة لعلة في الإسناد من انقطاع وتدليس وقلب وغلط، فكيف والهيثمى استثنى من ذلك مجالد بن سعيد وذكر أنه ضعيف وثقه بعضهم، وذلك هو وصف الحسن كما حكم به المصنف؟! ولكن الشارح بعيد عن دراية الحديث.

1857/ 4385 - "رَأيْتُ لَيْلَةَ أسْريَ بي علَى بَاب الْجَنَّة مكتُوبًا: الصَّدَقَةُ بعَشْر أمْثَالهَا، والْقَرْضُ بثَمَانيَة عَشر، فَقُلْتُ: يَا جبْريلُ، مَا بَالُ الْقَرْض أفضَلُ منَ الصَّدَقَة؟ قَالَ: لأن السَّائلَ يَسْألُ وَعنْدَهُ، والمُسْتَقْرضُ لا يَستقْرضُ إلا من حَاجَة".

(هـ) عن أنس

قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، وليس كما قال، فقد قال الحافظ العراقى: سنده ضعيف، وأصله قول ابن الجوزى: حديث لا يصح، قال أحمد: خالد بن يزيد -أي أحد رجاله- ليس بشيء، وقال النسائى: ليس بثقة.

ص: 101

قلت: من تهور الشارح أنه يجعل قول كل من خالف المؤلف حجة عليه لا سيما إذا كان المخالف من قرابته كالعراقى والصدر المناوى، ولو أنصف لعلم أن لكل رأيه في الحكم على الحديث، وأنه لا يلزم عالمًا تقليد مثله فكيف ولا خلاف بين قول المصنف والعراقى، فإن المصنف يحكم على الأحاديث غالبًا بالنظر إلى ذاتها، والحافظ العراقى يحكم عليها بالنسبة لطرقها، ولا يستقصى، وكذلك ابن الجوزى، بل هو مقلد محض في جل ما يحكم به على الأحاديث، وحكمه هذا الذي جعله الشارح أصلًا لحكم العراقى هو مقلد فيه لابن حبان، فإنه الذي قال ذلك في ترجمة خالد بن يزيد من الضعفاء له ونصه: خالد بن يزيد بن أبي مالك الدمشقى من فقهاء الشام كان في الرواية ولكنه كان يخطيء كثيرًا، وفي حديثه مناكير لا يعجبنى الاحتجاج بخبره إذا انفرد عن أبيه وما أقر به في نفسه إلى التعديل، وهو ممن أستخير اللَّه فيه مات سنة 185، وهو الذي روى عن أبيه عن أنس قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "رأيت ليلة أسرى بي. . . " فذكر الحديث ثم قال: أخبرنا به قتيبة ثنا هشام بن خالد الأزرق ثنا خالد بن يزيد بن أبي مالك عن أبيه به وليس بصحيح اهـ.

وكلام ابن حبان هذا فيه تهافت، فإنه اعترف أولًا بأنه صدوق وأمره قريب إلى العدالة، وأنه لا يعجبه خبره إذا انفرد ثم قال: إنه ليس بصحيح مع أنه لم ينفرد بالحديث، بل ورد من غير طريقه كما سأذكره، وقد وثقه أيضًا أبو زرعة الدمشقى وأحمد بن صالح المصرى والعجلى، وقال ابن عدى: لم أر من حديثه إلا كل ما يحتمل في الرواية أو يرويه ضعيف عنه فيكون البلاء من الضعيف لا منه اهـ.

وهذا الحديث رواه عنه ثقة وهو هشام بن خالد الأزرق كما سبق عند ابن حبان وكذلك هو عند ابن ماجه [2/ 812، رقم 2431] وكذلك رواه عنه

ص: 102

هشام بن عمار كما عند الحكيم الترمذى في النوادر في الأصل التاسع والسبعين والمائة (1) من روايته عن شيخه عمر بن أبي عمر العبدى قال: حدثنا هشام بن عمار به.

فهذا السند على انفراده حسن على توثيق العجلى وأبو زرعة وأحمد بن صالح، وكلام ابن عدى وابن حبان في خالد، فكيف مع وروده من حديث أبي أمامة بسند حسنه الحفاظ، فقد رواه الطبرانى [8/ 249، رقم 7976] والبيهقى في الشعب [3/ 284، رقم 3564] من رواية عتبة بن حميد ثم من حديث أبي أمامة مرفوعًا: "دخل رجل الجنة فرأى مكتوبًا بأعلى بابها الصدقة بعشر أمثالها، والقرض بثمانية عشر"، أورده الحافظ المنذرى، وصدره بـ "عن" ثم أشرك معه حديث أنس فكأنه حكم بحسنه لأجل الطريقين، لأنه قال عقب حديثه أبي أمامة: رواه الطبرانى والبيهقى من رواية عتبة بن حميد، ورواه ابن ماجه [2/ 892، رقم 2439] والبيهقى أيضًا كلاهما من رواية خالد بن يزيد ابن أبي مالك عن أنس قال: وعتبة بن حميد عندى أصلح حالًا من خالد اهـ.

قلت: وله مع هذا طريق آخر عن أبي أمامة قال أبو داود الطيالسى [رقم 1141] حدثنا جعفر بن الزبير الحنفى (ح)

وقال الحكيم في نوادر الأصول [2/ 82] حدثنا أبي حدثنا مكى بن إبراهيم ثنا جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "رأيت على باب الجنة مكتوبًا القرض بثمانية عشر والصدقة بعشر، فقلت: يا جبريل ما بال القرض أعظم أجرًا؟ قال: لأن صاحب القرض لا يأتيك إلا وهو محتاج وربما وضعت الصدقة في غنى" ثم قال الحكيم حدثنا عتبة بن عبد اللَّه بن عتبة الأزدى ثنا محمد بن عيسى أبو مالك عن جعفر بن الزبير به.

(1) هو في الأصل الثامن والسبعين والمائة من المطبوع (2/ 82) من رواية أبي أمامة رضي الله عنه.

ص: 103

ورواه السلفى في المعجم الوجيز فقال: كتب إلى أبو شجاع عمر بن أبي الحسن البسطامى من مكة أنبأنا أبو القاسم إسماعيل بن الحسين السنجستى الفرائضي بيلخ أخبرنا أبو على الحسن بن أحمد بن محمد بن الحسن الزاهد البلخى أنبأنا أبو بكر محمد بن أحمد شازان الفقير ثنا أبو شهاب معمر بن محمد بن معمر الكوفى ثنا أبو السكن مكى بن إبراهيم الصدوق ثنا جعفر بن الزبير به. ولفظه: "مكتوب على باب الجنة القرض بثمانية عشر والصدقة بعشر أمثالها" ثم قال السلفى هذا حديث حسن، ورواته من أبي شجاع إلى جعفر بلخيون مشاهير وليس فيما رووه مناكير اهـ. كذا قال وهو غريب جدًا فإن جعفر بن الزبير ضعيف وله مناكير إلا أنه توبع على هذا الحديث كما سبق.

وله طريق ثالث أيضًا قال الحكيم الترمذى في النوادر:

حدثنا محمد بن غيلة الروزى ثنا الحسن بن محمد الأعمش أخبرنا بشر بن نمير القشيرى عن القاسم عن أبي أمامة به.

وبالجملة فالحديث بمجموع طرقه لا ينزل عن رتبة الحسن ولابد إن شاء اللَّه تعالى؛ فالحق ما حكم به المصنف كما حكم به غيره من الحفاظ.

1858/ 4393 - "رُؤْيَا الْمُؤْمِنُ كَلام يُكَلِّم بِهِ الْعَبْدُ رَبّه فِي المَنَامِ".

(طب) والضياء عن عبادة بن الصامت

قال الشارح: وفيه من لا يعرف وعزاه الحافظ ابن حجر إلى مخرجه الترمذى عن عبادة وقال إنه واه.

قلت: هذا تهور في النقل وتصرف خطأ يوقع في الوهم القبيح إذ يفيد أن

ص: 104

الحديث خرجه الترمذى، وأن الحافظ عزاه إليه، وقال عن الحديث أنه واه وليسى شيء من ذلك واقعًا فالحافظ قال في الفتح ما نصه: وذكر ابن القيم حديثًا مرفوعًا غير معزو: "إن رؤيا الؤمن كلام يكلم به العبد ربه في المنام"، ووجد الحديث المذكور في نوادر الأصول للترمذى من حديث عبادة ابن الصامت، أخرجه في الأصل الثامن والسبعين (1) وهو من روايته عن شيخه عمر بن أبي عمر وهو واه، وفي سنده جنيد بن ميمون عن حمزة بن الزبير عن عبادة اهـ. فالحافظ عزاه للحكيم الترمذى في النوادر والشارح أطلق الترمذى ولم يذكر النوادر فأوهم أنه عند الترمذى أبي عيسى في الجامع وهو إيهام قبيح وأيضًا الحافظ إنما قال واه عن شيخ الترمذى الحكيم، وهو عمر بن أبي عمر المذكور، وإما الحافظ لم يقف عليه عندهما أو لم يستحضره ساعة الكتابة فإذا كان عندهما بسند نقي كان الحديث جيد الإسناد كما يفيده تخريج الضياء له في المختارة فنقل قول الحافظ في عمر بن أبي عمر أنه واه إلى الحديث من أجله خطأ فاحش وتصرف يدل على الجهل بالصناعة وقد أخرجه أيضًا الدولابى في الكنى والأسماء من غير طريق عمر بن أبي عمر المذكور فقال:

حدثنى يحيى بن عثمان الحمصى ثنا نعيم بن حماد ثنا عثمان بن سعيد بن كثير ابن دينار عن محمد بن مهاجر عن حميد بن ميمون أبي عبد الحميد عن حمزة ابن الزبير عن عبادة بن الصامت به. كذا وقع عنده حميد بن ميمون.

وفي الفتح: جنيد بن ميمون فهو الحندقى.

قال أبو زرعة شيخ، وقال أبو حاتم: ليس بقوى في الحديث يكتب حديثه وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: ربما أخطأ وإن كان حميد بن ميمون أو جنيد، لما عرفته الآن، وكذلك حمزة بن الزبير.

(1) هي في الأصل السابع والسبعين من المطبوع (1/ 501).

ص: 105

وقال الحافظ نور الدين في الزوائد بعد عزوه للطبرانى: فيه من لم أعرفه فكأنه يقصدهما أو أحدهما، وهو السرفي ذكر الحافظ لهما ليقع الكشف عنهما وإلا أن تخريج الحافظ الضياء للحديث في المختارة، قد يفيد أنهما معروفان عنده، واللَّه أعلم.

1859/ 4395 - "رِبَاطُ يَوْمٍ وَلَيْلَة خَيْرٌ مِنْ صِيَامِ شَهْرِ وَقِيَامِهِ، وإنْ مَاتَ مُرَابطًا جَرَى عَلَيْهِ عَمَلُهُ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُهُ، وأجرَى عَلَيْهِ رِزْقُهُ وَأمِنَ مِنَ الفتَانِ".

(م) عن سلمان

قلت: أخرجه أيضًا البخارى في التاريخ الكبير مختصرًا إلى قوله "وقيامه" وذلك في ترجمة محمد بن يزيد الصبى.

وأخرجه الثقفى في أول الخامس من الثقفيات، وقال بعد قوله "وقيامه" مرابطًا في سبيل اللَّه كان له أجر مجاهد إلى يوم القيامة. وهذه الرواية بينت المراد بالعمل الذي كان يعمله في الرواية قبلها، وأن المراد به الجهاد.

ورواه أبو بكر الربعى السرار في جزئه وقال بعد قوله: "وقيامه""ومن مات مرابطًا في سبيل اللَّه أجير من فتنة القبر، وجرى له صالح كان يعمل إلى يوم القيامة".

