الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا يجوز التعريض لغير ظالم، وهو قول بعض العلماء، كما لظالم بلا حاجة، ولأنه تدليس كالتدليس في المبيع، وقد كره أحمد التدليس، وقال: لا يعجبني ونصه: لا يجوز التعريض مع اليمين (1) .
شمل قوله: (وإن لم يكن ظالما فله تأويله) أنه لو لم يكن ظالما ولا مظلوما ينفعه تأويله.
وقيل: لا ينفعه تأويله والحالة هذه حكاه الشيخ تقي الدين وقال: ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله المنع من اليمين به (2) .
ومن كرر أيمانا قبل التكفير فروايات ثالثها وهو الصحيح إن كانت على فعل فكفارة وإلا فكفارتان، ومثل ذلك الحلف بنذور مكفرة وطلاق مكفر (3) .
…
وجه تكفير العبد بالمال مع القول بانتفاء ملكه له مأخذان
أحدهما: أن تكفيره بالمال إنما هو تبرع له من السيد وإباحة..
والثاني: أن العبد ثبت له ملك قاصر بحسب حاجته إليه، وإن لم يثبت له الملك المطلق التام، فيجوز أن يثبت له في المال المكفر به ملك يبيح له التكفير بالمال دون بيعه وهبته، كما أثبتنا له في الأمة ملكا قاصرا أبيح له به التسري بها دون بيعها وهبتها، وهذا اختيارا الشيخ تقي الدين (4) .
باب النذور
النذر مكروه، وقال الناظم: ليس بسنة ولا محرم، وتوقف الشيخ
(1) اختيارات (328) ، ف (2/ 406) .
(2)
إنصاف (9/ 120) ، ف (2/ 406) .
(3)
اختيارات (328) ، ف (2/ 407) .
(4)
إنصاف (11/ 47) ، ف (2/ 407) .
تقي الدين في تحريمه (1) .
توقف أبو العباس في تحريمه: وحرمه طائفة من أهل الحديث (2) .
والعهود والعقود متقاربة المعنى أو متفقة، فإذا قال: أعاهد الله أني أحج العام، فهو نذر وعهد ويمين. وإن قال: لا أكلم زيدا فيمين وعهد، لا نذر، فالأيمان إن تضمنت معنى النذر وهو أن يلتزم لله قربة لزمه الوفاء بها، فهي عقد وعهد ومعاهدة لله، لأنه التزم لله ما يطلبه الله منه، وإن تضمنت معنى العقود التي بين الناس وهو أن يلتزم كل من المتعاقدين للآخر ما اتفقا عليه فمعاقدة ومعاهدة يلزم الوفاء بها إن كان العقد لازما، وإن لم يكن لازما خير، وهذه أيمان بنص القرآن ولم يعرض لها ما يحل عقدتها إجماعا (3) .
ومن نذر صوم الدهر أو صوم يوم الخميس والاثنين فله صوم يوم وإفطار يوم كالمكان (4) .
وأما صوم رجب وشعبان: ففيه نزاع في مذهب أحمد وغيره، قيل: هو مشروع فيجب الوفاء به، وقيل: بل يكره فيفطر بعض رجب (5) .
قال: ونذره لغير الله تعالى كنذره لشخص معين حي للاستعانة وقضاء الحاجة منه كحلفه بغيره، وقال غيره: هو نذر معصية وقاله شيخنا أيضا (6) .
(1) إنصاف (11/ 117) ، ف (2/ 407) .
(2)
اختيارات (328) ، ف (2/ 407) .
(3)
اختيارات (327، 328) ، ف (2/ 408) .
(4)
فروع (6/ 408) واختيارات (329) ، ف (2/ 409) .
(5)
مختصر الفتاوى (552) ، ف (2/ 408) .
(6)
فروع (6/ 404) ، ف (2/ 409) .
ومن أسرج بئرا أو مقبرة أو جبلا أو شجرة أو نذر لها أو لسكانها أو العاكفين عند ذلك المكان لم يجز، ولا يجوز الوفاء به إجماعا، ويصرف في المصالح ما لم يعلم ربه، ومن الجائز صرفه في نظيره من المشروع، وفي لزوم الكفارة خلاف.
ومن نذر قنديلا يوقد للنبي صلى الله عليه وسلم صرفت قيمته لجيرانه الساكنين بمدينته عليه الصلاة والسلام وهو أفضل من الختمة (1) .
ولو قال: إن فعلت كذا فعلي ذبح ولدي أو معصية غير ذلك أو نحوه وقصد اليمين فيمين، وإلا فنذر معصية، فيذبح في مسألة الذبح كبشا، ولو فعل المعصية لم تسقط عنه الكفارة ولو في اليمين (2) .
