المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل العاشرحول الداي وحكومته ومختلف العادات - المرآة

[حمدان خوجة]

فهرس الكتاب

- ‌المرآة

- ‌تصدير

- ‌مقدمة

- ‌لمحة تاريخية وإحصائية حول إيالة الجزائر

- ‌الفصل الأولالبدو وأصلهم

- ‌الفصل الثانيطبائع البربر وعاداتهم

- ‌الفصل الثالثطبائع وعادات البربر (تابع)

- ‌الفصل الرابعسكان السهول: طبائعهم وعاداتهم

- ‌الفصل الخامسالمتيجة: طبائع سكانها وعاداتهم

- ‌الفصل السادسعن سكان الجهة الغربية

- ‌الفصل السابعالجزائر

- ‌الفصل الثامنحكومة الأتراك: تنظيمها وأصلها

- ‌الفصل العاشرحول الداي وحكومته ومختلف العادات

- ‌الفصل الحادي عشرتحديد رسوم الأرض وطريقة جمع الضرائب

- ‌الفصل الثاني عشرعن انحطاط حكومة الأتراك وسقوطها

- ‌الفصل الثالث عشرعن داخل الإيالة، وبعض الملاحظاتحول حسين باشا آخر دايات الجزائر

- ‌الكتاب الثاني

- ‌الفصل الأولالحرب وأسبابها

- ‌الفصل الثانيقصة وصول الجيش إلى سيدي فرج

- ‌اتفاقية بين قائد جنرالات الجيش الفرنسي وسمو داي الجزائر:

- ‌الفصل الثالثعن تفاصيل دخول المارشال بورمون إلى الجزائر

- ‌الفصل الرابععن الاحتلال العسكري

- ‌الفصل الخامسعن البيانات منذ أن وقع الغزو الفرنسي

- ‌الفصل السادسعن إدارة المارشال بورمون

- ‌الفصل السابععن أحداث الترسانة والاحتلال العسكري

- ‌الفصل الثامنعن الاحتلال العسكري وسلوك أهم ضباط الجيش الفرنسي

- ‌الفصل التاسععن مصطفى بومزراق، وباي التيطري

- ‌الفصل العاشرتابع لإدارة الجنرال كلوزيل، وحملاته ضذ المدية والبليدة نسخة المعاهدات

- ‌الفصل الحادي عشرعن الأوقاف، والتغييرات التي تعرضت لهاتلك المؤسسات والمحاكم التي تنظر في شؤونهاأثناء ولاية الجنرال كلوزيل

- ‌الفصل الثاني عشرتفسيرات حول ممتلكات الأوربيين في الجزائر

الفصل: ‌الفصل العاشرحول الداي وحكومته ومختلف العادات

‌الفصل العاشر

حول الداي وحكومته ومختلف العادات

ليس للداي سلطة غير الأمر بتطبيق القوانين المدنية والعسكرية، والإشراف على حصون المدينة وتنظيم الجيوش ومراسلة القبائل المختلفة قصد التهدئة والمحافظة على الأمن، وقصد حماية تلك القبائل من سائر أنواع الظلم وذلك بأن يبرز لها منافع السلم ومساوىء الحرب.

إن المالية العمومية والتنظيم الضروري لإدارتها، وكذلك تعيين الوزراء وغيرهم من أعضاء حاشيته تدخل أيضا في جملة اختصاصاته. ومن خلال النظام السياسي الذي وضعوه في الجزائر، يحاول الأتراك، بقدر المستطاع، أن يتحالفوا مع البرابرة وأن يشجعوا الصناعة بجميع أنواعها. ولكل حرفة أمين أو مفتش، ويسمى رئيس كل هؤلاء الأمناء شيخ البلدة أو والي المدينة.

زيادة على ذلك يوجد في كل مدينة حاكم ثان يختار من بين الأسر الشريفة التي تنتمي إلى أحد المرابطين. ويسمى هذا الشخص نقيب الأشراف، وواجبه كلما حدث أمر هام، أن يجمع في بيته شيخ البلدة وسائر الأمناء التابعين له للبحث عن التدابير التي يجب اتخاذها.

ص: 87

فهؤلاء هم الذين ينظمون شؤون المدينة، ويحافظون على الأمن في أوساط مختلف الطبقات العاملة، ويراقبون الشرطة المحلية، والنظافة والقنوات والمؤسسات العمومية والجمعيات الخيرية والمستشفيات، الخ

وأخيرا، فإليهم تلجأ السلطة في جميع الحالات. ومن قوانينهم أنه لا ينبغي أن يساهم جميع المواطنين، بدون استثناء، في تكوين الجيش، لأن بعضهم يشتغل بصناعته أو يسهر على رعايته أسرته، ومثل هؤلاء لا يطلب منهم القيام بما قد يعرقل أعمالهم أو يعقدهم عن واجباتهم، وإنما يكونون، فقط، أجنادا متطوعين لحماية مناطقهم الخاصة إذا كانت هناك تعبئة عامة، ومعنى ذلك أنهم ينخرطون في جيش لا يتقاضى أجرا ويمكن مقارنته بالحرس الوطني في فرنسا (1).