1860/ 4399 - "رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبيلِ اللَّهِ يَعْدلُ رِبَاطُ (1) شَهْرٍ أو سَنَة صيَامهَا وقِيامهَا، وَمَنْ مَاتَ مُرَابِطًا فِي سَبيَلِ اللَّه أعَاذَهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْر، وأجْرَى لَهُ أجْرَ رِبَاطِهِ مَا قَامَتِ الدّنْيَا".

الحارث عن عبادة بن الصامت

قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أن ذا لا يوجد مخرجًا لأحد من الستة،

(1) في المطبوعة من فيض القدير "عبادة"(4/ 14).

ص: 106

وإلا لما عدل عنه، وهو عجيب فقد عزّاه الديلمى لمسلم من حديث سلمان ولعل المصنف ذهل عنه.

قلت: هو عجيب حقًا وفوق العجيب، فحديث سلمان ذكره المصنف وعزاه لمسلم قبل هذا بحديثين فقط.

قال الحارث بن أبي أسامة: حدثنا أبو النضر ثنا بكر بن خنيس عن ليث عن محمد بن المنكدر عن عبادة بن الصامت به، ووقع في أصلنا منه "ما دامت الدنيا" بالدال لا بالقاف.

1861/ 4400 - "رُبَّ أشْعَث أغْبَر ذِي طَمَرين تَنْبو عَنْهُ أعْيُنِ النَّاسِ لَوْ أقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأبَرَّهُ".

(ك. حل) عن أبي هريرة

قال في الكبير: قال الحاكم صحيح وأقره الذهبى، وأقول: فيه عند أبي نعيم محمد بن زيد الأسلمى، ضعفه النسائى، وقبله غيره.

قلت: الحديث إذا صححه الحاكم وأقره الذهبى لا معنى بعد ذلك لتعرض ما في سنده عند أبي نعيم، ولا فائدة في ذكره إذ لو كان في سنده وضاعًا لما ضر ذلك شيئًا وسنده عند الحاكم صحيح، ولكن فضوله أبي له إلا أن يأتى بالمخازى فسند أبي نعيم هو سند الحاكم وليس عنده محمد بن زيد الأسلمى أصلًا.

قال أبو نعيم: حدثنا ابن أبي حازم عن كثير بن زيد عن الوليد بن رباح عن أبي هريرة به.

ومن هذا الوجه أخرجه الحاكم [4/ 328] إلا أنه وقع عنده عن كثير بن زيد عن المطلب بن عبد اللَّه عن أبي هريرة.

قال الحاكم: أخبرنا أبو بكر أنبأ الحسن بن على بن زياد ثنا إبراهيم بن حمزة

ص: 107

ثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن كثير بن زيد عن المطلب بن عبد اللَّه عن أبي هريرة به. فكان لكثير فيه شيخين حدث به عنهما فاقتصر الراوى عنه كل مرة على واحد منهما.

1862/ 4404 - "رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إلَّا الْجُوعُ، وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إلَّا السَّهَرَ".

(هـ) عن أبي هريرة

قال الشارح: وهو حديث حسن، وقال في الكبير: ورواه عنه أيضًا النسائى.

قلت: المصنف رمز لهذا الحديث بعلامة الصحيح فأصاب، والشارح قال: إنه حسن فأخطأ. لأنه إن أراد سند ابن زيد عن سعيد المقهى عن أبي هريرة، وأسامة ضعيف منكر الحديث، لا يكون حديثه حسنًا، وإن أراد أصل الحديث فهو صحيح وفوق الصحيح لأنه له عن أبي هريرة طرقًا صحيحة، وقد صححه ابن خزيمة والحاكم على شرط البخارى وأقره الذهبى، وصححه أيضًا جماعة من الحفاظ، وإنما اقتصر الشارح على عزوه لابن ماجه باعتبار لفظه وصححه باعتبار طرقه كما هي عادته، وقد عزاه بعد هذا لأحمد والحاكم والبيهقى فقال الشارح عنه إنه صحيح، وهو عين هذا الحديث فهو من تناقضه، ثم إنه زاد عزوه إلى النسائى تقليدا لمن عزاه إليه من الحفاظ المتقدمين كالمنذرى وهو غلط من الشارح، وعدم تفرقة بين اصطلاح المتقدم والمتأخر من أهل الحديث، فالأقدمون يعزون إلى النسائى ويريدون الكبرى والمتأخرون اصطلحوا على إطلاق العزو إلى الصغرى التي عدوها من الكتب الستة، وعلى تقييده إذا كان في الكبرى لأنها ليست من الكتب الستة، وهذا الحديث لم يخرجه النسائى في الصغرى فإطلاق الشارح العزو إليه وهم.

ص: 108

1863/ 4405 - "رُبَّ قَائم حَظُّهُ مِنْ قيَامه السَّهَرُ، وَرُبَّ صَائِمٍ حَظُّه مِن صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ".

(طب) عن ابن عمر (حم. ك. هق) عن أبي هريرة

قال الشارح: وإسناده صحيح.

وقال في الكبير: قال الحافظ العراقى: إسناده حسن وقال تلميذه الهيثمى: رجاله موثقون.

قلت: في هذا أمور، الأول: التناقض بين قوله في الصغير صحيح ونقله في الكبير عن العراقى أنه حسن.

الثانى: أن العراقى لم يقل ذلك.

الثالث: أن هذا الحديث هو الذي قبله، وقد قال في ذاك أنه حسن، وفي هذا اضطراب وتناقض.

الرابع: أن الهيثمى قال ورجاله موثقون في حديث عبد اللَّه بن عمر وهو ذكر ذلك عقب حديث أبي هريرة، فأفاد أن الهيثمى قال ذلك فيه، وهو إيهام قبيح.

وحديث ابن عمر أخرجه أيضًا القضاعى في مسند الشهاب [رقم: 1425] من طريق أبي أحمد عبد اللَّه بن محمد بن المفسر:

أنا أحمد بن على بن سعيد المروزى ثنا يحيى بن معين ثنا يزيد بن عبد ربه ثنا بقية عن معاوية بن يحيى الأطرابلسى عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر به.

وحديث أبي هريرة أخرجه أيضًا القضاعى في مسند الشهاب، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 215] والسمرقندى في التنبيه والطوسى في الأمالى، وقد ذكرت أسانيد الجميع في المستخرج.

ص: 109

1864/ 4403 - "رُبَّ طَاعِمٍ شَاكِرٍ أعْظَمُ أجْرًا مِنْ صَائِمٍ صَابِرٍ".

القضاعى عن أبي هريرة

قلت: الحديث رمز له المصنف بعلامة الضعيف، وقد تساهل في ذلك تساهله المعروف، والشارح لغرامه بمخالفة المصنف زاد في الطين بلة وادعى أنه حسن، وكأنه قلد في ذلك العامرى شارح الشهاب ذلك الأحمق الذي يصحح ويحسن بهواه وذوقه غير معتبر سند الحديث وقواعد التصحيح، فالحديث موضوع باطل لا أصل له عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، لأنه من رواية بشر ابن إبراهيم الأنصارى، وهو كذاب وضاع وآية وضع الحديث فيه، فإنه مخالف للحديث الصحيح عن أبي هريرة، وغيره مرفوعًا:"الطاعم بمنزلة الصائم الصابر"، فزاد هذا الوضاع أنه أعظم من الصائم الصابر.

ولم يكتف الشارح بهذا فزاد في الكبير: أن في الباب عن غير أبي هريرة أيضًا، فأفاد أن هذا المعنى مروى من طرق ولا شيء من ذلك، وإنما اشتبه عليه هذا بحديث:"الطاعم الشاكر بمنزلة الصائم الصابر"، فهو الوارد من غير حديث أبي هريرة والفرق بينهما واضح.

1865/ 4406 - "رُبَّ عَذْقٍ مُذلَلٍ لابْنِ الدَّحْدَاحَةِ فِى الجَنَّةِ".

ابن سعد عن ابن مسعود

قال الشارح: ورواه مسلم عن جابر.

وقال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجًا لأحد من الستة، وهو ذهول عجيب وغفول غريب، فقد خرجه الإمام مسلم عن بندار عن غندر عن شعبة عن سماك عن جابر بن سمرة رفعه.

قلت: بل أنت صاحب الذهول العجيب الأعجب، والفضول الغريب

ص: 110

الأغرب مع التدليس الممقوت، فمسلم خرج الحديث بلفظ:"كم من عذق. . . "، وقد ذكره الإمام المصنف في موضعه من حرف الكاف، وعزاه لأحمد ومسلم وأبي داود والترمذى كما سيأتى.

فهذا هو الذهول العجيب حقا، وبعد هذا فإنه قال في الصغير: رواه مسلم عن جابر وأطلق، فأفاد أنه جابر بن عبد اللَّه لأنه المراد عند الإطلاق، والواقع أنه جابر بن سمرة، فالشارح جاهل بالحديث وفنونه ومصيبة ابتلى بها هذا الفن ولا سيما أحاديث الجامع الصغير.

1866/ 4407 - "رُبَّ عَابد جَاهل، وَرُبَّ عَالِمٍ فَاجِرٍ، فَاحْذَرُوا الجُهَّالَ مِنَ العُبَّادِ، وَالفُجَّارَ مِنَ الْعُلَمَاءِ".

(عد. فر) عن أبي أمامة

قال في الكبير: وقضية صنيع المصنف أن ابن عدى خرجه وأقره والأمر بخلافه، فإنه ذكر أن بشر بن إبراهيم الأنصارى أحد رواته وضاع وساق له أحاديث هذا منها ونقله عنه في الميزان كذلك، فاقتصار المصنف على العزو له من سوء التصرف.

قلت: إن المصنف عزاه لابن عدى ورمز له بعلامة الضعيف رمزا يشاهده كل قارئ للكتاب، ومع ذلك يقول الشارح إنه عزاه وسكت عليه، ثم لو قلنا له ماذا ينقل عن ابن عدى؟ لما وجد حرفا واحدا ينطق به في الجواب، فإن ابن عدى لم يقل حرفا واحدا عن الحديث، وإنما أورده في جملة أحاديث بشر بن إبراهيم المنكرة الدالة على ضعفه، وقد أشار لذلك المصنف بعلامة الضعيف، فمن تأمل هذا الشارح علم واللَّه أنه جاهل في صورة عالم.

وبعد فالحديث باطل موضوع لا أصل له من كلام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فالمصنف مؤاخذ بذكره في هذا الكتاب الذي صانه عما انفرد به الوضاعون، وبمثل هذا

ص: 111

كان من حق الشارح أن يتعقب لو كان محقًا، لا بمثل هذه السخافات الدالة على كثرة جهله.

1867/ 4408 - "رُبَّ مُعَلِّم حُرُوفِ أبي جَادَ دَارِسٌ فِى النُّجُومِ لَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ خَلاقٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".

(طب) عن ابن عباس

قلت: هذا حديث موضوع، فيه خالد بن يزيد، وهو كذاب.

1868/ 4409 - "رُبَّ حَامل فقْه غَيْر فَقيه، وَمَنْ لَمْ يَنْفَعهُ عِلْمُهُ ضَرَّهُ جَهْلُهُ اقْرَأ الْقُرْآنَ مَا نَهَاكَ، فَإنْ لَمْ يَنْهَكَ فَلَسْتَ تَقْرَؤُهُ".

(طب) عن ابن عمرو بن العاص

قلت: أخرجه أيضًا القضاعى في مسند الشهاب [رقم: 1421] والديلمى في مسند الفردوس، وابن عبد البر في العلم [1/ 42] كلهم من رواية إسماعيل بن عياش عن عبد العزيز بن عبيد اللَّه عن شهر بن حوشب عن عبد اللَّه بن عمرو به، وشهر فيه مقال.