قوله: إلا إذا نذر ذبح ولده، ففيه روايتان، وعنه إن قال: إن فعلته فعلي كذا أو نحوه قصد اليمين فيمين وإلا فنذر معصية فيذبح في مسألة الذبح كبشا اختاره الشيخ تقي الدين، قال: وعليه أكثر نصوصه قال: وهو مبني على الفرق بين النذر واليمين، قال: ولو نذر طاعة حالفا بها أجزأ كفارة يمين بلا خلاف عن الإمام أحمد، فكيف لا يجزئه إذا نذر معصية حالفا بها (3) .
قال أصحابنا: إذا نذر صوم يوم يقدم فلان، فقدم ليلة لم يلزمه شيء، قال أبو العباس: ولو قيل: يلزمه كفارة يمين كما لو نذر صوم الليل وأيام الحيض أو القضاء مع ذلك أو بدونه لتوجه (4) .
ولو نذر الصلاة في وقت النهي أو صوم أيام التشريق لم يجز، وإن كان يفعل فيها الوجه الشرعي، بل الواجب عليه فعل الصلاة في
(1) فروع (6/ 401) واختيارات (329) وتقدم بعضه ف (2/ 409) .
(2)
اختيارات (331) ، ف (2/ 409) .
(3)
إنصاف (11/ 121) وفروع (6/ 403) ، ف (2/ 409) .
(4)
اختيارات (330) ، ف (2/ 409) .
وقتها وفعل الصوم في أيام العشر، فإن لم يفعل قضاه على سبيل البدل للضرورة، وما وجب للضرورة لا يجوز أن يجب مثله بالنذر (1) .
ولو نذر الصلاة في وقت النهي ففي صحتها لكونه يفعل فيهما الوجهان، في مذهب الشافعي وأحمد، والصواب أنه لا يصح (2) .
وأما إن نذر للمسلمين ولم يعرف صاحبه فإنه يصرف في مصالح المسلمين (3) .
ومن نذر أن يهب فلانا شيئا لم يحصل الوفاء إلا بقبض الهبة، فإن قبلها فلا كلام، وإن لم يقبلها فلا شيء على الواهب، كما لو حلف ليهبن فلانا فلم يقبل، فإن أصحابنا وغيرهم قالوا: إذا حلف لا يهب ولا يتصدق ففعل ولم يقبل الموهوب له لم يحنث، فهذا في النفي، وأما في الإثبات فإذا حلف لا يهب، فإما أن يجري مجرى الإثبات، أو يقال: يحمل على الإجمال، كما يفرق في لفظ النكاح وغيره بين النفي والإثبات، وقد قالوا في الطلاق، إذا وهب امرأته أهلها فلم يقبلوها لم يقع شيء، وفيه نظر، وكما لو نذر عتق عبد معين فمات؛ لأن مستحق النذر إذا كان ميتا لم يستحقه غيره (4) .
ومن نذر صوما معينا فله الانتقال إلى زمن أفضل منه (5) .
واستحب أحمد لمن نذر الحج مفردا أو قارنا أن يتمتع لأنه أفضل، لأمر النبي أصحابه بذلك في حجة الوداع (6) .
(1) اختيارات (230) ، ف (2/ 409) .
(2)
مختصر الفتاوى (288) ، ف (2/ 409) .
(3)
مختصر الفتاوى (552) ، ف (2/ 409) .
(4)
مختصر الفتاوى (552) ، ف (2/ 409) .
(5)
اختيارات (329) ، ف (2/ 410) .
(6)
اختيارات (330) ، ف (2/ 410) .
ومن نذر صوما مشروعا وعجز لكبر أو مرض لا يرجى برؤه كان له أن يفطر ويكفر كفارة يمين، أو يطعم عن كل يوم مسكينا، أو يجمع بين الأمرين على ثلاثة أقوال لأحمد وغيره، أحوطها الثالث.
وإن كان عجزه لمرض يجرى برؤه فإنه يفطر ويقضي بدل ما أفطر، وهل عليه كفارة يمين؟ فيه نزاع لأحمد وغيره، وإن كان يمكنه الصوم لكن يضعفه عن واجب مثل الكسب الواجب فله أن يفطر، ثم إذا أمكنه القضاء قضى وإلا فهو كالشيخ الكبير (1) .
ومن نذر صوم يوم معين أبدا ثم جهله، أفتى بعض العلماء بصيام الأسبوع.
