الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الأطعمة
والأصل فيها الحل لمسلم يعمل صالحًا، لأن الله تعالى إنما يبيح الطيبات لمن يستعين بها على طاعته لا على معصيته، لقوله تعالى:{لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا} [93/5] الآية ولهذا لا يجوز أن يعان بالمباح على معصية، كمن يعطي اللحم والخبز لمن يشرب عليه الخمر، ويستعين به على الفواحش، ومن أكل من الطيبات، ولم يشكر فهو مذموم، قال تعالى:{ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ *} [8/102] أي عن الشكر عليه (1) .
وأما الضبع فإنها مباحة في مذهب مالك والشافعي وأحمد، وحرام في مذهب أبي حنيفة، لأنها من ذوات الأنياب، والأولون استدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم "إنها صيد وأمر بأكلها" رواه أهل السنن وصححه الترمذي. قالوا: ليس لها ناب، لأن أضراسها صفيحة لا ناب فيها (2) .
وفي كلب الماء نزاع، الأولى تركه (3) .
وسنور أهلي. قال أحمد: أليس مما يشبه السباع؟ قال شيخنا:
(1) اختيارات (321) ، ف (2/ 398) فيه زيادة.
(2)
مختصر الفتاوى (520) ، ف (2/ 399) .
(3)
مختصر الفتاوى (520) ، ف (2/ 399) .
ليس في كلامه هذا إلا الكراهة، وجعله أحمد قياسا، وأنه قد يقال: يعمها اللفظ (1) .
وما يأكل الجيف يعني يحرم ونقل عبد الله وغيره: يكره وجعل فيه الشيخ تقي الدين روايتي الجلالة.
وقال: عامة أجوبة الإمام أحمد رحمه الله ليس فيها تحريم، قال: وإذا كان ما يأكلها من الدواب السباع، ففيه نزاع أو لم يحرموه والخبر في الصحيحين (2) فمن الطير أولى (3) .
وما يستخبث أي تستخبثه العرب، وقال الشيخ تقي الدين: وعند الإمام أحمد وقدماء أصحابه لا أثر لاستخباث العرب، وإن لم يحرمه الشرع حل (4) .
وكره أحمد الخفاش، لأنه مسخ، قال شيخنا: هل هي للتحريم؟ فيه وجهان (5) .
وأكل الشيطان لو تصور لكان أعظم المحرمات لما فيه من الخبث والبغي والعدوان، فمن قال: إن آدم سلقه وأكله فمن أقبح البهتان (6) .
ومن اضطر إلى محرم حل منه ما يسد رمقه، يعني: ويجب عليه أكل ذلك على الصحيح من المذهب نص عليه، وذكره الشيخ تقي الدين وفاقا (7) .
(1) فروع (6/ 295) ، ف (2/ 399) وإنصاف (10/ 355) .
(2)
يعني حديث كل ذي ناب من السباع.
(3)
إنصاف (10/ 355) ، ف (2/ 399) .
(4)
إنصاف (10/ 357) ، ف (2/ 399) .
(5)
فروع (6/ 296) ، ف (2/ 399) .
(6)
مختصر الفتاوى (177) ، ف (2/ 399) .
(7)
إنصاف (10/ 370) ، ف (2/ 399) .
يجب تقديم السؤال على أكل المحرم على الصحيح من المذهب، وقال الشيخ تقي الدين: إنه يجب ولا يأثم، وأنه ظاهر المذهب (1) .
والمضطر إلى طعام الغير إن كان فقيرا فلا يلزمه عوض، إذ إطعام الجائع وكسوة العاري فرض كفاية، ويصيران فرض عين على المعين إذا لم يقم به غيره.
وإن لم يكن بيده إلا مال لغيره، كوقف ومال يتيم ووصية ونحو ذلك، فهل يجب أو يجوز صرفه في ذلك؟ أو يفرق بين ما يكون من جنس الجهة فيصرف وبين ما يكون من غير جنسها فلا يصرف؟ تردد نظر أبي العباس في ذلك كله.
وإن كان غنيا لزمه العوض، إذ الواجب معاوضته.
وإذا وجد المضطر طعاما لا يعرف مالكه وميتة فإنه يأكل الميتة إذا لم يعرف مالك الطعام وأمكن رده إليه بعينه، أما إذا تعذر رده إلى مالكه، بحيث يجب أن يصرف إلى الفقراء كالمغصوب والأمانات التي لا يعرف مالكها فإنه يقدم ذلك على الميتة.
وإذا كانت الحاجة إلى عين قد بيعت ولم يتمكن المشتري من قبضها، فينبغي أن يخير المشتري بين الإمضاء والفسخ كما لو غصبها غاصب، لأنها في كلا الموضعين أخذت بغير اختياره على وجه يتمكن من أخذ عوضها، إلا أن الأخذ كان في أحد الموضعين بحق، وفي الآخر بباطل، وهذا إنما تأثيره في الأخذ لا في المأخوذ منه؛ لكن يحتاج إلى الفرق بين ذلك وبين استحقاق أخذ الشقص بالشفعة.
فيقال: الفرق بينهما أن المشتري هناك يعلم أن الشريك يستحق الانتزاع، فقد رضي بهذا الاستحقاق، بخلاف المشتري لقفيز من صبرة.
(1) إنصاف (10/ 371) ، ف (2/ 399) .