وقد رواه الدولابى في الكنى والأسماء عن الحسن من قوله، فإن حفظه شهر مرفوعًا، وإلا فهو الأصل فيه، واللَّه أعلم.

1869/ 4410 - "رَبيعُ أمَّتى العنَبُ وَالبطِّيخُ".

أبو عبد الرحمن السلمى في كتاب الأطعمة وأبو عمر النوقانى في كتاب البطيخ (فر) عن ابن عمر

قال في الكبير: وفيه محمد بن أحمد بن مهدى، قال الذهبى: قال الدارقطنى: ضعيف جدا عن محمد بن الضوء، قال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به كذاب متهتك بالخمرة والفجور، عن عطاف بن خالد قال ابن

ص: 112

معين: لا بأس به، وقال أبو حاتم: ليس بذلك، وقال الحاكم: ليس بمتين غمزه مالك، وسبق أن السلمى وضاع، ولهذا أورده ابن الجوزى في الموضوعات وسكت عليه المؤلف في مختصرها.

قلت: هذا كلام طويل سمج مشتمل على أخطاء، أو فيها فضول الشارح، فالحديث موضوع وعلته محمد بن الضوء وبه أعله ابن الجوزى والناس، ولكن الشارح يريد أن يتظاهر بعلمه فيأتى بمثل هذه الطامات، فالذي قال في ابن الضوء كذاب متهتك هو الخطيب لا ابن حبان فإنه لم يقل شيئًا من ذلك، ولولا خوف التطويل لأوردت ترجمته من ضعفاء ابن حبان بنصها، وإنما قال ذلك الخطيب.

وأما أبو عبد الرحمن السلمى فذكر الشارح له هنا جهل مركب، أما أولا: فإنه لا مدخل له في الحديث فلو فرضنا أنه وضاع -كما يفتريه الشارح- لما استجاز عالم بالحديث ذكره هنا، لأن الحديث خرجه غيره وسنده معروف عن محمد بن الضوء من غير طريقه كما عند ابن الجوزى [2/ 287]، والديلمى والنوقانى والعقيلى فكلهم رووه عن أحمد بن محمد بن مهدى عن محمد ابن الضوء، ومن جملتهم أبو عبد الرحمن السلمى وهو متأخر عن بعضهم كالعقيلى، فذكره جهل محض.

وأما ثانيا: فلو فرضنا أنه انفرد به لما كان ينبغى تعليله به، فإنه إمام حافظ ثقة جليل من كبار أئمة الصوفية، وكون بعض أهل الحديث المعادين للصوفية الحاسدين لأبي عبد الرحمن قال فيه ذلك، لا يدل على أنه في نفس الأمر كذلك حتى يعتمده الشارح ويذكره في كل حديث رواه أبو عبد الرحمن، سواء انفرد به أو لم ينفرد، وأبو عبد الرحمن أجل قدرا من ذلك، وهذا الذهبى عدو الصوفية لم يسعه إلا أن يصفه في طبقات الحفاظ: بالحافظ العالم الزاهد شيخ المشايخ.

ص: 113

وقال الخطيب: قدر أبي عبد الرحمن عند أهل بلده جليل وكان مع ذلك مجودا صاحب حديث، وهذا قاله الخطيب بعد أن ذكر عن محمد بن يوسف القطان أنه قال له: كان أبو عبد الرحمن يضع الأحاديث للصوفية، وهى فرية من هذا القطان بلا مرية أوجبها له الحسد وحجاب المعاصرة، وكيف يظن به الكذب على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مع تصوفه ومعارفه وعلومه اللدنية التي أوجبت للأكابر مثل القشيرى والبيهقى وأمثالهما أن يتتلمذوا له، ويكثروا من الأخذ عنه، وتزيين كتبهم بالرواية عنه ونقل كلامه في الزهد والوعظ والحقائق؟! وهذه كتب البيهقى مشحونة بالرواية عنه، ولا سيما كتاب الزهد له، فإن سبعة أعشاره مروى عنه، وكذلك الرسالة القشيرية.

1870/ 4411 - "رَجَبُ شَهْرُ اللَّهِ، وَشَعْبَانُ شَهْرِى، وَرَمَضَانُ شَهْر أمَّتِى".

أبو الفتح بن أبي الفوارس في أماليه عن الحسن مرسلًا

قال في الكبير: قال الحافظ الزين العراقى في شرح الترمذى: حديث ضعيف جدا هو من مرسلات الحسن رويناه في كتاب الترغيب والترهيب للأصفهانى، ومرسلات الحسن لا شيء عند أهل الحديث ولا يصح في فضل رجب حديث اهـ. وكلام المؤلف كالصريح في أنه لم يره مسندا وإلا لما عدل لرواية إرساله وهو عجيب، فقد خرجه الديلمى في مسند الفردوس من طرق ثلاث وابن نصر وغيرهما من حديث أنس باللفظ المزبور بعينه.

قلت: بل العجيب التعجب مما ليس بعجيب وهو الاقتصار على ذكر المرسل دون المسند، فإنه لم يكن عجيبا إلا في نظر الشارح المتعنت، وأعجب منه أن يعد ذلك عجيبا من المصنف، ولا يعده عجيبا ممن هو أحفظ منه وهو العراقى، فإنه ينقل عزو المرسل دون المسند ولا يتعجب منه، ويتعجب من

ص: 114

المصنف في ذلك، فهذا هو التعنت العجيب حقًا، وأعجب من هذا كله الكذب الصراح في قوله: إن الديلمى خرجه مسندا عن أنس من ثلاثة طرق فإن الديلمى ذكره من حديث أنس في الفردوس، ولم يذكره الحافظ في زهر الفردوس فيما أسنده ولا بهذا اللفظ وإن عزاه إليه الحافظ السخاوى في المقاصد، فهو إنما أراد لفظ:"رجب شهر اللَّه" دون بقية الحديث، لأن الديلمى خرج من حديث أنس مرفوعًا:"رجب شهر اللَّه الأصم المنير الذي أفرده اللَّه لنفسه فمن صام يومًا إيمانًا واحتسابًا استوجب رضوان اللَّه الأكبر".

وخرجه من حديثه أيضًا بهذا اللفظ وزيادة أخرى طويلة موضوعة، ولم يذكر طريقا ثالثا وهذه الرواية هي التي يدلس بها الشارح، بل يكذب ويوهم أن الديلمى خرج الحديث من ثلاثة طرق، وهو كما ترى ما أخرجه أصلا ولا من طريق واحد، نعم خرجه من حديث عائشة بلفظ:"شعبان شهرى، ورمضان شهر اللَّه"، وسيذكره المصنف معزوا إليه في حرف الشين كما سيأتى إن شاء اللَّه تعالى، والشارح دائمًا يكذب بلفظة يتجيش بها على المصنف ولا يتورع من ذكرها عند كل عزو وهى قوله وغيرهما، فلو سئل عن هذا الغير لما وجد سبيلا إليه؛ فهذا هو العجب العجيب الكذب والتدليس في النقل وعدم الأمانة لما ذكر المرسل دون المسند.

1871/ 4412 - "رَحمَ اللَّهُ أبَا بَكْر، زَوَّجَنى ابْنَتَهُ، وَحَمَلَنى إِلَى دَار الهجْرَة، وَأعْتَقَ بلالا من مَاله، وَمَا نَفَعَنى مَالٌ في الإسْلام مَا نَفَعَنى مَالُ أبَى بَكْر، رَحمَ اللَّهُ عُمَرَ، يَقُولُ الحَقَّ وإنْ كَانَ مُرًّا لَقَدْ تَرَكَهُ الحقُّ وَمَا لَهُ منْ صَديق، رَحمَ اللَّهُ عُثْمَانَ، تَسْتَحيه الملائكَة، وَجَهَّزَ جَيْشَ العُسْرَة، وَزَادَ في مَسْجدنَا حَتَّى وَسِعَنَا، رَحِمَ اللَّهُ عَلِيًّا، اللَّهُمَّ أدِر الحَقَّ مَعَهُ حَيْثُ دَارَ".

(ت) عن على

ص: 115

قال في الكبير: رمز المصنف لصحته وليس كما زعم، فقد أورده ابن الجوزى في الواهيات وقال: هذا الحديث يعرف بمختار، قال البخارى: منكر الحديث، وقال ابن حبان: يأتى بالمناكير عن المشاهير حتى يسبق إلى القلب أنه يتعمدها اهـ. وفي الميزان مختار بن نافع منكر الحديث جدا ثم أورد من مناكيره هذا الخبر.

قلت: ما أرى عزو تصحيح المؤلف للحديث إلا من تصحيف النساخ بزيادة حاء مع الضاد التي هي رمز الضعيف، فصارت كرمز الصحيح كما يقع كثيرا في نسخ الكتاب، إن سلم ذلك من تدليس الشارح وافترائه، وإلا فبعيد من المصنف أن يرمز له بعلامة الصحيح اللهم إلا أن يكون اعتمد على توثيق العجلى لمختار بن نافع مع مراعاة شواهد الحديث، فإن بعض ألفاظه ورد في أحاديث أخرى.

والحديث أخرجه أيضًا ابن حبان في الضعفاء [3/ 10] قال:

حدثنى ابن ناجية بحران ثنا محمد بن عبد الرحمن الكزبرانى ثنا أبو عتاب الدلال ثنا المختار بن نافع عن أبي حيان التيمى عن أبيه عن على به.

وأخرجه أيضًا ابن الأنبارى، ومن طريقه أسنده الذهبى في تذكرة الحفاظ في ترجمته.

1872/ 4413 - "رَحِمَ اللَّهُ ابْنَ رَوَاحَةَ، كَانَ أيْنَمَا أدْرَكَتْهُ الصَّلاةُ أنَاخَ".

ابن عساكر عن ابن عمر

قال في الكبير: وفيه همام بن نافع الصنعانى قال في الميزان عن العقيلى: حديثه غير محفوظ، وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز وهو عجيب، فقد خرجه الطبرانى باللفظ المزبور ولفظه:

ص: 116

"رحم اللَّه أخى عبده اللَّه بن رواحة. . . " الحديث، قال الهيثمى: إسناده حسن اهـ فاقتصار المصنف على ابن عساكر من ضيق العطن.

قلت: ظن الشارح لجهله أن الحديث عند الطبرانى من غير طريق همام بن نافع، وسند الحديث واحد من رواية همام بن نافع عن سالم عن ابن عمر، وهو السند الذي قال عنه الهيثمى: حسن، إذ همام بن نافع هو والد عبد الرزاق، وهو ثقة عابد حج ستين حجة وثقه ابن معين وذكره ابن حبان في الثقات، وقول العقيلى حديثه غير محفوظ مردود عليه، وكأنه قال ذلك اعتبارا بأنه لم يرو عنه مخير ولده عبد الرزاق أى أنه غير محفوظ عند الرواة، وهذا غير ضائر، فكم من الثقات من ليس له إلا راو واحد؟!!

أما عزو الحديث لابن عساكر دون الطبرانى فهو من سنن البشرية في العزو، وإنما يُهَوِّلُ بذلك ويخترعه هذا الشارح الجهول، ولولا مجمع الزوائد وكتب المصنف لما عرف هو طريق عزو حديث واحد وإلى اللَّه المشتكى ونسأل اللَّه العافية.

1873/ 4421 - "رَحِمَ اللَّهُ المتَخَلِّلِينَ مِنْ أمَّتِى فِى الوُضُوءِ وَالطَّعَامِ".

القضاعى عن أبي أيوب

قال في الكبير: قال شارحه -يعنى العامرى-: حسن غريب.

قلت: العامرى يحسن ويصحح بهواه، والحديث ضعيف لأنه من رواية أبي سبرة، وهو ضعيف ومع ضعفه اختلف عليه فيه، وقد سبق بيان ذلك في حديث:"حبذا المتخللون".