وعندما وضع هذا التنظيم للإيالة، كان الأتراك يريدون أن يساهم مواطنوا الجزائر في الديوان الذي تكلمت عنه أعلاه; غير أن هؤلاء المواطنين رفضوا حتى لا يكونوا مسؤولين أمام الحكومة، وقالوا بأنهم يفضلون أن يكونوا وسطاء بين الحاكم وسكان الداخل ; ومراقبين لما يقوم به الحاكم أو أعوانه من أعمال، أملا منهم بأن سلوكهم هذا يجعل الأتراك يزدادون ارتباطا بالإيالة ويرتاحون للثقة التي يوالونها إياهم. أما الذين يصبون إلى المسؤوليات، فإنهم كانوا يقدسون القوانين ولا يخالفونها أبدا. وبما أن هناك جنودا من الميليشيا يرتبطون بالأهالي عن طريق الزواج ويندمجون في المجتمع قبل بلوغهم درجة بولكباشي، فإن الواجب يحتم عليهم قبل ارتقائهم إلى

(1) نوع من الميليشيا، أنشء سنة 1789 من الطبقة البورجوازية وألغي في عهد (العودة) ليظهر للوجود مرة أخرى سنة 1848 تحت اسم الحرس الوطني المتجول.

ص: 88

الديوان أن يقضوا عدة سنوات في دراسة الشؤون الإدارية والحكومية. وللحصول على هذه العلوم الجديدة الضرورية لعضوية الديوان، يجتمعون عند شيخ البلدة ونقيب الأشراف، ذلك أن الديوان هو المجلس الأعلى للحكومة التركية المكلف بمراقبة جميع أعمالها.

وبواسطة هذا التنظيم الحكومي، تمكن الأتراك من بسط نفوذهم في إفريقيا، لأن غالبية سكان الإيالة، كما أشرنا إلى ذلك أعلاه، مكونون من الأندلسيين ومن القبائل أو البرابرة الذين تمدنوا وغيروا أوضاعهم. وبتبنيهم الطرق الجديدة لحياة المدينة حدث التقارب بينهم وساعدت على ذلك مصالح الأسرة والمصالح الصناعية والتجارية.

وتأكدت الحكومة التركية من أن قوة القبائل لا تقهر، وأيقنت أنها لن تتمكن من إخضاعهم بحد السيف وإنما باللطافة والتسامح والإرادة الحسنة التي أسفرت عن نتائج مرضية تتمثل في بقاء الحكومة مدة تزيد على ثلاثة قرون.

وللباشا أو الداي نائب يحتفظ بمفتاح الخزينة ويسمى الكاهية. ومن جملة أعضاء الحكومة يوجد اثنان أحدهما يسمى وكيل الحرج، وثانيهما يسمى الخزناجي ومن بين هؤلاء الأشخاص يختار الداي، لأن الحكم، في الجزائر، ليس وراثيا، إذ أن الاستحقاق الشخصي لا ينتقل إلى الأطفال. وبعبارة أوضح نستطيع القول بأن الجزائريين اختاروا مبادىء الحكم الجمهوري (2)، ورئيس الجمهورية هو الداي.

(2) هناك من يقول أن الجزائر كانت جمهورية عسكرية، ويذكر آخرون أنها كانت مملكة. والواقع أنها لم تكن هذه ولا تلك، وإنما كانت تحكم بنظام خاص لم يعرف في أي بلد آخر، أهم ميزاته أنه كان يجمع بين الصبغة المدنية والعسكرية.

ص: 89

وبعد الوظائف التي ذكرناها تأتي مرتبة الآغا وهي درجة سامية، إذ هو الذي يقود وحدات الفرسان التي تتكون في معظمها من العرب أو القبائل. وعليه يتحتم على الآغا أن يتكلم العربية ليتمكن من إعطاء الأوامر وتسيير جيوشه.

وبعد الآغا يأتي خوجة الخيل الذي يشرف على الأملاك الوطنية، وتدخل في اختصاصاته، أيضا، إدارة الحارات (3) والتصرف في الجمال المخصصة لنقل الجيوش والعتاد الحربي. وهو الذي يأمر بتوزيع هذه الخيول والجمال على مختلف قبائل الإيالة التي تتولى الاعتناء بها والمحافطة عليها، وذلك بعد أن تدمغ بخاتم الدولة. وإذا وقع حادث يؤتي بقطعة الجلد التي تحمل العلامة للتدليل على صوت الحيوان. ونتيجة لهذه الطريقة في العمل يحظى الحيوان بعناية وتمنح الثقة لتلك القبائل التي تجد منفعة في استعمال الحيوانات لقاء حاجتها.

