الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني
طبائع البربر وعاداتهم
يرتدي الرجال قماشا من الصوف. ولأبستهم شكل كيس مثقوب في الوسط لإخراج الرأس، وبه ثقبان آخران على الجنبين لإخراج اليدين، عرضه حوالي ذارع ويهبط إلى منتصف الساق. والقماش من الصوف الأسود، وهو من صنع النساء، وبما أن هذه الصوف لا تغسل كما ينبغي، فإنها تصدر رائحة لا تطاف عندما تبللها الأمطار، وعندئذ يصبح هذا اللباس ثقيلا جدا وهو بمثابة القميص والسروال وغيرهما في آن واحد. لكن الأغنياء منهم يضيفون لباسا آخر فوقه يسمونه البرنس، وهو دئما من نفس القماش، وشكله معروف في أوروبا وهذا النوع من الكساء يرفع ويبقى إلى أن يتساقط إربا إربا وعادة فإن برنسا واحدا يكفي لمدة حياة الإنسان لا يفارق الجسم، يتبلل وييبس على ظهر صاحبه إما بمفعول الهواء أو بفضل حرارة النار.
وتتدثر النساء في حائك يشبك بالدبابيس ويصنع هو أيضا من قماش ينسجنه بأنفسهن يكف هذا الكساء بقطعة أخرى من القماش ذي اللون الأحمر أو الأزرق عرضها حوالي أربعة أصابع وتستورد هذه الصوف الملونة من مدينة الجزائر، والمثريات من النساء يغطين رؤوسهن بقطعة من الكتان أو منديل قطني. أما
الأطفال، فإنهم عراة تماما كما رأيتهم بنفسي، ولا تعطى لهم ألبسة إلا في الشتاء. أو عندما يصلون سن البلوغ. والذي يغطي رأسه بقلنسوة لا يجرأ أحد في مدينة الجزائر على أن يتقلنس بها، يعتبر أنيقا. ونرى بعض هؤلاء الأنيقين يحتفظون بهذه القلنسوة مدة طويلة دون أن يبدلوها حتى تصبح سوداء من العرق والغبار. أما عن الأحذية، فإن أغنياء القبائل يلبسون مثل الرومان نوعا من الكوثرن مربوط بالجلد، ولقد شاهدت هؤلاء البربر في مناطقهم وفي مدينة الجزائر، شاهدتهم صيفا وشتاء يخلعون ثيابهم ويجعلون منها وسادة عند النوم.
ومن كان له برنس فإنه يغطي به نفسه ويتمدد على حصيرة ان وجدت. وفي الصيف يرقد أغلبهم متفرقين فوق الرمال، وفي الشتاء يشعلون نارا كبيرة بما يحتطبونه من الغابات المتكاثرن ويرقدون جاعلين أرجلهم أمام هذه النار، فينامون هكذا، نوما هادئا. أما غداؤهم فخبز الشعير وزيت الزيتون والتبن المجفف والبلوط. وإلى جانب ذلك فإن الأثرياء أي الذين يملكون عنزتين أو ثلاثا، يشربون الحليب. وهناك، أيضا من يملك عددا من المعز والشياه المخصصة للبيع في المدن. والقبائل، عادة، لا يأكلون الأغنام ولا
الدواجن ولا يذبحونها إلا عندما يؤمهم ضيف، لأن قانون الضيافة مقدس عنهم. ويعتبر ذلك اليوم في القبيلة، يوم عيد، يتطاير فيه الأولاد فرحا وتذبح الشاة ثم يطهى اللحم مع الكسكسي وعندما يحضر الطعام يقطع اللحم أطرافا يزن الواحد حوالي رطل (1) ويقدمه صاحب الدار إلى الضيوف على
(1) كان يوجد في الجزائر، قبل الاحتلال، أربعة أنواع من الرطل: الرطل الكبير والرطل الخضاري والرطل العطاري والرطل الفضي، ونعتقد أن الذي يعنينا هنا هو الرطل الخضاري ويساوي بالغرامات: 614،3، وعليه فهو أكثر من رطلنا الحالي. أما الرطل الكبير فيزن بالغرامات 921،5 ولذلك أبعدناه.
النحو التالي: يعطى لكل ضيف طرف لحم وإذا بقي شيء يعطى للجيران الذين يرقبون الأحداث من بعيد نصيبهم من الطعام، وفي جميع الحالات، فان رب البيت يغالي في الأدب إلى درجة أنه يطعم هؤلاء الفضوليين قبل أبنائه. وفي التحلية يأكل القبائل التين المجفف حتى ولو كانت لديهم فواكه أخرى. وبما أن الأشجار المثمرة كثيرة، فإنهم يحتفظون بثمارها ويبيعونها لسكان المدن في الأسواق أما هم فإنهم لا يكادون يعرفون طعم هذه الفواكه.