الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
للاتصال بقائد الجنرالات والتفاوض معه.
كان هذا المقطاجي على علم بمؤامرة الخزناجي التي أشرنا إليها أعلاه، ولذلك أراد بكل مكر أن يتفاهم مع قائد الجنرالات لرفع الخزناجي إلى مرتبة داي واقترح على قائد الحملة أنه يحمل إليه مقابل ذلك رأس حسين داي ثم يبرم مع فرنسا معاهدة تكون حسب رغبتها ولكن الجنرال بورمون أجابه قائلا:(إنني لم آت لتشجيع القتالين وإنما لأحارب. وإنني لا أرضى باقتراح حسين باشا الرامي إلى تحديد شروط الاستسلام. إنني مبتهج لهذه العواطف الإنسانية، لأنه بعمله هذا يمنع سفك كثير من الدماء). وهكذا إذن وقع النقاش حول الاستسلام، وتم الاتفاق عليه من الطرفين كما يلي:
اتفاقية بين قائد جنرالات الجيش الفرنسي وسمو داي الجزائر:
1 -
يسلم حصن القصبة وجميع الحصون الأخرى التابعة للجزائر وكذلك ميناء هذه المدينة إلى الجيوش الفرنسية، هذا الصباح على الساعة العاشرة (حسب توقيت فرنسا).
2 -
يتعهد قائد جنرالات الجيش الفرنسي بأنه يترك لسمو داي الجزائر حريته وكذلك جميع ثرواته الشخصية.
3 -
الداي حر في الانسحاب مع أسرته وثرواته الخاصة إلى المكان الذي يحدده، وسيكون هو وكامل أفراد أسرته تحت حماية قائد جنرالات الجيش الفرنسي، وذلك طيلة المدة التي يبقاها في الجزائر، وستقوم فرقة من الحرس بالسهر على أمنه وأمن أسرته.
4 -
يضمن قائد الجنرالات نفس المزايا ونفس الحماية لجميع جنود الميليشيا.
5 -
تبقى ممارسة الديانة المحمدية حرة، كما أنه لن يقع أي اعتداء على حرية السكان من جميع الطبقات ولا على دينهم وأملاكهم وتجارتهم وصناعتهم، ونساؤهم سيحترمن.
إن قائد الجنرالات يتعهد بشرفه على تنفيذ كل ذلك. وأن تبادل هذه الاتفاقية سيتم قبل الساعة العاشرة من هذا الصباح، وبعد ذلك مباشرة تدخل الجيوش الفرنسية إلى القصبة ثم إلى جميع حصون المدينة والبحرية. في المسعكر المخيم أمام الجزائر، يوم 5 جوليت سنة ثلاثين وثمانمائة وألف.
إمضاء: كونت دوبرمون
خاتم حسين باشا، داي الجزائر
وعندا علم العرب والقبائل بدخول الجيش الفرنسي إلى الجزائر، ظنوا أنه فعل ذلك عنوة لا عن طريق المفاوضات، واعتقدوا، كذلك؛ أن المدينة نهبت، ولذلك قاموا بدورهم ينهبون ويخربون ديارنا في البادية حتى لا يستفيد منها الفرنسيون على حسابهم. وهكذا، أخذوا كل ما يمكن حمله: المواشي، الخيل، البغال، الخ
…
وأشعلوا النيران في المخازن، وكسروا جرار الزيت والزبدة، ثم اصطحبوا معهم كل ما قدروا على نقله حتى لا يتركوا شيئا للفرنسيين، وبدورهم، قام هؤلاء الأخيرون باقتلاع سياجات الحديد، وتهديم الحمامات وحملوا إلى الأسواق ما تبقى من أشياء فباعوها أمام أعيننا، وبذلك يكون الفرنسيون قد اتبعوا طريقة البرابرة، بل إنهم كانوا أكثر فسادا، لأنهم هدموا ما كان مبنيا وخربوا ما كان موجودا.
لقد كان العرب والقبائل يعلمون أن متيجة كلها كانت ملكا لسكان الجزائر ولذلك نهبوا وخربوا كل ما كان في متناولهم. وسأعود، فيما بعد إلى الكلام عن هذا الحادث المؤلم.