الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الرابع
عن الاحتلال العسكري
إن أعيان مدينة الجزائر وأعضاء الحاشية (4) الذين لا يسكنون القصبة قد وضعوا مساكنهم تحت تصرف ضباط الجيش السامين ليسكنوها. فكانت لكل واحد حصته، وبهذا الصدد أقول أن الجنرال لوواردو، الذي كان يسكن دار الآغا إبراهيم، كان رجلا شريفا حقا ذا أخلاق كريمة في مستوى أمة عظيمة ، لقد ملكوه بهذه الدار وما حوته، ونقول بسرعة إنها لم تصب بأي ضرر، ولم يضع منها شيء. فهو لم يكتف بعدم الإضرار بها، ولكنه منع الحاشية وغيرها من أن تفسد فيها وتعبث. وتستحق عنايته هذه كل تقدير، لأنه طلب، قبل مغادره المسكن، من السيد سان جوهن القنصل الإنكليزي ووكيل إبراهيم أن يدون كل ما وضع تحت تصرفه.
(4) أعضاء الديوان والموظفون السامون.
وإذا كانت مثل هذه الأفعال تستحق الذكر، فهناك أفعال أخرى، ولكن معاكسة يجب أن يشهر بها.
إني أعرف حق المعرفة أنه كان يوجد في مسكن باي قسنطينة، بالجزائر ملابس وأشياء أخرى تقدر قيمتها بأكثر من مليون فرنك. تتمثل هذه الأشياء في حياك وبرانس وأوان فضية، الخ
…
ويبدو أن الضابط السامي الذي أعطي له هذا المسكن، كان يعتقد بأن له الحق في التمتع بكل ما اشتملت عليه. فيقال أنه باع كل شيء بمبلغ 2،200 فرنك لأنه لم يكن يعرف القيمة الحقيقية لتلك الأشياء وقد استفاد من هذا النهب أحد اليهود المحيطين به، اسمه ابن دران، الذي اشترى منه كمية هائلة من الملابس تطلب نقلها سبعة أيام.
هناك ديار أخرى كان لها نفس المصير، وجد اليهود في ذلك تجارة رابحة. ولقد استطاع كثير منهم أن يحملوا، بواسطة التخويف بعض السكان الأثرياء على بيع أثاثهم وأمتعتهم قبل أن يأتي الفرنسيون للاستيلاء عليها.
وكدليل على ما أقول أذكر الحادث التالي: لقد حمل اليهودي بكري وكيل الحرج على أن يبيع له أثاثه الثمين وأنواعا مختلفة من أمتعة الزينة، تقدر قيمتها بحوالي خمسين ألف فرنك بمبلغ أربعة آلاف فرنك. ولم يدفع له ذلك نقدا، وإنما وقع له سندا لأجل معلوم. ثم نفي وكيل الحرج هذا، وبقيت القيمة عند بكري، وبما أن هذا الأخير أصبح الآن غير قادر على الدفع، فإنه لا يملك إرغامه على تأدية ما عليه. وهناك ألف قضية أخرى تشبه هذه، وهي حقيقة على الرغم من أنها تبدو مستبعدة، وإنني لا أكاد أصدق أعيني، بالرغم من أن الأمور كانت تقع بمحضري.
ومن جملة المؤلفات التي نشرت حول أحداث الجزائر، لا شك أن بعضها قد تكلم عن كل هذه الخاصيت. وإذا أهمل ذكرها، فإنه ينبغي أن نفترض بأن المصلحة الشخصية هي السبب في ذلك.