1874/ 4423 - "رَحمَ اللَّهُ امْرأ أصْلَحَ منْ لسَانه".

ابن الأنبارى في الوقف، والموهبى في العلم (عد. خط) في الجامع عن عمر، ابن عساكر عن أنس

ص: 117

قال في الكبير على حديث عمر: أورده الذهبى في الميزان في ترجمة عيسى ابن إبراهيم وقال: هذا ليس بصحيح، وقال عقب حديث أنس: ورواه عنه أيضًا أبو نعيم والديلمى، وأورده ابن الجوزى في الواهيات وقال: حديث لا يصح.

قلت: هذا خطأ فاحش، فإن الديلمى ما خرجه من حديث أنس، وإنما أخرجه من حديث عمر، واقتصار الشارح على ذكر عيسى بن إبراهيم يفيد أن المخرجين المذكورين كلهم أخرجوه من طريقه وليس كذلك، بل هو عند بعضهم من طريق غيره، فأخرجه ابن بشران والطوسى في أماليه وابن السنى وأبو نعيم في الرياضة والديلمى من طريقهما، وغيرهم من رواية عيسى بن إبراهيم المذكور عن الحكم بن عبد اللَّه عن الزهرى عن سالم عن أبيه قال:"مر عمر بن الخطاب على قوم يرمون رشقا، قال: بئسما رميتم، قالوا: يا أمير المؤمنين، إنا قوم متعلمين، قال: واللَّه لذنبكم في لحنكم أشد من ذنبكم في رميتكم سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول. . . "، وذكره، وهذا الطريق هو الذي ذكره الذهبى في ترجمة عيسى بن إبراهيم ثم قال: هذا ليس بصحيح والحكم أيضًا هالك اهـ.

وأما ابن الأنبارى فأخرجه في أول كتاب الوقف والابتداء من وجه آخر فقال: حدثنا أبي ثنا أبو منصور الصاغانى ثنا يحيى بن هاشم الغسانى ثنا إسماعيل ابن أبي خالد عن مصعب بن سعد قال: "مر عمر بن الخطاب رضي الله عنه على قوم يرمون نبلا فعاب عليهم، فقالوا: يا أمير المؤمنين إنا قوم متعلمين فقال: لحنكم أشد عليَّ من سوء رميكم، سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول. . . " وذكره، ومن طريق ابن الأنبارى أخرجه القضاعى في مسند الشهاب ويحيى بن هاشم الغسانى كذاب متهم بالوضع، والقصة عن عمر واردة من وجه آخر أيضًا لكن بدون ذكر المرفوع.

ص: 118

قال البخارى في الأدب المفرد في باب الضرب على اللحن:

ثنا موسى حدثنا حماد بن سلمة عن كثير أبي محمد عن عبد الرحمن بن عجلان قال: "مر عمر بن الخطاب رضي الله عنه برجلين يرميان فقال أحدهما للآخر: اسبت فقال عمر: سوء اللحن أشد من سوء الرمى".

1875/ 4427 - "رَحِمَ اللَّهُ عَبْدًا قَالَ خَيْرًا فَغَنِمَ، أوْ سكَتَ عَنْ سُوءٍ فَسَلِمَ".

ابن المبارك عن خالد بن أبي عمران مرسلًا

قال في الكبير: وكذلك رواه الخرائطى في مكارم الأخلاق عن خالد.

قلت: الخرائطى أخرجه من مرسل الحسن البصرى لا من مرسل خالد فقال: حدثنا عمر بن شبة ثنا سالم بن نوح ثنا يونس عن الحسن به.

ومن طريقه خرجه القضاعى في مسند الشهاب [رقم: 581 و 582]، وأما مرسل خالد فخرجه ابن المبارك في الزهد قال: أخبرنا ابن لهيعة حدثنى خالد بن أبي عمران به.

1876/ 4428 - "رَحِمَ اللَّه امْرأ عَلَّقَ فِي بَيتِهِ سَوْطًا يُؤَدِّبُ بِهِ أهْلَهُ".

(عد) عن جابر

قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أن ابن عدى خرجه وأقره والأمر بخلافه، بل أعله بكثير وثقل تضعيفه عن البخارى والنسائى وابن معين ووافقهم.

قلت: الشارح كذاب جاهل مخطئ، أما الكذب ففي قوله: إن ظاهر صنيع المصنف. . . إلخ، فإن المصنف قد يرمز له بالضعف على أنه لو لم

ص: 119

يفعل لكان العزو إلى ابن عدى مؤذنا بالضعف، لأن ابن عدى له كتاب الضعفاء.

وأما الجهل: ففي قوله إن ابن عدى أعله، فإن ابن عدى لا يعلل الأحاديث، ولا له كتاب مصنف في الحديث، بل له كتاب الضعفاء يورد فيه الأحاديث ليعلل بها الرجل ويجرحه بها لا لعللها هي، وهذا أيضًا من كذبه على ابن عدى.

وأما الخطأ: ففي قوله: كثير فإن الذي في السند عباد بن كثير لا كثير.

1877/ 4430 - "رَحِمَ اللَّهُ حَارِسَ الحَرسِ".

(هـ. ك) عن عقبة بن عامر.

قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بكماله وكأنه وهم، بل بقيته كما في الفردوس وغيره:"الذين يكونون بين الروم وعسكر المسلمين ينظرون لهم ويحذرونهم".

قلت: كذب الشارح فالحديث ليس فيه هذه الزيادة، قال ابن ماجه [رقم 2769]:

ثنا محمد بن الصباح انبأنا عبد العزيز بن محمد عن صالح بن محمد بن زائدة عن عمر بن عبد العزيز عن عقبة بن عامر الجهنى قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "رحم اللَّه حارس الحرس".

وقال الحاكم [2/ 86]:

أخبرنى أبو الحسين محمد بن أحمد بن تميم القنطرى ثنا محمد بن إسماعيل السلمى ثنا عبد العزيز بن عبد اللَّه الأويسى حدثنى محمد بن صالح بن قيس الأزرق عن صالح بن محمد بن زائدة عن عمر بن عبد العزيز عن أبيه عن عقبة بن عامر قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم "رحم اللَّه حارس الحرس"، هذا

ص: 120

حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه اهـ.

وكذلك أخرجه الباغندى في مسند عمر بن عبد العزيز قال:

حدثنا إسحاق بن إبراهيم ثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردى عن صالح بن محمد بن زائدة به مثله.

ومن تدليس الشارح أنه يترك الكتب المعزو إليها الحديث في الأصل ويذهب إلى غيرها، ثم يحكم على المصنف بالوهم، فالمصنف عزا الحديث لابن ماجه والحاكم وهو عندهما كما ذكر، والشارح ذهب إلى كتاب بعيد وجلب منه بقية فيه ضعيفة أو باطلة، ثم وهَّم المصنف في عدم ذكرها، وكذب أيضًا فيها، فإن لفظ الديلمى ما نصه بالحرف:"رحم اللَّه حارس الحرس الذين يحرسون الجيش في سبيل اللَّه" اهـ.

وكذب أيضًا في قوله: وغيره، فإنه لم يره في غيره وإنما هي كلمة يكذب بها، ولا يرى فيها حسابا، نسأل اللَّه السلامة.

1878/ 4432 - "رَحِمَ اللَّهُ رَجُلا غَسَّلَتْهُ امْرَأتُهُ وَكُفِّنَ فِى أخْلاقِهِ".

(هق) عن عائشة

قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه وليس بصواب، فقد قال الذهبى: إسناده ضعيف فيه الحكم بن عبد اللَّه تركوه.

قلت: إن لم يكن هذا من كذب الشارح المقصود على المصنف فهو في بعض النسخ دون بعضها، وإلا فالمصنف لم يرمز لهذا الحديث بشيء لا بعلامة الحسن ولا غيره.

والحديث ضعفه البيهقى نفسه فقال عقب إخراجه [3/ 397، رقم 6664]: هذا إسناد ضعيف.

ص: 121

1879/ 4433 - "رَحمَ اللَّهُ عَبْدًا كَانَتْ لأخيه عنْدَهُ مَظْلَمَةٌ في عرْض أوْ مَال فَجَاءَهُ فَاسْتَحَلَّهُ قَبْلَ أنْ يُؤْخَذَ، وَلَيْسَ ثم دينَارٌ وَلا درْهَمٌ، فَإنْ كَانَتْ لَهُ حَسَنَاتٌ أخِذَ مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَإنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ حَمَلُوا عَلَيْهِ مِنْ سَيِّئَاتِهِمْ".

(ت) عن أبي هريرة

قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أن هذا مما لم يتعرض له أحد الشيخين وهو ذهول عجيب، فقد رواه سلطان المحدثين البخارى مع خلف لفظى لا يصلح عذرا للعدول.

قلت: المصنف له اصطلاح خاص في كتابه وهو مراعاة ألفاظ الأحاديث على حسب ما وقعت عند المخرجين وترتيبها على حروف المعجم ترتيبًا دقيقًا، ولفظ الحديث عند البخارى مصدرًا بحرف الميم.

قال البخارى:

حدثنا آدم بن أبي إياس ثنا ابن أبي ذئب ثنا سعيد المقبرى عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له محمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه".

فأين هذا من اللفظ المصدر بحرف الراء والذي فيه معنى زائد على حديث البخارى وهو الدعاء بالرحمة؟! فلو تساهل المصنف وأجاب رغبة الشارح وعزاه إلى البخارى لكان مخطئًا داخلًا مع الشارح في صف المخطئين، لأنه يعزو للبخارى ما ليس عنده، ولقد أعاذه اللَّه من ذلك، والشارح يعلم يقينًا أن الحق هو ما فعله المصنف، ولو كان [الشارح] من أهل العلم بالحديث لاستدرك عليه بأن الترمذى لم ينفرد بهذا اللفظ، بل خرجه كذلك الطبرانى

ص: 122

إذ قال:

حدثنا أحمد بن شعيب ثنا أبو المعافى محمد بن وهب الحرانى ثنا محمد بن سلمة عن أبي عبد الرحيم زيد بن أنيسة عن مالك بن أنس عن سعيد المقبرى به، مثل اللفظ المذكور في المتن ولكنه ليس هناك.

1880/ 4435 - "رَحِمَ اللَّهُ قَوْمًا يَحْسَبُهُمْ النَّاسُ مَرْضَى وَمَا هُمْ بِمَرْضَى".

ابن المبارك عن الحسن مرسلًا

قال الشارح: ورواه أحمد موقوفًا على عليّ وهو الأصح.

وقال في الكبير: قال الحافظ العراقى: ورواه أحمد موقوفًا على عليّ.

قلت: في هذا أمور، أحدها: إطلاق العزو إلى أحمد الموهم أنه في مسنده والأمر بخلافه، فإنه لم يخرج في المسند الموقوفات، ولا هو من موضوعه، وإنما الأثر عنده في الزهد.

ثانيها: أنه عزا ذلك للحافظ العراقى، والعراقى برئ من ذلك الإطلاق، ونصه: لما ذكره الغزالى مرفوعًا في كتاب المحاسبة من الإحياء لم أجد له أصلًا في حديث مرفوع، لكن رواه أحمد في الزهد موقوفًا على عليّ في كلام له قال فيه: ينظر إليهم الناظر فيقول مرضى وما بالقوم من مرض اهـ.