وبالإضافة إلى ذلك تعمل هذه الوسيلة على تمكين الرباط بين القبائل ومصالح الحكومة. ويحدث في بعض الأحيان أن رعاة الخيل والجمال هؤلاء يحتاجون إلى دراهم فيبيعون صغارها. عندئد يحدد خوجة الخيل سعر المبيعات بأثمان تكون دائما معتدلة، ولتسهيل الأمور على هؤلاء الرعاة، غالبا ما يعطيهم أجلا للدفع يتراوح ما بين عام وعامين. وكثيرا ما يقدر الحيوان المباع بثمن أقل من سعره الحقيقي، وذلك لشدهم إلى الدولة وللحصول على طاعتهم طوعا، وإقناعهم بعدل الحكومة إزاءهم وبالعناية التي توليها لإسعادهم.

(3) الحارات جمع حارة وهي الزقاق تسكنه، عادة، عائلة واحدة أو عدة أسر من سلالة واحدة.

ص: 90

وهناك شخص آخر هو رئيس الكتبة ويسمى المقطجي (4) وهو الذي يشرف على سجل محاسبات الدولة وسجل القوانين العسكرية الذي يحتوي على الأسماء والألقاب والدرجات المختلفة بالنسبة لكل فرد. ويوجد تحت تصرف هذا الكاتب الأول ثلاثة أشخاص مكلفين بالسجلات. يسهر أحدهم على المحاسبات الخاصة بالعسكريين وعلى كل ما يتعلق بهم، ويقوم الثاني بالمحاسبات العامة فيما يخص الدولة، أما الثالث فيعتني بسجلات الجمارك.

وتنقل هذه السجلات الثلاثة على سجل رئيسي كبير، لأن كل واحد منها يعتبر كمجرد دفتر يقيد فيه بالضبط كل ما يجري لتجنب سائر أنواع الخطأ والنسيان.

إن مهمة المقطجي أو الكاتب الأول لفي غاية من الأهمية. وتعتبر كمهنة شيخ الإسلام الذي هو المفتي الحنفي. ومن الواحب على هذا الكاتب الأول، الذي يستشيره العاهل في جميع الحالات، أن يعرف القوانين الأساسية والتاريخ وحقوق الإنسان حتى لا يقوم بأي عمل ضد القانون، كما أنه يحظى بلقب أفندي الذي لا يلقب به سوى الداي والمفتي. وعلى الرغم من أن رتبة الخزناجي مساوية لدرجات هؤلاء الأشخاص الثلاثة، فإنه لا يتمتع بهذا اللقب. وعندما يحضر أحد هذه الشخصيات الأربع يتحتم الوقوف على جميع القادة العسكريين الذين يكونون الديوان. وإذا كان الخزناجي يحظى من العامة بنوع من الاحترام فلأنه من الممكن أن يصبح دايا في يوم من الأيام، ولذلك يتوددون إليه مسبقا. إن الحكومة التركية لم تتمكن أبدا من تأسيس إمبراطوريتهما في إفريقيا إلا

(4) ويقال له كذلك المكتويجي. وقد كان والد حمدان مكتويجيا.

ص: 91

بالعدل وبتطبيق النظام السياسي الذي انتهيت الآن من وصفه. ومكانتي في مدينة الجزائر هي التي مكنتني من أن أقدم هذه التفاصيل بدقة. لقد كان والدي مشرفا وأستاذا بالقانون، كما أنه اشتغل مقطجي أو كاتبا أول، وهو الذي علمني نظام الحكم التركي، وفي عهده درست شريعتنا ثم اشتغلت بالتدريس بعد وفاته.

وفي أثناء رحلتي إلى أوروبا، درست مبادىء الحرية الأوروبية التي تشكل أساس الحكم التمثيلي والجمهوري، ووجدت أن هذه المبادىء كانت تشبه المبادىء الأساسية لشريعتنا إذا استثنينا فارقا بسيطا في التطبيق، وعليه فكل من يدرك الشريعتين إدراكا صحيحا يستطيع الموافقة بينهما وأعتقد أنه لن يتمكن من إنكار هذه الحقيقة. وهناك أحد المبادىء الأساسية في شريعتنا يقول:(تترتب عن الزمن وحاجات الإنسان ظروف لم تتوقعها القوانين، ولذلك يجب على المشرع أن يتفهم الضرورات ويعمل على إيجاد كيفية حكيمة لتطبيق هذه القوانين). لكن من سوء الحظ أن سائر الملوك يجهلون مبادىء هذه القوانين، مما تجعل أوروبا تنتقد تشريع الشرق.

ولو أن السادة المتحررين كانوا يعرفون مبادىء قوانيننا معرفة جيدة ويدركون مدى الحرية التي تتسم بها مؤسساتنا، لكان من الممكن أن نجد فيهم مساعدين بدلا من أعداء كما هو الشأن الآن.