قال أبو العباس: بل يصوم يوما من الأيام مطلقا أي يوم كان، وهل عليه كفارة يمين لفوات التعيين؟ يخرج على روايتين بخلاف الصلوات الخمس فإنها لا تجزئ إلا بتعيين النية على المشهور، والتعيين يسقط بالعذر إلى كفارة أو على غير كفارة، كالتعيين في رمضان، والواجبات غير الصلوات أيضا (2) .
قال في المحرر: ومن نذر صوم سنة بعينها لم يتناول شهر رمضان ولا أيام النهي عن صوم الفرض فيها، وعنه: يتناولها فيقضيها وفي الكفارة وجهان، وعنه: يتناول أيام النهي دون أيام رمضان، قال أبو العباس: الصواب أنه يتناول رمضان ولا قضاء عليه إذا صامها لأنه نذر صوما واجبا وغير واجب، بخلاف أيام النهي، وهذا القول غير الثلاثة المذكورة، وإنما تجيء الرواية الثالثة على قول من لا يصحح نذر الواجب استغناء بإيجاب الشارع، وأما قضاؤها مع صومها فبعيد، لأن النذر لم يقتض صوما آخر كمسألة قدوم زيد (3) .
(1) مختصر الفتاوى (288) ، ف (2/ 410) .
(2)
اختيارات (310) ، ف (2/ 410) .
(3)
اختيارات (310) ، ف (2/ 410) .
وقول القائل: لئن ابتلاني الله لأصبرن، ولئن لقيت عدوا لأجاهدن، ولو علمت أعمل أحب إلى الله لعملته، فهو نذر معلق بشرط كقول الله تعالى:{لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ} [75/9] الآية (1) .
ولو نذر الطواف على أربع: طاف طوافين وهو المنصوص عن أحمد، ونقل عن ابن عباس (2) قال شيخنا: هذا بدل واجب (3) .
قال أصحابنا: ومن نذر المشي إلى بيت الله تعالى أو موضع من الحرم لزمه أن يمشي في حج وعمرة، فإن ترك المشي وركب لعذر أو غيره يلزمه كفارة يمين، وعنه: دم قال أبو العباس: أما لغير عذر فالمتوجه لزوم الإعادة كما لو قطع التتابع في الصوم المشروط فيه التتابع أو يتخرج لزوم الكفارة، والأقوى في جميع ما تقدم أنه لا يلزمه مع البدل عن عين الفعل كفارة، لأن البدل قائم مقام المبدل (4) .
ومن نذر من يستحب له الصدقة بماله بقصد القربة نص عليه أجزأه ثلثه، وعنه كله.
قال في الروضة: ليس لنا في نذر الطاعة ما يفي ببعضه إلا هذا الموضع، وعلله غير واحد بأنه تكره الصدقة بكله، واحتجوا للثانية بالخبر:"من نذر أن يطيع الله فليطعه" وعنه يشمل النقد فقط، ويتوجه على اختيار شيخنا كل بحسب عزمه، ونص عليه أحمد (5) .
فنقل الأثرم فيمن نذر ماله في المساكين أيكون الثلث من
(1) اختيارات (329) ، ف (2/ 410) .
(2)
اختيارات (331) ، ف (2/ 410) .
(3)
الفروع (6/ 414) ، ف (2/ 410) .
(4)
اختيارات (331) ، ف (2/ 410) .
(5)
فروع (6/ 398) ، ف (2/ 410) .
الصامت أو من جميع ما يملك؟ قال: إنما يكون هذا على قدر ما نوى، أو على قدر مخرج يمينه، والأمور تختلف عندي (1) .
والصواب على أصلنا أن يقال مثل هذا في جميع العبادات والكفارات بل وسائر الواجبات التي هي من جنس الجائز: أنه يجوز تقديمها إذا وجد سبب الوجوب ولا يتقدم على سببه.
فعلى هذا إذا قال: إن شفى الله مريضي فله علي صوم شهر، فله تعجيل الصوم قبل الشفاء لوجود النذر (2) .
ويلزم الوفاء بالوعد، وهو وجه في مذهب أحمد، ويخرج رواية عنه من تعجيل العارية والصلح على عوض المتلف بمؤجل (3) .
وإن نذر أن يهب بر بالإيجاب ليمينه، وقد يحمل على الكمال (4) .
(1) إنصاف (11/ 127، 128) ، ف (2/ 410) .
(2)
اختيارات (329) ، ف (2/ 410) .
(3)
فروع (6/ 415) ، ف (2/ 410) .
(4)
اختيارات (331) ، ف (2/ 410) .