ثالثها: أنه زاد واوًا في كلام العراقى، فقال: قال العراقى: ورواه. . . إلخ والغرض من هذه الواو المكذوبة إيهام أن العراقى عزاه أولا مرسلًا ثم عطف عليه الموقوف حتى لا يفهم أن العراقى لم يعرف المرفوع، وأن المصنف وقف على ما لم يقف عليه العراقى، ولو أنصف لكان صنيع العراقى هذا أولى بالتعجب الذي يبديه من المصنف عند ذكر مرسل ورد في كتاب آخر مسندًا، فهذا أثر ورد مرفوعًا ويقول عنه الحافظ العراقى: لم أجد له أصلًا، وبدلًا من أن يتعجب منه الشارح يدلس ويكذب بزيادة واو ليوهم أن العراقى ذكر

ص: 123

المرسل وللَّه در القائل:

وعين الرضى عن كل عيب كليلة

كما أن عين السخط تبدى المساويا

1881/ 4437 - "رَحمَ اللَّهُ يُوسُفَ إنْ كَانَ لَذَا أنَاةٍ حَليمًا، لَوْ كُنْتُ أنَا المَحْبُوسُ ثُمَّ أرْسِلَ إليَّ لَخَرَجْتُ سَرِيعًا".

ابن جرير، وابن مردويه عن أبي هريرة

زاد الشارح في الشرحين تقييد كون ابن جرير خرجه في تهذيب الآثار.

قلت: وذلك غلط فاحش مشتمل على كذب من الشارح، فإن المصنف أطلق العزو إلى ابن جرير، والقاعدة أنه إذا أطلق العزو إليه انصرف إلى التفسير وإذا كان الحديث في غيره من كتبه قيد بذكر الكتاب، والشارح لما جهل هذا قيده بالتهذيب تهورًا منه وافتراء، فإنه لم ير الحديث فيه ولا من صرح بأنه فيه، فكيف وهو غير مخرج فيه؟! بل ابن جرير خرجه في التفسير من طرق متعددة فرواه أولا من طريق ابن إسحاق عن رجل عن أبي الزناد عن أبي هريرة ثم رواه من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة.

ومن طريق الزهرى عن أبي سلمة وسعيد بن المسيب عن أبي هريرة.

1882/ 4440 - "رحِمَ اللَّهُ مَنْ حَفِظَ لِسَانَهُ، وَعَرفَ زَمَانَهُ، واسْتَقَامَتْ طَرِيقَتُهُ".

(فر) عن ابن عباس

قال الشارح في الكبير: ورواه الحاكم أيضًا وعنه تلقاه الديلمى، فلو عزاه المصنف للأصل لكان أولى.

قلت: بل الحديث موضوع فلو أسقطه المصنف لكان أولى، أما قول الشارح ورواه الحاكم. . . إلخ، ففيه من الأوهام: إطلاق العزو إلى الحاكم الموهم أنه في المستدرك مع أنه ليس فيه، بل في غيره من مصنفاته، والغالب أنه في

ص: 124

تاريخ نيسابور.

وفيه أيضًا: أن قوله وعنه تلقاه الديلمى موهم بأن الديلمى أدرك الحاكم، وهو إنما يروى عنه بواسطة ابن خلف إجازة، فكان الواجب على الشارح أن يقول: ومن طريقه رواه الديلمى.

وفيه: أنه يستحسن من المصنف الخيانة وعدم الأمانة في النقل، إذ المصنف رأى الحديث في مسند الفردوس للديلمى، فكانت الأمانة قاضية بالعزو إليه، وكون الديلمى قال: أخبرنا ابن خلف كتابة أنا الحاكم، لا يجيز عزو الحديث إلى الحاكم إلا بطريق التساهل وعدم التثبت في النقل، وأيضًا فإن الديلمى أطلق الرواية عن الحاكم وللحاكم مصنفات كثيرة، وإذا لم يعرف الناظر في أي كتاب خرجه فالعزو إلى الديلمى أولى، والشارح واهم في كل ما يقول.

1883/ 4441 - "رَحِمَ اللَّهُ وَالِدًا أعَانَ وَلَدَهُ عَلَى بِرِّهِ".

أبو الشيخ في الثواب عن على

قال في الكبير: وكذا عن عمر، قال الحافظ العراقى: وسنده ضعيف.

قلت: هذا غلط من وجهين، أحدهما: أن الصواب ابن عمر لا عمر.

ثانيهما: أن قوله وكذا عن عمر يفيد أنه أخرجه من وجهين وبسندين كل واحد بإسناد وطريق.

ونص العراقى الذي منه أخذ الشارح يفيد أنه أخرجه بسند واحد عن الرجلين فإنه قال: أخرجه أبو الشيخ في كتاب الثواب من حديث على بن أبي طالب، وابن عمر بسند ضعيف، وهذه العبارة تفيد ما قلناه إذ لو كان كما فهم الشارح لقال من حديث على ومن حديث ابن عمر.

ثم إن ما ذكره العراقى قد قلده فيه السخاوى، فذكر في المقاصد الحسنة مثله، وقد أسند الديلمى هذا الحديث من طريق أبي الشيخ في الثواب فلم يذكره إلا

ص: 125

عن على، اللهم إلا أن يكون الديلمى حذف ذكر ابن عمر، أو سقط من النسخة، قال أبو الشيخ:

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن حماد حدثنا على بن المنذر عن محمد بن فضيل عن عبد الرحمن بن إسحاق عن الشعبى عن عليّ بن أبي طالب به.

وقد رواه أبو عمرو النوقانى في معاشرة الأهلين له من رواية الشعبى مرسلًا دون ذكر عليّ، وذكره ابن وهب في جامعه بلاغًا عن عطاء بن أبي رباح مرفوعًا مثله، وزاد فيه:"قالوا: كيف يا رسول اللَّه؟ قال: يقبل إحسانه ويتجاوز عن إساءته".

1884/ 4443 - "رَحِمَ اللَّهُ امْرأ سَمِعَ مِنَّا حَدِيثًا فَوَعَاهُ ثُمَ بَلَّغَهُ مَنْ هُوَ أوْعَى مِنْهُ".

ابن عساكر عن زيد بن خالد الجهنى

قال الشارح: ورواه أيضًا الحاكم وقال: صحيح.

قلت: لا يخلو أن يريد بالعزو إلى الحاكم حديث زيد بن خالد، أو الحديث من أصله، فإن كان الأول فهو باطل، فإن الحاكم لم يخرجه أصلًا لا باللفظ ولا بالمعنى، وإنما أخرج [1/ 88] حديث جبير بن مطعم والنعمان بن بشير، وإن أراد أصل الحديث فهو واهم من وجهين، أحدهما: أن الحديث خرجه أحمد وأهل السنن إلا النسائى وجماعة من حديث زيد بن ثابت، فالعزو إليهم أولى ولا معنى لتخصيص ذكر الحاكم.

ثانيهما: أن المصنف ذكره فيما سيأتى بلفظ: "نضر اللَّه امرأ. . . " فلا معنى لذكره هنا.

1885/ 4445 - "رَحمَ اللَّهُ عَيْنًا بكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، وَرَحِمَ اللَّهُ عَيْنًا سَهرَتْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ".

(حل) عن أبي هريرة

ص: 126

قال الشارح: وقال -يعنى أبو نعيم-: غريب.

قلت: فرق بين قول الحافظ عن الحديث غريب بإطلاق، وقوله غريب من حديث فلان كما هو معروف في موضعه ولأهله، وأبو نعيم لم يقل غريب بإطلاق، بل أخرجه في ترجمة الثورى من رواية [7/ 143] محمد بن عبد اللَّه الجهبذى: حدثنا شعيب بن حرب حدثنا سفيان الثورى عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة به، ثم قال: غريب من حديث الثورى لم نكتبه إلا من حديث الجهبذى.

1886/ 4448 - "رَدُّ جَوَابِ الْكِتَاب حَقٌّ كَرَدِّ السَّلام".

(عد) عن أنس، ابن لال عن ابن عباس

قال في الكبير على حديث أنس: ظاهر صنيع المصنف أن ابن عدى خرجه وسلمه والأمر بخلافه، بل عقبه بقوله: منكر جدًا، البلخى يروى الموضوعات والراوى عنه يروى المناكير، وقال على حديث ابن عباس: ظاهر تصرف المؤلف أن ابن عباس رفعه والأمر بخلافه، وإنما هو من كلامه، فقد قال ابن تيمية رفعه غير ثابت.

قلت: وظاهر حال الشارح أنه عالم والأمر بخلافه، أما ابن عدى فإنه لم يصنف في الحديث ولا من دأبه أنه يسكت على أحاديث ويتعقب أخرى، بل كتابه مصنف في ضعفاء الرجال وفي ترجمة الراوى يورد أحاديث ضعيفة ومنكرة وموضوعة يستدل بها على ضعف الرجل، فلا يتصور أن يقول عنه المؤلف لا سلَّمَ ولا تعقب، إذ لو قال ذلك لكان جاهلًا كذابًا وحاشاه من ذلك، وإنما الشارح ينطق بالمحال.

وأما ثانيا: فلو فرضنا أن ابن عدى يسلم للأحاديث تارة ويتعقبها أخرى، فإن المصنف قد رمز لضعفه مما يدل على أن ابن عدى تعقبه ولم يسلمه، فقول الشارح: ظاهر صنيع المصنف. . . إلخ كذب صراح.

ص: 127

وأما ثالثًا: فإنه لو لم يرمز له بعلامة الضعف لكان مجرد العزو إلى ابن عدى مؤذنا بذلك، فإن كتابه خاص بالضعفاء والأحاديث الضعيفة، فلا معنى للتنصيص على تعقبه كما لا يقال في صحيح البخارى أنه خرجه وصححه، ولا في موضوعات ابن الجوزى أنه ذكره في الموضوعات وسلمه.

وأما رابعًا: فإن حديث ابن عباس ورد عنه مرفوعًا وموقوفًا فأخرجه جماعة موقوفًا عليه، وأخرجه ابن لال مرفوعًا كما ذكر المصنف، قال ابن لال:

حدثنا جعفر الخلدى حدثنا عبيد بن غنام حدثنا على بن حكيم حدثنا أبو مالك الجنبى عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فذكره.

ومن طريق ابن لال خرَّجه الديلمى في مسند الفردوس، وكذلك أخرجه من حديثه مرفوعًا القضاعى في مسند الشهاب من طريق محمد بن مقاتل عن شريك بن عبد اللَّه عن العباس بن ذَريح عن الشعبى عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: وليس إسناده بالقوى اهـ.

وفرق بين أن يكون الحديث ورد مرفوعًا وموقوفًا والصحيح فيه الوقف دون الرفع وبين أن لا يكون واردًا إلا موقوفًا كما يحب الشارح أن يتعقب به على المصنف، ولو تأمل الشارح لعلم أن قول ابن تيمية الذي استدل به هو عين ما يدل على وروده مرفوعًا لأنه قال: رفعه غير ثابت، أى من جهة إسناده، ولم يقل غير وارد، والمصنف عزا لابن لال ما عنده لأنه شرط كتابه الجامع الصغير فإنه لا يورد فيه الموقوف، ولم يلتزم أن لا يورد فيه إلا ما صح، بل يورد فيه الصحيح والضعيف كهذا وقد رمز لضعفه.

1887/ 4449 - "رَدُّ سَلامِ المُسْلِمِ عَلَى المسلِمِ صَدَقَةٌ".

أبو الشيخ في الثواب عن أبي هريرة

قلت: رمز المصنف لضعفه ولم يبين الشارح علته، وذلك أنه من رواية إبراهيم

ص: 128

الهجرى عن أبي عياض، وإبراهيم ضعيف وأبو عياض اثنان، أحدهما ضعيف.

قال أبو الشيخ:

حدثنا إسحاق بن أحمد ثنا نوح بن حبيب حدثنا محمد بن فضيل عن إبراهيم الهجرى عن أبي عياض عن أبي هريرة به.

1888/ 4452 - "رُدُّوا القَتْلَى إِلَى مَضَاجِعِهَا".