سأقدم، فيما بعد بسطة عن شريعتنا وعن قواعدها الأساسية. وعلى الرغم من أنه ليس من اختصاص هذا الكتاب أن يعالج هذه المبادىء، وما دمت أتكلم عن تاريخ الإيالة. ونظام حكومة الأتراك وعن السياسة التي سلكوها للبقاء مدم طويلة، فإنني أرى من المستحسن بل من الضروري أن

ص: 92

أعطي فكرة عن القوانين الشرقية. وأقول شرقية لأن هذه القوانين هي التي تسير شؤون جميع البلدان الإسلامية أو 130 مليونا من المسلمين الذين يسكنون مختلف أنحاء المعمورة.

وللرجوع إلى حكومة الأتراك، أقول بأن الإدارة لا تطاق إلا إذا كانت عادلة. ولذلك فبمجرد ما تعلن مقاطعة عن خضوعها لقوانين. كانت الحكومة التركية ترسل حامية تقي سكانها من كل هجوم، ويقود الحامية ضابط برتبة بولكباشي يساعد أوضاباشي وباش يولداش. وهؤلاء الثلاثة يمثلون الديوان، ويعتبرون قادة عسكريين وإداريين في نفس الوقت وعليهم أن يتفاهموا مع رؤساء المقاطعة لحماية المصالح المحلية والقيام بمهام الشرطة وبتنفيذ القوانين وبالمحافظة على الفلاحة والتجارة، الخ

وتغير الحماية كل سنة. وكان الشيوخ الذين مارسوا هذه الوظائف يرددرن، دئما، للشبان ولخلفائهم: (إننا أجانب، لم نخضع هذا الشعب ولم نمتلك البلد لا بالقوة ولا بحد السيف. إننا لم نصبح سادة إلا بالاعتدال واللطافة!!! وفي بلادنا لم نكن رجال دولة، وإنما حصلنا على ألقابنا ومراتبنا في هذه الأرض، فهذه البلاد إذن وطن لنا. وأن واجبا ومصالحنا تتطلب منا أن نعمل على إسعاد هؤلاء السكان كما لو كنا نعمل من أجل أنفسنا.

ومن واجبات الداي كذلك العمل على معرفة مشاعر سكان الإيالة، وسلوك ولاته، وعلى كيفية تطبيق العدالة. وأداء هذا الواجب يكون على الدوام موضوع المناقشة بين الديوان والداي كلما دعي المجلس للانعقاد. وأن ارتباط المصالح والزواج من نساء جزائريات قد جعل من اختصاص أعضاء الديوان أن يتداولوا فيما يخص منافع البلاد وما يجري في الإدارة. وكانت

ص: 93

مجهوداتهم تهدف، دائما، إلى تحقيق السعادة والأمن العموميين. وباختصار لقد كانوا يتصرفون كأرباب أسر تجاه أبنائهم.

هذا، وإن الأتراك - وأكرر ذلك - يبدؤون جنودا، فيعرضون أنفسهم إلى جميع المخاطر قصد الحصول على الثروة وعلى المسؤوليات. وعندما يتقدمون في السن يجنحون إلى الراحة ويتقاضون تعويضات تتناسب مع خدماتهم، وعندئد، فقط، يبلغون المراتب العليا، ويستطيعون الارتقاء حتى إلى درجة داي.

وعندما يموت الباشا، يجتمع الديوان كما تنص على ذلك القوانين، ومن توفرت فيه جميع الشروط الضرورية يتم انتخابه ويعلن باشا، ثم يجلس حينا على أريكة الملك بعد أن يكون قد ارتدى قفطان الداي الراحل. بعد ذلك يؤدي اليمين القانونية ويحتفل بتعيينه ، وعندما تنتهي عملية التنصيب يكلف أحد الأشخاص بالذهاب إلى الباب العالي للإخبار عن وفاة الباشا القديم وقيام الديوان بانتخاب الحاكم الجديد، وبهذه المناسبة تكتب رسالة تحمل إمضاء وخاتم كل واحد من أعضاء الديوان وخاصة القاضي والمفتي ونقيب الأشراف. ويوافق أعيان المدينة كذلك، على هذا الاختيار ويشهدون على مقدرة الشخص المعين.

ويسمى الرسول الذي يحمل هذه الرسالة آغا الهدية، إذ أنه يحمل معه هدية مكونة من بضعة جلود الأسود والنمرة، وعدد من الأغطية الصوفية التي تصنع في الجزائر. والغرض الرئيسي من الهدية، التي لا تتجاوز قيمتها 5000 فرنك، هو تقديم نموذج عن منتوجات الإيالة الصناعية. وتوزع على السلطان وأعضاء حاشية الذين هم القبطان باشا والوزير، الخ

ص: 94

ويكلف هذا الرسول بأن يطلب شفاهيا، من الباب العالي أن يعطف على الإيالة ثم يطلعه على بؤس البلاد وقلة الأموال اللازمة لإقامة الحصون، ويطلب المساعدة والحماية. عندئذ يقدم الباب العالي للإيالة عتادا حربيا مثل المدافع والبارود والحبالة، وأخشاب البناء إلى غير ذلك، وفي بعض الأحيان يزودها ببواخر جاهزة.

وإذا استمر عهد الباشا أو الداي حوالي عشرين سنة، فإن الأمر ينتهي عادة، إلى تجديد البعثة للحصول على قفطان جديد أو فرمان. وظلت هذه التقاليد سارية المفعول إلى سنة 1770.

وفي عهد محمد باشا، سنة 1784، (كنت صغيرا آنذاك) صاحبت خالي الذي سافر إلى القسطنطينية مع آغا الهدية في ذلك الوقت. ويقال أن الهدية، في تلك الفترة، كانت معتبرة، ومع ذلك فأنا متأكد من أن قيمتها لم تتجاوز 6000 فرنك.

وجاءت هذه السفارة بعد حملة الإسبانيين المشهورة عندما كانت الجزائر في حاجة إلى بعض العتاد الحربي، وبالفعل، فإن الباب العالي قد زودها منه بثلاث حمولات كاملة.

وبعد وفات محمد باشا الذي خلفه مصطفى باشا (5)،كانت الهدية التي أرسلت إلى الباب العالي أكثر اعتبارا، إذ تتضمن الماس والمجوهرات وأشياء

(5) غير صحيح، لأن الذي تولى بعد محمد باشا هو باباحسن خال مصطفى باشا، وقد حكم من سنة 1792 إلى سنة 1798. وعندما توفي، نتيجة دمل في رجله، خلفه مصطفى.

ص: 95

أخرى مماثلة مما يتقبله الدايات من البلدان الأوروبية (6) ، ويمكن تقييم هذه الهدية بمبلغ مليون من الفرنكات. وبالمقابل كانت عطية الباب أكثر أهمية إذ اشتملت حتى على بعض الحراقات. هذه هي المساعدة التي تقدمها الجزائر إلى الباب، وهذا هو المقابل الذي تتلقاه بدورها من السلطان كإعانة للمحافظة على الإيالة التي تعد من جملة أملاكه.

ووفقا لأحد قوانين حكومة الأتراك -عهد ذاك - تأسست في الإيالة، هيأة يسمى رئيسها التركي بيت المالجي، يساعد هذا الرئيس قاض وموثقان وكاتبا ضبط ومسجلون.

تتولى هذه الهيأة مراقبة تركات جميع الأشخاص الذين يتوفون ، والأولياء هم الذين يقدمون إليها المعلومات. ولا يمكن أن يقبر الميت إلا بأمر من رئيس هذه الهيأة التي تعين حقوق الورثة، وإذا كانوا متغيبين، فإن القاضي الخاص يقوم، صحبة أحد المسؤولين السامين، بتعيين وكيل يمثلهم، وأوصياء بالنسبة للقاصرين. وإذا كانت هناك وصية ما ينفذ محتواها بعد تسجيلها والتأكد من صحتها. عندئذ يؤذن بحمل الميت، في نعش، إلى مثواه الأخير، ويذهب الموثقان إلى محل سكناه يقيدان جميع الأشياء الموجودة فيه. وتنقل الأشياء الثمينة، التي يخشى أن تضيع، إلى مأمن حتى يجتمع الورثة أو غيرهم من ذوي الحقوق. وإذا كان الميت أجنبيا، مجهولا أو كان أهله متغيبين، فإن هذه الهيأة تمثلهم. فتبيع التركة بالمزاد العلني وتحتفظ بالقيمة كوديعة مقدسة

(6) كانت جميع الدول الأوربية وأمريكية تدفع إتاوة سنوية للإيالة وكذلك كثيرا من الهدايا الثمينة. وذلك لتحمي أساطيلها من هجمات الجزائريين.

ص: 96

بعد أن تخصم منها المصاريف التي يجب أن لا تتجاوز سبعة في المائة لتدفع أجور كاتب الضبط والموثق ومصاريف البيع العلني الخ

ويودع المبلغ في صندوق عمومي، ويسجل مقداره في ثلاثة سجلات، ولا يستطيع أحد أن يتصرف فيه إلا بإذن شرعي.