(ت، حب) عن جابر

قال في الكبير: وقضية صنيع المؤلف أن الترمذى تفرد به عن الستة والأمر بخلافه، فقد قال الزين العراقى: خرج حديث جابر هذا بقية أصحاب السنن.

قلت أبي الشارح إلا أن يلج في عناده وتجاهله، فهو يعلم أن العراقى كغيره يتكلم على الحديث من أصله، والمصنف يورد في كتابه الأحاديث القولية مراعيًا ألفاظها الواقعة عند المخرجين وهذا الحديث لم يخرجه من أصحاب السنن الأربعة بهذا اللفظ إلا الترمذى، أما الباقون فرووه [عن] جابر قال:"كنا حملنا القتلى يوم أحد لندفنهم بالمدينة فجاء منادى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يأمركم أن تدفنوا القتلى في مضاجعهم فرددناهم" فأين هذا من لفظ الترمذى المحكى عن لفظ النبي صلى الله عليه وسلم؟!.

1889/ 4454 - "رُدُّوا مَذَمَّةَ السَّائِلِ، وَلَوْ بمِثْلِ رأسِ الذُّبَابِ".

(عق) عن عائشة

قال في الكبير: قال ابن الجوزى: حديث لا يصح والمتهم به إسحاق بن نجيح، قال أحمد: وهو من أكذب الناس، وقال الذهبى: آفته من عثمان الوقاصى.

ص: 129

قلت: ابن الجوزى إنما نقل كلام العقيلى، والشارح رأى ذلك في الميزان فكان النقل عنه أولى، فقد قال الذهبى في ترجمة إسحاق: وذكره العقيلى فقال: ومن حديثه ما حدثناه أحمد بن محمد بن عاصم ثنا عثمان بن عبد الرحمن ثنا إسحاق بن نجيح عن عطاء عن عائشة فذكره، وقال الذهبى: ما هذا بالملطى ذا آخر، والآفة من عثمان الوقاصى اهـ.

والحديث باطل على كل حال.

1890/ 4455 - "رَسُولُ الرَّجُلِ إِلى الرَّجُلِ إذْنهُ".

(د) عن أبي هريرة

قال في الكبير: وسكت عليه أبو داود، ورواه أيضًا البخارى في الأدب المفرد وابن حبان وعده البغوى في الحسان.

قلت: انظر ما كتبه الشارح سابقًا على هذا الحديث المار بلفظ: "إذا دعى أحدكم فجاء مع الرسول فذلك إذنه"، وما كتبناه عليه أيضًا.

1891/ 4456 - "رِضَا الرَّبِّ فِي رِضَا الوَالِدِ، وَسَخَطُ الرَّبِّ فِي سَخَطِ الوَالِدِ".

(ت. ك) عن ابن عمرو، البزار عن ابن عمر

قلت: حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص أخرجه أيضًا ابن حبان في صحيحه [1/ 328]، والحسن بن سفيان في الأربعين له وفي المسند، ومن طريقه البغوى في التفسير، وأخرجه أيضًا البزار في مسنده وابن شاهين في الترغيب، كلهم من طريق خالد بن الحارث: حدثنا شعبة عن يعلى بن عطاء عن أبيه عن عبد اللَّه بن عمرو به.

وقال الترمذى: لا نعلم أحدًا رفعه غير خالد بن الحارث عن شعبة، وخالد ثقة مأمون، وكذلك قال البزار: لا نعلم أحدًا أسنده إلا خالد بن الحارث عن شعبة اهـ.

ص: 130

وهما متعقبان بوجود جماعة أسندوه عن شعبة منهم: زيد بن أبي الزرقاء وعاصم بن على، وعبد الرحمن بن مهدى، وأبو إسحاق الفزارى، والحسين بن الوليد، ورواه أشعث بن سعيد عن يعلى بن عطاء شيخ شعبة مرفوعًا أيضًا.

فرواية زيد بن أبي الزرقاء أخرجها أسلم بن سهل بحشل في تاريخ واسط قال: حدثنا على بن سهل الرملى حدثنا زيد بن أبي الزرقاء قال ثنا شعبة به مرفوعًا.

وكذلك رواها أبو سعيد الكنجروذى قال:

أنا أبو عمرو الحيرى أنا عبد اللَّه بن محمد بن سيار الفرهاذانى أنا هارون بن زيد بن أبي الزرقاء حدثنا أبي ثنا شعبة به.

ورواية عاصم بن على أخرجها بحشل أيضًا قال: حدثنا محمد بن عيسى بن السكن حدثنا عاصم بن على حدثنا شعبة به مرفوعًا.

ورواية عبد الرحمن بن مهدى خرجها الحاكم من رواية أحمد بن حنبل عنه عن شعبة به مرفوعًا.

ورواية أبي إسحاق الفزارى خرجها أبو يعلى الموصلى، ورواية الحسين بن الوليد خرجها البيهقى في شعب الإيمان، ورواية أشعث بن سعيد عن يعلى ابن عطاء خرَّجها أبو نعيم في الحلية [8/ 215]، من رواية محمد بن صبيح ابن السماك عنه عن يعلى بن عطاء، لكنه قال: عنه عن ابن عمرو دون ذكر ابن عطاء، وأشعث بن سعيد ضعيف.

وأما الموقوف فرواه عن شعبة سفيان الثورى وآدم بن أبي إياس والقاسم بن سليم الصواف ومحمد بن جعفر غندر، فرواية الثورى عند ابن وهب في جامعه.

ورواية آدم عند البخارى في الأدب المفرد [رقم: 2].

ص: 131

ورواية القاسم بن سليم عند الطبرانى والبيهقى في الشعب ورواية غندر عند الترمذى [رقم: 1899] وقال: إنها -أى رواية الوقف- عن شعبة أصح، ورواه أسلم بن سهل في تاريخ واسط من رواية هشيم بن بشير عن يعلى بن عطاء به موقوفًا أيضًا.

فالظاهر أن كلا من يعلى وشعبة حدثا به على الوجهين واللَّه أعلم.

وأما حديث عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب فقال البزار:

حدثنا الحسن بن على بن يزيد الأنصارى ثنا عصمة بن محمد بن فضالة بن عبيد الأنصارى عن يحيى بن سعيد الأنصارى عن سالم بن عبد اللَّه بن عمر عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم به، ثم قال: لا نعلم رواه عن يحيى بن سعد إلا عصمة بن محمد.

قلت: وهو كذاب.

1892/ 4461 - "رُفِعَ عَنْ أُمَّتِى الخَطَأ وَالنِّسْيَانُ، وَمَا اسْتكْرِهُوا عَلَيْهِ".

(طب) عن ثوبان

قال في الكبير: رمز المصنف لصحته وهو غير صحيح، فقد تعقبه الهيثمى بأن فيه يزيد بن ربيعة الرحبى وهو ضعيف اهـ. وقصارى أمر الحديث أن النووى ذكر في الطلاق من الروضة أنه حسن، ولم يسلم له ذلك، بل اعترض باختلاف فيه وتباين الروايات، وبقول أبي حاتم: هذه أحاديث منكرة كأنها موضوعة، وذكر عبد اللَّه بن أحمد في العلل أن أباه أنكره، ونقل الخلال عن أحمد: من زعم أن الخطأ والنسيان مرفوع فقد خالف الكتاب والسنة، وقال ابن نصر: هذا الحديث ليس له إسناد يحتج بمثله اهـ. وقد خفى هذا الحديث على الإمام ابن الهمام فقال: هذا الحديث يذكره الفقهاء بهذا اللفظ ولا يوجد في شيء من كتب الحديث.

ص: 132

قلت: لا أدرى كيف وقع المصنف في إيراد الحديث بهذا اللفظ، وعزوه للطبرانى من حديث ثوبان فإنه لم يخرجه الطبرانى بهذا اللفظ لا من حديث ثوبان ولا من حديث غيره.

بل لم يقع بهذا اللفظ إلا في فوائد أبي القاسم التميمى من حديث ابن عباس على ما نقله التاج السبكى في رفع الحاجب، وفي الطبقات الكبرى وغيرهما، وكذلك الزركشى في المعتبر بتخريج أحاديث المنهاج والمختصر، والحافظ في التلخيص الحبير وغيرهم، بل وكذلك المصنف في الأشباه والنظائر، وإن عزاه الحافظ السخاوى له بلفظ:"رفع اللَّه"، فالمصنف واهم في هذا وهما لا ينفك عنه، وأما الشارح فخلط في الكلام عليه تخليطًا عجيبًا كما هو دأبه في أقواله وأنقاله وبيان ذلك من وجوه، الأول: أنه أغفل التعقب الصحيح على المؤلف في ذكره الحديث بهذا اللفظ من رواية الطبرانى عن ثوبان وليس هو عنده كذلك.

الثانى: أنه انتقل من الكلام على حديث ثوبان إلى الحديث من أصله، فإن الذي ذكره النووى في الروضة وحسنه هو حديث ابن عباس السابق في حرف الهمزة بلفظ:"إن اللَّه تجاوز" لا حديث ثوبان المذكور هنا.

الثالث: أنه اعترض على المصنف تصحيح الحديث، والمصنف أراد الحديث من أصله كما أراده الشارح أيضًا، والحديث من أصله صحيح لا شك فيه وقد صححه ابن حبان، والحاكم، والضياء، والذهبى وآخرون، وأفردت لبيان صحته جزءًا سميته: شهود العيان بثبوت حديث رفع عن أمتى الخطأ والنسيان، وذكر ما فيه يطول، ويكفى في رد كلام الشارح ما في الوجه بعده.

الرابع: إن هذا متناقض مع ما قاله الشارح نفسه في الصغير ونصه: رواه (طب) عن ثوبان بإسناد حسن لا صحيح كما زعمه المؤلف، بل قيل بضعفه، نعم هو صحيح لغيره لكثرة شواهده، فإن حمل على هذا كان متجها اهـ.

فتأمل هذا الكلام العجيب فإنه اعترض على الصنف أولا ثم رجع إلى كلامه

ص: 133

أخيرًا، والمقصود عنده إنما هو التعقب عليه ولو صورة لا حقيقة لها، وقال أيضًا على حديث "إن اللَّه تجاوز لى عن أمتى الخطأ. . . " الحديث، وقد عزاه المؤلف لابن ماجه عن أبي ذر، والطبرانى والحاكم عن ابن عباس، والطبرانى عن ثوبان ما نصه: وأخرجه الطبرانى أيضًا في الأوسط عن ابن عمر قال المؤلف في الأشباه إسناده صحيح، والعجب اقتصاره هنا على رواية الطبرانى الضعيفة وحذفه للصحيحة اهـ.

فاعترف أيضًا تقليدًا للمؤلف بأن حديث ابن عمر صحيح، وهنا يذهب إلى أنه ضعيف بالمرة، وقال أيضًا على حديث:"إن اللَّه وضع عن أمتى" وقد عزاه المؤلف لابن ماجه عن ابن عباس ما نصه: بإسناد ضعيف على ما قاله الزيلعى ونوزع، وقال المؤلف في الأشباه: إنه حسن، وقال في موضع آخر: له شواهد تقويه تقضى له بالصحة أى فهو حسن لذاته صحيح لغيره اهـ!. فقابل هذا مع ما هنا وتعجب!.

الخامس: أن قوله بل اعترض عليه باختلاف فيه وتباين الروايات كلام باطل إذ لا معنى للتعقب بتباين الروايات، بل تباين الروايات هو مما يقوى به الحديث ويحتج به على ثبوته وصحته.

السادس: أنه أقر أحمد بن حنبل على قوله أن من زعم أن الخطأ والنسيان مرفوع فقد خالف الكتاب والسنة مع أنه وهم ظاهر من أحمد رحمه الله، فإن اللَّه تعالى قال في كتابه الكريم:{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} وقال آمرًا عباده أن يقولوا: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} ، وفي صحيح مسلم من حديث أبى هريرة وابن عباس:"أن اللَّه تعالى قال: فعلت"، وقال تعالى:{إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} ، وفي الحديث الصحيح "إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر" إلى غيره من الأحاديث فكيف يقر الإمام أحمد رحمه الله على هذا الوهم الصريح؟!.

ص: 134

السابع: أنه حكى عن ابن الهمام ما يفيد أنه أنكر الحديث من أصله، وابن الهمام إنما أنكره بهذا اللفظ المتداول ونصه في شرح الهداية، وقد ذكره بلفظ "رفع عن أمتى الخطأ والنسيان": الفقهاء يذكرونه بهذا اللفظ ولا يوجد في شيء من كتب الحديث بل إن اللَّه وضع عن أمتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" رواه ابن ماجه وابن حبان والحاكم وقال: صحيح على شرطهما اهـ.

1893/ 4464 - "رَكْعَتَانِ (1) مِنْ عَالِمٍ باللَّهِ خَيْرٌ مِنْ ألْفِ رَكْعَةٍ مِنْ جَاهِلٍ (2) بِاللَّهِ".

الشيرازى في الألقاب عن على

قال في الكبير: ورواه الديلمى من حديث أنس.

قلت: إن الذي رواه الديلمى حديث آخر لفظه: "ركعتان من رجل ورع خير من ألف ركعة من مخلط"، أخرجه من طريق أبي نعيم عن أبي الشيخ عن خاله: ثنا سمعان بن بحر ثنا محمد بن إسحاق العمى عن أبيه عن يونس بن عبيد عن أنس به، كذا وقع في الأصل وهو منقطع.

1894/ 4467 - "رَكْعَتَان بسوَاك أَفْضَلُ منْ سَبْعين رَكْعَةً بغَيْر سوَاك، وَدَعْوَةٌ في السِّرِّ أَفْضَلُ منْ سَبْعينَ دَعْوَة في العَلانِيَةِ، وَصَدَقَة فِي السِّرٌ أفْضَل مِنْ سَبْعِينَ صَدَقَةً فِي الْعَلانيَةِ".

ابن النجار (فر) عن أبي هريرة

قال في الكبير: وفيه إسماعيل بن أبي زياد، فإن كان الشامى فقد قال الدارقطنى: يضع الحديث أو الشقرى فقد قال ابن معين: كذاب، أو

(1) في المطبوع من فيض القدير (4/ 36)(ركعة).

(2)

في المطبوع من فيض القدير (4/ 36)(متجاهل).

ص: 135

السكونى فجزم الذهبى بتكذيبه، وأبان بن عياش قال أحمد: تركوا حديثه.

قلت: كان من حق الشارح ألا يخوض في أمر لا يحسنه، ولا يعرف طريق الفصل فيه.

ثم إن الحديث عند الديلمى ليس فيه إسماعيل بن أبي زياد، كما أنه لم يقل عن أبي هريرة بل قال عن بعض الصحابة، فرواه من طريق أبي الشيخ:

حدثنا جعفر حدثنا الحسين بن الأسود ثنا ابن فضيل أخبرنا أبان عن الحسن عن بعض الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم به مختصرًا.

1895/ 4468 - "رَكْعَتَانِ بِعِمَامَةٍ خَيْرٌ مِنْ سَبْعِينَ رَكْعَةً بِلا عِمَامَةٍ".

(فر) عن جابر

قال الشارح: وهو غريب.

قلت: لا معنى لذكر الغرابة هنا أصلًا بل ذكرها غريب، فإن الغريب إما مطلق وإما نسبى، والنسبى لا موضع له هنا، والمطلق إن أراده فمردود بورود هذا الحديث من حديث ابن عمر وأبي هريرة أيضًا.

والشارح قد ذكر في الكبير من في سنده من الضعفاء، وإن أخطأ في ذكر محمد بن عجلان ونقل عن السخاوى أنه لا يثبت فكان حقه أن يقول ضعيف أو واه لا غريب، وكأنه أراد أن يقلد الترمذى في اصطلاحه الخاص به، وهو خطأ.

وقد تعقب في الكبير على المؤلف بعدم عزوه إلى أبي نعيم الذي أخرجه الديلمى من طريقه، وأبو نعيم خرجه في كتاب السواك له فقال: حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن زكريا عن جعفر بن أحمد عن أحمد بن صالح عن طارق

ص: 136

ابن عبد الرحمن عن محمد بن عجلان عن أبي الزبير عن جابر به. والمصنف إذ لم يره في السواك فالواجب عليه هو ما فعله من العزو إلى الديلمى والشارح يريد منه أن يكون عديم الأمانة.

1896/ 4470 - "رَكْعَتَان خَفيفَتَانِ مِمَّا تَحْقِرُونَ وَتَنَفَّلُونَ يَزِيدُهُمَا هَذَا فِي عَمَلِهِ أحَبُّ إلَيْهِ مِنْ بَقِيَةِ دُنْيَاكُمْ".

ابن المبارك عن أبي هريرة

قال الشارح على قوله: "يزيدهما هذا": أى الرجل الذي ترونه أشعث أغبر لا يؤبه ولا يلتفت إليه.

قلت: غريب جدًا هذا الشرح المفترى على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم والمختلق على حديثه بالتهور والجرأة القبيحة، بل الإشارة واقعة من النبي صلى الله عليه وسلم إلى قبر وهو المعنى المقبول والمعقول، أما تخصيص الأشعث الأغبر بذلك فأمر يضحك منه صغار الولدان، فلفظ الحديث عن أبي هريرة قال:"مر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بقبر جديد دفن حديثًا فقال: ركعتان يزيدهما هذا. . . " الحديث.

وكذلك أخرجه أيضًا أبو نعيم في تاريخ أصبهان قال [2/ 225]:

حدثنا محمد بن عبيد اللَّه بن المرزبان ثنا محمد بن عبد اللَّه بن رسته ثنا محمد ابن العباس المكى ثنا حفص بن غياث عن أبي مالك الأشجعى عن أبي حازم عن أبي هريرة به مثله.

1897/ 4471 - "رَكْعَتَانِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ يُكَفِّرَانِ الْخَطَايَا".

(فر) عن جابر

قال في الكبير: ورواه الحاكم أيضًا عن جابر ومن طريقه وعنه تلقاه الديلمى مصرحًا، فلو عزاه المصنف له لكان أجود.

قلت: بل لو سكت الشارح لكان أستر لعيوبه، فإن هذه الألفاظ التي

ص: 137

يستعملها عند هذا التعقب الباطل سخيفة للغاية ومع سخافتها فهى باطلة متناقضة؛ إذ الجمع بين قوله: ومن طريقه، وعنه جمع بين الاتصال والانقطاع، لأن من طريقه تستعمل فيما يرويه الراوى عن غيره بواسطة فهى الصواب، وزيادة عنه بعد ذلك تناقضها، لأنها تستعمل فيمن يروى عن الراوى بدون واسطة في اصطلاح أهل الكلام على الأسانيد، فالعبارة الأولى صحيحة والثانية باطلة، ولا معنى لزيادتها إلا السخافة والركاكة والجمع بين المتناقضات، وكذلك قوله: مصرحًا؛ فإنها لفظة لا معنى لها زائدة.

وبعد، فالمصنف رأى الحديث في مسند الديلمى ورأى الديلمى قال: أخبرنا ابن خلف إذنًا أخبرنا الحاكم، فلو أراد المصنف أن يكون قليل الأمانة كما يحب منه الشارح لعزاه للحاكم ولكن أمانته أبت له ذلك.

والحديث قال فيه الحاكم:

أخبرنا أبو على الحافظ ثنا أحمد بن محمد بن الأزهر ثنا على بن سلمة ثنا عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن مليحة النيسابورى عن سفيان الثورى عن أبي الزبير عن جابر به.

وقد ذكر الشارح في الكبير من في هذا السند من الضعفاء إلا أنه قال في عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن مليحة: قال الذهبى في الذيل، وقال في الذي قبله: قال الذهبى في الضعفاء، والأول كذب منه، والثانى تدليس، فإن كل ما عزاه للذيل والضعفاء موجود في الميزان وتسميته ضعفاء صحيح إلا أنه تدليس، أما تسميته ذيلًا فكذب لأنه ليس بذيل، ولأنه لو أراد غيره لكان كذبا أيضًا، لأن النقل موجود في الميزان.

1898/ 4472 - "رَكْعَتَانِ مِنَ الضُّحَى تَعْدِلان عِنْدَ اللَّه بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ مُتَقَبَّلَتَيْنِ".

أبو الشيخ عن أنس

ص: 138

قال الشارح في الكبير: وهذا ترغيب عظيم في فضل صلاة الضحى، ورد على من ذهب إلى عدم ندبها.

وقال في الصغير: أى: لمن لم يستطع الحج والعمرة.

قلت: أما ما قاله في الكبير فمسلم لو كان الحديث صحيحًا، ولكنه باطل موضوع، فإنه من رواية زياد بن ميمون عن أنس، وزياد كذاب وضاع اعترف على نفسه بالوضع مرارًا، وادعى أنه تاب منه، ثم اعترف بالوضع بعد التوبة كما اعترف على نفسه أنه لم يلق أنسًا ولم يره، ومع هذا فالراوى عنه يوسف ابن ميمون، وهو منكر الحديث، والراوى عنه معلى بن مهدى، وهو ضعيف، قال أبو الشيخ:

حدثنا إبراهيم بن عمر الفهرى ثنا معلى بن مهدى ثنا يوسف بن ميمون الحنفى ثنا زياد بن ميمون عن أنس به.

والشارح رأى هذا الإسناد لأن الديلمى خرجه من طريق أبي الشيخ، وهو استدرك إخراج الديلمى له على المصنف، فلم يبق له عذر فيما قال.

وأما قوله في الصغير: لمن لم يستطع الحج والعمرة فباطل بالبداهة، لأنه يدل على أن من لم يستطع الحج والعمرة تكون صلاة الضحى في حقه قائمة مقامهما، كما يدل على أن من حج واعتمر وصلى صلاة الضحى لا يكون له هذا الثواب على فرض صحة الحديث، وكل هذا باطل.

1899/ 4473 - "رَكْعَتَانِ مِنَ الْمُتَزَوِّجِ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ رَكْعَةً مِنَ الأعْزَبِ".

(عق) عن أنس

قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أن العقيلى خرجه ساكتًا عليه والأمر بخلافه، فإنه أورده في ترجمة مجاشع بن عمرو، وقال: حديثه منكر غير

ص: 139

محفوظ، وفي الميزان عن ابن معين: أنه أحد الكذابين، ثم أورد له هذا الخبر، وحكم ابن الجوزى بوضعه ولم يتعقبه المؤلف سوى بأن قال: له طريق أخرى.

قلت: أما قوله: ظاهر صنيع المصنف أن العقيلى. . . إلخ. فكذب، فإن المصنف قد رمز لضعه كما رمز لاسم مخرجه، ولو لم يفعل لكان مجرد عزوه إلى العقيلى كافيًا في ذلك.

وأما قوله: إن المصنف لم يتعقب ابن الجوزى سوى بأن له طريقًا آخر.

فهو كلام لا ينطق به إلا جاهل؛ إذ ليس في إمكان المتعقب إلا ذلك، لأن ابن الجوزى اتهم به مجاشعًا، فتعقبه المؤلف بأنه برئ منه، وأن غيره رواه وهل في الإمكان غير هذا؟ اللهم أن يريد الشارح من المؤلف أن يقول: سألت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عنه فقال لى: هو صحيح أو باطل، ولو فعل ذلك لما صدقه الشارح.