وإذا لم يترك الشخص المتوفى وارثا حاضرا أو غائبا. تحسم المصاريف المترتبة عن دفنه وتدفع ديونه إن كانت عليه ديون، ثم تنفذ رغباته الأخيرة إذا كانت لا تتجاوز المقدار الذي ينص عليه الشرع. لأنه لا يملك التصرف إلا في ثلث أملاكه، هذا حتى ولو ترك أقرباء أما الثلثان الباقيان فيضمان إلى الأملاك الوطنية، وتستعمل الأموال التي يحصل عليها هذا الصندوق العمومي في دفن الفقراء والأجانب الذين لا مأوى لهم، وفي مساعدة المعوزين ودفع أجور الأساتذة العمومين الذين ينفقون أوقاتهم في تنوير المجتمع وتزويده بالمعرفة ، كما أنها تستعمل لمساعدة المؤلفين والطلبة المعدمين، الخ

وهناك من الأتراك من هو مرتبط أشد الارتباط بالإيالة. فنجد الكثير منهم لا يتزوجون عمدا ليتركوا ثرواتهم إلى بيت المال. ولهذا السبب كان دخل هذا الصندوق معتبرا في وقت من الأوقات.

وبمجرد ما تجمع خمسون ألف فرنك في هذا الصندوق تحول إلى الخزينة العامة نظرا لمصاريف الدولة المرتفعة ودخلها الضئيل ، وقد ظل هذا هو الشأن إلى أن كان الغزو الفرنسي.

وتعتمد قوانين بيت المال على المبادىء الأساسية لشريعتنا، وفي بعض الأحيان يستلف صندوق من صندوق آخر دون أن يحدث أي خلل في النظام القائم.

ص: 97

وفي زمن الطاعون (7) كان لإدارة بيت المال نشاط يفوق نشاط جميع الإدارات الأخرى، فهي التي تقوم بإحصاء الموتى وتعمل على تجنب الفوضى التي قد تتسبب فيها كثرة الوفيات كما أنها هي التي تتولى التركات المهملة وتقوم بعمليات الميراث .. الخ.

وعندما كان الغزو الفرنسي استولى الفرنسيون على صندوق بيت المال الذي كان يحتوي على مبالغ هائلة (8) كما إنهم استولوا على الودائع الخاصة التي كانت فيها، وبذلك صار الصندوق في عجز كبير.

وعلى أثر هذا الغزو، ومنذ أن طرد الأغنياء، صار دخل بيت المال في نقصان كبير، وكيف يمكن لهذه الإدارة أن تسترجع دخلها العادي إذا كانت تركة الشخص الميت بالوقت الحاضر سواء كان له ورثة أم لا، لا تكفي إلا لدفع مصاريف دفنه؟ بل إنني أعتقد جازما أن رئيس بيت المال حاليا، وهو جزائري ; يدفع أموالا طائلة من عنده لدفن الفقراء كتسبيق للصندوق مثلما تعود أن يفعله سابقوه. ولكن الراجح هو أن هذا الرئيس إنما يقصد بتصرفه عمل الخير لأن تصرفاته كانت دائما هي تصرفات الإنسان السخي المحسن.

والملاحظة هو أنه لا يمكن التصرف في الأموال المودعة في خزينة بيت المال لأنها لأشخاص مختلفين من الخواص وفي عهد الأتراك كانت هذه المودعات

(7) آخر طاعون أصاب الجزائر المستقل هو ذلك الذي ظهر سنة 1817 ولم يختف إلا سنة 1822. وقد قضى على حوالي سدس سكان الإيالة.

(8)

تقدر تلك المبالغ بحوالي مائة مليون من الفرنكات ، ويقال إنها نقلت إلى لندن حيث تقاسمها لويس قليب وتاليران وبعض أعونهما.

ص: 98

لتعتبر دائما من المقدسات التي لا تمس.

وكأحد سكان مدينة الجزائر العالمين بنشاط خزينة بيت المال، أستطيع أن أؤكد صحة كل ما قيل أعلاه.

وللأسباب التي ذكرتها، فإن مدخولات مداينة الجزائر غير معتبرة ولكن أعمال الظلم لا يمكن أن يكون لها أثر خارج المدينة، لأن السلطة الفرنسية لا تمتد إلى ما وراء الأسوار.

لكن لم يكن للحكومة التركية، عندما أسست، موارد كبرى حتى أن أحد الدايات أو الباشوات قد وجد نفسه مضطرا، لدفع أجور الأجنااد، أن يقدم أشياء مختلفة مثل العتاد الحربي وغيره، ويعيد شراءها عندما تتوفر الأموال في الخزينة.

وفي وقت من الأوقات، كان خمس الغنائم المخصص للدولة لا يكفي لسد حاجات الإيالة اليومية، الأمر الذي كان يجعل من الصعب إيجاد متطوع للحكم. ولقد حدث أن بقي العرش خاليا إلى أن رأى السلطان من الضروري إرسال أحد الباشاوات بعد تقليد زمام الحكم. وكان هذا الشغور يدوم فترات طويلة.

وعندما تحسنت أوضاع الخزينة، وذللت الصعوبات، توقف الجزائريون عن مطالبة القسطنطينية بتعيين القادة ورضي السلطان بذلك.

وعندما تم توحيد تلمسان وقسنطينة إلى باقي أجزاء الإيالة، وجد باشا الجزائر نفسه مضطرا إلى تنظيم إدارة هاتين المقاطعتين الجديدتين. وبهذا الصدد أرسل بايا أو واليا إلى قسنطينة وآخر إلى معسكر.

ص: 99

أما وهران، التي هي مقر الباي، فإنها كانت تابعة للاسبانيين في ذلك الوقت. ولم تخرج من قبضتهم إلا مؤخرا، كما أوضحنا ذلك سابقا.

وفي نفس الوقت تم تعيين باي في المدية وهي أهم مدينة في مقاطعة التيطري. وفيما يلي قانون هؤلاء البايات:

تأتي هذه المرتبة بعد درجة الآغا الذي ذكرنا اختصاصاته أعلاه. وعلى كل واحد من هؤلاء البايات أن يؤم مدينة الجزائر يخبر عن إدارته، ويقدم بنفسه فائض المدخولات، وذلك لأنه يخصم منها كل ما هو ضروري لموظفيه ولفرسانه ورجال المدفعية بحيث يكون المبلغ الذي يدفعه إلى الخزينة العمومية كل ثلاث سنوات مساويا لثمن مدخولاته.

حدود كل مقاطعة مضبوطة، وكل باي مسؤول عن إدارته وعن الحدود.

إن الأجزاء التي توجد بها أملاك وطنية تخضع في إدارتها وتسييرها لخوجة الخيل. أما الأراضي الكئنة في ضواحي مدينة الجزائر، والتي لا تدخل في ممتلكات الدولة ولا في مقاطعة من مقاطعان البايات الثلاثة، فإنها تكون تحت تصرف الآغا (9).

وعندما يموت الباي، فإن الواجب، يقضي بأن يكون خليفته صهرا لشيوخ العرب ومطلعا كل الاطلاع على العادات والتقاليد. أما تركة الباي المتوفى فتعود لورثته، باستثناء العتاد الحربي وكل ما له صلة بالإدارة التي كان مكلفا بها، إذ أن هذه الأشياء تترك في المسكن تحت تصرف الباي الجديد

(9) هو رئيس القوات المسلحة.

ص: 100

حتى لا يكون مضطرا لشرائها أو للمطالبة بالأموال اللازمة لذلك، وهكذا يجد الباي الجديد موردا هو بداية ثروته.

وقد جرت العادة أن يرسل الباشا لكل باي حامية في كل سنة مرة. وبما أن سكان مقاطعة التيطري فقراء وقليلو العدد، فإن الحامية لا تبقى عندهم إلا شهرين ثم ترجع إلى مدينة الجزائر. وفي معسكر، في الجزء الغربي، تبقى الحامية أربعة أشهر، وأما في قسنطينة التي تشكل شرق البلاد، فإنها تبقى ستة أشهر.

وإذا أراد أحد الجنود، في حامية ما، أن يقيم في المقاطعة إلى أن تعود الحامية المقبلة، فإنه يحصل على الإذن بكل سهولة. وإن الكثير من أعضاء الميليشيا يفضلون البقاء في المقاطعات على العودة إلى مدينة الجزائر:

1 -

لأن مرتباتهم تتضاعف أثناء غيابهم، وادخارهم يتزايد لأن حياة المدينة أغلى من حياة الريف.

2 -

لأن الباي الذي يبقون معه يقدم لهم العطايا والمنح.

وفي أثناء السير تطعم الجيوش بالبرغل، أي بالقمح، يقلى ثم يرحى ويغربل لتنزع منه النخالة فيصبح نوعا من البسيسة. ويحتفظ بهذا القمح المطحون عاما كاملا، ويحضر ويطبخ تماما مثل البيلو (أكلة تركية شائعة في فرنسا). ويحضر بالزبدة فقط. ولا يأكل الجنود اللحم إلا مرة في الأسبوع. ولذلك يفضلون في الشتاء حياة الحامية في المقاطعات على البقاء في مدينة الجزائر وعلى حياة القرصنة.

تتكون حامية قسنطينة من 100 خيمة، وحامية معسكر من 60 وحامية المدية من 40 وتأوي كل خيمة 30 جنديا يقودهم ضابط برتبة بولكباشي

ص: 101

وآخر بدرجة أوضاياشي وثالث يسمى باش يولداش. وفي كل واحدة من هذه الخيام محافظ للمؤونة يحرس المعاش والطبخ ويسمى الطباخ. ويساعده في مهمته عامل يسمى الصاغا، يكلف بجلب المياه من مختلف الآبار وتوزيعها على الجيوش.

ولكل خيمة، بالإضافة إلى ذلك، خادم يتولى جمع المتاع ونقله على الجمال من مكان لآخر. وعؤلاء الأشخاص الخمسة الذين ذكرتهم يركبون الخيل، أما الباقي فيمشون راجلين ويحمل كل واحد سلاحه. ويشرف على كل معسكر قائد يسمى آغا المحل. ويختار عادة من بين الضباط الذين لهم رتبة بولكباشي ; بحيث لا يمكن التقدم في الدرجة إلا بقدر ما تكون الوفيات كما ينص على ذلك قانون الميليشيا في الجزائر.