ثم اعلم أن المصنف لا يريد من كل تعقب يذكره عقب كلام ابن الجوزى أن الحديث صحيح أو ثابت، بل تارة يريد ذلك وتارة مطلق الإفادة والتعريف بأن له طريقًا آخر ولو كان باطلًا أيضًا، فإنه بعد ما ذكر الطريق الثانى نقل عن الحافظ أنه قال: إنه منكر، وأنه تعقب الضياء المقدسى على إخراجه في المختارة بقوله: فلا معنى لإخراجه، والشارح لجهله بهذا يظن أن كل تعقب من المؤلف واقع لأجل إثبات الحديث وليس كذلك.

1900/ 4475 - "رَكْعَتَانِ منْ رَجُلٍ وَرِعٍ أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ رَكْعَةٍ مِنْ مُخْلِطٍ".

(فر) عن أنس

قال في الكبير: وفيه يونس بن عبيد أورده الذهبى في الضعفاء وقال

ص: 140

مجهول، ورواه عنه أيضًا أبو الشيخ وأبو نعيم وعنهما تلقاه الديلمى مصرحًا، فلو عزاه المصنف إلى الأصل لأجاد.

قلت: فيه أمور، الأول: أن الحديث ضعيف بل ساقط منكر أو موضوع، ولكن ليس علَّته يونس بن عبيد فإن يونس المذكور في السند هو الثقة المعروف صاحب الحسن؛ لأنه المراد عند الإطلاق.

الثانى: أن يونس بن عبيد في الرواة كثير منهم الثقة المشهور وهو ابن دينار العبدى أبو عبيد البصرى، ويونس بن عبيد الثقفى مولى محمد بن القاسم، ويونس بن عبيد الثقفى آخر أيضًا، ويونس بن عبيد العمرى.

فلا أدرى من أين وقع اختيار الشارح على أن المذكور في السند هو من.

قال الذهبى فيه: مجهول، بل هو اختيار بمجرد الهوى.

الثالث: أن الذهبى قال: لا يدرى من هو، وقد ذكره ابن حبان في الثقات، وحديثه في ذكر راية النبي صلى الله عليه وسلم أنها سوداء مربعة من نمرة حديث حسن اهـ. فحكى توثيقه عن ابن حبان وحسن حديثه، والشارح أعرض عن ذلك.

الرابع: أن علة الحديث محمد بن إسحاق العمى فإنه مجهول، ولعله السلمى تحرف، وهو متهم.

الخامس: أن قوله: ورواه أبو نعيم وأبو الشيخ. . . إلخ. سخافة بيناها مرارًا.

1901/ 4477 - "رَكْعَتَان يَرْكَعْهُمَا ابْنُ آدَمَ في جَوْف اللَّيْل الآخر خَيْرٌ لَهُ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَوْلا أنْ أشُق عَلَى أمَّتِى لَفَرَضْتُهُمَا عَلَيْهِم".

ابن نصر

زاد الشارح: في كتاب الصلاة عن حسان بن عطية مرسلًا.

ص: 141

قلت: زيادة الشارح كتاب الصلاة باطلة، فإن الحديث خرجه محمد بن نصر في كتاب قيام الليل لا في كتاب الصلاة، ولابن نصر كتاب الصلاة وكتاب قيام الليل، أما كتاب قيام الليل فطبع اختصاره للمقريزى، وأما كتاب الصلاة فتوجد منه نسخة بدار الكتب المصرية إلا أنهم كتبوا عنها في الفهرست:"مسند المروزى" غلطا، والعجب أن الشارح ذكر في الكبير أنه في قيام الليل، ورجع في الصغير إلى الغلط.

1902/ 4480 - "رَمَضَانُ بالمَدينَة خَيْرٌ منْ ألْف رَمَضَانَ فيمَا سوَاهَا منَ البُلْدَانِ، وَجُمُعَةٌ بِالمَدِينَةِ خَيْرٌ مِنْ ألْفِ جُمُعَةٍ فِيمَا سِوَاهَا مِنَ البُلْدَانِ".

(طب) والضياء عن بلال بن الحارث المزنى

قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه عبد اللَّه بن كثير وهو ضعيف، وأورده الذهبى في الميزان ثم قال: وهذا باطل والإسناد مظلم، ولم يصب ضياء الدين بإخراجه في المختارة.

قلت: لا دليل للذهبى على ذلك، والحديث الصحيح بل المتواتر:"صلاة في مسجدى هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه. . . " شاهد له وناطق بمعناه في الجمعة، وقد ذهب بعض الفقهاء إلى القول بأن سائر الأعمال بالمدينة كذلك، فلا يتهيأ الجزم ببطلانه مع وجود شاهده الصحيح.

1903/ 4484 - "رَوِّحُوا القُلُوبَ سَاعَةً فَسَاعةً".

(د) في مراسيله عن ابن شهاب مرسلًا أبو بكر بن المقرى في فوائده، والقضاعى عنه عن أنس

قلت: قدم الشارح وَأخَّر في مخرجى هذا الحديث في كل من شرحيه، وشرح على ذلك فأتى بأعجوبة فقال: أخرجه أبو بكر بن المقرى في فوائده، والقضاعى في مسند الشهاب عنه أى عن أبي بكر المذكور عن أنس، أبو داود

ص: 142

في مراسيله عن ابن شهاب -يعنى الزهرى- مرسلًا، قال السخاوي: ويشهد له ما في مسلم [4/ 1206، رقم 12] وغيره: "يا حنظلة ساعة وساعة"، وقال شارح الشهاب: إنه حسن اهـ.

فصرح بأن القضاعى خرجه عن أبي بكر بن المقرى عن أنس، وبأبى بكر فسر الضمير في قول المصنف: عنه، فكان ذلك خطأ عجيبا ووهما مضحكا، لأنه أفاد أن أبا بكر المقرى تابعى مع أنه حافظ متأخر مات سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة، وأفاد أيضًا أن القضاعى خرجه من طريقه وليس كذلك، فإن القضاعى قال:

أخبرنا هبة اللَّه بن إبراهيم الخولانى ثنا أبو عبد اللَّه محمد بن الحسين الدقاق ثنا عبد العزيز بن أحمد بن الفرج ثنا العباس بن السندى ثنا أبو طاهر المقدسى ثنا الموقرى عن الزهرى عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم به.

وأما أبو بكر بن المقرى فقال في فوائده: ثنا عبد الصمد بن سعيد ثنا العباس بن السندى به.

والواقع أن المصنف ذكر أولا أن أبا داود خرجه في مراسيله عن ابن شهاب مرسلا، ثم قال: وأبو بكر بن المقرى والقضاعى عنه -أى عن ابن شهاب- عن أنس موصولا.

والشارح لغفلته وبعده عن دراية الفن أتى بما لا يأتى به إلا عاميٌ لم يسمع حرفا من الحديث، ومع هذه الدواهى تراه مولعًا بالتعنت على المصنف الإمام الحافظ البارع بل ما ابتلى بهذه الأخطاء المضحكة المزرية حتى صار أكثر الأمة خطأ على الإطلاق إلا بسبب سوء أدبه على المصنف وجرأته بالباطل عليه، فابتلاه اللَّه تعالى بقلم يجرى إلى الأخطاء الفاحشة أحب صاحبه أم كره، وإلى اللَّه عاقبة الأمور.

ثم إنه نقل عن شارح الشهاب أنه قال: حديث حسن وأقره عليه، وشارح الشهاب رجل أحمق يحسن الأحاديث ويصححها بمجرد نظره وهواه، وهذا

ص: 143

الحديث كما سبق فيه عند القضاعى: الموقرى وهو مجمع على ضعفه كما قال الذهبى فكيف يكون حسنا؟!.

1904/ 4485 - "رِيَاضُ الْجَنَّةِ المَسَاجِدُ".

أبو الشيخ في الثواب عن أبي هريرة

قال الشارح في الكبير: ورواه عنه أيضًا ابن أبي شيبة والديلمى.

قلت: هذا من تهور الشارح، فإنه رأى الحديث في مسند الفردوس من طريق أبي الشيخ: حدثنا ابن أبي عاصم حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة فعزاه إليه جازما بأنه خرجه، وهذه هي الطريقة الجاهلة التي يريد دائمًا من المصنف أن يسلكها ويتعقبه دائمًا بعدم العزو إلى الرجال المذكورين في الإسناد كما يصنعه هو فيأتى بالكذب الصراح والجهل القبيح.

1905/ 4486 - "ريحُ الجَنَّة يُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ خمسمَائةِ عَامٍ، وَلا يَجِدُهَا مَنْ طَلَبَ الدُّنيَا بِعَمَلِ الآخِرَةِ".

(فر) عن أبي هريرة (1)

قلت: رمز المصنف لضعفه، وسكت الشارح عن بيان علته، وكأنه لما رأى سنده عند الديلمى طويلا كثير الرجال صعب عليه الاهتداء إلى معرفتهم، فإن الديلمى قال:

أخبرنا أبي أخبرنا عبد الملك بن عبد الغفار ثنا محمد بن الحسين الشاهد ثنا محمد بن أحمد بن حماد بن سفيان ثنا الحسين بن محمد بن الفرزدق الفزارى ثنا محمد بن عبد اللَّه بن غالب البلقطى بمصر ثنا محمد بن عبد الرحمن الكوفى ثنا يزيد بن الكميت قال: دخلت على يحيى بن يمان وقد تقريت

(1) كذا في الأصل المخطوط، وفي المطبوع من الفيض (4/ 41): عن ابن عباس، وفي تعليق الحافظ الغُمارى قال:. . . عن زيد بن أسلم عن عطاه بن يسار عن ابن عباس، وفي الجامع الصغير: عن ابن عباس أيضًا.

ص: 144

فقال: يزيد سمعت صاحب هذه الدار -يعنى سفيان الثورى- يحدث عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. . .، فذكره.

ويزيد بن الكميت صاحب القصة قال الدارقطنى: متروك.

1906/ 4487 - "ريحُ الْجَنُوب منَ الجَنَّة، وَهِىَ الرِّيَاحُ اللَّوَاقحُ الَّتى ذَكَرَ اللَّهُ في كتَابه فيهَا مَنَافعُ للنَّاس، وَالشّمَالُ مِنَ النَّارِ تَخْرُجُ فَتَمُرُّ بِالجَنَّةِ فَيُصِيبُهَا نَفْحَةٌ مِنْهَا فَبَرْدُهَا مِنْ ذَلِكَ".

ابن أبي الدنيا في كتاب السحاب وابن جرير

زاد الشارح، في التهذيب، وأبو الشيخ في العظمة وابن مردويه عن أبي هريرة، قال الشارح: بأسانيد ضعيفة لكن بعضها يقوى بعضا.

قلت: الحديث رواه ابن جرير في تفسيره لا في تهذيبه، والشارح زاد ذكر التهذيب جهلا منه وتهورا والأمر فيه هين، ولكنه العظيم دعواه أن الحديث له أسانيد متعددة يقوى بعضها بعضا مع أنه ليس له إلا طريق واحدة من رواية عُبَيس بن ميمون عن أبي المهزم عن أبي هريرة، وكل من أبي المهزم وعبيس ابن ميمون متروك متهم بالكذب ووضع الحديث، فدعوى أنه تقوى افتراء على حديث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، قال ابن جرير في التفسير:

حدثنا أبو كريب ثنا أحمد بن يونس ثنا عبيس بن ميمون ثنا أبو المهزم عن أبي هريرة به.

وقال أيضًا:

حدثنى أبو الجماهر الحمصى أو الحضرمى محمد بن عبد الرحمن ثنا عبد العزيز بن موسى ثنا عبيس بن ميمون به.

وقال الديلمى:

أخبرنا محمد بن الحسين بن منجويه إجازة أخبرنا أبي أخبرنا ابن شنبة أخبرنا

ص: 145