ويصطحب هذا الآغا شاوشا من ديوان الجزائر يعهد إليه بنقل أوامره.

وعندما يقوم البايات بجولات في كامل أنحاء مقاطعاتهم لجمع الضرائب، فإنهم يصطحبون معهم الحامية التركية، وعندئذ يكلف الشاوش بنقل تعليمات الباي إلى الآغا. فعندما يشير الباي بتبديل المكان، يقوم الآغا بنقل أوامره إلى الأوضاباشوات الذين ينقلونها بدورهم إلى من هم أدنى منهم درجة بحيث تتخد جميع الإجراءات في رمشة عين.

وبحسب الموقع الذي يكون فيه المركز، يجب أن تقام خيمة الباي وسط الجيوش محاطة بهالة من الفرسان هي نفسها مطوقة بدائرة من المشاة، ولا يترك سوى ممر يقود إلى وسط المركز، وعلى حافتي هذا الممر تقام خيمة كبيرة نحد فيها المستشفى والصيدلية والمقهى، وأخرى يقيم فيها آغا المحل. وأمام

ص: 102

هذه الأخيرة تنصب الأعلام من جهة، والمدافع والمدفعيون والعتاد الحربي من جهة أخرى.

وعندما يريد الباشا عزل أحد البايات، يرسل تعليماته إلى آغا المركز أو آغا الحامية، بحسب المكان الذي يكون فيه الباي، فيضع حدا لسلطته ويلقي عليه القبض في بعض الأحيان إلى أن يأتي خلفه، وذلك مخافة أن يهرب، الأمر الذي قد يؤدي إلى وقوع الاضطرابات في البلاد.

كان البايات لا يعزلون إلا نادرا، في الأيام الأولى من عهد الأتراك.

وعندما أصبح الباشوات والدايات جشعين يجرون وراء الثروة كثرت التبديلات والتغييرات التي كانت مضرة بالنسبة للشعب وللحكومة على السواء.

وكان من عادة الباشوات القديمة القيام بجولة ربيعية في كل سنة. ويرافق الباشا في هذه الجولة ديوانه الخاص الذي يشكل الحاشية، وكذلك أعضاء ديوانه الأعظم ما عدا آغا اليولداش الكبير ونائبه اللذين يجب أن يبقيا في المدينة. ويتبع الباشا ; أيضا، القواد والسناجق وفرقة موسيقية كاملة وعدد من الشخصيات الأخرى. وعلى بعد حوالي نصف ساعة من مدينة الجزائر، بجوار حديقة مصطفى باشا، يوجد مكان في موقع حسن وله منظر جميل، تقام فيه خيمة رائعة لاستقبال الباشا وحاشيته. وعندما يصل الباشا يدور الموكب دورة حول هذه الخيمة قبل النزول، ثم يقفز الفرسان إلى الأرض ويدخلون خيمة الداي حيث يجدون طاولة مجهزة بأنواع المبردات والحلويات والمرطبات، الخ

وبعد أكل خفيف تقام صلاة يعقبها ابتهال إلى الله ليحفظ السلطان ويرفع عدد العرب ويسعدهم ويقوي إيمانهم في حدود معينة حتى لا يتقاسموا الحكم مع الأتراك. وبعد هذه الحفلة يرجع أعضاء الديوان

ص: 103

الأعظم وغيرهم من الشخصيات الأخرى إلى مدينة الجزائر، ولا يبقى في الخيمة إلا والباشا وحاشيته لتسوية قضايا البلاد ، ويفتح المقطاجي السجل ليعين الجنود الذين سيعينون للقيام بالحملات ولتكوين الحاميات الضرورية لمختلف الجهات. ثم ترتب المعسكرات وتنظم، وتعين الوحدات التي ستقوم بالحملات البرية، وفي الحين تعطى الأوامر لإقامة الخيام ولتموين الجيوش، الخ

يبدأ الاعتناء بالجيوش التي تجه إلى مستغانم، ثم تجهز جيوش التيطري وتبقى حامية قسنطينة هي الأخيرة، وكل هذه الحاميات يجب أن ترسل في الأيام الأولى من فصل الصيف. وعندما تتم جميع هذه الإجراءات، يعود الباشا إلى مدينة الجزائر. ولكنه بمرور الزمن، أهمل الدايات هذه الحفلة وصاروا لا يقيمونها بالكيفية التي وصفناها، وإنما أصبحت العادة شكلية فقط، أي أن الخيمة ظلت تقام في المكان المعين ويقصدها الديوان في اليوم الموعود كما لو كان يذهب إلى نزهة، وبدلا من أن يترك الداي وحاشيته في الخيمة، صار يترك فيها أحد الحراس فقط.

ص: 104